تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 570



Haneen
2014-02-09, 11:54 AM
اقلام واراء عربي 570
11/12/2013

كيري على خطى كلينتون، فهل يتبع عباس خطى عرفات؟
عريب الرنتاوي- الدستور الاردنية:
التسوية النهائية بشروطها الراهنة، غير مقبولة فلسطينياً، سيما بعد “الانزياح” الذي أظهرته واشنطن صوب نظرية الأمن الإسرائيلية في الضفة الغربية ... والتسوية الانتقالية التي يروّج لها نتنياهو وأركان حكومته، غير مقبولة فلسطينياً، بعد عشرين عاماً من “الانتقال المتعثر” للدولة .... الاستمرار في المفاوضات، كما الانسحاب منها، خيارٌ مكلف للجانب الفلسطيني، يسعى في تفادي تداعياته السلبية على مستقبل السلطة والمشروع الوطني الفلسطينيين ... لم يعد أمام القيادة الفلسطينية سوى الاختيار بين سيء وأسوأ، فيما لحظة “القرار” تقترب بأسرع مما يتخيّل كثيرون.
دخل المسؤول الفلسطيني “بيت الطاعة التفاوضي” بقليلٍ من الأوهام حول فرص الحل، وكثيرٍ من الرهان على النجاح في تحميل إسرائيل مسؤولية تعطيل جهود جون كيري وإفشال مبادرته، واضعاَ نصب عينيه أساساً، أن سيناريو كامب ديفيد وما بعده، لا يجب أن يتكرر، فقد دفع عرفات والسلطة أثمانه الباهظة، اغتيالاً بالسُم الزعاف وإعادة احتلال لكل الضفة الغربية دون احترام لتقسيمات أوسلو الشهيرة ... لكننا نقترب اليوم، من وضع جديد، تطير معه بقايا الأوهام، فيما احتمال النجاح في إبعاد شبح المسؤولية عن كاهل الفلسطينيين، يتراجع يوماً إثر آخر.
مشكلة الفلسطينيين برئاسة محمود عباس مع جون كيري، لا تختلف عن مشكلتهم برئاسة ياسر عرفات مع بيل كلينتون ... كلا المسؤولين الأمريكيين وضع ثقله الشخصي خلف “اتفاق تاريخي” يعتزم إنجازه بين الفلسطينيين والإسرائيليين ... ولأن ثمة حدودا متواضعة لما يمكن أن تفعله واشنطن للي يد الإسرائيليين، فإنها لن تمانع في ليّ عنق الفلسطيني، أو “دقّه” إن لزم الأمر ... هذا ما حصل بالأمس مع ورقة كلينتون المصاغة على مقاس إيهود بارك، وهذا ما سيحصل غداً مع “ورقة كيري” المصاغة على مقاس أضيق للغاية، لا يتخطى ما يسمح به بنيامين نتنياهو، أفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت.
الفلسطيني يفاوض اليوم من موقع أصعب مما كان عليه الحال قبل 13 عاماً ... في إسرائيل حكومة يمين ويمين متطرف ومستوطنين ومجتمع ينزاح نحو التطرف الديني والقومي ... واشنطن تضغط على تل أبيب في موضوع “النووي الإيراني” وإسرائيل تسعى لتحصيل الثمن من جيب الفلسطينيين وكيسهم ... الفلسطينيون يعيشون أسوأ انقسام داخلي منذ انطلاقة الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة، فيما “روح المقاومة” تبدو خامدة وغير وثّابة لا في الضفة ولا في القطاع أقله في المدى المنظور.
صحيح أن إسرائيل تواجه انتقادات دولية متزايدة، وتحديداً من أوروبا، لكن الصحيح أيضاً أنه من غير المرجح لهذه الانتقادات أن تتحول إلى طوق من العزلة الدولية، أو نزع للشرعية عنها كيان الاحتلال والاغتصاب ... وسيحتاج الفلسطينيون لسنوات طويلة من الكفاح المرير والدؤوب من أجل إنجاز هذه المهمة التي لم يبدأ العمل عليها بعد ... وثمة شكوك كبيرة في إمكانية بناء توافق وطني صلب وعريض حول أهمية المسألة.
