Haneen
2013-12-08, 12:42 PM
اقلام عربي 488
2/9/2013
في هذا الملــــف:
هذه هي المفاوضات.. فأين الوسطاء؟
بقلم: محمد خالد الأزعر عن البيان الامارتية
رأي القدس: اوباما لا يشبه بوش لكن النتائج الكارثية متشابهة!
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
أوباما على خطى الأسد: الرد في الوقت المناسب!
بقلم: جورج سمعان عن الحياة اللندنية
انسوا أوباما!
بقلم: عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
بانتظار التاسع من أيلول أو الحادي عشـر منه
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
ما وراء الأخبار.. تآمر آل سعود
بقلم: محي الدين المحمد عن تشرين السورية
الإسلام الأميركي (1 - 2)
بقلم: موسى معرفي عن القبس الكويتية
عندما قرّر أوباما اللجوء إلى «الاستخارة»
بقلم: محمد صادق الحسيني عن الأخبار البيروتية
الجدار العازل
بقلم: رانيا حفني عن الأخبار البيروتية
الخروج عن النص ... متى يعلن الربيع الخليجي؟
د.مطلق سعود المطيري عن الرياض السعودية
الهجوم الأميركي على سورية والشارع العربي بين العام 1990 و2013
بقلم: جعفر الجمري عن الوسط البحرينية
مشكلتنا مع النظام: وأنتم ما دخلكم؟
بقلم: سليم قلالة عن الشروق الجزائرية
هذه هي المفاوضات.. فأين الوسطاء؟
بقلم: محمد خالد الأزعر عن البيان الامارتية
أثناء الجلسة الثالثة من جولة التفاوض الجارية على المسار الفلسطيني، طالب الفلسطينيون بحضور المبعوث الأميركي مارتن إنديك داخل القاعة. وفي غضون الجدل حول هذا المطلب، تبين أن ممثل مقام الرئاسة الأميركية إلى المفاوضات، غير مسموح له إسرائيليا بممارسة مهمته السامية سوى عن بعد؛ عبر المكالمات الهاتفية.
كما اتضح أن الفلسطينيين سعوا، دون جدوى أيضا، إلى استدعاء شركاء الولايات المتحدة في اللجنة الدولية الرباعية؛ روسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
من المفترض أنه لا توجد مفاجأة في هذا الخصوص، فنحن والذين أضنتهم متابعة ملفات التفاوض العربية الإسرائيلية، نعلم مدى حرص إسرائيل على مبدئها القديم المتجدد في التفاوض المباشر.. ا
لذي ظل لأكثر من ستين عاما أحد ثوابتها في التعامل على كافة المسارات التفاوضية، وجرى الاستعصام به أكثر فأكثر غداة حرب 1967. غير أن الملاحظ هو حدوث ما يشبه الخلاف بين المسؤولين الإسرائيليين حول قضية إشراك الرباعية بالذات، إذ إن تسيبي ليفني، حاملة ملف الجولة التفاوضية الجارية، لم تعترض على هذا المطلب.
ولا رأت في الاستجابة له ما يضر بمصلحة إسرائيل وموقفها. لكن الرفض القاطع جاء من لدن رئيسها ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكأنه يريد أن يؤكد مجددا وللمرة الألف، دور المفاوض الأول عن إسرائيل والحارس الأكبر لثوابتها وتقاليدها التفاوضية.
والمدهش أن واشنطن عززت بدورها موقف نتنياهو، فهي لم تتأفف أو تغضب لإبقاء موفدها خارج غرف المفاوضات، كما تحفظت بدورها على حضور الرباعية.
نفهم من ذلك أن ليفني وطاقمها ليسوا طليقي الأيدي، ولاهم مفوضون بالكامل في معالجة الملف الذي يحملونه. نتنياهو هو العنوان الصحيح لمن أراد معرفة المواقف الإسرائيلية القابلة للتداول، كما أن واشنطن تبدو كمن وضع خاتمه على هذا العنوان.
وإذا كانت إسرائيل تتأذى من الحضور الكامل لشريكها الأميركي الصدوق؛ الداعي لهذه المفاوضات والراعي الحقيقي لها من أول يوم؛ المؤتمن على حمايتها كدولة من كل سوء، فليس لأحد أن ينتظر رضاها عن مثل هذا الدور من زملائها الألداء في الرباعية.
فالروس أساسا والأوروبيون نسبيا، متهمون عندها بالتعاطف مع الفلسطينيين. أما الترحيب بالأمم المتحدة فيعني استحضار الممثل الأول لحقائق القوانين والقرارات الدولية وشرعة الأمم المتحضرة، التي نعلم أن إسرائيل قد تنخسف بها الأرض قبل أن تخضع لها بشأن التسوية الفلسطينية.
من خبراتهم التفاوضية المتراكمة، لا بد وأن الفلسطينيين كانوا على دراية بهذه المعطيات. ورغم ذلك فقد اشترطوا استحضار أطراف ثالثة، ولا سيما العراب الأميركي، بين يدى الجولة التفاوضية الراهنة. ولو استجيب لشرطهم هذا، لسجلوا سابقة في كسر واحد من ثوابت إسرائيل، وهو التفاوض بمعزل عن الوساطات المباشرة.
على أن ما يثير الحفيظة ويغيظ الحليم في هذا السياق، هو استخذاء الرباعية الدولية بالذات وإذعانها أمام الصلف الإسرائيلي.. فالراعي الأميركي لا يضيره الاستبعاد الشكلي عما يجري بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لعلمه يقينا بأن المفاوضات مهما حلقت بعيدا فإنها لن تغادر عباءته، وهو يعلم مستقرها ومستودعها، وأن عاقبتها ستعود إليه وحصادها سيقع في رحله.
لكن ماذا عن الرباعية؟ هذه الآلية التي ابتدعت أصلا كي يتم تجاوز عقبتي الاستفراد الإسرائيلي بالفلسطينيين والهيمنة الأميركية على عملية التسوية برمتها.. ما هو دور الرباعية ومتى يحين أوان هذا الدور؟ لماذا اختفى ممثلها اللوذعي تونى بلير، فلا يسمع أحد له حسا ولا رأيا؟..
لقد كان الأحرى بالاهتمام والأوفق منطقيا، أن تظهر بركات هذه الآلية؛ الممثلة لكبار الفواعل الدوليين، في هذا التوقيت وهذه المناسبة. بيد أن الحاصل بالفعل هو إيابها إلى الاعتكاف والارتضاء بموقع شاهد الزور، بحسب الإرادة الإسرائيلية.
وهذا يعني أننا بصدد آلية معطلة، عاجزة عن تحقيق أهدافها، فلا هي منعت إسرائيل من التغول على الفلسطينيين في ظل موازين قوى مختلة لصالحها، ولا هي أزالت الاعتقاد بأن واشنطن هي صاحبة اليد العليا في تقرير مسار التسوية ومصيرها.
من حق المفاوض الفلسطيني أن يغضب جراء غياب الوساطة الناجزة الفاعلة، وانتهاك أحد بنود التفاهمات التي خاض على أساسها هذه الجولة.. وعما قريب سيغضب أكثر، حين يبحث عن شهود عدول شجعان، يضعون أصابعهم في عين الطرف الذي أطاح بجهود التسوية وعطل المراكب السائرة، فلا يجد.
رأي القدس: اوباما لا يشبه بوش لكن النتائج الكارثية متشابهة!
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
يعكس قرار باراك اوباما احالة مسألة الموافقة على الضربة العسكرية الامريكية للنظام السوري الى مجلس النواب، بشكل مدهش، الازمة الفظيعة التي ينوء تحتها نهج اوباما السياسي.
ينسجم قرار كثيرا مع النمطية التي تأطرت فيها شخصيته السياسية التي اعتاد عليها الناس في الولايات المتحدة والعالم، وتتميز هذه الشخصية بكونها مترددة وتتراجع عند الضغط (كما حصل في موضوع النزاع الفلسطيني الاسرائيلي) ولا ترغب في تحمل مسؤولية قرارات كبيرة، لا في امريكا ولا في العالم.
باستثناء عملية اغتيال زعيم القاعدة اسامة بن لادن، واستخدام الطائرات الحربية دون طيار في افغانستان واليمن وبلدان اخرى، لم يدخل اوباما في اية مواجهة عسكرية مع اية جهة لا داخل امريكا ولا خارجها.
لا يعود الأمر الى التجربة الامريكية المرة في افغانستان والعراق فحسب، ولا حتى بالأزمة الاقتصادية الامريكية فهذه الأسباب وحدها لا يمكن ان تفسر دور اوباما في تكريس الخلل السياسي الذي خلقه امتناعه عن تحمل أية مسؤولية عن الحرب الهائلة التي يخوضها النظام السوري وحلفاؤه الاقليميون والدوليون ضد الشعب السوري.
أدى هذا الموقف الامريكي الى تغوّل غير مسبوق للنظام الذي لم يوفر طريقة لا لقمع شعبه فحسب بل لتدمير الحجر والشجر والنسيج الاجتماعي والديني والتاريخي للمنطقة، مما صعد الأزمات السياسية في لبنان والعراق والاردن وتركيا بشكل هدد جغرافيات وحدود وكيانات تلك البلدان، وحوّل شعباً معتدلاً ووسطياً مثل الشعب السوري الى حاضنة لجهات التطرف الجهادي المسلح.
تردد اوباما وامريكا في تحمّل مسؤوليات واكلاف الموضوع السوري أدى وسيؤدي، الى دفع عشرات اضعاف هذه الاكلاف لاحقاً، وهو أمر يثبت انه لا يمكن تجاهل أزمات العالم وتسويفها ومعالجتها بالخطب وحفلات العلاقات العامة والصفقات السياسية مع الدب الروسي الذي يريد جزءا اكبر من كعكة المشاركة في ادارة العالم.
بعد احالة قرار الضربة الى الكونغرس، سيجد اوباما نفسه في موقف أصعب من اتخاذ الحرب، وسواء وافق الكونغرس أم رفض، فان الرئيس الأمريكي سيمنى بهزيمة لادارته ولنهجها في تأجيل معالجة الى ان تصبح غير قابلة للعلاج، وهو أمر سيؤدي، ربما، الى اكتشاف بطل نوبل للسلام، لاحقاً، ان البحث عن السلام بإرجاء الحرب قد يؤدي الى نتائج اسوأ من نتائج الحرب نفسها!
في بداية ولايته الاولى توجه اوباما للعالم العربي بخطاب مليء بالأمال والوعود، لكنه فوجئ ان طغاة المنطقة، وعلى رأسهم اسرائيل، لم يعاملوه مثلما فعلت ادارة جائزة نوبل التي منحته الجائزة لأنه… لم يفعل شيئا.
العالم الذي راقب بفزع اندفاعات القوة الامريكية العمياء في افغانستان والعراق خلال حكم جورج بوش الابن انتبه متأخرا ان تدخلات امريكا الوحشية لا يوازيها في نشر وتثبيت النتائج الكارثية الا وحشية عدم تدخلها عندما يحتاج العالم الى توازن يوقف نظاما محميا دوليا واقليميا عن ابادة شعبه.
ينطبق هذا الأمر على سورية كما ينطبق، بأشكال مختلفة، على فلسطين والعراق وبلدان أخرى تعاني من مسؤولية الادارة الامريكية عن كوارثها.
قد يكون أوباما عكس بوش ولكن عدم الردّ على اختلال العالم يطابق المشاركة في اختلاله ويؤدي الى النتائج الكارثية نفسها!
أوباما على خطى الأسد: الرد في الوقت المناسب!
بقلم: جورج سمعان عن الحياة اللندنية
الذين كانوا يقرعون طبول الحرب يمكنهم أن يستريحوا الآن. أمامهم ربما بضعة أيام أو أسابيع أو أشهر. الرئيس باراك أوباما اتخذ قراره بتوجيه ضربة إلى سورية، لكنه على مثال دمشق، ربما، هو الذي سيختار «التوقيت» المناسب! يستطيع شريكه ديفيد كامرون أن يتنفس الصعداء. لم يعد في حاجة إلى تقديم اعتذار إليه. بل يستطيع أن يمسح آثار الصفعة أو «الإهانة» التي وجهها إليه مجلس العموم برفض المشاركة في توجيه ضربة إلى نظام الرئيس بشار الأسد. كان ينظر قبل أيام بقلق إلى تحويل الرئيس فرنسوا هولاند فرنسا الشريك الأوروبي لأميركا، بدلاً من بريطانيا الشريك التقليدي، أو «حليفة الولايات المتحدة الجيوسياسية الأهم في العالم»، كما وصفها الرئيس فلاديمير بوتين. يمكن زعيم حزب المحافظين أن يطمئن اليوم. فالرئيس الأميركي أختار أن يقتدي بخطوته والتوجه إلى الكونغرس للحصول على موافقته.
كان في إمكان الرئيس أوباما الذهاب إلى الحرب بلا تفويض، وأمامه مهلة من ستين يوماً للعودة إلى الكونغرس من أجل شرح أسباب هذه الحرب. حتى عندما قرر الخروج على تردده فاجأ الذين انتظروا منه طويلاً التحرك بأنه يريد مزيداً من الوقت. هل خانته الشجاعة، أم خانته المواقف الداخلية والخارجية؟ وحتى عندما قرر أن يستعيد شيئاً من صدقيته بتغيير «قواعد اللعبة» إذا تجاوز النظام السوري «الخط الأحمر»، رهن هذا التغيير بالكونغرس. أدار ظهره للأمم المتحدة ومتاهة مجلس الأمن، لكنه أدخل قراره متاهة القضايا والانقسامات الحزبية الداخلية. ربما تذكّر بعدما ذكّره بعض خصومه بأنه كان يعارض، قبل وصوله إلى البيت الأبيض، اتخاذ الرئيس قرارات مصيرية كقرار الحرب من دون الرجوع إلى الكونغرس. لذلك قرر العودة إلى ممثلي الشعب الأميركي الذي أظهرت الاستطلاعات أن ثمانين في المئة منه يصرون على تفويض من الكونغرس.
التفت الرئيس أوباما حوله فلم يجد أحداً من أولئك الذين كانوا يعيبون عليه تقاعسه عن ممارسة دور بلاده القيادي في العالم. إنها عقدة الحربين على أفغانستان والعراق والتدخل في الصومال ونتائجهما التي لا تحتاج إلى شرح. وليست عقدة الأميركيين فحسب، بل عقدة غالبية الأوروبيين. انفض عنه شركاء كثيرون كانوا لشهور وأيام خلت يحضونه على ضرب هذا النظام بدعوى شروط الديموقراطية والوقوف على رأي الناخبين، حتى وإن بدا أن هذه الديموقراطيات تتراجع عما سعت إليه قبل سنوات عندما دفعت الأمم المتحدة، منتصف العقد الماضي، إلى شرعنة التدخل في الشؤون الداخلية للدول إذا استدعت الحاجة حماية المدنيين من خطر الإبادة. كان شبح تجربة حربي أفغانستان والعراق خصوصاً ماثلاً وأكثر حضوراً من الملف الكيماوي السوري، في مجلس العموم وفي عموم أوروبا.
كما هي الحال في أوساط الشعب الأميركي الذي يعارض أكثر من نصفه الخروج إلى أي حرب جديدة. وإذا كان لأعضاء الكونغرس أن يجاروا ناخبيهم هذه الرغبة فذلك يعني أن صفحة «الضربة» قد طويت... إلا إذا كان الرئيس ضمن مسبقاً موافقة صقور الجمهوريين على تنفيذ قراره بعيداً من المماحكات الداخلية. علماً أنهم كانوا يطالبونه بتحرك أقسى يطيح النظام السوري. وهم يتندرون اليوم أنه طالما ردد ويردد دعوته إلى رحيل الرئيس الأسد، فكيف يخطط لضربة لا يريدها سلفاً أن تغير في ميزان القوى على الأرض أو تطيح النظام في دمشق ما دام أنه بات يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة ومصالحها وحلفائها في المنطقة؟!
كثيرون يأخذون على الرئيس الأميركي تردده، بل تقاعسه، في كثير من المحطات والمنعطفات، وفي أكثر من قضية. شركاؤه في المحيط الهادي يستشهدون بموقفه من كوريا الشمالية. وحليفته الاستراتيجية إسرائيل تأخذ عليه مهادنته المفرطة في مواجهة الملف النووي الإيراني، وستزداد مآخذهم عليه. وشركاؤه العرب سجلوا ويسجلون عليه عجزه عن تنفيذ وعوده في القضية الفلسطينية، ورضوخه لغطرسة حكومة بنيامين نتانياهو. وبعضهم يأخذ عليه سكوته على ما جرى ويجري في سورية، وتهاونه أمام التحديات التي ترفعها روسيا وإيران في هذا البلد.
