Haneen
2014-03-18, 11:27 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (562) السبـــت 22/02/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
لا خوف على إسرائيل اليوم بعد ارتباك إيران وضعف الأسد وحزب الله وانشغال الجهاديين بسوريا
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت أحرونوت
شجرة بيرس ومستوطنة عتصيون
شيمون هو حمامة السلام هي التي غرست مستوطنة 'عوفر' وساعدت زعيم 'تنظيم تفجير قبة الصخرة'
بقلم:عكيفا نوفك،عن يديعوت أحرونوت
فقط لو أراد بيبي
بقلم:يوئيل ماركوس،عن هآرتس
‘جبل صهيون’ حلمنا لكنه كابوس الفلسطينيين
بقلم:هيلل كوهين،عن معاريف
</tbody>
لا خوف على إسرائيل اليوم بعد ارتباك إيران وضعف الأسد وحزب الله وانشغال الجهاديين بسوريا
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت أحرونوت
حينما بدأت هذا الاسبوع المحادثات بين القوى العظمى وايران وضع على طاولة القيادتين السياسية والعسكرية في اسرائيل تقدير مُحدث لـ ‘أمان’. تقول شعبة الاستخبارات إن ايران لم تتخل عن حلمها الذري. وبعبارة اخرى اذا بقي النظام الحالي في طهران على حاله ولم يحدث تغيير حاد في الجو الدولي فقد تتوصل الى قنبلة ذرية.
لكن هذا جانب واحد من جانبي قطعة النقد. إن جهات الاستخبارات في اسرائيل تعرض ايضا نصف الكأس الملآن ذلك أن ايران روحاني التي تواصل السباق الى القنبلة الذرية هي ايضا ايران التي غيرت ترتيب أولوياتها الداخلي وجعلت رفاهة المواطن في المركز. ويقولون في اسرائيل إن لهذا التحول آثارا مباشرة على قوة المحور المتطرف لايران وحزب الله وسوريا. إن حصة كبيرة من الموارد التي أُنفقت الى الآن على نشر الثورة الاسلامية ودعم نظم حكم ومنظمات متطرفة توجه الآن الى داخل ايران.
كان على روحاني كي ينجح في مسار تحويل الموارد الى الاقتصاد الايراني السيء الحال أن يمس شيئا ما بقوة حرس الثورة وكان هذا اجراءا حظي بتأييد من الزعيم الروحاني خامنئي برغم ما في ذلك من العجب. وهكذا فقدت المنظمة التي تتقدم المعركة السرية على اسرائيل باستعمال منظمات ارهابية وتهريب كثيف للسلاح، شيئا من ميزانيتها ومن قوتها ايضا. وقد نجح روحاني ايضا في الاشهر الثمانية الاخيرة في أن يزيح عددا من رجال حرس الثورة عن مناصب رئيسة رفيعة في الاقتصاد والجيش والاستخبارات والعلاقات الخارجية الايرانية. وكان من نتيجة ذلك أن أخذ يقل الدعم الاقتصادي والعسكري الذي تعطيه ايران لسوريا وحزب الله.
إن سوريا وحزب الله بحسب التصور الامني الايراني هما الخط الدفاعي الامامي في مواجهة اسرائيل. وعملهما أن يصدا ويردعا كل قصد اسرائيلي الى ضرب ايران وأن يضعفا قوة اسرائيل. لكن هذه الجبهة أخذت تضعف. وهذه بشرى خير بالنسبة لاسرائيل ولا سيما على خلفية تهديدات الجهاد العالمي والفوضى الاقليمية وعشرات آلاف الصواريخ الموجهة عليها والمشروع الذري الايراني الذي لا يُصد. وهذه ‘فرصة تاريخية’ كما عرفها رئيس ‘أمان’ اللواء افيف كوخافي في محاضرة له في معهد بحوث الامن قبل اسبوعين.
إن المحور المتطرف تؤيده دعامتان أخريان سوى الدعم الايراني أخذتا تتضعضعان هما: الاولى مكانة الرئيس الاسد، والثانية قوة حزب الله. إن الجهات الاستخبارية في اسرائيل لا تشك في أن الاسد لن يبقى في الحكم في اطار أي تسوية في سوريا. فهذا الرجل بحسب تقديرات الاستخبارات في اسرائيل فقد شرعية حكمه لشعبه.
إن صورة الوضع في ‘الدعامة السورية’ للجبهة المتطرفة هي صورة ازمة لا رجعة عنها، فقد انقسم الجيش السوري نصفين فبقي من جيش كان فيه نحو من 400 ألف جندي بعد ثلاث سنوات من الحرب الاهلية، بقي نحو من 200 ألف شخص فقط. والمعطى الأكثر حدة هو مقدار الخسائر التي أصابت الجيش السوري في هذا القتال التي بلغت 30 ألف قتيل و90 ألف جريح وهو عدد اكثر من عدد كل المصابين الذين مني بهم في مواجهاته مع اسرائيل على مر السنين. وأما الضرر المعنوي فيصعب تقديره. وما عادوا يتحدثون عن علاج منظم للمصابين في المستشفيات، وإن عشرات آلاف الجرحى من الجيش السوري يعالجون في منشآت مؤقتة ولا يوجد ما يكفي من المعدات الطبية لا للجنود ولا للمواطنين. إن الناس يموتون كالذباب وذلك قبل أن تبدأ الأوبئة التي تحذر جهات المساعدة الدولية منها. وقد تجاوز العدد الرسمي للقتلى في سوريا من المدنيين والجنود 150 ألفا. ويقترب عدد الجرحى من 400 ألف وأصبح أكثر من 4 ملايين انسان لاجئين.
برغم قصص النجاح في معارك محلية، فقد الاسد السيطرة على 75 بالمئة من مساحة سوريا. وأخذ يقل عدد الصوارخ والقذائف التي يستطيع اطلاقها. إن الروس ينقلون في كل اسبوع مقادير ضخمة من السلاح والذخائر عن طريق ميناء اللاذقية لكن هذا المدد لا يستطيع أن يجاري معدل الاطلاق.
إن الجيش السوري لا يهدد اسرائيل في الحقيقة. إن له قدرة نارية بعيدة المدى وله قدرات في مجال الدفاع الجوي في صورة البطاريات الجديدة من طراز ‘إس.إي 17′ التي باعه الروس إياها لكن عيني الاسد ما عادتا موجهتين الى اسرائيل. وقد أزال جزءا كبيرا من جيشه في هضبة الجولان وجبل الشيخ لاجل القتال في داخل المدن السورية.
إن اسرائيل بحسب وجهة النظر السورية لا تنوي أن تحارب سوريا، والذي يمكن أن يورط سوريا هو مواجهة عسكرية بين اسرائيل وحزب الله. وإن دين السوريين لحزب الله كبير فاذا اشتعلت الحدود بين لبنان واسرائيل فسيجب على الاسد أن يهب لمساعدة نصر الله. لكن الرغبة السورية في اشتعال حريق في مواجهة اسرائيل ضئيلة جدا.
صورة مرآة
يوضع على طاولات رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان مرة في كل ثلاثة اشهر تقرير استخباري سري جدا هو بمثابة ‘صورة مرآة’: ، وهذا التقرير يشرح رؤية العدو لإسرائيل، ويمكن ادخال هذا التقرير ايضا تحت عنوان ‘مقياس الردع الاسرائيلي’. ويتبين هناك أن وضعنا جيد.
تصور هذه التقارير القيادة الاسرائيلية بأنها قيادة مصممة جدا وغير متوقعة جداً في المجال الامني ، وتستطيع أن تتخذ قرارات لا تناسب فيها على استعمال النيران. وإن جيراننا في الشمال على يقين من أنه اذا نشبت ازمة مثلا بين اسرائيل وحزب الله فان الجيش الاسرائيلي سيزرع في لبنان دمارا أوسع مما كان في أي وقت مضى. وينبغي أن نفرض أن هذه التقارير فيها تناول العدو لتدريبات الجيش الاسرائيلي وتسلحه ولتصريحات ضباط كبار وقادة اسرائيليين. ولا شك في أنه يرد هناك ايضا تطرق الى نشاط الجيش الاسرائيلي الكثيف السري في الدول الجارة. وليس من الداحض أن نفرض أن العدو يحاول بمساعدة خبراء اجانب مثل الايرانيين مثلا أن يدرس هذا النشاط ويشمل ذلك التقنيات ووسائل القتال التي استعملت فيما يسمى في الصحف الاجنبية ‘هجمات غامضة’ لسلاح الجو الاسرائيلي في سوريا. إن القدرات غير المفسرة ستقلق وتهم العدو دائما. فاذا كان الانجاز المطلوب من جيش هو أن يردع العدو أولا بلا حرب فمن الصحيح الى الآن أن الجيش الاسرائيلي يفي بذلك بحسب هذه التقارير على الأقل.
ويزيد قطرة على نصف الكأس الملآن اجراء التحلل من السلاح الكيميائي في سوريا برغم تعويقات اخراجه للقضاء عليه خارج حدود الدولة. وقد نبع التعويق الى الآن من مشكلات لوجستية كالنقص في وسائل النقل الملائمة وصعوبات تأمين القوافل التي يفترض أن تنقل المواد الى ميناء اللاذقية. وحينما حُلت هذه المشكلات بدأ الاسد ينفذ حيل تأخير تسليمه لكسب الوقت لأن نظام حكمه مؤمن ما ظلوا يشغلون أنفسهم بالسلاح الكيميائي. لكنهم في اسرائيل يُقدرون أن هذه الحيل لن تستمر وقتا طويلا وذلك في الاساس لأن الروس يضغطون على الاسد. ويُنتظر الآن نقل نحو من 800 طن من مواد القتال الكيميائية. ويُقدرون في اسرائيل أنها ستُخرج الى مواقع القضاء عليها في البحر بعد شهرين أو ثلاثة.
جنازات في منتصف الليل
إن ‘الدعامة الثالثة’ للمحور المتطرف والعدو المركزي للجيش الاسرائيلي هي حزب الله. والكأس هنا ايضا غير فارغة تماما. فعلى حسب الصورة التي تصور في اسرائيل يمر حزب الله الآن بواحدة من أقسى الفترات في تاريخه. وبرغم انجازه الحالي بادخاله 8 وزراء الى الحكومة الجديدة في لبنان، أخذت مكانته في لبنان والعالم العربي تضعف. والذي يتابع موقع الشيخ القرضاوي في الشبكة، وهو أعظم الفقهاء المسلمين تأثيرا في العالم، يستطيع أن يشاهد هناك مطر الشتائم التي يمطر حزب الله بها.
