المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 635



Haneen
2014-03-18, 12:58 PM
اقلام عربي 635
2/3/2014

في هذا الملف:
في انتظار ولادة خطة كيري
بقلم: حسام الدجني عن القدس العربي

عيون وآذان (يهود ضد إسرائيل)
بقلم: جهاد الخازن عن الحياة اللندنية

وداعاً للحرب مع إسرائيل؟
بقلم: حازم صاغية عن الحياة اللندنية

المقاطعة: إدراك إسرائيلي بتزايد خطورتها ؟
بقلم: اسعد عبد الرحمن عن الرأي الأردنية

"الأقصى" وتهويد القدس
بقلم: عوني صادق عن الخليج الاماراتية

مخاطر الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني
بقلم: بشارة مرهج عن السفير البيروتية

هل هى حقاً «انتفاضة» ثالثة؟ «1»
بقلم: السيد أمين شلبي عن المصري اليوم

التهويد ... يخنق القدس
بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية

برافر.. تهويد الأرض المتواصل
بقلم: قسم الدراسات عن البعث السورية

إلى بيت المقدس... هل تفعلها إيران؟
بقلم: صالح عوض عن الشروق الجزائرية

الجنرال «الش» يحكم مصر
بقلم: ياسر عبد العزيز عن الجريدة عن الجريدة الكويتية




في انتظار ولادة خطة كيري
بقلم: حسام الدجني عن القدس العربي
من المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي باراك اوباما، نهاية الاسبوع الجاري، بالرئيس محمود عباس ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو، وسيكون الموضوع الأكثر أهمية هو تسلم الطرفين لمسودة الخطة التي أعدها وزير الخارجية الامريكي جون كيري.
قد يسأل البعض حول الموجة الاعلامية التي استهدفت الخطة منذ اسابيع، وتحدثت عن تفاصيلها، طالما لم تتسلمها رئاسة السلطة الفلسطينية، وهنا لا بد من الاشارة إلى أن ما تم خلال الأسابيع الماضية هو نقاش بالخطوط العامة للخطة، وأن ما سيتسلمه السيد أبو مازن هو التفاصيل الدقيقة للخطة التي ستركز على السلام الاقتصادي بشكل أكثر عمقاً وتفصيلاً، وكأن قضيتنا أصبحت مرتبطة بأموال ومشاريع وحقول غاز، وأن سنغافورة أوسلو بانتظار قطاعنا الحبيب، والمقابل هو بعض الجمل والعبارات السياسية التي ربما لا يفهمها العامة، كالاعتراف بيهودية الدولة العبرية وتأجير الأغوار لبضع سنين واستقدام قوات الناتو لحفظ الأمن والاستقرار، وبقاء بعض الكتل الاستيطانية الكبرى مع منح المستوطنين الجنسية الفلسطينية، ليصبح أبناء باروخ غولدشتاين، منفذ مذبحة الخليل، فلسطينيي الهوى والهوية.
ويرتفع العلم الفلسطيني فوق عاصمة الدولة الفلسطينية بيت حنينا بالقدس، أما اللاجئون فالعودة لهم وفق رؤية الرئيس الامريكي بيل كلينتون، وبما لا يختلف كثيراً عن وثيقة عباس بيلين المؤرخة في العام 1995، التي تنص على توطين اللاجئين بالدول المضيفة أو بكندا أو بالدولة الفلسطينية. هذا ما كان يحمله كيري، وربما ما تحمله المسودة النهائية التي سيتسلمها الرئيس عباس خلال الايام المقبلة، ولكن هنا لا بد من التذكير بأن الرئيس محمود عباس وخلال اجتماع للجنة التنفيذية أكد لأعضائها انه أرسل رسالة لجون كيري تتضمن ست نقاط هي:
1- عدم الاعتراف بالدولة اليهودية.
2- الإصرار على أن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية وليس العاصمة في القدس.
3- التأكيد على حل قضية اللاجئين وفقا لقرار 194 والمبادرة العربية.
4- التمسك بعدم وجود إسرائيلي في الدولة الفلسطينية.
5- رفض أي تواجد أمني إسرائيلي في الأغوار.
6- القيادة الفلسطينية مع مبدأ التبادلية الذي يكون بالقيمة والمثل وعلى نسبة صغيرة جدا.
ولكن لابد من الاشارة إلى أن البيئة التفاوضية تعكس ضعفا واضحا للمفاوض الفلسطيني، الذي يعيش حالة انقسام، وغياب للمؤسساتية المعبرة عن الشعب الفلسطيني بالداخل والخارج.
وهذا يعكس حجم التناقض في التصريحات، وغياب الشفافية في الحصول على المعلومات، بما يعزز من فرضية ان المفاوض الفلسطيني ذاهب باتجاه ما، وقد يكون أقرب للتوقيع على اتفاق الاطار الذي لا ينهي الصراع ولكنه يمنح ديمومة واستمرارية لعجلة المفاوضات لأن تستمر من دون توقف وبلا سقف زمني، حتى يستمر الدعم المالي للسلطة وللنخب السياسية.
إن الاسبوع القادم سيكون حاسماً في الحراك الشعبي لاسقاط مخططات كيري في حال ثبت انها لا تلبي برنامج الحد الأدنى، وسيكون حاسماً في الموقف الفصائلي من دعم ومساندة الرئيس محمود عباس في حال ذهب نحو رفض الخطة، لأن انعكاسات الرفض ستكون كبيرة وستؤثر على مستقبل السلطة الفلسطينية، وبذلك ينبغي أن يلتئم الكل الوطــــــني لإعداد برنـــامج وطني شامل للتعاطي مع المتغيرات المحتملة خلال الاسابيع المقبلة، وان تكون المصالحة الوطنية هي المدخل الرئيس لمجابهة تلك التحديات.
عيون وآذان (يهود ضد إسرائيل)
بقلم: جهاد الخازن عن الحياة اللندنية
«هل مقاطعة إسرائيل عادلة؟» كان هذا عنوان بريد القرّاء في «نيويورك تايمز» قبل أيام، وردّي عليه أنها عادلة جداً وواجب إنساني. أول رسالة كانت من أختنا حنان عشراوي، وهي أيّدت المقاطعة كما فعل كتّاب رسائل أخرى منشورة.
المقاطعة مستمرة وتزيد كلّ يوم فبعد أن كانت وقفاً على نشاط لطلاب في جامعات أميركية، أمتدت إلى الكنائس المسيحية الأميركية، ثم وصلت إلى أوروبا، فبدأت شركات كبرى وبنوك تعلن مقاطعة أي نشاط إسرائيلي على علاقة بالمستوطنات.
أقرأ في ميديا عصابة الحرب والشرّ من أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة حملات يومية على المقاطعة، ثم أقرأ مواقف ليهود يعارضون الإحتلال، مثل تشارلز مانيكين، وهو بروفسور فلسفة في جامعة ماريلاند ذهب إلى إسرائيل في الثمانينات وحمل جنسيتها وأصبح الآن يؤيّد جمعيّة الدراسات الأميركية في مقاطعتها الجامعات الإسرائيلية ويقول: «بصفتي يهودياً متديّناً أشعر بقلق خاص أزاء الظلم اليومي للفلسطينيين».
وكنت أشرت أخيراً إلى انتقاد الكاتب الإسرائيلي المعروف جدعون ليفي دولته في مقال له في هاآرتز» وطلبت مني قارئة نصّ المقال فأرسلته إليها وهاتفتني معاتبة لأنني أكتفيت بإشارة ولم أترجم المقال وأنشره كلّه. أكتفي اليوم بالفقرة الأولى من مقال ليفي. هو قال:»لو كنت معلماً لقلت لطلابي أن قوات الدفاع الإسرائيلية ليست جيشاً أخلاقياً ولماذا يستحيل أن تكون كذلك. كنت سأقول لطلابي أنها جيش إحتلال وأن الإحتلال إجرامي. لو كنت معلماً لقلت لطلابي ماذا حدث سنة 1948 في قبية وفي كفرقاسم وفي صبرا وشاتيلا وقانا وعملية الرصاص المصبوب، وما يحدث كل يوم في الأراضي المحتلة. لو كنت معلماً لقلت لطلابي الحقيقة».
