Haneen
2014-04-06, 09:49 AM
اقلام عربي 655
25/3/2014
في هذا الملف:
الشرعنة البائسة للاحتلال
خيري منصور/الدستور الأردنية
التطهير العرقي سياسة إسـرائيل منـذ البـدايــة !
د. عايدة النجار/الدستور الأردنية
نفخٌ في الرماد
رأي البيان الإماراتية
انتفاضة معكوسة
خيري منصور/الخليج
عيون وآذان(كتابان لا غنى عنهما)
جهاد الخازن/الحياة اللندنية
مساواة الصهيونية بالعنصرية.. في ظل الصراع العربي الإسرائيلي
محمد المحسن (كاتب صحافي وعـــضو باتحاد الكتاب التونسيين)/القدس العربي
أهي مجرد سذاجة ؟!
صالح القلاب/الرأي الأردنية
مشروع لتوطين السوريين في الدول المجاورة!
غسان الإمام/الشرق الأوسط
رسالة إلى المشير السيسي (قال يعني هتوصل)
معتمر أمين/المصري اليوم
قبل النطق بالحكم على إخوان مطاى
حمدي رزق/المصري اليوم
الشرعنة البائسة للاحتلال
خيري منصور/الدستور الأردنية
من أغرب التعليقات التي قرأتها هذا الاسبوع عن استفتاء القرم واعادتها الى الحضن الروسي الذي انفصلت عنه عام 1954 لاسباب سوفيتية، ما كتبه ناحوم برنباع في صحيفة ايديعوت. فقد قال ان ساسة اسرائيل يحسدون فلاديمير بوتين على هذه الخطوة الجريئة، ويتمنون لو يفعلون ما فعل في غزة والضفة الغربية معاً بحيث تحتلهما اسرائيل دونما حاجة الى استفتاء مماثل، لكن هذا الحسد يشوبه الكثير من الحذر، لان اسرائيل ليست متأكدة تماماً من ان بوتين سيفوز بما أنجز.
الغرابة في هذا التصور ليست في المقارنة بين احتلال وآخر، فتلك مسألة أخرى، ولها مقتربات مضادة لما قدمه الكاتب ناحوم، تكمن الغرابة في اطلاق صفة المحتل على بوتين، ومن يطلقونها هم آخر من يحق لهم الكلام في هذا السياق لأنهم محتلون ومعتدون وأداتهم لتحقيق اهدافهم هي الابادة العرقية، سواء كانت عضوية أو معنوية، فالتهويد والعبرنة هما شكل من أشكال الابادة.
واذا كان هناك طرف في اسرائيل يسعى الى شرعنة الاحتلال من خلال نماذج أخرى، فان هذا القياس خارج المنطق هو آخر احتلال في التاريخ تبعاً للتعريف الدقيق للاحتلال خصوصاً عندما يكون مصحوباً باستيطان، وتكون الاداة هي الدبابة والجرافة، واحدة تقتل والاخرى تقتلع وتستوطن!
أذكر ان نتنياهو كتب في مذكراته وهي بعنوان مكان تحت الشمس ان استراتيجية اسرائيل تفرض على من يقودها ان يستثمر اية فرصة في العالم، وعلى سبيل المثال ان يكون العدوان والتمدد العسكري متزامناً مع أزمة دولية تشغل الرأي العام وما كتبه نتنياهو لا يفتضح فقط اسلوب تفكيره، بل يفتضح المشروع الصهيوني برمته، لأنه تأسس على المخاتلة والخداع والتمويه، لهذا سمي جيش الهجوم بجيش الدفاع.
انسجاماً مع تسمية الجلاد ضحية، لكن هذه اللعبة أنهى التاريخ صلاحيتها وأفاق العالم من الغيبوبة السياسية التي أتاحت لاسرائيل ان تتلاعب بالمفردات، وتتقن تبادل الادوار بحيث يصبح المشهد كله حفلة تنكرية!
إذن، وفي ضوء ما كتبه ناحوم فان اسرائيل تبحث عن ضمانة أو بوليصة تأمين دولية كي تحتل كامل الضفة والقطاع، وهذا ما يجعل الحسد لديها مشوباً بالحذر والخوف من العواقب.
ان للاحتلال تعريفاً واحداً لا مجال للتلاعب به أو ابتكار صيغ جديدة له، وحين تسعى اسرائيل الى عقد مقارنات بين ما تمارسه وما يحدث في أي مكان في العالم فذلك مجرد احتيال وتعويم، الهدف الاخير منه هو التضليل والبحث عن شرعية مفقودة، وستظل مفقودة الى الابد.
وهناك مفارقة تختصر المسألة كلها، هي ما قاله نتنياهو عشية رحيل نلسون مانديلا ولو كان لديه ولو قليلا من الخجل لما قاله، فالحرية هي في عقل آخر ومكان آخر، ولا صلة لها بمن شيدوا بيتاً على أطلال بيوت الآخرين!
التطهير العرقي سياسة إسـرائيل منـذ البـدايــة !
د. عايدة النجار/الدستور الأردنية
باتت إسرائيل أكثر استعجالا هذه الأيام لتنفيذ سياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين , وها هي تقتل بدم بارد وعلى رؤوس الاشهاد غير عابئة بما يقول غير ذلك .العالم يراقبها وهي تنكل بالفلسطينيين بشكل ممنهج , من أجل تطهير فلسطين من العرب السكان الاصليين للأرض . تقوم بمواصلة تنفذ خطة الصهيونية واستراتجيتها التي وضعتها في أول مؤتمر صهيون في بازل 1897 والمبنبة على الفصل العنصري والتطهير العرقي . لم تكن الدول الاستعمارية مثل بريطانيا تستعمل هذا المقهوم المتداول والذي كان معمولا به في جنوبي إفريقيا . إلا أنها في النهاية تعلمت أن هذا ضد حقوق الانسان وكان الدرس من مانديلا وشعبه الذي رفض السياسة الاستعمارية العنصرية .
إسرائيل ترفض الفهم عن سبق اصرار , أنها تمارس سياسة التطهير العرقي في فلسطين بالاضافة للفصل العنصري . تتجاهل الحقيقة , رغم تقارير المراقبين الدوليين لحقوق الانسان و تصم الأ ذان عن تصريح ريتشارد فولك الخبير في مجلس حقوق الانسان للأراضي الفلسطينية الذي صرح مؤخرا , بأن إسرائيل “ تحمل صفات نظام الفصل العنصري “ . . جاء على لسانه بعد مراقبة طويلة , ولم يتردد وهو يقول , بأنها تخالف القانون الدولي . ليس هو وحده الذي يصفها بذلك , فالكثيرون تجرأوا لوصف اسرائيل بهذه الصفة , مثل كارتر الرئيس السابق للولايات المتحدة , وغيره .
بالاضافة أصبح هناك الكثيرون من الدارسين والباحثين والمؤرخين , من ينتقد هذه السياسة التي تنكرها أسرائيل . ولعلنا نذكّر بالمجموعة الاسرائيلية من الاكاديميين من ( المؤرخين الجدد ) ومن بينهم المؤرخ إيان بابيه, الذين وجدوا ضرورة لتصليح الاخطاء التي ارتكبتها إسرائيل وإنكار ما جرى للشعب الفلسطيني من جرائم ضد الانسان . ويرى بابيه الذي وضع أراءه في كتابه القيم الذي وضعه عام 2006 ( التطهير العرقي لفلسطين ) , بين أن هناك حاجة لمراجعة الرواية الصهيونية عن حرب 1948 واعادة كتابة التاريخ الجديد بموضوعية . كما جاء ت هذه النظرة الثاقبة في كتاب المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي ( لكي لا ننسى ) . ولعل ما تقوم به اسرائيل أيضا في محاولة قمع من يرون الحقيقة مثل ما فعلت مع بابيه عندما فصلنه من جامعة حيفا ليترك البلد الى بريطانيا , لأن إسرائيل لا ترحب بمن بقول الحقيقة وإن كان يهوديا .
في الرواية الاسرائيلية الصهيونية الكاذبة , أن الفلسطينيين , عام 1948 , تركوا بيوتهم وأراضيهم “ بمحض ارادتهم “, وليس بسبب الجرائم التي ارتكبتها بحقهم , مثل دير ياسين التي يعرف عنها كل العالم , بالصورة والكلمة المكتوبة والشفهية . ما يثير حفيظة الدارسين والمؤرخين , ادعاءات إسرائيل هذه , واصرارها عدم رواية الحقيقة أنها طردت 800 ألف انسان فلسطيني , ودمرت 531 قرية و أجلت 11 حيّا من سكانها . لم تتعلم إسرائيل من التاريخ فهي تقوم بأعمال التطهير العرقي والفصل العنصري , بشكل جاد وممنهج . يرى ذلك الخبير فولك أيضا و بوضوح وقد راقب عذاب الفلسطينيين كل يوم من الست سنين التي عمل فيها بفلسطين . رأى ما تقوم به لتغيير التركيبة العرقية في القدس الشرقية , وتدمير المنازل وارغام الناس تركها بالقوة. ولعله يستمر مع المؤرخين في رواية الحقيقة عن التاريخ الذي تحاول إسرائيل تزويره . !
نفخٌ في الرماد
رأي البيان الإماراتية
ما الذي يجري؟ أما آن للاحتلال الإسرائيلي وقف هذه المهزلة واستمرار التعدّي على الحقوق والمقدّسات؟ ألم يحن الوقت لاستيقاظ العالم من السبات العميق والتصالح مع المبادئ لا المصالح؟ إلى متى يظل الاحتلال هو الممسك بخيوط المعادلة بطرفيها حرباً و«طاولة مفاوضات»؟ لم صادرت الأولى الأرواح والمأوى والحق في العيش الكريم، فيما أضاعت الثانية الوقت في جولات لم يجنِ منها الفلسطينيون سوى السراب؟!
أطلقت الولايات المتحدة الأميركية المفاوضات، وتركت الحبل على الغارب لإسرائيل تفعل كيف تشاء؛ هي التي تشترط إلى حد التهديد والوعيد، فيما على الطرف الآخر من الطاولة أن ينفذ شروطها ويخشى وعودها. تراود الاحتلال خيالات إقدام الفلسطينيين على الاعتراف بيهودية إسرائيل، وهو خطّ أحمر للقيادة والشعب مجتمعين، ولكل العرب الذين أجمعوا قبل انعقاد قمتهم غداً على الرفض المطلق لهذا التكييف العنصري، فيما تظل الدعوات الإسرائيلية لاستمرار المفاوضات، مع اللعب بورقة إطلاق سراح الأسرى من المعتقلات، حصاناً خاسراً لن يمكّن الاحتلال من الوصول لمراميه وفرض شروط التسوية على الفلسطينيين.
لا فائدة من جولات الرعاة إلى المنطقة بين الحين والآخر، دون وضع أسس عادلة تتعامل مع طرفي الصراع على قدم المساواة، وليس أن تضغط على طرف وتستجدي آخر من أجل دفع مستحقات التسوية، فما لم يلتزم الاحتلال بالوقف الكامل للاستيطان، ويطلق سراح الأسرى، ويلجم مستوطنيه عن الاعتداء على المقدسات عبر الاقتحامات المتكرّرة للمسجد الأقصى، والاعتراف بحق الفلسطينيين في العيش في دولتهم كاملة السيادة على حدود 1967، فلن يختلف مصير «مفاوضات كيري» عن سابقاتها.
لعل من شأن إشراك أطراف أخرى إقليمية ودولية في رعاية المفاوضات بين الفلسطينيين والاحتلال، على غرار اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، أن يعطيها زخماً أكبر ويجعلها أكثر حيوية وديناميكية، أمّا في ظل احتكار الوساطة في طرف واحد، فإنّ الأوضاع لا تبشّر بخير، وليس أدل على ذلك من ممارسات الاحتلال وتماديه في الاعتداءات على الفلسطينيين في وطنهم، وضد العرب جميعاً، وبالتالي ضد أمن كل المنطقة واستقرارها، وانعكاس ذلك على السلم والأمن الدوليين.
انتفاضة معكوسة
خيري منصور/الخليج
قدم الخلاف بين الفصائل الفلسطينية ذرائع عدة لأطراف قررت أن تغسل يديها وقدميها وضميرها الوطني من القضية الفلسطينية، كما أتاح هذا الخلاف لسلطات الاحتلال أن تتفرغ لشؤونها بدءاً من الاستيطان حتى استكمال الهيمنة، ما دام هناك مَن ينوبون عنها بقصد أو بغير قصد، فالجريح الذي يحتاج إلى تبرع بالدم من رفيقه يتولى بنفسه الإجهاز على ما تبقى من جسده .
كان الاختلاف في المقترَبات الوطنية ووجهات النظر مصاحباً لكل الحراكات الإنسانية لكن تحت سقف وطني واحد، حدث ذلك في كل حركات التحرر في العالم لكنه ظل محكوماً بالقاسم المشترك الوطني الذي يقدم ضمانات توفر الحدّ الأدنى من الائتلاف، وحين تم تصعيد الاختلافات في نطاقها الكمي إلى خلافات جذرية انتهت المسألة إلى تآكل سرعان ما أفضى إلى انتحار جماعي .
وبالأمس كانت الوساطات العربية والإقليمية تستهدف المصالحة بين فتح وحماس، وانتهت تلك الوساطات المتعاقبة إلى تيئيس الشعب الفلسطيني من التوصل إلى نتائج حاسمة، بحيث باتت حكاية الراعي والذئب المعروفة قابلة للتأويل السياسي .
والآن، تسلل فيروس الخلاف والتآكل إلى الفصيل الواحد كما يحدث داخل فتح من تبادل الاتهامات والتخوين ونشر الغسيل كله على السطح . رغم أن الأطراف المتنازعة تعيش تحت الاحتلال ولها عدو واحد من المنطقي أن يوحدها ولو في الحدّ الأدنى، وما يضاعف من الأسى أن هذا التخوين المتبادل أصبح يبرئ العدو الذي غرقت يداه في الدم الفلسطيني كله، فهو لا يفرق بين فصيلة دم وأخرى، وبالتالي بين فلسطيني وآخر لأن مشروعه الإبادي يستهدف الجميع في نهاية الأمر .
وكان من الممكن لكثير من الخلافات أن تبقى داخل البيت الفلسطيني، ولن يكون التوصل إلى حلول أمراً متعذراً، لكن ما حدث مؤخراً أصبح ينذر باندفاع هذه المتتالية الكارثية إلى أقصاها .