لم يضعف حزب الله في الرأي العام فقط بل ضعف ايضا لأن الايرانيين أصبحوا يحولون اليه قدرا أقل من المال ومن الوسائل القتالية. واذا لم يكن ذلك كافيا فان الاوروبيين انضموا الى الامريكيين وأعلنوا أنه منظمة ارهابية وهو شيء لا يزيده قوة.
إن حزب الله متورط اليوم في جبهتين. فهو متأهب في جنوب لبنان لامكانية مواجهة عسكرية مع اسرائيل ويدير معركة في جنوب بيروت وفي البقاع اللبناني ايضا. وفي مقابل ذلك أرسل الى سوريا الى الآن بين 3 آلاف الى 5 آلاف مقاتل هم 20 بالمئة من عدد لابسي البزات العسكرية في المنظمة.
وفي كل ليلة يدفن حزب الله موتاه الذين قتلوا في الجبهة السورية. وهو يفعل ذلك في الظلام بعيدا عن عدسات التصوير كي يخفف الانتقاد في الداخل. وقد قتل بضع مئات من رجال حزب الله في السنة ونصف السنة التي شارك فيها في القتال في سوريا. ويتحدث أحد التقديرات عن 400 مقاتل هم 10 بالمئة من القوة التي أرسلتها المنظمة الى المعركة. ويحارب نصر الله لاستمرار ولاية الاسد الذي هو دعامته الرئيسة حتى وقد اصبح واضحا أن الاسد لن يبقى.
إن ما يبدو اليوم طريقا مسدودا ايضا في الساحة الفلسطينية حول مبادرة كيري لن يفضي الى انتفاضة عامة بالضرورة. فهم في قيادة المركز يؤمنون بأنه كلما كان الوضع الاقتصادي اكثر معقولية أصبح احتمال الانفجار العسكري أقل. ولهذا يوصي المستوى العسكري المختص المستوى السياسي بأن يرخي الحبل للفلسطينيين شيئا ما في مجال التنقل واعطاء رخص البناء وتطوير المناطق الصناعية وتوسيع صلاحيات ما للسلطة الفلسطينية في المنطقتين ج و ب. وأصبحت حماس في غزة الآن على الأقل أكثر اشتغالا بالصراع على حكمها من السعي الى مواجهة عسكرية مع اسرائيل. والباعث الرئيس عند الغزيين ايضا اقتصادي، فقد تركهم الايرانيون وضعف الاتراك وأصبح المصريون يرون غزة عدوا. إن غزة تستطيع أن تشتري سلعا من اسرائيل لكنها تكلف هنا اضعاف ما تكلفه في مصر. وعند قيادة الجنوب ايضا سلسلة توصيات بتسهيلات في مجال نقل السلع ومواد البناء. إن الجيش يوصي لكن المستوى السياسي هو الذي يجب أن يقرر هل ينتهز هذه الفرص التي تُمكنه من أن يكسب الهدوء.
الصلة السعودية
وفي الوقت الذي تضعف فيه الجبهة المتطرفة أخذ يقوى المحور العربي المعتدل. وفي اسرائيل يعدون اربعة مواضيع مشتركة على الأقل لنا مع المحور العربي المعتدل ولا سيما السعودية ومصر وهي: محاربة الاخوان المسلمين، ومحاربة الجهاد العالمي، وإقرار الوضع في سوريا، وزحزحة قدمي حزب الله. ويبدو أنه تجري بين اسرائيل والسعودية اتصالات وتُنقل رسائل بواسطة جهات غير رسمية. ويشترط السعوديون شرطين لتنتقل الاتصالات الى سبل أكثر رسمية الاول أن تعلن اسرائيل أنها تقبل المبادرة السعودية في 2002؛ والثاني أن يحدث تقدم ما في التفاوض مع الفلسطينيين. واذا لم يكن عند اسرائيل الكثير مما تفعله مع الفرصة الاستراتيجية التي يعرضها المحور المتطرف فلا يجوز لها أن تبقى ساكنة في مواجهة الفرصة التي يعرضها عليها المحور المعتدل. فلا شك في أن علاقات بين اسرائيل والسعودية هي مرساة استراتيجية تستحق أن تُدفع عنها أثمان سياسية في ميادين أقل احراجا مع الفلسطينيين مثلا. لكن المسافة ما زالت كبيرة بين هذه الاقوال والخواطر التي تُسمع في ديوان رئيس الوزراء ايضا وبين العمل بالفعل.
إن الجهات الاستخبارية تشير للمستوى السياسي الى التهديدات والى الفرص. فأما التهديدات فان الترويج لها أسهل فهي تصنع عناوين صحفية والجيش هو الذي يعالجها آخر الامر. وأما الفرص فلا تُصور دائما والساسة هم الذين يجب عليهم أن يعتنوا بها، فلا عجب أن تكون درجة مشاهدتها منخفضة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
شجرة بيرس ومستوطنة عتصيون
شيمون هو حمامة السلام هي التي غرست مستوطنة 'عوفر' وساعدت زعيم 'تنظيم تفجير قبة الصخرة'
بقلم:عكيفا نوفك،عن يديعوت أحرونوت
يصعب أن نتخيل رجلين جد متباعدين عقائديا بعضهما عن بعض. إن الشخص الذي يداعب كومة التراب في يمين الصورة بالاسود والابيض هو شمعون بيرس الذي كان آنذاك وزير الدفاع في حكومة رابين وأصبح بعد ذلك من رؤساء مؤيدي مصالحة على الارض، وأصبح في السنوات الاخيرة رئيسا يطلب السلام. وشريكه في غرس شجرة السرو الصغيرة هو يهودا عتصيون الذي كان في الماضي زعيم تنظيم لتفجير قبة الصخرة وعضوا في جبهة سرية شارك في التخطيط للشحنات المتفجرة التي أصابت رؤساء بلديات فلسطينيين، وأمضى اربع سنوات ونصفا في السجن وهو اليوم ايديولوجي بارز في ‘المخلصين لجبل الهيكل’. كان ذلك في عيد الشجرة في 1976. وقد جاء بيرس في ذلك اليوم لزيارة عوفره وهي المستوطنة الاولى لحركة ‘غوش ايمونيم’ بعد أقل من سنة من موافقته على انشائها. ويتذكر عتصيون هذا الاسبوع فيقول: ‘دعوناه الى زيارة وكنت مشاركا في استقباله هنا. وأعددنا له شيئا في غرفة الطعام التي كانت قد أصبحت تعمل في تلك الفترة، وكان يوجد اجتماع ما في غرفة السكرتاريا وخطط آخر الامر لغرس الشجرة التي غطاها الاعلام. في تلك الايام كان يوجد هنا تجميع لغراس أعددناها للغرس وحفظنا له غرسة سرو صغيرة’.
وأُخذ وزير الدفاع آنذاك والرئيس الآن بعد التكريم الى قطعة ارض بالقرب من الدرج الذي أفضى الى البيت الذي تسكنه عائلتان للحاخام يوئيل بن نون وهو من حاخامي التيار المعتدل في الصهيونية المتدينة، وأوري اليتسور الذي أصبح بعد ذلك صحفيا ورئيسا لديوان رئيس وزراء بنيامين نتنياهو.
‘وافق بيرس على التعاون. لكنه برغم ماضيه الزراعي لم يغرس الغرسة في داخل الحفرة بالضبط ولم يثبتها كما يجب بالضبط’، يشهد عتصيون. ‘وأتذكر أنني قلت له: يا شمعون ثبت، ثبت. وهو داعب التراب فقط، فاضطررت الى أن أثبتها له. يمكن أن يُقال إنني كنت مبعوثا مخلصا له’.
هل كانت خطط تفجير قبة الصخرة في ذهنك وقت الغرس؟
‘يصعب علي أن أحدد بنفسي. إن جبل الهيكل يصاحبني في ذهني منذ كانت حرب الايام الستة، لكن التنظيم الذي يسمى ‘الجبهة السرية اليهودية’ لم يكن موجودا آنذاك’.
وتم الحديث بعد ذلك في عوفره بأن عتصيون استعمل كلمات ‘ثبت جيدا، ثبت جيدا’ المأخوذة من عمل الكاهن الأكبر، وهو في الحقيقة ينكر ذلك لكن الامر قد دخل في أرشيف عوفره التأسيسي مع الصورة، ومهما يكن الامر فان مراسم الغرس على مرآى من عشرات الاشخاص من غوش ايمونيم بين البيوت القليلة كان ذروة الرومانسية بين بيرس ورجال ارض اسرائيل الكاملة. في تلك الايام أيد الرئيس بحماسة انشاء المستوطنة الاولى في السامرة، وكانت السروة الصغيرة تعبيرا فقط عن موافقته الصامتة مع أوائل المستوطنين والتشجيع الذي غمرهم به بعد ذلك.
وهم اليوم عالمون جيدا باهمية الشجرة الرمزية في عوفره وفي مكتب بيرس ايضا ويتصرفون بحسب ذلك. ففي بيت الرئيس بينوا لنا هذا الاسبوع أن ‘الواقع تغير’ و ‘أن الحمار فقط لا يغير رأيه’. وأما في عوفره فانهم يرعون السروة في حب كبير. فالضيوف يأتون ليتأثروا بها وتُروى القصص عن الغرس، بل نصبت في سنة 2000 بالقرب منها لافتة مؤثرة تعلن أن هذه هي ‘شجرة رئيس الوزراء’، ولا يهم أن بيرس كان في وقت الغرس وزير الدفاع.
لم نكذب بالضبط
ترتفع ‘شجرة رئيس الوزراء’ الآن الى ارتفاع ثلاثة طوابق أو اربعة، وقد بني بالقرب منها منتدى عوفره الذي يدرس فيه نحو من ألف بنت من المنطقة كلها. إن قمة الشجرة تلقي بظلها على مدرسة داخلية كبيرة وبني الى الجنوب منها غرفة طعام ضخمة تستعمل قاعة أفراح ايضا. ويحرص مدير صيانة المدرسة الداخلية هيلل تييري على تقليم اغصانها والعناية بها كما تستحق هدية خلفتها شخصية رفيعة المستوى.
والمستوطنة التي غرست فيها الشجرة مدينة بميلادها لشمعون بيرس، كالشجرة ايضا. فقد أعطى وزير الدفاع آنذاك رخصة نادرة لانشاء عوفره وأطلق بيديه كما يرى كثيرون طلقة البدء لعملية استيطان استمرت الى اليوم. ويقول عتصيون: ‘إن بيرس هو أبو عوفره من جوانب كثيرة؛ بافعاله وباخفاقاته الايجابية. إن عوفره كلها قامت على البحث عن نافذة أو فقاعة في نضال الاستيطان. وكان الواقع أنه لم توجد مستوطنات في ظهر الجبل وما أُنشيء أزيل فورا فأعطى بيرس الموافقة الاولى’.
