Haneen
2014-02-13, 12:27 PM
<tbody>
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (223)
</tbody>
<tbody>
الخميس
26/ 12 /2013
</tbody>
لماذا الاستهداف المستمر للقطاع؟
حديث القدس
في ظل حالة العبث!!
يونس العموري
سورية والأثمان الباهظة!
غسان شربل
جدلية الثورات والأحزاب الثورية
علي فخرو
قنبلة إسرائيل الديمغرافية الموقوتة ليس لها فتيل
يوري سادوت
ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى أين؟!
المحامي إبراهيم شعبان
أطراف النهارالإرهاب يعبر السويس .. غرباً!
حسن البطل
لن يرحمنا أحد ما لم نرحم أنفسنا!
طلال عوكل
الإرهاب يضرب في مصر
د. عبد المجيد سويلم
طرطشات
د.فتحي أبو مغلي
هـل ارتكبت فيـروز الإثم حيـن أعلنت حبها؟
تيسير الزّبري
تغريدة الصباح - سوبر ستار للإيجار
امتياز دياب
الأخوان المسلمون من صفقات الحكام إلى قرار الشعب!!!
يحيى رباح
يا الله.. هب لنا المسيح
موفق مطر
رأيت رام الله.. أعتذر عن التأخير
د. أسامه الفرا
سقف التصعيد الاسرائيلي
عادل عبد الرحمن
مقالات صحيف القدس
لماذا الاستهداف المستمر للقطاع؟
حديث القدس
تواصل اسرائيل عدوانها على قطاع غزة، مهددة حياة مئات الآلاف من سكانها الأبرياء العزل. والذريعة التي تستند إليها اسرائيل في عملياتها العسكرية واهية، وهي تعرض حدودها مع القطاع لصواريخ بدائية لا تحدث أي ضرر، ولا توقع إصابات في معظم الحالات، إن لم يكن كلها.
وفي المقابل، فقد فرضت اسرائيل بطريقة أحادية منطقة عازلة على طول الحدود مع القطاع، وكل من يقترب من هذه المنطقة أو يدخلها يتعرض على الفور لنيران القوات الاسرائيلية. وهذه المنطقة من ضمن الأراضي الزراعية التي يستفيد منها آلاف المواطنين الغزيين الذين لا يوجد لهم مورد رزق آخر، وبالتالي فهم يواجهون خطر القتل أو الإصابة عندما يدخلون مزارعهم وليست لديهم نوايا أخرى عدا عن زراعة أراضيهم أو قطف محاصيلهم.
وتدرك السلطات الاسرائيلية أن مساحة الرقعة الزراعية، بل مساحة القطاع ككل، ضئيلة. وليس في وسع من يملك، ولو قطعة أرض زراعية صغيرة، التخلي عنها لأن استزراعها والعيش من منتوجها هما مسألة حياة أو موت، بالنسبة لمن تتواجد أراضيهم في المنطقة التي فرضتها اسرائيل كعازلة بين ما هو داخل الخط الأخضر وما هو في قطاع غزة.
والمنطقة العازلة تتوغل عميقا في قطاع غزة مئات الأمتار. ومن هنا فإن مساحتها الإجمالية تربو على عشرات الآلاف من الدونمات التي لا تقدر قيمتها الزراعية بثمن. يضاف إلى ذلك، الحصار الذي يخنق قطاع غزة : وهو حصار يشمل السلع الأساسية والأشخاص في آن واحد. ويمكن إدراج هذا الحصار في عداد ما يوصف بالجرائم ضد الإنسانية، التي تنتهك القانون الدولي وأساسيات حقوق الإنسان.
والسؤال هو :بأي حق يمنع المواطنون الغزيون الذين لا علاقة لهم بالسياسة، وليسوا منتمين لحماس من ممارسة حقهم في السفر من وإلى القطاع؟ إن هذا الحظر غير مسبوق في التاريخ ليس فقط المعاصر، وإنما كذلك حتى في العصور المظلمة الوسطى والحجرية؟. مليون ونصف مليون من المدنيين العزل يعيشون في سجن كبير، والعالم صامت تجاه معاناتهم ولا يضغط لفك الحصار عنهم وفتح معابرهم البرية والجوية والبحرية أمامهم، ليعيشوا بكرامة مثل سائر البشر في كل أنحاء العالم.
وكأن ذلك كله لا يكفي، فتأتي الغارات الجوية الاسرائيلية لتقتل الأطفال الأبرياء، وتنشر الرعب والهلع في صفوف الأبرياء من الشيوخ والنساء والمواطنين العاديين، وتأتي التهديدات الاسرائيلية بتوسيع نطاق الهجمات وتحويلها إلى حرب غزو يدفع ثمنها- إن وقعت- المدنيون والسكان العزل الذين لا ناقة لهم في السياسة ولاجمل، بل ومن معارضي حماس، ومن الساعين لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية المنشودة. التعامل مع حماس مسألة فاسطينية داخلية، ولا يجب أن تتم من خلال تعريض المدنيين العزل الأبرياء لمخاطر القتل والحصار وتهديدات الحرب. وعلى العالم أن يوقف معاناة الغزيين فهم يستحقون حياة حرة وكريمة وجديرة بهم، كجزء عزيز من الشعب الفلسطيني، المكافح من أجل الحرية والسيادة الوطنية والكرامة الإنسانية.
في ظل حالة العبث!!
يونس العموري
في ظل كل هذا العبث ، وفي ظل كل هذا الكلام والكلام المضاد والمفاوضات وما يسمى بالتوافق والاتفاق وامكانية صياغة اتفاق الاطار وعقد الجولات التفاوضية، ومجلس وزراء خارجية العرب قد يقول الكلام الفصل بهذا الصدد ويأتمر باوامر وقرارات البيت الابيض ولكيري ان يقول ما يقول وان يختار التوقيت والمواقيت.
في ظل كل هذا الصراخ وذلك السكون .. نجدنا على اعتاب بوابات الانتظار لردة الفعل المنطقية والطبيعة حينما تمتهن الكرامة وتستباح حواري وازقة عاصمة الفقراء والمؤمنين بانسانيتهم .... ومرة اخرى يغزونا السؤال المتكرر منذ ان أُخضعت يبوس في أتون الصراع على واقعها الراهن ، مرة اخرى يداهمنا القلق على مصير ابن كنعان في ازقة ايلياء العتيقة وحقيقة مستقبله ومرة اخرى يأتينا النبأ العظيم المرير والحقيقة الساطعة بأن لا ننتظرهم وهي الرسالة التي تلقفناها .. فاياك يا ابن كنعان الرابض على اسوار القلاع العظيمة في القدس اياك يا سيدي أن (تقرأ حرفاً من كتابات العرب, فحربهم إشاعة، وسيفهم خشب، ووعدهم كذب )...
باسمائهم يجيئون ويجوبون سويعات في دوائر مغلقة ويرقصون رقصات الوجود على اعتاب البيوت التي ما زلت تنبض بالحب والحكايا للمنتظرين لبزوغ فجرهم المتسلل رغما وارغاما. هو المشهد الذي لطالما حاولنا تفكيك طلاسمه بلا جدوى ، وهي معادلة قد اصبحت في اعراف تجار المواقف موقف ومواقف، وللحكماء مغادرة مواقعهم ووقائعهم حيث انه وفي ظل المشهد العظيم للحظة الراهنة والتي تقترب نحو تقرير المصير وفقا لما يريدون ويريد الاعراب العاربة المستعربة ...(اذهب انت وربك فقاتلا وليكن شعارك الان وبهذه المرحلة ان تحاول العيش ولا فرق ان نطقت بالضاد او غيرت لغتك ولهجتك.
يا ابن كنعان لا تراهن عليهم ولا تراهن على ضجيجهم وامكث حيث انت الان واياك ان تتساوق مع لغة السوق الحديثة وان حاولت الاقتراب من صُناع القرار فخل بينك وبينهم مسافة (فليس بين الرصاص مسافة ...) ولا تعبر مواكب امراء الزيف.
اعلم ان ثمة خربشات تغزونا وتختلط الاسماء الدالة عن مكنوناتنا وتسقط لغتنا وسط الضجيج الفارغ المضامين.
هي اللحظة التي لابد فيها من اتخاذ الموقف ومن عاصمة الرفض والرافضة وهؤلاء المنظرين يتكون المشهد الاليم هؤلاء الذين ننتظر منهم موقفا يشد ازر قول اللا بوجه من قالوا النعم والنعم هنا جاهزة للتسويق والتساوق في ظل حتمية اتخاذ القرار بضرورة الموافقة على عطايا العم كيري ويكون ان يأتينا من يأتي مستجديا لأساطيل الاطلسي بضرورة ان تتحرك نحو اللاذقية لإسقاط الطاغية وحيث ان الخربشة سيدة الموقف فما كان الا ان يتم وضعنا ما بين حكم الطغاة وما بين الاحتلال والاذلال، والشرق تغرب من خلاله الشمس وقتما تشاء دونما اي شكل من اشكال المواقيت التي شأنها ضبط وقائع اللحظة .... وبالتالي فتذهب انت وربك يا ابن كنعان لتقاتل تيه الصحاري والتخبط سيد الموقف يا سيدي ... لتجوب اصقاع المعمورة باحثا عن ناصر منتصر لك وللقبلة الاولى ولعل ابن مريم قد قرر ان يبعث من جديد لإعادة مشهد الصلب على الجلجلة فقد تكون العودة الى الايمان بالحقيقة مجديا في ظل الخراب والتخريب لكل جماليات اللحظة والموقف .... وتدور الدوائر والحلقة المفرغة ما زالت محكمة الاغلاق وما من سبيل للخروج منها ومن دهاليزها.
في القدس يا سادة يا كرام كان الانتظار سيد الموقف وكان الحديث يدور بالدهاليز لعل وعسى ان تأتي النصرة من هناك من رام الله او القاهرة المنشغلة بحرب داحس والغبراء وقد يكون الامل المنعقد على بيروت مرة اخرى المهمومة بهذه اللحظة بالتطاول على ايقونتها فيروز ... وقد يكون التعويل على امراء جهاد النكاح بان يقولوا ما يمكن ان يقال معلنين بأن حي على الجهاد ... ومفتي الفقراء كان قابعاً في زنزانة يُسأل عن معنى الكلام والقصد بالقول وما وراء الافتاء .... وللقدس ان تتساءل عن المغزى والمعنى للحظة وما هو المصير في ظل دروب المجاهيل والفتاوى الفارغة المفرغة من نصوص الرب تبقى هي سيدة الموقف ....
ايها السادة، يا امراء التطبيل والتزمير كان ان قالوا ما قالوا من شعارات رنانة براقة بوجوب اعلان حالة النفير العام والاستنفار لنصرة القدس واهلها وتمزيق اتفاقات العهود البائدة وشحذ همم الامة والاطاحة بكل ما من شأنه ان يعيق تحرير عاصمة عواصم الاسلام والمسلمين وتمكين اهلها وبشرها وحجرها من اسباب الصمود والمرابطة .... واكتشفنا بالصمت المتقن واحتراف السكون والسكوت انه الوهم والسراب اللاهثين خلفه ... وها نحن ننتظر لإستقبال العهد الجديد من اتفاق الاطار ولا بأس من التفاوض على المفاوض والمفاوضات ذاتها ....
انقلبت الموازين أيها السادة في قبائل روما الحاكمة، ودموع العذارى على معابد الرب قد صارت مشهدًا مزعجًا بأعراف القوانين الغازية لدهاليز كهنوت الضفة الثانية على شواطىء المتوسط.. ومنذ اللحظة قد صار للرواية مكامن أخرى وللحكاية وجهة مختلفة وللعشاء الأخير سيرة متعاكسة بأفئدة القابعين المنتظرين للبعث الجديد للسيد المسيح، وقد يكون ممكنًا منذ الآن تصديق رواية كبير سدنة المعبد القديم بأن ابن البتول ما كان له أن يأتي هناك.. ولم يتكلم بمهده وإن لم يشف المريض. يا ابن مريم أُنبأتك أن معبدك قد دنس.. فسادة الروم بالرماح قد عادوا ليصلبوك مرة أخرى على مشانق أغصان الزيتون المقطعة أوصالها بجوار أسوار البلدة العتيقة.. وأنا هنا قابع بالمكان منتظر للمعجزة من إشارة وبشارة..والقحطاني العدناني العربي الأمي الامين ربما صار الاختلاف على اسرائه لمهبط الديانات فيه اجتهاد ....
وتلوح بالأفق جميلة تخترق الحواجز لتلقي مزاميرها وتجبرنا على الانصياع للنداء الأخير بالربع الساعة الأخيرة بالظرف الراهن، فقد تكون أورشليم قد أضحت الحقيقة ويكون التجوال سيد الموقف لسادة الفقراء في أقاصي الدنيا لنصرة عشاق القدس ومجانينها. نعتلي المنصة ونمارس فن الصراخ كانعكاس للحظة التوق من قيود دبلوماسية الكلام، وللكلام أن يعبرعن كينونة الخوف فينا من أن تتغير أسماءنا، ونتوه بصحاري التيه مرة أخرى باحثين لاهثين خلف سراب الماء المتدفق من هناك حيث العطشى للأمل... نقف لبرهة من الزمن قبل الصراخ وافتعال الضجيج... ويكون القرار بأن لابد من ممارسة أعتى أشكال الجنون.
سورية والأثمان الباهظة!
غسان شربل
المشهد السوري مخيف. لعله الأقسى منذ الحرب العالمية الثانية. مئات آلاف الضحايا. ملايين اللاجئين والنازحين. قسوة غير مسبوقة. براميل متفجرة ومدن مطحونة ومجازر لا يمكن احصاؤها. عمليات انتحارية. رؤوس مقطوعة. أنهار من الحقد والدم والثأر. قتل بلا هوادة لا يستثني امرأة او طفلاً او سجيناً. ارض مستباحة ومتطوعون من الجانبين يزيدون المذبحة اشتعالاً.
اخطر ما يميز هذه المجزرة المفتوحة هو ارتفاع عدد المصابين في الداخل والخارج.
أُصيبت سورية إصابات فادحة. النظام الذي كان قوياً انكمش وتقلصت سلطته على اراضيه. الجيش الذي طوّر ترسانته بحثاً عن توازن مع الجانب الاسرائيلي يسكب الآن نيرانه على «اهداف» داخل الأراضي السورية. لم يستطع مواجهة العاصفة منفرداً. يقاتل حالياً مدعوماً بالميليشيات الوافدة من لبنان والعراق وإيران. الحزب الحاكم قتل في بداية الأحداث. استطاع النظام البقاء على جزء من سورية، لكنه لا يبدو قادراً على استعادة سلطته على كل سورية او غير قادر على دفع الأثمان البشرية الباهظة لعملية من هذا النوع.
المعارضة السورية أُصيبت هي الأخرى إصابات فادحة. استدرجها النظام الى مواجهة مسلحة فخسرت وحدتها وقدرتها على ادارة المعركة. وجّه المقاتلون الجوالون الذين تسربوا الى الارض السورية ضربات الى جيش النظام، لكنهم سرقوا الثورة. فرضوا اسلوبهم المرفوض. وبرنامجهم المقلق. وممارساتهم المقززة. الطعنات التي وجهتها «داعش» الى الانتفاضة كانت اقسى بكثير من تلك التي وجهتها الى النظام. أثار المتطرفون قلق الدول القريبة والبعيدة بفصل الرؤوس واعلام «القاعدة». شرذموا وتشرذموا. أحبطوا السوريين الذين حلموا بسورية ديموقراطية تتسع لكل مكوناتها.
الوحدة الوطنية ضربها الزلزال. اننا نتحدث الآن عن السنّة والعلويين والدروز. عن المسيحيين المرشحين للتبخر على غرار ما حدث في العراق. عن العرب والأكراد. عن اضطراب علاقات الاكراد بمحيطهم مرة إذا اتهموا بالأنانية وتوظيف التفكك ومرة اخرى اذا اتهموا بالضلوع في «ألاعيب النظام». كانت سورية مصابة بنقص فادح في الديموقراطية. سورية الحالية مصابة بغياب رهيب للوحدة الوطنية. اكتشف العالم ادارة امريكية مترددة تفضل الانسحاب استعداداً للتفاوض مع ايران روحاني في المفاوضات النووية. ثمة من يعتقد ان روسيا أُصيبت هي الاخرى وإن بدت منتصرة. اغلب الظن ان روسيا بوتين أُصيبت في صورتها وعلاقاتها العربية وأنها ستكون الهدف الاول للمتشددين في المرحلة المقبلة.
تركيا المجاورة أُصيبت بقوة. اعتقد رجب طيب اردوغان ان «الربيع الإخواني» سينتصر في سورية فأسقط من قاموسه عبارة «صديقي بشار» التي رددها كثيراً. فتح الحدود أمام تدفق اللاجئين ثم أمام المقاتلين الجوّالين. وحين اتخذ القتال في سورية طابعاً مذهبياً، بدأت الارتدادات في الداخل. تململ العلويون الاتراك وأطل الخطر الكردي مجدداً.
«محور الممانعة» أُصيب هو الآخر على رغم نجاحه في إبقاء النظام حياً. سبحت «حماس» في اتجاه قطر وغزة فخسر المحور حلقته السنّية الوحيدة. خاض المحور في نزاع لا يمكن إنكار طابعه المذهبي. فقد الكلام عن الممانعة وقعه، خصوصاً بعدما بدا ان ايران تحلم بأن تكون الشريك الاكبر لـ «الشيطان الاكبر». «حزب الله» أُصيب بشدة. ليس فقط بسبب الجثامين العائدة من القصير او القلمون، بل ايضاً لأن صورته أُصيبت في لبنان وعلى امتداد العالمين العربي والاسلامي. كل دول الاقليم أُصيبت في سورية. أُصيب حلفاء النظام وأُصيب خصومه.
لا ضرورة للحديث طويلاً عن لبنان. ذهب اللبنانيون بانقساماتهم الى النار السورية واستعجلوا زيارة «القاعدة» وأخواتها لربوعهم. ازدادت مؤسساتهم تشرذماً وتهالكاً وازداد الطلاق المذهبي في صفوفهم.
لائحة المصابين طويلة. ولا شيء يوحي ان «جنيف 2» قادر على توفير الضمانات او توزيع الضمادات. لا يستطيع المتحاربون الفعليون في سورية قبول التسوية. كل تسوية تعني قدراً من الخسارة. العجز عن الحسم والعجز عن التسوية يهددان بما هو ادهى من الصوملة التي يكرر الاخضر الابراهيمي التحذير منها. لا بد من الالتفات الى ان عدد المصابين في الصومال لا يعتبر شيئاً إذا قيس بعدد المصابين في سورية من افراد وسياسات ودول.
جدلية الثورات والأحزاب الثورية
علي فخرو
لا أعرف إن كان شباب ثورات وحراكات الربيع العربي يعون بما فيه الكفاية والحذر ما يخططه لهم بعض الكتاب والمتحدثين العرب من إقحامهم في مناقشات عبثية حول هذه الإيديولوجية أو ذلك الحزب، ومن تحميلهم مسؤولية انفلات الأمن في هذا القطر أو تراجع الاقتصاد في ذاك القطر الآخر .
الهدف من كل ذلك هو إشغال شباب العرب ومناصريهم من الجماهير عن مهمتهم الأصلية: الاستمرار في تفجير وإنضاج مسيرة الثورة العربية تمهيداً لإيصالها إلى أبعد درجات التحقق . ولعله يجب التذكير بأن الثورة، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو التكنولوجيا، تعني تحولاً جذرياً وأساسياً يهدف إلى زوال أفكار وبنى اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية سابقة لتحل محلها أفكار وبنى جديدة تتطلبها مرحلة تاريخية جديدة .
لم يكن مبرراً الحديث عن الحاجة لمسيرة ثورية تهدف إلى إحداث تغييرات عميقة كبرى في بنى المجتمع العربي لو لم يثبت عبر التاريخ الطويل فشل النخب العربية والمؤسسات العسكرية والدينية الطائفية والبيروقراطية الحكومية في قيادة المجتمعات العربية نحو التغييرات الحضارية المطلوبة . بل ولم تفشل تلك الجهات في القيام بذلك التغيير فقط، وإنما أسهمت بأشكال مختلفة في إيصال الأمة إلى مراحل الضعف والتخلف والتجزئة والمهانة والسقوط المذل تحت إملاءات قوى الخارج .
ذاك الوضع العاجز هو الذي هيأ الجماهير العربية للتوجه نحو تغييرات كبرى يعبر عنها في علوم السياسة بالتغييرات الثورية .
ولأن المؤسسات القديمة فشلت في الماضي، وتثبت الأحداث يومياً أنها غير قادرة على إحداث تلك التغييرات الجذرية في الحاضر، فإن المنطق يقتضي خلق قوى مؤسسية جديدة لتقوم بتلك المهمة النهضوية .
لكن قبل الحديث عن نوع القوى التي ستقود المجتمعات العربية نحو تلك التغييرات، دعنا ننتبه إلى أن جماهير، أغلبها أمي، ووعيها السياسي محدود، وأغلبيتها الساحقة منشغلة بحاجاتها المعيشية اليومية، وفهمها لمعاني الثورة وما تتطلبه سطحي وشعوري آني، وقدراتها على النفس الطويل والصبر على السير في الطريق النضالي الطويل محدودة، هكذا جماهير لا يعول عليها لقيادة ثورات . لكن من المؤكد، كما أثبتت أحداث السنوات الثلاث الماضية من الربيع العربي، أن تلك الجماهير تمثل سنداً قوياً وكنز تضحيات هائلة إذا وجد من سيحمل المسؤولية ويقود الثورات . هنا يعيننا تاريخ الثورات الإنسانية الكبرى الذي أكد المرة تلو المرة أنه من دون وجود أحزاب ثورية تحمل المسؤولية تتعثر الثورات وتنتكس، إن عاجلاً أو آجلاً .
بغض النظر عن الأخطاء أو التجاوزات، أو حتى الانتهازية التي رافقت بعض التنظيمات القيادية للثورات العالمية، فإن مؤرخي الثورات يؤكدون الدور المهم الذي لعبه تنظيم اليعاقبة في الثورة الفرنسية
وتنظيم المستقلين في الثورة الإنجليزية والحزب الشيوعي في الثورة البلشفية وتنظيم لجان المراسلة في الثورة الأمريكية .
إن ساحات "التويتر" و"الفيس بوك" وغيرها من ساحات الإنترنت تسهم في خلق ثورة ولكنها لا تقود ثورة . وكذا الأمر بالنسبة إلى التظاهرات الصاخبة التي تجول في الشوارع والميادين وكذا الأمر بالنسبة إلى الظهور الدائم على شاشات التلفزيون . كل ذلك يجب أن يصب في إسناد تنظيم مؤسسي سياسي ديمقراطي ثوري . وصفة الثورية هنا لا تعني ممارسة العنف والقهر والإقصاء . إنها تعني في الأساس عدم التفريط في عمق وشمولية وجذرية التغيرات الحضارية والإنسانية المطلوبة .
