Haneen
2014-03-18, 11:13 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (547)
الاربعاء 05/02/2014 م
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
لا تتعلم العربية كي لا تعرف عدوك!
بقلم: سمدار بيري،عن يديعوت
ما هو أبعد من عنصرية اسرائيل!
بقلم: يوسي شاين،عن يديعوت
تكتيك التهديد: من كيسنجر الى كيري
بقلم: ابرهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم
الشبح السكاني في الدولة اليهودية!
بقلم: موشيه آرنس،عن هارتس
حوار طرشان
بقلم: ارئيل كهانا،عن معاريف
ينبغي حشر أبو مازن في الزاوية!
بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
مغادرة الاتحاد الأوربي: هروب أم انهيار؟
بقلم: غي بخور،عن هآرتس
تركيا واسرائيل: المصالح فاقت المشاعر
بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس
</tbody>
لا تتعلم العربية كي لا تعرف عدوك!
بقلم: سمدار بيري،عن يديعوت
التقيت في نهاية الاسبوع، بالصدفة تماما، بامرأتين من العالم العربي ‘تفعلان هذا’ واصرتا ان تجربا عليّ كنز كلماتهما بالعبرية. الاولى، فلسطينية من الاكاديمية، تشارك في مجموعات حوارية مع الاسرائيليين وفي مشاريع مشتركة في مجالات التعليم. الثانية، من مكان ابعد بكثير، ناشدتني أن اعطيها بعض الوقت الى أن نكشفها ونكشف اهتمامها الخاص. فهي من الجيل الجديد، ولدت بعد حرب يوم الغفران، قبل وقت قليل من اتفاقات السلام، في ظل موجات المقاطعة والمحظورات على العلاقات الطبيعية مع ‘العدو الصهيوني’. ومع ذلك، اصرت على الذهاب الى كلية اللغة والادب العبري في بلادها.
كلتاهما امرأتان مثيرتان للانطباع، قادرتان على قراءة صحيفة بالعبرية، مشاهدة قنوات التلفزيون، الجلوس في صحبة اسرائيليين والانخراط في الحديث.
ثمة سببان لتعلم لغة الاخر: إما أنك تقرر ‘العيش في المجال’ مع العلم بان 20 في المئة من سكان الدولة هم جيرانك المقربون، وانت تحلم بان ذات يوم سنصل الى علاقات طبيعية. او انك تتبنى اتجاه ‘إعرف عدوك’ عن دينه وزعمائه، ثقافته وثراء لغته. المطبخ العربي والشتائم نحن نعرفها بشكل لا بأس به.
اذا ما إخترت المسار المتفائل، يمكنك أن تربط مصيرك بالاعلام، بالجامعات، بالخدمة الدبلوماسية، وكذا في اسرة الاعمال التي تسعى الى اقتحام اسواق العالم العربي.
من تجربتي الشخصية يمكنني أن اشهد بان’ حقيقة أنك قادر على الحديث الى الاخر بلغته تحطم الحواجز. عندما يستجوبك عن السبب الذي جعلك تتعلم العربية، فهذا دليل على انك حظيت لديه بالنقاط. بالمقابل، اذا ما شككت بفرص السلام، فسيختطفونك الى أسرة الاستخبارات الجائعة عندما للناطقين بالعربية الى الموساد والى الشاباك.
لم أذكر مصدر عمل آخر في المجال: تعليم العربية في جهاز التعليم عندنا. هنا يسير الناس نحو الافلاس. المجانين وحدهم هم من يبقون في المهنة. قسم من المعلمين يبدون مستوى مترد وعدد متعلمي العربية ينخفض. ليس هناك تشجيع ولا حوافز. الرسالة التي تأتي من القيادة تتحدث بحد ذاتها: تعلموا سنتين (الزامي) للغة إذ لا مفر، وانتقلوا الى المهنة المفضلة.
القرار بالتقزيم (فما الذي يمكن تعلمه في سنتين؟) لقدرة الوصول الى عالم الجيران، حتى لو اخذ بالحسبان ان كنز الكلمات سيكون محدودا، يؤدي الى العجز. ليس مهما اذا كنت تنتمي الى معسكر التعايش او الى متبني خط ‘اعرف عدوك’، ففي نهاية المطاف ان تتعلم ما يحصل في محيطك فقط مما تمضغه وسائل الاعلام المحلية من اجلك.
في الجهة الاخرى، فان الشهية للتعلم عن اسرائيل هائلة. ففي الصحف الخمسة الرائدة في العالم العربي تنشر منذ سنين صفحة يومية لـ ‘الاسرائيليات’، ترجمة مقالات وبحوث عن المجتمع، الادب، الاقتصاد، الشخصيات التي يجدر معرفتها ومواضيع سياسية. اما عندنا، بالمقابل، فتدور منافسة منفلتة العقال بين ثلاث جهات تؤشر وتترجم بنشاط كل ظاهرة سلبية في الجانب الاخر.
صدمت جدا من قرار وزير التعليم بيرون تقييد تعليم اللغة العربية. في هذه التوصية تنطوي رسالة مكشوفة، فما الذي يجدر حقا بالتلميذ والمعلم وما الذي يعتبر أقل. في لحظة من الفضول قررت ان اراجع ما كتبه ويكيبيديا عن بيرون، وهذا ما قفز لي امام العينين. امه، استر، أدارت المشروع الرائع لمعهد ‘عكيفا’ الذي علم الاف الاسرائيليين ممن تعلموا هناك العربية على التقرب من الجيران. مئات العرب، من الاماكن الابعد ايضا، تعلموا هناك العبرية، وتعلموا التعرف الينا. والد وزير التعليم، كما كتب في ويكيبيديا، من مواليد مصر. هذا مكان لا ينسى، خيرا كان أم شرا. فهل الآباء يأكلون الحصرم؟ قرروا وحدكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ما هو أبعد من عنصرية اسرائيل!
بقلم: يوسي شاين،عن يديعوت
‘إن تصنيف اسرائيل أنها ‘دولة عنصرية’ بدأ قبل أن برز مشروع المستوطنات في المناطق في العناوين الصحفية بسنين كثيرة، فكثيرون يتذكرون كيف استقر رأي الامم المتحدة في 1975 على تعريف الصهيونية بأنها عنصرية. وقد مزق سفير اسرائيل آنذاك حاييم هرتسوغ اقتراح القرار فوق منصة الخطباء، ونعته سفير الولايات المتحدة في الامم المتحدة باتريك موينهن بأنه ‘تعبير عن الشر’.
ألغي قرار الامم المتحدة ذاك في 1991 لكن حملة نعت اسرائيل بأنها دولة فصل عنصري أخذت تزداد تسارعا في انحاء العالم بل بين مثقفين في البلاد. ستحتفل في الشهر القادم منظمات فلسطينية في الاحرام الجامعية في الولايات المتحدة واوروبا بمرور عشر سنوات على ‘اسبوع الفصل العنصري الاسرائيلي’. وهذه احداث قاسية وعنيفة لكراهية متقدة تدعو الى القضاء على دولة اليهود تصدر عن بواعث ليبرالية في ظاهر الامر. وعلى هذه الخلفية برز الصوت الصافي لرئيس وزراء كندا ستيفن هاربر الذي أعلن في الكنيست أن من يسمي اسرائيل دولة فصل عنصري هو شرير ومعاد للسامية.
‘إن هاربر من الزعماء القلة الذين ينددون بخطاب الفصل العنصري تنديدا جازما. وفي مقابل ذلك يتبنى عدد من الاكاديميين بل من الساسة في اسرائيل على الخصوص المماثلة بين الفصل العنصري في جنوب افريقيا وتناول الاحتلال والصورة ‘العنصرية’ للدولة.
في هذه الايام حقا يجري حوار في الشبكة بين اساتذة جامعات اسرائيليين يتناول ‘اسرائيل باعتبارها دولة فصل عنصري’. وكتب أحد المشاركين البارزين الذي يحاول أن يسبغ على ادعاءاته صورة اكاديمية تحليلية: ‘الفصل العنصري نوع نظام حكم أو حالة سياسية تاريخية كالثيوقراطية أو الدكتاتورية، وليس شتما. إن الاسرائيليين الذين يضيئون هذه الحالة يتعرفونها في أسى على أنها قاعدة للاصلاح لا حملة إساءة سمعة أو محاولة لجعل اسرائيل بغيضة’. وهذا في ظاهر الامر تحليل بارد مقطوع عن التصنيف القيمي لكن الامر ليس كذلك، فاستعمال عبارة ‘الفصل العنصري’ جزء مركزي في حملة تصنيف اسرائيل مع المناطق ومن غيرها بأنها دولة مجرمة كانت ولادتها بالخطيئة ووجودها بالخطيئة.
من المثير للاهتمام أن القاضي ريتشارد غولدستون خاصة من جنوب افريقيا المعروف في البلاد بسبب التقرير المنحاز الذي نشره عن الحرب في غزة، رأى في محاولة التسوية بين اسرائيل ونظام الفصل العنصري ‘إثما وتشهيرا’، وكتب في مقالة في صحيفة ‘نيويورك تايمز′ أن محاولات التسوية بين اسرائيل ونظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا ترمي الى نعت اسرائيل بالشيطانية والى عزلها بغرض احباط تسوية الدولتين: ‘أنا أعرف جيدا قسوة الفصل العنصري حيث أُبعد الناس الذي عُرفوا بأنهم سود على استعمال مراحيض للبيض أو استعمال الشواطيء، وعن السكن في مناطق بيضاء بل عن المكوث فيها دون رخصة. وتُرك جرحى سود في حوادث يموتون في الطرق إن لم توجد سيارة اسعاف ‘سوداء’ في المنطقة. ومُنعت مستشفيات بيضاء من انقاذ حياتهم… ليس في اسرائيل فصل عنصري ولا يقترب أي شيء فيها من التعريفات (الرسمية) للفصل العنصري.