جدعون ليفي ليس طائراً يتيماً يغرّد خارج سرب الإحتلال الإسرائيلي، ففي اليوم التالي لنشر «هاآرتز» مقاله، نشرت الجريدة الإسرائيلية نفسها مقالاً كتبه زيف ستيرنل عنوانه «المقاطعة ليست لا سامية» يقول فيه أن المقاطعة الأوروبيّة للنشاط الإسرائيلي في الأراضي المحتلة «إنتفاضة على الكولونياليّة والتفرقة العنصريّة اللتين تمارسان في الأراضي المحتلة». أيضاً ثار أنصار إسرائيل من ليكود أميركا على الكتاب «تكوين: ترومان واليهود الأميركيون وجذور النزاع العربي- الإسرائيلي» لأن مؤلفه اليهودي جون جوديس يتحدث عن الإمبريالية الصهيونية.
وأزيد على ما سبق حاخامات يهاجمون نشاط لوبي إسرائيلي (ايباك) في الولايات المتحدة ويختلفون مع رعيّتهم التي يؤيد بعض أعضائها إسرائيل «على عماها». وقد قرأت عن مثل هذا الخلاف في كنيس بناي جيشوورون في الجانب الغربي الأعلى من مانهاتن في نيويورك.
هؤلاء اليهود المعتدلون المنصِفون يردّون لي الثقة بالنفس البشرية. وقد كتبت غير مرّة عن جماعات سلام داخل إسرائيل تقوم بنشاط هائل دفاعاً عن الفلسطينيين تحت الإحتلال.
الفارق بين اليهود المتطرفين والمعتدلين أوضح ما أراه في صفحات الرأي في «نيويورك تايمز» و «واشنطن بوست» والجريدتان يملكهما يهود ليبراليون، في كلّ شيء، إلا عندما يكون الموضوع إسرائيل فهناك دائماً من يهبّ للدفاع عن الجريمة ويجد لها الأعذار.
«نيويورك تايمز» تضمّ بعض أفضل الكتّاب مثل بول كروغمان ونيكولاس كريستوف وتوماس فريدمان ومورين داود وغيل كولنز، ثمّ هناك النوع الآخر مثل بيل كيلر (قرأت أنه سيترك الجريدة)، وأيضاً ديفيد بروكس وروجر كوهن وجودي روديرون. الموضوعية تقضي أن أقول أن بعض أنصار إسرائيل هولاء يكتب أحياناً، وإن نادراً، مقالاً معتدلاً يفاجئني.
في «واشنطن بوست» ديفيد اغناشيديوس وريتشارد كوهن جيّدان، وفي المقابل جاكسون دييل، نائب رئيس صفحة الرأي إسرائيلي الهوى، وكذلك تشارلز كراوتهامر، وهناك أيضا جنيفر روبن وروبرت كاغان الذي يكتب مرّة في الشهر..أنصار إسرائيل لا يدافعون عنها وإنما يدينون أنفسهم معها.
وداعاً للحرب مع إسرائيل؟
بقلم: حازم صاغية عن الحياة اللندنية
أن لا تعلن إسرائيل عن غارة عسكرية أغارتها جواً على «حزب الله»، فهذا ليس مستغرباً، ذاك أن الإنجاز بالنسبة إلى الدولة العبرية يتقدم على الإعلان. ولضمان أن يبقى الإنجاز متقدماً، يناقش الإسرائيليون كل حرف يصدر عن خصومهم، ويضعون كل الفرضيات ويعملون بموجبها كي لا يتأذى مواطن من مواطنيهم، وكي يبقى الإنجاز أولاً. أما ألا يعلن «حزب الله» عن الغارة إلا متأخراً وبشكل مقتضب، فلا يحاول استخدامها لتوكيد استمرار الحرب بينه وبين إسرائيل، ولا يجد فيها فرصة جديدة للتذكير بمظلوميته حيال عدو صلف، فهذا ما يدعو إلى الاستغراب. يفاقم الاستغرابَ هذا أن الحزب ينتسب إلى ثقافة تمنح الأولوية للإعلان على الإنجاز، إلى الحد الذي يغدو الإعلان نفسه إنجازاً.
لقد كان في وسع الحزب أن يقتنص فرصة ضربه، جرياً على تقليد عريق، فيذكرنا مجدداً بأنه الضحية وأن عدوه الجلاد، وبأن حربه في سورية لم تُلهِ إسرائيل عنه لأنها لم تُلهِه عن فلسطين. وهكذا ينساب الاستنتاج المنطقي: إذاً المعركة واحدة ضد الإسرائيليين وضد التكفيريين في سورية.
فوق هذا، فالحزب الذي اعترف بالعملية اعترافاً مقتضباً ومتأخراً، وعد بالرد «في المكان والزمان المناسبين». ومن يعرف معنى العبارة التي اختُبرت ألف مرة من قبل، يعرف أن الحزب لن يرد إلا على نحو يتيح التملص من «الرد».
العصافير التي في يده تُركت إذاً حرة طليقة. تم التركيز فقط على العصفور الذي في الشجرة: إن إسرائيل التي تناقش البيان وتفكر في احتمالاته «مصابة بالذعر والهلع»!
أغلب الظن أن ما حدث قبل أيام في مكان ما على الحدود السورية– اللبنانية غير المرسّمة، خطوةٌ متقدمة على طريق الانسحاب من الحرب مع إسرائيل، وهو انسحاب بدأ مع صدور القرار الأممي 1701، بعد حرب 2006، مقفلاً جبهة الجنوب ومساوياً بينها وبين جبهة الجولان السورية- الإسرائيلية.
ومنعاً لأي التباس، فإن ذاك الانسحاب خطوة إيجابية محمودة. ما ليس كذلك هو الاستغراق في حرب أخرى هي تلك الدائرة في سورية. بهذه الأخيرة يعبر بنا حزب كـ «حزب الله»، مُقدرٌ عليه العيش في الحروب واستحالة العيش بلا حروب، مرحلة انتقالية تستحق التأمل والتفكير،
ذاك أن ظهور هذا الحزب مسبوقاً بقيام النظام الخميني في إيران، تلازم مع ضمور المقاومة الفلسطينية التي قوضها اجتياح إسرائيل للبنان في 1982. آنذاك مثلت مقاومته الناشئة ظاهرة استبدالية حل فيها الشيعي محل السني، واللبناني محل الفلسطيني، والإيراني محل الدول العربية.
والاستبدال هذا خدم وظائف عدة، بينها توفير غطاء عربي لإيران في حرب الثمانينات بينها وبين العراق، ثم توفير جسر لها إلى المشرق، وتكريس الهيمنة السورية على الموضوع الفلسطيني– الإسرائيلي بإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وتصفية حلفائها اللبنانيين. في هذا تصرَّفَ «حزب الله»، ومن ورائه طهران، تصرُّفَ المزايد في الشأن المسمى قومياً، والمصطبغ تقليدياً بالأكثرية السنية.
أما الآن، فبات هذا الميل الاستبدالي يفتقر إلى الحاجة إليه، ذاك أن انفجار الطوائف وعري حروبها حاصرا مساعي التزوير الأيديولوجي، فيما «العرب» لم تعد لديهم «قضية قومية أولى» أصلاً. وفي المعنى هذا، بات من يكسب على الجبهة تلك لا يكسب شيئاً يُعتد به، فكيف وأن النظامين الراعيين للحزب تغيرت ظروفهما واعتباراتهما: فالنظام السوري أضحى يخوض معركة وجوده ذاته، ما ضيق مساحاته السابقة في امتهان القومية والعروبة وفلسطين وتسليعها. أما النظام الإيراني، المعني بتحسين موقعه التفاوضي حيال الغرب، فبات مهتماً بورقته السورية التي قد تخدم التفاوض بقدر عنايته بالتنصل من الورقة الفلسطينية التي لا تخدمه.
وهكذا، إذا كان ما حققه القرار 1701 هو أن الحزب لم يعد يؤذي إسرائيل، فإننا الآن نشهد على صمته عن إيذاء إسرائيل له. وتقليد جبهة الجولان من خلال 1701 لا يكتمل بغير نسخ عبارة «في المكان والزمان المناسبين».