إن عتصيون وهو في الثانية والستين من عمره يسكن في أهم شارع في عوفره، وهو التاسع من أيار المسمى باسم تاريخ انشائها. في ذلك اليوم في 20 نيسان 1975 نزلت مجموعة نشطاء من قاعدة الجيش الاسرائيلي في جبل باعل حتسور نحو القدس. وكانت ‘قوة يهودا عتصيون’ عددها 15 شخصا والتقت بـ 15 عضوا من ‘قوة بنحاس فالرشتاين’ عند أبواب المعسكر الاردني المهجور ‘معسكر عين يبرود’. وفي مقابل ذلك دخل قاعدة الكرياه حنان بورات الذي كان آنذاك فاعلا ميدانيا نشيطا وطلب أن يرى وزير الدفاع فورا، وقال له الآن بالضبط يدخل رفاق الى قاعدة عسكرية خالية بالقرب من باعل حتسور، فيحسن في هذه المرة ألا يبعدوهم وإلا فان طنجرة الضغط هذه ستنفجر.
جاء بورات مع تكتيك واضح، فقد قال لبيرس إنه لا حاجة الى أن يسمى ما حدث انشاء مستوطنة. وبين له أن هذا معسكر عمال فيه عمال فدعهم ينامون.
‘كان الامر كله يقوم على أن ينجح حنان في ‘طبخ’ بيرس والحصول على موافقة منه’، يتذكر عتصيون. ‘كان يفترض أن يجعل بيرس يعاملنا في هذه المرة بخلاف معاملته لبذور اخرى كنسها الجيش من الارض. وكان لحنان بطاقة مفتوحة في كل مكتب، فأنا لا أتذكر مرة أراد فيها أن يلقى بيرس ولم ينجح في ذلك. لكن بيرس حتى ذلك الحين كان يقول له دائما لا، وبين له قائلا: عندنا خطط استيطان منظمة فلا تشوشوا علينا’.
وفي ذلك اليوم تردد بيرس لأنه يبدو أنه أدرك أن الموافقة على المبيت قد تطول عشرات السنين كما حدث في الحقيقة. لكنه أعطى الموافقة لسبب ما ربما بسبب السحر الشخصي لبورات وربما لرغبته في أن يخز شيئا ما خصمه السياسي اسحق رابين. ويروي شيوخ عوفره أن الحاكم العسكري موشيه فلدمان تلقى أمرا يقول: ‘لا تساعد ولا تعيق’، ولم يكن المستوطنون محتاجين الى أكثر من ذلك. وهكذا ولدت في واقع الامر المستوطنات في ظهر الجبل. ‘ومنذ ذلك الوقت فما بعد اعتدنا أن نقول إن بيرس معنا’، يقول عتصيون في فخر. ‘لا يعني ذلك بالضبط أننا كذبنا عليه فقد تركنا في الحقيقة مدة سنوات على الباب لافتة ‘معسكر عمال عوفره’ ‘، يقول ويغمز في سعادة وكأن ذلك حدث أمس.
ويقول بنحاس فالرشتاين الذي أصبح بعد ذلك واحدا من قادة المستوطنين إنه لم يتضح له الى الآن ما الذي جعل بيرس يرد على الغمزة بغمزة. ‘لا أعلم الى الآن هل وافق على عوفره لأنه أحب المستوطنة أو ليضرب رابين’، يكشف. ‘لكن كانت لنا قناة اتصال واضحة به وأردت الوصول الى رابين بعد شهر من مجيئنا الى الارض. قال لي رئيس ديوان رئيس الوزراء ايلي مزراحي: ‘إسمع، أنتم طفل بيرس. فاذا كنتم تعتقدون أنه فعل ذلك لاجلكم فأنتم مخطئون. إنه فعل ذلك كي يضر برابين ولا تدخل هذا المبنى بعد الآن’.
نعم في بروكلن ولا في السامرة
إن قصة الحب بين بيرس والمستوطنين استمرت ايضا حينما تأسست عوفره. بعد وقت قصير من انشاء المستوطنة جاء الى هناك عضو كنيست شاب اسمه يوسي سريد مصحوبا بثلة من المصورين وطلب اخلاءها فورا. ورد عليه بيرس بنقاش خاص في الكنيست: ‘لن أحجم لحظة واحدة حينما توجد الوسائل لذلك أو حينما ينشأ امكان إتيان الحكومة في وضح النهار وبلا نفاق باقتراح لانشاء نقطة ثابتة هناك’.
ولم ينس وزير الدفاع أن يخز رئيس الوزراء من فوق منصة الكنيست وبين أنه شاور ‘من اعتقدت أن علي مشاورته’ وحصل على موافقة ‘من يجب الحصول عليها منه’. وليس واضحا الى اليوم من الذي قصده، ولم يكشف للمقربين منه في هذا الاسبوع ايضا من الذي وافق على ذلك إن وجد أصلا. ونقول بالمناسبة انه في ذلك النقاش في الكنيست احتج عضو الكنيست اهود اولمرت على أنه لم يُرتب حتى ذلك الحين تزويد سكان عوفره بالكهرباء والماء وحظي بتأييد صديقه ايتان لفني، والد مجرية التفاوض مع الفلسطينيين اليوم.
وواصل بيرس العلاقة الغرامية حينما سمى أناس ‘غوش ايمونيم’ ‘فخر الاستيطان الاسرائيلي’، وتساءل في نقاش حكومي في بداية 1976: ‘لماذا يجوز لليهود أن يسكنوا في بروكلن وتورنتو ولا يجوز لهم أن يسكنوا في السامرة؟’. وعلى إثر تصريحاته واعماله عرفه امنون روبنشتاين بعد ذلك بأنه ‘عراب ومرضعة ‘غوش ايمونيم’، وهو أحد ممثلي الدعم العلماني لهذا الجسم’.
منذ ذلك الحين تزحزحت مواقف بيرس وهناك من يزعمون أن الشجرة تزحزحت ايضا. في نهاية 2012 اجاء ليقابل الرئيس السير ديفيد فروست وهو أديب ورجل اعلام بريطاني، وطلب فريق تصويره زيارة عوفره لتصوير شجرة السرو. وفي الاستعداد للزيارة أجرت مديرة ارشيف المستوطنة، حمدات شني، تحقيقا عميقا كشف عن تفصيل محرج شيئا ما وهو أن الشجرة التي غرسها بيرس يبدو أنها أُخرجت من التراب بعد سنوات معدودات حينما قررت المدرسة الداخلية المجاورة أن تبني مدارس داخلية جديدة. ‘اقتلعت منذ زمن، ويبدو أن ذلك كان حينما لم أكن هنا’، زعم عتصيون هذا الاسبوع مشيرا الى فترة سجنه. وهذا ما زعمته ايضا معلمة الطبيعة القديمة ميخال كهانا التي التقينا معها هذا الاسبوع في ظل ‘شجرة رئيس الوزراء’.
لكن توجد رواية اخرى ايضا: فالباحث المحلي زئيف جابو ايرلخ الذي يسكن بالقرب من شجرة السرو أصر هذا الاسبوع بحماسة على أن الشجرة هي شجرة بيرس. وقال في شهادته: ‘في السنة الـ 18 لعوفره فحصت عن ذلك الموضوع فتبين أنها هي الشجرة بحسب الصور وبحسب المنطقة حولها. إسمع، يوجد بالقرب من الشجرة الاصلية درج كان يصعد الى مبنى كان هناك في منطقة بيت التسور بن نون. ونجحت بحسب الدرج في أن أحسب المكان وأنصب اللافتة’.
ومهما يكن الامر فانهم في الاحتفال على مرور 10 سنوات على نشوء عوفره دعا أهالي المستوطنة بيرس الذي كان رئيس الوزراء واهتموا بأن يغرس شجرة زيتون في مكان آمن في داخل المدرسة. وقد أصبح من الصعب اليوم تخيل هذا الوضع، فمنذ كان الغرس جرى ماء كثير بين بيرس والمستوطنين أو تسونامي ايديولوجي في الحقيقة، وتحول هذا السياسي الداهية من صقر الى حمامة سياسية. ‘أخذ يضعف رويدا رويدا’، يقول يهودا عتصيون ‘أمسكنا به قبل ذلك وهو على حدود الضعف. إن الانكسار الذي سببته حرب يوم الغفران اصاب رجال المعراخ بالتدريج وكان ما زال من الممكن أن تستخرج منهم اشياء مثل عوفره واتفاق سبسطيا. بمصالحة هنا أو هناك، وإن توجه بيرس الى اعطائنا مخرجا أنتج بعد ذلك مشروع الاستيطان وكان يوجد بيننا مدة سنين تقدير واعتراف بالجميل إن لم يكن حباً’.
ويبين المقربون من الرئيس أن اعتبارات انشاء عوفره كانت امنية. ‘قال وما زال يقول إنه كان الحديث عن خطوة مهمة للحفاظ على قاعدة باعل حتسور العسكرية المجاورة في صورة بؤر للشباب الطلائعيين وباجراء نبع من الرغبة في اسكان يهود حول القدس′، يقولون حوله. ‘اعتقد بيرس أنه لا توجد أية مشكلة في اسكان سكان قليلين يبلغون بضعة آلاف في يهودا والسامرة على هذه الصورة. إن القفزة الكبيرة الى انشاء المستوطنات حدثت تحت حكم الليكود ولم يساعد فيها’.
لا يفسر العاملون مع الرئيس التغيير في مواقفه بالتنبه المتأخر الذي أحدثته الحرب في 1973 فقط بل باتفاق السلام مع مصر ايضا الذي أثار شهوته لاتفاقات سياسية. ‘إن عظمة الزعيم هي في قراءة الواقع′، يقول مقرب منه. ‘برغم الاشجار التي غرسها والعناق الذي بذله واجلاله للسكان في يهودا والسامرة فان آراء بيرس معروفة واضحة. إن الرئيس يُجل ويقدر جمهور المستوطنين لكنه مع ذلك لا يخفي مواقفه في الشأن السياسي’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
فقط لو أراد بيبي
بقلم:يوئيل ماركوس،عن هآرتس
هل تعرفون من هو شلومو بن بيسح هكوهن. ليس مؤكدا. فقد كان هذا الاسم العبري لستانلي فيشر حين ولد في روديسيا. ما كان بحاجة لان يدعى باسم يهودي بالذات كي يصبح رجل اقتصاد عالمي. ولكن لم يتأثر دوما رجال الغابة المالية عندنا بمشوراته وبخطواته.
