المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 489



Haneen
2013-12-08, 12:43 PM
اقلام عربي 489
3/9/2013

في هذا الملــــف:
رأي القدس: هل لدى اوباما دوافع اخلاقية في تأجيل ضربة سورية؟
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي

تصعيد الرد الروسي
بقلم: الياس حرفوش عن الحياة اللندنية

تفتيت ما أمكن من الوطن العربي
بقلم: الياس سحاب عن السفير البيروتية

الأميركي وحاضنته المتداعية ..!!
بقلم: علي قاسم عن الثورة السورية

الانشقاق
بقلم: عبدالرحمن الحبيب عن عكاظ السعودية
تفاعل الكيماوي الاسدي أيديولوجيا وسياسيا
بقلم: غسان المفلح عن السياسة الكويتية

غزة بين المنطقتين العازلة والحرة!
بقلم: حبيب أبو محفوظ عن السبيل الأردنية

ماذا لو جرى انتظار أوباما في مصر؟
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط

زيارة إلى المستقبل لقراءة ما سيكتبه التاريخ عن الإخوان
بقلم: وائل السمرى عن اليوم السابع

الشرق الأوسط وحرب المياه الباردة
بقلم: سالم سالمين النعيمي عن الاتحاد الاماراتية

الشرق الأوسط وحرب المياه الباردة
بقلم: سالم سالمين النعيمي عن الاتحاد الاماراتية




رأي القدس: هل لدى اوباما دوافع اخلاقية في تأجيل ضربة سورية؟
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
قرار الرئيس الامريكي باراك اوباما يوم السبت الماضي تأجيل التدخل العسكري ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد واحالة القرار الى الكونغرس، فاجأ زعماء العالم، باستثناء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي تلقى اتصالات قبل القرار باربع ساعات، واذا كانت التقارير الاسرائيلية تتحدث عن اطلاعه على قرار التأجيل، لكن ليس من المستبعد ان يكون القرار بحد ذاته نتيجة هذه المحادثة التي تعبر عن التنسيق العميق بين الدولتين.
تبع هذا التنسيق قيام الجيش الاسرائيلي بتسريح جنود الاحتياط الذين استدعاهم الاسبوع الماضي، كما بدأ باعادة نشر منظومة ‘القبة الحديدية’ الى ما كانت عليه قبل رفع حالة التأهب.
وفيما تعرض اوباما لسيل من الانتقادات لتردده وتلكؤه، تلقى اشادة هامة من الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس لانضباطه وعقلانيته، مؤكدا بانه يثق به بكل ما يتعلق باسرائيل.
تصريحات بيريس يوم امس للاذاعة الاسرائيلية وقوله ان الوضع في سورية لن يعود الى ما كان عليه قبل نشوب الحرب فيها، دليل على ان اوباما وطبعا المحرض اسرائيل، لا يهتمان الا بانهاء قدرات سورية على تهديد اسرائيل، وليس الشعب السوري وما يتعرض له. فاليوم من الواضح ان الرئيس اوباما ينظر للشرق الاوسط من المنظار الاسرائيلي.
الادارة الامريكية اكتفت خلال الثلاثين شهرا الماضية، بالمراقبة الدقيقة لهجمات الاسد، ولم تقدم على اي تدخل طالما لا تؤثر اجراءاته على اسرائيل، وطالما لا يوجد حسم عسكري، فلا قوات النظام السوري استطاعت انهاء المعارضة، ولا قوات المعارضة ستنهي حكم آل الاسد، والخاسر الوحيد اليوم هو سورية وشعبها، الذي فقد اكثر من مئة الف شخص منذ بداية الثورة.
فحسب تقرير للشبكة السورية لحقوق الانسان، قتل 101513 سوريا منذ آذار/مارس 2011، وحتى تاريخ 21 آب/اغسطس الماضي، تاريخ المجزرة الكيماوية في الغوطتين بريف دمشق. وحسب الشبكة فان هذه الارقام موثقة بالاسم والمكان والتاريخ وكيفية قتلهم. وتضمن التقرير ارقاما مفزعة، منها ان عدد القتلى من المواطنين المدنيين بلغ 89 ألفا و664 اي ما نسبته 88′، وعدد الاطفال بلغ 10 آلاف و914 طفلا اي ما نسبته 12′ من المدنيين، بينما قتل 9911 امرأة بنسبة 11′، اضافة الى مقتل 2964 جراء التعذيب في السجون. وهذه الارقام تشير الى مقتل 6 مواطنين كل ساعة و135 مواطنا كل يوم، بحيث يقتل كل ساعتين طفل وكل ثلاث ساعات تقتل امرأة.
امام كل هذه الارقام التي يعرفها الرئيس الامريكي، ما زال يؤكد على خططه بتوجيه ضربة محدودة لا تنهي قدرات الرئيس الاسد على مواصلة القتل والتدمير، بل تقضي على ما تبقى من ترسانته العسكرية التي قد تهدد اسرائيل، وهو ما قد يقبل الاسد على دفعه مقابل الحفاظ على قدرته على مواصلة الحرب في الداخل، خاصة وهو يدري ان امريكا ليست جاهزة لليوم التالي بعد رحيله.
يحاول الرئيس اوباما الحصول على شرعية للضربة العسكرية للنظام السوري من الكونغرس، وربما يأتي تراجعه عن قرار التدخل الا باذن من المشرعين ضمن جهود تستهدف تحقيق توافق دولي على الرد على استخدام الاسلحة الكيماوية، وهو ما يثير دهشة الشعوب والمسؤولين في العالمين العربي والاسلامي، فالادارة الامريكية وعلى مدى 65 عاما تتعاطى مع القضية الفلسطينية وهي تغض النظر عن الانتهاكات للقرارات الدولية التي ترتكبها اسرائيل حليفها الاول واكبر متلق للمعونات الامريكية.
موقف امريكا يثير من جديد الشكوك بسياستها تجاه منطقة لديها بها مصالح حيوية، ولا تقررها الا من خلال مصلحة اسرائيل، فهل يستطيع اوباما اقناع العالم انه يتحرك لدوافع اخلاقية وانسانية وبموجب متطلبات القانون الدولي، اذا كان تعاطيه مع القضية الفلسطينية لا ينطوي على اي احترام للقانون الدولي؟