المقاطعة: إدراك إسرائيلي بتزايد خطورتها ؟
بقلم: اسعد عبد الرحمن عن الرأي الأردنية
في العام 2005، تأسست الحركة المدنية الفلسطينية المعروفة باسم (BDS) لأجل مقاطعة إسرائيل والتي تنادي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي واستعماره لكل الأراضي العربية، فضلا عن تفكيك جدار الفصل العنصري، والاعتراف الإسرائيلي بحقوق فلسطينيي 48، وعودة اللاجئين الفلسطينيين. هذه الحركة الفلسطينية تؤمن وتعمل باللاعنف، مثلما هي تخاطب أصحاب الضمير الحي من كل الأعراف والأديان والجنسيات وعلى رأسهم المجتمع الإسرائيلي وكل الجاليات اليهودية حول العالم. لهذا أصبح الدعم العالمي لهذه الحركة المدنية يغطي بلدان العالم على نحو تدريجي لكنه ثابت.
لقد كشفت الحركة المدنية الفلسطينية حقيقة إسرائيل المستندة إلى التمييز العنصري وزيف ديمقراطيتها في عدد متنام من الميادين على المسرح الدولي، الأمر الذي خلق خشية متزايدة في إسرائيل أجبر وزارة الشؤون الاستراتيجية والاستخبارية الإسرائيلية على تجهيز خطة تقوم على استخدام الإعلام والدعاية وتفعيل دور المنظمات الدولية المتعاطفة مع الدولة الصهيونية. ولكن وزارة الخارجية الإسرائيلية رأت بأن الحل حاليا لمواجهة حركة BDS يتجسد عبر وصفها بانها «معادية للسامية». بل إن رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) لعب على الحبل ذاته، وصرح: «أعتقد انه من المهم ان نكشف حقيقة الداعين لمقاطعة اسرائيل بأنهم معادون تقليديون للسامية ولكن بزي حديث، واعتقد ان علينا محاربتهم». وقد رد (عمر برغوثي) الناشط الفلسطيني وأحد مؤسسي (BDS) في مقال له في «نيويورك تايمز» على اتهامات إسرائيل بكون (BDS) أصبحت خطراً يهدد «شرعية» الدولة الصهيونية قائلاً فيه: «إن حركة BDS لا تمثل خطراً موجهاً لأجل إزالة إسرائيل كدولة بل هي تشكل تحديا للنظام العنصري الاستعماري الحالي في إسرائيل. لقد زال النظام العنصري في جنوب إفريقيا وما زالت جنوب إفريقيا دولة قائمة.
والنظام العنصري الصهيوني القائم هو الذي جلب المقاطعة ضد إسرائيل». وفي تقرير لها، قالت «السي بي إس»، إحدى أشهر شبكات التلفزة في الولايات المتحدة الأمريكية، إن «التصويت بمقاطعة إسرائيل ما يزال في طوره الرمزي ولكنه مؤشر إلى أن تلك المقاطعة ربما تنامت ليعتزل العالم إسرائيل شيئا فشيئا، ولن يجدي إسرائيل شيطنة مشروع عزلها بما تروجه من أقاويل تنسبها إلى الحركة عن «عداء السامية». فالمقاطعة مثل كل الأفكار، التي إذا جاء أوانها، شقت طريقها للتحقق الكامل».
وفي مقال حمل عنوان «المقاطعة، سحب الاستثمارات، والعقوبات: كيف نحبط التهديد» كتب (مارك هيلر) يقول: «واضح أن حجم العقوبات الاقتصادية (والمقاطعات الاخرى في مجالات الثقافة والتعليم العالي)، التي كان مسببها الأول نشاط الـ BDS، ازداد في الاشهر الاخيرة. ومن الصعب الاختلاف مع حقيقة أن إسرائيل هشة جدا تجاه مقاطعة من هذا القبيل». وأضاف: «سيكون من قبيل عدم المسؤولية من جانب زعماء في إسرائيل الاستخفاف بهذا التهديد او التظاهر بانه يمكن معالجته بمجرد الحملات الاعلامية أو التنديد بالجهل، وانعدام الأخلاقية أو الإزدواجية الأخلاقية أو الدافع اللاسامي».
النجاح المتنامي الذي تحققه حركة (BDS) الفلسطينية، إذا تُرجم إلى الدولارات كما بينته صحيفة «يديعوت أحرنوت» الإسرائيلية، هو نجاح ملموس. فقد أكدت الصحيفة: «أن خسائر إسرائيل من هذه المقاطعة وخاصة لنمو 70 مصنعاً في المستوطنات والمزارعين من مستوطنات غور الأردن قاربت أن تصل إلى 20 مليار دولار وفصل نحو عشرة آلاف عامل من العمل في الفترة القريبة المقبلة». في هذا السياق، جاء كلام وزير خارجية الولايات المتحدة (جون كيري) من أن «إسرائيل تمر بإزدهار مؤقت وأمن مؤقت ولكن ذلك وهم وسيتغير مع فشل محادثات «السلام» وستواجه إسرائيل مخاطر أكبر بكثير».
حقا، إن مقاطعة إسرائيل اقتصادياً (وغير ذلك) تتفاعل يوماً بعد يوم، حيث تواجه موجة عارمة لمقاطعتها خاصة في أوروبا. ومن المؤكد أيضا أن سلسلة النجاحات التي حققتها (BDS) تشجع على الدعوة الى فرض عقوبات على اسرائيل مماثلة لتلك التي فرضت على نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا. وقد أعربت صحيفة «هارتس» عن قلقها وكتبت تقول: «التحذير أصبح أكثر وضوحا وشدة. وقد يتضاعف الاعتقاد بإمكانية تركيع إسرائيل مثلما حدث مع جنوب إفريقيا».