فقبل ان يعتزل بنك اسرائيل، أوصى رئيس الوزراء أن يعين مكانه نائبة المحافظ كرنيت بلورغ. ولكن بيبي الذي لم يفوت فرصة لان يتزحلق على كل قشرة موز، تورط مع يعقوب فرنكل، وابقى لفترة طويلة المنصب الهام دون رأس ثابت، الى أن عين ‘بلوغ’. وعندها قال الجميع يا له من خيار رائع. لماذا أذكر هذا؟ لان ذات فيشر بعث، قبل أن يغادر البلاد، برسالة شخصية الى بيبي روى فيها ما حصل في روديسيا في الطريق الى تحولها الى زامبيا وزمبابوي. ولما كانت هذه رسالة شخصية، فاننا لن نعرف اذا قيل فيها ‘انسى حلم بلاد اسرائيل الكاملة’.
بيبي الذي لا يزال يتغذى بتعهده بتسوية سلمية بين دولتين، لا ينجح في القيام بالخطوة التاريخية. ليس واضحا مما يخاف اكثر: من غضب الادارة الامريكية، من تهديدات المقاطعة العالمية، ام من رجال بلاد اسرائيل المتزمتين والعنيفين.
ينبغي أن نذكر هنا بانه عندما تنافس بيبي على ولايته الاولى، طلب حراسا ثابتين لم يكونوا في حينه ضمن الانظمة الدارجة. ‘هو حقا يخاف خوفا جسديا’، كشف لي في حينه النقاب احد قادة المخابرات الذي اشتهر في الفيلم الوثائقي ذائع الصيت ‘حماة الحمى’. والان، عندما تكون الحكومة في مفاوضات يديرها كيري، تقع أمور غريبة.
وزير الخارجية ليبرمان الذي عاد الى الحكومة وهو مفعم بالقوة والنشاط، فاجأ مؤيديه بخطة لفظية لكبير السن المسؤول. ‘عندما يكون جدال بين وحدة البلاد ووحدة الشعب، فان الشعب أهم… أنا أرى بينيت يهرع الى الميكروفونات ولكن ليس الى المعارضة… كيري هو صديق حقيقي… لا توجد اي حكمة في جعل الاصدقاء أعداء… أن نكون لا نتفق مع كيري في كل شيء فهذا ليس سرا، ولكن لا يجب ابراز ذلك’.
وللصحافيين الذين دهشوا لرقة ليبرمان، قالت الناطقة بلسان وزارة الخارجية: ‘هذه رسالة قوية’. ليس واضحا اذا كان ليبرمان غير جلدته، بل وليس هاما. فالكلمة التي تقال من فم كبير لا تسترجع.
قبل ثمانية ايام جرت في المنطقة التي بين القدس ومعاليه ادوميم مظاهرة كبيرة، في اعقاب الخوف من اخلاء المستوطنات مقابل السلام. وشارك فيها ثلاثة وزراء وعشرين نائبا. والسؤال الذي يطرح هو ضد من تظاهروا؟
ضد أنفسهم؟ فهم وزراء الحكومة والنواب. النائب نحمان شاي قال في الغداة في البرنامج الصباحي للشبكة الثانية، انه بدلا من أن يصوتوا ضد أنفسهم، من الافضل أن يتركوا الحكومة.
سهل عليه الحديث. بيبي هو الذي يجب أن يقرر اذا كان يقبل ان يكون وزراؤه ونواب الكنيست خاصته في الداخل وفي الخارج في نفس الوقت. عندما كانت غولدا مائير رئيسة الوزراء، انتبهت الى أنه في صباح ايام الاحد كانت وسائل الاعلام تمتلىء باعلانات الوزراء عن استجوابات ستقدم الى الحكومة. وأوضحت بان سؤالا ظهر في الصحيفة لن يظهر في جلسة الحكومة. وحذرت قائلة: ‘لا تكونوا ابطالا في الخارج وجبناء في الداخل’.
يلقي بيبي بظل طويل من الضعف على نفسه اذا كان لا يقيل اوري اريئيل وامثاله او على الاقل يوضح لهم: اما انكم في الداخل أو انكم في الخارج.
بينيت، مع القبعة الصغيرة على صلعته، والذي في بداية طريقه أعطى انطباعا عن سياسي محدث، انكشف كرجل بلاد اسرائيل الكاملة الاكثر تطرفا، الذي يفضل العيش على حرابنا مما على التسوية السلمية. وباختصار قبعة دينية صغيرة ورأس صغير. هذا ليس الرجل الذي سيرفع يده في الحكومة في صالح تسوية.
لقد أجبر كيري الطرفين على وضع المبادرة الامريكية على الطاولة. في كل الاستفتاءات الشعبية نحو 60 في المئة مع حل سياسي. ليس هكذا في الحكومة، الذي يوجد في دواليبها عصي باسم بينيت، دانون، اوريئيل، ريغف وحوتوبيلي. في الوقت الذي يرق فيه محمود عباس، السؤال هو لا يزال ماذا يريد بيبي.
اذا كان يريد ويقرر، فيمكنه أن يصل الى تسوية قبل أن يفوت الاوان. أن يدخل التاريخ وان ينتخب كرئيس الدولة في نفس الوقت وان يستمتع بالحياة في الجامبو الرئاسية مع سارة حول العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘جبل صهيون’ حلمنا لكنه كابوس الفلسطينيين
بقلم:هيلل كوهين،عن معاريف
فكرة اقامة دولة يهودية في بلاد اسرائيل مهما كان التعريف الدقيق لـ ‘دولة يهودية’ سحرت لب الكثير من اليهود في الزمن الحديث.
ليس في ذلك أي عجب. فضائقة اليهود في شرق اوروبا والتي وصلت الى الاعتداءات والهجمات الدموية، مقاومة محافل وطنية ودينية في وسط اوروبا وغربها لانخراط اليهود في حياة المجتمع والاقتصاد، التفرقة التي عاناها اليهود في المغرب وفي بلدان اسلامية اخرى، محبة صهيون التي افعمت القلوب، كل هذه تراكمت لتصبح تطلعا للعديد من اليهود (وان كانوا في بداية الطريق شكلوا أقلية في اوساط عموم الشعب اليهودي) لاقامة سيادة يهودية في بلاد اسرائيل، البلاد التي قرأوا عنها في التوراة، في الانبياء وفي الكتب ولبنائها صلوا كل يوم. فالنظرة التي تركز فقط على الشعب اليهودي واحتياجاته لا يمكنها ألا تفهم هذا التطلع. إن لم تكن تبررها.
غير أن النظرة العربية الفلسطينية الى الواقع لا تتركز اليوم، ولم تتركز في الماضي على احتياجات اليهود. ومثل كل جماعة انسانية، فان عرب فلسطين ايضا نظروا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الى احتياجاتهم، الى تطلعاتهم. ومثل جماعات انسانية اخرى سألوا أنفسهم هم ايضا، مع بداية عصر القومية، ماذا ستكون آثار التحولات التاريخية العظيمة التي وقعت في ذات الوقت وبقوة أكبر في أعقاب الحرب العالمية الاولى على مصيرهم. ومثل جماعات سكانية عديدة اخرى، طالبوا هم ايضا بحق تقرير المصير.
عمليا، مطلبهم الاساس كان الا يكونوا تحت حكم اجنبي. والمطلب الناشيء عن ذلك كان ان تعترف الاسرة الدولية في أن يعترف بالبلاد فلسطين في تعبيرهم، بلاد اسرائيل في تعبيرنا (مهما كانت حدودها: من غربي نهر الاردن ام من ضفتيه، الوحدة مع سوريا حتى نهر الفرات أم دولة منفصلة) كبلاد سكانها في ذاك الوقت، اي، عرب البلاد. وردت الاسرة الدولية مطلبهم. قسم من الامم آمنت بانها بذلك تفعل عدلا تاريخيا. وبالنسبة لاخرين في الغرب، فان اقامة ‘وطن قومي’ لليهود في بلاد اسرائيل كان الحل الافضل لمشكلة يهود اوروبا، والثمن الذي كان يفترض ان يدفعه عرب فلسطين التحول الى اقلية في بلادهم، اذا ما حظيوا بالبقاء فيها اعتبر كثمن معقول.
منذ بداية الهجرات الصهيونية وحتى اليوم يواصل عرب فلسطين الادعاء: هذه بلادنا. فيها نحن نسكن بحق. ليس لنا دور في اضطهاد اليهود في اوروبا وفي بلادنا يحظى اليهود بمساواة شبه كاملة. ليس علينا أن ندفع ثمن اللاسامية الاوروبية. وبالفعل، فمنذ نهاية العصر العثماني دعا ممثلوهم في البرلمان في اسطنبول الى منع استمرار الهجرة اليهودية. وتحت الانتداب البريطاني ثار عرب فلسطين المرة تلو الاخرى ضد الحكم البريطاني الذي أتاح (جزئيا) ترسخ الحاضرة اليهودية في البلاد.
في سنوات 1947 1948 كافح عرب فلسطين ضد اقامة دولة يهودية في فلسطين، وحتى 1993 رفض ممثلوهم الرسميون الاعتراف بدولة اسرائيل. وفي كل تلك المفترقات التاريخية وقفت القوى العظمى الى جانب المطلب الصهيوني. الادعاء العربي كان ادعاء من الحق: فليس محقا ابقاء سكان البلاد تحت سيادة مهاجرين جاءوا من بعيد، حتى لو كان على لسانهم مطلب تاريخي قديم. آخرون اضافوا الى ذلك ادعاء دينيا: بنو اسرائيل فقدوا حقهم في البلاد مع الخراب الثاني، والحق فيها انتقل الى طائفة المؤمنين التي قبلت رسالة النبي محمد.
في اتفاقات اوسلو اعترفت القيادة الفلسطينية بدولة اسرائيل. ولكن من ناحية الفلسطينيين لم يكن في ذلك اعترافا بحق اليهود في اقامة سيادة على قسم من بلادهم، بل اعتراف بواقع سياسي توجد فيه الدولة. والاعلان عن الاعتراف بدولة يهودية، المطالب به منهم الان، معناه الاعتراف في أن لليهود حقاً في السيادة على البلاد، اعتراف بحق المسيرة التي حولت العرب من اغلبية في البلاد الى أقلية فيها، منح مصادقة على المسيرة التي حولت اغلبية الفلسطينيين الذين عاشوا في اراضي دولة اسرائيل الى لاجئين وتأكيد مكانة الفلسطينيين من مواطني اسرائيل كأجانب في بلادهم.