القرارات المصيرية رهن بأوقاتها. وقد فوت الرئيس الأميركي كثيراً من الفرص، وهذه لا تتكرر. لذلك يعتقد كثيرون بأن ثمة مشكلة قيادة في واشنطن. وسواء نفذ أوباما قراره بتوجيه ضربة أو خذله الكونغرس، فإن الظروف التي أحاطت بهذا القرار تكاد تفرغه من أي تأثير في مجرى الأزمة السورية. إذ لم يحدث أن استنفدت حرب هذا الوقت من الجدل العلني الذي أفقدها المفاجأة، العنصر الأهم في أي مواجهة ميدانية. ولم يسبق أن نالت حرب من قبل هذا الكم من الضجيج والتهويلات من هنا وهناك. كأن سورية فعلاً «أكبر تحد في عالم اليوم»، على حد ما عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. حرب «معلبة» سلفاً كأنها عمل هندسي له هيكلية واضحة: عقابية، تحذيرية، محدودة، جراحة تجميلية، مدروسة الأهداف، لن تسقط النظام، لن تغير في ميزان القوى على الأرض، ستعجّل الحل السياسي، وتقود إلى «جنيف 2»... إلى آخر هذه التوصيفات. كأن المطلوب سلفاً أن يستعد الخصم لتلقي الضربة. وأن يلتزم حلفاؤه الهدوء ما دام أن لا هدف لتغيير النظام أو حتى معالم مسرح العمليات!
من حق المعارضة السورية السياسية والعسكرية أن تعبر عن استغرابها لمنح الرئيس أوباما نظام الرئيس الأسد مزيداً من الوقت للاستعداد للضربة المنتظرة، تفادياً لخسائر جسيمة، أو لاختيار وسائل الرد بمساعدة حلفائه. ومن حقها أن تلقي باللوم على العالم الذي تردد ويتردد في نجدتها. وأن تندب «ربيعها» الذي أحاطت وتحوط به ظروف وتعقيدات وحسابات ومصالح إقليمية ودولية. ولكن ألا يجوز أن تسأل هذه المعارضة نفسها لماذا لم تستطع حتى الآن، بعد مرور عامين ونصف عام على ثورتها، وبعد سقوط أكثر من مئة ألف ضحية وكل هذا التدمير والتهجير في الداخل والخارج، كيف أنها لم تحسن تسويق قضيتها، ولم تتمكن من اقناع هذه «الديموقراطيات» الغربية بوجوب مساعدتها؟ ألا تسأل نفسها لماذا عجزت وتعجز عن اقناع «أصدقاء الشعب السوري» بوجوب مساعدتها ومدها بأسباب القوة سياسياً وميدانياً؟ ألم يحن وقت المساءلة وتغيير كل السياسة التي اتبعت منذ قيام «التحالف الوطني» إلى «الائتلاف الوطني»، أم أن العلة فقط في حلفائها الذين لم يعرفوا كيف يصطفون خلفها كما تقف موسكو وطهران خلف دمشق؟
الحديث عن «الضربة الأميركية» لم يعد مفيداً، سواء نفذ باراك أوباما قراره، أو خذله الكونغرس. ما دام الجميع، خصوصاً الراغبين في معاقبة الأسد، ليسوا مقتنعين بأن الحل العسكري هو الدواء الناجع للأزمة السورية. بل يتوخون من العملية «المحدودة» تحذيره من تكرار استخدام السلاح الكيماوي ودفعه إلى القبول بشروطهم للتسوية في «جنيف 2» أو «جنيف 3». ولعل الرئيس الأميركي استمع إلى بعض نصائح العسكريين الأميركيين المجربين بأن أحداً لا يمكنه التحكم بالمدى الذي تقود إليه الحرب بعد انطلاقها. وأن «الضربة» قد لا تظل محصورة بالساحة السورية. بل ربما لجأ النظام السوري إلى تحريك النار في دول الجوار. في حين أن واشنطن عللت قرع طبول التدخل ليس لردع دمشق عن اللجوء إلى الأسلحة المحظورة دولياً فحسب، بل لمنعها من تهديد الأمن القومي الأميركي، وتهديد جيرانها أيضاً، العراق والأردن ولبنان إلى تركيا وإسرائيل، كما سماهم أوباما.
في أي حال ان «الضربة المحدودة، أو «الجراحة المدروسة» قد تترك الأسد جريحاً. وهناك من يتوقع أن تدفعه نتائجها إلى مزيد من التشدد والقسوة في مواجهة خصومه. وقد لا يجد ضرورة لاستخدام السلاح الكيماوي، إذا كانت واشنطن بقرعها طبول التدخل أثبتت فعلاً أن تجاوز «الخط الأحمر» وحده سيدفع إلى تغيير «قواعد اللعبة» التي حصدت حتى الآن ما حصدت من أرواح... وإذا كان على العالم أن ينتظر موقف الكونغرس، فإن قمة قادة الدول العشرين في بطرسبورغ قد تشكل محطة هي الأخرى. فهل يلقى الرئيس أوباما التفويض اللازم أيضاً من شركائه؟ وهل يقنع الرئيس فلاديمير بوتين الذي قدم إليه تأجيل تسليم صواريخ «اس 300» إلى سورية لثلاث سنوات، فلا يخرج سيد الكرملين «منتصراً»، كما خرج من قمة الثماني في إرلندا الشمالية منتصف حزيران (يونيو) الماضي.
انسوا أوباما!
بقلم: عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
صحيح أن تردد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتأجيله الضربة العسكرية التأديبية التي توعد بها نظام بشار الأسد في سوريا، سبب القنوط عند البعض، وأفرح النظام في دمشق، مع هذا على المعارضة أن تدرك أنها وحدها مسؤولة مسؤولية كاملة عن تحرير بلادها، سواء بعون من دول كبرى أو من دونها. ويفترض أن يقتنع حلفاء المعارضة، من دول عربية وأجنبية، أن واجبهم مضاعفة دعم الجيش السوري الحر ليقوم بهذه المهمة، ومنع غيره من الوصول إلى دمشق وحكم البلاد. نحن في ساعة السباق نحو العاصمة رغم كل التحصينات ورغم حتى استخدامه للأسلحة الكيماوية.
ورغم تلكؤ الرئيس أوباما اليوم ما زلت أتوقع أن يفعلها لاحقا، ويلعب دورا رئيسا في إسقاط نظام الأسد. السبب ليس فقط لأن في دمشق نظاما شريرا تمادى في حرب الإبادة ضد شعبه، بل أيضا لأن أمن أميركا ومصالحها ستفرض عليها التدخل. فقد أصبحت سوريا أكبر مزرعة لإنتاج الإرهابيين تستقطب مقاتلين من أنحاء العالم، وغاية هؤلاء استهداف قوى أساسية مثل الولايات المتحدة. نظام الأسد مهّد للمتطرفين دخول الحرب، اعتقادا منه أن ذلك سيدفع الدول الغربية لمساندته ضدهم، كما وقفوا إلى جانب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من قبل، وغيره.
وقد يتساءل البعض مستنكرا، فعلا لماذا نتوقع أن يصطف أوباما إلى جانب هذه الجماعات الجهادية لإسقاط الأسد، وليس العكس؟ السبب أن نظام الأسد سقط فعلا، لم يعد يحكم معظم سوريا. وفي غياب نظام مركزي تنجرف سوريا لتصبح مثل أفغانستان والصومال. وفي هذا الفراغ والفوضى وجدت القوى الجهادية تربة خصبة، ولعبت على مشاعر مئات الملايين من المسلمين في أنحاء العالم الذين رأوا في سوريا مأساة لا يمكنهم السكوت عنها. سيأتي اليوم الذي يدرك فيه الأميركيون أن الدخول في سوريا ضرورة أمنية لا فكاك منها.
لكن إلى ذلك الحين، على المعارضة السورية نسيان الدور الدولي، والدور الأميركي، وعليهم أن يقتلعوا النظام السوري بأيديهم. هذا واجبهم، وهي قضيتهم، ولو أن المعارضة المسلحة والسياسية تمكنت من ترتيب أوضاعها، فهي قادرة على الإطاحة بنظام الأسد اليوم أكثر من أي وقت مضى. فالدعم الخارجي، من إيران وروسيا، استنفد معظم طاقته، وقد وجد حلفاء الأسد أنهم يدعمون جثة هامدة، وبالتالي لا قيمة لكل ما يفعلونه اليوم سوى أنهم يؤخرون دفن النظام أشهرا أخرى.
بانتظار التاسع من أيلول أو الحادي عشـر منه
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
بإحالته ملف “الضربة العسكرية لسوريا” إلى الكونغرس، يكون الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قد منح الدبلوماسية، عن قصد أو من دونه، فسحةً من عشرة أيام، لتفعل فعلها في احتواء الموقف ووقف التصعيد،وإعلاء شأن الخيار التفاوضي والحلول السياسية للأزمة السورية، تحت مظلة “جنيف 2”.
وثمة تطوران هامان، يتعين مراقبتهما خلال الأيام القادمة، لمعرفة الوجهة التي ستسلكها الأحداث والتطورات، وسيكون لهما أثر هام على مداولات الكونغرس وقراراته النهائية ... الحدث الأول، ويتمثل في اجتماعات قمة العشرين، وما سيحصل على هامشها من لقاءات ثنائية، أهمها لقاء أوباما – بوتين، وهذه قد تكون فرصة “ربع الساعة الأخير”، قبل “الضغط على الزناد”، فإن حصل تقدم/اختراق على مسار التوافق الروسي الأمريكي، سيكون لذلك أثر بالغ في توجيه قرارات الكونغرس الأمريكي، وإن ظلت مواقف القطبين على حالها، تعاظمت احتمالات الخيار العسكري، وليس مستبعداً في حالة كهذه، أن تختار واشنطن يوم الحادي عشر من سبتمبر موعداً لتنفيذ ضرباتها العسكرية، لما لهذا اليوم من دلالات رمزية في الوعي والوجدان الجمعي الأمريكي، فتبدو الحرب الأمريكية على “الكيماوي” امتداداً للحرب الأمريكية على الإرهاب.
الحدث الثاني، ويتمثل في انتهاء لجنة التحقيق الدولية من إعداد تقريرها حول ما جرى في الغوطة الدمشقية، صحيح أن التقرير “سيُجهّل الفاعل”، لأن الكشف عن هويته ليس من صلاحيات الفريق، بيد أن الكشف عن أنواع المواد الكيماوية المستخدمة، وطرق استخدامها، وكل ما يحيط بالجريمة من ملابسات، قد تساعد في كشف الفاعلين والمتسببين، وكلما كان التقرير أكثر تحديداً وتفصيلية، كلما ساعد على حسم الجدل الدولي عن الجهة المسؤولة عن الجريمة، أما مراوحة التقرير في دائرة “الغموض” و”العمومية الفضاضة” فسيدفع كل فريق للتمسك بروايته.
في هذه الأثناء، ستكون لدى قنوات الاتصال الدبلوماسية، الخلفية منها والأمامية، فسحة للعمل على تدوير الزوايا الحادة في مواقف الأطراف، وسوف تتاح للرأي العام الدولي، فرصة أرحب للتعبير عن موقفه من الحرب / الضربة، وفي هذا السياق، تشخص الأنظار إلى اجتماعات البرلمان الفرنسي الأربعاء المقبل في باريس، فإن قرر أن يحذو حذو مجلس العموم، مستنداً إلى الغالبية الشعبية المناهضة لاشتراك فرنسا في أي عدوان على سوريا، سيكون قد بعث برسالة قوية إلى الكونغرس، بصرف النظر عمّا إذا كان قرار البرلمان ملزماً لحكومة هولاند أم لا، أما إذا نجح الرئيس الفرنسي المتحمس لاستعادة أمجاد بلاده الكولونيالية في هذه المنطقة، فستكون تلك رسالة مشجعة لصقور الكونغرس ومحافظيه الجدد والقدامى.
على أية حال، لقد انطوى قرار الرئيس الأمريكي برمي الكرة إلى ملعب الكونغرس، العديد من الأسئلة والتكهنات، بعض حلفاء سوريا، اعتبروه نصراً لمحورهم الذي أظهر تماسكاً استثنائياً، وفي ظني أن هذا التقييم ينطوي على ادّعاء مبالغ فيه ... فالرئيس الأمريكي، كان أعلن قبل عدة أيام، أنه لن يذهب إلى الحرب منفرداً، فإن استعصى عليه استصدار قرار عن مجلس الأمن (وقد استعصى الأمر فعلاً)، فسيلجأ إلى تشكيل ائتلاف دولي عريض، وهي مهمة تعرضت لصفعة قوية بعد انسحاب بريطانيا من المعادلة إثر قرار مجلس العموم، وبعد الانقسام الذي شهده “حلف الناتو” وأخرجه من دائرة النار والمعارك، ولم يتبق أمام أوباما سوى البحث عن مظلة الكونغرس، وهذه بدورها أقل المجازفات كلفةً، فإن نجح في الحصول على التفويض، وهذا محتمل، يكون قد وزّع دم السوريين على القبائل الأمريكية من جمهوريين وديمقراطيين، وإن فشل في مسعاه، يكون قد ردّ الكرة إلى الأمة وممثليها في مجلسي الكونغرس، وخرج بمظهر “البطل الديمقراطي”، الذي تنازل طوعاً عن بعض صلاحياته، انسجاماً مع إرثه الرئاسي، الذي طالما انتقد أسلافه لعدم رجوعهم إلى المنتظم الدولي أو الكونغرس قبل الخروج إلى خنادق الحرب والقتال.
صحيح أن أوباما وأركان إدارته، كانوا منهمكين في قياس حجم وطبيعة ردّات فعل النظام السوري وحلفائه، وصحيح أيضاً، أن وجود امتداد إقليمي ودولي للنظام في دمشق، كان على الدوام (من بين أسباب أخرى)، مدعاة للتردد في استحضار أيٍ من سيناريوهات الحروب السابقة، لكن الصحيح كذلك، أن واشنطن، تعلم علم اليقين، حدود ردّات الفعل هذه وأوزانها، والأرجح أنها لم تؤخذ بالتصريحات النارية المتطايرة في وسائل إعلام “محور المقاومة والممانعة”، التي تذكر بدورها بـ”السيناريو العراقي”، ولكن من المقلب الآخر: مقلب الوزير الصحاف والناطقين باسم نظام الرئيس الراحل صدام حسين.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد ذهب صدام حسين ونظامه في لحظة انتقال تاريخية نادرة بين نظام الحرب الباردة ونظام القطب الواحد، في حين أن بشار الأسد ونظامه، يكابد للبقاء في لحظة انتقال مشابهة، بين نظام القطب الواحد، ونظام التعددية القطبية الآخذ في التشكل على المسرح الدولي الآن ... مصير صدام حسين قرره “العصر الأمريكي” والقوة الأمريكية التي لا رادّ لها، أما مصير بشار الأسد، فسيكون الاختبار الأول لمعادلات النظام العالمي الجديد وتوازناته الدقيقة.
على أية حالة، لقد طاشت جميع التقديرات، ومن بينها تقديراتنا، بأن الضربة العسكرية ستسبق اجتماعات بطرسبورغ، لكنها ما زالت خياراً مطروحاً على جدول أعمال الأزمة السورية، وإن لم تُملْ الفترة الممتدة حتى اجتماع الكونغرس بالنشاط الوقائي والاستباقي، فإن من المرجح أن نعود لممارسة طقوس القلق والتحسب والانتظار، بعد تسعة أيام على أبعد تقدير.
ما وراء الأخبار.. تآمر آل سعود
بقلم: محي الدين المحمد عن تشرين السورية
يصر آل سعود على الاستمرار في التآمر على العروبة والإسلام لإكمال مسيرة العمالة التي ميزت تاريخهم عبر عقود من الزمن، هؤلاء الذين ناصبوا العداء للرئيس جمال عبد الناصر، ولكل من حمل راية القومية من قبله ومن بعده.
لقد حول هؤلاء أرض الحجاز ومحميات الخليج إلى خنجر مسموم طعنوا به العراق كما طعنوا به مصر وسورية وليبيا والجزائر، واستجلبوا الآلة العسكرية الأميركية إلى قواعد في بلادهم، فكانت الأكبر والأكثر خطورة على الأمن والسلم الدوليين.. كما حولوا الجامعة العربية من مؤسسة يجب أن توحد كلمة العرب وتقف في وجه أميركا و«إسرائيل» إلى مجرد مركز يحلل المحرم ويحرم الشرعي مع محاولة إسباغ الشرعية على الأعمال العدوانية التي تمارسها أميركا و«إسرائيل» مع دول الاستعمار القديم ضد سورية وضد شعوب المنطقة.