"الأقصى" وتهويد القدس
بقلم: عوني صادق عن الخليج الاماراتية
في صباح يوم 19 فبراير/شباط الماضي، اقتحم نائب رئيس الكنيست، موشي فيغلين، المسجد الأقصى مصحوبا بحراسة مشددة . وفي يوم 25 من الشهر نفسه، تقدم فيغلين باقتراح للكنيست دعا فيه لسحب الوصاية الأردنية عن المسجد الأقصى، وإخضاعه للسيادة "الإسرائيلية" "حتى يتسنى للمصلين اليهود دخوله دون معوقات" ! وانتهى النقاش إلى التأجيل، ودون اتخاذ قرار بشأنه، وقيل إن نتنياهو لم يوافق على الاقتراح بسبب الوضع الذي تمر فيه المفاوضات .
يذكر أنه في سبتمبر/أيلول من العام (2000)، أقدم أرييل شارون على الفعلة نفسها، فجاء الرد من خلال الانتفاضة الثانية التي انطلقت من الحرم القدسي الشريف . في هذه المرة، وبعد اقتحام فيغلين المسجد، واقتراحه الذي تقدم به للكنيست طالباً فرض السيادة "الإسرائيلية" عليه، جاءت الردود "كلامية" لن تقدم أو تؤخر، ولن تغير من مخططات الاستيلاء على المسجد، أو مخططات تهويد المدينة المقدسة.
وفي ردود الفعل التي تم رصدها، اتخذ البرلمان الأردني بإجماع الأعضاء الحاضرين قراراً "غير ملزم"، يطالب الحكومة الأردنية بطرد السفير "الإسرائيلي" من عمان، وهو قرار سبق أن اتخذ البرلمان الأردني شبيها له قبل شهر ولم ينفذ، إذ يحتاج لمصادقة لم يحظ بها من الحكومة والملك . ومن المتوقع أن يلقى القرار الجديد ما لقيه القرار السابق . من جانبها، صدر عن الجامعة العربية بيان، بعد اجتماع على مستوى المندوبين، طالب مجلس الأمن "بالتحرك لحماية المسجد الأقصى"، ومذكراً المجلس بضرورة احترام الحكومة "الإسرائيلية" لاتفاقيات جنيف الخاصة بالأراضي الواقعة تحت الاحتلال .
اقتحامات المسجد الأقصى أصبحت منذ سنوات مشهداً يومياً يكاد لا يثير انتباه أحد! فبعد شهرين من استئناف المفاوضات في يوليو/تموز من العام الماضي، وبالتحديد يوم 18-9-،2013 وقع أحد هذه الاقتحامات الكبيرة بمناسبة الاحتفال ب "عيد العرش اليهودي" . جاء ذلك بعد يوم واحد من قرار اتخذه الكنيست سمح للمستوطنين بدخول الحرم القدسي، للاحتفال بأعيادهم الدينية . في ذلك اليوم، قال أمين سر "الهيئة الإسلامية العليا" في القدس،
تيسير التميمي، في تصريح لجريدة (الأخبار- 19-9-2013): "إن قرار الكنيست يهدف إلى إضفاء الصبغة القانونية، بحيث يكون من يتصدى لهذه الجماعات مستقبلاً، أو يحاول أن يمنعها من الدخول، مخالفاً للقانون يقدم للمحاكمة ويودع السجن، وتكون "إسرائيل" هي صاحبة الحق"!
ولقد كثرت في الآونة الأخيرة، ليس فقط اقتحامات المسجد الأقصى، بل الأحاديث والاقتراحات التي تدور حول كيف يتم تأمين دخول "المصلين اليهود إلى جبل الهيكل" . وقبل ذلك وبعده كانت الإجراءات "الإسرائيلية" تتوالى: من مصادرة للأرض المحيطة بالمسجد، واستيلاء على منازل داخل القدس الشرقية وهدم لأخرى، وتهجير للبعض وسحب الهويات من بعض، حتى انتهى الحديث إلى تقسيم المسجد، مرة مكانياً ومرة زمانياً . . الخ، وكل ذلك يتم في إطار مخطط "تهويد القدس" . ولا بد من الانتباه إلى أن كل ما يتعلق بالإجراءات "الإسرائيلية" المتخذه بخصوص المسجد الأقصى، لا ينفصل بحال عن الإجراءات المتخذة بشأن تهويد القدس .
من جهة أخرى، وما يجب أن ننبه إليه في هذا المقام، هو أن القدس قضية سياسية، وليست قضية دينية . واختزالها في القضية الدينية هو ما يسعى الصهاينة إليه . وعليه فإن الدفاع عن المسجد الأقصى، يجب أن يأتي في سياق الدفاع عن القدس، وليس العكس، حتى وإن بدا أن الدفاع عن المسجد هو دفاع عن المدينة، فلا بد من الحرص على أن لا يؤدي ذلك الدفاع عن المسجد إلى طمس الحدود القائمة بين الأصل والفرع . وما يثير الاستغراب ويطرح السؤال، في ضوء ما تقدم عليه سلطات الاحتلال، مع وجود مفاوضات جارية، هو كيف يجري الحديث عن "دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية" في وقت تنشغل فيه الحكومة "الإسرائيلية"، وأعلى سلطة تشريعية في الكيان، بما يؤكد سيطرتها وسيادتها على هذه "العاصمة" الفلسطينية؟ والحقيقة أن السؤال ليس موجهاً إلى حكومة نتنياهو، بل هو موجه أولاً وأخيراً إلى السلطة الفلسطينية، المستمرة في المفاوضات والقابلة ب "الوساطة الأمريكية" راعية هذه المفاوضات، بعد أن أعلنت الأخيرة انحيازها التام إلى الموقف "الإسرائيلي" الذي يكرر دائماً أن القدس هي "العاصمة الموحدة الأبدية ل "إسرائيل""! ومفيد أن نذكر هنا أن آخر ابداعات الوزير كيري، كما جاء في الأنباء، تمثل في قوله إن "عاصمة الدولة الفلسطينية" يمكن أن تكون في بيت حنينا!!
وهناك مسألة أخرى في السياق لا تقل أهمية، هي عدم الفصل بين السيادة على المقدسات والسيادة على القدس الشرقية . مطلوب من السلطة الفلسطينية أن تتمسك بسيادتها على القدس الشرقية سياسياً ودينياً كحد أدنى، فلا تتنازل عنه لأي طرف، أكان عربياً أو دولياً . فالوصاية العربية (أو الأردنية) أو الدولية، على المقدسات، يعنى التنازل عن القدس كلها للسيادة "الإسرائيلية"، وبكلمات أوضح تعني الاعتراف بالقدس كلها "عاصمة موحدة ل "إسرائيل"" .
إنه منذ إنشاء الكيان الصهيوني، يتبين أن المفاوض "الإسرائيلي" يتبع منهجاً لا يتغير، هو إغراق الخصم في التفاصيل، محققاً في كل مرة هدفاً مرحلياً، ليصل في النهاية إلى ما يريد على نحو تدريجي . وكما حدث مع الحرم الإبراهيمي، فإن التخطيط للاستيلاء على المسجد الأقصى، بدأ ب "حق اليهود" بالصلاة عند حائط البراق، ثم أصبح "حق اليهود بالصلاة داخل الحرم"، إلى أن وصل اليوم الى المطالبة بتقسيم الحرم، بل وإلى إخضاعه للسيادة "الإسرائيلية"!