ثمة من “التقديرات” ما يشير إلى أن كيري يريد أن ينهي مهمته بوضع “ورقة حل نهائي” تحمل اسمه، وتُضاف إلى تراثه الشخصي، تطرد “ورقة كلينتون” من التداول ... لكن اللافت للأمر أن حماس كيري لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يبدو حماس رجل واحد في واشنطن، لا نرى حماساً أو “تورطاً” أمريكياً في المسألة يتخطى هذه الحدود ... إدارة أوباما الثانية، وضعت لنفسها سلم أولويات، يبدأ بالوضع الداخلي ويتمركز حول آسيا – الباسيفيك ... أما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فثمة ثلاثة أولويات لواشنطن تسبق هذا الصراع: إيران وملفها النووي، سوريا من زاوية الحرب على الإرهاب، والخليج من زاوية النفط وأمن الطاقة ... بعد ذلك، وبعده فقط، وفي مكانة متأخرة من سلم الأولويات، تأتي القضية الفلسطينية.
من يتوقع من الفلسطينيين أن يخرج كيري في نهاية مشواره بلوم الإسرائيليين والإشارة إلى حكومتهم بأصابع الاتهام عن الفشل والإحباط، واهمٌ لا محالة ... في أحسن الأحوال والسيناريوهات، قد يوزع الرجل المسؤولية على الجانبين، من دون تساوٍ ... فدائماً الفلسطيني هو المسؤول حتى وإن حفلت جولات كيري العشر، بوجبات استيطانية دسمة وعملاقة.
سيُلام الفلسطينيون على موقفهم من الخطة الأمنية للجنرال جون الآن ... وسيلامون على موقفهم من السيادة والقدس والحدود وغور الأردن ... وسيلامون على إصرارهم على “الحل النهائي” ورفضهم القبول بيهودية وعدم مسارعتهم إلى التناول عن حقوق اللاجئين، فهذه جميعها “استحقاقات سابقة للاتفاق” وشروطاً مسبقة لإنجازه.
لا حل أمام الفلسطينيين سوى استعادة القدرة على التكيف مع شروط مرحلة ما بعد انهيار المفاوضات، لا حل أمامهم سوى التفكير بـ “الخيار ب”، فهذا الطريق مأزوم ومسدود،وسيدفع أكثر الناس حماسةً له، أثمانه الباهظة، عندما يكتشفون يوماً أنهم غير قادرين على الاستجابة لمطالب نتنياهو وفريقه من جهة، وأن واشنطن تحملهم مسؤولية عجزهم عن التماهي مع الشروط الإسرائيلية من جهة ثانية ... ألم تكن هذه بالضبط، هي مأساة ياسر عرفات التي بدأت بكامب ديفيد ولم تنته في المقاطعة؟!

عمان.. وجهة نظر مختلفة
عبد الرحمن الراشد- الشرق الاوسط:
لا أتذكر متى كانت آخر مرة تصدرت سلطنة عمان الأخبار، لم تكن أبدا في عناوين الأخبار الرئيسة. وهذه ميزة في منطقتنا، حيث لا يحتل عناوينها عادة إلا الأشرار أو الضحايا. إنما تصريح عُماني واحد ضد انتقال مجلس التعاون الخليجي إلى حالة الاتحاد لفت انتباه الكثيرين.. ما عداه القليل قيل أو نقل عن مسقط.
في مجلس التعاون، اعتدنا حالتين متناقضتين؛ صاخبة جدا تمثلها قطر، وأخرى هادئة جدا هي عُمان، وقد استوعبهما المجلس، على الرغم من التناقضات الحادة. سلطنة عمان عُرفت بأنها أكثر الأعضاء انسجاما، بل أكثرهم مثالية من حيث العلاقة المستمرة مع الجميع، تقريبا.
