Haneen
2013-12-08, 01:06 PM
اقلام عربي 516
5/10/2013
في هذا الملــــف:
نتنياهو و«تحالف القلقين»
الدستور
المقاومة الشعبية ووجه الشبه بين عمرو موسى وماري انطوانيت؟!
القدس العربي
العلاقات الأميركية - الإيرانية.. بين السر والعلانية.. عبر 35 عاما
الشرق الأوسط
6 أكتوبر.. يوم أسود على الإخوان!
اليوم السابع
استخدام الدين الإسلامي.. بين بريطانيا وأميركا !
الرأي الأردنية
بايدن وأوباما وإسرائيل
الحياة اللندنية
نتنياهو و«تحالف القلقين»
عريب الرنتاوي- الدستور
جعل رئيس الحكومة الإسرائيلية من شعار “تحالف إسرائيل والعرب المعتدلين ضد العدو المشترك”، عنواناً رئيساً لمشروعه السياسي وخاض تحت راياته انتخابات الكنيست الثامن عشر (2009)، وشكل الحكومة الثانية والثلاثين في إسرائيل، وظل منذ ذلك التاريخ، يروّج لهذا الشعار، برغم تعاقب الأحداث وتسارع التطورات في الإقليم بمجمله، وها هو اليوم، وهو على رأس الحكومة الإسرائيلية الحالية، يواصل ما بدأه على نطاق واسع، منذ خمسة أعوام، بل وقبل ذلك بكثير.
العدو المشترك من منظور نتنياهو هو إيران وقنبلتها و”محورها” في المقام الأول والأخير، باعتبار أنها تشكل تهديداً استراتيجياً لأمن “الاعتدال العربي” ووجود إسرائيل، من دون استبعاد مختلف أشكال ومستويات التهديد الأمني المتأتية عن اتساع نفوذ القاعدة وانتشار خطر “الإرهاب” في المنطقة، منذ العراق مروراً بليبيا وانتهاء بسوريا، علماً بأن القاعدة لا تحتل من المنظور الأمني الإسرائيلي مكان الصدارة في لائحة “أخطر المنظمات الإرهابية”، التي يتربع على عرشها حزب الله وحركة حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية.
خلف هذا الشعار، وما ترتبت عليه من سياسات وإجراءات واتصالات، يُطل الهدف الإسرائيلي القديم – الجديد برأسه: استبدال الصراع العربي – الإسرائيلي بوصفه الانقسام الأهم في المنطقة، بصراع ضد “معسكر الشر” المكون من إيران وحلفائها، ينخرط فيه -بنشاط- العرب المعتدلون والإسرائيليون “المتحضرون” بدعم من الغرب وجميع “الأخيار” في العالم، مع كل ما يقتضه ذلك من تعاون أمني وعسكري وسياسي، ومن تحالفات تعقد على هذه الأرضية.
في نيويورك، وبعد انطلاق قطار “التطبيع” في العلاقات الأمريكية – الإيرانية من محطته النيويوركية، وفي ضوء ما لاح في أفق هذه العلاقات من فرص وانفراجات، وسط ترحيب دولي نادر، عاد نتنياهو من جديد للحديث عن “وحدة الموقف والمصلحة والهدف” بين عرب الاعتدال وإسرائيل، في مسعى منه لتأليب “القلقين” من التقارب المتسارع بين طهران وواشنطن على إدارة أوباما، وبناء تحالف إقليمي يقف سدّا في وجه احتمالات خروج إيران من شرنقة العزلة والحصار والعقوبات الدولية.
دعوة نتنياهو سبقتها وأعقبتها، جملة تطورات تدفع على الاعتقاد بأن الرجل أتبع القول بالفعل، وبنى على الشيء مقتضاه، من هذه التطورات على سبيل المثال لا الحصر: (1) توارد أنباء متعددة المصادر عن اتصالات واجتماعات أجراها مسؤولون إسرائيليون مع نظرائهم من بعض دول العربية تمت في إسرائيل وعواصم غربية ... (2) شن أوسع حملة تحريض إعلامية في الولايات المتحدة ومن على منبر الأمم المتحدة، لـ”شيطنة” روحاني، وعرقلة التقارب الأمريكي – الإيراني من خلال وضع شروط تعجيزية للتطبيع مع إيران، منها “تدمير” كافة المنشآت النووية الإيرانية ورفض رفع العقوبات عن طهران قبل إتمام أية صفقة والتأكد من الالتزام الإيراني ... (3) المبالغة في تصوير حجم التهديد العسكري الإيراني من خلال التركيز على الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى القادرة على ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها ... (4) الكشف عشية سفر نتنياهو إلى نيويورك عن “الجاسوس الإيراني” الذي ضبط وبحوزته صور للسفارة الأمريكية في إسرائيل، في محاولة للتأكيد على أن إيران ماضية في مخططاتها “الإرهابية” واستهدافها للمصالح الأمريكية في العالم، في “مصادفة” معدة مسبقاً.
أما سيف الابتزاز الأمضى الذي ما انفك رئيس الحكومة الإسرائيلية عن إشهاره، فيتمثل بالتلويح باستعداد إسرائيل منفردة لتنفيذ ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وتوريط الولايات المتحدة (والعالم) بحرب جديدة، لا تريدها ولا تبدو على استعداد لخوضها، وبهدف “تصليب” مواقف المفاوض الأمريكي، إن تعذر إحباط التقارب، ودائماً تحت الضغط والتهديد والابتزاز.
لكن القراءة بعقل بارد، لحالة الاهتياج الإسرائيلية المترتبة على التقارب الأمريكي – الإيراني، تشير إلى محدودية الأثر الذي يمكن أن تتركه على التوجهات العامة للسياسة الأمريكية – الغربية حيال إيران، فالولايات المتحدة ماضية على هذا الطريق، ورسائل التطمين التي لا تكف عن توجيهها لإسرائيل، لن تغير من وجهتها العامة هذه، وإسرائيل أعجز من أن تقوم وحدها بـ”مغامرة” عسكرية ضد إيران من دون ضوء أخضر أمريكي، أما عرب الاعتدال، فهم الخاسرون قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، إن هم قرروا الانضواء تحت لواء “تحالف القلقين”، سيما في مناخات “الصحوات الشعبية” التي تجتاح المنطقة العربية ... وسيكتشف نتنياهو -وإن بعد حين- أنه يجذّف عكس التيار، وهذا ما تنبهت إليه على أية حال، مؤسسات بحث ومراكز تفكير استراتيجي في إسرائيل قبل غيرها.
المقاومة الشعبية ووجه الشبه بين عمرو موسى وماري انطوانيت؟!
محمد عبد الحكم دياب- القدس العربي
ها أنا أعود إلى ما كُتب على هذه الصفحة قبل ثلاثة أسابيع، تحت عنوان: ‘هل تأخذ مصر بخيار المقاومة لمواجهة غزو محتمل؟!’. وانتهى الموضوع بسؤال: هل تكون المقاومة حلا؟ وما هو المطلوب لها؟، وجاء ذلك في وقت بدا فيها ضرب أمريكا لسورية وشيكا، وأحدث هذا الجو قلقا بالغا من المصير الذي ينتظر الوطن العربي بأكمله، ومن دور المسؤولين المحرضين على الضربة الأمريكية المتوقعة والحاسمة خلاصا من حكم بشار الأسد واستعجالا لاستكمال رسم خرائط ‘الشرق الأوسط الجديد’؛ وكأن ما جرى للعراق لا يكفي عظة أو عبرة عما تسفر عنه مثل هذه الانتهاكات من دول تقف متربصة ومهيأة لتقسيم المنطقة وتفكيكها وإعادة تركيبها.
وجاء التصعيد ضد دمشق في فترة تجمعت فيها سُحب الضغوط المحلية والإقليمية والدولية السوداء على مصر، وبدا استهدافها محطة تسبق الوصول إلى القاهرة.
ووصف تعليق في أسفل المقال على موقع ‘القدس العربي’ الألكتروني بأن ما ورد وكُتب ‘مجرد تصور وهمي لعدو غير حقيقي أو موجود’، مع أن العدو واضح للعيان لمن يريد أن يرى؛ وجحافله على الأبواب تغزو المنطقة بلدا تلو آخر، وتستهدف كسر جيوشها جيشا جيشا، واستطرد المعلق في وصفه بأن ما قيل من قبيل التهويل والتخويف لتبرير ما أسماه ‘حكم العسكر والانقلاب الذي لبى رغبة العلمانيين والليبراليين الذين فشلوا وأفشلهم الشعب من الوصول الى كرسي الحكم عن طريق الصندوق النزية البريء، فتسلقوا دبابة السيسي وحضروا وقعدوا على الكرسي السعيد’!.
وشطح الخيال ‘الخصب’ ليقول أن مصر لا ترى لها ‘عدوا سوى غزة المحاصرة’!، ولو كان من المتابعين للحراك الثوري في مصر بدقائقه؛ لاكتشف أن القوى فائقة التأثير في الرأي العام، بمن فيهم مؤسسو وجمهور ‘حملة تمرد’ هم الأكثر انحيازا لفلسطين ودفاعا عنها، ويقاومون حملات التشويه الرخيصة ضد شعبها؛ في وقت يتصدون فيه للتحريض ضد الشعب المصري، الذي يُعاقب على عودته ليلعب دوره وعلى خروجه في 30 يونيو الماضي، وهناك بين ‘أمراء الحرب’ وكتائب التحريض من العرب غير المصريين من يستخدم نفس منطق المعلق ولا يرى له عدوا إلا مصر.
وأقول لكل من يعتمد على الخيال في تحديد موقفه، ولكل من يتبنى تصورات لا تمت بصلة لما يجري على أرض الواقع؛ عليه أن يتمثل وطأة الدم والنار والموت وتخريب العمران، وهدم وحرق المنشآت العامة والممتلكات الخاصة ودور العلم والمتاحف والكنائس؛ تنفيذا لوعيد ‘أمراء الحرب’ من فوق المنصات والمنابر جهارا نهارا؛أملا في رضوخ المواطن فيقبل بحكم الإرهاب وإن رفض فالبديل هو حرق مصر وترويع مواطنيها.
