Haneen
2014-03-18, 11:27 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (563) الاثنيـــن 24/02/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
دعوا الإيديولوجيا جانباً في المفاوضات
بقلم:بيتر باينرت،عن هآرتس
رئيس وزراء دُمية
بقلم:أمير أورن،عن هآرتس
الأب في رام الله والأم في يافا
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
الاحتلال يتنافى مع الديمقراطية
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
الكرة في ملعب بوتين
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
عاد الروس الى سوريا
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
</tbody>
دعوا الإيديولوجيا جانباً في المفاوضات
بقلم:بيتر باينرت،عن هآرتس
اليهودي الذي ينتقد السياسة الاسرائيلية في الضفة الغربية سيتهم المرة تلو الاخرى بالسذاجة من يهود آخرين. ‘أنت لا تفهم’، يقولون له صبح مساء. ‘فالفلسطينيون لا يعارضون المستوطنات فقط، فهم ببساطة غير معنيين بدولة يهودية بأي حدود كانت’.
حبذا لو كان هؤلاء المنتقدون على خطأ. ولكنهم غير مخطئين. فعلى اي حال، يرى الفلسطينيون في المستوطنات تعبيرا بارزا عن القمع الصهيوني، ولكن كل فلسطيني اعرفه يرى في الصهيونية السياسية نفسها مجرد فكرة الدولة التي تسمح بتمثيل خاص لليهود ايديولوجيا عنصرية تقوم على أساس التطهير العرقي. من هذه الناحية، عندما يدعي الصقور اليهود بان الفلسطينيين لا يعارضون فقط السيطرة الاسرائيلية على الخليل بل وايضا السيطرة الاسرائيلية على تل أبيب، فانهم محقون تماما.
فلماذا، إذن، مواصلة الانتقاد للمستوطنات؟ لانه يوجد فارق بين ما يؤمن الناس به في قلوبهم وبين ما يبدون الاستعداد لقبوله لحظة الحقيقة. والامر صحيح بالتأكيد بالنسبة لليهود. فها هي تسيبي لفني مثلا؛ فقد تربت في احضان اسرائيل الكبرى ـ دولة يهودية تسيطر على كل الضفة الغربية (وربما ايضا على الضفة الشرقية من الاردن). ‘يمكن ان نلتقط ذلك من الحماسة التي كانت تنشد بها أناشيد بيتار اليوم ايضا’، اشار صديق العائلة قبل بضع سنوات، ‘الى اي درجة كانت محبة اسرائيل الكبرى مغروسة فيها’.
وعلى الرغم من ذلك، فان لفني مستعدة لان تهجر طواعية الحلم الذي لا يزال يفعم قلبها لانها تعتقد بانه في الواقع سيكون السعي الى تحقيقه مصدر معاناة وألم لابناء شعبها.
ذات الشيء صحيح ايضا بالنسبة للفلسطينيين. فأمر واحد أن تؤمن من ناحية اخلاقية بان اسرائيل بصفتها هذه ليست شرعية، وليس مهما ما هي حدودها. وأمر آخر تماما هو مواصلة القتال حتى خرابها باي حدود كانت، في الوقت الذي سيفرض هذا الكفاح على ابنائك حياة بؤس بلا دولة.
السؤال الحرج ليس اذا كان الفلسطينيون يريدون وجود اسرائيل. فهم بالفعل لا يريدون وجودها بشكل جارف. السؤال هو اذا كان الفلسطنيون يعتقدون بانهم اذا ما ابتلعوا القرص المرير وقبلوا وجود اسرائيل، سيحصلون بالمقابل على دولة خاصة بهم. ولهذا فان المستوطنات ثانوية بالفعل.
وذلك لانها عندما تسلب الاراضي التي سيقيم عليها الفلسطينيون دولتهم فانها تقنع الفلسطينيين بان قبول وجود اسرائيل في حدود 1967 لا يساعدهم في شيء. فالمستوطنات تعزز حماس وغيرها من الجماعات المتطرفة، التي تدعي بان لا معنى لقبول وجود اسرائيل لان ليس في التنازل عن احلام الفلسطينيين ما يحسن واقع الفلسطينيين. على اليهود أن يفهموا هذا التعليل لانه ذات التعليل الذي يطرحه نفتالي بينيت تجاه تسيبي لفني: لماذا التنازل عن حلمنا بالسيطرة المطلقة على البلاد، في الوقت الذي ليس في هذا التنازل ما يؤدي بالطرف الاخر الى قبول سيادتنا في اي قسم منها؟
ليت الصقور اليهود اليوم كأبيهم الثقافي، زئيف جابوتنسكي، مؤسس الصهيونية الاصلاحية. فجابوتنسكي لم يتوقع أن يقبل الفلسطينيون بالترحاب دولة يهودية. وكتب يقول ان ‘كل سكان أصيليين يرون في اراضيهم وطنهم القومي، يؤمنون بانهم اسيادها الوحيدون ويريدون الحفاظ على هذه السيادة الى الابد’. وادعى جابوتنسكي بان التحدي الصهيوني ليس في اقناع الفلسطينيين بحق الصهيونية الامر الذي ما كان اليهود أنفسهم يوافقون عليه لو كان الوضع معاكسا. الهدف هو اقناع الفلسطينيين بانه لا يمكن الحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني بقوة الذراع.
بعد أكثر من ستين سنة من قيام دولة اسرائيل، تحقق هذا الهدف بشكل ذي مغزى. فاسرائيل أقوى بكثير من ناحية اقتصادية وعسكرية من خصومها الفلسطينيين، العرب والمسلمين. ومنظمة التحرير الفلسطينية، بعد صراع امتد عشرات السنين كان هدفه تصفية اسرائيل، اعترفت رسميا بحق الوجود لاسرائيل في اتفاقات اوسلو في 1993. ورغم كل اخطاء وجرائم م.ت.ف في العقدين اللذين مرا منذئذ، لم تتراجع عن هذا الاعتراف. وبالفعل، يعترف الرئيس الفلسطيني محمود عباس بهذا الحق بشكل أضح مما فعل ذلك ياسر عرفات. وقد اقترحت الجامعة العربية كلها ثلاث مرات في 2002، 2007 وفي 2013 الاعتراف بوجود اسرائيل، اذا ما عادت اسرائيل الى خطوط 67 ووافقت على حل ‘عادل ومتفق عليه’ لوضع اللاجئين الفلسطينيين الصعب. وحسب استطلاع أجراه خليل الشقاقي، الاحصائي الشهير وذو السمعة، فان معظم الفلسطينيين يؤيدون حل الدولتين.
لم تغير اسرائيل حلم الفلسطينيين، ولكنها غيرت ما يراه الكثير من الفلسطينيين مخرجا ممكنا. الخطر الاكبر اليوم هو ان تكون سياسة الاستيطان الاسرائيلية دمرت هذا الانجاز. فمن خلال السياسة الاقليمية ذات الحد الاقصى في الضفة الغربية، تشجع اسرائيل عمليا الفلسطينيين بان يطالبوا لانفسهم بسياسة اقليمية ذات حد اقصى خاصة بهم.
بقدر ما يعترف بعمق المقاومة الفلسطينية للصهيونية، هكذا يعترف بان تقسيم بلاد اسرائيل الانتدابية الى 22 في المئة و 78 في المئة بين دولة يهودية وفلسطينية كان انجازا صهيونيا يثير الانفعال وهزيمة فلسطينية تاريخية. هذه هزيمة يبدي بعض الفلسطينيين الاستعداد لابتلاعها كي يوفروا على ابنائهم اهانة ان يكبروا تحت قانون عسكري، بلا جوازات سفر، بلا حق انتخاب وبسيطرة جيش أجنبي. من هو صهيوني ويرفض هذه الصفقة، لا بد يعتقد بان في اللحظة التي يمنع فيها عن الفلسطينيين دولة خاصة بهم، قادرة على أن تقف على قدميها، فانهم سيتبنون رفض حقوق المواطن خاصتهم او يفقدوا رغبتهم في الكفاح في سبيها. وهذه حقا سذاجة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
رئيس وزراء دُمية
بقلم:أمير أورن،عن هآرتس
كان اريئيل شارون الذي كان سيحتفل هذا الاسبوع بيوم ميلاده السادس والثمانين، سيأسف على التحقيق لو كان موجودا لسماعه أن موته اقتطع مصدر دخل مهما لعائلته، لكن ربما كان يسليه شيئا ما أن يعلم أنه يقدم الآن مصدر عيش ليهود آخرين، فهناك مبادر ناشط في تل ابيب ينظم ‘جولات في مسار حياة اريك شارون، كفار ميلل مزرعة شكميم جفعات هكلنيوت (تل شقائق النعمان)’. لكن هذا في الحقيقة ضئيل جدا لأنه أين قبية والمتلة وصبرا وشاتيلا وجبل الهيكل والجزيرة اليونانية وغوش قطيف لكن هذا ما يمكن الحصول عليه في يوم واحد، حافلة و180 شيكل.