تصعيد الرد الروسي
بقلم: الياس حرفوش عن الحياة اللندنية
من الصعب أن نتذكر مرحلة بلغت فيها العلاقات بين واشنطن وموسكو هذه الدرجة من التدهور، منذ زمن الغزو السوفياتي لأفغانستان، أو زمن المظلة الروسية التي حاولت موسكو نشرها فوق رؤوس جزّاري بلغراد لحمايتهم في حروبهم ومذابحهم ضد كل من كان من غير الصرب في البلاد التي ورثوها من جوزف تيتو.
من الصعب أن نتذكر أيضاً مرحلة بلغ فيها التصعيد في لهجة الرد الروسي على المسؤولين الأميركيين درجة وصلت إلى حد اتهام موسكو لهؤلاء المسؤولين بالكذب، على ما جاء في وصف بوتين الاتهامات الأميركية بأنها «محض هراء»، وكذلك في ما نقل عن وزير الخارجية سيرغي لافروف، الذي قال إن موسكو «غير مقتنعة إطلاقاً» بالمعلومات التي قدمها الرئيس اوباما ووزير خارجيته جون كيري عن أن لدى الإدارة الأميركية ما يثبت أن نظام الرئيس بشار الأسد استخدم غاز السارين في قصف مناطق في غوطتي دمشق قبل أسبوعين، والذي أدى إلى مقتل أكثر من ألف شخص، من بينهم ما يزيد على 400 طفل.
إنه مستوى غير مسبوق من سقوط كل أصول اللياقة الديبلوماسية في العلاقات بين الدول، وكل ذلك تفعله موسكو من أجل حماية نظام دمشق، هي التي قامت بكل ما أمكن على مدى العامين والنصف الماضيين، لحمايته من المحاسبة، وكان ثمن ذلك شلّ مجلس الأمن ومنعه من القيام بمسؤولياته في حماية السلم العالمي. غير أن الثمن الأفظع كان المستوى الاستثنائي الذي بلغته آلة القتل السورية ضد شعبها، وحجم الدمار والخراب الذي لحق بالمدن والمؤسسات والبنى التحتية السورية، والتي ستحتاج إلى أعوام طويلة وبلايين لا تحصى لإعادة إعمارها.
ما الذي يدفع موسكو إلى اعتماد هذا النهج التصعيدي في وجه واشنطن من أجل إرضاء النظام السوري، وهي تعلم من دون شك أن بقاء هذا النظام صار مستحيلاً، ولم يعد أمام روسيا، إذا كان لها أن تكسب شيئاً في مستقبل سورية، سوى أن تتفاوض مع الشعب السوري على ما يمكن أن يحفظ مصالحها في المرحلة المقبلة؟
بل ما الذي يدفع موسكو إلى استعداء الأنظمة العربية ومعظم شعوب المنطقة بهذه السياسة التي اعتمدتها في مواجهة الأزمة السورية، والتي أدت إلى منع الحل السياسي الذي كانت تطالب به الدول العربية منذ البداية؟ فإذا كانت موسكو تدعي اليوم أن السبب وراء موقفها الداعم للنظام السوري هو الخوف من سطوة الجهاديين والحركات الأصولية على صفوف المعارضة، فإن تعطيل الحل السياسي، من خلال توفير الحماية للنظام وإقناعه بإمكان الانتصار المسلح على المعارضة، هو الذي أدى إلى دخول هذه المجموعات أصلاً إلى الأرض السورية، وإلى تفاقم أعمال العنف والارتكابات الإجرامية التي بتنا نتابعها بشكل شبه يومي.
هذه هي الأسئلة التي تحير كل مراقب لتطور الموقف الروسي من هذه الأزمة. فإذا كان موقف النظام الإيراني وحلفائه في المنطقة مفهوماً وتأييدهم لبقاء النظام السوري مبرراً، إذ إن بقاءهم مرتبط مباشرة ببقائه، فإن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى موسكو. ومن هنا سبب الاستغراب.
لم يتأخر الوقت الذي تستطيع فيه موسكو أن تساهم في عمل إيجابي حيال الأزمة السورية. ولعل قمة مجموعة العشرين التي ستعقد هذا الأسبوع تكون فرصة لذلك. لقد قال الرئيس بوتين إن هذه المجموعة ليست بديلاً عن مجلس الأمن، لكنها منبر جيد لبحث هذه الأزمة. وبينما اتهم الولايات المتحدة بتدمير النظام الدولي، تجاهل أن تصويت بلاده (مع الصين) ثلاث مرات بالفيتو في مجلس الأمن هو الذي عطل قدرة هذا المجلس على اتخاذ قرار يفرض حلاًّ متوازناً.
قد تكون قمة العشرين فرصة مناسبة للبحث عن مخرج ولتفاهم جديد بين واشنطن وموسكو. لكن ... إذا كان باراك اوباما قرر اللجوء إلى الكونغرس لاستشارته في كيفية الرد على النظام السوري، فهل من هيئة روسية يمكن أن يلجأ إليها بوتين لسماع رأيها في دعمه لنظام لا يتردد في استخدام كل الطرق للقضاء على معارضيه؟

تفتيت ما أمكن من الوطن العربي
بقلم: الياس سحاب عن السفير البيروتية
إنها أيام ثقيلة، ملبدة بغيوم سوداء، تذكرنا بالعدوان الثلاثي على مصر (1956) وبيوم الانفصال بين سوريا ومصر (1961)، وبالضربة العسكرية لمصر وسوريا (1967) وبالاجتياح الاسرائيلي للبنان (1982) وبالغزو الاميركي المباشر للعراق في مطلع القرن الجديد. وهي ايام لها كلها، على أي حال، صلة الرحم بأيام نكبة العرب في فلسطين في العام 1948. وصلة رحم أقدم، باتفاقية «سايكس - بيكو» (1916) ثم «بوعد بلفور» (1917).
فهي كلها، بدرجة او أخرى، ايام تصب في علاقتنا بالغرب الاستعماري، القديم والجديد، منذ ان اولاه مسؤولونا الرسميون في ضجيج انهيار الامبراطورية العثمانية، موقعا أساسيا في تحديد مصير المنطقة العربية، استنادا الى وعود ما زالت تفرخ لنا النكبة تلو النكبة، وتزيد في تفتيت ارجاء الوطن العربي منذ مطلع القرن العشرين، حتى مطلع القرن الحادي والعشرين. وأمرها كلها كان منوطا خارجيا بمركز قرار الاستعمار القديم، في فرنسا وانكلترا، ثم بمركز الاستعمار الجديد، في الولايات المتحدة الاميركية. وانضم الى مركز القرار الخارجي منذ منتصف القرن، الكيان الصهيوني المغتصب في فلسطين. لكن الشريك الدائم، كان في كل تلك الحالات القديمة والجديدة، المواقف التاريخية المخزية للأنظمة العربية الرسمية.
لكن محطة اليوم في هذه السلسلة الطويلة، المتمثلة بالقرار الاميركي بتوجيه ضربة صاروخية الى سوريا، لها ككل واحدة من هذه المحطات، خصوصيتها المميزة لسببين رئيسين:
1- إن مركز القرار فيها الآن هو واشنطن، في مرحلة من مراحل تراجع نفوذ الامبراطورية الاميركية التي ارخت بظلها الثقيل على الكرة الارضية كلها، منذ انهيار الاتحاد السوفياتي. ويتبع هذا المركز بأدوار الكومبارس دول عديدة في اوروبا الغربية، على رأسها فرنسا وانكلترا، زعيمتا الاستعمار القديم الذي غرق في قناة السويس العام 1956، والكيان الصهوني.
2- إن درجة شراكة بعض الانظمة العربية في متابعة القرار (صدوراً وتنفيذاً)، هي أعلى درجات المشاركة العربية الرسمية، نحو تفتيت المزيد من تماسك الوطن العربي ووحدته، ووحدة اقاليمه الكبرى والرئيسة. حتى ان درجة المشاركة هذه المرة، لم تكن فقط الاعلى، بل ارتفعت الى مستوى الحماسة التي تجاوزت في اندفاعها وشططها اندفاع العاصمة المركزية للقرار: واشنطن.
لقد اقترح المحللون والخبراء اكثر من عنوان للضربة الاميركية الصاروخية على سوريا، لكن لها في حقيقة الامر عنوان واحد، مستعار من الهدف المحدد لهذه الضربة، وهو تأسيس مزيد من شروط الحماية لأمن الكيان الصهيوني، في حال ادت الظروف الى اكتمال تراجع نفوذ الامبراطورية الاميركية، وهذه الشروط مرتبطة كلها، بالمزيد والمزيد والمزيد من تفتيت اوصال المراكز الرئيسة في الوحدة الاقليمية للوطن العربي، قبل ان تفقد واشنطن القدرة على التدخل المباشر لحماية امن الكيان الصهيوني مما يحيط به من أقدار حتمية.
لقد خسر العرب دور اكبر وأهم اقطارهم: مصر، على يدي انور السادات يوم وقع على اتفاقيات «كامب دافيد»، ثم عاد العرب واستبشروا باحتمالات قوية لاستعادة دور مصر المحوري في هذا الصراع المعقد، بتتابع احداث ثورة «25 يناير»، ثم «30 يونيو». وإن كانت هذه الاستعادة منوطة بتطورات داخلية قادمة في مصر.
إن هرولة الادارة الاميركية نحو قرار توجيه الضربة الصاروخية على سوريا، قبل ظهور نتيجة هيئة التحقيق الدولية في مسألة الاسلحة الكيميائية، واستحالة صدور موافقة من مجلس الامن، يأتي في مجال التسابق بين الرغبة في تفتيت اكثر ما يمكن من الوحدة الاقليمية للوطن العربي، قبل استعادة مصر لدورها الحيوي في الصراع.

