المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 544



Haneen
2013-12-08, 01:59 PM
اقلام عربي 544
11/11/2013

في هذا الملــــف:
أسرار اغتيال ياسر عرفات بالبولونيوم بدأت تنكشف
احمد القديدي- كاتب وأكاديمي تونسي- الشرق القطرية
في ذكرى رحيله-الرئيس عرفات..قتلته القدس!
سلطان الحطاب-الرأي الأردنية
القدس في طريقها للضياع من يتحمل المسئولية ؟
العزب الطيب الطاهر-الشرق القطرية
دولة الكيان "سوبر عنصرية"
فايز رشيد-الدستور الأردنية
صفقة في إيران وسورية وفلسطين ... بعد 6 أشهر
جورج سمعان- الحياة اللندنية
إيران.. بين فرنسا وأميركا «المرهفة»!
طارق الحميد-الشرق الأوسط
من القاهرة إلى موسكو‏..‏ أهلا بوتين
د. حسن أبو طالب-الأهرام المصرية

أسرار اغتيال ياسر عرفات بالبولونيوم بدأت تنكشف
احمد القديدي- كاتب وأكاديمي تونسي- الشرق القطرية
غريب أن يأتي هذه الأيام تأكيد مخبري علمي عن وفاة ياسر عرفات لما كنت كتبته على الصحف والمواقع العربية بعد أيام قليلة من وفاة أبوعمار. فقد أعلن هذا الأسبوع بأن معهد لوزان السويسري برئاسة الدكتور (فرنسوا بوشيد) أكد وجود كمية من مادة البولونيوم الإشعاعية في جسم ياسر عرفات من خلال الملابس وبقايا الإفرازات التي تسلمها المعهد وأكد أن هذه المادة المشعة لا توجد عادة سوى لدى المتعاطين معها في المفاعلات النووية.
على إثر وفاة الشهيد أبو عمار في المستشفى العسكري (بيرسي) بباريس منذ تسع سنوات نشرت لي بعض الصحف العربية مقالا مفاده بأن ياسر عرفات توفي مسموما بفعل فاعل والإشعاع القاتل هو أقرب الاحتمالات ونشر الصحفي الإسرائيلي صديق الشعب الفلسطيني وصديق أبو عمار (أمنون كابليوك) في نفس الأسبوع مقالا يؤكد الأمر نفسه. ومنذ شهور قليلة التقيت في الدوحة المناضل الوزير كبير المفاوضين الفلسطينيين د. صائب عريقات في مجلس الصديق المشترك سعد الرميحي وقلت له بحضور جمع من المثقفين والإعلاميين القطريين منهم د. محمد صالح المسفر وبحضور الصديق سفير فلسطين بالدوحة منير غنام قلت لصائب عريقات: "لماذا لم تواصل منظمة التحرير وحكومة السلطة مهمة وواجب البحث عن حقيقة اغتيال أبوعمار؟ وما هي المعلومات التي لديكم وهل هي مقنعة؟ وسألني عما يمكن أن أضيفه في هذا الأمر؟ فقلت له: لقد نصحت الزميل منير غنام منذ مدة أن يبلغ الرئيس محمود عباس أن يحتاط في نشاطاته ومؤتمراته الصحفية من (فلاش) المصورين لأن إحدى وسائل القتل المستحدثة لدى بعض مختبرات المخابرات هي ضخ كمية قاتلة من الإشعاع النووي بدقة مهنية مجربة عبر (فلاش) ضوئي معد للغرض ومحمل بمادة البولونيوم في شكل عملية تصوير تبدو عادية جدا. وقلت له بأن فرق الأمن الخاصة بحماية الشخصيات في بلدان أوروبية عديدة أصبحت تمتحن وتجرب كل أجهزة التصوير والإضاءة والتقاط الصوت في مناسبات اللقاءات بين الشخصيات ووسائل الإعلام. وهو عمل احتياطي أصبح روتينيا. وأضفت قائلا لصائب عريقات: لقد اكتشف أطباء (مستشفى برسي) نصف الحقيقة في التقرير الصادر على إثر الوفاة يومي 9 و11 نوفمبر 2004 بتوقيع كبير الأطباء (د. كريستيان إستريبو) حين أكد التقرير عدم التوصل إلى سبب بيولوجي للوفاة مع الإقرار بأن صفائح الدم تغيرت توازناتها العادية بصفة فجائية وهي ظاهرة نادرة وغير معروفة وليست لها أعراض محددة لكنها تؤدي إلى الوفاة المبرمجة. وسبق لي في نوفمبر 1999 أن تحادثت مع المناضل خالد مشعل حين أبعد من الأردن واستقر بالدوحة (وخالد تكوينه الجامعي علمي وكيميائي) وحدثني عن محنته الشخصية وعن بعض المعلومات عن ابتكار الموساد لوسائل اغتيال جديدة وغامضة وغير مسبوقة (تذكروا قضية المبحوح في دبي) ثم كان لي لقاء مع أحد خبراء الطاقة النووية فأكد لي أنه يمكن إرسال الإشعاع بمادة البولونيوم عن بعد وبدون الحاجة إلى حقنها أو إطعامها للهدف البشري المقصود.
ولا بد أن أذكر حدثا أخر له علاقة بإغتيال أبو عمار وهو أن أحد كبار المسؤولين في وزارة خارجية دولة أوروبية كبرى تربطني به علاقة قديمة أسر لي بما قاله وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق في عهد بوش الإبن الجنرال كولن باول لوزير خارجية تلك الدولة حين زارها في خريف 2003. سأله الوزير الأوروبي عن موقف واشنطن من ياسر عرفات وأريال شارون فقال باول: إنهما معا يشكلان عقبة أمام الحل الأمريكي ويجب أن يغادرا السلطة.
ونعرف بعد ذلك كيف غادر الاثنان السلطة وحين سمعت بالجلطة الشارونية لم أفاجأ. ثم إن أحد الصحفيين المقربين من شارون أصدر كتاب مذكرات عن شارون وقال فيه إنه خلال لقاء بين بوش الابن وشارون قال الرئيس الأمريكي لرئيس حكومة إسرائيل: إن عرفات هرم وسيتكفل الرب بنهايته فرد عليه شارون حسب الصحفي: علينا مساعدة الرب قليلا.
حين أذكر اغتيال أبو عمار رحمة الله عليه أتذكر أن أعراض الأمراض المفاجئة التي أزهقت أرواح ثلاثة زعماء عرب لا تختلف كثيرا عن أعراض البولونيوم الذي قتل ياسر عرفات (والله أعلم) وهؤلاء الزعماء هم جمال عبدالناصر الذي توفي يوم 28 سبتمبر 1970 وطالب نجله عبدالحكيم بفتح تحقيق في أسباب وفاته! ثم هواري بومدين الذي توفي في 27 سبتمبر 1978 ثم الملك حسين الذي وافاه الأجل يوم 7 فبراير 1999 مباشرة بعد تعديل مسألة ولاية العهد! وهؤلاء ستبقى أسباب وفاتهم رحمهم الله غير واضحة بل مسجلة ضد مجهول.