والمصريون يعرفون عدوهم حق المعرفة، ويعلمون أن الطابور الخامس يروج للتدخل الخارجي ضد مصر، ويزكي الاستيطان الصهيوني في فلسطين، ويحمي الفساد السياسي في كل مكان، ويمول قوافل القتلة، وإن خَفَت قرع طبول الحرب على سوريا، فليس معنى هذا أنها لن تندلع، بل هي حرب مرجأة إلى حين، وهي مطلوبة في المواجهة مع إيران ولتوفير أقصى درجات الأمان للدولة الصهيونية، وضرورية لإجهاض تطورات ميل ميزان القوى نحو الشرق، وللحد من تأثيرات روسيا وإيران والصين والهند في السياسة الدولية.
والمصريون رغم ظروفهم الصعبة يعيشون حالة يقظة واستنفار ضد الإرهابيين الوافدين من خارج الحدود لا تُعرف لهم مهنة غير القتل، ولم يُعرف عن المصريين أنهم ذهبوا إلى بلدانهم للعدوان على مواطنيهم، وهؤلاء الغرباء المعتدون؛ بتعدد جنسياتهم وأعراقهم يستبيحون الأرض ويروعون الناس، ويأتون بقصد التخريب والعدوان تتصدى لهم الدولة، وغير ذلك يجب أن يترك أمره للمقاومة بمعناها الشعبي، تحت شعار ‘المقاومة هي الحل’؛ كمقاومة سلمية؛ لا تتغير طبيعتها إلا في ظروف الغزو والعدوان الخارجي، وهدف المقاومة من هذا النوع كشف المظاهر والظواهر السلبية المعوقة للتطور.
والمقاومة الشعبية نهج ناجع ينقذ الثورة من براثن ‘أمراء الحرب’، ويحررها من رخاوة الأحزاب؛ محدودة الخيال وضيقة الأفق، والتي لا تتسع رؤاها (‘أمراء الحرب’ والأحزاب الرخوة) لأكثر من المشروع الغربي؛ يتبعه ‘أمراء الحرب’ ويوفرون له غطاء دينيا مشوها، وتتبناه الأحزاب الرخوة بقناع ديمقراطي مزيف، والمشروع الغربي معاد للثورة بطبيعته، وهمه الانحراف بمسارها، وهذا ما تم مع الموجة الأولى في 25 يناير، ومن المتوقع أن يحدث للموجة الثانية في 30 يونيو.
ولجنة الخمسين المكلفة بوضع الدستور، مع تقدير كامل لقامات عالية بها؛ إلا أنها اختارت عمرو موسى رئيسا لها، والكل يعلم علاقته بثورة 25 يناير وهي علاقة أشبه بعلاقة ماري انطوانيت زوجة لويس السادس عشر بالثورة الفرنسية، ووجوده على رأس اللجنة دليل على ثبات موازين القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية في غير صالح التغيير أو الثورة، وبقائها على حالها القديم.
وبين أعضاء اللجنة عدد من حملة ثقافة التقسيم الثقافي والجغرافي والطائفي والنوعي، وبها أنصار المدرسة الانعزالية التي اخترقت عقل المجتمع ووجدانه لمدة أربعين عاما، وما زالت غالبة على مجالات الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتاريخ والثقافة والإعلام، ويرون مصلحتهم في تحويل الفروق الثقافية والاجتماعية والطائفية والقبلية العادية إلى تصدعات وشروخ تجعل الوطن آيلا للسقوط؛ والحجة هي التنوع والتعدد والاعتراف بالآخر، وهذا حق يراد به باطل، حيث يأتي على حساب الوحدة الوطنية ولغة التكافل وروح الاندماج والتعايش، ويعزز المحاصصة الطائفية مع المسيحيين والنوعية مع المرأة، والعمرية مع الشباب والمناطقية مع النوبة والواحات، والهدف ترسيخ التقسيم النفسي تمهيدا للتقسيم السياسي والجغرافي والديني، وبذلك تحقق ‘لجنة موسى’ ما عجز عنه أعداء مصر على مر الزمان.
نسيت اللجنة أن مصر بلد وحدوي بالفطرة؛ أقام أول وحدة في تاريخ البشرية؛ دمجت بين مملكة الشمال في الدلتا ومملكة الجنوب في الصعيد، وفضلا عن أنها أول بلد اعتنق التوحيد الديني وعرف الإله الواحد مبكرا، هذا البلد الموحد والمندمج سياسيا وثقافيا منذ فجر التاريخ يجد من يتعامل معه كأشلاء لا رابط بينها، وعليه مثل أهل النوبة فيها أحد أعلام الانفصال، ويجد رعاية من منظمات وحكومات غربية.
وإذا ما استمرت ‘لجنة موسى’ على هذا النحو فمن المتوقع أن يخرج دستور ما بعد ثورة 30 يونيو انفصاليا وانعزاليا؛ خادما لفكرة التقسيم، وقد ينذر بموجة جديدة للثورة ترفض روح الدستور الانفصالية، وقد يكون أكثر سوءا من دستور مرسي الطائفي والمذهبي.
وعلى المستوى التنفيذي لا تختلف ‘وزارة الببلاوي’ كثيرا عن ‘لجنة موسى’؛ وجد الببلاوي من يضعه على رأس وزارة ما بعد ثورة 30 يونيو؛ ومع أنها مكونة من 35 وزيرا، إلا أن نصيب الثورة فيها ثلاثة مقاعد ونصف مقعد؛ يشغلها عبد الفتاح السيسي النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، وحسام عيسى نائب رئيس الوزراء للعدالة الاجتماعية ووزير التعليم العالي، وزياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير التعاون الدولي، وكمال أبوعيطة وزير القوى العاملة والهجرة.
وقد يقول قائل لماذا تدعو لمقاومة شعبية ما دامت هناك معارضة سياسية، وفيها تتولى الأحزاب الحاصلة على أغلبية مقاعد البرلمان الحكم، وتؤدي الأحزاب الأقل في عدد المقاعد وظيفة المعارضة، التي تسعي بدورها للوصول للحكم وفق قاعدة التداول السلمي للسلطة. ونرد بالقول بأن سنة حكم مرسي كشفت أثر الثقافة السائدة في أوساط الإسلام السياسي؛ وتقوم على عدم قبول الأحزاب والجماعات الطائفية والمذهبية والعشائرية بأقل من أبدية الحكم، وحين أبدى الشعب اعترضا فقدت رشدها وأصيبت بصدمة تجاوزت الحدود، وتمارس هوسا دمويا لم تعشه مصر في تاريخها.
كانت الشهور الثلاثة السابقة على يوم 30 يونيو قد شهدت رفض الاستجابة لمطلب طرح الثقة في مرسي أو انتخابات رئاسية مبكرة، وكان المطلب مشروعا، ولو طرحت الثقة باستفتاء عام، إذا فاز مرسي تعززت شرعيته، ولو خسر حافظ على حزبه وجماعته جزءا أساسيا في المعادلة السياسية، لكن النية المبيتة للتمسك بالحكم ضد إرادة الملايين انتهى نهاية مأساوية زادت الوضع تعقيدا.
ومصر تمر بحقبة ينتفي فيها التقسيم الوظيفي للقوى والجماعات السياسية، وغابت المعارضة في مرحلة الانتقال الحالية، وانقسم المجتمع السياسي إلى ثلاث كتل؛ تتفاوت في الحضور والتأثير؛ هي كتلة الحكم المؤقت، وأعاد للدولة بعض عافيتها، فصمدت في مواجهة الإرهاب الأسود. والكتلة الثانية هي كتلة ‘القطبيين’، بروافدها في مكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة، وجماعات التطرف الطائفي والمذهبي، وتصرفت برعونة شديدة، ونسيت أنها ككل القوى السياسية معرضة للفشل والهزيمة بعد الفوز والانتصار، وبدلا من إعادة الحسابات ودراسة أسباب الهزيمة ودواعي الفشل، ومراجعة الخطايا وتصحيح الأخطاء، حشرت نفسها في نفق الفاشية الطائفية والمذهبية المظلم، وارتكزت على الأكاذيب في دعايتها وحربها النفسية ضد المجتمع بأسره، وأعلنت الحرب عليه، وأهدرت دماء أبنائه وبناته الأبرياء، والكتلة الثالثة هي كتلة الثورة وما زالت مهيمنة على الشارع، وقادرة على الحسم حين يقتضي الأمر ذلك، وبدت الكتلتان الأخريان بجانبها محدودة التأثير على الرأي العام مقارنة بها.
والتجربة المصرية مع حكم محمد مرسي شديدة الوطأة والدلالة، ولو وُجد بين ‘القطبيين’ من تنبه لأبعاد أزمتهم الراهنة ما استهلك الوقت في الصدام مع الشعب والدولة، ما تأخر الحل كثيرا، ولا زاد من تعقيدات الوضع، وبعدما ما سالت الدماء أنهارا بدا الحل غير ممكن قبل محاسبة القتلة والمتورطين في العنف وحرق المنشآت العامة والممتلكات الخاصة وقطع الطرق وتفجير مخازن الوقود ومضخات الغاز وتعطيل النقل والمواصلات، وللحديث بقية الأسبوع القادم إن شاء الله.
العلاقات الأميركية - الإيرانية.. بين السر والعلانية.. عبر 35 عاما
زين العابدين الركابي (http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=12730&article=745643)– الشرق الأوسط
لم نفاجأ بالتطور الجديد في العلاقات الإيرانية - الأميركية: ليس لأننا كتبنا - في هذا المكان - وقبل ذهاب الشيخ روحاني إلى نيويورك، مقالا بعنوان (ماذا يجري بين الغرب وإيران رغم الظاهر الخادع؟)، توقعنا فيه (توافقا نسبيا) بين إيران والغرب بوجه عام وبينها وبين أميركا بوجه خاص.. وليس لأننا مقتنعون بأن ليس في العلاقات الدولية (يقينيات قطعية)، أو أن العلاقات الدولية لا تعدو أن تكون (ناديا لعشاق) متقلبي العواطف والأمزجة: كل يوم أو كل ساعة على حال، وبين انخفاض وارتفاع، والتهاب وبرود!
إنما السبب الرئيس في عدم تفاجئنا هو:
أولا: أنه رغم الصخب العالي، والكلام المفرط عن (الشفافية)، فإن العالم غارق فيما يمكن تسميته (الباطنية السياسية)، أي إن ما يظهره كثير من الساسة غير ما يبطنونه
ثانيا: أن خطوط الاتصال (غير المرئية) لم تنقطع بين الولايات المتحدة وإيران منذ قامت الثورة الإيرانية وحتى يوم الناس هذا.. صحيح أنه قد بدا في أحيان كثيرة أن العلاقة بين البلدين قد تكهربت، وأن حربا باردة نشبت بينهما، وأن هذه الحرب الباردة مقدمة تمهيدية لحرب ساخنة!