ينتظر شارون شكسبير أو مقلدا ذا خبرة على الأقل لـ ‘هنري الخامس′ و’ريتشارد الثالث’ وسائر المتوجين. إن حياة شارون تتوق الى مسرحية تتناول نشوءه في بلاطي ملكين هما دافيد بن غوريون ومناحيم بيغن. إن هذين العدوين اللذين تغذيا على كراهيتهما المتبادلة وعلى خصومتهما آخر الامر لورثة بن غوريون لن يكونا متشابهين في كل شيء، فقد كان الاول صارما وكان الثاني ليّنا لكنهما تقاسما خصائص كاجلاء النفس في فترات الجدب، والمرض في اوقات الازمة واعتزال الحكم خروجا من الضغوط.
نشأ شارون في رعايتهما واحدا بعد الآخر قافزا من راع الى راع يحمي نفسه من منافسيه بين الدوقات والبارونات، الى أن أصبح بعد ذلك ملكا هو نفسه. إن الدسائس والاكاذيب والتحذيرات وكم كانت مأساوية معرفة بيغن أن تعيينه وزيرا للدفاع خطير وعجزه عن الامتناع عن ذلك وأن يمنع ما جعله يعتزل في أسى ثماني سنوات سجن فيها نفسه في بيته في شارع تسيمح، وحينها، حينما ضعفت قوته أصبح شارون رئيس وزراء. إن الذي جمع الفتات (‘وزارة البنى التحتية’) عن مائدة بنيامين نتنياهو وتوسل الى اهود باراك عبثا كي يتفضل بضمه الى حكومته حقق فجأة نبوءة ‘اريك ملك اسرائيل’، وعرض على باراك أن يتولى منصبا في حكومته ووافق على أن يخدم نتنياهو تحت إمرته.
واليكم تحولا آخر في الحبكة القصصية: فقد عاد نتنياهو ذاك الى الحكم وتمسك به كأنه غاية في حد ذاته، واطار بلا صورة وصفة بلا فعل. مرت 18 سنة هي كمدة العداوة بين اسحق رابين وشمعون بيرس، منذ فاز في الانتخابات على بيرس، وما زال نتنياهو موجودا هنا، لكنه ليس ملك البلاد برغم ما ذكرته مجلة ‘تايم’. ليس هو الملك بيبي الاول بل هو ملك دمية، بل إنه شيء تدوسه قدم نائب وزير دفاعه.
كل ذلك الى أن فاض جام التحرش به فرسم خطا في الرمل يقول الى هنا لا أكثر، محتقرا مزوري شخصيته وكأنه غير قادر على أن يقرر. ها هو ذا يقرر بصورة نهائية لا لبس فيها، ألا يقرر. لا الآن بل بعد سنة، بيقين وآنذاك سيقرر، أن يتحول الى الرئاسة. وبعد سنة ستفكر الحكومة في نقض نفسها كما هي العادة في الاسراع نحو الانتخابات. وبعد سنة سينتقض براك اوباما ايضا. يجب فقط تجاوز هذه السنة والانتقال بعد ذلك بسير سريع سبع دقائق من بيت رئيس الوزراء الى بيت الرئيس. يُطلب منقذ لاجل التقريب بين وجهات النظر، ومن أفضل في ذلك من بيرس فهو مهذب وسخي ويعمل لاجل السلام فقط. واذا ألح عليه بيبي وهو اسم مرادف للسلام أن يبقى سنة اخرى في بيت الرئيس، فلماذا لا؟ هل من الممكن أن يكون ما زال غاضبا عليه بسبب تلك الانتخابات في 1996؟.
يستطيع بيرس أن ينكل به وأن يساوم. واذا كانوا يريدون تغيير القانون فليس لسنة واحدة فقط بل لفترة ولاية كاملة ينتقل فيها من موضعه الحالي وهو العاشر في قائمة رؤساء الدول الاكبر سنا في جميع الازمان الى أن يتجاوز كل الرؤساء والملوك والباباوات ويعزل عن المكان الاول هستنغز باندا من ملاوي الذي كان في السادسة والتسعين حينما خسر في الانتخابات. بازاء التكريم الكبير في تسخين منزل الرئيس للزوجين نتنياهو، قام الانتقام والقدرة على أن يكون مُنصِّب الملوك لتحالف سلام بين حزب العمل وبقايا ‘يوجد مستقبل’ وتسيبي لفني وثلاثي مُنهي فترة التبريد، مئير دغان ويوفال ديسكن وغابي اشكنازي. وسيبقى بيبي ملكا دمية حتى إن داني دنون يصنع منه ‘دنونة’
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الأب في رام الله والأم في يافا
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
أُكثر في الاسبوع الاخير من التفكير في ثائر اللالا، التقيته مرة واحدة ووحيدة فقط قبل 14 سنة، وكان آنذاك في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة. كان ولدا وسيما وحزينا وغاضبا جلس في حضن أمه في شقة الغرفة ونصف الغرفة البائسة في اطراف تل ابيب. وكانت أما بلا أب مريضة بائسة، جربت النوائب والفقر وهي اولادها الخمسة. وكان جائعا ووجدت الأم واسمها سمر آنذاك عددا من قطع النقد وارسلت ابنها ليشتري بعض المعلبات للغداء.
وقتل في السبت الماضي، فقد ثقبت رشقة عيارات نارية جسمه. وما كنتم لتسمعوا عنه لولا الوقت والمكان، أعني يوم السبت قبالة ‘منطقة المحطة’ في تل ابيب في ذروة مهرجان الشوكولاتة. ليس من المناسب حقا أن قُتل ثائر في ذروة مهرجان الشوكولاتة مضايقا بموته جموع الآباء والاولاد من رمات هشارون ورمات أفيف ج في صباح يوم السبت وكان يوما جميلا. لكن ثائر ولد ‘وترعرع′ نحو موته مع أم مريضة مُلوعة فقيرة وأب في رام الله مفصول عن اولاده، وكان يجب أن يقلق مصيره ايضا آباء مهرجان الشوكولاتة.
قبل شهرين جاءت الشرطة وحذرت سمر. لكن سمر امرأة عاجزة، وهي مأساة تسير على قدمين، وهي أيوب على صورة امرأة، ويضيق المقام عن وصف ما جرى عليها في حياتها وهي تعجز عن تخليص ابنها من حياته وموته.
ما كان لثائر من أمل وهو ممزق بين أبيه في رام الله الذي لم يُسمح له منذ تسع سنوات أن يأتي لزيارته في يافا، وبين أمه التي فعلت كل ما تستطيع لتربي على نحو ما أبناءها في يافا. والآن أصبح ثائر في القبر بعد سبعة إدانات وقُبيل دخوله السجن لقضاء فترة سجن اخرى (كان يفترض أن يحضر بعد اسبوعين الى سجن نتسان)؛ وأخوه رائد محتجز بتهمة مخدرات، واحتُجز أحد أقربائه وهو حدَث في الاسبوع الماضي بتهمة أنه كان متوجها للانتقام للقتل. وخلص خالد وحده بما أوتي من قوة من المصير الذي أُملي عليه فبنى حياته في شمال البلاد، وأخته رنين التي تعمل مضيفة في فندق في تل ابيب ممزقة هي ايضا بين زوجها في رام الله وحياتها في يافا، وبين زوجها ومدينتها وبين شعبها ودولتها.
هذه هي يافا وهذا هو الفقر؛ وهذه هي الازمة الاجتماعية الفظيعة وهذا هو جهاز التربية البائس في هذه المدينة؛ وهذه هي الجريمة التي تتفشى فيها دون أن يهم ذلك أحدا، وهذا هو الاحتلال الذي يمزق العائلة البائسة بين . تورط ثائر مع القانون حتى حينما كان فتى صغيرا في مدرسة داخلية في عكا. وربما انضم بعد ذلك الى منظمة جريمة وربما أصبح مخالفا للقانون صغيرا وربما أصبح مغتالا كبيرا. لست أعلم. لكن هذا الولد الوسيم ذا الوجه الحزين الذي التقيته قبل 14 سنة على حدود حي فلورنتين كان يستحق حياة مختلفة لم تعطى له قط.