يقول غولدستون جازما إن من يحاولون أن يدفعوا قدما بـ ‘اكذوبة الفصل العنصري الاسرائيلي’ يقارنون مقارنات متكلفة’ منتقاة كي يشوهوا الواقع المعقد لصراع قومي عميق. وهم يعرضون مماثلة ‘كاذبة آثمة تبعد السلام بدل تقريبه’.
لا شك في أنه يجب علينا ان نسعى الى وضع يحظى فيه الفلسطينيون باستقلال وطني الى جانب دولة اسرائيل وأن نضع حدا للوضع الذي لا يحتمل لا سياسيا ولا اخلاقيا، وهو سيطرتنا على شعب آخر. ويقبل هذا اليوم بصراحة رئيس الوزراء من الليكود ايضا. ونحن محتاجون لاجل اتفاق سلام الى الطرف الفلسطيني بالطبع لكن حان الوقت للانفصال القومي حتى لو لم يتعاون الفلسطينيين واضطررنا الى الانسحاب الى حدود امنية من طرف واحد، ويجب علينا في مقابل ذلك ان نضعضع مقارنة اسرائيل الآثمة بنظام الفصل العنصري.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تكتيك التهديد: من كيسنجر الى كيري
بقلم: ابرهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم
برغم الفرق السياسي والايديولوجي العميق بين وزير الخارجية الامريكي جون كيري وهنري كيسنجر الذي تولى هذا المنصب قبل اربعة عقود، نظن أن تناول كيري الاخير لخطر سلب الشرعية الدولي الذي يواجه اسرائيل مستمد مباشرة من كيسنجر الكثير الألاعيب والدسائس والتلاعب.
يمكن أن نرى تعبيرا سافرا عن استعمال وزير الخارجية المكرر لهذا التكتيك في فترة حكم الرئيسين نكسون وفورد، في سيناريوهات الرعب التي رسمها أمام رئيس الوزراء اسحق رابين واعضاء حكومته في آذار 1975. فقد عبرت تلك السيناريوهات عن صورة مهددة للتأثيرات المتوقعة من الفشل في انشاء تسوية مرحلية اسرائيلية مصرية في منطقة سيناء، كان يفترض أن تقوم على انسحاب اسرائيلي من طرف واحد الى ممري المتلة والجدي دون تعويض سياسي، برغم ان كيسنجر أكد في كلامه أنه لا يهدد اسرائيل. وإن حديثه عن دخول السوفييت الى المنطقة من جديد، المتوقع على إثر تفجر التفاوض، وعن عزلة اسرائيل الدولية باصرارها على التمسك بـ ‘بضع كيلومترات بائسة من الرمال’ لم يترك شكا في نياته، فقد كانت تلك محاولة شفافة (لم تنجح آخر الامر) لتجنيد دعم عام داخلي وخارجي لسياسته بعرض حكومة رابين أنها رافضة للسلام قد تبطل كل انجازات الدبلوماسية الامريكية في الشرق الاوسط على إثر حرب يوم الغفران.
برغم الاختلاف الواضح في الظروف الاقليمية منذ تلك الايام السيئة في تاريخ الحلف الامريكي الاسرائيلي، بقي كيري مخلصا للتكتيك الذي يختبيء معه وراء تحليل ‘موضوعي’ بادي الرأي لمكانة اسرائيل السياسية والاستراتيجية. إن كيري مثل كيسنجر ايضا يريد أن يمنح الاجراءات التي يلاحظها (وفي مركزها اجراء المقاطعة)، يريد أن يمنحها التعجيل والشرعية وأن يبقي اسرائيل مكشوفة مستهدفة في ذروة عملية المساومة الشديدة. في 1975 فشلت جهود كيسنجر وتبين أن تنبؤاته المثيرة للقشعريرة عن ‘سير اسرائيل الى فنائها مباشرة’، تبين أنها جوفاء. ويعمل كيري اليوم بخلاف كيسنجر في محيط دولي (وإن لم يكن داخليا) أشد عداءا لاسرائيل. والى ذلك فانه في حين لم يكن ينوي وزير الخارجية الامريكي في 1975 الى أن يُشرك في خطة التسوية لاعبات اخرى، أصبح كيري يعمل في تنسيق كامل مع جهات دولية كالاتحاد الاوروبي هي من وجهة نظره أداة مريحة لاستعمال ضغط مباشر على اسرائيل.
مع ذلك، وبرغم الظروف الدولية المريحة لكيري أكثر فان الحماسة الزائدة التي يظهرها تشهد على التمسك بالاجراء بدل الجوهر، ولهذا قد يصبح عبئا مركزيا عليه. ولو لم يكن يبغض ادارة بوش الابن وتراثه فلربما فضل الانحراف عن تصوره الحالي وأن يتبنى في مكانه صيغة محدثة معدلة من خريطة الطريق ذات المراحل الثلاث في نيسان 2003. وبرغم أنه لم يكن فيها قبل عشر سنوات ما يفضي الى تمهيد الطريق المأمول فان انتشالها من هاوية النسيان في الظروف الحالية قد يضائل شيئا ما الاخطار بالنسبة للطرفين وينشيء حراك تقدم تأتي لحظة الحقيقة في نهايته فقط، لا في بدايته كما في الخطة الحالية. إن حقيقة أن هذا التوجه سيعيد الدبلوماسية الامريكية في نفق الزمان مباشرة الى مرحلة استراتيجية المراحل عند هنري كيسنجر هي بالطبع مسألة مختلفة تماما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الشبح السكاني في الدولة اليهودية!
بقلم: موشيه آرنس،عن هارتس
التناسب هناك من يحبونه وهناك من يبغضونه. ويبحث عنه الفيزيائيون الذين يبحثون في الجزيئات بحثا متقصيا ويملؤهم الفرح حينما يجدونه، أما الساسة فبعضهم ينتمي الى المجموعة الاولى وبعضهم الى الثانية.
وماذا عن شيء من التناسب السكاني بين اليهود والفلسطينيين؟ إن مجرد اثارة اقتراح أن من المناسب في اطار اتفاق دائم بين اسرائيل والفلسطينيين أن يوجد تناسب أقلية فلسطينية في الدولة اليهودية وأقلية يهودية في الدولة الفلسطينية أثار غضبا كبيرا جدا في حلقات ما كاد يفضي الى سقوط الائتلاف الحكومي. وفيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، أحدث اريئيل شارون حالة عدم تناسب حينما اقتلع اليهود وسكان غوش قطيف من بيوتهم بالقوة، وتخطط حماس لابقاء هذا الوضع كما هو. ومن المنطق أن نفرض أنه لن يوجد هناك أي تناسب.
هناك أناس عن جانبي جدار الفصل الذي يُجرح مناظر البلاد الطبيعية غير مستعدين ألبتة لأن يخطروا ببالهم هذا التناسب. وهناك يهود يعارضون بكل قوة فكرة أن يعيش اليهود أقلية في دولة فلسطينية، وهناك فلسطينيون غير مستعدين لأن يروا أقلية يهودية كهذه في دولتهم المستقبلية اذا قامت وحينما تقوم. وتثير الاهتمام حقيقة أن امكانا يبدو الآن افتراضيا تماما، وأن ظروفا ربما لن تتحقق أبدا تثير النفوس بهذا القدر. فما الذي يقوم وراء كل ذلك؟.
إن هذا الامكان من وجهة نظر صهاينة كثيرين وإن يكن افتراضيا الآن يُحدث معضلة مضاعفة. فهم أولا يطمحون الى اجراء السيادة الاسرائيلية على يهودا والسامرة وإن مجرد امكان أن تنشأ هناك دولة فلسطين مخيف في رأيهم. ويرى عدد منهم أن المستوطنين في يهودا والسامرة لا يحققون فقط حق اليهود في السكن والعيش في ارض اسرائيل كلها، بل يفترض أن يكونوا ايضا الأساس الذي تقوم عليه السيادة الاسرائيلية في المستقبل. ويعتقد أكثرهم أن تطبيق سيادة اسرائيلية على يهودا والسامرة يعني منح السكان الفلسطينيين هناك جنسية اسرائيلية كاملة، أي زيادة كبيرة في عدد العرب الذين يعيشون في اسرائيل ويشاركون في المسارات والقرارات السياسية التي تقع فيها.
إن من يخشون الشبح السكاني يحجمون عن هذا الامكان ويفضلون التخلي عن مطالب الشعب اليهودي في يهودا والسامرة. فهم يقولون في واقع الامر لا نريد عربا آخرين في اسرائيل. بل يفضل بعضهم انتهاز فرصة اتفاق مع محمود عباس ليسلبوا عربا اسرائيليين كثيرين جنسيتهم الاسرائيلية ولينقلوهم مع بلداتهم الى الدولة الفلسطينية.