وكنا نتمنى لو أن التوائم الألداء يقرأون قصيدة الشاعر اليهودي يهودا أميحاي، يقول فيها، إنه لا يحلم بوطن كالذي وصفه أسلافه، ولا بسلسلة جبال أو سهول مترامية ولا حتى بأرض الميعاد، بل يحلم بوطن يشتبك فيه اليهودي مع اليهودي وراء الجدران ولا يقول المارة: انظروا ما الذي يفعله اليهود ببعضهم .
إن للاختلاف في وجهات النظر والمقتربات الوطنية حدوداً ما أن يتخطاها حتى يصبح الوطن كله في خطر، خصوصاً إذا كان محاصراً ومحجوراً على حريته بالقوة . ومن كانوا حتى وقت قريب يتوقعون اندلاع انتفاضة ثالثة ها هم يشاهدون انتفاضة معكوسة يعلنها الفلسطيني على الفلسطيني .
عيون وآذان(كتابان لا غنى عنهما)
جهاد الخازن/الحياة اللندنية
قرأت عدداً من الكتب الجديدة هذا الشهر، فقد سافرت كثيراً، ووجدت فرصة لتكثيف القراءة لأنني لم أتقن بعد فن النوم في الطائرة. بعض الكتب أهم من بعض، وأختار منها للقراء اليوم كتابين أعتبر أنهما أفضل ما تجمع لي هذا الشهر.
«آفاق العصر الاميركي، السياسة والنفوذ في النظام العالمي الجديد» بالعربية والانكليزية للدكتور جمال سند السويدي، مرجع في موضوعه، وكنت قرأته ثم قررت أن أؤخر عرضه للقراء لأنني وجدت أنني سأتحدث في مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ما يعطيني فرصة لسؤال الدكتور السويدي عن كتابه.
كنت أعرف أن الاقتصاد الاميركي سقط على خلفية حروب إدارة جورج بوش الابن من ثلث الاقتصاد العالمي كله الى الربع، وفكرت أن التراجع سيستمر. سألت رئيس مركز الامارات سؤالاً بسيطاً هو: هل العصر الأميركي سيستمر أو أنه في طريق النهاية؟ كان الرد واضحاً، خلاصته أنه لا يوجد بديل مقنع للولايات المتحدة. في الكتاب فصل بعنوان: بنية القوى في النظام العالمي الجديد، وهو يضم رسماً يضع الولايات المتحدة على قمة هرم القوى والصين وروسيا والاتحاد الاوروبي بعدها ثم اليابان والهند والبرازيل وتحتها باقي دول العالم. الدكتور السويدي قال لي إنه لو اجتمعت اليابان والصين لكانتا نداً للولايات المتحدة وربما سبقتاها، إلا إنهما على خلاف تاريخي وجغرافي، لا يهدأ حتى يبرز من جديد.
الفصل الرابع تحدث عن الاقتصاد والتجارة والطاقة. وهو يهمني لأن الولايات المتحدة تروِّج منذ سنوات لقربها من الاكتفاء الذاتي في الطاقة وأنها ستصبح بلداً مُصدِّراً في سنوات. وقد رد عرب كثيرون بأنها تكذب لتضغط علينا.
شخصياً، أتمنى أن تكون صادقة حتى ننتج من النفط ما نحتاج اليه لا ما يحتاج اليه الاقتصاد العالمي، ونوفر المخزون للأجيال المقبلة.
وجدت أن الفصل الرابع يميل الى تصديق الكلام الاميركي، والكتاب كله موثق جداً فهو في حوالى 850 صفحة منها 250 صفحة للمراجع. وهو كتاب لا غنى عنه للباحث المهتم.
وأنتقل الى كتاب آخر هو «يافا للأبد» الذي جمع مادته عدلي مسعود درهلي واختار أن يكون نصف الكتاب بالعربية ونصفه الآخر ترجمة النصف الأول الى الانكليزية.
الكتاب صادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، ويضم شهادة ثلاثة رجال عايشوا سقوط المدينة هم ناصر الدين النشاشيبي وصلاح ابراهيم الناظر ومحمد سعيد اشكنتنا.
النشاشيبي يتحدث عن الصحف الفلسطينية الصادرة في يافا مثل «فلسطين» لعيسى العيسى، ورئيس تحريرها المصري يوسف حنا، و «الدفاع» التي كان سكرتير تحريرها عبدالهادي عرمان. وكان النشاشيبي يكتب في صحف تلك الأيام باسم مستعار هو فكتور يومان الذي يمكن أن يُقال إنه ترجمة للاسم من العربية.
الكتّاب الثلاثة يقولون إن القوة العراقية التي دخلت المدينة لم تكن تريد القتال، وإنما جمع المال، وهي صادرت سلاح أهل المدينة ثم باعته لهم ولغيرهم. وشوهد جنودها وضباطها في الحانات أو سكارى في الشوارع. لو كانت التهمة من كاتب واحد لربما كانت كاذبة، إلا أن ثلاثة معاصرين كتبوا ذكريات عن سقوط يافا في فترات مختلفة وأجمعوا على اتهام القوات العراقية، ومعها الهيئة العربية العليا التي اختارت عدم تسليح المدينة فسقطت من دون قتال.
هي ذكريات مؤلمة وإدانة واضحة لجميع الذين خذلوا يافا وأهلها، وتركوها لقمة سائغة لقوات العدو. رحم الله صديقي البروفسور هشام شرابي، إبن يافا، الذي كان مراهقاً عندما سقطت المدينة، وعاش العمر شريداً عنها ومات في الغربة.
مساواة الصهيونية بالعنصرية.. في ظل الصراع العربي الإسرائيلي
محمد المحسن (كاتب صحافي وعـــضو باتحاد الكتاب التونسيين)/القدس العربي
لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور’ الدولة الأم’ بالنسبة لإسرائيل التي أسّست مشروعها الصهيوني على حساب المشروع الوطني الفلسطيني، وما تزال تجري فيها عمليات الاستيطان والاستيعاب حتى اليوم. وهذا يعني أنّ ‘وجود اسرائيل القوية’ هو مصلحة أمريكية تتلاءم مع استمرار وبقاء المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ويساهم بشكل محوري في صياغة المعادلات السياسية في المنطقة لصالح واشنطن، ذلك أنّ القوّة العسكرية الإسرائيلية مكوّن أساسي من مكوّنات ميزان القوى الغربي على النطاق العالمي، لذا يقول الكاتب الإسرائيلي شمشون ايرلخ: ‘الواقع اننا أشبه من الناحية العملية بالشرطي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يتمثّل دورنا في العمل كعنصر ردع نشيط ضد من يعرّض حقول النفط للخطر’.
وهكذا تبلورت العلاقة بين أمريكا واسرائيل وغدت استراتيجية، خصوصا إثر توقيع اتفاق التعاون الإستراتيجي بين البلدين في الثمانينات، حيث لم يعد، نزلاء البيت الأبيض، في حاجة لإخفاء نوعية علاقاتهم مع اسرائيل مثلما كان الحال قبل حرب 67. ومن هنا نستشف طبيعة العلاقة البنيوية الإستراتيجية ذات النمط الخاص بين واشنطن وتل أبيب، بما يعزّز القول بأنّ اسرائيل مختلفة في تركيبتها السياسية، الاجتماعية والتاريخية عن باقي نظم المنطقة، باعتبارها بنية كولونيالية استيطانية، قامت غصبا عن إرادة شعوب المنطقة ومصالحها كنتيجة حتمية لتخطيط القوى الاستعمارية العالمية، ولذا لم تتورّع الأمم المتحدة في أواخر عام 91 عن إلغاء قرار مثير للجدل يضع الصهيونية في موقع العنصرية، وقد جرى الإلغاء ‘بغياب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة وقت التصويت.. وبحضور مساعد وزير الخارجية الأمريكي زمنئذ لورنس ايفليرغر’. وهذا الطابع الدراماتيكي الذي اكتساه – الإلغاء- يعكس بوضوح متانة التحالف الأمريكي الإسرائيلي، ويبرهن على الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل، بما يلغي مصداقية الولايات المتحدة تجاه العرب، ولذا لا عجب أن يرحّب البيت الأبيض بإلغاء القرار بإصداره بيانا مذكّرا فيه بأن أمريكا ‘كانت قد رفضت القرار رقم (3379) منذ اعتماده لأنه يعتبر التطلعات القومية للشعب اليهودي ووجود اسرائيل القومي غير مشروعة’.
هذه الدراماتيكية المؤلمة التي شهدها إلغاء القرار، قوبلت بالابتهاج الأمريكي من ناحية وبالذهول العربي من ناحية أخرى. ذلك أنّ العرب كانوا وقتئذ يرفعون شكاواهم للأمم المتحدة حول السلوك الإجرامي والعنصرية العمياء لإسرائيل بحق العرب، وقصفها العشوائي للجنوب اللبناني الذي كان على أشده أثناء التصويت، هذا في الوقت الذي رحّب فيه الجانب الأمريكي وعلى لسان مساعد وزير خارجيته لورنس ايفليرغر الذي تراءى له إلغاء القرار’شكلا إنسانيا راقيا ونفيا لإحدى آخر بقايا الحرب الباردة’.
إذن هل يكون الأمر مفاجئا إذا قلنا انّ اسرائيل هي الدولة الوحيدة بين أعضاء الأمم المتحدة التي ليست دولة لمواطنيها، بل لليهود حيثما وجدوا، وأنّ الفلسطينيين في الأراضي المحــــتلة يتعرضون يوميـــا للتمييز العنصــــري من قبل القانون الإسرائيلي، بما يعني أنّ إسرائيل أقامت في الأراضي العربية التي تحتلها منذ عام 67 نظاما عسكريا يعتبر أسوأ من نظام الفصل العنصري الذي عرفته جنوب افريقيا في السابق؟
لا ليس الأمر مفاجئا، ولذا سأضيف، مع تفجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 وما تخللها من دماء فلسطينية أريقت ومازالت تراق بآلة الموت والاقتلاع، و’حيث لا تكافؤ بين الدبابة الإسرائيلية والحجر الفلسطيني، وبين الصمت العربي والصوت الفلسطيني المتصاعد في أفق المأساة، وما يكتنف هذا وذاك من صراع بين الحق ونقيضه وبين العدل وما يلغيه’، فإننا استيقظنا جميعا من غفوتنا المريحة لندرك من جديد أنّ اسرائيل في جوهرها دولة محتلة لها ممارسة المستعمر، وترفض بعناد شديد الاعتراف بحرية ووجود من سلبت أرضهم، ولقد تعرّى القمع الصهيوني الهستيري، الذي كشف الدّم الفلسطيني المراق بغزارة عن ‘وهم ديمقراطيته المتحضرة’ وأسقط تبعا لذلك كل الأقنعة، فتوارت خلف تخوم الدّم، رموز الديمقراطية والاشتراكية والعلمانية التي تدثّر بها مؤسسو الصهيونية والمصفقون لها في الغرب، وتعرّت بالتالي اسرائيل باعتبارها آخر المستوطنات البيضاء في بداية القرن الواحد والعشرين، التي تسعى إلى حماية نقائها عن طريق نظام الأبارتهايد.
لذا، ألا يمكن القول والحال هذا، انّ السياسة الإسرائيلية العنصرية بحق الفلسطينيين هي سياسة نابعة من روح النزعة العنصرية للصهيونية، وتشكّل مخالفة كلية لنصوص القانون الدولي الذي تمّ وضعه والاتفاق عليه عالميا في إطار هيئة الأمم المتحدة، والذي من أهم هياكله ما يلي:
- ميثاق الأمم المتحدة، وبالخصوص الفقرة الثالثة من المادة الأولى منه التي تجعل من بين مقاصد الأمم المتحدة تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا، والتشجيع على ذلك اطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء.
- اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/08/1949 المتعلقة بحماية المدنيين، وقد انضمت إسرائيل إلى هذه الاتفاقية بتاريخ 06/07/1951، وأقرّت الأمم المتحدة تطبيق الاتفاقية على الأراضي المحتلة.
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتاريخ 10/12/1948.
- ملحق اتفاقية لاهاي الرابعة المؤرخة في 18/10/1907 المتعلقة بالقوانين والأعراف وقت الحرب.
ورغم هذه الهياكل التي ذكرناها، ورغم كل الشواهد الثابتة على عنصرية الصهيونية، فلقد ألغي القرار3379 وتمّت تبرئة الصهيونية من العنصرية وبأغلبية دولية مذهلة مثلما، في أواخر عام1991.
فماذا يعني هذا؟
ألا يعني أنّ هناك شروخا في الصرح العربي أثرت سلبا علينا جميعا أمام العالم! وأنّ الذين جعلوا من أمريكا وسادة ريش يهرولون إليها كلّما داهمهم السقوط، ما فتئت تجيئهم الخيبة من جديد؟ ألم نكتشف بعد قوّة العلاقة بين أمريكا وإسرائيل بما يعني إبقاء الموقف مساندا ومدعّما للموقف الإسرائيلي! ألم ندرك أوّلا وأخيرا أنّ الانحياز الأمريكي السافر حيال تل أبيب يهدف في جوهـــــره إلى إزالــــة كل ما من شأنه أن يضع (شرعية!) اسرائيل موضع شك ونقض، بعد أن تكاملت ملامح عنصريتها الكامنة فيها أصــــلا! أليس بإمكاننا الآن.. وهنا.. أن نلج ذواتنا في إطار مراجعـــة شاملة لواقعنا الأليم علّنا نرمّم ثغراتنا السافرة، ذلك أنّ التجارب أثبتت بأنّ كل انتصار تحقّقه اسرائيل هو مقدمة دراماتيكية لخسائر عربية متلاحقة، في ظل معركة لاح طولها واستمرارها، وتعرّى طرفاها المضادان للعرب: الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية!؟ مادام الامر كذلك فإنّ سلام ‘الشجعان’ لن يتم عمليا إلا وفقا لما ترومه إسرائيل ويرضي نزواتها العدوانية، وطالما أنّ الذين يصنعون القرار في تل أبيب هم في جوهرهم نظائر لأولئك الذين يصوغونه في أروقة البيت الأبيض، فإنّ اللوبي الصهيوني سيظل مسموع الكلمة وقادرا بدهاء منقطع النظير على التحكّم في اجراءات وطريقة التفاوض بين العرب واسرائيل، وسيتمكّن بالتالي من إلغاء أي قرار من شأنه المس بمصالح الدولة اليهودية..
أهي مجرد سذاجة ؟!