لذا فإن شعار إسقاط هذا النظام أو إزاحة ذاك الحكم، من دون أن يرافقه الحديث عن نوع التغيرات الجذرية المطلوبة، في صورة أفكار وبرامج وأساليب وساحات نضال، ليس شعاراً ثورياً وإنما شعار تصادمي مؤقت سواء فشل أو نجح . ما لم يع شباب الثورات، بعمق وحماس شديد، هذه المتطلبات التي أظهر التاريخ ضرورتها لنجاح أي ثورة، وما لم يقاوموا إغراءات الدخول في مماحكات دونكيشوتية عبثية مع هذه الجهة العابثة أو تلك الجهة المتحذلقة، وما لم يتفرغوا لبناء الأداة السياسية الأساسية لقيادة الثورات التي فجروها، ما لم يفعلوا ذلك فإن آلام وأحزان ثورات وحراكات الربيع العربي ستطول وستدخل جماهيرهم في ظلام اليأس والاستكانة من جديد .
قنبلة إسرائيل الديمغرافية الموقوتة ليس لها فتيل
يوري سادوت
إذا اسمتعت إلى بعض كبار المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، فستتشكل لديك القناعة بأن "قنبلة إسرائيل الديمغرافية الموقوتة" تدق -وأنها مهيأة للانفجار في أي يوم الآن. وقد حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم 7 كانون الأول (ديسمبر) من أن الديناميات الديمغرافية في إسرائيل شكلت "تهديداً وجودياً... يجعل من المستحيل على إسرائيل أن تحافظ على مستقبلها كدولة ديمقراطية يهودية". وهناك بعض المسؤولين الذين يتفقون معه حول ذلك في القدس: فقد كرر كل من زعيم المعارضة الإسرائيلي إسحق هيرتزوغ والعضو الرفيع في مجلس الوزراء يائير لابيد في الأسابيع الأخيرة مخاوف مشابهة من أن الاتجاهات الديمغرافية سوف تحول إسرائيل إلى "دولة ثنائية القومية". وفي جميع المناسبات الثلاث، تم الاستشهاد بالديمغرافيا بوصفها سبباً ملحاً يدفع إلى حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
تذهب الأطروحة، باختصار، على النحو التالي: إن معدل المواليد لدى العائلات العربية في إسرائيل وفلسطين أعلى مما هو عليه لدى العائلات اليهودية. وهكذا، وفي مرحلة ما في المستقبل القريب، سوف يصبح العرب أغلبية في المنطقة التي تحتلها إسرائيل. وعندما يأتي ذلك اليوم، سيكون على الإسرائيليين الاختيار بين وجود دولة يهودية أو دولة ديمقراطية، لأن منح الجميع حقوق تصويت متساوية سوف يعني فقدان الطابع اليهودي للدولة. وسيكون أمل إسرائيل الوحيد للحفاظ على هويتها، كما يقول أنصار نظرية "القنبلة الديمغرافية الموقوتة" هو إبرام صفقة سلام سريعاً مع الفلسطينيين، والتي تعبد الطريق لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
لكن هناك مشكلة واحدة فقط: إن الإرقام لا تدعم هذه الأطروحة. الديمغرافيا لا تعتمد فقط على معدل الولادات، وتتسم التنبؤات المماثلة بتاريخ طويل من الفشل. إن اليهود الإسرائيليين يتمتعون بأغلبية صحية ومستقرة إلى حد كبير في إسرائيل والضفة الغربية، كما أن التطورات في السنوات القادمة ربما تعمل على تحسين هذا الاتجاه أيضاً. إن القنبلة الديمغرافية، بكلمات أخرى، معطلة ومنزوعة الفتيل.
في منتصف العام 2013، أفاد المكتب المركزي للإحصاء في إسرائيل بعدد سكان يبلغ 8.018.000 نسمة. وخُمس هؤلاء، الذين يبلغ عددهم 1.658.000، هم مواطنون إسرائيليون يعرفون أنفسهم على أنهم عرب. أما تقديرات أعداد الفلسطينيين الذين يعيشون تحت السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية، والذين بلا حقوق تصويت، فيتراوح ما بين 1.5 إلى 2.5 مليون نسمة. وحتى لو استخدم المرء النهاية العليا للتقديرات الصادرة عن السلطة الفلسطينية، فإن مجموع أعداد المواطنين العرب الإسرائيليين والفلسطينيين معاً لا يرقى إلى ثلث عدد سكان إسرائيل الحاليين. أما بالنسبة لسكان قطاع غزة، فيصعب القول بإدراجهم في التعداد، بما أن إسرائيل لم تمارس السيطرة المدنية على تلك المنطقة منذ العام 2005.
راقب المحللون والديمغرافيون اتجاهات سكان إسرائيل عبر كامل تاريخها، وحذروا بشكل متكرر من تغيرات وشيكة في حالتها الراهنة. في العام 1987، حذر توماس فريدمان من أنه في غضون 12 عاماً "سوف تكون إسرائيل والمناطق المحتلة، من حيث الديمغرافيا، دولة ثنائية القومية". وذهب إلى اقتباس عالِم ديمغرافي إسرائيلي بارز، آرنون سوفر، الذي قال إن إسرائيل تصبح "دولة ثنائية القومية، وليس يهودية.. لا جدال في ذلك".
مع ذلك، لا تبدو هذه القنبلة الديمغرافية الموقوتة أبداً وأنها تنفجر حقاً. ثمة الكثير الذي تغير منذ مقالة فريدمان: هاجر مليون يهودي إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفياتي السابق، وانسحبت إسرائيل من قطاع غزة، وتقلصت الفجوات بين معدلات الولادات العربية واليهودية بشكل كبير. وفي الحقيقة، ازداد معدل المواطنين الإسرائيليين الذين هم عرب ببطء شديد منذ تأسيس إسرائيل، مرتفعاً من 12 % إلى 21 % فقط على مدى 65 عاماً.
نعم، من غير المرجح أن تشهد إسرائيل تدفقات كبيرة من اليهود مثل تلك التي جاءت من الاتحاد السوفياتي السابق مرة أخرى أبداً -لكنها لم تستنفد أيضاً قدرتها على التأثير في التوازن الديمغرافي. على سبيل المثال، قدر تقرير صدر عن مركز أبحاث الكنيست في العام 2012 أن هناك نحو 230.000 إلى 750.000 مواطن إسرائيلي في الخارج. وعلى الرغم من أن الكثير من هؤلاء الإسرائيليين محسوبون مسبقاً في عدد سكان إسرائيل الكلي، فإن أجزاء كبيرة منهم ليست كذلك، ولا أحد منهم ممثل في الكنيست.
لا تمنح إسرائيل حالياً أي حقوق تصويت لأولئك المواطنين الذين يعيشون في الخارج. وكان القصد من هذه السياسة تثبيط اتجاهات الهجرة المعاكسة، لكنها جعلت إسرائيل أيضاً قيمة عزلاء على المسرح الدولي. ولو قامت إسرائيل ببساطة بمطابقة سياسات تصويت المغتربين لديها مع تلك المستخدمة في الولايات المتحدة أو كندا مثلاً، فإنها ستضيف مئات آلاف إضافية من الناخبين إلى سجلاتها الانتخابية. ومن شأن السماح للإسرائيليين السياح في الخارج بالتصويت في يوم الانتخابات، أو تسهيل عملية حيازة الجنسية، أن يضيفا تعزيزات أخرى للأعداد. وليس من الصعب ترتيب ذلك: إن قانون إسرائيل الانتخابي لا يرتكز إلى دستور، ويمكن تغييره لدى الرغبة وبهامش أغلبية ضيق في هيئة التشريع.
تقوم التحسينات الدراماتيكية في الصحة العامة أيضاً بتغيير الصورة الديمغرافية. كان الكثير من عدم الدقة في التنبؤات السابقة يأتي من تركيزها على معدلات المواليد، بينما تهمل العوامل المهمة الأخرى مثل التغيرات في متوسط الأعمار المتوقع. وعلى سبيل المثال، سجل مكتب الإحصاءات الإسرائيلي المركزي في الأعوام ما بين 2000 و2010 أن متوسط الأعمار المتوقع للإسرائيليين قد ازداد بمعدل ثلاث سنوات تقريباً. ومع ذلك، لم يكن هذا النمو متجانساً، حيث يرتبط بعوامل مثل حجم الأسرة ومستويات الدخل. وبينما سجل اليهود الإسرائيليون معدل زيادة بلغ 3.2 سنة خلال تلك الفترة، ارتفع متوسط الأعمار المتوقع للإسرائيليين العرب بواقع سنتين فقط. وكان هذا الاختلاف معادلاً لزيادة بمعدل 2 % لسكان إسرائيل اليهود خلال ذلك العَقد، ومعادلاً لوصول نحو 128.000 مهاجر جديد. وهكذا، يتبين أن الإسقاطات والتنبؤات الديمغرافية تتطلب أكثر بكثير من مجرد العمليات الحسابية البسيطة.
هناك أسباب لا تعد ولا تحصى لتجعل الإسرائيليين والفلسطينيين يسعون إلى السلام، لكن الرعب الديمغرافي الزائف لا ينبغي أن يكون من بينها. ما يزال أمام إسرائيل الكثير من السنوات والأدوات السياسية لتمنع اختفاء الأغلبية اليهودية في المناطق الواقعة تحت السيادة الإسرائيلية. ولا شك أن الخطايا التي ينطوي عليها حكم شعب آخر كثيرة، وأن فوائد السلام ستكون بلا عدد –لكن الحافز لحل الصراع لا ينبغي أن ينبع من تهديد القنابل الديمغرافية الموقوتة.
ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى أين؟!
المحامي إبراهيم شعبان
قررت إسرائيل في خطوة انفرادية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، بعد أن كانت قد اتفقت مع جزيرة قبرص على المنطقة الإقتصادية الخالصة البحرية بينهما، وكيفية استخراج النفط والغاز منها. وقد وزعت وزارة العدل الإسرائيلية منشورا يبين الحدود الإسرائيلية المائية في عرض البحر بما يتجاوز 850 كيلومترا مربعا اعتمادا منها على مضمون اتفاقية البحار لعام 1982 والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1996،علما أن اسرائىليل لم تنضم إليها ولم تصادق عليها لحد الآن، بينما وقعتها وصادقت عليها الدولة اللبنانية. ويبدو أن إسرائيل تستغل الأوضاع اللبنانية الرديئة والسورية التعيسة والعربية الممزقة لفرض حل حدودي مائي لجني أكبر مردود اقتصادي لصالحها.
ولو كانت إسرائيل قد وقعت وصادقت على اتفاقية قانون البحار لعام 1982 لما أثارت هذه الضجة والجلبة على الثروات الطبيعية الكامنة في مياه البحار، لأن مثل هذا النزاع على وجه الحصر يتحول للمحكمة الدولية للبحار التي أسستها الإتفاقية المذكورة، وهي في صالحها على طول الخط، بينما ستنكر لبنان شرعية الدولة الإسرائيلية وحقها في المياه والثروات الدفينة فيها إذا اتخذت موقفا عروبيا قوميا. ولكن إسرائيل كعادتها تتنكر للقانون الدولي ومواثيقه وكأنها فوق القانون الدولي ومعاهداته وأعرافه.
وإذا تركنا التصرف اللبناني السيادي في هذا الموضوع للحكومة اللبنانية، فإن الحدود هي خطوط وهمية ترسم بين دولتين على الخرائط، وتكون فعليا سلسلة من الجبال أو نهرا مائيا أو صحراء أو مانعا طبيعيا بعد الإتفاق عليها بين دولتين أو أكثر. وتعتبر الحدود من الأساسيات الإستراتيجية والإقتصادية والأمنية والقانونية للدولة. وتبدأ بها سيادة الدولة وتنتهي عندها السيادة الداخلية للدولة، وبالتالي يبدأ تطبيق قوانينها وينتهي عندها، وتسيطر على ما في داخلها بشرا وأمنا واقتصادا، وتطبق عليها قاعدة إقليمية القوانين على الاجانب والمواطنين. وعليه فإن تسوية المنازعات الحدودية وفقا لقواعد القانون الدولي يعتبر أمرا لا مندوحة عنه لتفادي الصراعات الدولية المسلحة وأجواء التوتر بين الدول وخدمة للسلم والأمن الدوليين وحقوق الإنسان.
وعادة ما يطلب تحديد الحدود البرية للدول فهي التي تخلق صراعات جانبية مع الدول الأخرى, وهي التي تهدد الأمن الإقليمي والعالمي وتقود لنزاعات مسلحة.أما الحدود البحرية والجوية فهي محددة سلفا بموجب اتفاقيات دولية . والحدود المقصودة هي الحدود القانونية السياسية بين الدول وليس خطوط الهدنة أو وقف إطلاق النار أو الظواهر الطبيعية المجردة، كالأنهار والجبال والبحار وأن تلاقت أحيانا وافترقت حينا آخر مع الحدود الفعلية .وكذلك فهي ليست الحدود الإدارية و/ أو الجمركية مع أن الأصل أن يتطابقا مع الحدود. وليست هي نقاط الأمن الحدودية وإن اقتربت من مفهوم الحدود .
ويقصد بالنزاعات الحدودية تلك الخلافات التي تحدث بين الدول المتجاورة بشأن الحدود المشتركة بينهما. وهو نزاع دولي لأنه خلاف بين شخصين من اشخاص القانون الدولي حول مسألة من مسائل القانون أو الواقع . وهي تقتضي عادة إدعاءات متعارضة ومتضاربة ومتناقضة بين الأطراف الحدودية يمس السيادة لأحدهم .
ويمكن القول أن النزاعات الحدودية كافة , تتميز بالطابع القانوني والسياسي معا . ولا يمكن القول أن بعضها سياسي لا يخضع لحكم القانون ويحتاج لحل ذو طبيعة سياسية , ففي مثل هذا القول إنكار لقواعد القانون الدولي العام وانحراف خطير نحو اعتبارات القوة العسكرية أو القوة بأشكالها المختلفة, وحرمان الأطراف المتنازعة من حماية القانون الدولي وتعريضها لأهواء السياسة والقوة والإقتصاد والإستراتيجية. وهي ما تفعله الدولة الإسرائيلية حاليا مع الدولة اللبنانية.
وإذا علمنا أن الدولة الإسرائيلية بقيت ردحا طويلا من الزمن دونما حدود متفق عليها مع جاراتها وما زالت، إلى ان عقدت معاهدة صلح مع مصر في عام 1979 مع بقاء موضوع طابا للتحكيم وانتهائه فيما بعد، وعقدت معاهدة صلح وادي عربة مع الأردن عام 1994 وتناول الملحق الأول منها بيانا لتخطيط وتعيين الحدود . لكنها ما زالت دون حدود بالمعنى القانوني مع الفلسطينيين وسوريا ولبنان. وهي ما زالت تعيش في كنف خط لوقف إطلاق النار مع سوريا، وخط هدنة مع لبنان، والفلسطينيين.
ويجب أن نشير إلى أن الهدنة حالة متوسطة بين النزاع المسلح وتحقيق السلام . فهي تتضمن وقفا لإطلاق النار من جهة , ومن جهة أخرى انعدام للعلاقات الدبلوماسية والإقتصادية والثقافية والسياسية بين الطرفين المتنازعين. أي أن حالة الحرب في إطارها القانوني تبقى مستمرة مع توقف العمليات العدائية بين الطرفين . وخط الهدنة خط قابل للنقاش ومؤقت أملته القوة العسكرية وأعمالها, وقد يعين بشكل مكتوب أو شفهيا . ويتم الإتفاق عليها بين الجانبين المتحاربين وعادة بوجود وسيط دولي وهو لا يشكل حدودا بالمعنى القانوني.
ويشبه خط الهدنة ما يسمى بخط وقف إطلاق النار , وهو خط يفصل بين المتقاتلين في النزاعات الدولية المسلحة لا يجوز تجاوزه أو تخطيه من قبل المقاتلين او اجهزة الأمن وحتى المواطنين . ويتخذ قراره عادة مجلس الأمن الدولي بصفته راعيا للسلم والأمن الدوليين ومانعا لأي تهديد يشكل خطرا على المنطقة بينما اتفاقية الهدنة يعقدها الجانبان.
والنقطة الهامة في وقف إطلاق النار وإتفاقية الهدنة أنهما ذات طبيعة عسكرية مؤقتة , ولا يخلا بالمراكز القانونية للأطراف المتنازعة وليس لهما أية آثار على الحدود التي سترسم بين المتنازعين وقد صرحت إتفاقيات الهدنة المعقودة بين إسرائيل والدول العربية بذلك . فقد عقدت إتفاقية الهدنة بين إسرائيل ولبنان والأردن وسوريا في سنة 1949 كلا على حدة, وكانت مصر قد سبقتهم لعقد اتفاقية هدنة في ذات العام .
أما في القضية الفلسطينية فقد تعاقبت عليها نزاعات مسلحة متعددة، وبالتالي خلقت خطوط وخرائط من إفرازات عسكرية وسياسية مختلفة وفي فترات زمنية متباعدة . وحجر الرحى هو في قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين فلسطينية وإسرائيلية ووضع كوربوس سيباراتوم لمدينة القدس رقم 181 في عام 1947 الذي بين خط كل وحدة من هذه الوحدات الثلاث , وما جد من خطوط جديدة بعد ذلك فقد بني على هذا الخط وترتب على هذا الخط. ذلك أن إسرائيل تجاوزت حدود قرار التقسيم واحتلت مناطق كثيرة زيادة عليه سواء في عام 1948 أو في عام 1967 .
التفسير الإسرائيلي يرى رسم الحدود الإسرائيلية في وضع متقدم تجاه الدول العربية في تجاهل واضح لمبادىء القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.ويرى أن تدفع الدول العربية ثمنا إقليميا لحربها العدوانية في عام 1967 ويصبح المعتدي مكافئا ويجني ثمار عدوانه . أما الموقف العربي فيرى أن لا ثمار للعدوان وان اكتساب ملكية الإقليم لا يتم بأي شكل من أشكال القوة ولا مشروعية لذلك مهما طال الزمن .
وعليه فأين سترسم الحدود البحرية بين الدولة العبرية والدولة اللبنانية؟ وهل ستعترف لبنان بالحدود الدولية بين فلسطين ولبنان قبل عام 1948؟ أم ستنكر لبنان شرعية إسرائيل وترفض ترسيم الحدود البحرية معها لأنها دولة معتدية ومغتصبة؟ وهل ستمتن الدولة اللبنانية عن ترسيم الحدود وتأخذ الموضوع لمجلس الأمن أم ماذا؟ وهل ستقاوم الترسيم الإسرائيلي للبحر الملاصق باعتباره اعتداء على سيادتها أم ماذا ؟ وكيف يمكن التصرف بالغاز والنفط في المياه الإقليمية اللبنانية ومن يتصرف فيه؟
وهل سيكون لإتفاقية البحار لعام 1982 الموقعة والمصدقة من قبل لبنان قيمة قانونية في ظل عدم توقيع ومصادقة إسرائيل عليها، أسئلة تحتاج إلى أجوبة علمية وقوية وراسخة ومثابرة يزامنها قوة على الأرض والبحر.
مقالات صحيفةالأيام
أطراف النهار..الإرهاب يعبر السويس .. غرباً!
حسن البطل
مريم، ابنة أخي، أخبرتني من القاهرة بما لم يفاجئني كثيراً. هي فلسطينية سورية لجأت الى ديار مصر مع زوجها المهندس الفلسطيني السوري هرباً من الفوضى السورية الطاغية.
لم تحصل مريم على إقامة بعد، خلاف معظم اللاجئين السوريين. من الأسباب التي فاجأتها أن عامة الشعب المصري تجهل أن الفلسطينيين منتشرون خارج فلسطين (مناطق السلطة وإسرائيل).
مصر، المضيافة تاريخيا، أيام وسنوات الاضطراب والحروب الأهلية والفوضى في بلاد الشام خلال القرن التاسع عشر، الذين لجؤوا منها الى مصر وزرعوا بذور الصحافة والمطبوعات فيها، لم تعد كذلك مع فوضى "الربيع العربي"، وخصوصا ازاء الفلسطينيين. لماذا؟
أخبرتني أمي، رحمها الله، أن عامة المصريين كانوا يعتبرون كل سكان شمالي قطاع غزة "شوام" اي سوريين، كما كان سكان دول اميركا اللاتينية ينعتون كل المهاجرين من بلاد الشام على أنهم "أتراك"!
هذا سبب "تاريخي" يضاف الى أسباب راهنة، فمصر المحروسة - المستقرة إبان الاضطراب الشامي في القرن التاسع عشر، أضحت من دول فوضى الربيع العربي، التي رفعت "الإخوان" الى الحكم، عاماً ثم انتفضت عليهم.
لا يجهل المصريون أن "الإخوان" صعدوا الى حكم غزة قبل الربيع العربي هذا، وانهم يحكمون غزة حتى بعد ان خسر الإخوان - الحركة الام الحكم في بلاد النيل. غزة هي صداع لمصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية لأسباب مختلفة.
يعنينا الصداع المصري من غزة بعد طي صفحة حكم الرئيس الإخواني، حيث صارت سيناء، درع مصر، بطنها الأمني الرخو، ومنطقة مواجهة مسلحة بين الجيش المصري والحركات المسلحة الإرهابية.
سنرى في عملية التفجير "الانتحاري" في المنصورة علامة خطيرة على انتقال "الإرهاب" من شبه جزيرة سيناء الى قلب مصر، لأن جماعة "أنصار بيت المقدس" تبنّت العملية ... وكل ما له علاقة بهذه الجماعة يرتبط آلياً، في البال المصري، بفلسطين والفلسطينيين، اي بالعلاقة المفترضة بين إخوان غزة "حماس" بهذه الجماعة. "حماس" هي الإخوان، وهي غزة، وغزة هي الفلسطينيون؟!
حتى الآن، كانت المواجهات المسلحة بين النظام الجديد في مصر والمعارضة المسلحة تكاد تقتصر على مدن مصر.
الجديد هو عملدية "انتحارية" اولى في مدينة مصرية، اي انتقال مثل هذه العمليات من العراق إلى سورية ولبنان، بعد ان انحسرت العمليات هذه التي رافقت الانتفاضة الثانية في إسرائيل، وصار هذا النمط من الإرهاب العشوائي منسوبا للفلسطينيين لدى الرأي العام العالمي. الجماهير المصرية الغاضبة من التفجير "الانتحاري" في المنصورة صبت غضبها على الإخوان، الذين تبرؤوا من المسؤولية، وبما ان هناك علاقة فكرية بين إخوان غزة والحركة المصرية الأم، وصارت العلاقة سياسية خلال حكم الإخوان، فإن بعض رشاش الغضب سيتجه الى غزة والفلسطينيين بعامة.. للأسف!
جاءت عملية المنصورة، بينما تتحدث إسرائيل عن تصاعد "الإرهاب" الفلسطيني "الشعبي" منه و"الفردي" من حيث المبادرة .. والآن، بعد المحاولة التفجيرية الفاشلة في حافلة بمدينة "بيت - يام" ستتحدث إسرائيل عن عودة "الإرهاب" الفصائلي، ما دامت حركتا "حماس" و"الجهاد" سارعتا الى الاشادة بعملية هواة فاشلة، من غير المستبعد ان تكون من تدبير أجهزة الأمن الإسرائيلية؟! تقول صحف إسرائيل اشياء عن تحالف مصلحي عجيب بين دول خليجية وإسرائيل ازاء "الخطر" النووي الإيراني، وربما ستتحدث عن تعاون مصلحي لاحق بين مصر وإسرائيل في مواجهة الإرهاب؟
عبور الإرهاب قناة السويس غرباً الى مدن مصر سيؤجج الانقسام في الشارع المصري، وسيلقي بظلاله، سلباً وإيجاباً، على خطوات "خارطة الطريق" لعودة الاستقرار الى بلاد النيل، وعلى الأغلب ستشتد المواجهات المسلحة في سيناء، وتتشدد مصر في حملتها لإغلاق الأنفاق. وعلى معبر رفح. "داعش" و"النصرة" في العراق وسورية، وفي مصر هناك "انصار بيت المقدس"، ويدفع الفلسطينيون وقضيتهم ثمناً جانبياً من فوضى الربيع العربي .. كما من المفاوضات؟!