واليوم حين يعاد فتح هذا الملف الذي أرادت عديد الأطراف غلقه فلابد من تنسيق الجهود الفلسطينية والعربية والدولية من أجل إحقاق الحق وبيان أسرار وخلفيات جريمة الدولة على الأقل للتاريخ.
في ذكرى رحيله-الرئيس عرفات..قتلته القدس!
سلطان الحطاب-الرأي الأردنية
القدس قتلت كثيراً من الرموز الاسلامية والعربية والفلسطينية لأنهم تمسكوا بها وقصدوها، قتلت الملك فيصل بن عبد العزيز بعد دعوته لتحريرها..وقتلت الملك عبد الله بن الحسين لأنه عاود الصلاة فيها وتمسك بعروبتها..وقتلت من قبل القائد عبدالقادر الحسيني في معركة القسطل دفاعاً عنها..
القدس قتلت الرئيس عرفات حين قال للرئيس الأميركي كلينتون.في كامب ديفيد «لا» «هل تريدون أن تمشوا في جنازتي»..حين بدأ التفاوض حولها يستعصي وتصر اسرائيل على استمرار احتلالها..كانت مفاوضات كامب ديفيد في تموز عام (2000) قد وصلت إلى طريق مسدود وطلب عرفات أن يتوقف الضغط عليه بان يتصل بالقادة العرب..واسدل الستار وعاد عرفات ليشعل الانتفاضة الثانية لأنهم اصروا على البقاء في القدس..جرى تهديده بالقتل والتصفية وتوعده شارون وقال: «انه ليس شريكاً»..ثم جرت محاصرته في المحافظة وقاطعه الزعماء العرب لرغبة أميركية ولم يحضر مؤتمر القمة في بيروت والذي صدرت منه المبادرة العربية عام 2000 لأن اسرائيل منعته ولم يحتج القادة العرب بما يكفي ضد ذلك وفي حصاره جرى اغتياله بالسم الذي ترك عليه أعراضاً مؤلمة
قال لي الشيخ تيسير التميمي قاضي قضاة فلسطين ورئيس حزب الحرية والاستقلال في فلسطين وقد التقيته في المطار عائداً من زيارة أبو عمار في مستشفى «بيرسي» الفرنسي وكان حزيناً ومتألماً «غسلته بيدي فوجدته ينزف من جسده ومن رأسه التي انتفخت لضعف حجمها وتأكدت أنه مات مسموماً»..
«وعدت أسأل ودمعت عيناي الشيخ وراح يقرأ القرآن وقال لي اقرأ الفاتحة عن روحه ففعلت ثم قال: ما الفائدة؟..قتلوه.. نعم قتلوه، لقد أخبرني عما كان يواجهه من حصار ومحنة ومؤامرة..لقد لازمته وكنت صديقه ومن أقرب الناس اليه وكنت معه في حصار المحافظة ..كان يلهمنا الصبر والصمود والتمسك بالحق» قلت كيف رأيته؟ قال: وقد نشرت هذا الحوار من قبل.
دخلت عليه المستشفى بعد طول انتظار وقد تدخل لي اكثر من شخصية فرنسية ليسمحوا لي بالوقوف إلى سريره كانت زوجته تريدني أن أدخل وقد بذلت جهداً كبيراً والذين دخلوا قبلي من القيادة الفلسطينية لم يتجاوزوا ثلاثة لم يستطيعوا أن يروا المشهد فانسحبوا فوراً وتأثروا لدرجة الغيبوبة..ولكني دخلت ورأيت وستبقى هذه الصورة في ذهني..كان ينزف ..كان ما زال حياً حين تركته..لماذا كل الجدل؟ لقد قتل مسموماً «..
من قبل قال لي الدكتور أشرف الكردي «إن عرفات قتل..مات مسموماً « ثم أسدل الستار على تصريحاته ومنع نشرها في حينه ولكن الدكتور الكردي وآخرون معه أصروا على موقفهم الذي أكده التقرير السويسري الذي تسلمته زوجته السيدة سهى لتعرف الحقيقة في حين ما زال الفرنسيون الذين استقبلوه في المستشفى العسكري (لا أعرف لماذا العسكري) يحتفظون بالتقارير ونتائج الفحوص ولم يسلموها ربما لضغط من حكومتهم المضغوط عليها من لوبيات متنفذة..
وكانت قناة الجزيرة قد نشرت ما جرى التوصل اليه وستعاود ذلك غداً..
لن يضيع دم عرفات لأنه رمز لشعبه ولن يتوزع بين القبائل فالقاتل معروف والقرائن واضحة وقد لا يستطيع أحد الآن الأخذ بثأره ولكن الاجيال ستحتفظ برمزها في نفوس أبنائها وستبقى تقول «الهامة اسقوني» كما يقول المثل العربي القديم إلى ان يؤخذ بدمه..فقد قتلته القدس التي يحتلها الاسرائيليون حين أصر أن تكون عربية فلسطينية ..لقد كان عرفات عقبة في طريق احتلالهم الذي ارادوه مستمراً فتخلصوا منه..
هذه مأساة تشبه التراجيديا اليونانية القديمة التي كتبها سوفوكليس في أكثر من رواية وهي بحاجة إلى أن تجسد الان في ارادة الفلسطينيين والعرب وكل مناضل حر يؤمن بحق الشعوب في الحرية..مأساة اغتيال زعيم الشعب الفلسطيني وقائد نضاله المعاصر لا بد من تجسيدها في فيلم روائي هام تتداوله وتراه الأجيال ولا بد من الأخذ بوصيته وتجسيدها حين قال متحدياً «سيأتي يوم يرفع فيه شبل من اشبالنا وزهرة من زهراتنا علم فلسطين فوق كنائس القدس ومآذن القدس وأسوار القدس» قالها وكان يقصدها ولذا حضر نفسه شهيداً وهتف قائلاً (شهيداً شهيداً شهيداً) لتبقى وصيته.
القدس في طريقها للضياع من يتحمل المسئولية ؟
العزب الطيب الطاهر-الشرق القطرية
القدس في طريقها للضياع - إن لم تكن قد ضاعت بالفعل - ومسجدها الأقصى في سبيله إلى التقسيم والأشقاء العرب مشغولون بأوضاعهم الداخلية وصراعاتهم السياسية وأزماتهم التي نتجت عن ثورات ربيع ما زال بطيئا في مردوده على الشعوب ولكن النخب في بلدان هذا الربيع وغيره مصرة على أن تتوكأ على عصا الانقسام ولا يهم أن تغيب القدس العربية الإسلامية عن الخارطة ويفقد الأقصى هويته وخصوصيته.
