Haneen
2014-03-18, 11:56 AM
اقلام عربي 613
4/2/2014
قراءة في فرص نجاح كيري
بقلم: حسام الدجني عن القدس العربي
جهود مكثفة يبذلها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري في منطقة الشرق الأوسط سواء في إنجاح مؤتمر جنيف 2 الخاص بالأزمة السورية، أو عملية التسوية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وتمرير اتفاق الإطار.
ويبقى التساؤل المطروح اليوم، هل ينجح كيري في جهوده؟
كي نصل للإجابة لا بد من تفكيك المشهد، ومن ثم إعادة تركيبه، فاللاعبون الرئيسيون هم (إسرائيل)، والسلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية، وبعض الفواعل الإقليمية والدولية.
اللاعب الأول هو (إسرائيل)، وهنا لابد من الوقوف على مرتكزات الموقف الإسرائيلي من بعض القضايا (يهودية الدولة-القدس- اللاجئون- الأرض)، وما هو السقف المسموح أن تلعب به.
فـ(إسرائيل) لن تتنازل عن طرح يهودية الدولة، ولن تجد فرصة أفضل مما هو موجود الآن لتضغط على الجانب الفلسطيني للقبول بذلك، كي تتخلص (إسرائيل) من أكبر تهديد وجودي لها متمثل بالقنبلة الديموغرافية بشقيها اللاجئين وعرب الداخل.
وبخصوص القدس، فـ(إسرائيل) حسمت غربي القدس المحتلة، وهي تفرض وقائع جديدة على الأرض في شرقي القدس المحتلة، حيث نجحت في تغيير التركيبة السكانية في شرقي القدس، إذ بلغت نسبة اليهود 40.7′ مقابل 59.3′ للعرب في عام 2010، وبذلك قد تقبل (إسرائيل) بأن تخضع شرقي القدس تحت إدارة السلطة الفلسطينية باستثناء منطقة الحوض المقدس، وما تعنيه المنطقة من قداسة للمتدينين اليهود، وبذلك ستكون تلك المنطقة خاضعة للوصاية الدولية.
أما المرتكز الإسرائيلي بخصوص اللاجئين، فهو رفض الإقرار بالمسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية لقضية اللاجئين، وترفض حق العودة، وتدعم تصفية هذا الحق من خلال دعم دولي لتوطين اللاجئين في أماكن تواجدهم، مع إمكانية القبول بأعداد محدودة لا تشكل أي خطر على (إسرائيل).
وتبقى الأرض التي تحاول (إسرائيل) ترسيخ وجودها من خلال المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية، وبذلك قد تستخدم (إسرائيل) تلك الكتل البشرية التي ازدادت بالآونة الأخيرة في ظل حالة الأمن والأمان التي توفرها أجهزة أمن السلطة بالضفة الغربية، فـ(إسرائيل) قد ترفض إخلاء المستوطنات الكبرى، وقد تناور في مفاوضاتها ضمن مبدأ تبادل الأراضي بإقناع الجانب الفلسطيني بالقبول بضم منطقة المثلث ذات الكتلة البشرية التي تصل إلى 300000 فلسطيني للدولة الفلسطينية، مقابل إخلاء بعض المستوطنات الكبرى، أو التنازل عن منطقة الأغوار ذات الموقع الجيواستراتيجي المهم.
اللاعب الثاني هي السلطة الفلسطينية، وهي اللاعب الأضعف بالمعادلة ولكن رغم أوراق الضعف التي تمتلكها إلا أنها لن تستطيع تجاوز بعض المرتكزات والثوابت، وأهمها:
سقف التنازل عن برنامج الحد الأدنى الذي تتبناه منظمة التحرير، والمتمثل بدولة على حدود الرابع من حزيران/1967م، وعاصمتها ‘القدس الشرقية’، وعودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194.
رفض مطلق ليهودية الدولة وضم أي أراضٍ من منطقة المثلث، لما تدركه القيادة الفلسطينية من تداعيات خطيرة على مستقبل القضية.
اللاعب الثالث يتمثل بالإدارة الأمريكية، فهي جادة في تحقيق إنجاز على الأرض يضمن لـ(إسرائيل) مكاناً ودوراً ضمن خارطة الشرق الأوسط الجديد، ونجاحاً لإدارة أوباما، ولشخص جون كيري وطموحاته السياسية، ولكن لن تستطيع الإدارة الأمريكية الانقلاب على ثوابتها تجاه (إسرائيل)، وستجنبها أي ضغوط سياسية، وستتعامل ضمن ازدواجية معايير واضحة المعالم تصب في مصلحة (إسرائيل) وأمنها وبذلك لن تكون وسيطاً نزيهاً.
أما اللاعب الرابع فهم الفاعلون الدوليون التي تتقاطع رؤاهم في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أياً كان الثمن، وهنا ستمنح الجامعة العربية الشرعية لأي اتفاق يوافق عليه الفلسطينيون.
في ضوء التحليل السابق، نجد أن الفجوة كبيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفرص تحقيق التسوية ضعيفة للغاية، ولكن ما نخشاه هو غياب المؤسسة الفلسطينية القادرة على تحمل تلك الضغوطات ورفضها ووضع الخيارات والبدائل لمجابهتها، فالقضية الفلسطينية تعيش أخطر مراحلها، ومن هنا ينبغي على الكل الوطني تحمل مسؤولياته، والترفع عن كل الخلافات، وإنهاء الانقســـــام، وتجديد الشرعية للمؤسسات الفلسطينية، فمن الممكن أن يكون الضامن للحقوق والثوابت الفلسطينية، ومدخلاً لرفض أطروحات كيري من قبل الرئيس محمود عباس كونها تعبر عن الخيار الشعبي بالداخل والخارج.
كيري «يهدد» إسرائيل!
بقلم: الياس حرفوش عن الحياة اللندنية
سوف تكون معذوراً إذا لم تكن مهتماً بمتابعة مسيرة المفاوضات التي يجريها وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالواسطة بين محمود عباس وبنيامين نتانياهو. تجربة السوابق بالنسبة الى الوساطات الأميركية في هذه الأزمة لا تبشر بالخير، فلماذا يُنتظر من كيري ان ينجح في ما فشل اسلافه عن تحقيقه، وخصوصاً منذ التوصل الى اتفاق اوسلو، وعجز إدارات جورج بوش الأب وبيل كلينتون ثم جورج بوش الابن عن التوصل الى التسوية الموعودة؟
غير ان كيري يتحدث الآن بلغة لم نسمعها من قبل على لسان اسلافه، ربما باستثناء جيمس بيكر، الذي هدد اسحق شامير علناً بوقف اي اتصال مع الجانب الإسرائيلي، وقال له على الهواء: هذا رقم وزارة الخارجية ... تستطيعون الاتصال بي عندما تكونون مستعدين لتقديم ما يلزم لتحقيق السلام.
الآن يسمع الإسرائيليون من كيري كلاماً يعتبرونه تهديداً من جانب واشنطن لم يألفوه من قبل. في منتدى الأمن والدفاع الذي عقد في ميونيخ، قال كيري: اذا فشلت المفاوضات مع الفلسطينيين سيتبين أن ازدهار وأمن اسرائيل ليسا سوى وهم موقت ... حملة نزع الشرعية عن اسرائيل والمقاطعة الدولية ستزداد وستواجه اسرائيل أخطاراً اكبر.
انضم وزراء في حكومة نتانياهو الى زميلهم وزير الدفاع موشي يعالون الذي سبق ان هاجم كيري ودعاه الى التخلي عن مهمة الوساطة «لأنك لا يمكن ان تعلمنا شيئاً عن النزاع مع الفلسطينيين». وزير الاقتصاد نفتالي بينيت قال انه كان يتوقع من اكبر صديقة لإسرائيل في العالم «ان تقف الى جانب اسرائيل في مواجهة موجة المقاطعة لا ان تكون بوقاً لها». ووزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتس اعتبر تصريحات كيري «سيئة ولا تطاق» وقال «لن يكون ممكناً ان يفرضوا تسوية على اسرائيل بتوجيه المسدس إلي رأسها».
اما نتانياهو فقد افتتح جلسة الحكومة الإسرائيلية اول من امس الاحد بالقول: اي ضغط على اسرائيل لن يثمر، ولن يدفعني نحو المساومة على المصالح الحيوية لإسرائيل وفي المقدمة امنها.
وصف المؤرخ اليهودي آفي شلايم، صاحب الكتاب المرجع «الجدار الحديدي: إسرائيل والعالم العربي» في مقال نشره في صحيفة «نيويورك تايمز» الصَلَف الإسرائيلي في وجه الولايات المتحدة بأنه بلا اخلاق. عنوان المقال كان: «على اسرائيل ان تتعلم شيئاً عن اصول التصرف». وذكر شلايم ان مجموع ما انفقته الولايات المتحدة على اسرائيل منذ عام 1949 بلغ 118 بليون دولار، كما استخدمت الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الأمن 42 مرة لحماية اسرائيل منذ توقيع معاهدة كمب ديفيد سنة 1978. ولخّص ما يريد ان يقوله بجملة بسيطة: اميركا تعطي اسرائيل المال والسلاح وتقدم لها المشورة. لكن اسرائيل تأخذ المال والسلاح وترفض النصيحة بطريقة غير اخلاقية.
كلنا نعرف السبب الحقيقي لهذا الاستخفاف الإسرائيلي بموقف واشنطن وبرأيها. وهو عدم رغبة واشنطن في ممارسة اي ضغط على الإسرائيليين، لإرغامهم على تسوية مقبولة مع الفلسطينيين. واشنطن قادرة على ذلك بلا شك، لكن المسؤولين فيها لا يريدون، لأن الحسابات السياسية الداخلية تتحكم بمواقفهم اكثر من الحسابات الأخلاقية وحسابات مصالحهم في المنطقة.
لو كانت لدى الإسرائيليين رغبة حقيقية في السلام، لكانت هذه افضل فرصة لهم لتحقيق ذلك. العرب منشغلون بأزماتهم الداخلية عن صراعهم مع اسرائيل. والفلسطينيون في حال استثنائي من الضعف والانقسام. والعرض الموجود على الطاولة من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما شرحه في حديثه الى صحيفة «نيويورك تايمز» في عدد الأمس، هو عرض «تاريخي» بكل المقاييس: وجود دائم لقوات من حلف الأطلسي على حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، سواء مع الأردن في الشرق او مع اسرائيل في الغرب، وفي مدينة القدس. انسحاب اسرائيلي مرحلي يمتد الى خمس سنوات (بدل ثلاث) من الضفة الغربية.
دولة فلسطينية منزوعة السلاح. وروى محمود عباس قصة لقاء جمعه قبل بضع سنوات مع نتانياهو بحضور وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون. سأل عباس رئيس الوزراء الإسرائيلي: اذا لم تثقوا بحلفائكم لحماية حدودكم، فبمن تثقون؟ اجاب نتانياهو: أثق بجيشي فقط.
لو كان نتانياهو مقتنعاً بالسلام لأصبح كل شيء سهلاً، كما يقول محمود عباس... وبانتظار ان يقتنع نتانياهو، سيظل جون كيري يحاول. لقد اصبح النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وظيفة ضرورية لوزراء الخارجية الأميركيين، مع انهم يعرفون انه لا توجد أي فرصة للنجاح.
عام التسويات
بقلم: علي ابراهيم عن الشرق الأوسط
بقدر ما كانت أحداث المنطقة عاصفة ومضطربة في السنوات الثلاث الماضية، كانت الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، وفي قطاع غزة الواقع تحت سيطرة حركة حماس، هادئة نسبيا ولم تتأثر بموجة الربيع أو التغيير العربي في بلدان كانت معظمها مرتبطة تاريخيا حربا وسلاما بالقضية الفلسطينية. وباستثناء محاولة انتفاضة شعبية سحقتها حركة حماس على الفور، وارتباطات الحركة الخارجية بالتنظيم الأم، لم يكن هناك على الأجندة سوى قضية الخلاف الفلسطيني والحديث عن مصالحة لم تتم، ومحاولات إيجاد فرص لدفع المسيرة الطويلة المتعثرة لعملية السلام.
لم يكن هناك أمام السلطة في رام الله سوى ترقب ومتابعة تطورات دول كانت طرفا أساسيا في أي عملية سلام منذ البداية خاصة مصر التي فتحت هذا الطريق منذ أواخر السبعينات، بينما كانت حماس أكثر تفاعلا تلملم خسائرها بعد طرد قيادتها من دمشق، وترتفع آمالها في تعويض ذلك بعد وصول الإخوان إلى الحكم في مصر، لتجد نفسها مرة أخرى في عزلة أكبر بعد إطاحتهم في انتفاضة شعبية جديدة، مع مخاوف لديها من فاتورة سيتعين عليها أن تدفعها ثمنا لمواقفها السابقة، ولذلك بدأت الحديث مجددا بشكل أكثر مرونة عن المصالحة مع السلطة، بعدما أصبحت في موقف ضعيف لا تملك معه الكثير من أدوات التأثير.
هذا الوضع قد يفسر الأولوية التي أعطاها جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة وإدارة أوباما للملف الفلسطيني - الإسرائيلي في توقيت بدا مستغربا لكثيرين، فالمنطقة مضطربة وتطوراتها متسارعة في مشهد يحمل معه الكثير من الفوضى وعدم القدرة على التنبؤ في دول التغيير بينما هناك ما يشبه الحرب الأهلية المستعرة في سوريا، وأصبح لها امتدادات إقليمية ودولية.
والحقيقة أنها كانت التقاطة ماهرة لكيري لفرصة تلوح في تحقيق اختراق في ملف احتارت فيه عدة إدارات أميركية، واستنزفت فيه جهدا كبيرا دون إحراز نتيجة، خاصة الإدارة الأميركية في عهد كلينتون الذي التقى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عددا من المرات يفوق أي زعيم أجنبي آخر، فليس هناك وقت أفضل للحصول على تنازلات وتسويات من الوقت الذي تبدو فيه كل الأطراف الخارجية المؤثرة في الملف غير قادرة على التأثير بحكم انشغالها بقضايا أهم تتعلق بها، بما في ذلك إيران التي تطمح للوصول إلى اتفاق يحل مشكلة ملفها النووي ورفع العقوبات التي أرهقت اقتصادها.