اعطاء مثل هذا الاعتراف هو اعتراف بهزيمة تاريخية وقبول الحكم بالظلم الذين هم ضحيته. يخيل لي انه من زاوية النظر الفلسطينية (كان يفضل لو ان فلسطينيا كان سيكتب أفكاره واحاسيسه، ولكني استجبت لطلب عمل ذلك) فان هذا طلب فظ، عديم الرحمة وصعب الاحتمال. محطة اخرى في حملة الاهانات التي يعيشها عرب فلسطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي (562) السبـــت 22/02/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
لا خوف على إسرائيل اليوم بعد ارتباك إيران وضعف الأسد وحزب الله وانشغال الجهاديين بسوريا
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت أحرونوت
شجرة بيرس ومستوطنة عتصيون
شيمون هو حمامة السلام هي التي غرست مستوطنة 'عوفر' وساعدت زعيم 'تنظيم تفجير قبة الصخرة'
بقلم:عكيفا نوفك،عن يديعوت أحرونوت
فقط لو أراد بيبي
بقلم:يوئيل ماركوس،عن هآرتس
‘جبل صهيون’ حلمنا لكنه كابوس الفلسطينيين
بقلم:هيلل كوهين،عن معاريف
</tbody>
لا خوف على إسرائيل اليوم بعد ارتباك إيران وضعف الأسد وحزب الله وانشغال الجهاديين بسوريا
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت أحرونوت
حينما بدأت هذا الاسبوع المحادثات بين القوى العظمى وايران وضع على طاولة القيادتين السياسية والعسكرية في اسرائيل تقدير مُحدث لـ ‘أمان’. تقول شعبة الاستخبارات إن ايران لم تتخل عن حلمها الذري. وبعبارة اخرى اذا بقي النظام الحالي في طهران على حاله ولم يحدث تغيير حاد في الجو الدولي فقد تتوصل الى قنبلة ذرية.
لكن هذا جانب واحد من جانبي قطعة النقد. إن جهات الاستخبارات في اسرائيل تعرض ايضا نصف الكأس الملآن ذلك أن ايران روحاني التي تواصل السباق الى القنبلة الذرية هي ايضا ايران التي غيرت ترتيب أولوياتها الداخلي وجعلت رفاهة المواطن في المركز. ويقولون في اسرائيل إن لهذا التحول آثارا مباشرة على قوة المحور المتطرف لايران وحزب الله وسوريا. إن حصة كبيرة من الموارد التي أُنفقت الى الآن على نشر الثورة الاسلامية ودعم نظم حكم ومنظمات متطرفة توجه الآن الى داخل ايران.
كان على روحاني كي ينجح في مسار تحويل الموارد الى الاقتصاد الايراني السيء الحال أن يمس شيئا ما بقوة حرس الثورة وكان هذا اجراءا حظي بتأييد من الزعيم الروحاني خامنئي برغم ما في ذلك من العجب. وهكذا فقدت المنظمة التي تتقدم المعركة السرية على اسرائيل باستعمال منظمات ارهابية وتهريب كثيف للسلاح، شيئا من ميزانيتها ومن قوتها ايضا. وقد نجح روحاني ايضا في الاشهر الثمانية الاخيرة في أن يزيح عددا من رجال حرس الثورة عن مناصب رئيسة رفيعة في الاقتصاد والجيش والاستخبارات والعلاقات الخارجية الايرانية. وكان من نتيجة ذلك أن أخذ يقل الدعم الاقتصادي والعسكري الذي تعطيه ايران لسوريا وحزب الله.
إن سوريا وحزب الله بحسب التصور الامني الايراني هما الخط الدفاعي الامامي في مواجهة اسرائيل. وعملهما أن يصدا ويردعا كل قصد اسرائيلي الى ضرب ايران وأن يضعفا قوة اسرائيل. لكن هذه الجبهة أخذت تضعف. وهذه بشرى خير بالنسبة لاسرائيل ولا سيما على خلفية تهديدات الجهاد العالمي والفوضى الاقليمية وعشرات آلاف الصواريخ الموجهة عليها والمشروع الذري الايراني الذي لا يُصد. وهذه ‘فرصة تاريخية’ كما عرفها رئيس ‘أمان’ اللواء افيف كوخافي في محاضرة له في معهد بحوث الامن قبل اسبوعين.
إن المحور المتطرف تؤيده دعامتان أخريان سوى الدعم الايراني أخذتا تتضعضعان هما: الاولى مكانة الرئيس الاسد، والثانية قوة حزب الله. إن الجهات الاستخبارية في اسرائيل لا تشك في أن الاسد لن يبقى في الحكم في اطار أي تسوية في سوريا. فهذا الرجل بحسب تقديرات الاستخبارات في اسرائيل فقد شرعية حكمه لشعبه.
إن صورة الوضع في ‘الدعامة السورية’ للجبهة المتطرفة هي صورة ازمة لا رجعة عنها، فقد انقسم الجيش السوري نصفين فبقي من جيش كان فيه نحو من 400 ألف جندي بعد ثلاث سنوات من الحرب الاهلية، بقي نحو من 200 ألف شخص فقط. والمعطى الأكثر حدة هو مقدار الخسائر التي أصابت الجيش السوري في هذا القتال التي بلغت 30 ألف قتيل و90 ألف جريح وهو عدد اكثر من عدد كل المصابين الذين مني بهم في مواجهاته مع اسرائيل على مر السنين. وأما الضرر المعنوي فيصعب تقديره. وما عادوا يتحدثون عن علاج منظم للمصابين في المستشفيات، وإن عشرات آلاف الجرحى من الجيش السوري يعالجون في منشآت مؤقتة ولا يوجد ما يكفي من المعدات الطبية لا للجنود ولا للمواطنين. إن الناس يموتون كالذباب وذلك قبل أن تبدأ الأوبئة التي تحذر جهات المساعدة الدولية منها. وقد تجاوز العدد الرسمي للقتلى في سوريا من المدنيين والجنود 150 ألفا. ويقترب عدد الجرحى من 400 ألف وأصبح أكثر من 4 ملايين انسان لاجئين.
برغم قصص النجاح في معارك محلية، فقد الاسد السيطرة على 75 بالمئة من مساحة سوريا. وأخذ يقل عدد الصوارخ والقذائف التي يستطيع اطلاقها. إن الروس ينقلون في كل اسبوع مقادير ضخمة من السلاح والذخائر عن طريق ميناء اللاذقية لكن هذا المدد لا يستطيع أن يجاري معدل الاطلاق.
إن الجيش السوري لا يهدد اسرائيل في الحقيقة. إن له قدرة نارية بعيدة المدى وله قدرات في مجال الدفاع الجوي في صورة البطاريات الجديدة من طراز ‘إس.إي 17′ التي باعه الروس إياها لكن عيني الاسد ما عادتا موجهتين الى اسرائيل. وقد أزال جزءا كبيرا من جيشه في هضبة الجولان وجبل الشيخ لاجل القتال في داخل المدن السورية.
إن اسرائيل بحسب وجهة النظر السورية لا تنوي أن تحارب سوريا، والذي يمكن أن يورط سوريا هو مواجهة عسكرية بين اسرائيل وحزب الله. وإن دين السوريين لحزب الله كبير فاذا اشتعلت الحدود بين لبنان واسرائيل فسيجب على الاسد أن يهب لمساعدة نصر الله. لكن الرغبة السورية في اشتعال حريق في مواجهة اسرائيل ضئيلة جدا.
صورة مرآة
يوضع على طاولات رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس هيئة الاركان مرة في كل ثلاثة اشهر تقرير استخباري سري جدا هو بمثابة ‘صورة مرآة’: ، وهذا التقرير يشرح رؤية العدو لإسرائيل، ويمكن ادخال هذا التقرير ايضا تحت عنوان ‘مقياس الردع الاسرائيلي’. ويتبين هناك أن وضعنا جيد.
تصور هذه التقارير القيادة الاسرائيلية بأنها قيادة مصممة جدا وغير متوقعة جداً في المجال الامني ، وتستطيع أن تتخذ قرارات لا تناسب فيها على استعمال النيران. وإن جيراننا في الشمال على يقين من أنه اذا نشبت ازمة مثلا بين اسرائيل وحزب الله فان الجيش الاسرائيلي سيزرع في لبنان دمارا أوسع مما كان في أي وقت مضى. وينبغي أن نفرض أن هذه التقارير فيها تناول العدو لتدريبات الجيش الاسرائيلي وتسلحه ولتصريحات ضباط كبار وقادة اسرائيليين. ولا شك في أنه يرد هناك ايضا تطرق الى نشاط الجيش الاسرائيلي الكثيف السري في الدول الجارة. وليس من الداحض أن نفرض أن العدو يحاول بمساعدة خبراء اجانب مثل الايرانيين مثلا أن يدرس هذا النشاط ويشمل ذلك التقنيات ووسائل القتال التي استعملت فيما يسمى في الصحف الاجنبية ‘هجمات غامضة’ لسلاح الجو الاسرائيلي في سوريا. إن القدرات غير المفسرة ستقلق وتهم العدو دائما. فاذا كان الانجاز المطلوب من جيش هو أن يردع العدو أولا بلا حرب فمن الصحيح الى الآن أن الجيش الاسرائيلي يفي بذلك بحسب هذه التقارير على الأقل.
ويزيد قطرة على نصف الكأس الملآن اجراء التحلل من السلاح الكيميائي في سوريا برغم تعويقات اخراجه للقضاء عليه خارج حدود الدولة. وقد نبع التعويق الى الآن من مشكلات لوجستية كالنقص في وسائل النقل الملائمة وصعوبات تأمين القوافل التي يفترض أن تنقل المواد الى ميناء اللاذقية. وحينما حُلت هذه المشكلات بدأ الاسد ينفذ حيل تأخير تسليمه لكسب الوقت لأن نظام حكمه مؤمن ما ظلوا يشغلون أنفسهم بالسلاح الكيميائي. لكنهم في اسرائيل يُقدرون أن هذه الحيل لن تستمر وقتا طويلا وذلك في الاساس لأن الروس يضغطون على الاسد. ويُنتظر الآن نقل نحو من 800 طن من مواد القتال الكيميائية. ويُقدرون في اسرائيل أنها ستُخرج الى مواقع القضاء عليها في البحر بعد شهرين أو ثلاثة.
جنازات في منتصف الليل
إن ‘الدعامة الثالثة’ للمحور المتطرف والعدو المركزي للجيش الاسرائيلي هي حزب الله. والكأس هنا ايضا غير فارغة تماما. فعلى حسب الصورة التي تصور في اسرائيل يمر حزب الله الآن بواحدة من أقسى الفترات في تاريخه. وبرغم انجازه الحالي بادخاله 8 وزراء الى الحكومة الجديدة في لبنان، أخذت مكانته في لبنان والعالم العربي تضعف. والذي يتابع موقع الشيخ القرضاوي في الشبكة، وهو أعظم الفقهاء المسلمين تأثيرا في العالم، يستطيع أن يشاهد هناك مطر الشتائم التي يمطر حزب الله بها.