الأميركي وحاضنته المتداعية ..!!
بقلم: علي قاسم عن الثورة السورية
اعتاد الأميركي على مدى عقود تسيّده المشهد الدولي الرهان على حاضنته الجاذبة، ومارس من خلالها سطوته العارمة على أعدائه وخصومه كما هي على حلفائه وأصدقائه، وكانت في أغلب الأحيان الورقة الحاسمة،
واستطاعت أن تئد كل محاولة للخروج من منطق الهيمنة الأميركية.‏
اليوم، المقاربة مختلفة، وإن لم تتبلور بشكل كلي وواضح، لكنها ترسم هوامشها على الموقف الأميركي، وتمانع بشكل صريح قراره، بدليل هذه الحصيلة الهزيلة من الحلفاء والتابعين الذين بقوا حتى اليوم في الضفة الأميركية، ما استدعى استنفاراً لا يقتصر على التجييش وحشد الطاقات والإمكانات، بل اقتضى البحث عن أوراق ضغط تعيد للسطوة الأميركية بعضاً من حضورها.‏
وقد تكون المذاكرة المطولة للأمين العام للحلف الأطلسي حول الحلف وموقفه ودوره ومقدراته وقوانينه باكورة نتائج ذلك الاستنفار، بالتزامن مع تصعيد البيت الأبيض من أوراق ضغطه السياسي داخلياً وخارجياً، حيث تمارس أذرعه الاستخباراتية والدعائية دورها الضاغط باتجاه تجييش الموقف.‏
فالشرح المسهب الذي قدمه راسموسن والتفاصيل المغرقة في جزئياتها تتقاطع مع سعي إدارة أوباما لإعادة تعويم مواقف حلفائها الرافضين، والإمساك مجدداً ببعض الأذرع التي بدت أنها خارج القبضة الأميركية، خصوصاً ما كانت تعوّل عليه في حساباتها التقليدية وتعتبرها تحصيلاً منتهياً لا يحتاج إلى نقاش ولا إلى جدال.‏
وبعد خيبتها من الحليف البريطاني تستدير باتجاه الأجزاء المتبقية من مناطق النفوذ الأميركي المعتادة، وخصوصاً الحلفاء الأكثر قرباً وربما الأكثر طواعية.‏
إعادة الأميركي تشبيك الخيوط مع الحلفاء والأدوات والأذرع والأصابع تصطدم على أكثر من صعيد بتفاعل مزدوج على الساحة الداخلية الأميركية، وبتناقض متعدد الأبعاد على الجبهة الخارجية، خصوصاً أن الخيارات البديلة تبدو كارثية على مستقبل الطاقم السياسي الأميركي القائم حالياً، ما استدعى قيام الصحافة الأميركية بشن حملة تعبئة سياسية وإعلامية ودعائية مضاعفة وشمولية لكسب مزيد من النقاط داخل الكونغرس.‏
ولذلك أيضاً لم تتردد إدارة أوباما في سحب خطابها الأول المرسل إلى الكونغرس لإعادة صياغته ليكون منسجماً مع أهواء بعض الكتل النافذة داخله، ويستجيب في الوقت ذاته لكثير من الملاحظات الأولية التي وردت في اللقاءات التحضيرية والتحريضية التي تعقدها إدارة أوباما مع أعضاء الكونغرس، بحيث تستطيع أن تغلق الثغرات القائمة في خطابها الأول وترضي في الوقت ذاته اللوبيات المتشددة داخله ومراكز الضغط خارجه.‏
على المنوال ذاته تحاول الإدارة الأميركية أن تسترضي بعض حلفائها، وتنشط في البحث عن كمائن سياسية تعيد إلى السرب الأميركي تبجحه، بعديده رغم ما يتهدده من انحسار، كي لا يبقى الأميركي وحيداً وهو أيضاً ما قد ينسحب على الرئيس أوباما ذاته، وما ينتظره من أيام صعبة.‏
المشهد الفرنسي يتشابك مع الأميركي يميناً ويساراً، وتلتف حوله الكثير من الأحجيات التي تزيده ارتباكاً وغموضاً وتضيف إلى حوامله السياسية عوامل تعقيد ناتجة عن التغول الأميركي في استباحته، وتتحرك بداخله وعلى حوافه عوامل متناقضة تحاكي الحال الأميركي، وتجعل عملية فك رموزه مهمة مستحيلة وسط ضحالة فكرية وسياسية وقحط في الرؤية الموازية لها.‏
المحاكاة الفرنسية في تعرجها عن الخط الأوروبي تعكس انزياحاً واضحاً يرتبط بتلك الضحالة التي تستحكم بمفرزات القرار الفرنسي وصانعه سياسياً وفكرياً، والتي اقتضت أن تكون تابعاً ثانوياً في الفلك الأميركي التائه اليوم بين حسابات أوباما واشتراطات الكونغرس.‏
في كل الأحوال لا يغيب عن ذهن الإدارة الأميركية أن الاحتماء بالكونغرس يقتضي بالضرورة مزيداً من التنازلات وقبولاً بكثير من الضغوط وشروط الابتزاز على المستويين الداخلي والخارجي، بما يعنيه من استيلاد مشكلات بنيوية في القرار الأميركي، ستظل ضاغطة على ساكن البيت الأبيض، وقد تفرض عليه ما هو أبعد من قبول أولي بشروط الجمهوريين وصولاً إلى استرضاء الحلفاء وتقديم ما يغريهم بالعودة إلى الحاضنة الأميركية المتداعية سياسياً وأخلاقياً والمتخمة بالأكاذيب الفاضحة، والتي باتت نابذة ومنفرة، يفر منها الحلفاء.. المقربون منهم قبل الثانويين، والتقليديون أكثر من المستجدين.‏

