Haneen
2013-12-08, 12:51 PM
اقلام عربي 498
14/9/2013
في هذا الملــــف:
عشـرون عاماً على أوسلو ... ما أبعد الدولة!
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
ضياع فلسطين في الوقت الضائع
إلياس سحاب-الخليج الإماراتية
الإخوان وإسرائيل
رفعت السعيد (http://www.almasryalyoum.com/staff/%D8%B1%D9%81%D8%B9%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%8A %D8%AF)–المصري اليوم
مستوطنات ومستوطنات.. و"الاستعمار الانتقالى"
يحيى الرخاوى-اليوم السابع
الأزمة المصرية..القدس ..الشريعة ..سوريا وقطر
سميح المعايطة-الرأي الأردنية
سوريا.. بل هي لعبة!
طارق الحميد-الشرق الأوسط
سوريا كرست عودة روسيا
سميح صعب-النهار اللبنانية
بوتين يقضي على الأسد!
جمال خاشقجي- الحياة اللندنية
اليونسكو وإصلاح الإعلام
محمد قيراط-الشرق القطرية
عشـرون عاماً على أوسلو ... ما أبعد الدولة!
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
وفرت الذكرى العشرون للتوقيع على اتفاق أوسلو، فرصة لكثير من القوى والفصائل والمراقبين، لوقفة مراجعة وتأمل وتقييم ... سمعنا كلاماً مكرراً من سنوات سابقة، لم نقرأ مراجعة واحدة يُعتدُّ بها ... شهدنا “فرسان” الاتفاق يتنصلون منه أو يعترفون بفشل “التجربة” من دون أن يرفّ لأي منهم جفنٌ واحد، فيشرع في تقديم “نقد ذاتي”، ويعلن انسحابه من المشهد السياسي، بل على العكس من ذلك، رأيناهم يتحدثون من مواقع الاستمساك بدورهم “القيادي” والتاريخي” والاستمرار به ... لم يتغير شيء، سوى أن وجوههم في “البرامج الوثائقية” التي كانت تنبض بالحيوية والشباب، تبدو اليوم ملآ بالأخاديد والزوائد المترهلة، يعلوها ما تبقى من شعر أشيب، يعكس وطأة الشيخوخة وآثار السنين.
فشل أوسلو في تحقيق مبتغاه فلسطينياً ... لا حرية ولا استقلال بعد مرور عشرين عاماً على احتفال حديقة الزهور في البيت الأبيض... لا دولة فلسطينية على الأرض (هناك مشروع دولة على الورق) ... والدولة اليوم، باتت أبعد مما كانت عليه قبل عشرين عاماً، دع عنك العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال ... لا حركة وطنية تنتظم كفاح الشعب الفلسطيني وتوحده وتعبر عنه، هناك سلطة لا سلطة لها، لا دور أو وظيفة لوجودها، خارج إطار التنسيق الأمني والقيام بأدوار الاحتلال بالوكالة ... ضاعت منظمة التحرير ولم يبق منها سوى هياكل هرمة شائخة، وشلّ الانقسام أمل الشعب الفلسطيني وعطّل أحلامه.
بعد عشرين عاما، تضاعفت أعداد المستوطنين، اليوم تجاوزوا النصف مليون مستوطن موزعين على الضفة الغربية والقدس، وإسرائيل ماضية في إطلاق العنان لشهيتها الاستيطانية، والقدس لم تكن يوماً لقمة سائغة للتهويد و”الأسرلة” كما هي الآن، فيما جدار الفصل العنصري، يلتف حول حقوق الفلسطينيين وأرضهم ومزارعهم ومدارس أطفالهم، كما يلتف الثعبان القاتل حول عنق وجسد ضحيته.
بعد عشرين عاماً على أوسلو، صار الفلسطينيون أضعف من قبل، ليس بسبب انقسامهم فحسب، بل بسبب “تجويف” و”تجريف” حركتهم الوطنية المعاصرة، وإفراغها من طاقتها الكفاحية وشحناتها النضالية التي ألهمت العالم وأضاءت الشعل في كل العواصم ... عاش الفلسطينيون “وهم” الدولة من دون أن يمتلكوا الدولة ... عاشوا وهم “الاستقلال” فيما تبعيتهم للاحتلال، تتكرس يوماً إثر آخر ... وضعوا “طلبات” الانخراط للفصائل والمنظمات الفدائية جانباً، واستبدلوها بملفات لحفظ “كمبيالات” البنوك وصوراً عن “الشيكات المرتجعة”، في مجتمع يغدو استهلاكياً واتكالياً للغاية، تصعب معه، حتى فكرة “الحلم” بانبعاث حركة وطنية بديلة أو استئناف المشروع الوطني الذي انطلق قبل نصف قرن تقريباً ... كل ذلك جرى ويجري تحت شعار “بناء الدولة تحت جلد الاحتلال” وبناء الاقتصاد “المقاوم” ؟!
في المقابل، باتت إسرائيل بعد عشرين عاماً على التوقيع، أكثر قوة وغطرسة وعنصرية ونهماً ... توسع على الأرض، داخل الجدار وخارجه، في القدس وأكنافها، استمساك برفض الدولة المستقلة، وجدل لا ينقطع عن أفضل السبل للخلاص من أكبر عدد من “السكان” والاحتفاظ بأوسع مساحة من الأرض ... إسرائيل بعد عشرين عاماً على أوسلو، باتت أكثر يمينية وتطرفاً، دينياً وقومياً، أقل تسامحاً وأكثر استعداداً لشن العدوانات والحصارات والاعتقالات والتصفيات ... لائحة شروطها ومطالبها اليوم، لم تكن لتخطر ببال أعتى عتاتها، ولم يكن ليحلم بها، لا بيريز ولا زينغر ولا سافير.
أما الجانب الأخطر في حكاية “أوسلو”، فتتجلى في المفارقة التالية: الاتفاق هبط كثمرة مرة لوهن منظمة التحرير ونفيها إلى تونس وأقاصي الأرض، وتعبيراً عن الرغبة في العودة إلى الوطن واستئناف الكفاح من أجل الحرية والاستقلال ... والاتفاق نفسه، لم يفعل شيئاً سوى أنه ألحق المزيد من الوهن واليباس لجسم المنظمة والحركة والوطنية، ومزيداً من التشظي والانقسامات في صفوفها من جهة، وفيما بينها وبين الجناح الإسلامي في حركة التحرر الوطني الفلسطينية من جهة ثانية.
أما الوهن والتخاذل والتآمر والتواطؤ العربي، فلم تقلل من مفاعيله الخبيثة، رياح التغيير التي جرفت المنطقة في مختتم العام 2010، بل إن مكانة هذه القضية وقدرتها على تحريك الشوارع العربية، ودورها كرافعة في العمل القومي، وموقعها في صدارة الأوليات القوميات، تراجعت كثيراً حتى أننا صرنا بالكاد نسمع شعاراً ينتصر لفلسطين، ولو من باب “لزوم ما لا يلزم”.
بعد عشرين عاماً على أوسلو، تبدو الصورة قاتمة إلى حد كبير ... المفاوضون أنفسهم، والمفاوضات ذاتها، وجداول الأعمال هي هي، لم يختلف شيء سوى تكاثر الشروط والمطالب الإسرائيلية وازديادها تعقيداً ومساساً بجوهر حقوق الفلسطينيين ومستقبل قضيتهم (يهودية الدولة)، وفي صميم ما تختزنه ذاكرتهم وما يحفظون في عقولهم وقلوبهم وضمائرهم ... لم يختلف شيء سوى أننا ازددنا غرقاً في الأوهام وانصياعاً لما جنيناه على أنفسنا وشعبنا وقضيتنا.
ضياع فلسطين في الوقت الضائع
إلياس سحاب-الخليج الإماراتية
شعندما كان جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، يكرر منذ أسابيع زياراته بوتيرة غربية عجيبة، لكل من الكيان الصهيوني ورام الله والاردن، حتى بلغت زياراته المكوكية ست زيارات متتالية، لا يفصل بينها سوى أيام معدودة، كان التساؤل المطروح: ما الذي يدفع المسؤول الأمريكي الرفيع الى مثل هذا النشاط غير المعهود في رقعة سياسية ضيقة من المنطقة العربية؟ لكن الجواب الأول ما لبث أن ظهر عندما دخل الجانبان الفلسطيني و”الإسرائيلي” في تجديد التفاوض بينهما، بطريقة بدا ان الطرفين قد اُكرها عليها تحت الضغط الأمريكي الملح . وهنا برز بطبيعة الحال تساؤل جديد: ما سر الظهور المفاجئ لهذا الحماس الأمريكي المفاجئ لاستئناف المفاوضات “الإسرائيلية” - الفلسطينية، بعدما طال أهمالها لرغبة الجانب الفلسطيني أكثر من مرة لاستئناف هذه المفاوضات، وهو إهمال امتد في بعض الحالات سنوات طويلة؟
لكن هذا التساؤل الجديد لم يبق معلقاً في الهواء فترة طويلة، لسرعان ما تلبدت الغيوم السوداء في كل المنطقة العربية، عندما ظهرت فجأة الرغبة الأمريكية بالتدخل المباشر في الازمة المتفجرة في سوريا منذ سنتين ونصف . وبعد أن ظهرت النتائج السلبية عربياً لبروز هذه الرغبة الأمريكية، وهي نتائج سلبية انتشرت عربياً وبدأت تأخذ مفعولها، حتى قبل ان تنفذ واشنطن تدخلها المباشر، وتوجه ضربتها الصاروخية التي تهدد بها .
وهنا، ظهر الترابط بين مختلف هذه الاحداث بشكل شديد الوضوح: انه إذاً الظرف الأمريكي المناسب، لاختيار احدى أبرز لحظات التوهان العربي العام، والتخبط العربي العام، خاصة وسط انشغال مصر الكامل بالتعامل مع مفاعيل إزاحة نظام الإخوان المسلمين، لدفع مفاوضات القضية الفلسطينية الى هاوية جديدة، قد تهدد بالمساس هذه المرة مساً مباشراً بالأساس التاريخي لهذه القضية .
إنها، بكلمة أخرى، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية أولاً، ثم التحالف الأمريكي - “الإسرائيلي” الاستراتيجي ثانياً، إحدى أكثر اللحظات مناسبة لمحاولة دفن القضية الفلسطينية مع اقل ما يمكن من الضجيج، ومن احتمالات ردود فعل الشعوب العربية كلها . فالعرب كلهم، رسمياً وشعبياً غارقون في المشكلات الناجمة عن المرحلة الحساسة التي بلغتها الأزمة السورية .
أما على أرض فلسطين التاريخية، فإنها إحدى أكثر اللحظات الأمريكية مناسبة لتمرير أكثر ما يمكن تمريره من عمليات دفن أساسيات القضية الفلسطينية . إنها لحظة وصول الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين الى ذروة سيطرته وقوته وتسلطه، يقابلها فلسطينياً إحدى أشد لحظات الضعف الفلسطيني، موزعاً بين استبعاد المصالحة الفلسطينية من جهة، وانشغال حماس في قطاع غزة لتخليص ما ظهر من مشكلات مع نظام الحكم الجديد، بعد انهيار نظام الإخوان المسلمين من جهة ثانية .
إنها إذاً لحظة من لحظات الوقت العربي الضائع، في أشد صور الضياع، وليس ما هو أنسب من ذلك، أمريكياً وصهيونياً، لإضاعة ما تبقى من الحقائق التاريخية لقضية فلسطين . هذا السبب هو بالضبط ما دفع وزير الخارجية الأمريكية باتجاه ست زيارات مكوكية متوالية للمنطقة، يتوجها في النهاية بإطلاق مفاوضات مشبوهة بشأن قضية فلسطين، في أسوأ الأوقات الممكنة .
الإخوان وإسرائيل
رفعت السعيد (http://www.almasryalyoum.com/staff/%D8%B1%D9%81%D8%B9%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%8A %D8%AF)–المصري اليوم
ثمة حكمة إغريقية تقول «كى تعرف الآخرين ابحث عن رأى خصمك فيه»، وإذا كان الآخر هو جماعة الإخوان وجماعات التأسلم السياسى عموماً فإن العدو هو إسرائيل. والآن نترك جانباً كل ما ارتكبه حكم المرشد من جرائم وانتهاكات وأخونة وما ارتكبه المتأسلمون من جرائم وحشية فى سيناء ورابعة والنهضة ورمسيس والأزبكية وكرداسة وعشرات المدن والقرى ونترك حرق الكنائس وأقسام الشرطة ونتناسى وحشية الشعارات والأفعال.. ونتأمل رأى إسرائيل فيهم.