أما بالنسبة للاتحاد الخليجي المقترح، فلا أعتقد أنه يستوجب الاحتجاج بمثل ما صرح به الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي، في البحرين، قبل أيام. المشروع مطروح منذ نحو عامين، ومن حق أي دولة عضو أن تقبله أو ترفضه، أو على الأقل أن تتمناه. ربما ملاحظاتي البسيطة هي حول مبررات الوزير الذي قال، معللا رفضه، إنه ليس هناك ما يدعو للاستعجال نحو الاتحاد. وهذا صحيح، لولا أن المجلس بلغ من العمر عتيا؛ 33 عاما! وأن الاتحاد المقترح، الذي استكثره، هو أقل حتى من الوحدة التي وردت في ديباجة تأسيس المجلس، قبل ثلاثة عقود. والصيغة المقترحة هي نموذج الاتحاد الأوروبي، الذي لا يلزم أي دولة بما لا تريده.
وفي تصوري، فإن سلطنة عمان ربما أكثر الدول ملاءمة للاتحاد من غيرها، لمعرفتنا بشخصيتها الهادئة، ونجاحها في البناء الداخلي اقتصاديا وتعليميا وإنسانيا، كدولة كبيرة لا تخشى من الذوبان، هي الثانية مساحة بين الدول الست. ولا أبالغ في القول إنها أفضلهم في التنمية الداخلية، على الرغم من ضعف مواردها المالية. ومع أنها تبيع كمية قليلة من النفط (هي المصدر رقم 27 في العالم، وبمداخيل 36 مليار دولار)، وضعت لنفسها ميزانية إنفاق نحو 28 مليار دولار فقط. النتيجة أكثر فعالية ونجاحا. ولهذا حظ السلطنة مكانة أكبر في ظل توسيع التعاون الاقتصادي خليجيا. ومن دون توسيع التعاون، فإن المستقبل صعب على الجميع. عُمان، مثل بقية دول المجلس، تواجه تحديات صعبة، اقتصادها يقوم على النفط، وأسعار النفط، كما نرى ونسمع، مهددة بالاكتشافات وتقنيات الإنتاج الجديدة. أيضا، عُمان، مثل بقية شقيقاتها الخليجية، فيها نصف السكان تحت سن الـ25 عاما، الذي سيعني الكثير من المصاعب للحكومات. ومعظمهم مسلّح بأفضل وسائل تقنية التواصل، ففي عمان ثلاثة ملايين نسمة وخمسة ملايين هاتف جوال. وفي سوق العمالة نحو 60 في المائة أجانب، أي أن الصورة مشابهة لجاراتها؛ طلاب الوظائف في ازدياد مخيف، وتوقعاتهم المعيشية عالية، والمنافسة مع الغير ليست سهلة.
سياسيا، عُرفت السلطنة بمنهج حيادي جنبها كثيرا من المشكلات، وعندما تبين، خلال الأسابيع القليلة الماضية، أنها كانت ساعي البريد بين إيران والولايات المتحدة في الملف النووي، ظن البعض أنه دور جديد لعمان، في حين لم يكن الأول، بل سبق للسلطنة في السنوات الماضية أن نقلت الرسائل بين واشنطن وطهران، مثل سويسرا، بحكم وجود سفارة لها في طهران، إنما لم تكن مسقط وسيطا، ولا لها وساطة، بل اختيرت كطرف ناقل محايد. ولا يوجد للإيرانيين نشاط في عمان، وليست على رأس الدول التي تبادلها التجارة، وفي الأخير العمانيون أدرى بما يخدم مصالحهم.
تشييع مانديلا بلا صهاينة وبلا عنصريين
فيصل جلول- الخليج الاماراتية:
طبع نيلسون مانديلا الألفية الثانية بنضاله، وها هو يطبع الألفية الثالثة بأفكاره وقيمه بعد وفاته عن 95 عاماً . لا يشبه هذا الرجل زعيماً دولياً واحداً من قبل أنه فريد حقاً، وذلك لأسباب عديدة، من بينها مرونته وعقلانيته وبراغماتيته اللائقة . فقد طبعت ثقافته السياسية في بداية نضاله في خمسينات القرن الماضي بالطابع القومي، فكان مناهضاً للعنصرية والماركسية في آن، ورافضاً للتعددية العرقية، لكنه عاد وجمع في الستينات القومية والماركسية ودعا لاستخدم العنف للوصول إلى أهدافه، عندما ترأس الكفاح المسلح في المجلس الوطني الإفريقي، ومن ثم رفض العنف وتبنى النضال السلمي للتحرر من العنصرية والكولونيالية البيضاء . وفي العام 1990 ومع نهاية الحرب الباردة تخلى عن الماركسية، وصار أقرب إلى الفكر الديمقراطي الاجتماعي المطعم بالليبرالية . وبطبيعة الحال اعتمد التعددية العرقية والتعايش السلمي بين المستعمر الأبيض السابق وضحاياه الأفارقة السود . بل يمكن القول إن رمزيته ساهمت إلى حد كبير في إقناع مواطنيه السود بقبول حكومة التعايش المتعددة الأعراق بدلاً من استئصال البيض استئصالاً تاماً كما كان مطروحاً من قبل .