لا يعلم أحد الى أين كان يتجه حينما خرج في السبت الماضي من غيتو يافا وسافر الى الشمال. ويعلم قليلون من الذين صفوه بهذه القسوة. لكن يجب أن يعلم الجميع أن اعمال القتل هذه مُملاة مسبقا وتولد في اكثر الحالات في الطفولة. ربما أوقع ثائر ضحايا في حياته لكنه كان ضحية قبل كل شيء. إن تل ابيب التي تصرف وجهها وترفض أن تنظر الى ما يجري عند أختها غير الشقيقة، واسرائيل التي تتخلى عن اولاد مثل ثائر في حياتهم مسؤولتان عن موتهم ايضا بقدر ما. وربما تكون نهايتهم أن يشوشوا حتى على راحة المحتفلين بمهرجان الشوكولاتة الابرياء الغافلين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الاحتلال يتنافى مع الديمقراطية
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
بين الحين والاخر تطرح من جديد مسألة اذا كنا نحن دولة لها جيش أم جيش له دولة. على أحد جانبي المتراس يطرح الادعاء بان الجيش في اسرائيل مسيطر جدا ويملي على أصحاب القرار العديد من الخطوات، بما في ذلك تلك المتعلقة بميزانيته ويتدخل جدا في قرارات تكتيكية واستراتيجية. ويقال لنا أن الجيش مسؤول عن قسم هام جدا من اراضي اسرائيل وانه توجد ‘شبكة أمان’ (كما يسمي ذلك البروفيسور غابي شيفر) من الضباط في الماضي وفي الحاضر، ممن يؤدون أدوارا مركزية في الصناعات الامنية، في الاقتصاد الاسرائيلي، في أجهزة التعليم وفي السياسة. وللجيش يوجد تأثير هائل، وهو يستغل ذلك لغرض التطرف السياسي واستخدام القوة حتى عندما تكون هناك بدائل افضل.
ومن الجانب الاخر من المتراس يدعون ولا سيما اولئك الضباط السابقون بان اسرائيل هي ديمقراطية نموذجية، رغم التحديات الامنية التي تتصدى لها، وان الجالسين في الحكومة وفي الكنيست هم الذين يتخذون القرارات، والجيش ينفذ الاوامر فقط، حتى لو كان مطالبا بالتوصية بالبدائل. السياسيون يقررون من يقف على راس الجيش واذا كانت حاجة لتغييره، ويصيغون السياسة التي لها آثار مباشرة على وضع الامن، غير مرة خلافا لتوصية الجيش.
وغير مرة يقول ذات الضباط السابقين، ان الجيش بالذات هو الذي يتحفظ من خطوات عسكرية تفكر فيها القيادة المدنية (في السياق الايراني مثلا) وفي الادبيات المهنية يشار دوما الى الهند واسرائيل كدولتين ديمقراطيتين للجيش فيهما مكان مركزي، ومع ذلك ليس في أي منهما احتمال بانقلاب عسكري.
ولكن لا ريب أن مسألة العلاقات بين الحكومة والكنيست وبين الجيش الاسرائيلي تستوجب فحصا دائما وحذرا. اسرائيل ليست دولة شرطة، لا سمح الله وليست دولة جيش ولا يدور الحديث عن جيش له دولة، ولكن عند معالجة المشكلة لا يمكن الاكتفاء بالقول ان اسرائيل هي دولة ديمقراطية ينفذ الجيش فيها ما تأمره الحكومة بتنفيذه، وذلك لان هذا ببساطة ليس دقيقا. ولا يمكن القبول بالادعاء العابث بان الدولة يسيطر عليها الجيش أو الدعوة الخطيرة: ‘دعوا الجيش ينتصر’. فالحديث يدور عن شبكة علاقات حساسة جدا تحتاج الى معالجة دائمة، وتنبع من الامنية العتيقة لافلاطون: من يحرس الحراس؟
بين الاسطورة والواقع
لا شك في أن اسرائيل تعيش في احساس دائم من التهديد. فهي الدولة الديمقراطية الوحيدة في العالم التي أعلنت عن حالة طوارىء ولم تلغها على مدى 66 سنة (!). وجملة قوانين الطوارىء والابقاء سارية المفعول لمعظم أنظمة الدفاع للطوارىء والتي سنتها حكومة الانتداب البريطاني في 1945، يجعلنا، على الورق، الدولة التي ديمقراطيتها عليلة جدا.
ليس صدفة أننا نوجد ضمن تصنيف ‘الديمقراطيات العليلة’. فلدينا رقابة ليست في ديمقراطيات اخرى، خدمة الزامية في اسرائيل أطول مما في أي ديمقراطية اخرى في العالم. قسم كبير جدا من ميزانيتا مكرس لاهداف امنية.
الاحتلال المتواصل في المناطق (ولا توجد دولة ديمقراطية اخرى تحتل ارضا يعيش فيها شعب آخر) خلق وضعا توجد فيه منذ نحو 50 سنة الواحد الى جانب الاخر منظومتا قوانين تحت حكم واحد: منظومة قوانين ديمقراطية وانت كانت بعيدة عن أن تكون كاملة في اسرائيل السيادية، ومنظومة قوانين مسؤول الجيش عنها ويعدلها في الضفة الغربية. وللجيش يوجد مجال سيطرة واسع جدا في المناطق، وانعدام الديمقراطية في مكان واحد لا يمكنه الا يتسلل الى الاطار الديمقراطي.
صحيح أن الجيش الاسرائيلي مقدس في نظر الكثيرين، ومحاولات الرقابة على ميزانيته بشكل وثيق فشلت سواء في الكنيست أم في الحكومة. صحيح أنه بدلا من تقليص ميزانيته، تزداد ميزانيته، ونحن نميل الى أن نغفر له اخطاءه مثلما نميل الى ان التعاطي بجدية عميقة مع بيانات الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي.
على الرغم من ذلك فقد حصل الموقف من الجيش عندنا على توازنات مختلفة تماما مقارنة بالماضي. ففي الانتخابات للكنيست الاولى انتخبت مجموعة محترمة من ضباط الجيش الاسرائيلي، برئاسة موشيه دايان، ظهرت في البزات في الصورة الرسمية التي عرضتهم (كلهم استقالوا بعد الانتخابات). وفي نفس الفترة عشنا بين مسيرة عسكرية في يوم الاستقلال والمسيرة التالية، واكتظظن على المنصات وعلى الشرفات كي نشاهد الدبابات. وصور موشيه دايان وجنرالات هيئة الاركان انتشرت على شرفاتنا في كل يوم استقلال. في حرب الايام الستة تحولت الاسطورة الى واقع. الجيش اصبح موضع اعجاب حتى في نظر المشككين، ولكن كل هذا انتهى في حرب يوم الغفران، ولم يعد الى تلك الحجوم أبدا.
يوجد لنا جيش، ونصفنا تقريبا يخدمون فيه. من خدم فيه، اجتاز احدى تجارب حياته الاهم ان لم تكن الاكثر ديمقراطية فيها. الخدمة معا، ولا سيما في اوضاع الخطر على الارواح، يخلق رفاقية وعلاقات لا تنشأ في أي اطار آخر.
قيم الجيش
حتى لو كنت تؤمن بان السلام هو عنصر أمني حرج، الا ان المجتمع الاسرائيلي لا يزال كفاحيا جدا، ولا شك أنك ستشعر بالتضامن الفوري اذا ما روى لك أحد ما بانه خدم في حرب الايام الستة في اللواء 8 لمندلر، وقاتل معها في سيناء وفي الهضبة. ذات التضامن يمكن للمرء أن يشعر به فقط مع احد ما ولد في ذات المكان أو تعلم في ذات المدرسة.
لدينا ‘شبكة امنية’، ولكن هذه ليست شبكة بواسطتها تتغلغل قيم عسكرية الى المجتمع المدني بحيث ان الاحتياجات الامنية تعرض كمتعارضة مع تحقيق السلام. هذه شبكة تتغلغل فيها القيم المدنية الى المجتمع العسكري، تماما بذات القدر. ولما كان يدور الحديث عن تجنيد عام (وحسن ان هكذا) يوجد في هذه الشبكة أناس ذوو أراء مختلفة، قادرون على تغيير مواقفهم بعد أن يقتنعوا بذلك.
‘الشبكة الامنية’ ظاهرا، هي الشبكة الاجتماعية لاسرائيل، والتي خدم الكثير جدا من اعضائها في الجيش الاسرائيلي واجتازوا تجارب مشابهة صممت شخصياتهم. وهذا التميز الاسرائيلي كفيل بان يسهل علينا الوصول الى السلام مع الفلسطينيين، لانه حسب الاستطلاعات في السنوات الاخيرة، معظم اعضاء ‘الشبكة’ يفهمون بان السلام هو حاجة حيوية، وانه توجد ضرورة لدفع الثمن لقاءه. نحن دولة ديمقراطية، لها نواقص عديدة وجيش يطيع القيادة المدنية، يساهم مساهمة هامة في التراص الاجتماعي القادر على دعم القرارات التاريخية الحاسمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الكرة في ملعب بوتين
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
يبدو في ظاهر الامر أن المعارضة الاوكرانية قد ربحت في مواجهة المعسكر الموالي لروسيا في اوكرانيا، لكن روسيا لم تقل كلمتها الاخيرة بعد
هناك من رأوا قيمة رمزية للميدالية الذهبية التي فاز بها أمس فريق النساء الاوكراني في الاولمبياد متقدما المنتخب الروسي. وكان بوتين يستطيع أن يحيا مع هذا لولا أن البرلمان في كييف عزل في الوقت نفس تقريبا وباكثرية كبيرة الرئيس فكتور ينكوفيتش حليفه.