وفي هذا السياق، جاء اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم أمس لتقديم غطاء شرعي للعدوان الأميركي المرتقب على سورية، على الرغم من رفض مجلس العموم البريطاني بأغلبية ساحقة الموافقة على مشاركة حكومتهم في هذا العدوان، وكذلك رفض العديد من الدول الأوروبية، وكندا ومعظم الحلفاء السابقين لأميركا المشاركة في هذا العدوان أو الموافقة عليه...
ومع أن رفض تلك الجهات للعدوان ليس حباً بالدولة السورية لكننا نعد هذا الموقف رفضاً واضحاً لمكافأة جبهة النصرة وغيرها من فروع القاعدة على قتل المدنيين في خان العسل وفي الغوطتين بالغازات السامة، ورفض شعوب تلك الدول مناصرة نابشي القبور والصدور ومفجري السيارات المفخخة والعبوات الناسفة.. مع تأكيدنا أيضاً أن آل سعود ومن يصطف معهم على طريق التآمر والعمالة لم يفهموا هذا التحول الكبير في الرأي العام العالمي لمصلحة سورية ولمصلحة الدول التي تدافع عن حقوقها وعن مصالحها وعن وجودها.. كما لم يفهموا ما يمكن أن يتمخض عن العدوان المرتقب من نتائج كارثية على محور العدوان الذي بات مكشوفاً ويسارع للزج بنفسه مع المجموعات الإرهابية التي تمارس جرائمها فوق الأرض السورية بعد أن كان يتلطى خلفهم.
إن الشعب السوري الذي لايتمنى أن تتورط الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في العدوان عليه أكد ويؤكد من جديد أنه قادر على صد العدوان وإعادة النيران التي يحاول إشعالها حلف التآمر على سورية إلى مصادرها وعندها لن تنفع آل سعود وحكومة أردوغان و«إسرائيل» عباءة الحماية الأميركية لأنها لن تكون بعيدة عن نيران ربما تلتهم كل شيء.
الإسلام الأميركي (1 - 2)
بقلم: موسى معرفي عن القبس الكويتية
• ما أطلقته رايس تصريحاً قبل 9 سنوات هو اليوم مشروع ينفذ على أرض الواقع بنشر الفوضى الخلّاقة وتفتيت دول منطقتنا وشعوبها.
تتوالى الأحداث حولنا يوماً بعد يوم، تفجير سيارات مفخخة في العراق، وحرب أهلية في سوريا، واغتيالات وتفجيرات في لبنان، وحرب في ليبيا، وتظاهرات في البحرين، واعتصامات وتظاهرات في مصر، هذه كلها أوضاع غير مستقرة على مدى منطقة الشرق الأوسط العربي، وهي بلا شك ليست وليدة الساعة، بل هي ضمن مخطط رهيب لخلق حالة من الفوضى الخلّاقة، التي أعلنتها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليسا رايس، إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان في أغسطس 2006، وهي في سياق تصريح مهم انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي لرئيس الاستخبارات المركزية الأميركية الــ«سي آي أيه» جيمس وولسي في العام نفسه، والذي أعلن في حينها «سنصنع لهم إسلاماً يناسبنا، ثم نجعلهم يقومون بالثورات، ثم يتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية ومشكلات داخلية وفتن طائفية ومن بعدها سيتقدمون إلينا زاحفين وسوف ننتصر». وذكر في سياق الحديث أن حكومات سوريا وليبيا ومصر وغيرها يجب أن تذهب وتحل محلها حكومات أخرى، كل ذلك الكلام وسط تصفيق الحضور، ومر مرور الكرام منذ ذلك الحين دون اهتمام من حكومات المنطقة، وكأن ذلك لا يعنيهم.
ومن هنا، بدأ العمل الحثيث من قبل المخابرات المركزية الأميركية باستغلال الدين وسيلة لتحقيق هذه الأهداف، خصوصاً أن الهدف المنشود هو التخلص من الأنظمة التي خدمت السياسة الأميركية في المنطقة باستبدالها بقيادات جديدة للمرحلة المقبلة، وأصبح دورها مكشوفاً لدى شعوبها بعد أن أثبت تاريخ المنطقة، في السنوات الأخيرة، تنامي تيار الإسلام السياسي، وفشل التيارات القومية غداة انتصار الكيان الإسرائيلي في حرب 1967.
في العلاقات بين الدول لا وجود لصديق دائم كما لا عدو دائم، حيث تبنى على المصالح المشتركة. بالنسبة للولايات المتحدة يهيمن مجلس الأمن القومي والذي تتحكم فيه الصهيونية في رسم السياسة الخارجية بغض النظر عمن يتبوأ الرئاسة، ذلك لأن الرئيس هو صورة لمؤسسة الرئاسة والسياسة الخارجية الأميركية ثابتة، خصوصاً فيما يتعلق بوجود إسرائيل وأمنها.
حينها تحركت عقارب الساعة للبدء في تنفيذ المخطط المتشعب والذي سمي بـ«الربيع العربي» الذي نشهده اليوم، بدأت الفوضى الخلّاقة في السنوات الأخيرة بنشر الفتن والكراهية بين أطياف المجتمعات العربية، بهدف تقطيع أوصالها، وذلك بخبث ودهاء ومكر الصهيونية العالمية الذي انبثق من كتب العقل المدبر جين شارب والذي عمل مستشاراً في وزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي.
عندما قرّر أوباما اللجوء إلى «الاستخارة»
بقلم: محمد صادق الحسيني عن الأخبار البيروتية
مخطئ من يفكر أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تراجع احتراماً لإرادة البرلمان. ومخطئ أيضاً من يفكر أن إسرائيل بلعت الموسى نزولاً عند رغبة سيدها الأميركي، تماماً كما هو مخطئ من يفكر أن الرئيس باراك أوباما تراجع احتراماً للكونغرس واللعبة الديمقراطية.
لا يا إخوان، اسألوا عن فحوى الرسائل التي أبلغها الإيرانيون إلى جيفري فيلتمان والسلطان قابوس في زيارة «الصدفة» المزدوجة لطهران. لجيفري فيلتمان قالوا: إن كان رئيسك الأساس جاداً في الحديث عن «جنيف ٢»، فعليك أن تذهب الى دمشق وتفاوض فيصل المقداد ومن ثم يسارع رئيسك للدعوة إلى المؤتمر تحت سقف الأسد، ونقطة على أول السطر.
ولجلالة السلطان قالوا: إن كنت تريد منع الحروب وتبعد شظاياها ودخانها عن المياه الدافئة، وهي رغبة ملحة ودائمة لديك، فما عليك إلا أن تفهم أصدقاءك في لندن وواشنطن أن عليهما الإذعان أن دمشق أضيفت الى بنت جبيل باعتبارها خط الدفاع الأول لجبهة المقاومة، وإلا فلينتظروا «فيتنام ٢» ويوم القيامة. وانطلقت ماكينة المشاورات والاتصالات حتى ارتجفت واصطكت ركبتا أوباما وركع عند بوابات دمشق يلتمس لنفسه عذراً بغطاء ديمقراطي.
لا شيء يحصل على سطح هذه الارض بالصدفة، لأن مفهوم الصدفة يتعارض مع السنن الكونية. ولكن لماذا ظل الحديث يجري وبقوة خلال الفترة الاخيرة، وانطلاقاً من الحدث السوري، عن سايكس بيكو جديد أو «سايكس بيكو ٢»، وظلوا يروّجون كثيراً لمؤتمر «جنيف ٢» ويقولون إنه لا يمكن أن ينجح إلا إذا حصل ثمة تكافؤ ميداني على الارض السورية بين من يسمونهم المعارضة وبين الدولة المركزية في دمشق.
في هذه الأثناء، ثمة من ظل يتساءل بقوة عن سبب بقاء الوسيط الدولي العربي الاخضر الابراهيمي في مهمته، رغم أنه خرج أو يكاد تماماً من التأثير على مشهد التحولات السوري. ثمة من يرد فيقول إن ذلك ما كان ليحصل لولا أنه لا يزال يراهن ويعمل على تحقيق حلمه بـ «طائف ٢» يراه الحل الوحيد للأزمة السورية، وأنه يلقى دعماً وإسناداً من أوساط دولية هي من تدير المعارك على الارض السورية بطريقة تمنع أن تحصل فيها الغلبة لأي طرف على الطرف الآخر، لتخرج منها معادلة «جنيف ٢» بالقراءة الاميركية، أي من دون استمرار الاسد الى نهاية ولايته في ربيع عام ٢٠١٤.
وفجأة يقرر ما يسمى المجتمع الدولي، وغالباً ما يقصد به أميركا وإنكلترا وفرنسا وربيبتهم المدللة إسرائيل، أن المطلوب ضرب العمود الفقري للدولة السورية، أي الجيش العربي السوري. وكلنا يعرف ماذا يعني ذلك في ما لو نجحوا ـــ لا سمح الله ـــــ في مهمتهم الأخطر، أي القضاء على آخر ما يجمع قوام المجتمع السوري الموحد والدولة السورية الواحدة، خاصة إذا علمنا أن الجيش السوري هو الجيش العقائدي الوحيد بين الجيوش العربية، أي الجيش القومي الوحيد العابر للدولة القطرية، والذي يعتبر فلسطين قضيته الاولى وليس حماية حدود سايكس بيكو.
هل يعني ذلك فعلاً أننا وصلنا الى نهاية المطاف في رحلة المراوحة بين المتحاربين بالنيابة والوكالة في سوريا، وبين الدولة المركزية (القطرية)، فلزم الأمر التخلي عن الوكيل ودخول الأصيل على خط المنازلة لتبدأ الرحلة الماراتونية الى «سايكس بيكو ٢»؟ كان التخوف، حتى وقت قريب، أن يقع الروس في خديعة من نوع جديد مع هذا المجتمع الدولي، ليست على غرار العراق أو ليبيا، ويقبلوا بالتخلي عن بشار الاسد في مقابل الاحتفاظ بنفوذ ما لهم في سوريا والمتوسط، أي القبول بـ«جنيف ٢» بقراءة أميركية تحت ضغط ورقة الكيميائي المفبركة.
وعندئذ، قد يقررون إمرار ضربة محدودة مكرهين، بحجة أنها لن تسقط دمشق ولكنها تأتي بالأسد منهكاً الى «جنيف ٢» ليوقّع على نهاية سوريا الأسد «بالعافية»، كما يقول إخواننا المصريون، بعد انتهاء ولايته، في مقابل حصة من النفوذ في المتوسط ولكن بالاشتراك مع الأميركيين. وهو حلم واشنطن الوحيد المتبقي في المنطقة، والذي لن يتحقق، لأن هذا ما لن تسمح به إيران الثورة الاسلامية مطلقاً.
من هنا جاءت مقولتها: إن سوريا (الشام) هي خطنا الأحمر، ومن يريد النزول الى أراضيها أو الاعتداء عليها، عليه أن يحمل تابوته» معه، كما جاء على لسان الجنرال قاسم سليماني، قائد «جيش القدس» في الحرس الثوري الايراني، فيما أكد قائد قوات الحرس كلها، الجنرال محمد علي جعفري، تحويل سوريا الى فييتنام جديدة ستكون أثمانها هذه المرة نهاية دويلة الكيان الاسرائيلي، ما يعني أن طهران قررت مواجهة مقولة «سايكس بيكو ٢» بـ«فيتنام ٢». ماذا يعني هذا في علم الجيو استراتيجيا؟ هذا يعني أن مياه المتوسط بالكامل باتت أو تكاد مياهاً عربية إسلامية مقاومة، وكل ما فيها من خيرات نفطية وغازية ونفوذ استراتيجي هو في مربع جغرافيا جبهة المقاومة السياسية، ونقطة على أول السطر.
هل تستطيع واشنطن أن تحمل هذا التحول الجيوستراتيجي الأخطر بعد إذعانها مكرهة لوصول أقدام الايرانيين الى شواطئ المتوسط وتموضعها بنحو نهائي هناك منذ حرب تموز المجيدة في عام ٢٠٠٦؟ أم باتت مكرهة ومحشورة بين مطرقة «جنيف ٢» بقراءة روسية ــ إيرانية، ما يعني تكريس النفوذ الإيراني بتوقيع أميركي، وبين سندان «فييتنام ٢» التي ستجعلها تخسر أهم وأخطر مواقع نفوذها في المتوسط، لتنهي بذلك دويلة إسرائيل وتعلق نشاطها الإمبراطوري في هذه المياه المتوسطية الى الأبد؟ هنا قرر أوباما التأمل، وخطرت في باله فكرة «الاستخارة»، كما ورد على لسان جمهور واسع من الناشطين على شبكة التواصل الاجتماعي تهكماً، فخرج كما كتبوا بالجواب الآتي: «ساويت استخارة ما انشرح صدري اضرب سوريا الآن».
ولانه ليس في عالم باراك حسين أوباما، بل واقع بين المطرقة والسندان الآنفي الذكر، فقد لجأ الى حيلة: صحيح أنني مفوّض بالحرب والسلام، لكن الأفضل لي كديمقراطي أن أعود إلى الكونغرس وأتشاور معه، ولسان حاله يقول لعله ينزلني من الشجرة، أو كما يقول المثل: «اللي طلع الحمار على الميذنة ينزلوا».
الجدار العازل
بقلم: رانيا حفني عن الأخبار البيروتية
ظهرت فى أعقاب الثورة المصرية فى سيناء قوى متشددة تتبنى أفكار الجهاد والتكفير والهجرة من أبرزها: شورى المجاهدين، وأنصار الجهاد، والتوحيد والجهاد: وتركزت ضربات المسلحين المتشددين فى مناطق الشيخ زويد والعريش ورفح فى محافظة شمال سيناء، وقد دفع ذلك القوات المصرية إلى ملاحقتهم فى مناطق عدة من شبه جزيرة سيناء، أبرزها منطقة جبل الحلال جنوب العريش، أما فيما يتعلق بحجم السلاح فقد تضاعف فى سيناء منذ ثورة 25 يناير بنسبة 50%، ولذا فإنه من المؤسف أن تكون سيناء حالياً هى المنطقة الرخوه فى الجسد المصرى، رغم ما دفعه المصريون من دماء وأرواح أبنائهم لأجل تحرير هذا الجزء الاستراتيجى فى الخريطة المصرية، الذى أصبح مطمعاً للتدخلات الخارجية، وبوابة مكشوفة لتهديد الأمن القومى المصرى.
ولقد كان العام الذى حكم فيه الإخوان مصر هو العصر الذهبى فى علاقة حركة «حماس» مع نظام الحكم الإخوانى فى مصر، الذى سعت فيه حماس لتحقيق معظم أهدافها الاستراتيجية فى سيناء من استيلاء على أراض ومنازل، وتجنيس للفلسطينيين بالجنسية المصرية، ومد النفوذ الحمساوى إلى معظم مدن وقرى سيناء، وزيادة عدد الأنفاق، بل انتقل نفوذ حماس من سيناء إلى داخل المحافظات المصرية.
أما على الصعيد الداخلى فى مصر، فقد قرر الإخوان بالتعاون مع حماس استغلال الفراغ الأمنى، الذى حدث عقب ثورة 25 يناير، والاستفادة منه بتسلل عناصرها إلى سيناء، وداخل مصر، لخدمة أهداف جماعة الإخوان فى السيطرة على الحكم فى مصر، واعتقدت أن نظام حكم الإخوان سيمكنها من فتح معبر رفح على مصراعيه أمام غزو جحافل الفلسطينيين لسيناء، والسيطرة عليها. كما عملت حماس على تنفيذ المخطط الأمريكى الإسرائيلى القديم والحديث والمعروف باسم «جيورا أيلاند» لاستحواذ حماس على 750 كم2 من شمال سيناء حتى العريش، وضمها إلى قطاع غزة، لإقامة ما يسمى «غزة الكبرى»، لتكون مقراً لدولة فلسطين المستقبل، مع ضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية.
واليوم المشكلة تتعلق بعدد يقدر بألوف العناصر الجهادية، التى تستخدم أسلحة متطورة فى محاولة لإقامة إمارة إسلامية فى المنطقة «ج» الممنوع دخول الجيش المصرى فيها وفقاً لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، حيث تقع هذه المنطقة بين رفح والعريش، مما يحثنا على استكمال الجدار العازل حماية لأمن مصر القومى.
ولعل من أبرز الأمثلة التى قامت بها دول أخرى لبناء الجدران العازلة ما شرعت فيه السعودية فى 2006 على طول حدودها مع العراق الممتدة على مسافة نحو 900 كم... كما قامت المغرب فى مطلع الثمانينيات ببناء فى الصحراء الغربية عدد من الجدران بطول 2300 كم، وارتفاع يتراوح بين مترين وثلاثة أمتار، لمنع تسلل ناشطى جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب. أيضاً شرعت فرنسا مع بدايات الحرب العالمية فى بناء خط «ماجينو» الدفاعى، لحماية أراضيها من هجوم ألمانى محتمل، واستمر بناء الخط على مدى عقود انتهى أمره بأن اجتاحته القوات الألمانية فى 1940.