والظاهر أن ثمار الزيارات المكوكية التي قام بها كيري إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل بدأت تظهر من خلال مجموعة الأفكار التي طرحت في الأيام الماضية لاتفاق إطار يجري العمل عليه كأساس لتسوية مستقبلية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مثل قضية بقاء مستوطنين إسرائيليين في إطار عملية مقايضة أراض فلسطينية إسرائيلية، وتقديم تعويضات إلى اليهود الذين أجبروا على مغادرة دول عربية، أو ما طرحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من حل قضية المخاوف الأمنية لإسرائيل من خلال وجود قوات لحلف ناتو تراقب كل الحدود، وإجراء الانسحاب الإسرائيلي من الضفة على خمس سنوات بدلا من ثلاث سنوات.
هذه الأفكار، قد تكون بالونات اختبار أو غير نهائية خاضعة للمساومات من هنا أو هناك، لكنها بما تطرحه من تفاصيل دقيقة، تعطي مؤشرا بأن ما جرى تداوله أو مناقشته أعمق بكثير، وأننا على أعتاب مرحلة بلورة الصياغة النهائية لنتائج المفاوضات التي أبقيت سرية لشهور وراء أبواب مغلقة، وأن هناك شيئا سيكون جاهزا قبل حلول مهلة أبريل (نيسان) المقبل لإتمام المفاوضات، التي بدأ الحديث عن تمديدها إذا لاحت بوادر حقيقية لاتفاق.
وإذا كانت التجارب الماضية لمفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية تشير إلى أنه لا يمكن توقع شيء، فكم من المرات أحرز الجانبان تقدما كبيرا نحو التوصل لاتفاق لينسف كل شيء في لحظة، فإن هذه المرة تبدو مختلفة، وهي أشبه بالفرصة الأخيرة وسط فوضى عارمة في المنطقة ستأخذ وقتها وتنتهي على أوضاع جديدة، قد لا تتيح فرصا أخرى، المهم أن يستطيع الفلسطينيون أن يحصلوا على حقوقهم المشروعة. وقد يكون هذا هو أول ملامح الوضع الجديد للمنطقة بعد موجة التغيير التي ضربتها!
زوبعة في فنجان الكونفدرالية
بقلم: باسم سكجها عن الدستور الأردنية
مسيرة الجامع الحسيني تعلن رفضها للكونفدرالية الاردنية الفلسطينية، وتصدر الجبهة الشعبية بياناً يرى فيها مؤامرة، وتظهر عشرات المقالات الرافضة المنددة التي تعتبرها إما المحاولة الاخيرة لتصفية القضية الفسطينية، او واحدة من سلسلة محاولات تحقيق الوطن البديل.
من يتابع كل ذلك يظنّ أن هناك مشروعاً واضح المعالم يجري بحثه بين طرفين، او في القليل ان هناك مبادرة سياسية مطروحة للدراسة، ولكن ذلك كله ليس صحيحاً، ولا اساس واضحاً له سوى خبر نُشر في صحيفة وتم نفيه، مفاده ان محمود عباس ابلغ قيادات فلسطينية ان لديه معلومات حول قرب طرح فكرة الكونفدرالية مع الاردن، وعليهم تهيئة انفسهم لهذا الامر.
تصوروا ان رئيس دولة يعلن ان لديه “معلومات” حول شان يتعلق بمستقبل دولته، وكأنه مجرد صحافي سمع عن “معلومات” وسيقوم بنشرها، ويكون الامر اساساً لكل هذه الضجة التي تبدو وكأنها زوبعة في فنجان، فليس هناك على ارض الواقع ما يمكن ان يؤشر لمثل تلك النتيجة.
فأية كونفدرالية هذه التي ستقوم بين فلسطين والأردن وفلسطين فيها محتلة اولاً، ومقسمة بين رام الله وغزة ثانياً، وتملأ المستوطنات الضفة الغربية والقدس، وسيبدأ قريباً بناء جدار حدودي على ضفة نهر الاردن يحمل مغزى الفصل النهائي؟
ما يحزن في المسألة أن التعامل مع هذا الموضوع الحساس يأخذ شكل الاصطفاف، وتبادل القصف الكلامي المجاني، ولو كان له اساس لقبلناه باعتباره شكلاً من الحوار الساخن، ولكن أن نتعارك على مجرد خبر تمّ نفيه وثبت خطؤه فأمر لا يمكن فهمه بالمرة!
خطة كيري.. الأمل أم هروب من الفشل؟
بقلم: ماهر الجعبري عن الزمان العراقية
تناقلت وسائل الإعلام (31/1/2014) خبرا مفاده أن “امريكا تأمل التوصل إلى اتفاق إطار في الشرق الأوسط”، وبينت أن الإطار سيشمل اعترافا بيهودية “إسرائيل” وإقامة منطقة أمنية عازلة عند الحدود بين الأردن والضفة الغربية (غور الأردن)، بما يتضمن إقامة جدار ووضع أجهزة استشعار وستستخدم طائرات من دون طيار وذلك بتمويل وإشراف أمريكي. وسيمكن الإطار ما يقرب من 80 بالمئة المستوطنين من البقاء في مستوطناتهم، كجزء من تبادل الأراضي بين “إسرائيل” والفلسطينيين، وسيتطرق لقضية اللاجئين الفلسطينيين -على أساس التعويض- مربوطة مع تعويضات لليهود الذي غادروا منازلهم في الدول العربية.
وذكرت الصحف أن الاتفاق سيبقى “غامضاً فيما يتعلق بوضع القدس في المستقبل”، ومن ثم ستسعى أمريكا بعد ذلك للتفاوض للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي بحلول نهاية عام 2014، مما سيسمح لها بتمديد المحادثات حول التفاصيل إلى ما بعد المهلة الأصلية التي تنقضي في 29 نيسان القادم.
إن تقديم الخبر على أنه “أمل” لأمريكا، لا ينفي واقع الفشل والمأزق الأمريكي، ولذلك أبقت أمريكا الإطار غامضا في تفاصيل أخرى (القدس)، بل تحاول أن تروج أن القدس تعني بلدة أبو ديس، وهذا التضليل (حول معنى القدس!) يتناغم مع علو لهجة قادة المنظمة وساسة الأنظمة العربية في إلصاق كلمة “الشرقية” للقدس كلما ذكرت كعاصمة للدولة الفلسطينية.
وهذا الغموض متطلب لتمرير الاتفاق على أهل فلسطين، إضافة إلى حاجة أمريكا في تمديد المفاوضات وتجنب انهيارها في ظل انهماكها في الملف الأكثر سخونة في ثورة الشام، وهي تعمل على منع انقلاب المشهد فيها عن دولة إسلامية تقلب الطاولة على رأس أمريكا ومن لف لفيفها، وتمثل التحدي الحقيقي الذي يزيل دولة اليهود للأبد.
ولذلك فإن الخبر يذكر بوضوح أن أمريكا تتطلع إلى إطالة عمر المفاوضات (التي جددها كيري وأوشكت على الانتهاء) مع إصرار اليهود على عدم التنازل عن أي معنى من معاني السيادة ويهودية دولتهم، أو عن أي مطلب من مطالب الأمن، ورفضهم عودة اللاجئين، بل إن الخطة تربط مبدأ التعويض (المالي) بتعويض اليهود الذين قدموا من الدول العربية، مما يفرغ العبء المالي (للتعويض)، ويحمله للدول العربية.
وعلى ما يبدو فإن الإطار يلبي المطالب الأمنية اليهودية على الصورة التي يصرّ عليها اليهود، كيف لا وأمريكا تعتبر “أمن إسرائيل هو من أمن أمريكا”، كما عبر أوباما من قبل، ولذلك ستنخرط أمريكا في الترتيبات الأمنية ضمن المنطقة العازلة الأمنية عند الحدود مع الأردن.
إضافة لذلك فإن الاتفاق سيبقى على جلّ المستوطنين ضمن مستوطناتهم، ومن ثم سيرسخ دور الأجهزة الأمنية الفلسطينية في حماية أمنهم ويجعل مهمتها دائمة في مواجهة كل من يخطر بباله التصدي لعربدة المستوطنين وجرائمهم.
إن الناظر لما تكشف من تفاصيل هذه الخطة الأمريكية يجد أنها تضيف سجلا عريضا من الخيانات المتجددة للقيادة الفلسطينية المتمثلة في محمود عباس، الذي سبق أن اعترف في كتابه طريق أوسلو أنه مارس الاتصالات السرية مع اليهود حتى عندما كانت المنظمة تجرم تلك الاتصالات.
وعباس اليوم يتكتم على التفاصيل ضمن الدائرة المغلقة المحيطة به، بينما يتخبط من حوله في تصريحاتهم وتحليلاتهم حتى وصل الحال بمحلل فلسطيني لوصف المشهد باللهجة الفلسطينية الدارجة بأنه “خبصة وقايمة”، للتعبير عن حالة الفوضى والانتظار التي تعيشها “النخبة الفلسطينيّة” مع اقتراب مهمّة كيري من لحظة الحقيقة. والحقيقة أن حالة التخبط هذه يمكن فهمها ببساطة لدى استحضار نهج عباس في التكتم على أعماله، كما تحدث في كتابه المذكور حول التكتم على التنسيق لمؤتمر مدريد عام 1991، حيث كان يجري الترتيبات السياسية بينما كانت الأضواء تسلط على وفد الضفة الغربية في حينه.
وأمام هذه الحقيقة، فإن الواجب على أهل فلسطين أن لا يسمحوا لقيادة المنظمة بممارسة مزيد من التضليل على أهل فلسطين، وهم اليوم مدعوّون لوقفة حق صادعة في وجه المتآمرين ممن يسيرون في ركاب أمريكا، والذين يريدون تمرير الخيانة تحت عنوان المشروع الوطني.
إن فلسطين لها رجالها من أبناء الأمة الأبرار الذين يعلمون أن اليهود لا يفهمون إلا لغة العسكر والمدافع، بينما يصر قادة المنظمة على لغة الانبطاح والتنازل في تحد صارخ لتاريخ الأمة وثقافتها وعزتها، مما سيجعلهم في تحد مع أهل فلسطين ومن ورائهم الأمة، ومما سيشعل الكفاح ويزلزل الأرض تحت أقدام رجالات المنظمة ومن يسترزق من خياناتها.
الأقصى و«الهيكل الثالث».. وراية «الجهاد»
بقلم: مأمون الحسيني عن الوطن السورية
في استغلال عار لعملية التفاوض الكارثية التي ما زالت السلطة الفلسطينية ترفض التحلل منها، وفي سياق محاولة التقاط اللحظة التاريخية التي توفرها الحرب الكونية الإرهابية التي تشن على الدولة والشعب في سورية، وعلى أنظمة وشعوب ما كان يسمىدول «الطوق العربي»، بنسب مختلفة، لترجمة الأطماع والنيات الإسرائيلية، ولاسيما ما يتعلق بهدم وتدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وتهجير آلاف المقدسيين خارج مدينتهم القدس، أظهر تحقيقٌ تلفزيوني بثته القناة العاشرة الإسرائيلية قبل أيام، أن منظماتٍ يهودية تحظى بدعم حاخامات نافذين وسياسيين ووزراء، من بينهم وزير الاستيطان أوري أريئيل، أنهت استعداداتها لبناء ما يسمى «الهيكل الثالث» على أنقاض «الأقصى» الذي سيتم هدمه «بأيدي اليهود، بعد أن انتهى التعويل على انهياره نتيجة ومضة برق أو قصفة رعد»، حسب ما جاء على لسان أحد أشد المهووسين ببناء هذا «الهيكل».
وفق الأسطورة اليهودية المفبركة، يعرف الهيكل بالعبرية بـ«بيت همقداش» أي البيت المقدس أو «هيخال»، وتعني البيت الكبير في كثير من اللغات السامية، وقد أعدَ، وفق هذه المزاعم، ليكون مسكناً للإله، قبل أن يتحول إلى مكان للعبادة وأداء الطقوس وتقديم القرابين. ويزعم اليهود أن الهيكل بناه سليمان عليه السلام فوق جبل موريا، حيث الآن المسجدان الأقصى وقبة الصخرة، في الفترة 960-953 ق. م. وقد هدم هذا الهيكل على يد نبوخذ نصر البابلي عام 586 ق. م، ثم أعاد اليهود بناءه في سنة 520-515 ق. م. ويذكر اليهود أنه بني، أيضا، بأمر من الرب، وتم هدمه على يد القائد الروماني توتوس سنة 70 ميلادية، لتنسج حوله، بعد، جملة من الأساطير التي تحولت إلى عقائد وطقوس لدى اليهود منها: الصوم في ذكرى الهدم، وذكر الهيكل المهدوم عند الميلاد والموت، وعند الزواج، وغير ذلك من الهرطقات المتعلقة بهذا المعلم المتخيَل الخرافي الذي اثبت علماء الآثار من اليهود والأوروبيين والأميركيين، الذين شاركوا في الحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي، أنه لا أثر له.
ومع ذلك، وبصرف النظر عن مشروعية التصدَي للأساطير التوراتية التي عملت الصهيونية على تحويلها إلى وقائع تاريخية تثبت ما يسمى «الحق الإلهي» لليهود في الأراضي المقدسة، وبعيداً عن مواقف بعض العرب والمسلمين الذين يساهمون، عملياً، في تنفيذ المخططات الصهيونية من خلال صناعة أنموذج «إسرائيلي» جديد لـ«الجهاد» وتوجيه طاقاتهم وقدراتهم لتدمير سورية وشعبها، فإن الصعود إلى ما يسمى «جبل الهيكل» لم يعد شعائر دينية لليهود الحريديم فقط، بل أصبح تظاهرة سياسية تؤشر إلى إلغاء الفرق بين ما يسمى الصلة الدينية والسيادة السياسية، وترمي إلى إقرار حقائق على الأرض. وتحت ظلال ذلك، تم الانتهاء من إعداد المخططات الهيكلية لبناء ما يسمى «الهيكل الثالث»، وإقامة ورشة عمل جمع الحجارة الخاصة ببناء الهيكل، بعد هدم الأقصى، والذي سيعقبه، وفق المؤمنين بـ«المعتقدات المسيانية»، اندلاع ما يطلقون عليه حرب يأجوج ومأجوج التي سيتخللها ظهور المسيح ثم يتم بناء الهيكل الثالث المزعوم الذي سيمتد، وفقاً للمخططات، نحو الشمال على حساب الحي الإسلامي في المدينة المقدسة.