والمعضلة الثانية التي تشغل اسرائيليين يأخذون في الحسبان امكان اتفاق يفضي الى سيادة فلسطينية على يهودا والسامرة، تتعلق بمستقبل المستوطنين الذين يسكنون اليوم في هذه المناطق. هل يستطيعون أو هل يجب عليهم البقاء في اماكنهم حتى بعد أن تنشأ دولة فلسطينية؟ وهل صلتهم بالسيادة الاسرائيلية أقوى من صلتهم بالارض التي سكنوها؟.
يبدو للوهلة الاولى أنه يوجد القليل جدا من احتمالات التوصل الى اتفاق مع عباس. واذا كانت التقارير عن أن اتفاق الاطار الذي يقترحه جون كيري يتطلب منه أن يعلن باسم الفلسطينيين انتهاء الصراع، اذا كانت صحيحة فمن الواضح أنه وهو الذي يمثل في الاكثر أقل من نصف الفلسطينيين، لا يستطيع أن يفي بهذا الالتزام. ولهذا لا يبدو أي اتفاق الآن ممكنا. ومع ذلك فان امكان الاتفاق الافتراضي الذي يُطلب فيه انسحاب اسرائيلي الى خطوط وقف اطلاق النار في 1949، يضطرنا جميعا الى مواجهة معضلتين وهما: ما مبلغ إخافة الشبح السكاني؟ وما مبلغ قوة صلتنا بارض آبائنا؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حوار طرشان
بقلم: ارئيل كهانا،عن معاريف
تسأل أحيانا نفسك كم سنة سيتواصل حوار الطرشان هذا. وكأنه لم تمر عشرون سنة منذ اتفاق اوسلو، وكأنه لم يمر نصف عقد منذ خطاب بار ايلان. يصر نتنياهو على مطلب ‘الاعتراف بدولة اسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي’. اما محمود عباس، ففي المقابلة التي يزعم أنها تصالحية، فيرد ‘غير وارد’.
ليس صدفة أن يطرح نتنياهو هذا الطلب. وليس صدفة أن يرفضه ابو مازن. فنتنياهو يشتبه بأن م.ت.ف بقيت هي نفسها م.ت.ف خطة المراحل. وأن ما يسمى ‘سلاما’ ليس سوى ذريعة أساسها أولا نأخذ المناطق، وبعد ذلك الباقي’. ومثلما فرضت المرحلة الاولى على اسرائيل بضغط سياسي، هكذا سيحصل في المحطات القادمة.
اذا كان الفلسطينيون والعالم يطلبون من اسرائيل الاعتراف بحق العرب على هذه البلاد، فمطلوب أن يعترفوا أيضا بحق اليهود عليها. هذا التماثل أولي ومطلوب. فقط اذا ما أعلن الفلسطينيون بالفعل بصوت عالٍ بانهم يعترفون بدولة يهودية في بلاد اسرائيل، وفقط اذا ما علموا اطفالهم على قبولها، عندها سيكون سبب جدي للتفكير بانهم هجروا حلم خراب اسرائيل من الداخل. هذه هي الخلفية للطلب الاسرائيلي.
بالضبط لهذا السبب يصر ابو مازن على رفضه رفضا باتا. ‘اعترفنا باسرائيل وهذا كاف’، يقول. ويعتقد عباس بانه لا يوجد شعب يهودي بل فقط دين يهودي. وهذا الدين، مثل كل دين آخر، لا يستحق بلادا. وعلى حد نهجه، فان الاعتراف بدولة يهودية معناه الانصراف عن سبب وجود الكفاح الفلسطيني. ولهذا فانه غير قادر.
ولهذا فان عباس يصر على ذلك. ولهذا فان نتنياهو يصر على ذلك. بعد لحظة من نشر تصريحات أبو مازن، عقب أمس نتنياهو بـ ‘من السخف التفكير فانه سيكون اتفاق نعترف به نحن بالدولة القومية للشعب الفلسطيني وهم لا يعترفون بالدولة القومية للشعب اليهودي’.
ولكن يوجد طابق آخر، مقلق بقدر لا يقل: الشرعية في الاسرة الدولية. فليس′ هذا فقط ريح الاسناد من الاتحاد الاوروبي للمقاطعات، او الدعم الاوروبي للمواقف الفلسطينية. فوق كل شيء هذا هو التخوف الذي يجعل اوروبا في يوم الامر، اذا ما ثارت انتفاضة وطنية لعرب اسرائيل، تؤيد موقف م.ت.ف وترفض وجود الدولة اليهودية.
اليوم وحدها الولايات المتحدة، المانيا وكندا تقبل هذا التعريف. ودول تعتبر قريبة من اسرائيل مثل فرنسا، بريطانيا، اسبانيا وايطاليا ترفض بثبات تعريف ‘دولة يهودية’. التخوف الاسرائيلي هو أنه في سيناريو مستقبلي قد يثور شك في حق الوجود للدولة اليهودية.
ضغط دولي شديد كفيل بان يحدث طيا للعلم الاساس للصهيونية دولة يهودية في بلاد اسرائيل. هذا هو القلق العميق الذي ينتج الطلب بالاعتراف باسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ينبغي حشر أبو مازن في الزاوية!
بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
إن زعماء المناطق المتنازعة في العالم يلبسون جلود النعاج حينما يستجيبون لاجراء مقابلات صحفية مع صحيفة ‘نيويورك تايمز′، فهم باحثون عن السلام وصانعو سلام وطالبو سلام والسلام عليكم. وهذا ما فعله أمس أبو مازن ايضا الذي بين موقف الفلسطينيين من وثيقة جون كيري ومن التفاوض مع اسرائيل. بيد أنه توجد نقطة ضعف واحدة لكل حيله اللغوية المهادنة وهي رفضه الاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية.
يزعم الفلسطينيون (ومعاونوهم في اسرائيل) أن بنيامين نتنياهو اختلق من عقله شيطانا سياسيا اسمه ‘الدولة اليهودية’ لاحباط حل ‘دولتين للشعبين’.
فاذا كان الامر كذلك فلماذا لا يمزق أبو مازن القناع عن وجه رئيس الوزراء ويثبت أن ليس الامر الرئيس كذلك؟ ليس هناك سوى تفسير واحد وهو أنه لا تكمن ‘حيلة دعائية’ وراء طلب ‘دولة يهودية’ أو لا تكمن ‘حيلة دعائية’ فقط، على الأقل بل فيه ايضا مضمون حقيقي لا يستطيع الباحثون عن السلام تجاهله.
إن معنى عبارة ‘الدولة اليهودية’ أنه لا ينبغي اغراقها باجانب يغيرون صبغتها السكانية، أي أنه ‘لا حق عودة’ لنسل اللاجئين في 1948. والى ذلك فان من يعترف في اطار اتفاق السلام بأن اسرائيل دولة يهودية يعلن في واقع الامر انهاء الصراع وانه لن توجد مطالب منها بعد.
لماذا يسلك كذلك؟ شاركت أمس في مؤتمر القدس الذي نظمه ‘بشيفع′ اليمني وقد وجد الكتور رون فوندك من مهندسي اتفاق اوسلو تسويغا يثير الاهتمام بعد سؤال من أحد الحضور وهو لماذا لا يعترف أبو مازن بالدولة اليهودية، وهو أن ذلك دليل على أن ابو مازن صادق مستقيم لأنه كان يستطيع أن يوافق على ‘دولة يهودية’ وأن يحصل على نصيبه وأن يخدع العالم بعد ذلك ويجدد مطالبه. وحقيقة أنه لا يسير في طريق الخداع في هذا الشأن تدل على فضله.
قد يكون ذلك يدل على شيء من فضله، ومع كل ذلك لماذا يرفض قبول عبارة ‘دولة يهودية’؟ ليس ذلك إلا لأنه يرى في صدقه أن الانسحاب الى حدود 1967 ليس انهاءا للصراع وقضاءا على الطالب المتبادلة وأنه ليس للامر نهاية.
كان رفضه تبني هذه العبارة يستحق ردين الصلة بينهما متسقة وهما انتقاد امريكي شديد لاصراره الذي يثير سؤال لماذا امتنع الوسيط جون كيري عن تنبيهه الى ذلك وعن رسم مخطط اشكالي لمستقبل الفلسطينيين لا يقل اشكالية عما عرض على اسرائيل؛ وفهم واقعي أنه لا يوجد شريك فلسطيني في السلام كما عرف ذلك بحسب تسلسل الاحداث اسحق رابين وشمعون بيرس واهود باراك واهود اولمرت، وعلى ذلك يجب على اسرائيل أن تسعى الى اتفاق مرحلي مع امريكا واوروبا ومع دول الجامعة العربية ايضا اذا أمكن.
وفي هذا الشأن يجب على الاسرائيليين وغيرهم، وعلى كل انسان نزيه مهتم بالصراع الاقليمي، أن يحشر أبو مازن في الزاوية: لنفترض أن نتنياهو يطمح الى التهرب من الاتفاق، لكن لماذا لا تستجيب أنت باعتبارك زعيم الفلسطينيين لطلبه الذي يفهمه كل من توجه الى التفاوض بيدين نقيتين؟ قد يكون عنده جواب لكن ليس عنده جواب مشروع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مغادرة الاتحاد الأوربي: هروب أم انهيار؟
بقلم: غي بخور،عن هآرتس
‘العملاق السمين المسمى ‘الاتحاد الاوروبي’ العملاق الذي يقوده موظفون بجملة من اللغات، مليء بالبيروقراطية، الانظمة، النماذج والوسطية يدمر امام ناظرينا القارة الاوروبية. هذه مسيرة تاريخية، على الاعضاء في الاتحاد واجب مراجعتها بأسرع وقت ممكن.