في وجه آخر من وجوهه المتعددة جمع مانديلا بين المتناقضات، فقد وضع اسمه لسنوات طويلة على لائحة الإرهاب، ومن ثم منح جائزة نوبل للسلام، ونال ميدالية الحرية من الرئاسة الأمريكية جنباً إلى جنب مع وسام لينين من الاتحاد السوفييتي السابق . وكان آخر الكبار الذين تلقوا الوسام، هذا فضلاً عن جوائز مصطفى كمال أتاتورك، ومعمر القذافي، وأخرى عديدة شرقاً وغرباً ويميناً ويساراً بلغ عددها نحو 250 جائزة بحسب سيرته الرسمية .
وفي غيابه كما في حياته واصل مانديلا جمع ما يصعب جمعه، فقد قرر باراك أوباما اصطحاب خصمه جورج بوش الابن إلى مراسم العزاء في جنوب إفريقيا، ومثله فعل فرنسوا هولاند الذي دعا خصمه نيكولا ساركوزي إلى المشاركة في
المراسم نفسها، علماً أن أكثر من 50 رئيس دولة وحكومة سيشاركون في هذا الحدث الذي قلّما وقع من قبل في تشييع زعيم عالمي . لقد جمع مانديلا بين المتناقضات، لكن من دون أن يتنازل قيد أنملة عن مبادئه ومعتقداته، خصوصاً تجاه القوى الظالمة وعلى رأسها الولايات المتحدة، فقد عارض بشدة حرب العراق، ورفض الحرب الأطلسية على ليبيا، ولكنه زار عام 2006 جورج بوش الابن في البيت الأبيض، وقبل زيارته أدلى بتصريح تاريخي حول الظلم الأمريكي إذ قال: "ليس هناك دولة في العالم ارتكبت فظائع تفوق الوصف كالولايات المتحدة الأمريكية ولكنهم لا يبالون" .
وعلى الرغم من اجتماع العالم بأسره تقريباً حول غيابه ومن أجل تحيته فإن حالتين فقط سجلتا كعلامة فارقة، الأولى تمثلت بامتناع الدالاي لاما عن المشاركة في العزاء، مبرراً ذلك بقوله إنه تقدم مرتين بطلب للحصول على الفيزا في جنوب إفريقيا، لكنه لم ينلها، وتبدو هذه الإشارة انتقامية من رجل يقدم في العالم بوصفه رمزاً من رموز النضال السلمي والتسامح والتأمل الفكري والابتعاد عن الانتقام والفئوية، ولعل هذا يفسر سبب امتناع مانديلا عن تبني قضية الدالاي لاما، فمنطقة التيبت استخدمت طويلاً من طرف الولايات المتحدة لإلحاق الضرر بالصين أكثر من الدفاع عن حقوق فئة صينية مقهورة، فضلاً عن كونها حركة توصف بالانفصالية، وهو أمر لا يتناسب مع القيم التي دافع عنها مانديلا، والقاضية بتحصيل الحق في إطار وحدة الوطن والدولة .
والحالة الثانية تتمثل ب"إسرائيل" التي أعلن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أنه لن يشارك في مراسم العزاء في جنوب إفريقيا لأن كلفة الزيارة عالية جداً، وأن حكومته تعتمد إجراءات تقشفية، وللسبب نفسه امتنع أيضاً شيمون بيريز عن المشاركة في هذه المناسبة التي يتجمع فيها العالم بأسره .