الانشقاق
بقلم: عبدالرحمن الحبيب عن عكاظ السعودية
جاء الآن دور الحرب النفسية أو الحرب الباردة أو حرب الأعصاب وتحطيم المعنويات أو الحرب السياسية الفتاكة مع نظام الأسد وخاصة جيشه في استخدام هذا النوع من الحرب من خلال الاستخدام الأمثل والممنهج لمختلف الأساليب النفسية للتأثير على مشاعر وأحاسيس وسلوكيات جيش الأسد والفئات الموالية له والسعي الحثيث والمخطط لتطبيق استراتيجية محددة لخفض معنويات من يقف في صف الأسد .
ولعل أهم وأفضل طريقة هي بث الذعر والتهديد المستمر حتى يتم الشعور بالهزيمة والاستسلام واليأس من أجل إحداث مزيد من الانشقاقات في صفوف الجيش السوري وكذلك نزوح أكبر عدد لما تبقى من الشعب السوري إلى البلدان العربية المجاورة، حيث إنه معروف علميا أن الحرب النفسية تعد أقوى وأسرع سلاح في عمليات الصراع وتحقيق النصر المؤزر بأقل التكاليف والخسائر البشرية والمادية.
ومن معلم البشرية عليه أفضل الصلاة والتسليم نستلهم الدروس والعبر في إدارة عمليات الصراع حيث إنه خلال قيادته 28 غزوة تمكن من إنهاء 19 غزوة منها بدون قتال بسبب خوف الطرف المقابل من النتائج السلبية والهزيمة ومواجهة القوة لأن الحرب النفسية تدمر في عقل ونفسية العسكر قوة الإرادة والإصرار والعزيمة والإيجابية وتحطم الروح القتالية وتزعزع الثقة بالنفس وبمن حوله وتسعى للتفريق بين النظام وحلفائه ودفعهم نحو التخلي عنه وتحييد الأطراف الأخرى التي قد يلجأ إليها النظام السوري كروسيا وإيران والصين، ولذلك فإن التهديد بالقوة وتجهيز الصواريخ والطائرات والمعدات الحربية والذي بدأ يأخذ طريقه من خلال تحريك الأساطيل وإجراء المناورات العسكرية وتصريحات القادة والعسكريين وإعلان التعبئة كلها مؤشرات ماثلة على بدء الحرب النفسية.
الكل يتمنى أن يرى انسحاب أو انشقاق أو استسلام جيش النظام السوري بدون إراقة الدماء أو تدمير للمعدات والسلاح الحربي الذي هو أساس لحماية الشعب السوري وأراضيه ومثله تدمير المنشآت والمباني والبنية التحتية. والكل يريد إسقاط هذا النظام الوحشي القاتل وأركانه المقربين له جدا حتى يتخلص الشعب السوري الأعزل من هذا الظالم السفاك ويبدأ في تقرير مصيره واختيار حكومته بعد هذا الصراع الطويل الذي قارب الثلاث سنوات لم يذق فيها هذا الشعب المغلوب على أمره بمختلف فئاته وأطيافه طعم الراحة والأمن والاستقرار.. فاللهم عجل بنصرك فإنهم مظلومون.