صالح القلاب/الرأي الأردنية
هل وصلت السذاجة بوزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى حدِّ إرسال إستجداء للروس يتمنى فيه ألاَّ تؤثر «القرم» على التعاون مع روسيا في شأن الكيمياوي السوري وكأن هذا الرجل الذي يقود السياسة الخارجية لأهم وأكبر دولة في العالم لا يدرك أن تلاعب فلاديمير بويتن بخرائط الدول الأوروبية وإحتلال جزءٍ مهم من أوكرانيا والتخطيط لإحتلال مناطق أكثر من هذه الدولة والتلويح بإحتلال مولدافيا قد وضع العالم أمام منعطف خطير كان قد حصل ما يشبهه عشية الحرب العالمية الثانية.
إن هذا الكلام «المسطَّح» الذي قاله وزير خارجية الولايات المتحدة يُظْهِر كمْ أن أميركا لا تزال لم تدرك ما يقوم به فلاديمير بوتين ولا تزال تعاني من حالة الوهن التي أصيبت بها واشنطن منذ مجيء باراك أوباما وإدارته إلى البيت الأبيض وحيث بدأت كل هذه التراجعات التي ينطبق عليها أن الإختلاف بين الحسابات السياسية والحسابات الرقمية الرياضية هي أن خطوة واحدة إلى الخلف في المواقف السياسية قد تؤدي وهي بالضرورة ستؤدي إلى تراجع بمقدار ألف خطوة.
ربما أن كيري لم يدرك حتى الآن ،رغم كل هذا الذي يقوم به فلاديمير بوتين، أنَّ الجريمة السياسية التي ارتكبتها إدارة أوباما في سوريا تحديداً هي التي جعلت الرئيس الروسي يتمادى حتى هذه الحدود الخطيرة التي قد تُقْحِم العالم إنْ على المدى القريب وإن على المدى الأبعد ليس في حرب باردة فقط وإنما في حرب ساخنة والواضح هنا ان موسكو كما يبدو ذاهبة إلى إستعادة نفوذ الإتحاد السوفياتي السابق في أوروبا الشرقية وانها قد نصَّبت نفسها بالفعل على أنها المسؤولة عن «السَّلاف» في هذه المنطقة الخطيرة والحساسة والتي كانت قد انطلقت منها الحرب العالمية الأولى.. وأيضاً الحرب العالمية الثانية.
ولذلك وبدل كل هذا الإستجداء المعيب فإن المفترض أنْ تستغل الولايات المتحدة مستجدات ما بعد إحتلال شبه جزيرة القرم وأن تعود للإنذار الذي كانت وجهته لبشار الأسد قبل التدخل الروسي والتوصل إلى إتفاقية نزع الأسلحة الكيمياوية التي من الواضح أن الرئيس السوري قد تيقن من عدم جدية الأميركيين وأن تهديداتهم هي جعجعة بلا طحن فركل هذه الإتفاقية بحذائه ولجأ إلى مماطلاته المعروفة إنتظاراً لتوجيه فلاديمير بوتين الضربة القاضية لأميركا التي ،كما يبدو، أنها لا تزال تتصرف وكأنه لا علاقة لها بكل هذه المستجدات الخطيرة بالفعل.
والمشكلة أن أميركا مثلها مثل بعض الدول العربية ومثل بعض الأوروبيين مستمرة بالحديث عن وجودٍ فاعل لمنظمات العنف والإرهاب في المعارضة وكل هذا وأوباما يعرف وكذلك وزير خارجيته ووزير دفاعه وكل الأجهزة الإستخبارية الأميركية التي لها وجود واضح على الأراضي السورية إن هذه كذبه إخترعها النظام وأن «داعش» صناعة مخابرات بشار الأسد ونظام الولي الفقيه في طهران وأن الإرهاب الأكثر خطورة هو إرهاب حزب الله وإرهاب التنظيمات التي صدَّرها الطائفيون في العراق إلى سوريا والتي تشير المعلومات المؤكدة أن أعدادها قد تجاوزت الأربع عشرة منظمة كلها تحمل عناوين مذهبية.
إنه بدل هذا الإستجداء الذي لجأ إليه كيري وهو إستجداء معيب بالنسبة لوزير خارجية أكبر وأهم دولة في العالم فإن المفترض أن يمسك وزير خارجية الولايات المتحدة بالعصا من طرفها وأن يهزها في وجه بشار الأسد وأن يطالبه ويطالب إيران والذين يقومون بتصدير كل هذه المجموعات الطائفية من العراق بوضع حدٍّ لكل هذه القوات الأجنبية التي تشارك في ذبح الشعب السوري وتهديم المدن السورية وإن المفترض أيضاً أن ينتهي الحظر المفروض على وصول أسلحة نوعية إلى الجيش الحر الذي بات يحقق تقدماً مؤثراً في ميادين القتال لا يمكن أن ينكره إلاَّ الذين يخيطون بمسلة هذا النظام الذي أوصل سوريا إلى كل هذه المآسي وكل هذا الدمار الذي لا مثيل له.
مشروع لتوطين السوريين في الدول المجاورة!
غسان الإمام/الشرق الأوسط
أكاد أغرق بدموع التماسيح التي تنهمر بغزارة في الغرب، أسفا على مليوني لاجئ سوري إلى الدول المجاورة، وعلى عشرة ملايين نازح سوري هجرهم نظام بشار من «ملكوت» دولته الجديدة، إلى سوريا الصحراوية.
وضع النظام السوريين أمام خيارين: خيار الموت من الجو ببراميل بوتين المدمرة. وخيار النزوح بسلاح مرتزقة حزب الله الذي زودتهم به إيران زاعمة أنه «لتحرير» فلسطين. فبات صالحا «لتحرير» سوريا من السوريين.
عندما سأل الوزير جون كيري الوزير جواد «ظريف» عن مسألة التدخل الإيراني المسلح في سوريا، أجاب بأن سوريا ليست من اختصاص نظام روحاني. يعني أنها من اختصاص سلطة خامنئي وميليشيات الحرس الثوري وفيلق القدس.
ماذا فعل آية الله حسن روحاني في سوريا وإيران، منذ تنصيبه رئيسا في الصيف الماضي؟ لا شيء أبدا. ما زال مال النفط ينفق على تنمية مشروع «إيران العظمى» في المشرق العربي (العراق. سوريا. لبنان. غزة) ولتشييع المغرب العربي. وسودان الترابي والبشير. ابتسامات روحاني وظريف لم تنفع في إنفاق النفط الإيراني لتحرير الإيرانيين من الفاقة والتخلف، بدلا من تبديده على مشروع العظمة الشاهنشاهي القديم.
بعد احتلال يبرود. قلعة الحصن. القصير. تلكلخ، أعلن خبراء الأزمة السورية أن بشار استكمل تأمين شريان المواصلات الرئيسي، في دولته الممتد من دمشق إلى حمص. فاللاذقية (رايح. جاي)، عبر خطوط القوات «الجهادية» المتصالحة مع القوات النظامية والإخوانية في ريف دمشق.
ينسى هؤلاء الخبراء أن «الفتوحات» النظامية الأخيرة باتت تحكم الطوق على شمال لبنان. هذا يعني، بالعربي الفصيح، أن بشار وخامنئي - بالإذن من روحاني - قد ينتهزان الظرف المناسب للانقضاض العسكري على منطقتي عكّار وطرابلس اللبنانيتين «لتطهيرهما» من الخلايا السنية النائمة والمتحركة، وضم شمال لبنان إلى وسطه وجنوبه اللذين تهيمن عليهما، بحنو، «دولة» حزب الله التي لا يمكن فصلها عن مشروع «إيران العظمى».
غرق مشروع تحرير سوريا من حكم العائلة الطائفي، بدموع وعواطف مراكز البحوث الغربية التي راحت تركز على حل سوري «بتوطين» اللاجئين، في سوريا. ولبنان. وتركيا، داعية إلى الضغط على هذه الدول، لتشغيلهم لديها، ودمجهم في اقتصادها. ومشاريع تنميتها.
للأمانة، أقول إن «التوطين» لم يرد لفظيا، بعد، في تقارير وبحوث هذه المراكز، إنما ورد في مضمونها، على النحو الذي ذكرت، فهو التوطين بعينه. إذ لم يعد واردا الحديث عن حل غربي حاسم.
أما ملايين النازحين الذين هَجَّرَهُمْ القصف الجوي الوحشي، والتصفية المذهبية التي تشارك فيها الميليشيات الشيعية العراقية. اللبنانية. الإيرانية، فمراكز البحوث التي ترفع دراستها إلى مراكز القرار في أميركا. وأوروبا، تدعو إلى إقامة «مناطق حماية» لهم داخل سوريا. وممنوع على النظام الاعتداء عليها، بمعنى أنها باتت مستقلة عن دولته.
الطريف أن الترويج للتوطين يستند إلى تصنيف هؤلاء اللاجئين إلى الدول المجاورة، بأنهم من أصحاب الكفاءة. والخبرة، في المهن والحرف. الواقع أن الأردن وتركيا هما البلدان الوحيدان اللذان أقاما «مستوطنات» لجوء لهؤلاء السوريين، فيما لم يسمح حزب الله وحليفه ومرشحه الرئاسي المسيحي ميشال عون، بإقامة مخيمات لجوء كبرى لنحو 800 ألف لاجئ سوري، بحيث يستفيدون من مشاريع الإغاثة الدولية، براحة. وبحبوحة.
هؤلاء اللاجئون في الداخل والخارج يرفضون أصلا «التوطين» ويصرون على عودتهم إلى سوريا، والمناطق التي ولدوا. وعاشوا. وطردوا منها. لكن عددا كبيرا منهم دمجوا أنفسهم في الاقتصادين الأردني. واللبناني نتيجة لتعاطف الأشقاء الأردنيين واللبنانيين معهم، على الرغم من رقة حال هؤلاء المضيفين، وعلى الرغم من القوانين والإجراءات الرسمية المضادة للتشغيل.
وتركز دراسات مراكز البحوث الغربية على الأردن بالذات، ليكون أنموذجا «لتوطين» السوريين (نحو 700 ألف لاجئ)، باعتبار أنه نجح في توطين واستيعاب مليوني فلسطيني منذ عامي النكبة والنكسة (1948 - 1967).
غير أن الذي حدث عمليا هو أن مشروع «التوطين» يجري البحث في تمويله، في مؤتمرات ولقاءاتٍ بعضها خاص بالأردن. وبعضها خاص بلبنان. وتطالب تركيا أيضا بمشروع دعم مماثل. أما العراق الغني فيقدم دعما شحيحا لمائة ألف لاجئ سوري، بحجة أنهم لا ينسجمون مع طائفية نوري المالكي، وميوله وارتباطاته الإيرانية.
يبدو واضحا أن أميركا وأوروبا صرفتا النظر (مؤقتا) عن ترحيل نظام بشار، بعد فشل مؤتمر جنيف الثاني، وبعد الاتفاق الأولي لتبطئة مشروع إيران النووي. ولم يعرف بعد ما إذا كان نظام خامنئي/ روحاني، سيحصل على رتبة «صديق» متعاون مع الغرب.
خوف العرب كبير من اعتراف الغرب بضرورة «إبقاء» سوريا في فلك مشروع «إيران العظمى»، على الرغم من أن 25 مليون إنسان ليس بينهم سوى مائة أو مائتي ألف شيعي. (أقل من عدد الأكراد الأيزيديين). وعلى الرغم من كل جهود التشييع التي سمح بها الأب والابن.
وهكذا، فمشروع حل الأزمة السورية، في المنظور الغربي، تراجع عن تأهيل بشار للرحيل هو ونظامه. بل هناك دعوة للتعاون معه في تصفية «الوجود الجهادي» في مناطق المعارضة السورية. وعلى هذا الأساس، تم منع الدول العربية المانحة من تقديم سلاح ثقيل كاف لإزاحة هذا النظام الإرهابي، أو على الأقل، سلاح كاف لطرقه وتليينه، بحيث يغدو نظاما ديمقراطيا (لا تضحك) يتعاون مع معارضة مسلحة لا علاقة لها بالديمقراطية.
لم يقدم الوسيط العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي استقالته، بعد فشله في جنيف 2، لعقد مصالحة «تبويس شوارب»، بين الطرفين السوريين المتنازعين. لم يحفظ ماء الوجه، كما فعل ورحل سلفه الوسيط كوفي أنان.
بل ها هو الإبراهيمي يطير إلى طهران لإقناع أصحابها بالضغط على النظام السوري للقبول بتسوية «تبويس الشوارب». ولم تبادر الجامعة العربية إلى سحب تفويض العرب له. ربما تنتظر هي الأخرى. لعل وعسى أن ينجح في طهران!
استقال مساعد الإبراهيمي الفلسطيني ناصر القدوة. وأجبرت المخابرات السورية مدير مكتبه بدمشق على الاستقالة. حتى نظام بشار يرفض التعاون معه، خوفا من أن ينجح في تمرير تسوية «تبويس الشوارب»، من البوابة الإيرانية. الروسية. الغربية المستحيلة.
طالت. استطالت. استحالت التسوية الفلسطينية، بعدما عاشت كقضية لاجئين، وليس كقضية قومية. فهل يتعين أن يعيش السوريون المنكوبون، كقضية، لاجئين يكفيهم حلا توطينهم لدى أشقائهم!
شكرا لألمانيا. السويد. فرنسا. أميركا. فهي تفاخر بأنها حلت الأزمة السورية. فقد وطَّنت لديها مائة ألف لاجئ سوري، ربما اعتبروا رموزا تعوض عن توطين 25 مليون سوري في بلدهم.
العرب يستعدون لمعاتبة أوباما الزائر. باستباق حضوره بعقد مؤتمر قمة عاجل. مسكين الشيخ صباح الأحمد. المطلوب منه تحقيق مصالحة خليجية، وهو الخارج من غرفة العمليات الجراحية في مستشفى أميركي منذ أيام قليلة. أما الإيرانيون وعربهم، فهم يزعمون أن أوباما آتٍ لإعادة «ترتيب» أوضاع المنطقة، وكأن إيران ليست بحاجة إلى «ترتيب» أو تقييم أوضاع، بعدما «خربطت» المشرق العربي، بحلفها الجهنمي مع الأسد الأب قبل أكثر من ثلاثين سنة.
رسالة إلى المشير السيسي (قال يعني هتوصل)
معتمر أمين/المصري اليوم
السلام عليكم يا سيادة المشير. تحية احترام وإعزاز وتقدير. أعرف أن وقتك لا يسمح ولذلك سأختصر. لكن اسمح لي بكلمة قبل أن أبدأ الرسالة أشكرك فيها على ما فعلته لمصر في ثورة يونيو 2013 وعلى كلماتك الراقية التى لمست قلب ووجدان كل وطني مصري مخلص لبلده. وأرجو أن يتسع صدرك لكلماتي وانا أعرف عنك حسن الإنصات بإمعان.