الظن الغالب أن ثمة من همس ل"الإسرائيليين" بوجوب الامتناع عن المشاركة في المراسم لأسباب عديد، من بينها أن "إسرائيل" هي الدولة الوحيدة التي دافعت عن النظام العنصري في جنوب إفريقيا، بعد أن تخلى العالم عنه، بما في ذلك الولايات المتحدة والغرب، ولم تتخل عن هذا النظام إلا بعد هزيمته، وبالتالي لم تكن يوماً موضع ترحيب لدى السلطات الجديدة في البلاد، بل يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك، فقد ساهمت جنوب إفريقيا في استقبال مؤتمر ديربان الحقوقي الدولي المناهض للعنصرية عام 2001 الذي تلقت خلاله "إسرائيل" الصفعة الأهم على الصعيد الدولي .
من جهته كان مانديلا صوتاً مدوياً في الدفاع عن فلسطين والحقوق الفلسطينية، إذ أكد من دون لبس أن " . . حرية العالم منقوصة لأن الفلسطينيين لم ينالوا حريتهم بعد" . وفي رسالة جوابية للصحفي الأمريكي توماس فريدمان قال عن فلسطين ما لم يقله زعيم دولي من قبل وفيه " . .الصراع الفلسطيني "الإسرائيلي" ليس احتلالاً عسكرياً، ف"إسرائيل" دولة لم تقم بظروف عادية وصودف أنها احتلت بلداً آخر . والفلسطينيون لا يناضلون من أجل دولة، بل من أجل الحرية والمساواة كحالنا في جنوب إفريقيا"، وأضاف " . . لقد حرمت "إسرائيل" ملايين الفلسطينيين من حريتهم وأملاكهم، وأقامت نظاماً انتهج التمييز العنصري وتغييب العدالة وشن الحروب على المدنيين وخصوصاً الأطفال" .
لن يجد نتنياهو مقتنعين كثر في زعمه أنه امتنع عن مشاركة قادة العالم في تشييع مانديلا لأسباب مالية، فالواقع ينطق بوضوح بأن حضوره المراسم سيكون تدنيساً لسيرة الراحل ولنضاله، وسواء أوصى مانديلا بذلك أو لم يفعل، فقد تحولت مراسم تشييعه إلى مناسبة لعزل الدولة الصهيونية وإدانة عنصريتها ووسمها بالمارقة في المجتمع الدولي.

ألف مبروك وليخسأ المزايدون
صالح القلاب – الرأي الأردنية:
بعد سنوات طويلة من الإنتظار وإعداد الدراسات والبحث عن التمويل المطلوب وقَّع الأردن، أمس الأول، في العاصمة الأميركية واشنطن مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، نعم الإسرائيلي ولماذا لا؟، مذكرة التفاهم لتنفيذ المرحلة الأولى منْ ناقل البحر الأحمر-البحر الميت الذي يشكل بالنسبة للمملكة الأردنية الهاشمية أهم مشروع إستراتيجي ضروري ولازم لحل أزمة المياه التي غدت مستفحلة ولا يوجد أيُّ حلٍّ لها إلاَّ هذا الحل وأيضاً لتجنب الكوارث الجيولوجية المتوقعة في حال «نشفان» مياه هذا البحر وبصورة كلية في عام 2050.
لسنوات طويلة والأردن يعاني معاناة فعلية وحقيقية من شح مياه الشرب وليس المياه التي يحتاجها إلى الزراعة في بلد يقع على حدِّ سيف الصحراء ولقد إزدادت هذه المعاناة في العامين الأخيرين بسبب تضاعف أعداد اللاجئين من الأشقاء السوريين الذي لا أحد بإمكانه التكهن إلى أيِّ أرقام ستصل هذه الأعداد ومتى سيتوقف العنف وتستقر هذه الدولة الشقيقة وهنا فإن ما لا يعرفه «المُتفلِّسون» والكتبة الكذبة، الذين إمتهنوا المزايدات وهم يعيشون رغد العيش في قصورهم التي دفعوا ثمنها من الزحف على بطونهم وبيع وتأجير أقلامهم في أسواق النخاسة، كم أن الأردنيين تعبوا من إنتظار غيوم السماء وكمْ أنهم تعبوا من إنتظار دعم أشقائهم وأصدقائهم وكم أنهم تعبوا من إعتراض مياه نهر اليرموك داخل الأراضي السورية وتحويلها لريِّ مزارع قادة الحزب وكبار الجنرالات والحؤول دون وصولها إلى سدِّ «الوحدة» الذي لو أن الأردن لم يفقد باقي ما تبقى من الثقة بهذه الأمة لغيَّر هذا الإسم إلى سدِّ «الفرقة».