تفاعل الكيماوي الاسدي أيديولوجيا وسياسيا
بقلم: غسان المفلح عن السياسة الكويتية
دمشق تحمل بؤسها, بسلطة كيماوية مجرمة, وبعض من طبقة تجار ومشايخ انتفعوا حتى من دم السوريين, حلب مثلها, في تحالف استمر منذ أكثر 40 عاما, جعل دمشق لاتشبه نفسها ولا تاريخها أبدا. بعد ان قام النظام الكيماوي بضرب غوطة دمشق بالكيماوي, وراح ضحية الضربة اكثر من 1450 ضحية بينهم أكثر من 400 طفل, جاءت ردود الفعل الدولية, على جريمة الابادة الاسدية ضد الانسانية, باهتة نوعا ما ماخلا الموقف الأميركي والفرنسي هذا الموقف الذي يريد توجيه ضربة عسكرية عقابية.
هذا الموقف إن تم تنفيذه سينقل الوضعية السورية إلى حقل جديد من تعاطي المجتمع الدولي معها, رغم انقساماته, مع ذلك لا بد من أن نلاحظ, ان كلمة باراك أوباما قبل أيام كان لها مدلول واحد, أن الملف السوري كله صار الآن بيد أميركا, لا روسيا ولا الصين ولا الاتحاد الاوروبي, إلا من يريد من الدول الانضمام للملف بقيادة الولايات المتحدة, وهنا لابد من ملاحظتين الاولى تتعلق بالحشد القيادي, داخليا حل الكونغرس الأميركي مكان مجلس الامن الذي وصفه اوباما بالعاجز, وخارجيا تحشيد دولي لهذه القيادة الجديدة للملف, أما سورياً تجهيز عملية انتقال السلطة طالت أم قصرت. أميركا بعدما وصل الوضع السوري إلى ماوصل إليه من ارتكاب جرائم ضد الانسانية من منظور اوباما, ووصفه للنظام انه ديكتاتور يقتل شعبه واطفاله, وكان لها دور في وصول الوضع إلى هنا, بعدما تركت الديكتاتور وحلفاءه يقتلون الشعب السوري لاخماد ثورته وتدمير البلد, ظنا منها ان الثورة يمكن ان تنتهي من دون تنحي الاسد, أو ان يتقدم الاسد بمبادرة لنقل السلطة داخل النظام نفسه, لكن هذا لم يحدث واستخدم الكيماوي, راميا عرض الحائط بالتعهد الذي تقدم به لها بعدم استخدامه, كل هذا وغيره كانت أميركا خلاله, تجمع وتلم كل اوراق الملف السوري وهذا ما حصل, وعبر عنه في خطاب اوباما الأخير. لكن ما يهمني هنا هو كيف تفاعل هذا الكيماوي داخليا عموما وعلى مستوى المعارضة?
يتصفح بعض الناشطين صفحات الموالين للاسد, فكانت ردود فعلهم في اليوم الاول, فرحة مبتهجة, والاهم أنها مقتنعة أن بشارهم هو من ضرب الغوطة بالكيماوي! لأنهم يعرفونه من خلال خدمتهم له. اضافة إلى رغبتهم العميقة في ابادة الشعب السوري, أما بقية الشعب السوري فلاداعي بالنسبة له ليناقش من قام بهذه الضربة الكيماوية, لأنه اختبر هذه الطغمة الفاشية و"شبيحتها" وعسكرها طوال عامين ونصف العام. معنى ذلك غالبية عظمى من السوريين ثورة وموالاة متأكدون ان من ضرب الكيماوي هو النظام. حتى جاءت بعض اصوات من تدعي أنها معارضة, هيئة التنسيق وحواشيها, لتشكك بالضربة الكيماوية, وتحيل الموضوع للجنة التحقيق الاممية.
هذا التشكيك اتى منذ اللحظة الاولى وقبل ان تعلن الدول الكبرى موقفها. بالتالي الموضوع لا علاقة له بالخوف من ضربة اميركية محتملة, بل له علاقة بجوهر موقفهم منذ أول يوم في الثورة وحتى اللحظة. وبدأوا على لسان كبار رجالات الهيئة بالتشكيك بمن استخدم الكيماوي. حتى وصل الأمر برئيسهم في الخارج ان يتهم"القاعدة "بالموضوع, وان الصواريخ هي من صناعة محلية.
كيف تحيل الامر للجنة التحقيق الاممية, وانت تتهم"القاعدة" وقد حسمت الموضوع بشكل نهائي, باعتبار عندك لجنة تحقيق خاصة? كما جاء على لسان رئيسها العام ومدير مكتبها الاعلامي أيضا, التشكيك واحالة القضية للجنة التحقيق الاممية. هؤلاء إن لم يكن جميعهم على الاقل, رئيسهم في الخارج, يعرف ان من المستحيل على "القاعدة "او غيرها أن تمتلك صواريخ برؤوس نووية, باعتباره كان لصيقا بهم اثناء ما كانت قناة "الجزيرة" تستضيفه كضيف دائم ليدافع عن "القاعدة "في العراق ويسميها مقاومة. هنا التفاعل الكيماوي اوصل هؤلاء إلى مأزق أخلاقي يقتضي رفض إدانة السلطة بالكيماوي, لأنهم بذلك لا يعودون قادرين على الاستمرار بالنهج والخطاب نفسهما, انفضاح المستور المصلحي لدى بعضهم والنفاقي لدى بعضهم الآخر والطائفي لدى القسم الاخير.
المشكلة تكمن ببعض الاسماء التي تعمل بنوايا صادقة, لكنها فشلت في الهيمنة الادبية على قرار الهيئة, كيوسف عبد لكي وعبد العزيز الخير المعتقل وبعض الشباب اليساري, وعلى وقف تصريحات مفكرهم الحقوقي, والتي هي أهم اسباب الانشقاقات داخل الهيئة والانسحابات. كيف كيماوي ويعرف المفكر الحقوقي أن هذه جريمة ابادة ضد الانسانية, ويبقى يتحدث عن جيش وطني ونظام قابل للحل السياسي, حل سياسي مع ضارب كيماوي "ما بتزبط يعني كبيرة كتير بحقه كمفكر حقوقي"?.
الائتلاف بغض النظر عن بعض المخلصين فيه, يتبع لمن شكله من جهة, ولعدم توحد الجهات التي شكلته. فكان عاجزا عن متابعة مهماته. واتضح من خلال هذه الازمة, وتواطؤ بعض قيادات المجلس الوطني, ان تشكيل "الائتلاف" كانت احدى غاياته, تحويل المجلس كتلة مهملة, صوتية, وشرذمة التمثيل السياسي للثورة.
لماذ اميركا تساعد هذه المعارضة كلها?
"يوجد في سورية معارضات, معارضة لا تريد التدخل حرصا على النظام بغض النظر عما تقوله, ومعارضة لا تريد التدخل لتبقى طاهرة الذيل, بغض النظر عما تصرح به ولا تعمل عليه من جهة, وبرمجة للجهات الممولة والداعمة من جهة أخرى... وربما حفاظا على وهج ما كان يمكن أن يكون لها لولا هذه الجهات... فلماذا تتدخل أميركا أو غيرها والقسم الباقي الاسلامي الله يهدي البال, مبعثر وبعضهم يهمه سقوط مرسي أكثر من الثورة السورية.... سلطة مجرمة وشعب اسطوري ووحده من يجعل كل هؤلاء جميعا ولا استثني نفسي اقزاما وعاهات وإمعات..."
شعبنا بالنهاية سينتصر طال الزمن أم قصر... لاننا امام طغمة أثبتت أنها لاتنتمي لا هي ولا من يواليها لهذا الشعب.

غزة بين المنطقتين العازلة والحرة!
بقلم: حبيب أبو محفوظ عن السبيل الأردنية
بعد عام كامل على حكم الدكتور محمد مرسي لمصر، تنفس سكان قطاع غزة الصعداء جراء تخفيف الحصار المفروض عليهم منذ العام 2007، -لأول مرة-، وبالتالي نستطيع القول أن حصار غزة مرتبط بالدرجة الأولى بالمزاج المصري، (دعك من قصة إغلاق المعابر السبعة مع الجانب الصهيوني)، فخلال فترة العام من حكم مرسي استطاع معظم سكان قطاع غزة التحرك من وإلى القطاع بصورة إيجابية وبالقدر الكافِي من المسؤولية التي أبداها الجانبان المصري والفلسطيني حينها، واللافت في الأمر أن مشكلة أمنية أو جنائية واحدة لم تقع طيلة فترة العام.
قبيل الانقلاب العسكري والذي أطاح بطبيعة الحال بحكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر كانت الأمور تجري على قدمٍ وساق، نحو تطبيق السوق الحرة والتبادل التجاري الحر بين مصر وقطاع غزة بما يعود بالفائدة على الجانبين، إلا أن المحاولات الفلسطينية والإقليمية السلبية حالت دون ذلك، ليكون وقف المشروع التجاري سبباً من جملة أسباب دفعت العسكر للانقلاب على الدكتور مرسي.
في المقابل، بذل الرئيس المخلوع حسني مبارك من وقته وجهده الشيء الكثير لإطباق الحصار بشكلٍ كامل على الغزيين، ولعبت الدبلوماسية المصرية دوراً إضافياً في تسويق القطاع على أنه بؤرة إرهاب وجب القضاء عليها، ولهذه الأسباب وغيرها كانت ثورة 25 يناير على نظام المخلوع مبارك.
اليوم وبعد الإطاحة بالديمقراطية الوليدة في مصر، يبدو أن الجيش يريد تنفيذ خطته الإجرامية بإقامة منطقة عازلة بعمق كيلو متر واحد، على كامل الحدود المصري مع قطاع غزة، ما يعني بالضرورة أننا أمام كارثة إنسانية جديدة بدأت بالتشكل، المؤكد أنها ستكون أخطر بعشرات المرات مما كانت عليه في عهد المخلوع مبارك.
الخطة المصرية بعزل القطاع عن العالم ليست بعقلية مصرية محلية، بقدر ما هي نتاج فكر إعلامي فاسد، وسياسي حاقد، دون أن نبرأ أصابع السلطة الفلسطينية من هكذا خطوات، تم الكشف عن مكنوناتها مؤخراً، المهم أن الحصار يهدف في مراحله النهائية إلى تفكيك البنيان السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي للشعب الفلسطيني، وإيصاله إلى حالة من الإحباط والفقر والمعاناة والحرمان، لتصبح الأولوية توفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة ولقمة العيش ليصبح الصراع ومقاومة الاحتلال أولوية ثانوية عنده.
لكن لا بد من التذكير أن غزة عاشت أربع سنوات قبل الربيع العربي، ونحن نعيش اليوم مرحلة جديدة من صراع الإرادات والحريات وبالتالي فإن السؤال المطروح هل يقبل الشعب المصري الذي ينتفض الآن في كافة محافظات مصر بقتل الشعب الفلسطيني بيد مصرية من جديد؟
لن يحمل حصار قطاع غزة الأمن للكيان الصهيوني، كما أنه لن يحل مشكلة الأمن القومي التي يتباكى الجيش المصري على استباحته، وبالتالي فإن عودة الشرعية المصرية إلى سكتها الصحيحة؛ ستضع حداً نهائياً لكل المشاكل التي تواجهها منطقة سيناء وحدودها مع فلسطين فليس في القوة دائماً يكون الحل.