وعادت آيات الأخرس
بقلم: أمجد عرار عن الخليج الاماراتية
هل يكون الإنسان شهيداً وأسيراً، الأمرين معاً؟ في عرف احتلال كالذي يغتصب فلسطين، نعم يكون الإنسان شهيداً وأسيراً . يحصل كثيراً أن يتحول الأسير في سجونه إلى أسير، ويحصل أيضاً أن يتحوّل الشهيد إلى أسير . ينسى المتشدّقون بحقوق الإنسان أو يتناسون عمداً وعن سبق إصرار وترصّد، ما يحفل به سجل هذا الاحتلال من "إبداع" في "فن" ارتكاب الجرائم، ومن تفرّد في التلذّذ في عذاب الفلسطينيين والعرب، ومن إمعان في العقاب الجماعي . عقاب يمارسه من يستحق العقاب كل دقيقة بحق ضحايا تتجدد تضحيتهم كل ثانية من أعمارهم .
بعض أبناء العروبة لا يسمعون باسم آيات الأخرس التي أخذت قرار الاستشهاد قبل اثنتي عشرة سنة في ذروة الاجتياحات الدموية "الإسرائيلية" للضفة الفلسطينية . لا يسمعون بها لأنها شهيدة من الدرجة الأولى وليست راقصة من الدرجة العاشرة، لا يسمعون بها لأنهم مشغولون عنها بما هو أهم، فلم يعد للعرب معارك مع مغتصبي أرضهم، فلا بأس من الانخراط في معارك "الفيفا . لا عمليات عسكرية ولا دوريات ليلية تزعج أبراج المراقبة "الإسرائيلية" الغارقة في الملل، فلا ضير من الانشغال بالدوريات الأوروبية والانخراط الوجداني في معاركها على جبهات مدريد وميلان وموناكو وأمستردام .
أخيراً عادت آيات الأخرس جثّة إلى محطتها الأخيرة، وأية محطات تطوفها فلسطينية كآيات؟ من لاجئة في مخيم الدهيشة إلى شهيدة في أكناف بيت المقدس، إلى رفات يعود إلى مقبرة المخيّم الذي عرف الانتفاضات والجدار قبل غيره، إلى المخيم الذي يجيب ابن الخامسة فيه عن سؤال: من أين أنت؟، فيقول: من عين كارم، أو بيت عطا أو بيت محسير، أو الرملة أو اللد، فيعطي السائل درساً بأن المخيم ليس سوى ممر وإن طال الزمن، وأن مقولة غسان كنفاني "خيمة عن خيمة تفرق"، لم تكن مجرد فذلكة لفظية في رواية تزحف على بطنها لنيل جائزة، أو تتحوّل كلماتها النازفة إلى عائد دولاري من مؤسسة تفرّغها من الوجدان وتغلفها بالهوليوودية .
نعم في "إسرائيل" يتحوّل الشهيد إلى أسير، فهي تحكم بالسجن على الجثّة، وإذا كانت تزج بالأسرى الأحياء في مقابر فوق الارض، فإنها تلقي بالشهداء الأسرى في مقابر الأرقام تحت الأرض . وأخيراً، عادت آيات الأخرس جثّة من مقابر الأرقام الصهيونية، لتدفن كما يليق بشهيدة بعمر الزهور عقدت قرانها مع الوفاء لوطن دفن فيه جدها المائة أو الألف .
الآن بات بإمكان والدة آيات أن تذرف الدموع على قبر ابنتها وهي تعلم أن دموعها ستتسلل في ثنايا التربة فترطّب روح آيات وتبلغها بأن "أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها (أو ابنتها)، وعاد (أو عادت) مستشهداً (أو مستشهدة)" . الآن من حق والد آيات الذي حافظ على قبر حفره قبل اثنتي عشرة سنة، أن يخنق الدمعة في مقلتيه وأن يقول "آيات أقرب لحضني اليوم من أي وقت مضى" .
آيات عادت جثة وتركت خلفها ثلاثمائة شهيد في مقبرة الأرقام . لم يكن الشهداء يوماً أرقاماً إنما قصص وحكايا، وتبقى آيات أيقونة إنسانية، لكن ماذا بقي من آيات المؤمن الثلاث، إذ بات لسان الإفتاء بالحق أخرس .
الإخوان فى وثائق الأمريكان
بقلم: محمد كمال (http://www.almasryalyoum.com/Editor/Details/701) عن المصري اليوم
استكمالاً لما كتبته الأسبوع الماضى عن الرؤى الأمريكية لمصر، من واقع زيارة لواشنطن، فقد أتيح لى أيضاً التعرف على جوانب جديدة للعلاقة بين الولايات المتحدة والإخوان المسلمين استناداً لعدد من الوثائق التى أصبحت متاحة للباحثين.
المجموعة الأولى من الوثائق تكشف عن امتداد العلاقة بين الولايات المتحدة والإخوان عبر عدة عقود من الزمن، وليس فقط خلال السنوات الأخيرة. والوثائق هى برقيات من السفارة الأمريكية بالقاهرة متاحة بدار الوثائق الأمريكية، وتكشف عن قيامها بإجراء اتصالات بالإخوان منذ الأربعينيات فى القرن الماضى.
وتتحدث برقية صادرة فى سبتمبر 1943 عن الهيكل التنظيمى للجماعة استقتها من لقاء مع أحد أعضائها. وتشير برقية أخرى إلى رؤية الجماعة بخصوص إنشاء دولة دينية، وحصول أعضائها على تدريبات عسكرية. وتتحدث إحدى البرقيات عام 1944 عن طبيعة الخطر الذى تمثله الجماعة على المجتمع المصرى، ولكن الجماعة على حسب وصف البرقية «لا تشكل بالضرورة خطراً على المصالح الأمريكية». ويصف السفير الأمريكى بالقاهرة فى برقية بتاريخ مارس 1944 جماعة الإخوان المسلمين بأنها «على استعداد لمنح ولائها لمن يقدم مقابلاً أكبر».
وتشير البرقيات إلى أن الجماعة حظيت باهتمام كبير من الولايات المتحدة فى الأربعينيات والخمسينيات، وإلى العديد من الاجتماعات التى تمت بين مسؤولين فى السفارة الأمريكية وأعضاء من الجماعة فى مستويات تنظيمية مختلفة خلال هذه الفترة، منها اجتماعات مع مرشد الجماعة حسن الهضيبى عامى 1952 و1953. واجتماعات مع قيادات أخرى فى الإخوان مثل الشيخ الباقورى ومحمود مخلوف.
المجموعة الثانية من الوثائق تضمنها كتاب صدر حديثاً بعنوان «مسجد فى ميونخ: النازية والمخابرات الأمريكية وصعود الإخوان فى الغرب» قام بتأليفه إيان جونسون. ويتتبع فيه سعى الولايات المتحدة وجهاز مخابراتها لاستخدام الإسلاميين كأداة لتحقيق مصالح الغرب. ويذكر أن إحدى حلقات الاتصال كان سعيد رمضان، القيادى الإخوانى، زوج ابنة حسن البنا، والذى تمت دعوته لواشنطن كمندوب لجماعة الإخوان المسلمين- كما يشير نص الدعوة- وترتيب لقاء له مع الرئيس أيزنهاور فى البيت الأبيض فى 23 سبتمبر 1953.
ومع خروج رمضان من مصر واستقراره فى أوروبا تم استخدامه وجماعته كأداة لمواجهة عبدالناصر فى مصر ومواجهة الشيوعية فى العالم الإسلامى وفقاً للمخططات الغربية. وقام رمضان ببناء شبكة الإخوان المسلمين فى أوروبا من خلال مشروع بناء مسجد (مركز إسلامى) فى ميونخ بألمانيا، والذى أصبح المقر الرئيسى للإخوان فى ألمانيا وأوروبا. ويشير الكاتب إلى أن «الولايات المتحدة استخدمت تأثيرها المالى والسياسى لمساعدة رجل الجماعة فى أوروبا». وتدعمت علاقة مسجد ميونخ بالإخوان عندما تولى مهدى عاكف- مرشد الإخوان فيما بعد- إمامة المسجد فى الفترة من 1984 وحتى 1987.
القصة طويلة، ولا تكفى مقالة لتوضيحها. والخلاصة: إن علاقة الولايات المتحدة بالإخوان هى علاقة قديمة نسجت خيوطها سفارات وأجهزة استخبارات، وإن هذه العلاقة قامت على مصالح مشتركة وعلى استخدام الجماعة كأداة لتحقيق أهداف الولايات المتحدة والغرب. وأخيراً، فإن البعد الخارجى للتعامل مع الإخوان لا يجب أن يقل أهمية عن البعد الداخلى.
من وراء خلاف قطر مع الإمارات؟!
بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
في زمن الحرب الباردة العربية، كان بعض المنخرطين في تلك الصراعات يسأل لماذا لا تقوم انقلابات في أوروبا وأمريكا أسوة بما يجري في البلدان العربية والعالم الثالث؟
وهو على سذاجته لا يدرك أن الفوارق بين النظم الديمقراطية وحديثة النشأة، أو المتخلفة في الواقع الحقيقي متباعدة تماماً عندما تحكم دول بنظام الاقتراع، وأخرى بنظام الثكنة العسكرية، ولذلك لم يكن مفاجئاً أن تقوم حرب مدمرة بين هندوراس، والسلفادور في أمريكا الوسطى بسبب من يتأهل منهما لكأس العالم لكرة القدم، وتقود هذه المسألة إلى مشكل دولي بسبب حماقات سياسية أدت إلى مشكل عسكري وسياسي، وكاد الخلاف بين الجزائر ومصر على حدث مماثل أن يخلق قطيعة بينهما بسبب نفس اللعبة لولا تدارك الأمر بعقلية مختلفة وازنت بين الأمور، وحُسمت لصالح العلاقات الأخوية الراسخة..
على النقيض من ذلك أسست مباراة بين فريقين أمريكي وصيني في كرة المضرب لمرحلة فتح أبواب الصوالين السياسية التي ظلت مغلقة، فبدأت مباحثات على أعلى السلطات، فكان التعاون وإنهاء التوترات وخلق أجواء عمل مهمة أنهت أسطورة الايدلوجيا لصالح المستقبل البعيد، والمصالح المشتركة..
تحدث خلافات وحروب لأسباب متعددة، كالحدود أو أوضاع الأقليات دينية أو عرقية، أو أي مبررات تدفع بالدول والمجتمعات لتنمية المشاعر الشعبية وتهيئتها للعداء بما يشبه غسل الأدمغة، ولذلك ظلت تلك الدول تُسقطها خلافاتها، وتصبح بؤراً لتدخلات إقليمية أو دولية ما أضاع عليها فرص بناء ذاتها بروح التعايش والحقوق المتساوية..
في دولنا العربية، وعلى مدى نصف قرن أو أكثر تصاعدت الخلافات وذهب المواطن ضحية سوء الإدارات السياسية، وكلنا يتذكر حروب الإعلام، والفصل بين نظام وآخر لمجرد أنه يلتقي مع الشرق الاشتراكي ضد الغرب الامبريالي حتى أصبحت تلك التعابير شعارات انقسمت حولها الجماهير، تظاهرت وتصادمت بدعم مبرمج مع السلطة التي تتبع تلك الجهة أو ضدها، ولا تزال الأزمات تتصاعد لدرجة أن زوال الخلاف على المعسكرين جاء بديلاً عنه تطرفٌ قومي وديني ومذهبي، وتحولنا من المناوشات على منابر الإعلام، إلى الاقتتال بالأسلحة، وهو طور جديد يشهد بأننا بلا مشروع سياسي أو تنموي، واجتماعي يحقق لنا بعض الانفراجات الشعبية بين مواطني الدولة الواحدة، بل وهناك خلل بنيوي لم يعالج واستمر مرضاً عاماً منتشراً..
هذه الأنماط والنماذج من دورة الخلافات، أسبابها وتفجرها، تجبرنا على النظر إلى الخلاف بين قطر والإمارات وكذلك خلاف قطر مع العديد من الدول العربية الأخرى، وهل هذا ناتج عن قناعة ذاتية بحيث ترى سلامة سياستها لكن دون أخذ الاعتبار للطرف الآخر سواء من تجمعه معها عروق وجذور وتقاليد إلى آخر السلسلة التاريخية، أو تصلها بجغرافيا المنطقة وتراثها ونواتجها السلبية والإيجابية؟
القرضاوي فجّر الخلاف، لكنه بدون أن يحمل الإذن المفتوح لا يمكنه استغلال خطبة المسجد أو الإدلاء بتصريحات تمس الآخرين بما فيها بلد المنشأ له، لكن الحكمة تقتضي أن لا يكون سبباً في مشكل بين بلدين لديهما تطلعات مختلفة، ويجمعهما إطار أهم من أفكار وآراء شخص مؤدلج، وبالتالي فإن التعامل مع الأمر بمبدأ المصلحة أهم من الاستمرار فيه، وهذا عائد لقادة البلدين في التفكير بالنتائج، وإزالة الأسباب كعنوان لأخوة قائمة وثابتة
قراءة شرق أوسطية لنص خطاب أوباما: هكذا "تنسحب" القوة العظمى
بقلم: جهاد الزين عن النهار البيروتية
هنا محاولة للاستدلال من قراءة و"تفكيك" نص خطاب الرئيس باراك أوباما "حال الاتحاد"على نوع "الانسحاب" الأميركي من الشرق الأوسط.