هذا ما انتابني من مشاعر وأحاسيس عندما كنت جالسا في المقاعد المخصصة للصحفيين والإعلاميين مساء الأحد قبل الماضي بقاعة الاجتماعات الكبرى بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية متابعا لوقائع الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب لمناقشة بند واحد يتمثل في الإعداد لمؤتمر جنيف 2 وتطورات الوضع في سوريا غير أن وزير الخارجية الفلسطيني الدكتور رياض المالكي فاجأ الاجتماع بطلب الحديث عن أوضاع القدس وأظنه أراد بذلك أن يوجه رسالة لأشقائه من وزراء الخارجية العرب الذين شدوا الرحال لأزمة سوريا وشعبها بأن ينتبهوا أيضا للقدس ومسجدها الأقصى لأنه لو تلاشت من الوجود ودخلت منطقة العدم من فرط الهيمنة الصهيونية التي تصر حكومة المتطرف الأكبر بنيامين نتنياهو على فرضها عليها - مثلما يحدث الآن - فإنه لن يكون ثمة وطنا عربيا حتى وإن ظهرت دوله كنقاط على الخارطة فوقتها لن تكون سوى مسخ وتابع للكيان الصهيوني لأن القدس ومسجدها الأقصى هي رمانة الميزان في الوجود العربي.
لقد بدا لي الدكتور رياض المالكي يصرخ متوجعا متألما وهو يرى المخطط الصهيوني لتهويد القدس والسيطرة على مسجدها الأقصى دون أن يكون هناك أي حراك سوى بيانات شجب أو إدانة تصدر من هذا الطرف أو ذاك وتلك معضلة العرب الرئيسية فهم يدركون حقيقة المخاطر التي تواجه المدينة المقدسة ولكنهم يفتقرون إلى الوسائل والآليات التي تعينهم على وقفها وبالتالي ليس لديهم خيار سوى الصراخ عبر البيانات وهي جاهزة ومعدة في أروقة وزارات الخارجية ولا تكاد تتغير في مضامينها عاما بعد عام أو من دولة إلى أخرى.
ولاشك أن ما طرحه أمام نظرائه العرب ينطوي على حقائق مذهلة تستوجب التحرك سريعا لإجهاض مخططات حكومة الكيان الصهيوني والتي تعمل على تهويد القدس وتقسيم الأقصى مستغلة الصمت العربي والإسلامي والدولي التام في مقدمتها أن نائب الوزير في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير أكدنيس كشف مؤخرا عن لائحة رقمية تضم مواقع في الضفة الغربية والقدس حيث سيتم بناء أكثر من 5000 وحدة استيطانية جديدة فيها، تنفيذا لأوامر شخصية من نتنياهو،وذلك تزامنا مع قضية الإفراج عن الدفعة الثانية من أسرى ما قبل أوسلو في حين كان قد تم الأسبوع الماضي الإعلان عن بناء 1859 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية والقدس.
ومن هذه الحقائق كذلك أن نتنياهو اتفق مع وزير داخليته "جدعون ساعر" للإسراع في بناء أربع مشاريع استيطانية كبرى في القدس الشرقية بما فيها العمل الفوري على بناء مركز تهويدي ضخم جنوب المسجد الأقصى في مدخل بلدة سلوان باسم "مركز قيدم" وإقامة حديقة وطنية توراتيه على سفوح جبل المشارف شمال المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس المحتلة.
كما أنه - أي نتنياهو - أوعز بالعمل فورا لإقامة الهيكل التوراتي على حساب الأراضي الفلسطينية التي لا تبعد سوى أمتار عن جنوب الأقصى لينضم إلى مشروع التهويد والاستيطان لبلدة سلوان، والبؤرة الاستيطانية المسماة "مركز الزوار" أو "مدينة داود" حيث الحفريات والإنفاق التي تتصل بحيط وأسفل المسجد الأقصى.
ومن بين هذه الحقائق التي أشار إليها وزير الخارجية الفلسطيني أنه فور انتخاب "نير بركات" رئيسا لبلدية الاحتلال في القدس بدأ حملة مسعورة لهدم بيوت المقدسيين بالجملة كما حدث في هدم بناية عائلة الشوبكي وبيت عائلة قرش وغيرهما لتغيير معالم المدينة المقدسة والسيطرة على الأراضي بما فيها أراضي الأوقاف، والممتلكات، الأمر الذي سيؤدي إلى تهجير آلاف المواطنين الفلسطينيين المقدسيين إلى خارج القدس كاشفا في هذا الصدد عن أن نشطاء من حزب الليكود يطلقون على أنفسهم "منهيجوت يهوديت" (قيادة يهودية) قاموا بإعداد مقترح تحت اسم مشروع قانون منظم للمحافظة على جبل الهيكل كمكان مقدس وسلموه إلى وزير الأديان الإسرائيلي يهدف إلى نزع السيادة الإسلامية عن المسجد الأقصى ونزع كامل صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية في كامل مساحة المسجد الأقصى وتبديلها بمفوض خاص من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي،وبالتالي يصبح المسجد الأقصى بموجب هذا المشروع تابعا لوزارة الأديان الإسرائيلية بل ومن المواقع اليهودية المقدسة وتحت صلاحية هذه الوزارة وضمن حدود وقوانين الأماكن اليهودية المقدسة، حيث يتم تقنين تقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا فمن حيث الزمان سوف يتم تخصيص ساعات محددة لليهود للصلاة بالمسجد الأقصى وسيمنع أي مسلم من الدخول في تلك الأثناء، ومكانيا سوف تخصص أماكن محددة داخل المسجد وساحاته لتكون مخصصة للصلاة لليهود فقط وهذا هو التقاسم الأولي للمسجد الأقصى بين اليهود والمسلمين كخطوة أولى تجاه السيطرة الكاملة على المسجد الأقصى.
وهنا ينبه المالكي إلى أن المقترح يقوم على تقاسم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود وتحديد مساحات لكل منهما بينما هو في الأساس يعتبر كامل مساحة المسجد مقدسا يهوديا ومعبدا ويسميه "جبل الهيكل" أو "جبل المعبد" ولكن نظرا للظرف الآنية فإنه يقبل بأن يتم تقاسم المسجد الأقصى على أن يتم الدفع باتجاه جعله في النهاية هيكلا ومعبدا ثالثا خالصا لليهود.
ووفقا للوثيقة التي حصلت عليها مؤسسة الأقصى للوقف والتراث والتي عرضها المالكي فإن المقترح هو أن الجامع القبلي المسقوف، هو فقط المسجد الأقصى وفيه فقط تؤدي صلوات المسلمين ويحدد بأن كامل مساحة صحن قبة الصخرة والجهة الشرقية منه هو مقدس يهودي خالص، على أن تخصص مساحة تشكل نحو خمس مساحة المسجد الأقصى كمساحة للصلوات اليهودية فيها بل ويعتبر كل مساحة المسجد الأقصى مساحة للصلوات اليهودية الصامتة أي من دون رفع الصوت أو استخدام الأدوات المقدسة.