لم يضعف حزب الله في الرأي العام فقط بل ضعف ايضا لأن الايرانيين أصبحوا يحولون اليه قدرا أقل من المال ومن الوسائل القتالية. واذا لم يكن ذلك كافيا فان الاوروبيين انضموا الى الامريكيين وأعلنوا أنه منظمة ارهابية وهو شيء لا يزيده قوة.
إن حزب الله متورط اليوم في جبهتين. فهو متأهب في جنوب لبنان لامكانية مواجهة عسكرية مع اسرائيل ويدير معركة في جنوب بيروت وفي البقاع اللبناني ايضا. وفي مقابل ذلك أرسل الى سوريا الى الآن بين 3 آلاف الى 5 آلاف مقاتل هم 20 بالمئة من عدد لابسي البزات العسكرية في المنظمة.
وفي كل ليلة يدفن حزب الله موتاه الذين قتلوا في الجبهة السورية. وهو يفعل ذلك في الظلام بعيدا عن عدسات التصوير كي يخفف الانتقاد في الداخل. وقد قتل بضع مئات من رجال حزب الله في السنة ونصف السنة التي شارك فيها في القتال في سوريا. ويتحدث أحد التقديرات عن 400 مقاتل هم 10 بالمئة من القوة التي أرسلتها المنظمة الى المعركة. ويحارب نصر الله لاستمرار ولاية الاسد الذي هو دعامته الرئيسة حتى وقد اصبح واضحا أن الاسد لن يبقى.
إن ما يبدو اليوم طريقا مسدودا ايضا في الساحة الفلسطينية حول مبادرة كيري لن يفضي الى انتفاضة عامة بالضرورة. فهم في قيادة المركز يؤمنون بأنه كلما كان الوضع الاقتصادي اكثر معقولية أصبح احتمال الانفجار العسكري أقل. ولهذا يوصي المستوى العسكري المختص المستوى السياسي بأن يرخي الحبل للفلسطينيين شيئا ما في مجال التنقل واعطاء رخص البناء وتطوير المناطق الصناعية وتوسيع صلاحيات ما للسلطة الفلسطينية في المنطقتين ج و ب. وأصبحت حماس في غزة الآن على الأقل أكثر اشتغالا بالصراع على حكمها من السعي الى مواجهة عسكرية مع اسرائيل. والباعث الرئيس عند الغزيين ايضا اقتصادي، فقد تركهم الايرانيون وضعف الاتراك وأصبح المصريون يرون غزة عدوا. إن غزة تستطيع أن تشتري سلعا من اسرائيل لكنها تكلف هنا اضعاف ما تكلفه في مصر. وعند قيادة الجنوب ايضا سلسلة توصيات بتسهيلات في مجال نقل السلع ومواد البناء. إن الجيش يوصي لكن المستوى السياسي هو الذي يجب أن يقرر هل ينتهز هذه الفرص التي تُمكنه من أن يكسب الهدوء.
الصلة السعودية
وفي الوقت الذي تضعف فيه الجبهة المتطرفة أخذ يقوى المحور العربي المعتدل. وفي اسرائيل يعدون اربعة مواضيع مشتركة على الأقل لنا مع المحور العربي المعتدل ولا سيما السعودية ومصر وهي: محاربة الاخوان المسلمين، ومحاربة الجهاد العالمي، وإقرار الوضع في سوريا، وزحزحة قدمي حزب الله. ويبدو أنه تجري بين اسرائيل والسعودية اتصالات وتُنقل رسائل بواسطة جهات غير رسمية. ويشترط السعوديون شرطين لتنتقل الاتصالات الى سبل أكثر رسمية الاول أن تعلن اسرائيل أنها تقبل المبادرة السعودية في 2002؛ والثاني أن يحدث تقدم ما في التفاوض مع الفلسطينيين. واذا لم يكن عند اسرائيل الكثير مما تفعله مع الفرصة الاستراتيجية التي يعرضها المحور المتطرف فلا يجوز لها أن تبقى ساكنة في مواجهة الفرصة التي يعرضها عليها المحور المعتدل. فلا شك في أن علاقات بين اسرائيل والسعودية هي مرساة استراتيجية تستحق أن تُدفع عنها أثمان سياسية في ميادين أقل احراجا مع الفلسطينيين مثلا. لكن المسافة ما زالت كبيرة بين هذه الاقوال والخواطر التي تُسمع في ديوان رئيس الوزراء ايضا وبين العمل بالفعل.
إن الجهات الاستخبارية تشير للمستوى السياسي الى التهديدات والى الفرص. فأما التهديدات فان الترويج لها أسهل فهي تصنع عناوين صحفية والجيش هو الذي يعالجها آخر الامر. وأما الفرص فلا تُصور دائما والساسة هم الذين يجب عليهم أن يعتنوا بها، فلا عجب أن تكون درجة مشاهدتها منخفضة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
شجرة بيرس ومستوطنة عتصيون
شيمون هو حمامة السلام هي التي غرست مستوطنة 'عوفر' وساعدت زعيم 'تنظيم تفجير قبة الصخرة'
بقلم:عكيفا نوفك،عن يديعوت أحرونوت
يصعب أن نتخيل رجلين جد متباعدين عقائديا بعضهما عن بعض. إن الشخص الذي يداعب كومة التراب في يمين الصورة بالاسود والابيض هو شمعون بيرس الذي كان آنذاك وزير الدفاع في حكومة رابين وأصبح بعد ذلك من رؤساء مؤيدي مصالحة على الارض، وأصبح في السنوات الاخيرة رئيسا يطلب السلام. وشريكه في غرس شجرة السرو الصغيرة هو يهودا عتصيون الذي كان في الماضي زعيم تنظيم لتفجير قبة الصخرة وعضوا في جبهة سرية شارك في التخطيط للشحنات المتفجرة التي أصابت رؤساء بلديات فلسطينيين، وأمضى اربع سنوات ونصفا في السجن وهو اليوم ايديولوجي بارز في ‘المخلصين لجبل الهيكل’. كان ذلك في عيد الشجرة في 1976. وقد جاء بيرس في ذلك اليوم لزيارة عوفره وهي المستوطنة الاولى لحركة ‘غوش ايمونيم’ بعد أقل من سنة من موافقته على انشائها. ويتذكر عتصيون هذا الاسبوع فيقول: ‘دعوناه الى زيارة وكنت مشاركا في استقباله هنا. وأعددنا له شيئا في غرفة الطعام التي كانت قد أصبحت تعمل في تلك الفترة، وكان يوجد اجتماع ما في غرفة السكرتاريا وخطط آخر الامر لغرس الشجرة التي غطاها الاعلام. في تلك الايام كان يوجد هنا تجميع لغراس أعددناها للغرس وحفظنا له غرسة سرو صغيرة’.
وأُخذ وزير الدفاع آنذاك والرئيس الآن بعد التكريم الى قطعة ارض بالقرب من الدرج الذي أفضى الى البيت الذي تسكنه عائلتان للحاخام يوئيل بن نون وهو من حاخامي التيار المعتدل في الصهيونية المتدينة، وأوري اليتسور الذي أصبح بعد ذلك صحفيا ورئيسا لديوان رئيس وزراء بنيامين نتنياهو.
‘وافق بيرس على التعاون. لكنه برغم ماضيه الزراعي لم يغرس الغرسة في داخل الحفرة بالضبط ولم يثبتها كما يجب بالضبط’، يشهد عتصيون. ‘وأتذكر أنني قلت له: يا شمعون ثبت، ثبت. وهو داعب التراب فقط، فاضطررت الى أن أثبتها له. يمكن أن يُقال إنني كنت مبعوثا مخلصا له’.
هل كانت خطط تفجير قبة الصخرة في ذهنك وقت الغرس؟
‘يصعب علي أن أحدد بنفسي. إن جبل الهيكل يصاحبني في ذهني منذ كانت حرب الايام الستة، لكن التنظيم الذي يسمى ‘الجبهة السرية اليهودية’ لم يكن موجودا آنذاك’.
وتم الحديث بعد ذلك في عوفره بأن عتصيون استعمل كلمات ‘ثبت جيدا، ثبت جيدا’ المأخوذة من عمل الكاهن الأكبر، وهو في الحقيقة ينكر ذلك لكن الامر قد دخل في أرشيف عوفره التأسيسي مع الصورة، ومهما يكن الامر فان مراسم الغرس على مرآى من عشرات الاشخاص من غوش ايمونيم بين البيوت القليلة كان ذروة الرومانسية بين بيرس ورجال ارض اسرائيل الكاملة. في تلك الايام أيد الرئيس بحماسة انشاء المستوطنة الاولى في السامرة، وكانت السروة الصغيرة تعبيرا فقط عن موافقته الصامتة مع أوائل المستوطنين والتشجيع الذي غمرهم به بعد ذلك.
وهم اليوم عالمون جيدا باهمية الشجرة الرمزية في عوفره وفي مكتب بيرس ايضا ويتصرفون بحسب ذلك. ففي بيت الرئيس بينوا لنا هذا الاسبوع أن ‘الواقع تغير’ و ‘أن الحمار فقط لا يغير رأيه’. وأما في عوفره فانهم يرعون السروة في حب كبير. فالضيوف يأتون ليتأثروا بها وتُروى القصص عن الغرس، بل نصبت في سنة 2000 بالقرب منها لافتة مؤثرة تعلن أن هذه هي ‘شجرة رئيس الوزراء’، ولا يهم أن بيرس كان في وقت الغرس وزير الدفاع.
لم نكذب بالضبط
ترتفع ‘شجرة رئيس الوزراء’ الآن الى ارتفاع ثلاثة طوابق أو اربعة، وقد بني بالقرب منها منتدى عوفره الذي يدرس فيه نحو من ألف بنت من المنطقة كلها. إن قمة الشجرة تلقي بظلها على مدرسة داخلية كبيرة وبني الى الجنوب منها غرفة طعام ضخمة تستعمل قاعة أفراح ايضا. ويحرص مدير صيانة المدرسة الداخلية هيلل تييري على تقليم اغصانها والعناية بها كما تستحق هدية خلفتها شخصية رفيعة المستوى.
والمستوطنة التي غرست فيها الشجرة مدينة بميلادها لشمعون بيرس، كالشجرة ايضا. فقد أعطى وزير الدفاع آنذاك رخصة نادرة لانشاء عوفره وأطلق بيديه كما يرى كثيرون طلقة البدء لعملية استيطان استمرت الى اليوم. ويقول عتصيون: ‘إن بيرس هو أبو عوفره من جوانب كثيرة؛ بافعاله وباخفاقاته الايجابية. إن عوفره كلها قامت على البحث عن نافذة أو فقاعة في نضال الاستيطان. وكان الواقع أنه لم توجد مستوطنات في ظهر الجبل وما أُنشيء أزيل فورا فأعطى بيرس الموافقة الاولى’.
