المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقالات في الصحف المحلية 210



Haneen
2014-02-13, 12:06 PM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (210)





</tbody>

<tbody>
المقالات في الصحف المحلي



</tbody>

<tbody>

السبت
7/ 12 /2013



</tbody>

وفاء لمانديلا
بقلم: حديث القدس – القدس
«الإخوان» ومسألة الشرعية
بقلم: رضوان السيد – القدس
في الذكرى الأولى لقبول فلسطين عضواً مراقبا في الأمم المتحدة
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
رحيل مانديلا.....خسارة لكل الثوريين
بقلم: راسم عبيدات-القدس
دندنة شمعون بيريس امام العرب!!
بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
"مانديلا" ليس لكم !!إنه للمستضغفين والفقراء فقط
بقلم: محمد النوباني – القدس


نتنياهو المريض الأمني بالوسواس القهري!
بقلم: حسن البطل – الايام
أسبوع آخر من الفلتان
بقلم: عبد الناصر النجار – الايام
بين نيلسون مانديلا وعرفات ولحظتنا الجنوب إفريقية
بقلم : حسين حجازي – الايام
هل انتهى المشروع التركي؟
بقلم: صادق الـشافعي – الايام
الجزائر ... حكايتي مع المياه وحقوق المستهلك
بقلم: صلاح هنية – الايام
فكر 12
بقلم: رامي مهداوي – الايام
"فيش وتفتيش"
بقلم: وليد بطراوي – الايام



تغريدة الصباح - وداعاً "بافانا".. وداعاً مانديلا
بقلم: عدلي صادق – الحياة
مانديلا في ذاكرة التاريخ
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
اسرائيل: دولة تفتش عن جنسية؟!
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
لا يستطيع العالم أن يكون على هوى إسرائيل
بقلم: يحيى رباح – الحياة
أحمد فؤاد نجم.. النجوم ليست سواء
بقلم: بهاء رحال – الحياة
أبو خليل وافي
بقلم: د. أسامة الفرا – الحياة























وفاء لمانديلا
بقلم: حديث القدس – القدس
برحيل المناضل الكبير والزعيم الأممي نلسون مانديلا فقدت فلسطين وكل شعوب العالم قائدا فزا ومناضلا شجاعا ضد كل اشكال الاستعمار والقهر والظلم والتمييز العنصري البغيض، ورمزا للمصالحة والتسامح والتطلع للمستقبل جسد الضمير الانساني تماما كما جسد كل معاني الكرامة الانسانية والحرية والعدالة.
وليس غريبا ان يشعر شعبنا الفلسطيني وقيادته بهذا الفقدان بعد ان كان الراحل مانديلا وهو يخوض اصعب مراحل النضال من اجل تحرير بلاده من نظام التمييز العنصري يقف الى جانب فلسطين وحق شعبها في الحرية والكرامة، وهو الذي اعلن ان ثورة جنوب افريقيا لا يمكن ان تكتمل طالما ان شعبنا الفلسطيني محروم من حريته وحقوقه المشروعة. ولذلك ووفاء لهذا الزعيم الخالد من الطبيعي ان يشعر شعبنا بالحزن والأسى وان تحدَّ فلسطين وتنكس اعلامها.
ومن الطبيعي ايضا ان تشعر كل شعوب العالم المناضلة من اجل الحرية والعدالة وضد كل اشكال التمييز بهذا الفقدان لأن زعيما امميا بقامة الراحل مانديلا ترك بصمات واضحة وارثا عظيما اكد بان ارادة الشعوب وتطلعها للحرية اقوى دوما من كل اشكال القهر والظلم، تماما كما اكد ان الروح الثورية التي يتمتع بها القادة العظام ابعد ما تكون عن الثأر والانتقام فجسد ذلك بمسيرة المصالحة التي تحققت بتشكيل اول حكومة وحدة وطنية وانتخاب اول زعيم اسود لجنوب افريقيا، وهو انتصار للكرامة الانسانية بعد عقود طويلة من التمييز العنصري.
واليوم فأن اكبر وفاء لهذا الزعيم الخالد يمكن في الحفاظ على تراثه العظيم ونهجه في النضال العنيد والتمسك بالحقوق الطبيعية وفي مقدمتها الحرية والمساواة والشجاعة القادرة على رسم طريق المستقبل بعيدا عن نزعات الثأر والانتقام، فالظلم لا يعالج بالظلم والقهر بل بتلك الروح الفزة، روح المصالحة والتسامح التي تضع الكل على قدم المساواة وتضع من الحرية والمساواة هدفا لحشد كل الطاقات من اجل النهضة والبناء وتجنيب البشرية مزيدا من الضحايا وكسر حواجز الكراهية والخوف.
وفي الحقيقة فان هذه الكلمات القليلة عاجزة عن الوفاء والتعبير ازاء هذا الزعيم الخالد بمسيرته النضالية الحافلة على مدى عقود طويلة قضى منها سبعة وعشرين عاما في سجون نظام التمييز العنصري، الا اننا نعزي انفسنا بذلك الانتصار العظيم الذي حققه شعب جنوب افريقيا بقيادة مانديلا ورفاقه في المؤتمر الوطني في القضاء على احد ابشع النظم السياسية الاستعمارية الحاطة بالكرامة الانسانية، وفي الطريق الجديد الذي رسمه مانديلا ورفاقه لبلاده ولشعوب الارض قاطبة، طريق الحرية والكرامة والمساواة والعدالة.
اليوم، ونحن نودع هذا الزعيم الخالد، الذي ستبقى صورته ويبقى نهجه وارثه في الضمير والوجدان العالمي، فاننا نؤكد ان شعبنا سيواصل نضاله من اجل حريته واستقلاله حتى تكتمل فرحة جنوب افريقيا وكل الشعوب المناضلة من اجل الحرية، ولبناء مجتمع انساني افضل تسوده روح المصالحة والتعاون ويكرس جهده للنمو والتطور ورفاهية اجياله المتعاقبة... فوداعا للرفيق والزعيم الاممي الخالد نلسون مانديلا وستبقى فلسطين وشعبها اوفياء لأخوة النضال الانساني مع شعب جنوب افريقيا المكافح ورمزه التاريخي الذي ترجل.




«الإخوان» ومسألة الشرعية
بقلم: رضوان السيد – القدس
كما ضايقتنا الأحكام التي صدرت على الفتيات الصغيرات في مصر، لأنهن تظاهرن ورمين الشرطة بالحجارة، أرعبتنا أيضا حقيقة أن التنظيم الإخواني قرر إرسال الفتيات إلى الشارع، بالزي الموحد، والحركات المتشابهة. ومن المعروف أن الأمم المتحدة دأبت في العقدين الأخيرين على إصدار تقارير سنوية عن إشراك الأطفال في الحروب، وبخاصة في أفريقيا.
إنما الغريب جدا أن يلجأ «الإخوان» إلى ذلك في نزاع يعرفون أنه يمكن أن يؤدي إلى مقتل فتاة أو أكثر، قياسا على ما جرى خلال الشهور الماضية: أين الشرعية الأخلاقية والقانونية التي تبرر هذا العمل من جانب «الإخوان»، ومن جانب القضاء؟ ونحن نعرف أن مشاركة الأطفال ذكورا وإناثا في الأعمال العنيفة وشبه العنيفة تحدث كل يوم في الغرب. لكن الشرطة تكتفي بالضبط وإحضار الأهل لتسلم أطفالهم، وإن لم تجد أهلهم تسلمهم إلى إحدى الإصلاحيات دونما حاجة لإيصال الأمر للمحاكم ما لم تحدث جريمة نتيجة هذا العمل أو ذاك من أعمال الشغب التي يشارك فيها الفتيان!
ليس من المستحسن ولا من المسوغ شيطنة «الإخوان» والإسلاميين الآخرين، وبخاصة أن التصريحات المعلنة بعد تقلبات الشارع والسلطة في مصر وتونس على وجه الخصوص، تعد الإسلاميين غير العنيفين فريقا سياسيا له حق المشاركة ولا جرم على أحد. إنما من جهة أخرى فإن للإسلاميين (والإخوان من بينهم) مسالك للشرعية والمشروعية لا ينبغي تجاهلها إذا أردنا أن نفهم تصرفاتهم الحقيقية بالإدانة بالفعل.
لقد اعتدنا سماع عبارة «الشرعية والشريعة» أو العكس في مظاهرات «الإخوان» واعتصاماتهم بعد أحداث 30 (تموز) 2013. وهذا الشعار بمعناه وليس بلفظه ليس جديدا. فمنذ العشرينات من القرن الماضي، هناك جمعيات هوية ظهرت بمصر وسائر أنحاء العالم الإسلامي، تعد أن شرعيات السلطات وأحيانا المجتمعات سقطت عندما ألغيت الخلافة على يد مصطفى كمال عام 1924.
ومن هذه الجمعيات «جماعة» الإخوان المسلمين. وما سمى حسن البنا جمعية «جماعة» مصادفة، بل بسبب التاريخ العريق للمصطلح والذي يعني: الأمة في موطن معين، والاجتماع على إمام، والإجماع الفقهي. وهذا يعني أن الرجل عد أن الشرعية تقلصت حتى تركزت في التنظيم الذي أنشأه.
ويكون على هذا التنظيم أن يعمل على استعادة الشرعية بشتى الأساليب. وظل «الإخوان» لمدة طويلة غامضين بشأن أسلوب استعادة الشرعية، لكنهم ومن خلال «النظام الخاص» مارسوا العنف ضد خصومهم السياسيين منذ الأربعينات. وعندما قامت ثورة 23 يوليو، كان عدد من أعضاء النظام الخاص لا يزالون في السجون لقتلهم القاضي الخازندار، ورئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي. ولا يزال حريق القاهرة عام 1951 حاضرا في الذهن. وقد بدأ الحريق - كما هو معروف - بإحراق متاجر لليهود والمسيحيين، ثم امتد للجهات الأخرى. وما دامت هذه «الجماعة» جماعة دينية أو خيرية، فلا يمكن لأعضائها المشاركة في أعمال سياسية باعتبارهم مجموعة، بل تكون لهم حقوق ومشاركات أفراد المواطنين ومراجعاتهم.
لكن في ظروف الحرب العالمية الثانية، والضيق الذي نزل بالناس لأسباب مختلفة، تصاعدت شعبية كل التيارات الراديكالية اليسارية والفاشية بين الشباب. وفي تلك الظروف شهد «الإخوان» تمددا يعود أيضا إلى صلابة التنظيم ويقين العقيدة، بيد أن الفكرة الأساسية في عقائدية التنظيم وإصراره هي استعادة الشرعية المفقودة، والتي ازداد تفاقمها بعد دخول الدولة الوطنية صاحبة الشرعية والمشروع في مرحلتها الثانية، مرحلة العسكريين الذين تحولوا خلال أقل من عقدين إلى طبقات حاكمة ووارثة ومورثة! وفي الوقت الذي كانت فيه هذه العقائدية تبنى حجرا على حجر في مواجهة الدولة الوطنية، انفجرت قلة من شباب الإخوان المتسلفين ومضوا باتجاه الجهاديات كما هو معروف منذ مطلع السبعينات.
إن المهم هنا ليس ارتكاب هذا التصرف العنيف أو عدم ارتكابه. بل تلك المقولة المجافية للدين وللعقل والمنطق. ففقد المشروعية يعني أن أعضاء الجماعة هم وحدهم المؤمنون أو المكتملو الإيمان؛ بينما يقول عز وجل: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا». فمن قال منهم بعدم شرعية الكيان السياسي أو النظام، استحل مقاتلته بأساليب شتى.
ومن قال منهم بعدم شرعية المجتمع أيضا، مضى باتجاه التكفير وسفك الدم. وتمضي عمليات تحويل المفاهيم هذه، لتصبح الدولة ضرورية لإقامة الدين، وبذلك لا بد من الاستيلاء على السلطة لاستعادة المشروعية بتطبيق الشريعة أو تظل الدولة ويظل المجتمع غير شرعيين بالمعنى الديني. فيمكن سل السيف أو توجيه السلاح نحو الداخل وليس فقط نحو الخارج المعادي. ولا يفعل أحد بمجتمعه ما فعله الإسلاميون المتطرفون وغير المتطرفين، إلا إذا كان هذه الفعل المستحل للدم انشقاقا في قلب الدين أو المذهب.
لقد استظهرت في دراسة لي من قبل، أن الثمانينات والتسعينات شهدت تحولا اجتماعيا وثقافيا باتجاههم، لأن تيارا قويا ظهر فيه أيضا يساريون سابقون، وقوميون مهتدون، شارك في «ترشيد الصحوة»، ومضى إلى حد القول إن حكم الشريعة لا يختلف عن حكم القانون، وإن الإسلاميين إن جاءوا إلى السلطة بطرائق مهددة فلأنهم تعرضوا للملاحقة والاضطهاد، وستتحسن الأمور مع الوقت فيتمكنون من التخلي عن عقائدياتهم. لكننا نعرف أن الاستقرار الذي يولد راحة ويحبذ بالتالي التنازلات لم يحدث. ولذلك فالمنتظر إذا صمد التنظيم أن يظل هناك قدر كبير من آيديولوجيا فقد المشروعية، وبالتالي العمل على إحقاقها.
ماذا يعني هذا كله؟ هذا يعني أن الشرعية مفقودة لسقوط دار الإسلام التي سيطر عليها غير المسلمين. وتسودها القوانين المدنية، والعادات المتغربة! وقد كان يمكن لهذه العقائدية أن تتوارى أو تلين، لو نجحت الدولة الوطنية العربية، وتجنب العرب انقسامات الحرب الباردة وتقسيماتها.
لكن الذي حدث غير ذلك، فمن جهة انتكست تجربة الدولة الوطنية العربية انتكاسة كبرى في كل مكان تسلم فيه العسكريون السلطة لجهة الحقوق والحريات، ولجهة التنمية، ولجهة المصالح الوطنية الكبرى والصغرى. وما تصاحب تآكل شرعيتها واتجاهها إلى الطغيان إلى صعود المعارضة السياسية المدنية من جانب الأحزاب والتيارات (ربما باستثناء المغرب الذي ما حكمه العسكريون وإنما حاولوا القيام بانقلاب فيه!)، لأن كل الاتجاهات السياسية كانت قد تحطمت تحت وطأتهم، ولأن القوميين واليساريين دخلوا في أحضانهم خنوعا أو اقتناعا.
ولذلك ظهر سيد قطب والقرضاوي اللذان قالا إنه إذا جاز للقوميين والماركسيين القول إن رؤاهم وبرامجهم حتمية التحقق في التاريخ والواقع مع أنها إنسانية، فلماذا لا يكون الحل الإسلامي لدى الإحيائيين الصاعدين حتمي التحقق أيضا وبخاصة أنه إلهي؟!
وهكذا، فقد كانت محنة كبرى أمام الجمهور، بين الطغيان والفساد اللذين ما عاد تحملهما ممكنا، والإحيائيات التي تتراوح بين التنظيمات والجهاديات. ولذا بدا انطلاق حركات التغيير من جانب الأجيال الجديدة مخرجا مثاليا، لولا التوجه إلى المسائل الحساسة المتعلقة بالهوية مثل الدساتير والاستفتاء والانتخابات النيابية قبل الرئاسية. وعلى أي حال فإنها موجة أولى من هذا التزلزل الذي قلب مفاهيم كثيرة.
كانت تجربة «الإخوان» القصيرة في السلطة مخيبة. لكن تنحيتهم بهذه الطريقة يمكن أن تنصر توجهات التشدد في صفوفهم. ومما يدل على ذلك ليس ممارسة العنف فقط، بل شعارات الشرعية والشريعة، وإنزال الفتيات إلى الشارع.