وتشير هذه الوثيقة إلى إمكانية زيادة الأوقات والمساحات التي يمكن أن تؤدى فيها الصلوات اليهودية بل وتجعل إمكانية اقتحام ودخول الأقصى من قبل اليهود من جميع الأبواب وفي جميع الأوقات وارد، وتمنح المفوض من سلطات الاحتلال صلاحيات تحديد مساحات من المسجد لدخول اليهود فقط بالإضافة إلى جملة من المحظورات والممنوعات منها منع أعمال الترميم والصيانة للمسجد حيث اعتمد كلمة منع "المبيت" بدلا من "الاعتكاف".
ولعل من أخطر الحقائق ما ينفذه الكيان الصهيوني من خطة عن طريق بلدية القدس تسمى بـ 2020 وبموجبها سيصبح عدد السكان الفلسطينيين العرب داخل القدس الكبرى أقل من 23% من مجموع عدد السكان العام، وذلك من خلال مجموعة من الإجراءات والقوانين والفعاليات والسياسات والطرد والإهمال والتشريد.. فمتى يستيقظ العرب ومعهم المسلمون لإنقاذ القدس ومسجدها الأقصى؟
السطر الأخير: الغضب الساطع آت فمتى تهب رياحه؟
دولة الكيان "سوبر عنصرية"
فايز رشيد-الدستور الأردنية
صادقت اللجنة الوزارية “الإسرائيلية “ للتشريعات مؤخراً (نهاية أكتوبر الماضي) على مشروع قانون يربط الاستفادة من الدولة في الوظائف والخدمات والرواتب للفرد، بخدمة الشخص في جيش الاحتلال . معروف أن فلسطينيي 1948 لا يؤدون هذه الخدمة، لذا فإن القانون يستهدفهم بشكل رئيسي وذلك للتقليل من الخدمات التي تقدم إليهم والمقزّمة أصلاً . إن القانون يعد فصلاً جديداً في سلسلة القوانين العنصرية التي أقرّها الكنيست في السنوات الأخيرة وتستهدف التضييق على أهلنا في فلسطين المحتلة عام 1948 . الأنظمة العنصرية كما الأخرى الدكتاتورية، تصل إلى مرحلة من الإشباع في عنصريتها بعد استنفاد كل ما تستطيعه من وسائل وقوانين عنصرية ضد فئات معينة فيها، إلى الحد الذي تبدأ فيه باختراع وسائل وقوانين جديدة حيث تكون هي السبّاقة فيها، على مستوى التاريخ، إذْ لم يسبقها أحد في كل مراحله إلى الإمساك بهكذا قوانين، حيث يجوز توصيف هذه الأنظمة والحالة هذه بأنها أصبحت في مرحلة جديدة ما بعد الظاهرة المعنية، ألا وهي “السوبر عنصرية”، أي بمعنى آخر في مرحلة ما بعد العنصرية، وهذا توصيف جديد للعنصرية الصهيونية .
“إسرائيل” خير تمثيل لهذه المرحلة، فقد تفوقت على كل الأنظمة الشبيهة في التاريخ في عنصريتها، لذا وعن جدارة تحتل المرتبة الأولى في مرحلة “السوبر عنصرية” . في الكيان الصهيوني ووفقاً للمنظمة المعنية بحقوق الأقلية العربية “عدالة”، فإن هناك 20 قانوناً تمييزياً تتحدث بشكل واضح عن التمييز ضد الفلسطينيين العرب في المنطقة المحتلة عام ،1948 تسمى “قوانين أساس” بدلاً من الدستور 12 منها تنص بشكل مباشر على التمييز، أما الثمانية الأخرى فهي غير مباشرة في عنصريتها، لكن المقصود من بين سطورها هو ممارسة العنصرية ضد أهلنا هناك . “إسرائيل” ومنذ إنشائها في عام 1948 وحتى عام 2010 سنّت 32 قانوناً تمييزياً أما في العامين الأخيرين فقد قامت بتشريع 10 قوانين عنصرية ومنها منع فلسطينيي 48 من إحياء ذكرى النكبة، وحق وزير الداخلية “الإسرائيلي” في سحب الجنسية من العرب، وغيرها وغيرها .
ليس مصادفةً أن يطلب نتنياهو والقادة “الإسرائيليون” من الفلسطينيين والعرب الاعتراف “بيهودية إسرائيل”، وذلك لأخذ المبررات الكاملة مستقبلاً للتخلص من فلسطينيي منطقة 48 بكل الأشكال والطرق، المعروفة منها والمجهولة، والقيام خلال مرحلة الإعداد للترانسفير، بحصارهم قانونياً من خلال أدلجة العنصرية وقوننتها، لخلق وقائع حياتية تصعّب من معيشتهم، لدفعهم إلى البحث عن حلول منها الهجرة إلى الخارج .
التمييز في “إسرائيل” ضد العرب يطال حقوق المواطنة، الحقوق السياسية، التعليم، البناء والسكن، سلب الأراضي العربية ومصادرتها بجميع الوسائل والسبل، توزيع الموارد وميزانيات مجالس القرى والبلديات، الحقوق الدينية وغيرها، وغيرها . من الملاحظ أن القوانين العنصرية والممارسات التمييزية ضد العرب تتناسب بشكل طردي مع مضي السنوات على إنشاء الكيان الصهيوني، هذه هي الحقيقة الأولى . أما الحقيقة الثانية التي هي ليست بعيدة عن الأولى فهي التناسب الطردي بين العمر الزمني للكيان وسيطرة الاتجاهات الأكثر تطرفاً على الحكم فيه بكل ما يعينه ذلك من تداعيات العدوانية، المجازر ضد الآخرين، الفوقية والاستعلاء، اعتماد الأساطير التوراتية الصهيونية في التأسيس للعنصرية من خلال تشريع القوانين .
خلال الفترة الماضية أقّر الكنيست من حيث القراءة الأولى قانونين يدخلان في مجرى القوانين العنصرية . الأول اتخذ تسمية “قانون استقرار الحكم” ويستهدف تقليص الحقوق السياسية للفلسطينيين في منطقة ،48 والتخلص من الوزن الانتخابي لهم . أما القانون الثاني فهو يدعو إلى توسيع نطاق “قانون القذف والتشهير بحيث يمنع مهاجمة وانتقاد جيش الاحتلال “الإسرائيلي” والأجهزة الأمنية كافةً .
بدايةً من الضروري القول إن “إسرائيل” استفادت وما تزال تستفيد من مشاركة فلسطينيي 48 في انتخابات الكنيست، فهي تسّوق نفسها دولياً بأنها “دولة ديمقراطية”! هذا مع العلم أن النواب العرب في الكنيست محاصرون، ومقيدون، ويجري إسقاط العضوية عن بعضهم في كثير من الأحيان، وهم بعددهم القليل الذي يظل في حدود (10 نواب) لا يتركون أية تأثيرات لا في التشريع “الإسرائيلي” ولا في الحياة السياسية . ومع ذلك، الاتجاهات الأكثر تطرفاً في الأحزاب “الإسرائيلية” تدعو باستمرار إلى محاكماتهم وإلى طردهم من الكنيست .