مثلا: في ذروة (أزمة الرهائن): رهائن السفارة الأميركية في طهران، بدا الوضع كأنه صدام حتمي بين الطرفين، ولا سيما أن الدستور الأميركي يجيز للرئيس الأميركي إعلان الحرب على أي دولة تعتدي على أميركي أو أميركيين، ولهذا السبب دخلت أميركا الحربين العالميتين: الأولى والثانية (بغض النظر عن صحة الأسباب وصدقها).
في ذروة أزمة الرهائن: كان الباطن، أي ما تحت القشرة والسطح، يشهد مفاوضات أميركية على أعلى مستوى.
في سبتمبر (أيلول) عام 1980، عقد وارين كريستوفر - نائب وزير الخارجية في حكومة جيمي كارتر - اجتماعا – في ألمانيا - مع صادق طبطبائي (أحد رجال آية الله الخميني المقربين). واتفق الاثنان على تحديد موعد الإفراج عن الرهائن بشرط أن توافق واشنطن على إمداد إيران بأسلحة قيمتها 400 مليون دولار.
بلغت هذه المعلومات فريق ريغان - بوش المتأهب لخوض انتخابات معركة الرئاسة، فطار صواب هذا الفريق بمقتضى تقديره: أن الإفراج عن الرهائن في هذا الوقت سيرجح حظوظ الديمقراطيين بالفوز بمنصب الرئاسة.. وهذه كارثة بالنسبة لهم!
فماذا حدث.
تفتق ذهن الجمهوريين عن مبادرة – تجاه إيران - خلاصتها (تأجيل) الإفراج عن الرهائن إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
بناء على هذه المبادرة، ترتبت سلسلة من الاجتماعات (السرية) بين شخصيات إيرانية كبيرة ومجموعة من فريق ريغان - بوش.. ولقد ضم الفريق الإيراني: آية الله محمد بهشتي، وحجة الإسلام على رفسنجاني، ومحسن رفيق دوست قائد الحرس الثوري.. وضم الفريق الجمهوري الأميركي: جورج بوش الأب (فقد أصر رفسنجاني على حضور بوش كضمانة قوية للاتفاق المزمع).. وويليام كيسي مدير حملة ريغان - بوش الانتخابية الذي أصبح مدير الاستخبارات المركزية.. وريتشارد آلن.. وفريد أكيل.. ولورانس سيلبرمان.. وعقد الاجتماع في فندق لانفان بلازا بباريس.
وخلال هذا الاجتماع، اتفق المجتمعون بطريقة سرية - طبعا - على تأجيل الإفراج عن الرهائن حتى الانتهاء من معركة الانتخابات الرئاسية.
وبالفعل: لم تفرج إيران عن الرهائن إلا بعد فوز فريق ريغان - بوش في الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) 1980.
وكانت ساعة التنفيذ هي (الكلمة الأخيرة) من القسم الرئاسي الذي أداه ريغان.. وكان الجندي المكلف إعطاء إشارة الإقلاع لطائرة الرهائن يمسك بإشارة الإقلاع بيد، وبجهاز اتصال لاسلكي باليد الأخرى.
هذه المعلومات والتفاصيل انتظمها كتاب (مفاجأة أكتوبر) الذي ألفته باربارا هوليغز: العضو البارز في طاقم البيت الأبيض.
ولعل الناس لم ينسوا صخب الإعلام السياسي الإيراني ضد الحربين اللتين شنتهما أميركا ضد أفغانستان والعراق. ولكن على الرغم من هذا الصخب، كان هناك تنسيق أو تفاهم بين أميركا وإيران على ضرب النظامين القائمين - يومئذ - في أفغانستان والعراق: نظام صدام حسين، ونظام طالبان.. وبدا الأمر وكأن الأميركان يحققون - بهذا الغزو - مصلحة عليا لإيران:
1 - فالبلدان - أفغانستان والعراق - يجاوران إيران.
2 - لإيران مصلحة (أكبر) من المصلحة الأميركية في سقوط النظامين المعادين لها في البلدين.. فقد كانت تعادي نظام صدام حسين لأسباب كثيرة، منها سبب حرب الثماني سنوات المدمرة بين العراق وإيران.. ولقد احتضنت طهران منذ وقت مبكر المجلس الإسلامي الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.
وكانت – في نفس الوقت - تعادي نظام طالبان، لأنها تعده نظاما (مذهبيا متعصبا) لا يمكن التعايش معه.. لهذه الاعتبارات، كان لأميركا وإيران مصلحة مشتركة في زوال هذين النظامين.
لهذا كله: لم نفاجأ بـ(التبدل المثير) في العلاقات الإيرانية - الأميركية.
ولكن، بقيت أسئلة: لا بد من الجواب عنها:
1 - السؤال الأول: ألا يدخل ما تقدم في سياق (نظرية المؤامرة)؟
الجواب: إن ما تقدم ليس سوى حقائق ومعلومات ووقائع.. وليس من حق أحد أن يغالط في الحقائق والوقائع بحجة أنه من (المترفعين) عن الاقتناع بنظرية المؤامرة.. ولطالما قلنا: إن الغلو بإطلاق في المؤامرة إنما هو خدمة لها!! وإن الغلو في نفيها بإطلاق هو جزء منها!!
2 - السؤال الثاني: لقد قاطع الغرب - بقيادة أميركا – إيران وحاصرها اقتصاديا سنوات كثيرة.. فهل كل هذا الحصار مجرد تمثيل، في حين أن الشعب الإيراني قد ضج منه بعد أن ذاق مرارته؟
والجواب: إن الحصار حقيقة واقعة لا مجرد تمثيل، ولكنه حصار لتعديل سلوك النظام، وليس من أجل اجتثاثه وإسقاطه كما يتوهم كثيرون.. وتعديل السلوك يتطلب ضغطا عموديا في أحيان كثيرة.. وثمة تصريحات لرؤساء ومسؤولين أميركيين تؤكد أن الولايات المتحدة لا تبيّت النية لاجتثاث النظام الإيراني.. قال الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش: ((إني لا أعتزم مهاجمة إيران قبل أن أغادر البيت الأبيض، وإن ما يتردد عكس ذلك مجرد شائعات مسلية ومضحكة)).. وقالت كوندوليزا رايس: ((ليس لدينا نية للمزيد من التصعيد الاستراتيجي ضد إيران)).. وقال الرئيس باراك أوباما: ((نحن لا نسعى إلى إسقاط النظام الإيراني)).
فهل أثمر الحصار الاقتصادي على إيران أثره في تعديل سلوك النظام الإيراني؟
وهل التجاوب الشعبي الإيراني مع توجهات روحاني: ورقة في يد القيادة الإيرانية لمزيد من التعديل والتجميل؟ من حيث تفسير التعديل بأنه مطلب شعبي!!
مهما يكن من أمر، فإن ما يهمنا هو: أن يكون السلوك الإيراني الخارجي عاقلا وحكيما في التعامل مع الإقليم، كما هو نزوعه الجديد مع المحيط العالمي. بل إن الصاحب بالجنب أولى بذلك وأحرى.
ثم إنه من المهم: ألا تتكرر التجربة الشاهنشاهية في الطموح إلى (دور الوكيل الإقليمي) للغرب في المنطقة. فنحن نريد سياسة غربية وأميركية في المنطقة بـ(دون وكلاء إقليميين): لا إيران ولا إسرائيل ولا غيرهما.
6 أكتوبر.. يوم أسود على الإخوان!
كرم جبر – اليوم السابع
العاقل هو الذى يعرف الخطوة التى تسبق الهاوية فيتوقف قبلها، ولكن الإخوان لا يتعلمون ولا يستفيدون ولا يراجعون أنفسهم، وآخر خطاياهم التخطيط لإفساد فرحة المصريين بانتصار 6 أكتوبر، ويضعون أنفسهم فى مواجهة أخرى خاسرة مع الملايين التى سوف تخرج فى هذا اليوم فى الشوارع والميادين، تحمل أعلام مصر وتغنى للوطن وتحيى ذكرى تحرير سيناء الغالية، ويشدون على أيدى رجال جيش مصر العظيم وقوات الأمن، الذين يخوضون معارك حاسمة لتحريرها من الإرهاب، وإعادتها لأحضان الوطن آمنة هادئة ومستقرة.. فهل افتقد الإخوان الحس السياسى وقرروا ضرب المناسبة الوطنية الخالدة، والعكننة على المصريين وتهديد سلامتهم وتخريب المرافق والممتلكات العامة والخاصة؟
الاحتفال بانتصار 6 أكتوبر ليس بجعله يوما أسوداً كما يخطط الإخوان، ولا بإيقاف المترو وتأجيل الدراسة فى المدارس والجامعات، ولا بمحاصرة القصور الرئاسية والوزارات والهيئات والمصالح الحكومية، ولا بإعادة اقتحام ميدان التحرير والنهضة ورابعة، ولا بالمسيرات والتظاهرات التخريبية، لأن هذه الأعمال العدوانية فى ذكرى يوم الانتصار العظيم، تضع المسمار الأخير فى نعش الإخوان، فلا: "مليونية الحصار" التى يعلنون عنها ستعيد رئيسهم المعزول، ولا "يوم الانتقام" يعيدهم إلى الحياة، فالحصار سوف ينقلب وبالا عليهم لإنهم يخطئون فهم صبر الملايين على جرائمهم، والانتقام هو كآس الدم الذى ستجرعون مرارته، بعد أن تسقط عنهم ورقة التوت الأخيرة، وينكشف أمام الجميع حجم تآمرهم.
أفراح المصريين هذا العام ثلاثية الأبعاد، فالجيش الذى حرر سيناء من إسرائيل هو نفسه الذى خلصها من الإخوان وهو الذى يطهرها من الإرهاب، ولن يقف مكتوف الأيدى أمام أى أعمال تخريبية تمس أمنه واستقراره، وخلفه شعب عظيم يعشق تراب وطنه ولا يفرط فيه، وتلاحم الجيش والشعب هو الصخرة التى تتحطم عليها مؤامرات الإخوان وترد كيدهم إلى نحورهم، ليصبح 6 أكتوبر يوماً أسوداً عليهم وعلى من يضمر الشر لمصر.