ماذا لو جرى انتظار أوباما في مصر؟
بقلم: طارق الحميد عن الشرق الأوسط
هذا سؤال افتراضي، لكنه مهم جدا بالنسبة للملف السوري والتردد الغربي حياله، وتحديدا تردد الرئيس الأميركي، فماذا لو جرى التعويل على مواقف أوباما تجاه مصر؟، أو رُضخ للضغوط الأميركية هناك؟ وما الذي كان سيحدث لو تم انتظار موقف الاتحاد الأوروبي الذي كان يخطط لمعاقبة مصر كلها إثر إسقاط مرسي والإخوان قبل أن يتدخل السعوديون؟
بالطبع كان من شأن ذلك الانتظار أن يصبح كارثة على مصر، والمنطقة ككل، ولذلك كان الموقف السعودي والإماراتي مهما جدا، حيث قلب الطاولة ورجح المعادلة، وأخرج مصر الدولة من نفق مظلم، حيث لوحت السعودية حينها بأن لمصر أصدقاء سيعوضون أي وقف للمساعدات الدولية، ومن هنا فإن الأمر نفسه ينطبق اليوم على سوريا، فلماذا ينتظر العرب مواقف أوباما المترددة، أو أوروبا؟ المفترض أن العرب الفاعلين قد استوعبوا الدرس، خصوصا بعد كل ما فعلته بهم إيران من لبنان إلى البحرين مرورا بالعراق واليمن، والآن في سوريا، وبمشاركة حزب الله، حيث لم تنتظر طهران أو حسن نصر الله المواقف الغربية، بل استغلوا التردد الغربي وساهموا في إراقة الدم السوري دفاعا عن الأسد!
وعليه فمثل ما أن العرب الفاعلين لم ينتظروا مواقف أوباما المترددة تجاه مصر، فيجب ألا ينتظروه في سوريا، وحسنا فعل العرب، وتحديدا دول الخليج، حين نجحوا في استصدار بيان من الجامعة العربية يطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه سوريا، وأدانوا فيه نظام الأسد، وحملّوه مسؤولية استخدام الأسلحة الكيماوية، لكن ذلك بالطبع لا يكفي، حيث إن على العرب الفاعلين الآن فرض واقع في سوريا، مثلما فعلوا بمصر، وكما كتبت هنا مرتين بأن على العرب التصرف وكأن أميركا غير موجودة، وهو ما ثبت في مصر، فإن على العرب الفاعلين التحرك الآن تجاه سوريا، وستتبعهم واشنطن، والغرب عموما، وذلك لا يتأتى إلا بدعم مكثف للجيش الحر، مع تحرك سياسي جاد تجاه روسيا، كما فعلت السعودية من خلال الأمير بندر بن سلطان.
وقد يقول البعض إنه ليس في سوريا مثل الفريق عبد الفتاح السيسي، وإن الجيش الأسدي جيش طائفي، وهذا صحيح، لكن في سوريا رجال وهبوا أنفسهم لوطنهم، واليوم هناك اللواء سليم إدريس، عسكريا، ويجب دعمه بالسلاح النوعي، وأكثر من ذلك، ومن عدة جبهات، منها التركية والأردنية، مع ضرورة السعي الجاد لتجفيف مصادر الأموال والتسليح عن الجماعات المتطرفة، وأهم خطوة من أجل ذلك هي دعم الجيش الحر، وتقويته.
وهذا لا يعني تجاهل أميركا، أو أوروبا، بل إن تكثيف الجهود العربية الفاعلة لفرض واقع على الأرض من شأنه إقناع الغرب بضرورة التحرك الآن ليس لضرب الأسد ضربة تجميلية وحسب، بل من أجل ضمان إيقاف آلة قتله الإجرامية، وأول خطوة لفعل ذلك، وكما ذكرنا، هي ضرورة فرض واقع على الأرض، وليس انتظار أوباما، ومثل ما فعلها العرب الفاعلون في مصر فهم قادرون على فعلها أيضا في سوريا.