قبل بضعة أشهر، جرى تقديم مشروعين عنصريين إلى الكنيست يستهدفان الحد من حقوق أهلنا في منطقة 48 . مشروع القانون الأول “استقرار الحكم” تقدم به نواب حزب “إسرائيل بيتنا” بزعامة الفاشي ليبرمان يدعو إلى رفع نسبة الحسم لدخول الأحزاب في الكنيست من 2% إلى 4% (بمعنى أن لا يسمح للحزب الذي ينال أقل من 4% من جميع الأصوات، بدخول الكنيست) . ذلك بالطبع لضرب مشاركة الأحزاب العربية في الكنيست، فهي كلها أحزاب صغيرة بالكاد تتجاوز نسبة الحسم الحالية وهي 2% .
الأمر الآخر في هذا المشروع يتعلق بحجب الثقة عن الحكومة فوفقاً له يحظر على أية كتلة نيابية أو تجمع كتل تقديم اقتراحات للكنيست بحجب الثقة عن الحكومة القائمة، إلا إذا نجحت (هذه الكتلة أو الكتل) أولاً في تشكيل حكومة بديلة بأغلبية 61 صوتاً من أصل 120 . هذا يقصد نواب عرب منطقة 48 تحديداً، فهم في المعارضة دوماً، لكنهم لا يشاركون في أية حكومة “إسرائيلية” قائمة أو بديلة، لذا فهم في العادة يصوتون ضد الحكومة البديلة (الجديدة) ما يجعل الأغلبية المقصودة هي أغلبية يهودية للأحزاب “الإسرائيلية”، وهذا يضعف من تأثيرات ووزن النواب العرب .
مشروع القانون الثاني حول “القذف والتشهير” فقد جاء بعد فيلم “جنين . . حنين” للمخرج الفلسطيني من منطقة 48 المعروف محمد بكري، الذي يحكي عن المجزرة التي ارتكبها الجيش الصهيوني في مخيم جنين عام 2002 .
بعد الفيلم حاول “إسرائيليون” كثيرون رفع دعاوى قضائية على بكري، لكن لا يوجد نص في القانون “الإسرائيلي” يجرّم من يتناول الجيش . لذا بادر المشرعون “الإسرائيليون” إلى تلافي هذه الثغرة القانونية، بإدراج مشروع جديد على جدول الكنيست، وجاء بصيغة إعطاء الحق لأي “إسرائيلي” بمقاضاة شخص آخر بتهمة “تشوية سمعة” الجيش “الإسرائيلي” والأجهزة الأمنية، وليس فقط عن طريق الأفلام وإنما أيضاً عن طريق الكلام والخطابات والمقالات .
هذا جزء من حقيقة “إسرائيل”، الكيان الذي تصنع منه الولايات المتحدة والدول الغربية عموماً واحة للديمقراطية في المنطقة العربية . يبقى القول إن الحكومة الحالية مهيأة ومرشحة لسن قوانين عنصرية جديدة في دولة الكيان الصهيوني، وأن الدولة “الإسرائيلية” تجاوزت العنصرية إلى مرحلة ما بعدها، نعم مرحلة “السوبر عنصرية” .
صفقة في إيران وسورية وفلسطين ... بعد 6 أشهر
جورج سمعان- الحياة اللندنية
ثلاث قضايا كبرى في الشرق الأوسط على طاولة المحادثات، دولياً وإقليمياً: مفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية، والأزمة السورية، والملف النووي الإيراني. لا يمكن فك ارتباط الواحدة منها عن الأخرى. ولا يمكن فصلها عن ملفات أخرى متشابكة معها ومتفاعلة و... مشتعلة هي الأخرى. سواء في العراق حيث الأزمة السياسية تتعمق على وقع اتساع رقعة أعمال العنف وتصاعدها. أو في لبنان الذي تشارف مؤسساته على التفكك مهددة كيان الدولة برمته، فيما هو مقبل على انتخابات رئاسية الربيع المقبل وسط تعطيل يضرب معظم مؤسساته الدستورية، وانشقاق عمودي أهلي بين طوائفــه ومذاهبه يــهدد جدياً صيغة العيش المشترك. أو في اليمن الذي تحركت «النار» فجأة في شماله وجنوبه، فيما كان مؤتمر المصالحة يشق طريقه بصعوبة بالغة.

الجامع المشترك اللافت بين هذه القضايا الكبرى الثلاث، على اختلاف الأطراف المعنيين بها، هو الجدول الزمني. هناك أولاً المحادثات بين حكومة بنيامين نتانياهو والسلطة الفسطينية. يفترض أن تنتهي باتفاق على كل القضايا العالقة (قضايا الوضع النهائي) بحلول نيسان (أبريل) المقبل. هكذا، توافق الطرفان بإشراف واشنطن الراعي الأساس، عشية استئنافها بعد انقطاع طويل. يأتي ثانياً مؤتمر «جنيف - 2» الذي يفترض أن يترجم مقررات «جنيف - 1»، أي أن ينتهي باتفاق المتصارعين على تشكيل هيئة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة تدير المرحلة الممتدة حتى نهاية ولاية الرئيس بشار الأسد الربيع المقبل. ويتوقع أن يتزامن انتهاء الولاية مع تدمير الترسانة الكيماوية السورية أو معظمها. وعلى رغم كل ما يطلق من اعتراضات وشروط وشروط مضادة قد يرى المؤتمر النور، حتى وإن انتفت الآمال بأن يحقق المبتغى، خصوصاً للمعارضة السورية.
وتأتي ثالثاً محادثات جنيف بين إيران والدول الخمس الكبرى وألمانيا في اليومين الماضيين. وهي على أبواب تحول أو اختراق حقيقي. ويتحدث «الاتفاق الإطار» بين الطرفين عن إجراءات متزامنة تقضي بتجميد طهران أنشطة واسعة من برنامجها النــــووي في مقابل تخفيف بعض العقوبات المصرفية والنفطية. العقوبات الأميركية تحديداً، لأن هذه هي الأشد والأقسى من تلك الحزم التي فرضها مجلس الأمن في فترات سابقة. ويحدد الاتفاق فترة ستة أشهر لهذه الإجراءات المتبادلة، أي حتى ربيع 2014 أيضاً، على أن يُنجز اتفاق شامل ونهائي في خلال هذه الفترة.
