Haneen
2013-12-08, 12:39 PM
اقلام عربي 486
30/8/2013
في هذا الملــــف:
حُلُمُ الدولة ِالموعودةِ
هاشم القضاة-الرأي الأردنية
درس من «ويستمنستر»
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
الغرب ومصالحه
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
إسرائيل ترفض الحرب على سوريا
سوسن الأبطح- الشرق الأوسط
سوريا: أربعة خيارات مريرة
باتر محمد علي وردم-الدستور الأردنية
اليوم التالي بعد سقوط الصواريخ على دمشق
جمال خاشقجي –الحياة اللندنية
هزيمة كاميرون تصعب مهمة اوباما
رأي القدس العربي
حال لبنان فيما لو ضربت سوريا
محمد مصطفى علوش-الشرق القطرية
إنهم يشوهون مفهوم التظاهر
محمد عبيد-الخليج الإماراتية
أوقفوا الانهيار في الإعلام المصري
جمال سلطان –المصريون
حُلُمُ الدولة ِالموعودةِ
هاشم القضاة-الرأي الأردنية
(إنّ البناءَ الإسرائيليُّ سيستمرُ،ولن تقوم دولةٌ فلسطينيةٌ في الضفّةِ الغربيةِ،وليفهم الجميع أنّه لن يكون هناك دولتان غرب نهر الأردن، وأنّ إسرائيل ستبني بكلِ مكانٍ في الضفةِ).هذا ما أعلنه مُؤخراً وزير الإسكان الإسرائيلي، المدعو أوري أريئيل،من حزب البيت اليهودي،وما أن أكمل حديثه حتى «انتخى عنده»نائب رئيس المجلس الإقليمي الاستيطاني أفي شومورون بقوله:(إنّ الإسرائيليين فهموا جيداً أنّ الضفة الغربية هي مركز إسرائيل، ولا يمكن التنازل عن السكن في كل مكانٍ من أرض إسرائيل).
وما دام الأمر كذلك، فأيّ سلام ذلك الذي نُلجِمُ فيه الشعبَ الفلسطيني عن الاحتجاجِ ولو بصرخةٍ واحدة ضد الاستيطان حتى لا نُفسد جوَ المفاوضاتِ الجاريةِ بين السلطةِ ودولة الاحتلال،والحقيقة أنّ الفلسطينيين سواءٌ فاه أيُّ واحدٍ منهم ولو بقول آهٍ، أو سكت ولم ينبسْ ببنت شفة،فإنّ رؤوسهم مرهونةٌ باقتحامِ مدنهم ومخيماتهم من قِبلِ جنود الكيان الصهيوني في أيِّ وقتٍ يشعرُ هؤلاءِ الجنود المسعورون أنّهم بحاجةٍ لوجبةٍ من اللحم الفلسطيني اللذيذ،وهذا ما يحدثُ في ظل انعقاد محادثات السلام التي لا يعدو كونها ذر الرماد في العيون،حيثُ أغارت القوات الصهيونية يوم الاثنين الماضي على مخيم قلنديا وقتلت ثلاثةً من الفلسطينيين،بل ثلاثةً من الخراف الفلسطينية المصنَّفةِ لدى اليهود بِ»الصيد السمين»،وأتبعتهم بعشرين جريحاً لا يهمّ جنود الإحتلال إن كان وراءَهم باكيةٌ «ما دام هناك من يهبُّ في وجهها ليقول لها:كفكفي دمعَكِ حتى لا يكون حجر َعثرةٍ في طريق المفاوضات.
إنّه لمن المضحك المبكي أنّ العربّ منذ عام 67 ظلوا يلهثون ويلفحون وراء كلِّ إشارةٍ تلوِّحُ بها يدٌ غربيةٌ لإجراءِ المفاوضاتِ،لظننا أنّ هذه المفاوضات ستقودنا إلى قيام الدولة الفلسطينية التي لا يتوقف رفضُها على وزير الاستيطان الصهيوني وحزبه، ولا على نائب رئيس المجلس الاستيطاني آنف الذكر فحسب،بل وعلى الكثيرين من القادةِ الغربيين الذين يُظهرون ما لا يبُطنون،ويحضرني واحدٌ منهم ظلَّ يُظهرُ للعربِ أيام حكمه بأنه أحرصُ الحريصين على إيجادِ تسويةٍ عادلةٍ للقضية الفلسطينية، بل وصلت المسألةُ في عهده لأن تكون قاب قوسين أو أدنى من الحلّ، لولا أنّ ياسر عرفات طيب الله ثراه اكتشف أنّ الأمرَ لا يتعدى كونه (همبكاتٍ سياسيةً) غايتها كسب الوقت، وإلا ما معنى أن يقول الرئيس كلينتون َ في خطاب قبوله لمنصب الرئيس عام 92 ما نصه:(يجب أن يكون للفلسطينيين الحق كما هو مبين في اتفاقات كامب ديفيد،في المشاركة في تقرير مستقبلهم، ولكنه ليس لهم الحق في تقرير مستقبل إسرائيل ولهذا السبب فإننا نعارضُ إنشاء دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ )انتهى الاقتباس.
وما دامت هذه هي الحقيقة في إستراتيجية أميركا الثابتة فإلى أين نحن سائرون واقصد الفلسطينيين والعرب، لنبحثَ عن الدولة الفلسطينية الموعودةِ،إلا إذا كانت هذه الدولة هي نفسُها «حكاية إبريق الزيت»التي لها بدايةٌ وليس لها نهايةٌ.
إنّ كلَّ يومٍ يفلتُ من رزنامتنا العربية يفتحُ البابَ للآلاف المؤلفةِ من المستوطنين اليهود للاستيلاء على المزيدِ من الأراضي العربيةِ،وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما أورده نظام الشرابي في كتابه المعنون «أميركا والعرب « بان بنيامين تدويلا الإسباني زار فلسطين خلال السنوات 1163 _1173 وذكر أنّ فيها مائتي يهودي فقط.كما يذكرُ محمد أديب العامري في كتابه عروبة فلسطين في التاريخ، بأنّه لم يكن في القدس في القرن الثاني عشر الميلادي سوى يهودي واحد،وإذا كنا لنحاسب أنفسنا على ما اقترفناه من ذنوبٍ قلنا على الأقل أليس من المحزن أنّ هذه الأمةَ نامت تسعة قرون حتى أصبح يهوديٌ واحدٌ ساكن
في القدس ومئتا يهودي ساكنون في فلسطين ثمانيةَ ملايين يهودي،لم يكتفوا بطردنا من أرضنا بل وبتأليب كلِّ مارقٍ أفَّاقٍ للتحكُّمِ بمصيرِنا والإغارةِ على بلادِنا في أيِّ وقتٍ يشاء.
درس من «ويستمنستر»
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
يستحق مجلس العموم البريطاني التقدير والاحترام، لا لأنه حال دون انخراط حكومة ديفيد كاميرون في جريمة حرب على سوريا فحسب، بل لأنه أظهر رفضاً لعدم الوقوع في “الخديعة” ثانية، بعد أن أوقعه فيها طوني بلير أول مرة زمن العراق والعدوان “الثلاثيني” عليه، ولأنه أظهر التزاماً بالحرص على احترام نتائج التحقيق الدولي في جريمة الغوطة الكيماوية ونتائج مداولات مجلس الأمن الدولي في إثرها.
قد لا يمنع قرار “أبو البرلمانات في العالم”، الضربة الأمريكية لسوريا، والأرجح أنه لن يمنعها، بيد أن البرلمان البريطاني، قدم درساً لكل برلمانات العالم، عن الكيفية التي يتعين أن يكون عليها، دور نواب الأمة وممثليها، فهؤلاء ليسوا جوقة أو “كومبارس” لا وظيفة لهم سوى التصفيق للحكومة ودعم قراراتها، بما فيها أكثرها حمقاً وتهوراً، هؤلاء هم نبض الشعب ومصدر السلطات والصلاحيات وأصحاب القرار الأول والأخير
وأحسب أن انصياع كاميرون ووزير دفاعه وحكومته، لنتائج التصويت في الجلسة الماراثونية لمجلس العموم، تستحق الاحترام مرتين، أو لسببين: الأول، لأنه قرر ربط الانخراط بالحرب التي كان متحمساً لها بقرار مجلس العموم، والثاني، لأنه أعرب “آسفاً” عن الالتزام بنتائج التصويت والانسحاب من العملية الحربية المقبلة ضد سوريا.
أين نحن مما حدث في “ويستمنستر”، سواء على مستوى كل دولة عربية أو على مستوى النظام الإقليمي العربي؟ ... ثمة دول عربية، لم تصل بعد إلى مستوى “إنجاب برلمانات”، لا شكلية ولا ممثلة تمثيلاً حقيقياً لشعوبها ... وثمة كثرة من الدول العربية، لديها برلمانات، لا يتخطى دورها حدود المراسم والبروتوكول و”التبخير” للحكومة والقادة الأفذاذ والحكماء ... وقلة هي البرلمانات العربية التي تلعب دوراً مؤثراً في توجيه وتقرير السياسات الخارجية والأمنية والدفاعية.
وبالنظر إلى ذلك، وجدنا في عديد من البرلمانات العربية، غياب لجان الأمن والدفاع، ورأينا غياب دور للبرلمان في توجيه وإقرار ومراقبة السياسات الأمنية والدفاعية، فتحولت ممارسات هذه الدول في حقل السياسة الخارجية، إلى ما يشبه “عمل العصابات المافوية”، ترسل السلاح والمسلحين سراً لسوريا وليبيا واليمن ومصر أو لغيرها، تبذّر الملايين من الدولارات من دون رقيب أو حسيب، تأخذ قرارات المشاركة في الحروب والعمليات القذرة منها وغير القذرة، من دون اضطرار حتى لإعلام شعوبها، تنشئ غرف العمليات السوداء، وتضخ فيها كل الموارد المطلوبة، من دون أن تعرف شعوبها ما تفعل.
كم من برلمان عربي ناقش الأزمة السورية بعمق، أو غيرها من الأزمات، دع عنك أن يكون له إسهام في “صوغ المواقف واتخاذ القرارات”؟ ... كم حكومة عربية “أحاطت” برلماناتها” بحقيقة ما يجري وطلبت رأيها في كيفية التصرف حيال حدث جلل من هذا النوع؟ ... كم دولة عربية، فكرت جدياً في استقصاء المواقف وجمع البيانات حول حقيقة ما جرى في الغوطة، قبل أن تتهم أو تبرئ النظام السوري من وزر ما حصل ويحصل؟ ... مواقفنا جاهزة ومسبقة الصنع، ولا تحتاج لكل هذه “التعقيدات”، وهي للأسف، رجع صدى لمواقف غيرنا من قوى وعواصم القرار الدولي والإقليمي.
أما عن “النظام العربي” الرسمي فحدّث ولا حرج ... فهو إلى جانب انعدام فاعليته وعجزه عن معالجة أي من الأزمات والمشكلات العربية البينية أو القضية الفلسطينية ، لم تعد له من وظيفة اليوم، سوى أن يضع “خاتمه” الرسمي على كل ما يطلب منه وإليه من شهادات “براءة الذمة” من دماء العرب ... فالجامعة العربية، وحتى قبل أن تطأ أقدام فريق التفتيش الدولي للمناطق المنكوبة بالكيماوي في “الغوطتين”، بادر إلى إطلاق الاتهام وصدار الأحكام والتوقيع على “صك البراءة” للأمريكيين من دماء السوريين التي ستراق بصواريخ الكروز والتوماهوك ... لم تكن هناك حاجة لمشاورات وتحقيقات، ولم يجد وزراء الخارجية العرب مبرراً كافياً لتجشم عناء السفر إلى القاهرة ... القرارات جاهزة، وقد تمت ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية على عجل ... و”الختم” موجود في جيب نبيل العربي، يطبعه على أية كتاب حين يطلب إليه أولياء الأمر ، الذين جعلوا منه “موظفاً” لديهم، لا أمينا على المصلحة والإجماع العربيين ... على هؤلاء جميعاً، أن يشعروا بالخزي وهم يراقبون “عملية اتخاذ القرار” و”وصوغ الموقف” في دول تحترم شعوبها، وتنحي لإراداتها وقرارات تيارات الأغلبية فيها ... أما شعوبنا، بخاصة تلك التي انتزعت فيها حريتها وقرارها، فقد آن أوان ترجمة ثورات الربيع العربي وانتفاضاته، إلى آليات في الحكم وصنع القرار والمشاركة، تضع حداً نهائيا لحقب طويلة من التهميش والإقصاء والتفرد بصناعة القرار، ومن دون ذلك، فلا معنى لربيع لا عروبة فيه.
الغرب ومصالحه
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
عندما ارتكبت المجزرة بحق مجندي الأمن المركزي المصريين في سيناء، خرجت عواصم كثيرة ببيانات وتصريحات مستنكرة ومنددة بالجريمة . طبعاً، بعض الاستنكارات تشبه من يقتل ويمشي في الجنازة، لكن كان لافتاً موقف ألمانيا، على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية . الرجل، بعد استخدام العبارات الدبلوماسية المعروفة والممجوجة في إدانته للجريمة، قال إن سيناء تقع على حدود “إسرائيل”، وخصوصاً أن الوضع فيها له انعكاسات وراء حدود مصر .