في الذكرى الأولى لقبول فلسطين عضواً مراقبا في الأمم المتحدة
بقلم: المحامي راجح أبو عصب – القدس
الفلسطينيون ماضون في العمل على إقامة دولتهم المستقلة، وقد مرت قبل عدة أيام، وبالتحديد يوم الجمعة قبل الماضية التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني الماضي، الذكرى السنوية الأولى لقبول فلسطين عضواً مراقبا في الأمم المتحدة بعد أن كانت "كيانا غير مراقب"، وجاء هذا الحدث الكبير إثر عملية تصويت تاريخية في المنظمة الدولية، حيث وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على رفع التمثيل الفلسطيني الى صفة "دولة غير عضو بصفة مراقب".
وقد أيدت هذا القرار التاريخي 138 دولة وعارضته تسع دول وامتنعت 41 دولة عن التصويت، وقد اعتبر هذا القرار حدثا تاريخيا كبيرا في مسيرة الشعب الفلسطيني الطويلة نحو تحقيق هدفه الأسمى المتمثل بإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وذلك ضمن حدود الرابع من حزيران عام 1967. وقد اعتبر هذا القرار وبحق وكما قال الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك قبل إجراء عملية التصويت على القرار اعتبر "إصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين". كما أن هذا القرار الدولي إنما جاء لتحقيق السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل من جهة، وبين اسرائيل والعرب والمسلمين من جهة أخرى.
ولم يكن هدف الفلسطينيين من هذا القرار كما قال الرئيس عباس نزع الشرعية عن إسرائيل، بل ان الهدف من القرار تأكيد شرعية دولة فلسطين. ولذا فإن القيادة الفلسطينية اعتبرت القرار فرصة جدية وحقيقية لتحقيق السلام الشامل وفق قرارات الشرعية الدولية ورؤية حل الدولتين ومبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت العربية عام 2002.
وقد جاء تصويت هذا العدد الكبير من دول العالم إلى جانب القرار، تأكيداً على أن الغالبية العظمى تؤيد إقامة الدولة الفلسطينية، باعتبار أن ذلك حقا مشروعا للشعب الفلسطيني، إذ أن من حقه كبقية شعوب الأرض أن تكون له دولته المستقلة التي يمارس فيها حقوقه الكاملة بكل حرية واستقلال.
إن شعوب العالم باتت مقتنعة بأن السبيل الوحيد لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي إنما يتمثل في رؤية حل الدولتين، علما أن هذه الرؤية هي أميركية بالتحديد وأطلقها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن، ثم تبنتها من بعده الادارة الأميركية الحالية التي يرأسها الرئيس باراك أوباما.
ويعد هذا القرار خطوة هامة نحو تحقيق سلام عادل وشامل ودائم في المنطقة، وليس كما ادعى ممثل إسرائيل في الأمم المتحدة عقب صدور القرار من أنه يضع عراقيل أمام عملية السلام، والأمر الذي أسف له الفلسطينيون أن الولايات المتحدة الراعي الأول لعملية السلام، صوتت آنذاك ضد مشروع القرار بادعاء كما قالت المندوبة الاميركية عقب عملية التصويت "إن القرار يضع مزيداً من العراقيل في طريق السلام".
وقد أظهر الموقف الأميركي من القرار تناقضا كبيرا بين دعوة واشنطن لرؤية حل الدولتين ورفضها للقرار، إذ كيف تؤيد إقامة دولة فلسطينية إلى جانب اسرائيل، وترفض في ذات الوقت قرارا بقبول فلسطين عضوا مراقباً في الأمم المتحدة؟ وكيف تعتبر القرار عائقا أمام عملية السلام إذا كان الهدف من المفاوضات المباشرة التي أصرّت على استئنافها بين الفلسطينيين والاسرائيليين هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
ان ذلك القرار الأممي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ليس الأول الذي يصدر عن هذه المنظمة الدولية والخاص بالدولة الفلسطينية، إذ سبق أن أصدرت هذه المنظمة الدولية في التاسع والعشرين من تشرين الثاني عام 1947 قرار تقسيم فلسطين الذي حمل الرقم 181 والذي نص على إقامة دولة عربية وأخرى يهودية، وأعطى هذا القرار 48% من أرض فلسطين التاريخية للفلسطينيين، واليوم قبل الفلسطينيون باقامة دولتهم على 22% من أرض فلسطين التاريخية، ومع ذلك ترفض إسرائيل هذا التنازل الفلسطيني عن أكثر من نصف الأرض التي منحها إياهم قرار التقسيم.
والأمر المستغرب مرة أخرى أن الولايات المتحدة صوتت آنذاك على قرار التقسيم وكذلك فرنسا والاتحاد السوفيتي، فكيف ترفض واشنطن اليوم ما سبق أن وافقت عليه في العام 1947، علما أنها مارست ضغوطا كبيرة آنذاك على العديد من الدول لتصوت إلى جانب قرار التقسيم وذلك لتأمين دعم ثلثي الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تبني ذلك القرار.
ورغم المعارضة الأميركية والإسرائيلية لقرار الأمم المتحدة اعتبار فلسطين دولة عضواً مراقبا، فان القيادة الفلسطينية أصرت على تمسكها بالسلام كخيار استراتيجي، وتمسكت بحقها في إقامة الدولة الفلسطينية باعتبارها السبيل الوحيد لإنهاء الصراع وتحقيق السلام، وذلك من خلال النضال السلمي البعيد عن العنف والفوضى، ولذلك فهي منفتحة كل الانفتاح على كل المقترحات والمبادرات المفضية الى ذلك الهدف الأسمى وهو السلام العادل.
وكترجمة للموقف الفلسطيني المتمثل في تحقيق إقامة الدولة الفلسطينية بالنضال السلمي البعيد عن العنف وسفك الدماء، فان القيادة الفلسطينية استجابت للمطلب الأميركي باستئناف المفاوضات المباشرة مع اسرائيل، ورغم المناورات التي تقوم بها الحكومة الاسرائيلية لعرقلة الوصول الى اتفاق سلام شامل من خلال اصرارها على استمرار سياسة التوسع الاستيطاني، ومن خلال رفض ما توصلت اليه القيادة الفلسطينية مع حكومة إيهود أولمرت السابقة من تفاهمات لتحقيق السلام وإصرارها على العودة إلى الربع الأول وإلى نقطة الصفر.
لكن القيادة الفلسطينية في استجابتها للمطلب الاميركي الخاص باستئناف المفاوضات المباشرة حددت أجلا زمنيا لتلك المفاوضات مدته تسعة أشهر، حتى تسد الطريق أمام مناورات الحكومة الاسرائيلية لاستغلال هذه المفاوضات للاستمرار في سياساتها التوسعية الاستيطانية، وستضع القيادة الأميركية التي رعت مباشرة هذه المفاوضات أمام مسؤولياتها، إذا استمرت حكومة إسرائيل في مناوراتها ورفضها تنفيذ التزاماتها تجاه عملية السلام.
والأمر المؤسف أن الحكومة الاسرائيلية مازالت تمارس سياسة المماطلة والمناورة، ما جعل أعضاء الوفد الفلسطيني الى المفاوضات يقدمون استقالتهم للرئيس محمود عباس، ولكن الرئيس طلب منهم الاستمرار في المفاوضات وذلك كدليل للوفاء بما التزم به أمام الادارة الاميركية.
ورغم كل المماطلات والمعوقات والمناورات الاسرائيلية، فان الشعب الفلسطيني وفي مقدمته الرئيس محمود عباس، مصر على المضي قدما في طريق اقامة دولته المستقلة، وهذا ما أكده الرئيس أبو مازن في كلمته التي وجهها للشعب الفلسطيني يوم الخميس قبل الماضي في مناسبة الذكرى الأولى لتبني الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار قبول فلسطين عضوا مراقبا في الأمم المتحدة.
فقد وعد الرئيس عباس الشعب الفلسطيني والأمة العربية بالعمل المكثف من أجل تحقيق آمال الشعب الفلسطيني بحياة حرة كريمة مع التمسك بالثوابت الوطنية ليتم رفع علم فلسطين على العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني.
وأكد كذلك الرئيس أبو مازن في كلمته أنه لا تراجع عن ذرة واحدة عن المطالب الفلسطينية، وأنه لن يوقع أي اتفاق سلام لا يلبي طموحات شعبنا المتمثلة بدولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وحل مشكلة اللاجئين وفق مبادرة السلام العربية.
إن على الولايات المتحدة اليوم أن تنهض بدورها كراعية أولى لعملية السلام، وذلك من خلال الضغط على حكومة اسرائيل لتتجاوب مع اليد الفلسطينية والعربية الممدودة للسلام، الذي هو مصلحة فلسطينية وعربية وبذات المقدار مصلحة اسرائيلية وأميركية وعالمية، وتستطيع ذلك ان ارادت، وقد ظهر ذلك من خلال اتفاقها مع إيران في ملفها النووي رغم الضغوط الاسرائيلية. والله الموفق

رحيل مانديلا.....خسارة لكل الثوريين
بقلم: راسم عبيدات-القدس
برحيل نيلسون مانديلا الزعيم الأفريقي والقائد الأممي ومحرر جنوب افريقيا من العبودية وحكم الأقلية البيضاء العنصرية...ورحيل القائد الفيتنامي نجوين جياب الذي لعب دوراً مركزياً الى جانب رفيق دربه "هوشي منه"في هزيمة اعتى قوتين استعماريتين فرنسا وامريكا وتحرير فيتنام وتوحيدها تكون الحركة الثورية العالمية وكل قوى التحرر والسلم والتقدم والديمقراطية في العالم، في اقل من شهرين، قد خسرت قائدين كبيرين قلما يتكرر وجودهما في التاريخ البشري، فهما لم يكونا مجرد قائدين وملهمي،ن لكل الشعوب المضطهدة والمظلومة وحركات التحرر في العالم اجمع فقط، فالقائد قد يقود معركة او حرباً، ويحقق فيها انتصاراً، بل كلاهما كان مدرسة في النضال والكفاح، فجياب غلب على عمله الجانب العسكري، في حين مانديلا كان نضاله وكفاحه شعبياً وسلمياً.
ودفع مانديلا في سبيل قيمه ومبادئه واهدافه وحرية شعبه 27 عاماً من حياته في سجون العنصرية والأقلية البيضاء في جنوب افريقيا،ورفض المساومة على حرية شعبه،عندما عرض عليه عام 1985 صفقة من النظام العنصري تشمل إطلاق سراحه مقابل وقف المقاومة المسلحة، ورفض ذلك بعناد وإصرار، ومقاومته للتميز العنصري ومدى الظلم والقهر الذي ألحقته الأقلية البيضاء بشعب جنوب افريقيا باغلبيته السوداء، لم تصنع منه زعيماً حاقداً او متحاملاً على تلك الأقلية، ولم يتعامل معها بلغة الثأر والإنتقام، فهو من قال بعد تحرره وفوزه برئاسة جنوب أفريقيا، من خلال حزبه المؤتمر الوطني الأفريقي": "كرّست حياتي لكفاح الشعب الأفريقي وحاربت هيمنة البيض بقدر ما حاربت فكرة هيمنة السود. كنت دائماً أرفع عالياً نموذج المجتمع الديموقراطي الحر، حيث الجميع يعطون فرصاً متعادلة ومنسجمة. وإذا اقتضى الأمر سأموت من أجل هذا الهدف". وما يجمع هذين القائدين،ليس الوفاء لقيميهما ومبادئهما وافكارهما واهدافهما وحرية شعبيهما، بل إمتلاكهم للإرادة ووضوح الهدف واتجاه البوصلة،فهذه من العناصر الهامة لتحقيق الإنتصار، وكم من فئة قليلة هزمت فئة كبيرة، فئة مؤمنة بحتمية انتصارها وثابتة على مبادئها، ومصممة على نيل حريتها وإستقلالها مهما غلى الثمن وعلت التضحيات.
تعلمنا من جياب والفيتناميين كيف لحركة ثورية أو حزب ثوري في بلد فقير بموارده،غني بكرامته وإرادته ومؤمنا بحتمية إنتصاره، أن يصنع نصراً كبيراً، رغم كل الإختلال الكبير في موازين القوى على أعتى قوى الظلم والإستغلال في العالم، فالثورة الفيتنامية وحزب الشعب الذي كان عمودها الفقري، بقيادة الجنرالين الكبيرين هوشي منه وجياب حققت انتصارين تاريخيين، على أكبر وأشرس قوتين استعماريتين في العالم فرنسا وامريكا، حيث منيتا بهزائم ساحقة أمام قوى الثورة، رغم تفوقها بالعدد والعدة وأحدث انواع السلاح.
وتعلمنا من مانديلا ورفاقه بأن النضال الشعبي والجماهيري وفرض المقاطعة والعقوبات على نظام الأقلية البيضاء والتميز العنصري"الأبارتهايد" كفيلة بان تفكك مثل هذا النظام وتسقطه، شريطة ان تكون هناك قيادة ثورية بمستوى التحدي والمهام والمسؤوليات، ومستعدة للتضحية في سبيل حرية شعبها اولاً واخيراً، وليس من اجل مصالحها او فئويتها او مشروع استثماري، ولو كان على شكل سلطة هزيلة مهزومة، مجردة الصلاحيات ومحدودة السلطات.
جياب وهوشي منه وغيرهما من القادة الثوريين من أمثال الشيخ حسن نصرالله،لم يفقدوا البوصلة، وكان لديهم وضوح في الرؤيا والهدف والإستراتيجية،ولذلك هم كانت أولويات صراعهم، نحو العدو المحتل.
نعم هؤلاء القادة العظام حققوا إنتصارات كبرى، ولكنهم كانوا زاهدين في الحياة، إنسحبوا وابتعدوا عن الأضواء وعاشوا عيشة طبيعية، ولكن أفعالهم واعمالهم ومآثرهم وبطولاتهم تبقى تتداولها وتتناقلها الشعوب من جيل لجيل، ويبقون هم أحياء في ضمائر شعوبهم الوفيّة لذكراهم، فأكّدوا بذلك أن الثوريين لا يموتوا بل يتجددون باستمرار عبر كفاح شعوبهم.
القائد والراحل الكبير مانديلا،ترك أثراً طيباً، وفرض احترامه على أعدائه قبل أصدقائه، فكان مثالاً للقائد والمناضل في كل شيء وائم بين قناعاته وأفكاره ومبادئه،وعمل على ترجمتها على ارض الواقع، وليس كحال الكثير من قادة منظماتنا واحزابنا العربية والفلسطينية،الذين لا يتخلون عن قيادة تلك الأحزاب، إلا بتغييب الموت لهم،وإن كان الحكيم جورج حبش استثناءاً في هذا المجال،يتربعون على قيادة تلك الأحزاب والتنظيمات طيلة فترة حياتهم، و"يجترون" ليل نهار عبارات الديمقراطية والتجديد والتغيير في قيادة تلك الأحزاب، دون ان تطالهم او تمس بمكانتهم ومصالحهم وإمتيازاتهم، ودائماً يجرون انتخابات على مقاساتهم بعد طول غياب،وبما يجدد الثقة والبيعة بهم، رغم كل الخراب والدمار الذي يلحقونه بتلك التنظيمات والأحزاب.
مانديلا الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1993، نالها عند جدارة وإستحقاق، فهو لم يكن طامع او ساع لسلطة، بقدر ما هو مناضل من اجل حرية شعبه، ومناضلاً عنيداً وصلباً ضد كل اشكال القهر والظلم والتميز والفصل العنصري، ومن هنا رأينا كيف كان لرحيله صدى على مستوى العالم، حتى ألد اعداء البشرية من قادة الرأسمالية المتغولة والمتوحشة نعوه وبلدانهم نكست أعلامها إحتراماً وحزناً عليه، كذلك الفنانين والممثلين العالميين، وفي هذا الجانب نسجل وننقل ما قاله رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أوباما " إن مانديلا ضحى بحريته من أجل حريات الآخرين، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن يتصور حياته الشخصية بدون النموذج الذي قدمه مانديلا.واضاف أوباما اليوم، الولايات المتحدة فقدت صديقا قريبا،وجنوب أفريقيا فقدت محررا عظيما، والعالم فقد الهاما للحرية والعدل والكرامة الانسانية .
وقال الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون إن العالم فقد بوفاة مانديلا أحد أهم قادته وواحد من كائناته البشرية الممتازة. أما رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون فقال"إن لقائه بمانديلا كان بمثابة شرف عظيم. في حين وصف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مانديلا بأنه عملاق العدالة الذي أثر على أناس كثيرين حول العالم بكفاحه من أجل الكرامة البشرية، والمساواة والعدل. واضاف بان بأنه عندما شكرته على الأعمال التي قدمها في حياته، أصر على أن الفضل يعود للآخرين، لن أنسى أبدا احساسه بالايثار وحسه العميق بالهدف المشترك.
اما الممثلان الأمريكي مورجان فريمان والبريطاني إدريس إلبا فقد قالا في نعيمها للراحل الكبير،فريمان الذي قام بدور مانديلا في فيلم (انفكتوس) في 2009 إن مانديلا "قديس بالنسبة للكثيرين وبطل لكل من يقدرون التحرر والحرية وكرامة الإنسانية".
وقال إلبا بطل فيلم (مانديلا: مسيرة طويلة الي الحرية) الذي صدر هذا العام "كم كان شرفًا لي أن أقوم بدور نيلسون مانديلا وأن أجسد شخصية رجل تحدى الظروف وكسر الأغلال وحارب من أجل حقوق الإنسان أمام أعين العالم."
نعم برحيل مانديلا وجياب خسارتنا كفلسطينيين اولاً وكمناضلين وثوريين وتقدميين على مستوى العالم كبيرة،فهما عمودين من اعمدة النضال والكفاح العالمي، ستبقي قيمها ومبادئهما وتعاليمهما خالدة فينا وفي كل الثوريين، فهم ليسوا مثالين للتضحية والفداء من اجل حرية بلديهما وحرية كل الشعوب المضهدة والمظلومة فقط، بل مثال في التواضع والإنسانية، ومغادرة الساحة السياسية بعد تحقيق اهدافهما بدون صخب وطلب للنياشين والأوسمة، التي تمنح عندنا ونحن تحت الإحتلال لمن لا يستحقونها او ان ما انجزوه وحققوه لا يليق بتلك الأوسمة والنياشين.