إن عتصيون وهو في الثانية والستين من عمره يسكن في أهم شارع في عوفره، وهو التاسع من أيار المسمى باسم تاريخ انشائها. في ذلك اليوم في 20 نيسان 1975 نزلت مجموعة نشطاء من قاعدة الجيش الاسرائيلي في جبل باعل حتسور نحو القدس. وكانت ‘قوة يهودا عتصيون’ عددها 15 شخصا والتقت بـ 15 عضوا من ‘قوة بنحاس فالرشتاين’ عند أبواب المعسكر الاردني المهجور ‘معسكر عين يبرود’. وفي مقابل ذلك دخل قاعدة الكرياه حنان بورات الذي كان آنذاك فاعلا ميدانيا نشيطا وطلب أن يرى وزير الدفاع فورا، وقال له الآن بالضبط يدخل رفاق الى قاعدة عسكرية خالية بالقرب من باعل حتسور، فيحسن في هذه المرة ألا يبعدوهم وإلا فان طنجرة الضغط هذه ستنفجر.
جاء بورات مع تكتيك واضح، فقد قال لبيرس إنه لا حاجة الى أن يسمى ما حدث انشاء مستوطنة. وبين له أن هذا معسكر عمال فيه عمال فدعهم ينامون.
‘كان الامر كله يقوم على أن ينجح حنان في ‘طبخ’ بيرس والحصول على موافقة منه’، يتذكر عتصيون. ‘كان يفترض أن يجعل بيرس يعاملنا في هذه المرة بخلاف معاملته لبذور اخرى كنسها الجيش من الارض. وكان لحنان بطاقة مفتوحة في كل مكتب، فأنا لا أتذكر مرة أراد فيها أن يلقى بيرس ولم ينجح في ذلك. لكن بيرس حتى ذلك الحين كان يقول له دائما لا، وبين له قائلا: عندنا خطط استيطان منظمة فلا تشوشوا علينا’.
وفي ذلك اليوم تردد بيرس لأنه يبدو أنه أدرك أن الموافقة على المبيت قد تطول عشرات السنين كما حدث في الحقيقة. لكنه أعطى الموافقة لسبب ما ربما بسبب السحر الشخصي لبورات وربما لرغبته في أن يخز شيئا ما خصمه السياسي اسحق رابين. ويروي شيوخ عوفره أن الحاكم العسكري موشيه فلدمان تلقى أمرا يقول: ‘لا تساعد ولا تعيق’، ولم يكن المستوطنون محتاجين الى أكثر من ذلك. وهكذا ولدت في واقع الامر المستوطنات في ظهر الجبل. ‘ومنذ ذلك الوقت فما بعد اعتدنا أن نقول إن بيرس معنا’، يقول عتصيون في فخر. ‘لا يعني ذلك بالضبط أننا كذبنا عليه فقد تركنا في الحقيقة مدة سنوات على الباب لافتة ‘معسكر عمال عوفره’ ‘، يقول ويغمز في سعادة وكأن ذلك حدث أمس.
ويقول بنحاس فالرشتاين الذي أصبح بعد ذلك واحدا من قادة المستوطنين إنه لم يتضح له الى الآن ما الذي جعل بيرس يرد على الغمزة بغمزة. ‘لا أعلم الى الآن هل وافق على عوفره لأنه أحب المستوطنة أو ليضرب رابين’، يكشف. ‘لكن كانت لنا قناة اتصال واضحة به وأردت الوصول الى رابين بعد شهر من مجيئنا الى الارض. قال لي رئيس ديوان رئيس الوزراء ايلي مزراحي: ‘إسمع، أنتم طفل بيرس. فاذا كنتم تعتقدون أنه فعل ذلك لاجلكم فأنتم مخطئون. إنه فعل ذلك كي يضر برابين ولا تدخل هذا المبنى بعد الآن’.
نعم في بروكلن ولا في السامرة
إن قصة الحب بين بيرس والمستوطنين استمرت ايضا حينما تأسست عوفره. بعد وقت قصير من انشاء المستوطنة جاء الى هناك عضو كنيست شاب اسمه يوسي سريد مصحوبا بثلة من المصورين وطلب اخلاءها فورا. ورد عليه بيرس بنقاش خاص في الكنيست: ‘لن أحجم لحظة واحدة حينما توجد الوسائل لذلك أو حينما ينشأ امكان إتيان الحكومة في وضح النهار وبلا نفاق باقتراح لانشاء نقطة ثابتة هناك’.
ولم ينس وزير الدفاع أن يخز رئيس الوزراء من فوق منصة الكنيست وبين أنه شاور ‘من اعتقدت أن علي مشاورته’ وحصل على موافقة ‘من يجب الحصول عليها منه’. وليس واضحا الى اليوم من الذي قصده، ولم يكشف للمقربين منه في هذا الاسبوع ايضا من الذي وافق على ذلك إن وجد أصلا. ونقول بالمناسبة انه في ذلك النقاش في الكنيست احتج عضو الكنيست اهود اولمرت على أنه لم يُرتب حتى ذلك الحين تزويد سكان عوفره بالكهرباء والماء وحظي بتأييد صديقه ايتان لفني، والد مجرية التفاوض مع الفلسطينيين اليوم.
وواصل بيرس العلاقة الغرامية حينما سمى أناس ‘غوش ايمونيم’ ‘فخر الاستيطان الاسرائيلي’، وتساءل في نقاش حكومي في بداية 1976: ‘لماذا يجوز لليهود أن يسكنوا في بروكلن وتورنتو ولا يجوز لهم أن يسكنوا في السامرة؟’. وعلى إثر تصريحاته واعماله عرفه امنون روبنشتاين بعد ذلك بأنه ‘عراب ومرضعة ‘غوش ايمونيم’، وهو أحد ممثلي الدعم العلماني لهذا الجسم’.
منذ ذلك الحين تزحزحت مواقف بيرس وهناك من يزعمون أن الشجرة تزحزحت ايضا. في نهاية 2012 اجاء ليقابل الرئيس السير ديفيد فروست وهو أديب ورجل اعلام بريطاني، وطلب فريق تصويره زيارة عوفره لتصوير شجرة السرو. وفي الاستعداد للزيارة أجرت مديرة ارشيف المستوطنة، حمدات شني، تحقيقا عميقا كشف عن تفصيل محرج شيئا ما وهو أن الشجرة التي غرسها بيرس يبدو أنها أُخرجت من التراب بعد سنوات معدودات حينما قررت المدرسة الداخلية المجاورة أن تبني مدارس داخلية جديدة. ‘اقتلعت منذ زمن، ويبدو أن ذلك كان حينما لم أكن هنا’، زعم عتصيون هذا الاسبوع مشيرا الى فترة سجنه. وهذا ما زعمته ايضا معلمة الطبيعة القديمة ميخال كهانا التي التقينا معها هذا الاسبوع في ظل ‘شجرة رئيس الوزراء’.
لكن توجد رواية اخرى ايضا: فالباحث المحلي زئيف جابو ايرلخ الذي يسكن بالقرب من شجرة السرو أصر هذا الاسبوع بحماسة على أن الشجرة هي شجرة بيرس. وقال في شهادته: ‘في السنة الـ 18 لعوفره فحصت عن ذلك الموضوع فتبين أنها هي الشجرة بحسب الصور وبحسب المنطقة حولها. إسمع، يوجد بالقرب من الشجرة الاصلية درج كان يصعد الى مبنى كان هناك في منطقة بيت التسور بن نون. ونجحت بحسب الدرج في أن أحسب المكان وأنصب اللافتة’.
ومهما يكن الامر فانهم في الاحتفال على مرور 10 سنوات على نشوء عوفره دعا أهالي المستوطنة بيرس الذي كان رئيس الوزراء واهتموا بأن يغرس شجرة زيتون في مكان آمن في داخل المدرسة. وقد أصبح من الصعب اليوم تخيل هذا الوضع، فمنذ كان الغرس جرى ماء كثير بين بيرس والمستوطنين أو تسونامي ايديولوجي في الحقيقة، وتحول هذا السياسي الداهية من صقر الى حمامة سياسية. ‘أخذ يضعف رويدا رويدا’، يقول يهودا عتصيون ‘أمسكنا به قبل ذلك وهو على حدود الضعف. إن الانكسار الذي سببته حرب يوم الغفران اصاب رجال المعراخ بالتدريج وكان ما زال من الممكن أن تستخرج منهم اشياء مثل عوفره واتفاق سبسطيا. بمصالحة هنا أو هناك، وإن توجه بيرس الى اعطائنا مخرجا أنتج بعد ذلك مشروع الاستيطان وكان يوجد بيننا مدة سنين تقدير واعتراف بالجميل إن لم يكن حباً’.
ويبين المقربون من الرئيس أن اعتبارات انشاء عوفره كانت امنية. ‘قال وما زال يقول إنه كان الحديث عن خطوة مهمة للحفاظ على قاعدة باعل حتسور العسكرية المجاورة في صورة بؤر للشباب الطلائعيين وباجراء نبع من الرغبة في اسكان يهود حول القدس′، يقولون حوله. ‘اعتقد بيرس أنه لا توجد أية مشكلة في اسكان سكان قليلين يبلغون بضعة آلاف في يهودا والسامرة على هذه الصورة. إن القفزة الكبيرة الى انشاء المستوطنات حدثت تحت حكم الليكود ولم يساعد فيها’.
لا يفسر العاملون مع الرئيس التغيير في مواقفه بالتنبه المتأخر الذي أحدثته الحرب في 1973 فقط بل باتفاق السلام مع مصر ايضا الذي أثار شهوته لاتفاقات سياسية. ‘إن عظمة الزعيم هي في قراءة الواقع′، يقول مقرب منه. ‘برغم الاشجار التي غرسها والعناق الذي بذله واجلاله للسكان في يهودا والسامرة فان آراء بيرس معروفة واضحة. إن الرئيس يُجل ويقدر جمهور المستوطنين لكنه مع ذلك لا يخفي مواقفه في الشأن السياسي’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
فقط لو أراد بيبي
بقلم:يوئيل ماركوس،عن هآرتس
هل تعرفون من هو شلومو بن بيسح هكوهن. ليس مؤكدا. فقد كان هذا الاسم العبري لستانلي فيشر حين ولد في روديسيا. ما كان بحاجة لان يدعى باسم يهودي بالذات كي يصبح رجل اقتصاد عالمي. ولكن لم يتأثر دوما رجال الغابة المالية عندنا بمشوراته وبخطواته.