عندما تشكل الاتحاد لم يؤخذ بالحسبان بانه سيشجع انماط تفكير مترفة في دول جنوب الاتحاد، كانهيار مؤسسة الاسرة وعدد الاولاد للام. وهكذا هبط عدد الاولاد للام في اسبانيا من 4 الى 1.4، في تشيكيا الى1.29، في بولندا الى 1.32 وفي اليونان وايطاليا الى 1.4 اليوم، لدرجة أنه لم يعد هناك جيل جديد يدعم الاقتصادات الوطنية.
كنتيجة لذلك، فان دول الجنوب اليونان، اسبانيا، البرتغال، قبرص، ولكن ايضا دول اخرى مثل ايرلندا غير قادرة على تسديد ديونها، والشباب يهاجرون الى شمالي الاتحاد كون الاتحاد يسمح بالسكن في كل اجزائه. وهذا تنقل شعبي حقيقي. دول الجنوب تتحول الى بيوت عجزة، فيما أن مستقبلها يهاجر شمالا او الى خارج الاتحاد. في العام 2012 هاجر أكثر من 100 الف نسمة، معظمهم شباب، من ايرلندا الى استراليا او الى نيوزيلندا، وهكذا ايضا من البرتغال.
هكذا تسيطر دول الشمال على شقيقاتها الجنوبية، تشتري عقل مستقبلها (الذي يشغل في هولندا أو في المانيا في أعمال مؤقتة) وبالمقابل تدفع لهم قروشا ‘كبدل للانقاذ’ ولا سيما المانيا.
المانيا آخذة في أن تصبح بين دول الاتحاد عملاقا يبتلع كل شيء، وذلك لانها تحتاج الى 200 الف مهاجر جديد كل سنة كي تحافظ على مستواها الصناعي، وهكذا تضعف كل الاخرين. في دول الجنوب ايضا من لا يهاجر يجد صعوبة في العمل، مع 27 في المئة بطالة في اسبانيا والبرتغال، 13.5 في المئة من ايرلندا او 12 في المئة في ايطاليا و 11 في المئة في فرنسا. اما المعطى الاكثر فظاعة فهو أنه في أعمار 18 25 المعطيات مضاعفة في كل دولة. وهذا يعني عدم هدوء في الشوارع، مع احتمال الاشتعال الاجتماعي.
هنا تدخل الى الصورة ايضا سياقات الخراب في الدول الاسلامية المحيطة بالاتحاد ولا سيما في اعقاب ‘الربيع العربي’ البائس. ملايين المهاجرين المسلمين يتسللون بشكل غير قانوني الى الاتحاد عبر دول الجنوب، التي ليس لديها لا القوة ولا القدرة على منع هذا التنقل الشعبي. يدخل الى اسبانيا 450 الف مهاجر مسلم في السنة، وليس اقل من 580 الف اسباني يهاجرون منها في السنة، وهذه سياقات هدامة. كون الحدود في الاتحاد الاوروبي مفتوحة، فما أن يدخل المهاجرون غير القانونيين، حتى يواصلون في معظمهم شمالا، حيث يرغبون في العيش، ومعظمهم ان لم يكن جميعهم يقعون كالعبء على كاهل مؤسسات الرفاه في الدول، لدرجة أن حتى الغنية من بينها ستجد صعوبة قريبا في مواجهة مقتضيات الهجرة. هذا مثلا هو الوضع المتبلور في الدانمارك وبريطانيا.
بتعبير آخر، ان مستقبل الاتحاد يهاجر منه، والمهاجرون عديمو الخبرة يغرقونه. ليس هذا فقط، بل ان السكان المحليين يشيخون بسرعة، والدول ستجد صعوبة في دعمهم هم ايضا، وذلك لانه لا يوجد جيل شاب يدعم كبار السن. كل هذا في مناخ من حكم الموظفين، البيروقراطية المعقدة ومعدلات الفائدة والسياسة الاقتصادية التي تملى من فوق بشكل تعسفي على الدول المختلفة. وعملة اليورو، مثلا، تبينت كمصيبة للعديد من الدول داخل الاتحاد.
اضافة الى ذلك، فان القيادة الجماعية للاتحاد منشغلة في الحفاظ على نفسها وفي ايجاد قاسم مشترك واسع، وهذه وصفة كلاسيكية للوسطية، في ظل دحر الحداثة والمبادرة. وعليه، خير تفعل كل دولة اذا ما هربت من هذا ‘الاتحاد’ منذ الان، قبل الانهيار. الدولة التي لا تفعل هذا الان والتي لعلها قد تنقذ نفسها، ستأسف على ذلك أسفا شديدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تركيا واسرائيل: المصالح فاقت المشاعر
بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس
فجوة نحو 10 مليون دولار تفصل بين الثمن الذي تطلبه تركيا كي تستأنف العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع اسرائيل وبين المقابل الذي تبدي اسرائيل استعدادها لدفعه. ثمن من سيقول: ‘ليس مهما المال، المهم أنه توجد مفاوضات، وهذا ايضا نوع من العلاقات’. ومع ذلك، يمكن ان نتذكر العرض الاسرائيلي الاول، 100 الف دولار لكل واحد من المواطنين الاتراك التسعة الذين قتلوا في اقتحام الجيش الاسرائيلي لسفينة مرمرة.
السخاء الاسرائيلي اقلع منذئذ الى مليون دولار لكل قتيل. والان، يبلغ 2.2 مليون للفرد ولا يوجد بعد يقين بان تركيا توافق على الثمن الجديد. كما يمكن ايضا أن نتذكر الطلب التركي الاول باعتذار اسرائيلي فقط، دون تعويضات ودون تغيير للسياسة في غزة، ولكن الرد الاسرائيلي الواثق بحقه، والصراعات في لجان التحقيق، تلك الدولية برئاسة بالمر، وهذه المحلية برئاسة تيركل، واستمرار سياسة الاغلاق الوحشية على غزة، رفعت سقفا تركيا جديدا: ليس فقط اعتذار وتعويضات بل وايضا الغاء الاغلاق على غزة.
لقد تحول الاسطول ‘التركي’ منذئذ الى قضية وطنية في اسرائيل وفي تركيا، كل تنازل فيها معناه استسلام، مس خطير بالمكانة وخسارة في المعركة حيال دولة تبلورت في الوعي المتبادل كدولة عدو. مقاطعة سياحية، الغاء صفقات شراء، مس خطير بالتعاون الاستخباري وقطيعة استراتيجية اثمانها يفوق عشرات الاضعاف مبالغ التعويض.
في السنوات الثلاثة والنصف الاخيرة التي مرت منذ الهجوم على مرمرة تثبتت منظومة علاقات جديدة بين الدولتين، قلبت الحلف القديم رأسا على عقب وليس فقط على المستوى الدبلوماسي والعسكري. فقد طور الجمهور التركي والاسرائيلي رواية جديدة الواحد عن الاخير. اسرائيل وصفت كمن يتآمر على نظام اردوغان، تؤيد حزب العمال الكردي الذي يعتبر منظمة ارهاب في تركيا تعمل ضد تركيا على المستوى الدولي وكدولة ترتكب جرائم حرب ضد الفلسطينيين. اما تركيا فتعتبر عندما دولة اسلامية متطرفة، حليفة ايران، عدو الغرب، شريك بشار الاسد (قبل ان تقطع علاقاتها مع سوريا) وباختصار، دولة عدو بكل معنى الكلمة’.
بينما تضرب هاتين الروايتين المعاديتين جذورهما، تبين مرة اخرى بان المصالح تفوق المشاعر، وحسن أن هكذا. وللمفارقة بالذات، فان الازمة في سوريا احدثت قراءة متجددة للخريطة الاستراتيجية، ساعدت في تقريب اسرائيل وتركيا. فالتطلع الى بلورة سياسة اقليمية مشتركة تجاه سوريا، والتخوف من انتقال الحرب فيها، تعاظم المنظمات الاسلامية، التوتر قبيل امكانية هجوم اسرائيلي في ايران. كل هذه حركت واشنطن لممارسة الضغوط لانهاء النزاع الثانوي هذا.
ولكن مثلما في كل مسرحية، التوقيت يملي النجاح أو الفشل. فالاعتذار الذي كان يمكنه أن يهديء روع تركيا قبل ثلاث سنوات ونصف، جاء متأخرا جدا وما كان يمكنه أن يلبي مطالبها. وستكون حاجة الى سنة اخرى كي توافق اسرائيل على انهاء بند دفع التعويضات الذي لا يزال معلقا دون توقيع نهائي. ومع أن الاغلاق الاسرائيلي على غزة بعيد عن النهاية، فان وضع مليون وسبعمائة الف فلسطيني اسوأ مما كان في فترة الاسطول، ولكن من ناحية تركيا، دفعت اسرائيل، جزئيا على الاقل الواجب تجاه الطلب التركي.
هنا ايضا الجدول الزمني سيتقرر في أنقرة وليس في القدس. فهي سيتعين عليها أن تفكر كيف سيؤثر استئناف العلاقات على حملة اعادة بناء علاقاتها مع ايران، اذا كان حكيما استئناف العلاقات بالذات حين يتبين في محادثات السلام مع الفلسطينيين انها تنهار، وهل سيكون لاستئناف العلاقات تأثير على اعادة بناء مكانة اردوغان، كمن دفع تركيا نحو العزلة الاقليمية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي (547)
الاربعاء 05/02/2014 م
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
لا تتعلم العربية كي لا تعرف عدوك!