مخاطر الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني
بقلم: بشارة مرهج عن السفير البيروتية
منذ قيام الكيان الصهيوني بمساعدة الدول العظمى في العام 1948 والضغوط الاستعمارية ـ الصهيونية متواصلة، ومتصاعدة، على الأنظمة العربية لإقناعها أو إرغامها على الاعتراف بالكيان الاستيطاني الذي قام على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه وممتلكاته وتراثه ومستقبله.
فاعتراف الآخر ـ العربي كان مسألة مركزية بالنسبة للكيان الصهيوني كي يشعر بالاطمئنان والاستقرار، وينتقل من ثم إلى مرحلة جديدة في مشروعه يتفرغ فيها للغزو الاقتصادي والثقافي.
وفي سعيه المحموم لانتزاع الاعترافات من الدول العربية، وفلسطين بصورة خاصة، لم يأل العدو الصهيوني جهداً، ولم يترك فرصة لتحقيق هدفه بالعنف والارهاب، إلا توسلها اقتناعاً منه ان كسر إرادة الآخر هو الطريق الأنسب للحصول على اعترافه.
ومن المفارقات ان المحن التي تعرض لها الشعب الفلسطيني جراء هذه السياسة العنصرية تبدو اليوم أقل هولاً وفظاعة من المحن الجديدة التي يحاول هذا العدو الصهيوني استيلادها وإسقاط الفلسطينيين في لجتها بمساعدة الإدارة الأميركية والأنظمة العربية التابعة لها.
لم يطلب هذا الكيان من أي نظام عربي او أجنبي الاعتراف بيهوديته، إنه يطلب هذا الأمر حصراً من السلطة الفلسطينية كشرط لا بد منه لاستئناف المفاوضات الثنائية معها. مع وعد غامض منه بتقديم تنازلات محدودة وملتبسة لها، مقابل تخليها عن الحقوق الوطنية المشروعة التي تتصل بالهوية والأرض والسيادة وحق العودة، تلك الحقوق التي من أجلها قدمت فلسطين أعظم التضحيات وأغلى الشهداء.
وهذا المطلب الصهيوني كما يظهر اليوم هو بند أساسي في ورقة جون كيري وزير الخارجية الأميركية التي يطرحها امام المفاوضين معتبراً ان «إسرائيل» هي الدولة القومية «للشعب اليهودي» وان فلسطين هي الدولة القومية للشعب الفلسطيني، بما يؤدي عملياً إلى تثبيت المزاعم اليهودية ونفي الحقائق الفلسطينية، فتتكرس شرعية الغزاة الذين قدموا من مختلف البلدان على حساب أبناء الأرض وأجدادهم الذين لم يعرفوا وطناً لهم سوى فلسطين. فالمطلوب هنا من الفلسطينيين ليس الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني فحسب، وانما ايضا نفي الذات وانكار الوجود الوطني، حيث لن يبقى لهم، بسبب المستوطنات المنتشرة، سوى بعض الأراضي غير المتصلة ليقيموا عليها معازلهم تحت السيطرة الاسرائيلية.
ومشروع التهويد باعتباره المشروع الأساسي للحركة الصهيونية ليس وليد الأمس، انما يعود بجذوره إلى ما قبل قيام الكيان او نشوء الوكالة اليهودية في حضن الانتداب البريطاني، فلطالما أشارت الكتابات الصهيونية في القرن الثامن عشر والتاسع عشر إلى ضرورة نشوء دولة لليهود او دولة يهودية على أرض فلسطين، وتوجه نابوليون بجيوشه إلى أسوار عكا لا يمكن اطلاقا فصله عن هذا المسار.
وتجلت معركة التهويد بالهجرة اليهودية المنظمة إلى فلسطين لتصل إلى 50,000 يهودي في العام 1917 بعد ان كان عدد اليهود هناك لا يزيد عن 4500 يهودي، ليعود فيرتفع هذا العدد في ظل الانتداب البريطاني وحمايته إلى 600,000 يهودي في العام 1948.
وبالتوازي مع حركة هجرة الأشخاص نشأت حركة منظمة لشراء الأراضي او الاستيلاء عليها في فلسطين حيث رصدت الأموال الضخمة في هذا الصدد فضلاً عن هبات الحكومة البريطانية لتصل نسبة الأراضي المملوكة من اليهود إلى 3,7 في المئة من مساحة فلسطين العام 1948.
واستفادت الحركة الصهيونية بأجهزتها المختلفة من الوكالة اليهودية إلى التنظيمات النقابية، إلى المصارف، لتنشئ دولة داخل الدولة في فلسطين بمساعدة الانتداب البريطاني حيث نشطت في انشاء المشاريع الاقتصادية والتربوية والاعلامية. ومن المعروف ان اليهود تمكنوا من انشاء اول جامعة لهم على الأرض المحتلة في العام 1921.
وبعد قيام الكيان الصهيوني والاعتراف به دولياً اشتغلت ولا تزال قيادة الكيان على جذب اليهود بكل الوسائل المتاحة من أقاصي الأرض إلى الأرض المحتلة وإسكانهم في المستوطنات بعد توفير المنازل المسلوبة والأراضي المنهوبة لهم.
ولقد اشتغلت هذه القيادة ولا تزال على انتزاع عقارات الفلسطينيين بالقوة وتشريدهم وتهجيرهم خارج البلاد او داخلها كما يحدث اليوم مع أهالي النقب. وبعد العملية التهويدية الكبرى التي طالت أراضي 1948 انتقلت الحركة الصهيونية بعد 1967 إلى تهويد الضفة الغربية والقدس وغزة والاغوار حتى وصل عدد المستوطنين إلى 542000 مستوطن يحملون السلاح ويتفنون في إيذاء الفلسطينيين واغتصاب ممتلكاتهم.
لقد أصبحت القدس الشرقية لا سيما بعد اتفاقية اوسلو مسرحا لسياسة الاستيطان والتهويد حيث جرى التغلغل في أحيائها ونقل مؤسسات حكومية اليها من بينها مبنى الكلية العسكرية وكلية الامن القومي ومجمعات سكنية للطلاب والمدربين وعائلاتهم.
ومقابل موجات الهجرة اليهودية إلى فلسطين كان ترحيل الفلسطينيين هو الوجه الآخر للمشروع العنصري الاستيطاني، وكان هذا الوجه الثابت في مساره يتغير من مرحلة لأخرى. مرة يُطرح تهجير الفلسطينيين من غزة وأخرى من الضفة الغربية، ثم من الاغوار، ودائماً من القدس، باعتبارها أفضل للمشروع الصهيوني إذا كانت خلوا من الفلسطينيين. وفي معرض التشديد على الترحيل Transfer يقول بن غوريون في مذكراته (المجلد الرابع ص. 199) «ان أي تشكيك من جانبنا في ضرورة ترحيل الفلسطينيين، وأي شك عندنا في إمكان تحقيقه، وأي تردد من قبلنا في صوابه، قد يجعلنا نخسر فرصة تاريخية». أما قصة ارئيل شارون مع بدو النقب التي تتكرر اليوم على يد سواه، فمشهورة عندما أرغمهم (سفاح صبرا وشاتيلا لاحقاً) على الرحيل ذات صباح من العام 1972 على حين غرة ومن دون أمتعة ما أدى إلى موت العشرات منهم بسبب الصقيع. ومن المعروف وفقاً لتصريحات العديد من المسؤولين الصهاينة ان فكرة الترحيل باعتبارها فكرة أصيلة ملازمة للمشروع الصهيوني كانت دائماً مرتبطة بمخططات جاهزة مودوعة في الأدراج ومرسومة في الاذهان بانتظار اللحظة المناسبة للتنفيذ.
ما هي مخاطر الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني؟
أولاً: ان هذا الاعتراف في حال الإقرار به سيعني استسلاماً كاملا لإرادة العدو الصهيوني، واسباغا للشرعية على وجوده الاستيطاني، وتبرئة له من الجرائم والمجازر التي ارتكبها طيلة الفترة السابقة.
ثانياً: ان التصديق على الرواية الصهيونية بكل ما تدعيه أو تزعمه من طروحات أو مسارات لم تثبت صحتها.
ثالثاً: ان مساعدة الكيان وحلفائه على تشريع ما تقدم من المشروع الصهيوني وتثبيت ما تأخر منه، خصوصاً ان الاعتراف سيؤدي إلى بطلان الدعوى الفلسطينية وإسقاط صفة الاحتلال عن الوجود الصهيوني القائم اليوم سواء على أرض فلسطين التاريخية أم على الأرض التي احتلتها جيوشه العام 1967.
رابعاً: وضع سكان 1948 في مهب الرياح،
أما على صعيد المنطقة فالمخاطر متعددة:
أولاً: اذ يُسقِط الاعتراف بيهودية الكيان حقَ العودة، فإن الوجود الفلسطيني في البلدان العربية، والذي يثير حالياً مشاكل متعددة، سيطرح مشاكل مضاعفة بسبب الشكوك الناشئة عن احتمالات التوطين، خصوصاً أن الضغط الأميركي والأوروبي لا يتوقف لحظة على الدول المضيفة لتوطين اللاجئين واستيفاء التعويضات واغلاق الملف. وإذا افترضنا نجاح هذا المسار، فإن الاحتكاك بين الفلسطينيين واللبنانيين كما بين اللبنانيين أنفسهم سيكون أكثر من وارد على خلفية التجارب السابقة وانسداد أفق الحل.
ثانياً: المساهمة في تثبيت فكرة الدولة الدينية في المنطقة وفتح الطريق واسعا امام الدويلات الطائفية.
ثالثاً: من المحتمل إذا حصل الاعتراف في ظل وعود براقة تترى باستمرار ان يتحول النموذج الإسرائيلي الممقوت من الجماهير العربية إلى نموذج أكثر جاذبية بالنسبة لبعض الأنظمة العربية التي تتسابق منذ الآن على خطب وده وإقامة علاقات سياسية واقتصادية وحتى ثقافية معه.
رابعاً: ان الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني سيتسبب بانهيار جزء كبير من المقاطعة الاقتصادية العربية للكيان ما يهدد العديد من الصناعات والزراعات في البلدان المعنية ويعرض أسواقها للغزو نسبة للتقدم التكنولوجي الذي يتمتع به الكيان الصهيوني.
خامساً: وكل الذي سبق سيؤدي من جهة إلى تزخيم تيار الاستسلام في المنطقة.
على الصعيد الدولي ستبرز تداعيات كثيرة أهمها:
أولاً: تكريس المرجعية الأميركية في حل المشاكل والمنازعات الدولية وإسقاط مرجعية الأمم المتحدة.
ثانياً: خذلان أنصار وأصدقاء فلسطين وقضيتها العادلة في العالم ما يساهم في فك العزلة عن الكيان الصهيوني وتبرير اعماله السابقة.
خلاصة:
ان الاعتراف بيهودية الكيان الصهيوني هو مجرد افتراض استبعد جداً ان تقدم عليه قيادة فلسطينية معتبرة أو عاقلة، لأن هذا الاعتراف معناه المباشر تصفية القضية الفلسطينية بما هي قضية وطن مسلوب بقوة الإرهاب، وقضية شعب يعيش منذ عقود ظلماً لا مثيل له.
أما إذا حدث هذا الاعتراف تحت الضغط والاكراه، فلن يكون له أي معنى أو شرعية لأن العبرة في العملية السياسية هي في الاختيار الحر لا في الإملاء القاتل.