نص خطاب "حال الاتحاد" الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام هيئتي الكونغرس وضيوف أميركيّين مُختارين يوم الثلثاء في 28 كانون الثاني هو خطاب "أوبامي" بامتياز من حيث شخصيّةُ الخطاب الخاصةُ في كثافة اختيار أمثلة من الحياة العادية الأميركية الآتية في سياق تركيزه المدهش تقليديا على عمق انتمائه للطبقة الوسطى الأميركية وعلى مواكبة تعداد الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية ولاسيما الصحية بعدم تجاهله حقيقة استمرار اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء داخل الولايات المتحدة ودعوته إلى رفع الحد الأدنى للأجور.
لستُ هنا في مجال دراسة بنية الخطاب في العديد من توجّهاته الداخلية التي لا أملك المتابعة المعلوماتية المهيّأَة لتقييم أبعادها. ولكني كمراقب من العالم العربي والشرق الأوسط طرحتُ السؤال الصعب والخطير النتائج علينا هنا في هذه المنطقة: هل يمكن الاستدلال من النص الكامل لهذا الخطاب على وجود "انسحاب" أميركي من المنطقة كما يكثر الحديث عن ذلك وأي نوع من "الانسحاب" هو؟ أضع كلمة "انسحاب" دائما بين هلالين لأنه من الأساس لا تنسحب القوة العظمى من أي منطقة في العالم انسحابا كاملا فكيف في منطقة الشرق الأوسط؟
دعونا إذن ندخل إلى النص:
هناك الدلائل غير المباشرة على تغيير عميق في السياسة الأميركية كما الدلائل المباشرة.
في غير المباشرة (بالنسبة لنا في المنطقة) طريقة أوباما في مقدّمات الخطاب في التحدّث عن الصين وشرق آسيا.
يقول: "أميركا هي (اليوم) مكان الاستثمارات الأول في العالم لا الصين".
و يستخدم تعبير: "الشراكة التجارية الجديدة مع الصين وأوروبا وآسيا المحيط الباسيفيكي".
ويقول: "سنفتح أسواقاً جديدة لبضائع جديدة تحمل طبعة صُنِع في أميركا". "الصين وأوروبا لا تقفان (تتفرّجان) على الخطوط الجانبيّة ولا نحن يجب أن نقف".
وينتقل إلى عنوان آخر شديد الأهمية هو "الاستقلال الأميركي في الطاقة" (Energy independence) فيقول: "أميركا ستواصل تعويد نفسها (فَطْم نفسها) على الحد من الاعتمادعلى النفط الخارجي". ويضيف: "كلما أنتجنا نفطا في بلادنا أكثر ممّا نشتري من بقيّة العالم" سنتقدم في هذا الاستقلال ويشدّد أن "المستوى الحالي (من الاعتماد على أنفسنا) هو الأوّل الذي يحصل منذ عشرين عاماً تقريباً".
ويقول:"أميركا هي اليوم قريبة من الاستقلال في الطاقة أكثر ممّا كنا خلال عقود".
ويقول: "هذا الكونغرس يستطيع المساعدة بدفع الناس للعمل على بناء محطات طاقة تستطيع أن تنقل السيارات والآليات من النفط الخارجي إلى الغاز الطبيعي".
ويقول: "ليس فقط إنتاج النفط والغاز (في أميركا) هو المزدهر بل أصبحنا في موقع قيادي عالمي في الطاقة الشمسية" ويضيف: "كل أربعة دقائق بيت أو مكان عمل أميركي يعتمد الطاقة الشمسية".
ويقول: "نستطيع أن نستمر في خفض وارداتنا النفطية وما ندفعه على المِضخّات".
ويقول: "لقد تشاركنا مع رجال الأعمال وشركات البناء والمجتمعات المحليّة لأجل خفض الطاقة التي نستهلك".
يضع أوباما تخفيض الاعتماد على النفط في سياق هدفين متداخلين هما "طاقة أنظف" و"مصادر جديدة للطاقة" ويقصد بذلك مصادر غير تقليدية.
في الدلائل المباشرة:
يتباهى أوباما بإخراج كامل للقوّات الأميركية من العراق (180 ألفا خلال عهده). وبإخراج "أكثر من ستين ألفا من أفغانستان". وأن ما سيبقى من قوات هو لـِ"تدريب ومساعدة القوّات الأفغانيّة إذا وقّعت الحكومة الأفغانية على الاتفاقية الأمنيّة".
رغم أن الرئيس أوباما يؤكّد على أن الولايات المتحدة لن تتخلّى عن دورها في حال نشوء أخطار كبيرة إلا أنه كان حاسماً في إبلاغ الكونغرس بالحرف: "إنما لن أسمح بإرسال قوّاتنا لمواجهة أوضاع مؤذية إلا إذا كان ذلك ضروريا كما لن أسمح بتمريغ أبنائنا وبناتنا في وَحْلِ نزاعات مفتوحة الأمد (0pen – ended conflicts). وهو يصف بعض هذه النزاعات دون تسميتها بأنها "قد تغذّي في النهاية التطرّف".
ينتقل أوباما بعد ذلك بشكل واضح للكلام عن ما يسمّيه "ديبلوماسية قويّة ومبدئية" (من مبادئ) فيقول: "ديبلوماسية أميركية مدعومة بالتهديد بالقوّة هي التي أبعدتْ السلاح الكيميائي السوري" و "الديبلوماسية الأميركية المدعومة بالضغط (لاحظ القوّة لسوريا، الضغط لإيران) هي التي أوقفتْ تقدّمَ برنامج إيران النووي".
ويصل أوباما إلى صياغة موقف شديد الدلالة لم يحظَ باهتمامٍ كافٍ لدى المحلِّلين (من المنطقة على الأقل) حين يقول: "طالما أن جون إفْ كينيدي ورونالد ريغان استطاعا أن يفاوضا الاتحاد السوفياتي، إذن بالتأكيد أميركا واثقة من نفسها تستطيع التفاوض (اليوم) مع أعداء أقل قوّة من الاتحاد السوفياتي". لا يقصد هنا سوى إيران. وكم كلامه يمكن أن يكون "حمّالَ أوْجُهٍ" قياساً بما استطاع التفاوض السلمي والحروب بالواسطة أن يفعلوه في مصير الاتحاد السوفياتي الذي كان حتما وفعلا أقوى وأكبر من إيران.
على أن الموقف الحاسم الذي استأثر وعن حق بالاهتمام الكبير في الشقِّ الخارجي من خطابه هو قوله للكونغرس دون مواربة: "إنما دعوني أكن واضحاً. لو أن هذا الكونغرس أرسل لي مشروع عقوبات جديدة ( على إيران) تؤدّي إلى الخروج من سكة المحادثات (مع إيران) سأضع فيتو على هذه العقوبات". الرجل وإدارته مصمِّمان على خط التفاوض السلمي مع إيران وقد أعقب كلامَه ببضعة أيام تسليمُ واشنطن لطهران الدفعة الأولى من اموالها المجمّدة وهي خمسماية وخمسون مليون دولار.
أيضا وفي أواخر الخطاب قال أوباما: "سنستمر بالتركيز على آسيا المحيط الباسيفيكي" و"دعم حلفائنا فيها" وهذه الأخيرة جملة تحمل بعدا سلبيا حيال الصين بسبب العديد من الخلافات الجيوبوليتيكية بين الصين وجيرانها في تلك المنطقة.
ماذا يعني كل هذا الكلام الرئاسي الأميركي:
يعني أن تحوّلاتٍ استراتيجيةً في نظرة أميركا إلى النفط ودوره في العالم تحصل. ويعني أن العقل الاقتصادي الأميركي الاستراتيجي هو في أوروبا والأهم في الصين وشرق آسيا الباسيفيكي.
كل هذا يتطلّب تغييرا حتميا في سياسة الشرق الأوسط الأميركية. الثابت الوحيد المعلن هو تأكيد أوباما الطبيعي في خطابه على الالتزام بأمن إسرائيل.
لكن هذا كله يعني أننا سنشهد ونشهد تغييراتٍ عميقةً بما يمكن أن نصفه "الانسحاب غير الانسحابي" من الشرق الأوسط. فالقوة العظمى تغيِّرأساليبها وأولويّاتها. وقد ينضح من الخطاب احتمال بناء تفاهمات تجعل السياسة الأميركية معتمدةً على أدوار القوى الإقليمية الشرق أوسطيّة العربية وغير العربية التي قد تنضم إلى ناديها "الشرعي" بشكلٍ بارز دولةٌ مثل إيران مع الملاحَظِ أنه لم يأتِ على ذكر السعوديّة ومصر وخصّص بضعة أسطر لتأكيد التزامه بدعم سلام يقوم بين دولة فلسطينية وإسرائيل كدولة يهودية. أخيرا وللتذكير المفيد سمّى أوباما "الإرهاب" العدو الأساسي وحدّد مراكز انتشار "تنظيم القاعدة" و"إرهابيّين آخرين" حصرا في: اليمن، الصومال، العراق، ومالي ثم رفع شعار "دعم المعارضة السورية التي ترفض شبكات الإرهاب".وهو لم ينسَ أن يذكر "حزب الله" باعتباره "يهدِّد حلفاءنا" إنما في سياق الحديث عن إيران وبالتالي بصيغة هامشيةٍ بشكلٍ ما قياسا بالحديث عن "القاعدة".
هنا الإلتزامات الأكثر غموضا (ومرونة) لأن "القاعدة" انتقلت إلى المرتبة الملتبسة التي تجعلها العدو المفضّل لواشنطن! فكيف في ما يحصل حاليا: انسحاب غير انسحابي! هكذا يحدث تحوّلٌ عميق.
ماذا لو عاد "الإخوان" للسلطة ؟!
بقلم: عبدالله الملحم عن الراية القطرية
في الحياة لا مستحيل، وفي السياسة كل شيء ممكن، وفي الواقع نرى الكثير مما كنا نحسبه مستحيلاً، وعودة "الإخوان المسلمين" للسلطة في مصر لا يمكن أن تكون مستحيلة، وإذا قُدِّرَ لهم أن يعودوا - ولا بد أنهم سيعودون يوماً بالرئيس المعزول محمد مرسي أم بغيره - يومها لن تنخنس إلا تلك الوجوه التي تعاملت مع "الإخوان" كما لو كانت موتورة تطلبهم بثأر، رغم أن "الإخوان" لم يقتلوا لها أحداً، ولا سلبوا لها مالاً، ولا أساؤوا لها في شيء إلا ما يحيك في صدورها من ظنون وأوهام أملتها الوشايات والنمائم السياسية المغرضة !
وعلى فرض عودة "الإخوان" وهذا ما لا يفكر فيه أصحاب التفكير الرغبوي فلا مشكلة لدى المجتمع الدولي، خاصة الدول التي مازالت تتعامل مع السلطة الحالية كسلطة انقلاب، ولا مشكلة أيضاً مع الحكومات التي دعمت الانقلاب واعتبرت ما حدث في 30 يونيو ثورة شعبية فرضت تغييرها على المشهد السياسي المصري بمساعدة الجيش الذي انحاز لإرادة الشعب كما يقول، هذه الحكومات - في الغالب - ستعترف بالثورة التي ستطيح بالانقلابيين، لا سيما حين تكون الإطاحة بهم من قبل الجيش نفسه، أو بسبب ثورة شعبية تسترد ثورة 25 يناير المسروقة من الشعب، ويومها ستعبر الدول المؤيدة للانقلاب عن تغير مواقفها بأنه جاء انطلاقاً من احترامها لإرادة الشعب المصري وحقه في تقرير مصيره، وفقاً لما يقضي به القانون الدولي الذي يكفل لكل شعب حق تقرير المصير، أما المشكلة الحقيقية التي ستحرج خصوم "الإخوان" فهي الصورة المزرية للكتاب والإعلاميين والمثقفين الذين هاجموا "الإخوان" وافتروا عليهم مداهنة لحكوماتهم، يوم تبنوا ذات مواقفها وزادوا عليها باستعراض كراهيتهم والتشفي في "الإخوان" حتى بلغ بهم التمادي إلى أن سخروا من ضحاياهم المقتولين بكل بشاعة في مجزرتي رابعة والنهضة، حتى إن بعضهم قال بكل فجاجة وانعدام ضمير: ألم يكونوا يرجون الشهادة هاهم قد نالوها ؟!
وكأنهم يبررون للقتلة مجازرهم التي راح ضحيتها الآلاف من"الإخوان" وغير الإخوان من أبناء الشعب المصري، ولم يبق إلا أن يقولوا لذوي الضحايا اشكروا الجيش والشرطة لكونهم حققوا لأبنائكم أمانيهم التي كانوا يرجون، تُرى كيف سيتصرف أولئك المثقفون وشركاؤهم في الحقد والكراهية من منتسبي حزب النور الخليجي إذا رأوا حكوماتهم تعيد بناء الجسور التي تهدمت مع "الإخوان" ؟!
كيف سيكون خطابهم بعد أن كانوا يتصرفون كما لو كانوا وزراء خارجية بلدانهم، وكما لو كان من لزوم ما يلزم أن تتطابق وجهات نظرهم نحو "الإخوان" مع وجهة النظر الرسمية لحكوماتهم، فإذا أيدت أيدوا.. وإذا تحفظت تحفظوا.. وإذا شجبت شجبوا، ولم يكتفوا بهذا بل زادوا على المواقف الرسمية المعلنة بالمزيد من الكذب والسباب والتحريض للانقلابيين ليقتلوا"الإخوان" ويبيدوهم في مصر، وهو ما لم يصدر ولا يمكن أن يصدر عن أي حكومة مهما كان رفضها للإخوان، لكن أولئك قالوها مراراً وترجموا نواياهم إلى أفعال في موقع التواصل الاجتماعي بما ينضح بالحقد والكراهية والتحريض الذي لا يمكن أن نصدقه لولا أننا قرأناه بأنفسنا وصرنا من شهود العصر عليه !