بقلم: سمدار بيري،عن يديعوت
ما هو أبعد من عنصرية اسرائيل!
بقلم: يوسي شاين،عن يديعوت
تكتيك التهديد: من كيسنجر الى كيري
بقلم: ابرهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم
الشبح السكاني في الدولة اليهودية!
بقلم: موشيه آرنس،عن هارتس
حوار طرشان
بقلم: ارئيل كهانا،عن معاريف
ينبغي حشر أبو مازن في الزاوية!
بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
مغادرة الاتحاد الأوربي: هروب أم انهيار؟
بقلم: غي بخور،عن هآرتس
تركيا واسرائيل: المصالح فاقت المشاعر
بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس
</tbody>
لا تتعلم العربية كي لا تعرف عدوك!
بقلم: سمدار بيري،عن يديعوت
التقيت في نهاية الاسبوع، بالصدفة تماما، بامرأتين من العالم العربي ‘تفعلان هذا’ واصرتا ان تجربا عليّ كنز كلماتهما بالعبرية. الاولى، فلسطينية من الاكاديمية، تشارك في مجموعات حوارية مع الاسرائيليين وفي مشاريع مشتركة في مجالات التعليم. الثانية، من مكان ابعد بكثير، ناشدتني أن اعطيها بعض الوقت الى أن نكشفها ونكشف اهتمامها الخاص. فهي من الجيل الجديد، ولدت بعد حرب يوم الغفران، قبل وقت قليل من اتفاقات السلام، في ظل موجات المقاطعة والمحظورات على العلاقات الطبيعية مع ‘العدو الصهيوني’. ومع ذلك، اصرت على الذهاب الى كلية اللغة والادب العبري في بلادها.
كلتاهما امرأتان مثيرتان للانطباع، قادرتان على قراءة صحيفة بالعبرية، مشاهدة قنوات التلفزيون، الجلوس في صحبة اسرائيليين والانخراط في الحديث.
ثمة سببان لتعلم لغة الاخر: إما أنك تقرر ‘العيش في المجال’ مع العلم بان 20 في المئة من سكان الدولة هم جيرانك المقربون، وانت تحلم بان ذات يوم سنصل الى علاقات طبيعية. او انك تتبنى اتجاه ‘إعرف عدوك’ عن دينه وزعمائه، ثقافته وثراء لغته. المطبخ العربي والشتائم نحن نعرفها بشكل لا بأس به.
اذا ما إخترت المسار المتفائل، يمكنك أن تربط مصيرك بالاعلام، بالجامعات، بالخدمة الدبلوماسية، وكذا في اسرة الاعمال التي تسعى الى اقتحام اسواق العالم العربي.
من تجربتي الشخصية يمكنني أن اشهد بان’ حقيقة أنك قادر على الحديث الى الاخر بلغته تحطم الحواجز. عندما يستجوبك عن السبب الذي جعلك تتعلم العربية، فهذا دليل على انك حظيت لديه بالنقاط. بالمقابل، اذا ما شككت بفرص السلام، فسيختطفونك الى أسرة الاستخبارات الجائعة عندما للناطقين بالعربية الى الموساد والى الشاباك.
لم أذكر مصدر عمل آخر في المجال: تعليم العربية في جهاز التعليم عندنا. هنا يسير الناس نحو الافلاس. المجانين وحدهم هم من يبقون في المهنة. قسم من المعلمين يبدون مستوى مترد وعدد متعلمي العربية ينخفض. ليس هناك تشجيع ولا حوافز. الرسالة التي تأتي من القيادة تتحدث بحد ذاتها: تعلموا سنتين (الزامي) للغة إذ لا مفر، وانتقلوا الى المهنة المفضلة.
القرار بالتقزيم (فما الذي يمكن تعلمه في سنتين؟) لقدرة الوصول الى عالم الجيران، حتى لو اخذ بالحسبان ان كنز الكلمات سيكون محدودا، يؤدي الى العجز. ليس مهما اذا كنت تنتمي الى معسكر التعايش او الى متبني خط ‘اعرف عدوك’، ففي نهاية المطاف ان تتعلم ما يحصل في محيطك فقط مما تمضغه وسائل الاعلام المحلية من اجلك.
في الجهة الاخرى، فان الشهية للتعلم عن اسرائيل هائلة. ففي الصحف الخمسة الرائدة في العالم العربي تنشر منذ سنين صفحة يومية لـ ‘الاسرائيليات’، ترجمة مقالات وبحوث عن المجتمع، الادب، الاقتصاد، الشخصيات التي يجدر معرفتها ومواضيع سياسية. اما عندنا، بالمقابل، فتدور منافسة منفلتة العقال بين ثلاث جهات تؤشر وتترجم بنشاط كل ظاهرة سلبية في الجانب الاخر.
صدمت جدا من قرار وزير التعليم بيرون تقييد تعليم اللغة العربية. في هذه التوصية تنطوي رسالة مكشوفة، فما الذي يجدر حقا بالتلميذ والمعلم وما الذي يعتبر أقل. في لحظة من الفضول قررت ان اراجع ما كتبه ويكيبيديا عن بيرون، وهذا ما قفز لي امام العينين. امه، استر، أدارت المشروع الرائع لمعهد ‘عكيفا’ الذي علم الاف الاسرائيليين ممن تعلموا هناك العربية على التقرب من الجيران. مئات العرب، من الاماكن الابعد ايضا، تعلموا هناك العبرية، وتعلموا التعرف الينا. والد وزير التعليم، كما كتب في ويكيبيديا، من مواليد مصر. هذا مكان لا ينسى، خيرا كان أم شرا. فهل الآباء يأكلون الحصرم؟ قرروا وحدكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ما هو أبعد من عنصرية اسرائيل!
بقلم: يوسي شاين،عن يديعوت
‘إن تصنيف اسرائيل أنها ‘دولة عنصرية’ بدأ قبل أن برز مشروع المستوطنات في المناطق في العناوين الصحفية بسنين كثيرة، فكثيرون يتذكرون كيف استقر رأي الامم المتحدة في 1975 على تعريف الصهيونية بأنها عنصرية. وقد مزق سفير اسرائيل آنذاك حاييم هرتسوغ اقتراح القرار فوق منصة الخطباء، ونعته سفير الولايات المتحدة في الامم المتحدة باتريك موينهن بأنه ‘تعبير عن الشر’.
ألغي قرار الامم المتحدة ذاك في 1991 لكن حملة نعت اسرائيل بأنها دولة فصل عنصري أخذت تزداد تسارعا في انحاء العالم بل بين مثقفين في البلاد. ستحتفل في الشهر القادم منظمات فلسطينية في الاحرام الجامعية في الولايات المتحدة واوروبا بمرور عشر سنوات على ‘اسبوع الفصل العنصري الاسرائيلي’. وهذه احداث قاسية وعنيفة لكراهية متقدة تدعو الى القضاء على دولة اليهود تصدر عن بواعث ليبرالية في ظاهر الامر. وعلى هذه الخلفية برز الصوت الصافي لرئيس وزراء كندا ستيفن هاربر الذي أعلن في الكنيست أن من يسمي اسرائيل دولة فصل عنصري هو شرير ومعاد للسامية.
‘إن هاربر من الزعماء القلة الذين ينددون بخطاب الفصل العنصري تنديدا جازما. وفي مقابل ذلك يتبنى عدد من الاكاديميين بل من الساسة في اسرائيل على الخصوص المماثلة بين الفصل العنصري في جنوب افريقيا وتناول الاحتلال والصورة ‘العنصرية’ للدولة.
في هذه الايام حقا يجري حوار في الشبكة بين اساتذة جامعات اسرائيليين يتناول ‘اسرائيل باعتبارها دولة فصل عنصري’. وكتب أحد المشاركين البارزين الذي يحاول أن يسبغ على ادعاءاته صورة اكاديمية تحليلية: ‘الفصل العنصري نوع نظام حكم أو حالة سياسية تاريخية كالثيوقراطية أو الدكتاتورية، وليس شتما. إن الاسرائيليين الذين يضيئون هذه الحالة يتعرفونها في أسى على أنها قاعدة للاصلاح لا حملة إساءة سمعة أو محاولة لجعل اسرائيل بغيضة’. وهذا في ظاهر الامر تحليل بارد مقطوع عن التصنيف القيمي لكن الامر ليس كذلك، فاستعمال عبارة ‘الفصل العنصري’ جزء مركزي في حملة تصنيف اسرائيل مع المناطق ومن غيرها بأنها دولة مجرمة كانت ولادتها بالخطيئة ووجودها بالخطيئة.
من المثير للاهتمام أن القاضي ريتشارد غولدستون خاصة من جنوب افريقيا المعروف في البلاد بسبب التقرير المنحاز الذي نشره عن الحرب في غزة، رأى في محاولة التسوية بين اسرائيل ونظام الفصل العنصري ‘إثما وتشهيرا’، وكتب في مقالة في صحيفة ‘نيويورك تايمز′ أن محاولات التسوية بين اسرائيل ونظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا ترمي الى نعت اسرائيل بالشيطانية والى عزلها بغرض احباط تسوية الدولتين: ‘أنا أعرف جيدا قسوة الفصل العنصري حيث أُبعد الناس الذي عُرفوا بأنهم سود على استعمال مراحيض للبيض أو استعمال الشواطيء، وعن السكن في مناطق بيضاء بل عن المكوث فيها دون رخصة. وتُرك جرحى سود في حوادث يموتون في الطرق إن لم توجد سيارة اسعاف ‘سوداء’ في المنطقة. ومُنعت مستشفيات بيضاء من انقاذ حياتهم… ليس في اسرائيل فصل عنصري ولا يقترب أي شيء فيها من التعريفات (الرسمية) للفصل العنصري.