لا شك في أن الجموع في كييف نجحت في أن يهدموا لبوتين المعوق بسبب الالعاب الاولمبية اليوم مراسم انهاء الالعاب العزيزة. فلم يكن بوتين يحلم أنه في الوقت الذي ينظم فيه لنا الالعاب الاولمبية الشتائية، تجدد اوكرانيا الحرب الباردة بين روسيا والغرب.
هذا الى سوء الظروف: فقد هرب ينكوفيتش الى الجانب ‘الروسي’ من اوكرانيا، أما البرلمان الجديد فعزله باكثرية كبيرة (328 نائبا من 450) عن منصبه وحدد موعدا جديدا للانتخابات.
وعادت يوليا تموشنكو (53)، وهي رمز ‘الثورة البرتقالية’ في 2004، الى ميدان الاستقلال في كييف. إن هذه المرأة التي أثْرَت في تسعينيات القرن الماضي بفضل الغاز الروسي وتولت رئاسة الوزراء مرتين في العقد الاخير، أصبحت من أقوى رموز الصراع بين الشرق والغرب على صبغة اوكرانيا، ومنذ كان اعتقالها في 2011 (بعد أن خسرت لينكوفيتش في انتخابات متقاربة جدا في 2010) بتهمة الفساد، حاول الاتحاد الاوروبي الافراج عن هذه المرأة الأنيقة ذات الضفيرة الشقراء، ولا سيما بعد أن ساء وضعها الصحي. وفشل الاتحاد الاوروبي هنا ايضا. بيد أن عشرات آلاف المتظاهرين في كييف نجحوا في أن يفعلوا في أقل من اسبوع ما فشلت بروكسل في فعله مدة ثلاث سنوات. لكن تموشنكو في 2014 ليست برتقالية كما كانت في 2004، لكنها موصومة بقضايا لا نهاية لها وبادارة سيئة لاوكرانيا.
موسكو لن تتنازل
حتى لو كان من المغري أن نظن أن المعسكر الموالي للغرب قد انتصر فان الامور ليست بهذه البساطة. إن اوكرانيا التي هي على شفا إفلاس، معلقة تماما تقريبا بروسيا التي وعدتها بقرض يبلغ 15 مليار دولار حولت اليها 3 مليارات منها. هذا الى أن روسيا خفضت بمقدار الثلث كلفة الغاز الذي تنقله الى اوكرانيا وحاجتها اليه كحاجتها الى الاوكسجين.
يصعب على الروس ايضا الانفصال عن اوكرانيا لاسباب تاريخية ثقافية ايضا ولأن الاسطول الروسي يرسو في البحر الاسود، ولأن تصدير الغاز الى اوروبا يمر باوكرانيا. والى ذلك لا يستطيع بوتين أن يتخلى للغرب عن اوكرانيا في حلمه الاستعماري الجديد (اورو آسيا). فيكفي أن الروس فقدوا دول البلطيق وشرق اوروبا. توجد حدود.
وماذا عن ينكوفيتش؟ اختار هذا الرئيس في سن الثالثة والستين أن يدير الازمة الشديدة في بلده وكأنه أزعر في الثامنة عشرة من عمره اتُهم بسرقة واغتصاب جماعي. وتتهمه محكمة (نصف) الشعب اليوم بقتل متظاهرين، وكسب باستحقاق مطلب الميدان الذي يطلب أن يراه في السجن أو في الجلاء. وحتى لو كانت موسكو لا تُجله اجلالا خاصا بل هي غاضبة عليه لسوء ادارته للازمة في اثناء العاب سوتشي، فانها لم تقل الى الآن الكلمة الاخيرة وستحاول أن تنقذ لا هو على التحديد بل ما يرمز اليه على الأقل، أعني النهج الموالي لروسيا.
ولم ننس أيضا أن القوميين في غرب الدولة ما زالوا قادرين على افساد الاحتفال الديمقراطي.
لا شك في أننا رأينا في الشأن الاوكراني على مر السنين لا عجز ينكوفيتش وحده بل المعارضة الاوكرانية ايضا والاتحاد الاوروبي وواشنطن بل رأينا تلعثما روسيا صعب عليه أن يعمل مع ذلك الرئيس.
قبل بضعة اسابيع فقط تحدث الاوروبيون كما ذكرنا آنفا عن اتفاق استراتيجي مع موسكو، وربما يرون الآن نشوء يوغسلافيا الجديدة، ربما في مركز القارة الاوروبية.
تُختتم الالعاب الاولمبية الشتائية هذا المساء، لكن البرد الحقيقي قد بدأ فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عاد الروس الى سوريا
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
وصل عشرات الضباط والخبراء من الجيش الروسي الى سوريا في الاسابيع الاخيرة وشاركوا في قتال جيش الاسد للمتمردين كما تفيد مصادر دبلوماسية غربية في موسكو. وتم هذا الاجراء الدراماتي بعد سنة من اجلاء روسيا لخبرائها وعائلاتهم عن الدولة بسبب تصاعد حدة القتال.
يوجد بين الضباط الروس من هم في أرفع المستويات ممن اصبحوا مستشارين مختصين لرئيس الاركان السوري ولضباط هيئة القيادة العامة. ويعمل ضباط آخرون مستشارين مختصين الى جانب قادة في الوحدات الميدانية السورية من قادة الوية الى قادة طوابير. وهم في بعض الحالات يشيرون على مستويات أدنى ايضا. وفي مقابل ذلك زاد الروس كثيرا في المساعدة للجيش السوري في المجالات الامدادية والاستخبارية. ومن ضمن ذلك أن موسكو تتيح للجيش السوري قدرات استخبارية لدولة من القوى العظمى وهو ما يفترض أن يساعد الجيش على تحديد مواقع وحدات المتمردين وضربها.
تمت عودة الخبراء والضباط الروس الى سوريا بتوجيه مباشر من رئيس روسيا فلادمير بوتين. فالرئيس يحاول أن يُقر وضع الجيش السوري وأن يمنع انتقاضه ليمنع بكل ثمن انهيار النظام الذي كان يخدم في الايام العادية مصالح موسكو الاقليمية في الشرق الاوسط. وذكرت مصادر دبلوماسية غربية في موسكو أن بوتين خائف من امكان أن يتحول بلد الاسد الى ‘افغانستان’ وأن يسقط النظام في دمشق في أيدي أناس الجهاد العالمي. ويطمح رئيس روسيا الى أن يحافظ الآن على نظام الاسد وأن يقويه في مواجهة المباحثات التي تجري في جنيف حول مستقبل سوريا.
إن قرار بوتين مصحوب بتعزيز المدد العسكري المتدفق على سوريا بكميات كبيرة. فتأتي المعدات في كل اسبوع عن طريق رصيف للاسطول الروسي في ميناء طرطوس في شمال الدولة. وأكدت المصادر الدبلوماسية أن الاجراء العسكري غير العادي الذي يقوم به الروس تحدٍ للادارة الامريكية ايضا. والرسالة هي أنه في حين تخلت واشنطن عن الرئيس مبارك في مصر وتدير ظهرها الآن لقائد الجيش المصري المشير السيسي الذي أعلن ترشحه للرئاسة، تظهر موسكو الاخلاص لزبونها في الشرق الاوسط.
برغم ما يبدو انجازات تكتيكية للجيش السوري في معارك محلية، لم يعد الاسد يسيطر على 75 بالمئة من مساحة الارض والجيش السوري في حضيض لم يسبق له مثيل. إن جيش النظام قل بمقدار النصف منذ نشبت الحرب الاهلية واصبح عدده الآن نحوا من 200 ألف شخص فقط ولا يزيد عدد المجندين له على 10 بالمئة من الطاقة الممكنة، وتجاوز عدد القتلى في صفوفه 30 ألفا وارتفع عدد الجرحى الى نحو من 90 ألفا.