لقد بقي الأردن يخوض حرب مفاوضات شاقة وحقيقية مع الإسرائيليين لحملهم على الإعتراف بحق أشقائنا الفلسطينيين في مياه هذا المشروع مثلهم مثل غيرهم وقد تحقق هذا بعد كفاح فعليٍّ وحقيقي ولعل ما يدل على وطنية الموقف الأردني أنَّ الأردنيين قد صبروا صبر أيوب وإنهم بقوا يصرون على أنه من غير الممكن إستثناء شعب له الحق في أنْ يكون شريكاً مثله مثل غيره بحكم عوامل كثيرة متعددة من بينها أنَّ حدود الدولة الفلسطينية المنشودة التي ستقوم حتماً الشمالية تتوغل مسافات طويلة في مياه البحر الميت الذي يجب منْعه من أنْ يموت ميتة نهائية.
هناك عربٌ مَرْضى يضطرون للذهاب إلى إسرائيل للعلاج في المستشفيات الإسرائيلية بينما دولهم لا تعترف بهذه الدولة ولا تقيم معها أي علاقات لا دبلوماسية ولا غير دبلوماسية..فهل المطلوب من الأردن، الذي وقع إتفاقية وادي عربة التي ثبت أن الأشقاء المحاصرين في الضفة الغربية ربما إستفادوا منها أكثر منه، أن يبقى يتحمل نشاف الريق والعطش المزمن المتعاظم ويبقى يعيش الكوابيس التي يعيشها خوفاً من الإنهيارات الجيولوجية التي قد تضرب حتى العاصمة عمان في العام 2050 وربما وقبل ذلك حتى يُرضي تجار المزايدات ويتجنب غضب أحزاب البطالة السياسية ويتحاشى حملات الكتبة الكذبة.
ولذلك فإنه على الأردن أن يمضي في هذا المشروع الذي لا يضاهيه أيُّ مشروع آخر لأنه يتعلق بأرواح أبنائه ولأنه مشروع الأجيال المقبلة التي لابد من التفكير بما ستكابده منذ الآن والتي لا يجوز لا خُلُقياً ولا إنسانياً أن نتركها تواجه مستقبلاً مظلماً وأياماً سوداء.. أمَّا المزايدون سواءً من الداخل أم من الخارج فإنهم معروفون بهذه المواقف العدمية وأن الشعب الأردني يعرفهم تمام المعرفة وهو يعرف أيضاً الذين يصرخون من العواصم البعيدة والهدف هو بيع مزايداتهم هذه في أسواق النخاسة.. وهم في الحقيقة بهذه المواقف لا يخدمون إلاَّ إسرائيل.
نجيب محفوظ والإخوان!
ناصر عراق – اليوم السابع:
فى 11 ديسمبر 1911 ولد نجيب محفوظ، وقبله بخمس سنوات فقط ولد حسن البنا، وفى 1928 كان محفوظ فى المرحلة الثانوية، بينما كان البنا قد أعلن عن تأسيسه جماعة الإخوان المسلمين!
الآن وفى الذكرى الثانية بعد المائة على ميلاد أديبنا الكبير، ماذا بقى من محفوظ، وما مستقبل الإخوان؟ وكيف كانت طبيعة العلاقة بينهما؟
بنظرة سريعة سنكتشف الآتي:
• أخلص نجيب محفوظ لفن الرواية، فوضع أعمدته حتى صار يشار له بالبنان فى الكوكب كله، وتوج جهاده الإبداعى بحصوله على جائزة نوبل فى الأدب عام 1988، وهى أرفع الجوائز العالمية فى هذا المجال، الأمر الذى رفع اسم مصر عاليًا.