استخدام الدين الإسلامي.. بين بريطانيا وأميركا !
د. زيد حمزة – الرأي الأردنية
محظوظ انا بالاصدقاء الذين يدلّوني على كتب جديدة لم أقرأها ومنهم من يهديني احدها ككتاب روبرت دريفوس (لعبة الشيطان) / كيف ساعدت الولايات المتحدة في اطلاق العنان للاسلام المتطرف/ الذي شدني لما فيه من معلومات عن تاريخ (الاخوان المسلمين) أعرف بعضها بما يجعلني اصدق البعض الآخر، فمثلاً عن سعيد رمضان صهر حسن البنا وأحد رموز الاخوان الاوائل الذي اتذكره في اواخر الاربعينات من القرن الماضي خطيباً في المسجد الحسيني الكبير في عمان حين زار الاردن لتأسيس الجماعة، يكاد الكتاب يفرد له فصلاً كاملاً (نظراً لدوره الهام في نشر الدعوة في سوريا والاردن وفلسطين) وقد كنت قد اطلعت ذات يوم على بعض خفايا نشاط الرجل في الاردن وعلاقته بعبد اللطيف ابو قورة اول مراقب الاخوان المسلمين عندنا، ثم عرفت لاحقاً لماذا عُهد لرمضان بمهمة خارج مصر هي الدعوة في اوروبا فقد ذكرت مصادر مصرية (ان القرار اتخذ يومئذ لانقاذه من نتائج التحقيق داخل التنظيم حول اتهامات طالته أثناء قيامه بتوزيع الاعانات على زوجات المعتقلين من اعضاء الجماعة) وفي اوروبا حين كان يتنقل للعمل بين ألمانيا وسويسرا نظمت له ال CIA مع زعماء اسلاميين آخرين زيارة لواشنطن في عام 1953 حيث استقبلهم الرئيس ايزنهاور في المكتب البيضاوي وتلك قصة أخرى !
وقد قام رمضان في عام 1961 بتأسيس المركز الاسلامي في جنيف بدعم مالي سعودي وحسب تقرير سويسري قبلت السلطات بنشاطه على أنه (عميل أميركي ) وقيل إنه كان ضالعاً في محاولة اغتيال جمال عبد الناصر الثانية عام 1965. وفي عام 1962 أنشئت في مكة (رابطة العالم الاسلامي) وكان امينها العام محمد علي الحركان من شيوخ الوهابيين وقد دعمتها الولايات المتحدة بهدف محاربة الشيوعية والناصرية في المنطقة وكان سعيد رمضان من أهم اركانها كما كان بين اعضائها ابو الأعلى المودودي مؤسس جماعتي اسلام في الباكستان والحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين !
لقد أسهب كتاب (لعبة الشيطان) في الحديث عن جماعة الاخوان المسلمين والتنظيمات التي تفرعت عنها وكلها طبعاً سنية، لكن ذلك لم يمنعها من مساعدة تنظيمات شيعية في ايران كحركة فدائيي اسلام التي كان يقودها آبة الله سيد ابو القاسم الكاشاني (وكان الخميني بعد شابا صاعداً) اثناء انقلاب 1953 الذي دبرته المخابرات البريطانية MI6 والاميركية CIA بالاشتراك مع المخابرات الايرانية السافاك وانتهى باعادة الشاه الهارب من وطنه الى العرش رغم انه لم يكن يحكم بالشريعة الاسلامية بل كان يرسخ حكما مدنيا يقلد فيه الغرب ويسعى لتحرير المرأة كما في تركيا اتاتورك العلمانية، وقد قام الانقلابيون كذلك باعدام رئيس الوزراء محمد مصدق ليس لانه أمم النفط بل لأنه حسبما قال ملالي الشيعة لاتباعهم كان عميلا لحزب توده الملحد ولدولة اجنبية هي الاتحاد السوفيتي اللاديني، ولم يقولوا لهم انه كان يتجه بالبلاد نحو الاشتراكية المتعارضة مع مصالحهم ونفوذهم بين طبقة التجار (البازار)
وبعد.. فما زال هذا الكتاب - أسوة بالكثير سواه من الكتب التي تعتمد على الوثائق - يقدم الدليل تلو الدليل على أن الدول الكبرى من اجل الابقاء على نفوذها وهيمنتها والمحافظة على مصالحها الاقتصادية الحيوية في منطقتنا وفي مقدمتها مصادر النفط الهائلة لا تقيم وزنا للمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان، وهي تتعامل دون مواربه مع منظمات سياسية اسلامية لا تؤمن بتلك المبادئ والحقوق وذلك بالتواطؤ أو التوافق أو تبادل المنافع وباغداق المال عليها، وهي أي تلك الدول مازالت حتى الآن تظن أن شعوب المنطقة ساذجة لاهية ساهية كما كانت في القرن المنصرم، ولم تدرك بعد أن ثورة 30 حزيران التي قام بها وقادها عشرات الملايين من المصريين قد قلبت تلك الظنون واثبتت أن الخداع باسم الدين لم يعد ينطلي حتى على اكثر الشعوب العربية تدّيناً !..
بايدن وأوباما وإسرائيل
مصطفى زين- الحياة اللندنية
«لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان على الولايات المتحدة إيجادها». بهذه العبارة خاطب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن منظمة «جي ستريت»، وهي النسخة «اليسارية» لـ «آيباك»، خلال مؤتمرها السنوي في واشنطن.
بايدن لم يخف يوماً حبه للدولة العبرية، ويتباهى بأنه صهيوني مؤمن منذ قرأ الكتاب المقدس صغيراً. تجذرت صهيونيته حين التقى غولدا مئير، فور انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ مطلع سبعينات القرن الماضي. ترجم هذا الانتماء عملياً عندما اقترح تقسيم العراق إلى ثلاث دول. وعندما تبنى في مجلس الشيوخ «قانون تحرير سورية ولبنان»، وكان الهدف من ذلك شلّ أي قدرة عسكرية عربية تشكل خطراً على إسرائيل. وقد تحقق له ما أراد. العراق قُسّم عملياً، وما زال غارقاً في دماء أبنائه وفي الفتنة المذهبية التي انتقلت إلى سائر المشرق، ويتوقع أن تنتقل إلى باقي العالم الإسلامي. أما سورية، فأصبحت على بعد عشرات السنين من إمكان تشكيل خطر على أي دولة أو دويلة، هذا إذا خرجت من محنتها موحدة.
لم تكن صهيونية بايدن وحدها وراء ما «أنجز» في العراق وسورية. فالإدارات الأميركية المتعاقبة كلها صهيونية، في هذا المعنى. همها حماية إسرائيل ومصالحها. ولسنا في حاجة إلى أدلة لإثبات ذلك. فليس من رئيس أو نائب رئيس أو وزير خارجية أو مسؤول، كبيراً كان أو صغيراً، يستطيع مخالفة هذه السياسة. حتى أن الصحافيين لا يستطيعون ذلك. ومن يخالف هذا النهج يطرد من عمله ويتهم باللاسامية.
قبل كل ذلك، نحن العرب مسؤولون عن كل هذه المآسي والفتن والحروب. أدمنّا التدمير الذاتي. لم نستطع بناء دول مستقلة ذات سيادة. أميركا أو غيرها، تستغل هذا الواقع لمصلحتها ولمصلحة إسرائيل.
متسلحاً بكل هذه الإنجازات، من تدمير العراق وتقسيمه، إلى تدمير سورية وليبيا، إلى التخلي عن فلسطين وقضيتها التي كانت مقدسة ذات يوم، وقف بايدن، مخاطباً اليسار الصهيوني الأميركي ممثلاً بـ»جي ستريت» ليؤكد ولاءه مرة أخرى، وليعلن أن «الولايات المتحدة تقف مع إسرائيل ومن أجل إسرائيل، وهي شأنها شأن منظمة «جي ستريت»، لديها التزام بالسلام العادل، فإن لم نفعل ذلك نحن، فمن يفعله». وأضاف: «قد تبدو الإدارة كأنها أعادت صوغ نهجها في الشرق الأوسط، إلا أن موقفنا تجاه إسرائيل لم ولن يتغير».
وفيما كان بايدن يخاطب المنظمة الصهيونية، كان باراك أوباما يعقد اجتماعاً مع نتانياهو في البيت الأبيض، ليطمئنه أيضاً إلى أن التزام إدارته أمن إسرائيل ومصلحتها لا يتزعزع، وأن تراجعه عن شن حرب على سورية هو لمصلحة بلديهما، فدمشق أصبحت مشلولة ومعزولة دولياً. وتدمير مخزونها الكيماوي ضربة قوية لها ولإيران وحلفائهما. والتنظيمات المسلحة التي تكاثرت كالفطر كفيلة بالقضاء على أي بادرة للاستقرار فيها. والعراق نموذج لما يمكن أن يكون عليه المشرق كله، أما إيران «المعتدلة» في عهد روحاني فلن تشكل خطراً، لا الآن ولا في المستقبل. برنامجها النووي سيكون تحت المراقبة. وإضعاف سورية يشكل عقبة كبيرة أمام طموحاتها في الشرق الأوسط. والأهم من ذلك أن العرب سيتصدون، بمساعدة واشنطن لأي مغامرة تخطر في بال طهران.
لذا لا بأس من محاولة احتوائها بالمفاوضات وبالديبلوماسية. وتعهد الرئيس أن لا تقدم واشنطن على أي خطوة للتقارب معها من دون استشارة حليفها الدائم.
تسري في أوساط الإدارة الأميركية، وبعض الأوساط الإسرائيلية، نظرية خاصة جداً، مفادها أن على واشنطن إنقاذ إسرائيل من نفسها حين تتمادى في سياساتها، أو تسيء استخدام قوتها. الشرق الأوسط الآن غارق في دماء أبنائه، فلندع بعضه يقضي على بعض، ولنساعده في ذلك قدر الإمكان من دون أن نتورط في حروب نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي.
أوباما وبايدن من أصحاب هذه النظرية. هما يحميان إسرائيل من نفسها ومن أعدائها.
5/10/2013
في هذا الملــــف:
نتنياهو و«تحالف القلقين»
الدستور
المقاومة الشعبية ووجه الشبه بين عمرو موسى وماري انطوانيت؟!