وفي اثناء ذلك جرت أمس معارك شديدة في الجانب السوري من الجولان بالقرب من الحدود مع اسرائيل حقا. فقد قصفت قوات من جيش الاسد مصحوبة بطائرات حربية وعصابات موالية للحكومة مواقع للمتمردين في بلدتين جنوبي القنيطرة. وبعد معركة شديدة نجحت قوات جيش النظام في السيطرة من جديد على المناطق التي كانت في أيدي المتمردين بالقرب من الحدود. ويجري في جبهة هضبة الجولان منذ اسبوع هجوم للواء سوري على وحدات متمردين في منطقة تل كدنة في جنوب الهضبة. ويحاول لواء سوري في اطار الهجوم أن يخلص وحدة محاصرة في تلك المنطقة بلا نجاح.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي (563) الاثنيـــن 24/02/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
دعوا الإيديولوجيا جانباً في المفاوضات
بقلم:بيتر باينرت،عن هآرتس
رئيس وزراء دُمية
بقلم:أمير أورن،عن هآرتس
الأب في رام الله والأم في يافا
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
الاحتلال يتنافى مع الديمقراطية
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
الكرة في ملعب بوتين
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
عاد الروس الى سوريا
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
</tbody>
دعوا الإيديولوجيا جانباً في المفاوضات
بقلم:بيتر باينرت،عن هآرتس
اليهودي الذي ينتقد السياسة الاسرائيلية في الضفة الغربية سيتهم المرة تلو الاخرى بالسذاجة من يهود آخرين. ‘أنت لا تفهم’، يقولون له صبح مساء. ‘فالفلسطينيون لا يعارضون المستوطنات فقط، فهم ببساطة غير معنيين بدولة يهودية بأي حدود كانت’.
حبذا لو كان هؤلاء المنتقدون على خطأ. ولكنهم غير مخطئين. فعلى اي حال، يرى الفلسطينيون في المستوطنات تعبيرا بارزا عن القمع الصهيوني، ولكن كل فلسطيني اعرفه يرى في الصهيونية السياسية نفسها مجرد فكرة الدولة التي تسمح بتمثيل خاص لليهود ايديولوجيا عنصرية تقوم على أساس التطهير العرقي. من هذه الناحية، عندما يدعي الصقور اليهود بان الفلسطينيين لا يعارضون فقط السيطرة الاسرائيلية على الخليل بل وايضا السيطرة الاسرائيلية على تل أبيب، فانهم محقون تماما.
فلماذا، إذن، مواصلة الانتقاد للمستوطنات؟ لانه يوجد فارق بين ما يؤمن الناس به في قلوبهم وبين ما يبدون الاستعداد لقبوله لحظة الحقيقة. والامر صحيح بالتأكيد بالنسبة لليهود. فها هي تسيبي لفني مثلا؛ فقد تربت في احضان اسرائيل الكبرى ـ دولة يهودية تسيطر على كل الضفة الغربية (وربما ايضا على الضفة الشرقية من الاردن). ‘يمكن ان نلتقط ذلك من الحماسة التي كانت تنشد بها أناشيد بيتار اليوم ايضا’، اشار صديق العائلة قبل بضع سنوات، ‘الى اي درجة كانت محبة اسرائيل الكبرى مغروسة فيها’.
وعلى الرغم من ذلك، فان لفني مستعدة لان تهجر طواعية الحلم الذي لا يزال يفعم قلبها لانها تعتقد بانه في الواقع سيكون السعي الى تحقيقه مصدر معاناة وألم لابناء شعبها.
ذات الشيء صحيح ايضا بالنسبة للفلسطينيين. فأمر واحد أن تؤمن من ناحية اخلاقية بان اسرائيل بصفتها هذه ليست شرعية، وليس مهما ما هي حدودها. وأمر آخر تماما هو مواصلة القتال حتى خرابها باي حدود كانت، في الوقت الذي سيفرض هذا الكفاح على ابنائك حياة بؤس بلا دولة.
السؤال الحرج ليس اذا كان الفلسطينيون يريدون وجود اسرائيل. فهم بالفعل لا يريدون وجودها بشكل جارف. السؤال هو اذا كان الفلسطنيون يعتقدون بانهم اذا ما ابتلعوا القرص المرير وقبلوا وجود اسرائيل، سيحصلون بالمقابل على دولة خاصة بهم. ولهذا فان المستوطنات ثانوية بالفعل.
وذلك لانها عندما تسلب الاراضي التي سيقيم عليها الفلسطينيون دولتهم فانها تقنع الفلسطينيين بان قبول وجود اسرائيل في حدود 1967 لا يساعدهم في شيء. فالمستوطنات تعزز حماس وغيرها من الجماعات المتطرفة، التي تدعي بان لا معنى لقبول وجود اسرائيل لان ليس في التنازل عن احلام الفلسطينيين ما يحسن واقع الفلسطينيين. على اليهود أن يفهموا هذا التعليل لانه ذات التعليل الذي يطرحه نفتالي بينيت تجاه تسيبي لفني: لماذا التنازل عن حلمنا بالسيطرة المطلقة على البلاد، في الوقت الذي ليس في هذا التنازل ما يؤدي بالطرف الاخر الى قبول سيادتنا في اي قسم منها؟
ليت الصقور اليهود اليوم كأبيهم الثقافي، زئيف جابوتنسكي، مؤسس الصهيونية الاصلاحية. فجابوتنسكي لم يتوقع أن يقبل الفلسطينيون بالترحاب دولة يهودية. وكتب يقول ان ‘كل سكان أصيليين يرون في اراضيهم وطنهم القومي، يؤمنون بانهم اسيادها الوحيدون ويريدون الحفاظ على هذه السيادة الى الابد’. وادعى جابوتنسكي بان التحدي الصهيوني ليس في اقناع الفلسطينيين بحق الصهيونية الامر الذي ما كان اليهود أنفسهم يوافقون عليه لو كان الوضع معاكسا. الهدف هو اقناع الفلسطينيين بانه لا يمكن الحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني بقوة الذراع.
بعد أكثر من ستين سنة من قيام دولة اسرائيل، تحقق هذا الهدف بشكل ذي مغزى. فاسرائيل أقوى بكثير من ناحية اقتصادية وعسكرية من خصومها الفلسطينيين، العرب والمسلمين. ومنظمة التحرير الفلسطينية، بعد صراع امتد عشرات السنين كان هدفه تصفية اسرائيل، اعترفت رسميا بحق الوجود لاسرائيل في اتفاقات اوسلو في 1993. ورغم كل اخطاء وجرائم م.ت.ف في العقدين اللذين مرا منذئذ، لم تتراجع عن هذا الاعتراف. وبالفعل، يعترف الرئيس الفلسطيني محمود عباس بهذا الحق بشكل أضح مما فعل ذلك ياسر عرفات. وقد اقترحت الجامعة العربية كلها ثلاث مرات في 2002، 2007 وفي 2013 الاعتراف بوجود اسرائيل، اذا ما عادت اسرائيل الى خطوط 67 ووافقت على حل ‘عادل ومتفق عليه’ لوضع اللاجئين الفلسطينيين الصعب. وحسب استطلاع أجراه خليل الشقاقي، الاحصائي الشهير وذو السمعة، فان معظم الفلسطينيين يؤيدون حل الدولتين.
لم تغير اسرائيل حلم الفلسطينيين، ولكنها غيرت ما يراه الكثير من الفلسطينيين مخرجا ممكنا. الخطر الاكبر اليوم هو ان تكون سياسة الاستيطان الاسرائيلية دمرت هذا الانجاز. فمن خلال السياسة الاقليمية ذات الحد الاقصى في الضفة الغربية، تشجع اسرائيل عمليا الفلسطينيين بان يطالبوا لانفسهم بسياسة اقليمية ذات حد اقصى خاصة بهم.
بقدر ما يعترف بعمق المقاومة الفلسطينية للصهيونية، هكذا يعترف بان تقسيم بلاد اسرائيل الانتدابية الى 22 في المئة و 78 في المئة بين دولة يهودية وفلسطينية كان انجازا صهيونيا يثير الانفعال وهزيمة فلسطينية تاريخية. هذه هزيمة يبدي بعض الفلسطينيين الاستعداد لابتلاعها كي يوفروا على ابنائهم اهانة ان يكبروا تحت قانون عسكري، بلا جوازات سفر، بلا حق انتخاب وبسيطرة جيش أجنبي. من هو صهيوني ويرفض هذه الصفقة، لا بد يعتقد بان في اللحظة التي يمنع فيها عن الفلسطينيين دولة خاصة بهم، قادرة على أن تقف على قدميها، فانهم سيتبنون رفض حقوق المواطن خاصتهم او يفقدوا رغبتهم في الكفاح في سبيها. وهذه حقا سذاجة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
رئيس وزراء دُمية
بقلم:أمير أورن،عن هآرتس
كان اريئيل شارون الذي كان سيحتفل هذا الاسبوع بيوم ميلاده السادس والثمانين، سيأسف على التحقيق لو كان موجودا لسماعه أن موته اقتطع مصدر دخل مهما لعائلته، لكن ربما كان يسليه شيئا ما أن يعلم أنه يقدم الآن مصدر عيش ليهود آخرين، فهناك مبادر ناشط في تل ابيب ينظم ‘جولات في مسار حياة اريك شارون، كفار ميلل مزرعة شكميم جفعات هكلنيوت (تل شقائق النعمان)’. لكن هذا في الحقيقة ضئيل جدا لأنه أين قبية والمتلة وصبرا وشاتيلا وجبل الهيكل والجزيرة اليونانية وغوش قطيف لكن هذا ما يمكن الحصول عليه في يوم واحد، حافلة و180 شيكل.