• قامت جماعة الإخوان على فكرة فاسدة تخاصم مفهوم الوطن، وتزعم أن هناك عداءً مفتعلاً بين الوطن والدين، وبعد كفاح مرير ملوث باغتيالات خطف الإخوان صولجان السلطة فى لحظة غفلة منا، لكن سرعان ما اكتشفهم الشعب وأزاحهم عن عرين الرئاسة فى مظاهرات باهرة انطلقت يومى 30 يونيو و3 يوليو الماضيين.
• غاص محفوظ فى رواياته فى النفس البشرية المصرية كاشفًا أنبل ما فيها، ناقدًا مساوئها المرفوضة فى صياغات روائية بالغة الرقة والعذبة، الأمر الذى يسهم لا ريب فى إثراء وعى القارئ وإشباع روحه.
• لم تقدم جماعة الإخوان مبدعًا واحدًا فى أى مجال طوال وجودها لأكثر من 85 سنة، فلم نر إخوانيًا نبغ فى العلم أو الفكر أو الأدب أو الفن، ذلك أن الجماعة ذات أفكار متشنجة لا تعادى الآداب والفنون فقط، بل تُحرّمها أحيانًا، ما يجعل عضو الجماعة الموهوب يقهر أية ملكة إبداعية داخله حتى لا يتعرض للوم أو التقريع من قادته، هذا إذا لم يستعد هذا الموهوب رشده ويهجر تلك الجماعة المنغلقة!
• فى حوار مع أخبار الأدب قبل رحيله بعامين "غاب عن دنيانا فى 30 يونيو 2006" قال نجيب محفوظ إن مصر تريد أن تجرب الإخوان، وهو ما تحقق بالفعل، لكن حصافة الأديب الفذ لم تشأ أن تكمل العبارة، إذ أن مصر تريد أن تجرب الإخوان حتى تكتشف هزالهم الفكرى والسياسى فتتخلص منهم، وهو ما كان بالفعل!
• أول اعتداء من جماعة الإخوان على نجيب محفوظ كان فى عام 1959 حين قاد الشيخ محمد الغزالى عددًا من طلاب الأزهر وذهبوا إلى مقر جريدة الأهرام وراحوا يقذفونه بالطوب والحجارة حتى حطموا النوافذ، والسبب أن الأهرام بدأ ينشر رواية محفوظ الأسرة "أولاد حارتنا"، وهى فى نظرهم رواية ضد الدين، وقد نسى هؤلاء أن معايير نقد الأدب تختلف تمامًا عن قوانين الإيمان والكفر، وحسنًا فعل الأستاذ هيكل –رئيس تحرير الأهرام حينئذ– حيث أصر على استمرار النشر ولم يخضع للإرهابيين ضيقى الأفق.
• أما الاعتداء الثانى فقد طال جسد محفوظ نفسه فى سنة 1994، حيث تقدم منه شاب جاهل لا يتجاوز عمره 22 سنة، وطعنه فى عنقه طعنة خسيسة، لكن الله ستر، وأنقذت حياة أديبنا الكبير، وعاش بعد ذلك 12 عامًا كاملة.
• فى 11 ديسمبر 2013 يحتفل العالم كله بمولد أديب مصرى عظيم، فيعقد مؤتمرات وينظم ندوات تشرح كيف "بنى" هذا الروائى الجليل وجدان المصريين ورقق مشاعرهم، بينما طلاب الإخوان أمس "يهدمون" ويحرقون ويتلفون ويعتدون على البشر والحجر والمعادن!
• تعالى نُعمل خيالنا ونتوقع ماذا سيكتب التاريخ بعد 100 سنة عن محفوظ والإخوان، علمًا بأننا سنتكئ على قراءة تجارب مشابهة فى التاريخ القديم، فجماعة الحشاشين الإرهابية، على سبيل المثال، ظهرت فى مصر والشام وإيران قبل ألف سنة تقريبًا واستمرت تقتل وتحرق نحو 200 سنة، لكن الشعوب نفرت من أفعالها ولفظتها فأسقطها التاريخ من حساباته، لكنه احتفى ومازال بشاعر عظيم اسمه المتنبى كان معاصرًا لتلك الجماعة تقريبًا، لأنه أفاد العرب والبشرية بإبداعه الشعرى المدهش والمثير.