لن يرحمنا أحد ما لم نرحم أنفسنا!
طلال عوكل
في كل مرة، يبادر فيها الجيش الإسرائيلي، إلى قصف مواقع في قطاع غزة، تثور أسئلة الصحافيين، التي لا تعبر عن حقيقة مشاعر السكان، الذين لم يعودوا يهتمون كثيرا بعدوانات إسرائيلية واسعة او محدودة، فهذه بالنسبة للناس متوقعة في اي وقت، طالما ان إسرائيل هي التي تبادر إليها وليس الفلسطينيين، هذا لا يعني ان الناس في قطاع غزة لا يكترثون بالمصائب التي تقع على رؤوسهم في كل مرة تقوم فيها إسرائيل بشن عدوان واسع على القطاع، ولكن على الجميع ان يصدقوا بأن المواطن الفلسطيني يتألم ولكنه لا يغضب مما يتسبب به المحتل الإسرائيلي من آلام، ولكنهم يغضبون ويتألمون اكثر، حين يترتب عليهم ان يدفعوا أي ثمن مهما كان بسيطا، لأسباب تتصل بالصراع الداخلي، أو باستمرار الانقسام.
ليس علينا ان نبحث كثيراً، عما إذا كانت إسرائيل تحضر لعدوان عسكري واسع ضد قطاع غزة الآن، فبالإضافة إلى ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون، بأن أمن غزة، يتحقق عبر أمن إسرائيل، فثمة حسابات أُخرى تتصل بالمفاوضات وبالموقف الأميركي الذي لا يرغب في أي سلوك يمكن ان يهدد استمرارها.
غير ان هذه الأسباب والعوامل تظل مؤقتة ومرهونة بتطورات الوضع سواء على جبهة المفاوضات الجارية، أو على جبهة التطورات التي يمكن ان تقع على مبنى الائتلاف الحكومي القائم في إسرائيل، والذي قد يتعرض للانهيار او التبدل، استجابة لأسباب خارجية.
الفلسطينيون في قطاع غزة لهم حساباتهم، التي لا تقوم على المبادرة نحو التصعيد وذلك لأسباب كثيرة، قد يفسرها الإسرائيليون على طريقتهم ولكن للفلسطينيين تفسيرات أخرى، والحال ان إسرائيل لا تزال ترى فائدة كبيرة من استمرار الانقسام الفلسطيني، وحصر المفاوضات، جغرافيا بالضفة الغربية، بعيدا عن قطاع غزة وما فيها، ولكن بدون ترك قطاع غزة على حاله، ليراكم المزيد من أسلحة القوة، كما يدعي الإسرائيليون.
اذا كان هذا يتطابق مع الموقف الأميركي كما عبر عنه كل من الرئيس باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري، هذا الموقف الذي أشار الى ان غزة ستجد ما يلهيها، فإن الإسرائيليين يجدون في استمرار الانقسام، ذريعة للضغط على السلطة الفلسطينية، من باب التشكيك في التمثيل الفلسطيني، او القدرة على دفع استحقاقات السلام الذي يريدونه.
ولكن ماذا يقصد الأميركيون بحديثهم عما سيكون لغزة ما تتلهى به؟
موقع "والا" الإسرائيلي الأمني، أشار عن مصدر مسؤول قوله، إن إسرائيل ستمارس على قطاع غزة ضغوطا اقتصادية، في هذه الحالة ستكون مثمرة جداً، بسبب تدمير شبكة الأنفاق على الحدود بين قطاع غزة ومصر.
اما الرئيس الإسرائيلي الطاعن في السن شمعون بيريس، فقد هدد بقطع كل المساعدات الخارجية التي تصل الى قطاع غزة، وفي الحال وكترجمة فورية لهذا التوجه الذي يتجاوز حدود التهديد الى العمل المباشر الملفت أغلقت إسرائيل معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الوحيد، الذي يشكل منذ بعض الوقت الشريان الذي يغذي القطاع باحتياجاته الاقتصادية والإنسانية.
إسرائيل اذن تنتقل بحصارها للقطاع، الى مستوى خنق وتجويع سكانه، الامر الذي يهدد كل قطاعات الحياة الإنسانية، ويترتب عليه، نتائج اشد صعوبة من نتائج العدوانات العسكرية.
على ان إسرائيل، ومن يواليها، يتجاهلون ان العنف أخذ في التصاعد بشكل متسارع، خارج قطاع غزة، وبما في ذلك أراضي ١٩٤٨، حيث تتزايد العمليات العسكرية، وعمليات الطعن بالسكاكين، والدهس وكل ذلك يشير إلى أن ثمة مؤشرات حقيقية، نحو اتساع نطاق وكثافة هذه العمليات.
حين نفحص أسباب هذا التصعيد، الذي يحذر بعض القيادات الإسرائيلية من ان يتطور الى انتفاضة واسعة على غرار انتفاضة الأقصى، سنجد أن إسرائيل هي التي توفر وعن قصد وتخطيط الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى انفجار الأوضاع على نحو واسع.
ففي داخل مناطق الخط الأخضر، تتزايد القرارات والممارسات، والتشريعات العنصرية، التمييزية ضد الفلسطينيين من مواطني دولة إسرائيل، وفي المناطق المحتلة عام ١٩٦٧، فإن قائمة الاستفزازات، والممارسات الإسرائيلية لا تنتهي، وفي ظل حالة الإحباط والتشاؤم التي تسود المفاوضات، فإن أوضاع الفلسطينيين تتفاقم باستمرار، بحيث سيأتي الوقت الذي لا يعود فيه لأحد القدرة على السيطرة عليه.
إسرائيل تقوم على نحو متعمد بتصدير أسباب فشل المفاوضات او تعثرها الى الطرف الفلسطيني، وتمالئها في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تكف عن الضغط على الفلسطينيين من اجل الهبوط بسقف مطالبهم الى الحد الذي يستجيب للمطالب الإسرائيلية المتزايدة.
بعيداً عن الرغبة في الاصطياد في المياه العكرة، او تقييمات الضعف والقوة، وبعيدا عن الصلوات، والنصائح المغرضة فإن قطاع غزة مقبل على أوضاع اشد صعوبة من اي وقت مضى.
حكومة الببلاوي أصدرت قراراً باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وذلك بعد ان نزعت عنها الشرعية القانونية، وهو أمر ينسحب على كل افرع الجماعة بما في ذلك في غزة، والحال عموما يزداد توترا وسوءاً بصدد علاقات مصر بحركة حماس وسكان القطاع بالمعية، كنت قرأت مقالة للباحث الفلسطيني جميل مجدي، هي عبارة عن رسالة، تنضح بالوطنية للأخ إسماعيل هنية، يقترح عليه فيها المبادرة لدعوة الرئيس عباس إلى قطاع غزة من اجل تشكيل الحكومة، وتحديد موعد الانتخابات بما في ذلك للمجلس الوطني الفلسطيني، وحتى تبدأ عملية تنفيذ بنود المصالحة كما تم الاتفاق عليها.
كان هذا الاقتراح، او هذه النصيحة امس افضل من اليوم، ولكنها اليوم افضل من الغد، ولذلك فإنني أضم صوتي إلى صوت الباحث مجدي، والى أصوات شخصيات وطنية مستقلة كنت من بينهم، الذين تقدموا مبكراً بهذه النصيحة، فالوحدة هي القوة، وهي تستحق أن ندفع من أجلها، اكثر مما ندفع في غيابها، وهو كثير جداً على اي حال.
الإرهاب يضرب في مصر
د. عبد المجيد سويلم
قلنا من على صفحات "الأيام" قبل عدة شهور أن الإرهاب في مصر قادم، وذلك لأن جماعة الإخوان رفضت التراجع ورفضت المراجعة. لم يكن ممكنا إزاء هذا الوضع أمام هذه الحركة إلا العنف والإرهاب، إما لتحسين الوضع التفاوضي للحركة او لمحاولة التأثير عبر هذا بالذات (اي العنف والإرهاب) على سير الأحداث في مصر وصولا أو أملاً بتعطيل خارطة المستقبل وفي مفصل الاستفتاء على الدستور تحديداً.
لم يصدق البعض أن حركة الإخوان المسلمين بهذا التوجه تكون قد حرقت كل السفن واصبح ظهرها إلى الحائط (وهو حائط ساقط) على حد تعبير محمود درويش.
ولم يصدق هذا البعض ان "الإخوان" اصبحوا بموجب كل ما تقدم أمام حلف سياسي جديد (تحالف الشرعية) على المستوى الداخلي سياسيا وأمام تحالف امني وعسكري مع "القاعدة" ومع جماعات التكفير وفي إطار علاقات إقليمية ودولية منظمة سواء على صعيد التنظيم الدولي للإخوان أو عبر منظومة علاقات سرية مع أجهزة مخابرات دولية معروفة لدينا جميعاً.
وبالرغم من الضربات القاسية التي تلقاها تنظيم الإخوان على مستوى الصف القيادي الأول وربما غالبية الصف القيادي الثاني، وهو الأمر الذي يفسر انتقال الحراك السياسي للإخوان الى المجموعات الطلابية، وعلى الرغم من أن الجماعات التكفيرية وتنظيمات القاعدة قد تلقت هي بدورها ضربات مدمرة في سيناء، ومدن القناة وبعض مراكز الصعيد، إلا ان هذه المنظمات والمجموعات بما بات يتيسر لها من دعم مالي كبير ومن إمدادات تسليحية كبيرة تؤمنها لها تنظيمات الإخوان الإقليمية في كل من ليبيا وقطاع غزة وبعض المناطق الحدودية في السودان، وكذلك بعض الشبكات الدولية للقاعدة وخصوصا الشبكات التي تتمركز في ليبيا.. ما زالت قادرة على إعداد لعمليات إرهابية كبيرة يتم توقيتها بالأساس وارتباطها أيضا مع أجندة سياسية مستهدفة.
ومع أن انتخابات الطلاب في الجامعات وانتخابات نقابة الأطباء في مصر كان يمكن أن تشكل محطة للمراجعة والتراجع بعدما كشفت هذه الانتخابات ان الشعب المصري قد سحب الغطاء الشعبي من جماعة الإخوان إلا ان التيار القطبي "نجح" في جر الجماعة إلى متاهة الإنكار والمراهنة على أوهام استعادة الدور بالوسائل العنيفة والإرهابية.
بذلك تكون جماعة الإخوان قد أدخلت نفسها بصورة نهائية في معركة ضد الدولة المصرية وضد إرادة الشعب المصري ولم يعد أمامها (والحال هذه) سوى التحالف مع "القاعدة" وجماعة التكفير، ليس من موقع الحاجة "الماسة" لهذا التحالف في لحظات سياسية مفصلية وحساسة، وإنما الى تحالف دائم ومستقر ومصيري ينقل جماعة الإخوان للمرة الأولى في تاريخها من موقع التكيف السياسي الى موقع كسر العظم.
باختصار انتقلت الجماعة الى معركة السلطة وخسرتها، والى معركة البقاء وشروط العيش والتواجد وخسرتها، وها هي الآن تدخل المعركة الأخيرة حول ان تكون او لا تكون او معركة البقاء من الفناء.
الفرق بين معركة الإخوان اليوم ومعارك الأخوان في نهاية عهد الملك وفي عهد عبد الناصر .. والسادات وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك هو فارق جوهري وجديد وغير مسبوق على الإطلاق.
معركة الإخوان اليوم ليست تكتيكية ولا هي مؤقتة، لم تعد المسألة مسألة توجيه "ضربة" مفصلية او محاولة إرباك للمشهد السياسي، ولم يعد الهدف إخافة الخصم او محاولة التأثير على قراره. معركة اليوم هي إما الإخوان وإما هذا الخصم.
معركة الاخوان اليوم تختلف عن محاولة قتل زعيم او اغتيال رئيس وزراء او حتى قتل الرئيس السادات وهي تختلف عن عمليات إرهابية للإعلان عن الوجود والقدرة، او حتى لحشد التأييد وتزعم تيارات المعارضة والمراهنة على قيادتها.
معركة اليوم ببساطة ليست معركة سياسية على المواقف والاستراتيجيات بل هي معركة شاملة على البقاء كمكون سياسي وفكري وثقافي واجتماعي واقتصادي ايضا.
معركة الإخوان اليوم معركة مفتوحة بدون حدود وبدون قيود، مفتوحة من حيث الوسائل والأساليب، ومفتوحة من حيث الحدة والشدة والدمار ومفتوحة من حيث قائمة الأعداء والأصدقاء، وهي مفتوحة قبل كل شيء على أعلى درجات الاستقواء بالخارج بغض النظر عن جدية هذا الخارج وبغض النظر عن أطماعه وأهدافه وحتى انحطاط أساليبه ووسائله.
معركة الإخوان اليوم حيّدت الأيدلوجيا والعقيدة وجمدت الفكر السياسي، ونمّت الممنوع والمشروع وأزاحت الدين نفسه عن طريق الوصول الى "الأهداف" المنشودة.
جماعة الإخوان تعرف قبل غيرها ان إقرار الدستور بأغلبية كافية سيعني بالضرورة خسارة المساحة الأكبر من هامش المناورة السياسية لديها وسيقوض إمكانية اللعب على الأوراق الدولية الرسمية وشبه الرسمية.
وتعرف الجماعة حق المعرفة أن النجاح في تطبيق كافة الاستحقاقات السياسية لخارطة المستقبل سيفضي حتما إلى درجة من الاستقرار تسمح للدولة المصرية بالعبور إلى حقل التنمية وتحقيق درجة معينة ومقبولة من أهداف الثورة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وان مجمل هذا كله سيعيد للدولة المصرية دورها الإقليمي والعالمي وهو الأمر الذي سيحول "موضوع" الإخوان برمته الى هوامش جانبية.
مقابل ذلك، فإن الدولة المصرية باتت مطالبة في معركة مجابهة العنف والإرهاب بعمليات صعبة من "الاستئصال" وقد تربط ما بين هذه العمليات وما بين نجاح خارطة المستقبل، في ضوء أن أوسع القطاعات الجماهيرية باتت تدرك حتمية "القضاء" على الإخوان لعبور الدولة المصرية الى المستقبل.
استئصال جذور العنف والإرهاب أمر ممكن بل ويمكنه ان يكون اكثر من ضروري من وجهة نظر القيادة المصرية، إلا ان نزع الغطاء الشعبي عن الإخوان اصبح اليوم متاحا اكثر من اي وقت مضى، واصبح الإخوان يعيشون عزلة الاكتئاب السياسي التي تمهد من الناحية النفسية للتفكير بالانتحار.
هذا كله والإرهاب يضرب مصر وسيضرب مجددا كلما أتيحت له الفرصة. الإرهاب في مصر اليوم تحول إلى حاضنة لليأس والإحباط الذي تشعر به الجماعة بعد توالي الخسارات والهزائم وسقوط وتداعي الرهانات وتصدع جدران الدعم والإسناد واهمها جدار الدعم الشعبي. دخل الإخوان في مرحلة النفق المعتم دون ان يعرفوا ان لا أمل لهم ولا حول ولا قوة.
طرطشات
د.فتحي أبو مغلي
• إعلان اي منطقة "منطقة منكوبة"، يعني أن الدولة تلتزم بتخصيص "جزء " إضافي خاص" من ميزانيتها لإغاثة هذه المنطقة المنكوبة، وانها ستطلب مساعدات دولية، وتعرف المنطقة المنكوبة بانها المنطقة الجغرافية التي اصيبت بكارثة طبيعية أو تكنولوجية أو اجتماعية تؤثر هذه على السكان بـزيادة دراماتيكية في النفقات وبفقدان للطاقة والطعام والخدمات الاساسية، كما تؤثر من خلال زيادة مخاطر انتشار أمراض بين السكان، وبالتالي تفتح هذه الظروف المنطقة أمام المساعدات الوطنية والدولية، وعليه فان قرار اعلان اي منطقة جغرافية داخل الوطن منطقة منكوبة هو مسؤولية الحكومة حصرا، والتزام منها برصد الميزانيات اللازمة، ونستغرب قيام بعض المسؤولين من محافظين او رؤساء بلديات باعلان محافظاتهم او بلدياتهم مناطق منكوبة دون العودة للحكومة ودون اتباع اي معايير معتمدة ودون ان تكون المنطقة حقيقة منكوبة بل قد تكون بعض مرافقها قد تعرضت لخسائر ما نتيجة امطار غزيرة او عواصف ثلجية.
• حين يموت كاتب وروائي وشاعر وفنان تشكيلي عربي متجمدا من البرد على الرصيف لانه لا يملك سقفا" يأويه فهذا دليل على ما نعانيه كامة من ازمة في الاخلاق وفقر ثقافي وانحدار حضاري. نعم هذا ما حصل مع الكاتب والروائي والشاعر والفنان التشكيلي السوداني الذي مات متجمدا من البرد وهو نائم على احد ارصفة ميدان التحرير في القاهرة التي لجأ اليها بعد ان ضاقت به شوارع وبلدات وطنه السودان. ان العين لتدمع وان القلب ليحزن على مبدع لم يشفع له ابداعه ان يجد غرفة تؤويه من التشرد وغطاء يحميه من البرد ووجبة آدمية تكفيه شر التسول.
• في اليوم العالمي للغة العربية والذي يحتفل به العالم في 18 كانون الأول من كل سنة. نكشف امام كل من يهمه الامر، مأساة ان اكثر ابنائنا من طلبة المدارس والجامعات لا يجيدون الكتابة باللغة العربية، يجهلون الاملاء والقواعد وخطهم غاية في الرداءة. هل من الممكن ان تعني تلك الحقيقة وهذه المناسبة شيئا بالنسبة لواضعي المناهج في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وكل وزارات التربية والتعليم او المعارف العربية، وان يبدؤوا بالتفكير بأسباب المشكلة وانعكاساتها وربما ايجاد الحلول لها، وربما يكون من ابسطها اعادة دفتر الخط وكتابة الاملاء مرة اخرى .
• باعلان الأمم المتحدة للعام 2014 "عام التضامن مع الشعب الفلسطيني"، ﹸتفرض حقائق جديدة على الارض، إن أُحسن ألتحضير والتشبيك والتنسيق بيننا كفلسطينيين ومع اشقائنا العرب والمسلمين واصدقائنا وحلافائنا في كافة دول العالم. واذا كان الأمين العام بان كي مون يقول "إننا لا نستطيع أن نتحمل خسارة الفرصة الحالية المواتية. ويبقى الهدف الواضح هو وضع حد للاحتلال الذي بدأ عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة وقادرة على البقاء على أساس حدود عام 1967. تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع دولة إسرائيلية آمنة. وينبغي أن تخرج القدس من المفاوضات باعتبارها عاصمة الدولتين، مع وضع ترتيبات بجعل زيارة الأماكن المقدسة متوفرة للجميع. كما يجب إيجاد حل متفق عليه لملايين اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة"، فماذا نحن قائلون وفاعلون، عام 2014 هو عام فلسطين! ولا بد ان تركز كافة البلاد العربية والإسلامية انتباهها إلى فلسطين، فان فلسطين دائما تجمع ولا تفرق توحد ولا تباعد وفلسطين تستحق في عامها جهدا" اكبر ومالا" اوفر وعملا" اصدق في عامها الذي ان افل دون تحقيق اهدافه فلن يعود ثانية، انه عام الفرصة الاخيرة، نكون كما نريد او لا نكون ابدا".
• درج بعض المسؤولين مؤخرا على استعمال عبارة بناء على تعليمات معالي الوزير او تعليمات دولة رئيس الوزراء او تعليمات سيادة الرئيس وذلك بهدف تعزيز قراراتهم او تحصينها، ونحن نسأل اذا كان كل مسؤول سيحتمى بالمسؤول الارفع منه فلماذا اذا" توضع الانظمة والقوانين والخطط والاستراتيجيات القطاعية والوطنية؟.
هـل ارتكبت فيـروز الإثم حيـن أعلنت حبها؟
تيسير الزّبري
لقد هالني ما قرأته من السيد مهند عبد الحميد في مقال تحت عنوان "بين فيروز وبيتهوفن" على صفحات الأيام يوم الثلاثاء الماضي الموافق 24 كانون أول.
لم يخطر ببالي في يوم من الأيام أن يقوم كاتب ( ديمقراطي ويساري) بسَوق مثل هذه الاتهامات ضد حزب الله وسماحة السيد حسن نصر الله أمين عام الحزب، والمدخل لهذا الهجوم هو ما كان نقله عن زياد الرحباني / الفنان اللبناني عن والدته الفنانة الكبيرة فيروز من أنها تحب سماحة السيد نصر الله بالطبع، فإن الهجوم على الفنانة فيروز وسماحة السيد نصر الله شمل كل من ينظر باحترام لهذا القائد الوطني اللبناني الإسلامي الكبير وهم كُثر؛ وبأغلبية كاسحة من أبناء شعب فلسطين الذين ينظرون باحترام وحب ووفاء لهذا الحزب وقادته وشهدائه.
لم يوفر السيد عبد الحميد الفاظا غير موضوعية مليئة بالتحامل إلا وذكرها مستخدماً أوصافاً منها أن حزب الله طائفي رجعي ومرتبط بدولة إيران ( وان إيران وفق رأيه دولة رجعية وزعيمة للطائفة الشيعية، ولم يبق سوى تذكيرنا بألفاظ واتهامات ذات صفة شوفينية بالفارسية والصفوية) وهنا كان لا بد من التحسر على أيام شاه إيران الحليف الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة. وبالمناسبة فإنني انصح الأخ عبد الحميد قراءة بعض تاريخ الحركات الإسلامية التي ثارت على الظلم والفساد في القرنين الثالث والرابع الهجريين ....
لماذا كل هذا التحامل ..!؟
لم يكتب يوماً عبد الحميد _ وذلك حسب قراءاتي شبه الدائمة له – مثل هذا القول إلا لأن حزب الله قد وقف مع سورية (وأنا أُصر على انه وقف مع سورية وليس مع أي قائد حاكم أو معارض مهما كان لونه) والخلفية السياسية التي قالها أمين عام حزب الله (الذي لم يتردد كاتب المقال عن وصفه بالإمبراطور بونابرت) بأن ارتدادات الوضع في سورية سوف تشمل لبنان والعراق وفلسطين والمنطقة عموماً؛ فهل يرى الكاتب غير ذلك؟! وهل ان التخلص من بشار الأسد كما يتمنى السيد عبد الحميد يمكن أن يجلب للمنطقة الخير والعافية، أم أن ذلك لن يتوقف عند تلك الحدود؟ وهل يعتقد كاتب المقال أن القوى الديمقراطية التي يدافع عنها يمكن أن تكون الآن هي الوريثة لحكم بشار الأسد، أم أن حكماً طائفياً دموياً هو المرشح لحكم سورية وتدميرها وتفتيتها وتقديم أفضل الخدمات لاسرائيل!.