هل هى حقاً «انتفاضة» ثالثة؟ «1»
بقلم: السيد أمين شلبي عن المصري اليوم
طويلة، ظل الاتحاد الأوروبى ودوله يصدرون البيانات اعتراضاً على سياسة المستوطنات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وفى كل مرة كانت الحكومات الإسرائيلية تعلن عن بناء مستوطنات جديدة، كان الاتحاد الأوروبى يجدد إدانته لهذه المستوطنات والمطالبة بوقفها، وكان الرد الإسرائيلى يجىء مستهزئًا حيث تصدر وزارة الخارجية بياناً تعلق فيه على هذه البيانات الأوروبية بالقول «بيان جديد سوف يوضع على الرف»، لذلك كنا، وكان كل الذين يتطلعون إلى موقف أوروبى فعال يجادلون الرسميين الأوروبيين، وفى المنتديات والمؤتمرات الأوروبية، أنه إذا كانت أوروبا تريد حقاً تأثيرا لبياناتها ومطالبها بشأن المستوطنات فإن عليها التحول من الأقوال والبيانات إلى أفعال ومواقف تشعر إسرائيل بأن سياستها فى بناء المستوطنات وتجاهل القرارات الأوروبية سيكون لها تأثير على مصالحها وعلاقاتها الاقتصادية والاستثمارية والتكنولوجية مع الدول الأوروبية.
وقد تحقق هذا التحول حين أصدرت الممثلة العليا للاتحاد الأوروبى كاثرين أشتون بياناً فى الحادى عشر من يناير 2014، قالت فيه «إن الاتحاد الأوروبى أصدر اليوم وثيقة تكرر موقفه الدائم أن الاتفاقات الثنائية مع إسرائيل لا تشمل الأراضى التى تقع تحت الإدارة الإسرائيلية منذ عام 1967، وفى ضوء هذا أصدر الاتحاد خطوطاً توجيهية تمنع المنظمات الإسرائيلية والمجموعات والشركات الإسرائيلية التى تعمل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة من تلقى الدعم المالى من الاتحاد الأوروبى وتعدد المجالات التى سوف يدعمها، مثل تقديم المنح للأبحاث ومجالات البحث والتطوير وتمويل المشاريع علماً بأن هذه الإجراءات سوف تطبق فى يناير 2014».
مع حلول هذا الموعد، وعندما تعثرت مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية التى يرعاها جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى، تساءل عدد من المحللين: لماذا لا تشتعل انتفاضة فلسطينية ثالثة؟ غير أن الانتفاضة الثالثة التى تصوروها لن تكون كالانتفاضتين الأولى والثانية واللتين اتسمتا بالعنف واستخدام الحجارة والانتحاريين وإنما انتفاضة سلمية تعتمد على المقاومة غير العنيفة والمقاطعة الاقتصادية، والتى يقوم بها أساساً الاتحاد الأوروبى فى بروكسل ومعارضون للاحتلال الإسرائيلى فى أنحاء العالم، وحيث عرفت هذه الحركة The Boycott Divestment and Sanetions.
ونقلت تقارير صحفية أخيراً عن خبراء إسرائيليين قولهم إن حملة المقاطعة الدولية ألحقت العام الماضى خسائر بالاقتصاد الإسرائيلى قدرت بنحو ثمانية بلايين دولار، وأشارت إلى أن معظم الخسائر تتركز فى المستوطنات التى تتعرض إلى حملة مقاطعة دولية، منها وقف الاتحاد الأوروبى كل أشكال التعاون مع مؤسسات تعمل فى المستوطنات، وإلزام إسرائيل تعريف منشأ أى سلعة تصدر إلى دول الاتحاد لتمكين الجمهور من التعرف إلى منتجات المستوطنات، وتالياً مقاطعتها علماً أن الاتحاد الأوروبى يشكل السوق الكبرى أمام الصادرات الإسرائيلية «32٪»، تليه الولايات المتحدة.

التهويد ... يخنق القدس
بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
الهجمات الاستيطانية التهويدية »الصامتة« في مدينة القدس هذه الايام حتى لا تعكر صفو »خطة كيري« التصفوية للقضية وحتى لاتعكر مسار تمريرها ، طالما ان المشروع الاستيطاني ماض منذ لحظة سقوط مدينة القدس اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بيد العدو الصهيوني في يونيو عام 1967، حيث هجمات استيطانية وتهويدية شرسة ومتلاحقة عمادها الحفريات التي اثبتت زيف المزاعم اليهودية بوجود ما يسمى »الهيكل« في موقع المسجد الاقصى المبارك، بل لم يظهر وجود اي آثار يهودية في مربع الحرم القدسي الشريف الذي يطلقون عليه »جبل الهيكل«.
وبعد أن أسقطت عمليات التنقيب والحفريات التي تهدد بانهيار المسجد الاقصى المبارك، ادعاءاتهم، لم يستسلموا لحقيقة ان هذه المدينة عربية اسلامية بتاريخها وحضارتها وثقافتها، ولم يتوقفوا عن العبث بالمدينة المقدسة وتغيير ملامحها عبر سياسة الهدم والتهجير والاستيطان والمشاريع التهويدية الاخرى الاخطر يتقدمها اقامة »الحدائق التوراتية« استكمالاً للمخطط الشرير لتهويد القدس بالكامل لاستكمال المرحلة الاخيرة من حلمهم المعلن وهو أن تكون القدس العاصمة الموحدة والأبدية لكيانهم العنصري المحتل.
فالقدس اليوم تمر في مرحلة من اخطر مراحل التهويد والاستيطان، خاصة عبر »الحدائق التوراتية« التي تمكن هذا العدو العنصري من فصل ضواحي القدس العربية عن البلدة القديمة والمقدسات الاسلامية والمسيحية فيها، اضافة إلى تقطيع اوصال الضواحي وعزلها عن بعضها البعض، فضلا عن خطورة تعويض الفشل في العثور على أية اثار يهودية في المدينة المقدسة وهي الأكثر مما سبق، إلى التهويد العملي عبر الاستيطان اليهودي المكثف بالتوازي مع تهجير المواطنين العرب الفلسطينيين ومصادرة اراضيهم وهدم منازلهم وتحميلهم من الضرائب ما لايطاق، والتضييق عليهم في كل مناحي وجودهم في مدينتهم ووطنهم، إلى جانب اختراع الافكار الشيطانية مثل »الحدائق التوراتية« التي ستكون بمثابة متاحف يهودية مليئة بنماذج وشعارات ومجسمات ورموز مما وصفته او تحدثت عنه التوراة، الامر الذي يعني ان كل ما لم يجدوه في حفرياتهم وتنقيبهم عن الاثار المزعومة تحت الارض سيجسدونه من خلال هذه الحدائق فوق الارض، في مدينة هي في كل الاحوال مدينة دينية خصوصا وان القدس مدينة دينية وان السياحة فيها سياحة دينية اولا واخيرا وبالتالي فن السلطات الصهيونية تريد من وراء ذلك اصطياد عصفورين بحجر واحد الاول استكمال المخططات التهويدية، والثاني »منح« نفسها وجودا دينيا في المدينة.