القدس العربي
العلاقات الأميركية - الإيرانية.. بين السر والعلانية.. عبر 35 عاما
الشرق الأوسط
6 أكتوبر.. يوم أسود على الإخوان!
اليوم السابع
استخدام الدين الإسلامي.. بين بريطانيا وأميركا !
الرأي الأردنية
بايدن وأوباما وإسرائيل
الحياة اللندنية
نتنياهو و«تحالف القلقين»
عريب الرنتاوي- الدستور
جعل رئيس الحكومة الإسرائيلية من شعار “تحالف إسرائيل والعرب المعتدلين ضد العدو المشترك”، عنواناً رئيساً لمشروعه السياسي وخاض تحت راياته انتخابات الكنيست الثامن عشر (2009)، وشكل الحكومة الثانية والثلاثين في إسرائيل، وظل منذ ذلك التاريخ، يروّج لهذا الشعار، برغم تعاقب الأحداث وتسارع التطورات في الإقليم بمجمله، وها هو اليوم، وهو على رأس الحكومة الإسرائيلية الحالية، يواصل ما بدأه على نطاق واسع، منذ خمسة أعوام، بل وقبل ذلك بكثير.
العدو المشترك من منظور نتنياهو هو إيران وقنبلتها و”محورها” في المقام الأول والأخير، باعتبار أنها تشكل تهديداً استراتيجياً لأمن “الاعتدال العربي” ووجود إسرائيل، من دون استبعاد مختلف أشكال ومستويات التهديد الأمني المتأتية عن اتساع نفوذ القاعدة وانتشار خطر “الإرهاب” في المنطقة، منذ العراق مروراً بليبيا وانتهاء بسوريا، علماً بأن القاعدة لا تحتل من المنظور الأمني الإسرائيلي مكان الصدارة في لائحة “أخطر المنظمات الإرهابية”، التي يتربع على عرشها حزب الله وحركة حماس وبقية فصائل المقاومة الفلسطينية.
خلف هذا الشعار، وما ترتبت عليه من سياسات وإجراءات واتصالات، يُطل الهدف الإسرائيلي القديم – الجديد برأسه: استبدال الصراع العربي – الإسرائيلي بوصفه الانقسام الأهم في المنطقة، بصراع ضد “معسكر الشر” المكون من إيران وحلفائها، ينخرط فيه -بنشاط- العرب المعتدلون والإسرائيليون “المتحضرون” بدعم من الغرب وجميع “الأخيار” في العالم، مع كل ما يقتضه ذلك من تعاون أمني وعسكري وسياسي، ومن تحالفات تعقد على هذه الأرضية.
في نيويورك، وبعد انطلاق قطار “التطبيع” في العلاقات الأمريكية – الإيرانية من محطته النيويوركية، وفي ضوء ما لاح في أفق هذه العلاقات من فرص وانفراجات، وسط ترحيب دولي نادر، عاد نتنياهو من جديد للحديث عن “وحدة الموقف والمصلحة والهدف” بين عرب الاعتدال وإسرائيل، في مسعى منه لتأليب “القلقين” من التقارب المتسارع بين طهران وواشنطن على إدارة أوباما، وبناء تحالف إقليمي يقف سدّا في وجه احتمالات خروج إيران من شرنقة العزلة والحصار والعقوبات الدولية.
دعوة نتنياهو سبقتها وأعقبتها، جملة تطورات تدفع على الاعتقاد بأن الرجل أتبع القول بالفعل، وبنى على الشيء مقتضاه، من هذه التطورات على سبيل المثال لا الحصر: (1) توارد أنباء متعددة المصادر عن اتصالات واجتماعات أجراها مسؤولون إسرائيليون مع نظرائهم من بعض دول العربية تمت في إسرائيل وعواصم غربية ... (2) شن أوسع حملة تحريض إعلامية في الولايات المتحدة ومن على منبر الأمم المتحدة، لـ”شيطنة” روحاني، وعرقلة التقارب الأمريكي – الإيراني من خلال وضع شروط تعجيزية للتطبيع مع إيران، منها “تدمير” كافة المنشآت النووية الإيرانية ورفض رفع العقوبات عن طهران قبل إتمام أية صفقة والتأكد من الالتزام الإيراني ... (3) المبالغة في تصوير حجم التهديد العسكري الإيراني من خلال التركيز على الصواريخ الإيرانية بعيدة المدى القادرة على ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها ... (4) الكشف عشية سفر نتنياهو إلى نيويورك عن “الجاسوس الإيراني” الذي ضبط وبحوزته صور للسفارة الأمريكية في إسرائيل، في محاولة للتأكيد على أن إيران ماضية في مخططاتها “الإرهابية” واستهدافها للمصالح الأمريكية في العالم، في “مصادفة” معدة مسبقاً.
أما سيف الابتزاز الأمضى الذي ما انفك رئيس الحكومة الإسرائيلية عن إشهاره، فيتمثل بالتلويح باستعداد إسرائيل منفردة لتنفيذ ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، وتوريط الولايات المتحدة (والعالم) بحرب جديدة، لا تريدها ولا تبدو على استعداد لخوضها، وبهدف “تصليب” مواقف المفاوض الأمريكي، إن تعذر إحباط التقارب، ودائماً تحت الضغط والتهديد والابتزاز.
لكن القراءة بعقل بارد، لحالة الاهتياج الإسرائيلية المترتبة على التقارب الأمريكي – الإيراني، تشير إلى محدودية الأثر الذي يمكن أن تتركه على التوجهات العامة للسياسة الأمريكية – الغربية حيال إيران، فالولايات المتحدة ماضية على هذا الطريق، ورسائل التطمين التي لا تكف عن توجيهها لإسرائيل، لن تغير من وجهتها العامة هذه، وإسرائيل أعجز من أن تقوم وحدها بـ”مغامرة” عسكرية ضد إيران من دون ضوء أخضر أمريكي، أما عرب الاعتدال، فهم الخاسرون قبل غيرهم، وأكثر من غيرهم، إن هم قرروا الانضواء تحت لواء “تحالف القلقين”، سيما في مناخات “الصحوات الشعبية” التي تجتاح المنطقة العربية ... وسيكتشف نتنياهو -وإن بعد حين- أنه يجذّف عكس التيار، وهذا ما تنبهت إليه على أية حال، مؤسسات بحث ومراكز تفكير استراتيجي في إسرائيل قبل غيرها.
المقاومة الشعبية ووجه الشبه بين عمرو موسى وماري انطوانيت؟!
محمد عبد الحكم دياب- القدس العربي
ها أنا أعود إلى ما كُتب على هذه الصفحة قبل ثلاثة أسابيع، تحت عنوان: ‘هل تأخذ مصر بخيار المقاومة لمواجهة غزو محتمل؟!’. وانتهى الموضوع بسؤال: هل تكون المقاومة حلا؟ وما هو المطلوب لها؟، وجاء ذلك في وقت بدا فيها ضرب أمريكا لسورية وشيكا، وأحدث هذا الجو قلقا بالغا من المصير الذي ينتظر الوطن العربي بأكمله، ومن دور المسؤولين المحرضين على الضربة الأمريكية المتوقعة والحاسمة خلاصا من حكم بشار الأسد واستعجالا لاستكمال رسم خرائط ‘الشرق الأوسط الجديد’؛ وكأن ما جرى للعراق لا يكفي عظة أو عبرة عما تسفر عنه مثل هذه الانتهاكات من دول تقف متربصة ومهيأة لتقسيم المنطقة وتفكيكها وإعادة تركيبها.
وجاء التصعيد ضد دمشق في فترة تجمعت فيها سُحب الضغوط المحلية والإقليمية والدولية السوداء على مصر، وبدا استهدافها محطة تسبق الوصول إلى القاهرة.
ووصف تعليق في أسفل المقال على موقع ‘القدس العربي’ الألكتروني بأن ما ورد وكُتب ‘مجرد تصور وهمي لعدو غير حقيقي أو موجود’، مع أن العدو واضح للعيان لمن يريد أن يرى؛ وجحافله على الأبواب تغزو المنطقة بلدا تلو آخر، وتستهدف كسر جيوشها جيشا جيشا، واستطرد المعلق في وصفه بأن ما قيل من قبيل التهويل والتخويف لتبرير ما أسماه ‘حكم العسكر والانقلاب الذي لبى رغبة العلمانيين والليبراليين الذين فشلوا وأفشلهم الشعب من الوصول الى كرسي الحكم عن طريق الصندوق النزية البريء، فتسلقوا دبابة السيسي وحضروا وقعدوا على الكرسي السعيد’!.
وشطح الخيال ‘الخصب’ ليقول أن مصر لا ترى لها ‘عدوا سوى غزة المحاصرة’!، ولو كان من المتابعين للحراك الثوري في مصر بدقائقه؛ لاكتشف أن القوى فائقة التأثير في الرأي العام، بمن فيهم مؤسسو وجمهور ‘حملة تمرد’ هم الأكثر انحيازا لفلسطين ودفاعا عنها، ويقاومون حملات التشويه الرخيصة ضد شعبها؛ في وقت يتصدون فيه للتحريض ضد الشعب المصري، الذي يُعاقب على عودته ليلعب دوره وعلى خروجه في 30 يونيو الماضي، وهناك بين ‘أمراء الحرب’ وكتائب التحريض من العرب غير المصريين من يستخدم نفس منطق المعلق ولا يرى له عدوا إلا مصر.
وأقول لكل من يعتمد على الخيال في تحديد موقفه، ولكل من يتبنى تصورات لا تمت بصلة لما يجري على أرض الواقع؛ عليه أن يتمثل وطأة الدم والنار والموت وتخريب العمران، وهدم وحرق المنشآت العامة والممتلكات الخاصة ودور العلم والمتاحف والكنائس؛ تنفيذا لوعيد ‘أمراء الحرب’ من فوق المنصات والمنابر جهارا نهارا؛أملا في رضوخ المواطن فيقبل بحكم الإرهاب وإن رفض فالبديل هو حرق مصر وترويع مواطنيها.
