المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملف الليبي 229



Haneen
2014-04-09, 11:32 AM
<tbody>
الملف الليبي
229



</tbody>

<tbody>
السبت
1-2-2014



</tbody>


<tbody>




</tbody>

<tbody>
"غرفة عمليات ثوار ليبيا" ميليشيا مثيرة للجدل



</tbody>


معهد العربية للدراسات
بقلم : كامل عبد الله
جددت عملية اختطاف مجموعة من أفراد البعثة الدبلوماسية المصرية في العاصمة الليبية طرابلس، يوم الجمعة والسبت الماضيين في 24 و25 من يناير الجاري، الجدل حول الدور الذي تقوم به "غرفة عمليات ثوار ليبيا" وهي مليشيا شبه رسمية مُنحت الشرعية من قبل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، كقوة مساندة لدعم قوات الجيش والشرطة الوليدة من أجل تأمين العاصمة طرابلس والمقرات الرسمية بها.
وجاءت عملية اختطاف طاقم السفارة المصرية في طرابلس الغرب كرد فعل على قيام سلطات الأمن المصرية باعتقال شعبان هدية المكني بـ "أبو عبيدة الزاوي" في مدينة الاسكندرية يوم الخميس الماضي 23 يناير الجاري أثناء وجوده هناك وفي ظروف غامضة. وبينما قالت وزارة الداخلية المصرية أن توقيف هدية جاء إثر انتهاء اقامته في مصر واعتباره موجود بشكل غير شرعي، ذكرت تقارير اعلامية في مصر أيضا أن توقيفه جاء على خلفية قيامه بعقد اجتماعات سرية مع منتمين لجماعة الاخوان المسلمين التي سبق ان اعلنتها الحكومة المصرية انها "جماعة ارهابية"، كما ذكرت تقارير اعلامية أخرى أن الرجل كان يعمل ضمن الجماعات الجهادية وهو ما تتطلب توقيفه نظرا للظرف الأمني الحساس في مصر وليبيا.
وتحت التهديد المستمر والانفلات الأمني الذي تشهده ليبيا، اضطرت الحكومة المصرية إجلاء العاملين بالسفارة المصرية في طرابلس وكذلك العاملين في القنصلية العامة ببنغازي، يوم الأحد الماضي 27 يناير الجاري، في خطوة يمكن عدها تصعيدا في العلاقات مع ليبيا جراء ما حدث. وفي مساء يوم الاثنين التالي لسحب مصر طاقمها الدبلوماسي من طرابلس افرجت مصر عن هدية، وسلم الخاطفون فريق السفارة الى وزارة الداخلية الليبية، وسط حالة من غياب المعلومات الدقيقة عما يحدث.
واعتبرت "غرفة عمليات ثوار ليبيا" التي يقودها هدية، أن الأمر مكيدة مدبرة ولم تستبعد تورط رئيس الحكومة الليبية علي زيدان نفسه في القيام بالوشاية ضد "هدية" لدى السلطات الأمنية المصرية لاعتقاله، حتى أنها نشرت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" انتقادات حادة لحكومة علي زيدان واتهمتها بالتقصير تجاه اعتقال هدية في مصر مقارنة بما تم إبان توقيف العنود إبنة رئيس جهاز المخابرات الليبي السابق عبد الله السنوسي في آواخر 2012 حتى الافراج عنها في وقت سابق من عام 2013. كما اعتبر ذلك الأمر رد بالمثل على ما قامت به السلطات المصرية تجاه مواطن ليبي يشغل منصبا اعتباريا بعد ثورة السابع عشر من فبراير. واشترط وصول هدية إلى مطار طرابلس مقابل إطلاق سراح الدبلوماسيين المصريين المختطفين.
ولم تستبعد "غرفة عمليات ثوار ليبيا" أيضا دور عناصر النظام السابق المقيمين في مصر من تورطهم في الوشاية بهدية مستغلين تاريخه السابق، وهو ما ذهب إليه واتفق معه في هذا الطرح السفير الليبي لدى القاهرة محمد فائز جبريل خلال حديثه لوسائل الاعلام المصرية، وهو ما اتجهت إليه الحكومة الليبية في طرابلس أيضا لتبرير موقفها أمام غرفة عمليات الثوار التي انتقدت بطء تحركاتها تجاه عملية التوقيف.
اتهامات وانتقادات "غرفة عمليات ثوار ليبيا" لحكومة علي زيدان لا يمكن استبعادها من المشهد، نظرا لكون الأخيرة سبق وأن تورطت في عملية اختطاف زيدان نفسه في أكتوبر الماضي، مع "لجنة مكافحة الجريمة" رغم محاولاتها النفي المتكرر. وهو ما يجعل من باب الاتهام مواربا.