دندنة شمعون بيريس امام العرب!!
بقلم: المحامي جواد بولس – القدس
لو لم تسرّب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الاسرائيلية نبأ لقاء الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس بتسعة وعشرين وزير خارجية وشخصية من دول عربية وإسلامية لما انكشف الأمر، ولبقي اللقاء صنوًا لتلك اللقاءات التي تتكتم عليها وثائق الدول والمخابرات في العالم.
صحيفة "القدس العربي" خصّصت لهذه الحادثة كلمة التحرير، ومقالًا رئيسيًا نقلت فيه تفاصيل الخطاب، وكيف سمعه قادة عرب ومسلمون ببالغ الإصغاء الذي انتهى بحفلة تصفيق وإعجاب. أمّا الكاتب الصحفي "توماس فريدمان" في حديثه عن هذا الحدث، الموصوف بالسابقة التاريخية، فيؤكد لقرّائه أن الظهور غير العادي لبيرس "لم يكن بدافع من رياح المصالحة بين العرب وإسرائيل، ولكن لأن هذا التعاون الضمني بين إسرائيل والعرب السنّة، يستند على التقاليد القبلية التي تقول "عدو عدوي صديقي" والعدو هو إيران".
يأتي هذا اللقاء محاولةً من قبل قادة اسرائيل لفرض رؤية استراتيجية جديدة في المنطقة، ويؤكد جليًا ما تخطط له حكومتها، وتسعى إلى تحقيقه.
بعد انتخابات الكنيست وقفت أمام بنيامين نتنياهو عدة خيارات لتركيب حكومته. طلاقه من حركة شاس، وهي حليف تقليدي، لم يكن من باب صدفة، فقد آثر نتنياهو إقامة ائتلاف "عقائدي" يتكامل مع ما تؤمن به قيادة حزبه اليمينية الجديدة التي أفصح ويفصح ناطقوها في كل مناسبة عن تخليها عن مبدأ "الأرض مقابل السلام" وعن استحالة حل الدولتين. فجاء ضم "بينيت" للحكومة ليعزز هذا التوجه. وفي هذا السياق علينا ألّا ننسى ما أفتى به الرابي "عوفاديا"، زعيم "شاس" الراحل، في الماضي حين أقر أن إعادة الأرض مقابل السلام مع الفلسطينيين تجيزه التوراة.
لم يكن رفع شعار "التهديد الإيراني أوّلًا" من باب صدفة أو تكتيك. فهذه القيادة الإسرائيلية اليمينية الحالية تؤمن أن القضية الفلسطينية لم تكن ولن تكون قضية الشرق الأوسط الأساسية. وحتى نفهم هذه التغييرات الجذرية أكثر فربما علينا أن نعود لسؤال أغفله الباحثون والمتابعون، وهو لماذا اختار نتنياهو الجنرال موشي بوغي يعلون وزيرًا للدفاع في حكومته، وهو لم يكن أبرز الجنرالات في محيطه، أو في تاريخ حزب الليكود السياسي.
عندما أنهى بوغي يعالون مهمته قائدًا عامًا لجيش الاحتلال أصدر عام (٢٠٠٨) سيرته الذاتية في كتاب أسماه "طريق بعيدة قصيرة" بكل ما يحتمل هذا العنوان من مجاز.
لا يؤمن "يعلون" بأن الحدث الأهم في تاريخ الصراع في الشرق الأوسط تم في العام ١٩٤٨. بالنسبة له فان العام (١٩٧٩) هو العام المفتاح في التاريخ الحديث للمنطقة. ففي رأيه، كان توقيع مصر على اتفاقية السلام مع إسرائيل حدثًا مفصليًا، ولكن الأهم منه كان نجاح الثورة الإسلامية الإيرانية، وإنشاءها نظامًا إسلاميًا دينيا، تحوّل إلى مصدر لعدم الاستقرار بالمنطقة.
وبعودة للخبر، فإن "بيرس" حدّث مستمعيه عن التهديد الإيراني لإسرائيل ولدول المنطقة، وذلك بهدف تجنيد تلك الدول ليس فقط لحلف مشترك ضد إيران، بل لما هو أخطر؛ ففلسطين لم تعد في الصدارة، ومن الممكن تأجيل السعي وراء حل لصراعها مع إسرائيل إلى أجل غير مسمى.
بالمقابل لنقرأ ما يقوله يعلون: برأيي، لتسوية النزاع الإسرائيلي الفلسطيني لا يصح التطرق بمصطلح "الحل في المستقبل المنظور ، إنما يجب التحدث بمصطلحات "إدارة صراع"، إنني على قناعة إن التوقف عن البحث عن حل ، والتحرر من هذا المفهوم الفاشل سيساعد على إيجاد تفكير جديد واتجاهات مغايرة. الطريق الطويل هو الطريق الأقصر".
هكذا كتب "بوغي يعلون" قبل خمسة أعوام، وأضاف، بفصيح العبارة والنص، أنه لا يؤمن بأن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية يشكّل مصدرًا لعدم الاستقرار في المنطقة، وهو لا يؤمن أن حل الصراع مع الفلسطينيين وإعطاءهم دولة مستقلة سيسكتهم، لأنهم يريدون أصلاً محو إسرائيل والقضاء عليها، وهو يؤمن أن الفلسطينيين مارسوا الارهاب، لأن قادة إسرائيل عاملوهم بالحسنى وتراخوا أمامهم، والأخطر أن قادة إسرائيل وثقوا بالفلسطينيين، وهم ليسوا أهلًا لمثل هذه الثقة!
هذا غيض من فيض "بوغي"، وكل ما في الكتاب يوصلنا إلى إيران وحلفاء إسرائيل من عرب ومسلمين.
لا أعرف كم من "أمة اقرأ" قرأوا كتاب "يعلون" الذي يقف اليوم على رأس الهرم لمؤسسة أمنية تمتلك دولة قويّة، ولا تسعى لحل قضية فلسطين. أعرف أن الحدث يضع أمام قادة فلسطين تحديات جدّية وأسئلة صعبة من نوع لم نعهده من قبل. وأعرف كذلك أننا نعيش في زمن الخديعة الكبرى، وفي كل بقعة دجّال وخادم.
فهل تذكرون كيف قامت الدنيا عندما جاء شمعون بيرس ضيفًا على الناصرة واستقبله رئيس بلديتها؟ كيف هاجت رجالات الوطن، ولطمت نساء "مرج ابن عامر" خدودهن؟ هو نفسه "بيريس" يا أمة الدجل والرياء! ها هو يكرز في قادة عرب ومسلمين، ويربت على أكتافهم؛ شركاؤه في حلف مقدس، وإخوته بالدم والحليب والبارود!
أمّا انتم، هنا في جليلكم الغالي والنقب المنكوب، تبلعون الريق، وتغصّون. فكيف يجرؤ عبد على الصراخ في وجه سيّده؟ كيف لا تخجل عين، وصاحبها يملأ فاه بالدعاء لسلطان، في حضنه ينعم بعضكم، ويملأون جيوبهم عسلًا ونغنغات؟
"كان هناك حماس كبير من كلا الجانبين، بيريس والمشاركين العرب، والجميع يفهم ان هذا كان حدثًا تاريخيًا، فرئيس الدولة اليهودية يجلس في مكتبه بالقدس، والناس يجلسون في الخليج الفارسي لمناقشة الأمن ومكافحة الارهاب والسلام"..
هكذا في الجريدة وهنا أحزابنا وحركاتنا، «لا مين شاف ولا مين دري»، فهل سمعتم مثلي بيريس وهو يدندن لهم: أنا زي مانا... وإنتو ..؟!

"مانديلا" ليس لكم !!إنه للمستضغفين والفقراء فقط
بقلم: محمد النوباني – القدس
بعد صراع مع المرض رحل عن الحياة عن خمسة وتسعين عاما، الزعيم التاريخي لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي ولشعب جنوب افريقيا "نيلسون مانديلا"، بعد مسيرة نضالية حافلة بالبطولة والعطاء والتضحيات والمثل والمبادئ والقيم الثورية والإنسانية تاركا وراءه إرثا شكّل وسيشكل معينا لا ينضب لكل المناضلين ضد الاستعمار والظلم والعنصرية في كل زمان ومكان.
لقد كان "نيلسون مانديلا" مصدر الهام لأبناء شعبه الذين خاضوا تحت قيادته نضالا عنيفا وعنيدا ضد نظام الفصل العنصري "الأبارتهايد"، الذي كان مدعوما ذات يوم وبكل قوة من قبل كل الامبرياليين والطغاة في العالم الى أن تم دحره وهزيمته بدعم من كل الثوريين في العالم، الذين رأوا في "مانديلا" قائدا وزعيما صلبا متمسكا بالمثل والمبادئ رغم سنوات السجن العجاف التي امتدت على مدار 27 عاما في معتقل "روبين أيلاند" الرهيب.
ولعل من الضرورة بمكان الإشارة الى أنّ هذا الرجل العظيم والزعيم التاريخي الفذ، وعلى الرغم من منحه جائزة نوبل للسلام، والتي تم تسييسها للأسف، من قبل مانحيها في أكثر من حالة، لم يخضع للضغوط التي مورست ضدّه لزحزحته عن مثله ومبادئه وحلفائه في قوى الثورة العالمية، وتمسّك حتى النهاية بمواقفه المبدئية، وبتأييده للحقوق التاريخية المشروعة للشعوب وفي مقدمتها الشعب العربي الفلسطيني.
ولا أبالغ إن قلت، بأن سيرة حياة ونضال "نيلسون مانديلا"، لا يمكن اختزالها بكلمات، فهي بحاجة الى مجلّدات ودراسات معمقة، وجهود "فوق فردية"، ولكن بعجالة يمكن القول، أنّ أهم ما ميّز حياة وكفاح أول رئيس أسود لجمهورية جنوب افريقيا هو الصلابة والثبات على المبدأ والتمسك المطلق من دون مساومة بحق شعبه المشروع في المقاومة بمختلف أشكالها مهما بلغ الثمن "الفردي والجماعي" وغلت التضحيات، الى أن تسنى تحقيق الانتصار التاريخي المتمثل بالقضاء على نظام "الأبارتهايد"، الذي كان مدعوما وبقوة من قبل عواصم الشر والطغيان في العالم، والتي تباكى قادتها بالأمس وذرفوا دموع التماسيح ونكّسوا الأعلام حدادا على "مانديلا".
إنّ ذلك التباكي وما واكبه من بيانات نعي وإشادة بحق الرجل من زعماء تلك العواصم في اليومين الماضيين، لم ولن تفلح في تضليل معذبي الأرض الذين اكتووا بنار الاستعمار والعنصرية، ولن تجعلهم ينسون أو يتناسون للحظة واحدة حقيقة أسلاف هؤلاء الذين دعموا بكل قوة نظام الفصل العنصري البائد في جنوب إفريقيا ومدّوه بمختلف أصناف الدعم المادي والعسكري، في خرق فاضح لكل القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة، ولكافة المواثيق والأعراف الدولية، ولم يتخلوا عن نظام الفصل العنصري إلا بعد إدراكهم أنّ بقاءه بات مستحيلا، ناهيك عن دعمهم اليوم وبكل "وقاحة" لكل أعداء الشعوب المظلومة في مختلف أنحاء العالم دونما وازع من أخلاق أو ضمير.
بكلمات أخرى، فإن هؤلاء المنافقين لم يكونوا لا مع الرجل وهو يعاني ظلمة السجن والسّجان ولا مع شعبه وهو يتعرض لأبشع اضطهاد عنصري عرفه التاريخ ويكتوي بنار المعازل "البانتوستات"، وإنما يكذبون ويخدعون الناس لأنهم باتوا يعرفون ويدركون بأن دعم السياسات العنصرية وسياسات إذلال واضطهاد الشعوب وحرمانها من الإنعتاق والتحرر، باتت سياسات غير مقبولة وغير أخلاقية ولا يمكن الدفاع عنها أو تبريرها حتى أمام شعوبهم.
بعبارة أخرى، فإنّ سياسة تبرير دعم التوجهات العنصرية والاحتلالية تارة، بحجة الخطر الشيوعي المزعوم سابقا، وتارة أخرى بدعوى الخطر الإسلامي المزعوم، وطورا تحت عناوين أخرى مزعومة، لم تعد مقبولة خصوصا وأنّ الشعوب الغربية ترى وتسمع على شاشات التلفزة يوميا أنّ أميركا وحلفاءها، يدعمون بدون حياء قوى تقتل تحت راية الإسلام والإسلام منها براء، الناس في سوريا والعراق ولبنان من ناحية، وتدعم الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين رغم أنه يمارس سياسات أبشع من سياسات "الأبارتهايد" البائد ضد الشعب الفلسطيني، كإقامة جدار الفصل ومصادرة الأراضي واضطهاد الفلسطينيين لمجرد كونهم فلسطينيين من ناحية أخرى.
ومن نافلة القول أيضا، أنّ ذارفي دموع التماسيح على "مانديلا" بعد وفاته، لو كانوا صادقين، فلماذا لا يؤيدون القرارات الأممية الصادرة عن الأمم المتحدة والتي تنص الكثير منها على وجوب وقف السياسات العنصرية الإسرائيلية إزاء الشعب الفلسطيني، وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة الى وطنهم وتتويج ذلك بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
استنادا الى ما تقدّم يمكن القول، بأن القائد العظيم "نيلسون مانديلا"، ليس للطغاة ومصاصي دماء الشعوب، الذين يصمّون آذاننا صباح مساء، بالحديث عن الديموقراطية وحقوق الإنسان، وهما منهما براء، وإنّما للمستضعفين والفقراء ولكل الشعوب المناضلة من أجل حريتها وانعتاقها والتي ستفتقد برحيله قائدا عملاقا ستذكره الأجيال القادمة على الدوام.
بقي القول بأن الشعب الفلسطيني الذي أحبّ "مانديلا"، وتربى الكثير من أبنائه على سيرة حياته وكفاحه لم ولن ينسى "مانديلا" الذي قال ذات يوم "نعلم جيدا انّ حريتنا لن تكتمِل إلا بحرية الشعب الفلسطيني".