المعنى أن الغرب لا ينظر لأي زاوية في المنطقة إلا من نافذة “إسرائيل”، ومع أن هذا الأمر من البديهيات، إلا أنه من النادر أن يبوح مسؤول غربي بالهدف الحقيقي من وراء حديث يتناول مسألة عربية . صحيح أنهم يكررون تأكيدهم تفوق “إسرائيل” النوعي على العرب مجتمعين، وأنهم يمدّونها بالمال والسلاح والحماية والتغطية في المحافل الدولية، لكن هذا كلّه يصدر في إطار الحديث عن “إسرائيل” نفسها .
هذا المسؤول مرّ سريعاً على “العنف في مصر” لكي يكرّر مرتين ما معناه بوضوح أن ما يهمّه انعكاسات ما يجري في أي بقعة في العالم على “إسرائيل”، أي أن مصر بملايينها الخمسة والثمانين لا تعني الغرب في شيء، ولا يعنيه الوطن العربي بملايينه الثلاثمئة، إلا كسوق لبضائعه، وجغرافيا لنفوذه، وأحياناً حقل تجارب لأسلحته .
عام 1996 شهدت “إسرائيل” بضع عمليات تفجيرية، فجن جنون الرئيس الأمريكي في حينه بيل كلينتون الذي جمع قادة العالم، بمن فيهم قادة عرب، في شرم الشيخ وعلى جدول الأعمال بند وحيد هو محاربة “الإرهاب” الذي حصروه بدفاع الضحية عن نفسها في وجه الجلاد . لأنهم يقلبون الحقائق، لم يقولوا إن الاحتلال هو الأساس، وهو الفعل الذي يؤدي إلى رد الفعل وليس العكس . في العام ذاته (1996)، قرّر نتنياهو حفر نفق جديد تحت المسجد الأقصى، وعندما انتفض الفلسطينيون في مواجهة ذلك الإجراء التهويدي للقدس، قتل جيش الاحتلال، خلال ثلاثة أيام، أضعاف “الإسرائيليين” الذين قتلوا في العمليات الفلسطينية في تلك الفترة . لم يقل الغرب شيئاً عن الإرهاب “الإسرائيلي”، ولا يتّسع المجال لاستعراض عشرات المجازر “الإسرائيلية” منذ نكبة عام ،1948 التي لم تكن صبرا وشاتيلا آخرها، لكن الغرب لم ينبس ببنت شفة، تجاه آلاف الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ الذين استيقظ العالم على ذبحهم بعد ثلاثة أيام، ليرى جثثاً تحوم حولها الكلاب والقطط .
في العراق الذي غزاه التحالف الغربي واحتله لحماً وتركه عظماً، يقتل كل يوم ويجرح مئات المدنيين العراقيين، ومع ذلك لا نسمع حتى إدانة الجرائم التي تفتك بالأبرياء من كل الطوائف والمذاهب في هذا البلد العربي العريق الذي تركه الغرب والعرب للقتل المتنقل يفتك به ويبقيه خارج أية معادلة عربية، وبعيداً عن أية قضية قومية .
لبنان يتعرض لاعتداءات “إسرائيلية” متكررة منذ إنشاء الكيان الذي اجتاح أرضه أكثر من مرة، واحتل عاصمته وحاصرها، وارتكب فيه أكثر من مجزرة وأوقع آلاف الشهداء، لكن الغرب لا يعير انتباهاً إلا لأربعة اعتبارات: أولاً “إسرائيل” وثانياً “إسرائيل” وثالثاً “إسرائيل”، ورابعاً مصالحه .
إسرائيل ترفض الحرب على سوريا
سوسن الأبطح- الشرق الأوسط
إسرائيل قلقة وغير مطمئنة لخطة أميركية ضد سوريا تقضي بتوجيه ضربات جراحية ومحددة، من دون الدخول في حرب شاملة. ما تريده إسرائيل هو إما حرب تنتهي بهجوم بري كاسح - وهذا مستحيل في الوقت الحالي - أو انتظار المزيد من الوقت وترك الطبخة السورية تنضج على نار هادئة.
ورغم الهلع الذي يبديه سكان إسرائيل وهجومهم على مراكز توزيع الأقنعة الواقية من الغازات، وتجهيز الملاجئ، وتحضير مراكز الإسعاف، فإن المسؤولين اكتفوا باستدعاء بعض الاحتياط، واتخاذ عدة إجراءات أولية، نظرا لعدم حماسهم لدخول حرب لا يرون أنها تحقق لهم شيئا يذكر، على الأرض.
رغم الحشود العسكرية في المتوسط، وتسابق المدمرات والطائرات الأميركية والأوروبية، التي توحي بأن حربا كبيرة ستقع، فإن أطرافا كثيرة من المفترض أنها متباغضة - بينها إسرائيل وحزب الله وروسيا - تعد المس بالتوازنات القائمة سيشكل خطرا داهما على مصالحها، وسيقوي خصمها المشترك، ألا وهو تنظيم القاعدة، والتيارات التكفيرية. ولكل طرف بطبيعة الحال حساباته الخاصة، ووجهة نظره.
تنظر إسرائيل بعين الريبة والقلق للتقارب الإيراني - الأميركي، والاجتماعات المتكررة التي حدثت أخيرا، بين مسؤولين إيرانيين ومبعوثين أميركيين، وترى أن الجهود الحربية التي تبذل في سوريا تشغل المجتمع الدولي عن الاهتمام بالخطر الحقيقي وهو إيران وبرنامجها النووي. وتعد إسرائيل الخطوة الأميركية العسكرية تضييعا للوقت بحليف إيران السوري (الصغير) الذي يتلقى ضربات داخلية كافية لإضعافه، لا.. بل تركيعه بمرور الوقت.
وإذ لا تخشى إسرائيل أي هجوم سوري على حدودها من قبل نظام بشار الأسد الذي لم يطلق رصاصة واحدة باتجاهها منذ عام 1973، فهي ترى أن إيران هي المنبع والمزود بالأسلحة، والخطط الاستراتيجية، وأن الحل يكون بالتوجه إلى الأصل وليس هدر الجهود بالفرع، وبالتدخل بحرب أهلية سورية لا تعني سوى أصحابها.
وقد بعثت إسرائيل وفدا عسكريا واستخباراتيا رفيع المستوى إلى واشنطن منذ أيام، ضم من بين أعضائه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب أميدرور، بهدف الاطلاع على الخطط الأميركية للهجوم على سوريا، وشرح وجهة نظر إسرائيل التي تفضل أن تبقى بعيدة عن المشاركة في حرب من هذا النوع، تعدها غير مجدية.
من هنا فإن ضربة لسوريا، إن هي حصلت فستبقى محدودة وغير طويلة الأمد، مراعاة لرغبات العديد من الأطراف الإقليمية، التي باتت مصالحها متشابكة في النزاع السوري، لا سيما إسرائيل، وروسيا التي ما تزال متمسكة بالنظام. لهذا كان واضحا منذ البدء، على لسان المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، أن أي عملية عسكرية سيكون هدفها الأساسي هو ردع النظام السوري وتأديبه، وخفض إمكاناته العسكرية وليس استبداله، لأن البديل، بطبيعة الحال، ليس جاهزا. وهنا نعود مرة جديدة لمأساة المعارضة السورية المتشظية، والتي لم تعط، بسبب فسادها وتشرذمها، حتى الانطباع بأنها يمكن أن تنتج هيئة جدية تمثل السوريين، وتشكل بديلا للنظام.
ومن سوء حظ الشعب السوري، الذي يبدو أنه وحده من سيدفع الثمن بصرف النظر عن السيناريوهات التي تكتبها القوى الكبرى، فإن ثمة اقتناعا، عند إسرائيل وغيرها، بأن ضربة ماحقة تطيح بالنظام في الوقت الحالي، ستجعل الوريث الوحيد له هو الحركات الإسلامية التكفيرية. وإذا كانت إسرائيل لا تمانع نشاط «القاعدة»، لا بل تشجعه، حين يترجم سيارات مفخخة تودي بحياة آلاف العراقيين والسوريين أو حتى اللبنانيين، فهي لا تريد أن ترى هذه الحركات وقد أصبحت على حدودها، وهو ما تتفهمه الدول الغربية وتراعيه.
الضربة الأميركية لسوريا هذه المرة، إن هي وقعت بالفعل فستكون الهجوم الغربي المباشر، التاسع على دولة عربية وإسلامية في غضون 15 سنة. حروب لم تخرج منها أميركا بصفحة ناصعة، وحين «تجوجل» إسرائيل نتائج هذه الحروب، تجد أنها إما انتهت لصالح النظام الإيراني كما حدث في العراق أو أنها زادت من نفوذ التيارات التكفيرية كما هو الحال في أفغانستان وليبيا، وهو ما تخيم ظلاله في سوريا.
أي ضربة قوية وطويلة لسوريا، ستأتي بنتائج إنسانية كارثية، بحسب دراسة أميركية أجريت منذ ما يقارب العام، خلصت إلى أن عدد الضحايا على يد النظام فقط، يمكن أن يرتفع إلى ما يقارب 40 في المائة، لأن أي طرف يشعر بأن قواه بدأت تخور، يستشرس ويزداد عنفا، من دون أن يعبأ بعدد المدنيين الذين يتساقطون في مثل هذه الحالات. وبحسب البحاثة ريد وود، وجاكوب كاتمان، وستيفان جنت، الذين أجروا هذه الدراسة، فإن التدخل العسكري الخارجي في نزاعات أهلية، لصالح فئة حكومية أو متمردة، ولقلب المعادلات على الأرض، غالبا ما يأتي بنتائج دموية، يدفع ثمنها المدنيون. الأطراف الإقليمية المعنية مباشرة بما يحدث في سوريا، ومنها حزب الله وإسرائيل، ستسكت على الأرجح في حال بقيت الضربة في حدود، تحفظ التوازنات الحالية. أما لحظة ترتج المعادلة لصالح أي طرف، على حساب الآخر، فإن كل السيناريوهات المرعبة لحرب موسعة، قذرة ومدمرة، ستكون محتملة جدا. وهذا ما يجعل أهل المنطقة برمتهم يحبسون الأنفاس.
سوريا: أربعة خيارات مريرة
باتر محمد علي وردم-الدستور الأردنية
خلال السنتين الماضيتين سمعنا الكثير من المواقف والمقاربات سواء في الإعلام أو العمل الشعبي حول “تردد المجتمع الدولي” في الضغط على النظام السوري وسماحه في الاستمرار بهذه المجازر، ولكن فور أن بدأت الأنباء حول استعداد لضربة عسكرية موجهة للنظام تغيرت المواقف تماما واصبحت الرغبة السائدة هي عدم توجيه أية ضربة أميركية وبات نفس الناس الذين يشتكون في الأمس من ضعف مواقف العالم تجاه الأسد، يعبرون الآن عن رفضهم للتدخل العسكري. لا أتحدث هنا عن أنصار النظام السوري اصحاب شعار “الأسد أو الدمار” والذين يطبقونه منذ سنتين ونصف السنة ولكن عن الناس الطبيعيين الذين يملكون ضمائر ترتعد وتغضب نتيجة وحشية النظام.
ربما تكون المشكلة موجودة داخلي وفي طبيعة فهمي للأمور ولكني أعجز تماما عن فهم نظرية “أنا ضد بشار الأسد ولكنني ايضا ضد الضربة العسكرية الخارجية”. ما هو الحل المقترح إذا للخروج من الأزمة السورية؟ معظم الناس يمتلكون رؤية حالمة مفادها أن “الثورة السورية سوف تنتصر في نهاية الأمر بالرغم من كافة التضحيات” وهذه هي نفس الرؤية التي حكمت قضايا عديدة في المنطقة ولكن المشكلة أن الشعب السوري يدفع الثمن يوميا من دماء ابنائه وموارد بلاده وكافة المقدرات الموجودة لديه.
استمرار الوضع الراهن في سوريا وضمن معادلة القوى الحالية بين النظام والمعارضة يعني سنوات طويلة من الدماء والدموع والدمار وسقوط سوريا في حالة غير قابلة للخروج منها مع تحول نسبة كبيرة من شعبها إلى لاجئين وتزايد مستويات الحقد بين الفئات المختلفة وتدمير مؤسسات الدولة. بطريقة ما يجب أن تتغير الموازين العسكرية والأمنية والسياسية لتضعف من قدرة النظام على البطش وتجبره على الدخول في مفاوضات مع المعارضة للوصول إلى نتيجة تتضمن اقل الخسائر.
سعادة الناس بقرار البرلمان البريطاني تقييد قرار رئيس الوزراء بالمشاركة في عمل عسكري ضد سوريا، والقلق الطبيعي من تداعيات توجيه ضربات عسكرية على النظام أمر مفهوم تماما ويرتبط برفض عفوي لأي تدخل خارجي في دولة عربية. السؤال يبقى عن الخيارات المتاحة لإنقاذ الشعب السوري من هذه المأساة وهي خيارات ضئيلة جدا من دون تغيير حقيقي ومؤثر في المعادلة العسكرية الحالية بين النظام والمعارضة وهي تتمثل في أربعة خيارات:
1- التخلي التام عن المعارضة والصورة السورية وعدم تزويدها بأية أسلحة أو مقاتلين من الدول العربية وتركها تتعرض لبطش النظام وإنهائه للمعارضة والسماح للنظام بالسيطرة التامة على سوريا من جديد وهذا سيتضمن سلسلة طويلة وحشية من الانتقام من المعارضين ولكن في نهاية الأمر عودة الدولة لتمثل القوة الوحيدة على الأرض وربما عودة تدريجية للمؤسسات.
