Haneen
2014-05-29, 11:25 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (598) الاثنيــن 7/04/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
فليذهب الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة
بقلم:نفتالي بينيت/ وزير الاقتصاد،عن اسرائيل اليوم
فشل ابو مازن
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
مطلوب الخطة ب
بقلم:شلومو أفنري،عن هآرتس
هل العرب بشر؟
بقلم:كارولينا لندسمان،عن هآرتس
عندما تصبح المحادثات لا السلام هدفاً
بقلم:أوري مسغاف،عن هآرتس
ذكريات من ليل الفصح في القاهرة
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
</tbody>
فليذهب الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة
بقلم:نفتالي بينيت/ وزير الاقتصاد،عن اسرائيل اليوم
إن احدى القصص المشهورة عن مدينة حيلم هي قصة ‘الجسر المكسور’، إنه ذلك الجسر الذي كان الناس يسيرون عليه ويسقطون عدة أمتار الى أسفل. واجتمع حكماء المدينة ووجدوا حلا فقد بنوا مستشفى تحت الجسر. كان تصورهم أنه يجب السقوط فتعالوا ندفع الثمن ونعالج المشكلة بعد ذلك.
يسيطر على اسرائيل في السنوات الاخيرة تصور مشابه يقول بشرط ألا تكون الامم المتحدة وبشرط ألا تكون لاهاي. وفي كل سنة يتجدد مهرجان الرعب، فاذا لم نفعل ما يريده الفلسطينيون سيلجأوا الى الامم المتحدة، واصبحوا دولة وادعوا علينا في لاهاي بسبب عمليات الحكومة والجيش والمستوطنين في يهودا والسامرة. ولن يستطيع ضباط الجيش الاسرائيلي السفر الى فرنسا واسبانيا وبريطانيا. وسيكون وزراء الحكومة مطلوبين في شرق آسيا. ويبدو أن هذا هو سلاح يوم القيامة عند الفلسطينيين. وقد وجد من قبل وزير دفاع سماه: تسونامي سياسي.
حان الوقت اذا لنغير التصور العام وهذا ليس سلاح يوم القيامة بل هو مسدس فارغ. ويوجد سبب جيد يبين لماذا ليس الفلسطينيون اعضاء في لاهاي وليسوا اعضاء في الامم المتحدة. وهذا هو الوقت لندرك ما الذي يدور الحديث عنه ولنكف عن الخوف ولنعمل في الأساس.
هل تعلمون أنه قد قدمت فينا دعوى قضائية في لاهاي من قبل؟ حدث ذلك في 2013 حينما قدمت دولة جزر القمر في افريقيا العضو في آي.سي.سي دعوى على دولة اسرائيل بسبب السيطرة على السفينة التركية ‘مرمرة’، فهل سمع أحد بذلك؟ وهل سقطت السماء؟ وهل اعتقل ضباط من الوحدة البحرية 13 في الخارج؟.
وعلى العموم فان دعوى في المحكمة الدولية في لاهاي ستضمنا الى المنتدى الفخم لدول كثيرة قدمت عليها شكاوى من قبل مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ولا يطلب أحد هناك الانسحاب من لندن لابطال الخطر. ويوجد ما يُفعل. يجب على اسرائيل ومنظمات مستقلة أن تبادر الى دعوى قضائية في لاهاي على القيادة الفلسطينية لتنفيذها جرائم حرب. ويوجد سببان للدعوى.
الاول قتل وارهاب لابرياء. فالفلسطينيون يطلقون عن سبق اصرار آلاف الصواريخ على مدارس ومستشفيات ورياض اطفال. والاطلاق المتعمد لاصابة مدنيين هو جريمة حرب سافرة.
والسبب الثاني هو التحريض على الارهاب وتشجيعه الذي يصدر كل يوم عن رام الله. ففي كل شهر تحول السلطة الفلسطينية مدفوعات تقاعد ومخصصات لقتلة اولاد ونساء أفرجت عنهم دولة اسرائيل ولاولئك الذين ما زالوا في السجون. وهم يقولون للمخرب إمض فاقتل يهوديا، وبدل أن أدفع اليك قبل ستحصل على التفضل بعد. وهذا تشجيع لارهاب، وهذا تحريض.