نتنياهو المريض الأمني بالوسواس القهري!
بقلم: حسن البطل – الايام
يقول أهل الشام لمن لا يروقهم "تضرب بها الكسم" يعني الجسم وما يرتديه وما يصدر عن صاحبه من سلوك، وكان الفرنسيون يقولون لمن لا تروقهم أناقته "خياطك انكليزي".
كيف سترتدي فلسطين واسرائيل كسوة لائقة من "حل الدولتين"؟ هل ستقوم اسرائيل بمهمة إلباس فلسطين ثوباً أمنياً من تفصيلها بين الجدار والغور، ام تقوم اميركا بتفصيل ثوب يسمى "سيادة فلسطين" وآخر يسمى "أمن اسرائيل".
تحكم اسرائيل حكومةٌ يقودها رجل ذو "وسواس أمني قهري" هو بنيامين نتنياهو، ابن المؤرخ التوراتي المتوفى بن - تسيون نتنياهو، الذي يرى حدود أمن اسرائيل في بلاد خراسان والملالي والقنبلة الذرية، ولا يراها في دولة فلسطينية مجاورة لاسرائيل، ومجردة من السلاح!
انتصرت اسرائيل في حرب "سداسية الأيام الستة" نصراً خرافيا ساحقا وهي مع خصر نحيف وأهيف، ثم عقدت سلاماً مع مصر، وآخر مع الاردن .. وتسوية سلمية مع الفلسطينيين. سورية تلعق جراحها، والعراق مدمر.
يقول مشروع "الحل بدولتين" بحدود السيادة لدولتين متجاورتين ومتسالمتين، وتقول اسرائيل بحدود الأمن اولاً (كانت غولدا مائير قالت: الحدود حيث يقف الجنود)!
اميركا ضامنة لوجود اسرائيل، وايضاً لتفوقها العسكري على سائر جيرانها، وهي تريد ان تكون ضامنة لأمن اسرائيل واستقلال فلسطين معاً.
المفاوضات لمفاوضين حول السيادة (ترسيم الحدود بين دولتين) علماً ان ليس لاسرائيل، خلاف أي دولة طبيعية دستور يحدّد حدود سيادتها. هل هي "الخط الاخضر" او "حدود اوشفيتس" كما وصفها ابا ايبان، او حدود الجدار الفاصل، او هي حدود الأمن من النهر الى البحر.
لم يتفق المفاوضون حول ترسيم الحدود، ولا حجم وشكل تعديلها عن "الخط الاخضر" بمبادلات جغرافية، واختلفوا حول حدود أمن اسرائيل في الغور وحدود سيادة فلسطين على الغور.
أخيراً، وفي جولته الثامنة، يحمل كيري خطة وضعها الجنرال جون ألن تجيب على سؤال موقع أمن اسرائيل من سيادة فلسطين، وهي حل وسط بينهما.
الفلسطينيون يوافقون على وجود عسكري دولي في الاغوار، مع وسائل تكنولوجية اميركية متطورة، وانذار مبكر ووسائل قتال متميزة تساعد اسرائيل في تقليص تواجد جيشها ومدة التواجد بعد اقامة دولة فلسطين.
اسرائيل تصر على تواجد جيشها في الغور، وتعرض استئجار ارضه لعشرات السنوات، وهذا وذاك يرفضه الفلسطينيون، ويوحي ناطقوها بانه مقدار ما يقبل الفلسطينيون بأمن اسرائيل في الغور، قد تقبل بسيادة فلسطين في ترسيم الحدود بين دولتين.
لا يوفر الاسرائيليون الايحاء بأن الاردن يفضل ان تكون اسرائيل - امنياً هي المجاورة لحدوده في الاغوار، لأن القوات الفلسطينية غير مجهزة او قادرة على حفظ الأمن في الاغوار.
مسألة أمن الاغوار تتراوح بين "السيادة" السياسية و"السيطرة" الامنية الاسرائيلية، ويرى نتنياهو ومناصروه في الحكومة والاحزاب والجيش ان اميركا والدول الخمس الرئيسية خذلت اسرائيل في التسوية المؤقتة مع ايران بشأن مشروعها النووي. لكن، يرى معارضوه انها لم تفعل هذا، وان التسوية السياسية مع الفلسطينيين أهم لاسرائيل من التسوية الامنية الدولية مع ايران!
من الواضح ان اسرائيل لم توافق، في صميمها، على فكرة دولة فلسطينية ذات سيادة وحدود معترف بها، وهي صلب فكرة "الحل بدولتين" لأن اسرائيل دولة قائمة وقوية ومتقدمة على جيرانها.
من الواضح، ايضاً، ان قوة اسرائيل اليوم، عسكرياً واقتصاديا، لا تقارن بقوتها عام ١٩٦٧، ولا قوة جيرانها اليوم قادرة على تحديها وتهديدها كما في ذلك العام.
واضح، كذلك، أن القوات الفلسطينية اذا صارت جيشاً لدولة لا تستطيع تحدي قوة الجيش الاسرائيلي في أي مواجهة بين دولتين، ولا تستطيع فك الارتباط الاقتصادي بين اقتصاد قوي اسرائيلي وآخر ضعيف فلسطيني.
الدول العربية المجاورة مشغولة بأحوالها الداخلية الخاصة، وايران مشغولة بكسب العالم الى نواياها الجديدة السلمية، واسرائيل مشغولة بهواجس امنها الموفور اقليميا ودوليا وذاتياً.
.. واميركا مشغولة باطفاء بؤرة النزاع في فلسطين - اسرائيل، ويبدو كيري مصمما على خلافة وليم فولبرايت، أشهر من تولى قبله رئاسة لجنة الخارجية والأمن في الكونغرس .. وعينه على "نوبل" للسلام!
الأزمة الفلسطينية مع اسرائيل كبيرة ومعقدة، متشعبة وطويلة، وازمة اسرائيل مع اميركا تبدو حول تفصيل ملابس الأمن وتفصيل رداء السلام.. وتفصيل سيادة فلسطين على أراضيها المتاحة لها.

أسبوع آخر من الفلتان
بقلم: عبد الناصر النجار – الايام
ليس بالضرورة أن يكون الفلتان أمنياً، فقد يكون اقتصادياً أو اجتماعياً أو حتى نقابياً.
بدا المشهد الفلسطيني الداخلي الأسبوع الماضي سريالياً كإحدى لوحات بيكاسو، بحيث لا يمكنك التمييز بين القدم والرأس أو معرفة الصواب من الخطأ.. فكلنا على صواب ولو كنا مخطئين من الدرجة الأولى...
تعالوا لمصارحة حقيقية وتغيير اتجاه لوحة حياتنا إلى الواقعية بعيداً عن المبالغة في الألوان أو إضفاء أشكال غير مفهومة .. نحن نتفق جميعاً على أن الإضراب حق لكل العاملين في القطاعات دون استثناء، وسلاح يجب أن يستخدم فقط عندما تصبح وجوهنا أمام حائط مغلق تماماً، ولكنه في الوقت نفسه سلاح ذو حدين، إن لم نعرف كيف نستخدمه، أو إذا استخدمناه بشكل خاطئ.
ونتفق أيضاً على أن القضاء فوق الجميع، والقانون هو خط الدفاع الأخير، وبانهياره سينهار كل شيء.. وأي مجتمع منظم أو غير منظم، دولة أو شبه دولة، سلطة أو غير ذلك لا يحكمه القانون، فإنه سيصبح غابة، غابة قد يأكل كل من فيها بعضهم ... وتصبح دهاليز هذه الغابة مرتعاً للخارجين عن القانون والفاسدين والمفسدين وكل الحالمين بالعبث في كل شيء حتى المقدس منه، ولو كان الوطن..!
أعلن اتحاد المعلمين، نهاية الأسبوع الماضي، الإضراب المفتوح، لجملة أسباب اعتبرها مسيئة للاتفاق الموقع مع الحكومة، وعدم التزام الحكومة بالوعود التي قطعتها سابقاً.. ما أدى إلى خروج أكثر من مليون ومائة ألف طالب إلى الشوارع.
حاولت الحكومة في الوقت نفسه أن تعالج الأمر فجاءت مطابقة للمثل الشعبي "جاءت لتكحلّها فأعمتها".
أخطأ الاتحاد في عدم التعامل مع قرار المحكمة.. فقرار القضاء مقدس حتى لو أجمعنا بشكل مطلق على ضعفه وعلى حاجتنا الحقيقية لقضاء أفضل.. لكن أي كسر للقضاء هو بمثابة تجريع السلطة بشكل كامل السم حتى ولو اعتقد البعض أن الدسم فيه.
كان على الحكومة ألا تنجر إلى مأزق القضاء، ثم تلعب بنار الشخصنة، أي التوجه إلى النائب العام ضد شخوص الأمانة العامة للاتحاد ممثلين برئيسه وبقية الأعضاء. فهي كمن يلعب لعبة تكسير العظام مع الاتحاد... وهذا أمر خطير.. فماذا يمكن أن تعمل لو زجّ بالأمانة العامة في السجن وأعلن المعلمون الإضراب الشامل والمفتوح... هل ستقوم الحكومة بتعيين 40 ألف معلم جديد!!! كما جاء في بيانها أنه في حال تغيب أي معلم ضمن المدة القانونية فسيعتبر مستنكفاً، وسيتم توظيف بديل له... مثل هذه التصريحات تنمّ إما عن عدم معرفة بواقع الأمر أو عن غباء من أصدر مثل هذا القرار...
أوضحت هذه المشكلة أن المعلمين واتحادهم في واد، والشعب في واد آخر، والحكومة في واد ثالث "وكل من فيه يده له"...
جاء قرار نقابة الموظفين ليزيد الطين بلّة... فنحن لا نعرف ما نريد فقد أصبحنا مجرد سلطة رواتب لا سلطة إنتاج أو خدمات حقيقية... ولو خير البعض بين مفهوم القضية والراتب لاختار الراتب.. وبكل بساطة يكون الجواب "لا وطن مع الجوع"...
أمام هذا الواقع المرّ والفلتان الذي بدأنا نشاهد مظاهره في كثير من الأمكنة، رغم المحاولات المكثفة لإعادة الأمور إلى نصابها... نحن أمام خيارات أحلاها أمر من العلقم.... خيار الدعم العربي وهو أضعف من بيت العنكبوت... والدول العربية مستعدة لصرف مليارات الدولارات على الاقتتال الداخلي في سورية... وغير مستعدة لدفع مئات الملايين للشعب الفلسطيني وقضيته التي أصبحت في ذيل الأولويات... والسؤال: لماذا؟! ومن يقف وراء ذلك.. وهل أصبحنا بهذا الضعف والهوان.. وهل وصلنا إلى مرحلة ينظر فيها إلينا بعين الشفقة.. وأين نحن من الرقم الصعب الذي كنا نتغنّى به...
من جهته، يهدد الاتحاد الأوروبي بأنه سيوقف الدعم إذا لم تتقدم المفاوضات... وكيف ستتقدم السلطة أمام هذا التعنت الإسرائيلي العدواني والاستيطاني... وواشنطن لا تترك وسيلة للضغط والقهر إلى استخدمتها ضدنا، لأننا الحلقة الأضعف...
أذكر في سبعينيات القرن الماضي عندما كنا مضطرين للاستماع إلى إذاعة إسرائيل أن قادتها كانوا يقولون إنهم مستعدون للانسحاب من الأراضي المحتلة عام 67 شرط الاعتراف بإسرائيل... كان شرطاً واحداً.. وبعد توقيع اتفاق كامب ديفيد وسقوط ورقة التوت زادت المطالب ومنها الإبقاء على بعض المستوطنات، ثم جاء اتفاق أوسلو الذي كان كالغربال الذي لا يقي من حر الشمس أو من برد الشتاء.. ثم جاء الجدار وتكثف الاستيطان وتطورت المطالب حتى وصلت إلى حد الاعتراف بيهودية الدولة.. وتطورت الحسابات الأمنية عند سلطات الاحتلال.. وأصبحت المطالب تشمل الأغوار والمرتفعات الغربية، وزاد عدد الكتل الاستيطانية من ثلاث كتل إلى عشر في جولات المفاوضات الأخيرة.
إذن هي مجموعة ضغوط داخلية وخارجية على السلطة والقيادة التي ربما لم تعد قادرة على التحمل... النتيجة المنطقية هي الفلتان في كل شيء... فهل سيؤدي هذا إلى انهيار السلطة أم ماذا...؟ إن غداً لناظره قريب، فهل نتعلم جميعاً الدرس أم سنكون كبراقش التي جنت على نفسها؟!.