2- ترك الأمور على الوضع الحالي مما سيسمح للنظام بالسيطرة خلال 2-3 سنوات ولكن مع كلفة هائلة من الدمار والقتل والحقد والانقسام وسقوط الدولة في حالة من الفشل طويل الأمد.
3- ضربات جوية وبالصواريخ على مواقع عسكرية محددة لإضعاف البنية العسكرية للنظام السوري إما لإحباره على التفاوض أو لمنح الثوار مساحة أكبر من الدعم على الأرض وقدرة على مواجهة النظام السوري.
4- إسقاط النظام بضربات عسكرية وتدخل خارجي شبيه لما حدث في العراق وهذا من شأنه فتح أبواب جهنم على مصراعيها وإنهاء الدولة السورية وترك الشعب فريسة للفوضى الأمنية والعسكرية والصراعات الطائفية تستمر لسنوات طويلة وتنتقل إلى كل دول المنطقة.
خيارات أحلاها مر، مع من تقفون؟
اليوم التالي بعد سقوط الصواريخ على دمشق
جمال خاشقجي –الحياة اللندنية
إذا لم يسقط النظام بعد أيام من ضرب مقاره الأمنية ومفاصله العسكرية فهذه مشكلة، أما إذا تهاوى بسرعة وتقدم الثوار نحو العاصمة ودخلوا القصر الجمهوري وأعلنوا سقوط نظام بشار الأسد من على عتبات مجلس الشعب السوري فهذه مشكلة أيضاً!
كيف ذلك؟ الحل الأسلم للأزمة السورية كما يتحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومبعوثه الأممي الأخضر الإبراهيمي هو التفاوض والحل السلمي، أن يتوجه بشار الأسد أو من يمثل نظامه إلى جنيف، وكذلك المعارضة السورية ممثلة في الائتلاف الوطني، ويجلسا على طاولة واحدة، ويتفقا إما على أن ينقل الأول السلطة للثاني أو المشاركة معاً في مرحلة انتقالية تفضي إلى انتخابات حرة، فسلام ووئام بين الإخوة، حافزهم في ذلك الحرص على سلامة «الدولة» وتماسكها، فلا تنهار أجهزتها البيروقراطية ولا الأمنية، إنما يعمل الجميع بعد ذلك بإخلاص وتفانٍ لإصلاح حقيقي يرضي كل أبناء الشعب السوري الواحد... ما سبق أمنيات ليس لها موقع في سورية الحقيقية اليوم، لقد انهارت الدولة، وثمة ثورة حقيقية هناك ترفض كامل النظام وكل ما يمت إليه بصلة، ثم متى اختار العربي حلاً معتدلاً لأزماته خارج قاعدة «كل شيء أو لا شيء»؟
الجميع يتحدثون عن ضربة «محدودة في الزمان والمكان»، كما يستخدم السياسي الأميركي عبارة «معاقبة» الذي ارتكب جريمة استخدام السلاح الكيماوي المحظور دولياً وليس «إسقاطه»، وثمة فارق بين المعاقبة والإسقاط، ولكن هذا هو الموقف الأميركي والغربي، والذي لا يلزم الثوار في سورية، الذين يريدون إسقاط النظام بالكامل وبناء سورية جديدة تماماً، هؤلاء سيستغلون الضربات العسكرية على مفاصل النظام الأمنية للتقدم نحو كل ثكنة ومطار وموقع يستطيعون السيطرة عليه، وليس لأحد أن يلومهم في ذلك، بل بالتأكيد هناك من سيدعمهم، ودربهم على ذلك، فالوحدات السورية التي تم تدريبها وتجهيزها في الأردن وتركيا من قبل الجيش الأميركي وحلفائه مناطة بها هذه المهمة، وهي وحدات منضوية تحت مظلة «الجيش الحر» الذي يرأسه اللواء سليم إدريس، وتتبع سياسياً للائتلاف الوطني السوري الذي يرأسه أحمد الجربا، اللذان يتمتعان بثقة قوى إقليمية ودولية.
ومثلها شتى التشكيلات العسكرية للثوار تحت مختلف المسميات، مثل لواء الإسلام، صقور الشام، كتائب التوحيد، كلها نظرياً تشكل «الجيش السوري الحر»، ولكنها في الحقيقة مستقلة بقيادات وتوجهات وتمويل وعلاقات إقليمية مختلفة، ويجمعها الآن هدف إسقاط النظام، بل إن بعضهم يتعاون حتى مع «جبهة النصرة» تحت هذا الشعار، وستعمد هذه الفصائل بحماسة شديدة للاستفادة من الضربات الصاروخية وتبعاتها التي ستؤدي بالتأكيد إلى حالة إرباك شديد في صف وحدات النظام العسكرية، بل يجب توقع حالات فرار وانشقاق في الجيش السوري، وبالتالي لا يستبعد انهيار كامل للنظام، الذي لا بد من أن يكون هو الآخر منهكاً بعد عامين ونصف العام من الحرب (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ).
لذلك فمن الضروري الاستعداد إقليمياً لليوم التالي بعد سقوط النظام كاملاً أو انحساره إلى مناطقه العلوية «الخطة ب» كما سمّاها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وأحسب أن هذا كان بعضاً مما ناقشه رؤساء أركان جيوش الدول المعنية بالأزمة السورية في العاصمة الأردنية الأسبوع الماضي، فإذا كان تأمين الأسلحة الكيماوية ومستودعاتها هاجساً مشتركاً بين الغرب والدول الإقليمية، فإن ضمان انبثاق سورية آمنة وموحدة من بين الرماد والحروب هو ما يجب أن يكون هاجس دول المنطقة، خصوصاً السعودية والأردن وتركيا.
الذي سيعلن سقوط دمشق ثائر شاب لا نعرفه، يستحوذ على كاميرات الصحافة والتلفزيون هو وزملاؤه ريثما تصل قيادات المعارضة. من هناك سيعلن الائتلاف الوطني عن بدء المرحلة الانتقالية، ويحدد أهدافها وربما زمانها. سيوجه السيد الجربا نداء لموظفي الدولة بالبقاء في أعمالهم وخدمة وطنهم، وربما حتى للشرطة بحفظ الأمن، ولكن هل يستطيع الائتلاف الوطني السوري وهو كيان «ائتلافي» كما هو واضح في اسمه إعمال سيطرته على كل سورية بكل ما ترك بشار فيها من تناقضات، وما خلقته الحرب من أحزاب وكتائب وعداوات وثارات؟ حتى لو تغلبت كل الفصائل والقادة المحليين على طموحاتهم ومكاسبهم وقبلوا بمظلة الائتلاف، ماذا عن «جبهة النصرة»؟ بل ماذا عن الكارثة الأكبر «دولة العراق والشام الإسلامية»؟
يبدو أنه لا مناط من قوة سلام عربية - تركية، تشكّل في إطار الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، تكون وظيفتها حماية عملية الولادة الصعبة لسورية الجديدة الديموقراطية التي تحميها من نفسها وتحمي المنطقة من انهيارها. إنه شرق أوسط جديد إن لم يصنعه الحكماء سيصنع نفسه بنفسه، وها هو الفصل الثاني من الملحمة السورية على وشك انفراج ستارته عن تفاصيل لن تقل إثارة وربما ألماً عن فترة العامين ونصف العام الماضية.
هزيمة كاميرون تصعب مهمة اوباما
رأي القدس العربي
سبع ساعات من النقاش الحاد في مجلس العموم البريطاني الذي اعلن في ختامه رفض السماح للحكومة بالمشاركة بتحالف دولي للتدخل ضد النظام السوري ردا على استخدامه اسلحة كيماوية، سيكون له اثر كبير على سيناريو التدخل الاجنبي العسكري او على صورة بريطانيا في العالم وعلى مستقبل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
نتيجة التصويت في مجلس العموم ابرزت مدى مرارة التركة التي تحملها بريطانيا جراء تورطها في حرب العراق، فالنواب الذين لم يصدقوا ان التدخل سيكون من خلال ضربات عسكرية محدودة ولفترة محددة، كانوا بتصويتهم يوم الخميس يعتذرون عن قرار سابق اتخذوه قبل عشر سنوات.
ورغم ان هاجس الخوف من تكرار السيناريو العراقي كان له الاثر الاكبر برفض مذكرة الحكومة التي صوت ضدها 285 نائبا بينهم 30 من حزب المحافظين مقابل 272 ايدوها، الا ان عوامل بريطانية داخلية اثرت على نتيجة التصويت، ومن ضمن هذه العوامل، كانت الاوضاع الاقتصادية، فبعد تخفيض ميزانية الدفاع وجد البريطانيون انفسهم امام طرح مشاركة في حرب تتطلب انفاقا كبيرا، واذا كانت نفقات المشاركة في حروب سابقة مثل العراق وليبيا يمكن تغطيتها بمشاركة خليجية كريمة، وصفقات اقتصادية واعدة، الا انه في حالة سورية ستتحمل الخزانة البريطانية تكاليف باهظة.
‘ ومن العوامل الداخلية الاخرى، كان انتهاز حزب العمال الفرصة ليستعيد شعبيته ويعمل جاهدا لغسل الاوساخ التي تركها رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير بعد تصدره حملة الحرب على العراق عام 2003.
‘ ولا يمكن استبعاد عامل آخر تمثل بالمزاج البريطاني، الذي لم يعد هاجسه ان تكون بلاده في مقدمة الصفوف لاي عمل عسكري دولي.
ديفيد كاميرون ذهب الى مجلس العموم البريطاني وهو ضعيف، وكان يأمل ان يعطيه المجلس وقرار الحرب دفعة جديدة في شعبيته، لكنه خرج مهزوما واضعف من السابق، فهذه المرة الاولى التي يخسر بها رئيس حكومة بريطانية اقتراعا بشأن المشاركة في الحرب منذ عام 1782، عندما اعترف البرلمان باستقلال امريكا معترضا على شن معارك جديدة لسحق التمرد. ومن غير المستبعد ان ينعكس هذا التصويت على نتيجة الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2015.
هزيمة الحكومة البريطانية ستنعكس بشكل كبير على دورها المحوري في الساحة الدولية، والاهم من ذلك تداعياتها على العلاقة الاستثنائية مع الولايات المتحدة، خاصة ان الدبلوماسيين البريطانيين ورئيس الوزراء نفسه بذلوا جهودا كبيرة لاقناع الرئيس الامريكي باراك اوباما بالتدخل العسكري ضد نظام بشار الاسد.
انسحاب بريطانيا من التحالف سيؤثر على بقية الدول الاوروبية، والمؤشرات تظهر اعتماد التحالف العسكري ضد سورية على امريكا وتركيا وفرنسا ومشاركة خليجية محدودة.
وباريس التي ستعمل على الاستفادة من التوتر بالعلاقة بين واشنطن ولندن، ستشارك وهي عرجاء، فبالرغم من ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ليس مضطرا لانتظار موافقة برلمانية وبوسعه اتخاذ القرار بنفسه، الا ان ذلك لن يكون سهلا، فقد بدأت وسائل اعلام فرنسية تشن حملة ضد خطط المشاركة، معتبرة ان فرنسا على عكس قرار تدخلها في مالي، ليست من يدير اللعبة، وان قرارات واماكن وسيناريوهات التدخل ستحددها الولايات المتحدة، مما سيحرمها من مساحة التحرك التي حازت عليها في الشرق الاوسط منذ فترة الجنرال ديغول.
لا يبدو ان عدم مشاركة بريطانيا بالتدخل العسكري سيلغيه، او سيكون بمثابة طوق نجاة للرئيس الاسد، لكنه سيصعب مهمة الرئيس اوباما وسيؤثر على زخم الاندفاعة الامريكية وعلى الجدل المستند اليه، وهو الذهاب بتحالف دولي قوي.
حال لبنان فيما لو ضربت سوريا
محمد مصطفى علوش-الشرق القطرية
تفجيرات المساجد في طرابلس شمال لبنان أعاد إلى ذاكرة المدينة أحداث الثمانينيات من الحرب الأهلية نظراً لمشاهد الدم المسفوك على أعتاب المساجد ومفارق الأزقة المؤدية إليها. قد تكون المصادفة وحدها هي من لعبت دور التنسيق والتتابع بين تفجير الرويس في الضاحية الجنوبية وتفجيري مسجدي التقوى والسلام في طرابلس بعد أسبوع.
التحقيقات الأمنية ما زالت جارية، وما يسرب من داخل أقبية التحقيق لا يمكن البناء عليه، وإن كانت المعلومات الأولية تقول: إن من فجر في طرابلس جهة مغايرة لتلك التي ضربت في الرويس. وبناء عليه فليس بالضرورة أن يكون هدف التفجيرات إشعال فتنة سنية شيعية بقدر ما هي تجليات لتداعيات التدخل اللبناني غير الرسمي في الحرب السورية.