زيارة إلى المستقبل لقراءة ما سيكتبه التاريخ عن الإخوان
بقلم: وائل السمرى عن اليوم السابع
على مدار عشرات السنين ارتكبت جماعة الإخوان منذ تأسيسها الكثير من الجرائم السياسية والجنائية، لكن فى كل مرة كان الإخوان يهربون من المسؤولية التاريخية كما يهربون من وصمة العار التى استحقوها بناء على ما اقترفوه، والسبب فى هذا الوضع الملتبس هو أن الجماعة كانت تعتمد على وسائل الإعلام «الشعبى» فى الترويج لمظلوميتها التاريخية، كما أنها كانت تستخدم أعضاء الجماعة للترويج لهذه المغالطات التاريخية بحيث يصبح كل فرد فى جماعة الإخوان جهازا إعلاميا متنقلا، يبث ما تريد أن تنشره الجماعة من أفكار، ويروج ما تريده الجماعة من أكاذيب، ولأن وسائل الإعلام كانت قاصرة، ولأن الدولة لم تكن مهتمة بالرد على أكاذيب الإخوان، ولأن المستوى الثقافى العام كان يبتعد بالمواطن عن موارد المعرفة والثقافة، ولأن الشعب المصرى كان غالباً ما يعرف أن حكومته مستبدة وظالمة ولأنه كان فاقد الثقة فى كل ما تروجه الحكومة نمت أكاذيب الإخوان بشكل كبير، حتى إن الكثير من المصريين لم يكونوا يعلمون شيئا عن جرائم الإخوان، واستطاع أعضاء الجماعة عبر تكريس موجات الأكاذيب خلق رأى عام متضامن أو متعاطف معهم، وهو الأمر الذى يود الإخوان تكراره الآن فهل سيتمكنون من ذلك؟
ليس لدى شك فى أن التاريخ لن يعيد نفسه لأن موازين اللعبة السياسية والإعلامية اختلفت بشكل كبير، كما أن الإخوان لم تعد تلك الجماعة التى تبنى مجدها على فكرة أنها تقاوم السلطة الظالمة لأنها نفسها أصبحت فى نظر الكثيرين «سلطة ظالمة» ينطبق عليها نفس ما انطبق على مبارك تماماً، وأغلب الظن أيضاً أن ما سيتم مراجعته هى تلك النظرة المتعاطفة التى كان ينظر بها الناس إلى الجماعة، بما يعنى أن الإخوان لن يظفروا بـ«مظلومية» جديدة وإنما سيتم مراجعة ادعاءاتهم بالظلم فيما قبل، وهو الأمر الذى تجلى فى هتاف المصريين فى الشوارع «آه لو عبدالناصر عايش.. كان لبسكو طرح وغوايش» وهو ما يعنى أن هناك قطاعاً عريضاً من المصريين لن يسمح للإخوان بأن يعيشوا فى دور الضحية الذى يتقنونه، بل سينقلب السحر على الساحر، ويتم تبرئة الحكام السابقين من شبهة «ظلم الإخوان».
ما يرجح أن الجماعة لن تظفر بـ«مظلومية» جديدة هو أنها بغبائها السياسى النادر نقلت المعركة إلى حيث مقتلها، فلن ينظر الناس فيما بعد إلى الجماعة باعتبارها «جماعة تقاوم سلطة» وإنما سينظرون لها باعتبارها «تنظيما واجه شعبا» إذ فقدت الجماعة تقريباً جميع أسلحتها الإعلامية الشعبية، وبعدما كان الإعلام الشعبى هو مصدر قوتها أصبح مصدر ضعفها، وإذا ما حاول أحد أعضاء الجماعة أو متعاطفيها الترويج لفكرة «مظلوميتها» سيجد ألف يد تمنعه من الوصول إلى غرضه، كما أن حرية الإعلام ستساهم بشكل كبير فى الرد على أكاذيب الإخوان، أضف إلى ذلك أن الجماعة لن تنجح فى استعطاف أحد بمشاهد ضحاياها وبكائياتهم لأنه على الجانب الآخر هناك ضحايا سقطوا بيد الإخوان، ولن تنجح الجماعة أيضاً فى الاعتماد على جهل الناس بالحقائق لأن موارد المعرفة والثقافة تنوعت بشكل كبير، وأصبح الشعب المصرى الآن أكثر وعياً وأعمق إدراكاً، أضف إلى هذا أن الإخوان استطاعوا أن يستعدوا قطاعاً كبيراً من مناصريهم السابقين مثل أبناء الدعوة السلفية، بما يعنى أنهم لن يستطيعوا أن يكرسوا لفكرة أن مناهضيهم «كفرة» يحاربون الإسلام.
يبقى هنا أن نسأل: هل حسمت المعركة الإعلامية والتاريخية لصالح التيار المدنى ضد الإخوان، وهل سيخرجون من المعركة بعد كل هذه الأحداث والضحايا باللاشىء؟