والمصريون يعرفون عدوهم حق المعرفة، ويعلمون أن الطابور الخامس يروج للتدخل الخارجي ضد مصر، ويزكي الاستيطان الصهيوني في فلسطين، ويحمي الفساد السياسي في كل مكان، ويمول قوافل القتلة، وإن خَفَت قرع طبول الحرب على سوريا، فليس معنى هذا أنها لن تندلع، بل هي حرب مرجأة إلى حين، وهي مطلوبة في المواجهة مع إيران ولتوفير أقصى درجات الأمان للدولة الصهيونية، وضرورية لإجهاض تطورات ميل ميزان القوى نحو الشرق، وللحد من تأثيرات روسيا وإيران والصين والهند في السياسة الدولية.
والمصريون رغم ظروفهم الصعبة يعيشون حالة يقظة واستنفار ضد الإرهابيين الوافدين من خارج الحدود لا تُعرف لهم مهنة غير القتل، ولم يُعرف عن المصريين أنهم ذهبوا إلى بلدانهم للعدوان على مواطنيهم، وهؤلاء الغرباء المعتدون؛ بتعدد جنسياتهم وأعراقهم يستبيحون الأرض ويروعون الناس، ويأتون بقصد التخريب والعدوان تتصدى لهم الدولة، وغير ذلك يجب أن يترك أمره للمقاومة بمعناها الشعبي، تحت شعار ‘المقاومة هي الحل’؛ كمقاومة سلمية؛ لا تتغير طبيعتها إلا في ظروف الغزو والعدوان الخارجي، وهدف المقاومة من هذا النوع كشف المظاهر والظواهر السلبية المعوقة للتطور.
والمقاومة الشعبية نهج ناجع ينقذ الثورة من براثن ‘أمراء الحرب’، ويحررها من رخاوة الأحزاب؛ محدودة الخيال وضيقة الأفق، والتي لا تتسع رؤاها (‘أمراء الحرب’ والأحزاب الرخوة) لأكثر من المشروع الغربي؛ يتبعه ‘أمراء الحرب’ ويوفرون له غطاء دينيا مشوها، وتتبناه الأحزاب الرخوة بقناع ديمقراطي مزيف، والمشروع الغربي معاد للثورة بطبيعته، وهمه الانحراف بمسارها، وهذا ما تم مع الموجة الأولى في 25 يناير، ومن المتوقع أن يحدث للموجة الثانية في 30 يونيو.
ولجنة الخمسين المكلفة بوضع الدستور، مع تقدير كامل لقامات عالية بها؛ إلا أنها اختارت عمرو موسى رئيسا لها، والكل يعلم علاقته بثورة 25 يناير وهي علاقة أشبه بعلاقة ماري انطوانيت زوجة لويس السادس عشر بالثورة الفرنسية، ووجوده على رأس اللجنة دليل على ثبات موازين القوى السياسية والاجتماعية والاقتصادية في غير صالح التغيير أو الثورة، وبقائها على حالها القديم.
وبين أعضاء اللجنة عدد من حملة ثقافة التقسيم الثقافي والجغرافي والطائفي والنوعي، وبها أنصار المدرسة الانعزالية التي اخترقت عقل المجتمع ووجدانه لمدة أربعين عاما، وما زالت غالبة على مجالات الاجتماع والسياسة والاقتصاد والتاريخ والثقافة والإعلام، ويرون مصلحتهم في تحويل الفروق الثقافية والاجتماعية والطائفية والقبلية العادية إلى تصدعات وشروخ تجعل الوطن آيلا للسقوط؛ والحجة هي التنوع والتعدد والاعتراف بالآخر، وهذا حق يراد به باطل، حيث يأتي على حساب الوحدة الوطنية ولغة التكافل وروح الاندماج والتعايش، ويعزز المحاصصة الطائفية مع المسيحيين والنوعية مع المرأة، والعمرية مع الشباب والمناطقية مع النوبة والواحات، والهدف ترسيخ التقسيم النفسي تمهيدا للتقسيم السياسي والجغرافي والديني، وبذلك تحقق ‘لجنة موسى’ ما عجز عنه أعداء مصر على مر الزمان.
نسيت اللجنة أن مصر بلد وحدوي بالفطرة؛ أقام أول وحدة في تاريخ البشرية؛ دمجت بين مملكة الشمال في الدلتا ومملكة الجنوب في الصعيد، وفضلا عن أنها أول بلد اعتنق التوحيد الديني وعرف الإله الواحد مبكرا، هذا البلد الموحد والمندمج سياسيا وثقافيا منذ فجر التاريخ يجد من يتعامل معه كأشلاء لا رابط بينها، وعليه مثل أهل النوبة فيها أحد أعلام الانفصال، ويجد رعاية من منظمات وحكومات غربية.
وإذا ما استمرت ‘لجنة موسى’ على هذا النحو فمن المتوقع أن يخرج دستور ما بعد ثورة 30 يونيو انفصاليا وانعزاليا؛ خادما لفكرة التقسيم، وقد ينذر بموجة جديدة للثورة ترفض روح الدستور الانفصالية، وقد يكون أكثر سوءا من دستور مرسي الطائفي والمذهبي.
وعلى المستوى التنفيذي لا تختلف ‘وزارة الببلاوي’ كثيرا عن ‘لجنة موسى’؛ وجد الببلاوي من يضعه على رأس وزارة ما بعد ثورة 30 يونيو؛ ومع أنها مكونة من 35 وزيرا، إلا أن نصيب الثورة فيها ثلاثة مقاعد ونصف مقعد؛ يشغلها عبد الفتاح السيسي النائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، وحسام عيسى نائب رئيس الوزراء للعدالة الاجتماعية ووزير التعليم العالي، وزياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير التعاون الدولي، وكمال أبوعيطة وزير القوى العاملة والهجرة.
وقد يقول قائل لماذا تدعو لمقاومة شعبية ما دامت هناك معارضة سياسية، وفيها تتولى الأحزاب الحاصلة على أغلبية مقاعد البرلمان الحكم، وتؤدي الأحزاب الأقل في عدد المقاعد وظيفة المعارضة، التي تسعي بدورها للوصول للحكم وفق قاعدة التداول السلمي للسلطة. ونرد بالقول بأن سنة حكم مرسي كشفت أثر الثقافة السائدة في أوساط الإسلام السياسي؛ وتقوم على عدم قبول الأحزاب والجماعات الطائفية والمذهبية والعشائرية بأقل من أبدية الحكم، وحين أبدى الشعب اعترضا فقدت رشدها وأصيبت بصدمة تجاوزت الحدود، وتمارس هوسا دمويا لم تعشه مصر في تاريخها.
كانت الشهور الثلاثة السابقة على يوم 30 يونيو قد شهدت رفض الاستجابة لمطلب طرح الثقة في مرسي أو انتخابات رئاسية مبكرة، وكان المطلب مشروعا، ولو طرحت الثقة باستفتاء عام، إذا فاز مرسي تعززت شرعيته، ولو خسر حافظ على حزبه وجماعته جزءا أساسيا في المعادلة السياسية، لكن النية المبيتة للتمسك بالحكم ضد إرادة الملايين انتهى نهاية مأساوية زادت الوضع تعقيدا.
ومصر تمر بحقبة ينتفي فيها التقسيم الوظيفي للقوى والجماعات السياسية، وغابت المعارضة في مرحلة الانتقال الحالية، وانقسم المجتمع السياسي إلى ثلاث كتل؛ تتفاوت في الحضور والتأثير؛ هي كتلة الحكم المؤقت، وأعاد للدولة بعض عافيتها، فصمدت في مواجهة الإرهاب الأسود. والكتلة الثانية هي كتلة ‘القطبيين’، بروافدها في مكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة، وجماعات التطرف الطائفي والمذهبي، وتصرفت برعونة شديدة، ونسيت أنها ككل القوى السياسية معرضة للفشل والهزيمة بعد الفوز والانتصار، وبدلا من إعادة الحسابات ودراسة أسباب الهزيمة ودواعي الفشل، ومراجعة الخطايا وتصحيح الأخطاء، حشرت نفسها في نفق الفاشية الطائفية والمذهبية المظلم، وارتكزت على الأكاذيب في دعايتها وحربها النفسية ضد المجتمع بأسره، وأعلنت الحرب عليه، وأهدرت دماء أبنائه وبناته الأبرياء، والكتلة الثالثة هي كتلة الثورة وما زالت مهيمنة على الشارع، وقادرة على الحسم حين يقتضي الأمر ذلك، وبدت الكتلتان الأخريان بجانبها محدودة التأثير على الرأي العام مقارنة بها.
والتجربة المصرية مع حكم محمد مرسي شديدة الوطأة والدلالة، ولو وُجد بين ‘القطبيين’ من تنبه لأبعاد أزمتهم الراهنة ما استهلك الوقت في الصدام مع الشعب والدولة، ما تأخر الحل كثيرا، ولا زاد من تعقيدات الوضع، وبعدما ما سالت الدماء أنهارا بدا الحل غير ممكن قبل محاسبة القتلة والمتورطين في العنف وحرق المنشآت العامة والممتلكات الخاصة وقطع الطرق وتفجير مخازن الوقود ومضخات الغاز وتعطيل النقل والمواصلات، وللحديث بقية الأسبوع القادم إن شاء الله.
العلاقات الأميركية - الإيرانية.. بين السر والعلانية.. عبر 35 عاما
زين العابدين الركابي (http://www.aawsat.com/leader.asp?section=3&issueno=12730&article=745643)– الشرق الأوسط
لم نفاجأ بالتطور الجديد في العلاقات الإيرانية - الأميركية: ليس لأننا كتبنا - في هذا المكان - وقبل ذهاب الشيخ روحاني إلى نيويورك، مقالا بعنوان (ماذا يجري بين الغرب وإيران رغم الظاهر الخادع؟)، توقعنا فيه (توافقا نسبيا) بين إيران والغرب بوجه عام وبينها وبين أميركا بوجه خاص.. وليس لأننا مقتنعون بأن ليس في العلاقات الدولية (يقينيات قطعية)، أو أن العلاقات الدولية لا تعدو أن تكون (ناديا لعشاق) متقلبي العواطف والأمزجة: كل يوم أو كل ساعة على حال، وبين انخفاض وارتفاع، والتهاب وبرود!
إنما السبب الرئيس في عدم تفاجئنا هو:
أولا: أنه رغم الصخب العالي، والكلام المفرط عن (الشفافية)، فإن العالم غارق فيما يمكن تسميته (الباطنية السياسية)، أي إن ما يظهره كثير من الساسة غير ما يبطنونه
ثانيا: أن خطوط الاتصال (غير المرئية) لم تنقطع بين الولايات المتحدة وإيران منذ قامت الثورة الإيرانية وحتى يوم الناس هذا.. صحيح أنه قد بدا في أحيان كثيرة أن العلاقة بين البلدين قد تكهربت، وأن حربا باردة نشبت بينهما، وأن هذه الحرب الباردة مقدمة تمهيدية لحرب ساخنة!