كما بنت ألمانيا خط «سيغفريد»، وجدار الأطلسى الممتد من النرويج إلى فرنسا، ويبقى الجدار الأقدم على الإطلاق سور الصين العظيم، الذى بنى فى القرن الثالث قبل الميلاد بطول نحو سبعة آلاف كم، وارتفاع يزيد على ثمانية أمتار، وعمق يصل إلى أكثر من ستة أمتار، وكان الهدف من ورائه حماية الإمبراطورية الصينية من هجمات البرابرة، ومؤخراً تعتزم إسرائيل أن تقوم ببناء جدار مائى بين مدينتى إيلات وطابا، استكمالاً للجدار العازل على الحدود المصرية - الإسرائيلية، نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية فى شبه جزيرة سيناء. يأتى ذلك فى الوقت الذى اقتربت فيه إسرائيل من بناء آخر 15 كيلومترا من الجدار العازل على الحدود المصرية، الذى يمتد من إيلات شمالاً وحتى معبر كرم أبوسالم جنوباً، ويبلغ طوله 220 كم.
من ناحية أخرى تسارع السلطات السعودية فى عملية بناء الجدار العازل على حدودها مع اليمن، لإيقاف عمليات التسلل، وتهريب السلاح والمخدرات، حيث تراوح معدل من يتم ترحيلهم بين 1000 و2000 متسلل أسبوعياً غالبيتهم من إثيوبيا، تشاد، النيجر والصومال.
وأخيراً يبقى أن نعمل على تنمية سيناء سواء على المستوى القومى أو الإقليمى أو المحلى، وذلك لتدعيم المكانة الدولية لمنطقة القناة وسيناء، وتعظيم دورها فى مجالات الاستثمار والتجارة الدولية، انطلاقاً من موقعها الجغرافى المتميز، ومقوماتها الطبيعية والاقتصادية، ولتقوية أواصر العلاقات الاقتصادية بدول الجوار العربية، والشرق أوسطية، وحوض البحر الأبيض المتوسط، ولتعزيز القدرات التصديرية للمنطقة سواء فى المجالين السلعى أو الخدمى، ودمج سيناء فى الكيانين الاجتماعى والاقتصادى للدولة.
كما أنه من الضرورى إدخال الزراعة فى منطقة جنوب سيناء باعتبارها ذات أهمية خاصة، لاعتمادها على النشاط السياحى، وذلك لدعمها ويمكن الاستفادة من مياه وادى تير قبل أن تصب فى خليج العقبة من خلال إقامة السدود التحويلية مع تسهيل الإجراءات الإدارية، بهدف تعمير وفتح أفق الاستثمار فى سيناء الغالية.
الخروج عن النص ... متى يعلن الربيع الخليجي؟
د.مطلق سعود المطيري عن الرياض السعودية
أعاد إعلان الضربة العسكرية الأمريكية للنظام السوري الاعتبار المنطقي لاحياء دعوة خادم الحرمين الشريفين الداعية للتحرك للأمام بمجلس دول الخليج من التعاون الى الاتحاد.
فالمخاوف التي تفصح عن ذاتها كلما حطت أزمة سياسية بثقلها في المنطقة هي مخاوف لها أبعاد كارثية لا يطمئن القيادة الواعية بحقيقة تلك المخاوف إلا مع وجود قوة فعلية للتعامل معها؛ فكل خيار غير خيار بناء قوة عسكرية تحت ظل سياسة موحدة سيجعل من كل أزمة سياسية تضرب المنطقة استثماراً مجدياَ لتجار الأزمات الذين يروا أن دول الخليج هي الجهة التي تستهدفها استثماراتهم ودول الخليج دائما ما تستجيب لمساعيهم حفاظاً على بيئتها المستقرة والآمنة ' فدعوة خادم الحرمين الشرفين لاتحاد دول المجلس أرادت أن تبطل استثمارات تجار الأزمات من خلال صناعة قوة حقيقية تتعامل مع الأزمات بمنطق المخاوف التي تثيرها.
الحديث عن اتحاد مجلس الخليج في توقيت إعلان واشنطن الضربة العسكرية لنظام الأسد ليس حديثا هامشياً بعيداً عن حدود الأزمة ولكنه في قلبها، فطهران تحذر من إشعال المنطقة والرئيس السوري يقول ان النار ستصل إلى كل مكان في المنطقة، قد يعتبر البعض ان تلك التحذيرات فائدتها دعائية لا أكثر؛ وهي من الناحية الدعائية كذلك ولكنها من الناحية الاستراتيجية تحذيرات حقيقية بسبب الوضع الهش في المنطقة وحساب بناء النفوذ والانقسامات الطائفية، فطهران كما يقول المحلل السياسي الإسرائيلي روبين ديتكو في إجابته على سؤال عن احتمال قيام طهران عن طريق حليفها حزب الله بنقل المعركة لإسرائيل: "إن إسرائيل ليست العدو الصحيح لطهران فأسلحتها موجهة لدول الخليج وليست لإسرائيل" وتلك حقيقة ليست خافية عن كل متابع لسلوك طهران الإجرامي في المنطقة.
نعرف ان سورية ومعها طهران لن يشنا غارات جوية أو إطلاق صواريخها على دول الخليج إذا ما تعرض نظام الأسد لضربة عسكرية فكل ما باستطاعتهما عمله هو تحريك خلايا إرهابية عميلة لهما في المنطقة للقيام بأعمال تخريبية وهو سلوك إرهابي تعاملت معه دول الخليج في السابق ولكنها لم تقض عليه تماماً بسبب التعاون المؤكد بين طهران والجماعات الإرهابية التي لها أكثر من شكل مثل القاعدة أو دعاة إصلاح سياسي مثل جماعة الإخوان المسلمين.
فإعادة الاعتبار وبقوة لدعوة خادم الحرمين الشريفين القاضية باستبدال صيغة التعاون بصيغة الاتحاد قدمته الظروف المشتعلة التي لا تطفئها مياه الدبلوماسية مهما سلكت من دروب آمنة ولكن تطفئها نيران القوة العسكرية الموحدة بأهدافها ومخاوفها وسلاحها.
الهجوم الأميركي على سورية والشارع العربي بين العام 1990 و2013
بقلم: جعفر الجمري عن الوسط البحرينية
في العام 1990 هبّ الشارع العربي وبترخيص من حكوماته تنديداً بالغزو العراقي للكويت. كانت الهبّة بصمت رسمي عنها في اتساعها؛ ولكنها صادقة في تعاطفها وتنديدها بأول غزو/ حماقة يرتكبها نظام عربي بغزوه بلداً عربياً جاراً.
كانت هبَّة مطلوبة لامتصاص شيء من الغضب الذي قد يبرز مع تحرّك أكثر من نصف مليون جندي من دول التحالف وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، وتمركزهم في شبه الجزيرة العربية، في أول سابقة في تاريخ المنطقة يحتشد فيها ذلك العدد من الجنود متعددي الجنسيات.
في العام 2003، كان الشارع العربي هذه المرة أمام غزو قامت به الدولة التي كانت قائدة التحالف الدولي لتحرير الكويت. كان أمام غزو أميركي للعراق.
كان العنوان والمبرّر السهْل الممتنع: امتلاك نظام صدام حسين لمنظومة من الأسلحة الكيماوية، وهناك تخوّف من استخدامها في استذكار لتجربة المجزرة الشهيرة: حلبجة، التي راح ضحيتها مئات من الأطفال والنساء والشيوخ من الأكراد.
انشقاق مفتشين دوليين وقتها، وفضحهم للنوايا الأميركية بمهاجمة العراق؛ على رغم عدم وجود أدلة بامتلاك العراق لتلك الأسلحة؛ إلا أن الغزو تم من دون الالتفات إلى تفويض من مجلس الأمن أو الرجوع إليه أساساً. كان القرار أميركياً وبإسناد من دول في المنطقة هي على تحالف تقليدي وعريق لا يمكن لحاسّة أن تغفل عنه!
كانت عيون الشارع العربي مركّزةً على إسقاط أعتى وأشرس طاغيةٍ عرفه التاريخ العربي القديم والحديث (صدام حسين). العراقيون في الدرجة الأولى – ولأكن أكثر تحديداً – في غالبيتهم يبحثون عن الخلاص المستحيل: إسقاط حكم العائلة/ الحزب الذي نهب ونكّل بالعراقيين لأكثر من ثلاثة عقود أتت على الحرث والنسل.
الشارع العربي عموماً، تحت قبضة منظومة أمنية مازالت في ذروة شراستها وشبه استحالة الخروج عليها والوقوف أمامها أو مواجهتها.
كان الهبَّة في حدود الكلام والتنديد والاستنكار والشجْب؛ عبر وسائل إعلام أتاحت هامشاً خجولاً من الحرية ضمن تلك الحدود؛ في مقابل وسائل إعلام وجدت في الغزو هذه المرة تصحيحاً لأخطاء تم تأجيلها لأكثر من 13 عاماً منذ غزو الكويت، وكان لابد أن يرافق تحريرها إسقاط النظام الذي تسبّب بكوارث ومآسٍ تجاوز أثر الكويت والعراق؛ لتمتدّ آثاره وصولاً إلى نواكشوط، بنظامها الذي لم يخفِ تعاطفه مع الغزو.
في العام 2011، تغيّرت الصورة النمطية للأثر والفعل الذي يمكن للشارع العربي أن يحدثه ويلعبه في مستقبل السياسات في المنطقة.
مع سقوط واحد من أشرس الأنظمة الأمنية والقمعية في منطقة شمال إفريقيا (تونس) بهرب زين العابدين بن علي بعد أن تأخر فهمه لمطالب شعبه، وبعد أن أحرق بائع خضار نفسه ليبدّد وهْماً امتد إلى ثلاثة عقود إلا قليلاً. مع ذلك السقوط/ الهرب لم يعد الشارع العربي آخر المحصّلات التي يجب الالتفات إليها؛ بل بات أول ارتكاز في أول تحرك؛ على الأقل بالنسبة إلى القوى الكبرى؛ وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، وإن استمرت المكابرة من بعض الأنظمة التي مازالت مهيمنة على الأوضاع في بلدانها؛ بأن ما حدث في بعض الدول لا يعنيها من قريب أو بعيد، في تكرار للأزمة: لسنا مثل (س) أو (ص) من الدول والأنظمة!
تكرر سقوط قطع الدومينو في ليبيا... اليمن ومصر. كانت الولايات المتحدة الأميركية تتبع سياسة: انتظرْ لتقرّر مع من تصطف. في سورية طال الانتظار؛ وخصوصاً مع تأكد دخول حزب الله على الخط في مساندة النظام السوري. جاءت مجزرة السلاح الكيماوي لتقدّم على طبق من فرصة تاريخية لتكرار سيناريو العراق. لا يقين من أن النظام وراء استخدام السلاح الكيماوي. خسر النظام في ذروة المواجهات مناطق ومراكز حيوية لم تدفعه إلى استخدام مثل ذلك السلاح. التوقيت مريب؛ وخصوصاً مع إقرار مدّ المعارضة السورية بسلاح نوعي؛ كان ذلك قبل أيامٍ فقط من المجزرة، وعلى لسان الجيش السوري الحر، وعبر تصريحات رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا.
لم يتم الحديث عن مناطق آمنة يُحجّم فيها تحرك الطيران السوري في عمليات ضرب المجاميع المسلحة، ومحاولة فك الحصار عن عدد من البلدات التي تتحكّم المجاميع في مداخلها. التفويض من مجلس الأمن فشل بالاعتراض الروسي - الصيني. تقرير مفتشي الأمم المتحدة يحتاج إلى 10 أيام أو أسبوعين. التحالف فشل. بريطانيا وفرنسا خارج تحالف ضرب سورية. الشارع العربي في العام 2013 لم يعد هو الشارع في عامي 1990- 2003. الربيع العربي ماحق للخريف الذي طال. هل تنتظر أميركا نتيجة التقرير؟ تصريحات وزير الخارجية جون كيري اختصرت المسألة: ضرب سورية رسالة إلى إيران وحزب الله. المسألة إذاً لا علاقة لها بالسلاح الكيماوي. لها علاقة بـ «إسرائيل». تجاوز معادلة الشارع العربي ستحرّك ما همد وتأجّل من ذلك الربيع في بعض دول المشرق. الكُلف باهظة. ومظلة الحماية للأنظمة التي وفرتها أميركا لا يمكن أن تُفعّل في حال تم تجاوز ذلك الشارع المرشّح لإعادة الكرّة في قلب الطاولات والمعادلات من جديد!
هل تحدث الضربة دون انتظار نتيجة التقرير؟ لا إيحاءات في تصريحات كيري. تصريحاته واضحة. يبدو أنه الحنين إلى ارتكاب مزيدٍ من الحماقات. الضربة مرشّحةٌ لأن تحدث دون تفويض، ودون انتظار نتيجة تقرير المفتشين الدوليين.
مشكلتنا مع النظام: وأنتم ما دخلكم؟
بقلم: سليم قلالة عن الشروق الجزائرية
تصلني بعض الرسائل يرى أصحابها أن رفضي الاستعانة بالأمريكان والإسرائيليين والفرنسيين وغيرهم للإطاحة ببعض الأنظمة العربية فيه دفاع عن هذه الأنظمة القمعية المتسلطة على شعوب المنطقة، بل وترى أنه بدل أن نحزن لتدخل هؤلاء الأجانب، علينا أن نفرح، لأنهم سيأتون منقذين مخلصين لنا من دكتاتوريات الحكام وظلم أتباعهم، علينا أن نفرح بضرب إسرائيل وأمريكا والغرب لسورية، لأن على رأس الحكم فيها الأسد، وأن نسعد بأن الناتو تدخل في ليبيا وأطاح بحكم القذافي، وغدا أن نقيم الأعراس إذا ما تدخل هؤلاء ضد هذا الحاكم أو ذاك، لأنه طغى وتجبر.
أقول لهؤلاء أولا ينبغي أن لا ننسى بأن هذه الدول الأجنبية التي تزعم أنها قادمة اليوم لتحريرنا وإنقاذنا من تسلط الأنظمة هي من نَصّبت هذه الأنظمة وساندتها طوال العقود الماضية، بل وشجعتها على نهب ثرواتنا وفتحت لها الحسابات في البنوك السويسرية واتفقت معها على بيعنا مواد فاسدة وسلاحا لا يصلح للدفاع عن النفس.
فكيف تأتي اليوم وتزعم أنها ستقف إلى جانب الشعوب ضدها؟
ثانيا أن هذه الدول إنما تستعين في عودتها ـ فاتحة منقذة ـ في المقام الأول بأزلام الأنظمة السابقة الذين ادعوا التوبة، ومنهم من كان عميلا معها وتعرفه حق المعرفة وتثق فيه، والأمثلة كثيرة.
ثالثا أن هذه الدول أبدا ما انتصرت لمطالب الشعب الفلسطيني المضطهد منذ أكثر من نصف قرن، بل وكانت باستمرار السند الأول للكيان الإسرائيلي لمزيد من التوسع والاضطهاد والقتل والأسر ومنع عودة اللاجئين. كيف يصحو ضميرها اليوم على السوري أو الليبي أو العراقي؟ ولم يصح على الفلسطيني منذ 50 سنة؟
رابعا إن الاستعانة بهذه القوى للإطاحة بالدكتاتوريات العربية لم يؤدي إلا إلى مزيد من التسلط في هذه البلدان، ولم يفتح أبدا الطريق نحو الديمقراطية المزعومة، بل عكس ذلك أدخلها في وضع أكثر مأساوية من ذي قبل، ذلك أن الأجنبي لا هدف له سوى النهب ومزيد من النهب.
أخيرا أقول تصوروا لو أن مناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذين زُج بهم في المعتقلات والسجون ومُنعوا من فوز انتخابي شرعي ومشروع، وعَرفوا أكبر أنواع القهر والتشريد، استعانوا بالفرنسيين أو الأمريكان أو الإسرائيليين للإطاحة بالنظام الذي ظلمهم: هل ستكون الجزائر اليوم أفضل مما هي عليه؟
لعلمكم، لقد كان هؤلاء المظلومين، وهم في معتقلات الصحراء يرفضون أن يقابلوا حتى ممثلا عن منظمات دولية تدافع عن حقوق إنسان، فما بالك ممثلي استخبارات أو دول أجنبية، كلمتهم واحدة أنذاك: مشكلتنا مع النظام وأنتم ما دخلكم؟ وهكذا كان إلى أن بدأت رياح الفرج تلوح في الأفق. فهل كانوا هم أيضا على خطأ؟ وكان عليهم الارتماء في أحضان الأجنبي؟
2/9/2013
في هذا الملــــف:
هذه هي المفاوضات.. فأين الوسطاء؟
بقلم: محمد خالد الأزعر عن البيان الامارتية
رأي القدس: اوباما لا يشبه بوش لكن النتائج الكارثية متشابهة!