ينتظر شارون شكسبير أو مقلدا ذا خبرة على الأقل لـ ‘هنري الخامس′ و’ريتشارد الثالث’ وسائر المتوجين. إن حياة شارون تتوق الى مسرحية تتناول نشوءه في بلاطي ملكين هما دافيد بن غوريون ومناحيم بيغن. إن هذين العدوين اللذين تغذيا على كراهيتهما المتبادلة وعلى خصومتهما آخر الامر لورثة بن غوريون لن يكونا متشابهين في كل شيء، فقد كان الاول صارما وكان الثاني ليّنا لكنهما تقاسما خصائص كاجلاء النفس في فترات الجدب، والمرض في اوقات الازمة واعتزال الحكم خروجا من الضغوط.
نشأ شارون في رعايتهما واحدا بعد الآخر قافزا من راع الى راع يحمي نفسه من منافسيه بين الدوقات والبارونات، الى أن أصبح بعد ذلك ملكا هو نفسه. إن الدسائس والاكاذيب والتحذيرات وكم كانت مأساوية معرفة بيغن أن تعيينه وزيرا للدفاع خطير وعجزه عن الامتناع عن ذلك وأن يمنع ما جعله يعتزل في أسى ثماني سنوات سجن فيها نفسه في بيته في شارع تسيمح، وحينها، حينما ضعفت قوته أصبح شارون رئيس وزراء. إن الذي جمع الفتات (‘وزارة البنى التحتية’) عن مائدة بنيامين نتنياهو وتوسل الى اهود باراك عبثا كي يتفضل بضمه الى حكومته حقق فجأة نبوءة ‘اريك ملك اسرائيل’، وعرض على باراك أن يتولى منصبا في حكومته ووافق على أن يخدم نتنياهو تحت إمرته.
واليكم تحولا آخر في الحبكة القصصية: فقد عاد نتنياهو ذاك الى الحكم وتمسك به كأنه غاية في حد ذاته، واطار بلا صورة وصفة بلا فعل. مرت 18 سنة هي كمدة العداوة بين اسحق رابين وشمعون بيرس، منذ فاز في الانتخابات على بيرس، وما زال نتنياهو موجودا هنا، لكنه ليس ملك البلاد برغم ما ذكرته مجلة ‘تايم’. ليس هو الملك بيبي الاول بل هو ملك دمية، بل إنه شيء تدوسه قدم نائب وزير دفاعه.
كل ذلك الى أن فاض جام التحرش به فرسم خطا في الرمل يقول الى هنا لا أكثر، محتقرا مزوري شخصيته وكأنه غير قادر على أن يقرر. ها هو ذا يقرر بصورة نهائية لا لبس فيها، ألا يقرر. لا الآن بل بعد سنة، بيقين وآنذاك سيقرر، أن يتحول الى الرئاسة. وبعد سنة ستفكر الحكومة في نقض نفسها كما هي العادة في الاسراع نحو الانتخابات. وبعد سنة سينتقض براك اوباما ايضا. يجب فقط تجاوز هذه السنة والانتقال بعد ذلك بسير سريع سبع دقائق من بيت رئيس الوزراء الى بيت الرئيس. يُطلب منقذ لاجل التقريب بين وجهات النظر، ومن أفضل في ذلك من بيرس فهو مهذب وسخي ويعمل لاجل السلام فقط. واذا ألح عليه بيبي وهو اسم مرادف للسلام أن يبقى سنة اخرى في بيت الرئيس، فلماذا لا؟ هل من الممكن أن يكون ما زال غاضبا عليه بسبب تلك الانتخابات في 1996؟.
يستطيع بيرس أن ينكل به وأن يساوم. واذا كانوا يريدون تغيير القانون فليس لسنة واحدة فقط بل لفترة ولاية كاملة ينتقل فيها من موضعه الحالي وهو العاشر في قائمة رؤساء الدول الاكبر سنا في جميع الازمان الى أن يتجاوز كل الرؤساء والملوك والباباوات ويعزل عن المكان الاول هستنغز باندا من ملاوي الذي كان في السادسة والتسعين حينما خسر في الانتخابات. بازاء التكريم الكبير في تسخين منزل الرئيس للزوجين نتنياهو، قام الانتقام والقدرة على أن يكون مُنصِّب الملوك لتحالف سلام بين حزب العمل وبقايا ‘يوجد مستقبل’ وتسيبي لفني وثلاثي مُنهي فترة التبريد، مئير دغان ويوفال ديسكن وغابي اشكنازي. وسيبقى بيبي ملكا دمية حتى إن داني دنون يصنع منه ‘دنونة’
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الأب في رام الله والأم في يافا
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
أُكثر في الاسبوع الاخير من التفكير في ثائر اللالا، التقيته مرة واحدة ووحيدة فقط قبل 14 سنة، وكان آنذاك في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة. كان ولدا وسيما وحزينا وغاضبا جلس في حضن أمه في شقة الغرفة ونصف الغرفة البائسة في اطراف تل ابيب. وكانت أما بلا أب مريضة بائسة، جربت النوائب والفقر وهي اولادها الخمسة. وكان جائعا ووجدت الأم واسمها سمر آنذاك عددا من قطع النقد وارسلت ابنها ليشتري بعض المعلبات للغداء.
وقتل في السبت الماضي، فقد ثقبت رشقة عيارات نارية جسمه. وما كنتم لتسمعوا عنه لولا الوقت والمكان، أعني يوم السبت قبالة ‘منطقة المحطة’ في تل ابيب في ذروة مهرجان الشوكولاتة. ليس من المناسب حقا أن قُتل ثائر في ذروة مهرجان الشوكولاتة مضايقا بموته جموع الآباء والاولاد من رمات هشارون ورمات أفيف ج في صباح يوم السبت وكان يوما جميلا. لكن ثائر ولد ‘وترعرع′ نحو موته مع أم مريضة مُلوعة فقيرة وأب في رام الله مفصول عن اولاده، وكان يجب أن يقلق مصيره ايضا آباء مهرجان الشوكولاتة.
قبل شهرين جاءت الشرطة وحذرت سمر. لكن سمر امرأة عاجزة، وهي مأساة تسير على قدمين، وهي أيوب على صورة امرأة، ويضيق المقام عن وصف ما جرى عليها في حياتها وهي تعجز عن تخليص ابنها من حياته وموته.
ما كان لثائر من أمل وهو ممزق بين أبيه في رام الله الذي لم يُسمح له منذ تسع سنوات أن يأتي لزيارته في يافا، وبين أمه التي فعلت كل ما تستطيع لتربي على نحو ما أبناءها في يافا. والآن أصبح ثائر في القبر بعد سبعة إدانات وقُبيل دخوله السجن لقضاء فترة سجن اخرى (كان يفترض أن يحضر بعد اسبوعين الى سجن نتسان)؛ وأخوه رائد محتجز بتهمة مخدرات، واحتُجز أحد أقربائه وهو حدَث في الاسبوع الماضي بتهمة أنه كان متوجها للانتقام للقتل. وخلص خالد وحده بما أوتي من قوة من المصير الذي أُملي عليه فبنى حياته في شمال البلاد، وأخته رنين التي تعمل مضيفة في فندق في تل ابيب ممزقة هي ايضا بين زوجها في رام الله وحياتها في يافا، وبين زوجها ومدينتها وبين شعبها ودولتها.
هذه هي يافا وهذا هو الفقر؛ وهذه هي الازمة الاجتماعية الفظيعة وهذا هو جهاز التربية البائس في هذه المدينة؛ وهذه هي الجريمة التي تتفشى فيها دون أن يهم ذلك أحدا، وهذا هو الاحتلال الذي يمزق العائلة البائسة بين . تورط ثائر مع القانون حتى حينما كان فتى صغيرا في مدرسة داخلية في عكا. وربما انضم بعد ذلك الى منظمة جريمة وربما أصبح مخالفا للقانون صغيرا وربما أصبح مغتالا كبيرا. لست أعلم. لكن هذا الولد الوسيم ذا الوجه الحزين الذي التقيته قبل 14 سنة على حدود حي فلورنتين كان يستحق حياة مختلفة لم تعطى له قط.