لماذا تدخل حزب الله في سورية ومتى؟ لقد استمعنا -ولا بد ان الكاتب قد استمع أيضاً - بأن إرسال الدعم من قبل حزب الله الى سورية قد تم بعد ما امتلأت أرياف سورية ( بالمجاهدين والمجاهدات) من كل بقاع الأرض من أجل إسقاط (الطاغية حسب وصف كاتب المقال) وهل أن هذه المجموعات (المجاهدة) سوف تعيد للشعب السوري حريته وديمقراطيته وتحقق العدالة على الأرض وتفتح أمام الشعب السوري أبواب الجنة !!
وهل كان مطلوباً من حزب الله أن يقف محايداً أمام اختراق الحدود اللبنانية من قبل هذه المجموعات المتطرفة ونقل سلاح القوى الغربية والرجعية الى الأراضي السورية كما هي الحدود التركية مرتع وممر لكل مجموعات الإرهاب العالمي .!
هل هذا ما يريده الكاتب؟ وهل هذا هو الطريق للحرية والديمقراطية والمدخل للحفاظ على وحدة كل السوريين بكل طوائفهم على التراب السوري الموحد؟. إن هذه الأساليب من القتل المروع والذبح الطائفي لن تكون البديل للنظام الحالي !!
نحن الفلسطينيين معنيون بأن تتجاوز سورية الأزمة الراهنة ومعنيون بوقف القتال وبالتصالح ما بين أطراف النزاع، والراغبون في وقف القتال والمؤمنون بالتحول الديمقراطي السلمي وبمشاركة المعارضة السورية من الداخل والخارج في انجاز خارطة الطريق من اجل سورية ديمقراطية وموحدة وصامدة في وجه قوى الظلام والعنصرية.
أخيراً، ربما أجد عذراً للسيد مهند عبد الحميد والقلة التي تؤيده من ان هذه الحملة على كل من يقف مع سورية أو سماحة السيد نصر الله وآخرهم الفنانة الكبيرة فيروز ( المسيحية الارثوذوكسية) ذلك ان كل رهاناتهم على سقوط النظام قد فشلت أو تكاد؛ وبأن أسباب النجاح قد تحققت بصمود السوريين وبالدعم والمساندة من قبل إيران وروسيا والصين وأغلب دول أميركا اللاتينية وبالتأكيد من الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني ومن كافة قوى التقدم في العالم؛ الأمر الذي أرغم جبهة الأعداء على التراجع، وما يجري أخيراً من مذابح في عذرا واللاذقية وريف دمشق وحلب ما هو إلا رقصات الديك الذبيح كما وصفه الشاعر إبراهيم طوقان.
مقالات صحيفةالحياة
تغريدة الصباح - سوبر ستار للإيجار
امتياز دياب
تقع المجر في اليمن، لِمَ لا؟. برلوسكوني ممثل رومانسي، لِمَ لا؟. الأحزاب الاميركية الرئيسية هي حزب الفيتو والناتو والحزب الشيوعي، لِمَ لا؟. يحد الفاتيكان، الباكستان.. أو أفعانستان،لِمِ لا؟. على أساس مضبوط الإيقاع موسيقيا، أفغانستان، باكستان داغستان، كازخستان وفاتيكان،
يا هيك الثقافة يا بلاش.
إذا كانت إجابات طلاب الجامعات على هذه الاسئلة، بهذا القدر من الجهل وعدم الكفاءة، فمن الصعب أن ننتظر خيرا من الأجيال القادمة؟.
أما بالنسبة للسؤال الآخر الأكثر أهمية (من يغني آه ونص؟) جميع الإجابات كانت صحيحة دون أدنى تردد.
في الحقيقة، لا نعرف من هو المسؤول عن هذه الكارثة، لذا لن أوجه أصابع الإتهام الى جهة معينة، سواء كانت حكومة أو وزارة، أو جامعة أو أساتذة أو صحافة أو فضائيات في الشرق أو في الغرب.
وعلى فكرة..مسألة الجهل، ليست قاصرة على العالم العربي، بل أن الجهل ذاته ينتشر بين شباب الولايات المتحدة، الذين لا يعرفون ما هي اسرائيل مثلا، هل هي دولة أم بطيخة، أم بُعْبُعْ. وهذا مفاده أن الجهل هو نقطة مشتركة بين شعوب العالم أجمع وليس مقتصرا على الدول العربية فحسب بل هو متفشٍ في معظم الدول الغربية أيضا.
أما الفرق بين جهلنا وجهلهم هو: أن الشعوب العربية كانت وما زالت مستلبة بالغرب وهذا الإستلاب بالذات رغم سلبيته، له جوانب إيجابية إذ يجعلهم أكثر اطلاعا وفضولا على ما يجري في معظم أنحاء العالم، بينما الشعوب الغربية لا تكترث لهذه الأمور، على أساس أنهم على يقين بأنهم سرة الكون.
صدر منذ أعوام عن الأمم المتحدة تقريرا جاء فيه: أن الإنسان العربي لا يقرأ أكثر من نصف صفحة في العام. ومع ذلك، تجد أن أغلبية هؤلاء الذين لا يقرؤون سوى نصف صفحة في العام مصنفين كشعراء وكتاب، يحصلون على جوائز من مؤسسات خُلقت على شاكلتهم وأشباههم.
ومانحو هذه الجوائز، ليس بإمكانهم وكفآتهم تقييم إذا ما كان هذا الشخص يستحق جائزة أم (ضرباً بالعصي على جنابه ونافوخه ونافوخ أبوه واللي خلّفوه).
سمعت عن رسام كبير له اسم يرتجف له الوسط الفني، يتشدق بأحقية كاتب (طبعا صديقا له) لنيل جائزة نوبل للآداب، وهذا الرسام العظيم هو نفسه لم يقرأ رواية واحدة لهذا الكاتب الذي يشجع على دعمه بترشيحه لجائزة نوبل.
لكن ماذا يهم، مَن أخذ جائزة نوبل للآداب أو للسلام، أو من ذاع صيت نجاحه في أي مجال مِن المجالات، مع العلم أن ليس كل من لمع اسمه (بيستاهل).
سألني صديقي الذي لم يسمع به أحد سواي، لماذا لا تباع كتبك في الأسواق؟ ولماذا ما زال اسمك مغمورا، رغم العديد من كتبك ومقالاتك ؟.
كانت إجابتي خجولة إذ قلت:" هناك أسماء لامعة، وهناك أسماء تبقى في الدرج". من أجل أن أصبح (سوبر ستار) كان حرياً بي أن أقضي وقتي بالركض بين مهرجانات الصالونات، أو أن هناك حلا آخر، هو دون إمكانياتي ألا وهو شراء جوائز تحملني الى سلم الشهرة، لكنني لن أفعل ذلك خوفا من الوقوع أرضا، إذا وصلت الى الهضبة مثل عمرو دياب، طبعا الجميع يعرف من عمرو دياب وليس من هي امتياز دياب.
وهكذا التاريخ لا يذكر إلا العظماء بحق، ولكنه لن يذكر من غنى أغنية آه ونص، حتى لو رددتها أجيال بأكملها، (أنا لست متأكدة من هذا التصريح).
وأخيرا أقترح شخصيا منح جائزة لموهبة غير معروفة، ولم لا؟ لشخصي الكريم؟، ومن يدري؟ قد يكون ما في جعبتي مثيرا للإهتمام.
الأخوان المسلمون من صفقات الحكام إلى قرار الشعب!!!
يحيى رباح
شعب المنصورة العظيم، الذي واجه الغزو الفرنسي ذات يوم وأسر ملكهم، أطلق هديره الذي يفوق هدير الأمواج الصاخبة يوم أمس، مطالب بكل وضوح باعتبار جماعة الاخوان المسلمين جماعة إرهابية.
هذا هو الوعي العميق جداً الذي يمتاز به تاريخياً الشعب المصري العريق، شعب صبور حتى ليشتكي منه الصبر نفسه، إنه الشعب الذي عبر وحده ومعه العالم من تعدد الوثنية إلى وحدة الوثنية، ومن وحدة الوثنية إلى وحدانية الله، وجسد كل ذلك بأشكال حضارية عالية المستوى ما تزال بعض أسرارها محجوبة منذ سبعة آلاف سنة!!! هذا الشعب المصري نفسه احتضن جماعة الاخوان المسلمين ووجد لهم مكاناً في حديقته الإيمانية الواسعة وارفة الظلال، ولكنه سرعان ما أخذ بطردهم منها في نوبات متلاحقة، منذ أن اكتشف بإيمانه الفطري العميق، وإسلامه الوسطي الشامل، أنهم غير مؤهلين ليكونوا جزءاً من نسيجه منذ البداية، حين رآهم يحتكرون الإسلام كأنه تركة ورثوها عن آبائهم، وأنهم شقوا الإسلام حين ادعوا أنهم وحدهم ينالون شرفه، واستخدموا الإسلام حين لعبوه كدور ليس إلا من سفوح أفغانستان إلى انقسام فلسطين!!! فقال الشعب المصري كلمته النهائية، وأصدر قراره القاطع، هؤلاء إرهابيون، ولايجوز أن تطلق عليهم أي صفة أخرى.
التفجير الإرهابي الإجرامي في المنصورة، لم يترك لأحد ما يتستر به، لم يترك للأخوان – ومن لف لفهم – ما يسترون به عورتهم، ولم يترك للحكام ما يبررون به أنفسهم حين يحجبون عن آتخاذ القرار النهائي.
خمس وثمانون سنة، عاش خلالها الأخوان المسلمون معتمدين على نظام الصفقات، الشعب رفضهم، والحكام تركوا لهم بعض المنافذ، ولكن تفجير المنصورة كجزء من بانوراما الإرهاب الإخواني من آخر حدود سيناء إلى أسوان، ومن شاطئ البحر الأحمر إلى شاطئ المتوسط، الحرب ضد الجيش المصري الذي هو جيش الأمة في الدفاع عن وجودها الحضاري، والاعتداء على رجال الأمن الذين هم العين الساهرة، والاعتداء على الجامعات التي هي خميرة المستقبل، والاعتداء على الناس الذين هم الإسلام، لأن الإسلام يمشي على أقدام البشر وبدونهم لا ينتشر في الأرض، هذا الإرهاب الإخواني تعرى ولم يعد يستره شيء، وانكشف وأمعن في الانكشاف، وسقطت دعاويه كما يتساقط الذباب، ولابد لكل ذلك أن يتبلور في قرار وطني سياسي وأمني وثقافي، قرار يقول للأخوان جماعة إرهابية.
أتمنى أن يصدر من القيادة المصرية مثل هذا القرار سريعاً جداً، اليوم وليس غداً، قرار معمد ومصفح بكل الأساطير القانونية والشرعية والسياسية!!! لأن مثل هذا القرار يمكن بعد ذلك تبنيه بالكامل في القمة العربية المقبلة، وفي القمة الإسلامية المقبلة، ودون ذلك فإن أمتنا العربية ودولها القومية ستظل تعاني من المعادلة المختلة التي انفضحت، حيث الأخوان المسلمون هم الخنجر الذي يوضع في يد الأعداء ليطعنوننا به، وفي نفس الوقت هم الحجة الدامغة ضدنا في قسوة الاتهام!!! تعالوا نكسر هذه المعادلة الظالمة، تعالوا نعترف علناً بقرار رسمي نهائي بأن جماعة الأخوان المسلمين بكل تفريعاتها هي جماعة إرهابية.
يا الله.. هب لنا المسيح
موفق مطر
يا رب المحبة والسلام.. أعد الينا المسيح ماءً لنحيي قلوبنا..فالجفاف يكاد يميتنا
هب لنا المسيح هواء..لتصير أنفاسنا حبا وسلاما..فأنفاس الكراهية والحرب عمت فضاءنا، وحجبت بصائرنا وضمائرنا وأرواحنا عن سمائنا.
يا رب اعطنا المسيح قمحا لنصنع خبز يومنا..فلا يموتن في أرضك المقدسة فقير ولا مسكين ولا ينطوي جناح طير من الجوع.. ولا يجف ضرع.
اجعله يا خالق الناس لساننا.. وكلماتنا المباركة.. فنبدد لغة ابليس المستكبر.
يا عليم..علِمنا حروف أسمه فالإنسان لا يكتب ولا يقرأ آلا بلغة المخلصين.
ربنا في السموات والأرض ابعث المسيح حرية.. ليمدنا بقوة لمسح العبودية من مناهج الناس أجمعين... لنصير كلنا أسيادا على أرضنا، تسيرنا ضمائرنا وأعمالنا، نستوحيها من آياتك المقدسة.
ابعثه يا الله عدلا ينصب ميزانك.. فالبشر على أرضك -التي خلقتنا من ترابها – قد فقدوا المقادير وانقلبت موازينهم.
أنعمه علينا عقلا يرقى بأبناء آدم الى ملكوتك وقداستك.
اشرق علينا المسيح نورا نافذا الى سويداء قلبي وكل ذي لب وبصير.. فالجفاف عم ّ صدور البشر يا سيدي، ويكاد يفتك بأمة آدم التي احببت وقدست.
يا ملك يا قدوس آتنا المسيح رحمة تؤلف قلوب ابناء آدم، لنزيل خطوط الشيطان بين الذكر والأنثى، الأبيض والأسود.. فلا يبقى عبد ولا تبقى سيادة إلا لوجهك الرحمن الرحيم.
أرسله علينا شمسا يكسر شعاع صبحها قضبان وإقفال زنازين الظالمين
ارسله قمرا ترى في بدره أم الشهيد وجه حبيبها..فتبدد ظلام ليل الحنين
انفخ المسيح علينا ارادة وكبرياء وكرامة.. وإخلاصا ووفاء.. فروحك المرسلة الينا بيدها خلاصنا.. فمُّن علينا بالخلاص من جبروت المستكبرين والحراب.
يا رب اعطنا المسيح ابنا وأبا وأما واختا وأخا وصديقا وجارا ورب عمل. وانفخه روحا من امرك في اجسادنا ونحن نعلم أن امهاتنا لسن كمريم البتول.
نتضرع اليك يا خالق الحياة والموت أن تجعله حياة لنا، وارثا خالدا للآتين الى دنياك وأرضك الطيبة بعد موتنا..فنحن بغير السلام والمحبة كأننا لم نكن أبدا.
رأيت رام الله.. أعتذر عن التأخير
د. أسامه الفرا
كلما التقيت بجارنا العجوز أستحضر قصته مع حفلة أم كلثوم، كان يحرص على ممارسة طقوسه الخاصة رغم ما يصاحبها من نقد يأخذ طابع السخرية، كان جارنا ينتظر بفارغ الصبر يوم الخميس مطلع كل شهر حيث تحيي أم كلثوم حفلتها، ويتكفل صوت العرب بنقلها على أثيره، وتحضيرات جارنا تبدأ مبكراً في ذلك اليوم حيث ينتقي أفضل ما لديه من ثياب، ويطيل الوقت أمام المرآة وكأنه على موعد مع رؤية عروسه، ويجلس ورفاقه في غرفة "الضيوف" في انتظار أن تطل عليهم كوكب الشرق بصوتها، يسود الصمت المكان باستثناء بعض كلمات الاعجاب التي يطلقها الجار بين الفينة والأخرى.
نحن نفعل الشيء ذاته إن تعلق الأمر بلقاء مهم، سواء كان مع مسؤول من اصحاب المكانة المرموقة بغض النظر إن كان أهلاً لها أم غير ذلك، ونمارس ذات السلوك إن كان اللقاء له علاقة باختيار شريكة الحياة، ونسعى جاهدين لأن نصل مبكراً، ونطيل الاعتذار وخلق المبررات إن تأخرنا لدقائق معدودة، لم يخطر ببالي أن اعتذر لكتاب لاقتنائي له متأخراً، ولم يتبادر لذهني أن الكتاب القيم مثل شريكة الحياة يلازمك بأفكاره وما يحتويه طيلة حياتك، وبالتالي يفرض عليك نمطاً محدداً وأن تقلب صفحاته وتغوص في أعماقه، الكتاب بما يحتويه يتطلب طقوساً خاصة، حاله كحال فنجان القهوة يتأثر مذاقه بجملة من العوامل المحيطة به والمرتبطة بصياغة نكهته، لا يكفي أصل البن وفصله وإنما المتمم والمكمل لذلك كيف ومتى وأين نتناوله.
لا أعرف لماذا تذكرت قصة الجار وفنجان القهوة وأنا أقلب رواية الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي "رأيت رام الله"، تملكتني أهمية الاعتذار للكتاب لا الكاتب، فالأخير التقيته مراراً عبر دواوينه الشعرية، فيما "رأيت رام الله" كان لقائي الأول به، "رأيت رام الله" التي حاول فيها الشاعر أن يبتعد عن الموسيقى الشعرية ليستسلم إلى متطلبات الرواية إلا أنها خرجت كمعزوفة جمعت بينهما، بالطريقة ذاتها التي جمع في سطورها حكاية الشتات الفلسطيني بين المأساة والملهاة، كم هو مؤلم أن يستوقفك ما ذهب إليه الشاعر بأن على الكاتب أن يكتب بالانجليزية ليقرأه الغرب كي يعرفه العرب، هل كان لزاماً علي أن أعرف أن روايته "رايت رام الله" حاز بها على جائزة نجيب محفوظ للابداع الادبي التي تمنحها الجامعة الأميركية بالقاهرة كي أقرأها وأطلع على مكنوناتها الثرية، بقدر ما يسرد الشاعر سيرته الشخصية وهو يغادر المكان ليستقر في الزمان، بقدر ما تمثل تأريخاً انسانياً للقضية الفلسطينية، بعيداً عن الخطب العصماء التي تطربنا ولا تطرب سوانا.
رأيت رام الله.. تسرد تفاصيل عقد الزواج الكاثوليكي بين الوطن والغربة، فلا الغربة المفروضة على الكثير من أبناء شعبنا قادرة على سلخ أصحابها عن الوطن، ولا الوطن ذاته بمقدوره أن يتجاهلها، أجمل ما في الرواية أنها تنقل إليك الصورة مجردة، لم يستعن الكاتب بأدوات التجميل التي اعتاد عليها كثيرون في سرد تاريخهم، لذلك تجبرك الكلمات على العيش بين حروفها والامعان في تفاصيلها، كأنها تدفعك رغماً عن أنفك لاكتشاف عالمك المخفي داخلك، لتعيد بها انسانيتك قبل اي شيء آخر، أن تكون انساناً شيء أن يعيش الفلسطيني انسانيته بعيداً عن الوطن شيء آخر، وأن ترى رام الله بعيون المندهش وهي تتحول من قرية إلى مدينة شيء، وأن تراها بذكريات الماضي والحاضر شيء مغاير، وأنا امضي بصفحات الرواية إلى نهايتها وجدت لزاماً علي أن اعتذر لها، اعتذاراً يليق بقامة ثقافية كبيرة هي أهل لمكانتها ومكانة كاتبها.
سقف التصعيد الاسرائيلي
عادل عبد الرحمن
شهدت جبهة محافظات الجنوب تصعيدا مفاجئا، بعد أن اقدم احد القناصة من أذرع المقاومة، التي لا صلة لها بحركة حماس، بقنص أحد العاملين في موقع عسكري إسرائيلي في مستوطنة ناحل عوز شرق مدينة غزة، الامر الذي دفع القيادة الاسرائيلية السياسية والعسكرية لشن سلسلة من الغارات الجوية بلغت خمس عشرة غارة، أدت إلى استشهاد طفلة في عامها الرابع وإصابة العديد.
فاجأت العملية التفجيرية في بات يام وعملية القنص في ناحل عوز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، لأن التقديرات الامنية مطمئنة إلى قدرة ميليشيات حركة الانقلاب الحمساوية على الوفاء بتعهداتها وضبط إيقاع الشارع الغزي وخاصة الاذرع العسكرية وفق اجندتها والتزامها بالهدنة، التي وقعتها في نوفمبر / تشرين الثاني 2012 برعاية الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
مع ان كلا الطرفين الاسرائيلي والحمساوي بحاجة لسيناريو التصعيد، لأن كلاً منهما له اعتباراته الخاصة، الحكومة الاسرائيلية تهدف الى: أولا محاولة خلط الاوراق في الساحة الفلسطينية للتأثير على المفاوضات السياسية الجارية مع القيادة الشرعية الفلسطينية؛ ثانيا تطمين الشارع اليميني داخل الساحة السياسية أن حكومة نتنياهو يدها طويلة، ولديها جاهزية عالية للرد بقوة على اي عمل غير مسؤول في اي جبهة؛ ثالثاً تلميع دور حركة حماس في اوساط الجماهير الفلسطينية والعربية بعد انكفاء وتراجع مكانتها في اعقاب اندثار حكم الاخوان في مصر، وافتضاح دور الاخوان التخريبي في العديد من الساحات العربية؛ رابعاً التشويش على احتفالات عيد الميلاد المجيد، التي شهدت امس الأول قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد في بيت لحم بحضور الرئيس محمود عباس، وإفقاد ابناء الشعب الفلسطيني لحظات الفرح، التي يعيشونها.
وعلى صعيد حركة حماس، التي كما اشير آنفا، ليس لها علاقة بعملية القنص، فانها تستهدف من اي عملية تصعيد التالي: أولاً استثمار ذلك لتعزيز مكانتها في اوساط الجماهير الفلسطينية والعربية؛ ثانياً المزاودة على القيادة الشرعية من خلال التغني بشعار "المقاومة"، الذي لم يعد ينطلي على احد من العرب والمسلمين؛ ثالثاً استغلال التصعيد في التحريض على العرب عموما ومصر خصوصا، ووضعها في "ذات الموقع" الاسرائيلي ب"حصار" محافظات الجنوب، لعل وعسى يؤثر ذلك في تراخي القبضة المصرية المطاردة لحركة الانقلاب وقادتها في جماعة الاخوان المسلمين؛ رابعاً استغلال أنات وآلام الجماهير لممارسة ارهابها على القوى غير الملتزمة بتعهداتها الامنية مع حكومة نتنياهو؛ خامسا للتهرب من ملف المصالحة.
لكن القوى المحلية والاقليمية والدولية وخاصة الولايات المتحدة تعي حاجة الفرقاء المذكورة اعلاه للتصعيد، لكنها ليست معنية الآن بقبول اي تصعيد يهدد رعايتها لابرام اتفاق سلام بين القيادة الفلسطينية ودولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، لذا بقدر ما قبلت سقف وحدود الرد الاسرائيلي، للفت نظر حركة حماس لاي تجاوز لاتفاق الهدنة، بقدر ما ترفض اي تصعيد دراماتيكي الآن يخل بتوجهاتها السياسية، لا سيما وان الادارة الاميركية تعتبر تحقيق قفزة في عملية السلام على المسار الفلسطيني / الاسرائيلي بمثابة انتصار شخصي لكل اركانها وللولايات المتحدة ككل. وبالتالي من غير المسموح الآن خلط الاوراق، لأن لذلك تداعيات على جبهات أخرى قد تؤثر على سيناريوهات أميركا لاعادة ترتيب أوراقها وهيمنتها في المنطقة العربية والاقليم الشرق اوسطي عموما.
في كل الأحوال كشفت عملية القنص في ناحل عوز قبل يومين عن عدم سيطرة حركة حماس على الاوضاع في غزة، وان الامور آخذة في التسرب من بين يديها، لأن المواطنين وقواها ضاقوا ذرعا بحركة الانقلاب الحمساوية. وقادم الأيام سيكشف عن اشكال اخرى من وهن سطوة وسيطرة حماس على المحافظات الجنوبية.
المقالات في الصحف المحلية،،،ملف رقم (223)
</tbody>
<tbody>
الخميس
26/ 12 /2013
</tbody>
لماذا الاستهداف المستمر للقطاع؟
حديث القدس
في ظل حالة العبث!!