ومع سلسلة التفجيرات المتنقلة، من الرويس في الضاحية الجنوبية إلى مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، أضحى السؤال الأكثر طرحاً عند المواطن اللبناني: هل دخل البلد فعليا في عين العاصفة التي حذر منها الجميع أم أنه ما زال بعيدا ولو قليلاً عن دائرة النار؟
قريبا من الإجابة على السؤال المطروح، يشبه أحد الدبلوماسيين الغربيين الوضع بالقول: لبنان اليوم أشبه بالقنبلة الموقوتة، فإما يتمكن اللبنانيون من تفكيكها أو ستنفجر القنبلة في وجه الجميع.
ذا كان الأمر في لبنان وبأحسن أحواله قنبلة موقوتة، فكيف سيكون الوضع إذا ما تعرض النظام السوري لضربات غربية وفقا لما تشير التقديرات؟
لبنان في واقع الأمر خاضع لتطورات الأحداث في سوريا، بل يذهب البعض في تصوراتهم على اعتبار لبنان رهينة لتوجهات وأمزجة الحكم في سوريا منذ استقلال البلدين عن الاستعمار الفرنسي في أربعينيات القرن الماضي. وإذا صح هذا التصور، فإن ارتهان لبنان لدمشق قد ازداد بشكل ملحوظ منذ دخول الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 وحتى كتابة هذه السطور. وما يحكى عن تراجع النفوذ السوري لصالح النفوذين الإيراني والسعودي، فإنه في كل الأحوال، لم يغير كثيراً من قدرة دمشق في التأثير على المسارين السياسي والأمني في لبنان.
يقرأ البعض في تصريحات النظام السوري وحلفائه في أن أي ضربة غربية لدمشق ستشعل الشرق الأوسط هو في جوهره تهديدا مبطنا لدول المنطقة وفي القلب منها لبنان الذي يلعب دور الحديقة الخلفية للنظام السوري عبر حلفائه النافذين في الحكم والسياسة والأمن، في حين يرى آخرون أن الأمر لا يعدو كونه ترجمة لما يمكن أن تتطور باتجاهه الأحداث بشكل دراماتيكي، بحيث تتوسع كرة اللهب لتصل إلى دول بعيدة جداً عن لبنان وسوريا.
ومع تعطل جلسات الحوار وتجميد قنوات التواصل بين حزب الله العنصر الأقوى عسكريا وسياسيا في لبنان وبين قوى ١٤ آزار تزداد مؤشرات التفجير الداخلي رغم حديث الجميع من أن طرفا دوليا أو إقليميا أو داخليا لا يريد تفجير الوضع في لبنان. والأرجح أن ضربة توجه لسوريا لن تجعل حزب الله يقف في موقع المتفرج خصوصا إذا كانت الضربة تهدف لإسقاط النظام السوري.
والحق أن مصير الشعب اللبناني لم يعد بيد أبنائه، وأن مستقبله السياسي والأمني بات في يد قوى إقليمية ودولية. فقد كان للأزمة السورية التي امتدت لسنتين ونصف السنة دور فاعل في رسم المشهد اللبناني الداخلي الذي ازداد وضعه تعقيدا وأصبح من المستحيل تحقيق تقارب بين قواه السياسية التي باتت تتخذ من مجريات الأحداث في سوريا ركائز في آليات التعاطي مع الوضع الداخلي. وما التمديد لمجلس النواب ومن ثم لقائد الجيش وعدم تشكيل حكومة إلا مؤشرات على ذلك. كما أن الأجهزة الأمنية لم تعد قادرة على ملاحقة السيارات المشبوهة التي يكشف عنها هنا وهناك، كما أن القوى السياسية أثبتت أنها ليست على مستوى من النضوج لتقول كفى تدهوراً للأوضاع في لبنان.
وبمجرد الحديث عن اقتراب ضربة عسكرية لسوريا، دخل لبنان عبر معبر المصنع الحدودي أكثر من 13 ألف لاجئ سوري في أقل من أربع وعشرين ساعة، ولا يعلم هؤلاء أن لبنان لن يكون أكثر أمنا في حال وجهت ضربة عسكرية غربية لدمشق.
إنهم يشوهون مفهوم التظاهر
محمد عبيد-الخليج الإماراتية
إصرار جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر على تشويه مفهوم التظاهر، والدعوات التي تطلقها أوساط الجماعة وحلفها كل أسبوع لما تسميها تظاهرات أو مليونيات، تصفها زوراً ب”السلمية”، ومن ثم تتحول إلى مواجهة مفتوحة يراق خلالها المزيد من الدم المصري، تكشف بكل تأكيد ما تسعى إليه الجماعة، وما تخطط له من ضرب لاستقرار البلاد وبالتالي سيادتها .
إنهم يشوهون المفهوم الأساسي للتظاهر، والمعني هنا السلمية أو اللا عنف، من خلال تصعيد التهديدات قبل كل تظاهرة، وشحن المغيبين من الأنصار بحقد لا يمكن إلا أن يكون موجهاً ضد مصلحة مصر الدولة، وضد كل مصري واعٍ وحريص على خروج بلده من أتون هذا الصراع الذي تريده الجماعة “عدمياً”، نتيجة غرقها الكامل في وهم إعادة العجلة إلى الوراء، والعودة إلى ما خلعها الشعب عنه .
قد يختلف عاقلان على حظر الجماعة أو تظاهراتها، لكنهما سيتفقان أن نزوعها للعنف ألغى عقد الحريات والحقوق بينها وبين الدولة، وحتّم على الأخيرة ضبط هذا التهديد المنفلت من عقاله، ومحاصرته قبل أن يودي بالبلاد إلى انقسام لا تحمد عقباه، وقبل أن يمزق نسيجاً مجتمعياً طالما كان مضرب المثل في الترابط والتماسك، بين مختلف مكوناته رغم اختلاف خلفياتها .
المصريون يعون هذه الحقيقة بالتأكيد، لكن جهات أخرى إقليمية ودولية، تأبى إلا أن تواصل رهان الدم والدمار، ويصعب عليها رؤية مشاريعها التوسعية وأحلامها في الهيمنة وقيادة المنطقة تتراجع وتنكفئ، وعلى رأس هذه القوى الإقليمية تركيا بالتأكيد، التي يخال المرء أن وزير خارجيتها عضو في الجماعة المصرية، وناطق باسمها، وأن رئيس وزرائها كبير الجماعة ومصدر قرارها، وهذا أوضح من الشمس في عز الظهر، ولا يمكن إلا أن ترده مصر على أعقابه .
على المستوى الدولي نجد الولايات المتحدة متخفية بإظهار الحيرة والقلق، رغم أن سلوكها ومشاركتها الفاعلة في حياكة المخططات والمؤامرات ضد مصر افتضحت وانكشف أمرها، والمثير للعجب في الموضوع أن جماعة “الإخوان” بوصفها تنظيماً دولياً كانت على الدوام “عدواً أول” لواشنطن، لكن توابع الثورات الشعبية أظهرت الصورة على حقيقتها .
الوعي المصري والتكاتف بين مختلف فئات الشعب ومؤسساته كفيلان بإبطال مفعول القنبلة الموقوتة التي تسعى الجماعة وأحلافها إلى تفجيرها في الجسد المصري، وهما كفيلان أيضاً بنفي أباطيل وأكاذيب الأحاديث عن “الشرعية” و”التمثيل الشعبي”، وعلى الأرجح أنهما سيكونان العنصرين الرئيسان في إنهاء هذا التهديد الذي يريده كثيرون وجودياً .
مصر مقبلة على تحقيق نموذجها الفريد دولة “مدنية”، ودولة قانون وعدالة ومؤسسات، وهذا بالضرورة سيأخذ بعض الوقت، لكن الأمر لن يطول، وسيسفر في النهاية عن إيصال السفينة إلى بر الأمان، وإرساء الأسس التي تعيد لمصر دورها الحقيقي في المنطقة والعالم، والمطلوب من المصريين المزيد من الوعي وتعزيزه، وبناء نموذج ديمقراطي يعطي أولوية للتنشئة على مبادئ الديمقراطية، واحترام الحريات والحقوق وصيانتها، من خلال منظور شامل لا يغفل التفاصيل، ولا يدع مجالاً للتأويل والتحوير .
أوقفوا الانهيار في الإعلام المصري
جمال سلطان –المصريون
عندما سألني الصحفي الأمريكي قبل أيام عن "حالة" الإعلام في مصر الآن ، وهو المجال الذي يهتم به وأتى من أجله خصيصا ، قلت له أن الإعلام المصري "بعافية" حبتين هذه الأيام ، فطلب توضيحا لما أقصده ، فقلت له أنه من الصعب أن نسوق كلاما يقول أن السيناتور جون ماكين عضو مجلس الشيوخ الأمريكي يتعاطف مع تنظيم الإخوان المسلمين لأنه شريك في تجارة سلاح غير مشروعة مع خيرت الشاطر قيادي الجماعة المحظورة ، وينشر ذلك في أي إعلام محترم ، ترك الرجل القلم والورقة التي يدون فيها ملاحظاته وتفحص وجهي طويلا كأنما يتأكد من أني بكامل الوعي ولست "سكرانا" ، فأكدت له صحة هذه المعلومة الخطيرة نقلا عن صحف مصرية يومية شهيرة.
ولا أعرف كيف سيكون حال الرجل عندما يخبره آخرون عن الخبر القنبلة الذي "انفردت" به صحيفة حزبية يومية كبيرة في مصر من اكتشافها أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عضو في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ، الصحيفة لم توضح بالضبط الزمان والمكان الذي أدى فيه أوباما قسم الولاء والبيعة للدكتور محمد بديع مرشد الإخوان ، كما لم توضح المركز الذي يشغله الرئيس أوباما في تنظيم الإخوان المسلمين ، وهل تمت ترقيته إلى عضوية مكتب الإرشاد مع خيرت الشاطر ومحمود عزت ورشاد البيومي ، أم أنهم اكتفوا بأنه مسؤول شعبة الجماعة في البيت الأبيض ! ، وقبل يومين كتب رئيس تحرير صحيفة الأهرام التي تعتبر على نطاق واسع المتحدثة باسم الحكومة والسلطة القائمة حتى أيام الإخوان وسلطتهم، كتب يعرض مذكرة اتهام خطيرة في حق السفيرة الأمريكية "آن باترسون" ، كشف فيها معلومات "خطيرة" أخرى تتحدث عن تورط السفيرة الأمريكية في مؤامرة تهريب السلاح والإرهابيين إلى مصر ، وأنها ضالعة في مخطط تخريبي واسع النطاق لتقسيم مصر إلى دولتين في الشمال والجنوب ، وستكون عاصمة الجنوب هي مدينة "المنيا" وكلام طويل عريض على هذه الشاكلة ، السفيرة الأمريكية التي غادرت الآن بعد انقضاء مدتها ، كتبت خطابا شديد اللهجة للصحيفة المصرية تقول فيها أن ما نشرته ليس "صحافة سيئة" ، لأنه لا يعتبر صحافة من حيث الأساس ، ووصفت ما كتبه بأنه خيالات وتهريج لا يليق بأكبر صحيفة رسمية في مصر وأنه مجرد تحريض على العنف وزيادة التوتر في بلد هو متوتر بالفعل حسب قول باترسون في خطابها غير المسبوق، والحقيقة أن ما نسبته الأهرام للسفيرة الأمريكية لو "لبس" في مواطن مصري ، لكان الآن ينتظر حكما بالإعدام أو المؤبد من محكمة أمن دولة .
هناك حالة من التدني والإسفاف في الصحافة المصرية والإعلام المصري هذه الأيام ليس له مثيل فيما سبق ، شيء أقرب إلى الجنون والهلاوس لا يمكن تصور صدوره من منظومة لها رصيد من العمق والتاريخ كانت فيه رائدة للإعلام العربي كله ، نحن نعيش الآن فضيحة وطنية مروعة، تقتضي أن تكون هناك حالة استنفار في نقابة الصحفيين وفي أول اجتماع للمجلس الأعلى للصحافة بتشكيله الجديد ، لوقف هذه الفوضى وإخضاع كل من يرتكب هذه الحماقات للمساءلة المهنية ، لأنه يهين الصحافة المصرية ، ويسيء إلى جميع منتسبيها، لا بد من وقف الانهيار بأسرع وقت ، ولا يغفر لأحد محاولة تزلفه الطفولي للسلطة الجديدة أو القيادة العسكرية بمثل هذه الهلاوس التي هي بالفعل لا يمكن نسبتها للصحافة من بابه، ويقيني أن هؤلاء يسيئون إلى السلطة الجديدة ذاتها ، لأنهم يعطون انطباعا في الخارج أن هذه الخزعبلات والهلاوس تأتي بتوجيه رسمي، وليست مجرد "نفاق" من بعض محدودي الخبرة والكفاءة ، هم أشبه بالدبة التي تقتل صاحبها أو تصيبه بعاهة وهي تتصور أنها تدفع الأذى عنه ، يا جماعة ، أرجوكم ، أوقفوا هذه المهانة التي تسيء للجماعة الصحفية المصرية كلها .