لا يعلم أحد الى أين كان يتجه حينما خرج في السبت الماضي من غيتو يافا وسافر الى الشمال. ويعلم قليلون من الذين صفوه بهذه القسوة. لكن يجب أن يعلم الجميع أن اعمال القتل هذه مُملاة مسبقا وتولد في اكثر الحالات في الطفولة. ربما أوقع ثائر ضحايا في حياته لكنه كان ضحية قبل كل شيء. إن تل ابيب التي تصرف وجهها وترفض أن تنظر الى ما يجري عند أختها غير الشقيقة، واسرائيل التي تتخلى عن اولاد مثل ثائر في حياتهم مسؤولتان عن موتهم ايضا بقدر ما. وربما تكون نهايتهم أن يشوشوا حتى على راحة المحتفلين بمهرجان الشوكولاتة الابرياء الغافلين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الاحتلال يتنافى مع الديمقراطية
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
بين الحين والاخر تطرح من جديد مسألة اذا كنا نحن دولة لها جيش أم جيش له دولة. على أحد جانبي المتراس يطرح الادعاء بان الجيش في اسرائيل مسيطر جدا ويملي على أصحاب القرار العديد من الخطوات، بما في ذلك تلك المتعلقة بميزانيته ويتدخل جدا في قرارات تكتيكية واستراتيجية. ويقال لنا أن الجيش مسؤول عن قسم هام جدا من اراضي اسرائيل وانه توجد ‘شبكة أمان’ (كما يسمي ذلك البروفيسور غابي شيفر) من الضباط في الماضي وفي الحاضر، ممن يؤدون أدوارا مركزية في الصناعات الامنية، في الاقتصاد الاسرائيلي، في أجهزة التعليم وفي السياسة. وللجيش يوجد تأثير هائل، وهو يستغل ذلك لغرض التطرف السياسي واستخدام القوة حتى عندما تكون هناك بدائل افضل.
ومن الجانب الاخر من المتراس يدعون ولا سيما اولئك الضباط السابقون بان اسرائيل هي ديمقراطية نموذجية، رغم التحديات الامنية التي تتصدى لها، وان الجالسين في الحكومة وفي الكنيست هم الذين يتخذون القرارات، والجيش ينفذ الاوامر فقط، حتى لو كان مطالبا بالتوصية بالبدائل. السياسيون يقررون من يقف على راس الجيش واذا كانت حاجة لتغييره، ويصيغون السياسة التي لها آثار مباشرة على وضع الامن، غير مرة خلافا لتوصية الجيش.
وغير مرة يقول ذات الضباط السابقين، ان الجيش بالذات هو الذي يتحفظ من خطوات عسكرية تفكر فيها القيادة المدنية (في السياق الايراني مثلا) وفي الادبيات المهنية يشار دوما الى الهند واسرائيل كدولتين ديمقراطيتين للجيش فيهما مكان مركزي، ومع ذلك ليس في أي منهما احتمال بانقلاب عسكري.
ولكن لا ريب أن مسألة العلاقات بين الحكومة والكنيست وبين الجيش الاسرائيلي تستوجب فحصا دائما وحذرا. اسرائيل ليست دولة شرطة، لا سمح الله وليست دولة جيش ولا يدور الحديث عن جيش له دولة، ولكن عند معالجة المشكلة لا يمكن الاكتفاء بالقول ان اسرائيل هي دولة ديمقراطية ينفذ الجيش فيها ما تأمره الحكومة بتنفيذه، وذلك لان هذا ببساطة ليس دقيقا. ولا يمكن القبول بالادعاء العابث بان الدولة يسيطر عليها الجيش أو الدعوة الخطيرة: ‘دعوا الجيش ينتصر’. فالحديث يدور عن شبكة علاقات حساسة جدا تحتاج الى معالجة دائمة، وتنبع من الامنية العتيقة لافلاطون: من يحرس الحراس؟
بين الاسطورة والواقع
لا شك في أن اسرائيل تعيش في احساس دائم من التهديد. فهي الدولة الديمقراطية الوحيدة في العالم التي أعلنت عن حالة طوارىء ولم تلغها على مدى 66 سنة (!). وجملة قوانين الطوارىء والابقاء سارية المفعول لمعظم أنظمة الدفاع للطوارىء والتي سنتها حكومة الانتداب البريطاني في 1945، يجعلنا، على الورق، الدولة التي ديمقراطيتها عليلة جدا.
ليس صدفة أننا نوجد ضمن تصنيف ‘الديمقراطيات العليلة’. فلدينا رقابة ليست في ديمقراطيات اخرى، خدمة الزامية في اسرائيل أطول مما في أي ديمقراطية اخرى في العالم. قسم كبير جدا من ميزانيتا مكرس لاهداف امنية.
الاحتلال المتواصل في المناطق (ولا توجد دولة ديمقراطية اخرى تحتل ارضا يعيش فيها شعب آخر) خلق وضعا توجد فيه منذ نحو 50 سنة الواحد الى جانب الاخر منظومتا قوانين تحت حكم واحد: منظومة قوانين ديمقراطية وانت كانت بعيدة عن أن تكون كاملة في اسرائيل السيادية، ومنظومة قوانين مسؤول الجيش عنها ويعدلها في الضفة الغربية. وللجيش يوجد مجال سيطرة واسع جدا في المناطق، وانعدام الديمقراطية في مكان واحد لا يمكنه الا يتسلل الى الاطار الديمقراطي.
صحيح أن الجيش الاسرائيلي مقدس في نظر الكثيرين، ومحاولات الرقابة على ميزانيته بشكل وثيق فشلت سواء في الكنيست أم في الحكومة. صحيح أنه بدلا من تقليص ميزانيته، تزداد ميزانيته، ونحن نميل الى أن نغفر له اخطاءه مثلما نميل الى ان التعاطي بجدية عميقة مع بيانات الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي.
على الرغم من ذلك فقد حصل الموقف من الجيش عندنا على توازنات مختلفة تماما مقارنة بالماضي. ففي الانتخابات للكنيست الاولى انتخبت مجموعة محترمة من ضباط الجيش الاسرائيلي، برئاسة موشيه دايان، ظهرت في البزات في الصورة الرسمية التي عرضتهم (كلهم استقالوا بعد الانتخابات). وفي نفس الفترة عشنا بين مسيرة عسكرية في يوم الاستقلال والمسيرة التالية، واكتظظن على المنصات وعلى الشرفات كي نشاهد الدبابات. وصور موشيه دايان وجنرالات هيئة الاركان انتشرت على شرفاتنا في كل يوم استقلال. في حرب الايام الستة تحولت الاسطورة الى واقع. الجيش اصبح موضع اعجاب حتى في نظر المشككين، ولكن كل هذا انتهى في حرب يوم الغفران، ولم يعد الى تلك الحجوم أبدا.
يوجد لنا جيش، ونصفنا تقريبا يخدمون فيه. من خدم فيه، اجتاز احدى تجارب حياته الاهم ان لم تكن الاكثر ديمقراطية فيها. الخدمة معا، ولا سيما في اوضاع الخطر على الارواح، يخلق رفاقية وعلاقات لا تنشأ في أي اطار آخر.
قيم الجيش
حتى لو كنت تؤمن بان السلام هو عنصر أمني حرج، الا ان المجتمع الاسرائيلي لا يزال كفاحيا جدا، ولا شك أنك ستشعر بالتضامن الفوري اذا ما روى لك أحد ما بانه خدم في حرب الايام الستة في اللواء 8 لمندلر، وقاتل معها في سيناء وفي الهضبة. ذات التضامن يمكن للمرء أن يشعر به فقط مع احد ما ولد في ذات المكان أو تعلم في ذات المدرسة.
لدينا ‘شبكة امنية’، ولكن هذه ليست شبكة بواسطتها تتغلغل قيم عسكرية الى المجتمع المدني بحيث ان الاحتياجات الامنية تعرض كمتعارضة مع تحقيق السلام. هذه شبكة تتغلغل فيها القيم المدنية الى المجتمع العسكري، تماما بذات القدر. ولما كان يدور الحديث عن تجنيد عام (وحسن ان هكذا) يوجد في هذه الشبكة أناس ذوو أراء مختلفة، قادرون على تغيير مواقفهم بعد أن يقتنعوا بذلك.
‘الشبكة الامنية’ ظاهرا، هي الشبكة الاجتماعية لاسرائيل، والتي خدم الكثير جدا من اعضائها في الجيش الاسرائيلي واجتازوا تجارب مشابهة صممت شخصياتهم. وهذا التميز الاسرائيلي كفيل بان يسهل علينا الوصول الى السلام مع الفلسطينيين، لانه حسب الاستطلاعات في السنوات الاخيرة، معظم اعضاء ‘الشبكة’ يفهمون بان السلام هو حاجة حيوية، وانه توجد ضرورة لدفع الثمن لقاءه. نحن دولة ديمقراطية، لها نواقص عديدة وجيش يطيع القيادة المدنية، يساهم مساهمة هامة في التراص الاجتماعي القادر على دعم القرارات التاريخية الحاسمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
الكرة في ملعب بوتين
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
يبدو في ظاهر الامر أن المعارضة الاوكرانية قد ربحت في مواجهة المعسكر الموالي لروسيا في اوكرانيا، لكن روسيا لم تقل كلمتها الاخيرة بعد
هناك من رأوا قيمة رمزية للميدالية الذهبية التي فاز بها أمس فريق النساء الاوكراني في الاولمبياد متقدما المنتخب الروسي. وكان بوتين يستطيع أن يحيا مع هذا لولا أن البرلمان في كييف عزل في الوقت نفس تقريبا وباكثرية كبيرة الرئيس فكتور ينكوفيتش حليفه.