يونس العموري
سورية والأثمان الباهظة!
غسان شربل
جدلية الثورات والأحزاب الثورية
علي فخرو
قنبلة إسرائيل الديمغرافية الموقوتة ليس لها فتيل
يوري سادوت
ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى أين؟!
المحامي إبراهيم شعبان
أطراف النهارالإرهاب يعبر السويس .. غرباً!
حسن البطل
لن يرحمنا أحد ما لم نرحم أنفسنا!
طلال عوكل
الإرهاب يضرب في مصر
د. عبد المجيد سويلم
طرطشات
د.فتحي أبو مغلي
هـل ارتكبت فيـروز الإثم حيـن أعلنت حبها؟
تيسير الزّبري
تغريدة الصباح - سوبر ستار للإيجار
امتياز دياب
الأخوان المسلمون من صفقات الحكام إلى قرار الشعب!!!
يحيى رباح
يا الله.. هب لنا المسيح
موفق مطر
رأيت رام الله.. أعتذر عن التأخير
د. أسامه الفرا
سقف التصعيد الاسرائيلي
عادل عبد الرحمن
مقالات صحيف القدس
لماذا الاستهداف المستمر للقطاع؟
حديث القدس
تواصل اسرائيل عدوانها على قطاع غزة، مهددة حياة مئات الآلاف من سكانها الأبرياء العزل. والذريعة التي تستند إليها اسرائيل في عملياتها العسكرية واهية، وهي تعرض حدودها مع القطاع لصواريخ بدائية لا تحدث أي ضرر، ولا توقع إصابات في معظم الحالات، إن لم يكن كلها.
وفي المقابل، فقد فرضت اسرائيل بطريقة أحادية منطقة عازلة على طول الحدود مع القطاع، وكل من يقترب من هذه المنطقة أو يدخلها يتعرض على الفور لنيران القوات الاسرائيلية. وهذه المنطقة من ضمن الأراضي الزراعية التي يستفيد منها آلاف المواطنين الغزيين الذين لا يوجد لهم مورد رزق آخر، وبالتالي فهم يواجهون خطر القتل أو الإصابة عندما يدخلون مزارعهم وليست لديهم نوايا أخرى عدا عن زراعة أراضيهم أو قطف محاصيلهم.
وتدرك السلطات الاسرائيلية أن مساحة الرقعة الزراعية، بل مساحة القطاع ككل، ضئيلة. وليس في وسع من يملك، ولو قطعة أرض زراعية صغيرة، التخلي عنها لأن استزراعها والعيش من منتوجها هما مسألة حياة أو موت، بالنسبة لمن تتواجد أراضيهم في المنطقة التي فرضتها اسرائيل كعازلة بين ما هو داخل الخط الأخضر وما هو في قطاع غزة.
والمنطقة العازلة تتوغل عميقا في قطاع غزة مئات الأمتار. ومن هنا فإن مساحتها الإجمالية تربو على عشرات الآلاف من الدونمات التي لا تقدر قيمتها الزراعية بثمن. يضاف إلى ذلك، الحصار الذي يخنق قطاع غزة : وهو حصار يشمل السلع الأساسية والأشخاص في آن واحد. ويمكن إدراج هذا الحصار في عداد ما يوصف بالجرائم ضد الإنسانية، التي تنتهك القانون الدولي وأساسيات حقوق الإنسان.
والسؤال هو :بأي حق يمنع المواطنون الغزيون الذين لا علاقة لهم بالسياسة، وليسوا منتمين لحماس من ممارسة حقهم في السفر من وإلى القطاع؟ إن هذا الحظر غير مسبوق في التاريخ ليس فقط المعاصر، وإنما كذلك حتى في العصور المظلمة الوسطى والحجرية؟. مليون ونصف مليون من المدنيين العزل يعيشون في سجن كبير، والعالم صامت تجاه معاناتهم ولا يضغط لفك الحصار عنهم وفتح معابرهم البرية والجوية والبحرية أمامهم، ليعيشوا بكرامة مثل سائر البشر في كل أنحاء العالم.
وكأن ذلك كله لا يكفي، فتأتي الغارات الجوية الاسرائيلية لتقتل الأطفال الأبرياء، وتنشر الرعب والهلع في صفوف الأبرياء من الشيوخ والنساء والمواطنين العاديين، وتأتي التهديدات الاسرائيلية بتوسيع نطاق الهجمات وتحويلها إلى حرب غزو يدفع ثمنها- إن وقعت- المدنيون والسكان العزل الذين لا ناقة لهم في السياسة ولاجمل، بل ومن معارضي حماس، ومن الساعين لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية المنشودة. التعامل مع حماس مسألة فاسطينية داخلية، ولا يجب أن تتم من خلال تعريض المدنيين العزل الأبرياء لمخاطر القتل والحصار وتهديدات الحرب. وعلى العالم أن يوقف معاناة الغزيين فهم يستحقون حياة حرة وكريمة وجديرة بهم، كجزء عزيز من الشعب الفلسطيني، المكافح من أجل الحرية والسيادة الوطنية والكرامة الإنسانية.
في ظل حالة العبث!!
يونس العموري
في ظل كل هذا العبث ، وفي ظل كل هذا الكلام والكلام المضاد والمفاوضات وما يسمى بالتوافق والاتفاق وامكانية صياغة اتفاق الاطار وعقد الجولات التفاوضية، ومجلس وزراء خارجية العرب قد يقول الكلام الفصل بهذا الصدد ويأتمر باوامر وقرارات البيت الابيض ولكيري ان يقول ما يقول وان يختار التوقيت والمواقيت.
في ظل كل هذا الصراخ وذلك السكون .. نجدنا على اعتاب بوابات الانتظار لردة الفعل المنطقية والطبيعة حينما تمتهن الكرامة وتستباح حواري وازقة عاصمة الفقراء والمؤمنين بانسانيتهم .... ومرة اخرى يغزونا السؤال المتكرر منذ ان أُخضعت يبوس في أتون الصراع على واقعها الراهن ، مرة اخرى يداهمنا القلق على مصير ابن كنعان في ازقة ايلياء العتيقة وحقيقة مستقبله ومرة اخرى يأتينا النبأ العظيم المرير والحقيقة الساطعة بأن لا ننتظرهم وهي الرسالة التي تلقفناها .. فاياك يا ابن كنعان الرابض على اسوار القلاع العظيمة في القدس اياك يا سيدي أن (تقرأ حرفاً من كتابات العرب, فحربهم إشاعة، وسيفهم خشب، ووعدهم كذب )...
باسمائهم يجيئون ويجوبون سويعات في دوائر مغلقة ويرقصون رقصات الوجود على اعتاب البيوت التي ما زلت تنبض بالحب والحكايا للمنتظرين لبزوغ فجرهم المتسلل رغما وارغاما. هو المشهد الذي لطالما حاولنا تفكيك طلاسمه بلا جدوى ، وهي معادلة قد اصبحت في اعراف تجار المواقف موقف ومواقف، وللحكماء مغادرة مواقعهم ووقائعهم حيث انه وفي ظل المشهد العظيم للحظة الراهنة والتي تقترب نحو تقرير المصير وفقا لما يريدون ويريد الاعراب العاربة المستعربة ...(اذهب انت وربك فقاتلا وليكن شعارك الان وبهذه المرحلة ان تحاول العيش ولا فرق ان نطقت بالضاد او غيرت لغتك ولهجتك.
يا ابن كنعان لا تراهن عليهم ولا تراهن على ضجيجهم وامكث حيث انت الان واياك ان تتساوق مع لغة السوق الحديثة وان حاولت الاقتراب من صُناع القرار فخل بينك وبينهم مسافة (فليس بين الرصاص مسافة ...) ولا تعبر مواكب امراء الزيف.
اعلم ان ثمة خربشات تغزونا وتختلط الاسماء الدالة عن مكنوناتنا وتسقط لغتنا وسط الضجيج الفارغ المضامين.
هي اللحظة التي لابد فيها من اتخاذ الموقف ومن عاصمة الرفض والرافضة وهؤلاء المنظرين يتكون المشهد الاليم هؤلاء الذين ننتظر منهم موقفا يشد ازر قول اللا بوجه من قالوا النعم والنعم هنا جاهزة للتسويق والتساوق في ظل حتمية اتخاذ القرار بضرورة الموافقة على عطايا العم كيري ويكون ان يأتينا من يأتي مستجديا لأساطيل الاطلسي بضرورة ان تتحرك نحو اللاذقية لإسقاط الطاغية وحيث ان الخربشة سيدة الموقف فما كان الا ان يتم وضعنا ما بين حكم الطغاة وما بين الاحتلال والاذلال، والشرق تغرب من خلاله الشمس وقتما تشاء دونما اي شكل من اشكال المواقيت التي شأنها ضبط وقائع اللحظة .... وبالتالي فتذهب انت وربك يا ابن كنعان لتقاتل تيه الصحاري والتخبط سيد الموقف يا سيدي ... لتجوب اصقاع المعمورة باحثا عن ناصر منتصر لك وللقبلة الاولى ولعل ابن مريم قد قرر ان يبعث من جديد لإعادة مشهد الصلب على الجلجلة فقد تكون العودة الى الايمان بالحقيقة مجديا في ظل الخراب والتخريب لكل جماليات اللحظة والموقف .... وتدور الدوائر والحلقة المفرغة ما زالت محكمة الاغلاق وما من سبيل للخروج منها ومن دهاليزها.
في القدس يا سادة يا كرام كان الانتظار سيد الموقف وكان الحديث يدور بالدهاليز لعل وعسى ان تأتي النصرة من هناك من رام الله او القاهرة المنشغلة بحرب داحس والغبراء وقد يكون الامل المنعقد على بيروت مرة اخرى المهمومة بهذه اللحظة بالتطاول على ايقونتها فيروز ... وقد يكون التعويل على امراء جهاد النكاح بان يقولوا ما يمكن ان يقال معلنين بأن حي على الجهاد ... ومفتي الفقراء كان قابعاً في زنزانة يُسأل عن معنى الكلام والقصد بالقول وما وراء الافتاء .... وللقدس ان تتساءل عن المغزى والمعنى للحظة وما هو المصير في ظل دروب المجاهيل والفتاوى الفارغة المفرغة من نصوص الرب تبقى هي سيدة الموقف ....
ايها السادة، يا امراء التطبيل والتزمير كان ان قالوا ما قالوا من شعارات رنانة براقة بوجوب اعلان حالة النفير العام والاستنفار لنصرة القدس واهلها وتمزيق اتفاقات العهود البائدة وشحذ همم الامة والاطاحة بكل ما من شأنه ان يعيق تحرير عاصمة عواصم الاسلام والمسلمين وتمكين اهلها وبشرها وحجرها من اسباب الصمود والمرابطة .... واكتشفنا بالصمت المتقن واحتراف السكون والسكوت انه الوهم والسراب اللاهثين خلفه ... وها نحن ننتظر لإستقبال العهد الجديد من اتفاق الاطار ولا بأس من التفاوض على المفاوض والمفاوضات ذاتها ....
انقلبت الموازين أيها السادة في قبائل روما الحاكمة، ودموع العذارى على معابد الرب قد صارت مشهدًا مزعجًا بأعراف القوانين الغازية لدهاليز كهنوت الضفة الثانية على شواطىء المتوسط.. ومنذ اللحظة قد صار للرواية مكامن أخرى وللحكاية وجهة مختلفة وللعشاء الأخير سيرة متعاكسة بأفئدة القابعين المنتظرين للبعث الجديد للسيد المسيح، وقد يكون ممكنًا منذ الآن تصديق رواية كبير سدنة المعبد القديم بأن ابن البتول ما كان له أن يأتي هناك.. ولم يتكلم بمهده وإن لم يشف المريض. يا ابن مريم أُنبأتك أن معبدك قد دنس.. فسادة الروم بالرماح قد عادوا ليصلبوك مرة أخرى على مشانق أغصان الزيتون المقطعة أوصالها بجوار أسوار البلدة العتيقة.. وأنا هنا قابع بالمكان منتظر للمعجزة من إشارة وبشارة..والقحطاني العدناني العربي الأمي الامين ربما صار الاختلاف على اسرائه لمهبط الديانات فيه اجتهاد ....
وتلوح بالأفق جميلة تخترق الحواجز لتلقي مزاميرها وتجبرنا على الانصياع للنداء الأخير بالربع الساعة الأخيرة بالظرف الراهن، فقد تكون أورشليم قد أضحت الحقيقة ويكون التجوال سيد الموقف لسادة الفقراء في أقاصي الدنيا لنصرة عشاق القدس ومجانينها. نعتلي المنصة ونمارس فن الصراخ كانعكاس للحظة التوق من قيود دبلوماسية الكلام، وللكلام أن يعبرعن كينونة الخوف فينا من أن تتغير أسماءنا، ونتوه بصحاري التيه مرة أخرى باحثين لاهثين خلف سراب الماء المتدفق من هناك حيث العطشى للأمل... نقف لبرهة من الزمن قبل الصراخ وافتعال الضجيج... ويكون القرار بأن لابد من ممارسة أعتى أشكال الجنون.
سورية والأثمان الباهظة!
غسان شربل
المشهد السوري مخيف. لعله الأقسى منذ الحرب العالمية الثانية. مئات آلاف الضحايا. ملايين اللاجئين والنازحين. قسوة غير مسبوقة. براميل متفجرة ومدن مطحونة ومجازر لا يمكن احصاؤها. عمليات انتحارية. رؤوس مقطوعة. أنهار من الحقد والدم والثأر. قتل بلا هوادة لا يستثني امرأة او طفلاً او سجيناً. ارض مستباحة ومتطوعون من الجانبين يزيدون المذبحة اشتعالاً.
اخطر ما يميز هذه المجزرة المفتوحة هو ارتفاع عدد المصابين في الداخل والخارج.
أُصيبت سورية إصابات فادحة. النظام الذي كان قوياً انكمش وتقلصت سلطته على اراضيه. الجيش الذي طوّر ترسانته بحثاً عن توازن مع الجانب الاسرائيلي يسكب الآن نيرانه على «اهداف» داخل الأراضي السورية. لم يستطع مواجهة العاصفة منفرداً. يقاتل حالياً مدعوماً بالميليشيات الوافدة من لبنان والعراق وإيران. الحزب الحاكم قتل في بداية الأحداث. استطاع النظام البقاء على جزء من سورية، لكنه لا يبدو قادراً على استعادة سلطته على كل سورية او غير قادر على دفع الأثمان البشرية الباهظة لعملية من هذا النوع.
المعارضة السورية أُصيبت هي الأخرى إصابات فادحة. استدرجها النظام الى مواجهة مسلحة فخسرت وحدتها وقدرتها على ادارة المعركة. وجّه المقاتلون الجوالون الذين تسربوا الى الارض السورية ضربات الى جيش النظام، لكنهم سرقوا الثورة. فرضوا اسلوبهم المرفوض. وبرنامجهم المقلق. وممارساتهم المقززة. الطعنات التي وجهتها «داعش» الى الانتفاضة كانت اقسى بكثير من تلك التي وجهتها الى النظام. أثار المتطرفون قلق الدول القريبة والبعيدة بفصل الرؤوس واعلام «القاعدة». شرذموا وتشرذموا. أحبطوا السوريين الذين حلموا بسورية ديموقراطية تتسع لكل مكوناتها.
الوحدة الوطنية ضربها الزلزال. اننا نتحدث الآن عن السنّة والعلويين والدروز. عن المسيحيين المرشحين للتبخر على غرار ما حدث في العراق. عن العرب والأكراد. عن اضطراب علاقات الاكراد بمحيطهم مرة إذا اتهموا بالأنانية وتوظيف التفكك ومرة اخرى اذا اتهموا بالضلوع في «ألاعيب النظام». كانت سورية مصابة بنقص فادح في الديموقراطية. سورية الحالية مصابة بغياب رهيب للوحدة الوطنية. اكتشف العالم ادارة امريكية مترددة تفضل الانسحاب استعداداً للتفاوض مع ايران روحاني في المفاوضات النووية. ثمة من يعتقد ان روسيا أُصيبت هي الاخرى وإن بدت منتصرة. اغلب الظن ان روسيا بوتين أُصيبت في صورتها وعلاقاتها العربية وأنها ستكون الهدف الاول للمتشددين في المرحلة المقبلة.
تركيا المجاورة أُصيبت بقوة. اعتقد رجب طيب اردوغان ان «الربيع الإخواني» سينتصر في سورية فأسقط من قاموسه عبارة «صديقي بشار» التي رددها كثيراً. فتح الحدود أمام تدفق اللاجئين ثم أمام المقاتلين الجوّالين. وحين اتخذ القتال في سورية طابعاً مذهبياً، بدأت الارتدادات في الداخل. تململ العلويون الاتراك وأطل الخطر الكردي مجدداً.
«محور الممانعة» أُصيب هو الآخر على رغم نجاحه في إبقاء النظام حياً. سبحت «حماس» في اتجاه قطر وغزة فخسر المحور حلقته السنّية الوحيدة. خاض المحور في نزاع لا يمكن إنكار طابعه المذهبي. فقد الكلام عن الممانعة وقعه، خصوصاً بعدما بدا ان ايران تحلم بأن تكون الشريك الاكبر لـ «الشيطان الاكبر». «حزب الله» أُصيب بشدة. ليس فقط بسبب الجثامين العائدة من القصير او القلمون، بل ايضاً لأن صورته أُصيبت في لبنان وعلى امتداد العالمين العربي والاسلامي. كل دول الاقليم أُصيبت في سورية. أُصيب حلفاء النظام وأُصيب خصومه.
لا ضرورة للحديث طويلاً عن لبنان. ذهب اللبنانيون بانقساماتهم الى النار السورية واستعجلوا زيارة «القاعدة» وأخواتها لربوعهم. ازدادت مؤسساتهم تشرذماً وتهالكاً وازداد الطلاق المذهبي في صفوفهم.
لائحة المصابين طويلة. ولا شيء يوحي ان «جنيف 2» قادر على توفير الضمانات او توزيع الضمادات. لا يستطيع المتحاربون الفعليون في سورية قبول التسوية. كل تسوية تعني قدراً من الخسارة. العجز عن الحسم والعجز عن التسوية يهددان بما هو ادهى من الصوملة التي يكرر الاخضر الابراهيمي التحذير منها. لا بد من الالتفات الى ان عدد المصابين في الصومال لا يعتبر شيئاً إذا قيس بعدد المصابين في سورية من افراد وسياسات ودول.
جدلية الثورات والأحزاب الثورية
علي فخرو
لا أعرف إن كان شباب ثورات وحراكات الربيع العربي يعون بما فيه الكفاية والحذر ما يخططه لهم بعض الكتاب والمتحدثين العرب من إقحامهم في مناقشات عبثية حول هذه الإيديولوجية أو ذلك الحزب، ومن تحميلهم مسؤولية انفلات الأمن في هذا القطر أو تراجع الاقتصاد في ذاك القطر الآخر .
الهدف من كل ذلك هو إشغال شباب العرب ومناصريهم من الجماهير عن مهمتهم الأصلية: الاستمرار في تفجير وإنضاج مسيرة الثورة العربية تمهيداً لإيصالها إلى أبعد درجات التحقق . ولعله يجب التذكير بأن الثورة، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو التكنولوجيا، تعني تحولاً جذرياً وأساسياً يهدف إلى زوال أفكار وبنى اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية سابقة لتحل محلها أفكار وبنى جديدة تتطلبها مرحلة تاريخية جديدة .
لم يكن مبرراً الحديث عن الحاجة لمسيرة ثورية تهدف إلى إحداث تغييرات عميقة كبرى في بنى المجتمع العربي لو لم يثبت عبر التاريخ الطويل فشل النخب العربية والمؤسسات العسكرية والدينية الطائفية والبيروقراطية الحكومية في قيادة المجتمعات العربية نحو التغييرات الحضارية المطلوبة . بل ولم تفشل تلك الجهات في القيام بذلك التغيير فقط، وإنما أسهمت بأشكال مختلفة في إيصال الأمة إلى مراحل الضعف والتخلف والتجزئة والمهانة والسقوط المذل تحت إملاءات قوى الخارج .
ذاك الوضع العاجز هو الذي هيأ الجماهير العربية للتوجه نحو تغييرات كبرى يعبر عنها في علوم السياسة بالتغييرات الثورية .
ولأن المؤسسات القديمة فشلت في الماضي، وتثبت الأحداث يومياً أنها غير قادرة على إحداث تلك التغييرات الجذرية في الحاضر، فإن المنطق يقتضي خلق قوى مؤسسية جديدة لتقوم بتلك المهمة النهضوية .
لكن قبل الحديث عن نوع القوى التي ستقود المجتمعات العربية نحو تلك التغييرات، دعنا ننتبه إلى أن جماهير، أغلبها أمي، ووعيها السياسي محدود، وأغلبيتها الساحقة منشغلة بحاجاتها المعيشية اليومية، وفهمها لمعاني الثورة وما تتطلبه سطحي وشعوري آني، وقدراتها على النفس الطويل والصبر على السير في الطريق النضالي الطويل محدودة، هكذا جماهير لا يعول عليها لقيادة ثورات . لكن من المؤكد، كما أثبتت أحداث السنوات الثلاث الماضية من الربيع العربي، أن تلك الجماهير تمثل سنداً قوياً وكنز تضحيات هائلة إذا وجد من سيحمل المسؤولية ويقود الثورات . هنا يعيننا تاريخ الثورات الإنسانية الكبرى الذي أكد المرة تلو المرة أنه من دون وجود أحزاب ثورية تحمل المسؤولية تتعثر الثورات وتنتكس، إن عاجلاً أو آجلاً .
بغض النظر عن الأخطاء أو التجاوزات، أو حتى الانتهازية التي رافقت بعض التنظيمات القيادية للثورات العالمية، فإن مؤرخي الثورات يؤكدون الدور المهم الذي لعبه تنظيم اليعاقبة في الثورة الفرنسية
وتنظيم المستقلين في الثورة الإنجليزية والحزب الشيوعي في الثورة البلشفية وتنظيم لجان المراسلة في الثورة الأمريكية .
إن ساحات "التويتر" و"الفيس بوك" وغيرها من ساحات الإنترنت تسهم في خلق ثورة ولكنها لا تقود ثورة . وكذا الأمر بالنسبة إلى التظاهرات الصاخبة التي تجول في الشوارع والميادين وكذا الأمر بالنسبة إلى الظهور الدائم على شاشات التلفزيون . كل ذلك يجب أن يصب في إسناد تنظيم مؤسسي سياسي ديمقراطي ثوري . وصفة الثورية هنا لا تعني ممارسة العنف والقهر والإقصاء . إنها تعني في الأساس عدم التفريط في عمق وشمولية وجذرية التغيرات الحضارية والإنسانية المطلوبة .
لذا فإن شعار إسقاط هذا النظام أو إزاحة ذاك الحكم، من دون أن يرافقه الحديث عن نوع التغيرات الجذرية المطلوبة، في صورة أفكار وبرامج وأساليب وساحات نضال، ليس شعاراً ثورياً وإنما شعار تصادمي مؤقت سواء فشل أو نجح . ما لم يع شباب الثورات، بعمق وحماس شديد، هذه المتطلبات التي أظهر التاريخ ضرورتها لنجاح أي ثورة، وما لم يقاوموا إغراءات الدخول في مماحكات دونكيشوتية عبثية مع هذه الجهة العابثة أو تلك الجهة المتحذلقة، وما لم يتفرغوا لبناء الأداة السياسية الأساسية لقيادة الثورات التي فجروها، ما لم يفعلوا ذلك فإن آلام وأحزان ثورات وحراكات الربيع العربي ستطول وستدخل جماهيرهم في ظلام اليأس والاستكانة من جديد .