لكن خطورة الخطوة الأخيرة التي قامت بها الغرفة ونفتها أيضا، تكمن في أن ردود أفعالها تجاه ما ترفضه من تحركات وسياسات رسمية تخطى الحدود، وبات من الممكن أن يدخل ليبيا في مواجهات خارجية، هي الآن في غنى عنها، في ظل الوضع المترهل على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى علاقاتها الخارجية.
غرفة عمليات ثوار ليبيا
تشكلت "غرفة عمليات ثوار ليبيا" من مجموعة من الثوار السابقين الذين قاتلو ضد نظام القذافي خلال ثورة السابع عشر من فبراير 2011، وهم مجموعة يغلب على قياداتها الطابع الاسلامي ومنهم من كان ضمن الجماعة الليبية المقاتلة التي خاضت معارك شرسة مع نظام القذافي خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي. وأعلن عن تكوينها بشكل رسمي في يونيو 2012 وتم شرعنتها في يوليو من نفس العام بقرار رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين في ذلك الوقت. وتتمركز في العاصمة طرابلس بشكل رئيسي حسب ما نص عليه قرار تكليفها الصادر من رئيس المؤتمر الوطني العام في يوليو 2013.
ويبدو أن الخلافات السياسية دائما ما تدفع هذه المجموعة التي يغلب عليها طابع الشباب أيضا، إلى التحرك باندفاع نحو قرارات غير مدروسة كتلك التي حدثت عن اختطاف رئيس الوزراء علي زيدان أو حتى عند اختطاف أفراد البعثة الدبلوماسية المصرية.
في يوليو 2013 أصدر رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين باعتباره قائدا اعلى للقوات المسلحة الليبية قرارا يقضي بتكليف الشيخ شعبان مسعود هدية، الملقب بـ(أبو عبيده الزاوي)، رئاسة "غرفة عمليات ثوار ليبيا" وتوليها مسئولية توفير الأمن والحماية في العاصمة الليبية طرابلس. ورغم ان القرار لقي انتقادات لم ترقى للمجاهرة بها في بداية الاعلان عن منح الغرفة الشرعية من قبل المؤتمر الوطني العام باعتباره اعلى سلطة في البلاد، إلا أن الانتقادات مع مرور الوقت بدت تتزايد بسبب إصرارها على معاملة المسئولين الليبيين بالمثل مع المواطنين، ولم تراعي حصانتهم وهو ما كان يثير حفيظة كبار رجال الدولة في ليبيا.
وتقول الصفحة الرسمية لـ"غرفة ثوار ليبيا" عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إنه جرى تكوينها بناء على تنادي الثوار الأحرار من كل ربوع ليبيا ومجموعات الشباب المنتسبين لكتائب وسرايا الثوار المنتشرة في مدينة طرابلس إثر تحريرها، من أجل وضع حد للفساد المستشري في البلاد، ومحاولات بعض المسئولين في الحكومة والمؤتمر تمكين بعض المحسوبين على النظام السابق من مفاصل الدولة، وهو ما تعتبره "غرفة عمليا ثوار ليبيا انحرافا في مسار ثورة السابع عشر من فبراير.
وتهدف غرفة عمليات الثوار إلى الحفاظ على الهوية الاسلامية للشعب الليبي والدولة الليبية، وان تتخذ من المنهج الاسلامي منهجا للحياة لـ "تنضبط به العقائد والسلوك والأخلاق" ومن هذا المنطلق تدعو "إلى أن تكون الشريعة الإسلامية مادة فوق الدستور ولا يستفتى عليها الليبيون باعتبارهم مسلمون جميعا". كما ترى أن ليبيا دولة موحدة ذات سيادة وغير قابلة للتقسيم والتجزئة وترفض اي شكل من اشكال التدخل الاجنبي في شئون الدولة الليبية، وتعلن استعدادها لمقاومة ذلك واعلان حالة الطوارئ في كامل البلاد من أجل اعادة الامور الى نصابها كما تسميه، كما تدعو الى اعادة هيكلة القضاء وتفعيل ديوان المحاسبة، ومجموعة أخرى من الأهداف النبيلة حسب ما هو منشور على صفحة الغرفة.
بعد حادثة اختطاف زيدان زاد الجدل حدة داخل أروقة المؤتمر الوطني العام من أجل وضع حد لتصرفات الغرفة التي بات يعتبرها البعض أنها أصبحت لا تطاق نظرا لتدخلها في كافة الأمور وأصبحت لها سطوة كبيرة تفوق سلطات الأمن الرسمية بعد ان تم منحها الشرعية، لكن وتحت الضغط الشعبي واعضاء من المؤتمر المعترضين على اشتراك الغرفة في اعتقال زيدان اضطر رئيس المؤتمر ان يصدر قرارا اخر يقضي بضم الغرفة كأفراد إلى رئاسة الاركان العامة للجيش الليبي من اجل احتواء الغضب المتزايد تجاهها في الشارع الليبي وداخل المؤتمر.