الأمر نفسه سيحدث لا ريب مع محفوظ والإخوان، بإذن الله، فأديبنا القدير أخلص لإبداعه، ومنحه عصارة روحه وعطر موهبته، فتلقى التكريم اللائق به من الشعب المصرى والعربى والعالمى، لذا سيظل اسمه يتردد بكل تبجيل من قرن إلى آخر، ومن ألفية إلى أخرى مثل المتنبى وشكسبير، بينما جماعة الإخوان بعد 100 ستذكر بوصفها بومة سوداء مرّت على مصر فى زمن أغبر، لكن الشعب قاوم أفكارها المشبوهة ببسالة وأسقطها، وهكذا ستلقى الجماعة مصير جماعة الحشاشين، فيتذكرها الناس بسوء فترة ويلعنونها، ثم تنساها الأجيال التالية كما تنسى اسم مؤسسها حسن البنا، مثلما حدث مع الحشاشين بالضبط، فى حين سيظل اسم محفوظ ساطعًا ومضيئًا إلى أبد الدهر لا فى سماء مصر العظيمة فحسب، بل فى سماوات العالم كله!




معنى الحكومة المدنية
صلاح منتصر – الاهرام:
خرج عمرو موسي من لجنة الخمسين بدستور توافقي بين مختلف الاتجاهات‏,‏ وأيضا كرئيس نجح بامتياز في إدارة مناقشات اللجنة
بصورة نالت تقدير كل أعضائها خاصة عندما تنازل عن رأيه في بعض الموضوعات خضوعا لرأي الغالبية.
الدستور الجديد كان موضوع مناقشة دعا إليها الدكتور جلال السعيد ـ محافظ القاهرة ـ في قاعة الاجتماعات الكبري بالمحافظة, وقد أجاب فيها عمرو موسي عن أسئلة الحاضرين, وكان أهمها سؤالا من د. علي السمان عن كلمتي الحكومة المدنية اللتين وردتا في ديباجة الدستور( جاء النص في الديباجة: نحن الآن نكتب دستورا يستكمل بناء دولة ديموقراطية حديثة حكومتها مدنية): ولماذا حكومة مدنية وليس حكما مدنيا ؟ وعن ذلك قال عمرو موسي: منذ أول يوم بدأنا فيه مناقشة الدستور واجهنا موضوعات شائكة كان علينا اقتحامها مثل مشكلة المادة219 ونسبة العمال والفلاحين في البرلمان, وخلافات السلطة القضائية, وبعض المواد التي تتناول علاقة الدولة والقوات المسلحة. هذه القضايا وغيرها تمكنت لجنة الدستور من التوصل إلي توافق فيها جميعا حتي المواد الأربع من الـ247 مادة في كل الدستور التي تعثرت ولم تحصل علي النسبة المطلوبة من الأصوات لإقرارها, رفعنا الجلسة وعقدنا إجتماعا ناقشناها فيه وتوصلنا إلي توافق طرحناه وحصل علي إقرار اللجنة ولذلك فكل مواد الدستور تم إقرارها بالتوافق.
قال عمرو موسي مضيفا: لقد واجهنا من البداية ونحن نضع أطر الدستور تساؤلا ألم يحن الوقت لأن نضع وصفا للدولة المدنية ؟ وقد وجدنا امامنا عبارات كثيرة مثل دولة مدنية أم حكومة مدنية أم حكما مدنيا أم مدنية المجتمع أم مجتمعا مدنيا, وحتي آخر لحظة ظل الأمر معلقا إلي أن تم الإستقرار علي حكومة مدنية. البعض يفسرها بأنها مجموعة الوزراء الذين تضمهم الحكومة, وهذا تفسير ضيق وغير صحيح. إن الحكومة هي الهيئة التي تدير البلاد, هي السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وهي القوات المسلحة والشرطة. الحكومة المدنية ليست الوزراء الذين يجتمعون في قصر الأميرة شويكار أمام البرلمان, وإنما تعني الحكومة المدنية أن مصر حكمها مدني, وأن إدارة دولتها مدنية.