لعل البعض يعرفهم حقاً أكثر. وكعادة إسرائيل لا تصدر أحكامها ومواقفها فوراً بل تتأنى وتتدبر ثم تعلن موقفها. وعلى غير المعتاد كان رد الفعل الإسرائيلى متعجلاً. فبعد يومين فقط من الإطاحة بمرسى أعلن وزير الأمن الإسرائيلى يتسحاق أهرونوفتش حزنه العميق على مرسى قائلاً «علينا قول الحقيقة بشكل مباشر، فمع مرسى ربطت أوساط استخباراتية إسرائيلية علاقات وثيقة بالحكم وعلاقات شخصية جيدة بمرسى».
ونشرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أنه بالرغم من تعليمات نتنياهو بالصمت إزاء قرار إبعاد مرسى فإن الكثيرين لم يطيقوا صبراً إزاء تلاحق الأحداث، والملايين التى تحركت ضد حكم الإخوان، والخوف على أمن الحدود كل ذلك تغلب على قرار الصمت. وحتى نتنياهو نفسه لم يطق صبراً فأطلق تصريحاً ملغوماً يمكن فهمه على أكثر من وجه فصرح فى 5/7 «ما يحدث اليوم يثبت أن إسرائيل ستبقى واحة الديمقراطية والاستقرار فى المنطقة». ثم إن الصحف والمسؤولين الإسرائيليين تباروا فى تصريحات غاضبة تصب فى صالح الإخوان.. ونقرأ: الصحفى بن درور كتب فى 3/7 فى صحيفة معاريف «يمكن أن نطلق على الإطاحة بمرسى أسماء كثيرة لكن ليس من بينها الديمقراطية.
فعندما تخرج الجماهير إلى الميادين وتتسبب فى الإطاحة برئيس منتخب فهذه ليست ديمقراطية. وعندما يصل الجيش إلى القصر الرئاسى ويطيح بالرئيس فهذه ليست ديمقراطية. والحقيقة أن الإخوان لم يأخذوا فرصتهم، صحيح أنهم لم يحققوا شيئاً لصالح الشعب لكن عاماً واحداً ليس زمناً كافياً لتحقيق شىء ولا زمناً كافياً للإطاحة بهم».
وفى اليوم التالى تنشر ذات الجريدة «ليس سراً أن التنسيق والتعاون العسكرى بين إسرائيل ومصر قد تعزز تحت حكم الإخوان، وقد أدى مرسى دوراً مهماً فى وقف هجمات حماس»، أما صحيفة هاآرتس فقد كتبت تحت عنوان «لماذا تشتاق إسرائيل لمرسى؟» وأوردت عدة أسباب منها 1
- برئاسة مرسى أكد الإخوان مصادقتهم على كامب ديفيد وتحسنت العلاقة الأمنية بين البلدين
2- فى ظل مرسى شنت إسرائيل دون ممانعة منه عملية عمود السحاب. وتم بعدها إسكات عمليات حماس. أما جريدة إسرائيل اليوم فقد نشرت مقالاً ليوآف ليمور يقول :«تميزت إدارة مرسى بالحزم مع حماس والإرهابيين بما خدم المصالح الإسرائيلية. وتنامت علاقات عمل وثيقة وتعاون استراتيجى تحت السطح» وفى يديعوت 4/7 كتب تسفى مزال: «أدرك الجيش والمعارضة حقيقة أن عاماً إضافياً من حكم مرسى سيجعل من المستحيل إسقاطه» وفى يديعوت أيضاً 6/7 كتب إليكس فيشمان: «رغم سلبية إبعاد مرسى فإن إبعاده قد ترك حماس يتيمة» كذلك أدرك بوعز سموت فى مقال بإسرائيل اليوم خطورة إبعاد مرسى على مشروع التسوية الأمريكى قائلاً «أوباما يعيش فى كوكب آخر ويحلم بتسوية فى ظل هذا التغيير الدرامى فى مصر»، وفى معاريف كتب مردخاى كيدار: «ما حدث ليس فى مصلحتنا».. وبينما تتواصل البكائيات الإسرائيلية على حكم الإخوان المنهار، تتواصل المخاوف الإسرائيلية من نهوض مصر بما يقيم دولة مدنية ديمقراطية قادرة على التقدم والاستقرار وعلى الحفاظ على إرادتها المستقلة.
.. والآن هل منحتنا الحكمة الإغريقية القدرة الحقيقية على فهم مغزى الإطاحة بحكم الإخوان الذى أغضب الإسرائيليين وأفزعهم؟
مستوطنات ومستوطنات.. و"الاستعمار الانتقالى"
يحيى الرخاوى-اليوم السابع
قال الشاب لأخته: هل فهمت ما قاله الأستاذ هيكل أمس؟
قالت أخته: هو قال ماذا؟
قال: يا خبر!! لقد كنت بجوارى ونحن نسمعه، كلمة كلمة، ثم تسألين قال ماذا؟
قالت: أقصد: ما هو الجزء مما قاله الذى تسألنى عن فهمى له؟
قال: حكاية أن سينا رهينة، ألا تذكرين أنه قال إن ".. أعداد الوافدين إلى هذه المنطقة تقدر بنحو 18-24 ألف شخص، هناك المجاهدون والإرهابيون والمعفو عنهم، وأن سيناء رهينة..؟".
قالت: ومن أدرانا أن هذا الرقم صحيح؟
قال: هذا رجل يعرف ما يقول، وكل كلامه موثـَّق غالبا. أربعة وعشرين ألف "وافد"!!! هذا جيش كامل، ماذا يا ترى تبقى للمصريين؟
قالت: ما هذا؟ أنا لم أعد أعرف من نحارب بالضبط، ما هى معالم المعركة.
قال: هى معركة مع كل قوى الشر فى العالم.
قالت: تعنى من؟
قال: بصراحة، أنا لم أعد أستطيع أن أميز ما يسمى قوى الشر، كلٌّ يدعى أن خصمه يمثل الشر دون غيره، سواء كان هذا الخصم هو الأسد أم أوباما أم الشاطر والظواهرى؟
قالت: وتريدنى أن أميز أنا لك!! اسم الله! دعنا نسأل سؤالا أبسط من كل ذلك: من المستفيد من تقويض جيش عربى له كل هذه الصلابة طوال هذه المدة؟
قال: إسرائيل طبعا.
قالت: والقاعدة التى ستتسلم الحكم من الأسد؟
قال: آه صحيح، إسرائيل لا تستطيع أن تكشف عن نفسها وتتولى الحكم مباشرة، لا بد من مرحلة "الاستعمار الانتقالى".
قالت: ماذا؟ استعمار ماذا!!! أنا لم أفهم حتى الآن معنى "العدالة الانتقالية،" تقوم حضرتك تقول لى "الاستعمار الانتقالى"، يعنى ماذا؟
قال: هو شىء من هذا القبيل، ما عليك.
قالت: دعنا من ذلك، ألست معى أنه لا يكفى أن نعرف أطراف تحالف الشر، وأن الأوْلى بنا أن نعرف فورا وفعلا كيف نقاومه.
قال الشاب: لنفرض، أننا وعينا الفرق بين توقيع معاهدة مؤلمة تقر باستسلام لواقع مر، وفى نفس الوقت تحفز للبدء فورا بتنمية ثقافة الحرب المتواصلة بلا نهاية، بما فى ذلك احتمال قيام الحرب كلما اضطررنا لذلك.
قالت: يا خبرك أسود، تريدنا أن نعود للحروب بعد كل ما عانينا من 48، نحن ما صدّقنا.
قال: ما صدقنا ماذا؟ دعينا نتصور لو كانت ثقافة الحرب قد أيقظتنا من غفلة التبعية وخبث صفقات الصداقة غير المتكافئة، حتى لو ورّطتنا بين الحين والحين أن نعود نواصل الحروب بكل تشكيلاتها: ننهزم، فننتصر، ونقتل، ونستشهد، ونكسب، ونخسر، ونقاوم، وننتج، ونبدع، ونستمر، قالت: ما كل هذا؟
قال: هذه هى ثقافة الحرب، لا تخافى وقولى لى: ما هى أسوأ الاحتمالات لو كنا فعلنا ذلك؟
قالت: كنا سنصبح بلدا محتلا، وكان زماننا نصرخ فى أمريكا وربما مجلس الأمن أن يلحقونا لأن إسرائيل تبنى مستوطنات فى أرض مصر المحتلة.
قال: تقولين مستوطنات! أظن مثل المستوطنات فى سينا التى يقطنها الآن ويحصنها الوافدون من أفغانستان وتركيا وغزة وتركيا.
قالت: هل أنت متأكد مما تقول؟
قال: ليس تماما، أنت وما ترين.
قالت: دعنا نواصل ما تعلمته منك الآن.
قال: تعلمتِ ماذا؟
قالت: تعلمت منك ما هى ثقافة الحرب: ننهزم، فننتصر، ونقتل، ونستشهد، ونكسب، ونخسر، ونقاوم، وننتج، ونبدع، ونستمر.
قال: على البركة، هذه هى الثورة.
قالت: أخيرا عرفنا كيف نجعلها ثورة.
الأزمة المصرية..القدس ..الشريعة ..سوريا وقطر
سميح المعايطة-الراي الأردنية
تفتح الازمة المصريه الحالية بتداعياتها الدموية وتطاير النار في اجوائها مسارات عديدة لملفات اخرى في المنطقة وتعيد الى الاذهان حكايات غابت عن الساحة مثل القدس وفلسطين ويعود الملف السوري في قراءة مختلفة بعد موقف السعودية واخواتها ...
ما الذي جرى وكيف قرات دول عديدة الحدث المصري امور تشير اليها القضايا التالية :-
1- بعد عزل مرسي تحدثنا عن عودة ما يسمى بمحور الاعتدال العربي الذي عبر عن نفسه من خلال دعم سياسي ومالي للقيادة المصرية الحالية وكان متوقعا ظهور مقاومة اخوانية لكن الامور بشكلها الحالي ولجوء الجماعة للعمل العسكري لم تكن حالة متوقعة بالصورة التي شهدناها ولعل دول هذا المحور شعرت بحجم التحدي الذي تواجهه مصر وظهر احتمال ولو كان بعيدا بان تدخل مصر مرحلة الفوضى الامنية والسياسية بصورة قريبة مما يجري في سوريا وهذا الاحتمال يعني الكثير للمنطقة ويعني انتصارا للاخوان كحالة محلية ولمحورها الاقليمي كحالة خارجية ويعني ايضا ان مصر الفوضى تعني حالة جديدة مع اسرائيل وفتحها امام حماس عسكريا ويعني ايضا انتصارا لوضع مصري اعلن هذا المحور دعمه له مع بداية ظهوره .
دخول مصر مرحلة الفوضى السياسية والامنية احتمال تريده دول عديدة في العالم ليس حبا في الاخوان بل كراهية بمصر وخدمة لاسرائيل وهناك تركيا التي تخوض معركة نفوذها في سوريا ومصر وتتكأ على الاخوان وقطر وهناك حالة التردد داخل الادارات الامريكية في الكونغرس والبنتاغون والبيت الابيض والمخابرات .
الموقف السعودي الحاسم وعلى لسان خادم الحرمين وما تبعه من مواقف حاسمه من دول المحور كان رسالة اقليمية بان معركة مصر اقليمية وعربية وان هناك ادراكا لخطورة الحالة المصرية .
2- ومرة اخرى تدفع جماعة الاخوان ثمنا لادارتها السلبية لعلاقاتها العربية خلال العامين الاخيرين سواء من خلال تعامل ادارة اخوان مصر او التنظيمات المحلية ومن الطبيعي ان تقوم الدول التي تضررت من ذلك الاداء بالتحول الى عدو استراتيجي للجماعة والسعي بكل امكاناتها للحد من نفوذ الجماعة ومواجهتها وزاد من العداء للجماعة الاداء غير الناضج من بعض القيادات المحلية وحالات الاستفزاز والاستعداء للجماعة نتيجة الخبرة المتواضعة جدا لمجموعات تصدرت قيادة الجماعة في اكثر من صعيد .