من هو شعبان هدية
يشغل هدية منصب رئيس ما ـ"غرفة عمليات ثوار ليبيا" حسب ما نص عليه قرار منح الشرعية من المؤتمر الوطني العام الصادر في يوليو 2013، وهو أحد قادة الثوار الميدانيين خلال المواجهات مع نظام العقيد معمر القذافي، وكان أحد قيادات "المجلس العسكري لمدينة الزاوية". وهو الآن يتحكم في قوة تقدر ببضعة آلاف من المسلحين وتسيطر على كافة مداخل ومخارج العاصمة الليبية طرابلس.
واسمه الحقيقي هو شعبان مسعود خليفة هدية ومكنى بأبو عبيدة الزاوي ويحمل شهادة جامعية في اللغة العربية، ويدرس حاليا في مرحلة الدكتوراه بجامعة الاسكندرية المصرية، حسب مقربون منه، ويعمل في "الأعمال الحرة" وسبق له ان تعرض للسجن والتوقيف أكثر من عشر مرات اعتبارًا من عام 1989. وسافر إلى اليمن عام 1993 للدراسة الشرعية، وظل فيها قرابة عشر سنوات وعملت مدرسا في نفس المعهد الذي درس فيه وقام بكتابة بعض الكتب وتحقيق أخرى. وأشرف على تعليمه الشيخ اليمني مقبل الوادعي صاحب مركز الدعوة السلفية الشهير في قرية دماج اليمينة الذي تحول مع مرور الوقت إلى مقصد لمئات السلفيين من اليمن وخارجها، وقد لازمه هدية حتى وفاته، قبل أن يقرر العودة بعد ذلك إلى ليبيا.
أشهر العمليات
منذ الاعلان عن تشكيل غرفة عمليات ثوار ليبيا منتصف العام الماضي، وهناك أصوات تنادي بضرورة وضع حد لتصرفات هذه المجموعة باعتبارها تتعدى على حريات الاشخاص، حيث سبق وان قامت بتفتيش سيارات عدد من كبار رجال الدولة في ليبيا ومنهم سيارة رئيس الوزراء علي زيدان نفسه في يونيو الماضي، وقالت المجموعة أنها عثرت على مخدرات وأسلحة وحبوب هلوسة وهو ما ذكرته أيضا لجنة مكافحة الجريمة في طرابلس شريكتها في تنفيذ اعتقال علي زيدان فيما بعد ذلك بأربعة اشهر في اكتوبر الماضي.
لكن تعد عملية اختطاف واحتجاز رئيس الوزراء الليبي الحالي علي زيدان من أشهر العمليات التي تورطت فيها هذه المجموعة والتي نفذتها بالاشتراك مع لجنة مكافحة الجريمة رغم أنها أكدت في البداية قيامها بهذا الأمر وتراجعها عنه فيما بعد. الأمر الذي زاد من حنق الشارع الليبي على أدائها وأضاف المزيد من الحجج للمطالبين بضرورة حلها وتسريح أفرادها.
ورغم انها بررت قيام ذلك نظرا لتورط زيدن فيما سمته قضايا جنائية الا انها اكدت واستندت على ان الاعلاني الدستوري الجاري العمل به في ليبيا الان والصادر عن المجلس الوطني الانتقالي السابق في أغسطس 2011 لا يمنح اي حصانة لرئيس الحكومة.
العملية الثانية الأبرز والتي قامت بها هذه المجموعة والأخيرة كانت اختطاف المصريين العاملين في السفارة المصرية في طرابلس ورغم انها من قامت بها الا ان نفس الامر تكرر حيث خرج الناطق باسمها عادل الغرياني على احدى القنوات الليبية ليؤكد مسئوليتهم عن الاختطاف من اجل الضغط للإفراج عن قائد الغرفة المعتقل في مصر إلا ان الغرفة نفت تصريحاته ونفت علاقتها بعملية الاختطاف وهو تكرار لما حدث.
فيما تلاحق الغرفة اتهامات كثيرة حول تورطها في اعتقالات لعدد من المواطنين واحتجازهم في ظروف صعبة غير مطابقة لمعايير حقوق الانسان في اماكن سرية، إلا أن هذه الاتهامات لا تتوافر أدلة حقيقة سوى بعض الاتهامات من الخصوم.
وترجع هيمنة المجموعة في حالة الارتباك الذي تعيشه السلطات الرسمية في ليبيا الممثلة في المؤتمر الوطني العام والحكومة على كافة المستويات، حيث الازدواجية سمة مميزة لكافة القرارات التي تصدر سواء من الحكومة ومن المؤتمر، وهو ما يوفر مساحة كبيرة من الحركة لهذه المجموعة في الضغط والابتزاز، سيما في مثل هذا التوقيت الذي يشهد صراعا حول مصير حكومة علي زيدان التي لم تنجح في بسط الأمن بسبب غياب أي خطط للتعامل مع الوضع الأمني الهش الذي تعيشه البلاد.