قنبلة إسرائيل الديمغرافية الموقوتة ليس لها فتيل
يوري سادوت
إذا اسمتعت إلى بعض كبار المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، فستتشكل لديك القناعة بأن "قنبلة إسرائيل الديمغرافية الموقوتة" تدق -وأنها مهيأة للانفجار في أي يوم الآن. وقد حذر وزير الخارجية الأميركي جون كيري يوم 7 كانون الأول (ديسمبر) من أن الديناميات الديمغرافية في إسرائيل شكلت "تهديداً وجودياً... يجعل من المستحيل على إسرائيل أن تحافظ على مستقبلها كدولة ديمقراطية يهودية". وهناك بعض المسؤولين الذين يتفقون معه حول ذلك في القدس: فقد كرر كل من زعيم المعارضة الإسرائيلي إسحق هيرتزوغ والعضو الرفيع في مجلس الوزراء يائير لابيد في الأسابيع الأخيرة مخاوف مشابهة من أن الاتجاهات الديمغرافية سوف تحول إسرائيل إلى "دولة ثنائية القومية". وفي جميع المناسبات الثلاث، تم الاستشهاد بالديمغرافيا بوصفها سبباً ملحاً يدفع إلى حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
تذهب الأطروحة، باختصار، على النحو التالي: إن معدل المواليد لدى العائلات العربية في إسرائيل وفلسطين أعلى مما هو عليه لدى العائلات اليهودية. وهكذا، وفي مرحلة ما في المستقبل القريب، سوف يصبح العرب أغلبية في المنطقة التي تحتلها إسرائيل. وعندما يأتي ذلك اليوم، سيكون على الإسرائيليين الاختيار بين وجود دولة يهودية أو دولة ديمقراطية، لأن منح الجميع حقوق تصويت متساوية سوف يعني فقدان الطابع اليهودي للدولة. وسيكون أمل إسرائيل الوحيد للحفاظ على هويتها، كما يقول أنصار نظرية "القنبلة الديمغرافية الموقوتة" هو إبرام صفقة سلام سريعاً مع الفلسطينيين، والتي تعبد الطريق لقيام دولة فلسطينية مستقلة.
لكن هناك مشكلة واحدة فقط: إن الإرقام لا تدعم هذه الأطروحة. الديمغرافيا لا تعتمد فقط على معدل الولادات، وتتسم التنبؤات المماثلة بتاريخ طويل من الفشل. إن اليهود الإسرائيليين يتمتعون بأغلبية صحية ومستقرة إلى حد كبير في إسرائيل والضفة الغربية، كما أن التطورات في السنوات القادمة ربما تعمل على تحسين هذا الاتجاه أيضاً. إن القنبلة الديمغرافية، بكلمات أخرى، معطلة ومنزوعة الفتيل.
في منتصف العام 2013، أفاد المكتب المركزي للإحصاء في إسرائيل بعدد سكان يبلغ 8.018.000 نسمة. وخُمس هؤلاء، الذين يبلغ عددهم 1.658.000، هم مواطنون إسرائيليون يعرفون أنفسهم على أنهم عرب. أما تقديرات أعداد الفلسطينيين الذين يعيشون تحت السيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية، والذين بلا حقوق تصويت، فيتراوح ما بين 1.5 إلى 2.5 مليون نسمة. وحتى لو استخدم المرء النهاية العليا للتقديرات الصادرة عن السلطة الفلسطينية، فإن مجموع أعداد المواطنين العرب الإسرائيليين والفلسطينيين معاً لا يرقى إلى ثلث عدد سكان إسرائيل الحاليين. أما بالنسبة لسكان قطاع غزة، فيصعب القول بإدراجهم في التعداد، بما أن إسرائيل لم تمارس السيطرة المدنية على تلك المنطقة منذ العام 2005.
راقب المحللون والديمغرافيون اتجاهات سكان إسرائيل عبر كامل تاريخها، وحذروا بشكل متكرر من تغيرات وشيكة في حالتها الراهنة. في العام 1987، حذر توماس فريدمان من أنه في غضون 12 عاماً "سوف تكون إسرائيل والمناطق المحتلة، من حيث الديمغرافيا، دولة ثنائية القومية". وذهب إلى اقتباس عالِم ديمغرافي إسرائيلي بارز، آرنون سوفر، الذي قال إن إسرائيل تصبح "دولة ثنائية القومية، وليس يهودية.. لا جدال في ذلك".
مع ذلك، لا تبدو هذه القنبلة الديمغرافية الموقوتة أبداً وأنها تنفجر حقاً. ثمة الكثير الذي تغير منذ مقالة فريدمان: هاجر مليون يهودي إلى إسرائيل من دول الاتحاد السوفياتي السابق، وانسحبت إسرائيل من قطاع غزة، وتقلصت الفجوات بين معدلات الولادات العربية واليهودية بشكل كبير. وفي الحقيقة، ازداد معدل المواطنين الإسرائيليين الذين هم عرب ببطء شديد منذ تأسيس إسرائيل، مرتفعاً من 12 % إلى 21 % فقط على مدى 65 عاماً.
نعم، من غير المرجح أن تشهد إسرائيل تدفقات كبيرة من اليهود مثل تلك التي جاءت من الاتحاد السوفياتي السابق مرة أخرى أبداً -لكنها لم تستنفد أيضاً قدرتها على التأثير في التوازن الديمغرافي. على سبيل المثال، قدر تقرير صدر عن مركز أبحاث الكنيست في العام 2012 أن هناك نحو 230.000 إلى 750.000 مواطن إسرائيلي في الخارج. وعلى الرغم من أن الكثير من هؤلاء الإسرائيليين محسوبون مسبقاً في عدد سكان إسرائيل الكلي، فإن أجزاء كبيرة منهم ليست كذلك، ولا أحد منهم ممثل في الكنيست.
لا تمنح إسرائيل حالياً أي حقوق تصويت لأولئك المواطنين الذين يعيشون في الخارج. وكان القصد من هذه السياسة تثبيط اتجاهات الهجرة المعاكسة، لكنها جعلت إسرائيل أيضاً قيمة عزلاء على المسرح الدولي. ولو قامت إسرائيل ببساطة بمطابقة سياسات تصويت المغتربين لديها مع تلك المستخدمة في الولايات المتحدة أو كندا مثلاً، فإنها ستضيف مئات آلاف إضافية من الناخبين إلى سجلاتها الانتخابية. ومن شأن السماح للإسرائيليين السياح في الخارج بالتصويت في يوم الانتخابات، أو تسهيل عملية حيازة الجنسية، أن يضيفا تعزيزات أخرى للأعداد. وليس من الصعب ترتيب ذلك: إن قانون إسرائيل الانتخابي لا يرتكز إلى دستور، ويمكن تغييره لدى الرغبة وبهامش أغلبية ضيق في هيئة التشريع.
تقوم التحسينات الدراماتيكية في الصحة العامة أيضاً بتغيير الصورة الديمغرافية. كان الكثير من عدم الدقة في التنبؤات السابقة يأتي من تركيزها على معدلات المواليد، بينما تهمل العوامل المهمة الأخرى مثل التغيرات في متوسط الأعمار المتوقع. وعلى سبيل المثال، سجل مكتب الإحصاءات الإسرائيلي المركزي في الأعوام ما بين 2000 و2010 أن متوسط الأعمار المتوقع للإسرائيليين قد ازداد بمعدل ثلاث سنوات تقريباً. ومع ذلك، لم يكن هذا النمو متجانساً، حيث يرتبط بعوامل مثل حجم الأسرة ومستويات الدخل. وبينما سجل اليهود الإسرائيليون معدل زيادة بلغ 3.2 سنة خلال تلك الفترة، ارتفع متوسط الأعمار المتوقع للإسرائيليين العرب بواقع سنتين فقط. وكان هذا الاختلاف معادلاً لزيادة بمعدل 2 % لسكان إسرائيل اليهود خلال ذلك العَقد، ومعادلاً لوصول نحو 128.000 مهاجر جديد. وهكذا، يتبين أن الإسقاطات والتنبؤات الديمغرافية تتطلب أكثر بكثير من مجرد العمليات الحسابية البسيطة.
هناك أسباب لا تعد ولا تحصى لتجعل الإسرائيليين والفلسطينيين يسعون إلى السلام، لكن الرعب الديمغرافي الزائف لا ينبغي أن يكون من بينها. ما يزال أمام إسرائيل الكثير من السنوات والأدوات السياسية لتمنع اختفاء الأغلبية اليهودية في المناطق الواقعة تحت السيادة الإسرائيلية. ولا شك أن الخطايا التي ينطوي عليها حكم شعب آخر كثيرة، وأن فوائد السلام ستكون بلا عدد –لكن الحافز لحل الصراع لا ينبغي أن ينبع من تهديد القنابل الديمغرافية الموقوتة.
ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلى أين؟!
المحامي إبراهيم شعبان
قررت إسرائيل في خطوة انفرادية ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، بعد أن كانت قد اتفقت مع جزيرة قبرص على المنطقة الإقتصادية الخالصة البحرية بينهما، وكيفية استخراج النفط والغاز منها. وقد وزعت وزارة العدل الإسرائيلية منشورا يبين الحدود الإسرائيلية المائية في عرض البحر بما يتجاوز 850 كيلومترا مربعا اعتمادا منها على مضمون اتفاقية البحار لعام 1982 والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1996،علما أن اسرائىليل لم تنضم إليها ولم تصادق عليها لحد الآن، بينما وقعتها وصادقت عليها الدولة اللبنانية. ويبدو أن إسرائيل تستغل الأوضاع اللبنانية الرديئة والسورية التعيسة والعربية الممزقة لفرض حل حدودي مائي لجني أكبر مردود اقتصادي لصالحها.
ولو كانت إسرائيل قد وقعت وصادقت على اتفاقية قانون البحار لعام 1982 لما أثارت هذه الضجة والجلبة على الثروات الطبيعية الكامنة في مياه البحار، لأن مثل هذا النزاع على وجه الحصر يتحول للمحكمة الدولية للبحار التي أسستها الإتفاقية المذكورة، وهي في صالحها على طول الخط، بينما ستنكر لبنان شرعية الدولة الإسرائيلية وحقها في المياه والثروات الدفينة فيها إذا اتخذت موقفا عروبيا قوميا. ولكن إسرائيل كعادتها تتنكر للقانون الدولي ومواثيقه وكأنها فوق القانون الدولي ومعاهداته وأعرافه.
وإذا تركنا التصرف اللبناني السيادي في هذا الموضوع للحكومة اللبنانية، فإن الحدود هي خطوط وهمية ترسم بين دولتين على الخرائط، وتكون فعليا سلسلة من الجبال أو نهرا مائيا أو صحراء أو مانعا طبيعيا بعد الإتفاق عليها بين دولتين أو أكثر. وتعتبر الحدود من الأساسيات الإستراتيجية والإقتصادية والأمنية والقانونية للدولة. وتبدأ بها سيادة الدولة وتنتهي عندها السيادة الداخلية للدولة، وبالتالي يبدأ تطبيق قوانينها وينتهي عندها، وتسيطر على ما في داخلها بشرا وأمنا واقتصادا، وتطبق عليها قاعدة إقليمية القوانين على الاجانب والمواطنين. وعليه فإن تسوية المنازعات الحدودية وفقا لقواعد القانون الدولي يعتبر أمرا لا مندوحة عنه لتفادي الصراعات الدولية المسلحة وأجواء التوتر بين الدول وخدمة للسلم والأمن الدوليين وحقوق الإنسان.
وعادة ما يطلب تحديد الحدود البرية للدول فهي التي تخلق صراعات جانبية مع الدول الأخرى, وهي التي تهدد الأمن الإقليمي والعالمي وتقود لنزاعات مسلحة.أما الحدود البحرية والجوية فهي محددة سلفا بموجب اتفاقيات دولية . والحدود المقصودة هي الحدود القانونية السياسية بين الدول وليس خطوط الهدنة أو وقف إطلاق النار أو الظواهر الطبيعية المجردة، كالأنهار والجبال والبحار وأن تلاقت أحيانا وافترقت حينا آخر مع الحدود الفعلية .وكذلك فهي ليست الحدود الإدارية و/ أو الجمركية مع أن الأصل أن يتطابقا مع الحدود. وليست هي نقاط الأمن الحدودية وإن اقتربت من مفهوم الحدود .
ويقصد بالنزاعات الحدودية تلك الخلافات التي تحدث بين الدول المتجاورة بشأن الحدود المشتركة بينهما. وهو نزاع دولي لأنه خلاف بين شخصين من اشخاص القانون الدولي حول مسألة من مسائل القانون أو الواقع . وهي تقتضي عادة إدعاءات متعارضة ومتضاربة ومتناقضة بين الأطراف الحدودية يمس السيادة لأحدهم .
ويمكن القول أن النزاعات الحدودية كافة , تتميز بالطابع القانوني والسياسي معا . ولا يمكن القول أن بعضها سياسي لا يخضع لحكم القانون ويحتاج لحل ذو طبيعة سياسية , ففي مثل هذا القول إنكار لقواعد القانون الدولي العام وانحراف خطير نحو اعتبارات القوة العسكرية أو القوة بأشكالها المختلفة, وحرمان الأطراف المتنازعة من حماية القانون الدولي وتعريضها لأهواء السياسة والقوة والإقتصاد والإستراتيجية. وهي ما تفعله الدولة الإسرائيلية حاليا مع الدولة اللبنانية.
وإذا علمنا أن الدولة الإسرائيلية بقيت ردحا طويلا من الزمن دونما حدود متفق عليها مع جاراتها وما زالت، إلى ان عقدت معاهدة صلح مع مصر في عام 1979 مع بقاء موضوع طابا للتحكيم وانتهائه فيما بعد، وعقدت معاهدة صلح وادي عربة مع الأردن عام 1994 وتناول الملحق الأول منها بيانا لتخطيط وتعيين الحدود . لكنها ما زالت دون حدود بالمعنى القانوني مع الفلسطينيين وسوريا ولبنان. وهي ما زالت تعيش في كنف خط لوقف إطلاق النار مع سوريا، وخط هدنة مع لبنان، والفلسطينيين.
ويجب أن نشير إلى أن الهدنة حالة متوسطة بين النزاع المسلح وتحقيق السلام . فهي تتضمن وقفا لإطلاق النار من جهة , ومن جهة أخرى انعدام للعلاقات الدبلوماسية والإقتصادية والثقافية والسياسية بين الطرفين المتنازعين. أي أن حالة الحرب في إطارها القانوني تبقى مستمرة مع توقف العمليات العدائية بين الطرفين . وخط الهدنة خط قابل للنقاش ومؤقت أملته القوة العسكرية وأعمالها, وقد يعين بشكل مكتوب أو شفهيا . ويتم الإتفاق عليها بين الجانبين المتحاربين وعادة بوجود وسيط دولي وهو لا يشكل حدودا بالمعنى القانوني.
ويشبه خط الهدنة ما يسمى بخط وقف إطلاق النار , وهو خط يفصل بين المتقاتلين في النزاعات الدولية المسلحة لا يجوز تجاوزه أو تخطيه من قبل المقاتلين او اجهزة الأمن وحتى المواطنين . ويتخذ قراره عادة مجلس الأمن الدولي بصفته راعيا للسلم والأمن الدوليين ومانعا لأي تهديد يشكل خطرا على المنطقة بينما اتفاقية الهدنة يعقدها الجانبان.
والنقطة الهامة في وقف إطلاق النار وإتفاقية الهدنة أنهما ذات طبيعة عسكرية مؤقتة , ولا يخلا بالمراكز القانونية للأطراف المتنازعة وليس لهما أية آثار على الحدود التي سترسم بين المتنازعين وقد صرحت إتفاقيات الهدنة المعقودة بين إسرائيل والدول العربية بذلك . فقد عقدت إتفاقية الهدنة بين إسرائيل ولبنان والأردن وسوريا في سنة 1949 كلا على حدة, وكانت مصر قد سبقتهم لعقد اتفاقية هدنة في ذات العام .
أما في القضية الفلسطينية فقد تعاقبت عليها نزاعات مسلحة متعددة، وبالتالي خلقت خطوط وخرائط من إفرازات عسكرية وسياسية مختلفة وفي فترات زمنية متباعدة . وحجر الرحى هو في قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين فلسطينية وإسرائيلية ووضع كوربوس سيباراتوم لمدينة القدس رقم 181 في عام 1947 الذي بين خط كل وحدة من هذه الوحدات الثلاث , وما جد من خطوط جديدة بعد ذلك فقد بني على هذا الخط وترتب على هذا الخط. ذلك أن إسرائيل تجاوزت حدود قرار التقسيم واحتلت مناطق كثيرة زيادة عليه سواء في عام 1948 أو في عام 1967 .
التفسير الإسرائيلي يرى رسم الحدود الإسرائيلية في وضع متقدم تجاه الدول العربية في تجاهل واضح لمبادىء القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.ويرى أن تدفع الدول العربية ثمنا إقليميا لحربها العدوانية في عام 1967 ويصبح المعتدي مكافئا ويجني ثمار عدوانه . أما الموقف العربي فيرى أن لا ثمار للعدوان وان اكتساب ملكية الإقليم لا يتم بأي شكل من أشكال القوة ولا مشروعية لذلك مهما طال الزمن .
وعليه فأين سترسم الحدود البحرية بين الدولة العبرية والدولة اللبنانية؟ وهل ستعترف لبنان بالحدود الدولية بين فلسطين ولبنان قبل عام 1948؟ أم ستنكر لبنان شرعية إسرائيل وترفض ترسيم الحدود البحرية معها لأنها دولة معتدية ومغتصبة؟ وهل ستمتن الدولة اللبنانية عن ترسيم الحدود وتأخذ الموضوع لمجلس الأمن أم ماذا؟ وهل ستقاوم الترسيم الإسرائيلي للبحر الملاصق باعتباره اعتداء على سيادتها أم ماذا ؟ وكيف يمكن التصرف بالغاز والنفط في المياه الإقليمية اللبنانية ومن يتصرف فيه؟
وهل سيكون لإتفاقية البحار لعام 1982 الموقعة والمصدقة من قبل لبنان قيمة قانونية في ظل عدم توقيع ومصادقة إسرائيل عليها، أسئلة تحتاج إلى أجوبة علمية وقوية وراسخة ومثابرة يزامنها قوة على الأرض والبحر.
مقالات صحيفةالأيام
أطراف النهار..الإرهاب يعبر السويس .. غرباً!
حسن البطل
مريم، ابنة أخي، أخبرتني من القاهرة بما لم يفاجئني كثيراً. هي فلسطينية سورية لجأت الى ديار مصر مع زوجها المهندس الفلسطيني السوري هرباً من الفوضى السورية الطاغية.
لم تحصل مريم على إقامة بعد، خلاف معظم اللاجئين السوريين. من الأسباب التي فاجأتها أن عامة الشعب المصري تجهل أن الفلسطينيين منتشرون خارج فلسطين (مناطق السلطة وإسرائيل).
مصر، المضيافة تاريخيا، أيام وسنوات الاضطراب والحروب الأهلية والفوضى في بلاد الشام خلال القرن التاسع عشر، الذين لجؤوا منها الى مصر وزرعوا بذور الصحافة والمطبوعات فيها، لم تعد كذلك مع فوضى "الربيع العربي"، وخصوصا ازاء الفلسطينيين. لماذا؟
أخبرتني أمي، رحمها الله، أن عامة المصريين كانوا يعتبرون كل سكان شمالي قطاع غزة "شوام" اي سوريين، كما كان سكان دول اميركا اللاتينية ينعتون كل المهاجرين من بلاد الشام على أنهم "أتراك"!
هذا سبب "تاريخي" يضاف الى أسباب راهنة، فمصر المحروسة - المستقرة إبان الاضطراب الشامي في القرن التاسع عشر، أضحت من دول فوضى الربيع العربي، التي رفعت "الإخوان" الى الحكم، عاماً ثم انتفضت عليهم.
لا يجهل المصريون أن "الإخوان" صعدوا الى حكم غزة قبل الربيع العربي هذا، وانهم يحكمون غزة حتى بعد ان خسر الإخوان - الحركة الام الحكم في بلاد النيل. غزة هي صداع لمصر وإسرائيل والسلطة الفلسطينية لأسباب مختلفة.
يعنينا الصداع المصري من غزة بعد طي صفحة حكم الرئيس الإخواني، حيث صارت سيناء، درع مصر، بطنها الأمني الرخو، ومنطقة مواجهة مسلحة بين الجيش المصري والحركات المسلحة الإرهابية.
سنرى في عملية التفجير "الانتحاري" في المنصورة علامة خطيرة على انتقال "الإرهاب" من شبه جزيرة سيناء الى قلب مصر، لأن جماعة "أنصار بيت المقدس" تبنّت العملية ... وكل ما له علاقة بهذه الجماعة يرتبط آلياً، في البال المصري، بفلسطين والفلسطينيين، اي بالعلاقة المفترضة بين إخوان غزة "حماس" بهذه الجماعة. "حماس" هي الإخوان، وهي غزة، وغزة هي الفلسطينيون؟!
حتى الآن، كانت المواجهات المسلحة بين النظام الجديد في مصر والمعارضة المسلحة تكاد تقتصر على مدن مصر.
الجديد هو عملدية "انتحارية" اولى في مدينة مصرية، اي انتقال مثل هذه العمليات من العراق إلى سورية ولبنان، بعد ان انحسرت العمليات هذه التي رافقت الانتفاضة الثانية في إسرائيل، وصار هذا النمط من الإرهاب العشوائي منسوبا للفلسطينيين لدى الرأي العام العالمي. الجماهير المصرية الغاضبة من التفجير "الانتحاري" في المنصورة صبت غضبها على الإخوان، الذين تبرؤوا من المسؤولية، وبما ان هناك علاقة فكرية بين إخوان غزة والحركة المصرية الأم، وصارت العلاقة سياسية خلال حكم الإخوان، فإن بعض رشاش الغضب سيتجه الى غزة والفلسطينيين بعامة.. للأسف!
جاءت عملية المنصورة، بينما تتحدث إسرائيل عن تصاعد "الإرهاب" الفلسطيني "الشعبي" منه و"الفردي" من حيث المبادرة .. والآن، بعد المحاولة التفجيرية الفاشلة في حافلة بمدينة "بيت - يام" ستتحدث إسرائيل عن عودة "الإرهاب" الفصائلي، ما دامت حركتا "حماس" و"الجهاد" سارعتا الى الاشادة بعملية هواة فاشلة، من غير المستبعد ان تكون من تدبير أجهزة الأمن الإسرائيلية؟! تقول صحف إسرائيل اشياء عن تحالف مصلحي عجيب بين دول خليجية وإسرائيل ازاء "الخطر" النووي الإيراني، وربما ستتحدث عن تعاون مصلحي لاحق بين مصر وإسرائيل في مواجهة الإرهاب؟
عبور الإرهاب قناة السويس غرباً الى مدن مصر سيؤجج الانقسام في الشارع المصري، وسيلقي بظلاله، سلباً وإيجاباً، على خطوات "خارطة الطريق" لعودة الاستقرار الى بلاد النيل، وعلى الأغلب ستشتد المواجهات المسلحة في سيناء، وتتشدد مصر في حملتها لإغلاق الأنفاق. وعلى معبر رفح. "داعش" و"النصرة" في العراق وسورية، وفي مصر هناك "انصار بيت المقدس"، ويدفع الفلسطينيون وقضيتهم ثمناً جانبياً من فوضى الربيع العربي .. كما من المفاوضات؟!