4/2/2014
قراءة في فرص نجاح كيري
بقلم: حسام الدجني عن القدس العربي
جهود مكثفة يبذلها وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية جون كيري في منطقة الشرق الأوسط سواء في إنجاح مؤتمر جنيف 2 الخاص بالأزمة السورية، أو عملية التسوية بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وتمرير اتفاق الإطار.
ويبقى التساؤل المطروح اليوم، هل ينجح كيري في جهوده؟
كي نصل للإجابة لا بد من تفكيك المشهد، ومن ثم إعادة تركيبه، فاللاعبون الرئيسيون هم (إسرائيل)، والسلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية، وبعض الفواعل الإقليمية والدولية.
اللاعب الأول هو (إسرائيل)، وهنا لابد من الوقوف على مرتكزات الموقف الإسرائيلي من بعض القضايا (يهودية الدولة-القدس- اللاجئون- الأرض)، وما هو السقف المسموح أن تلعب به.
فـ(إسرائيل) لن تتنازل عن طرح يهودية الدولة، ولن تجد فرصة أفضل مما هو موجود الآن لتضغط على الجانب الفلسطيني للقبول بذلك، كي تتخلص (إسرائيل) من أكبر تهديد وجودي لها متمثل بالقنبلة الديموغرافية بشقيها اللاجئين وعرب الداخل.
وبخصوص القدس، فـ(إسرائيل) حسمت غربي القدس المحتلة، وهي تفرض وقائع جديدة على الأرض في شرقي القدس المحتلة، حيث نجحت في تغيير التركيبة السكانية في شرقي القدس، إذ بلغت نسبة اليهود 40.7′ مقابل 59.3′ للعرب في عام 2010، وبذلك قد تقبل (إسرائيل) بأن تخضع شرقي القدس تحت إدارة السلطة الفلسطينية باستثناء منطقة الحوض المقدس، وما تعنيه المنطقة من قداسة للمتدينين اليهود، وبذلك ستكون تلك المنطقة خاضعة للوصاية الدولية.
أما المرتكز الإسرائيلي بخصوص اللاجئين، فهو رفض الإقرار بالمسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية لقضية اللاجئين، وترفض حق العودة، وتدعم تصفية هذا الحق من خلال دعم دولي لتوطين اللاجئين في أماكن تواجدهم، مع إمكانية القبول بأعداد محدودة لا تشكل أي خطر على (إسرائيل).
وتبقى الأرض التي تحاول (إسرائيل) ترسيخ وجودها من خلال المستوطنات المنتشرة في الضفة الغربية، وبذلك قد تستخدم (إسرائيل) تلك الكتل البشرية التي ازدادت بالآونة الأخيرة في ظل حالة الأمن والأمان التي توفرها أجهزة أمن السلطة بالضفة الغربية، فـ(إسرائيل) قد ترفض إخلاء المستوطنات الكبرى، وقد تناور في مفاوضاتها ضمن مبدأ تبادل الأراضي بإقناع الجانب الفلسطيني بالقبول بضم منطقة المثلث ذات الكتلة البشرية التي تصل إلى 300000 فلسطيني للدولة الفلسطينية، مقابل إخلاء بعض المستوطنات الكبرى، أو التنازل عن منطقة الأغوار ذات الموقع الجيواستراتيجي المهم.
اللاعب الثاني هي السلطة الفلسطينية، وهي اللاعب الأضعف بالمعادلة ولكن رغم أوراق الضعف التي تمتلكها إلا أنها لن تستطيع تجاوز بعض المرتكزات والثوابت، وأهمها:
سقف التنازل عن برنامج الحد الأدنى الذي تتبناه منظمة التحرير، والمتمثل بدولة على حدود الرابع من حزيران/1967م، وعاصمتها ‘القدس الشرقية’، وعودة اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194.
رفض مطلق ليهودية الدولة وضم أي أراضٍ من منطقة المثلث، لما تدركه القيادة الفلسطينية من تداعيات خطيرة على مستقبل القضية.
اللاعب الثالث يتمثل بالإدارة الأمريكية، فهي جادة في تحقيق إنجاز على الأرض يضمن لـ(إسرائيل) مكاناً ودوراً ضمن خارطة الشرق الأوسط الجديد، ونجاحاً لإدارة أوباما، ولشخص جون كيري وطموحاته السياسية، ولكن لن تستطيع الإدارة الأمريكية الانقلاب على ثوابتها تجاه (إسرائيل)، وستجنبها أي ضغوط سياسية، وستتعامل ضمن ازدواجية معايير واضحة المعالم تصب في مصلحة (إسرائيل) وأمنها وبذلك لن تكون وسيطاً نزيهاً.
أما اللاعب الرابع فهم الفاعلون الدوليون التي تتقاطع رؤاهم في إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أياً كان الثمن، وهنا ستمنح الجامعة العربية الشرعية لأي اتفاق يوافق عليه الفلسطينيون.
في ضوء التحليل السابق، نجد أن الفجوة كبيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفرص تحقيق التسوية ضعيفة للغاية، ولكن ما نخشاه هو غياب المؤسسة الفلسطينية القادرة على تحمل تلك الضغوطات ورفضها ووضع الخيارات والبدائل لمجابهتها، فالقضية الفلسطينية تعيش أخطر مراحلها، ومن هنا ينبغي على الكل الوطني تحمل مسؤولياته، والترفع عن كل الخلافات، وإنهاء الانقســـــام، وتجديد الشرعية للمؤسسات الفلسطينية، فمن الممكن أن يكون الضامن للحقوق والثوابت الفلسطينية، ومدخلاً لرفض أطروحات كيري من قبل الرئيس محمود عباس كونها تعبر عن الخيار الشعبي بالداخل والخارج.
كيري «يهدد» إسرائيل!
بقلم: الياس حرفوش عن الحياة اللندنية
سوف تكون معذوراً إذا لم تكن مهتماً بمتابعة مسيرة المفاوضات التي يجريها وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالواسطة بين محمود عباس وبنيامين نتانياهو. تجربة السوابق بالنسبة الى الوساطات الأميركية في هذه الأزمة لا تبشر بالخير، فلماذا يُنتظر من كيري ان ينجح في ما فشل اسلافه عن تحقيقه، وخصوصاً منذ التوصل الى اتفاق اوسلو، وعجز إدارات جورج بوش الأب وبيل كلينتون ثم جورج بوش الابن عن التوصل الى التسوية الموعودة؟
غير ان كيري يتحدث الآن بلغة لم نسمعها من قبل على لسان اسلافه، ربما باستثناء جيمس بيكر، الذي هدد اسحق شامير علناً بوقف اي اتصال مع الجانب الإسرائيلي، وقال له على الهواء: هذا رقم وزارة الخارجية ... تستطيعون الاتصال بي عندما تكونون مستعدين لتقديم ما يلزم لتحقيق السلام.
الآن يسمع الإسرائيليون من كيري كلاماً يعتبرونه تهديداً من جانب واشنطن لم يألفوه من قبل. في منتدى الأمن والدفاع الذي عقد في ميونيخ، قال كيري: اذا فشلت المفاوضات مع الفلسطينيين سيتبين أن ازدهار وأمن اسرائيل ليسا سوى وهم موقت ... حملة نزع الشرعية عن اسرائيل والمقاطعة الدولية ستزداد وستواجه اسرائيل أخطاراً اكبر.
انضم وزراء في حكومة نتانياهو الى زميلهم وزير الدفاع موشي يعالون الذي سبق ان هاجم كيري ودعاه الى التخلي عن مهمة الوساطة «لأنك لا يمكن ان تعلمنا شيئاً عن النزاع مع الفلسطينيين». وزير الاقتصاد نفتالي بينيت قال انه كان يتوقع من اكبر صديقة لإسرائيل في العالم «ان تقف الى جانب اسرائيل في مواجهة موجة المقاطعة لا ان تكون بوقاً لها». ووزير الشؤون الاستراتيجية يوفال شتاينتس اعتبر تصريحات كيري «سيئة ولا تطاق» وقال «لن يكون ممكناً ان يفرضوا تسوية على اسرائيل بتوجيه المسدس إلي رأسها».
اما نتانياهو فقد افتتح جلسة الحكومة الإسرائيلية اول من امس الاحد بالقول: اي ضغط على اسرائيل لن يثمر، ولن يدفعني نحو المساومة على المصالح الحيوية لإسرائيل وفي المقدمة امنها.
وصف المؤرخ اليهودي آفي شلايم، صاحب الكتاب المرجع «الجدار الحديدي: إسرائيل والعالم العربي» في مقال نشره في صحيفة «نيويورك تايمز» الصَلَف الإسرائيلي في وجه الولايات المتحدة بأنه بلا اخلاق. عنوان المقال كان: «على اسرائيل ان تتعلم شيئاً عن اصول التصرف». وذكر شلايم ان مجموع ما انفقته الولايات المتحدة على اسرائيل منذ عام 1949 بلغ 118 بليون دولار، كما استخدمت الولايات المتحدة الفيتو في مجلس الأمن 42 مرة لحماية اسرائيل منذ توقيع معاهدة كمب ديفيد سنة 1978. ولخّص ما يريد ان يقوله بجملة بسيطة: اميركا تعطي اسرائيل المال والسلاح وتقدم لها المشورة. لكن اسرائيل تأخذ المال والسلاح وترفض النصيحة بطريقة غير اخلاقية.
كلنا نعرف السبب الحقيقي لهذا الاستخفاف الإسرائيلي بموقف واشنطن وبرأيها. وهو عدم رغبة واشنطن في ممارسة اي ضغط على الإسرائيليين، لإرغامهم على تسوية مقبولة مع الفلسطينيين. واشنطن قادرة على ذلك بلا شك، لكن المسؤولين فيها لا يريدون، لأن الحسابات السياسية الداخلية تتحكم بمواقفهم اكثر من الحسابات الأخلاقية وحسابات مصالحهم في المنطقة.
لو كانت لدى الإسرائيليين رغبة حقيقية في السلام، لكانت هذه افضل فرصة لهم لتحقيق ذلك. العرب منشغلون بأزماتهم الداخلية عن صراعهم مع اسرائيل. والفلسطينيون في حال استثنائي من الضعف والانقسام. والعرض الموجود على الطاولة من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كما شرحه في حديثه الى صحيفة «نيويورك تايمز» في عدد الأمس، هو عرض «تاريخي» بكل المقاييس: وجود دائم لقوات من حلف الأطلسي على حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، سواء مع الأردن في الشرق او مع اسرائيل في الغرب، وفي مدينة القدس. انسحاب اسرائيلي مرحلي يمتد الى خمس سنوات (بدل ثلاث) من الضفة الغربية.
دولة فلسطينية منزوعة السلاح. وروى محمود عباس قصة لقاء جمعه قبل بضع سنوات مع نتانياهو بحضور وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون. سأل عباس رئيس الوزراء الإسرائيلي: اذا لم تثقوا بحلفائكم لحماية حدودكم، فبمن تثقون؟ اجاب نتانياهو: أثق بجيشي فقط.
لو كان نتانياهو مقتنعاً بالسلام لأصبح كل شيء سهلاً، كما يقول محمود عباس... وبانتظار ان يقتنع نتانياهو، سيظل جون كيري يحاول. لقد اصبح النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وظيفة ضرورية لوزراء الخارجية الأميركيين، مع انهم يعرفون انه لا توجد أي فرصة للنجاح.
عام التسويات
بقلم: علي ابراهيم عن الشرق الأوسط
بقدر ما كانت أحداث المنطقة عاصفة ومضطربة في السنوات الثلاث الماضية، كانت الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، وفي قطاع غزة الواقع تحت سيطرة حركة حماس، هادئة نسبيا ولم تتأثر بموجة الربيع أو التغيير العربي في بلدان كانت معظمها مرتبطة تاريخيا حربا وسلاما بالقضية الفلسطينية. وباستثناء محاولة انتفاضة شعبية سحقتها حركة حماس على الفور، وارتباطات الحركة الخارجية بالتنظيم الأم، لم يكن هناك على الأجندة سوى قضية الخلاف الفلسطيني والحديث عن مصالحة لم تتم، ومحاولات إيجاد فرص لدفع المسيرة الطويلة المتعثرة لعملية السلام.
لم يكن هناك أمام السلطة في رام الله سوى ترقب ومتابعة تطورات دول كانت طرفا أساسيا في أي عملية سلام منذ البداية خاصة مصر التي فتحت هذا الطريق منذ أواخر السبعينات، بينما كانت حماس أكثر تفاعلا تلملم خسائرها بعد طرد قيادتها من دمشق، وترتفع آمالها في تعويض ذلك بعد وصول الإخوان إلى الحكم في مصر، لتجد نفسها مرة أخرى في عزلة أكبر بعد إطاحتهم في انتفاضة شعبية جديدة، مع مخاوف لديها من فاتورة سيتعين عليها أن تدفعها ثمنا لمواقفها السابقة، ولذلك بدأت الحديث مجددا بشكل أكثر مرونة عن المصالحة مع السلطة، بعدما أصبحت في موقف ضعيف لا تملك معه الكثير من أدوات التأثير.
هذا الوضع قد يفسر الأولوية التي أعطاها جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة وإدارة أوباما للملف الفلسطيني - الإسرائيلي في توقيت بدا مستغربا لكثيرين، فالمنطقة مضطربة وتطوراتها متسارعة في مشهد يحمل معه الكثير من الفوضى وعدم القدرة على التنبؤ في دول التغيير بينما هناك ما يشبه الحرب الأهلية المستعرة في سوريا، وأصبح لها امتدادات إقليمية ودولية.
والحقيقة أنها كانت التقاطة ماهرة لكيري لفرصة تلوح في تحقيق اختراق في ملف احتارت فيه عدة إدارات أميركية، واستنزفت فيه جهدا كبيرا دون إحراز نتيجة، خاصة الإدارة الأميركية في عهد كلينتون الذي التقى الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عددا من المرات يفوق أي زعيم أجنبي آخر، فليس هناك وقت أفضل للحصول على تنازلات وتسويات من الوقت الذي تبدو فيه كل الأطراف الخارجية المؤثرة في الملف غير قادرة على التأثير بحكم انشغالها بقضايا أهم تتعلق بها، بما في ذلك إيران التي تطمح للوصول إلى اتفاق يحل مشكلة ملفها النووي ورفع العقوبات التي أرهقت اقتصادها.