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
أوباما على خطى الأسد: الرد في الوقت المناسب!
بقلم: جورج سمعان عن الحياة اللندنية
انسوا أوباما!
بقلم: عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
بانتظار التاسع من أيلول أو الحادي عشـر منه
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
ما وراء الأخبار.. تآمر آل سعود
بقلم: محي الدين المحمد عن تشرين السورية
الإسلام الأميركي (1 - 2)
بقلم: موسى معرفي عن القبس الكويتية
عندما قرّر أوباما اللجوء إلى «الاستخارة»
بقلم: محمد صادق الحسيني عن الأخبار البيروتية
الجدار العازل
بقلم: رانيا حفني عن الأخبار البيروتية
الخروج عن النص ... متى يعلن الربيع الخليجي؟
د.مطلق سعود المطيري عن الرياض السعودية
الهجوم الأميركي على سورية والشارع العربي بين العام 1990 و2013
بقلم: جعفر الجمري عن الوسط البحرينية
مشكلتنا مع النظام: وأنتم ما دخلكم؟
بقلم: سليم قلالة عن الشروق الجزائرية
هذه هي المفاوضات.. فأين الوسطاء؟
بقلم: محمد خالد الأزعر عن البيان الامارتية
أثناء الجلسة الثالثة من جولة التفاوض الجارية على المسار الفلسطيني، طالب الفلسطينيون بحضور المبعوث الأميركي مارتن إنديك داخل القاعة. وفي غضون الجدل حول هذا المطلب، تبين أن ممثل مقام الرئاسة الأميركية إلى المفاوضات، غير مسموح له إسرائيليا بممارسة مهمته السامية سوى عن بعد؛ عبر المكالمات الهاتفية.
كما اتضح أن الفلسطينيين سعوا، دون جدوى أيضا، إلى استدعاء شركاء الولايات المتحدة في اللجنة الدولية الرباعية؛ روسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
من المفترض أنه لا توجد مفاجأة في هذا الخصوص، فنحن والذين أضنتهم متابعة ملفات التفاوض العربية الإسرائيلية، نعلم مدى حرص إسرائيل على مبدئها القديم المتجدد في التفاوض المباشر.. ا
لذي ظل لأكثر من ستين عاما أحد ثوابتها في التعامل على كافة المسارات التفاوضية، وجرى الاستعصام به أكثر فأكثر غداة حرب 1967. غير أن الملاحظ هو حدوث ما يشبه الخلاف بين المسؤولين الإسرائيليين حول قضية إشراك الرباعية بالذات، إذ إن تسيبي ليفني، حاملة ملف الجولة التفاوضية الجارية، لم تعترض على هذا المطلب.
ولا رأت في الاستجابة له ما يضر بمصلحة إسرائيل وموقفها. لكن الرفض القاطع جاء من لدن رئيسها ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكأنه يريد أن يؤكد مجددا وللمرة الألف، دور المفاوض الأول عن إسرائيل والحارس الأكبر لثوابتها وتقاليدها التفاوضية.
والمدهش أن واشنطن عززت بدورها موقف نتنياهو، فهي لم تتأفف أو تغضب لإبقاء موفدها خارج غرف المفاوضات، كما تحفظت بدورها على حضور الرباعية.
نفهم من ذلك أن ليفني وطاقمها ليسوا طليقي الأيدي، ولاهم مفوضون بالكامل في معالجة الملف الذي يحملونه. نتنياهو هو العنوان الصحيح لمن أراد معرفة المواقف الإسرائيلية القابلة للتداول، كما أن واشنطن تبدو كمن وضع خاتمه على هذا العنوان.
وإذا كانت إسرائيل تتأذى من الحضور الكامل لشريكها الأميركي الصدوق؛ الداعي لهذه المفاوضات والراعي الحقيقي لها من أول يوم؛ المؤتمن على حمايتها كدولة من كل سوء، فليس لأحد أن ينتظر رضاها عن مثل هذا الدور من زملائها الألداء في الرباعية.
فالروس أساسا والأوروبيون نسبيا، متهمون عندها بالتعاطف مع الفلسطينيين. أما الترحيب بالأمم المتحدة فيعني استحضار الممثل الأول لحقائق القوانين والقرارات الدولية وشرعة الأمم المتحضرة، التي نعلم أن إسرائيل قد تنخسف بها الأرض قبل أن تخضع لها بشأن التسوية الفلسطينية.
من خبراتهم التفاوضية المتراكمة، لا بد وأن الفلسطينيين كانوا على دراية بهذه المعطيات. ورغم ذلك فقد اشترطوا استحضار أطراف ثالثة، ولا سيما العراب الأميركي، بين يدى الجولة التفاوضية الراهنة. ولو استجيب لشرطهم هذا، لسجلوا سابقة في كسر واحد من ثوابت إسرائيل، وهو التفاوض بمعزل عن الوساطات المباشرة.
على أن ما يثير الحفيظة ويغيظ الحليم في هذا السياق، هو استخذاء الرباعية الدولية بالذات وإذعانها أمام الصلف الإسرائيلي.. فالراعي الأميركي لا يضيره الاستبعاد الشكلي عما يجري بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لعلمه يقينا بأن المفاوضات مهما حلقت بعيدا فإنها لن تغادر عباءته، وهو يعلم مستقرها ومستودعها، وأن عاقبتها ستعود إليه وحصادها سيقع في رحله.
لكن ماذا عن الرباعية؟ هذه الآلية التي ابتدعت أصلا كي يتم تجاوز عقبتي الاستفراد الإسرائيلي بالفلسطينيين والهيمنة الأميركية على عملية التسوية برمتها.. ما هو دور الرباعية ومتى يحين أوان هذا الدور؟ لماذا اختفى ممثلها اللوذعي تونى بلير، فلا يسمع أحد له حسا ولا رأيا؟..
لقد كان الأحرى بالاهتمام والأوفق منطقيا، أن تظهر بركات هذه الآلية؛ الممثلة لكبار الفواعل الدوليين، في هذا التوقيت وهذه المناسبة. بيد أن الحاصل بالفعل هو إيابها إلى الاعتكاف والارتضاء بموقع شاهد الزور، بحسب الإرادة الإسرائيلية.
وهذا يعني أننا بصدد آلية معطلة، عاجزة عن تحقيق أهدافها، فلا هي منعت إسرائيل من التغول على الفلسطينيين في ظل موازين قوى مختلة لصالحها، ولا هي أزالت الاعتقاد بأن واشنطن هي صاحبة اليد العليا في تقرير مسار التسوية ومصيرها.
من حق المفاوض الفلسطيني أن يغضب جراء غياب الوساطة الناجزة الفاعلة، وانتهاك أحد بنود التفاهمات التي خاض على أساسها هذه الجولة.. وعما قريب سيغضب أكثر، حين يبحث عن شهود عدول شجعان، يضعون أصابعهم في عين الطرف الذي أطاح بجهود التسوية وعطل المراكب السائرة، فلا يجد.
رأي القدس: اوباما لا يشبه بوش لكن النتائج الكارثية متشابهة!
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
يعكس قرار باراك اوباما احالة مسألة الموافقة على الضربة العسكرية الامريكية للنظام السوري الى مجلس النواب، بشكل مدهش، الازمة الفظيعة التي ينوء تحتها نهج اوباما السياسي.
ينسجم قرار كثيرا مع النمطية التي تأطرت فيها شخصيته السياسية التي اعتاد عليها الناس في الولايات المتحدة والعالم، وتتميز هذه الشخصية بكونها مترددة وتتراجع عند الضغط (كما حصل في موضوع النزاع الفلسطيني الاسرائيلي) ولا ترغب في تحمل مسؤولية قرارات كبيرة، لا في امريكا ولا في العالم.
باستثناء عملية اغتيال زعيم القاعدة اسامة بن لادن، واستخدام الطائرات الحربية دون طيار في افغانستان واليمن وبلدان اخرى، لم يدخل اوباما في اية مواجهة عسكرية مع اية جهة لا داخل امريكا ولا خارجها.
لا يعود الأمر الى التجربة الامريكية المرة في افغانستان والعراق فحسب، ولا حتى بالأزمة الاقتصادية الامريكية فهذه الأسباب وحدها لا يمكن ان تفسر دور اوباما في تكريس الخلل السياسي الذي خلقه امتناعه عن تحمل أية مسؤولية عن الحرب الهائلة التي يخوضها النظام السوري وحلفاؤه الاقليميون والدوليون ضد الشعب السوري.
أدى هذا الموقف الامريكي الى تغوّل غير مسبوق للنظام الذي لم يوفر طريقة لا لقمع شعبه فحسب بل لتدمير الحجر والشجر والنسيج الاجتماعي والديني والتاريخي للمنطقة، مما صعد الأزمات السياسية في لبنان والعراق والاردن وتركيا بشكل هدد جغرافيات وحدود وكيانات تلك البلدان، وحوّل شعباً معتدلاً ووسطياً مثل الشعب السوري الى حاضنة لجهات التطرف الجهادي المسلح.
تردد اوباما وامريكا في تحمّل مسؤوليات واكلاف الموضوع السوري أدى وسيؤدي، الى دفع عشرات اضعاف هذه الاكلاف لاحقاً، وهو أمر يثبت انه لا يمكن تجاهل أزمات العالم وتسويفها ومعالجتها بالخطب وحفلات العلاقات العامة والصفقات السياسية مع الدب الروسي الذي يريد جزءا اكبر من كعكة المشاركة في ادارة العالم.
بعد احالة قرار الضربة الى الكونغرس، سيجد اوباما نفسه في موقف أصعب من اتخاذ الحرب، وسواء وافق الكونغرس أم رفض، فان الرئيس الأمريكي سيمنى بهزيمة لادارته ولنهجها في تأجيل معالجة الى ان تصبح غير قابلة للعلاج، وهو أمر سيؤدي، ربما، الى اكتشاف بطل نوبل للسلام، لاحقاً، ان البحث عن السلام بإرجاء الحرب قد يؤدي الى نتائج اسوأ من نتائج الحرب نفسها!
في بداية ولايته الاولى توجه اوباما للعالم العربي بخطاب مليء بالأمال والوعود، لكنه فوجئ ان طغاة المنطقة، وعلى رأسهم اسرائيل، لم يعاملوه مثلما فعلت ادارة جائزة نوبل التي منحته الجائزة لأنه… لم يفعل شيئا.
العالم الذي راقب بفزع اندفاعات القوة الامريكية العمياء في افغانستان والعراق خلال حكم جورج بوش الابن انتبه متأخرا ان تدخلات امريكا الوحشية لا يوازيها في نشر وتثبيت النتائج الكارثية الا وحشية عدم تدخلها عندما يحتاج العالم الى توازن يوقف نظاما محميا دوليا واقليميا عن ابادة شعبه.
ينطبق هذا الأمر على سورية كما ينطبق، بأشكال مختلفة، على فلسطين والعراق وبلدان أخرى تعاني من مسؤولية الادارة الامريكية عن كوارثها.
قد يكون أوباما عكس بوش ولكن عدم الردّ على اختلال العالم يطابق المشاركة في اختلاله ويؤدي الى النتائج الكارثية نفسها!
أوباما على خطى الأسد: الرد في الوقت المناسب!
بقلم: جورج سمعان عن الحياة اللندنية
الذين كانوا يقرعون طبول الحرب يمكنهم أن يستريحوا الآن. أمامهم ربما بضعة أيام أو أسابيع أو أشهر. الرئيس باراك أوباما اتخذ قراره بتوجيه ضربة إلى سورية، لكنه على مثال دمشق، ربما، هو الذي سيختار «التوقيت» المناسب! يستطيع شريكه ديفيد كامرون أن يتنفس الصعداء. لم يعد في حاجة إلى تقديم اعتذار إليه. بل يستطيع أن يمسح آثار الصفعة أو «الإهانة» التي وجهها إليه مجلس العموم برفض المشاركة في توجيه ضربة إلى نظام الرئيس بشار الأسد. كان ينظر قبل أيام بقلق إلى تحويل الرئيس فرنسوا هولاند فرنسا الشريك الأوروبي لأميركا، بدلاً من بريطانيا الشريك التقليدي، أو «حليفة الولايات المتحدة الجيوسياسية الأهم في العالم»، كما وصفها الرئيس فلاديمير بوتين. يمكن زعيم حزب المحافظين أن يطمئن اليوم. فالرئيس الأميركي أختار أن يقتدي بخطوته والتوجه إلى الكونغرس للحصول على موافقته.
كان في إمكان الرئيس أوباما الذهاب إلى الحرب بلا تفويض، وأمامه مهلة من ستين يوماً للعودة إلى الكونغرس من أجل شرح أسباب هذه الحرب. حتى عندما قرر الخروج على تردده فاجأ الذين انتظروا منه طويلاً التحرك بأنه يريد مزيداً من الوقت. هل خانته الشجاعة، أم خانته المواقف الداخلية والخارجية؟ وحتى عندما قرر أن يستعيد شيئاً من صدقيته بتغيير «قواعد اللعبة» إذا تجاوز النظام السوري «الخط الأحمر»، رهن هذا التغيير بالكونغرس. أدار ظهره للأمم المتحدة ومتاهة مجلس الأمن، لكنه أدخل قراره متاهة القضايا والانقسامات الحزبية الداخلية. ربما تذكّر بعدما ذكّره بعض خصومه بأنه كان يعارض، قبل وصوله إلى البيت الأبيض، اتخاذ الرئيس قرارات مصيرية كقرار الحرب من دون الرجوع إلى الكونغرس. لذلك قرر العودة إلى ممثلي الشعب الأميركي الذي أظهرت الاستطلاعات أن ثمانين في المئة منه يصرون على تفويض من الكونغرس.
التفت الرئيس أوباما حوله فلم يجد أحداً من أولئك الذين كانوا يعيبون عليه تقاعسه عن ممارسة دور بلاده القيادي في العالم. إنها عقدة الحربين على أفغانستان والعراق والتدخل في الصومال ونتائجهما التي لا تحتاج إلى شرح. وليست عقدة الأميركيين فحسب، بل عقدة غالبية الأوروبيين. انفض عنه شركاء كثيرون كانوا لشهور وأيام خلت يحضونه على ضرب هذا النظام بدعوى شروط الديموقراطية والوقوف على رأي الناخبين، حتى وإن بدا أن هذه الديموقراطيات تتراجع عما سعت إليه قبل سنوات عندما دفعت الأمم المتحدة، منتصف العقد الماضي، إلى شرعنة التدخل في الشؤون الداخلية للدول إذا استدعت الحاجة حماية المدنيين من خطر الإبادة. كان شبح تجربة حربي أفغانستان والعراق خصوصاً ماثلاً وأكثر حضوراً من الملف الكيماوي السوري، في مجلس العموم وفي عموم أوروبا.
كما هي الحال في أوساط الشعب الأميركي الذي يعارض أكثر من نصفه الخروج إلى أي حرب جديدة. وإذا كان لأعضاء الكونغرس أن يجاروا ناخبيهم هذه الرغبة فذلك يعني أن صفحة «الضربة» قد طويت... إلا إذا كان الرئيس ضمن مسبقاً موافقة صقور الجمهوريين على تنفيذ قراره بعيداً من المماحكات الداخلية. علماً أنهم كانوا يطالبونه بتحرك أقسى يطيح النظام السوري. وهم يتندرون اليوم أنه طالما ردد ويردد دعوته إلى رحيل الرئيس الأسد، فكيف يخطط لضربة لا يريدها سلفاً أن تغير في ميزان القوى على الأرض أو تطيح النظام في دمشق ما دام أنه بات يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة ومصالحها وحلفائها في المنطقة؟!
كثيرون يأخذون على الرئيس الأميركي تردده، بل تقاعسه، في كثير من المحطات والمنعطفات، وفي أكثر من قضية. شركاؤه في المحيط الهادي يستشهدون بموقفه من كوريا الشمالية. وحليفته الاستراتيجية إسرائيل تأخذ عليه مهادنته المفرطة في مواجهة الملف النووي الإيراني، وستزداد مآخذهم عليه. وشركاؤه العرب سجلوا ويسجلون عليه عجزه عن تنفيذ وعوده في القضية الفلسطينية، ورضوخه لغطرسة حكومة بنيامين نتانياهو. وبعضهم يأخذ عليه سكوته على ما جرى ويجري في سورية، وتهاونه أمام التحديات التي ترفعها روسيا وإيران في هذا البلد.