لن يرحمنا أحد ما لم نرحم أنفسنا!
طلال عوكل
في كل مرة، يبادر فيها الجيش الإسرائيلي، إلى قصف مواقع في قطاع غزة، تثور أسئلة الصحافيين، التي لا تعبر عن حقيقة مشاعر السكان، الذين لم يعودوا يهتمون كثيرا بعدوانات إسرائيلية واسعة او محدودة، فهذه بالنسبة للناس متوقعة في اي وقت، طالما ان إسرائيل هي التي تبادر إليها وليس الفلسطينيين، هذا لا يعني ان الناس في قطاع غزة لا يكترثون بالمصائب التي تقع على رؤوسهم في كل مرة تقوم فيها إسرائيل بشن عدوان واسع على القطاع، ولكن على الجميع ان يصدقوا بأن المواطن الفلسطيني يتألم ولكنه لا يغضب مما يتسبب به المحتل الإسرائيلي من آلام، ولكنهم يغضبون ويتألمون اكثر، حين يترتب عليهم ان يدفعوا أي ثمن مهما كان بسيطا، لأسباب تتصل بالصراع الداخلي، أو باستمرار الانقسام.
ليس علينا ان نبحث كثيراً، عما إذا كانت إسرائيل تحضر لعدوان عسكري واسع ضد قطاع غزة الآن، فبالإضافة إلى ما قاله وزير الدفاع الإسرائيلي موشي يعلون، بأن أمن غزة، يتحقق عبر أمن إسرائيل، فثمة حسابات أُخرى تتصل بالمفاوضات وبالموقف الأميركي الذي لا يرغب في أي سلوك يمكن ان يهدد استمرارها.
غير ان هذه الأسباب والعوامل تظل مؤقتة ومرهونة بتطورات الوضع سواء على جبهة المفاوضات الجارية، أو على جبهة التطورات التي يمكن ان تقع على مبنى الائتلاف الحكومي القائم في إسرائيل، والذي قد يتعرض للانهيار او التبدل، استجابة لأسباب خارجية.
الفلسطينيون في قطاع غزة لهم حساباتهم، التي لا تقوم على المبادرة نحو التصعيد وذلك لأسباب كثيرة، قد يفسرها الإسرائيليون على طريقتهم ولكن للفلسطينيين تفسيرات أخرى، والحال ان إسرائيل لا تزال ترى فائدة كبيرة من استمرار الانقسام الفلسطيني، وحصر المفاوضات، جغرافيا بالضفة الغربية، بعيدا عن قطاع غزة وما فيها، ولكن بدون ترك قطاع غزة على حاله، ليراكم المزيد من أسلحة القوة، كما يدعي الإسرائيليون.
اذا كان هذا يتطابق مع الموقف الأميركي كما عبر عنه كل من الرئيس باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري، هذا الموقف الذي أشار الى ان غزة ستجد ما يلهيها، فإن الإسرائيليين يجدون في استمرار الانقسام، ذريعة للضغط على السلطة الفلسطينية، من باب التشكيك في التمثيل الفلسطيني، او القدرة على دفع استحقاقات السلام الذي يريدونه.
ولكن ماذا يقصد الأميركيون بحديثهم عما سيكون لغزة ما تتلهى به؟
موقع "والا" الإسرائيلي الأمني، أشار عن مصدر مسؤول قوله، إن إسرائيل ستمارس على قطاع غزة ضغوطا اقتصادية، في هذه الحالة ستكون مثمرة جداً، بسبب تدمير شبكة الأنفاق على الحدود بين قطاع غزة ومصر.
اما الرئيس الإسرائيلي الطاعن في السن شمعون بيريس، فقد هدد بقطع كل المساعدات الخارجية التي تصل الى قطاع غزة، وفي الحال وكترجمة فورية لهذا التوجه الذي يتجاوز حدود التهديد الى العمل المباشر الملفت أغلقت إسرائيل معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الوحيد، الذي يشكل منذ بعض الوقت الشريان الذي يغذي القطاع باحتياجاته الاقتصادية والإنسانية.
إسرائيل اذن تنتقل بحصارها للقطاع، الى مستوى خنق وتجويع سكانه، الامر الذي يهدد كل قطاعات الحياة الإنسانية، ويترتب عليه، نتائج اشد صعوبة من نتائج العدوانات العسكرية.
على ان إسرائيل، ومن يواليها، يتجاهلون ان العنف أخذ في التصاعد بشكل متسارع، خارج قطاع غزة، وبما في ذلك أراضي ١٩٤٨، حيث تتزايد العمليات العسكرية، وعمليات الطعن بالسكاكين، والدهس وكل ذلك يشير إلى أن ثمة مؤشرات حقيقية، نحو اتساع نطاق وكثافة هذه العمليات.
حين نفحص أسباب هذا التصعيد، الذي يحذر بعض القيادات الإسرائيلية من ان يتطور الى انتفاضة واسعة على غرار انتفاضة الأقصى، سنجد أن إسرائيل هي التي توفر وعن قصد وتخطيط الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى انفجار الأوضاع على نحو واسع.
ففي داخل مناطق الخط الأخضر، تتزايد القرارات والممارسات، والتشريعات العنصرية، التمييزية ضد الفلسطينيين من مواطني دولة إسرائيل، وفي المناطق المحتلة عام ١٩٦٧، فإن قائمة الاستفزازات، والممارسات الإسرائيلية لا تنتهي، وفي ظل حالة الإحباط والتشاؤم التي تسود المفاوضات، فإن أوضاع الفلسطينيين تتفاقم باستمرار، بحيث سيأتي الوقت الذي لا يعود فيه لأحد القدرة على السيطرة عليه.
إسرائيل تقوم على نحو متعمد بتصدير أسباب فشل المفاوضات او تعثرها الى الطرف الفلسطيني، وتمالئها في ذلك الولايات المتحدة الأميركية، التي لا تكف عن الضغط على الفلسطينيين من اجل الهبوط بسقف مطالبهم الى الحد الذي يستجيب للمطالب الإسرائيلية المتزايدة.
بعيداً عن الرغبة في الاصطياد في المياه العكرة، او تقييمات الضعف والقوة، وبعيدا عن الصلوات، والنصائح المغرضة فإن قطاع غزة مقبل على أوضاع اشد صعوبة من اي وقت مضى.
حكومة الببلاوي أصدرت قراراً باعتبار جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وذلك بعد ان نزعت عنها الشرعية القانونية، وهو أمر ينسحب على كل افرع الجماعة بما في ذلك في غزة، والحال عموما يزداد توترا وسوءاً بصدد علاقات مصر بحركة حماس وسكان القطاع بالمعية، كنت قرأت مقالة للباحث الفلسطيني جميل مجدي، هي عبارة عن رسالة، تنضح بالوطنية للأخ إسماعيل هنية، يقترح عليه فيها المبادرة لدعوة الرئيس عباس إلى قطاع غزة من اجل تشكيل الحكومة، وتحديد موعد الانتخابات بما في ذلك للمجلس الوطني الفلسطيني، وحتى تبدأ عملية تنفيذ بنود المصالحة كما تم الاتفاق عليها.
كان هذا الاقتراح، او هذه النصيحة امس افضل من اليوم، ولكنها اليوم افضل من الغد، ولذلك فإنني أضم صوتي إلى صوت الباحث مجدي، والى أصوات شخصيات وطنية مستقلة كنت من بينهم، الذين تقدموا مبكراً بهذه النصيحة، فالوحدة هي القوة، وهي تستحق أن ندفع من أجلها، اكثر مما ندفع في غيابها، وهو كثير جداً على اي حال.
الإرهاب يضرب في مصر
د. عبد المجيد سويلم
قلنا من على صفحات "الأيام" قبل عدة شهور أن الإرهاب في مصر قادم، وذلك لأن جماعة الإخوان رفضت التراجع ورفضت المراجعة. لم يكن ممكنا إزاء هذا الوضع أمام هذه الحركة إلا العنف والإرهاب، إما لتحسين الوضع التفاوضي للحركة او لمحاولة التأثير عبر هذا بالذات (اي العنف والإرهاب) على سير الأحداث في مصر وصولا أو أملاً بتعطيل خارطة المستقبل وفي مفصل الاستفتاء على الدستور تحديداً.
لم يصدق البعض أن حركة الإخوان المسلمين بهذا التوجه تكون قد حرقت كل السفن واصبح ظهرها إلى الحائط (وهو حائط ساقط) على حد تعبير محمود درويش.
ولم يصدق هذا البعض ان "الإخوان" اصبحوا بموجب كل ما تقدم أمام حلف سياسي جديد (تحالف الشرعية) على المستوى الداخلي سياسيا وأمام تحالف امني وعسكري مع "القاعدة" ومع جماعات التكفير وفي إطار علاقات إقليمية ودولية منظمة سواء على صعيد التنظيم الدولي للإخوان أو عبر منظومة علاقات سرية مع أجهزة مخابرات دولية معروفة لدينا جميعاً.
وبالرغم من الضربات القاسية التي تلقاها تنظيم الإخوان على مستوى الصف القيادي الأول وربما غالبية الصف القيادي الثاني، وهو الأمر الذي يفسر انتقال الحراك السياسي للإخوان الى المجموعات الطلابية، وعلى الرغم من أن الجماعات التكفيرية وتنظيمات القاعدة قد تلقت هي بدورها ضربات مدمرة في سيناء، ومدن القناة وبعض مراكز الصعيد، إلا ان هذه المنظمات والمجموعات بما بات يتيسر لها من دعم مالي كبير ومن إمدادات تسليحية كبيرة تؤمنها لها تنظيمات الإخوان الإقليمية في كل من ليبيا وقطاع غزة وبعض المناطق الحدودية في السودان، وكذلك بعض الشبكات الدولية للقاعدة وخصوصا الشبكات التي تتمركز في ليبيا.. ما زالت قادرة على إعداد لعمليات إرهابية كبيرة يتم توقيتها بالأساس وارتباطها أيضا مع أجندة سياسية مستهدفة.
ومع أن انتخابات الطلاب في الجامعات وانتخابات نقابة الأطباء في مصر كان يمكن أن تشكل محطة للمراجعة والتراجع بعدما كشفت هذه الانتخابات ان الشعب المصري قد سحب الغطاء الشعبي من جماعة الإخوان إلا ان التيار القطبي "نجح" في جر الجماعة إلى متاهة الإنكار والمراهنة على أوهام استعادة الدور بالوسائل العنيفة والإرهابية.
بذلك تكون جماعة الإخوان قد أدخلت نفسها بصورة نهائية في معركة ضد الدولة المصرية وضد إرادة الشعب المصري ولم يعد أمامها (والحال هذه) سوى التحالف مع "القاعدة" وجماعة التكفير، ليس من موقع الحاجة "الماسة" لهذا التحالف في لحظات سياسية مفصلية وحساسة، وإنما الى تحالف دائم ومستقر ومصيري ينقل جماعة الإخوان للمرة الأولى في تاريخها من موقع التكيف السياسي الى موقع كسر العظم.
باختصار انتقلت الجماعة الى معركة السلطة وخسرتها، والى معركة البقاء وشروط العيش والتواجد وخسرتها، وها هي الآن تدخل المعركة الأخيرة حول ان تكون او لا تكون او معركة البقاء من الفناء.
الفرق بين معركة الإخوان اليوم ومعارك الأخوان في نهاية عهد الملك وفي عهد عبد الناصر .. والسادات وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك هو فارق جوهري وجديد وغير مسبوق على الإطلاق.
معركة الإخوان اليوم ليست تكتيكية ولا هي مؤقتة، لم تعد المسألة مسألة توجيه "ضربة" مفصلية او محاولة إرباك للمشهد السياسي، ولم يعد الهدف إخافة الخصم او محاولة التأثير على قراره. معركة اليوم هي إما الإخوان وإما هذا الخصم.
معركة الاخوان اليوم تختلف عن محاولة قتل زعيم او اغتيال رئيس وزراء او حتى قتل الرئيس السادات وهي تختلف عن عمليات إرهابية للإعلان عن الوجود والقدرة، او حتى لحشد التأييد وتزعم تيارات المعارضة والمراهنة على قيادتها.
معركة اليوم ببساطة ليست معركة سياسية على المواقف والاستراتيجيات بل هي معركة شاملة على البقاء كمكون سياسي وفكري وثقافي واجتماعي واقتصادي ايضا.
معركة الإخوان اليوم معركة مفتوحة بدون حدود وبدون قيود، مفتوحة من حيث الوسائل والأساليب، ومفتوحة من حيث الحدة والشدة والدمار ومفتوحة من حيث قائمة الأعداء والأصدقاء، وهي مفتوحة قبل كل شيء على أعلى درجات الاستقواء بالخارج بغض النظر عن جدية هذا الخارج وبغض النظر عن أطماعه وأهدافه وحتى انحطاط أساليبه ووسائله.
معركة الإخوان اليوم حيّدت الأيدلوجيا والعقيدة وجمدت الفكر السياسي، ونمّت الممنوع والمشروع وأزاحت الدين نفسه عن طريق الوصول الى "الأهداف" المنشودة.
جماعة الإخوان تعرف قبل غيرها ان إقرار الدستور بأغلبية كافية سيعني بالضرورة خسارة المساحة الأكبر من هامش المناورة السياسية لديها وسيقوض إمكانية اللعب على الأوراق الدولية الرسمية وشبه الرسمية.
وتعرف الجماعة حق المعرفة أن النجاح في تطبيق كافة الاستحقاقات السياسية لخارطة المستقبل سيفضي حتما إلى درجة من الاستقرار تسمح للدولة المصرية بالعبور إلى حقل التنمية وتحقيق درجة معينة ومقبولة من أهداف الثورة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وان مجمل هذا كله سيعيد للدولة المصرية دورها الإقليمي والعالمي وهو الأمر الذي سيحول "موضوع" الإخوان برمته الى هوامش جانبية.
مقابل ذلك، فإن الدولة المصرية باتت مطالبة في معركة مجابهة العنف والإرهاب بعمليات صعبة من "الاستئصال" وقد تربط ما بين هذه العمليات وما بين نجاح خارطة المستقبل، في ضوء أن أوسع القطاعات الجماهيرية باتت تدرك حتمية "القضاء" على الإخوان لعبور الدولة المصرية الى المستقبل.
استئصال جذور العنف والإرهاب أمر ممكن بل ويمكنه ان يكون اكثر من ضروري من وجهة نظر القيادة المصرية، إلا ان نزع الغطاء الشعبي عن الإخوان اصبح اليوم متاحا اكثر من اي وقت مضى، واصبح الإخوان يعيشون عزلة الاكتئاب السياسي التي تمهد من الناحية النفسية للتفكير بالانتحار.
هذا كله والإرهاب يضرب مصر وسيضرب مجددا كلما أتيحت له الفرصة. الإرهاب في مصر اليوم تحول إلى حاضنة لليأس والإحباط الذي تشعر به الجماعة بعد توالي الخسارات والهزائم وسقوط وتداعي الرهانات وتصدع جدران الدعم والإسناد واهمها جدار الدعم الشعبي. دخل الإخوان في مرحلة النفق المعتم دون ان يعرفوا ان لا أمل لهم ولا حول ولا قوة.
طرطشات
د.فتحي أبو مغلي
• إعلان اي منطقة "منطقة منكوبة"، يعني أن الدولة تلتزم بتخصيص "جزء " إضافي خاص" من ميزانيتها لإغاثة هذه المنطقة المنكوبة، وانها ستطلب مساعدات دولية، وتعرف المنطقة المنكوبة بانها المنطقة الجغرافية التي اصيبت بكارثة طبيعية أو تكنولوجية أو اجتماعية تؤثر هذه على السكان بـزيادة دراماتيكية في النفقات وبفقدان للطاقة والطعام والخدمات الاساسية، كما تؤثر من خلال زيادة مخاطر انتشار أمراض بين السكان، وبالتالي تفتح هذه الظروف المنطقة أمام المساعدات الوطنية والدولية، وعليه فان قرار اعلان اي منطقة جغرافية داخل الوطن منطقة منكوبة هو مسؤولية الحكومة حصرا، والتزام منها برصد الميزانيات اللازمة، ونستغرب قيام بعض المسؤولين من محافظين او رؤساء بلديات باعلان محافظاتهم او بلدياتهم مناطق منكوبة دون العودة للحكومة ودون اتباع اي معايير معتمدة ودون ان تكون المنطقة حقيقة منكوبة بل قد تكون بعض مرافقها قد تعرضت لخسائر ما نتيجة امطار غزيرة او عواصف ثلجية.
• حين يموت كاتب وروائي وشاعر وفنان تشكيلي عربي متجمدا من البرد على الرصيف لانه لا يملك سقفا" يأويه فهذا دليل على ما نعانيه كامة من ازمة في الاخلاق وفقر ثقافي وانحدار حضاري. نعم هذا ما حصل مع الكاتب والروائي والشاعر والفنان التشكيلي السوداني الذي مات متجمدا من البرد وهو نائم على احد ارصفة ميدان التحرير في القاهرة التي لجأ اليها بعد ان ضاقت به شوارع وبلدات وطنه السودان. ان العين لتدمع وان القلب ليحزن على مبدع لم يشفع له ابداعه ان يجد غرفة تؤويه من التشرد وغطاء يحميه من البرد ووجبة آدمية تكفيه شر التسول.
• في اليوم العالمي للغة العربية والذي يحتفل به العالم في 18 كانون الأول من كل سنة. نكشف امام كل من يهمه الامر، مأساة ان اكثر ابنائنا من طلبة المدارس والجامعات لا يجيدون الكتابة باللغة العربية، يجهلون الاملاء والقواعد وخطهم غاية في الرداءة. هل من الممكن ان تعني تلك الحقيقة وهذه المناسبة شيئا بالنسبة لواضعي المناهج في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وكل وزارات التربية والتعليم او المعارف العربية، وان يبدؤوا بالتفكير بأسباب المشكلة وانعكاساتها وربما ايجاد الحلول لها، وربما يكون من ابسطها اعادة دفتر الخط وكتابة الاملاء مرة اخرى .
• باعلان الأمم المتحدة للعام 2014 "عام التضامن مع الشعب الفلسطيني"، ﹸتفرض حقائق جديدة على الارض، إن أُحسن ألتحضير والتشبيك والتنسيق بيننا كفلسطينيين ومع اشقائنا العرب والمسلمين واصدقائنا وحلافائنا في كافة دول العالم. واذا كان الأمين العام بان كي مون يقول "إننا لا نستطيع أن نتحمل خسارة الفرصة الحالية المواتية. ويبقى الهدف الواضح هو وضع حد للاحتلال الذي بدأ عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة ومستقلة وقادرة على البقاء على أساس حدود عام 1967. تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع دولة إسرائيلية آمنة. وينبغي أن تخرج القدس من المفاوضات باعتبارها عاصمة الدولتين، مع وضع ترتيبات بجعل زيارة الأماكن المقدسة متوفرة للجميع. كما يجب إيجاد حل متفق عليه لملايين اللاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء المنطقة"، فماذا نحن قائلون وفاعلون، عام 2014 هو عام فلسطين! ولا بد ان تركز كافة البلاد العربية والإسلامية انتباهها إلى فلسطين، فان فلسطين دائما تجمع ولا تفرق توحد ولا تباعد وفلسطين تستحق في عامها جهدا" اكبر ومالا" اوفر وعملا" اصدق في عامها الذي ان افل دون تحقيق اهدافه فلن يعود ثانية، انه عام الفرصة الاخيرة، نكون كما نريد او لا نكون ابدا".
• درج بعض المسؤولين مؤخرا على استعمال عبارة بناء على تعليمات معالي الوزير او تعليمات دولة رئيس الوزراء او تعليمات سيادة الرئيس وذلك بهدف تعزيز قراراتهم او تحصينها، ونحن نسأل اذا كان كل مسؤول سيحتمى بالمسؤول الارفع منه فلماذا اذا" توضع الانظمة والقوانين والخطط والاستراتيجيات القطاعية والوطنية؟.
هـل ارتكبت فيـروز الإثم حيـن أعلنت حبها؟
تيسير الزّبري
لقد هالني ما قرأته من السيد مهند عبد الحميد في مقال تحت عنوان "بين فيروز وبيتهوفن" على صفحات الأيام يوم الثلاثاء الماضي الموافق 24 كانون أول.
لم يخطر ببالي في يوم من الأيام أن يقوم كاتب ( ديمقراطي ويساري) بسَوق مثل هذه الاتهامات ضد حزب الله وسماحة السيد حسن نصر الله أمين عام الحزب، والمدخل لهذا الهجوم هو ما كان نقله عن زياد الرحباني / الفنان اللبناني عن والدته الفنانة الكبيرة فيروز من أنها تحب سماحة السيد نصر الله بالطبع، فإن الهجوم على الفنانة فيروز وسماحة السيد نصر الله شمل كل من ينظر باحترام لهذا القائد الوطني اللبناني الإسلامي الكبير وهم كُثر؛ وبأغلبية كاسحة من أبناء شعب فلسطين الذين ينظرون باحترام وحب ووفاء لهذا الحزب وقادته وشهدائه.
لم يوفر السيد عبد الحميد الفاظا غير موضوعية مليئة بالتحامل إلا وذكرها مستخدماً أوصافاً منها أن حزب الله طائفي رجعي ومرتبط بدولة إيران ( وان إيران وفق رأيه دولة رجعية وزعيمة للطائفة الشيعية، ولم يبق سوى تذكيرنا بألفاظ واتهامات ذات صفة شوفينية بالفارسية والصفوية) وهنا كان لا بد من التحسر على أيام شاه إيران الحليف الاستراتيجي لإسرائيل في المنطقة. وبالمناسبة فإنني انصح الأخ عبد الحميد قراءة بعض تاريخ الحركات الإسلامية التي ثارت على الظلم والفساد في القرنين الثالث والرابع الهجريين ....
لماذا كل هذا التحامل ..!؟
لم يكتب يوماً عبد الحميد _ وذلك حسب قراءاتي شبه الدائمة له – مثل هذا القول إلا لأن حزب الله قد وقف مع سورية (وأنا أُصر على انه وقف مع سورية وليس مع أي قائد حاكم أو معارض مهما كان لونه) والخلفية السياسية التي قالها أمين عام حزب الله (الذي لم يتردد كاتب المقال عن وصفه بالإمبراطور بونابرت) بأن ارتدادات الوضع في سورية سوف تشمل لبنان والعراق وفلسطين والمنطقة عموماً؛ فهل يرى الكاتب غير ذلك؟! وهل ان التخلص من بشار الأسد كما يتمنى السيد عبد الحميد يمكن أن يجلب للمنطقة الخير والعافية، أم أن ذلك لن يتوقف عند تلك الحدود؟ وهل يعتقد كاتب المقال أن القوى الديمقراطية التي يدافع عنها يمكن أن تكون الآن هي الوريثة لحكم بشار الأسد، أم أن حكماً طائفياً دموياً هو المرشح لحكم سورية وتدميرها وتفتيتها وتقديم أفضل الخدمات لاسرائيل!.