الارتباطات السياسية
من المنطقي ان تكون "غرفة عمليات ثوار ليبيا" التي يقودها الاسلاميون مقربة من الجماعات الاسلامية في ليبيا الجديدة، وهو أمر لا يمكن استبعاده، فبنظرة متفحصة حول عمليات الاختطاف التي تورطت فيها الغرفة، يبدو جليا أن أكبر المستفيدين من ذلك هم تيار الاسلام السياسي، والممثل داخل المؤتمر الوطني بكتلة "العدالة والبناء" الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الليبية، وكذلك كتلة "الوفاء لدماء الشهداء" التي يقودها عبد الوهاب القايد، شقيق القيادي في تنظيم القاعدة أبو يحيى الليبي.
وبحسب ما أعلنه علي زيدان عقب الافراج عنه بعد اختطافه في اكتوبر الماضي، فإن عضوي المؤتمر الوطني العام عن مدينة الزاوية محمد الكيلاني ومصطفى التريكي الإسلاميين متورطان في اختطافه، الأمر الذي يمكن يشير الى وجود رابط وثيق يجمع بين "غرفة عمليات ثوار ليبيا" والقوى الاسلامية داخل المؤتمر.
وتفرض النزعة الاسلامية للغرفة صورة أكثر وضوحا للموقف تجاه ما يجري في مصر، وهو امر لا يمكن استبعاده حيال تفسير عملية الاختطاف، حيث تنظر الغرفة الى ما حدث في مصر بأنه انقلاب مثل باقي القوى الاسلامية في ليبيا، وتنظر لما حدث مع هدية على انه استمرار لمسلسل تعقب واعتقال الاسلاميين، خاصة أنها تعلم أن الحكومة المصرية تعتبر جماعة الاخوان جماعة ارهابية، وهي خطوة يمكن فهمها على أنها قررت مبكرا تصعيد الموقف من أجل انقاذ قائدهم من بطش السلطات المصرية حسب ما تراه.
العلاقات بين مصر وليبيا
تتسم العلاقات بين مصر وليبيا خلال الفترات الأخيرة بانعدام الاستقرار والفشل في تحقيق شراكة استراتيجية حقيقة بين البلدين، ازدادت بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو 2013، التي اختلفت حولها السلطات الرسمية سواء داخل المؤتمر الوطني العام، أو داخل حكومة علي زيدان المنقسمة على نفسها أيضا.
وبالرغم من توافر كافة العوامل التي من الممكن ان تساعد على قيام علاقات استراتيجية قوية وتحقق نفعا متبادلا يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار بين البلدين، فالجوار الجغرافي والتشابك الاجتماعي، وتوفر الأرض الزراعية والأيدي العاملة في مصر في مقابل تمويل وافر في ليبيا يحقق الحد المرغوب لانطلاق برامج اقتصادية تكاملية ناجحة على المستوى الاقتصادي في حال ادرك البلدان أهمية كل منهما للآخر.
ونظرا لتردي الوضع في ليبيا وغياب الدولة التام عن المشهد، وسطوة الفاعلين المحليين الذين لا يمكن السيطرة أو التنبؤ بأفعالهم، كون هؤلاء الفاعلين غير مترابطين كمجموعات متماسكة، أو حتى تملك أهدافا واضحة ومحددة يمكن فهمها والتعامل معها، نجد أن الوضع في ليبيا لا يحتل أهمية كبيرة لدى السياسة الخارجية في مصر على غرار نظيرتها في الخليج العربي. وذلك بالرغم من أن عدد الجالية المصرية في ليبيا يعتبر هو الأكبر من بين الجاليات المصرية في الخارج.