3- اما القدس وفلسطين فقد عادت اليوم في تفسير بعض الجماعة لما جرى لمرسى وجماعته واعتقد انه استخدام بائس لان القراءة البحثية لكل خطابات مرسي خلال عام من حكمه لم يجد فيها ذكرا لاسرائيل او هجوما عليها بل عين مرسي سفيرا مصريا جديدا في تل ابيب ولم يقدم حكمه ضد السفارة الا الحماية كما كان الحال قبله ولم تتعرض تل ابيب لاي تهديد من حكم الاخوان ولا حتى مظاهرة المصريون لم يعزلوا مرسي لانه قرر ازالة اسرائيل وليس لانه قرر تحكيم الشريعة فهذان ملفان كانا خارج الاداء الاخواني لكن المشكلة كانت في عقلية التنظيم وفشلها في ادارة الدولة ولهذا فكل حديث يربط بين القدس والمشروع الاسلامي مع احداث مصر حديث يحتاج الى مراجعة .
4- اما سوريا فهي اليوم في خندق مشترك مع معسكر الاعتدال في مساندة مصر فالاخوان عدو مشترك للطرفين ولعل في موقف محور الاعتدال حديث يمكن للنظام السوري الاستفادة منها سياسيا وهي دعم هذه الدول لمصر في سعيها لفرض القانون ومحاربة الارهاب والضلال .
اعلم جيدا ان هناك اختلافات كبيرة بين الحالتين المصرية والسورية لكن هناك ايضا تقاطعات وبخاصة فيما يتعلق بالقاعدة وغيرها .
5- اما قطر في العهد الجديد فانها ارسلت رسالة تحمل الجديد من خلال تقديمها دعما اقتصاديا من الغاز للحكم المصري الجديد لكنها استمرت بذات محددات موقف الحكم القطري السابق وهذا يشير الى عدم حسم لبعض المسارات او ان قوة وتسارع الاحداث اكبر من سرعة اجراءات التغيير .
سوريا.. بل هي لعبة!
طارق الحميد-الشرق الأوسط
حذر وزير الخارجية الأميركي نظيره الروسي بأن خيار الضربة العسكرية ضد بشار الأسد لا يزال قائما، وأن المبادرة الروسية لنزع أسلحة الأسد الكيماوية يجب أن تكون جادة، مشددا على أن «هذه ليست لعبة»! فهل صحيح أن المبادرة الروسية، وموافقة الأسد عليها، ليست لعبة؟
أعتقد أنها لعبة، وخصوصا عندما يعلن الرئيس الإيراني روحاني، أمس، تأييد إيران «المبادرة الروسية، وقرار سوريا الانضمام للمعاهدة الخاصة بالأسلحة الكيماوية»! فمجرد إعلان إيران تأييد المبادرة يجعل المراقب أكثر حذرا، فهل وافقت إيران لأنها رأت بتلك المبادرة سلامة الأسد من الضربة، وبالتالي إطالة عمر نظامه؟ وما يزيد الشكوك أيضا حول جدية المبادرة الروسية هو كشف صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن وحدة خاصة تابعة للأسد تدير برنامج الأسلحة الكيماوية تقوم بتوزيع تلك الأسلحة على عشرات المواقع بسوريا لتفادي رصدها. فهل يمكن القول بعد كل ذلك إننا لسنا أمام لعبة؟
بكل تأكيد هي «لعبة»، طالما أن هدف المفاوضات الجارية الاكتفاء بنزع أسلحة الأسد الكيماوية وتجاهل جرائمه، وتجاهل الحل السياسي الشامل، الذي يجب أن ينتهي برحيل الأسد، لا الابتهاج بانضمامه لمعاهدة نزع الأسلحة؛ فالمبادرة الروسية، وبشكلها المطروح، تعني غرق المجتمع الدولي في بحر من التفاصيل، مما يعني بقاء الأسد لفترة أطول، وهو ما يهدد سوريا، والمنطقة ككل. والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن الشك مبرر، ويتزايد، خصوصا مع ملاحظة أنه بينما يقوم وزيرا خارجية أميركا وروسيا بالتفاوض في جنيف، فإن هناك حملة علاقات عامة ضخمة ومنظمة تجري في أميركا، هدفها إضعاف موقف الرئيس أوباما الداخلي، والحيلولة دون حصوله على تفويض من الكونغرس للقيام بضربة عسكرية ضد الأسد! ويشارك في تلك الحملة الأسد نفسه، من خلال المقابلة التلفزيونية الأخيرة مع محطة أميركية، والرئيس الروسي الذي كتب مقالا في صحيفة «نيويورك تايمز» حاضر فيه الأميركيين عن الديمقراطية، والقانون الدولي! كما يشارك في هذه الحملة أقرباء للأسد كانوا يدعون معارضته!
وهدف تلك الحملة، وملخصها، أن نصف المعارضة من تنظيم القاعدة، وأن المعارضة أسوأ من الأسد، ولا ينبغي دعمهم بالأسلحة، وأنه يجب عدم السماح بتوجيه ضربة عسكرية للأسد تقول الحملة إن من شأنها تقوية المعارضة، وفجأة بتنا أمام سيل من الصور، والأفلام التي يراد منها توثيق «وحشية» المعارضة، فيما يبدو أنه رد على الأشرطة الخاصة بمجزرة الغوطة الكيماوية التي طالب الرئيس أوباما الأميركيين في خطابه الأخير بضرورة مشاهدتها، لمعرفة مدى وحشية جرائم الأسد!
وعليه، فإذا كان الروس والأسد يلعبون في أميركا نفسها، ويحاولون تشتيت الرأي العام فيها، فكيف لا يلعبون في سوريا؟! وإذا كانت إيران سارعت لتأييد المبادرة الروسية القاضية فقط بنزع أسلحة الأسد الكيماوية، مع إغفال الحل السياسي الشامل، فكيف لا يقال إنها لعبة؟! بل هي لعبة بكل امتياز.
سوريا كرست عودة روسيا
سميح صعب-النهار اللبنانية
ربما للمرة الاولى منذ ان نقل الرئيس المصري الراحل انور السادات مصر من المعسكر السوفياتي السابق الى المعسكر الاميركي اواسط السبعينات من القرن الماضي، تعود روسيا بهذه القوة الى الشرق الاوسط من البوابة السورية. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو اليوم شريك اساسي في رسم المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، بما لا يدع مجالاً للشك في أن الاحادية التي تمتعت بها الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب الباردة اوائل التسعينات، قد انكسرت.
وقد يكون الرئيس الاميركي باراك اوباما مديناً لبوتين بانقاذ الولايات المتحدة من التورط في حرب جديدة في الشرق الاوسط، باقتراحه تفكيك الاسلحة الكيميائية السورية في مقابل الامتناع عن الحرب التي كان الرئيس الاميركي على وشك شنها على سوريا من اجل اضفاء الصدقية على "الخط الاحمر" الذي كان حدده العام الماضي في ما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية على رغم ان موسكو ليست مقتنعة بالرواية الاميركية عن استخدام هذه الأسلحة في الغوطتين او في مناطق سورية اخرى خصوصاً في خان العسل في وقت سابق من هذه السنة.
وفي النتيجة تسارعت الاحداث بعد اعلان اوباما اتخاذ قرار بضرب سوريا وطلب موافقة الكونغرس على هذه الضربة التي لو كانت حصلت لكانت أثبتت ان استعادة روسيا مكانتها العالمية ضرب من الخيال. لكن روسيا بعثت بأساطيلها الى المياه المقابلة للسواحل السورية، واعتمد بوتين ديبلوماسية ناشطة أفضت الى نزع فتيل الانفجار الذي كان من شأنه ان يقود المنطقة الى سيناريو اسوأ بكثير من السيناريو العراقي او الافغاني او الليبي، حتى لو قال اوباما العكس.
ومن الصعب الاقتناع بان "زلة لسان" جون كيري في لندن على حدّ تعبير "الغارديان" هي التي اوقفت الحرب على سوريا. فلو لم يلمس اوباما تلك المعارضة الشعبية الواسعة لفكرة الحرب، ولو لم يتيقن من عدم قدرته على اقناع الكونغرس المتردد حيال الضربة العسكرية، ولو لم يتخل عنه اقرب حلفائه التاريخيين مثل ديفيد كاميرون، ولو لم يسمع كلمات البابا فرنسيس "الحرب هي الحرب" سواء أكانت محدودة ام شاملة، لما كان رضي بالعرض الروسي الذي أتى في الوقت المناسب ليحفظ ماء الوجه للرئيس الاميركي فيعود الى سلوك الخيار الديبلوماسي سبيلاً الى حل الازمة السورية.
وحتى لو تقلب رونالد ريغان في قبره غضباً كما كتبت صحيفة "معاريف" بسبب قبول اوباما العرض الروسي، فإن روسيا تنهض اليوم لمسؤوليتها التاريخية في منع اميركا من المضي في مغامراتها الحربية في الخارج، وبات في وسع المندوب الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين أن يقول بثقة: "سنبقي العالم واقفاً على رؤوس أصابعه".
بوتين يقضي على الأسد!
جمال خاشقجي- الحياة اللندنية
لنتوقف عـن قرع طبـول الـحرب في سـورية، فـقد كتـبت مقالات عدة منذ بدايات الأزمة هـناك، وكررت فيها أن القـوة هي الديـبلومـاسـية الوحـيدة التي يفـهمـها بـشـار الأسد، ولنجرب المبادرة الروسية الداعية الى تجـريد النظام السوري من أسلحته الكيماوية، في مقابل عدم استهدافه بضربة عسكرية، ليس فقط لأن لا خيار آخر أمام العرب، طالما أن الغرب متردد حيال التدخل العسكري الحاسم، وإنما لأنها قد تكون ضمة الدب الروسي الأخيرة لصاحبه، والتي ستقضي عليه في نهاية المطاف... كيف ذلك؟
يستدعي تجريد النظام السوري من أسلحته الكيماوية بروتوكولاً يحدد مهمات ووقت المفتشين الدوليين وصلاحياتهم، لذلك حاولت فرنسا أن تستصدره من مجلس الأمن ليقضي بمدة زمنية محددة، وتهديد تحت البند السابع بمعاقبة النظام في حال مماطلته، فرفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك، فهو في حال نشوة واعتداد بالنفس بعدما بدأ يسمع المحللين السياسيين يتحدثون عن قوته الباهرة، وسطوع نجمه على حساب أوباما المتردد. ولكن في النهاية لا بد من بروتوكول ما يحدد آلية تجريد النظام السوري من الكيماوي، وسيكون التفاوض مع روسيا وليس مع النظام السوري، وهنا إشارة مهمة إلى النهاية المحتومة للنظام الذي فقد ظله، وأصبح قرار بقائه في يد أجنبي بعيد، والأجنبي لا يمكن أن يكون وطنياً متحمساً حتى وإن بدا مدافعاً متحمساً. سورية الأسد أصبحت من الآن فصاعداً مجرد «طابة» في الملعب الروسي لتحقيق نتائج لها.
لا بد من أن يقضي البروتوكول بجدول زمني، ثم الاتفاق على تحديد مواقع تخزين الأسلحة الكيماوية وآلياتها ومصانعها والتفتيش عليها، ومن ثم تفكك وتنقل خارج سورية. ستقارن الخرائط والمعلومات الروسية وتلك التي سيقدمها النظام بالمعلومات الدقيقة المتوافرة لدى الأميركيين والفرنسيين، والذين بالطبع سيستعينون بمعلومات الإسرائيليين الدقيقة، فهؤلاء أكثر الناس اهتماماً ومتابعة لبرنامج السلاح الكيماوي منذ أن وضع لبنته مع الإيرانيين الراحل حافظ الأسد، وتوسع فيه ابنه بشار على أساس أنه سلاح الردع والتوازن مع إسرائيل، ولا يزايدن أحد علينا، فلم يبق عند تلك العائلة البائسة ونظامها ردع ولا ممانعة أو مقاومة، فلقد سقطت آخر ورقة توت، بينما كان وزير خارجية النظام وليد المعلم يعلن من موسكو الثلاثاء الماضي بعبارات رتيبة أول استسلام للنظام بالتخلي عن الكيماوي، واستعداده «لكشف مواقع أسلحتنا الكيماوية، ووقف إنتاجها، وعرض هذه المنشآت أمام ممثلين عن روسيا وبلدان أخرى والأمم المتحدة». تلك لحظة استدعت مثيلاً لها عام 1998 وفي حياة حافظ الأسد عندما اعترف للأتراك بوجود زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، وأبعده من سورية بعدما رأى أمامه رتلاً من الدبابات التركية في الجانب التركي من الحدود المتجاورة! يعيش هذا النظام بالقوة وبها يفاوض ويتنازل... ثم يموت، وبالتالي فإن كل من يتحدث عن رفض الضربة الأميركية بزعم حرصه على «الجيش العربي السوري» إنما يبحث عن عذر يبرر عدم رغبته في نصرة الثورة السورية وتطلعاتها نحو الحرية. لقد سقط الجيش السوري ودوره القومي لحظة وجّه بندقيته نحو شعبه.