30/8/2013
في هذا الملــــف:
حُلُمُ الدولة ِالموعودةِ
هاشم القضاة-الرأي الأردنية
درس من «ويستمنستر»
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
الغرب ومصالحه
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
إسرائيل ترفض الحرب على سوريا
سوسن الأبطح- الشرق الأوسط
سوريا: أربعة خيارات مريرة
باتر محمد علي وردم-الدستور الأردنية
اليوم التالي بعد سقوط الصواريخ على دمشق
جمال خاشقجي –الحياة اللندنية
هزيمة كاميرون تصعب مهمة اوباما
رأي القدس العربي
حال لبنان فيما لو ضربت سوريا
محمد مصطفى علوش-الشرق القطرية
إنهم يشوهون مفهوم التظاهر
محمد عبيد-الخليج الإماراتية
أوقفوا الانهيار في الإعلام المصري
جمال سلطان –المصريون
حُلُمُ الدولة ِالموعودةِ
هاشم القضاة-الرأي الأردنية
(إنّ البناءَ الإسرائيليُّ سيستمرُ،ولن تقوم دولةٌ فلسطينيةٌ في الضفّةِ الغربيةِ،وليفهم الجميع أنّه لن يكون هناك دولتان غرب نهر الأردن، وأنّ إسرائيل ستبني بكلِ مكانٍ في الضفةِ).هذا ما أعلنه مُؤخراً وزير الإسكان الإسرائيلي، المدعو أوري أريئيل،من حزب البيت اليهودي،وما أن أكمل حديثه حتى «انتخى عنده»نائب رئيس المجلس الإقليمي الاستيطاني أفي شومورون بقوله:(إنّ الإسرائيليين فهموا جيداً أنّ الضفة الغربية هي مركز إسرائيل، ولا يمكن التنازل عن السكن في كل مكانٍ من أرض إسرائيل).
وما دام الأمر كذلك، فأيّ سلام ذلك الذي نُلجِمُ فيه الشعبَ الفلسطيني عن الاحتجاجِ ولو بصرخةٍ واحدة ضد الاستيطان حتى لا نُفسد جوَ المفاوضاتِ الجاريةِ بين السلطةِ ودولة الاحتلال،والحقيقة أنّ الفلسطينيين سواءٌ فاه أيُّ واحدٍ منهم ولو بقول آهٍ، أو سكت ولم ينبسْ ببنت شفة،فإنّ رؤوسهم مرهونةٌ باقتحامِ مدنهم ومخيماتهم من قِبلِ جنود الكيان الصهيوني في أيِّ وقتٍ يشعرُ هؤلاءِ الجنود المسعورون أنّهم بحاجةٍ لوجبةٍ من اللحم الفلسطيني اللذيذ،وهذا ما يحدثُ في ظل انعقاد محادثات السلام التي لا يعدو كونها ذر الرماد في العيون،حيثُ أغارت القوات الصهيونية يوم الاثنين الماضي على مخيم قلنديا وقتلت ثلاثةً من الفلسطينيين،بل ثلاثةً من الخراف الفلسطينية المصنَّفةِ لدى اليهود بِ»الصيد السمين»،وأتبعتهم بعشرين جريحاً لا يهمّ جنود الإحتلال إن كان وراءَهم باكيةٌ «ما دام هناك من يهبُّ في وجهها ليقول لها:كفكفي دمعَكِ حتى لا يكون حجر َعثرةٍ في طريق المفاوضات.
إنّه لمن المضحك المبكي أنّ العربّ منذ عام 67 ظلوا يلهثون ويلفحون وراء كلِّ إشارةٍ تلوِّحُ بها يدٌ غربيةٌ لإجراءِ المفاوضاتِ،لظننا أنّ هذه المفاوضات ستقودنا إلى قيام الدولة الفلسطينية التي لا يتوقف رفضُها على وزير الاستيطان الصهيوني وحزبه، ولا على نائب رئيس المجلس الاستيطاني آنف الذكر فحسب،بل وعلى الكثيرين من القادةِ الغربيين الذين يُظهرون ما لا يبُطنون،ويحضرني واحدٌ منهم ظلَّ يُظهرُ للعربِ أيام حكمه بأنه أحرصُ الحريصين على إيجادِ تسويةٍ عادلةٍ للقضية الفلسطينية، بل وصلت المسألةُ في عهده لأن تكون قاب قوسين أو أدنى من الحلّ، لولا أنّ ياسر عرفات طيب الله ثراه اكتشف أنّ الأمرَ لا يتعدى كونه (همبكاتٍ سياسيةً) غايتها كسب الوقت، وإلا ما معنى أن يقول الرئيس كلينتون َ في خطاب قبوله لمنصب الرئيس عام 92 ما نصه:(يجب أن يكون للفلسطينيين الحق كما هو مبين في اتفاقات كامب ديفيد،في المشاركة في تقرير مستقبلهم، ولكنه ليس لهم الحق في تقرير مستقبل إسرائيل ولهذا السبب فإننا نعارضُ إنشاء دولةٍ فلسطينيةٍ مستقلةٍ )انتهى الاقتباس.
وما دامت هذه هي الحقيقة في إستراتيجية أميركا الثابتة فإلى أين نحن سائرون واقصد الفلسطينيين والعرب، لنبحثَ عن الدولة الفلسطينية الموعودةِ،إلا إذا كانت هذه الدولة هي نفسُها «حكاية إبريق الزيت»التي لها بدايةٌ وليس لها نهايةٌ.
إنّ كلَّ يومٍ يفلتُ من رزنامتنا العربية يفتحُ البابَ للآلاف المؤلفةِ من المستوطنين اليهود للاستيلاء على المزيدِ من الأراضي العربيةِ،وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما أورده نظام الشرابي في كتابه المعنون «أميركا والعرب « بان بنيامين تدويلا الإسباني زار فلسطين خلال السنوات 1163 _1173 وذكر أنّ فيها مائتي يهودي فقط.كما يذكرُ محمد أديب العامري في كتابه عروبة فلسطين في التاريخ، بأنّه لم يكن في القدس في القرن الثاني عشر الميلادي سوى يهودي واحد،وإذا كنا لنحاسب أنفسنا على ما اقترفناه من ذنوبٍ قلنا على الأقل أليس من المحزن أنّ هذه الأمةَ نامت تسعة قرون حتى أصبح يهوديٌ واحدٌ ساكن
في القدس ومئتا يهودي ساكنون في فلسطين ثمانيةَ ملايين يهودي،لم يكتفوا بطردنا من أرضنا بل وبتأليب كلِّ مارقٍ أفَّاقٍ للتحكُّمِ بمصيرِنا والإغارةِ على بلادِنا في أيِّ وقتٍ يشاء.
درس من «ويستمنستر»
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
يستحق مجلس العموم البريطاني التقدير والاحترام، لا لأنه حال دون انخراط حكومة ديفيد كاميرون في جريمة حرب على سوريا فحسب، بل لأنه أظهر رفضاً لعدم الوقوع في “الخديعة” ثانية، بعد أن أوقعه فيها طوني بلير أول مرة زمن العراق والعدوان “الثلاثيني” عليه، ولأنه أظهر التزاماً بالحرص على احترام نتائج التحقيق الدولي في جريمة الغوطة الكيماوية ونتائج مداولات مجلس الأمن الدولي في إثرها.
قد لا يمنع قرار “أبو البرلمانات في العالم”، الضربة الأمريكية لسوريا، والأرجح أنه لن يمنعها، بيد أن البرلمان البريطاني، قدم درساً لكل برلمانات العالم، عن الكيفية التي يتعين أن يكون عليها، دور نواب الأمة وممثليها، فهؤلاء ليسوا جوقة أو “كومبارس” لا وظيفة لهم سوى التصفيق للحكومة ودعم قراراتها، بما فيها أكثرها حمقاً وتهوراً، هؤلاء هم نبض الشعب ومصدر السلطات والصلاحيات وأصحاب القرار الأول والأخير
وأحسب أن انصياع كاميرون ووزير دفاعه وحكومته، لنتائج التصويت في الجلسة الماراثونية لمجلس العموم، تستحق الاحترام مرتين، أو لسببين: الأول، لأنه قرر ربط الانخراط بالحرب التي كان متحمساً لها بقرار مجلس العموم، والثاني، لأنه أعرب “آسفاً” عن الالتزام بنتائج التصويت والانسحاب من العملية الحربية المقبلة ضد سوريا.
أين نحن مما حدث في “ويستمنستر”، سواء على مستوى كل دولة عربية أو على مستوى النظام الإقليمي العربي؟ ... ثمة دول عربية، لم تصل بعد إلى مستوى “إنجاب برلمانات”، لا شكلية ولا ممثلة تمثيلاً حقيقياً لشعوبها ... وثمة كثرة من الدول العربية، لديها برلمانات، لا يتخطى دورها حدود المراسم والبروتوكول و”التبخير” للحكومة والقادة الأفذاذ والحكماء ... وقلة هي البرلمانات العربية التي تلعب دوراً مؤثراً في توجيه وتقرير السياسات الخارجية والأمنية والدفاعية.
وبالنظر إلى ذلك، وجدنا في عديد من البرلمانات العربية، غياب لجان الأمن والدفاع، ورأينا غياب دور للبرلمان في توجيه وإقرار ومراقبة السياسات الأمنية والدفاعية، فتحولت ممارسات هذه الدول في حقل السياسة الخارجية، إلى ما يشبه “عمل العصابات المافوية”، ترسل السلاح والمسلحين سراً لسوريا وليبيا واليمن ومصر أو لغيرها، تبذّر الملايين من الدولارات من دون رقيب أو حسيب، تأخذ قرارات المشاركة في الحروب والعمليات القذرة منها وغير القذرة، من دون اضطرار حتى لإعلام شعوبها، تنشئ غرف العمليات السوداء، وتضخ فيها كل الموارد المطلوبة، من دون أن تعرف شعوبها ما تفعل.
كم من برلمان عربي ناقش الأزمة السورية بعمق، أو غيرها من الأزمات، دع عنك أن يكون له إسهام في “صوغ المواقف واتخاذ القرارات”؟ ... كم حكومة عربية “أحاطت” برلماناتها” بحقيقة ما يجري وطلبت رأيها في كيفية التصرف حيال حدث جلل من هذا النوع؟ ... كم دولة عربية، فكرت جدياً في استقصاء المواقف وجمع البيانات حول حقيقة ما جرى في الغوطة، قبل أن تتهم أو تبرئ النظام السوري من وزر ما حصل ويحصل؟ ... مواقفنا جاهزة ومسبقة الصنع، ولا تحتاج لكل هذه “التعقيدات”، وهي للأسف، رجع صدى لمواقف غيرنا من قوى وعواصم القرار الدولي والإقليمي.
أما عن “النظام العربي” الرسمي فحدّث ولا حرج ... فهو إلى جانب انعدام فاعليته وعجزه عن معالجة أي من الأزمات والمشكلات العربية البينية أو القضية الفلسطينية ، لم تعد له من وظيفة اليوم، سوى أن يضع “خاتمه” الرسمي على كل ما يطلب منه وإليه من شهادات “براءة الذمة” من دماء العرب ... فالجامعة العربية، وحتى قبل أن تطأ أقدام فريق التفتيش الدولي للمناطق المنكوبة بالكيماوي في “الغوطتين”، بادر إلى إطلاق الاتهام وصدار الأحكام والتوقيع على “صك البراءة” للأمريكيين من دماء السوريين التي ستراق بصواريخ الكروز والتوماهوك ... لم تكن هناك حاجة لمشاورات وتحقيقات، ولم يجد وزراء الخارجية العرب مبرراً كافياً لتجشم عناء السفر إلى القاهرة ... القرارات جاهزة، وقد تمت ترجمتها من الإنجليزية إلى العربية على عجل ... و”الختم” موجود في جيب نبيل العربي، يطبعه على أية كتاب حين يطلب إليه أولياء الأمر ، الذين جعلوا منه “موظفاً” لديهم، لا أمينا على المصلحة والإجماع العربيين ... على هؤلاء جميعاً، أن يشعروا بالخزي وهم يراقبون “عملية اتخاذ القرار” و”وصوغ الموقف” في دول تحترم شعوبها، وتنحي لإراداتها وقرارات تيارات الأغلبية فيها ... أما شعوبنا، بخاصة تلك التي انتزعت فيها حريتها وقرارها، فقد آن أوان ترجمة ثورات الربيع العربي وانتفاضاته، إلى آليات في الحكم وصنع القرار والمشاركة، تضع حداً نهائيا لحقب طويلة من التهميش والإقصاء والتفرد بصناعة القرار، ومن دون ذلك، فلا معنى لربيع لا عروبة فيه.
الغرب ومصالحه
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
عندما ارتكبت المجزرة بحق مجندي الأمن المركزي المصريين في سيناء، خرجت عواصم كثيرة ببيانات وتصريحات مستنكرة ومنددة بالجريمة . طبعاً، بعض الاستنكارات تشبه من يقتل ويمشي في الجنازة، لكن كان لافتاً موقف ألمانيا، على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية . الرجل، بعد استخدام العبارات الدبلوماسية المعروفة والممجوجة في إدانته للجريمة، قال إن سيناء تقع على حدود “إسرائيل”، وخصوصاً أن الوضع فيها له انعكاسات وراء حدود مصر .