ومنذ انطلاق ثورات الربيع العربي تعاني العلاقات المصرية-الليبية تأزما مكتوما، على خلفية تردي الوضع الأمني وعدم قدرة الجانب الليبي على ضبط حدوده المترامية مع مصر ووضع حد لتزايد عمليات تهريب السلاح بمختلف أنواعه منذ سقوط نظام القذافي. ورغم حرص الجانب الرسمي في كلا البلدين على ضرورة معالجة هذه المشكلة من خلال لجان مشتركة، إلا أن الوضع الليبي نفسه يعرقل أي تقدم في هذا الملف.
ومن المتوقع أن تلقي عملية الاختطاف الأخيرة بظلال سلبية على علاقات البلدين خاصة لدى الجانب المصري الرسمي، الذي أعلن مبكرا عن سحب كل العاملين في السفارة الى القاهرة. وهو مؤشر ربما ينبئ بأن القاهرة ستولي الأمن أهمية أولى وقصوى في علاقاتها أكثر من أي وقت مضى.
لكن رغم التأثير السلبي لهذه الحادثة على الجانب الرسمي من العلاقات، تبقى العلاقات بين مصر وليبيا أقوى من كل ذلك بكثير بسبب التداخل والترابط الشعبي القوي (جدا جدا) بين البلدين حيث التداخل السكاني الكبير وعلاقات الدم والمصاهرة الموجودة بالفعل. وهو ما يظهر حجم التأثير على الوضع في ليبيا.
اللافت في الأمر أن حالات أخرى كثيرة من المصريين تعرضت للاختطاف كان أشهرها حادثة توقيف شاحنات نقل البضائع بمدينة أجدابيا الليبية، بسبب توقيف السلطات المصرية لليبيين كانوا قد دخلوا بالخطأ للأراضي المصرية خلال رحلة صيد في الصحراء في نوفمبر الماضي، وتم الافراج عنهم بعد تدخل مشايخ القبائل بين البلدين، في خطوة تظهر أن العلاقات الاجتماعية أقوى من العلاقات الرسمية بكثير.
وإلى الآن لم تنجح مصر وليبيا في بلورة رؤية مشتركة للحد من مخاطر الاضطراب الامني، نتيجة تخوف الأجهزة الأمنية المصرية من هشاشة الوضع الأمني في ليبيا وانتشار السلاح بشكل كبير وتهريبه عبر الحدود المشتركة بين البلدين، والقلق من أن مجموعات متشددة ليبية وغير ليبية يمكن أن تكون قد استغلت الفراغ الأمني الموجود في ليبيا والمساحات الشاسعة والحدود المفتوحة التي لا تخضع لأي نوع من الرقابة وأعادت تنظيم نفسها مجددا والقيام بأعمال تهدد الدولة المصرية. وهو ما جعل علاقات البلدين تعود لحالة المراوحة والانحسار على المستوى الرسمي لدرجة تصل لعدم القدرة على تبني ترتيبات وبرامج مشتركة لمواجهة آثار الاختلال الأمني في المناطق الحدودية والمنافذ الرئيسة، وكذلك العجز عن حسم أي خلاف حول القضايا التقليدية والتي في مقدمتها قضية العمالة التي تهم بسطاء المصريين الذين يعتمدون في معيشتهم بشكل كلي على العمل في ليبيا.