الشرق الأوسط وحرب المياه الباردة
بقلم: سالم سالمين النعيمي عن الاتحاد الاماراتية
لا شك أن وفرة المياه في المنطقة العربية هي المسألة الحاسمة في تحديد بوصلة صراع البقاء واستمرارية الحياة في هذا الجزء من العالم، ودق ناقوس الخطر والحروب القادمة، فالمنطقة التي يقطنها 5 في المئة من سكان الكرة الأرضية لديها فقط 1 في المئة من مجموع الموارد المائية في العالم.
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، تعاني 12 دولة عربية من نقص شديد في المياه، وتمثل الزراعة 85 في المئة من إجمالي استهلاك المياه العذبة في منطقة الشرق الأوسط، بينما حصتها في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لا تتجاوز 8 في المئة تقريباً، وهذا الاستنزاف في موارد المياه العذبة يصاحبه غلاء متصاعد في المعيشة وزيادة مطردة في مساحات التجمعات الحضرية والتصنيع مع ارتفاع يعد بين الأعلى في العالم في معدل النمو السكاني، وفشل في تبني المبادئ الأساسية للمحافظة على المياه وطاقة كافية لتحلية مياه البحر والصراعات الإقليمية، مما أدى إلى تدفق أعداد كبيرة من المهاجرين الداخليين ونقص شديد في الوعي العام.
ولم يترك هذا في المستقبل القريب للدول العربية خياراً عدا الاتجاه إلى الاقتصاد الأخضر الذكي للتغلب على الشح الإيكولوجي ومنع خسارة التنوع الإحيائي والبقاء المستدام ككيانات سياسية واقتصادية ذات ثقل عالمي وإيجاد فرص عمل كثيرة وسهولة إيجاد قطاعات صناعية جديدة، ستغير معطيات الوظائف المستقبلية في القطاعين العام والخاص.
ومن جهة أخرى، فإن أهمية الجهود الإقليمية الرامية إلى دمج قضايا المياه في السياسات الوطنية والدولية أصبح أمراً لا غنى عنه لأنها ستساعد في إيجاد الآليات اللازمة للحد من الأزمات المحتملة الناتجة عن نقص المياه، مثل الإجهاد المائي، والأمن الغذائي هما أيضاً على المحك كما تعتمد المنطقة العربية على موارد المياه الشحيحة لأغراض الري، وتستورد بشكل كبير الموارد الغذائية الرئيسية، أو تستثمر في الأراضي الزراعية في أجزاء أخرى من العالم، وفق معدل نمو يقرب من 6.8 مليون شخص سنوياً.
والتحدي الرئيسي المشترك بين أكثر الدول العربية هو توافر المياه لأغراض الري على نطاق واسع، وإنتاج الغذاء لإطعام الناس أو للحصول على عائدات من الصادرات الزراعية. ففي إحدى الدول العربية، يستخدم 12 في المئة فقط من المياه لأغراض الاستهلاك المحلي، في حين يستخدم 84 في المئة في الزراعة في هدر مستمر للموارد المائية مع ندرتها وعدم تغطيتها حتى لربع الاحتياج المحلي من المحاصيل الزراعية الرئيسية، وخاصة في ظل الصراع القائم على منابع مياه الأنهار، واستخدامه كسلاح غير تقليدي وورقة محورية في التفاوضات وتحقيق مكاسب استراتيجية تخدم مصالح دول مصادر المنابع المائية والدول الأخرى التي تتعاون معها كورق ضغط على دول العالم العربي، وإخضاعها لضغوط شعبية داخلية، وإجبارها على بعض التنازلات في التزاماتها وتعاونها مع منظومة الدولة الأمة العربية والإسلامية.
فهل تقع المشكلة في التقليدية المستخدمة في تحلية المياه في الوطن العربي، وعلى نطاق واسع في ظل تكلفة باهظة واستخدام مكثف للطاقة، وصعوبة تطبيق التقنيات الحديثة، وارتفاع التكلفة وتأثيرها على التنمية بالنسبة للبلدان الفقيرة في العالم العربي بسبب تزايد تكاليف الوقود الأحفوري واستنزافه بالإضافة إلى ذلك، تعتبر الآثار البيئية لتحلية المياه موضوعاً حرجاً ناهيك عن الانبعاثات الناجمة عن استهلاك الطاقة وتصريف الماء المالح في البحر، ولذلك ينبغي التركيز على تطوير آليات تحلية المياه باستخدام الطاقة البديلة واتخاذ إجراءات سريعة لتنفيذ خطط للإدارة المتكاملة للموارد المائية، بما في ذلك إدارة الطلب على الموارد المائية المتاحة، واعتماد التكنولوجيا المتقدمة، وتعزيز المحافظة على المياه في الاستخدامات المنزلية والصناعية والزراعية، لأن المنطقة هي واحدة من المناطق الأكثر جفافاً في العالم. ويقول تقرير صادر عن المنتدى العربي للبيئة إن أكثر من 70 في المئة من أراضي الوطن العربي جافة، ومن المرجح أن تزداد اتساعاً وسوءاً كما سيؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الوضع.
وبحلول نهاية القرن، ستشهد الدول العربية انخفاضاً بنسبة 25 في المئة في معدل هطول الأمطار، وزيادة مماثلة في معدلات التبخر: «ونتيجة لذلك، ستهدد محاصيل وكمية ونوعية الزراعة البعلية (التي تعتمد على مياه الأمطار)، مع متوسط غلة يقدر أن ينخفض بنسبة 20 في المئة، وبالتالي أهمية وجود بيانات ذات تحديث ذاتي وغير ذاتي دائم، تتقاسم بين جميع الأطراف بسرعة فائقة ودقة متناهية وبسلاسة. وثمة مثال على ذلك، يكمن في التحديات التي تظهر بصورة مستمرة جراء ضعف تقاسم البيانات العلمية المحكمة والموثقة، كما في الصراع بين مصر وإثيوبيا، والتفاهم المشترك حول مياه نهر النيل.
ومثال آخر هو شن عشرين طائرة تركية من طراز f-16c في الماضي هجوماً على السدود السورية، التي تقع على الجانب السوري من نهر الفرات ومعضلة اتفاقيات وقعت قبل 50 سنة على سبيل المثال بنسب معينة، لا تتناسب مع النمو السكاني، واستخدامات الطاقة الحالية والتي تعد غير عادلة للدول العربية وحتمية المواجهة وهي مسألة وقت إنْ لم يتدارك الوضع وفق صيغة وتحكيم دولي محايد، خصوصاً وأن 65 في المئة من موارد المياه العربية من خارج حدودها. وحسب ما ذكره الدكتور محمود أبوزيد رئيس المجلس العربي للمياه، فإن 13 بلداً عربياً تعاني من ندرة المياه ضمن أخطر 19 دولة على مستوى العالم في ندرة المياه وتناقص نصيب الفرد العربي من المياه العذبة إلى دون حد الفقر المائي في 18 دولة عربية.
وإذا نظرنا إلى مشكلة مثل مشكلة حوض نهر الأردن على سبيل المثال، فإن حوض نهر الأردن مصدر للصراع بين إسرائيل وفلسطين ولبنان وسوريا والأردن منذ تأسيس الكيان الصهيوني الإسرائيلي.
وكانت القضية الرئيسية استخراج المياه لأغراض الري والأثر الذي يتركه على الأمم المتشاطئة على المصب. فإسرائيل تستخدم أكبر قدر من المياه المتاحة في الحوض، تليها الأردن وسوريا، وتستخدم الضفة الغربية أصغر كمية، وهذا الخلاف بين الأطراف المتشاطئة لا يزال مصدراً أساسياً لتصاعد التوتر، ومن نتائجه كانت حرب الأيام الستة عام 1967، وفي عام 1964، حين قصفت إسرائيل منابع نهر «دان» أو القاضي على نهر الأردن، وفي وقت لاحق في عام 1965 و 1966، استهدفت خطة سورية لتحويل منابع نهر الأردن (الحاصباني وبانياس)، وكان ذلك استباقاً لمشروع يهدف إلى نقل المياه في إسرائيل، وهو مشروع كان يهدف ولا يزال إلى إدماج جميع مشاريع المياه الرئيسية في الشبكة الوطنية واستنزاف وسرقة المياه الجوفية من دول الجوار، وليس فقط كما يدعي الإسرائيليون بأن مهمته الرئيسية نقل مياه بحيرة طبريا في الشمال إلى المراكز ذات الكثافة السكانية العالية، وإلى الجنوب القاحل، واستخدام المياه بكفاءة وتنظيم إمدادات المياه في إسرائيل.
وإذا كنا نتساءل: هل ستتنازل إسرائيل في يوم عن الأراضي التي تسيطر عليها في الضفة الغربية وهضبة الجولان؟ ولماذا تبني مستوطنات دون توقف؟ والجواب أن تلك الأراضي والمستوطنات جوهر أمن إسرائيل القومي وبقائها كدولة وليست مسألة تأصيل الاستعمار وفرض عضلات فقط. وفي ما يخص حوض دجلة/الفرات، فالنهران ينبعان من تركيا، علماً أن الدول الثلاث بنيت السدود على الأنهار لأغراض الزراعة، والطاقة الكهرومائية، والتصنيع، فسوريا تحصل على ما يقرب من 85 في المئة من إمداداتها من المياه المتجددة من الحوض، في حين يحصل العراق على 100 في المئة من موارده المائية من النهرين، وستواجه العراق أزمة حقيقية هي الأكبر في تاريخها خلال القرن القادم علماً أن الفجوة المائية، أدت في نصف القرن الماضي لخسارة العراق ما يقارب 40 في المئة من أراضيها الزراعية ومشروع «كاب» أو «غاب» الذي تمضي فيه تركيا قدماً هو أكبر مشروع مائي في العالم وسينتج عنه 22 سداً و19 محطة للطاقة الكهربائية ومشرعات أخرى. وفي المقابل تبني إيران السدود وتغير مجرى أنهار في إقليم الأهواز وذلك لاحتكار مياه الأنهار، مما يؤثر على حصة الأهوازيين والعراقيين.
وهؤلاء العراقيون يتصارعون على المذاهب، ومن هي الجهة التي تسيطر على البلاد والدولة تنزف ببطء نحو كارثة مائية لن تدع فيها من يهنئ بالحياة، ولن تسأل الكارثة عن مذهب وعرق الضحايا. فليس سراً أن تركيا تسمي مياه دجلة والفرات المياه التركية العابرة. ولا تعترف بدوليتها مع نقص مائي في العراق بنسبة 50 في المئة من احتياجاتها الحقيقية التي تقدر بـ69 مليار متر مكعب، وما هي إلا البداية، والقادم سيكون هو الأسوأ، فالتحديات التي تواجه الوطن العربي من كل الجوانب ليست مجالاً للتأجيل، وسيكون الوقت متأخراً كثيراً إنْ لم تعمل الدول على وحدة عربية على غرار الاتحاد الأوروبي، بل منظومة أفضل منه وبأسرع وقت لتدارك ما يمكن تداركه في جميع مناحي الحياة.