بين نيلسون مانديلا وعرفات ولحظتنا الجنوب إفريقية
بقلم : حسين حجازي – الايام
رحل الرجل الذي كان برمزيته وحضوره صديقاً لعرفات وفلسطين، وكان الممثل الأخير لتلك السلسلة الممتدة على مدى القرن العشرين، من كوكبة نادرة وفريدة تضم رجالاً وقادة وأنبياء ومخلّصين، قادوا شعوبهم الى الخلاص في مواجهة الأقوياء.
نذرف دمعة عليه اليوم وهو يغادرنا لأنه كان صنواً لعرفات، من نفس معدنه وزمنه، امتازا بذلك التفوق التاريخي على التحديات والصعاب التي واجهاها، وكانا فقط من بين كل الآخرين قادهما القدر ليواجها بالشجاعة نفسها والحنكة عدواً متشابهاً من ذات الطبيعة نفسها، الاستيطان العنصري في جنوب إفريقيا والاستيطان العنصري الإسرائيلي في فلسطين، الأبرتهايد هنا والأبرتهايد الذي هزم هناك. لكن مع فارق في قدر الرجلين والشعبين هنا وهناك، اذ بينما يعتبر السود والبيض في جنوب إفريقيا محظوظين بنيلسون مانديلا على حد سواء، لأنه لم يفكر أحد هناك بقتله والتخلص منه بسُم البولونيوم، فغفر الرجل للبيض الذين لم يكونوا يستحقونه، فإنهم هنا لم يترددوا بالتخلص من عرفات وقتله، ذلك الذي كان بإمكانه صنع السلام لفلسطين وإسرائيل معاً.
واليوم كلمة أُخرى لا بد ان تقال، فإن كان الغرب نكس إعلامه تحية لروحه، فلعلنا يجب ان نقارن رد فعل إسرائيل التي يكشف صمتها الحقيقة الواضحة، ان الاحتفاء العالمي بموته وتخليده كأيقونة ليس سوى التذكير بعدم اكتمال ثورة مانديلا بتحرر الفلسطينيين. وان ثمة النسخة الشقيقة الثانية لجنوب افريقيا هنا في فلسطين، حيث سياسة "الأبرتهايد" تمارس أمام الملأ، يفضح زيفها هذا النفاق في تنكيس الأعلام وعدم ملاحقة قتلة عرفات، فعلى ذات الخطى سار مانديلا وعرفات على خطى ماوتسي تونغ وهوشي منه وفيديل كاسترو واحمد بن بللا وسيمون بوليفار.
الكفاح المسلح والكفاح السلمي الوسيلة الحربية وغير الحربية السلمية وغير السلمية، وهذه كانت استراتيجيتهم كما نظريتهم، وكان في ذلك استثناؤهم في التاريخ..
عن قضية عرفات والعدالة
هل يصدم شعورنا نحن الذين نتوق الى رؤية العدالة الدولية وأنصافنا أخيرا، نحن آخر تجسيد حي لمظلومية العالم ضد شعب مضطهد، وقد بدا ان هذا الإنصاف ممكن حتى خذلنا موقف قضاة فرنسا. فرنسا التي شكرناها، فرنسا التي كرمت رموز الفلسطينيين، وفضل عرفات ارضها وأطباءها عن اطباء العالم، وحين مات زعيمنا مقتولا بالسم إياه نظمت فرنسا الحنون لوداعه جنازة تليق فقط بتكريم أبطالها وقادتها التاريخيين، وحين قدم قبل أسابيع رئيسها فرانسوا هولند زائرا الى مقر المقاطعة برام الله، لم يتردد بأن يضع إكليلا من الزهور على قبر عرفات ويقف دقيقة صمت.
فلماذا يشكك بعض القضاة بأن يكون عرفات قتل مسموما، حتى ليحيلنا كل هذا الالتباس الذي رافق الأداء والدور الفرنسي في القضية، الى طرح علامات السؤال حذرا كأنما في حدسنا الباطني من ضياع العدالة في قضية عرفات. في متاهات ودهاليز لعبة الأمم التي تحركها الأيادي الخفية في كل مرة بحسب كلمة السر التي هي حكر على ماكرين يديرون هذه اللعبة الخفية.
عبرت الزوجة المكلومة التي اسمها في هذه القصة سهى عرفات، عن صدمتها من هذا التناقض بين نتائج التحاليل المخبرية السويسرية وما ذهبا اليه الفرنسيون، وكان هناك شامت واحد في الموضوع اسمه إسرائيل.
عبثا تحاول " يا أبي ملكا ومملكة " قال محمود درويش مخاطبا عرفات في بيروت، لكن الشاعر لم يوضح نبوءته التشاؤمية استنادا الى رهان عرفات على العدالة الدولية الساقطة، ولاحظ الكاتب البريطاني المرموق روبرت فيسك بعد ثلاثين عاما من القاء درويش قصيدته، ان السم الحقيقي الذي قتل عرفات ليس البولونيوم وانما ثقته بأميركا وإسرائيل، حين اعتقد بأن سلام الشجعان ممكن.
اشفق عليك يا سهى عرفات وعلينا لأننا لا زلنا نؤمن بأن العدالة والقضاء الدولي يمكن له ان ينصفنا، إذا كان السياسيون يواصلون خذلاننا لكن هذا التناقض في الواقع ليس الا من قبيل أوهامنا، ورغبة أولئك الأشرار الماكرين بإذكاء هذا الوهم لدينا، من قبيل هذا الاعتقاد الذي أماط اللثام عن ضلاله كارل ماركس مبكرا، حين أشار الى ان البنى الفوقية السياسية والقانونية كما الإعلامية، انما هي انعكاس ظل وصدى وخادم للبنى التحتية العميقة في الدولة المدنية البرجوازية الحديثة، وان هذه العلاقة تستمر لتتميز بأداء دورها ووظيفتها التاريخية، ما بقيت الدولة قائمة اي الى يومنا هذا.
وهكذا فهِم السكان الأصليون من الهنود الحمر في أميركا الى ان الاحتكام الى القضاء الأميركي هو مجرد هراء، لكنما نحن الفلسطينيين الذين نجونا من مصير الهنود الحمر السكان الأصليين هناك، بفضل أصالة هويتنا وثقافتنا، إلا أننا نتوق الى الدخول في نظام الخصم العالمي ونعترف بهذا النظام، لكن هذا النظام يواجه خطيئته نفسها في كون ان هذا النظام هو المشكلة، انعدام استقامة وسلامة المحكومية العالمية.
هكذا ترانا سلمنا منذ العام 1974 بالشرعية الدولية، وفي نهاية المطاف اعترف العالم بشرعية حقوقنا وتم منحنا صفة دولة غير كاملة العضوية، ولكن الواقع يدل ان ذلك تم بفضل حقيقتنا نحن الذين لم تلن عريكتنا، ولأننا بقينا على قيد الحياة اي بفضل صمودنا، نجاتنا التاريخية التي دل عليها حذاقة وبأس ودهاء أبانا المحارب، الذي ما تخلى عن سلاحه كما كوفيته رمز هويتنا، وانه لا منة ولا فضل علينا. فقد تواطأ النظام العالمي على حصار ابو الوطنية الفلسطينية قائدنا، وغض النظر على مرأى قتله على رؤوس الأشهاد، واليوم يحاول التهرب من كشف الحقيقة والمسألة واضحة، لا توجد هنا قوات الاحتلال السورية في لبنان لكي ينعقد مجلس الأمن الدولي، ويصدر القرار بإنشاء المحكمة الدولية الخاصة في التحقيق بمقتل رفيق الحريري، ويجتمع بوش الابن وجاك شيراك ليتآمرا على سحق بشار الأسد وإجباره على سحب قواته من لبنان.
ربما لا نزال في النتوءات الأخيرة ما قبل انتهاء الدور الوظيفي الإسرائيلي في شرق أوسط يعاد تشكله من منظور جيو استراتيجي جديد وتبلور المأزق الإسرائيلي. لكن في غضون ذلك الوقت ولا زال جون كيري لديه الوقت ليقول ان أمن إسرائيل أولوية، وهذا ليس بالضرورة معناه أن السياسة الإسرائيلية لها أولوية كما رأينا في قصة الاتفاق مع إيران، فإن علينا مواصلة لعب أوراقنا بحنكة وذكاء، وفي هذا الصدد يجب مواصلة الدفاع عن قضية عرفات، الذي هو ابو الفلسطينيين جميعا، ولا بأس هنا من مواصلة الطرق في الهوامش التي يتيحها النظام القضاء الدولي كما المجتمع المدني، الرهان على محكومية المجتمع المدني في سبيل الوصول لصنع لحظتنا الجنوب إفريقية، نحن أيضا الذين نتقاسم هذه التركة من حقبة سوداء من القرن العشرين، وأصبحت بمثابة عار الإنسانية، لتذكير الوعي العالمي المناهض للعنصرية والاحتلال بحقيقة، إن هذا العار لم يُزل او يمحى بعد، وان رحيل مانديلا اليوم هو اللحظة المناسبة لإعادة الاعتبار لعرفات، بعدم ترك القتلة يفلتون من العقاب.

هل انتهى المشروع التركي؟
بقلم: صادق الـشافعي – الايام
اعاد تفجر الخلاف بين مصر وتركيا في الاسابيع الاخيرة تسليط الضوء على سؤال: هل لا يزال هناك مشروع تركي لاقليمنا مواز ومنافس للمشروع الايراني، وفي غياب تام للمشروع العربي؟ خلاف تركيا مع مصر ليس كالخلاف مع اي دولة او جهة اخرى. فالعلاقة بينهما ذات جذور تضرب عميقا في كلا المجتمعين اكثرمنها في اي بلد آخر، فلا يزال هناك مثلا عائلات عريقة تعتز باصولها التركية وينظر لها الناس بنوع من التميز الاجتماعي ويطلقون عليهم اسم " التراكوة ". ناهيك عن العلاقات العميقة بين الدولتين اهمية الخلاف انه ياتي ليتوج حالة التراجع التي شهدها المشروع التركي في المنطقة على امتداد السنتين الاخيرتين حتى وصلت حد التساؤل عن استمرار وجوده
لفترة امتدت ما يقرب من عشرة سنوات كانت التجربة التركية تحظى بقبول اهل المنطقة واعجابهم لدرجة اعتبارها مثلا يحتذى والتمني ان تكون لهم تجربة مماثلة. بذلك غزت تركيا المنطقة واهلها غزوا ناعما لا يشبه بحال الغزو العثماني البغيض وما يترسب في الذاكرة الشعبية عنه من صور الاحتلال والاكراه والقمع وهذا كان الاساس الذي قام عليه مشروعها للاقليم كانت الركائز التي قام عليها المشروع التركي للاقليم عديدة ومتنوعة، من اهمها :
- التجربة المتميزة والخلاقة قي المزاوجة بين الخلفية الدينية ومبادئ واسس قيادة دولة مدنية عصرية دونما تضييق على الحريات العامة ودونما فرض او اكراه في العبادات وفي التدين واساليبه. وايضا دونما تدخل مباشر في البلدان المجاورة.
- النجاحات الاقتصادية المبهرة التي ضاعفت حصة الفرد من الدخل القومي عدة مرات، وقادت الى زيادة رفاهية الناس وزيادة الخدمات التي تقدمها الدولة لهم، وفي تطور التعليم والخدمات الصحية وكافة مناحي الحياة الاخرى وهذا ادى في جانب اساسي من جوانبه الى اتساع الطبقة الوسطى وزيادة وعيها لذاتها ولدورها ونتج عن النجاحات الاقتصادية فتح اسواق المنطقة امام البضائع والمنتجات التركية حتى غزت اسواقها.
- الموقف القوي المؤيد للقضية الوطنية الفلسطينية ولحقوق ونضالات الشعب الفلسطيني ومناهضة الاحتلال الصهيوني وسياساته.
- الانفتاح الايجابي على دول وشعوب المنطقة على قاعدة صفر مشاكل والغاء تأشيرات الدخول للمواطنين بين تركيا وتلك الدول.
- ثم كان هناك شخصية اردوغان الكاريزمية التي ظهرت في وقت تشكو بلداننا العربية من جوع لشخصية كاريزمية عربية تحمل مشروعا قوميا او حتى قطريا.
لكن هذا الوضع بدأ بالتغير الهادىء والبطيء بعد بداية الربيع العربي، ثم بشكل واسع ومتسارع بعد بضعة شهور فقط من بداية الحدث السوري بدأت الخلفية الدينية لحكام تركيا تطفو على السطح لتشكل الاساس والناظم لسياساتهم ومواقفهم من التطورات في المنطقة. والاهم، انها قادتهم بوضوح وصراحة باتجاه الانحياز الى قوى تيار الاسلام السياسي سواء كانوا في الحكم او يسعون له بذلك بدأوا يمارسون الحكم ويحددون مواقفهم وعلاقاتهم كفرع من حركة سياسية اسلامية عابرة للحدود بعد اشهر قليلة من تفجر الحدث السوري انحاز الحكم في تركيا علنا وبكليته لجانب قوى المعارضة. وتعدى انحيازه حدود التاييد والدعم السياسي والانساني ليحوّل تركيا الى القاعدة الاساسية لقوى المعارضة وهيئاتها، وبوابة العبورالاهم لتنقل مقاتليها ولادخال السلاح والعتاد وكل المستلزمات، ولاعبا اساسيا في تقرير مواقفها فعلوا ذلك بغطرسة ايقظت مخاوف الكثير من الناس من توجهات عثمانية كانت مبطنة وكأنها تسعى الى استعادة امجاد ايام " شام شريف" والولايات العثمانية وما زاد الامر سوءا ان اهل الحكم في تركيا قاموا بذلك الدور بالتنسيق والانسجام التامين مع دول الغرب بقيادة الولايات المتحدة وفي توافق تام مع سياساتها واهدافها حتى الموقف المؤيد للقضية الفلسطينية، وجهته الخلفية الدينية المشار لها نحو دعم حماس والانحيازغير المبرر لها والتجاوب مع طموحاتها السياسية الخاصة ودعمها التغير الذي حصل على الحكم في تركيا طال ايضا الوضع الداخلي، على شكل اعتراضات على ممارسات ومشاريع معينة رأت فيها الناس اعتداء على بعض حقوقها وحرياتها، وقد تعامل الحكم معها بنفس الاساليب المرفوضة بوصف المعترضين بصفات غير لائقة واستعمال درجة من العنف في فض الاعتراضات اعلى بكثير من الضرورة اما اردوغان نفسه فقد طالت كاريزميته شكوك كبيرة بسبب قيادته للسياسات والمواقف المذكورة آنفا، فلا كاريزما شعبية بدون مواقف شعبية ثم بسبب تمسكه بالسلطة وسعيه الى الانتقال من موقع رئيس الوزراء الى موقع رئيس الجمهورية واصراره على اخذ كامل صلاحياته معه، لدرجة الذهاب الى تعديل الدستور
التغيير التركي تواصل وتصاعد حتى وصل ذروته في الموقف من التغيير الذي حصل في مصر بارادة جماهيرية عارمة، فقد اعلن الحكم التركي معاداته للتغيير الذي حصل ومناهضته للنظام الذي نتج عنه. ومارس هذا الموقف بالدعم السافر لقوى نظام الاخوان المنصرف ولممارساتهم التخريبية والدموية، وبالتدخل السافرفي الاوضاع الداخلية المصرية، وبتحويل تركيا الى المركزالذي تلتقي فيه اجنحة وقيادات حركة الاخوان المسلمين خارج مصر لتخطيط وتمويل التدخل ودعم النشاطات التخريبية.
بكل ما تقدم انتقل موقع تركيا على مستوى المنطقة العربية واهلها من موقع الاجماع في الترحيب والتأييد والقبول العالي لها ولمشروعها الاقليمي الناعم، الى موقع الجدل المتشككك والمتخوف، ان لم نقل الى موقع الرفض والمعارضة وهذا ما يعطي الاساس للتساؤل حول انتهاء المشروع التركي للاقليم فبدون قبول وترحيب الناس، اوحتى اغلبيتهم، لا مجال للحديث عن وجود او استمرار لاي مشروع
هل يمكن ان نطمح بان يكون بديل المشروع التركي، مشروعا عربيا تلعب مصر بعد تعافيها دورا اساسيا في بلورته وقيامه وتطويره؟.
الجزائر ... حكايتي مع المياه وحقوق المستهلك
بقلم: صلاح هنية – الايام
منذ اربعة اعوام مضت بدأت حكايتي مع قطاع المياه من واجهة حقوق المستخدمين المستهلك، البداية كانت ضبابية يشوبها ما يشوبه في التقليد الفلسطيني الراسخ أن هناك مجموعة تعتبر نفسها في فلسطين قد اغلقت صندوق المعرفة في المياه بعد أن نهلت منه حتى شبعت وهي الاعلم بالمواصفات ومعايير الاعتماد وجودة الشبكات والتشغيل والضخ، وبقيت اعتبر نفسي منقبا في هذا القطاع باحثا عما هو أكثر من يوم المياه العالمي والتركيز على ترشيد الاستهلاك والمياه نقطة الحياة، بقيت ادور حول نفسي حتى نلت شرف المشاركة في اسبوع المياه العربي ومن ثم مؤتمر المياه العربي الخامس والان انهي مشاركتي في مؤتمر المياه العربي السادس في الجزائر.
هناك بدأت العلاقة تتعمق مع هذا القطاع وبدأت دائرة توسيع الخبرة والمعرفة تتفتح رغم إصرار بعض رموز القطاع المائي الفلسطيني على حصر الأمر بالتحصيل وآليات التحصيل ومن ثم الذهاب صوب عدادات المياه المسبقة الدفع المرفوض إنسانيا وعالميا وعربيا واينما وليت وجهك، وأبعد من ذلك تبقى الأمور تدور في فلك ليس من أولويات فلسطين.
تعلمت على مدار مشاركاتي الاربع في نشاطات الجمعية العربية لمرافق المياه ( أكوا) مثلا أن معضلتنا في إدارة البلديات والمجالس القروية لقطاع المياه وتراكم المديونية التي تضغط على خزينة دولة فلسطين باتت وراء ظهر الدول العربية التي إعادت الادارة للوزارات التي فوضت الإدارة لمؤسسات فرعية تحت اشراف المشرع المنظم على قاعدة الجودة ومنح عقود تحصيل ضمن معايير المكافأت التحفيزية لمن يزيد تحصيلهم بصورة عصرية بعيدة عن عدادات الدفع المسبق وبعيد عن القطع غير المنطقي لخدمة المياه، ونجحت التجربة واستمعنا لتفاصيلها في مؤتمر الجزائر.
ما لفت نظري من واجهة حقوق المستهلك أن وزير الموارد المائية الجزائري نسيب حسين أعلن في الجلسة الختامية للمؤتمر أن الجزائر تضع تحسين خدمات المياه ضمن قانون حماية المستهلك بحيث يحاسب عليها من حيث قانون المياه ومن حيث حقوق المستهلك، وكانت دعوتنا أن تتبنى الدول العربية كافة هذا التوجه وتعمل دولة فلسطين في هذا الاتجاه خصوصا أن أزمة المياه في بعض المحافظات في الصيف لا تجد ما يحمي المستخدم النهائي من سوء الخدمة ضمن قانون حماية المستهلك.
يشتعل الفكر في قطاع المياه في المؤتمرات العربية وبمجرد أن ترفع يدك طالبا الكلام وتقول أنا من جمعية حماية المستهلك وأريد أن أعرف حقوق المستهلك تتحول أنظار المتحدثين صوبك تستمع بانصات، ليس انصاتا لشخصي بل لصوت المستهلك، وتنهال عليك الاجابات التي توضح وتشرح وفي ذات الوقت يأتي اليك شخص على هامش الاستراحة بين الجلسات ليقول : يبدو انك لم تقتنع بالجواب اليك تلك الوثائق واالتعرفة واحتسابها.
تشتعل فيك بعد هذه المشاركات مجموعة من الاستفسارات التي تطرح امام صناع القرار الفلسطيني في قطاع المياه الفلسطيني "لماذا تصرون على عدادات المياه مسبقة الدفع في منظومة مياه متقطعة تعيش على مدار ايام الصيف ازمة خانقة قاتلة؟" "لماذا تصرون على غياب تنظيم قطاع المياه بحيث يصبح لدينا ثلاثة مصالح في شمال وجنوب ووسط الضفة الغربية ومصلحتان في قطاع غزة تحت مظلة مجلس المياه الوطني مجلس تنظيم قطاع المياه أي شيء ترونه مناسبا تماشيا مع الرؤية العربية بخصوص تحسين الاداء في مرافق المياه العربية"
لم يعد مقبولا أن تخرج الوفود إلى اسبوع المياه العربي ومؤتمر المياه العربي عاما بعد عام ومؤتمر المياه العالمي وعرض برلين للمياه ومعرض ايفاد وورش عمل متخصصة في المياه وبعضهم يقدم اوراق عمل ملائكية ونظل ندور في ذات الحلقة السلبية "التحصيل" "عدادات المياه مسبقة الدفع" "من هو على حق في موضوع المياه البلديات والمجالس القروية أم سلطة المياه الفلسطينية ودائرة مياه الضفة الغربية".
لم يعد مقبولا أن نبقى نكرر انفسنا في قطاع المياه الفلسطيني دون تجديد على الأقل ليقدم الخارجون إلى تلك المؤتمرات والذين يصرون على انهم خبراء مياه وليسوا ممثلين لمؤسسات خلاصة تجربتهم لمن يحبون في دولة فلسطين وليطلعوا من يحبون في دولة فلسطين على خلاصة التجربة العربية والتجربة الاوروبية ومعايير الاعتماد المهني في الولايات المتحدة الأميركية ومكونات التوعية المائية وغيرها.
لن أكون ملكيا أكثر من الملك ولكنني أصر أن نحمي المستهلك الفلسطيني من ظلم واستبداد عدادات المياه مسبقة الدفع، ومن غياب مجلس تنظيم قطاع المياه دون مبرر، وان نحمي المستهلك الفلسطيني من أي ضرر يقع عليه جراء انقطاع المياه أو ارتفاع اسعارها أو خراب وعطل مضخات وأبار يتأخر انجازها تسبب أزمة مائية هنا وهناك.
ولن أكون ملكيا أكثر من الملك ولكن سنسعى أن نجعل من تحسين جودة خدمات المياه جزءا من قانون حماية السمتهلك الفلسطيني كما علمتنا الجزائر في مؤتمر المياه العربي السادس الذي انفض أول أمس الخميس.
وخاتمة القول أن أدب البكائيات على ضياع المياه الفلسطينية بعد سرقتها من الاحتلال لم يعد جذابا في المؤتمرات العربية للمياه ليس لشئ الا لأن هذه المنابر علمية مهنية لتحسين جودة الاداء ومعايير الاعتماد وايجاد مواصفة عربية موحدة تشكل دليل عمل ولأننا بصدد معايير الاعتماد للتشغيل.
وطوبى للجزائر ... وطوبى لمدرسة هواري بومدين ( انا مع فلسطين ظالمة أو مظلومة ) وهذا ما شاهدناه وعايشنه ووقف شعر رأسنا مما لمسناه من هذا الحب الغامر، وقد نكون لم نعد نحب أنفسنا ولا ترابنا الوطني ولا اجيالنا القادمة بقدر حب الجزائر لنا.