يقول غولدستون جازما إن من يحاولون أن يدفعوا قدما بـ ‘اكذوبة الفصل العنصري الاسرائيلي’ يقارنون مقارنات متكلفة’ منتقاة كي يشوهوا الواقع المعقد لصراع قومي عميق. وهم يعرضون مماثلة ‘كاذبة آثمة تبعد السلام بدل تقريبه’.
لا شك في أنه يجب علينا ان نسعى الى وضع يحظى فيه الفلسطينيون باستقلال وطني الى جانب دولة اسرائيل وأن نضع حدا للوضع الذي لا يحتمل لا سياسيا ولا اخلاقيا، وهو سيطرتنا على شعب آخر. ويقبل هذا اليوم بصراحة رئيس الوزراء من الليكود ايضا. ونحن محتاجون لاجل اتفاق سلام الى الطرف الفلسطيني بالطبع لكن حان الوقت للانفصال القومي حتى لو لم يتعاون الفلسطينيين واضطررنا الى الانسحاب الى حدود امنية من طرف واحد، ويجب علينا في مقابل ذلك ان نضعضع مقارنة اسرائيل الآثمة بنظام الفصل العنصري.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تكتيك التهديد: من كيسنجر الى كيري
بقلم: ابرهام بن تسفي،عن اسرائيل اليوم
برغم الفرق السياسي والايديولوجي العميق بين وزير الخارجية الامريكي جون كيري وهنري كيسنجر الذي تولى هذا المنصب قبل اربعة عقود، نظن أن تناول كيري الاخير لخطر سلب الشرعية الدولي الذي يواجه اسرائيل مستمد مباشرة من كيسنجر الكثير الألاعيب والدسائس والتلاعب.
يمكن أن نرى تعبيرا سافرا عن استعمال وزير الخارجية المكرر لهذا التكتيك في فترة حكم الرئيسين نكسون وفورد، في سيناريوهات الرعب التي رسمها أمام رئيس الوزراء اسحق رابين واعضاء حكومته في آذار 1975. فقد عبرت تلك السيناريوهات عن صورة مهددة للتأثيرات المتوقعة من الفشل في انشاء تسوية مرحلية اسرائيلية مصرية في منطقة سيناء، كان يفترض أن تقوم على انسحاب اسرائيلي من طرف واحد الى ممري المتلة والجدي دون تعويض سياسي، برغم ان كيسنجر أكد في كلامه أنه لا يهدد اسرائيل. وإن حديثه عن دخول السوفييت الى المنطقة من جديد، المتوقع على إثر تفجر التفاوض، وعن عزلة اسرائيل الدولية باصرارها على التمسك بـ ‘بضع كيلومترات بائسة من الرمال’ لم يترك شكا في نياته، فقد كانت تلك محاولة شفافة (لم تنجح آخر الامر) لتجنيد دعم عام داخلي وخارجي لسياسته بعرض حكومة رابين أنها رافضة للسلام قد تبطل كل انجازات الدبلوماسية الامريكية في الشرق الاوسط على إثر حرب يوم الغفران.
برغم الاختلاف الواضح في الظروف الاقليمية منذ تلك الايام السيئة في تاريخ الحلف الامريكي الاسرائيلي، بقي كيري مخلصا للتكتيك الذي يختبيء معه وراء تحليل ‘موضوعي’ بادي الرأي لمكانة اسرائيل السياسية والاستراتيجية. إن كيري مثل كيسنجر ايضا يريد أن يمنح الاجراءات التي يلاحظها (وفي مركزها اجراء المقاطعة)، يريد أن يمنحها التعجيل والشرعية وأن يبقي اسرائيل مكشوفة مستهدفة في ذروة عملية المساومة الشديدة. في 1975 فشلت جهود كيسنجر وتبين أن تنبؤاته المثيرة للقشعريرة عن ‘سير اسرائيل الى فنائها مباشرة’، تبين أنها جوفاء. ويعمل كيري اليوم بخلاف كيسنجر في محيط دولي (وإن لم يكن داخليا) أشد عداءا لاسرائيل. والى ذلك فانه في حين لم يكن ينوي وزير الخارجية الامريكي في 1975 الى أن يُشرك في خطة التسوية لاعبات اخرى، أصبح كيري يعمل في تنسيق كامل مع جهات دولية كالاتحاد الاوروبي هي من وجهة نظره أداة مريحة لاستعمال ضغط مباشر على اسرائيل.
مع ذلك، وبرغم الظروف الدولية المريحة لكيري أكثر فان الحماسة الزائدة التي يظهرها تشهد على التمسك بالاجراء بدل الجوهر، ولهذا قد يصبح عبئا مركزيا عليه. ولو لم يكن يبغض ادارة بوش الابن وتراثه فلربما فضل الانحراف عن تصوره الحالي وأن يتبنى في مكانه صيغة محدثة معدلة من خريطة الطريق ذات المراحل الثلاث في نيسان 2003. وبرغم أنه لم يكن فيها قبل عشر سنوات ما يفضي الى تمهيد الطريق المأمول فان انتشالها من هاوية النسيان في الظروف الحالية قد يضائل شيئا ما الاخطار بالنسبة للطرفين وينشيء حراك تقدم تأتي لحظة الحقيقة في نهايته فقط، لا في بدايته كما في الخطة الحالية. إن حقيقة أن هذا التوجه سيعيد الدبلوماسية الامريكية في نفق الزمان مباشرة الى مرحلة استراتيجية المراحل عند هنري كيسنجر هي بالطبع مسألة مختلفة تماما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الشبح السكاني في الدولة اليهودية!
بقلم: موشيه آرنس،عن هارتس
التناسب هناك من يحبونه وهناك من يبغضونه. ويبحث عنه الفيزيائيون الذين يبحثون في الجزيئات بحثا متقصيا ويملؤهم الفرح حينما يجدونه، أما الساسة فبعضهم ينتمي الى المجموعة الاولى وبعضهم الى الثانية.
وماذا عن شيء من التناسب السكاني بين اليهود والفلسطينيين؟ إن مجرد اثارة اقتراح أن من المناسب في اطار اتفاق دائم بين اسرائيل والفلسطينيين أن يوجد تناسب أقلية فلسطينية في الدولة اليهودية وأقلية يهودية في الدولة الفلسطينية أثار غضبا كبيرا جدا في حلقات ما كاد يفضي الى سقوط الائتلاف الحكومي. وفيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، أحدث اريئيل شارون حالة عدم تناسب حينما اقتلع اليهود وسكان غوش قطيف من بيوتهم بالقوة، وتخطط حماس لابقاء هذا الوضع كما هو. ومن المنطق أن نفرض أنه لن يوجد هناك أي تناسب.
هناك أناس عن جانبي جدار الفصل الذي يُجرح مناظر البلاد الطبيعية غير مستعدين ألبتة لأن يخطروا ببالهم هذا التناسب. وهناك يهود يعارضون بكل قوة فكرة أن يعيش اليهود أقلية في دولة فلسطينية، وهناك فلسطينيون غير مستعدين لأن يروا أقلية يهودية كهذه في دولتهم المستقبلية اذا قامت وحينما تقوم. وتثير الاهتمام حقيقة أن امكانا يبدو الآن افتراضيا تماما، وأن ظروفا ربما لن تتحقق أبدا تثير النفوس بهذا القدر. فما الذي يقوم وراء كل ذلك؟.
إن هذا الامكان من وجهة نظر صهاينة كثيرين وإن يكن افتراضيا الآن يُحدث معضلة مضاعفة. فهم أولا يطمحون الى اجراء السيادة الاسرائيلية على يهودا والسامرة وإن مجرد امكان أن تنشأ هناك دولة فلسطين مخيف في رأيهم. ويرى عدد منهم أن المستوطنين في يهودا والسامرة لا يحققون فقط حق اليهود في السكن والعيش في ارض اسرائيل كلها، بل يفترض أن يكونوا ايضا الأساس الذي تقوم عليه السيادة الاسرائيلية في المستقبل. ويعتقد أكثرهم أن تطبيق سيادة اسرائيلية على يهودا والسامرة يعني منح السكان الفلسطينيين هناك جنسية اسرائيلية كاملة، أي زيادة كبيرة في عدد العرب الذين يعيشون في اسرائيل ويشاركون في المسارات والقرارات السياسية التي تقع فيها.
إن من يخشون الشبح السكاني يحجمون عن هذا الامكان ويفضلون التخلي عن مطالب الشعب اليهودي في يهودا والسامرة. فهم يقولون في واقع الامر لا نريد عربا آخرين في اسرائيل. بل يفضل بعضهم انتهاز فرصة اتفاق مع محمود عباس ليسلبوا عربا اسرائيليين كثيرين جنسيتهم الاسرائيلية ولينقلوهم مع بلداتهم الى الدولة الفلسطينية.
والمعضلة الثانية التي تشغل اسرائيليين يأخذون في الحسبان امكان اتفاق يفضي الى سيادة فلسطينية على يهودا والسامرة، تتعلق بمستقبل المستوطنين الذين يسكنون اليوم في هذه المناطق. هل يستطيعون أو هل يجب عليهم البقاء في اماكنهم حتى بعد أن تنشأ دولة فلسطينية؟ وهل صلتهم بالسيادة الاسرائيلية أقوى من صلتهم بالارض التي سكنوها؟.