المعنى أن الغرب لا ينظر لأي زاوية في المنطقة إلا من نافذة “إسرائيل”، ومع أن هذا الأمر من البديهيات، إلا أنه من النادر أن يبوح مسؤول غربي بالهدف الحقيقي من وراء حديث يتناول مسألة عربية . صحيح أنهم يكررون تأكيدهم تفوق “إسرائيل” النوعي على العرب مجتمعين، وأنهم يمدّونها بالمال والسلاح والحماية والتغطية في المحافل الدولية، لكن هذا كلّه يصدر في إطار الحديث عن “إسرائيل” نفسها .
هذا المسؤول مرّ سريعاً على “العنف في مصر” لكي يكرّر مرتين ما معناه بوضوح أن ما يهمّه انعكاسات ما يجري في أي بقعة في العالم على “إسرائيل”، أي أن مصر بملايينها الخمسة والثمانين لا تعني الغرب في شيء، ولا يعنيه الوطن العربي بملايينه الثلاثمئة، إلا كسوق لبضائعه، وجغرافيا لنفوذه، وأحياناً حقل تجارب لأسلحته .
عام 1996 شهدت “إسرائيل” بضع عمليات تفجيرية، فجن جنون الرئيس الأمريكي في حينه بيل كلينتون الذي جمع قادة العالم، بمن فيهم قادة عرب، في شرم الشيخ وعلى جدول الأعمال بند وحيد هو محاربة “الإرهاب” الذي حصروه بدفاع الضحية عن نفسها في وجه الجلاد . لأنهم يقلبون الحقائق، لم يقولوا إن الاحتلال هو الأساس، وهو الفعل الذي يؤدي إلى رد الفعل وليس العكس . في العام ذاته (1996)، قرّر نتنياهو حفر نفق جديد تحت المسجد الأقصى، وعندما انتفض الفلسطينيون في مواجهة ذلك الإجراء التهويدي للقدس، قتل جيش الاحتلال، خلال ثلاثة أيام، أضعاف “الإسرائيليين” الذين قتلوا في العمليات الفلسطينية في تلك الفترة . لم يقل الغرب شيئاً عن الإرهاب “الإسرائيلي”، ولا يتّسع المجال لاستعراض عشرات المجازر “الإسرائيلية” منذ نكبة عام ،1948 التي لم تكن صبرا وشاتيلا آخرها، لكن الغرب لم ينبس ببنت شفة، تجاه آلاف الشهداء من النساء والأطفال والشيوخ الذين استيقظ العالم على ذبحهم بعد ثلاثة أيام، ليرى جثثاً تحوم حولها الكلاب والقطط .
في العراق الذي غزاه التحالف الغربي واحتله لحماً وتركه عظماً، يقتل كل يوم ويجرح مئات المدنيين العراقيين، ومع ذلك لا نسمع حتى إدانة الجرائم التي تفتك بالأبرياء من كل الطوائف والمذاهب في هذا البلد العربي العريق الذي تركه الغرب والعرب للقتل المتنقل يفتك به ويبقيه خارج أية معادلة عربية، وبعيداً عن أية قضية قومية .
لبنان يتعرض لاعتداءات “إسرائيلية” متكررة منذ إنشاء الكيان الذي اجتاح أرضه أكثر من مرة، واحتل عاصمته وحاصرها، وارتكب فيه أكثر من مجزرة وأوقع آلاف الشهداء، لكن الغرب لا يعير انتباهاً إلا لأربعة اعتبارات: أولاً “إسرائيل” وثانياً “إسرائيل” وثالثاً “إسرائيل”، ورابعاً مصالحه .
إسرائيل ترفض الحرب على سوريا
سوسن الأبطح- الشرق الأوسط
إسرائيل قلقة وغير مطمئنة لخطة أميركية ضد سوريا تقضي بتوجيه ضربات جراحية ومحددة، من دون الدخول في حرب شاملة. ما تريده إسرائيل هو إما حرب تنتهي بهجوم بري كاسح - وهذا مستحيل في الوقت الحالي - أو انتظار المزيد من الوقت وترك الطبخة السورية تنضج على نار هادئة.
ورغم الهلع الذي يبديه سكان إسرائيل وهجومهم على مراكز توزيع الأقنعة الواقية من الغازات، وتجهيز الملاجئ، وتحضير مراكز الإسعاف، فإن المسؤولين اكتفوا باستدعاء بعض الاحتياط، واتخاذ عدة إجراءات أولية، نظرا لعدم حماسهم لدخول حرب لا يرون أنها تحقق لهم شيئا يذكر، على الأرض.
رغم الحشود العسكرية في المتوسط، وتسابق المدمرات والطائرات الأميركية والأوروبية، التي توحي بأن حربا كبيرة ستقع، فإن أطرافا كثيرة من المفترض أنها متباغضة - بينها إسرائيل وحزب الله وروسيا - تعد المس بالتوازنات القائمة سيشكل خطرا داهما على مصالحها، وسيقوي خصمها المشترك، ألا وهو تنظيم القاعدة، والتيارات التكفيرية. ولكل طرف بطبيعة الحال حساباته الخاصة، ووجهة نظره.
تنظر إسرائيل بعين الريبة والقلق للتقارب الإيراني - الأميركي، والاجتماعات المتكررة التي حدثت أخيرا، بين مسؤولين إيرانيين ومبعوثين أميركيين، وترى أن الجهود الحربية التي تبذل في سوريا تشغل المجتمع الدولي عن الاهتمام بالخطر الحقيقي وهو إيران وبرنامجها النووي. وتعد إسرائيل الخطوة الأميركية العسكرية تضييعا للوقت بحليف إيران السوري (الصغير) الذي يتلقى ضربات داخلية كافية لإضعافه، لا.. بل تركيعه بمرور الوقت.
وإذ لا تخشى إسرائيل أي هجوم سوري على حدودها من قبل نظام بشار الأسد الذي لم يطلق رصاصة واحدة باتجاهها منذ عام 1973، فهي ترى أن إيران هي المنبع والمزود بالأسلحة، والخطط الاستراتيجية، وأن الحل يكون بالتوجه إلى الأصل وليس هدر الجهود بالفرع، وبالتدخل بحرب أهلية سورية لا تعني سوى أصحابها.
وقد بعثت إسرائيل وفدا عسكريا واستخباراتيا رفيع المستوى إلى واشنطن منذ أيام، ضم من بين أعضائه مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب أميدرور، بهدف الاطلاع على الخطط الأميركية للهجوم على سوريا، وشرح وجهة نظر إسرائيل التي تفضل أن تبقى بعيدة عن المشاركة في حرب من هذا النوع، تعدها غير مجدية.
من هنا فإن ضربة لسوريا، إن هي حصلت فستبقى محدودة وغير طويلة الأمد، مراعاة لرغبات العديد من الأطراف الإقليمية، التي باتت مصالحها متشابكة في النزاع السوري، لا سيما إسرائيل، وروسيا التي ما تزال متمسكة بالنظام. لهذا كان واضحا منذ البدء، على لسان المسؤولين الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين، أن أي عملية عسكرية سيكون هدفها الأساسي هو ردع النظام السوري وتأديبه، وخفض إمكاناته العسكرية وليس استبداله، لأن البديل، بطبيعة الحال، ليس جاهزا. وهنا نعود مرة جديدة لمأساة المعارضة السورية المتشظية، والتي لم تعط، بسبب فسادها وتشرذمها، حتى الانطباع بأنها يمكن أن تنتج هيئة جدية تمثل السوريين، وتشكل بديلا للنظام.
ومن سوء حظ الشعب السوري، الذي يبدو أنه وحده من سيدفع الثمن بصرف النظر عن السيناريوهات التي تكتبها القوى الكبرى، فإن ثمة اقتناعا، عند إسرائيل وغيرها، بأن ضربة ماحقة تطيح بالنظام في الوقت الحالي، ستجعل الوريث الوحيد له هو الحركات الإسلامية التكفيرية. وإذا كانت إسرائيل لا تمانع نشاط «القاعدة»، لا بل تشجعه، حين يترجم سيارات مفخخة تودي بحياة آلاف العراقيين والسوريين أو حتى اللبنانيين، فهي لا تريد أن ترى هذه الحركات وقد أصبحت على حدودها، وهو ما تتفهمه الدول الغربية وتراعيه.
الضربة الأميركية لسوريا هذه المرة، إن هي وقعت بالفعل فستكون الهجوم الغربي المباشر، التاسع على دولة عربية وإسلامية في غضون 15 سنة. حروب لم تخرج منها أميركا بصفحة ناصعة، وحين «تجوجل» إسرائيل نتائج هذه الحروب، تجد أنها إما انتهت لصالح النظام الإيراني كما حدث في العراق أو أنها زادت من نفوذ التيارات التكفيرية كما هو الحال في أفغانستان وليبيا، وهو ما تخيم ظلاله في سوريا.
أي ضربة قوية وطويلة لسوريا، ستأتي بنتائج إنسانية كارثية، بحسب دراسة أميركية أجريت منذ ما يقارب العام، خلصت إلى أن عدد الضحايا على يد النظام فقط، يمكن أن يرتفع إلى ما يقارب 40 في المائة، لأن أي طرف يشعر بأن قواه بدأت تخور، يستشرس ويزداد عنفا، من دون أن يعبأ بعدد المدنيين الذين يتساقطون في مثل هذه الحالات. وبحسب البحاثة ريد وود، وجاكوب كاتمان، وستيفان جنت، الذين أجروا هذه الدراسة، فإن التدخل العسكري الخارجي في نزاعات أهلية، لصالح فئة حكومية أو متمردة، ولقلب المعادلات على الأرض، غالبا ما يأتي بنتائج دموية، يدفع ثمنها المدنيون. الأطراف الإقليمية المعنية مباشرة بما يحدث في سوريا، ومنها حزب الله وإسرائيل، ستسكت على الأرجح في حال بقيت الضربة في حدود، تحفظ التوازنات الحالية. أما لحظة ترتج المعادلة لصالح أي طرف، على حساب الآخر، فإن كل السيناريوهات المرعبة لحرب موسعة، قذرة ومدمرة، ستكون محتملة جدا. وهذا ما يجعل أهل المنطقة برمتهم يحبسون الأنفاس.
سوريا: أربعة خيارات مريرة
باتر محمد علي وردم-الدستور الأردنية
خلال السنتين الماضيتين سمعنا الكثير من المواقف والمقاربات سواء في الإعلام أو العمل الشعبي حول “تردد المجتمع الدولي” في الضغط على النظام السوري وسماحه في الاستمرار بهذه المجازر، ولكن فور أن بدأت الأنباء حول استعداد لضربة عسكرية موجهة للنظام تغيرت المواقف تماما واصبحت الرغبة السائدة هي عدم توجيه أية ضربة أميركية وبات نفس الناس الذين يشتكون في الأمس من ضعف مواقف العالم تجاه الأسد، يعبرون الآن عن رفضهم للتدخل العسكري. لا أتحدث هنا عن أنصار النظام السوري اصحاب شعار “الأسد أو الدمار” والذين يطبقونه منذ سنتين ونصف السنة ولكن عن الناس الطبيعيين الذين يملكون ضمائر ترتعد وتغضب نتيجة وحشية النظام.
ربما تكون المشكلة موجودة داخلي وفي طبيعة فهمي للأمور ولكني أعجز تماما عن فهم نظرية “أنا ضد بشار الأسد ولكنني ايضا ضد الضربة العسكرية الخارجية”. ما هو الحل المقترح إذا للخروج من الأزمة السورية؟ معظم الناس يمتلكون رؤية حالمة مفادها أن “الثورة السورية سوف تنتصر في نهاية الأمر بالرغم من كافة التضحيات” وهذه هي نفس الرؤية التي حكمت قضايا عديدة في المنطقة ولكن المشكلة أن الشعب السوري يدفع الثمن يوميا من دماء ابنائه وموارد بلاده وكافة المقدرات الموجودة لديه.
استمرار الوضع الراهن في سوريا وضمن معادلة القوى الحالية بين النظام والمعارضة يعني سنوات طويلة من الدماء والدموع والدمار وسقوط سوريا في حالة غير قابلة للخروج منها مع تحول نسبة كبيرة من شعبها إلى لاجئين وتزايد مستويات الحقد بين الفئات المختلفة وتدمير مؤسسات الدولة. بطريقة ما يجب أن تتغير الموازين العسكرية والأمنية والسياسية لتضعف من قدرة النظام على البطش وتجبره على الدخول في مفاوضات مع المعارضة للوصول إلى نتيجة تتضمن اقل الخسائر.
سعادة الناس بقرار البرلمان البريطاني تقييد قرار رئيس الوزراء بالمشاركة في عمل عسكري ضد سوريا، والقلق الطبيعي من تداعيات توجيه ضربات عسكرية على النظام أمر مفهوم تماما ويرتبط برفض عفوي لأي تدخل خارجي في دولة عربية. السؤال يبقى عن الخيارات المتاحة لإنقاذ الشعب السوري من هذه المأساة وهي خيارات ضئيلة جدا من دون تغيير حقيقي ومؤثر في المعادلة العسكرية الحالية بين النظام والمعارضة وهي تتمثل في أربعة خيارات:
1- التخلي التام عن المعارضة والصورة السورية وعدم تزويدها بأية أسلحة أو مقاتلين من الدول العربية وتركها تتعرض لبطش النظام وإنهائه للمعارضة والسماح للنظام بالسيطرة التامة على سوريا من جديد وهذا سيتضمن سلسلة طويلة وحشية من الانتقام من المعارضين ولكن في نهاية الأمر عودة الدولة لتمثل القوة الوحيدة على الأرض وربما عودة تدريجية للمؤسسات.