يا سيادة المشير، أصبحنا نسمع عنك أكثر ما نسمع منك، وكل يوم نرى أشخاصًا يتحدثون باسمك ثم يخرج علينا من يكذب المتحدث. لا يهمني البلبلة ولكن يهمني «صمتك». فنحن نتوسم فيك شفافية أكثر من ذلك. سمعتك يوم تحدثت بالأمس القريب وأعلنت نيتك للاستجابة لمطالب الشعب، وقلت إنك لن تدير ظهرك للناس، وقلت «اصبروا». ولا مانع من الصبر، لكن المانع في المنغصات التى نسمعها يوميا تتحدث باسمك، حتى بدأ سؤال يتردد ويلح على الناس، «هل رجال مبارك عائدون»؟ ولماذا يدفع السيسي ضريبة الملتصقين به؟
في بداية تعيينك كوزير للدفاع ظن البعض أنك من «أنصار» الإخوان، واليوم نعرف جيدا من هو السيسي. ثم اليوم هناك من يظن أنك لا تمانع في عودة بعض رجال نظام مبارك، ولكني أزعم أني أعرفك وأن الأمر على خلاف ما يظنون. لكن يا سيادة المشير «العيار الاي ما يصبش يدوش». لماذا تترك الناس للظنون؟ هذا وأنا واثق من قدرتك وعلى دراية بكفاءتك وأعلم أنك تستطيع.
هذا، وأنت مقبل يا سيادة المشير على أمر جلل، وإليك المعضلة. أنت تتقدم إلى العمل العام من باب وجدان المصريين وقلوبهم المرحبة، لكن هذا لا يكفي واسمح لي أن أسأل، أين مشروعك السياسي؟ أين تنظيمك السياسي؟ المعضلة هنا، أنك لو أتيت دون تنظيم سياسي حولك فستتحول إلى رئيس شعبوي في غمضة عين. ولو بادرت بإنشاء حزب بعد وصولك للرئاسة (بمشيئة الله) فسيتحول إلى الحزب الوطني الجديد في لمح البصر! وأعرف ان هناك من ينادي بتشكيل مجلس أمناء على غرار لجنة الخمسين يكون بمثابة جبهة موصولة بكل روافد المجتمع فيصبح القرار المصري ليس نابعا من شخص ولكن نابع من جبهة تمثل الشعب المصري. وهذه مشكلة أخرى بحجم الاتحاد الاشتراكي.
قد يكون طرح جبهة الأمناء أو جبهة البناء حلا منطقيا لكن يظل مؤقت الطبيعة ولا يمكن أن يكون دائما. فالعالم المعاصر لما تخطى الأحزاب لم يرتد إلى الجبهات الجامعة ولكن انتقل إلى مجموعات المصالح وجماعات الضغط ذات الاهتمام المشترك. لذلك إذا كان لابد من عمل مجلس أمناء للبلد يمثل أعضاؤه مختلف روافد المجتمع، فلابد إذا أن يكون ذا صبغة «مؤقتة» وله هدف محدد يسعى لتنفيذه خلال «مدة محددة» ثم يتحول هذا الكيان إلى كيانات أخرى أو ينتهى تمامًا ليفسح الطريق أمام قوى التغيير الطبيعية التى تريد التعبير عن نفسها بطريقة غير جبهوية! وإلا لا داعي لعمل محليات وبرلمانات ونكتفي بالمجالس والنقابات المعينة!
لكن أين المشروع السياسي يا سيادة المشير؟ أنا لا أفهم أن تكون المصالحة مثلا مشروعا سياسيا! ولكني أفهم أن نمكن للشعب المصري ومؤسساته واتجاهه وفكره ثم يظهر وقتها قوى على يمين ويسار المجتمع ثم نتكلم عن مصالحة بعد التمكين لو كنا في حاجة إليها!
المشروع السياسي ليس كماليات ولكنه أمر ملهم ومحفز لطاقة الأمة. صحيح أن تجسيد حلم الناس في مشروع سياسي أمر غير هين، وبحاجة إلى وقت وقد أخذ محمد على باشا سنوات وكذلك جمال عبدالناصر حتى تفاعلوا مع التاريخ وروح العصر وخرجوا بمشروعات سياسية كبرى. لكن صحيح أيضا أن المشروع السياسي أساسه الرؤية! فأين هيه أو حتى لمحه منها؟
ونصل إلى مربط الفرس ونتساءل بكل صدق النوايا، هل ما سمعناه يا سيادة المشير من بعض الناس عن ملامح ما يسمى برنامجك الانتخابي هو بالفعل ما تسعى لتحقيقه؟ لقد سمعنا لمحة من مشروع انتخابي على وزن «تحديث مؤسسات الدولة ونظم إدارتها» مما أصابني بالصدمة! لو كان هذا هو المشروع فأنا أكاد أجزم بأنه مشروع مقتبس من أحد مرشحي انتخابات الرئاسة في 2012، وهو مشروع يصلح بالكاد كبرنامج انتخابي لرئيس الوزراء ناهيك أنه مشروع لا يجسد أحلام شعب ولكنه يتصدى لمشاكل نوعية واحدة كبيرة تواجهها مصر!
ما أفهمه عن البرنامج الانتخابي يا سيادة المشيرة أن يكون «هدفًا» بطعم الحلم، يلهم الجماهير لتدفع بأفضل ما لديها وتتفانى في العطاء من أجل الغد الأفضل الذي ننشده جميعا. أين أحلام الناس التى تنشد العدالة الاجتماعية؟ وهل هناك عدالة اجتماعية بدون تعليم يحسن فرص الفقير في المنافسة ودون صحة تقوي جسد الفقير على العمل ودون مراكز للتدريب التحويلي تتفاعل مع ملايين العاطلين لإيجاد فرص عمل؟
أين أحلام الناس من إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني لكي يصبح توزيع الثروة والدخول عادلة بل منحازة للفقراء؟ هل ستبقى قناة السويس محطة تحصيل رسوم؟ والسياحة مجرد سياحة شواطئ؟ والتدفقات النقدية معتمدة على المعونات والقروض؟ أين الضريبة العقارية؟ وضريبة الثروة (التحرير)؟ أين إعادة هيكلة الدعم من عيني إلى نقدي وتحرير الأسواق؟
هل سنظل أسرى تصدير الخامات فقط بدون تنمية حقيقية للصناعات التحويلية؟ أين نقاط التجارة العالمية؟ وجعل مصر سوقًا كبرى للمال؟
أين خطة الاكتفاء الذاتي من الزراعات الاستراتيجية؟ وهل هناك رؤية لتحويل الديون إلى استثمارات بعد أن وصلت الديون إلى 90% من الناتج القومي المحلي؟
أين خطة الاستخدام الأمثل لموارد البلد وقدراته التعدينية؟ أم أننا سنتفاجأ يوما ما بأن منجم السكرى للذهب على سبيل المثال لا الحصر، استنفد ما يملك وكل الاستفادة منه كانت بناء محطات صرف صحي لم تغط المطلوب جغرافيا!!
من قال إننا بحاجة إلى استثمار بالمليارات في الطاقة النووية تؤتي ثمارها بعد سنوات طويلة؟ أين الطاقة البديلة والمتجددة؟ وهل فعلا سنعود للفحم؟ وماذا عن الطاقة الشمسية في بلد يقع كله في وسط الحزام الشمسي؟
أين تعمير سيناء؟ والمدن الحدودية؟ وهل سنبقى 27 محافظة تحتل 22 منها 5% من مساحة مصر و5 منها 95% من المساحة؟ وهل ستبقى محافظات الصعيد محرومة من الامتداد إلى البحر الأحمر؟
أين كرامة المصري ومصر من الانبطاح أمام أسرائيل؟ وأين خطة التصدي لإثيوبيا؟ وأين خطة تأمين مياه النيل؟ وأين خطة العودة إلى أفريقيا؟ وهل سنظل دولة مباركية بلا تحالفات حتى خسرنا كل دوائر النفوذ المصري؟ ناهيك عن قوانا الناعمة!
أين تقدير الموقف؟
آسف على الإطالة يا سيادة المشير وأشكر لك سعة صدرك، وأرجوك أن تلاحظ، أن الفترة السابقة تم الجري بنا في مسارات أخرى غير مجدية! فمن قال إننا بحاجة إلى قانون للتظاهر كل ما جنينا من ورائه هو كره بعض الشباب وبعض القوى السياسية للمسار الذي نحن فيه؟ أدعو الله لك يا سيادة المشير أن ينجيك من الإخراج «المباركي». وأقصد بذلك إخراج المشهد الذي ترى فيه المسؤول يذهب ليفتتح عشرة مشروعات في يوم واحد بغية إحداث تأثير معين لدى الجمهور. فيفتتح كوبرى أو أكثر، وكلية أو اكثر، ويتفاجأ بجهاز للتشخيص أو أكثر. لماذا لا يتم هذا في توقيتات طبيعية. بمعنى ما يجهز يتم افتتاحه؟ ثم هل نطمح أن ننتقل إلى العصر الذي يذهب فيه رئيس الحي لافتتاح كوبري، ويذهب فيه المسؤول الكبير إلى ما هو أبعد من ذلك؟
مرة أخرى آسف على الإطالة وأشكر لك سعة صدرك وأعلم مدى ترحيبك بالنقد وبالرأي المخالف. وأنا لا أخشى منك بل أخشى عليك، وأرى فيك قدرة على العطاء وكفاءة في الأداء وأتمنى لو نسمع منك وليس عنك! وأرجو أن تنوع من المعاونين الذين يعاونونك في الحياة السياسية. هذا وأنا أعلم مدى تميز رؤيتك السياسية التى بنيتها من طول مدة عملك على رأس جهار مختص بالتحليل وقراءة الموقف وطرح السيناريوهات والتحليلات. فالتلميح الذي نراه يخرج منسوبًا لأحد محسوب عليك كفيل بتنفير المزيد من الناس، فلماذا تدفع ضريبة من يلتصق بك؟
أعرف أن مسؤوليتك كوزير للدفاع تحتم عليك أمورا بيعنها ولكن أين مسؤوليتك أمام الشعب؟ تحدث حتى نراك ونسعد بك، وأدعو الله ألا تدفع ضريبة من حولك وأن يرزقك الله بالبطانة الصالحة التى تفهم روح العصر الذي نعيش فيه. أنت لست في حاجة إلى حملة انتخابية، ولكنك بحاجة إلى مشروع سياسي ورؤية تنموية. وفقك الله وسدد خطاك..
تحية إعزاز وتقدير واحترام.
قبل النطق بالحكم على إخوان مطاى
حمدي رزق/المصري اليوم
قبل أن يدهسك قطار الدهشة من إحالة أوراق 528 إخوانيًا فى اقتحام قسم شرطة (مطاى) إلى فضيلة المفتى، وقبل أن تخبط رأسك فى أقرب حائط، فى محاولة جادة لفهم قرار المستشار سعيد يوسف، رئيس محكمة جنايات المنيا (الرهيب)، بإحالة هذا العدد الضخم للإعدام، وقبل أن تستنكر وتستنكف وتحس بوجع فى الضمير وألم فى المعدة، وقىء مفاجئ، وإحساس عارم بالصدمة، وقبل أن تضرب كفا على كف، وتحوقل وتحسْبِن على من ظلمهم.
وقبل أن تمتدح أو تذم المستشار سعيد (ينظر الآن فى أمر 683 إخوانيا آخرين فى اقتحام قسم شرطة العدوة)، عليك أن تستجمع ما تبقى من قواك العقلية، وتتهيأ نفساويًا لمشاهدة ما شاهده القاضى، وترهف السمع منصتًا لما سمعه، ستشاهد جنونًا مطبقًا، وتسمع همهمات وحشية، ما جرى فى اقتحام قسم شرطة (مطاى ) توحش، كلاب عقورة، حتى الجثث لم تفلت من بين أسنانها.
لو كنت مكان المستشار يوسف وشاهدت بالفيديو قتل العقيد مصطفى العطار (نائب المأمور)، وهجوم متوحشى الإخوان على جثته المسجاة عارية فى استقبال المستشفى العام، ومحاولات مجرمة لخطفها والتمثيل بها، والشيخ يستعطفهم ويتذلل لأزلامهم، حرام عليكو!!
وتشاهد طبيبًا إخوانيًا فى استقبال المستشفى يخون القَسَم ويقتل العقيد عامدًا، يمنع عنه المحاليل والدم فى النزع الأخير، المجرم يضربه بأسطوانة الأوكسجين، يزهق روحه، وسط تهليل وتكبير، ولو احتملت ستشاهد وتسمع بأذنيك متوحشا بدقن وزبيبة يصر على التبول على الجثة، «عاوز أشخ عليه ابن.....»، والفيديو معنون «الإخوان.. نائب مأمور مطاى تعذيبه حتى الموت».
وعليك قبل أن تحاكم القاضى أن تشاهد الإخوان الهمج المتوحشين وهم يسحلون الضابط كريم فؤاد فى الشارع أمام القسم، يزفونه كلص، ويضربونه بالأيدى وبالعصى ومواسير المياه وبأحذيتهم القذرة، علقة موت، وهم يكبرون الله أكبر، الله أكبر، وتسمع صرخات الضابط الشاب تشق عنان السماء ألمًا، وصوتا لايزال لديه عقل وضمير يتمتم: والله حرام اللى بتعملوه.
شاهدوا الفيديوهات، متوافرة على اليوتيوب، شاهدوها قبل أن تحاسبوا القاضى، حاسبوهم قبل أن تحاسبوا، لا يروعنكم قرار الإحالة إلى المفتى، شاهدوا قبل أن تحكموا، واحكموا بعد أن تشاهدوا، لا تقفوا أمام الحكم عاجزين عن التفكير والتفسير، لا يسحبكم موج الاستنكار الذى سيغرق المستشار والقرار فى الخطيئة، ويعمد إلى أن يغفر لهؤلاء القتلة سابقة إجرامهم.. فقط لكثرة عددهم.
عفواً، لن أترك لعقلى أبدا العنان ليرفض حكمًا رادعًا فاصلًا بين شريعة الغاب وشريعة القانون، بين حكم المرشد وحكم المستشار، لن أتعاطف مع متوحشين، فقط لأن عددهم كبير، ولكن ينقصنا التدقيق، من هم القتلة الحقيقيون بين هؤلاء المجرمين على وجه اليقين؟
25/3/2014
في هذا الملف:
الشرعنة البائسة للاحتلال
خيري منصور/الدستور الأردنية
التطهير العرقي سياسة إسـرائيل منـذ البـدايــة !