يبدو للوهلة الاولى أنه يوجد القليل جدا من احتمالات التوصل الى اتفاق مع عباس. واذا كانت التقارير عن أن اتفاق الاطار الذي يقترحه جون كيري يتطلب منه أن يعلن باسم الفلسطينيين انتهاء الصراع، اذا كانت صحيحة فمن الواضح أنه وهو الذي يمثل في الاكثر أقل من نصف الفلسطينيين، لا يستطيع أن يفي بهذا الالتزام. ولهذا لا يبدو أي اتفاق الآن ممكنا. ومع ذلك فان امكان الاتفاق الافتراضي الذي يُطلب فيه انسحاب اسرائيلي الى خطوط وقف اطلاق النار في 1949، يضطرنا جميعا الى مواجهة معضلتين وهما: ما مبلغ إخافة الشبح السكاني؟ وما مبلغ قوة صلتنا بارض آبائنا؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
حوار طرشان
بقلم: ارئيل كهانا،عن معاريف
تسأل أحيانا نفسك كم سنة سيتواصل حوار الطرشان هذا. وكأنه لم تمر عشرون سنة منذ اتفاق اوسلو، وكأنه لم يمر نصف عقد منذ خطاب بار ايلان. يصر نتنياهو على مطلب ‘الاعتراف بدولة اسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي’. اما محمود عباس، ففي المقابلة التي يزعم أنها تصالحية، فيرد ‘غير وارد’.
ليس صدفة أن يطرح نتنياهو هذا الطلب. وليس صدفة أن يرفضه ابو مازن. فنتنياهو يشتبه بأن م.ت.ف بقيت هي نفسها م.ت.ف خطة المراحل. وأن ما يسمى ‘سلاما’ ليس سوى ذريعة أساسها أولا نأخذ المناطق، وبعد ذلك الباقي’. ومثلما فرضت المرحلة الاولى على اسرائيل بضغط سياسي، هكذا سيحصل في المحطات القادمة.
اذا كان الفلسطينيون والعالم يطلبون من اسرائيل الاعتراف بحق العرب على هذه البلاد، فمطلوب أن يعترفوا أيضا بحق اليهود عليها. هذا التماثل أولي ومطلوب. فقط اذا ما أعلن الفلسطينيون بالفعل بصوت عالٍ بانهم يعترفون بدولة يهودية في بلاد اسرائيل، وفقط اذا ما علموا اطفالهم على قبولها، عندها سيكون سبب جدي للتفكير بانهم هجروا حلم خراب اسرائيل من الداخل. هذه هي الخلفية للطلب الاسرائيلي.
بالضبط لهذا السبب يصر ابو مازن على رفضه رفضا باتا. ‘اعترفنا باسرائيل وهذا كاف’، يقول. ويعتقد عباس بانه لا يوجد شعب يهودي بل فقط دين يهودي. وهذا الدين، مثل كل دين آخر، لا يستحق بلادا. وعلى حد نهجه، فان الاعتراف بدولة يهودية معناه الانصراف عن سبب وجود الكفاح الفلسطيني. ولهذا فانه غير قادر.
ولهذا فان عباس يصر على ذلك. ولهذا فان نتنياهو يصر على ذلك. بعد لحظة من نشر تصريحات أبو مازن، عقب أمس نتنياهو بـ ‘من السخف التفكير فانه سيكون اتفاق نعترف به نحن بالدولة القومية للشعب الفلسطيني وهم لا يعترفون بالدولة القومية للشعب اليهودي’.
ولكن يوجد طابق آخر، مقلق بقدر لا يقل: الشرعية في الاسرة الدولية. فليس′ هذا فقط ريح الاسناد من الاتحاد الاوروبي للمقاطعات، او الدعم الاوروبي للمواقف الفلسطينية. فوق كل شيء هذا هو التخوف الذي يجعل اوروبا في يوم الامر، اذا ما ثارت انتفاضة وطنية لعرب اسرائيل، تؤيد موقف م.ت.ف وترفض وجود الدولة اليهودية.
اليوم وحدها الولايات المتحدة، المانيا وكندا تقبل هذا التعريف. ودول تعتبر قريبة من اسرائيل مثل فرنسا، بريطانيا، اسبانيا وايطاليا ترفض بثبات تعريف ‘دولة يهودية’. التخوف الاسرائيلي هو أنه في سيناريو مستقبلي قد يثور شك في حق الوجود للدولة اليهودية.
ضغط دولي شديد كفيل بان يحدث طيا للعلم الاساس للصهيونية دولة يهودية في بلاد اسرائيل. هذا هو القلق العميق الذي ينتج الطلب بالاعتراف باسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
ينبغي حشر أبو مازن في الزاوية!
بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
إن زعماء المناطق المتنازعة في العالم يلبسون جلود النعاج حينما يستجيبون لاجراء مقابلات صحفية مع صحيفة ‘نيويورك تايمز′، فهم باحثون عن السلام وصانعو سلام وطالبو سلام والسلام عليكم. وهذا ما فعله أمس أبو مازن ايضا الذي بين موقف الفلسطينيين من وثيقة جون كيري ومن التفاوض مع اسرائيل. بيد أنه توجد نقطة ضعف واحدة لكل حيله اللغوية المهادنة وهي رفضه الاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية.
يزعم الفلسطينيون (ومعاونوهم في اسرائيل) أن بنيامين نتنياهو اختلق من عقله شيطانا سياسيا اسمه ‘الدولة اليهودية’ لاحباط حل ‘دولتين للشعبين’.
فاذا كان الامر كذلك فلماذا لا يمزق أبو مازن القناع عن وجه رئيس الوزراء ويثبت أن ليس الامر الرئيس كذلك؟ ليس هناك سوى تفسير واحد وهو أنه لا تكمن ‘حيلة دعائية’ وراء طلب ‘دولة يهودية’ أو لا تكمن ‘حيلة دعائية’ فقط، على الأقل بل فيه ايضا مضمون حقيقي لا يستطيع الباحثون عن السلام تجاهله.
إن معنى عبارة ‘الدولة اليهودية’ أنه لا ينبغي اغراقها باجانب يغيرون صبغتها السكانية، أي أنه ‘لا حق عودة’ لنسل اللاجئين في 1948. والى ذلك فان من يعترف في اطار اتفاق السلام بأن اسرائيل دولة يهودية يعلن في واقع الامر انهاء الصراع وانه لن توجد مطالب منها بعد.
لماذا يسلك كذلك؟ شاركت أمس في مؤتمر القدس الذي نظمه ‘بشيفع′ اليمني وقد وجد الكتور رون فوندك من مهندسي اتفاق اوسلو تسويغا يثير الاهتمام بعد سؤال من أحد الحضور وهو لماذا لا يعترف أبو مازن بالدولة اليهودية، وهو أن ذلك دليل على أن ابو مازن صادق مستقيم لأنه كان يستطيع أن يوافق على ‘دولة يهودية’ وأن يحصل على نصيبه وأن يخدع العالم بعد ذلك ويجدد مطالبه. وحقيقة أنه لا يسير في طريق الخداع في هذا الشأن تدل على فضله.
قد يكون ذلك يدل على شيء من فضله، ومع كل ذلك لماذا يرفض قبول عبارة ‘دولة يهودية’؟ ليس ذلك إلا لأنه يرى في صدقه أن الانسحاب الى حدود 1967 ليس انهاءا للصراع وقضاءا على الطالب المتبادلة وأنه ليس للامر نهاية.
كان رفضه تبني هذه العبارة يستحق ردين الصلة بينهما متسقة وهما انتقاد امريكي شديد لاصراره الذي يثير سؤال لماذا امتنع الوسيط جون كيري عن تنبيهه الى ذلك وعن رسم مخطط اشكالي لمستقبل الفلسطينيين لا يقل اشكالية عما عرض على اسرائيل؛ وفهم واقعي أنه لا يوجد شريك فلسطيني في السلام كما عرف ذلك بحسب تسلسل الاحداث اسحق رابين وشمعون بيرس واهود باراك واهود اولمرت، وعلى ذلك يجب على اسرائيل أن تسعى الى اتفاق مرحلي مع امريكا واوروبا ومع دول الجامعة العربية ايضا اذا أمكن.
وفي هذا الشأن يجب على الاسرائيليين وغيرهم، وعلى كل انسان نزيه مهتم بالصراع الاقليمي، أن يحشر أبو مازن في الزاوية: لنفترض أن نتنياهو يطمح الى التهرب من الاتفاق، لكن لماذا لا تستجيب أنت باعتبارك زعيم الفلسطينيين لطلبه الذي يفهمه كل من توجه الى التفاوض بيدين نقيتين؟ قد يكون عنده جواب لكن ليس عنده جواب مشروع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
مغادرة الاتحاد الأوربي: هروب أم انهيار؟
بقلم: غي بخور،عن هآرتس
‘العملاق السمين المسمى ‘الاتحاد الاوروبي’ العملاق الذي يقوده موظفون بجملة من اللغات، مليء بالبيروقراطية، الانظمة، النماذج والوسطية يدمر امام ناظرينا القارة الاوروبية. هذه مسيرة تاريخية، على الاعضاء في الاتحاد واجب مراجعتها بأسرع وقت ممكن.