بعد مقارنة الخرائط والمعلومات تبدأ عملية التفتيش، فلا أحد يثق بالنظام السوري ولا بحليفته روسيا، وبالتالي لا يعقل أن توافق الولايات المتحدة بقبول «وضع الأسلحة تحت رقابة روسيا الاتحادية». لا بد من أن تطالب هي وبقية دول العالم الحر، وربما مجلس الأمن بالتخلص التام من الأسلحة الكيماوية ومصانعها وآلياتها، ولكن سورية... كل سورية في حال حرب، إذاً لا بد من الدعوة لوقف إطلاق النار كي يتسنى للمفتشين الدوليين القيام بعملهم، ولكن وقف إطلاق النار بمثابة انتحار للنظام، فالثورة أصلها سلمية، وستعود الى سلميَّتها والتظاهر مطالبة برحيل بشار ومن معه، (وربما يفضلون الآن إعدامه)، وهنا لا بد للروس من أن يُلزموا حليفهم بوقف إطلاق النار، وإلا فستنهار مبادرتهم ويعود الرئيس الأميركي ومن معه من غرب وعرب إلى مربع الضربة العسكرية.
أريد أن أتفاءل وأقول إن الأطراف الدولية ستضغط نحو حل سلمي، فالحل العسكري وعلى رغم ترحيب معظم الشعب السوري به ليأسهم من أي إمكان تفاهم مع النظام سيؤدي إلى سفك مزيد من الدماء، ليس بسبب القصف ذاته، وإنما بسبب المعارك بين الثوار والنظام التي ستستعر فور بدء الضربات الدولية، وبالتالي فالأفضل للشعب السوري التوجه إلى جنيف للتفاوض على نقل السلطة وتشكيل حكومة انتقالية، ولكن التجربة تقول غير ذلك، فبشار نظام عربي ملأته الكراهية والحماقة، وقرر أن كل من يعارضه إرهابي يستحق الموت، وبالتالي فلا يُتوقع أن يبادر إلى حل تفاوضي إلا إذا ضغط عليه الروس بعدما باتوا يملكون قراره، أو يتركونه يواجه المصير الذي يستحقه. التحول الأهم الذي حصل الأسبوع الماضي هو أن التفاوض بات يجري مع روسيا، ولم تتواضع هذه وتقبل بالتفاوض لإنقاذ حليفها الصغير إلا بعدما رأت الجدية في أعين الأميركيين. سيتعجل كثيرون ويقولون إن صفقة ما ستعقد بين واشنطن وموسكو لحل الأزمة السورية، ولكن المسافة بعيدة بين بقاء بشار ورحيله، لذلك سيقضي بوتين عليه، إما رضوخاً لضغط المجتمع الدولي، أو لأنه لم يبق شيء يستطيع أن يفعله بعدما استنفد كل ما عنده من سهام.
اليونسكو وإصلاح الإعلام
محمد قيراط-الشرق القطرية
في 28 مارس من سنة 2008 وافق المجلس الدولي الحكومي للبرنامج الدولي لتنمية الاتصال في دورته السادسة والعشرين على مؤشرات والإطار التقييمي الذي وضعته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لتنمية وسائل الإعلام. فمنذ إنشائها سعت اليونسكو إلى تسهيل حرية تداول الأفكار عن طريق الكلمة والصورة كما التزمت وما زالت تلتزم بتنمية وسائل إعلام حرة ومستقلة ومتعددة. فالنظام الإعلامي الحر والديمقراطي والشفاف والفعال يعمل دائما على تكريس الديمقراطية وتعزيزها من خلال تزويد المواطنين بالمعلومات والآراء والأفكار للمشاركة في العمل السياسي واتخاذ القرارات الصائبة والرشيدة القائمة على المعلومة الصحيحة. فهناك ارتباط عضوي بين وسائل الإعلام الحرة والنزيهة والملتزمة والديمقراطية والتنمية الشاملة.
تشكل حرية التعبير عنصرا أساسيا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما أنها تدعم الديمقراطية والشفافية وتساعد على تكوين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والرأي العام ومراقبة المسئولين العامين والسلطات الثلاث في المجتمع. تعتبر وسائل الإعلام الرافد الحقيقي والمنبر الرئيسي للديمقراطية و للسوق الحرة للأفكار؛ فهي أدوات تعمل على تعزيز الشفافية في الحياة العامة وتراقب التجاوزات والفساد وسوء الإدارة واستغلال النفوذ كما تعمل على نشر ثقافة الفعالية والرشادة الاقتصادية والحكم الرشيد في المجتمع.هذا من جهة لكن من جهة أخرى نلاحظ أن وسائل الإعلام في العديد من دول العالم اُستعملت وتُستعمل لتكريس الوضع الراهن والانحياز لأصحاب النفوذ المالي والسياسي على حساب المصلحة العامة ومبادئ الكلمة الحرة والديمقراطية. ومن هذا المنطلق جاءت مؤشرات اليونسكو لتقييم وضعية الإعلام في دول العالم وخاصة النامي منه لتحديد النقائص ومواطن الضعف والمجالات التي تحتاج إلى تصحيح وتطوير وإعادة نظر من أجل الرقي بالإعلام ليكون أداة للكلمة الحرة وللديمقراطية وللتنمية الشاملة وليس أداة للطغاة و الديكتاتوريين.
وتتمثل هذه المؤشرات فيما يلي: الفئة الأولى تتعلق بأنظمة توفر بيئة لحرية التعبير وتعددية وسائل الإعلام وتنوعها من خلال وجود إطار قانوني وتنظيمي يحمي حرية التعبير والمعلومات وفق المعايير الدولية للممارسة المهنية والمسئولة لوسائل الإعلام بالاشتراك مع المجتمع المدني. وهنا نلاحظ أن نسبة كبيرة من دول العالم تعاني من انعدام هذه البيئة لممارسة إعلامية تفرز الديمقراطية وتحميها وتصونها وتساعد على تحقيق التنمية المستدامة. فالإطار القانوني الذي يكفل التعددية الإعلامية وتنوع وسائل الإعلام وحرية الصحافة والتعبير نجده غائبا مما يحتم على العديد من دول العالم معالجة هذا المشكل والنظر في هذا المؤشر إذا أرادت أن تجعل من وسائل الإعلام أدوات للتنمية والتطور والشفافية والحوار والديمقراطية.
أما الفئة الثانية فتعنى بتعددية وسائل الإعلام وتنوعها والتأكيد على المساواة الاقتصادية وشفافية الملكية. وهنا نلاحظ كذلك أن العديد من الدول النامية تعاني من أحادية الخطاب الإعلامي وتمركز الإعلام في العاصمة وفي يد حفنة من التجار الذين نادرا ما تربطهم علاقة بشيء اسمه الإعلام. وإذا طغى المال على الإعلام فإنه يتحول إلى نقمة بدلا أن يكون نعمة يخدم الديمقراطية والشفافية والتنمية المستدامة.
تتمثل الفئة الثالثة في اعتبار وسائل الإعلام كمنبر للديمقراطية وهذا يعني تنوع الأفكار والآراء وإتاحة الفرصة للجميع للمساهمة في السوق الحرة للأفكار وإعطاء الإمكانية للمهمشين وللأقليات للتعبير عن انشغالاتهم ومطالبهم . وهذا يتطلب كذلك مجتمعا مدنيا فعالا وديناميكيا ورأيا عاما مستنيرا يتفاعل مع قضايا المجتمع ويساهم في صناعة الرأي العام. نلاحظ هنا كذلك أن معظم دول العالم الثالث تعاني من أنظمة إعلامية ما زالت تعيش تحت مظلة السلطة فلا ترى العالم والمجتمع إلا من خلال ما يرضي الحاكم وحاشيته وبذلك فهي أدوات لتبرير الوضع الراهن ولتكريس شرعية النظام. وفي غالب الأحيان نلاحظ فجوة كبيرة بين واقع الشارع والخطاب الإعلامي. فالربيع العربي مثلا كشف عن بعض الأنظمة العربية التي كانت، حتى عشية الإطاحة بالرؤساء الفاسدين، تمجد وتمدح وتسبح للرئيس. فالمبدأ هنا هو أن وسائل الإعلام هي في الأصل وسائل لرقابة الفساد والمحسوبية والتجاوزات التي توجد في المجتمع وتوفير البيئة الشفافة والصريحة من أجل إشراك فئات المجتمع المختلفة في بناء مشروع مجتمعي يأخذ بعين الاعتبار الشرائح الاجتماعية المختلفة في المجتمع.
أما الفئة الرابعة فتخص بناء القدرات المهنية ودعم المؤسسات التي تعزز حرية التعبير والتعددية والتنوع وهذا يعني أن المنظومة الإعلامية بحاجة إلى كادر إعلامي متمرس ومتدرب وقادر على العطاء المسئول والمهني والمحترف تحت إشراف أكاديمي وعلمي وبدعم من الجمعيات المهنية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني. فوسائل الإعلام في تطور مستمر وهذا يعني الحاجة إلى مواكبة المهنة ومواكبة القائم بالاتصال لهذا التطور واستغلاله لخدمة الكلمة الحرة والديمقراطية والتنمية المستدامة.
تركز الفئة الخامسة والأخيرة على البنية التحتية واستغلالها لدعم استقلالية وسائل الإعلام وتعددها. وهذا يعني أن الإعلام الفعال بحاجة إلى إمكانيات ووسائل وإلى استثمار معتبر من قبل السلطات وإلى مواكبة التطورات العالمية في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال. فالفئات الخمس التي حددتها اليونسكو تعتبر الإطار الذي من خلاله يتم دراسة وضعية الإعلام في أي دولة والوقوف عند النقائص والسلبيات والثغرات التي يجب النظر فيها ومعالجتها. فالدول العربية قاطبة مطالبة بالقيام بدراسات ميدانية تعتمد هذه الفئات والمعايير من أجل تقييم موضوعي وشفاف للمنظومة الإعلامية. والهدف هنا هو ليس النقد من أجل النقد ولا مجال هنا للخوف من واقع مليء بالثغرات والسلبيات وإنما الهدف هو الوقوف عند ما هو إيجابي لتدعيمه والمحافظة عليه والوقوف عند ما هو سلبي من أجل وضع وصفة للعلاج والتصحيح بهدف النهوض بقطاع استراتيجي وحيوي إذا أردنا أن نتكلم عن الديمقراطية ونجسدها في أرض الواقع. وتجدر الإشارة هنا أن اليونسكو أنجزت دراسة معتمدة على هذه الفئات في تونس ومصر وحبذا لو عممت هذه الدراسات في جميع الدول العربية بهدف تطوير المنظومة الإعلامية في مجال القانون والتشريعات والتعددية والتنوع وشفافية الملكية ودور وسائل الإعلام في الخطاب الديمقراطي ونشر الثقافة الديمقراطية والمجتمع المدني وكذلك بناء وتطوير وتكوين وتدريب الكادر الإعلامي أكاديميا وعلميا وفي مجال المعارف والمهارات وتوفير البيئة الصحية للنقابات المهنية والجمعيات الصحفية وإشراك المجتمع المدني في الشأن الإعلامي وأخيرا الاهتمام بالبنية التحتية وتوفير التكنولوجيا اللازمة لمنظومة إعلامية مطالبة بمواكبة العصر وبخدمة الديمقراطية والتنمية المستدامة. إن سعي اليونسكو لتطوير الإعلام في مختلف بلدان العالم يجب أن تتبعه إرادة قوية وصريحة وشجاعة من قبل مختلف دول العالم من أجل إصلاح الإعلام الذي إذا صلح - فهو عنوان للديمقراطية والحرية والعدالة والحوار بين الثقافات والديانات وعنوان السلم والسلام ، أما إذا فسد فيصبح عنوانا للتضليل والتلاعب بالعقول والدعاية والصور النمطية والفتن والأزمات والحروب.
14/9/2013
في هذا الملــــف:
عشـرون عاماً على أوسلو ... ما أبعد الدولة!