فقبل ان يعتزل بنك اسرائيل، أوصى رئيس الوزراء أن يعين مكانه نائبة المحافظ كرنيت بلورغ. ولكن بيبي الذي لم يفوت فرصة لان يتزحلق على كل قشرة موز، تورط مع يعقوب فرنكل، وابقى لفترة طويلة المنصب الهام دون رأس ثابت، الى أن عين ‘بلوغ’. وعندها قال الجميع يا له من خيار رائع. لماذا أذكر هذا؟ لان ذات فيشر بعث، قبل أن يغادر البلاد، برسالة شخصية الى بيبي روى فيها ما حصل في روديسيا في الطريق الى تحولها الى زامبيا وزمبابوي. ولما كانت هذه رسالة شخصية، فاننا لن نعرف اذا قيل فيها ‘انسى حلم بلاد اسرائيل الكاملة’.
بيبي الذي لا يزال يتغذى بتعهده بتسوية سلمية بين دولتين، لا ينجح في القيام بالخطوة التاريخية. ليس واضحا مما يخاف اكثر: من غضب الادارة الامريكية، من تهديدات المقاطعة العالمية، ام من رجال بلاد اسرائيل المتزمتين والعنيفين.
ينبغي أن نذكر هنا بانه عندما تنافس بيبي على ولايته الاولى، طلب حراسا ثابتين لم يكونوا في حينه ضمن الانظمة الدارجة. ‘هو حقا يخاف خوفا جسديا’، كشف لي في حينه النقاب احد قادة المخابرات الذي اشتهر في الفيلم الوثائقي ذائع الصيت ‘حماة الحمى’. والان، عندما تكون الحكومة في مفاوضات يديرها كيري، تقع أمور غريبة.
وزير الخارجية ليبرمان الذي عاد الى الحكومة وهو مفعم بالقوة والنشاط، فاجأ مؤيديه بخطة لفظية لكبير السن المسؤول. ‘عندما يكون جدال بين وحدة البلاد ووحدة الشعب، فان الشعب أهم… أنا أرى بينيت يهرع الى الميكروفونات ولكن ليس الى المعارضة… كيري هو صديق حقيقي… لا توجد اي حكمة في جعل الاصدقاء أعداء… أن نكون لا نتفق مع كيري في كل شيء فهذا ليس سرا، ولكن لا يجب ابراز ذلك’.
وللصحافيين الذين دهشوا لرقة ليبرمان، قالت الناطقة بلسان وزارة الخارجية: ‘هذه رسالة قوية’. ليس واضحا اذا كان ليبرمان غير جلدته، بل وليس هاما. فالكلمة التي تقال من فم كبير لا تسترجع.
قبل ثمانية ايام جرت في المنطقة التي بين القدس ومعاليه ادوميم مظاهرة كبيرة، في اعقاب الخوف من اخلاء المستوطنات مقابل السلام. وشارك فيها ثلاثة وزراء وعشرين نائبا. والسؤال الذي يطرح هو ضد من تظاهروا؟
ضد أنفسهم؟ فهم وزراء الحكومة والنواب. النائب نحمان شاي قال في الغداة في البرنامج الصباحي للشبكة الثانية، انه بدلا من أن يصوتوا ضد أنفسهم، من الافضل أن يتركوا الحكومة.
سهل عليه الحديث. بيبي هو الذي يجب أن يقرر اذا كان يقبل ان يكون وزراؤه ونواب الكنيست خاصته في الداخل وفي الخارج في نفس الوقت. عندما كانت غولدا مائير رئيسة الوزراء، انتبهت الى أنه في صباح ايام الاحد كانت وسائل الاعلام تمتلىء باعلانات الوزراء عن استجوابات ستقدم الى الحكومة. وأوضحت بان سؤالا ظهر في الصحيفة لن يظهر في جلسة الحكومة. وحذرت قائلة: ‘لا تكونوا ابطالا في الخارج وجبناء في الداخل’.
يلقي بيبي بظل طويل من الضعف على نفسه اذا كان لا يقيل اوري اريئيل وامثاله او على الاقل يوضح لهم: اما انكم في الداخل أو انكم في الخارج.
بينيت، مع القبعة الصغيرة على صلعته، والذي في بداية طريقه أعطى انطباعا عن سياسي محدث، انكشف كرجل بلاد اسرائيل الكاملة الاكثر تطرفا، الذي يفضل العيش على حرابنا مما على التسوية السلمية. وباختصار قبعة دينية صغيرة ورأس صغير. هذا ليس الرجل الذي سيرفع يده في الحكومة في صالح تسوية.
لقد أجبر كيري الطرفين على وضع المبادرة الامريكية على الطاولة. في كل الاستفتاءات الشعبية نحو 60 في المئة مع حل سياسي. ليس هكذا في الحكومة، الذي يوجد في دواليبها عصي باسم بينيت، دانون، اوريئيل، ريغف وحوتوبيلي. في الوقت الذي يرق فيه محمود عباس، السؤال هو لا يزال ماذا يريد بيبي.
اذا كان يريد ويقرر، فيمكنه أن يصل الى تسوية قبل أن يفوت الاوان. أن يدخل التاريخ وان ينتخب كرئيس الدولة في نفس الوقت وان يستمتع بالحياة في الجامبو الرئاسية مع سارة حول العالم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
‘جبل صهيون’ حلمنا لكنه كابوس الفلسطينيين
بقلم:هيلل كوهين،عن معاريف
فكرة اقامة دولة يهودية في بلاد اسرائيل مهما كان التعريف الدقيق لـ ‘دولة يهودية’ سحرت لب الكثير من اليهود في الزمن الحديث.
ليس في ذلك أي عجب. فضائقة اليهود في شرق اوروبا والتي وصلت الى الاعتداءات والهجمات الدموية، مقاومة محافل وطنية ودينية في وسط اوروبا وغربها لانخراط اليهود في حياة المجتمع والاقتصاد، التفرقة التي عاناها اليهود في المغرب وفي بلدان اسلامية اخرى، محبة صهيون التي افعمت القلوب، كل هذه تراكمت لتصبح تطلعا للعديد من اليهود (وان كانوا في بداية الطريق شكلوا أقلية في اوساط عموم الشعب اليهودي) لاقامة سيادة يهودية في بلاد اسرائيل، البلاد التي قرأوا عنها في التوراة، في الانبياء وفي الكتب ولبنائها صلوا كل يوم. فالنظرة التي تركز فقط على الشعب اليهودي واحتياجاته لا يمكنها ألا تفهم هذا التطلع. إن لم تكن تبررها.
غير أن النظرة العربية الفلسطينية الى الواقع لا تتركز اليوم، ولم تتركز في الماضي على احتياجات اليهود. ومثل كل جماعة انسانية، فان عرب فلسطين ايضا نظروا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الى احتياجاتهم، الى تطلعاتهم. ومثل جماعات انسانية اخرى سألوا أنفسهم هم ايضا، مع بداية عصر القومية، ماذا ستكون آثار التحولات التاريخية العظيمة التي وقعت في ذات الوقت وبقوة أكبر في أعقاب الحرب العالمية الاولى على مصيرهم. ومثل جماعات سكانية عديدة اخرى، طالبوا هم ايضا بحق تقرير المصير.
عمليا، مطلبهم الاساس كان الا يكونوا تحت حكم اجنبي. والمطلب الناشيء عن ذلك كان ان تعترف الاسرة الدولية في أن يعترف بالبلاد فلسطين في تعبيرهم، بلاد اسرائيل في تعبيرنا (مهما كانت حدودها: من غربي نهر الاردن ام من ضفتيه، الوحدة مع سوريا حتى نهر الفرات أم دولة منفصلة) كبلاد سكانها في ذاك الوقت، اي، عرب البلاد. وردت الاسرة الدولية مطلبهم. قسم من الامم آمنت بانها بذلك تفعل عدلا تاريخيا. وبالنسبة لاخرين في الغرب، فان اقامة ‘وطن قومي’ لليهود في بلاد اسرائيل كان الحل الافضل لمشكلة يهود اوروبا، والثمن الذي كان يفترض ان يدفعه عرب فلسطين التحول الى اقلية في بلادهم، اذا ما حظيوا بالبقاء فيها اعتبر كثمن معقول.
منذ بداية الهجرات الصهيونية وحتى اليوم يواصل عرب فلسطين الادعاء: هذه بلادنا. فيها نحن نسكن بحق. ليس لنا دور في اضطهاد اليهود في اوروبا وفي بلادنا يحظى اليهود بمساواة شبه كاملة. ليس علينا أن ندفع ثمن اللاسامية الاوروبية. وبالفعل، فمنذ نهاية العصر العثماني دعا ممثلوهم في البرلمان في اسطنبول الى منع استمرار الهجرة اليهودية. وتحت الانتداب البريطاني ثار عرب فلسطين المرة تلو الاخرى ضد الحكم البريطاني الذي أتاح (جزئيا) ترسخ الحاضرة اليهودية في البلاد.
في سنوات 1947 1948 كافح عرب فلسطين ضد اقامة دولة يهودية في فلسطين، وحتى 1993 رفض ممثلوهم الرسميون الاعتراف بدولة اسرائيل. وفي كل تلك المفترقات التاريخية وقفت القوى العظمى الى جانب المطلب الصهيوني. الادعاء العربي كان ادعاء من الحق: فليس محقا ابقاء سكان البلاد تحت سيادة مهاجرين جاءوا من بعيد، حتى لو كان على لسانهم مطلب تاريخي قديم. آخرون اضافوا الى ذلك ادعاء دينيا: بنو اسرائيل فقدوا حقهم في البلاد مع الخراب الثاني، والحق فيها انتقل الى طائفة المؤمنين التي قبلت رسالة النبي محمد.
في اتفاقات اوسلو اعترفت القيادة الفلسطينية بدولة اسرائيل. ولكن من ناحية الفلسطينيين لم يكن في ذلك اعترافا بحق اليهود في اقامة سيادة على قسم من بلادهم، بل اعتراف بواقع سياسي توجد فيه الدولة. والاعلان عن الاعتراف بدولة يهودية، المطالب به منهم الان، معناه الاعتراف في أن لليهود حقاً في السيادة على البلاد، اعتراف بحق المسيرة التي حولت العرب من اغلبية في البلاد الى أقلية فيها، منح مصادقة على المسيرة التي حولت اغلبية الفلسطينيين الذين عاشوا في اراضي دولة اسرائيل الى لاجئين وتأكيد مكانة الفلسطينيين من مواطني اسرائيل كأجانب في بلادهم.
اعطاء مثل هذا الاعتراف هو اعتراف بهزيمة تاريخية وقبول الحكم بالظلم الذين هم ضحيته. يخيل لي انه من زاوية النظر الفلسطينية (كان يفضل لو ان فلسطينيا كان سيكتب أفكاره واحاسيسه، ولكني استجبت لطلب عمل ذلك) فان هذا طلب فظ، عديم الرحمة وصعب الاحتمال. محطة اخرى في حملة الاهانات التي يعيشها عرب فلسطين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