د. عايدة النجار/الدستور الأردنية
نفخٌ في الرماد
رأي البيان الإماراتية
انتفاضة معكوسة
خيري منصور/الخليج
عيون وآذان(كتابان لا غنى عنهما)
جهاد الخازن/الحياة اللندنية
مساواة الصهيونية بالعنصرية.. في ظل الصراع العربي الإسرائيلي
محمد المحسن (كاتب صحافي وعـــضو باتحاد الكتاب التونسيين)/القدس العربي
أهي مجرد سذاجة ؟!
صالح القلاب/الرأي الأردنية
مشروع لتوطين السوريين في الدول المجاورة!
غسان الإمام/الشرق الأوسط
رسالة إلى المشير السيسي (قال يعني هتوصل)
معتمر أمين/المصري اليوم
قبل النطق بالحكم على إخوان مطاى
حمدي رزق/المصري اليوم
الشرعنة البائسة للاحتلال
خيري منصور/الدستور الأردنية
من أغرب التعليقات التي قرأتها هذا الاسبوع عن استفتاء القرم واعادتها الى الحضن الروسي الذي انفصلت عنه عام 1954 لاسباب سوفيتية، ما كتبه ناحوم برنباع في صحيفة ايديعوت. فقد قال ان ساسة اسرائيل يحسدون فلاديمير بوتين على هذه الخطوة الجريئة، ويتمنون لو يفعلون ما فعل في غزة والضفة الغربية معاً بحيث تحتلهما اسرائيل دونما حاجة الى استفتاء مماثل، لكن هذا الحسد يشوبه الكثير من الحذر، لان اسرائيل ليست متأكدة تماماً من ان بوتين سيفوز بما أنجز.
الغرابة في هذا التصور ليست في المقارنة بين احتلال وآخر، فتلك مسألة أخرى، ولها مقتربات مضادة لما قدمه الكاتب ناحوم، تكمن الغرابة في اطلاق صفة المحتل على بوتين، ومن يطلقونها هم آخر من يحق لهم الكلام في هذا السياق لأنهم محتلون ومعتدون وأداتهم لتحقيق اهدافهم هي الابادة العرقية، سواء كانت عضوية أو معنوية، فالتهويد والعبرنة هما شكل من أشكال الابادة.
واذا كان هناك طرف في اسرائيل يسعى الى شرعنة الاحتلال من خلال نماذج أخرى، فان هذا القياس خارج المنطق هو آخر احتلال في التاريخ تبعاً للتعريف الدقيق للاحتلال خصوصاً عندما يكون مصحوباً باستيطان، وتكون الاداة هي الدبابة والجرافة، واحدة تقتل والاخرى تقتلع وتستوطن!
أذكر ان نتنياهو كتب في مذكراته وهي بعنوان مكان تحت الشمس ان استراتيجية اسرائيل تفرض على من يقودها ان يستثمر اية فرصة في العالم، وعلى سبيل المثال ان يكون العدوان والتمدد العسكري متزامناً مع أزمة دولية تشغل الرأي العام وما كتبه نتنياهو لا يفتضح فقط اسلوب تفكيره، بل يفتضح المشروع الصهيوني برمته، لأنه تأسس على المخاتلة والخداع والتمويه، لهذا سمي جيش الهجوم بجيش الدفاع.
انسجاماً مع تسمية الجلاد ضحية، لكن هذه اللعبة أنهى التاريخ صلاحيتها وأفاق العالم من الغيبوبة السياسية التي أتاحت لاسرائيل ان تتلاعب بالمفردات، وتتقن تبادل الادوار بحيث يصبح المشهد كله حفلة تنكرية!
إذن، وفي ضوء ما كتبه ناحوم فان اسرائيل تبحث عن ضمانة أو بوليصة تأمين دولية كي تحتل كامل الضفة والقطاع، وهذا ما يجعل الحسد لديها مشوباً بالحذر والخوف من العواقب.
ان للاحتلال تعريفاً واحداً لا مجال للتلاعب به أو ابتكار صيغ جديدة له، وحين تسعى اسرائيل الى عقد مقارنات بين ما تمارسه وما يحدث في أي مكان في العالم فذلك مجرد احتيال وتعويم، الهدف الاخير منه هو التضليل والبحث عن شرعية مفقودة، وستظل مفقودة الى الابد.
وهناك مفارقة تختصر المسألة كلها، هي ما قاله نتنياهو عشية رحيل نلسون مانديلا ولو كان لديه ولو قليلا من الخجل لما قاله، فالحرية هي في عقل آخر ومكان آخر، ولا صلة لها بمن شيدوا بيتاً على أطلال بيوت الآخرين!
التطهير العرقي سياسة إسـرائيل منـذ البـدايــة !
د. عايدة النجار/الدستور الأردنية
باتت إسرائيل أكثر استعجالا هذه الأيام لتنفيذ سياسة التطهير العرقي ضد الفلسطينيين , وها هي تقتل بدم بارد وعلى رؤوس الاشهاد غير عابئة بما يقول غير ذلك .العالم يراقبها وهي تنكل بالفلسطينيين بشكل ممنهج , من أجل تطهير فلسطين من العرب السكان الاصليين للأرض . تقوم بمواصلة تنفذ خطة الصهيونية واستراتجيتها التي وضعتها في أول مؤتمر صهيون في بازل 1897 والمبنبة على الفصل العنصري والتطهير العرقي . لم تكن الدول الاستعمارية مثل بريطانيا تستعمل هذا المقهوم المتداول والذي كان معمولا به في جنوبي إفريقيا . إلا أنها في النهاية تعلمت أن هذا ضد حقوق الانسان وكان الدرس من مانديلا وشعبه الذي رفض السياسة الاستعمارية العنصرية .
إسرائيل ترفض الفهم عن سبق اصرار , أنها تمارس سياسة التطهير العرقي في فلسطين بالاضافة للفصل العنصري . تتجاهل الحقيقة , رغم تقارير المراقبين الدوليين لحقوق الانسان و تصم الأ ذان عن تصريح ريتشارد فولك الخبير في مجلس حقوق الانسان للأراضي الفلسطينية الذي صرح مؤخرا , بأن إسرائيل “ تحمل صفات نظام الفصل العنصري “ . . جاء على لسانه بعد مراقبة طويلة , ولم يتردد وهو يقول , بأنها تخالف القانون الدولي . ليس هو وحده الذي يصفها بذلك , فالكثيرون تجرأوا لوصف اسرائيل بهذه الصفة , مثل كارتر الرئيس السابق للولايات المتحدة , وغيره .
بالاضافة أصبح هناك الكثيرون من الدارسين والباحثين والمؤرخين , من ينتقد هذه السياسة التي تنكرها أسرائيل . ولعلنا نذكّر بالمجموعة الاسرائيلية من الاكاديميين من ( المؤرخين الجدد ) ومن بينهم المؤرخ إيان بابيه, الذين وجدوا ضرورة لتصليح الاخطاء التي ارتكبتها إسرائيل وإنكار ما جرى للشعب الفلسطيني من جرائم ضد الانسان . ويرى بابيه الذي وضع أراءه في كتابه القيم الذي وضعه عام 2006 ( التطهير العرقي لفلسطين ) , بين أن هناك حاجة لمراجعة الرواية الصهيونية عن حرب 1948 واعادة كتابة التاريخ الجديد بموضوعية . كما جاء ت هذه النظرة الثاقبة في كتاب المؤرخ الفلسطيني وليد الخالدي ( لكي لا ننسى ) . ولعل ما تقوم به اسرائيل أيضا في محاولة قمع من يرون الحقيقة مثل ما فعلت مع بابيه عندما فصلنه من جامعة حيفا ليترك البلد الى بريطانيا , لأن إسرائيل لا ترحب بمن بقول الحقيقة وإن كان يهوديا .
في الرواية الاسرائيلية الصهيونية الكاذبة , أن الفلسطينيين , عام 1948 , تركوا بيوتهم وأراضيهم “ بمحض ارادتهم “, وليس بسبب الجرائم التي ارتكبتها بحقهم , مثل دير ياسين التي يعرف عنها كل العالم , بالصورة والكلمة المكتوبة والشفهية . ما يثير حفيظة الدارسين والمؤرخين , ادعاءات إسرائيل هذه , واصرارها عدم رواية الحقيقة أنها طردت 800 ألف انسان فلسطيني , ودمرت 531 قرية و أجلت 11 حيّا من سكانها . لم تتعلم إسرائيل من التاريخ فهي تقوم بأعمال التطهير العرقي والفصل العنصري , بشكل جاد وممنهج . يرى ذلك الخبير فولك أيضا و بوضوح وقد راقب عذاب الفلسطينيين كل يوم من الست سنين التي عمل فيها بفلسطين . رأى ما تقوم به لتغيير التركيبة العرقية في القدس الشرقية , وتدمير المنازل وارغام الناس تركها بالقوة. ولعله يستمر مع المؤرخين في رواية الحقيقة عن التاريخ الذي تحاول إسرائيل تزويره . !
نفخٌ في الرماد
رأي البيان الإماراتية
ما الذي يجري؟ أما آن للاحتلال الإسرائيلي وقف هذه المهزلة واستمرار التعدّي على الحقوق والمقدّسات؟ ألم يحن الوقت لاستيقاظ العالم من السبات العميق والتصالح مع المبادئ لا المصالح؟ إلى متى يظل الاحتلال هو الممسك بخيوط المعادلة بطرفيها حرباً و«طاولة مفاوضات»؟ لم صادرت الأولى الأرواح والمأوى والحق في العيش الكريم، فيما أضاعت الثانية الوقت في جولات لم يجنِ منها الفلسطينيون سوى السراب؟!
أطلقت الولايات المتحدة الأميركية المفاوضات، وتركت الحبل على الغارب لإسرائيل تفعل كيف تشاء؛ هي التي تشترط إلى حد التهديد والوعيد، فيما على الطرف الآخر من الطاولة أن ينفذ شروطها ويخشى وعودها. تراود الاحتلال خيالات إقدام الفلسطينيين على الاعتراف بيهودية إسرائيل، وهو خطّ أحمر للقيادة والشعب مجتمعين، ولكل العرب الذين أجمعوا قبل انعقاد قمتهم غداً على الرفض المطلق لهذا التكييف العنصري، فيما تظل الدعوات الإسرائيلية لاستمرار المفاوضات، مع اللعب بورقة إطلاق سراح الأسرى من المعتقلات، حصاناً خاسراً لن يمكّن الاحتلال من الوصول لمراميه وفرض شروط التسوية على الفلسطينيين.
لا فائدة من جولات الرعاة إلى المنطقة بين الحين والآخر، دون وضع أسس عادلة تتعامل مع طرفي الصراع على قدم المساواة، وليس أن تضغط على طرف وتستجدي آخر من أجل دفع مستحقات التسوية، فما لم يلتزم الاحتلال بالوقف الكامل للاستيطان، ويطلق سراح الأسرى، ويلجم مستوطنيه عن الاعتداء على المقدسات عبر الاقتحامات المتكرّرة للمسجد الأقصى، والاعتراف بحق الفلسطينيين في العيش في دولتهم كاملة السيادة على حدود 1967، فلن يختلف مصير «مفاوضات كيري» عن سابقاتها.
لعل من شأن إشراك أطراف أخرى إقليمية ودولية في رعاية المفاوضات بين الفلسطينيين والاحتلال، على غرار اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي، أن يعطيها زخماً أكبر ويجعلها أكثر حيوية وديناميكية، أمّا في ظل احتكار الوساطة في طرف واحد، فإنّ الأوضاع لا تبشّر بخير، وليس أدل على ذلك من ممارسات الاحتلال وتماديه في الاعتداءات على الفلسطينيين في وطنهم، وضد العرب جميعاً، وبالتالي ضد أمن كل المنطقة واستقرارها، وانعكاس ذلك على السلم والأمن الدوليين.
انتفاضة معكوسة
خيري منصور/الخليج
قدم الخلاف بين الفصائل الفلسطينية ذرائع عدة لأطراف قررت أن تغسل يديها وقدميها وضميرها الوطني من القضية الفلسطينية، كما أتاح هذا الخلاف لسلطات الاحتلال أن تتفرغ لشؤونها بدءاً من الاستيطان حتى استكمال الهيمنة، ما دام هناك مَن ينوبون عنها بقصد أو بغير قصد، فالجريح الذي يحتاج إلى تبرع بالدم من رفيقه يتولى بنفسه الإجهاز على ما تبقى من جسده .
كان الاختلاف في المقترَبات الوطنية ووجهات النظر مصاحباً لكل الحراكات الإنسانية لكن تحت سقف وطني واحد، حدث ذلك في كل حركات التحرر في العالم لكنه ظل محكوماً بالقاسم المشترك الوطني الذي يقدم ضمانات توفر الحدّ الأدنى من الائتلاف، وحين تم تصعيد الاختلافات في نطاقها الكمي إلى خلافات جذرية انتهت المسألة إلى تآكل سرعان ما أفضى إلى انتحار جماعي .
وبالأمس كانت الوساطات العربية والإقليمية تستهدف المصالحة بين فتح وحماس، وانتهت تلك الوساطات المتعاقبة إلى تيئيس الشعب الفلسطيني من التوصل إلى نتائج حاسمة، بحيث باتت حكاية الراعي والذئب المعروفة قابلة للتأويل السياسي .
والآن، تسلل فيروس الخلاف والتآكل إلى الفصيل الواحد كما يحدث داخل فتح من تبادل الاتهامات والتخوين ونشر الغسيل كله على السطح . رغم أن الأطراف المتنازعة تعيش تحت الاحتلال ولها عدو واحد من المنطقي أن يوحدها ولو في الحدّ الأدنى، وما يضاعف من الأسى أن هذا التخوين المتبادل أصبح يبرئ العدو الذي غرقت يداه في الدم الفلسطيني كله، فهو لا يفرق بين فصيلة دم وأخرى، وبالتالي بين فلسطيني وآخر لأن مشروعه الإبادي يستهدف الجميع في نهاية الأمر .
وكان من الممكن لكثير من الخلافات أن تبقى داخل البيت الفلسطيني، ولن يكون التوصل إلى حلول أمراً متعذراً، لكن ما حدث مؤخراً أصبح ينذر باندفاع هذه المتتالية الكارثية إلى أقصاها .