هل من باب المصادفة ربط هذه القضايا الثلاث الشائكة ببرنامج زمني واحد؟ ربما. لكن الثابت أن الديبلوماسية الأميركية، القاطرة الأساس في القضايا الثلاث، نشطت في الآونة الأخيرة على جبهة الشرق الأوسط. أفادت من دينامية التفاهم مع روسيا في تدمير الترسانة الكيماوية للنظام السوري. وانخرطت سريعاً لملاقاة توجهات الرئيس حسن روحاني من أجل مقاربة جديدة للملف النووي الإيراني. وكانت دفعت الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي إلى استئناف محادثات السلام. لم تعتمد استراتيجية جديدة هجومية مثلاً. كانت الإدارة الأولى للرئيس باراك أوباما حاولت إطلاق المحادثات بين السلطة وحكومة بنيامين نتانياهو وأخفقت. ووجهت أكثر من رسالة إلى الشعب والحكومة الإيرانيين أيام رئاسة محمود أحمدي نجاد. ولم تلقَ سوى الصدود. والتزمت عدم الانخراط في الأزمة السورية منذ اندلاعها قبل سنتين ونصف السنة. ورفضت كل أشكال التدخل، وحتى تقديم الدعم العسكري النوعي للمعارضة التي تؤيدها.
ظل الرئيس أوباما أميناً لشعار التفاهم والشراكة الدولية والإقليمية في مقاربة الحلول بعيداً من الحروب والمواجهات والتدخل. ولا تحتاج الدواعي والأسباب إلى كثير من الشرح: تعبت أميركا من الحروب وتعب اقتصادها ولا تريد أن تنفرد بإدارة مكلفة لشؤون العالم. من دون أن يعني ذلك أنها تخلت عن موقعها الرائد والمتقدم على رغم ما أصابه من وهن. فليست هناك قوة يمكن أن تشكل تحدياً خطيراً راهناً لقوتها العسكرية. ما تريده الإدارة الحالية هو الانصراف إلى مناطق أخرى، إلى الشرق الأقصى. تحتاج إلى فترة من الهدوء أو الهدنة على جبهة الشرق الأوسط. أي أن قاطرتها الديبلوماسية قد لا تصل بالضرورة إلى وجهتها النهائية في أي من قضايا المنطــــقة. تعايش أهل الشرق الأوسط طويلاً مع قضية فلسطين. وأيضاً مع تداعيات الثـــورة الإيرانية وملفها النووي لسنوات. تخلصت من الملف الكيماوي السوري الذي كان يقلق حليفتها إسرائيل. ولعلها اضطرت إلى مراعاة غضب حلفائها من «أصدقاء الشعب السوري» الذين شعروا بأنها غدرتهم واختصرت أزمة سورية بهذا الملف وحده. وهي تسعى اليوم إلى تحريك «جنيف - 2»، على رغم أن أحداً من المعنيين بهذا المؤتمر لا يأمل بتحقيق ما ينشده. ولعل قصارى ما تنشده في المحادثات مع إيران هو التوصل إلى ما يطمئن الدولة العبرية، وكذلك بعض الشركاء العرب، الخليجيين خصوصاً.
من المبكر التسليم بأن الظروف نضجت لصفقة شاملة على جبهة هذه القضايا الثلاث وما يتفرع عنها من ملفات في معظم دول الإقليم. لو أن الأمر كذلك لكان الأمر يستحق عقد مؤتمر دولي الربيع المقبل يعلن فيه حلول «ربيع الشرق الأوسط» برمته! ببساطة، جديد الديبلوماسية الأميركية أن نظام العقوبات نجح في دفع إيران إلى مقاربة مختلفة للتخاطب مع المجتمع الدولي. ما ساد في السنوات الأخيرة أن هذا النظام فقد فاعليته. كان هذا على الأقل شعار ولايتي الرئيس نجاد الذي وجه خليفته إليه وإلى إدارته انتقادات حادة، وهو يحمله مسؤولية ما آل إليه وضع الجمهورية الإسلامية اقتصادياً ودولياً. نجح الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري في فرض وجهة نظرهما الداعية إلى ملاقاة الرئيس روحاني بإغرائه برفع بعض العقوبات للحصول على تعاون طهران وتجاوبها مع مطالب الدول الست. وكان لا بد في المقابل من إعطائه شيئاً يمكّنه من مواجهة المتشددين في الداخل. كان لا بد من تخفيف بعض العقوبات بخلاف ما يدعو إليه عدد من أعضاء الكونغرس الذين يرغبون في تشديد الحصار. لأن ذلك يعني دفع الجمهورية الإسلامية إلى الجدار والاستسلام. وهي سياسة لن تؤدي إلى نتيجة. بل قد تدفع الأكثرية الساحقة من الإيرانيين الذين اقترعوا، إلى إعادة تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة إلى أحضان المتشددين وتعزيز مواقعهم.
المعارضون للتقارب أو الاتفاق مع إيران يأخذون على إدارة أوباما أنها تمنح الجمهورية الإسلامية متنفساً يتيح لها ترميم بعض اقتصادها المشرف على الإنهيار، وتتيح لها كسب الوقت. ولكن، في الواقع تستطيع طهران أن توقف التخصيب العالي وأن تستجيب لمطالب المجتمع الدولي في هذه المرحلة مهما طالت أو قصرت. لقد باتت تملك الأدوات والمعرفة العلمية والمخبرية لصنع القنبلة. وهذا وحده كاف لأن تستأنف مسيرة الحصول على سلاحها ما دامت قادرة على استئناف أنشطتها عندما تلائمها الظروف ومتى شــاءت. ليـس الملف النووي هو العقدة إذاً.
ما يريده المعارضون، خصوصاً إسرائيل، أن ينتهي أي حوار أو اتفاق أميركي – إيراني باستجابة واضحة لمصالح الدولة العبرية. تماماً كما حصل في الملف الكيماوي السوري الذي خرجت منه الرابح الأكبر. وهو ما يحدث على جبهة المحادثات مع الفلسطينيين حيث تريد انتزاع اعترافهم بيهودية الدولة ومواصلة الزحف الاستيطاني على ما بقي من الأرض. المطلوب أن يبدل الآخرون سياساتهم واسترتيجياتهم وعقائدهم بما يلائم استراتيجة تل أبيب. وما تريده حكومة نتانياهو ليس تسوية للملف النووي فحسب، بل تريد تخلي إيران الواضح والصريح عن أيديولوجيتها كاملة. أي أن تعترف بحق الدولة العبرية في الوجود. وأن تتخلى عن دعم أذرعها في لبنان وفلسطين وأي مكان آخر. وهو ما لا تستطيعه الجمهورية الإسلامية. ماذا يبقى لها من الثورة؟ وماذا يبقى لها في الشارع العربي؟ إنها تدرك أن وصولها إلى هذه المحطة في الحوار مع الولايات المتحدة يعني انقلاباً كاملاً على استراتيجية جعلتها تزايد على العرب وتتقدم عليهم باحتضانها القضية الفلسطينية، ومجموعات تلتقي معها أيديولوجياً ومذهبياً، واستخدامها ورقة للتوسع والهيمنة في المنطقة، من أقصى جنوبها اليمني إلى شمالها السوري وغربها اللبناني.