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
ضياع فلسطين في الوقت الضائع
إلياس سحاب-الخليج الإماراتية
الإخوان وإسرائيل
رفعت السعيد (http://www.almasryalyoum.com/staff/%D8%B1%D9%81%D8%B9%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%8A %D8%AF)–المصري اليوم
مستوطنات ومستوطنات.. و"الاستعمار الانتقالى"
يحيى الرخاوى-اليوم السابع
الأزمة المصرية..القدس ..الشريعة ..سوريا وقطر
سميح المعايطة-الرأي الأردنية
سوريا.. بل هي لعبة!
طارق الحميد-الشرق الأوسط
سوريا كرست عودة روسيا
سميح صعب-النهار اللبنانية
بوتين يقضي على الأسد!
جمال خاشقجي- الحياة اللندنية
اليونسكو وإصلاح الإعلام
محمد قيراط-الشرق القطرية
عشـرون عاماً على أوسلو ... ما أبعد الدولة!
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
وفرت الذكرى العشرون للتوقيع على اتفاق أوسلو، فرصة لكثير من القوى والفصائل والمراقبين، لوقفة مراجعة وتأمل وتقييم ... سمعنا كلاماً مكرراً من سنوات سابقة، لم نقرأ مراجعة واحدة يُعتدُّ بها ... شهدنا “فرسان” الاتفاق يتنصلون منه أو يعترفون بفشل “التجربة” من دون أن يرفّ لأي منهم جفنٌ واحد، فيشرع في تقديم “نقد ذاتي”، ويعلن انسحابه من المشهد السياسي، بل على العكس من ذلك، رأيناهم يتحدثون من مواقع الاستمساك بدورهم “القيادي” والتاريخي” والاستمرار به ... لم يتغير شيء، سوى أن وجوههم في “البرامج الوثائقية” التي كانت تنبض بالحيوية والشباب، تبدو اليوم ملآ بالأخاديد والزوائد المترهلة، يعلوها ما تبقى من شعر أشيب، يعكس وطأة الشيخوخة وآثار السنين.
فشل أوسلو في تحقيق مبتغاه فلسطينياً ... لا حرية ولا استقلال بعد مرور عشرين عاماً على احتفال حديقة الزهور في البيت الأبيض... لا دولة فلسطينية على الأرض (هناك مشروع دولة على الورق) ... والدولة اليوم، باتت أبعد مما كانت عليه قبل عشرين عاماً، دع عنك العودة وتقرير المصير والحرية والاستقلال ... لا حركة وطنية تنتظم كفاح الشعب الفلسطيني وتوحده وتعبر عنه، هناك سلطة لا سلطة لها، لا دور أو وظيفة لوجودها، خارج إطار التنسيق الأمني والقيام بأدوار الاحتلال بالوكالة ... ضاعت منظمة التحرير ولم يبق منها سوى هياكل هرمة شائخة، وشلّ الانقسام أمل الشعب الفلسطيني وعطّل أحلامه.
بعد عشرين عاما، تضاعفت أعداد المستوطنين، اليوم تجاوزوا النصف مليون مستوطن موزعين على الضفة الغربية والقدس، وإسرائيل ماضية في إطلاق العنان لشهيتها الاستيطانية، والقدس لم تكن يوماً لقمة سائغة للتهويد و”الأسرلة” كما هي الآن، فيما جدار الفصل العنصري، يلتف حول حقوق الفلسطينيين وأرضهم ومزارعهم ومدارس أطفالهم، كما يلتف الثعبان القاتل حول عنق وجسد ضحيته.
بعد عشرين عاماً على أوسلو، صار الفلسطينيون أضعف من قبل، ليس بسبب انقسامهم فحسب، بل بسبب “تجويف” و”تجريف” حركتهم الوطنية المعاصرة، وإفراغها من طاقتها الكفاحية وشحناتها النضالية التي ألهمت العالم وأضاءت الشعل في كل العواصم ... عاش الفلسطينيون “وهم” الدولة من دون أن يمتلكوا الدولة ... عاشوا وهم “الاستقلال” فيما تبعيتهم للاحتلال، تتكرس يوماً إثر آخر ... وضعوا “طلبات” الانخراط للفصائل والمنظمات الفدائية جانباً، واستبدلوها بملفات لحفظ “كمبيالات” البنوك وصوراً عن “الشيكات المرتجعة”، في مجتمع يغدو استهلاكياً واتكالياً للغاية، تصعب معه، حتى فكرة “الحلم” بانبعاث حركة وطنية بديلة أو استئناف المشروع الوطني الذي انطلق قبل نصف قرن تقريباً ... كل ذلك جرى ويجري تحت شعار “بناء الدولة تحت جلد الاحتلال” وبناء الاقتصاد “المقاوم” ؟!
في المقابل، باتت إسرائيل بعد عشرين عاماً على التوقيع، أكثر قوة وغطرسة وعنصرية ونهماً ... توسع على الأرض، داخل الجدار وخارجه، في القدس وأكنافها، استمساك برفض الدولة المستقلة، وجدل لا ينقطع عن أفضل السبل للخلاص من أكبر عدد من “السكان” والاحتفاظ بأوسع مساحة من الأرض ... إسرائيل بعد عشرين عاماً على أوسلو، باتت أكثر يمينية وتطرفاً، دينياً وقومياً، أقل تسامحاً وأكثر استعداداً لشن العدوانات والحصارات والاعتقالات والتصفيات ... لائحة شروطها ومطالبها اليوم، لم تكن لتخطر ببال أعتى عتاتها، ولم يكن ليحلم بها، لا بيريز ولا زينغر ولا سافير.
أما الجانب الأخطر في حكاية “أوسلو”، فتتجلى في المفارقة التالية: الاتفاق هبط كثمرة مرة لوهن منظمة التحرير ونفيها إلى تونس وأقاصي الأرض، وتعبيراً عن الرغبة في العودة إلى الوطن واستئناف الكفاح من أجل الحرية والاستقلال ... والاتفاق نفسه، لم يفعل شيئاً سوى أنه ألحق المزيد من الوهن واليباس لجسم المنظمة والحركة والوطنية، ومزيداً من التشظي والانقسامات في صفوفها من جهة، وفيما بينها وبين الجناح الإسلامي في حركة التحرر الوطني الفلسطينية من جهة ثانية.
أما الوهن والتخاذل والتآمر والتواطؤ العربي، فلم تقلل من مفاعيله الخبيثة، رياح التغيير التي جرفت المنطقة في مختتم العام 2010، بل إن مكانة هذه القضية وقدرتها على تحريك الشوارع العربية، ودورها كرافعة في العمل القومي، وموقعها في صدارة الأوليات القوميات، تراجعت كثيراً حتى أننا صرنا بالكاد نسمع شعاراً ينتصر لفلسطين، ولو من باب “لزوم ما لا يلزم”.
بعد عشرين عاماً على أوسلو، تبدو الصورة قاتمة إلى حد كبير ... المفاوضون أنفسهم، والمفاوضات ذاتها، وجداول الأعمال هي هي، لم يختلف شيء سوى تكاثر الشروط والمطالب الإسرائيلية وازديادها تعقيداً ومساساً بجوهر حقوق الفلسطينيين ومستقبل قضيتهم (يهودية الدولة)، وفي صميم ما تختزنه ذاكرتهم وما يحفظون في عقولهم وقلوبهم وضمائرهم ... لم يختلف شيء سوى أننا ازددنا غرقاً في الأوهام وانصياعاً لما جنيناه على أنفسنا وشعبنا وقضيتنا.
ضياع فلسطين في الوقت الضائع
إلياس سحاب-الخليج الإماراتية
شعندما كان جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، يكرر منذ أسابيع زياراته بوتيرة غربية عجيبة، لكل من الكيان الصهيوني ورام الله والاردن، حتى بلغت زياراته المكوكية ست زيارات متتالية، لا يفصل بينها سوى أيام معدودة، كان التساؤل المطروح: ما الذي يدفع المسؤول الأمريكي الرفيع الى مثل هذا النشاط غير المعهود في رقعة سياسية ضيقة من المنطقة العربية؟ لكن الجواب الأول ما لبث أن ظهر عندما دخل الجانبان الفلسطيني و”الإسرائيلي” في تجديد التفاوض بينهما، بطريقة بدا ان الطرفين قد اُكرها عليها تحت الضغط الأمريكي الملح . وهنا برز بطبيعة الحال تساؤل جديد: ما سر الظهور المفاجئ لهذا الحماس الأمريكي المفاجئ لاستئناف المفاوضات “الإسرائيلية” - الفلسطينية، بعدما طال أهمالها لرغبة الجانب الفلسطيني أكثر من مرة لاستئناف هذه المفاوضات، وهو إهمال امتد في بعض الحالات سنوات طويلة؟
لكن هذا التساؤل الجديد لم يبق معلقاً في الهواء فترة طويلة، لسرعان ما تلبدت الغيوم السوداء في كل المنطقة العربية، عندما ظهرت فجأة الرغبة الأمريكية بالتدخل المباشر في الازمة المتفجرة في سوريا منذ سنتين ونصف . وبعد أن ظهرت النتائج السلبية عربياً لبروز هذه الرغبة الأمريكية، وهي نتائج سلبية انتشرت عربياً وبدأت تأخذ مفعولها، حتى قبل ان تنفذ واشنطن تدخلها المباشر، وتوجه ضربتها الصاروخية التي تهدد بها .
وهنا، ظهر الترابط بين مختلف هذه الاحداث بشكل شديد الوضوح: انه إذاً الظرف الأمريكي المناسب، لاختيار احدى أبرز لحظات التوهان العربي العام، والتخبط العربي العام، خاصة وسط انشغال مصر الكامل بالتعامل مع مفاعيل إزاحة نظام الإخوان المسلمين، لدفع مفاوضات القضية الفلسطينية الى هاوية جديدة، قد تهدد بالمساس هذه المرة مساً مباشراً بالأساس التاريخي لهذه القضية .
إنها، بكلمة أخرى، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية أولاً، ثم التحالف الأمريكي - “الإسرائيلي” الاستراتيجي ثانياً، إحدى أكثر اللحظات مناسبة لمحاولة دفن القضية الفلسطينية مع اقل ما يمكن من الضجيج، ومن احتمالات ردود فعل الشعوب العربية كلها . فالعرب كلهم، رسمياً وشعبياً غارقون في المشكلات الناجمة عن المرحلة الحساسة التي بلغتها الأزمة السورية .
أما على أرض فلسطين التاريخية، فإنها إحدى أكثر اللحظات الأمريكية مناسبة لتمرير أكثر ما يمكن تمريره من عمليات دفن أساسيات القضية الفلسطينية . إنها لحظة وصول الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين الى ذروة سيطرته وقوته وتسلطه، يقابلها فلسطينياً إحدى أشد لحظات الضعف الفلسطيني، موزعاً بين استبعاد المصالحة الفلسطينية من جهة، وانشغال حماس في قطاع غزة لتخليص ما ظهر من مشكلات مع نظام الحكم الجديد، بعد انهيار نظام الإخوان المسلمين من جهة ثانية .
إنها إذاً لحظة من لحظات الوقت العربي الضائع، في أشد صور الضياع، وليس ما هو أنسب من ذلك، أمريكياً وصهيونياً، لإضاعة ما تبقى من الحقائق التاريخية لقضية فلسطين . هذا السبب هو بالضبط ما دفع وزير الخارجية الأمريكية باتجاه ست زيارات مكوكية متوالية للمنطقة، يتوجها في النهاية بإطلاق مفاوضات مشبوهة بشأن قضية فلسطين، في أسوأ الأوقات الممكنة .
الإخوان وإسرائيل
رفعت السعيد (http://www.almasryalyoum.com/staff/%D8%B1%D9%81%D8%B9%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%8A %D8%AF)–المصري اليوم
ثمة حكمة إغريقية تقول «كى تعرف الآخرين ابحث عن رأى خصمك فيه»، وإذا كان الآخر هو جماعة الإخوان وجماعات التأسلم السياسى عموماً فإن العدو هو إسرائيل. والآن نترك جانباً كل ما ارتكبه حكم المرشد من جرائم وانتهاكات وأخونة وما ارتكبه المتأسلمون من جرائم وحشية فى سيناء ورابعة والنهضة ورمسيس والأزبكية وكرداسة وعشرات المدن والقرى ونترك حرق الكنائس وأقسام الشرطة ونتناسى وحشية الشعارات والأفعال.. ونتأمل رأى إسرائيل فيهم.