وكنا نتمنى لو أن التوائم الألداء يقرأون قصيدة الشاعر اليهودي يهودا أميحاي، يقول فيها، إنه لا يحلم بوطن كالذي وصفه أسلافه، ولا بسلسلة جبال أو سهول مترامية ولا حتى بأرض الميعاد، بل يحلم بوطن يشتبك فيه اليهودي مع اليهودي وراء الجدران ولا يقول المارة: انظروا ما الذي يفعله اليهود ببعضهم .
إن للاختلاف في وجهات النظر والمقتربات الوطنية حدوداً ما أن يتخطاها حتى يصبح الوطن كله في خطر، خصوصاً إذا كان محاصراً ومحجوراً على حريته بالقوة . ومن كانوا حتى وقت قريب يتوقعون اندلاع انتفاضة ثالثة ها هم يشاهدون انتفاضة معكوسة يعلنها الفلسطيني على الفلسطيني .
عيون وآذان(كتابان لا غنى عنهما)
جهاد الخازن/الحياة اللندنية
قرأت عدداً من الكتب الجديدة هذا الشهر، فقد سافرت كثيراً، ووجدت فرصة لتكثيف القراءة لأنني لم أتقن بعد فن النوم في الطائرة. بعض الكتب أهم من بعض، وأختار منها للقراء اليوم كتابين أعتبر أنهما أفضل ما تجمع لي هذا الشهر.
«آفاق العصر الاميركي، السياسة والنفوذ في النظام العالمي الجديد» بالعربية والانكليزية للدكتور جمال سند السويدي، مرجع في موضوعه، وكنت قرأته ثم قررت أن أؤخر عرضه للقراء لأنني وجدت أنني سأتحدث في مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ما يعطيني فرصة لسؤال الدكتور السويدي عن كتابه.
كنت أعرف أن الاقتصاد الاميركي سقط على خلفية حروب إدارة جورج بوش الابن من ثلث الاقتصاد العالمي كله الى الربع، وفكرت أن التراجع سيستمر. سألت رئيس مركز الامارات سؤالاً بسيطاً هو: هل العصر الأميركي سيستمر أو أنه في طريق النهاية؟ كان الرد واضحاً، خلاصته أنه لا يوجد بديل مقنع للولايات المتحدة. في الكتاب فصل بعنوان: بنية القوى في النظام العالمي الجديد، وهو يضم رسماً يضع الولايات المتحدة على قمة هرم القوى والصين وروسيا والاتحاد الاوروبي بعدها ثم اليابان والهند والبرازيل وتحتها باقي دول العالم. الدكتور السويدي قال لي إنه لو اجتمعت اليابان والصين لكانتا نداً للولايات المتحدة وربما سبقتاها، إلا إنهما على خلاف تاريخي وجغرافي، لا يهدأ حتى يبرز من جديد.
الفصل الرابع تحدث عن الاقتصاد والتجارة والطاقة. وهو يهمني لأن الولايات المتحدة تروِّج منذ سنوات لقربها من الاكتفاء الذاتي في الطاقة وأنها ستصبح بلداً مُصدِّراً في سنوات. وقد رد عرب كثيرون بأنها تكذب لتضغط علينا.
شخصياً، أتمنى أن تكون صادقة حتى ننتج من النفط ما نحتاج اليه لا ما يحتاج اليه الاقتصاد العالمي، ونوفر المخزون للأجيال المقبلة.
وجدت أن الفصل الرابع يميل الى تصديق الكلام الاميركي، والكتاب كله موثق جداً فهو في حوالى 850 صفحة منها 250 صفحة للمراجع. وهو كتاب لا غنى عنه للباحث المهتم.
وأنتقل الى كتاب آخر هو «يافا للأبد» الذي جمع مادته عدلي مسعود درهلي واختار أن يكون نصف الكتاب بالعربية ونصفه الآخر ترجمة النصف الأول الى الانكليزية.
الكتاب صادر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت، ويضم شهادة ثلاثة رجال عايشوا سقوط المدينة هم ناصر الدين النشاشيبي وصلاح ابراهيم الناظر ومحمد سعيد اشكنتنا.
النشاشيبي يتحدث عن الصحف الفلسطينية الصادرة في يافا مثل «فلسطين» لعيسى العيسى، ورئيس تحريرها المصري يوسف حنا، و «الدفاع» التي كان سكرتير تحريرها عبدالهادي عرمان. وكان النشاشيبي يكتب في صحف تلك الأيام باسم مستعار هو فكتور يومان الذي يمكن أن يُقال إنه ترجمة للاسم من العربية.
الكتّاب الثلاثة يقولون إن القوة العراقية التي دخلت المدينة لم تكن تريد القتال، وإنما جمع المال، وهي صادرت سلاح أهل المدينة ثم باعته لهم ولغيرهم. وشوهد جنودها وضباطها في الحانات أو سكارى في الشوارع. لو كانت التهمة من كاتب واحد لربما كانت كاذبة، إلا أن ثلاثة معاصرين كتبوا ذكريات عن سقوط يافا في فترات مختلفة وأجمعوا على اتهام القوات العراقية، ومعها الهيئة العربية العليا التي اختارت عدم تسليح المدينة فسقطت من دون قتال.
هي ذكريات مؤلمة وإدانة واضحة لجميع الذين خذلوا يافا وأهلها، وتركوها لقمة سائغة لقوات العدو. رحم الله صديقي البروفسور هشام شرابي، إبن يافا، الذي كان مراهقاً عندما سقطت المدينة، وعاش العمر شريداً عنها ومات في الغربة.
مساواة الصهيونية بالعنصرية.. في ظل الصراع العربي الإسرائيلي
محمد المحسن (كاتب صحافي وعـــضو باتحاد الكتاب التونسيين)/القدس العربي
لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دور’ الدولة الأم’ بالنسبة لإسرائيل التي أسّست مشروعها الصهيوني على حساب المشروع الوطني الفلسطيني، وما تزال تجري فيها عمليات الاستيطان والاستيعاب حتى اليوم. وهذا يعني أنّ ‘وجود اسرائيل القوية’ هو مصلحة أمريكية تتلاءم مع استمرار وبقاء المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ويساهم بشكل محوري في صياغة المعادلات السياسية في المنطقة لصالح واشنطن، ذلك أنّ القوّة العسكرية الإسرائيلية مكوّن أساسي من مكوّنات ميزان القوى الغربي على النطاق العالمي، لذا يقول الكاتب الإسرائيلي شمشون ايرلخ: ‘الواقع اننا أشبه من الناحية العملية بالشرطي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، يتمثّل دورنا في العمل كعنصر ردع نشيط ضد من يعرّض حقول النفط للخطر’.
وهكذا تبلورت العلاقة بين أمريكا واسرائيل وغدت استراتيجية، خصوصا إثر توقيع اتفاق التعاون الإستراتيجي بين البلدين في الثمانينات، حيث لم يعد، نزلاء البيت الأبيض، في حاجة لإخفاء نوعية علاقاتهم مع اسرائيل مثلما كان الحال قبل حرب 67. ومن هنا نستشف طبيعة العلاقة البنيوية الإستراتيجية ذات النمط الخاص بين واشنطن وتل أبيب، بما يعزّز القول بأنّ اسرائيل مختلفة في تركيبتها السياسية، الاجتماعية والتاريخية عن باقي نظم المنطقة، باعتبارها بنية كولونيالية استيطانية، قامت غصبا عن إرادة شعوب المنطقة ومصالحها كنتيجة حتمية لتخطيط القوى الاستعمارية العالمية، ولذا لم تتورّع الأمم المتحدة في أواخر عام 91 عن إلغاء قرار مثير للجدل يضع الصهيونية في موقع العنصرية، وقد جرى الإلغاء ‘بغياب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة وقت التصويت.. وبحضور مساعد وزير الخارجية الأمريكي زمنئذ لورنس ايفليرغر’. وهذا الطابع الدراماتيكي الذي اكتساه – الإلغاء- يعكس بوضوح متانة التحالف الأمريكي الإسرائيلي، ويبرهن على الانحياز الأمريكي الأعمى لإسرائيل، بما يلغي مصداقية الولايات المتحدة تجاه العرب، ولذا لا عجب أن يرحّب البيت الأبيض بإلغاء القرار بإصداره بيانا مذكّرا فيه بأن أمريكا ‘كانت قد رفضت القرار رقم (3379) منذ اعتماده لأنه يعتبر التطلعات القومية للشعب اليهودي ووجود اسرائيل القومي غير مشروعة’.
هذه الدراماتيكية المؤلمة التي شهدها إلغاء القرار، قوبلت بالابتهاج الأمريكي من ناحية وبالذهول العربي من ناحية أخرى. ذلك أنّ العرب كانوا وقتئذ يرفعون شكاواهم للأمم المتحدة حول السلوك الإجرامي والعنصرية العمياء لإسرائيل بحق العرب، وقصفها العشوائي للجنوب اللبناني الذي كان على أشده أثناء التصويت، هذا في الوقت الذي رحّب فيه الجانب الأمريكي وعلى لسان مساعد وزير خارجيته لورنس ايفليرغر الذي تراءى له إلغاء القرار’شكلا إنسانيا راقيا ونفيا لإحدى آخر بقايا الحرب الباردة’.
إذن هل يكون الأمر مفاجئا إذا قلنا انّ اسرائيل هي الدولة الوحيدة بين أعضاء الأمم المتحدة التي ليست دولة لمواطنيها، بل لليهود حيثما وجدوا، وأنّ الفلسطينيين في الأراضي المحــــتلة يتعرضون يوميـــا للتمييز العنصــــري من قبل القانون الإسرائيلي، بما يعني أنّ إسرائيل أقامت في الأراضي العربية التي تحتلها منذ عام 67 نظاما عسكريا يعتبر أسوأ من نظام الفصل العنصري الذي عرفته جنوب افريقيا في السابق؟
لا ليس الأمر مفاجئا، ولذا سأضيف، مع تفجر الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 وما تخللها من دماء فلسطينية أريقت ومازالت تراق بآلة الموت والاقتلاع، و’حيث لا تكافؤ بين الدبابة الإسرائيلية والحجر الفلسطيني، وبين الصمت العربي والصوت الفلسطيني المتصاعد في أفق المأساة، وما يكتنف هذا وذاك من صراع بين الحق ونقيضه وبين العدل وما يلغيه’، فإننا استيقظنا جميعا من غفوتنا المريحة لندرك من جديد أنّ اسرائيل في جوهرها دولة محتلة لها ممارسة المستعمر، وترفض بعناد شديد الاعتراف بحرية ووجود من سلبت أرضهم، ولقد تعرّى القمع الصهيوني الهستيري، الذي كشف الدّم الفلسطيني المراق بغزارة عن ‘وهم ديمقراطيته المتحضرة’ وأسقط تبعا لذلك كل الأقنعة، فتوارت خلف تخوم الدّم، رموز الديمقراطية والاشتراكية والعلمانية التي تدثّر بها مؤسسو الصهيونية والمصفقون لها في الغرب، وتعرّت بالتالي اسرائيل باعتبارها آخر المستوطنات البيضاء في بداية القرن الواحد والعشرين، التي تسعى إلى حماية نقائها عن طريق نظام الأبارتهايد.
لذا، ألا يمكن القول والحال هذا، انّ السياسة الإسرائيلية العنصرية بحق الفلسطينيين هي سياسة نابعة من روح النزعة العنصرية للصهيونية، وتشكّل مخالفة كلية لنصوص القانون الدولي الذي تمّ وضعه والاتفاق عليه عالميا في إطار هيئة الأمم المتحدة، والذي من أهم هياكله ما يلي:
- ميثاق الأمم المتحدة، وبالخصوص الفقرة الثالثة من المادة الأولى منه التي تجعل من بين مقاصد الأمم المتحدة تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية، وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا، والتشجيع على ذلك اطلاقا بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء.
- اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/08/1949 المتعلقة بحماية المدنيين، وقد انضمت إسرائيل إلى هذه الاتفاقية بتاريخ 06/07/1951، وأقرّت الأمم المتحدة تطبيق الاتفاقية على الأراضي المحتلة.
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بتاريخ 10/12/1948.
- ملحق اتفاقية لاهاي الرابعة المؤرخة في 18/10/1907 المتعلقة بالقوانين والأعراف وقت الحرب.
ورغم هذه الهياكل التي ذكرناها، ورغم كل الشواهد الثابتة على عنصرية الصهيونية، فلقد ألغي القرار3379 وتمّت تبرئة الصهيونية من العنصرية وبأغلبية دولية مذهلة مثلما، في أواخر عام1991.
فماذا يعني هذا؟
ألا يعني أنّ هناك شروخا في الصرح العربي أثرت سلبا علينا جميعا أمام العالم! وأنّ الذين جعلوا من أمريكا وسادة ريش يهرولون إليها كلّما داهمهم السقوط، ما فتئت تجيئهم الخيبة من جديد؟ ألم نكتشف بعد قوّة العلاقة بين أمريكا وإسرائيل بما يعني إبقاء الموقف مساندا ومدعّما للموقف الإسرائيلي! ألم ندرك أوّلا وأخيرا أنّ الانحياز الأمريكي السافر حيال تل أبيب يهدف في جوهـــــره إلى إزالــــة كل ما من شأنه أن يضع (شرعية!) اسرائيل موضع شك ونقض، بعد أن تكاملت ملامح عنصريتها الكامنة فيها أصــــلا! أليس بإمكاننا الآن.. وهنا.. أن نلج ذواتنا في إطار مراجعـــة شاملة لواقعنا الأليم علّنا نرمّم ثغراتنا السافرة، ذلك أنّ التجارب أثبتت بأنّ كل انتصار تحقّقه اسرائيل هو مقدمة دراماتيكية لخسائر عربية متلاحقة، في ظل معركة لاح طولها واستمرارها، وتعرّى طرفاها المضادان للعرب: الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية!؟ مادام الامر كذلك فإنّ سلام ‘الشجعان’ لن يتم عمليا إلا وفقا لما ترومه إسرائيل ويرضي نزواتها العدوانية، وطالما أنّ الذين يصنعون القرار في تل أبيب هم في جوهرهم نظائر لأولئك الذين يصوغونه في أروقة البيت الأبيض، فإنّ اللوبي الصهيوني سيظل مسموع الكلمة وقادرا بدهاء منقطع النظير على التحكّم في اجراءات وطريقة التفاوض بين العرب واسرائيل، وسيتمكّن بالتالي من إلغاء أي قرار من شأنه المس بمصالح الدولة اليهودية..
أهي مجرد سذاجة ؟!