فكر 12
بقلم: رامي مهداوي – الايام
شاركت خلال الأيام الماضية بالمؤتمر الثاني عشر لمؤسسة الفكر العربي"فكر12" الذي حمل عنوان: تحدي سوق العمل في الوطن العربي: 80 مليون فرصة عمل بحلول 2020.
عقد المؤتمر في دولة الإمارات العربية المتحدة_دبي، وهنا اسمحوا لي أن أضعكم في هذا المقال برحلة سريعة للأمور التي أعتقد من المهم أن أضعها أمام أعينكم، وقبل البدء يجب أن أشكر السيد حمد بن عبدالله العماري المدير التنفيذي لمؤتمرات فكر والأمين العام المساعد لمؤسسة الفكر العربي على جلسة فنجان القهوة_ على رغم من الضغط العملي ومتابعته مجريات المؤتمر_ والتحدث عن القضايا والهموم العربية وبالتأكيد عن الواقع الفلسطيني.
كنت ومازلت وسأبقى فخورا بالشباب الفلسطينيين، فهم الأمل لا مستقبل بغيابهم، والدليل على الجملة السابقة هو الشباب المشاركون في هذا المؤتمر، لا يوصف شعوري عندما تم الحديث عن الأسير حسن كراجه سفير مؤسسة الفكر العربي المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلية، وعندما تم عرض مشروع ميساء خالد الشاعر خبيرة وسائل الإعلام المجتمعي، ومشروعها هو عبارة عن موقع الكتروني لتنمية الجانب الثقافي والسياحي للشباب العرب عن طريق تنظيم جولات تعريفية على أرض الواقع. صديقي جهاد شجاعية عرض قصة نجاحه الفلسطينية لإسناد الطلبة " مبادرة من طالب الى طالب".
والجميل أيضاً هو أن تفوز مؤسسة النيزك بجائز الإبداع المجتمعي للعام 2013 تقديراً لتجربتها الفريدة في الإسهام بالنمو الفردي والمجتمعي، وفاز الإخوة سمير ووسام وعدنان جبران"الثلاثي جبران" بجائزة الإبداع الفني، وذلك بإنتاجهم نتاجا موسيقىا شبابيا يجمع الأصالة والتحديث والتجريب. بكل فخر أقول هؤلاء هم مستقبلنا.... إلى الأمام يا شباب.
عند افتتاح المؤتمر تكتشف المعنى الحقيقي لكلمة التواضع... المعنى الحقيقي بتواصل المسؤول مع وسائل الإعلام والحضور، تكتشف معنى التواضع بتواضع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتواضع الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة رئيس مؤسسة الفكر العربي، أغمضت عيني فقلت لنفسي ما قاله الشاعر ملئُ السنابل تنحني بتواضع و الفارغاتُ رؤوسُهن شوامخُ.
خلال مدة المؤتمر تعرفت على صانعي قرار بمختلف المجالات والقطاعات الحكومية والأهلية والقطاع الخاص من دول عربية مختلفة، الجميع نعم الجميع كان يتحدث بلغة تحمل المسؤولية، وليس فقط يكتفي بالتحليل ليصبح محلل سياسي أو إقتصادي وهو صانع القرار، كما هو الحال في مؤتمراتنا يصبح صانع القرار يتحدث لغة الشارع والمواطن العادي، لا أحد يهرب من تحمل المسؤولية، حتى في الجلسة المغلقة التي شاركت بها بحضور رؤساء تحرير الصحف العربية وكبار الإعلاميين جرى النقاش بشكل موسع حول دور وسائل الإعلام في إستحداث فرص عمل، الجميع تحدث بروح المسؤولية ولم يكن فقط وصف للظواهر، بل من سيعمل ماذا؟ وماذا سيعمل الكل من أجل الكل؟
وهنا سأضع بعض الأفكار التي تم تداولها بخصوص تلك الجلسة للتفكير معاً حولها: الصحافة الإلكترونية أصبحت تكرس قيماً سلبية حول العمل، الإعلام الحر هو من يشكل أداة ضغط مجتمعي يسهم في إحداث التغيير بالسياسات الحكومية نحو تلبية احتياجات المواطنين، على وسائل الإعلام تشجيع المبادرات الفردية، والتعريف بنوعية فرص العمل المتاحة وفرص العمل الجديدة ونوعية العمل المطلوبة، كشف قضايا الفساد من خلال وسائل الإعلام هو أهم محركتنموي في خلق فرص عمل.
من زاوية أخرى، تم عرض تقرير أصدرته مؤسسة الفكر العربي بالتعاون مع شركة برايس وترهاوس كوبرز يهدف الى تحديد الاحتياجات المستقبلية لسوق العمل في الوطن العربي، أعتقد بأن النتائج كانت مثيرة لاهتمام الكثير، وهناك من لم يتوقع مثل هذه النتائج بأن تخرج من خلال هذه الدراسة الاستقصائية:
• العبء الأكبر يقع على عاتق القطاع الخاص في رفع مستوى الأعمال الحرة وقيادة النمو في الشركات الصغيرة.
• الغالبية العظمى من المشاركين في المسح يشعرون بأن أحداث "الربيع العربي" لم يكن لها تأثير كبير فيما يتعلق بالبطالة بين الشباب ويتوقع 65% من المشاركين أن يتحسن اقتصاد المنطقة في السنة القادمة.
• على الحكومات في المنطقة اتخاذ نهج أكثر إستراتيجية لمكافحة البطالة، وأن لا يكون ذلك فقط للدعاية الانتخابية أو للاستهلاك الإعلامي.
• هناك خلاف بالرأي بشكل كبير وواضح فيما يتعلق ببعض القضايا، أبرزها وجهات نظر المشاركين من دول مجلس التعاون الخليجي وبقية الوطن العربي.
• 46 % من المشاركين في المسح غير موافقين وغير موافقين بشدة على ان نظام التعليم في دولهم يخرج الأفراد المؤهلين لتعزيز الاقتصاد.
على أية حال، أن التكامل الإقليمي العربي سيساعد الشباب العرب في التصدي لتحديات البطالة، لهذا علينا عدم الهروب من الواقع بتحاشي المناقشات الصعبة، بل علينا الاعتراف بها ومواجهتها لما للتكامل الإقليمي من قوة تحتاجها الأجيال العربية اليوم أكثر من أي وقت مضى.
"فيش وتفتيش"
بقلم: وليد بطراوي – الايام
في مصلحة مياه رام الله تصل الى صندوق "الكاش" بكل سهولة، وكيف لا وانت هناك لتدفع. اما اذا أردت الدخول الى ما وراء "الكاونتر" الرئيسي لمقابلة احد الموظفين، فإن عليك ان تسلم هويتك الشخصية، ويتم تسجيل اسمك ورقم هويتك وساعة دخولك وخروجك ووجهتك، ولن استبعد ان يتم تفتيشك! قد يقول قائل ان هذا الاجراء لضمان سلامة الموظفين وخاصة ان هناك العديد من الحوادث التي وقعت وقد تقع. لكن للاسف يشعر المواطن بانه محط اتهام وشكوك في كل الاوقات، ولا يعني وقوع حادثة بين الحين والآخر ان الجميع يأتي الى هناك لافتعال المشاكل، ويجب ان يتم وضع آليات اخرى لضمان سلامة مرافق المصلحة. وانا على يقين ان من يريد ان يفتعل مشكلة او ان يعتدي على احد، لن يمنعه "الكاونتر" ولن يثنيه عن ذلك تسليم الهوية وتسجيل اسمه!
مدان حتى تثبت براءتك
"انا الموقع ادناه ........... حامل هوية رقم ........... وبصفتي صاحب محلات .......... ومشتغل مرخص رقم ............. وهاتف رقم ................ وعنوانها ...................... اتعهد والتزم بما يلي:
1- الالتزام الكامل بقانون حماية المستهلك رقم 21 لسنة 2005 ولوائحه التنفيذية رقم (17) لسنة 2009
2- الالتزام بقانون حظر ومكافحة منتجات المستوطنات."
هذا بعض ما جاء في وثيقة تعهد طلبت وزارة الاقتصاد الوطني فيها من احد التجار ان يوقع عليه، وهو ما رفضه، لأن ما يُقرأ بين السطور انه يعترف ضمناً بمخالفته للقانون وان توقيع هذا التعهد يدينه حتى تثبت براءته.
"مش زي الزفت"
اغلب الظن ان استخدام اللون الاسود "الزفت" في الاسفلت لتعبيد الشوارع لم يأت من فراغ، بل جاء لان استخدام اي لون آخر لا بد ان يعكس اشعة الشمس، ما يؤثر على من ينظر الى الاسفلت. السؤال لماذا يعكس "الاسفلت" في بلدنا اشعة الشمس؟ سؤال بريء لا اقصد فيه التشكيك في خلطة الاسفلت. كل شي عندنا "زي الزفت" ما عدا "الزفت" نفسه!
نواعم
صباح كل يوم، يهم شاب ليضع على جانب الطريق صينية "نواعم"، تجتذب الكثير من عابري السبيل الذين، وفي سبيل "النواعم"، يوقفون مركباتهم في وسط الشارع! بعضهم يترجل من المركبة تاركاً اياها وسط الشارع، والاخر لانه "نواعم" لا ينزل منها بل يطلب من الشاب ان يعمل delivery لباب السيارة. اما من لا يشتري "نواعم" فعليه ان ينتظر حتى يفتح من يعيق حركة السير الطريق. يعني "الشاري وال ......" واحد!
لو كنت مسؤولاً
وبالتحديد في منصب كوكيل وزارة او مدير مؤسسة مجتمع مدني، او مدير مدرسة لما خالفت السير يومياً بدخولي عكس السير في طريق باتجاه واحد. ولما فعلت ذلك باصرار، والقيت التحية على من يقابلني ويلتزم بالقانون، وكأنني اقول له "صباح الخير، انا مخالف، ومش خجلان".
الشاطر انا
الوقت من ذهب، والوقت مثل السيف، يعني الشاطر لازم يستغل كل دقيقة من وقته. انا لما بسافر بستغل الوقت مش بس خلال الانتظار وكمان بفكر لبعيد وللمرات الجاي. يعني بضيع وقت الانتظار وانا براقب الناس وبفكر وبسمع قصصهم وبدوّنها في راسي لانه ممكن ينتهي فيها المطاف هون، يعني في "ومضات". بس الاشطر انك تفكر لبعيد، يعني مثلاً لما بيوزعوا علينا البطاقات اللي بنعبيها ع الجسر، ما بكتفي بوحدة، باخذ تنتين. سألتوني ليش؟ يا شاطرين علشان المرة الجاي من وانا في الاستراحة اعبيها مش أستنى لأوصل مكب الحقائب. ولاني شاطر وبدي الحق كل شي قبل كل الناس اول ما يبلش الباص يوقف، بوقف انا كمان وبصير ازاحم انزل حتى لو الباب مش مفتوح. وامنيتي انه يكون جسمي بيتفكفك لقطع، علشان اوزع كل قطعة في محل، قطعة تروح تشتري تذاكر، وقطعة تجيب الشنطة، وقطعة تعبي البطاقة، وقطعة تحجز محل، واذا في قطعة زيادة تسبقني على كاونتر ختم الجوازات بيكون احسن، وومكن قطعة اضافية تحجز دور في التاكسي! وبالمناسبة مع كل قطعة من قطعي بجيب بكتين دخان وشوية معسل، وبهيك بكون all in one