لعل البعض يعرفهم حقاً أكثر. وكعادة إسرائيل لا تصدر أحكامها ومواقفها فوراً بل تتأنى وتتدبر ثم تعلن موقفها. وعلى غير المعتاد كان رد الفعل الإسرائيلى متعجلاً. فبعد يومين فقط من الإطاحة بمرسى أعلن وزير الأمن الإسرائيلى يتسحاق أهرونوفتش حزنه العميق على مرسى قائلاً «علينا قول الحقيقة بشكل مباشر، فمع مرسى ربطت أوساط استخباراتية إسرائيلية علاقات وثيقة بالحكم وعلاقات شخصية جيدة بمرسى».
ونشرت صحيفة «إسرائيل اليوم» أنه بالرغم من تعليمات نتنياهو بالصمت إزاء قرار إبعاد مرسى فإن الكثيرين لم يطيقوا صبراً إزاء تلاحق الأحداث، والملايين التى تحركت ضد حكم الإخوان، والخوف على أمن الحدود كل ذلك تغلب على قرار الصمت. وحتى نتنياهو نفسه لم يطق صبراً فأطلق تصريحاً ملغوماً يمكن فهمه على أكثر من وجه فصرح فى 5/7 «ما يحدث اليوم يثبت أن إسرائيل ستبقى واحة الديمقراطية والاستقرار فى المنطقة». ثم إن الصحف والمسؤولين الإسرائيليين تباروا فى تصريحات غاضبة تصب فى صالح الإخوان.. ونقرأ: الصحفى بن درور كتب فى 3/7 فى صحيفة معاريف «يمكن أن نطلق على الإطاحة بمرسى أسماء كثيرة لكن ليس من بينها الديمقراطية.
فعندما تخرج الجماهير إلى الميادين وتتسبب فى الإطاحة برئيس منتخب فهذه ليست ديمقراطية. وعندما يصل الجيش إلى القصر الرئاسى ويطيح بالرئيس فهذه ليست ديمقراطية. والحقيقة أن الإخوان لم يأخذوا فرصتهم، صحيح أنهم لم يحققوا شيئاً لصالح الشعب لكن عاماً واحداً ليس زمناً كافياً لتحقيق شىء ولا زمناً كافياً للإطاحة بهم».
وفى اليوم التالى تنشر ذات الجريدة «ليس سراً أن التنسيق والتعاون العسكرى بين إسرائيل ومصر قد تعزز تحت حكم الإخوان، وقد أدى مرسى دوراً مهماً فى وقف هجمات حماس»، أما صحيفة هاآرتس فقد كتبت تحت عنوان «لماذا تشتاق إسرائيل لمرسى؟» وأوردت عدة أسباب منها 1
- برئاسة مرسى أكد الإخوان مصادقتهم على كامب ديفيد وتحسنت العلاقة الأمنية بين البلدين
2- فى ظل مرسى شنت إسرائيل دون ممانعة منه عملية عمود السحاب. وتم بعدها إسكات عمليات حماس. أما جريدة إسرائيل اليوم فقد نشرت مقالاً ليوآف ليمور يقول :«تميزت إدارة مرسى بالحزم مع حماس والإرهابيين بما خدم المصالح الإسرائيلية. وتنامت علاقات عمل وثيقة وتعاون استراتيجى تحت السطح» وفى يديعوت 4/7 كتب تسفى مزال: «أدرك الجيش والمعارضة حقيقة أن عاماً إضافياً من حكم مرسى سيجعل من المستحيل إسقاطه» وفى يديعوت أيضاً 6/7 كتب إليكس فيشمان: «رغم سلبية إبعاد مرسى فإن إبعاده قد ترك حماس يتيمة» كذلك أدرك بوعز سموت فى مقال بإسرائيل اليوم خطورة إبعاد مرسى على مشروع التسوية الأمريكى قائلاً «أوباما يعيش فى كوكب آخر ويحلم بتسوية فى ظل هذا التغيير الدرامى فى مصر»، وفى معاريف كتب مردخاى كيدار: «ما حدث ليس فى مصلحتنا».. وبينما تتواصل البكائيات الإسرائيلية على حكم الإخوان المنهار، تتواصل المخاوف الإسرائيلية من نهوض مصر بما يقيم دولة مدنية ديمقراطية قادرة على التقدم والاستقرار وعلى الحفاظ على إرادتها المستقلة.
.. والآن هل منحتنا الحكمة الإغريقية القدرة الحقيقية على فهم مغزى الإطاحة بحكم الإخوان الذى أغضب الإسرائيليين وأفزعهم؟
مستوطنات ومستوطنات.. و"الاستعمار الانتقالى"
يحيى الرخاوى-اليوم السابع
قال الشاب لأخته: هل فهمت ما قاله الأستاذ هيكل أمس؟
قالت أخته: هو قال ماذا؟
قال: يا خبر!! لقد كنت بجوارى ونحن نسمعه، كلمة كلمة، ثم تسألين قال ماذا؟
قالت: أقصد: ما هو الجزء مما قاله الذى تسألنى عن فهمى له؟
قال: حكاية أن سينا رهينة، ألا تذكرين أنه قال إن ".. أعداد الوافدين إلى هذه المنطقة تقدر بنحو 18-24 ألف شخص، هناك المجاهدون والإرهابيون والمعفو عنهم، وأن سيناء رهينة..؟".
قالت: ومن أدرانا أن هذا الرقم صحيح؟
قال: هذا رجل يعرف ما يقول، وكل كلامه موثـَّق غالبا. أربعة وعشرين ألف "وافد"!!! هذا جيش كامل، ماذا يا ترى تبقى للمصريين؟
قالت: ما هذا؟ أنا لم أعد أعرف من نحارب بالضبط، ما هى معالم المعركة.
قال: هى معركة مع كل قوى الشر فى العالم.
قالت: تعنى من؟
قال: بصراحة، أنا لم أعد أستطيع أن أميز ما يسمى قوى الشر، كلٌّ يدعى أن خصمه يمثل الشر دون غيره، سواء كان هذا الخصم هو الأسد أم أوباما أم الشاطر والظواهرى؟
قالت: وتريدنى أن أميز أنا لك!! اسم الله! دعنا نسأل سؤالا أبسط من كل ذلك: من المستفيد من تقويض جيش عربى له كل هذه الصلابة طوال هذه المدة؟
قال: إسرائيل طبعا.
قالت: والقاعدة التى ستتسلم الحكم من الأسد؟
قال: آه صحيح، إسرائيل لا تستطيع أن تكشف عن نفسها وتتولى الحكم مباشرة، لا بد من مرحلة "الاستعمار الانتقالى".
قالت: ماذا؟ استعمار ماذا!!! أنا لم أفهم حتى الآن معنى "العدالة الانتقالية،" تقوم حضرتك تقول لى "الاستعمار الانتقالى"، يعنى ماذا؟
قال: هو شىء من هذا القبيل، ما عليك.
قالت: دعنا من ذلك، ألست معى أنه لا يكفى أن نعرف أطراف تحالف الشر، وأن الأوْلى بنا أن نعرف فورا وفعلا كيف نقاومه.
قال الشاب: لنفرض، أننا وعينا الفرق بين توقيع معاهدة مؤلمة تقر باستسلام لواقع مر، وفى نفس الوقت تحفز للبدء فورا بتنمية ثقافة الحرب المتواصلة بلا نهاية، بما فى ذلك احتمال قيام الحرب كلما اضطررنا لذلك.
قالت: يا خبرك أسود، تريدنا أن نعود للحروب بعد كل ما عانينا من 48، نحن ما صدّقنا.
قال: ما صدقنا ماذا؟ دعينا نتصور لو كانت ثقافة الحرب قد أيقظتنا من غفلة التبعية وخبث صفقات الصداقة غير المتكافئة، حتى لو ورّطتنا بين الحين والحين أن نعود نواصل الحروب بكل تشكيلاتها: ننهزم، فننتصر، ونقتل، ونستشهد، ونكسب، ونخسر، ونقاوم، وننتج، ونبدع، ونستمر، قالت: ما كل هذا؟
قال: هذه هى ثقافة الحرب، لا تخافى وقولى لى: ما هى أسوأ الاحتمالات لو كنا فعلنا ذلك؟
قالت: كنا سنصبح بلدا محتلا، وكان زماننا نصرخ فى أمريكا وربما مجلس الأمن أن يلحقونا لأن إسرائيل تبنى مستوطنات فى أرض مصر المحتلة.
قال: تقولين مستوطنات! أظن مثل المستوطنات فى سينا التى يقطنها الآن ويحصنها الوافدون من أفغانستان وتركيا وغزة وتركيا.
قالت: هل أنت متأكد مما تقول؟
قال: ليس تماما، أنت وما ترين.
قالت: دعنا نواصل ما تعلمته منك الآن.
قال: تعلمتِ ماذا؟
قالت: تعلمت منك ما هى ثقافة الحرب: ننهزم، فننتصر، ونقتل، ونستشهد، ونكسب، ونخسر، ونقاوم، وننتج، ونبدع، ونستمر.
قال: على البركة، هذه هى الثورة.
قالت: أخيرا عرفنا كيف نجعلها ثورة.
الأزمة المصرية..القدس ..الشريعة ..سوريا وقطر
سميح المعايطة-الراي الأردنية
تفتح الازمة المصريه الحالية بتداعياتها الدموية وتطاير النار في اجوائها مسارات عديدة لملفات اخرى في المنطقة وتعيد الى الاذهان حكايات غابت عن الساحة مثل القدس وفلسطين ويعود الملف السوري في قراءة مختلفة بعد موقف السعودية واخواتها ...
ما الذي جرى وكيف قرات دول عديدة الحدث المصري امور تشير اليها القضايا التالية :-
1- بعد عزل مرسي تحدثنا عن عودة ما يسمى بمحور الاعتدال العربي الذي عبر عن نفسه من خلال دعم سياسي ومالي للقيادة المصرية الحالية وكان متوقعا ظهور مقاومة اخوانية لكن الامور بشكلها الحالي ولجوء الجماعة للعمل العسكري لم تكن حالة متوقعة بالصورة التي شهدناها ولعل دول هذا المحور شعرت بحجم التحدي الذي تواجهه مصر وظهر احتمال ولو كان بعيدا بان تدخل مصر مرحلة الفوضى الامنية والسياسية بصورة قريبة مما يجري في سوريا وهذا الاحتمال يعني الكثير للمنطقة ويعني انتصارا للاخوان كحالة محلية ولمحورها الاقليمي كحالة خارجية ويعني ايضا ان مصر الفوضى تعني حالة جديدة مع اسرائيل وفتحها امام حماس عسكريا ويعني ايضا انتصارا لوضع مصري اعلن هذا المحور دعمه له مع بداية ظهوره .
دخول مصر مرحلة الفوضى السياسية والامنية احتمال تريده دول عديدة في العالم ليس حبا في الاخوان بل كراهية بمصر وخدمة لاسرائيل وهناك تركيا التي تخوض معركة نفوذها في سوريا ومصر وتتكأ على الاخوان وقطر وهناك حالة التردد داخل الادارات الامريكية في الكونغرس والبنتاغون والبيت الابيض والمخابرات .
الموقف السعودي الحاسم وعلى لسان خادم الحرمين وما تبعه من مواقف حاسمه من دول المحور كان رسالة اقليمية بان معركة مصر اقليمية وعربية وان هناك ادراكا لخطورة الحالة المصرية .
2- ومرة اخرى تدفع جماعة الاخوان ثمنا لادارتها السلبية لعلاقاتها العربية خلال العامين الاخيرين سواء من خلال تعامل ادارة اخوان مصر او التنظيمات المحلية ومن الطبيعي ان تقوم الدول التي تضررت من ذلك الاداء بالتحول الى عدو استراتيجي للجماعة والسعي بكل امكاناتها للحد من نفوذ الجماعة ومواجهتها وزاد من العداء للجماعة الاداء غير الناضج من بعض القيادات المحلية وحالات الاستفزاز والاستعداء للجماعة نتيجة الخبرة المتواضعة جدا لمجموعات تصدرت قيادة الجماعة في اكثر من صعيد .