تبرز في هذا الباب أيضاً عقبة أكثر تعقيداً هي إعادة تموضع إيران في المنظومة الإقليمية، سياسياً واقتصادياً وأمنياً. ولن تكون هذه عملية سهلة لأنها تتعلق بلاعبين إقليميين، عرب قريبين على الشاطئ المقابل من الخليج، وبعيدين على شاطئ النيل ربطوا في أكثر من مناسبة بين أمنهم القومي وأمن شبه الجزيرة. فضلاً عن الأتراك والإسرائيليين أيضاً. وسيكون من الصعب التوفيق بين المقعد الذي تريد الجمهورية حجزه في هذه المنظومة وما يمكن أن يلقى من اعتراضات في أوساط كتلة عربية وازنة، وأخرى دولية واسعة ومتنوعة تعتبر نفسها شريكاً أساسياً في أي بناء إقليمي يحتضن حقول النفط وبحوره وممراته.
تحتاج الولايات المتحدة في الإقليم ضمان أمن إسرائيل. وتحتاج ما يوفر الاستقرار وإن مرحلياً، خصوصاً في هذه الظروف التي تــعصف بالعالم العربي، من دول شمــال أفـــريقيا إلى سورية والعراق مروراً بمــــصر التي قد لا تهدأ فيها الأوضاع كما هي الحال اليـــوم. تبحث على الأقل عن فترة هدنة لتحييد إيران إذا كان مستحيلاً التوصل معــها إلى تـــفاهم شـــامل أو صفقة كبرى. يصعب أن يتوقع أهل المنطقة تسويات سريعة لقضايا مزمنة ومعقدة. لعل جل ما يرجونه فترة من الهدوء لالتقاط الأنــــفاس. ولكن، ماذا بعد انقضاء فـــترة الأشــهر الستـــة في فلســطين وسورية وإيران وما بين هذه وتلك؟ هل تكفي هذه الفترة القصيرة لهضم تبدلات في استراتيجيات وأيديولوجيات ومصــالح وعلاقــات استغرق بناؤها عقوداً؟
إيران.. بين فرنسا وأميركا «المرهفة»!
طارق الحميد-الشرق الأوسط
على إثر فشل التوصل لاتفاق بين القوى الكبرى وإيران حول برنامجها النووي في جنيف انطلقت حملة نقد قاسية ضد فرنسا، ووزير خارجيتها لوران فابيوس، تحملهم مسؤولية «إفساد الحفل»، في محادثات جنيف التي أظهرت خلافات بين القوى الغربية نفسها، وتحديدا مع فرنسا التي لم تنتقد الجانب الإيراني وحسب، بل والقوى الغربية.
الموقف الفرنسي كان شديد الوضوح، خصوصا فابيوس الذي قال، إن «باريس لا يمكن أن تقبل باتفاق خاسر مع إيران»، ويبدو أن ذلك ما دفع دبلوماسيا غربيا للقول، بحسب ما نقلته صحيفتنا بالأمس، إن «الأميركيين والاتحاد الأوروبي والإيرانيين عملوا بشكل مكثف طوال أشهر على هذا الاقتراح، وهذه ليست إلا محاولة من باريس للتدخل في اللحظة الأخيرة للعب دور في المفاوضات!» وانتقاد فرنسا على إفسادها الحفل لم يأت من الغربيين وحدهم، بل ومن إيران، حيث نشر حساب على «تويتر» يعتقد أنه يدار من مكتب المرشد الأعلى الإيراني انتقادات لفرنسا تقول، إن «المسؤولين الفرنسيين يعادون الأمة الإيرانية صراحة منذ بضع سنوات. هذه خطوة تتسم بالطيش وتفتقر إلى الحصافة»!
كما قالت رسالة ثانية، إن «الرجل الحكيم وخصوصا إذا كان رجل سياسة يجب ألا يدفعه دافع إلى تحويل كيان محايد إلى عدو»!
وبالطبع فإن كل ذلك يظهر حجم الإحباط من الموقف الفرنسي «الحكيم» ضد اتفاق غربي إيراني متسرع، ومبني على النيات الحسنة التي يعرف كل «حكيم» أن الطريق إلى جهنم معبد بالنيات الحسنة، كما يقول المثل، وما فعله الفرنسيون في جنيف دليل حكمة، ووعي سياسي، حيث حدوا من الاندفاع الغربي الساذج خلف نيات إيران الحسنة المزعومة، وحتى لو قال وزير الخارجية الأميركي «نحن لسنا عميانا ولا أعتقد أننا أغبياء. أعتقد أن لدينا إحساسا مرهفا نقيس به ما إذا كنا نعمل في مصلحة بلادنا والعالم أم لا»! والحقيقة أن السياسة ليست مكانا للإحساس المرهف وإلا فليتصدر لإدارتها الفنانون، فبضاعة إيران وأدواتها هي من المالكي إلى بشار الأسد، ومن حسن نصر الله إلى قاسم سليماني، والحوثيين، فأي حس مرهف ذاك الذي سيجدي مع هؤلاء!
ولذا فالواضح اليوم أن الدبلوماسية الفرنسية كانت بمثابة من تصدى للاندفاع الغربي الخطير في المفاوضات مع إيران، حيث أظهرت باريس للغرب أن الإيرانيين غير جادين، وما زالوا يكررون نفس اللعبة القديمة، لعبة الوعود، والنيات الحسنة المزعومة، خصوصا وأن الغرب يرتكب خطأ فادحا بتقديم طوق نجاة للنظام الإيراني الآن، ولو مارس الغرب جدية سياسية، وليس إحساسا مرهفا، مع إيران وانتظر على العقوبات لتفعل مفعولها بطهران فحينها إما تأتي إيران للغرب مستجدية التوصل لاتفاق، أو سينهار النظام الإيراني الاقتصادي داخليا بشكل مذهل، هذا عدا عن العواقب السياسية. ويبدو أن هذا ما تنبه له الفرنسيون جيدا وغفلت عنه إدارة أوباما رغم «إحساسها المرهف!».
من القاهرة إلى موسكو‏..‏ أهلا بوتين
د. حسن أبو طالب-الأهرام المصرية
حين قرأت التصريحات الرسمية للخارجية الروسية الخاصة بزيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين إلي القاهرة‏‏ وأنها تمهد لزيارة مستوي أعلي‏‏ استرجعت احداث يوم‏30‏ يونيو
حين رفع مواطنون مصريون في اكثر من ميدان صور الزعماء عبد الناصر والسادات والرئيس الروسي بوتين إلي جانب صورة الفريق أول عبد الفتاح السيسي في الوقت نفسه رفع مصريون آخرون صورا ساخرة للرئيس الأمريكي أوباما في مشهد حمل اكثر من دلالة مهمة فبينما كان التقدير والاحترام من نصيب الرئيس بوتين كانت السخرية والانتقاد من نصيب الرئيس أوباما وبينما كانت الحناجر تنادي بدعوة بوتين لزيارة القاهرة كانت نفس الحناجر تلعن السياسة الامريكية والقائمين عليها معتبرة إياهم غير جديرين بالثقة أو الاعتماد عليهم.