القرارات المصيرية رهن بأوقاتها. وقد فوت الرئيس الأميركي كثيراً من الفرص، وهذه لا تتكرر. لذلك يعتقد كثيرون بأن ثمة مشكلة قيادة في واشنطن. وسواء نفذ أوباما قراره بتوجيه ضربة أو خذله الكونغرس، فإن الظروف التي أحاطت بهذا القرار تكاد تفرغه من أي تأثير في مجرى الأزمة السورية. إذ لم يحدث أن استنفدت حرب هذا الوقت من الجدل العلني الذي أفقدها المفاجأة، العنصر الأهم في أي مواجهة ميدانية. ولم يسبق أن نالت حرب من قبل هذا الكم من الضجيج والتهويلات من هنا وهناك. كأن سورية فعلاً «أكبر تحد في عالم اليوم»، على حد ما عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. حرب «معلبة» سلفاً كأنها عمل هندسي له هيكلية واضحة: عقابية، تحذيرية، محدودة، جراحة تجميلية، مدروسة الأهداف، لن تسقط النظام، لن تغير في ميزان القوى على الأرض، ستعجّل الحل السياسي، وتقود إلى «جنيف 2»... إلى آخر هذه التوصيفات. كأن المطلوب سلفاً أن يستعد الخصم لتلقي الضربة. وأن يلتزم حلفاؤه الهدوء ما دام أن لا هدف لتغيير النظام أو حتى معالم مسرح العمليات!
من حق المعارضة السورية السياسية والعسكرية أن تعبر عن استغرابها لمنح الرئيس أوباما نظام الرئيس الأسد مزيداً من الوقت للاستعداد للضربة المنتظرة، تفادياً لخسائر جسيمة، أو لاختيار وسائل الرد بمساعدة حلفائه. ومن حقها أن تلقي باللوم على العالم الذي تردد ويتردد في نجدتها. وأن تندب «ربيعها» الذي أحاطت وتحوط به ظروف وتعقيدات وحسابات ومصالح إقليمية ودولية. ولكن ألا يجوز أن تسأل هذه المعارضة نفسها لماذا لم تستطع حتى الآن، بعد مرور عامين ونصف عام على ثورتها، وبعد سقوط أكثر من مئة ألف ضحية وكل هذا التدمير والتهجير في الداخل والخارج، كيف أنها لم تحسن تسويق قضيتها، ولم تتمكن من اقناع هذه «الديموقراطيات» الغربية بوجوب مساعدتها؟ ألا تسأل نفسها لماذا عجزت وتعجز عن اقناع «أصدقاء الشعب السوري» بوجوب مساعدتها ومدها بأسباب القوة سياسياً وميدانياً؟ ألم يحن وقت المساءلة وتغيير كل السياسة التي اتبعت منذ قيام «التحالف الوطني» إلى «الائتلاف الوطني»، أم أن العلة فقط في حلفائها الذين لم يعرفوا كيف يصطفون خلفها كما تقف موسكو وطهران خلف دمشق؟
الحديث عن «الضربة الأميركية» لم يعد مفيداً، سواء نفذ باراك أوباما قراره، أو خذله الكونغرس. ما دام الجميع، خصوصاً الراغبين في معاقبة الأسد، ليسوا مقتنعين بأن الحل العسكري هو الدواء الناجع للأزمة السورية. بل يتوخون من العملية «المحدودة» تحذيره من تكرار استخدام السلاح الكيماوي ودفعه إلى القبول بشروطهم للتسوية في «جنيف 2» أو «جنيف 3». ولعل الرئيس الأميركي استمع إلى بعض نصائح العسكريين الأميركيين المجربين بأن أحداً لا يمكنه التحكم بالمدى الذي تقود إليه الحرب بعد انطلاقها. وأن «الضربة» قد لا تظل محصورة بالساحة السورية. بل ربما لجأ النظام السوري إلى تحريك النار في دول الجوار. في حين أن واشنطن عللت قرع طبول التدخل ليس لردع دمشق عن اللجوء إلى الأسلحة المحظورة دولياً فحسب، بل لمنعها من تهديد الأمن القومي الأميركي، وتهديد جيرانها أيضاً، العراق والأردن ولبنان إلى تركيا وإسرائيل، كما سماهم أوباما.
في أي حال ان «الضربة المحدودة، أو «الجراحة المدروسة» قد تترك الأسد جريحاً. وهناك من يتوقع أن تدفعه نتائجها إلى مزيد من التشدد والقسوة في مواجهة خصومه. وقد لا يجد ضرورة لاستخدام السلاح الكيماوي، إذا كانت واشنطن بقرعها طبول التدخل أثبتت فعلاً أن تجاوز «الخط الأحمر» وحده سيدفع إلى تغيير «قواعد اللعبة» التي حصدت حتى الآن ما حصدت من أرواح... وإذا كان على العالم أن ينتظر موقف الكونغرس، فإن قمة قادة الدول العشرين في بطرسبورغ قد تشكل محطة هي الأخرى. فهل يلقى الرئيس أوباما التفويض اللازم أيضاً من شركائه؟ وهل يقنع الرئيس فلاديمير بوتين الذي قدم إليه تأجيل تسليم صواريخ «اس 300» إلى سورية لثلاث سنوات، فلا يخرج سيد الكرملين «منتصراً»، كما خرج من قمة الثماني في إرلندا الشمالية منتصف حزيران (يونيو) الماضي.
انسوا أوباما!
بقلم: عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
صحيح أن تردد الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتأجيله الضربة العسكرية التأديبية التي توعد بها نظام بشار الأسد في سوريا، سبب القنوط عند البعض، وأفرح النظام في دمشق، مع هذا على المعارضة أن تدرك أنها وحدها مسؤولة مسؤولية كاملة عن تحرير بلادها، سواء بعون من دول كبرى أو من دونها. ويفترض أن يقتنع حلفاء المعارضة، من دول عربية وأجنبية، أن واجبهم مضاعفة دعم الجيش السوري الحر ليقوم بهذه المهمة، ومنع غيره من الوصول إلى دمشق وحكم البلاد. نحن في ساعة السباق نحو العاصمة رغم كل التحصينات ورغم حتى استخدامه للأسلحة الكيماوية.
ورغم تلكؤ الرئيس أوباما اليوم ما زلت أتوقع أن يفعلها لاحقا، ويلعب دورا رئيسا في إسقاط نظام الأسد. السبب ليس فقط لأن في دمشق نظاما شريرا تمادى في حرب الإبادة ضد شعبه، بل أيضا لأن أمن أميركا ومصالحها ستفرض عليها التدخل. فقد أصبحت سوريا أكبر مزرعة لإنتاج الإرهابيين تستقطب مقاتلين من أنحاء العالم، وغاية هؤلاء استهداف قوى أساسية مثل الولايات المتحدة. نظام الأسد مهّد للمتطرفين دخول الحرب، اعتقادا منه أن ذلك سيدفع الدول الغربية لمساندته ضدهم، كما وقفوا إلى جانب الرئيس اليمني علي عبد الله صالح من قبل، وغيره.
وقد يتساءل البعض مستنكرا، فعلا لماذا نتوقع أن يصطف أوباما إلى جانب هذه الجماعات الجهادية لإسقاط الأسد، وليس العكس؟ السبب أن نظام الأسد سقط فعلا، لم يعد يحكم معظم سوريا. وفي غياب نظام مركزي تنجرف سوريا لتصبح مثل أفغانستان والصومال. وفي هذا الفراغ والفوضى وجدت القوى الجهادية تربة خصبة، ولعبت على مشاعر مئات الملايين من المسلمين في أنحاء العالم الذين رأوا في سوريا مأساة لا يمكنهم السكوت عنها. سيأتي اليوم الذي يدرك فيه الأميركيون أن الدخول في سوريا ضرورة أمنية لا فكاك منها.
لكن إلى ذلك الحين، على المعارضة السورية نسيان الدور الدولي، والدور الأميركي، وعليهم أن يقتلعوا النظام السوري بأيديهم. هذا واجبهم، وهي قضيتهم، ولو أن المعارضة المسلحة والسياسية تمكنت من ترتيب أوضاعها، فهي قادرة على الإطاحة بنظام الأسد اليوم أكثر من أي وقت مضى. فالدعم الخارجي، من إيران وروسيا، استنفد معظم طاقته، وقد وجد حلفاء الأسد أنهم يدعمون جثة هامدة، وبالتالي لا قيمة لكل ما يفعلونه اليوم سوى أنهم يؤخرون دفن النظام أشهرا أخرى.
بانتظار التاسع من أيلول أو الحادي عشـر منه
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
بإحالته ملف “الضربة العسكرية لسوريا” إلى الكونغرس، يكون الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قد منح الدبلوماسية، عن قصد أو من دونه، فسحةً من عشرة أيام، لتفعل فعلها في احتواء الموقف ووقف التصعيد،وإعلاء شأن الخيار التفاوضي والحلول السياسية للأزمة السورية، تحت مظلة “جنيف 2”.
وثمة تطوران هامان، يتعين مراقبتهما خلال الأيام القادمة، لمعرفة الوجهة التي ستسلكها الأحداث والتطورات، وسيكون لهما أثر هام على مداولات الكونغرس وقراراته النهائية ... الحدث الأول، ويتمثل في اجتماعات قمة العشرين، وما سيحصل على هامشها من لقاءات ثنائية، أهمها لقاء أوباما – بوتين، وهذه قد تكون فرصة “ربع الساعة الأخير”، قبل “الضغط على الزناد”، فإن حصل تقدم/اختراق على مسار التوافق الروسي الأمريكي، سيكون لذلك أثر بالغ في توجيه قرارات الكونغرس الأمريكي، وإن ظلت مواقف القطبين على حالها، تعاظمت احتمالات الخيار العسكري، وليس مستبعداً في حالة كهذه، أن تختار واشنطن يوم الحادي عشر من سبتمبر موعداً لتنفيذ ضرباتها العسكرية، لما لهذا اليوم من دلالات رمزية في الوعي والوجدان الجمعي الأمريكي، فتبدو الحرب الأمريكية على “الكيماوي” امتداداً للحرب الأمريكية على الإرهاب.
الحدث الثاني، ويتمثل في انتهاء لجنة التحقيق الدولية من إعداد تقريرها حول ما جرى في الغوطة الدمشقية، صحيح أن التقرير “سيُجهّل الفاعل”، لأن الكشف عن هويته ليس من صلاحيات الفريق، بيد أن الكشف عن أنواع المواد الكيماوية المستخدمة، وطرق استخدامها، وكل ما يحيط بالجريمة من ملابسات، قد تساعد في كشف الفاعلين والمتسببين، وكلما كان التقرير أكثر تحديداً وتفصيلية، كلما ساعد على حسم الجدل الدولي عن الجهة المسؤولة عن الجريمة، أما مراوحة التقرير في دائرة “الغموض” و”العمومية الفضاضة” فسيدفع كل فريق للتمسك بروايته.
في هذه الأثناء، ستكون لدى قنوات الاتصال الدبلوماسية، الخلفية منها والأمامية، فسحة للعمل على تدوير الزوايا الحادة في مواقف الأطراف، وسوف تتاح للرأي العام الدولي، فرصة أرحب للتعبير عن موقفه من الحرب / الضربة، وفي هذا السياق، تشخص الأنظار إلى اجتماعات البرلمان الفرنسي الأربعاء المقبل في باريس، فإن قرر أن يحذو حذو مجلس العموم، مستنداً إلى الغالبية الشعبية المناهضة لاشتراك فرنسا في أي عدوان على سوريا، سيكون قد بعث برسالة قوية إلى الكونغرس، بصرف النظر عمّا إذا كان قرار البرلمان ملزماً لحكومة هولاند أم لا، أما إذا نجح الرئيس الفرنسي المتحمس لاستعادة أمجاد بلاده الكولونيالية في هذه المنطقة، فستكون تلك رسالة مشجعة لصقور الكونغرس ومحافظيه الجدد والقدامى.
على أية حال، لقد انطوى قرار الرئيس الأمريكي برمي الكرة إلى ملعب الكونغرس، العديد من الأسئلة والتكهنات، بعض حلفاء سوريا، اعتبروه نصراً لمحورهم الذي أظهر تماسكاً استثنائياً، وفي ظني أن هذا التقييم ينطوي على ادّعاء مبالغ فيه ... فالرئيس الأمريكي، كان أعلن قبل عدة أيام، أنه لن يذهب إلى الحرب منفرداً، فإن استعصى عليه استصدار قرار عن مجلس الأمن (وقد استعصى الأمر فعلاً)، فسيلجأ إلى تشكيل ائتلاف دولي عريض، وهي مهمة تعرضت لصفعة قوية بعد انسحاب بريطانيا من المعادلة إثر قرار مجلس العموم، وبعد الانقسام الذي شهده “حلف الناتو” وأخرجه من دائرة النار والمعارك، ولم يتبق أمام أوباما سوى البحث عن مظلة الكونغرس، وهذه بدورها أقل المجازفات كلفةً، فإن نجح في الحصول على التفويض، وهذا محتمل، يكون قد وزّع دم السوريين على القبائل الأمريكية من جمهوريين وديمقراطيين، وإن فشل في مسعاه، يكون قد ردّ الكرة إلى الأمة وممثليها في مجلسي الكونغرس، وخرج بمظهر “البطل الديمقراطي”، الذي تنازل طوعاً عن بعض صلاحياته، انسجاماً مع إرثه الرئاسي، الذي طالما انتقد أسلافه لعدم رجوعهم إلى المنتظم الدولي أو الكونغرس قبل الخروج إلى خنادق الحرب والقتال.
صحيح أن أوباما وأركان إدارته، كانوا منهمكين في قياس حجم وطبيعة ردّات فعل النظام السوري وحلفائه، وصحيح أيضاً، أن وجود امتداد إقليمي ودولي للنظام في دمشق، كان على الدوام (من بين أسباب أخرى)، مدعاة للتردد في استحضار أيٍ من سيناريوهات الحروب السابقة، لكن الصحيح كذلك، أن واشنطن، تعلم علم اليقين، حدود ردّات الفعل هذه وأوزانها، والأرجح أنها لم تؤخذ بالتصريحات النارية المتطايرة في وسائل إعلام “محور المقاومة والممانعة”، التي تذكر بدورها بـ”السيناريو العراقي”، ولكن من المقلب الآخر: مقلب الوزير الصحاف والناطقين باسم نظام الرئيس الراحل صدام حسين.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد ذهب صدام حسين ونظامه في لحظة انتقال تاريخية نادرة بين نظام الحرب الباردة ونظام القطب الواحد، في حين أن بشار الأسد ونظامه، يكابد للبقاء في لحظة انتقال مشابهة، بين نظام القطب الواحد، ونظام التعددية القطبية الآخذ في التشكل على المسرح الدولي الآن ... مصير صدام حسين قرره “العصر الأمريكي” والقوة الأمريكية التي لا رادّ لها، أما مصير بشار الأسد، فسيكون الاختبار الأول لمعادلات النظام العالمي الجديد وتوازناته الدقيقة.
على أية حالة، لقد طاشت جميع التقديرات، ومن بينها تقديراتنا، بأن الضربة العسكرية ستسبق اجتماعات بطرسبورغ، لكنها ما زالت خياراً مطروحاً على جدول أعمال الأزمة السورية، وإن لم تُملْ الفترة الممتدة حتى اجتماع الكونغرس بالنشاط الوقائي والاستباقي، فإن من المرجح أن نعود لممارسة طقوس القلق والتحسب والانتظار، بعد تسعة أيام على أبعد تقدير.
ما وراء الأخبار.. تآمر آل سعود
بقلم: محي الدين المحمد عن تشرين السورية
يصر آل سعود على الاستمرار في التآمر على العروبة والإسلام لإكمال مسيرة العمالة التي ميزت تاريخهم عبر عقود من الزمن، هؤلاء الذين ناصبوا العداء للرئيس جمال عبد الناصر، ولكل من حمل راية القومية من قبله ومن بعده.
لقد حول هؤلاء أرض الحجاز ومحميات الخليج إلى خنجر مسموم طعنوا به العراق كما طعنوا به مصر وسورية وليبيا والجزائر، واستجلبوا الآلة العسكرية الأميركية إلى قواعد في بلادهم، فكانت الأكبر والأكثر خطورة على الأمن والسلم الدوليين.. كما حولوا الجامعة العربية من مؤسسة يجب أن توحد كلمة العرب وتقف في وجه أميركا و«إسرائيل» إلى مجرد مركز يحلل المحرم ويحرم الشرعي مع محاولة إسباغ الشرعية على الأعمال العدوانية التي تمارسها أميركا و«إسرائيل» مع دول الاستعمار القديم ضد سورية وضد شعوب المنطقة.
وفي هذا السياق، جاء اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم أمس لتقديم غطاء شرعي للعدوان الأميركي المرتقب على سورية، على الرغم من رفض مجلس العموم البريطاني بأغلبية ساحقة الموافقة على مشاركة حكومتهم في هذا العدوان، وكذلك رفض العديد من الدول الأوروبية، وكندا ومعظم الحلفاء السابقين لأميركا المشاركة في هذا العدوان أو الموافقة عليه...