2- ترك الأمور على الوضع الحالي مما سيسمح للنظام بالسيطرة خلال 2-3 سنوات ولكن مع كلفة هائلة من الدمار والقتل والحقد والانقسام وسقوط الدولة في حالة من الفشل طويل الأمد.
3- ضربات جوية وبالصواريخ على مواقع عسكرية محددة لإضعاف البنية العسكرية للنظام السوري إما لإحباره على التفاوض أو لمنح الثوار مساحة أكبر من الدعم على الأرض وقدرة على مواجهة النظام السوري.
4- إسقاط النظام بضربات عسكرية وتدخل خارجي شبيه لما حدث في العراق وهذا من شأنه فتح أبواب جهنم على مصراعيها وإنهاء الدولة السورية وترك الشعب فريسة للفوضى الأمنية والعسكرية والصراعات الطائفية تستمر لسنوات طويلة وتنتقل إلى كل دول المنطقة.
خيارات أحلاها مر، مع من تقفون؟
اليوم التالي بعد سقوط الصواريخ على دمشق
جمال خاشقجي –الحياة اللندنية
إذا لم يسقط النظام بعد أيام من ضرب مقاره الأمنية ومفاصله العسكرية فهذه مشكلة، أما إذا تهاوى بسرعة وتقدم الثوار نحو العاصمة ودخلوا القصر الجمهوري وأعلنوا سقوط نظام بشار الأسد من على عتبات مجلس الشعب السوري فهذه مشكلة أيضاً!
كيف ذلك؟ الحل الأسلم للأزمة السورية كما يتحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومبعوثه الأممي الأخضر الإبراهيمي هو التفاوض والحل السلمي، أن يتوجه بشار الأسد أو من يمثل نظامه إلى جنيف، وكذلك المعارضة السورية ممثلة في الائتلاف الوطني، ويجلسا على طاولة واحدة، ويتفقا إما على أن ينقل الأول السلطة للثاني أو المشاركة معاً في مرحلة انتقالية تفضي إلى انتخابات حرة، فسلام ووئام بين الإخوة، حافزهم في ذلك الحرص على سلامة «الدولة» وتماسكها، فلا تنهار أجهزتها البيروقراطية ولا الأمنية، إنما يعمل الجميع بعد ذلك بإخلاص وتفانٍ لإصلاح حقيقي يرضي كل أبناء الشعب السوري الواحد... ما سبق أمنيات ليس لها موقع في سورية الحقيقية اليوم، لقد انهارت الدولة، وثمة ثورة حقيقية هناك ترفض كامل النظام وكل ما يمت إليه بصلة، ثم متى اختار العربي حلاً معتدلاً لأزماته خارج قاعدة «كل شيء أو لا شيء»؟
الجميع يتحدثون عن ضربة «محدودة في الزمان والمكان»، كما يستخدم السياسي الأميركي عبارة «معاقبة» الذي ارتكب جريمة استخدام السلاح الكيماوي المحظور دولياً وليس «إسقاطه»، وثمة فارق بين المعاقبة والإسقاط، ولكن هذا هو الموقف الأميركي والغربي، والذي لا يلزم الثوار في سورية، الذين يريدون إسقاط النظام بالكامل وبناء سورية جديدة تماماً، هؤلاء سيستغلون الضربات العسكرية على مفاصل النظام الأمنية للتقدم نحو كل ثكنة ومطار وموقع يستطيعون السيطرة عليه، وليس لأحد أن يلومهم في ذلك، بل بالتأكيد هناك من سيدعمهم، ودربهم على ذلك، فالوحدات السورية التي تم تدريبها وتجهيزها في الأردن وتركيا من قبل الجيش الأميركي وحلفائه مناطة بها هذه المهمة، وهي وحدات منضوية تحت مظلة «الجيش الحر» الذي يرأسه اللواء سليم إدريس، وتتبع سياسياً للائتلاف الوطني السوري الذي يرأسه أحمد الجربا، اللذان يتمتعان بثقة قوى إقليمية ودولية.
ومثلها شتى التشكيلات العسكرية للثوار تحت مختلف المسميات، مثل لواء الإسلام، صقور الشام، كتائب التوحيد، كلها نظرياً تشكل «الجيش السوري الحر»، ولكنها في الحقيقة مستقلة بقيادات وتوجهات وتمويل وعلاقات إقليمية مختلفة، ويجمعها الآن هدف إسقاط النظام، بل إن بعضهم يتعاون حتى مع «جبهة النصرة» تحت هذا الشعار، وستعمد هذه الفصائل بحماسة شديدة للاستفادة من الضربات الصاروخية وتبعاتها التي ستؤدي بالتأكيد إلى حالة إرباك شديد في صف وحدات النظام العسكرية، بل يجب توقع حالات فرار وانشقاق في الجيش السوري، وبالتالي لا يستبعد انهيار كامل للنظام، الذي لا بد من أن يكون هو الآخر منهكاً بعد عامين ونصف العام من الحرب (إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ).
لذلك فمن الضروري الاستعداد إقليمياً لليوم التالي بعد سقوط النظام كاملاً أو انحساره إلى مناطقه العلوية «الخطة ب» كما سمّاها وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، وأحسب أن هذا كان بعضاً مما ناقشه رؤساء أركان جيوش الدول المعنية بالأزمة السورية في العاصمة الأردنية الأسبوع الماضي، فإذا كان تأمين الأسلحة الكيماوية ومستودعاتها هاجساً مشتركاً بين الغرب والدول الإقليمية، فإن ضمان انبثاق سورية آمنة وموحدة من بين الرماد والحروب هو ما يجب أن يكون هاجس دول المنطقة، خصوصاً السعودية والأردن وتركيا.
الذي سيعلن سقوط دمشق ثائر شاب لا نعرفه، يستحوذ على كاميرات الصحافة والتلفزيون هو وزملاؤه ريثما تصل قيادات المعارضة. من هناك سيعلن الائتلاف الوطني عن بدء المرحلة الانتقالية، ويحدد أهدافها وربما زمانها. سيوجه السيد الجربا نداء لموظفي الدولة بالبقاء في أعمالهم وخدمة وطنهم، وربما حتى للشرطة بحفظ الأمن، ولكن هل يستطيع الائتلاف الوطني السوري وهو كيان «ائتلافي» كما هو واضح في اسمه إعمال سيطرته على كل سورية بكل ما ترك بشار فيها من تناقضات، وما خلقته الحرب من أحزاب وكتائب وعداوات وثارات؟ حتى لو تغلبت كل الفصائل والقادة المحليين على طموحاتهم ومكاسبهم وقبلوا بمظلة الائتلاف، ماذا عن «جبهة النصرة»؟ بل ماذا عن الكارثة الأكبر «دولة العراق والشام الإسلامية»؟
يبدو أنه لا مناط من قوة سلام عربية - تركية، تشكّل في إطار الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، تكون وظيفتها حماية عملية الولادة الصعبة لسورية الجديدة الديموقراطية التي تحميها من نفسها وتحمي المنطقة من انهيارها. إنه شرق أوسط جديد إن لم يصنعه الحكماء سيصنع نفسه بنفسه، وها هو الفصل الثاني من الملحمة السورية على وشك انفراج ستارته عن تفاصيل لن تقل إثارة وربما ألماً عن فترة العامين ونصف العام الماضية.
هزيمة كاميرون تصعب مهمة اوباما
رأي القدس العربي
سبع ساعات من النقاش الحاد في مجلس العموم البريطاني الذي اعلن في ختامه رفض السماح للحكومة بالمشاركة بتحالف دولي للتدخل ضد النظام السوري ردا على استخدامه اسلحة كيماوية، سيكون له اثر كبير على سيناريو التدخل الاجنبي العسكري او على صورة بريطانيا في العالم وعلى مستقبل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون.
نتيجة التصويت في مجلس العموم ابرزت مدى مرارة التركة التي تحملها بريطانيا جراء تورطها في حرب العراق، فالنواب الذين لم يصدقوا ان التدخل سيكون من خلال ضربات عسكرية محدودة ولفترة محددة، كانوا بتصويتهم يوم الخميس يعتذرون عن قرار سابق اتخذوه قبل عشر سنوات.
ورغم ان هاجس الخوف من تكرار السيناريو العراقي كان له الاثر الاكبر برفض مذكرة الحكومة التي صوت ضدها 285 نائبا بينهم 30 من حزب المحافظين مقابل 272 ايدوها، الا ان عوامل بريطانية داخلية اثرت على نتيجة التصويت، ومن ضمن هذه العوامل، كانت الاوضاع الاقتصادية، فبعد تخفيض ميزانية الدفاع وجد البريطانيون انفسهم امام طرح مشاركة في حرب تتطلب انفاقا كبيرا، واذا كانت نفقات المشاركة في حروب سابقة مثل العراق وليبيا يمكن تغطيتها بمشاركة خليجية كريمة، وصفقات اقتصادية واعدة، الا انه في حالة سورية ستتحمل الخزانة البريطانية تكاليف باهظة.
‘ ومن العوامل الداخلية الاخرى، كان انتهاز حزب العمال الفرصة ليستعيد شعبيته ويعمل جاهدا لغسل الاوساخ التي تركها رئيس الوزراء العمالي السابق توني بلير بعد تصدره حملة الحرب على العراق عام 2003.
‘ ولا يمكن استبعاد عامل آخر تمثل بالمزاج البريطاني، الذي لم يعد هاجسه ان تكون بلاده في مقدمة الصفوف لاي عمل عسكري دولي.
ديفيد كاميرون ذهب الى مجلس العموم البريطاني وهو ضعيف، وكان يأمل ان يعطيه المجلس وقرار الحرب دفعة جديدة في شعبيته، لكنه خرج مهزوما واضعف من السابق، فهذه المرة الاولى التي يخسر بها رئيس حكومة بريطانية اقتراعا بشأن المشاركة في الحرب منذ عام 1782، عندما اعترف البرلمان باستقلال امريكا معترضا على شن معارك جديدة لسحق التمرد. ومن غير المستبعد ان ينعكس هذا التصويت على نتيجة الانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2015.
هزيمة الحكومة البريطانية ستنعكس بشكل كبير على دورها المحوري في الساحة الدولية، والاهم من ذلك تداعياتها على العلاقة الاستثنائية مع الولايات المتحدة، خاصة ان الدبلوماسيين البريطانيين ورئيس الوزراء نفسه بذلوا جهودا كبيرة لاقناع الرئيس الامريكي باراك اوباما بالتدخل العسكري ضد نظام بشار الاسد.
انسحاب بريطانيا من التحالف سيؤثر على بقية الدول الاوروبية، والمؤشرات تظهر اعتماد التحالف العسكري ضد سورية على امريكا وتركيا وفرنسا ومشاركة خليجية محدودة.
وباريس التي ستعمل على الاستفادة من التوتر بالعلاقة بين واشنطن ولندن، ستشارك وهي عرجاء، فبالرغم من ان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ليس مضطرا لانتظار موافقة برلمانية وبوسعه اتخاذ القرار بنفسه، الا ان ذلك لن يكون سهلا، فقد بدأت وسائل اعلام فرنسية تشن حملة ضد خطط المشاركة، معتبرة ان فرنسا على عكس قرار تدخلها في مالي، ليست من يدير اللعبة، وان قرارات واماكن وسيناريوهات التدخل ستحددها الولايات المتحدة، مما سيحرمها من مساحة التحرك التي حازت عليها في الشرق الاوسط منذ فترة الجنرال ديغول.
لا يبدو ان عدم مشاركة بريطانيا بالتدخل العسكري سيلغيه، او سيكون بمثابة طوق نجاة للرئيس الاسد، لكنه سيصعب مهمة الرئيس اوباما وسيؤثر على زخم الاندفاعة الامريكية وعلى الجدل المستند اليه، وهو الذهاب بتحالف دولي قوي.
حال لبنان فيما لو ضربت سوريا
محمد مصطفى علوش-الشرق القطرية
تفجيرات المساجد في طرابلس شمال لبنان أعاد إلى ذاكرة المدينة أحداث الثمانينيات من الحرب الأهلية نظراً لمشاهد الدم المسفوك على أعتاب المساجد ومفارق الأزقة المؤدية إليها. قد تكون المصادفة وحدها هي من لعبت دور التنسيق والتتابع بين تفجير الرويس في الضاحية الجنوبية وتفجيري مسجدي التقوى والسلام في طرابلس بعد أسبوع.
التحقيقات الأمنية ما زالت جارية، وما يسرب من داخل أقبية التحقيق لا يمكن البناء عليه، وإن كانت المعلومات الأولية تقول: إن من فجر في طرابلس جهة مغايرة لتلك التي ضربت في الرويس. وبناء عليه فليس بالضرورة أن يكون هدف التفجيرات إشعال فتنة سنية شيعية بقدر ما هي تجليات لتداعيات التدخل اللبناني غير الرسمي في الحرب السورية.