والظاهر أن ثمار الزيارات المكوكية التي قام بها كيري إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل بدأت تظهر من خلال مجموعة الأفكار التي طرحت في الأيام الماضية لاتفاق إطار يجري العمل عليه كأساس لتسوية مستقبلية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مثل قضية بقاء مستوطنين إسرائيليين في إطار عملية مقايضة أراض فلسطينية إسرائيلية، وتقديم تعويضات إلى اليهود الذين أجبروا على مغادرة دول عربية، أو ما طرحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس من حل قضية المخاوف الأمنية لإسرائيل من خلال وجود قوات لحلف ناتو تراقب كل الحدود، وإجراء الانسحاب الإسرائيلي من الضفة على خمس سنوات بدلا من ثلاث سنوات.
هذه الأفكار، قد تكون بالونات اختبار أو غير نهائية خاضعة للمساومات من هنا أو هناك، لكنها بما تطرحه من تفاصيل دقيقة، تعطي مؤشرا بأن ما جرى تداوله أو مناقشته أعمق بكثير، وأننا على أعتاب مرحلة بلورة الصياغة النهائية لنتائج المفاوضات التي أبقيت سرية لشهور وراء أبواب مغلقة، وأن هناك شيئا سيكون جاهزا قبل حلول مهلة أبريل (نيسان) المقبل لإتمام المفاوضات، التي بدأ الحديث عن تمديدها إذا لاحت بوادر حقيقية لاتفاق.
وإذا كانت التجارب الماضية لمفاوضات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية تشير إلى أنه لا يمكن توقع شيء، فكم من المرات أحرز الجانبان تقدما كبيرا نحو التوصل لاتفاق لينسف كل شيء في لحظة، فإن هذه المرة تبدو مختلفة، وهي أشبه بالفرصة الأخيرة وسط فوضى عارمة في المنطقة ستأخذ وقتها وتنتهي على أوضاع جديدة، قد لا تتيح فرصا أخرى، المهم أن يستطيع الفلسطينيون أن يحصلوا على حقوقهم المشروعة. وقد يكون هذا هو أول ملامح الوضع الجديد للمنطقة بعد موجة التغيير التي ضربتها!
زوبعة في فنجان الكونفدرالية
بقلم: باسم سكجها عن الدستور الأردنية
مسيرة الجامع الحسيني تعلن رفضها للكونفدرالية الاردنية الفلسطينية، وتصدر الجبهة الشعبية بياناً يرى فيها مؤامرة، وتظهر عشرات المقالات الرافضة المنددة التي تعتبرها إما المحاولة الاخيرة لتصفية القضية الفسطينية، او واحدة من سلسلة محاولات تحقيق الوطن البديل.
من يتابع كل ذلك يظنّ أن هناك مشروعاً واضح المعالم يجري بحثه بين طرفين، او في القليل ان هناك مبادرة سياسية مطروحة للدراسة، ولكن ذلك كله ليس صحيحاً، ولا اساس واضحاً له سوى خبر نُشر في صحيفة وتم نفيه، مفاده ان محمود عباس ابلغ قيادات فلسطينية ان لديه معلومات حول قرب طرح فكرة الكونفدرالية مع الاردن، وعليهم تهيئة انفسهم لهذا الامر.
تصوروا ان رئيس دولة يعلن ان لديه “معلومات” حول شان يتعلق بمستقبل دولته، وكأنه مجرد صحافي سمع عن “معلومات” وسيقوم بنشرها، ويكون الامر اساساً لكل هذه الضجة التي تبدو وكأنها زوبعة في فنجان، فليس هناك على ارض الواقع ما يمكن ان يؤشر لمثل تلك النتيجة.
فأية كونفدرالية هذه التي ستقوم بين فلسطين والأردن وفلسطين فيها محتلة اولاً، ومقسمة بين رام الله وغزة ثانياً، وتملأ المستوطنات الضفة الغربية والقدس، وسيبدأ قريباً بناء جدار حدودي على ضفة نهر الاردن يحمل مغزى الفصل النهائي؟
ما يحزن في المسألة أن التعامل مع هذا الموضوع الحساس يأخذ شكل الاصطفاف، وتبادل القصف الكلامي المجاني، ولو كان له اساس لقبلناه باعتباره شكلاً من الحوار الساخن، ولكن أن نتعارك على مجرد خبر تمّ نفيه وثبت خطؤه فأمر لا يمكن فهمه بالمرة!
خطة كيري.. الأمل أم هروب من الفشل؟
بقلم: ماهر الجعبري عن الزمان العراقية
تناقلت وسائل الإعلام (31/1/2014) خبرا مفاده أن “امريكا تأمل التوصل إلى اتفاق إطار في الشرق الأوسط”، وبينت أن الإطار سيشمل اعترافا بيهودية “إسرائيل” وإقامة منطقة أمنية عازلة عند الحدود بين الأردن والضفة الغربية (غور الأردن)، بما يتضمن إقامة جدار ووضع أجهزة استشعار وستستخدم طائرات من دون طيار وذلك بتمويل وإشراف أمريكي. وسيمكن الإطار ما يقرب من 80 بالمئة المستوطنين من البقاء في مستوطناتهم، كجزء من تبادل الأراضي بين “إسرائيل” والفلسطينيين، وسيتطرق لقضية اللاجئين الفلسطينيين -على أساس التعويض- مربوطة مع تعويضات لليهود الذي غادروا منازلهم في الدول العربية.
وذكرت الصحف أن الاتفاق سيبقى “غامضاً فيما يتعلق بوضع القدس في المستقبل”، ومن ثم ستسعى أمريكا بعد ذلك للتفاوض للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي بحلول نهاية عام 2014، مما سيسمح لها بتمديد المحادثات حول التفاصيل إلى ما بعد المهلة الأصلية التي تنقضي في 29 نيسان القادم.
إن تقديم الخبر على أنه “أمل” لأمريكا، لا ينفي واقع الفشل والمأزق الأمريكي، ولذلك أبقت أمريكا الإطار غامضا في تفاصيل أخرى (القدس)، بل تحاول أن تروج أن القدس تعني بلدة أبو ديس، وهذا التضليل (حول معنى القدس!) يتناغم مع علو لهجة قادة المنظمة وساسة الأنظمة العربية في إلصاق كلمة “الشرقية” للقدس كلما ذكرت كعاصمة للدولة الفلسطينية.
وهذا الغموض متطلب لتمرير الاتفاق على أهل فلسطين، إضافة إلى حاجة أمريكا في تمديد المفاوضات وتجنب انهيارها في ظل انهماكها في الملف الأكثر سخونة في ثورة الشام، وهي تعمل على منع انقلاب المشهد فيها عن دولة إسلامية تقلب الطاولة على رأس أمريكا ومن لف لفيفها، وتمثل التحدي الحقيقي الذي يزيل دولة اليهود للأبد.
ولذلك فإن الخبر يذكر بوضوح أن أمريكا تتطلع إلى إطالة عمر المفاوضات (التي جددها كيري وأوشكت على الانتهاء) مع إصرار اليهود على عدم التنازل عن أي معنى من معاني السيادة ويهودية دولتهم، أو عن أي مطلب من مطالب الأمن، ورفضهم عودة اللاجئين، بل إن الخطة تربط مبدأ التعويض (المالي) بتعويض اليهود الذين قدموا من الدول العربية، مما يفرغ العبء المالي (للتعويض)، ويحمله للدول العربية.
وعلى ما يبدو فإن الإطار يلبي المطالب الأمنية اليهودية على الصورة التي يصرّ عليها اليهود، كيف لا وأمريكا تعتبر “أمن إسرائيل هو من أمن أمريكا”، كما عبر أوباما من قبل، ولذلك ستنخرط أمريكا في الترتيبات الأمنية ضمن المنطقة العازلة الأمنية عند الحدود مع الأردن.
إضافة لذلك فإن الاتفاق سيبقى على جلّ المستوطنين ضمن مستوطناتهم، ومن ثم سيرسخ دور الأجهزة الأمنية الفلسطينية في حماية أمنهم ويجعل مهمتها دائمة في مواجهة كل من يخطر بباله التصدي لعربدة المستوطنين وجرائمهم.
إن الناظر لما تكشف من تفاصيل هذه الخطة الأمريكية يجد أنها تضيف سجلا عريضا من الخيانات المتجددة للقيادة الفلسطينية المتمثلة في محمود عباس، الذي سبق أن اعترف في كتابه طريق أوسلو أنه مارس الاتصالات السرية مع اليهود حتى عندما كانت المنظمة تجرم تلك الاتصالات.
وعباس اليوم يتكتم على التفاصيل ضمن الدائرة المغلقة المحيطة به، بينما يتخبط من حوله في تصريحاتهم وتحليلاتهم حتى وصل الحال بمحلل فلسطيني لوصف المشهد باللهجة الفلسطينية الدارجة بأنه “خبصة وقايمة”، للتعبير عن حالة الفوضى والانتظار التي تعيشها “النخبة الفلسطينيّة” مع اقتراب مهمّة كيري من لحظة الحقيقة. والحقيقة أن حالة التخبط هذه يمكن فهمها ببساطة لدى استحضار نهج عباس في التكتم على أعماله، كما تحدث في كتابه المذكور حول التكتم على التنسيق لمؤتمر مدريد عام 1991، حيث كان يجري الترتيبات السياسية بينما كانت الأضواء تسلط على وفد الضفة الغربية في حينه.
وأمام هذه الحقيقة، فإن الواجب على أهل فلسطين أن لا يسمحوا لقيادة المنظمة بممارسة مزيد من التضليل على أهل فلسطين، وهم اليوم مدعوّون لوقفة حق صادعة في وجه المتآمرين ممن يسيرون في ركاب أمريكا، والذين يريدون تمرير الخيانة تحت عنوان المشروع الوطني.
إن فلسطين لها رجالها من أبناء الأمة الأبرار الذين يعلمون أن اليهود لا يفهمون إلا لغة العسكر والمدافع، بينما يصر قادة المنظمة على لغة الانبطاح والتنازل في تحد صارخ لتاريخ الأمة وثقافتها وعزتها، مما سيجعلهم في تحد مع أهل فلسطين ومن ورائهم الأمة، ومما سيشعل الكفاح ويزلزل الأرض تحت أقدام رجالات المنظمة ومن يسترزق من خياناتها.
الأقصى و«الهيكل الثالث».. وراية «الجهاد»
بقلم: مأمون الحسيني عن الوطن السورية
في استغلال عار لعملية التفاوض الكارثية التي ما زالت السلطة الفلسطينية ترفض التحلل منها، وفي سياق محاولة التقاط اللحظة التاريخية التي توفرها الحرب الكونية الإرهابية التي تشن على الدولة والشعب في سورية، وعلى أنظمة وشعوب ما كان يسمىدول «الطوق العربي»، بنسب مختلفة، لترجمة الأطماع والنيات الإسرائيلية، ولاسيما ما يتعلق بهدم وتدمير المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، وتهجير آلاف المقدسيين خارج مدينتهم القدس، أظهر تحقيقٌ تلفزيوني بثته القناة العاشرة الإسرائيلية قبل أيام، أن منظماتٍ يهودية تحظى بدعم حاخامات نافذين وسياسيين ووزراء، من بينهم وزير الاستيطان أوري أريئيل، أنهت استعداداتها لبناء ما يسمى «الهيكل الثالث» على أنقاض «الأقصى» الذي سيتم هدمه «بأيدي اليهود، بعد أن انتهى التعويل على انهياره نتيجة ومضة برق أو قصفة رعد»، حسب ما جاء على لسان أحد أشد المهووسين ببناء هذا «الهيكل».
وفق الأسطورة اليهودية المفبركة، يعرف الهيكل بالعبرية بـ«بيت همقداش» أي البيت المقدس أو «هيخال»، وتعني البيت الكبير في كثير من اللغات السامية، وقد أعدَ، وفق هذه المزاعم، ليكون مسكناً للإله، قبل أن يتحول إلى مكان للعبادة وأداء الطقوس وتقديم القرابين. ويزعم اليهود أن الهيكل بناه سليمان عليه السلام فوق جبل موريا، حيث الآن المسجدان الأقصى وقبة الصخرة، في الفترة 960-953 ق. م. وقد هدم هذا الهيكل على يد نبوخذ نصر البابلي عام 586 ق. م، ثم أعاد اليهود بناءه في سنة 520-515 ق. م. ويذكر اليهود أنه بني، أيضا، بأمر من الرب، وتم هدمه على يد القائد الروماني توتوس سنة 70 ميلادية، لتنسج حوله، بعد، جملة من الأساطير التي تحولت إلى عقائد وطقوس لدى اليهود منها: الصوم في ذكرى الهدم، وذكر الهيكل المهدوم عند الميلاد والموت، وعند الزواج، وغير ذلك من الهرطقات المتعلقة بهذا المعلم المتخيَل الخرافي الذي اثبت علماء الآثار من اليهود والأوروبيين والأميركيين، الذين شاركوا في الحفريات والأنفاق تحت الحرم القدسي، أنه لا أثر له.
ومع ذلك، وبصرف النظر عن مشروعية التصدَي للأساطير التوراتية التي عملت الصهيونية على تحويلها إلى وقائع تاريخية تثبت ما يسمى «الحق الإلهي» لليهود في الأراضي المقدسة، وبعيداً عن مواقف بعض العرب والمسلمين الذين يساهمون، عملياً، في تنفيذ المخططات الصهيونية من خلال صناعة أنموذج «إسرائيلي» جديد لـ«الجهاد» وتوجيه طاقاتهم وقدراتهم لتدمير سورية وشعبها، فإن الصعود إلى ما يسمى «جبل الهيكل» لم يعد شعائر دينية لليهود الحريديم فقط، بل أصبح تظاهرة سياسية تؤشر إلى إلغاء الفرق بين ما يسمى الصلة الدينية والسيادة السياسية، وترمي إلى إقرار حقائق على الأرض. وتحت ظلال ذلك، تم الانتهاء من إعداد المخططات الهيكلية لبناء ما يسمى «الهيكل الثالث»، وإقامة ورشة عمل جمع الحجارة الخاصة ببناء الهيكل، بعد هدم الأقصى، والذي سيعقبه، وفق المؤمنين بـ«المعتقدات المسيانية»، اندلاع ما يطلقون عليه حرب يأجوج ومأجوج التي سيتخللها ظهور المسيح ثم يتم بناء الهيكل الثالث المزعوم الذي سيمتد، وفقاً للمخططات، نحو الشمال على حساب الحي الإسلامي في المدينة المقدسة.