3- اما القدس وفلسطين فقد عادت اليوم في تفسير بعض الجماعة لما جرى لمرسى وجماعته واعتقد انه استخدام بائس لان القراءة البحثية لكل خطابات مرسي خلال عام من حكمه لم يجد فيها ذكرا لاسرائيل او هجوما عليها بل عين مرسي سفيرا مصريا جديدا في تل ابيب ولم يقدم حكمه ضد السفارة الا الحماية كما كان الحال قبله ولم تتعرض تل ابيب لاي تهديد من حكم الاخوان ولا حتى مظاهرة المصريون لم يعزلوا مرسي لانه قرر ازالة اسرائيل وليس لانه قرر تحكيم الشريعة فهذان ملفان كانا خارج الاداء الاخواني لكن المشكلة كانت في عقلية التنظيم وفشلها في ادارة الدولة ولهذا فكل حديث يربط بين القدس والمشروع الاسلامي مع احداث مصر حديث يحتاج الى مراجعة .
4- اما سوريا فهي اليوم في خندق مشترك مع معسكر الاعتدال في مساندة مصر فالاخوان عدو مشترك للطرفين ولعل في موقف محور الاعتدال حديث يمكن للنظام السوري الاستفادة منها سياسيا وهي دعم هذه الدول لمصر في سعيها لفرض القانون ومحاربة الارهاب والضلال .
اعلم جيدا ان هناك اختلافات كبيرة بين الحالتين المصرية والسورية لكن هناك ايضا تقاطعات وبخاصة فيما يتعلق بالقاعدة وغيرها .
5- اما قطر في العهد الجديد فانها ارسلت رسالة تحمل الجديد من خلال تقديمها دعما اقتصاديا من الغاز للحكم المصري الجديد لكنها استمرت بذات محددات موقف الحكم القطري السابق وهذا يشير الى عدم حسم لبعض المسارات او ان قوة وتسارع الاحداث اكبر من سرعة اجراءات التغيير .
سوريا.. بل هي لعبة!
طارق الحميد-الشرق الأوسط
حذر وزير الخارجية الأميركي نظيره الروسي بأن خيار الضربة العسكرية ضد بشار الأسد لا يزال قائما، وأن المبادرة الروسية لنزع أسلحة الأسد الكيماوية يجب أن تكون جادة، مشددا على أن «هذه ليست لعبة»! فهل صحيح أن المبادرة الروسية، وموافقة الأسد عليها، ليست لعبة؟
أعتقد أنها لعبة، وخصوصا عندما يعلن الرئيس الإيراني روحاني، أمس، تأييد إيران «المبادرة الروسية، وقرار سوريا الانضمام للمعاهدة الخاصة بالأسلحة الكيماوية»! فمجرد إعلان إيران تأييد المبادرة يجعل المراقب أكثر حذرا، فهل وافقت إيران لأنها رأت بتلك المبادرة سلامة الأسد من الضربة، وبالتالي إطالة عمر نظامه؟ وما يزيد الشكوك أيضا حول جدية المبادرة الروسية هو كشف صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن وحدة خاصة تابعة للأسد تدير برنامج الأسلحة الكيماوية تقوم بتوزيع تلك الأسلحة على عشرات المواقع بسوريا لتفادي رصدها. فهل يمكن القول بعد كل ذلك إننا لسنا أمام لعبة؟
بكل تأكيد هي «لعبة»، طالما أن هدف المفاوضات الجارية الاكتفاء بنزع أسلحة الأسد الكيماوية وتجاهل جرائمه، وتجاهل الحل السياسي الشامل، الذي يجب أن ينتهي برحيل الأسد، لا الابتهاج بانضمامه لمعاهدة نزع الأسلحة؛ فالمبادرة الروسية، وبشكلها المطروح، تعني غرق المجتمع الدولي في بحر من التفاصيل، مما يعني بقاء الأسد لفترة أطول، وهو ما يهدد سوريا، والمنطقة ككل. والأمر لا يقف عند هذا الحد، بل إن الشك مبرر، ويتزايد، خصوصا مع ملاحظة أنه بينما يقوم وزيرا خارجية أميركا وروسيا بالتفاوض في جنيف، فإن هناك حملة علاقات عامة ضخمة ومنظمة تجري في أميركا، هدفها إضعاف موقف الرئيس أوباما الداخلي، والحيلولة دون حصوله على تفويض من الكونغرس للقيام بضربة عسكرية ضد الأسد! ويشارك في تلك الحملة الأسد نفسه، من خلال المقابلة التلفزيونية الأخيرة مع محطة أميركية، والرئيس الروسي الذي كتب مقالا في صحيفة «نيويورك تايمز» حاضر فيه الأميركيين عن الديمقراطية، والقانون الدولي! كما يشارك في هذه الحملة أقرباء للأسد كانوا يدعون معارضته!
وهدف تلك الحملة، وملخصها، أن نصف المعارضة من تنظيم القاعدة، وأن المعارضة أسوأ من الأسد، ولا ينبغي دعمهم بالأسلحة، وأنه يجب عدم السماح بتوجيه ضربة عسكرية للأسد تقول الحملة إن من شأنها تقوية المعارضة، وفجأة بتنا أمام سيل من الصور، والأفلام التي يراد منها توثيق «وحشية» المعارضة، فيما يبدو أنه رد على الأشرطة الخاصة بمجزرة الغوطة الكيماوية التي طالب الرئيس أوباما الأميركيين في خطابه الأخير بضرورة مشاهدتها، لمعرفة مدى وحشية جرائم الأسد!
وعليه، فإذا كان الروس والأسد يلعبون في أميركا نفسها، ويحاولون تشتيت الرأي العام فيها، فكيف لا يلعبون في سوريا؟! وإذا كانت إيران سارعت لتأييد المبادرة الروسية القاضية فقط بنزع أسلحة الأسد الكيماوية، مع إغفال الحل السياسي الشامل، فكيف لا يقال إنها لعبة؟! بل هي لعبة بكل امتياز.
سوريا كرست عودة روسيا
سميح صعب-النهار اللبنانية
ربما للمرة الاولى منذ ان نقل الرئيس المصري الراحل انور السادات مصر من المعسكر السوفياتي السابق الى المعسكر الاميركي اواسط السبعينات من القرن الماضي، تعود روسيا بهذه القوة الى الشرق الاوسط من البوابة السورية. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو اليوم شريك اساسي في رسم المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، بما لا يدع مجالاً للشك في أن الاحادية التي تمتعت بها الولايات المتحدة منذ انتهاء الحرب الباردة اوائل التسعينات، قد انكسرت.
وقد يكون الرئيس الاميركي باراك اوباما مديناً لبوتين بانقاذ الولايات المتحدة من التورط في حرب جديدة في الشرق الاوسط، باقتراحه تفكيك الاسلحة الكيميائية السورية في مقابل الامتناع عن الحرب التي كان الرئيس الاميركي على وشك شنها على سوريا من اجل اضفاء الصدقية على "الخط الاحمر" الذي كان حدده العام الماضي في ما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيميائية على رغم ان موسكو ليست مقتنعة بالرواية الاميركية عن استخدام هذه الأسلحة في الغوطتين او في مناطق سورية اخرى خصوصاً في خان العسل في وقت سابق من هذه السنة.
وفي النتيجة تسارعت الاحداث بعد اعلان اوباما اتخاذ قرار بضرب سوريا وطلب موافقة الكونغرس على هذه الضربة التي لو كانت حصلت لكانت أثبتت ان استعادة روسيا مكانتها العالمية ضرب من الخيال. لكن روسيا بعثت بأساطيلها الى المياه المقابلة للسواحل السورية، واعتمد بوتين ديبلوماسية ناشطة أفضت الى نزع فتيل الانفجار الذي كان من شأنه ان يقود المنطقة الى سيناريو اسوأ بكثير من السيناريو العراقي او الافغاني او الليبي، حتى لو قال اوباما العكس.
ومن الصعب الاقتناع بان "زلة لسان" جون كيري في لندن على حدّ تعبير "الغارديان" هي التي اوقفت الحرب على سوريا. فلو لم يلمس اوباما تلك المعارضة الشعبية الواسعة لفكرة الحرب، ولو لم يتيقن من عدم قدرته على اقناع الكونغرس المتردد حيال الضربة العسكرية، ولو لم يتخل عنه اقرب حلفائه التاريخيين مثل ديفيد كاميرون، ولو لم يسمع كلمات البابا فرنسيس "الحرب هي الحرب" سواء أكانت محدودة ام شاملة، لما كان رضي بالعرض الروسي الذي أتى في الوقت المناسب ليحفظ ماء الوجه للرئيس الاميركي فيعود الى سلوك الخيار الديبلوماسي سبيلاً الى حل الازمة السورية.
وحتى لو تقلب رونالد ريغان في قبره غضباً كما كتبت صحيفة "معاريف" بسبب قبول اوباما العرض الروسي، فإن روسيا تنهض اليوم لمسؤوليتها التاريخية في منع اميركا من المضي في مغامراتها الحربية في الخارج، وبات في وسع المندوب الروسي لدى الامم المتحدة فيتالي تشوركين أن يقول بثقة: "سنبقي العالم واقفاً على رؤوس أصابعه".
بوتين يقضي على الأسد!
جمال خاشقجي- الحياة اللندنية
لنتوقف عـن قرع طبـول الـحرب في سـورية، فـقد كتـبت مقالات عدة منذ بدايات الأزمة هـناك، وكررت فيها أن القـوة هي الديـبلومـاسـية الوحـيدة التي يفـهمـها بـشـار الأسد، ولنجرب المبادرة الروسية الداعية الى تجـريد النظام السوري من أسلحته الكيماوية، في مقابل عدم استهدافه بضربة عسكرية، ليس فقط لأن لا خيار آخر أمام العرب، طالما أن الغرب متردد حيال التدخل العسكري الحاسم، وإنما لأنها قد تكون ضمة الدب الروسي الأخيرة لصاحبه، والتي ستقضي عليه في نهاية المطاف... كيف ذلك؟
يستدعي تجريد النظام السوري من أسلحته الكيماوية بروتوكولاً يحدد مهمات ووقت المفتشين الدوليين وصلاحياتهم، لذلك حاولت فرنسا أن تستصدره من مجلس الأمن ليقضي بمدة زمنية محددة، وتهديد تحت البند السابع بمعاقبة النظام في حال مماطلته، فرفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك، فهو في حال نشوة واعتداد بالنفس بعدما بدأ يسمع المحللين السياسيين يتحدثون عن قوته الباهرة، وسطوع نجمه على حساب أوباما المتردد. ولكن في النهاية لا بد من بروتوكول ما يحدد آلية تجريد النظام السوري من الكيماوي، وسيكون التفاوض مع روسيا وليس مع النظام السوري، وهنا إشارة مهمة إلى النهاية المحتومة للنظام الذي فقد ظله، وأصبح قرار بقائه في يد أجنبي بعيد، والأجنبي لا يمكن أن يكون وطنياً متحمساً حتى وإن بدا مدافعاً متحمساً. سورية الأسد أصبحت من الآن فصاعداً مجرد «طابة» في الملعب الروسي لتحقيق نتائج لها.
لا بد من أن يقضي البروتوكول بجدول زمني، ثم الاتفاق على تحديد مواقع تخزين الأسلحة الكيماوية وآلياتها ومصانعها والتفتيش عليها، ومن ثم تفكك وتنقل خارج سورية. ستقارن الخرائط والمعلومات الروسية وتلك التي سيقدمها النظام بالمعلومات الدقيقة المتوافرة لدى الأميركيين والفرنسيين، والذين بالطبع سيستعينون بمعلومات الإسرائيليين الدقيقة، فهؤلاء أكثر الناس اهتماماً ومتابعة لبرنامج السلاح الكيماوي منذ أن وضع لبنته مع الإيرانيين الراحل حافظ الأسد، وتوسع فيه ابنه بشار على أساس أنه سلاح الردع والتوازن مع إسرائيل، ولا يزايدن أحد علينا، فلم يبق عند تلك العائلة البائسة ونظامها ردع ولا ممانعة أو مقاومة، فلقد سقطت آخر ورقة توت، بينما كان وزير خارجية النظام وليد المعلم يعلن من موسكو الثلاثاء الماضي بعبارات رتيبة أول استسلام للنظام بالتخلي عن الكيماوي، واستعداده «لكشف مواقع أسلحتنا الكيماوية، ووقف إنتاجها، وعرض هذه المنشآت أمام ممثلين عن روسيا وبلدان أخرى والأمم المتحدة». تلك لحظة استدعت مثيلاً لها عام 1998 وفي حياة حافظ الأسد عندما اعترف للأتراك بوجود زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، وأبعده من سورية بعدما رأى أمامه رتلاً من الدبابات التركية في الجانب التركي من الحدود المتجاورة! يعيش هذا النظام بالقوة وبها يفاوض ويتنازل... ثم يموت، وبالتالي فإن كل من يتحدث عن رفض الضربة الأميركية بزعم حرصه على «الجيش العربي السوري» إنما يبحث عن عذر يبرر عدم رغبته في نصرة الثورة السورية وتطلعاتها نحو الحرية. لقد سقط الجيش السوري ودوره القومي لحظة وجّه بندقيته نحو شعبه.