لماذا تدخل حزب الله في سورية ومتى؟ لقد استمعنا -ولا بد ان الكاتب قد استمع أيضاً - بأن إرسال الدعم من قبل حزب الله الى سورية قد تم بعد ما امتلأت أرياف سورية ( بالمجاهدين والمجاهدات) من كل بقاع الأرض من أجل إسقاط (الطاغية حسب وصف كاتب المقال) وهل أن هذه المجموعات (المجاهدة) سوف تعيد للشعب السوري حريته وديمقراطيته وتحقق العدالة على الأرض وتفتح أمام الشعب السوري أبواب الجنة !!
وهل كان مطلوباً من حزب الله أن يقف محايداً أمام اختراق الحدود اللبنانية من قبل هذه المجموعات المتطرفة ونقل سلاح القوى الغربية والرجعية الى الأراضي السورية كما هي الحدود التركية مرتع وممر لكل مجموعات الإرهاب العالمي .!
هل هذا ما يريده الكاتب؟ وهل هذا هو الطريق للحرية والديمقراطية والمدخل للحفاظ على وحدة كل السوريين بكل طوائفهم على التراب السوري الموحد؟. إن هذه الأساليب من القتل المروع والذبح الطائفي لن تكون البديل للنظام الحالي !!
نحن الفلسطينيين معنيون بأن تتجاوز سورية الأزمة الراهنة ومعنيون بوقف القتال وبالتصالح ما بين أطراف النزاع، والراغبون في وقف القتال والمؤمنون بالتحول الديمقراطي السلمي وبمشاركة المعارضة السورية من الداخل والخارج في انجاز خارطة الطريق من اجل سورية ديمقراطية وموحدة وصامدة في وجه قوى الظلام والعنصرية.
أخيراً، ربما أجد عذراً للسيد مهند عبد الحميد والقلة التي تؤيده من ان هذه الحملة على كل من يقف مع سورية أو سماحة السيد نصر الله وآخرهم الفنانة الكبيرة فيروز ( المسيحية الارثوذوكسية) ذلك ان كل رهاناتهم على سقوط النظام قد فشلت أو تكاد؛ وبأن أسباب النجاح قد تحققت بصمود السوريين وبالدعم والمساندة من قبل إيران وروسيا والصين وأغلب دول أميركا اللاتينية وبالتأكيد من الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني ومن كافة قوى التقدم في العالم؛ الأمر الذي أرغم جبهة الأعداء على التراجع، وما يجري أخيراً من مذابح في عذرا واللاذقية وريف دمشق وحلب ما هو إلا رقصات الديك الذبيح كما وصفه الشاعر إبراهيم طوقان.
مقالات صحيفةالحياة
تغريدة الصباح - سوبر ستار للإيجار
امتياز دياب
تقع المجر في اليمن، لِمَ لا؟. برلوسكوني ممثل رومانسي، لِمَ لا؟. الأحزاب الاميركية الرئيسية هي حزب الفيتو والناتو والحزب الشيوعي، لِمَ لا؟. يحد الفاتيكان، الباكستان.. أو أفعانستان،لِمِ لا؟. على أساس مضبوط الإيقاع موسيقيا، أفغانستان، باكستان داغستان، كازخستان وفاتيكان،
يا هيك الثقافة يا بلاش.
إذا كانت إجابات طلاب الجامعات على هذه الاسئلة، بهذا القدر من الجهل وعدم الكفاءة، فمن الصعب أن ننتظر خيرا من الأجيال القادمة؟.
أما بالنسبة للسؤال الآخر الأكثر أهمية (من يغني آه ونص؟) جميع الإجابات كانت صحيحة دون أدنى تردد.
في الحقيقة، لا نعرف من هو المسؤول عن هذه الكارثة، لذا لن أوجه أصابع الإتهام الى جهة معينة، سواء كانت حكومة أو وزارة، أو جامعة أو أساتذة أو صحافة أو فضائيات في الشرق أو في الغرب.
وعلى فكرة..مسألة الجهل، ليست قاصرة على العالم العربي، بل أن الجهل ذاته ينتشر بين شباب الولايات المتحدة، الذين لا يعرفون ما هي اسرائيل مثلا، هل هي دولة أم بطيخة، أم بُعْبُعْ. وهذا مفاده أن الجهل هو نقطة مشتركة بين شعوب العالم أجمع وليس مقتصرا على الدول العربية فحسب بل هو متفشٍ في معظم الدول الغربية أيضا.
أما الفرق بين جهلنا وجهلهم هو: أن الشعوب العربية كانت وما زالت مستلبة بالغرب وهذا الإستلاب بالذات رغم سلبيته، له جوانب إيجابية إذ يجعلهم أكثر اطلاعا وفضولا على ما يجري في معظم أنحاء العالم، بينما الشعوب الغربية لا تكترث لهذه الأمور، على أساس أنهم على يقين بأنهم سرة الكون.
صدر منذ أعوام عن الأمم المتحدة تقريرا جاء فيه: أن الإنسان العربي لا يقرأ أكثر من نصف صفحة في العام. ومع ذلك، تجد أن أغلبية هؤلاء الذين لا يقرؤون سوى نصف صفحة في العام مصنفين كشعراء وكتاب، يحصلون على جوائز من مؤسسات خُلقت على شاكلتهم وأشباههم.
ومانحو هذه الجوائز، ليس بإمكانهم وكفآتهم تقييم إذا ما كان هذا الشخص يستحق جائزة أم (ضرباً بالعصي على جنابه ونافوخه ونافوخ أبوه واللي خلّفوه).
سمعت عن رسام كبير له اسم يرتجف له الوسط الفني، يتشدق بأحقية كاتب (طبعا صديقا له) لنيل جائزة نوبل للآداب، وهذا الرسام العظيم هو نفسه لم يقرأ رواية واحدة لهذا الكاتب الذي يشجع على دعمه بترشيحه لجائزة نوبل.
لكن ماذا يهم، مَن أخذ جائزة نوبل للآداب أو للسلام، أو من ذاع صيت نجاحه في أي مجال مِن المجالات، مع العلم أن ليس كل من لمع اسمه (بيستاهل).
سألني صديقي الذي لم يسمع به أحد سواي، لماذا لا تباع كتبك في الأسواق؟ ولماذا ما زال اسمك مغمورا، رغم العديد من كتبك ومقالاتك ؟.
كانت إجابتي خجولة إذ قلت:" هناك أسماء لامعة، وهناك أسماء تبقى في الدرج". من أجل أن أصبح (سوبر ستار) كان حرياً بي أن أقضي وقتي بالركض بين مهرجانات الصالونات، أو أن هناك حلا آخر، هو دون إمكانياتي ألا وهو شراء جوائز تحملني الى سلم الشهرة، لكنني لن أفعل ذلك خوفا من الوقوع أرضا، إذا وصلت الى الهضبة مثل عمرو دياب، طبعا الجميع يعرف من عمرو دياب وليس من هي امتياز دياب.
وهكذا التاريخ لا يذكر إلا العظماء بحق، ولكنه لن يذكر من غنى أغنية آه ونص، حتى لو رددتها أجيال بأكملها، (أنا لست متأكدة من هذا التصريح).
وأخيرا أقترح شخصيا منح جائزة لموهبة غير معروفة، ولم لا؟ لشخصي الكريم؟، ومن يدري؟ قد يكون ما في جعبتي مثيرا للإهتمام.
الأخوان المسلمون من صفقات الحكام إلى قرار الشعب!!!
يحيى رباح
شعب المنصورة العظيم، الذي واجه الغزو الفرنسي ذات يوم وأسر ملكهم، أطلق هديره الذي يفوق هدير الأمواج الصاخبة يوم أمس، مطالب بكل وضوح باعتبار جماعة الاخوان المسلمين جماعة إرهابية.
هذا هو الوعي العميق جداً الذي يمتاز به تاريخياً الشعب المصري العريق، شعب صبور حتى ليشتكي منه الصبر نفسه، إنه الشعب الذي عبر وحده ومعه العالم من تعدد الوثنية إلى وحدة الوثنية، ومن وحدة الوثنية إلى وحدانية الله، وجسد كل ذلك بأشكال حضارية عالية المستوى ما تزال بعض أسرارها محجوبة منذ سبعة آلاف سنة!!! هذا الشعب المصري نفسه احتضن جماعة الاخوان المسلمين ووجد لهم مكاناً في حديقته الإيمانية الواسعة وارفة الظلال، ولكنه سرعان ما أخذ بطردهم منها في نوبات متلاحقة، منذ أن اكتشف بإيمانه الفطري العميق، وإسلامه الوسطي الشامل، أنهم غير مؤهلين ليكونوا جزءاً من نسيجه منذ البداية، حين رآهم يحتكرون الإسلام كأنه تركة ورثوها عن آبائهم، وأنهم شقوا الإسلام حين ادعوا أنهم وحدهم ينالون شرفه، واستخدموا الإسلام حين لعبوه كدور ليس إلا من سفوح أفغانستان إلى انقسام فلسطين!!! فقال الشعب المصري كلمته النهائية، وأصدر قراره القاطع، هؤلاء إرهابيون، ولايجوز أن تطلق عليهم أي صفة أخرى.
التفجير الإرهابي الإجرامي في المنصورة، لم يترك لأحد ما يتستر به، لم يترك للأخوان – ومن لف لفهم – ما يسترون به عورتهم، ولم يترك للحكام ما يبررون به أنفسهم حين يحجبون عن آتخاذ القرار النهائي.
خمس وثمانون سنة، عاش خلالها الأخوان المسلمون معتمدين على نظام الصفقات، الشعب رفضهم، والحكام تركوا لهم بعض المنافذ، ولكن تفجير المنصورة كجزء من بانوراما الإرهاب الإخواني من آخر حدود سيناء إلى أسوان، ومن شاطئ البحر الأحمر إلى شاطئ المتوسط، الحرب ضد الجيش المصري الذي هو جيش الأمة في الدفاع عن وجودها الحضاري، والاعتداء على رجال الأمن الذين هم العين الساهرة، والاعتداء على الجامعات التي هي خميرة المستقبل، والاعتداء على الناس الذين هم الإسلام، لأن الإسلام يمشي على أقدام البشر وبدونهم لا ينتشر في الأرض، هذا الإرهاب الإخواني تعرى ولم يعد يستره شيء، وانكشف وأمعن في الانكشاف، وسقطت دعاويه كما يتساقط الذباب، ولابد لكل ذلك أن يتبلور في قرار وطني سياسي وأمني وثقافي، قرار يقول للأخوان جماعة إرهابية.
أتمنى أن يصدر من القيادة المصرية مثل هذا القرار سريعاً جداً، اليوم وليس غداً، قرار معمد ومصفح بكل الأساطير القانونية والشرعية والسياسية!!! لأن مثل هذا القرار يمكن بعد ذلك تبنيه بالكامل في القمة العربية المقبلة، وفي القمة الإسلامية المقبلة، ودون ذلك فإن أمتنا العربية ودولها القومية ستظل تعاني من المعادلة المختلة التي انفضحت، حيث الأخوان المسلمون هم الخنجر الذي يوضع في يد الأعداء ليطعنوننا به، وفي نفس الوقت هم الحجة الدامغة ضدنا في قسوة الاتهام!!! تعالوا نكسر هذه المعادلة الظالمة، تعالوا نعترف علناً بقرار رسمي نهائي بأن جماعة الأخوان المسلمين بكل تفريعاتها هي جماعة إرهابية.
يا الله.. هب لنا المسيح
موفق مطر
يا رب المحبة والسلام.. أعد الينا المسيح ماءً لنحيي قلوبنا..فالجفاف يكاد يميتنا
هب لنا المسيح هواء..لتصير أنفاسنا حبا وسلاما..فأنفاس الكراهية والحرب عمت فضاءنا، وحجبت بصائرنا وضمائرنا وأرواحنا عن سمائنا.
يا رب اعطنا المسيح قمحا لنصنع خبز يومنا..فلا يموتن في أرضك المقدسة فقير ولا مسكين ولا ينطوي جناح طير من الجوع.. ولا يجف ضرع.
اجعله يا خالق الناس لساننا.. وكلماتنا المباركة.. فنبدد لغة ابليس المستكبر.
يا عليم..علِمنا حروف أسمه فالإنسان لا يكتب ولا يقرأ آلا بلغة المخلصين.
ربنا في السموات والأرض ابعث المسيح حرية.. ليمدنا بقوة لمسح العبودية من مناهج الناس أجمعين... لنصير كلنا أسيادا على أرضنا، تسيرنا ضمائرنا وأعمالنا، نستوحيها من آياتك المقدسة.
ابعثه يا الله عدلا ينصب ميزانك.. فالبشر على أرضك -التي خلقتنا من ترابها – قد فقدوا المقادير وانقلبت موازينهم.
أنعمه علينا عقلا يرقى بأبناء آدم الى ملكوتك وقداستك.
اشرق علينا المسيح نورا نافذا الى سويداء قلبي وكل ذي لب وبصير.. فالجفاف عم ّ صدور البشر يا سيدي، ويكاد يفتك بأمة آدم التي احببت وقدست.
يا ملك يا قدوس آتنا المسيح رحمة تؤلف قلوب ابناء آدم، لنزيل خطوط الشيطان بين الذكر والأنثى، الأبيض والأسود.. فلا يبقى عبد ولا تبقى سيادة إلا لوجهك الرحمن الرحيم.
أرسله علينا شمسا يكسر شعاع صبحها قضبان وإقفال زنازين الظالمين
ارسله قمرا ترى في بدره أم الشهيد وجه حبيبها..فتبدد ظلام ليل الحنين
انفخ المسيح علينا ارادة وكبرياء وكرامة.. وإخلاصا ووفاء.. فروحك المرسلة الينا بيدها خلاصنا.. فمُّن علينا بالخلاص من جبروت المستكبرين والحراب.
يا رب اعطنا المسيح ابنا وأبا وأما واختا وأخا وصديقا وجارا ورب عمل. وانفخه روحا من امرك في اجسادنا ونحن نعلم أن امهاتنا لسن كمريم البتول.
نتضرع اليك يا خالق الحياة والموت أن تجعله حياة لنا، وارثا خالدا للآتين الى دنياك وأرضك الطيبة بعد موتنا..فنحن بغير السلام والمحبة كأننا لم نكن أبدا.
رأيت رام الله.. أعتذر عن التأخير
د. أسامه الفرا
كلما التقيت بجارنا العجوز أستحضر قصته مع حفلة أم كلثوم، كان يحرص على ممارسة طقوسه الخاصة رغم ما يصاحبها من نقد يأخذ طابع السخرية، كان جارنا ينتظر بفارغ الصبر يوم الخميس مطلع كل شهر حيث تحيي أم كلثوم حفلتها، ويتكفل صوت العرب بنقلها على أثيره، وتحضيرات جارنا تبدأ مبكراً في ذلك اليوم حيث ينتقي أفضل ما لديه من ثياب، ويطيل الوقت أمام المرآة وكأنه على موعد مع رؤية عروسه، ويجلس ورفاقه في غرفة "الضيوف" في انتظار أن تطل عليهم كوكب الشرق بصوتها، يسود الصمت المكان باستثناء بعض كلمات الاعجاب التي يطلقها الجار بين الفينة والأخرى.
نحن نفعل الشيء ذاته إن تعلق الأمر بلقاء مهم، سواء كان مع مسؤول من اصحاب المكانة المرموقة بغض النظر إن كان أهلاً لها أم غير ذلك، ونمارس ذات السلوك إن كان اللقاء له علاقة باختيار شريكة الحياة، ونسعى جاهدين لأن نصل مبكراً، ونطيل الاعتذار وخلق المبررات إن تأخرنا لدقائق معدودة، لم يخطر ببالي أن اعتذر لكتاب لاقتنائي له متأخراً، ولم يتبادر لذهني أن الكتاب القيم مثل شريكة الحياة يلازمك بأفكاره وما يحتويه طيلة حياتك، وبالتالي يفرض عليك نمطاً محدداً وأن تقلب صفحاته وتغوص في أعماقه، الكتاب بما يحتويه يتطلب طقوساً خاصة، حاله كحال فنجان القهوة يتأثر مذاقه بجملة من العوامل المحيطة به والمرتبطة بصياغة نكهته، لا يكفي أصل البن وفصله وإنما المتمم والمكمل لذلك كيف ومتى وأين نتناوله.
لا أعرف لماذا تذكرت قصة الجار وفنجان القهوة وأنا أقلب رواية الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي "رأيت رام الله"، تملكتني أهمية الاعتذار للكتاب لا الكاتب، فالأخير التقيته مراراً عبر دواوينه الشعرية، فيما "رأيت رام الله" كان لقائي الأول به، "رأيت رام الله" التي حاول فيها الشاعر أن يبتعد عن الموسيقى الشعرية ليستسلم إلى متطلبات الرواية إلا أنها خرجت كمعزوفة جمعت بينهما، بالطريقة ذاتها التي جمع في سطورها حكاية الشتات الفلسطيني بين المأساة والملهاة، كم هو مؤلم أن يستوقفك ما ذهب إليه الشاعر بأن على الكاتب أن يكتب بالانجليزية ليقرأه الغرب كي يعرفه العرب، هل كان لزاماً علي أن أعرف أن روايته "رايت رام الله" حاز بها على جائزة نجيب محفوظ للابداع الادبي التي تمنحها الجامعة الأميركية بالقاهرة كي أقرأها وأطلع على مكنوناتها الثرية، بقدر ما يسرد الشاعر سيرته الشخصية وهو يغادر المكان ليستقر في الزمان، بقدر ما تمثل تأريخاً انسانياً للقضية الفلسطينية، بعيداً عن الخطب العصماء التي تطربنا ولا تطرب سوانا.
رأيت رام الله.. تسرد تفاصيل عقد الزواج الكاثوليكي بين الوطن والغربة، فلا الغربة المفروضة على الكثير من أبناء شعبنا قادرة على سلخ أصحابها عن الوطن، ولا الوطن ذاته بمقدوره أن يتجاهلها، أجمل ما في الرواية أنها تنقل إليك الصورة مجردة، لم يستعن الكاتب بأدوات التجميل التي اعتاد عليها كثيرون في سرد تاريخهم، لذلك تجبرك الكلمات على العيش بين حروفها والامعان في تفاصيلها، كأنها تدفعك رغماً عن أنفك لاكتشاف عالمك المخفي داخلك، لتعيد بها انسانيتك قبل اي شيء آخر، أن تكون انساناً شيء أن يعيش الفلسطيني انسانيته بعيداً عن الوطن شيء آخر، وأن ترى رام الله بعيون المندهش وهي تتحول من قرية إلى مدينة شيء، وأن تراها بذكريات الماضي والحاضر شيء مغاير، وأنا امضي بصفحات الرواية إلى نهايتها وجدت لزاماً علي أن اعتذر لها، اعتذاراً يليق بقامة ثقافية كبيرة هي أهل لمكانتها ومكانة كاتبها.
سقف التصعيد الاسرائيلي
عادل عبد الرحمن
شهدت جبهة محافظات الجنوب تصعيدا مفاجئا، بعد أن اقدم احد القناصة من أذرع المقاومة، التي لا صلة لها بحركة حماس، بقنص أحد العاملين في موقع عسكري إسرائيلي في مستوطنة ناحل عوز شرق مدينة غزة، الامر الذي دفع القيادة الاسرائيلية السياسية والعسكرية لشن سلسلة من الغارات الجوية بلغت خمس عشرة غارة، أدت إلى استشهاد طفلة في عامها الرابع وإصابة العديد.
فاجأت العملية التفجيرية في بات يام وعملية القنص في ناحل عوز الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، لأن التقديرات الامنية مطمئنة إلى قدرة ميليشيات حركة الانقلاب الحمساوية على الوفاء بتعهداتها وضبط إيقاع الشارع الغزي وخاصة الاذرع العسكرية وفق اجندتها والتزامها بالهدنة، التي وقعتها في نوفمبر / تشرين الثاني 2012 برعاية الرئيس المصري المعزول محمد مرسي.
مع ان كلا الطرفين الاسرائيلي والحمساوي بحاجة لسيناريو التصعيد، لأن كلاً منهما له اعتباراته الخاصة، الحكومة الاسرائيلية تهدف الى: أولا محاولة خلط الاوراق في الساحة الفلسطينية للتأثير على المفاوضات السياسية الجارية مع القيادة الشرعية الفلسطينية؛ ثانيا تطمين الشارع اليميني داخل الساحة السياسية أن حكومة نتنياهو يدها طويلة، ولديها جاهزية عالية للرد بقوة على اي عمل غير مسؤول في اي جبهة؛ ثالثاً تلميع دور حركة حماس في اوساط الجماهير الفلسطينية والعربية بعد انكفاء وتراجع مكانتها في اعقاب اندثار حكم الاخوان في مصر، وافتضاح دور الاخوان التخريبي في العديد من الساحات العربية؛ رابعاً التشويش على احتفالات عيد الميلاد المجيد، التي شهدت امس الأول قداس عيد الميلاد في كنيسة المهد في بيت لحم بحضور الرئيس محمود عباس، وإفقاد ابناء الشعب الفلسطيني لحظات الفرح، التي يعيشونها.
وعلى صعيد حركة حماس، التي كما اشير آنفا، ليس لها علاقة بعملية القنص، فانها تستهدف من اي عملية تصعيد التالي: أولاً استثمار ذلك لتعزيز مكانتها في اوساط الجماهير الفلسطينية والعربية؛ ثانياً المزاودة على القيادة الشرعية من خلال التغني بشعار "المقاومة"، الذي لم يعد ينطلي على احد من العرب والمسلمين؛ ثالثاً استغلال التصعيد في التحريض على العرب عموما ومصر خصوصا، ووضعها في "ذات الموقع" الاسرائيلي ب"حصار" محافظات الجنوب، لعل وعسى يؤثر ذلك في تراخي القبضة المصرية المطاردة لحركة الانقلاب وقادتها في جماعة الاخوان المسلمين؛ رابعاً استغلال أنات وآلام الجماهير لممارسة ارهابها على القوى غير الملتزمة بتعهداتها الامنية مع حكومة نتنياهو؛ خامسا للتهرب من ملف المصالحة.
لكن القوى المحلية والاقليمية والدولية وخاصة الولايات المتحدة تعي حاجة الفرقاء المذكورة اعلاه للتصعيد، لكنها ليست معنية الآن بقبول اي تصعيد يهدد رعايتها لابرام اتفاق سلام بين القيادة الفلسطينية ودولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، لذا بقدر ما قبلت سقف وحدود الرد الاسرائيلي، للفت نظر حركة حماس لاي تجاوز لاتفاق الهدنة، بقدر ما ترفض اي تصعيد دراماتيكي الآن يخل بتوجهاتها السياسية، لا سيما وان الادارة الاميركية تعتبر تحقيق قفزة في عملية السلام على المسار الفلسطيني / الاسرائيلي بمثابة انتصار شخصي لكل اركانها وللولايات المتحدة ككل. وبالتالي من غير المسموح الآن خلط الاوراق، لأن لذلك تداعيات على جبهات أخرى قد تؤثر على سيناريوهات أميركا لاعادة ترتيب أوراقها وهيمنتها في المنطقة العربية والاقليم الشرق اوسطي عموما.
في كل الأحوال كشفت عملية القنص في ناحل عوز قبل يومين عن عدم سيطرة حركة حماس على الاوضاع في غزة، وان الامور آخذة في التسرب من بين يديها، لأن المواطنين وقواها ضاقوا ذرعا بحركة الانقلاب الحمساوية. وقادم الأيام سيكشف عن اشكال اخرى من وهن سطوة وسيطرة حماس على المحافظات الجنوبية.