وعادت آيات الأخرس
بقلم: أمجد عرار عن الخليج الاماراتية
هل يكون الإنسان شهيداً وأسيراً، الأمرين معاً؟ في عرف احتلال كالذي يغتصب فلسطين، نعم يكون الإنسان شهيداً وأسيراً . يحصل كثيراً أن يتحول الأسير في سجونه إلى أسير، ويحصل أيضاً أن يتحوّل الشهيد إلى أسير . ينسى المتشدّقون بحقوق الإنسان أو يتناسون عمداً وعن سبق إصرار وترصّد، ما يحفل به سجل هذا الاحتلال من "إبداع" في "فن" ارتكاب الجرائم، ومن تفرّد في التلذّذ في عذاب الفلسطينيين والعرب، ومن إمعان في العقاب الجماعي . عقاب يمارسه من يستحق العقاب كل دقيقة بحق ضحايا تتجدد تضحيتهم كل ثانية من أعمارهم .
بعض أبناء العروبة لا يسمعون باسم آيات الأخرس التي أخذت قرار الاستشهاد قبل اثنتي عشرة سنة في ذروة الاجتياحات الدموية "الإسرائيلية" للضفة الفلسطينية . لا يسمعون بها لأنها شهيدة من الدرجة الأولى وليست راقصة من الدرجة العاشرة، لا يسمعون بها لأنهم مشغولون عنها بما هو أهم، فلم يعد للعرب معارك مع مغتصبي أرضهم، فلا بأس من الانخراط في معارك "الفيفا . لا عمليات عسكرية ولا دوريات ليلية تزعج أبراج المراقبة "الإسرائيلية" الغارقة في الملل، فلا ضير من الانشغال بالدوريات الأوروبية والانخراط الوجداني في معاركها على جبهات مدريد وميلان وموناكو وأمستردام .
أخيراً عادت آيات الأخرس جثّة إلى محطتها الأخيرة، وأية محطات تطوفها فلسطينية كآيات؟ من لاجئة في مخيم الدهيشة إلى شهيدة في أكناف بيت المقدس، إلى رفات يعود إلى مقبرة المخيّم الذي عرف الانتفاضات والجدار قبل غيره، إلى المخيم الذي يجيب ابن الخامسة فيه عن سؤال: من أين أنت؟، فيقول: من عين كارم، أو بيت عطا أو بيت محسير، أو الرملة أو اللد، فيعطي السائل درساً بأن المخيم ليس سوى ممر وإن طال الزمن، وأن مقولة غسان كنفاني "خيمة عن خيمة تفرق"، لم تكن مجرد فذلكة لفظية في رواية تزحف على بطنها لنيل جائزة، أو تتحوّل كلماتها النازفة إلى عائد دولاري من مؤسسة تفرّغها من الوجدان وتغلفها بالهوليوودية .
نعم في "إسرائيل" يتحوّل الشهيد إلى أسير، فهي تحكم بالسجن على الجثّة، وإذا كانت تزج بالأسرى الأحياء في مقابر فوق الارض، فإنها تلقي بالشهداء الأسرى في مقابر الأرقام تحت الأرض . وأخيراً، عادت آيات الأخرس جثّة من مقابر الأرقام الصهيونية، لتدفن كما يليق بشهيدة بعمر الزهور عقدت قرانها مع الوفاء لوطن دفن فيه جدها المائة أو الألف .
الآن بات بإمكان والدة آيات أن تذرف الدموع على قبر ابنتها وهي تعلم أن دموعها ستتسلل في ثنايا التربة فترطّب روح آيات وتبلغها بأن "أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها (أو ابنتها)، وعاد (أو عادت) مستشهداً (أو مستشهدة)" . الآن من حق والد آيات الذي حافظ على قبر حفره قبل اثنتي عشرة سنة، أن يخنق الدمعة في مقلتيه وأن يقول "آيات أقرب لحضني اليوم من أي وقت مضى" .
آيات عادت جثة وتركت خلفها ثلاثمائة شهيد في مقبرة الأرقام . لم يكن الشهداء يوماً أرقاماً إنما قصص وحكايا، وتبقى آيات أيقونة إنسانية، لكن ماذا بقي من آيات المؤمن الثلاث، إذ بات لسان الإفتاء بالحق أخرس .
الإخوان فى وثائق الأمريكان
بقلم: محمد كمال (http://www.almasryalyoum.com/Editor/Details/701) عن المصري اليوم
استكمالاً لما كتبته الأسبوع الماضى عن الرؤى الأمريكية لمصر، من واقع زيارة لواشنطن، فقد أتيح لى أيضاً التعرف على جوانب جديدة للعلاقة بين الولايات المتحدة والإخوان المسلمين استناداً لعدد من الوثائق التى أصبحت متاحة للباحثين.
المجموعة الأولى من الوثائق تكشف عن امتداد العلاقة بين الولايات المتحدة والإخوان عبر عدة عقود من الزمن، وليس فقط خلال السنوات الأخيرة. والوثائق هى برقيات من السفارة الأمريكية بالقاهرة متاحة بدار الوثائق الأمريكية، وتكشف عن قيامها بإجراء اتصالات بالإخوان منذ الأربعينيات فى القرن الماضى.
وتتحدث برقية صادرة فى سبتمبر 1943 عن الهيكل التنظيمى للجماعة استقتها من لقاء مع أحد أعضائها. وتشير برقية أخرى إلى رؤية الجماعة بخصوص إنشاء دولة دينية، وحصول أعضائها على تدريبات عسكرية. وتتحدث إحدى البرقيات عام 1944 عن طبيعة الخطر الذى تمثله الجماعة على المجتمع المصرى، ولكن الجماعة على حسب وصف البرقية «لا تشكل بالضرورة خطراً على المصالح الأمريكية». ويصف السفير الأمريكى بالقاهرة فى برقية بتاريخ مارس 1944 جماعة الإخوان المسلمين بأنها «على استعداد لمنح ولائها لمن يقدم مقابلاً أكبر».
وتشير البرقيات إلى أن الجماعة حظيت باهتمام كبير من الولايات المتحدة فى الأربعينيات والخمسينيات، وإلى العديد من الاجتماعات التى تمت بين مسؤولين فى السفارة الأمريكية وأعضاء من الجماعة فى مستويات تنظيمية مختلفة خلال هذه الفترة، منها اجتماعات مع مرشد الجماعة حسن الهضيبى عامى 1952 و1953. واجتماعات مع قيادات أخرى فى الإخوان مثل الشيخ الباقورى ومحمود مخلوف.
المجموعة الثانية من الوثائق تضمنها كتاب صدر حديثاً بعنوان «مسجد فى ميونخ: النازية والمخابرات الأمريكية وصعود الإخوان فى الغرب» قام بتأليفه إيان جونسون. ويتتبع فيه سعى الولايات المتحدة وجهاز مخابراتها لاستخدام الإسلاميين كأداة لتحقيق مصالح الغرب. ويذكر أن إحدى حلقات الاتصال كان سعيد رمضان، القيادى الإخوانى، زوج ابنة حسن البنا، والذى تمت دعوته لواشنطن كمندوب لجماعة الإخوان المسلمين- كما يشير نص الدعوة- وترتيب لقاء له مع الرئيس أيزنهاور فى البيت الأبيض فى 23 سبتمبر 1953.
ومع خروج رمضان من مصر واستقراره فى أوروبا تم استخدامه وجماعته كأداة لمواجهة عبدالناصر فى مصر ومواجهة الشيوعية فى العالم الإسلامى وفقاً للمخططات الغربية. وقام رمضان ببناء شبكة الإخوان المسلمين فى أوروبا من خلال مشروع بناء مسجد (مركز إسلامى) فى ميونخ بألمانيا، والذى أصبح المقر الرئيسى للإخوان فى ألمانيا وأوروبا. ويشير الكاتب إلى أن «الولايات المتحدة استخدمت تأثيرها المالى والسياسى لمساعدة رجل الجماعة فى أوروبا». وتدعمت علاقة مسجد ميونخ بالإخوان عندما تولى مهدى عاكف- مرشد الإخوان فيما بعد- إمامة المسجد فى الفترة من 1984 وحتى 1987.
القصة طويلة، ولا تكفى مقالة لتوضيحها. والخلاصة: إن علاقة الولايات المتحدة بالإخوان هى علاقة قديمة نسجت خيوطها سفارات وأجهزة استخبارات، وإن هذه العلاقة قامت على مصالح مشتركة وعلى استخدام الجماعة كأداة لتحقيق أهداف الولايات المتحدة والغرب. وأخيراً، فإن البعد الخارجى للتعامل مع الإخوان لا يجب أن يقل أهمية عن البعد الداخلى.
من وراء خلاف قطر مع الإمارات؟!
بقلم: يوسف الكويليت عن الرياض السعودية
في زمن الحرب الباردة العربية، كان بعض المنخرطين في تلك الصراعات يسأل لماذا لا تقوم انقلابات في أوروبا وأمريكا أسوة بما يجري في البلدان العربية والعالم الثالث؟
وهو على سذاجته لا يدرك أن الفوارق بين النظم الديمقراطية وحديثة النشأة، أو المتخلفة في الواقع الحقيقي متباعدة تماماً عندما تحكم دول بنظام الاقتراع، وأخرى بنظام الثكنة العسكرية، ولذلك لم يكن مفاجئاً أن تقوم حرب مدمرة بين هندوراس، والسلفادور في أمريكا الوسطى بسبب من يتأهل منهما لكأس العالم لكرة القدم، وتقود هذه المسألة إلى مشكل دولي بسبب حماقات سياسية أدت إلى مشكل عسكري وسياسي، وكاد الخلاف بين الجزائر ومصر على حدث مماثل أن يخلق قطيعة بينهما بسبب نفس اللعبة لولا تدارك الأمر بعقلية مختلفة وازنت بين الأمور، وحُسمت لصالح العلاقات الأخوية الراسخة..
على النقيض من ذلك أسست مباراة بين فريقين أمريكي وصيني في كرة المضرب لمرحلة فتح أبواب الصوالين السياسية التي ظلت مغلقة، فبدأت مباحثات على أعلى السلطات، فكان التعاون وإنهاء التوترات وخلق أجواء عمل مهمة أنهت أسطورة الايدلوجيا لصالح المستقبل البعيد، والمصالح المشتركة..
تحدث خلافات وحروب لأسباب متعددة، كالحدود أو أوضاع الأقليات دينية أو عرقية، أو أي مبررات تدفع بالدول والمجتمعات لتنمية المشاعر الشعبية وتهيئتها للعداء بما يشبه غسل الأدمغة، ولذلك ظلت تلك الدول تُسقطها خلافاتها، وتصبح بؤراً لتدخلات إقليمية أو دولية ما أضاع عليها فرص بناء ذاتها بروح التعايش والحقوق المتساوية..
في دولنا العربية، وعلى مدى نصف قرن أو أكثر تصاعدت الخلافات وذهب المواطن ضحية سوء الإدارات السياسية، وكلنا يتذكر حروب الإعلام، والفصل بين نظام وآخر لمجرد أنه يلتقي مع الشرق الاشتراكي ضد الغرب الامبريالي حتى أصبحت تلك التعابير شعارات انقسمت حولها الجماهير، تظاهرت وتصادمت بدعم مبرمج مع السلطة التي تتبع تلك الجهة أو ضدها، ولا تزال الأزمات تتصاعد لدرجة أن زوال الخلاف على المعسكرين جاء بديلاً عنه تطرفٌ قومي وديني ومذهبي، وتحولنا من المناوشات على منابر الإعلام، إلى الاقتتال بالأسلحة، وهو طور جديد يشهد بأننا بلا مشروع سياسي أو تنموي، واجتماعي يحقق لنا بعض الانفراجات الشعبية بين مواطني الدولة الواحدة، بل وهناك خلل بنيوي لم يعالج واستمر مرضاً عاماً منتشراً..
هذه الأنماط والنماذج من دورة الخلافات، أسبابها وتفجرها، تجبرنا على النظر إلى الخلاف بين قطر والإمارات وكذلك خلاف قطر مع العديد من الدول العربية الأخرى، وهل هذا ناتج عن قناعة ذاتية بحيث ترى سلامة سياستها لكن دون أخذ الاعتبار للطرف الآخر سواء من تجمعه معها عروق وجذور وتقاليد إلى آخر السلسلة التاريخية، أو تصلها بجغرافيا المنطقة وتراثها ونواتجها السلبية والإيجابية؟
القرضاوي فجّر الخلاف، لكنه بدون أن يحمل الإذن المفتوح لا يمكنه استغلال خطبة المسجد أو الإدلاء بتصريحات تمس الآخرين بما فيها بلد المنشأ له، لكن الحكمة تقتضي أن لا يكون سبباً في مشكل بين بلدين لديهما تطلعات مختلفة، ويجمعهما إطار أهم من أفكار وآراء شخص مؤدلج، وبالتالي فإن التعامل مع الأمر بمبدأ المصلحة أهم من الاستمرار فيه، وهذا عائد لقادة البلدين في التفكير بالنتائج، وإزالة الأسباب كعنوان لأخوة قائمة وثابتة
قراءة شرق أوسطية لنص خطاب أوباما: هكذا "تنسحب" القوة العظمى
بقلم: جهاد الزين عن النهار البيروتية
هنا محاولة للاستدلال من قراءة و"تفكيك" نص خطاب الرئيس باراك أوباما "حال الاتحاد"على نوع "الانسحاب" الأميركي من الشرق الأوسط.