مثلا: في ذروة (أزمة الرهائن): رهائن السفارة الأميركية في طهران، بدا الوضع كأنه صدام حتمي بين الطرفين، ولا سيما أن الدستور الأميركي يجيز للرئيس الأميركي إعلان الحرب على أي دولة تعتدي على أميركي أو أميركيين، ولهذا السبب دخلت أميركا الحربين العالميتين: الأولى والثانية (بغض النظر عن صحة الأسباب وصدقها).
في ذروة أزمة الرهائن: كان الباطن، أي ما تحت القشرة والسطح، يشهد مفاوضات أميركية على أعلى مستوى.
في سبتمبر (أيلول) عام 1980، عقد وارين كريستوفر - نائب وزير الخارجية في حكومة جيمي كارتر - اجتماعا – في ألمانيا - مع صادق طبطبائي (أحد رجال آية الله الخميني المقربين). واتفق الاثنان على تحديد موعد الإفراج عن الرهائن بشرط أن توافق واشنطن على إمداد إيران بأسلحة قيمتها 400 مليون دولار.
بلغت هذه المعلومات فريق ريغان - بوش المتأهب لخوض انتخابات معركة الرئاسة، فطار صواب هذا الفريق بمقتضى تقديره: أن الإفراج عن الرهائن في هذا الوقت سيرجح حظوظ الديمقراطيين بالفوز بمنصب الرئاسة.. وهذه كارثة بالنسبة لهم!
فماذا حدث.
تفتق ذهن الجمهوريين عن مبادرة – تجاه إيران - خلاصتها (تأجيل) الإفراج عن الرهائن إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية.
بناء على هذه المبادرة، ترتبت سلسلة من الاجتماعات (السرية) بين شخصيات إيرانية كبيرة ومجموعة من فريق ريغان - بوش.. ولقد ضم الفريق الإيراني: آية الله محمد بهشتي، وحجة الإسلام على رفسنجاني، ومحسن رفيق دوست قائد الحرس الثوري.. وضم الفريق الجمهوري الأميركي: جورج بوش الأب (فقد أصر رفسنجاني على حضور بوش كضمانة قوية للاتفاق المزمع).. وويليام كيسي مدير حملة ريغان - بوش الانتخابية الذي أصبح مدير الاستخبارات المركزية.. وريتشارد آلن.. وفريد أكيل.. ولورانس سيلبرمان.. وعقد الاجتماع في فندق لانفان بلازا بباريس.
وخلال هذا الاجتماع، اتفق المجتمعون بطريقة سرية - طبعا - على تأجيل الإفراج عن الرهائن حتى الانتهاء من معركة الانتخابات الرئاسية.
وبالفعل: لم تفرج إيران عن الرهائن إلا بعد فوز فريق ريغان - بوش في الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني) 1980.
وكانت ساعة التنفيذ هي (الكلمة الأخيرة) من القسم الرئاسي الذي أداه ريغان.. وكان الجندي المكلف إعطاء إشارة الإقلاع لطائرة الرهائن يمسك بإشارة الإقلاع بيد، وبجهاز اتصال لاسلكي باليد الأخرى.
هذه المعلومات والتفاصيل انتظمها كتاب (مفاجأة أكتوبر) الذي ألفته باربارا هوليغز: العضو البارز في طاقم البيت الأبيض.
ولعل الناس لم ينسوا صخب الإعلام السياسي الإيراني ضد الحربين اللتين شنتهما أميركا ضد أفغانستان والعراق. ولكن على الرغم من هذا الصخب، كان هناك تنسيق أو تفاهم بين أميركا وإيران على ضرب النظامين القائمين - يومئذ - في أفغانستان والعراق: نظام صدام حسين، ونظام طالبان.. وبدا الأمر وكأن الأميركان يحققون - بهذا الغزو - مصلحة عليا لإيران:
1 - فالبلدان - أفغانستان والعراق - يجاوران إيران.
2 - لإيران مصلحة (أكبر) من المصلحة الأميركية في سقوط النظامين المعادين لها في البلدين.. فقد كانت تعادي نظام صدام حسين لأسباب كثيرة، منها سبب حرب الثماني سنوات المدمرة بين العراق وإيران.. ولقد احتضنت طهران منذ وقت مبكر المجلس الإسلامي الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.
وكانت – في نفس الوقت - تعادي نظام طالبان، لأنها تعده نظاما (مذهبيا متعصبا) لا يمكن التعايش معه.. لهذه الاعتبارات، كان لأميركا وإيران مصلحة مشتركة في زوال هذين النظامين.
لهذا كله: لم نفاجأ بـ(التبدل المثير) في العلاقات الإيرانية - الأميركية.
ولكن، بقيت أسئلة: لا بد من الجواب عنها:
1 - السؤال الأول: ألا يدخل ما تقدم في سياق (نظرية المؤامرة)؟
الجواب: إن ما تقدم ليس سوى حقائق ومعلومات ووقائع.. وليس من حق أحد أن يغالط في الحقائق والوقائع بحجة أنه من (المترفعين) عن الاقتناع بنظرية المؤامرة.. ولطالما قلنا: إن الغلو بإطلاق في المؤامرة إنما هو خدمة لها!! وإن الغلو في نفيها بإطلاق هو جزء منها!!
2 - السؤال الثاني: لقد قاطع الغرب - بقيادة أميركا – إيران وحاصرها اقتصاديا سنوات كثيرة.. فهل كل هذا الحصار مجرد تمثيل، في حين أن الشعب الإيراني قد ضج منه بعد أن ذاق مرارته؟
والجواب: إن الحصار حقيقة واقعة لا مجرد تمثيل، ولكنه حصار لتعديل سلوك النظام، وليس من أجل اجتثاثه وإسقاطه كما يتوهم كثيرون.. وتعديل السلوك يتطلب ضغطا عموديا في أحيان كثيرة.. وثمة تصريحات لرؤساء ومسؤولين أميركيين تؤكد أن الولايات المتحدة لا تبيّت النية لاجتثاث النظام الإيراني.. قال الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش: ((إني لا أعتزم مهاجمة إيران قبل أن أغادر البيت الأبيض، وإن ما يتردد عكس ذلك مجرد شائعات مسلية ومضحكة)).. وقالت كوندوليزا رايس: ((ليس لدينا نية للمزيد من التصعيد الاستراتيجي ضد إيران)).. وقال الرئيس باراك أوباما: ((نحن لا نسعى إلى إسقاط النظام الإيراني)).
فهل أثمر الحصار الاقتصادي على إيران أثره في تعديل سلوك النظام الإيراني؟
وهل التجاوب الشعبي الإيراني مع توجهات روحاني: ورقة في يد القيادة الإيرانية لمزيد من التعديل والتجميل؟ من حيث تفسير التعديل بأنه مطلب شعبي!!
مهما يكن من أمر، فإن ما يهمنا هو: أن يكون السلوك الإيراني الخارجي عاقلا وحكيما في التعامل مع الإقليم، كما هو نزوعه الجديد مع المحيط العالمي. بل إن الصاحب بالجنب أولى بذلك وأحرى.
ثم إنه من المهم: ألا تتكرر التجربة الشاهنشاهية في الطموح إلى (دور الوكيل الإقليمي) للغرب في المنطقة. فنحن نريد سياسة غربية وأميركية في المنطقة بـ(دون وكلاء إقليميين): لا إيران ولا إسرائيل ولا غيرهما.
6 أكتوبر.. يوم أسود على الإخوان!
كرم جبر – اليوم السابع
العاقل هو الذى يعرف الخطوة التى تسبق الهاوية فيتوقف قبلها، ولكن الإخوان لا يتعلمون ولا يستفيدون ولا يراجعون أنفسهم، وآخر خطاياهم التخطيط لإفساد فرحة المصريين بانتصار 6 أكتوبر، ويضعون أنفسهم فى مواجهة أخرى خاسرة مع الملايين التى سوف تخرج فى هذا اليوم فى الشوارع والميادين، تحمل أعلام مصر وتغنى للوطن وتحيى ذكرى تحرير سيناء الغالية، ويشدون على أيدى رجال جيش مصر العظيم وقوات الأمن، الذين يخوضون معارك حاسمة لتحريرها من الإرهاب، وإعادتها لأحضان الوطن آمنة هادئة ومستقرة.. فهل افتقد الإخوان الحس السياسى وقرروا ضرب المناسبة الوطنية الخالدة، والعكننة على المصريين وتهديد سلامتهم وتخريب المرافق والممتلكات العامة والخاصة؟
الاحتفال بانتصار 6 أكتوبر ليس بجعله يوما أسوداً كما يخطط الإخوان، ولا بإيقاف المترو وتأجيل الدراسة فى المدارس والجامعات، ولا بمحاصرة القصور الرئاسية والوزارات والهيئات والمصالح الحكومية، ولا بإعادة اقتحام ميدان التحرير والنهضة ورابعة، ولا بالمسيرات والتظاهرات التخريبية، لأن هذه الأعمال العدوانية فى ذكرى يوم الانتصار العظيم، تضع المسمار الأخير فى نعش الإخوان، فلا: "مليونية الحصار" التى يعلنون عنها ستعيد رئيسهم المعزول، ولا "يوم الانتقام" يعيدهم إلى الحياة، فالحصار سوف ينقلب وبالا عليهم لإنهم يخطئون فهم صبر الملايين على جرائمهم، والانتقام هو كآس الدم الذى ستجرعون مرارته، بعد أن تسقط عنهم ورقة التوت الأخيرة، وينكشف أمام الجميع حجم تآمرهم.
أفراح المصريين هذا العام ثلاثية الأبعاد، فالجيش الذى حرر سيناء من إسرائيل هو نفسه الذى خلصها من الإخوان وهو الذى يطهرها من الإرهاب، ولن يقف مكتوف الأيدى أمام أى أعمال تخريبية تمس أمنه واستقراره، وخلفه شعب عظيم يعشق تراب وطنه ولا يفرط فيه، وتلاحم الجيش والشعب هو الصخرة التى تتحطم عليها مؤامرات الإخوان وترد كيدهم إلى نحورهم، ليصبح 6 أكتوبر يوماً أسوداً عليهم وعلى من يضمر الشر لمصر.