تغريدة الصباح - وداعاً "بافانا".. وداعاً مانديلا
بقلم: عدلي صادق – الحياة
على كثرة ما ألهَمَتْ وقائع حياته، موسيقين ومؤلفي دراما وأغنيات، ومخرجين سينمائيين، وشعراء وفنانين تشكيليين؛ فإن فيلم "وداعا بافانا" قدّم نيلسون مانديلا في حياة السجن، بمفارقاتها وأوقاتها، وبمغالبات روح وفكرة الحق والحرية؛ لجبروت السجان والأصفاد والباطل البذيء. فلا يضاهي الفيلم الذي اعتمد الحكاية التي رواها السجان نفسه، سوى مجموعة أغنيات فرقة الروك البريطانية "سبيشالز" التي اختصت أبا الأمة الإفريقية ونضال شعب جنوب إفريقيا ضد نظام الفصل العنصري؛ بأعذب ألحان موسيقى "سكا" الجامايكية: "أطلقوا سراح مانديلا" و"دُعيت لأن أقول إنني أحبك.. وحسب"!
كان السجان الأبيض جيمس غريغوري، قد تسلم المسؤولية عن الزنزانة وحبيسها، رقابة وتدبيراً لشؤون حياة استثنائية في مرارتها. اختاروه لأنه متطرف عنصري، يتكلم لغة الـ "خوسا" المحلية. يقول إنه تعلمها من الاحتكاك بأطفال العبيد في مزرعة أبيه. غير أن مناقب السجين، ورباطة جأشه، وأخلاقه، وتسامحه، ومحبته الإنسانية؛ غيّرت طباع السجان وقناعاته، حتى بات عاجزاً عن إبلاغ ويني مانديلا، السوداء التي يُفتَرض إنه يمقتها، أن الزيارة انتهت وأن عليها المغادرة. فقد بات يقول لها: سيدتي، ربما يكون قد تبقى لك خمس دقائق، لكي تتفضلي بالعودة الى المنزل!
تقهقرت لغة السجان وفكرته وقناعاته، أمام إصرار السجين على طلب العدالة لشعبه. كان ذلك في سجن "روبن آيلاند" الذي زاره الرئيس أوباما متأسياً على ضحايا ماض عنصري، متجاوزاً حقائق التاريخ البعيد والقريب، ومنها أن الولايات المتحدة نفسها قد تأخر تعقلها حيال مانديلا الى العام 2008 عندما "أهدت" للرجل في عيد ميلاده التسعين، مرسوماً وقّعه بوش الابن، يقضي برفع اسم نيلسون مانديلا، من قائمة من يسمونهم بـ "الإرهابيين". واليوم تنكّس الولايات المتحدة أعلامها، إظهاراً للحزن على "الإرهابي" الراحل!
ليست "بافانا" التي يُكثّف فيها السجان التائب، وصفه للسجين، ويبوح بمشاعره عندما ودع مكافحاً من أجل الحرية؛ إلا اللفظ الذي يطلقه المتكلمون بـالـ "خوسا" على جمع من الأولاد الصغار. هم أولئك الذين تعالى عليهم وتأفف منهم السجان في طفولته، كلما رآهم في مزرعة أبيه القائمة على أرضهم. فجيمس غريغوري، هنا، كمن يعتذر بحُرقة. فقد نشأت الصداقة بينه وبين رجل يختزل الأولاد السود، في جوهر مشاعرهم وأمنياتهم. هو الآن كمن يألم على الفراق، مثلما يودع المحب حبيباً. فقد تقهقرت عفونته وتطهرت روحه، أمام أخلاق الثائر وإنسانيته؛ فأسدى صفاؤه خدمة للبيض، ترسيخاً للتسامح في روح الزعيم الأسود!
كان مانديلا رجلاً ذا وطنية إفريقية تجذرت في ثقافته وسلوكه. قناعته بالديموقراطية لا حدود لها، واتسمت بحماسة مدهشة. لطالما دعا الى الامتثال لقرار الأغلبية حتى في حال مخالفتها لقناعاته، لأنها أولاً وأخيراً نابعة من الحق الطبيعي للإنسان في الاختيار. وعلى الرغم من كونه اشتراكياً؛ فقد انفتح على الرأسمالية وعلى ملاك الإقطاعات وعلى ذوي الرساميل الكبيرة. تأثر بالماركسية في سنوات نضاله الأولى، ودافع عن الاشتراكية العلمية، لكنه نفى كونه شيوعياً أما المحاكم العنصرية والناس. بعض مؤرخي سيرته يقولون إنه لم يقل الحقيقة، لأنه دعا في "ميثاق الحرية" الذي أسهم في كتابته في العام 1955 الى تأميم البنوك ومناجم الذهب وإقطاعات الأراضي من الملكيات الشاسعة، لضمان توزيع عادل للثروة. لكنه عندما تسلم الرئاسة، لم يؤمم شيئاً خشية ترهيب المستثمرين وإبعادهم. فقد تأثر في ذلك بسقوط المنظومة الاشتراكية!
تأسست للرجل مكانة أخلاقية رفيعة في العالم، لانحيازه الظاهر لقضايا الحرية. كان له سحر الشخصية القانعة الهادئة الواثقة من نفسها، كلما تحدث للآخرين، حتى من خصومه. وفيما هو يصادق المليونيرات وكبار المتمولين؛ لم يتجاهل موظفيهم الصغار ومساعديهم فكان يختصهم بوداد شخصي. عُرف عنه حرصه على أن يتقصى المزايا الأفضل عند كل إنسان حتى من الخصوم السياسيين لحلفائه. عنيد في وفائه، ما اقتضى في بعض المناسبات أن ينفجر في عاصفة عضب حارة. لكنه يقابل الإشاعة بالدعابة، وأظهر ولعاً بالتنكيت اللاذع، كلما تقصدته أقاويل باطلة!
في هندامه، هو الوجيه الإفريقي حتى النخاع. ظل ماكثاً في نمط ملوك قبائل الأدغال من الملبس، متأثراً بطفولته في جوار منزل ملك قبائل الـ "ثيمبو" الجنوب إفريقية. ظل حريصاً على القمصان المزركشة بألون أشجار الغابات على الضفاف، مع تركيز لافت على الصورة واللقطة، مؤمناً أن لباس الإفريقي هو أيقونة ثقافته، وبرهان حُسن مخياله في الفن وفي الذوق الاجتماعي!
مثلما ودع السجان طيف "بافانا" في شخصه؛ نودع اليوم واحداً اختزل في حكاية عمره، ملحمة الصبر والألم والأمل. إنها حكاية يحتذيها كل الذين يألمون ويأملون، ويتعين عليهم الصبر حتى يتقهقر السجان الاستيطاني الظالم، أمام منطق الحق والعدالة وصلابة المناضلين!

مانديلا في ذاكرة التاريخ
بقلم: عادل عبد الرحمن – الحياة
ترجل اول امس رجل من صناع التاريخ البشري، أسكنه الموت على سرير الراحة الابدية، غادر نلسون مانديلا فضاء المشهد الانساني الفاعل، ترك الميدان لاجيال جديدة من بني شعبه وشعوب الارض تواصل مشوار صناعة الحرية والعدالة الانسانية.
مانديلا الجنوب افريقي امتشق سيف النضال منذ اربعينيات القرن الماضي مدافعا عن شعبه من القهر والاستبداد العنصري، رغم انه سليل عائلة ملكية (عائلة تيمبو)، لكنه رفض الظلم الواقع على ابناء جلدته، فانخرط في صفوف الكفاح وواجه وتحدى السلطات العنصرية بثبات من خلال المنابر والاطر الشبابية ( رابطة شبيبة المؤتمر) والسياسية الفاعلة (المؤتمر الوطني الافريقي) في بلاده. وكان محاميا رائدا في الدفاع عن حقوق شعب جنوب افريقيا واعراقه ومركباته المختلفة، لاسيما وانه درس الحقوق 1950 1954. الامر الذي أودى به الى متاهات السجن منذ العام 1961، ثم الاعتقال الاطول في حياته، وحياة البشرية، الذي استمر (27 عاما) حتى ذلك التاريخ، الذي تجاوزه اسرى الحرية الفلسطينيون في سجون الاحتلال الاسرائيلي، حيث سجلوا رقما قياسيا جديدا فاق سنوات اعتقال مانديلا، حتى وصلت الى حوالي الـ (35 عاما) للعديد من المناضلين.
بعدما خرج مانديلا من سجون العنصرية في بلاده، قاد المؤتمر الوطني الافريقي، ومن خلال موقعه القيادي قاد المفاوضات في العام 1990 مع الحكومة العنصرية، التي نجحت في الوصول إلى وضع نهاية مشرفة للعنصرية البيضاء، وترشح للانتخابات الرئاسية في 1994، التي فاز فيها، وبقي رئيسا حتى العام 1999 لجنوب افريقيا، تولى خلالها رئاسة منظمة عدم الانحياز 1998 / 1999.
من خلال تجربته الريادية في الكفاح التحرري، مثل مانديلا رمزية عالية ليس في حدود بلاده جنوب افريقيا او حتى في حدود افريقيا، بل على صعيد العالم كله. حتى بات رمزا لكفاح شعوب الارض كلها ليس فقط في بعده السياسي، بل في ابعاد العدالة الاجتماعية والحريات.
لذا دخل نلسون مانديلا المقاتل الاممي العظيم التاريخ من اوسع ابوابه، مسجلا باحرف من ذهب صفحة ناصعة في سجل التاريخ البشري في ميدان مناهضة والانتصار على العنصرية البغيضة في بلاده ودول العالم قاطبة. وسيبقى الرئيس الجنوب افريقي رمزا ملهما لشعوب الارض في الدفاع عن حرياتها واستقلالها وتطهرها من ادران العنصرية المميتة.
بقي مانديلا نصيرا لشعوب الارض وتحررها، وكان للشعب العربي الفلسطيني نصيب مهم من مواقفه الشجاعة، حيث اعلن بقوة وشجاعة دعمه لحقوق الشعب العربي الفلسطيني في الحرية والاستقلال واقامة دولته الوطنية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وبقي على تواصل مع القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس ابو مازن. كما ناصر القضايا العربية كلها. ومازالت قيادة جنوب افريقيا حتى اليوم تواصل ذات السياسات، التي ثبتها مانديلا العظيم، وتعمل بروح تلك السياسات الاممية الشجاعة.
البشرية من اقصاها إلى اقصاها ستبقى تتذكر المثل والقيم العظيمة، التي تمثلها وكرسها الراحل الاممي الشجاع مانديلا في كفاحه، التي ستبقى احد اهم مداميك بناء البشرية العادلة الخالية من الاستعمار والتمييز العنصري والاستغلال الطبقي الفاحش وكل اشكال القهر والاضطهاد. وسيبقى اسم مانديلا وضاء ومنيرا في فضاء البشرية على مدار التاريخ البشري في حقبه القادمة.
ملاحظة: فاتني ان أشير لملاحظة وصلتني قبل عدة أيام حول معرض الكتاب الدولي الثاني في العالم المكسيكي، اولا الناشط الفلسطيني المقيم في المكسيك، هو شادي روحانا وليس عمر البرغوثي، الذي يقود حملة المقاطعة في رام الله. ثانيا: موقع "آفاز" ليس سوى موقع تجمع عليه التواقيع للعرائض والبيانات. ثالثا شكرا لدار الفيل للنشر على لفت نظري للملاحظات المذكورة آنفا.