نص خطاب "حال الاتحاد" الذي ألقاه الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام هيئتي الكونغرس وضيوف أميركيّين مُختارين يوم الثلثاء في 28 كانون الثاني هو خطاب "أوبامي" بامتياز من حيث شخصيّةُ الخطاب الخاصةُ في كثافة اختيار أمثلة من الحياة العادية الأميركية الآتية في سياق تركيزه المدهش تقليديا على عمق انتمائه للطبقة الوسطى الأميركية وعلى مواكبة تعداد الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية ولاسيما الصحية بعدم تجاهله حقيقة استمرار اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء داخل الولايات المتحدة ودعوته إلى رفع الحد الأدنى للأجور.
لستُ هنا في مجال دراسة بنية الخطاب في العديد من توجّهاته الداخلية التي لا أملك المتابعة المعلوماتية المهيّأَة لتقييم أبعادها. ولكني كمراقب من العالم العربي والشرق الأوسط طرحتُ السؤال الصعب والخطير النتائج علينا هنا في هذه المنطقة: هل يمكن الاستدلال من النص الكامل لهذا الخطاب على وجود "انسحاب" أميركي من المنطقة كما يكثر الحديث عن ذلك وأي نوع من "الانسحاب" هو؟ أضع كلمة "انسحاب" دائما بين هلالين لأنه من الأساس لا تنسحب القوة العظمى من أي منطقة في العالم انسحابا كاملا فكيف في منطقة الشرق الأوسط؟
دعونا إذن ندخل إلى النص:
هناك الدلائل غير المباشرة على تغيير عميق في السياسة الأميركية كما الدلائل المباشرة.
في غير المباشرة (بالنسبة لنا في المنطقة) طريقة أوباما في مقدّمات الخطاب في التحدّث عن الصين وشرق آسيا.
يقول: "أميركا هي (اليوم) مكان الاستثمارات الأول في العالم لا الصين".
و يستخدم تعبير: "الشراكة التجارية الجديدة مع الصين وأوروبا وآسيا المحيط الباسيفيكي".
ويقول: "سنفتح أسواقاً جديدة لبضائع جديدة تحمل طبعة صُنِع في أميركا". "الصين وأوروبا لا تقفان (تتفرّجان) على الخطوط الجانبيّة ولا نحن يجب أن نقف".
وينتقل إلى عنوان آخر شديد الأهمية هو "الاستقلال الأميركي في الطاقة" (Energy independence) فيقول: "أميركا ستواصل تعويد نفسها (فَطْم نفسها) على الحد من الاعتمادعلى النفط الخارجي". ويضيف: "كلما أنتجنا نفطا في بلادنا أكثر ممّا نشتري من بقيّة العالم" سنتقدم في هذا الاستقلال ويشدّد أن "المستوى الحالي (من الاعتماد على أنفسنا) هو الأوّل الذي يحصل منذ عشرين عاماً تقريباً".
ويقول:"أميركا هي اليوم قريبة من الاستقلال في الطاقة أكثر ممّا كنا خلال عقود".
ويقول: "هذا الكونغرس يستطيع المساعدة بدفع الناس للعمل على بناء محطات طاقة تستطيع أن تنقل السيارات والآليات من النفط الخارجي إلى الغاز الطبيعي".
ويقول: "ليس فقط إنتاج النفط والغاز (في أميركا) هو المزدهر بل أصبحنا في موقع قيادي عالمي في الطاقة الشمسية" ويضيف: "كل أربعة دقائق بيت أو مكان عمل أميركي يعتمد الطاقة الشمسية".
ويقول: "نستطيع أن نستمر في خفض وارداتنا النفطية وما ندفعه على المِضخّات".
ويقول: "لقد تشاركنا مع رجال الأعمال وشركات البناء والمجتمعات المحليّة لأجل خفض الطاقة التي نستهلك".
يضع أوباما تخفيض الاعتماد على النفط في سياق هدفين متداخلين هما "طاقة أنظف" و"مصادر جديدة للطاقة" ويقصد بذلك مصادر غير تقليدية.
في الدلائل المباشرة:
يتباهى أوباما بإخراج كامل للقوّات الأميركية من العراق (180 ألفا خلال عهده). وبإخراج "أكثر من ستين ألفا من أفغانستان". وأن ما سيبقى من قوات هو لـِ"تدريب ومساعدة القوّات الأفغانيّة إذا وقّعت الحكومة الأفغانية على الاتفاقية الأمنيّة".
رغم أن الرئيس أوباما يؤكّد على أن الولايات المتحدة لن تتخلّى عن دورها في حال نشوء أخطار كبيرة إلا أنه كان حاسماً في إبلاغ الكونغرس بالحرف: "إنما لن أسمح بإرسال قوّاتنا لمواجهة أوضاع مؤذية إلا إذا كان ذلك ضروريا كما لن أسمح بتمريغ أبنائنا وبناتنا في وَحْلِ نزاعات مفتوحة الأمد (0pen – ended conflicts). وهو يصف بعض هذه النزاعات دون تسميتها بأنها "قد تغذّي في النهاية التطرّف".
ينتقل أوباما بعد ذلك بشكل واضح للكلام عن ما يسمّيه "ديبلوماسية قويّة ومبدئية" (من مبادئ) فيقول: "ديبلوماسية أميركية مدعومة بالتهديد بالقوّة هي التي أبعدتْ السلاح الكيميائي السوري" و "الديبلوماسية الأميركية المدعومة بالضغط (لاحظ القوّة لسوريا، الضغط لإيران) هي التي أوقفتْ تقدّمَ برنامج إيران النووي".
ويصل أوباما إلى صياغة موقف شديد الدلالة لم يحظَ باهتمامٍ كافٍ لدى المحلِّلين (من المنطقة على الأقل) حين يقول: "طالما أن جون إفْ كينيدي ورونالد ريغان استطاعا أن يفاوضا الاتحاد السوفياتي، إذن بالتأكيد أميركا واثقة من نفسها تستطيع التفاوض (اليوم) مع أعداء أقل قوّة من الاتحاد السوفياتي". لا يقصد هنا سوى إيران. وكم كلامه يمكن أن يكون "حمّالَ أوْجُهٍ" قياساً بما استطاع التفاوض السلمي والحروب بالواسطة أن يفعلوه في مصير الاتحاد السوفياتي الذي كان حتما وفعلا أقوى وأكبر من إيران.
على أن الموقف الحاسم الذي استأثر وعن حق بالاهتمام الكبير في الشقِّ الخارجي من خطابه هو قوله للكونغرس دون مواربة: "إنما دعوني أكن واضحاً. لو أن هذا الكونغرس أرسل لي مشروع عقوبات جديدة ( على إيران) تؤدّي إلى الخروج من سكة المحادثات (مع إيران) سأضع فيتو على هذه العقوبات". الرجل وإدارته مصمِّمان على خط التفاوض السلمي مع إيران وقد أعقب كلامَه ببضعة أيام تسليمُ واشنطن لطهران الدفعة الأولى من اموالها المجمّدة وهي خمسماية وخمسون مليون دولار.
أيضا وفي أواخر الخطاب قال أوباما: "سنستمر بالتركيز على آسيا المحيط الباسيفيكي" و"دعم حلفائنا فيها" وهذه الأخيرة جملة تحمل بعدا سلبيا حيال الصين بسبب العديد من الخلافات الجيوبوليتيكية بين الصين وجيرانها في تلك المنطقة.
ماذا يعني كل هذا الكلام الرئاسي الأميركي:
يعني أن تحوّلاتٍ استراتيجيةً في نظرة أميركا إلى النفط ودوره في العالم تحصل. ويعني أن العقل الاقتصادي الأميركي الاستراتيجي هو في أوروبا والأهم في الصين وشرق آسيا الباسيفيكي.
كل هذا يتطلّب تغييرا حتميا في سياسة الشرق الأوسط الأميركية. الثابت الوحيد المعلن هو تأكيد أوباما الطبيعي في خطابه على الالتزام بأمن إسرائيل.
لكن هذا كله يعني أننا سنشهد ونشهد تغييراتٍ عميقةً بما يمكن أن نصفه "الانسحاب غير الانسحابي" من الشرق الأوسط. فالقوة العظمى تغيِّرأساليبها وأولويّاتها. وقد ينضح من الخطاب احتمال بناء تفاهمات تجعل السياسة الأميركية معتمدةً على أدوار القوى الإقليمية الشرق أوسطيّة العربية وغير العربية التي قد تنضم إلى ناديها "الشرعي" بشكلٍ بارز دولةٌ مثل إيران مع الملاحَظِ أنه لم يأتِ على ذكر السعوديّة ومصر وخصّص بضعة أسطر لتأكيد التزامه بدعم سلام يقوم بين دولة فلسطينية وإسرائيل كدولة يهودية. أخيرا وللتذكير المفيد سمّى أوباما "الإرهاب" العدو الأساسي وحدّد مراكز انتشار "تنظيم القاعدة" و"إرهابيّين آخرين" حصرا في: اليمن، الصومال، العراق، ومالي ثم رفع شعار "دعم المعارضة السورية التي ترفض شبكات الإرهاب".وهو لم ينسَ أن يذكر "حزب الله" باعتباره "يهدِّد حلفاءنا" إنما في سياق الحديث عن إيران وبالتالي بصيغة هامشيةٍ بشكلٍ ما قياسا بالحديث عن "القاعدة".
هنا الإلتزامات الأكثر غموضا (ومرونة) لأن "القاعدة" انتقلت إلى المرتبة الملتبسة التي تجعلها العدو المفضّل لواشنطن! فكيف في ما يحصل حاليا: انسحاب غير انسحابي! هكذا يحدث تحوّلٌ عميق.
ماذا لو عاد "الإخوان" للسلطة ؟!
بقلم: عبدالله الملحم عن الراية القطرية
في الحياة لا مستحيل، وفي السياسة كل شيء ممكن، وفي الواقع نرى الكثير مما كنا نحسبه مستحيلاً، وعودة "الإخوان المسلمين" للسلطة في مصر لا يمكن أن تكون مستحيلة، وإذا قُدِّرَ لهم أن يعودوا - ولا بد أنهم سيعودون يوماً بالرئيس المعزول محمد مرسي أم بغيره - يومها لن تنخنس إلا تلك الوجوه التي تعاملت مع "الإخوان" كما لو كانت موتورة تطلبهم بثأر، رغم أن "الإخوان" لم يقتلوا لها أحداً، ولا سلبوا لها مالاً، ولا أساؤوا لها في شيء إلا ما يحيك في صدورها من ظنون وأوهام أملتها الوشايات والنمائم السياسية المغرضة !
وعلى فرض عودة "الإخوان" وهذا ما لا يفكر فيه أصحاب التفكير الرغبوي فلا مشكلة لدى المجتمع الدولي، خاصة الدول التي مازالت تتعامل مع السلطة الحالية كسلطة انقلاب، ولا مشكلة أيضاً مع الحكومات التي دعمت الانقلاب واعتبرت ما حدث في 30 يونيو ثورة شعبية فرضت تغييرها على المشهد السياسي المصري بمساعدة الجيش الذي انحاز لإرادة الشعب كما يقول، هذه الحكومات - في الغالب - ستعترف بالثورة التي ستطيح بالانقلابيين، لا سيما حين تكون الإطاحة بهم من قبل الجيش نفسه، أو بسبب ثورة شعبية تسترد ثورة 25 يناير المسروقة من الشعب، ويومها ستعبر الدول المؤيدة للانقلاب عن تغير مواقفها بأنه جاء انطلاقاً من احترامها لإرادة الشعب المصري وحقه في تقرير مصيره، وفقاً لما يقضي به القانون الدولي الذي يكفل لكل شعب حق تقرير المصير، أما المشكلة الحقيقية التي ستحرج خصوم "الإخوان" فهي الصورة المزرية للكتاب والإعلاميين والمثقفين الذين هاجموا "الإخوان" وافتروا عليهم مداهنة لحكوماتهم، يوم تبنوا ذات مواقفها وزادوا عليها باستعراض كراهيتهم والتشفي في "الإخوان" حتى بلغ بهم التمادي إلى أن سخروا من ضحاياهم المقتولين بكل بشاعة في مجزرتي رابعة والنهضة، حتى إن بعضهم قال بكل فجاجة وانعدام ضمير: ألم يكونوا يرجون الشهادة هاهم قد نالوها ؟!
وكأنهم يبررون للقتلة مجازرهم التي راح ضحيتها الآلاف من"الإخوان" وغير الإخوان من أبناء الشعب المصري، ولم يبق إلا أن يقولوا لذوي الضحايا اشكروا الجيش والشرطة لكونهم حققوا لأبنائكم أمانيهم التي كانوا يرجون، تُرى كيف سيتصرف أولئك المثقفون وشركاؤهم في الحقد والكراهية من منتسبي حزب النور الخليجي إذا رأوا حكوماتهم تعيد بناء الجسور التي تهدمت مع "الإخوان" ؟!
كيف سيكون خطابهم بعد أن كانوا يتصرفون كما لو كانوا وزراء خارجية بلدانهم، وكما لو كان من لزوم ما يلزم أن تتطابق وجهات نظرهم نحو "الإخوان" مع وجهة النظر الرسمية لحكوماتهم، فإذا أيدت أيدوا.. وإذا تحفظت تحفظوا.. وإذا شجبت شجبوا، ولم يكتفوا بهذا بل زادوا على المواقف الرسمية المعلنة بالمزيد من الكذب والسباب والتحريض للانقلابيين ليقتلوا"الإخوان" ويبيدوهم في مصر، وهو ما لم يصدر ولا يمكن أن يصدر عن أي حكومة مهما كان رفضها للإخوان، لكن أولئك قالوها مراراً وترجموا نواياهم إلى أفعال في موقع التواصل الاجتماعي بما ينضح بالحقد والكراهية والتحريض الذي لا يمكن أن نصدقه لولا أننا قرأناه بأنفسنا وصرنا من شهود العصر عليه !