عندما تشكل الاتحاد لم يؤخذ بالحسبان بانه سيشجع انماط تفكير مترفة في دول جنوب الاتحاد، كانهيار مؤسسة الاسرة وعدد الاولاد للام. وهكذا هبط عدد الاولاد للام في اسبانيا من 4 الى 1.4، في تشيكيا الى1.29، في بولندا الى 1.32 وفي اليونان وايطاليا الى 1.4 اليوم، لدرجة أنه لم يعد هناك جيل جديد يدعم الاقتصادات الوطنية.
كنتيجة لذلك، فان دول الجنوب اليونان، اسبانيا، البرتغال، قبرص، ولكن ايضا دول اخرى مثل ايرلندا غير قادرة على تسديد ديونها، والشباب يهاجرون الى شمالي الاتحاد كون الاتحاد يسمح بالسكن في كل اجزائه. وهذا تنقل شعبي حقيقي. دول الجنوب تتحول الى بيوت عجزة، فيما أن مستقبلها يهاجر شمالا او الى خارج الاتحاد. في العام 2012 هاجر أكثر من 100 الف نسمة، معظمهم شباب، من ايرلندا الى استراليا او الى نيوزيلندا، وهكذا ايضا من البرتغال.
هكذا تسيطر دول الشمال على شقيقاتها الجنوبية، تشتري عقل مستقبلها (الذي يشغل في هولندا أو في المانيا في أعمال مؤقتة) وبالمقابل تدفع لهم قروشا ‘كبدل للانقاذ’ ولا سيما المانيا.
المانيا آخذة في أن تصبح بين دول الاتحاد عملاقا يبتلع كل شيء، وذلك لانها تحتاج الى 200 الف مهاجر جديد كل سنة كي تحافظ على مستواها الصناعي، وهكذا تضعف كل الاخرين. في دول الجنوب ايضا من لا يهاجر يجد صعوبة في العمل، مع 27 في المئة بطالة في اسبانيا والبرتغال، 13.5 في المئة من ايرلندا او 12 في المئة في ايطاليا و 11 في المئة في فرنسا. اما المعطى الاكثر فظاعة فهو أنه في أعمار 18 25 المعطيات مضاعفة في كل دولة. وهذا يعني عدم هدوء في الشوارع، مع احتمال الاشتعال الاجتماعي.
هنا تدخل الى الصورة ايضا سياقات الخراب في الدول الاسلامية المحيطة بالاتحاد ولا سيما في اعقاب ‘الربيع العربي’ البائس. ملايين المهاجرين المسلمين يتسللون بشكل غير قانوني الى الاتحاد عبر دول الجنوب، التي ليس لديها لا القوة ولا القدرة على منع هذا التنقل الشعبي. يدخل الى اسبانيا 450 الف مهاجر مسلم في السنة، وليس اقل من 580 الف اسباني يهاجرون منها في السنة، وهذه سياقات هدامة. كون الحدود في الاتحاد الاوروبي مفتوحة، فما أن يدخل المهاجرون غير القانونيين، حتى يواصلون في معظمهم شمالا، حيث يرغبون في العيش، ومعظمهم ان لم يكن جميعهم يقعون كالعبء على كاهل مؤسسات الرفاه في الدول، لدرجة أن حتى الغنية من بينها ستجد صعوبة قريبا في مواجهة مقتضيات الهجرة. هذا مثلا هو الوضع المتبلور في الدانمارك وبريطانيا.
بتعبير آخر، ان مستقبل الاتحاد يهاجر منه، والمهاجرون عديمو الخبرة يغرقونه. ليس هذا فقط، بل ان السكان المحليين يشيخون بسرعة، والدول ستجد صعوبة في دعمهم هم ايضا، وذلك لانه لا يوجد جيل شاب يدعم كبار السن. كل هذا في مناخ من حكم الموظفين، البيروقراطية المعقدة ومعدلات الفائدة والسياسة الاقتصادية التي تملى من فوق بشكل تعسفي على الدول المختلفة. وعملة اليورو، مثلا، تبينت كمصيبة للعديد من الدول داخل الاتحاد.
اضافة الى ذلك، فان القيادة الجماعية للاتحاد منشغلة في الحفاظ على نفسها وفي ايجاد قاسم مشترك واسع، وهذه وصفة كلاسيكية للوسطية، في ظل دحر الحداثة والمبادرة. وعليه، خير تفعل كل دولة اذا ما هربت من هذا ‘الاتحاد’ منذ الان، قبل الانهيار. الدولة التي لا تفعل هذا الان والتي لعلها قد تنقذ نفسها، ستأسف على ذلك أسفا شديدا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
تركيا واسرائيل: المصالح فاقت المشاعر
بقلم: تسفي برئيل،عن هآرتس
فجوة نحو 10 مليون دولار تفصل بين الثمن الذي تطلبه تركيا كي تستأنف العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع اسرائيل وبين المقابل الذي تبدي اسرائيل استعدادها لدفعه. ثمن من سيقول: ‘ليس مهما المال، المهم أنه توجد مفاوضات، وهذا ايضا نوع من العلاقات’. ومع ذلك، يمكن ان نتذكر العرض الاسرائيلي الاول، 100 الف دولار لكل واحد من المواطنين الاتراك التسعة الذين قتلوا في اقتحام الجيش الاسرائيلي لسفينة مرمرة.
السخاء الاسرائيلي اقلع منذئذ الى مليون دولار لكل قتيل. والان، يبلغ 2.2 مليون للفرد ولا يوجد بعد يقين بان تركيا توافق على الثمن الجديد. كما يمكن ايضا أن نتذكر الطلب التركي الاول باعتذار اسرائيلي فقط، دون تعويضات ودون تغيير للسياسة في غزة، ولكن الرد الاسرائيلي الواثق بحقه، والصراعات في لجان التحقيق، تلك الدولية برئاسة بالمر، وهذه المحلية برئاسة تيركل، واستمرار سياسة الاغلاق الوحشية على غزة، رفعت سقفا تركيا جديدا: ليس فقط اعتذار وتعويضات بل وايضا الغاء الاغلاق على غزة.
لقد تحول الاسطول ‘التركي’ منذئذ الى قضية وطنية في اسرائيل وفي تركيا، كل تنازل فيها معناه استسلام، مس خطير بالمكانة وخسارة في المعركة حيال دولة تبلورت في الوعي المتبادل كدولة عدو. مقاطعة سياحية، الغاء صفقات شراء، مس خطير بالتعاون الاستخباري وقطيعة استراتيجية اثمانها يفوق عشرات الاضعاف مبالغ التعويض.
في السنوات الثلاثة والنصف الاخيرة التي مرت منذ الهجوم على مرمرة تثبتت منظومة علاقات جديدة بين الدولتين، قلبت الحلف القديم رأسا على عقب وليس فقط على المستوى الدبلوماسي والعسكري. فقد طور الجمهور التركي والاسرائيلي رواية جديدة الواحد عن الاخير. اسرائيل وصفت كمن يتآمر على نظام اردوغان، تؤيد حزب العمال الكردي الذي يعتبر منظمة ارهاب في تركيا تعمل ضد تركيا على المستوى الدولي وكدولة ترتكب جرائم حرب ضد الفلسطينيين. اما تركيا فتعتبر عندما دولة اسلامية متطرفة، حليفة ايران، عدو الغرب، شريك بشار الاسد (قبل ان تقطع علاقاتها مع سوريا) وباختصار، دولة عدو بكل معنى الكلمة’.
بينما تضرب هاتين الروايتين المعاديتين جذورهما، تبين مرة اخرى بان المصالح تفوق المشاعر، وحسن أن هكذا. وللمفارقة بالذات، فان الازمة في سوريا احدثت قراءة متجددة للخريطة الاستراتيجية، ساعدت في تقريب اسرائيل وتركيا. فالتطلع الى بلورة سياسة اقليمية مشتركة تجاه سوريا، والتخوف من انتقال الحرب فيها، تعاظم المنظمات الاسلامية، التوتر قبيل امكانية هجوم اسرائيلي في ايران. كل هذه حركت واشنطن لممارسة الضغوط لانهاء النزاع الثانوي هذا.
ولكن مثلما في كل مسرحية، التوقيت يملي النجاح أو الفشل. فالاعتذار الذي كان يمكنه أن يهديء روع تركيا قبل ثلاث سنوات ونصف، جاء متأخرا جدا وما كان يمكنه أن يلبي مطالبها. وستكون حاجة الى سنة اخرى كي توافق اسرائيل على انهاء بند دفع التعويضات الذي لا يزال معلقا دون توقيع نهائي. ومع أن الاغلاق الاسرائيلي على غزة بعيد عن النهاية، فان وضع مليون وسبعمائة الف فلسطيني اسوأ مما كان في فترة الاسطول، ولكن من ناحية تركيا، دفعت اسرائيل، جزئيا على الاقل الواجب تجاه الطلب التركي.
هنا ايضا الجدول الزمني سيتقرر في أنقرة وليس في القدس. فهي سيتعين عليها أن تفكر كيف سيؤثر استئناف العلاقات على حملة اعادة بناء علاقاتها مع ايران، اذا كان حكيما استئناف العلاقات بالذات حين يتبين في محادثات السلام مع الفلسطينيين انها تنهار، وهل سيكون لاستئناف العلاقات تأثير على اعادة بناء مكانة اردوغان، كمن دفع تركيا نحو العزلة الاقليمية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