اسرائيل: دولة تفتش عن جنسية؟!
بقلم: د. أسعد عبد الرحمن – الحياة
لا يزال الجدل قائماً حول هوية "دولة اسرائيل" وهوية (مواطنيها) منذ قيامها في العام 1948. وربما تكون "اسرائيل" هي الوحيدة في هذا العالم التي ترفض اعطاء اسمها كهوية قومية لمواطنيها.
وتعود الأسباب الحقيقية لعدم التوافق في اسرائيل على جنسية تحدد الهوية الوطنية للدولة ولمواطنيها من ضمن الهويات الوطنية المطروحة (الهوية الاسرائيلية، الهوية اليهودية، والهوية العبرية) الى عوائق تاريخية فقهية دينية كبرى تمنع استعمال الهوية الاسرائيلية كهوية قومية وطنية للدولة الصهيونية ومواطنيها. وتبدأ "المسألة" بمعنى اسرائيل التوراتي، عندما تغلب النبي يعقوب في جهاده الاكبر المقدس على نفسه المادية وعقله المادي الاناني وغير اسمه الى اسرائيل: "اسرا" أي "السير في ظلمة هذا العالم المادي مع "ئيل" أي مع الرب تعالى". كما لم يكن في وقت من الاوقات، وفقاً للتوراة، أية ولاية أو مملكة تدعى مملكة اسرائيل أبداً، و"بني اسرائيل" هم بني يعقوب عليه السلام الذين تغلبوا على أنفسهم المادية الأنانية. ان المعنى التوراتي للصفة اليهودية يكمن في أن اليهودي هو المنتمي الى قبيلة "هودا" أحد أولاد يعقوب الاثني عشر، وهي القبيلة الوحيدة التي بقيت على ملة النبي ابراهيم بعد أن ذابت القبائل الاحدى عشرة في بؤرة الوثنية وضاعت في مجاهل التاريخ بعد "الخروج من مصر". لقد حافظت قبيلة هودا البدوية العربية على "ملة ابراهيم التوحيدية"، وبدلاً من تعطي اسم النبي ابراهيم الى دينها أو اسم النبي موسى صاحب التوراة، قررت قبيلة هودا تسمية ملة ابراهيم التوحيدية باسم القبيلة فأصبح الاسم "اليهودية" دين قبيلة هودا. ومنذئذ، بات من الضروري أن يكون اليهودي من سلالة قبيلة هودا، وتوراتياً أصبحت "اليهودية" هوية دينية محصورة بقبيلة هودا لا غيرها. وكما نعلم فان ليس كل مواطني الدولة الصهيونية من سلالة قبيلة هودا البدوية العربية!
أما الذي يلغي الهوية/ الجنسية اليهودية فهو الحقيقة العلمية الكبرى التي تسببت، مؤخرا، بصاعقة كبرى نزلت على رؤوس جماعة الأشكناز الأرثوذوكس في جميع أنحاء العالم وخاصة في اسرائيل، حين تم فحص أصل الأشكناز بواسطة التحليل الجيني الذي كشف علمياً بان اليهود الأشكناز الأوروبيين (الذين اعتنقوا الديانة اليهودية في القرن السابع الميلادي) هم من الجنس الآري ولا يمتون للسامية بصلة أبداً، وأنهم أتوا من جذور أمهاتهم الاوروبيات الآريات دون علاقة نسب الى النبيين ابراهيم أو اسرائيل (يعقوب). وهكذا تصبح الجنسية اليهودية غير صالحة بتاتاً لتكون هوية الدولة الصهيونية وهوية مواطنيها لأنها لا تشمل الأشكناز تحت رايتها.
هكذا، يبقى الاحتمال الوحيد هو الهوية العبرية. لكن المعنى التوراتي للعبرانيين هم أولئك "الذين عبروا" من بدو الجزيرة العربية. والنبي ابراهيم هو الذي بدأ العبور في ثلاث مراحل، فأصبح لقبه (ومن عبر معه) "العبرانيون". لقد عبروا العبور الأول من الجزيرة العربية الى العراق. والعبور الثاني كان عبور النهرين "دجلة والفرات". أما الثالث فكان عبور نهر الأردن الى "أرض كنعان" التي كانت تدعى حسب التوراة أرض Philistinines (الفلسطينيين) كما جاء في قصة شمشون ودليلة في التوراة في سفر "القضاة" Judges رقم 16 آية رقم 5. ولقد أصبح اسم فلسطين باللغة اللاتينية أيام الرومان "بالستين" وبقيت فلسطين كما هي في اللغة العربية الى يومنا هذا. والعبرانيون الوحيدون والحقيقيون في الدولة الصهيونية هم العرب اليهود والعرب المسيحيون والعرب المسلمون أبناء وأحفاد النبي ابراهيم. وهذه الحقيقة تجعل الهوية العبرية للدولة غير صالحة لانها تستبعد الأشكناز أيضا. وهذا يعني أن الصهيونية، التي تأسست لاجل اقامة دولة "يهودية الجنسية"، أصبحت ملغية بالمطلق بعد الغاء الهويات الثلاث الاسرائيلية واليهودية والعبرانية.
ان التلمود الشرقي لليهود الشرقيين الذين بدلوا الديانة الوثنية للاشكناز الى اليهودية اسمه: "التلمود الفلسطيني، تلمود القدس". ولقد كتب هذا التلمود منذ آلاف السنين "باللغة اليهودية القديمة الفلسطينية الآرامية" أي لغة الفلسطينيين الكنعانيين، ويكفي أن نعلم أن صحيفة "الجيروساليم بوست" الاسرائيلية كان اسمها Palestine Post منذ انشائها في 1932 الى قيام الدولة الصهيونية في 1948... وكذلك الحال مع الاسم الرسمي والدولي للحكم الانجليزي: "الانتداب البريطاني لفلسطين"!

لا يستطيع العالم أن يكون على هوى إسرائيل
بقلم: يحيى رباح – الحياة
هذه هي الجولة الثامنة لوزير الخارجية الأميركي "جون كيري" إلى المنطقة، إلى إسرائيل وفلسطين تحديداً، وقد جاء هذه المرة ومعه الجنرال آلن مستشاره الأمني، وكما رشح من أنباء، وخاصة من صحيفة (معاريف) الإسرائيلية، فإن هدف هذه الجولة هو إخراج المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية من جمودها القاتل بسبب التعنت الإسرائيلي، وهو تعنت فقد كل مبرراته، وأصبح بالمطلق خارج الزمن السياسي العالمي، فاستماتت حكومة نتنياهو لرفع هواجسها الأمنية إلى حد الهستيريا، وجاء كيري ليهدئ هذه المخاوف الأمنية الإسرائيلية المبالغ فيها إلى حد الفوبيا، ولعل حضور الجنرال آلن معه يكون وخزة لإسرائيل بأن مخاوفها الأمنية مبالغ فيها، ولا ترتكز إلى أساس موضوعي، وغير مفهومة، وهي تعبير عن عجز القيادة الإسرائيلية التي تعيش في زمن آخر لم يعد موجوداً على الإطلاق.
إسرائيل - كما رشح من معلومات ? خائفة من الآتفاق الإيراني مع الدول الخمس + واحد الذي أيده العالم كله، أي أن إسرائيل خائفة من نوايا حلفائها الرئيسين، فهم الذين توصلوا إلى الاتفاق، وهي خائفة من أن تحقيق مصالحهم يأتي على حساب أمنها المزعوم، مع أنه لولا هؤلاء الحلفاء لما قامت إسرائيل ولما كان لها أصلاً متطلبات ومخاوف أمنية.
وإسرائيل لا تثق بأية ترتيبات دولية بين الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، وهي ترى أن هذه الترتيبات غير مضمونة حتى ولو كانت بقيادة أميركا نفسها، وتريد أن تكون الترتيبات على هواها هي، أي أن تكون موجودة بنفسها، في الأغوار، وفي مرتفعات الضفة، وهذا معناه أن لا دولة فلسطينية مستقلة، ومعناه أن المشكلة لم تحل ولو بنسبة واحد بالمليون، لأن أساس الحل هو أن يكون للشعب الفلسطيني دولته المستقلة.
وإسرائيل لا تريد أن تكون الأردن على حدود مع فلسطين، لأنها ? على حد زعمها- لا تثق بالقدرات ولا الالتزامات الأردنية الأمنية، وحينئذ تكون الدولة الفلسطينية بالمفهوم الإسرائيلي مجرد كانتونات داخل دولة إسرائيل لا أكثر ولا أقل.
وإسرائيل لا تريد أن تعترف بقرارات الشرعية الدولية، ولا بقرارات الجمعية العامة قبل سنة بحدود الدولة الفلسطينية التي هي حدود الرابع من حزيران، وعليه فإنها لا تريد وقف الاستيطان، ولا تريد وقف هذا السلوك الرديء والغبي في آن واحد من ممارساتها اليومية، وهي تريد من العالم أن لا يفعل شيئاً سوى الانحناء أمام مخاوفها وهواجسها وعربدة قطعان مستوطنيها، وهستيريا جماعاتها الدينية الطالع كلها من كهوف الخرافة.
والخلاصة، أن ما تريده إسرائيل لا يقدر عليه العالم، ولا يستطيعه العالم، لأن عالم اليوم ليس هو عالم الاستعمار الذي ولدت من رحمه إسرائيل، ولأن صيغة التوازن االعالمي لم تعد بين سادة وعبيد، بين مستعمرون ومستعمرين، فكل طرف في هذا العالم له مصالح، وهذه المصالح مرتبطة بالتوازن وبالسلم الدولي، وتبادل المنافع، وليس تنفيذ الأوهام والخزعبلات والجمود عند الحالة العدوانية التي تريدها إسرائيل، وفي النهاية فإن إسرائيل التي تريد أن تكون دولة يهودية، ودولة استيطانية، ودولة احتلال، ودولة عنصرية، ودولة آمنة، ودولة مشروعة الوجود في المنطقة، إنما تريد المستحيل، فهل يوجد في إسرائيل قوى حقيقية قادرة على تغيير هذا النمط الاستفزازي، أم نحن في انتظار كارثة؟

أحمد فؤاد نجم.. النجوم ليست سواء
بقلم: بهاء رحال – الحياة
البعض قال عنه انه شاعر البسطاء وانه شاعر الفقراء والبعض قال انه الشاعر المشاكس والشاعر المعارض والبعض قال عنه انه شاعر مصر وفلسطين وشاعر الحلم الجميل والزمن الجميل، هو نصير الفقراء والمتعبين في الأرض، في الشدة والرخاء وفي الحرب والسلم كان نجماً ساطعاً والنجوم لا تموت، فكيف وأنت نجم النجوم وأنت صاحب القصيدة الشجاعة والجريئة التي لم تعرف الخوف يوماً ولم تنكسر حتى صارت شعاراً وعلم يحملها الضعفاء والبسطاء ضد الظلم والاستبداد وضد القهر والاذلال، كيف يغيبك الموت !!. وترحل في وقت عصيب على مصر التي أحببتها وسكنت حروفك وملأت الدنيا صراخاً لأجل ست الدنيا، وأنت الذي قلت لها قومي وشدي الحيل وهتفت لها كي لا تتعب فكان النيل قبلتك الوحيدة وكانت أرض الكنانة تفرح كلما خاطبتها وكلما سمعت صوتك لأنه صوت البسطاء العاديين، صوت من لا صوت له وضمير حي لم يسكت عن الصراخ في وجه الظلم والبؤس والاستبداد.
نجم رحل والنجوم ليست سواء، نجم يغادر حياة أتعبته رغم أن مسيرته فيها كانت حافلة بالنجاحات تماما كما كانت حافلة بالاعتقالات، وكان صادقاً مع نفسه ومع جمهور أحبه فرفض اقتناص الفرص لأنه يرفض الانحناء ويرفض تقديم الطاعة ويرفض أن يكون الا هو الانسان الصادق مع نفسه في الحي والحارة وفوق السطح وفي المقهى الشعبي الذي صار يوماً أحد رموز الثقافة وأحد حالات الابداع الجميلة التي تلتقي فيه الناس وعلى اختلاف طبقاتهم الاجتماعية والعلمية، وصار حكاية ومنبر ابداعي تشهد عليه مصر حتى اليوم وكان في فترة زمنية رافقت صعود النجم والشيخ امام وغيرهم ممن ساهموا باحياء هذه الحالة الفريدة التي استطاعت ان تقول أن أولاد البلد هم البسطاء وأن الفقراء لهم حضور ولهم صوت ولهم حق لا يموت، ورغم أن هذه الحالة تراجعت في السنوات الأخيرة ولم تعد بتلك المكانة التي كانت عليها وغاب المقهى الشعبي أو انحصر دوره الا أنها تظل أحد شواهد حقبة مهمة في تاريخ مصر والثقافة العربية، حيث ظل الشاعر احمد فؤاد نجم شاعر الثورة وظلت قصائده نشيد حياة غناها الثوار وحملتها حناجر رجالات مصر في كل المحافل وكانت النشيد الذي يعلو في وجه الظلم والاستبداد والتهميش.
نجم وأنت اليوم تغتسل بماء النيل وترحل ككل الاشياء الجميلة ترحل وكما الكبار يعانقون أقدارهم بقوة وضمير حي أنت أيها الانسان الشاعر، أيها الانسان الثائر، أيها النجم الذي ستبقى نور كلماته نشيداً يرددها الثوار في كل الميادين، لك المجد ولروحك الرحمة ونم عليك السلام.

أبو خليل وافي
بقلم: د. أسامة الفرا – الحياة
لم ألتقه مبكراً، ففي الوقت الذي كنت أحاول فيه أن أقف على أديم هذه الأرض، بدأ مشوار عطائه للأرض والوطن، وفيما كنا نبحث عن معاني الحروف والكلمات، كان يشرف على معسكرات التدريب في الجزائر، تلك الدولة الشقيقة التي أمضى فيها جل حياته، ينظر منها إلى الوطن وهو يثبت أدوات الانتماء اليه والتضحية من أجله، رافق الشهيد "أبو جهاد" في تأسيس اول مكتب لحركة فتح ليتولى "معتمد" حركة فتح في الجزائر وشمال أفريقيا عام 1965، استطاع خلال وجوده في الجزائر أن يوسع من دائرة العلاقات مع السلطة الجزائرية بما يفتح المجال أمام الطلبة الفلسطينيين للالتحاق بالجامعات الجزائرية عبر منح دراسية استفاد منها الآلاف من أبناء شعبنا، وفي ذات الوقت فتح آفاق العمل للفلسطينيين في الجزائر عبر اتفاقية وقعت يومها بين حركة فتح ووزارة الخارجية الجزائرية، لعل هذا الوجود الفلسطيني المميز أسس لعلاقة راسخة ربطت الجزائر حكومة وشعباً بالقضية الفلسطينية، وهو ذاته الذي عزز مكانة الجزائر لدى الشعب الفلسطيني.
العمل المميز للمناضل أحمد وافي "أبو خليل" في الجزائر جعل منه هدفاً لآلة الإجرام الصهيونية، حيث تعرض لعدة محاولات لاغتياله، كان من بينها الطرد الناسف الذي وصل سفارة فلسطين بالجزائر عام 1972، والذي أدى انفجارة لإصابة بالغة أفقدت المناضل "أبو خليل" للكثير من بصره وسمعه، قبل أن يعود المناضل "ابو خليل" إلى أرض الوطن كان قد سبقه إليه عطاؤه، فعرفناه قبل أن نراه، مثل زهرة برية يصلك عبيرها قبل أن يسقط بصرك عليها، جمعتني بعد ذلك لقاءات عدة بالأخ "ابو خليل"، رغم تكرارها الكثير إلا أن الشعور الذي يتملكني في كل مرة أنني أمام قامة كبيرة، تفرض احترامها على من يقف أمامها، دمث الخلق لا يتنمق الحديث، ولا يمضي في سبر أغوار التاريخ كما يحلو لمن لا تاريخ لهم الامعان فيه بخيالهم الذي يعرف الجميع منا مساحة الصدق فيه، كنت دوماً أحاول أن أنتزع منه بعض الحديث عن الماضي، إلا أنه دوما ما كان يقل في ذلك، لعله يؤمن بأن التاريخ بحاجة لأن تمعن في قراءة أوراقه، لا أن تستمع لسرد ابطاله.
هل علينا أن نرثي مناضلينا؟، أم نقرأ حياتهم قراءة متأنية؟، وهل عليهم أن ينتقلوا للرفيق الأعلى كي نعرف قاماتهم ونقلب صفحات تاريخهم؟، وهل هم بحاجة إلى شهادة تكريم في مماتهم أم بحاجة أكثر إلى حفاوة في حياتهم؟، وهل انصفنا الكثير منهم بتأريخهم ام تركنا التاريخ يكتبه من يشاء، يحجب منه ما يريد ويجمل منه ما تطرب له حواسه؟، هل الرثاء من الوفاء أم أن الوفاء لا تسطره الكلمات؟، هل الموت بعيداً عن الوطن يشبه الموت في أحضانه؟، ترى ما هو الشريط الأخير الذي تقع عليه عينا مناضل أمضى عمره ينتقل من جبهة إلى اخرى بعيداً عن الوطن؟، أسئلة كثيرة تداخلت مع هاتف من الوطن يخبرني فيه صديقي برحيل المناضل "ابو خليل"، اسئلة لا يمكن الفصل بينها ومن الصعب التنبؤ بإجابة عنها، كأنها تريد أن تدخلك قصراً في دوامة ما يكتب وما يجب أن يكتب، لك يا صديقي الكبير سلام لروحك الطاهرة النقية بنقاء الوطن الذي آمنت به، سلام من أناس احبوك قبل ان يروك، سلام من أجيال تتلمذت على جمال العطاء وقيمة الانتماء للوطن غرستموها فينا، سلام لروحك وهي تطرق جدار الصمت الساكن فينا.