ومع أن رفض تلك الجهات للعدوان ليس حباً بالدولة السورية لكننا نعد هذا الموقف رفضاً واضحاً لمكافأة جبهة النصرة وغيرها من فروع القاعدة على قتل المدنيين في خان العسل وفي الغوطتين بالغازات السامة، ورفض شعوب تلك الدول مناصرة نابشي القبور والصدور ومفجري السيارات المفخخة والعبوات الناسفة.. مع تأكيدنا أيضاً أن آل سعود ومن يصطف معهم على طريق التآمر والعمالة لم يفهموا هذا التحول الكبير في الرأي العام العالمي لمصلحة سورية ولمصلحة الدول التي تدافع عن حقوقها وعن مصالحها وعن وجودها.. كما لم يفهموا ما يمكن أن يتمخض عن العدوان المرتقب من نتائج كارثية على محور العدوان الذي بات مكشوفاً ويسارع للزج بنفسه مع المجموعات الإرهابية التي تمارس جرائمها فوق الأرض السورية بعد أن كان يتلطى خلفهم.
إن الشعب السوري الذي لايتمنى أن تتورط الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها في العدوان عليه أكد ويؤكد من جديد أنه قادر على صد العدوان وإعادة النيران التي يحاول إشعالها حلف التآمر على سورية إلى مصادرها وعندها لن تنفع آل سعود وحكومة أردوغان و«إسرائيل» عباءة الحماية الأميركية لأنها لن تكون بعيدة عن نيران ربما تلتهم كل شيء.
الإسلام الأميركي (1 - 2)
بقلم: موسى معرفي عن القبس الكويتية
• ما أطلقته رايس تصريحاً قبل 9 سنوات هو اليوم مشروع ينفذ على أرض الواقع بنشر الفوضى الخلّاقة وتفتيت دول منطقتنا وشعوبها.
تتوالى الأحداث حولنا يوماً بعد يوم، تفجير سيارات مفخخة في العراق، وحرب أهلية في سوريا، واغتيالات وتفجيرات في لبنان، وحرب في ليبيا، وتظاهرات في البحرين، واعتصامات وتظاهرات في مصر، هذه كلها أوضاع غير مستقرة على مدى منطقة الشرق الأوسط العربي، وهي بلا شك ليست وليدة الساعة، بل هي ضمن مخطط رهيب لخلق حالة من الفوضى الخلّاقة، التي أعلنتها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونداليسا رايس، إبان الحرب الإسرائيلية على لبنان في أغسطس 2006، وهي في سياق تصريح مهم انتشر في وسائل التواصل الاجتماعي لرئيس الاستخبارات المركزية الأميركية الــ«سي آي أيه» جيمس وولسي في العام نفسه، والذي أعلن في حينها «سنصنع لهم إسلاماً يناسبنا، ثم نجعلهم يقومون بالثورات، ثم يتم انقسامهم على بعض لنعرات تعصبية ومشكلات داخلية وفتن طائفية ومن بعدها سيتقدمون إلينا زاحفين وسوف ننتصر». وذكر في سياق الحديث أن حكومات سوريا وليبيا ومصر وغيرها يجب أن تذهب وتحل محلها حكومات أخرى، كل ذلك الكلام وسط تصفيق الحضور، ومر مرور الكرام منذ ذلك الحين دون اهتمام من حكومات المنطقة، وكأن ذلك لا يعنيهم.
ومن هنا، بدأ العمل الحثيث من قبل المخابرات المركزية الأميركية باستغلال الدين وسيلة لتحقيق هذه الأهداف، خصوصاً أن الهدف المنشود هو التخلص من الأنظمة التي خدمت السياسة الأميركية في المنطقة باستبدالها بقيادات جديدة للمرحلة المقبلة، وأصبح دورها مكشوفاً لدى شعوبها بعد أن أثبت تاريخ المنطقة، في السنوات الأخيرة، تنامي تيار الإسلام السياسي، وفشل التيارات القومية غداة انتصار الكيان الإسرائيلي في حرب 1967.
في العلاقات بين الدول لا وجود لصديق دائم كما لا عدو دائم، حيث تبنى على المصالح المشتركة. بالنسبة للولايات المتحدة يهيمن مجلس الأمن القومي والذي تتحكم فيه الصهيونية في رسم السياسة الخارجية بغض النظر عمن يتبوأ الرئاسة، ذلك لأن الرئيس هو صورة لمؤسسة الرئاسة والسياسة الخارجية الأميركية ثابتة، خصوصاً فيما يتعلق بوجود إسرائيل وأمنها.
حينها تحركت عقارب الساعة للبدء في تنفيذ المخطط المتشعب والذي سمي بـ«الربيع العربي» الذي نشهده اليوم، بدأت الفوضى الخلّاقة في السنوات الأخيرة بنشر الفتن والكراهية بين أطياف المجتمعات العربية، بهدف تقطيع أوصالها، وذلك بخبث ودهاء ومكر الصهيونية العالمية الذي انبثق من كتب العقل المدبر جين شارب والذي عمل مستشاراً في وزارة الخارجية الأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي.
عندما قرّر أوباما اللجوء إلى «الاستخارة»
بقلم: محمد صادق الحسيني عن الأخبار البيروتية
مخطئ من يفكر أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تراجع احتراماً لإرادة البرلمان. ومخطئ أيضاً من يفكر أن إسرائيل بلعت الموسى نزولاً عند رغبة سيدها الأميركي، تماماً كما هو مخطئ من يفكر أن الرئيس باراك أوباما تراجع احتراماً للكونغرس واللعبة الديمقراطية.
لا يا إخوان، اسألوا عن فحوى الرسائل التي أبلغها الإيرانيون إلى جيفري فيلتمان والسلطان قابوس في زيارة «الصدفة» المزدوجة لطهران. لجيفري فيلتمان قالوا: إن كان رئيسك الأساس جاداً في الحديث عن «جنيف ٢»، فعليك أن تذهب الى دمشق وتفاوض فيصل المقداد ومن ثم يسارع رئيسك للدعوة إلى المؤتمر تحت سقف الأسد، ونقطة على أول السطر.
ولجلالة السلطان قالوا: إن كنت تريد منع الحروب وتبعد شظاياها ودخانها عن المياه الدافئة، وهي رغبة ملحة ودائمة لديك، فما عليك إلا أن تفهم أصدقاءك في لندن وواشنطن أن عليهما الإذعان أن دمشق أضيفت الى بنت جبيل باعتبارها خط الدفاع الأول لجبهة المقاومة، وإلا فلينتظروا «فيتنام ٢» ويوم القيامة. وانطلقت ماكينة المشاورات والاتصالات حتى ارتجفت واصطكت ركبتا أوباما وركع عند بوابات دمشق يلتمس لنفسه عذراً بغطاء ديمقراطي.
لا شيء يحصل على سطح هذه الارض بالصدفة، لأن مفهوم الصدفة يتعارض مع السنن الكونية. ولكن لماذا ظل الحديث يجري وبقوة خلال الفترة الاخيرة، وانطلاقاً من الحدث السوري، عن سايكس بيكو جديد أو «سايكس بيكو ٢»، وظلوا يروّجون كثيراً لمؤتمر «جنيف ٢» ويقولون إنه لا يمكن أن ينجح إلا إذا حصل ثمة تكافؤ ميداني على الارض السورية بين من يسمونهم المعارضة وبين الدولة المركزية في دمشق.
في هذه الأثناء، ثمة من ظل يتساءل بقوة عن سبب بقاء الوسيط الدولي العربي الاخضر الابراهيمي في مهمته، رغم أنه خرج أو يكاد تماماً من التأثير على مشهد التحولات السوري. ثمة من يرد فيقول إن ذلك ما كان ليحصل لولا أنه لا يزال يراهن ويعمل على تحقيق حلمه بـ «طائف ٢» يراه الحل الوحيد للأزمة السورية، وأنه يلقى دعماً وإسناداً من أوساط دولية هي من تدير المعارك على الارض السورية بطريقة تمنع أن تحصل فيها الغلبة لأي طرف على الطرف الآخر، لتخرج منها معادلة «جنيف ٢» بالقراءة الاميركية، أي من دون استمرار الاسد الى نهاية ولايته في ربيع عام ٢٠١٤.
وفجأة يقرر ما يسمى المجتمع الدولي، وغالباً ما يقصد به أميركا وإنكلترا وفرنسا وربيبتهم المدللة إسرائيل، أن المطلوب ضرب العمود الفقري للدولة السورية، أي الجيش العربي السوري. وكلنا يعرف ماذا يعني ذلك في ما لو نجحوا ـــ لا سمح الله ـــــ في مهمتهم الأخطر، أي القضاء على آخر ما يجمع قوام المجتمع السوري الموحد والدولة السورية الواحدة، خاصة إذا علمنا أن الجيش السوري هو الجيش العقائدي الوحيد بين الجيوش العربية، أي الجيش القومي الوحيد العابر للدولة القطرية، والذي يعتبر فلسطين قضيته الاولى وليس حماية حدود سايكس بيكو.
هل يعني ذلك فعلاً أننا وصلنا الى نهاية المطاف في رحلة المراوحة بين المتحاربين بالنيابة والوكالة في سوريا، وبين الدولة المركزية (القطرية)، فلزم الأمر التخلي عن الوكيل ودخول الأصيل على خط المنازلة لتبدأ الرحلة الماراتونية الى «سايكس بيكو ٢»؟ كان التخوف، حتى وقت قريب، أن يقع الروس في خديعة من نوع جديد مع هذا المجتمع الدولي، ليست على غرار العراق أو ليبيا، ويقبلوا بالتخلي عن بشار الاسد في مقابل الاحتفاظ بنفوذ ما لهم في سوريا والمتوسط، أي القبول بـ«جنيف ٢» بقراءة أميركية تحت ضغط ورقة الكيميائي المفبركة.
وعندئذ، قد يقررون إمرار ضربة محدودة مكرهين، بحجة أنها لن تسقط دمشق ولكنها تأتي بالأسد منهكاً الى «جنيف ٢» ليوقّع على نهاية سوريا الأسد «بالعافية»، كما يقول إخواننا المصريون، بعد انتهاء ولايته، في مقابل حصة من النفوذ في المتوسط ولكن بالاشتراك مع الأميركيين. وهو حلم واشنطن الوحيد المتبقي في المنطقة، والذي لن يتحقق، لأن هذا ما لن تسمح به إيران الثورة الاسلامية مطلقاً.
من هنا جاءت مقولتها: إن سوريا (الشام) هي خطنا الأحمر، ومن يريد النزول الى أراضيها أو الاعتداء عليها، عليه أن يحمل تابوته» معه، كما جاء على لسان الجنرال قاسم سليماني، قائد «جيش القدس» في الحرس الثوري الايراني، فيما أكد قائد قوات الحرس كلها، الجنرال محمد علي جعفري، تحويل سوريا الى فييتنام جديدة ستكون أثمانها هذه المرة نهاية دويلة الكيان الاسرائيلي، ما يعني أن طهران قررت مواجهة مقولة «سايكس بيكو ٢» بـ«فيتنام ٢». ماذا يعني هذا في علم الجيو استراتيجيا؟ هذا يعني أن مياه المتوسط بالكامل باتت أو تكاد مياهاً عربية إسلامية مقاومة، وكل ما فيها من خيرات نفطية وغازية ونفوذ استراتيجي هو في مربع جغرافيا جبهة المقاومة السياسية، ونقطة على أول السطر.
هل تستطيع واشنطن أن تحمل هذا التحول الجيوستراتيجي الأخطر بعد إذعانها مكرهة لوصول أقدام الايرانيين الى شواطئ المتوسط وتموضعها بنحو نهائي هناك منذ حرب تموز المجيدة في عام ٢٠٠٦؟ أم باتت مكرهة ومحشورة بين مطرقة «جنيف ٢» بقراءة روسية ــ إيرانية، ما يعني تكريس النفوذ الإيراني بتوقيع أميركي، وبين سندان «فييتنام ٢» التي ستجعلها تخسر أهم وأخطر مواقع نفوذها في المتوسط، لتنهي بذلك دويلة إسرائيل وتعلق نشاطها الإمبراطوري في هذه المياه المتوسطية الى الأبد؟ هنا قرر أوباما التأمل، وخطرت في باله فكرة «الاستخارة»، كما ورد على لسان جمهور واسع من الناشطين على شبكة التواصل الاجتماعي تهكماً، فخرج كما كتبوا بالجواب الآتي: «ساويت استخارة ما انشرح صدري اضرب سوريا الآن».
ولانه ليس في عالم باراك حسين أوباما، بل واقع بين المطرقة والسندان الآنفي الذكر، فقد لجأ الى حيلة: صحيح أنني مفوّض بالحرب والسلام، لكن الأفضل لي كديمقراطي أن أعود إلى الكونغرس وأتشاور معه، ولسان حاله يقول لعله ينزلني من الشجرة، أو كما يقول المثل: «اللي طلع الحمار على الميذنة ينزلوا».
الجدار العازل
بقلم: رانيا حفني عن الأخبار البيروتية
ظهرت فى أعقاب الثورة المصرية فى سيناء قوى متشددة تتبنى أفكار الجهاد والتكفير والهجرة من أبرزها: شورى المجاهدين، وأنصار الجهاد، والتوحيد والجهاد: وتركزت ضربات المسلحين المتشددين فى مناطق الشيخ زويد والعريش ورفح فى محافظة شمال سيناء، وقد دفع ذلك القوات المصرية إلى ملاحقتهم فى مناطق عدة من شبه جزيرة سيناء، أبرزها منطقة جبل الحلال جنوب العريش، أما فيما يتعلق بحجم السلاح فقد تضاعف فى سيناء منذ ثورة 25 يناير بنسبة 50%، ولذا فإنه من المؤسف أن تكون سيناء حالياً هى المنطقة الرخوه فى الجسد المصرى، رغم ما دفعه المصريون من دماء وأرواح أبنائهم لأجل تحرير هذا الجزء الاستراتيجى فى الخريطة المصرية، الذى أصبح مطمعاً للتدخلات الخارجية، وبوابة مكشوفة لتهديد الأمن القومى المصرى.
ولقد كان العام الذى حكم فيه الإخوان مصر هو العصر الذهبى فى علاقة حركة «حماس» مع نظام الحكم الإخوانى فى مصر، الذى سعت فيه حماس لتحقيق معظم أهدافها الاستراتيجية فى سيناء من استيلاء على أراض ومنازل، وتجنيس للفلسطينيين بالجنسية المصرية، ومد النفوذ الحمساوى إلى معظم مدن وقرى سيناء، وزيادة عدد الأنفاق، بل انتقل نفوذ حماس من سيناء إلى داخل المحافظات المصرية.
أما على الصعيد الداخلى فى مصر، فقد قرر الإخوان بالتعاون مع حماس استغلال الفراغ الأمنى، الذى حدث عقب ثورة 25 يناير، والاستفادة منه بتسلل عناصرها إلى سيناء، وداخل مصر، لخدمة أهداف جماعة الإخوان فى السيطرة على الحكم فى مصر، واعتقدت أن نظام حكم الإخوان سيمكنها من فتح معبر رفح على مصراعيه أمام غزو جحافل الفلسطينيين لسيناء، والسيطرة عليها. كما عملت حماس على تنفيذ المخطط الأمريكى الإسرائيلى القديم والحديث والمعروف باسم «جيورا أيلاند» لاستحواذ حماس على 750 كم2 من شمال سيناء حتى العريش، وضمها إلى قطاع غزة، لإقامة ما يسمى «غزة الكبرى»، لتكون مقراً لدولة فلسطين المستقبل، مع ضم الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية.
واليوم المشكلة تتعلق بعدد يقدر بألوف العناصر الجهادية، التى تستخدم أسلحة متطورة فى محاولة لإقامة إمارة إسلامية فى المنطقة «ج» الممنوع دخول الجيش المصرى فيها وفقاً لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، حيث تقع هذه المنطقة بين رفح والعريش، مما يحثنا على استكمال الجدار العازل حماية لأمن مصر القومى.
ولعل من أبرز الأمثلة التى قامت بها دول أخرى لبناء الجدران العازلة ما شرعت فيه السعودية فى 2006 على طول حدودها مع العراق الممتدة على مسافة نحو 900 كم... كما قامت المغرب فى مطلع الثمانينيات ببناء فى الصحراء الغربية عدد من الجدران بطول 2300 كم، وارتفاع يتراوح بين مترين وثلاثة أمتار، لمنع تسلل ناشطى جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادى الذهب. أيضاً شرعت فرنسا مع بدايات الحرب العالمية فى بناء خط «ماجينو» الدفاعى، لحماية أراضيها من هجوم ألمانى محتمل، واستمر بناء الخط على مدى عقود انتهى أمره بأن اجتاحته القوات الألمانية فى 1940.