برافر.. تهويد الأرض المتواصل
بقلم: قسم الدراسات عن البعث السورية
لاينطلق مخطط برافر، الهادف إلى تهجير عشرات الآلاف من سكان القرى العربية في النقب، ونهب ماتبقى من أرضهم، من فراغ، ولايمثل حالة عارضة أو استثنائية؛ بل هو استمرار لسياسة ممنهجة، تقوم على التضييق على فلسطينيي أراضي عام 1948 لدفعهم إلى ترك أراضيهم وبيوتهم، ومحاولة تهويد كل الأرض الفلسطينية بعد تهجير أهلها، لفرض "يهودية إسرائيل" أمراً واقعاً في أية تسوية محتملة.
ومخطط برافر، ومصادقة الحكومة الصهيونية على قرار إسكان300 ألف صهيوني في شمال أراضي عام 1948 وجنوبها، يمثلان وجهاً من أوجه سياسات السكن والإسكان العنصرية، التي طالما اعتمدتها "إسرائيل" والتي لاتنفصل عن جوهر الصهيونية، كآيديولوجيا تعلن العنصرية أساساً لها.
ويتبدّى الوجه العنصري البشع للسياسات الإسرائيلية هذه، من خلال ما يمارس ضد عرب 48 الذين تزعم إسرائيل أنهم "إسرائيليون" يتمتعون بكامل الحقوق، والذين يعانون تمييزاً وتضييقاً متعمّدين لاتخفى أسبابهما ولا الهدف من ورائهما، واللذين بلغا حداً جعل بعض الهيئات واللجان والمحاكم الصهيونية تقر بما يواجهه العرب؛ فلجنة أور، التي شُكلت للتحقيق في أحداث هبة الأقصى في أراضي عام 1948 والتي وقعت عام 2000 أوصت في مقرراتها بأن تخصص للعرب "أراضٍ بحسب مبادىء وسياسات متساوية" كما سبق للمحكمة العليا في إسرائيل أن تناولت هذه المسألة في العديد من القضايا المطروحة أمامها، ولم تملك، رغم عنصرية القضاء الصهيوني، إلا أن تصدر أحكاماً بوجوب تبني مبدأ المساواة في تخصيص الأراضي المعدة للسكن، وهي تعلم تماماً أن هذه الأراضي إنما تعود ملكيتها بالكامل للعرب، منذ أن وجدت، ومع قناعة القائمين على القضاء الصهيوني باستحالة المساواة في إسرائيل، إلا أن العنصرية المطبقة في سياسات الإسكان بلغت حداً لم تستطع المحكمة الصهيونية تجاهله.
واللافت أن التشريعات الصهيونية تكرس هذه العنصرية في القوانين التي يتم إقرارها في الكنيست، الذي يزداد عنصرية من دورة إلى أخرى، وما إقرار مخطط برافر وقوننته إلا مثال على عنصرية القوانين الصهيونية التي تنكر على العربي حق السكن في أرضه.
وتتناغم هذه التشريعات العنصرية مع حملات تحريض عنصرية يطلقها الحاخامات بفتاوى تحرم على اليهود حتى تأجير مسكن للعرب، كما تتكامل مع إجراءات حكومية، تمتد من المصادرة المستمرة لأراضي العرب بذرائع مختلفة، إلى هدم المنازل فوق رؤوس ساكنيها بذريعة أنها غير مرخصة، دون أن تتاح للعرب فرصٌ للحصول على تراخيص لبناء مساكن تستوعب تزايدهم الطبيعي.
وتتكشف معالم السياسات العنصرية الصهيونية، التي بدأت مع قيام إسرائيل، والتي تهدف إلى تفريغ الأرض من أهلها العرب، من خلال حقائق لعل أهمها:
- إن تضاعف عدد العرب في أراضي 48 بنحو سبعة أضعاف ما كانوا عليه يوم وقعت النكبة، قابله تقليص في مساحة الأراضي التي يملكونها بحدود النصف، لا تدخل في ذلك أراضي النقب التي تُسرق تحت عنوان «مخطط برافر» بفعل مصادرات واعتداءات لم تتوقف لحظة.
- لم يتم إنشاء مدينة ولا قرية عربية واحدة منذ عام 48، بل إن هذه المدن والقرى تعرضت للقضم والتقليص، في حين تم إنشاء ما يقارب من ألف مدينة وبلدة وقرية يهودية منذ ذاك التاريخ.
- إن نسبة العرب في إسرائيل تزيد عن الـ 20٪ من مجموع السكان، لكن مناطق البلديات والسلطات المحلية العربية مجتمعة لا تصل إلى 3٪ من المساحة التي تحتلها إسرائيل داخل ما يسمى الخط الأخضر، ونشير هنا إلى أن مخطط برافر يرمي إلى حصر السكان العرب في النقب، الذين تبلغ نسبتهم 30٪ من سكان النقب، في مساحة لا تزيد عن 1٪ من مجمل أراضي النقب.
- يُغيّب العرب كلياً، أفراداً وبلديات وسلطات محلية، عن هيئات التخطيط العمراني، وعن المؤسسات المسؤولة عما يسمى «إدارة الأراضي» في إسرائيل، بل إنهم يُغيّبون حتى عن الجهات التي تتولى صنع القرار المتعلق بمدنهم وبلداتهم.
وواضح أن السياسات العنصرية التي حولت، بإهمالها الممنهج للبنى التحتية والخدمات في المناطق العربية، كثيراً من هذه المناطق إلى بؤر فقر وبؤس، غايتها إرغام عرب المثلث والجليل والنقب على ترك أراضيهم.. لكن وقائع سنوات ما بعد النكبة أكدت أن هذه السياسات الفاشية لم تنجح في قطع الجذور العميقة لعرب 48، والتي تمتد عميقاً في أرض لن تكون إلا لأهلها.

إلى بيت المقدس... هل تفعلها إيران؟
بقلم: صالح عوض عن الشروق الجزائرية
ما الذي يجعل إيران تنفرد بالتحدث من حين لآخر عن تحرير بيت المقدس وإزالة الكيان الصهيوني..؟ ألا تدرك إيران أن مجرد هذا الكلام يثير عليها حفيظة الإدارات الغربية لتقوم بتحريش كل أدواتها وعملائها في المنطقة..؟ ثم هل حقيقة أن إيران تمتلك الإرادة والنية والقدرة على السير نحو تحرير بيت المقدس؟ وبعيدا عن هذه الأسئلة نؤكد أننا نفتقد الآن لأي كلمة عن فلسطين.. حتى مجرد الكلام بحدودها الدنيا لا يجرؤ النظام العربي لاسيما في بلدان الربيع العربي النطق به.. في هذا الوقت الأعسر تأتي التصريحات كاملة واثقة مدوية من إيران على ألسنة كبار القادة العسكريين.
أعلن قائد ميليشيا "الباسيج" (متطوعو الحرس الثوري) في إيران الجنرال محمد رضا نقدي أمس، أن قواته تنتظر أمراً من مرشد الثورة علي خامنئي لـ"تحرير القدس" من الاحتلال الإسرائيلي.
أتى ذلك على هامش المرحلة الثانية من مناورات "إلى بيت المقدس" التي ينفذها "الباسيج" في شكل متزامن في 6 محافظات إيرانية.
إن هذا الكلام الصادر عن واحد من أكبر القيادات العسكرية العقائدية في إيران يكشف عن عميق العقيدة الأمنية الإيرانية، إنها بوضوح إنهاء الكيان الصهيوني العنصري من المنطقة، ولا يستطيع أحد القول ان هذا مجرد مزايدة وادعاء، وذلك لسببين مباشرين، الأول ان إيران في غني عن جلب عداوات وتوترات واستفزاز مؤسسات صنع العداء في الغرب وأمريكا على رأسه، ولاشيء يستفز الغرب مثل تهديد اسرائيل.. السبب الثاني لماذا لا تهدد إيران إلا اسرائيل؟ ألا يوجد لها أعداء آخرون يكيدون لها ليل نهار؟
ثم إن هذا الكلام الكبير يأتي في ظل دعم إيران لمنظمات المقاومة الفلسطينية واللبنانية بالمال والسلاح والتدريب، في حين يتطوع كثير من النظام العربي لإلقاء التهم بالإرهاب والعنف على هذه المنظمات.. فموضوع دعم القضية الفلسطينية بدعم المنظمات المقاومة ليس ميدانا للتنافس أو المزايدة الآن في كل العالم الاسلامي والعربي، انه ميدان لا يدخله أحد للأسف الشديد.. فموقف إيران هنا منفرد ولا يأتي من باب المزايدة على أحد بعد أن أشغل الأمريكان العراق بالعراق ومصر بمصر وسوريا بسوريا.. ومن هنا يؤخذ الكلام الإيراني على اعتبار انه موقف كبير ويحمل في داخله بالإضافة إلى عقيدته الأمنية إرادة ونية واستعدادا.
تعودنا في بلادنا العربية ان نتلقف أي تصريح يأتي من لدن الأجانب باهتمام بالغ.. أما عندما يأتي من طرف إيران البلد الأخ المسلم القوي يصيبنا البكم، بل أكثر من ذلك على حسب المثل الشعبي العربي الذي يقول: "جاء يعاونهم في حفر قبر أبيهم سرقوا الفاس وهربوا".. لكن يا ليتهم يسرقون الفأس ويهربون غير مأسوف عليهم؛ ولكنهم يشاركون العدو الحرب ضد كل من يرفع لفلسطين شأنا.. يشاركون بفتاواهم وتحريضهم وإثارة الفتن.
شكرا لإيران، البلد المسلم الشريك الكبير في حضارتنا الإسلامية، والحاضن التاريخي لعلمائنا وأئمتنا في الفقه والفيزياء والأدب.. شكرا لإيران التي لازالت في طريق الصمود مع وحشته، وفي حضرة القدس الشريف.. وتولانا الله جميعا برحمته.