ومع سلسلة التفجيرات المتنقلة، من الرويس في الضاحية الجنوبية إلى مسجدي التقوى والسلام في طرابلس، أضحى السؤال الأكثر طرحاً عند المواطن اللبناني: هل دخل البلد فعليا في عين العاصفة التي حذر منها الجميع أم أنه ما زال بعيدا ولو قليلاً عن دائرة النار؟
قريبا من الإجابة على السؤال المطروح، يشبه أحد الدبلوماسيين الغربيين الوضع بالقول: لبنان اليوم أشبه بالقنبلة الموقوتة، فإما يتمكن اللبنانيون من تفكيكها أو ستنفجر القنبلة في وجه الجميع.
ذا كان الأمر في لبنان وبأحسن أحواله قنبلة موقوتة، فكيف سيكون الوضع إذا ما تعرض النظام السوري لضربات غربية وفقا لما تشير التقديرات؟
لبنان في واقع الأمر خاضع لتطورات الأحداث في سوريا، بل يذهب البعض في تصوراتهم على اعتبار لبنان رهينة لتوجهات وأمزجة الحكم في سوريا منذ استقلال البلدين عن الاستعمار الفرنسي في أربعينيات القرن الماضي. وإذا صح هذا التصور، فإن ارتهان لبنان لدمشق قد ازداد بشكل ملحوظ منذ دخول الجيش السوري إلى لبنان عام 1976 وحتى كتابة هذه السطور. وما يحكى عن تراجع النفوذ السوري لصالح النفوذين الإيراني والسعودي، فإنه في كل الأحوال، لم يغير كثيراً من قدرة دمشق في التأثير على المسارين السياسي والأمني في لبنان.
يقرأ البعض في تصريحات النظام السوري وحلفائه في أن أي ضربة غربية لدمشق ستشعل الشرق الأوسط هو في جوهره تهديدا مبطنا لدول المنطقة وفي القلب منها لبنان الذي يلعب دور الحديقة الخلفية للنظام السوري عبر حلفائه النافذين في الحكم والسياسة والأمن، في حين يرى آخرون أن الأمر لا يعدو كونه ترجمة لما يمكن أن تتطور باتجاهه الأحداث بشكل دراماتيكي، بحيث تتوسع كرة اللهب لتصل إلى دول بعيدة جداً عن لبنان وسوريا.
ومع تعطل جلسات الحوار وتجميد قنوات التواصل بين حزب الله العنصر الأقوى عسكريا وسياسيا في لبنان وبين قوى ١٤ آزار تزداد مؤشرات التفجير الداخلي رغم حديث الجميع من أن طرفا دوليا أو إقليميا أو داخليا لا يريد تفجير الوضع في لبنان. والأرجح أن ضربة توجه لسوريا لن تجعل حزب الله يقف في موقع المتفرج خصوصا إذا كانت الضربة تهدف لإسقاط النظام السوري.
والحق أن مصير الشعب اللبناني لم يعد بيد أبنائه، وأن مستقبله السياسي والأمني بات في يد قوى إقليمية ودولية. فقد كان للأزمة السورية التي امتدت لسنتين ونصف السنة دور فاعل في رسم المشهد اللبناني الداخلي الذي ازداد وضعه تعقيدا وأصبح من المستحيل تحقيق تقارب بين قواه السياسية التي باتت تتخذ من مجريات الأحداث في سوريا ركائز في آليات التعاطي مع الوضع الداخلي. وما التمديد لمجلس النواب ومن ثم لقائد الجيش وعدم تشكيل حكومة إلا مؤشرات على ذلك. كما أن الأجهزة الأمنية لم تعد قادرة على ملاحقة السيارات المشبوهة التي يكشف عنها هنا وهناك، كما أن القوى السياسية أثبتت أنها ليست على مستوى من النضوج لتقول كفى تدهوراً للأوضاع في لبنان.
وبمجرد الحديث عن اقتراب ضربة عسكرية لسوريا، دخل لبنان عبر معبر المصنع الحدودي أكثر من 13 ألف لاجئ سوري في أقل من أربع وعشرين ساعة، ولا يعلم هؤلاء أن لبنان لن يكون أكثر أمنا في حال وجهت ضربة عسكرية غربية لدمشق.
إنهم يشوهون مفهوم التظاهر
محمد عبيد-الخليج الإماراتية
إصرار جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر على تشويه مفهوم التظاهر، والدعوات التي تطلقها أوساط الجماعة وحلفها كل أسبوع لما تسميها تظاهرات أو مليونيات، تصفها زوراً ب”السلمية”، ومن ثم تتحول إلى مواجهة مفتوحة يراق خلالها المزيد من الدم المصري، تكشف بكل تأكيد ما تسعى إليه الجماعة، وما تخطط له من ضرب لاستقرار البلاد وبالتالي سيادتها .
إنهم يشوهون المفهوم الأساسي للتظاهر، والمعني هنا السلمية أو اللا عنف، من خلال تصعيد التهديدات قبل كل تظاهرة، وشحن المغيبين من الأنصار بحقد لا يمكن إلا أن يكون موجهاً ضد مصلحة مصر الدولة، وضد كل مصري واعٍ وحريص على خروج بلده من أتون هذا الصراع الذي تريده الجماعة “عدمياً”، نتيجة غرقها الكامل في وهم إعادة العجلة إلى الوراء، والعودة إلى ما خلعها الشعب عنه .
قد يختلف عاقلان على حظر الجماعة أو تظاهراتها، لكنهما سيتفقان أن نزوعها للعنف ألغى عقد الحريات والحقوق بينها وبين الدولة، وحتّم على الأخيرة ضبط هذا التهديد المنفلت من عقاله، ومحاصرته قبل أن يودي بالبلاد إلى انقسام لا تحمد عقباه، وقبل أن يمزق نسيجاً مجتمعياً طالما كان مضرب المثل في الترابط والتماسك، بين مختلف مكوناته رغم اختلاف خلفياتها .
المصريون يعون هذه الحقيقة بالتأكيد، لكن جهات أخرى إقليمية ودولية، تأبى إلا أن تواصل رهان الدم والدمار، ويصعب عليها رؤية مشاريعها التوسعية وأحلامها في الهيمنة وقيادة المنطقة تتراجع وتنكفئ، وعلى رأس هذه القوى الإقليمية تركيا بالتأكيد، التي يخال المرء أن وزير خارجيتها عضو في الجماعة المصرية، وناطق باسمها، وأن رئيس وزرائها كبير الجماعة ومصدر قرارها، وهذا أوضح من الشمس في عز الظهر، ولا يمكن إلا أن ترده مصر على أعقابه .
على المستوى الدولي نجد الولايات المتحدة متخفية بإظهار الحيرة والقلق، رغم أن سلوكها ومشاركتها الفاعلة في حياكة المخططات والمؤامرات ضد مصر افتضحت وانكشف أمرها، والمثير للعجب في الموضوع أن جماعة “الإخوان” بوصفها تنظيماً دولياً كانت على الدوام “عدواً أول” لواشنطن، لكن توابع الثورات الشعبية أظهرت الصورة على حقيقتها .
الوعي المصري والتكاتف بين مختلف فئات الشعب ومؤسساته كفيلان بإبطال مفعول القنبلة الموقوتة التي تسعى الجماعة وأحلافها إلى تفجيرها في الجسد المصري، وهما كفيلان أيضاً بنفي أباطيل وأكاذيب الأحاديث عن “الشرعية” و”التمثيل الشعبي”، وعلى الأرجح أنهما سيكونان العنصرين الرئيسان في إنهاء هذا التهديد الذي يريده كثيرون وجودياً .
مصر مقبلة على تحقيق نموذجها الفريد دولة “مدنية”، ودولة قانون وعدالة ومؤسسات، وهذا بالضرورة سيأخذ بعض الوقت، لكن الأمر لن يطول، وسيسفر في النهاية عن إيصال السفينة إلى بر الأمان، وإرساء الأسس التي تعيد لمصر دورها الحقيقي في المنطقة والعالم، والمطلوب من المصريين المزيد من الوعي وتعزيزه، وبناء نموذج ديمقراطي يعطي أولوية للتنشئة على مبادئ الديمقراطية، واحترام الحريات والحقوق وصيانتها، من خلال منظور شامل لا يغفل التفاصيل، ولا يدع مجالاً للتأويل والتحوير .
أوقفوا الانهيار في الإعلام المصري
جمال سلطان –المصريون
عندما سألني الصحفي الأمريكي قبل أيام عن "حالة" الإعلام في مصر الآن ، وهو المجال الذي يهتم به وأتى من أجله خصيصا ، قلت له أن الإعلام المصري "بعافية" حبتين هذه الأيام ، فطلب توضيحا لما أقصده ، فقلت له أنه من الصعب أن نسوق كلاما يقول أن السيناتور جون ماكين عضو مجلس الشيوخ الأمريكي يتعاطف مع تنظيم الإخوان المسلمين لأنه شريك في تجارة سلاح غير مشروعة مع خيرت الشاطر قيادي الجماعة المحظورة ، وينشر ذلك في أي إعلام محترم ، ترك الرجل القلم والورقة التي يدون فيها ملاحظاته وتفحص وجهي طويلا كأنما يتأكد من أني بكامل الوعي ولست "سكرانا" ، فأكدت له صحة هذه المعلومة الخطيرة نقلا عن صحف مصرية يومية شهيرة.
ولا أعرف كيف سيكون حال الرجل عندما يخبره آخرون عن الخبر القنبلة الذي "انفردت" به صحيفة حزبية يومية كبيرة في مصر من اكتشافها أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عضو في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ، الصحيفة لم توضح بالضبط الزمان والمكان الذي أدى فيه أوباما قسم الولاء والبيعة للدكتور محمد بديع مرشد الإخوان ، كما لم توضح المركز الذي يشغله الرئيس أوباما في تنظيم الإخوان المسلمين ، وهل تمت ترقيته إلى عضوية مكتب الإرشاد مع خيرت الشاطر ومحمود عزت ورشاد البيومي ، أم أنهم اكتفوا بأنه مسؤول شعبة الجماعة في البيت الأبيض ! ، وقبل يومين كتب رئيس تحرير صحيفة الأهرام التي تعتبر على نطاق واسع المتحدثة باسم الحكومة والسلطة القائمة حتى أيام الإخوان وسلطتهم، كتب يعرض مذكرة اتهام خطيرة في حق السفيرة الأمريكية "آن باترسون" ، كشف فيها معلومات "خطيرة" أخرى تتحدث عن تورط السفيرة الأمريكية في مؤامرة تهريب السلاح والإرهابيين إلى مصر ، وأنها ضالعة في مخطط تخريبي واسع النطاق لتقسيم مصر إلى دولتين في الشمال والجنوب ، وستكون عاصمة الجنوب هي مدينة "المنيا" وكلام طويل عريض على هذه الشاكلة ، السفيرة الأمريكية التي غادرت الآن بعد انقضاء مدتها ، كتبت خطابا شديد اللهجة للصحيفة المصرية تقول فيها أن ما نشرته ليس "صحافة سيئة" ، لأنه لا يعتبر صحافة من حيث الأساس ، ووصفت ما كتبه بأنه خيالات وتهريج لا يليق بأكبر صحيفة رسمية في مصر وأنه مجرد تحريض على العنف وزيادة التوتر في بلد هو متوتر بالفعل حسب قول باترسون في خطابها غير المسبوق، والحقيقة أن ما نسبته الأهرام للسفيرة الأمريكية لو "لبس" في مواطن مصري ، لكان الآن ينتظر حكما بالإعدام أو المؤبد من محكمة أمن دولة .
هناك حالة من التدني والإسفاف في الصحافة المصرية والإعلام المصري هذه الأيام ليس له مثيل فيما سبق ، شيء أقرب إلى الجنون والهلاوس لا يمكن تصور صدوره من منظومة لها رصيد من العمق والتاريخ كانت فيه رائدة للإعلام العربي كله ، نحن نعيش الآن فضيحة وطنية مروعة، تقتضي أن تكون هناك حالة استنفار في نقابة الصحفيين وفي أول اجتماع للمجلس الأعلى للصحافة بتشكيله الجديد ، لوقف هذه الفوضى وإخضاع كل من يرتكب هذه الحماقات للمساءلة المهنية ، لأنه يهين الصحافة المصرية ، ويسيء إلى جميع منتسبيها، لا بد من وقف الانهيار بأسرع وقت ، ولا يغفر لأحد محاولة تزلفه الطفولي للسلطة الجديدة أو القيادة العسكرية بمثل هذه الهلاوس التي هي بالفعل لا يمكن نسبتها للصحافة من بابه، ويقيني أن هؤلاء يسيئون إلى السلطة الجديدة ذاتها ، لأنهم يعطون انطباعا في الخارج أن هذه الخزعبلات والهلاوس تأتي بتوجيه رسمي، وليست مجرد "نفاق" من بعض محدودي الخبرة والكفاءة ، هم أشبه بالدبة التي تقتل صاحبها أو تصيبه بعاهة وهي تتصور أنها تدفع الأذى عنه ، يا جماعة ، أرجوكم ، أوقفوا هذه المهانة التي تسيء للجماعة الصحفية المصرية كلها .