كما بنت ألمانيا خط «سيغفريد»، وجدار الأطلسى الممتد من النرويج إلى فرنسا، ويبقى الجدار الأقدم على الإطلاق سور الصين العظيم، الذى بنى فى القرن الثالث قبل الميلاد بطول نحو سبعة آلاف كم، وارتفاع يزيد على ثمانية أمتار، وعمق يصل إلى أكثر من ستة أمتار، وكان الهدف من ورائه حماية الإمبراطورية الصينية من هجمات البرابرة، ومؤخراً تعتزم إسرائيل أن تقوم ببناء جدار مائى بين مدينتى إيلات وطابا، استكمالاً للجدار العازل على الحدود المصرية - الإسرائيلية، نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية فى شبه جزيرة سيناء. يأتى ذلك فى الوقت الذى اقتربت فيه إسرائيل من بناء آخر 15 كيلومترا من الجدار العازل على الحدود المصرية، الذى يمتد من إيلات شمالاً وحتى معبر كرم أبوسالم جنوباً، ويبلغ طوله 220 كم.
من ناحية أخرى تسارع السلطات السعودية فى عملية بناء الجدار العازل على حدودها مع اليمن، لإيقاف عمليات التسلل، وتهريب السلاح والمخدرات، حيث تراوح معدل من يتم ترحيلهم بين 1000 و2000 متسلل أسبوعياً غالبيتهم من إثيوبيا، تشاد، النيجر والصومال.
وأخيراً يبقى أن نعمل على تنمية سيناء سواء على المستوى القومى أو الإقليمى أو المحلى، وذلك لتدعيم المكانة الدولية لمنطقة القناة وسيناء، وتعظيم دورها فى مجالات الاستثمار والتجارة الدولية، انطلاقاً من موقعها الجغرافى المتميز، ومقوماتها الطبيعية والاقتصادية، ولتقوية أواصر العلاقات الاقتصادية بدول الجوار العربية، والشرق أوسطية، وحوض البحر الأبيض المتوسط، ولتعزيز القدرات التصديرية للمنطقة سواء فى المجالين السلعى أو الخدمى، ودمج سيناء فى الكيانين الاجتماعى والاقتصادى للدولة.
كما أنه من الضرورى إدخال الزراعة فى منطقة جنوب سيناء باعتبارها ذات أهمية خاصة، لاعتمادها على النشاط السياحى، وذلك لدعمها ويمكن الاستفادة من مياه وادى تير قبل أن تصب فى خليج العقبة من خلال إقامة السدود التحويلية مع تسهيل الإجراءات الإدارية، بهدف تعمير وفتح أفق الاستثمار فى سيناء الغالية.
الخروج عن النص ... متى يعلن الربيع الخليجي؟
د.مطلق سعود المطيري عن الرياض السعودية
أعاد إعلان الضربة العسكرية الأمريكية للنظام السوري الاعتبار المنطقي لاحياء دعوة خادم الحرمين الشريفين الداعية للتحرك للأمام بمجلس دول الخليج من التعاون الى الاتحاد.
فالمخاوف التي تفصح عن ذاتها كلما حطت أزمة سياسية بثقلها في المنطقة هي مخاوف لها أبعاد كارثية لا يطمئن القيادة الواعية بحقيقة تلك المخاوف إلا مع وجود قوة فعلية للتعامل معها؛ فكل خيار غير خيار بناء قوة عسكرية تحت ظل سياسة موحدة سيجعل من كل أزمة سياسية تضرب المنطقة استثماراً مجدياَ لتجار الأزمات الذين يروا أن دول الخليج هي الجهة التي تستهدفها استثماراتهم ودول الخليج دائما ما تستجيب لمساعيهم حفاظاً على بيئتها المستقرة والآمنة ' فدعوة خادم الحرمين الشرفين لاتحاد دول المجلس أرادت أن تبطل استثمارات تجار الأزمات من خلال صناعة قوة حقيقية تتعامل مع الأزمات بمنطق المخاوف التي تثيرها.
الحديث عن اتحاد مجلس الخليج في توقيت إعلان واشنطن الضربة العسكرية لنظام الأسد ليس حديثا هامشياً بعيداً عن حدود الأزمة ولكنه في قلبها، فطهران تحذر من إشعال المنطقة والرئيس السوري يقول ان النار ستصل إلى كل مكان في المنطقة، قد يعتبر البعض ان تلك التحذيرات فائدتها دعائية لا أكثر؛ وهي من الناحية الدعائية كذلك ولكنها من الناحية الاستراتيجية تحذيرات حقيقية بسبب الوضع الهش في المنطقة وحساب بناء النفوذ والانقسامات الطائفية، فطهران كما يقول المحلل السياسي الإسرائيلي روبين ديتكو في إجابته على سؤال عن احتمال قيام طهران عن طريق حليفها حزب الله بنقل المعركة لإسرائيل: "إن إسرائيل ليست العدو الصحيح لطهران فأسلحتها موجهة لدول الخليج وليست لإسرائيل" وتلك حقيقة ليست خافية عن كل متابع لسلوك طهران الإجرامي في المنطقة.
نعرف ان سورية ومعها طهران لن يشنا غارات جوية أو إطلاق صواريخها على دول الخليج إذا ما تعرض نظام الأسد لضربة عسكرية فكل ما باستطاعتهما عمله هو تحريك خلايا إرهابية عميلة لهما في المنطقة للقيام بأعمال تخريبية وهو سلوك إرهابي تعاملت معه دول الخليج في السابق ولكنها لم تقض عليه تماماً بسبب التعاون المؤكد بين طهران والجماعات الإرهابية التي لها أكثر من شكل مثل القاعدة أو دعاة إصلاح سياسي مثل جماعة الإخوان المسلمين.
فإعادة الاعتبار وبقوة لدعوة خادم الحرمين الشريفين القاضية باستبدال صيغة التعاون بصيغة الاتحاد قدمته الظروف المشتعلة التي لا تطفئها مياه الدبلوماسية مهما سلكت من دروب آمنة ولكن تطفئها نيران القوة العسكرية الموحدة بأهدافها ومخاوفها وسلاحها.
الهجوم الأميركي على سورية والشارع العربي بين العام 1990 و2013
بقلم: جعفر الجمري عن الوسط البحرينية
في العام 1990 هبّ الشارع العربي وبترخيص من حكوماته تنديداً بالغزو العراقي للكويت. كانت الهبّة بصمت رسمي عنها في اتساعها؛ ولكنها صادقة في تعاطفها وتنديدها بأول غزو/ حماقة يرتكبها نظام عربي بغزوه بلداً عربياً جاراً.
كانت هبَّة مطلوبة لامتصاص شيء من الغضب الذي قد يبرز مع تحرّك أكثر من نصف مليون جندي من دول التحالف وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، وتمركزهم في شبه الجزيرة العربية، في أول سابقة في تاريخ المنطقة يحتشد فيها ذلك العدد من الجنود متعددي الجنسيات.
في العام 2003، كان الشارع العربي هذه المرة أمام غزو قامت به الدولة التي كانت قائدة التحالف الدولي لتحرير الكويت. كان أمام غزو أميركي للعراق.
كان العنوان والمبرّر السهْل الممتنع: امتلاك نظام صدام حسين لمنظومة من الأسلحة الكيماوية، وهناك تخوّف من استخدامها في استذكار لتجربة المجزرة الشهيرة: حلبجة، التي راح ضحيتها مئات من الأطفال والنساء والشيوخ من الأكراد.
انشقاق مفتشين دوليين وقتها، وفضحهم للنوايا الأميركية بمهاجمة العراق؛ على رغم عدم وجود أدلة بامتلاك العراق لتلك الأسلحة؛ إلا أن الغزو تم من دون الالتفات إلى تفويض من مجلس الأمن أو الرجوع إليه أساساً. كان القرار أميركياً وبإسناد من دول في المنطقة هي على تحالف تقليدي وعريق لا يمكن لحاسّة أن تغفل عنه!
كانت عيون الشارع العربي مركّزةً على إسقاط أعتى وأشرس طاغيةٍ عرفه التاريخ العربي القديم والحديث (صدام حسين). العراقيون في الدرجة الأولى – ولأكن أكثر تحديداً – في غالبيتهم يبحثون عن الخلاص المستحيل: إسقاط حكم العائلة/ الحزب الذي نهب ونكّل بالعراقيين لأكثر من ثلاثة عقود أتت على الحرث والنسل.
الشارع العربي عموماً، تحت قبضة منظومة أمنية مازالت في ذروة شراستها وشبه استحالة الخروج عليها والوقوف أمامها أو مواجهتها.
كان الهبَّة في حدود الكلام والتنديد والاستنكار والشجْب؛ عبر وسائل إعلام أتاحت هامشاً خجولاً من الحرية ضمن تلك الحدود؛ في مقابل وسائل إعلام وجدت في الغزو هذه المرة تصحيحاً لأخطاء تم تأجيلها لأكثر من 13 عاماً منذ غزو الكويت، وكان لابد أن يرافق تحريرها إسقاط النظام الذي تسبّب بكوارث ومآسٍ تجاوز أثر الكويت والعراق؛ لتمتدّ آثاره وصولاً إلى نواكشوط، بنظامها الذي لم يخفِ تعاطفه مع الغزو.
في العام 2011، تغيّرت الصورة النمطية للأثر والفعل الذي يمكن للشارع العربي أن يحدثه ويلعبه في مستقبل السياسات في المنطقة.
مع سقوط واحد من أشرس الأنظمة الأمنية والقمعية في منطقة شمال إفريقيا (تونس) بهرب زين العابدين بن علي بعد أن تأخر فهمه لمطالب شعبه، وبعد أن أحرق بائع خضار نفسه ليبدّد وهْماً امتد إلى ثلاثة عقود إلا قليلاً. مع ذلك السقوط/ الهرب لم يعد الشارع العربي آخر المحصّلات التي يجب الالتفات إليها؛ بل بات أول ارتكاز في أول تحرك؛ على الأقل بالنسبة إلى القوى الكبرى؛ وخصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، وإن استمرت المكابرة من بعض الأنظمة التي مازالت مهيمنة على الأوضاع في بلدانها؛ بأن ما حدث في بعض الدول لا يعنيها من قريب أو بعيد، في تكرار للأزمة: لسنا مثل (س) أو (ص) من الدول والأنظمة!
تكرر سقوط قطع الدومينو في ليبيا... اليمن ومصر. كانت الولايات المتحدة الأميركية تتبع سياسة: انتظرْ لتقرّر مع من تصطف. في سورية طال الانتظار؛ وخصوصاً مع تأكد دخول حزب الله على الخط في مساندة النظام السوري. جاءت مجزرة السلاح الكيماوي لتقدّم على طبق من فرصة تاريخية لتكرار سيناريو العراق. لا يقين من أن النظام وراء استخدام السلاح الكيماوي. خسر النظام في ذروة المواجهات مناطق ومراكز حيوية لم تدفعه إلى استخدام مثل ذلك السلاح. التوقيت مريب؛ وخصوصاً مع إقرار مدّ المعارضة السورية بسلاح نوعي؛ كان ذلك قبل أيامٍ فقط من المجزرة، وعلى لسان الجيش السوري الحر، وعبر تصريحات رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا.
لم يتم الحديث عن مناطق آمنة يُحجّم فيها تحرك الطيران السوري في عمليات ضرب المجاميع المسلحة، ومحاولة فك الحصار عن عدد من البلدات التي تتحكّم المجاميع في مداخلها. التفويض من مجلس الأمن فشل بالاعتراض الروسي - الصيني. تقرير مفتشي الأمم المتحدة يحتاج إلى 10 أيام أو أسبوعين. التحالف فشل. بريطانيا وفرنسا خارج تحالف ضرب سورية. الشارع العربي في العام 2013 لم يعد هو الشارع في عامي 1990- 2003. الربيع العربي ماحق للخريف الذي طال. هل تنتظر أميركا نتيجة التقرير؟ تصريحات وزير الخارجية جون كيري اختصرت المسألة: ضرب سورية رسالة إلى إيران وحزب الله. المسألة إذاً لا علاقة لها بالسلاح الكيماوي. لها علاقة بـ «إسرائيل». تجاوز معادلة الشارع العربي ستحرّك ما همد وتأجّل من ذلك الربيع في بعض دول المشرق. الكُلف باهظة. ومظلة الحماية للأنظمة التي وفرتها أميركا لا يمكن أن تُفعّل في حال تم تجاوز ذلك الشارع المرشّح لإعادة الكرّة في قلب الطاولات والمعادلات من جديد!
هل تحدث الضربة دون انتظار نتيجة التقرير؟ لا إيحاءات في تصريحات كيري. تصريحاته واضحة. يبدو أنه الحنين إلى ارتكاب مزيدٍ من الحماقات. الضربة مرشّحةٌ لأن تحدث دون تفويض، ودون انتظار نتيجة تقرير المفتشين الدوليين.
مشكلتنا مع النظام: وأنتم ما دخلكم؟
بقلم: سليم قلالة عن الشروق الجزائرية
تصلني بعض الرسائل يرى أصحابها أن رفضي الاستعانة بالأمريكان والإسرائيليين والفرنسيين وغيرهم للإطاحة ببعض الأنظمة العربية فيه دفاع عن هذه الأنظمة القمعية المتسلطة على شعوب المنطقة، بل وترى أنه بدل أن نحزن لتدخل هؤلاء الأجانب، علينا أن نفرح، لأنهم سيأتون منقذين مخلصين لنا من دكتاتوريات الحكام وظلم أتباعهم، علينا أن نفرح بضرب إسرائيل وأمريكا والغرب لسورية، لأن على رأس الحكم فيها الأسد، وأن نسعد بأن الناتو تدخل في ليبيا وأطاح بحكم القذافي، وغدا أن نقيم الأعراس إذا ما تدخل هؤلاء ضد هذا الحاكم أو ذاك، لأنه طغى وتجبر.
أقول لهؤلاء أولا ينبغي أن لا ننسى بأن هذه الدول الأجنبية التي تزعم أنها قادمة اليوم لتحريرنا وإنقاذنا من تسلط الأنظمة هي من نَصّبت هذه الأنظمة وساندتها طوال العقود الماضية، بل وشجعتها على نهب ثرواتنا وفتحت لها الحسابات في البنوك السويسرية واتفقت معها على بيعنا مواد فاسدة وسلاحا لا يصلح للدفاع عن النفس.
فكيف تأتي اليوم وتزعم أنها ستقف إلى جانب الشعوب ضدها؟
ثانيا أن هذه الدول إنما تستعين في عودتها ـ فاتحة منقذة ـ في المقام الأول بأزلام الأنظمة السابقة الذين ادعوا التوبة، ومنهم من كان عميلا معها وتعرفه حق المعرفة وتثق فيه، والأمثلة كثيرة.
ثالثا أن هذه الدول أبدا ما انتصرت لمطالب الشعب الفلسطيني المضطهد منذ أكثر من نصف قرن، بل وكانت باستمرار السند الأول للكيان الإسرائيلي لمزيد من التوسع والاضطهاد والقتل والأسر ومنع عودة اللاجئين. كيف يصحو ضميرها اليوم على السوري أو الليبي أو العراقي؟ ولم يصح على الفلسطيني منذ 50 سنة؟
رابعا إن الاستعانة بهذه القوى للإطاحة بالدكتاتوريات العربية لم يؤدي إلا إلى مزيد من التسلط في هذه البلدان، ولم يفتح أبدا الطريق نحو الديمقراطية المزعومة، بل عكس ذلك أدخلها في وضع أكثر مأساوية من ذي قبل، ذلك أن الأجنبي لا هدف له سوى النهب ومزيد من النهب.
أخيرا أقول تصوروا لو أن مناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ الذين زُج بهم في المعتقلات والسجون ومُنعوا من فوز انتخابي شرعي ومشروع، وعَرفوا أكبر أنواع القهر والتشريد، استعانوا بالفرنسيين أو الأمريكان أو الإسرائيليين للإطاحة بالنظام الذي ظلمهم: هل ستكون الجزائر اليوم أفضل مما هي عليه؟
لعلمكم، لقد كان هؤلاء المظلومين، وهم في معتقلات الصحراء يرفضون أن يقابلوا حتى ممثلا عن منظمات دولية تدافع عن حقوق إنسان، فما بالك ممثلي استخبارات أو دول أجنبية، كلمتهم واحدة أنذاك: مشكلتنا مع النظام وأنتم ما دخلكم؟ وهكذا كان إلى أن بدأت رياح الفرج تلوح في الأفق. فهل كانوا هم أيضا على خطأ؟ وكان عليهم الارتماء في أحضان الأجنبي؟