وما بين التقدير الشعبي الجارف لروسيا ورئيسها والإدانة واللعنات للولايات المتحدة ورئيسها تبلور بقوة مزاج مصري عام ينادي بضرورة الخروج من أسر العلاقة مع واشنطن والغرب والانفتاح اكثر علي باقي دول العالم خاصة الكبري منها. الفكرة ببساطة ذات شقين; الأول دعوة لانهاء الخصوصية في العلاقة مع الولايات المتحدي التي اثبتت انها ليست جديرة بالاعتماد عليها في لحظة تحول كبري يمر بها المصريون وكانوا يتوقعون أن تكون ثورتهم الشعبية الجارفة سببا في اندفاع امريكي واضح للتأييد والمساندة والدعم. أما الشق الثاني فهو دعوة للنظر في خبرات التاريخ واستعادة ما كان جيدا فيها من منظور قوة الصداقة والدعم والمصداقية. فحوي الشقين ورغم بساطته إلا أنه عكس رؤية استراتيجية ذات جذور شعبية ترنو إلي عالم متعدد الاقطاب والتعامل مع الجميع وفق قاعدة المصالح المشتركة والاكتفاء من سياسة وضع البيض كله أو غالبيته الساحقة في السلة الامريكية التي ثبت انها سلة ممزقة وبدون قرار وبالتالي فهي لا تصلح للاعتماد عليها.
الاتجاه ناحية روسيا ليس جديدا في السياسة المصرية وإن بدا اليوم مطلوبا بشدة فمن المهم ألا نكرر الأخطاء ذاتها التي دفعت مصر في الماضي إلي تجاهل روسيا والاكتفاء بالغرب وواشنطن. والمطلوب بوضوح ألا يتصور أحد أن استعادة الزخم والفعالية في العلاقة مع روسيا بقيادة الرئيس الداهية بوتين هي البديل الشافي لعلاقة مصر المحبطة مع الولايات المتحدة. فلا روسيا تريد ذلك ولا أمريكا والغرب سيقبلون بذلك ولا مصلحة مصر الحقيقية في تبديل طرف بآخر بل مصلحتها الحقيقية هي في علاقات متوازنة مع كل القوي العالمية تأخذ من الجميع وتتفاعل مع الجميع وتعطي أيضا للجميع. عندها سيكون لمصر والمصريين شأن آخر تماما. وهو ما نلمح بوادره في تحولات اوروبية وأمريكية عديدة تؤيد خطة الطريق والواقع المصري الجديد.
لا بأس هنا أن تتوسع علاقات مصر وروسيا لتشمل جوانب تنموية واقتصادية وعسكرية يظللها حوار استراتيجي وتحكمها مبادئ واضحة أهمها أن ما يتم بناؤه الآن ليس مجرد استنساخ لما كان في ستينيات القرن الماضي فالبيئة الدولية الراهنة ليست بيئة حرب باردة وانما بيئة منافسة شرسة من اجل المصالح والنفوذ والاسواق الواسعة الممتدة مع الحفاظ علي الامن القومي والاستقرار الاقليمي والعالمي علي السواء. وهي بيئة رغم شراستها الا انها توفر مساحات واسعة للتعاون المتبادل ثنائيا وثلاثيا ووفق اكثر من صيغة واكثر من مستوي.
وعلينا أن نذكر أنفسنا بأننا الآن في بداية مرحلة نسعي فيها بقوة لاستعادة قدرتنا كبلد وكمجتمع علي اتخاذ القرار المستقل في الداخل والخارج والمستند إلي تأييد شعبي ومصالح حقيقية ونذكر أنفسنا أيضا ان روسيا اليوم ليست الاتحاد السوفيتي الذي كان يعطي من أجل التوسع الايديولوجي ومشاكسة الغرب وبناء النفوذ الموالي مباشرة لموسكو. لقد ذهبت هذه الحقبة تماما وروسيا اليوم تؤمن بالمبادئ النفعية وتطبق سياسات براجماتية وتتمتع بمرونة عالية في المواقف والأزمات الدولية ولديها قدرة علي المقايضة وتبادل المنافع.
روسيا اليوم تناور واشنطن والغرب في العديد من الملفات الاقليمية والعالمية ولكنها مناورة من أجل تأكيد الدور العالمي لروسيا وليس من أجل مواجهة الولايات المتحدة أو الحلول محلها وفي ذلك لا تخفي موسكو أبدا انها تسعي إلي مكانة ونفوذ في الشرق الاوسط والمنطقة العربية ككل واحد اهدافها الكبري الا تقع هذه المنطقة فريسة للتيارات الاسلامية المتشددة العنيفة بحيث ترتد عليها لاحقا في الشيشان او مناطق روسية اخري وألا تتحول هذه المنطقة إلي منافس لها في مجال انتاج الطاقة خاصة الغاز أو تصبح اقليما تصول فيه وتجول انابيب نقل الغاز من قطر أو السعودية أو الجزائر أو إسرائيل إلي أوروبا بعيدا عن الشراكة مع روسيا في افضل الاحوال أو التنسيق معها في أبسط الأحوال. كما تسعي روسيا إلي فتح المزيد من الأسواق لبعض أهم سلعها التنموية كمحطات الطاقة والمحطات النووية السلمية ومصانع السيارات والكيماويات فضلا عن منظومات الاسلحة الروسية المتقدمة من طائرات وصواريخ وبوارج والمنافسة بحق لنظيراتها الامريكية والغربية.
إن قناعة روسيا بالتعايش في ظل عالم متعدد الاقطاب تمثل نقطة التقاء كبري مع التوجهات المصرية الجديدة في السياسة الخارجية الامر الذي يفتح أبوابا كثيرة للتعاون ثنائيا وإقليميا. وإذا كانت روسيا أثبتت انها صديق صعب المراس ولا يتخلي عن اصدقائه المقربين كما هو الحال مع نظام الرئيس بشار الاسد في سوريا ومع الحكومات الايرانية المتعاقبة رغم ما يمثله ذلك من عقبات إلي حد ما بالنسبة لعملية التغيير المطلوبة في سوريا لمواكبة المطالب الثورية الشعبية السورية المشروعة فهناك بعض المنطق في هكذا موقف فمع حماية المصالح الروسية المتنامية في كل من روسيا وإيران هناك ايضا الحفاظ علي الوضع القائم وسد منافذ محتملة للنفوذ الامريكي إن سقط أحد هذين النظامين فضلا عن مواجهة منظمات الإسلام السياسي علي شاكلة القاعدة.
مصر بحاجة إلي صداقة روسيا لا شك في ذلك صداقة تعكس إرادة مشتركة في البناء والفوز المتوازن وتسمح لمصر ان تطرح علي موسكو بعض تحفظاتها الخاصة بالحالة السورية تحديدا وأن تدعو موسكو لكي تكون أكثر قربا من تطلعات الشعب السوري في الحرية والعدالة. باختصار المسألة مع روسيا الجديدة ليست صفقة سلاح رغم أهميتها ودلالتها الاستراتيجية ولكنها إرادة وقيادة من أجل الريادة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.