لا شك في أن الجموع في كييف نجحت في أن يهدموا لبوتين المعوق بسبب الالعاب الاولمبية اليوم مراسم انهاء الالعاب العزيزة. فلم يكن بوتين يحلم أنه في الوقت الذي ينظم فيه لنا الالعاب الاولمبية الشتائية، تجدد اوكرانيا الحرب الباردة بين روسيا والغرب.
هذا الى سوء الظروف: فقد هرب ينكوفيتش الى الجانب ‘الروسي’ من اوكرانيا، أما البرلمان الجديد فعزله باكثرية كبيرة (328 نائبا من 450) عن منصبه وحدد موعدا جديدا للانتخابات.
وعادت يوليا تموشنكو (53)، وهي رمز ‘الثورة البرتقالية’ في 2004، الى ميدان الاستقلال في كييف. إن هذه المرأة التي أثْرَت في تسعينيات القرن الماضي بفضل الغاز الروسي وتولت رئاسة الوزراء مرتين في العقد الاخير، أصبحت من أقوى رموز الصراع بين الشرق والغرب على صبغة اوكرانيا، ومنذ كان اعتقالها في 2011 (بعد أن خسرت لينكوفيتش في انتخابات متقاربة جدا في 2010) بتهمة الفساد، حاول الاتحاد الاوروبي الافراج عن هذه المرأة الأنيقة ذات الضفيرة الشقراء، ولا سيما بعد أن ساء وضعها الصحي. وفشل الاتحاد الاوروبي هنا ايضا. بيد أن عشرات آلاف المتظاهرين في كييف نجحوا في أن يفعلوا في أقل من اسبوع ما فشلت بروكسل في فعله مدة ثلاث سنوات. لكن تموشنكو في 2014 ليست برتقالية كما كانت في 2004، لكنها موصومة بقضايا لا نهاية لها وبادارة سيئة لاوكرانيا.
موسكو لن تتنازل
حتى لو كان من المغري أن نظن أن المعسكر الموالي للغرب قد انتصر فان الامور ليست بهذه البساطة. إن اوكرانيا التي هي على شفا إفلاس، معلقة تماما تقريبا بروسيا التي وعدتها بقرض يبلغ 15 مليار دولار حولت اليها 3 مليارات منها. هذا الى أن روسيا خفضت بمقدار الثلث كلفة الغاز الذي تنقله الى اوكرانيا وحاجتها اليه كحاجتها الى الاوكسجين.
يصعب على الروس ايضا الانفصال عن اوكرانيا لاسباب تاريخية ثقافية ايضا ولأن الاسطول الروسي يرسو في البحر الاسود، ولأن تصدير الغاز الى اوروبا يمر باوكرانيا. والى ذلك لا يستطيع بوتين أن يتخلى للغرب عن اوكرانيا في حلمه الاستعماري الجديد (اورو آسيا). فيكفي أن الروس فقدوا دول البلطيق وشرق اوروبا. توجد حدود.
وماذا عن ينكوفيتش؟ اختار هذا الرئيس في سن الثالثة والستين أن يدير الازمة الشديدة في بلده وكأنه أزعر في الثامنة عشرة من عمره اتُهم بسرقة واغتصاب جماعي. وتتهمه محكمة (نصف) الشعب اليوم بقتل متظاهرين، وكسب باستحقاق مطلب الميدان الذي يطلب أن يراه في السجن أو في الجلاء. وحتى لو كانت موسكو لا تُجله اجلالا خاصا بل هي غاضبة عليه لسوء ادارته للازمة في اثناء العاب سوتشي، فانها لم تقل الى الآن الكلمة الاخيرة وستحاول أن تنقذ لا هو على التحديد بل ما يرمز اليه على الأقل، أعني النهج الموالي لروسيا.
ولم ننس أيضا أن القوميين في غرب الدولة ما زالوا قادرين على افساد الاحتفال الديمقراطي.
لا شك في أننا رأينا في الشأن الاوكراني على مر السنين لا عجز ينكوفيتش وحده بل المعارضة الاوكرانية ايضا والاتحاد الاوروبي وواشنطن بل رأينا تلعثما روسيا صعب عليه أن يعمل مع ذلك الرئيس.
قبل بضعة اسابيع فقط تحدث الاوروبيون كما ذكرنا آنفا عن اتفاق استراتيجي مع موسكو، وربما يرون الآن نشوء يوغسلافيا الجديدة، ربما في مركز القارة الاوروبية.
تُختتم الالعاب الاولمبية الشتائية هذا المساء، لكن البرد الحقيقي قد بدأ فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
عاد الروس الى سوريا
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
وصل عشرات الضباط والخبراء من الجيش الروسي الى سوريا في الاسابيع الاخيرة وشاركوا في قتال جيش الاسد للمتمردين كما تفيد مصادر دبلوماسية غربية في موسكو. وتم هذا الاجراء الدراماتي بعد سنة من اجلاء روسيا لخبرائها وعائلاتهم عن الدولة بسبب تصاعد حدة القتال.
يوجد بين الضباط الروس من هم في أرفع المستويات ممن اصبحوا مستشارين مختصين لرئيس الاركان السوري ولضباط هيئة القيادة العامة. ويعمل ضباط آخرون مستشارين مختصين الى جانب قادة في الوحدات الميدانية السورية من قادة الوية الى قادة طوابير. وهم في بعض الحالات يشيرون على مستويات أدنى ايضا. وفي مقابل ذلك زاد الروس كثيرا في المساعدة للجيش السوري في المجالات الامدادية والاستخبارية. ومن ضمن ذلك أن موسكو تتيح للجيش السوري قدرات استخبارية لدولة من القوى العظمى وهو ما يفترض أن يساعد الجيش على تحديد مواقع وحدات المتمردين وضربها.
تمت عودة الخبراء والضباط الروس الى سوريا بتوجيه مباشر من رئيس روسيا فلادمير بوتين. فالرئيس يحاول أن يُقر وضع الجيش السوري وأن يمنع انتقاضه ليمنع بكل ثمن انهيار النظام الذي كان يخدم في الايام العادية مصالح موسكو الاقليمية في الشرق الاوسط. وذكرت مصادر دبلوماسية غربية في موسكو أن بوتين خائف من امكان أن يتحول بلد الاسد الى ‘افغانستان’ وأن يسقط النظام في دمشق في أيدي أناس الجهاد العالمي. ويطمح رئيس روسيا الى أن يحافظ الآن على نظام الاسد وأن يقويه في مواجهة المباحثات التي تجري في جنيف حول مستقبل سوريا.
إن قرار بوتين مصحوب بتعزيز المدد العسكري المتدفق على سوريا بكميات كبيرة. فتأتي المعدات في كل اسبوع عن طريق رصيف للاسطول الروسي في ميناء طرطوس في شمال الدولة. وأكدت المصادر الدبلوماسية أن الاجراء العسكري غير العادي الذي يقوم به الروس تحدٍ للادارة الامريكية ايضا. والرسالة هي أنه في حين تخلت واشنطن عن الرئيس مبارك في مصر وتدير ظهرها الآن لقائد الجيش المصري المشير السيسي الذي أعلن ترشحه للرئاسة، تظهر موسكو الاخلاص لزبونها في الشرق الاوسط.
برغم ما يبدو انجازات تكتيكية للجيش السوري في معارك محلية، لم يعد الاسد يسيطر على 75 بالمئة من مساحة الارض والجيش السوري في حضيض لم يسبق له مثيل. إن جيش النظام قل بمقدار النصف منذ نشبت الحرب الاهلية واصبح عدده الآن نحوا من 200 ألف شخص فقط ولا يزيد عدد المجندين له على 10 بالمئة من الطاقة الممكنة، وتجاوز عدد القتلى في صفوفه 30 ألفا وارتفع عدد الجرحى الى نحو من 90 ألفا.
وفي اثناء ذلك جرت أمس معارك شديدة في الجانب السوري من الجولان بالقرب من الحدود مع اسرائيل حقا. فقد قصفت قوات من جيش الاسد مصحوبة بطائرات حربية وعصابات موالية للحكومة مواقع للمتمردين في بلدتين جنوبي القنيطرة. وبعد معركة شديدة نجحت قوات جيش النظام في السيطرة من جديد على المناطق التي كانت في أيدي المتمردين بالقرب من الحدود. ويجري في جبهة هضبة الجولان منذ اسبوع هجوم للواء سوري على وحدات متمردين في منطقة تل كدنة في جنوب الهضبة. ويحاول لواء سوري في اطار الهجوم أن يخلص وحدة محاصرة في تلك المنطقة بلا نجاح.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