بعد مقارنة الخرائط والمعلومات تبدأ عملية التفتيش، فلا أحد يثق بالنظام السوري ولا بحليفته روسيا، وبالتالي لا يعقل أن توافق الولايات المتحدة بقبول «وضع الأسلحة تحت رقابة روسيا الاتحادية». لا بد من أن تطالب هي وبقية دول العالم الحر، وربما مجلس الأمن بالتخلص التام من الأسلحة الكيماوية ومصانعها وآلياتها، ولكن سورية... كل سورية في حال حرب، إذاً لا بد من الدعوة لوقف إطلاق النار كي يتسنى للمفتشين الدوليين القيام بعملهم، ولكن وقف إطلاق النار بمثابة انتحار للنظام، فالثورة أصلها سلمية، وستعود الى سلميَّتها والتظاهر مطالبة برحيل بشار ومن معه، (وربما يفضلون الآن إعدامه)، وهنا لا بد للروس من أن يُلزموا حليفهم بوقف إطلاق النار، وإلا فستنهار مبادرتهم ويعود الرئيس الأميركي ومن معه من غرب وعرب إلى مربع الضربة العسكرية.
أريد أن أتفاءل وأقول إن الأطراف الدولية ستضغط نحو حل سلمي، فالحل العسكري وعلى رغم ترحيب معظم الشعب السوري به ليأسهم من أي إمكان تفاهم مع النظام سيؤدي إلى سفك مزيد من الدماء، ليس بسبب القصف ذاته، وإنما بسبب المعارك بين الثوار والنظام التي ستستعر فور بدء الضربات الدولية، وبالتالي فالأفضل للشعب السوري التوجه إلى جنيف للتفاوض على نقل السلطة وتشكيل حكومة انتقالية، ولكن التجربة تقول غير ذلك، فبشار نظام عربي ملأته الكراهية والحماقة، وقرر أن كل من يعارضه إرهابي يستحق الموت، وبالتالي فلا يُتوقع أن يبادر إلى حل تفاوضي إلا إذا ضغط عليه الروس بعدما باتوا يملكون قراره، أو يتركونه يواجه المصير الذي يستحقه. التحول الأهم الذي حصل الأسبوع الماضي هو أن التفاوض بات يجري مع روسيا، ولم تتواضع هذه وتقبل بالتفاوض لإنقاذ حليفها الصغير إلا بعدما رأت الجدية في أعين الأميركيين. سيتعجل كثيرون ويقولون إن صفقة ما ستعقد بين واشنطن وموسكو لحل الأزمة السورية، ولكن المسافة بعيدة بين بقاء بشار ورحيله، لذلك سيقضي بوتين عليه، إما رضوخاً لضغط المجتمع الدولي، أو لأنه لم يبق شيء يستطيع أن يفعله بعدما استنفد كل ما عنده من سهام.
اليونسكو وإصلاح الإعلام
محمد قيراط-الشرق القطرية
في 28 مارس من سنة 2008 وافق المجلس الدولي الحكومي للبرنامج الدولي لتنمية الاتصال في دورته السادسة والعشرين على مؤشرات والإطار التقييمي الذي وضعته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) لتنمية وسائل الإعلام. فمنذ إنشائها سعت اليونسكو إلى تسهيل حرية تداول الأفكار عن طريق الكلمة والصورة كما التزمت وما زالت تلتزم بتنمية وسائل إعلام حرة ومستقلة ومتعددة. فالنظام الإعلامي الحر والديمقراطي والشفاف والفعال يعمل دائما على تكريس الديمقراطية وتعزيزها من خلال تزويد المواطنين بالمعلومات والآراء والأفكار للمشاركة في العمل السياسي واتخاذ القرارات الصائبة والرشيدة القائمة على المعلومة الصحيحة. فهناك ارتباط عضوي بين وسائل الإعلام الحرة والنزيهة والملتزمة والديمقراطية والتنمية الشاملة.
تشكل حرية التعبير عنصرا أساسيا من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان كما أنها تدعم الديمقراطية والشفافية وتساعد على تكوين الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والرأي العام ومراقبة المسئولين العامين والسلطات الثلاث في المجتمع. تعتبر وسائل الإعلام الرافد الحقيقي والمنبر الرئيسي للديمقراطية و للسوق الحرة للأفكار؛ فهي أدوات تعمل على تعزيز الشفافية في الحياة العامة وتراقب التجاوزات والفساد وسوء الإدارة واستغلال النفوذ كما تعمل على نشر ثقافة الفعالية والرشادة الاقتصادية والحكم الرشيد في المجتمع.هذا من جهة لكن من جهة أخرى نلاحظ أن وسائل الإعلام في العديد من دول العالم اُستعملت وتُستعمل لتكريس الوضع الراهن والانحياز لأصحاب النفوذ المالي والسياسي على حساب المصلحة العامة ومبادئ الكلمة الحرة والديمقراطية. ومن هذا المنطلق جاءت مؤشرات اليونسكو لتقييم وضعية الإعلام في دول العالم وخاصة النامي منه لتحديد النقائص ومواطن الضعف والمجالات التي تحتاج إلى تصحيح وتطوير وإعادة نظر من أجل الرقي بالإعلام ليكون أداة للكلمة الحرة وللديمقراطية وللتنمية الشاملة وليس أداة للطغاة و الديكتاتوريين.
وتتمثل هذه المؤشرات فيما يلي: الفئة الأولى تتعلق بأنظمة توفر بيئة لحرية التعبير وتعددية وسائل الإعلام وتنوعها من خلال وجود إطار قانوني وتنظيمي يحمي حرية التعبير والمعلومات وفق المعايير الدولية للممارسة المهنية والمسئولة لوسائل الإعلام بالاشتراك مع المجتمع المدني. وهنا نلاحظ أن نسبة كبيرة من دول العالم تعاني من انعدام هذه البيئة لممارسة إعلامية تفرز الديمقراطية وتحميها وتصونها وتساعد على تحقيق التنمية المستدامة. فالإطار القانوني الذي يكفل التعددية الإعلامية وتنوع وسائل الإعلام وحرية الصحافة والتعبير نجده غائبا مما يحتم على العديد من دول العالم معالجة هذا المشكل والنظر في هذا المؤشر إذا أرادت أن تجعل من وسائل الإعلام أدوات للتنمية والتطور والشفافية والحوار والديمقراطية.
أما الفئة الثانية فتعنى بتعددية وسائل الإعلام وتنوعها والتأكيد على المساواة الاقتصادية وشفافية الملكية. وهنا نلاحظ كذلك أن العديد من الدول النامية تعاني من أحادية الخطاب الإعلامي وتمركز الإعلام في العاصمة وفي يد حفنة من التجار الذين نادرا ما تربطهم علاقة بشيء اسمه الإعلام. وإذا طغى المال على الإعلام فإنه يتحول إلى نقمة بدلا أن يكون نعمة يخدم الديمقراطية والشفافية والتنمية المستدامة.
تتمثل الفئة الثالثة في اعتبار وسائل الإعلام كمنبر للديمقراطية وهذا يعني تنوع الأفكار والآراء وإتاحة الفرصة للجميع للمساهمة في السوق الحرة للأفكار وإعطاء الإمكانية للمهمشين وللأقليات للتعبير عن انشغالاتهم ومطالبهم . وهذا يتطلب كذلك مجتمعا مدنيا فعالا وديناميكيا ورأيا عاما مستنيرا يتفاعل مع قضايا المجتمع ويساهم في صناعة الرأي العام. نلاحظ هنا كذلك أن معظم دول العالم الثالث تعاني من أنظمة إعلامية ما زالت تعيش تحت مظلة السلطة فلا ترى العالم والمجتمع إلا من خلال ما يرضي الحاكم وحاشيته وبذلك فهي أدوات لتبرير الوضع الراهن ولتكريس شرعية النظام. وفي غالب الأحيان نلاحظ فجوة كبيرة بين واقع الشارع والخطاب الإعلامي. فالربيع العربي مثلا كشف عن بعض الأنظمة العربية التي كانت، حتى عشية الإطاحة بالرؤساء الفاسدين، تمجد وتمدح وتسبح للرئيس. فالمبدأ هنا هو أن وسائل الإعلام هي في الأصل وسائل لرقابة الفساد والمحسوبية والتجاوزات التي توجد في المجتمع وتوفير البيئة الشفافة والصريحة من أجل إشراك فئات المجتمع المختلفة في بناء مشروع مجتمعي يأخذ بعين الاعتبار الشرائح الاجتماعية المختلفة في المجتمع.
أما الفئة الرابعة فتخص بناء القدرات المهنية ودعم المؤسسات التي تعزز حرية التعبير والتعددية والتنوع وهذا يعني أن المنظومة الإعلامية بحاجة إلى كادر إعلامي متمرس ومتدرب وقادر على العطاء المسئول والمهني والمحترف تحت إشراف أكاديمي وعلمي وبدعم من الجمعيات المهنية والنقابية وجمعيات المجتمع المدني. فوسائل الإعلام في تطور مستمر وهذا يعني الحاجة إلى مواكبة المهنة ومواكبة القائم بالاتصال لهذا التطور واستغلاله لخدمة الكلمة الحرة والديمقراطية والتنمية المستدامة.
تركز الفئة الخامسة والأخيرة على البنية التحتية واستغلالها لدعم استقلالية وسائل الإعلام وتعددها. وهذا يعني أن الإعلام الفعال بحاجة إلى إمكانيات ووسائل وإلى استثمار معتبر من قبل السلطات وإلى مواكبة التطورات العالمية في مجال تكنولوجيا الإعلام والاتصال. فالفئات الخمس التي حددتها اليونسكو تعتبر الإطار الذي من خلاله يتم دراسة وضعية الإعلام في أي دولة والوقوف عند النقائص والسلبيات والثغرات التي يجب النظر فيها ومعالجتها. فالدول العربية قاطبة مطالبة بالقيام بدراسات ميدانية تعتمد هذه الفئات والمعايير من أجل تقييم موضوعي وشفاف للمنظومة الإعلامية. والهدف هنا هو ليس النقد من أجل النقد ولا مجال هنا للخوف من واقع مليء بالثغرات والسلبيات وإنما الهدف هو الوقوف عند ما هو إيجابي لتدعيمه والمحافظة عليه والوقوف عند ما هو سلبي من أجل وضع وصفة للعلاج والتصحيح بهدف النهوض بقطاع استراتيجي وحيوي إذا أردنا أن نتكلم عن الديمقراطية ونجسدها في أرض الواقع. وتجدر الإشارة هنا أن اليونسكو أنجزت دراسة معتمدة على هذه الفئات في تونس ومصر وحبذا لو عممت هذه الدراسات في جميع الدول العربية بهدف تطوير المنظومة الإعلامية في مجال القانون والتشريعات والتعددية والتنوع وشفافية الملكية ودور وسائل الإعلام في الخطاب الديمقراطي ونشر الثقافة الديمقراطية والمجتمع المدني وكذلك بناء وتطوير وتكوين وتدريب الكادر الإعلامي أكاديميا وعلميا وفي مجال المعارف والمهارات وتوفير البيئة الصحية للنقابات المهنية والجمعيات الصحفية وإشراك المجتمع المدني في الشأن الإعلامي وأخيرا الاهتمام بالبنية التحتية وتوفير التكنولوجيا اللازمة لمنظومة إعلامية مطالبة بمواكبة العصر وبخدمة الديمقراطية والتنمية المستدامة. إن سعي اليونسكو لتطوير الإعلام في مختلف بلدان العالم يجب أن تتبعه إرادة قوية وصريحة وشجاعة من قبل مختلف دول العالم من أجل إصلاح الإعلام الذي إذا صلح - فهو عنوان للديمقراطية والحرية والعدالة والحوار بين الثقافات والديانات وعنوان السلم والسلام ، أما إذا فسد فيصبح عنوانا للتضليل والتلاعب بالعقول والدعاية والصور النمطية والفتن والأزمات والحروب.