صالح القلاب/الرأي الأردنية
هل وصلت السذاجة بوزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى حدِّ إرسال إستجداء للروس يتمنى فيه ألاَّ تؤثر «القرم» على التعاون مع روسيا في شأن الكيمياوي السوري وكأن هذا الرجل الذي يقود السياسة الخارجية لأهم وأكبر دولة في العالم لا يدرك أن تلاعب فلاديمير بويتن بخرائط الدول الأوروبية وإحتلال جزءٍ مهم من أوكرانيا والتخطيط لإحتلال مناطق أكثر من هذه الدولة والتلويح بإحتلال مولدافيا قد وضع العالم أمام منعطف خطير كان قد حصل ما يشبهه عشية الحرب العالمية الثانية.
إن هذا الكلام «المسطَّح» الذي قاله وزير خارجية الولايات المتحدة يُظْهِر كمْ أن أميركا لا تزال لم تدرك ما يقوم به فلاديمير بوتين ولا تزال تعاني من حالة الوهن التي أصيبت بها واشنطن منذ مجيء باراك أوباما وإدارته إلى البيت الأبيض وحيث بدأت كل هذه التراجعات التي ينطبق عليها أن الإختلاف بين الحسابات السياسية والحسابات الرقمية الرياضية هي أن خطوة واحدة إلى الخلف في المواقف السياسية قد تؤدي وهي بالضرورة ستؤدي إلى تراجع بمقدار ألف خطوة.
ربما أن كيري لم يدرك حتى الآن ،رغم كل هذا الذي يقوم به فلاديمير بوتين، أنَّ الجريمة السياسية التي ارتكبتها إدارة أوباما في سوريا تحديداً هي التي جعلت الرئيس الروسي يتمادى حتى هذه الحدود الخطيرة التي قد تُقْحِم العالم إنْ على المدى القريب وإن على المدى الأبعد ليس في حرب باردة فقط وإنما في حرب ساخنة والواضح هنا ان موسكو كما يبدو ذاهبة إلى إستعادة نفوذ الإتحاد السوفياتي السابق في أوروبا الشرقية وانها قد نصَّبت نفسها بالفعل على أنها المسؤولة عن «السَّلاف» في هذه المنطقة الخطيرة والحساسة والتي كانت قد انطلقت منها الحرب العالمية الأولى.. وأيضاً الحرب العالمية الثانية.
ولذلك وبدل كل هذا الإستجداء المعيب فإن المفترض أنْ تستغل الولايات المتحدة مستجدات ما بعد إحتلال شبه جزيرة القرم وأن تعود للإنذار الذي كانت وجهته لبشار الأسد قبل التدخل الروسي والتوصل إلى إتفاقية نزع الأسلحة الكيمياوية التي من الواضح أن الرئيس السوري قد تيقن من عدم جدية الأميركيين وأن تهديداتهم هي جعجعة بلا طحن فركل هذه الإتفاقية بحذائه ولجأ إلى مماطلاته المعروفة إنتظاراً لتوجيه فلاديمير بوتين الضربة القاضية لأميركا التي ،كما يبدو، أنها لا تزال تتصرف وكأنه لا علاقة لها بكل هذه المستجدات الخطيرة بالفعل.
والمشكلة أن أميركا مثلها مثل بعض الدول العربية ومثل بعض الأوروبيين مستمرة بالحديث عن وجودٍ فاعل لمنظمات العنف والإرهاب في المعارضة وكل هذا وأوباما يعرف وكذلك وزير خارجيته ووزير دفاعه وكل الأجهزة الإستخبارية الأميركية التي لها وجود واضح على الأراضي السورية إن هذه كذبه إخترعها النظام وأن «داعش» صناعة مخابرات بشار الأسد ونظام الولي الفقيه في طهران وأن الإرهاب الأكثر خطورة هو إرهاب حزب الله وإرهاب التنظيمات التي صدَّرها الطائفيون في العراق إلى سوريا والتي تشير المعلومات المؤكدة أن أعدادها قد تجاوزت الأربع عشرة منظمة كلها تحمل عناوين مذهبية.
إنه بدل هذا الإستجداء الذي لجأ إليه كيري وهو إستجداء معيب بالنسبة لوزير خارجية أكبر وأهم دولة في العالم فإن المفترض أن يمسك وزير خارجية الولايات المتحدة بالعصا من طرفها وأن يهزها في وجه بشار الأسد وأن يطالبه ويطالب إيران والذين يقومون بتصدير كل هذه المجموعات الطائفية من العراق بوضع حدٍّ لكل هذه القوات الأجنبية التي تشارك في ذبح الشعب السوري وتهديم المدن السورية وإن المفترض أيضاً أن ينتهي الحظر المفروض على وصول أسلحة نوعية إلى الجيش الحر الذي بات يحقق تقدماً مؤثراً في ميادين القتال لا يمكن أن ينكره إلاَّ الذين يخيطون بمسلة هذا النظام الذي أوصل سوريا إلى كل هذه المآسي وكل هذا الدمار الذي لا مثيل له.
مشروع لتوطين السوريين في الدول المجاورة!
غسان الإمام/الشرق الأوسط
أكاد أغرق بدموع التماسيح التي تنهمر بغزارة في الغرب، أسفا على مليوني لاجئ سوري إلى الدول المجاورة، وعلى عشرة ملايين نازح سوري هجرهم نظام بشار من «ملكوت» دولته الجديدة، إلى سوريا الصحراوية.
وضع النظام السوريين أمام خيارين: خيار الموت من الجو ببراميل بوتين المدمرة. وخيار النزوح بسلاح مرتزقة حزب الله الذي زودتهم به إيران زاعمة أنه «لتحرير» فلسطين. فبات صالحا «لتحرير» سوريا من السوريين.
عندما سأل الوزير جون كيري الوزير جواد «ظريف» عن مسألة التدخل الإيراني المسلح في سوريا، أجاب بأن سوريا ليست من اختصاص نظام روحاني. يعني أنها من اختصاص سلطة خامنئي وميليشيات الحرس الثوري وفيلق القدس.
ماذا فعل آية الله حسن روحاني في سوريا وإيران، منذ تنصيبه رئيسا في الصيف الماضي؟ لا شيء أبدا. ما زال مال النفط ينفق على تنمية مشروع «إيران العظمى» في المشرق العربي (العراق. سوريا. لبنان. غزة) ولتشييع المغرب العربي. وسودان الترابي والبشير. ابتسامات روحاني وظريف لم تنفع في إنفاق النفط الإيراني لتحرير الإيرانيين من الفاقة والتخلف، بدلا من تبديده على مشروع العظمة الشاهنشاهي القديم.
بعد احتلال يبرود. قلعة الحصن. القصير. تلكلخ، أعلن خبراء الأزمة السورية أن بشار استكمل تأمين شريان المواصلات الرئيسي، في دولته الممتد من دمشق إلى حمص. فاللاذقية (رايح. جاي)، عبر خطوط القوات «الجهادية» المتصالحة مع القوات النظامية والإخوانية في ريف دمشق.
ينسى هؤلاء الخبراء أن «الفتوحات» النظامية الأخيرة باتت تحكم الطوق على شمال لبنان. هذا يعني، بالعربي الفصيح، أن بشار وخامنئي - بالإذن من روحاني - قد ينتهزان الظرف المناسب للانقضاض العسكري على منطقتي عكّار وطرابلس اللبنانيتين «لتطهيرهما» من الخلايا السنية النائمة والمتحركة، وضم شمال لبنان إلى وسطه وجنوبه اللذين تهيمن عليهما، بحنو، «دولة» حزب الله التي لا يمكن فصلها عن مشروع «إيران العظمى».
غرق مشروع تحرير سوريا من حكم العائلة الطائفي، بدموع وعواطف مراكز البحوث الغربية التي راحت تركز على حل سوري «بتوطين» اللاجئين، في سوريا. ولبنان. وتركيا، داعية إلى الضغط على هذه الدول، لتشغيلهم لديها، ودمجهم في اقتصادها. ومشاريع تنميتها.
للأمانة، أقول إن «التوطين» لم يرد لفظيا، بعد، في تقارير وبحوث هذه المراكز، إنما ورد في مضمونها، على النحو الذي ذكرت، فهو التوطين بعينه. إذ لم يعد واردا الحديث عن حل غربي حاسم.
أما ملايين النازحين الذين هَجَّرَهُمْ القصف الجوي الوحشي، والتصفية المذهبية التي تشارك فيها الميليشيات الشيعية العراقية. اللبنانية. الإيرانية، فمراكز البحوث التي ترفع دراستها إلى مراكز القرار في أميركا. وأوروبا، تدعو إلى إقامة «مناطق حماية» لهم داخل سوريا. وممنوع على النظام الاعتداء عليها، بمعنى أنها باتت مستقلة عن دولته.
الطريف أن الترويج للتوطين يستند إلى تصنيف هؤلاء اللاجئين إلى الدول المجاورة، بأنهم من أصحاب الكفاءة. والخبرة، في المهن والحرف. الواقع أن الأردن وتركيا هما البلدان الوحيدان اللذان أقاما «مستوطنات» لجوء لهؤلاء السوريين، فيما لم يسمح حزب الله وحليفه ومرشحه الرئاسي المسيحي ميشال عون، بإقامة مخيمات لجوء كبرى لنحو 800 ألف لاجئ سوري، بحيث يستفيدون من مشاريع الإغاثة الدولية، براحة. وبحبوحة.
هؤلاء اللاجئون في الداخل والخارج يرفضون أصلا «التوطين» ويصرون على عودتهم إلى سوريا، والمناطق التي ولدوا. وعاشوا. وطردوا منها. لكن عددا كبيرا منهم دمجوا أنفسهم في الاقتصادين الأردني. واللبناني نتيجة لتعاطف الأشقاء الأردنيين واللبنانيين معهم، على الرغم من رقة حال هؤلاء المضيفين، وعلى الرغم من القوانين والإجراءات الرسمية المضادة للتشغيل.
وتركز دراسات مراكز البحوث الغربية على الأردن بالذات، ليكون أنموذجا «لتوطين» السوريين (نحو 700 ألف لاجئ)، باعتبار أنه نجح في توطين واستيعاب مليوني فلسطيني منذ عامي النكبة والنكسة (1948 - 1967).
غير أن الذي حدث عمليا هو أن مشروع «التوطين» يجري البحث في تمويله، في مؤتمرات ولقاءاتٍ بعضها خاص بالأردن. وبعضها خاص بلبنان. وتطالب تركيا أيضا بمشروع دعم مماثل. أما العراق الغني فيقدم دعما شحيحا لمائة ألف لاجئ سوري، بحجة أنهم لا ينسجمون مع طائفية نوري المالكي، وميوله وارتباطاته الإيرانية.
يبدو واضحا أن أميركا وأوروبا صرفتا النظر (مؤقتا) عن ترحيل نظام بشار، بعد فشل مؤتمر جنيف الثاني، وبعد الاتفاق الأولي لتبطئة مشروع إيران النووي. ولم يعرف بعد ما إذا كان نظام خامنئي/ روحاني، سيحصل على رتبة «صديق» متعاون مع الغرب.
خوف العرب كبير من اعتراف الغرب بضرورة «إبقاء» سوريا في فلك مشروع «إيران العظمى»، على الرغم من أن 25 مليون إنسان ليس بينهم سوى مائة أو مائتي ألف شيعي. (أقل من عدد الأكراد الأيزيديين). وعلى الرغم من كل جهود التشييع التي سمح بها الأب والابن.
وهكذا، فمشروع حل الأزمة السورية، في المنظور الغربي، تراجع عن تأهيل بشار للرحيل هو ونظامه. بل هناك دعوة للتعاون معه في تصفية «الوجود الجهادي» في مناطق المعارضة السورية. وعلى هذا الأساس، تم منع الدول العربية المانحة من تقديم سلاح ثقيل كاف لإزاحة هذا النظام الإرهابي، أو على الأقل، سلاح كاف لطرقه وتليينه، بحيث يغدو نظاما ديمقراطيا (لا تضحك) يتعاون مع معارضة مسلحة لا علاقة لها بالديمقراطية.
لم يقدم الوسيط العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي استقالته، بعد فشله في جنيف 2، لعقد مصالحة «تبويس شوارب»، بين الطرفين السوريين المتنازعين. لم يحفظ ماء الوجه، كما فعل ورحل سلفه الوسيط كوفي أنان.
بل ها هو الإبراهيمي يطير إلى طهران لإقناع أصحابها بالضغط على النظام السوري للقبول بتسوية «تبويس الشوارب». ولم تبادر الجامعة العربية إلى سحب تفويض العرب له. ربما تنتظر هي الأخرى. لعل وعسى أن ينجح في طهران!
استقال مساعد الإبراهيمي الفلسطيني ناصر القدوة. وأجبرت المخابرات السورية مدير مكتبه بدمشق على الاستقالة. حتى نظام بشار يرفض التعاون معه، خوفا من أن ينجح في تمرير تسوية «تبويس الشوارب»، من البوابة الإيرانية. الروسية. الغربية المستحيلة.
طالت. استطالت. استحالت التسوية الفلسطينية، بعدما عاشت كقضية لاجئين، وليس كقضية قومية. فهل يتعين أن يعيش السوريون المنكوبون، كقضية، لاجئين يكفيهم حلا توطينهم لدى أشقائهم!
شكرا لألمانيا. السويد. فرنسا. أميركا. فهي تفاخر بأنها حلت الأزمة السورية. فقد وطَّنت لديها مائة ألف لاجئ سوري، ربما اعتبروا رموزا تعوض عن توطين 25 مليون سوري في بلدهم.
العرب يستعدون لمعاتبة أوباما الزائر. باستباق حضوره بعقد مؤتمر قمة عاجل. مسكين الشيخ صباح الأحمد. المطلوب منه تحقيق مصالحة خليجية، وهو الخارج من غرفة العمليات الجراحية في مستشفى أميركي منذ أيام قليلة. أما الإيرانيون وعربهم، فهم يزعمون أن أوباما آتٍ لإعادة «ترتيب» أوضاع المنطقة، وكأن إيران ليست بحاجة إلى «ترتيب» أو تقييم أوضاع، بعدما «خربطت» المشرق العربي، بحلفها الجهنمي مع الأسد الأب قبل أكثر من ثلاثين سنة.
رسالة إلى المشير السيسي (قال يعني هتوصل)
معتمر أمين/المصري اليوم
السلام عليكم يا سيادة المشير. تحية احترام وإعزاز وتقدير. أعرف أن وقتك لا يسمح ولذلك سأختصر. لكن اسمح لي بكلمة قبل أن أبدأ الرسالة أشكرك فيها على ما فعلته لمصر في ثورة يونيو 2013 وعلى كلماتك الراقية التى لمست قلب ووجدان كل وطني مصري مخلص لبلده. وأرجو أن يتسع صدرك لكلماتي وانا أعرف عنك حسن الإنصات بإمعان.