الجنرال «الش» يحكم مصر
بقلم: ياسر عبد العزيز عن الجريدة عن الجريدة الكويتية
لو كتبت كلمة "الالش" على محرك البحث "غوغل"، لظهر لك نحو ثلاثة ملايين رابط، أي ثلاثة ملايين موضوع منشور يتحدث عن هذا المصطلح، أما إذا بحثت على موقع "يوتيوب"، فسيظهر لك نحو ألفي نتيجة؛ أي ألفي مادة مصورة خاصة بالموضوع نفسه.
من بين العناوين التي ستجدها تحت اسم "الش" كلام من نوع: "الش جامد"، و"الش رخم"، و"الش أصلي"، و"صباح الالش"، و"ستديو الالش"، و"لقد وقعنا في الالش"، و"احنا في زمن الالش"، و"يوم الالش العالمي".
حاول أحد المنتديات الرائجة تعريف كلمة "الالش"؛ فقال إن هناك "نوعين من (الالش): (الش) عادي، و(الش) هادف. بالنسبة إلى (الالش) العادي، فكان فيه وخلص، أما (الالش) الهادف؛ فله هدفان: الهدف الأول هو الضحك أو إصابة السامع بالشلل، أما الهدف الثاني... فطلع تسلل".
يمكن أيضاً أن تجد المعنى ذاته تحت كلمة "قلش"، ورغم أن المصريين ينطقون القاف ألفاً إذا تحدثوا العامية، فإن بعض الفعاليات "الجادة" التي تناولت الظاهرة نفسها عبر عنها بكلمة "قلش" مستخدمة حرف القاف.
من تلك الفعاليات مثلاً محاضرة لـ"القلاشين الجدد" على "يوتيوب"؛ وفيها يحاول أحد "المتخصصين" إعطاء نصائح محددة للراغبين في العمل في مجال "الالش". ومن تلك النصائح مثلا، كما قال، "ضرورة أن يتابع (الالاش) التطورات السياسية بدقة واهتمام بالغين، لأن (الالاش) الجيد يجب أن يكون ملماً ومطلعاً على الأحداث المهمة والتصريحات السياسية للقادة والمسؤولين والشخصيات العامة، ليستخدمها في (الالش)... والتجديد ضرورة أيضاً في هذا الصدد".
كما ستجد أيضاً تصنيفاً لأهم "الالاشين"، ومحاولات للتعليق على أسلوب كل منهم وتمييزه عن أسلوب نظرائه، إضافة طبعاً إلى بعض المحاضرات عن كيفية التفرقة بين "النكتة العادية"، و"السخرية" من جهة، و"الالش" من جهة أخرى.
تدخل المفردة اللغة العامية المصرية إذن، وتتمركز فيها بقوة، وتصبح جزءاً من القاموس الذي يستخدمه المصريون، خصوصاً جيل الشباب منهم؛ وهو أمر لا يقتصر على طبقة بعينها، وإن كان يستفحل في الطبقة الوسطى العريضة والطبقة العليا أيضاً.
وبموازاة هذا الانتشار المذهل في ثقافة "الالش" ضمن المجال العام المصري، فإن هناك صناعة لـ"الالش" بدأت تزدهر ويتزايد الاهتمام بها، كما يبدو أنها أيضاً تجلب الكثير من الأموال.
ليس المقصود بصناعة "الالش" ما بات يقوم به بعض "نجوم" السينما الحالية في مصر مثل "محمد هنيدي"، و"محمد سعد" الشهير بـ"اللمبي"، و"أحمد حلمي" فقط، والذين أخذ بعضهم يحول النسق الإبداعي المركب للحالة السينمائية، في بلد عرف صناعة سينما محترمة وملهمة على مدى عقود طويلة، إلى مجرد "وصلات من الإيفيهات الفجة غالباً والرخيصة أحياناً"، ولكن المقصود أيضاً هو بزوغ وازدهار "صناعة الش" موازية على الفضائيات وموقع "يوتيوب".
أكثر الإعلاميين تحقيقاً للمكاسب المالية، واستمتاعاً بالشهرة والمجد والرواج في مصر اليوم ليس سوى أحد "الالاشين" الكبار... إنه "باسم يوسف".
يمثل "باسم" ذروة "الالش" في مصر، وتمام صناعته، واكتمال أركانه، وقمة ازدهاره، وهو بات ملهماً لجيل كامل من "الالاشين"، الذين وجدوا أن لعبة اصطياد تناقض ما لشخص معروف أو اصطناعه وتوسله، أو إعادة تركيب مشهد أو جملة، مع ربطها بحدث أو تعبير مواز، أو قلب المواقف، أو التكرار الهزلي، أو اللعب على الإيحاءات والمدلولات المزدوجة للكلمات، يمكن أن يصل بشخص ما إلى قمة الثراء والمجد.
لقد أقامت بعض القنوات الفضائية المعروفة مسابقات تحت اسم "ستاند أب كوميدي"، لكنها في الواقع لم تكن سوى "مباريات في الالش" بين مجموعة من الراغبين في تحقيق النجومية عبر الصناعة المزدهرة الجديدة.
وعلى موقع "يوتيوب"، ستجد كل يوم أشخاصاً يصورون حلقات هزلية تعتمد صيغة "الالش"، ويجتهدون في ترويجها وتأمين أكبر قدر من التفاعل معها، على أمل أن يصبحوا "الاشين" محترفين.
"الالش" في مصر اليوم رياضة وطنية أهم من "كرة القدم"، وصناعة مزدهرة لا تجاريها صناعة، وأسلوب تعامل في طبقات عدة، ومحاولة للسخرية من كل شيء، وانتقاد كل شيء، ورفض كل شيء، بداعي أن "الالاش" معصوم من الخطأ في مجتمع من الغارقين في الخطيئة، وحاد الذكاء في مجتمع من الأغبياء، وحر ومستقل في مجتمع من الأذلاء والمسلوبين، ووطني حقيقي في مجتمع من مدعي الوطنية ومحترفي الرياء، ومبصر وحيد في مجتمع من العميان.
حينما "يألش" بعض أفراد جماعة، على الآخرين، فإن ذلك ربما يكون مفيداً، لكن حينما يتفرغ القطاع العريض من جماعة ما لـ"الالش"، فبالتأكيد ستنشأ مشكلة.