استخدام الدين الإسلامي.. بين بريطانيا وأميركا !
د. زيد حمزة – الرأي الأردنية
محظوظ انا بالاصدقاء الذين يدلّوني على كتب جديدة لم أقرأها ومنهم من يهديني احدها ككتاب روبرت دريفوس (لعبة الشيطان) / كيف ساعدت الولايات المتحدة في اطلاق العنان للاسلام المتطرف/ الذي شدني لما فيه من معلومات عن تاريخ (الاخوان المسلمين) أعرف بعضها بما يجعلني اصدق البعض الآخر، فمثلاً عن سعيد رمضان صهر حسن البنا وأحد رموز الاخوان الاوائل الذي اتذكره في اواخر الاربعينات من القرن الماضي خطيباً في المسجد الحسيني الكبير في عمان حين زار الاردن لتأسيس الجماعة، يكاد الكتاب يفرد له فصلاً كاملاً (نظراً لدوره الهام في نشر الدعوة في سوريا والاردن وفلسطين) وقد كنت قد اطلعت ذات يوم على بعض خفايا نشاط الرجل في الاردن وعلاقته بعبد اللطيف ابو قورة اول مراقب الاخوان المسلمين عندنا، ثم عرفت لاحقاً لماذا عُهد لرمضان بمهمة خارج مصر هي الدعوة في اوروبا فقد ذكرت مصادر مصرية (ان القرار اتخذ يومئذ لانقاذه من نتائج التحقيق داخل التنظيم حول اتهامات طالته أثناء قيامه بتوزيع الاعانات على زوجات المعتقلين من اعضاء الجماعة) وفي اوروبا حين كان يتنقل للعمل بين ألمانيا وسويسرا نظمت له ال CIA مع زعماء اسلاميين آخرين زيارة لواشنطن في عام 1953 حيث استقبلهم الرئيس ايزنهاور في المكتب البيضاوي وتلك قصة أخرى !
وقد قام رمضان في عام 1961 بتأسيس المركز الاسلامي في جنيف بدعم مالي سعودي وحسب تقرير سويسري قبلت السلطات بنشاطه على أنه (عميل أميركي ) وقيل إنه كان ضالعاً في محاولة اغتيال جمال عبد الناصر الثانية عام 1965. وفي عام 1962 أنشئت في مكة (رابطة العالم الاسلامي) وكان امينها العام محمد علي الحركان من شيوخ الوهابيين وقد دعمتها الولايات المتحدة بهدف محاربة الشيوعية والناصرية في المنطقة وكان سعيد رمضان من أهم اركانها كما كان بين اعضائها ابو الأعلى المودودي مؤسس جماعتي اسلام في الباكستان والحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين !
لقد أسهب كتاب (لعبة الشيطان) في الحديث عن جماعة الاخوان المسلمين والتنظيمات التي تفرعت عنها وكلها طبعاً سنية، لكن ذلك لم يمنعها من مساعدة تنظيمات شيعية في ايران كحركة فدائيي اسلام التي كان يقودها آبة الله سيد ابو القاسم الكاشاني (وكان الخميني بعد شابا صاعداً) اثناء انقلاب 1953 الذي دبرته المخابرات البريطانية MI6 والاميركية CIA بالاشتراك مع المخابرات الايرانية السافاك وانتهى باعادة الشاه الهارب من وطنه الى العرش رغم انه لم يكن يحكم بالشريعة الاسلامية بل كان يرسخ حكما مدنيا يقلد فيه الغرب ويسعى لتحرير المرأة كما في تركيا اتاتورك العلمانية، وقد قام الانقلابيون كذلك باعدام رئيس الوزراء محمد مصدق ليس لانه أمم النفط بل لأنه حسبما قال ملالي الشيعة لاتباعهم كان عميلا لحزب توده الملحد ولدولة اجنبية هي الاتحاد السوفيتي اللاديني، ولم يقولوا لهم انه كان يتجه بالبلاد نحو الاشتراكية المتعارضة مع مصالحهم ونفوذهم بين طبقة التجار (البازار)
وبعد.. فما زال هذا الكتاب - أسوة بالكثير سواه من الكتب التي تعتمد على الوثائق - يقدم الدليل تلو الدليل على أن الدول الكبرى من اجل الابقاء على نفوذها وهيمنتها والمحافظة على مصالحها الاقتصادية الحيوية في منطقتنا وفي مقدمتها مصادر النفط الهائلة لا تقيم وزنا للمبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان، وهي تتعامل دون مواربه مع منظمات سياسية اسلامية لا تؤمن بتلك المبادئ والحقوق وذلك بالتواطؤ أو التوافق أو تبادل المنافع وباغداق المال عليها، وهي أي تلك الدول مازالت حتى الآن تظن أن شعوب المنطقة ساذجة لاهية ساهية كما كانت في القرن المنصرم، ولم تدرك بعد أن ثورة 30 حزيران التي قام بها وقادها عشرات الملايين من المصريين قد قلبت تلك الظنون واثبتت أن الخداع باسم الدين لم يعد ينطلي حتى على اكثر الشعوب العربية تدّيناً !..
بايدن وأوباما وإسرائيل
مصطفى زين- الحياة اللندنية
«لو لم تكن إسرائيل موجودة لكان على الولايات المتحدة إيجادها». بهذه العبارة خاطب نائب الرئيس الأميركي جو بايدن منظمة «جي ستريت»، وهي النسخة «اليسارية» لـ «آيباك»، خلال مؤتمرها السنوي في واشنطن.
بايدن لم يخف يوماً حبه للدولة العبرية، ويتباهى بأنه صهيوني مؤمن منذ قرأ الكتاب المقدس صغيراً. تجذرت صهيونيته حين التقى غولدا مئير، فور انتخابه عضواً في مجلس الشيوخ مطلع سبعينات القرن الماضي. ترجم هذا الانتماء عملياً عندما اقترح تقسيم العراق إلى ثلاث دول. وعندما تبنى في مجلس الشيوخ «قانون تحرير سورية ولبنان»، وكان الهدف من ذلك شلّ أي قدرة عسكرية عربية تشكل خطراً على إسرائيل. وقد تحقق له ما أراد. العراق قُسّم عملياً، وما زال غارقاً في دماء أبنائه وفي الفتنة المذهبية التي انتقلت إلى سائر المشرق، ويتوقع أن تنتقل إلى باقي العالم الإسلامي. أما سورية، فأصبحت على بعد عشرات السنين من إمكان تشكيل خطر على أي دولة أو دويلة، هذا إذا خرجت من محنتها موحدة.
لم تكن صهيونية بايدن وحدها وراء ما «أنجز» في العراق وسورية. فالإدارات الأميركية المتعاقبة كلها صهيونية، في هذا المعنى. همها حماية إسرائيل ومصالحها. ولسنا في حاجة إلى أدلة لإثبات ذلك. فليس من رئيس أو نائب رئيس أو وزير خارجية أو مسؤول، كبيراً كان أو صغيراً، يستطيع مخالفة هذه السياسة. حتى أن الصحافيين لا يستطيعون ذلك. ومن يخالف هذا النهج يطرد من عمله ويتهم باللاسامية.
قبل كل ذلك، نحن العرب مسؤولون عن كل هذه المآسي والفتن والحروب. أدمنّا التدمير الذاتي. لم نستطع بناء دول مستقلة ذات سيادة. أميركا أو غيرها، تستغل هذا الواقع لمصلحتها ولمصلحة إسرائيل.
متسلحاً بكل هذه الإنجازات، من تدمير العراق وتقسيمه، إلى تدمير سورية وليبيا، إلى التخلي عن فلسطين وقضيتها التي كانت مقدسة ذات يوم، وقف بايدن، مخاطباً اليسار الصهيوني الأميركي ممثلاً بـ»جي ستريت» ليؤكد ولاءه مرة أخرى، وليعلن أن «الولايات المتحدة تقف مع إسرائيل ومن أجل إسرائيل، وهي شأنها شأن منظمة «جي ستريت»، لديها التزام بالسلام العادل، فإن لم نفعل ذلك نحن، فمن يفعله». وأضاف: «قد تبدو الإدارة كأنها أعادت صوغ نهجها في الشرق الأوسط، إلا أن موقفنا تجاه إسرائيل لم ولن يتغير».
وفيما كان بايدن يخاطب المنظمة الصهيونية، كان باراك أوباما يعقد اجتماعاً مع نتانياهو في البيت الأبيض، ليطمئنه أيضاً إلى أن التزام إدارته أمن إسرائيل ومصلحتها لا يتزعزع، وأن تراجعه عن شن حرب على سورية هو لمصلحة بلديهما، فدمشق أصبحت مشلولة ومعزولة دولياً. وتدمير مخزونها الكيماوي ضربة قوية لها ولإيران وحلفائهما. والتنظيمات المسلحة التي تكاثرت كالفطر كفيلة بالقضاء على أي بادرة للاستقرار فيها. والعراق نموذج لما يمكن أن يكون عليه المشرق كله، أما إيران «المعتدلة» في عهد روحاني فلن تشكل خطراً، لا الآن ولا في المستقبل. برنامجها النووي سيكون تحت المراقبة. وإضعاف سورية يشكل عقبة كبيرة أمام طموحاتها في الشرق الأوسط. والأهم من ذلك أن العرب سيتصدون، بمساعدة واشنطن لأي مغامرة تخطر في بال طهران.
لذا لا بأس من محاولة احتوائها بالمفاوضات وبالديبلوماسية. وتعهد الرئيس أن لا تقدم واشنطن على أي خطوة للتقارب معها من دون استشارة حليفها الدائم.
تسري في أوساط الإدارة الأميركية، وبعض الأوساط الإسرائيلية، نظرية خاصة جداً، مفادها أن على واشنطن إنقاذ إسرائيل من نفسها حين تتمادى في سياساتها، أو تسيء استخدام قوتها. الشرق الأوسط الآن غارق في دماء أبنائه، فلندع بعضه يقضي على بعض، ولنساعده في ذلك قدر الإمكان من دون أن نتورط في حروب نعرف كيف تبدأ ولا نعرف كيف تنتهي.
أوباما وبايدن من أصحاب هذه النظرية. هما يحميان إسرائيل من نفسها ومن أعدائها.