يا سيادة المشير، أصبحنا نسمع عنك أكثر ما نسمع منك، وكل يوم نرى أشخاصًا يتحدثون باسمك ثم يخرج علينا من يكذب المتحدث. لا يهمني البلبلة ولكن يهمني «صمتك». فنحن نتوسم فيك شفافية أكثر من ذلك. سمعتك يوم تحدثت بالأمس القريب وأعلنت نيتك للاستجابة لمطالب الشعب، وقلت إنك لن تدير ظهرك للناس، وقلت «اصبروا». ولا مانع من الصبر، لكن المانع في المنغصات التى نسمعها يوميا تتحدث باسمك، حتى بدأ سؤال يتردد ويلح على الناس، «هل رجال مبارك عائدون»؟ ولماذا يدفع السيسي ضريبة الملتصقين به؟
في بداية تعيينك كوزير للدفاع ظن البعض أنك من «أنصار» الإخوان، واليوم نعرف جيدا من هو السيسي. ثم اليوم هناك من يظن أنك لا تمانع في عودة بعض رجال نظام مبارك، ولكني أزعم أني أعرفك وأن الأمر على خلاف ما يظنون. لكن يا سيادة المشير «العيار الاي ما يصبش يدوش». لماذا تترك الناس للظنون؟ هذا وأنا واثق من قدرتك وعلى دراية بكفاءتك وأعلم أنك تستطيع.
هذا، وأنت مقبل يا سيادة المشير على أمر جلل، وإليك المعضلة. أنت تتقدم إلى العمل العام من باب وجدان المصريين وقلوبهم المرحبة، لكن هذا لا يكفي واسمح لي أن أسأل، أين مشروعك السياسي؟ أين تنظيمك السياسي؟ المعضلة هنا، أنك لو أتيت دون تنظيم سياسي حولك فستتحول إلى رئيس شعبوي في غمضة عين. ولو بادرت بإنشاء حزب بعد وصولك للرئاسة (بمشيئة الله) فسيتحول إلى الحزب الوطني الجديد في لمح البصر! وأعرف ان هناك من ينادي بتشكيل مجلس أمناء على غرار لجنة الخمسين يكون بمثابة جبهة موصولة بكل روافد المجتمع فيصبح القرار المصري ليس نابعا من شخص ولكن نابع من جبهة تمثل الشعب المصري. وهذه مشكلة أخرى بحجم الاتحاد الاشتراكي.
قد يكون طرح جبهة الأمناء أو جبهة البناء حلا منطقيا لكن يظل مؤقت الطبيعة ولا يمكن أن يكون دائما. فالعالم المعاصر لما تخطى الأحزاب لم يرتد إلى الجبهات الجامعة ولكن انتقل إلى مجموعات المصالح وجماعات الضغط ذات الاهتمام المشترك. لذلك إذا كان لابد من عمل مجلس أمناء للبلد يمثل أعضاؤه مختلف روافد المجتمع، فلابد إذا أن يكون ذا صبغة «مؤقتة» وله هدف محدد يسعى لتنفيذه خلال «مدة محددة» ثم يتحول هذا الكيان إلى كيانات أخرى أو ينتهى تمامًا ليفسح الطريق أمام قوى التغيير الطبيعية التى تريد التعبير عن نفسها بطريقة غير جبهوية! وإلا لا داعي لعمل محليات وبرلمانات ونكتفي بالمجالس والنقابات المعينة!
لكن أين المشروع السياسي يا سيادة المشير؟ أنا لا أفهم أن تكون المصالحة مثلا مشروعا سياسيا! ولكني أفهم أن نمكن للشعب المصري ومؤسساته واتجاهه وفكره ثم يظهر وقتها قوى على يمين ويسار المجتمع ثم نتكلم عن مصالحة بعد التمكين لو كنا في حاجة إليها!
المشروع السياسي ليس كماليات ولكنه أمر ملهم ومحفز لطاقة الأمة. صحيح أن تجسيد حلم الناس في مشروع سياسي أمر غير هين، وبحاجة إلى وقت وقد أخذ محمد على باشا سنوات وكذلك جمال عبدالناصر حتى تفاعلوا مع التاريخ وروح العصر وخرجوا بمشروعات سياسية كبرى. لكن صحيح أيضا أن المشروع السياسي أساسه الرؤية! فأين هيه أو حتى لمحه منها؟
ونصل إلى مربط الفرس ونتساءل بكل صدق النوايا، هل ما سمعناه يا سيادة المشير من بعض الناس عن ملامح ما يسمى برنامجك الانتخابي هو بالفعل ما تسعى لتحقيقه؟ لقد سمعنا لمحة من مشروع انتخابي على وزن «تحديث مؤسسات الدولة ونظم إدارتها» مما أصابني بالصدمة! لو كان هذا هو المشروع فأنا أكاد أجزم بأنه مشروع مقتبس من أحد مرشحي انتخابات الرئاسة في 2012، وهو مشروع يصلح بالكاد كبرنامج انتخابي لرئيس الوزراء ناهيك أنه مشروع لا يجسد أحلام شعب ولكنه يتصدى لمشاكل نوعية واحدة كبيرة تواجهها مصر!
ما أفهمه عن البرنامج الانتخابي يا سيادة المشيرة أن يكون «هدفًا» بطعم الحلم، يلهم الجماهير لتدفع بأفضل ما لديها وتتفانى في العطاء من أجل الغد الأفضل الذي ننشده جميعا. أين أحلام الناس التى تنشد العدالة الاجتماعية؟ وهل هناك عدالة اجتماعية بدون تعليم يحسن فرص الفقير في المنافسة ودون صحة تقوي جسد الفقير على العمل ودون مراكز للتدريب التحويلي تتفاعل مع ملايين العاطلين لإيجاد فرص عمل؟
أين أحلام الناس من إعادة هيكلة الاقتصاد الوطني لكي يصبح توزيع الثروة والدخول عادلة بل منحازة للفقراء؟ هل ستبقى قناة السويس محطة تحصيل رسوم؟ والسياحة مجرد سياحة شواطئ؟ والتدفقات النقدية معتمدة على المعونات والقروض؟ أين الضريبة العقارية؟ وضريبة الثروة (التحرير)؟ أين إعادة هيكلة الدعم من عيني إلى نقدي وتحرير الأسواق؟
هل سنظل أسرى تصدير الخامات فقط بدون تنمية حقيقية للصناعات التحويلية؟ أين نقاط التجارة العالمية؟ وجعل مصر سوقًا كبرى للمال؟
أين خطة الاكتفاء الذاتي من الزراعات الاستراتيجية؟ وهل هناك رؤية لتحويل الديون إلى استثمارات بعد أن وصلت الديون إلى 90% من الناتج القومي المحلي؟
أين خطة الاستخدام الأمثل لموارد البلد وقدراته التعدينية؟ أم أننا سنتفاجأ يوما ما بأن منجم السكرى للذهب على سبيل المثال لا الحصر، استنفد ما يملك وكل الاستفادة منه كانت بناء محطات صرف صحي لم تغط المطلوب جغرافيا!!
من قال إننا بحاجة إلى استثمار بالمليارات في الطاقة النووية تؤتي ثمارها بعد سنوات طويلة؟ أين الطاقة البديلة والمتجددة؟ وهل فعلا سنعود للفحم؟ وماذا عن الطاقة الشمسية في بلد يقع كله في وسط الحزام الشمسي؟
أين تعمير سيناء؟ والمدن الحدودية؟ وهل سنبقى 27 محافظة تحتل 22 منها 5% من مساحة مصر و5 منها 95% من المساحة؟ وهل ستبقى محافظات الصعيد محرومة من الامتداد إلى البحر الأحمر؟
أين كرامة المصري ومصر من الانبطاح أمام أسرائيل؟ وأين خطة التصدي لإثيوبيا؟ وأين خطة تأمين مياه النيل؟ وأين خطة العودة إلى أفريقيا؟ وهل سنظل دولة مباركية بلا تحالفات حتى خسرنا كل دوائر النفوذ المصري؟ ناهيك عن قوانا الناعمة!
أين تقدير الموقف؟
آسف على الإطالة يا سيادة المشير وأشكر لك سعة صدرك، وأرجوك أن تلاحظ، أن الفترة السابقة تم الجري بنا في مسارات أخرى غير مجدية! فمن قال إننا بحاجة إلى قانون للتظاهر كل ما جنينا من ورائه هو كره بعض الشباب وبعض القوى السياسية للمسار الذي نحن فيه؟ أدعو الله لك يا سيادة المشير أن ينجيك من الإخراج «المباركي». وأقصد بذلك إخراج المشهد الذي ترى فيه المسؤول يذهب ليفتتح عشرة مشروعات في يوم واحد بغية إحداث تأثير معين لدى الجمهور. فيفتتح كوبرى أو أكثر، وكلية أو اكثر، ويتفاجأ بجهاز للتشخيص أو أكثر. لماذا لا يتم هذا في توقيتات طبيعية. بمعنى ما يجهز يتم افتتاحه؟ ثم هل نطمح أن ننتقل إلى العصر الذي يذهب فيه رئيس الحي لافتتاح كوبري، ويذهب فيه المسؤول الكبير إلى ما هو أبعد من ذلك؟
مرة أخرى آسف على الإطالة وأشكر لك سعة صدرك وأعلم مدى ترحيبك بالنقد وبالرأي المخالف. وأنا لا أخشى منك بل أخشى عليك، وأرى فيك قدرة على العطاء وكفاءة في الأداء وأتمنى لو نسمع منك وليس عنك! وأرجو أن تنوع من المعاونين الذين يعاونونك في الحياة السياسية. هذا وأنا أعلم مدى تميز رؤيتك السياسية التى بنيتها من طول مدة عملك على رأس جهار مختص بالتحليل وقراءة الموقف وطرح السيناريوهات والتحليلات. فالتلميح الذي نراه يخرج منسوبًا لأحد محسوب عليك كفيل بتنفير المزيد من الناس، فلماذا تدفع ضريبة من يلتصق بك؟
أعرف أن مسؤوليتك كوزير للدفاع تحتم عليك أمورا بيعنها ولكن أين مسؤوليتك أمام الشعب؟ تحدث حتى نراك ونسعد بك، وأدعو الله ألا تدفع ضريبة من حولك وأن يرزقك الله بالبطانة الصالحة التى تفهم روح العصر الذي نعيش فيه. أنت لست في حاجة إلى حملة انتخابية، ولكنك بحاجة إلى مشروع سياسي ورؤية تنموية. وفقك الله وسدد خطاك..
تحية إعزاز وتقدير واحترام.
قبل النطق بالحكم على إخوان مطاى
حمدي رزق/المصري اليوم
قبل أن يدهسك قطار الدهشة من إحالة أوراق 528 إخوانيًا فى اقتحام قسم شرطة (مطاى) إلى فضيلة المفتى، وقبل أن تخبط رأسك فى أقرب حائط، فى محاولة جادة لفهم قرار المستشار سعيد يوسف، رئيس محكمة جنايات المنيا (الرهيب)، بإحالة هذا العدد الضخم للإعدام، وقبل أن تستنكر وتستنكف وتحس بوجع فى الضمير وألم فى المعدة، وقىء مفاجئ، وإحساس عارم بالصدمة، وقبل أن تضرب كفا على كف، وتحوقل وتحسْبِن على من ظلمهم.
وقبل أن تمتدح أو تذم المستشار سعيد (ينظر الآن فى أمر 683 إخوانيا آخرين فى اقتحام قسم شرطة العدوة)، عليك أن تستجمع ما تبقى من قواك العقلية، وتتهيأ نفساويًا لمشاهدة ما شاهده القاضى، وترهف السمع منصتًا لما سمعه، ستشاهد جنونًا مطبقًا، وتسمع همهمات وحشية، ما جرى فى اقتحام قسم شرطة (مطاى ) توحش، كلاب عقورة، حتى الجثث لم تفلت من بين أسنانها.
لو كنت مكان المستشار يوسف وشاهدت بالفيديو قتل العقيد مصطفى العطار (نائب المأمور)، وهجوم متوحشى الإخوان على جثته المسجاة عارية فى استقبال المستشفى العام، ومحاولات مجرمة لخطفها والتمثيل بها، والشيخ يستعطفهم ويتذلل لأزلامهم، حرام عليكو!!
وتشاهد طبيبًا إخوانيًا فى استقبال المستشفى يخون القَسَم ويقتل العقيد عامدًا، يمنع عنه المحاليل والدم فى النزع الأخير، المجرم يضربه بأسطوانة الأوكسجين، يزهق روحه، وسط تهليل وتكبير، ولو احتملت ستشاهد وتسمع بأذنيك متوحشا بدقن وزبيبة يصر على التبول على الجثة، «عاوز أشخ عليه ابن.....»، والفيديو معنون «الإخوان.. نائب مأمور مطاى تعذيبه حتى الموت».
وعليك قبل أن تحاكم القاضى أن تشاهد الإخوان الهمج المتوحشين وهم يسحلون الضابط كريم فؤاد فى الشارع أمام القسم، يزفونه كلص، ويضربونه بالأيدى وبالعصى ومواسير المياه وبأحذيتهم القذرة، علقة موت، وهم يكبرون الله أكبر، الله أكبر، وتسمع صرخات الضابط الشاب تشق عنان السماء ألمًا، وصوتا لايزال لديه عقل وضمير يتمتم: والله حرام اللى بتعملوه.
شاهدوا الفيديوهات، متوافرة على اليوتيوب، شاهدوها قبل أن تحاسبوا القاضى، حاسبوهم قبل أن تحاسبوا، لا يروعنكم قرار الإحالة إلى المفتى، شاهدوا قبل أن تحكموا، واحكموا بعد أن تشاهدوا، لا تقفوا أمام الحكم عاجزين عن التفكير والتفسير، لا يسحبكم موج الاستنكار الذى سيغرق المستشار والقرار فى الخطيئة، ويعمد إلى أن يغفر لهؤلاء القتلة سابقة إجرامهم.. فقط لكثرة عددهم.
عفواً، لن أترك لعقلى أبدا العنان ليرفض حكمًا رادعًا فاصلًا بين شريعة الغاب وشريعة القانون، بين حكم المرشد وحكم المستشار، لن أتعاطف مع متوحشين، فقط لأن عددهم كبير، ولكن ينقصنا التدقيق، من هم القتلة الحقيقيون بين هؤلاء المجرمين على وجه اليقين؟