ويوجد سبب آخر يجعل هذا التصور ينهار لأنه توجد لدول العالم مصلحة واضحة في منع حدوث ذلك. فالعالم يدرك جيدا آثار التوجه الفلسطيني الى لاهاي. واذا قبلت دعواهم على البناء في المستوطنات فسيفتح صندوق عجائب سياسي مع آثار عالمية.
ليست اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي بنت ‘مستوطنات’. فقد فعلت روسيا ذلك في جورجيا بعد الحرب في 2008. ولتركيا مستوطنات في شمال قبرص. ويوجد فرق فقط وهو أن ذلك أشد عندهم. فالتعريف هناك ‘ارض محتلة’، والحديث عندنا عن ‘ارض متنازع عليها’. وهم آخر من يريد ذلك.
إن الدعوى القضائية على عمليات الجيش الاسرائيلي ايضا قد تشعل العالم. فماذا سيحدث في الغد حينما ترفع طالبان دعوى على جندي امريكي أو حينما يستقر رأي كوريا الشمالية على جر الولايات المتحدة الى لاهاي بسبب احتلال ارضها في الجنوب؟.
لن يكون التسونامي علينا فقط بل سيصل الى ابواب كل الدول الغربية. وهكذا اصبحت دولة اسرائيل الصغيرة تقف في وجه الطوفان مرة اخرى. حينما ضربنا الارهاب في بداية الالفية الثالثة خرجنا لمعركة مضادة وهزمناه في وقت كان العالم يراقب ذلك متنحيا، فاذا احتجنا الى ذلك فسنفعله مرة اخرى.
لكن ليست دول العالم وحدها هي التي لا تستفيد من ذلك بل الامم المتحدة نفسها لا يفيدها ذلك. فقبول الفلسطينيون لوكالات في الامم المتحدة سيفضي الى انهيار اقتصادي فوري لوكالات الامم المتحدة بسبب فقدان ميزانية وهي لا تنتحر. والسبب أن مجلس النواب الامريكي أجاز في تسعينيات القرن الماضي قانونين يمنعان الانفاق على وكالات الامم المتحدة التي تقبل الفلسطينيين اعضاء حينما يتم ذلك باجراءات من طرف واحد ودون أن يتم الاعتراف بأن دولتهم دولة مستقلة.
في 2011 انضم الفلسطينيون الى اليونسكو واستُعمل القانون بصورة آلية فأغلقت الولايات المتحدة صنبور ميزانية المنظمة فدُفعت اليونسكو الى عجز مالي بلغ 70 مليون دولار في كل سنة. والاضرار بالمنظمة باهظ وقد أصبحوا نادمين على قبولهم الفلسطينيين في صفوفهم. ولن تكرر منظمات اخرى هذا الخطأ. ونقول في الخلاصة إن تصور ‘أن الاتجاه الى الامم المتحدة هو كارثة’ لا أساس له. لكن هذا التخويف للنفس يجبي منا ثمنا باهظا ويُمكن الفلسطينيين من أن يستعملوا علينا ابتزازا مكررا وقد حان الوقت لنضع لذلك حدا. ونقول للفلسطينيين اذا أردتم التوجه الى الامم المتحدة فاتصلوا بنا وسنشتري لكم بطاقة سفر. ومن المؤكد أنكم حزمتم أخطاءكم وحدكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
فشل ابو مازن
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
من الصعب القول انه كانت حماسة شديدة في منطقتنا من استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين قبل ثمانية اشهر. كان هناك أحد تحمس عنا جميعا وزير الخارجية الامريكي جون كيري، الذي تخيل كيف أنه في 29 نيسان سيقع الاسرائيليون والفلسطينيون في احضان بعضهما البعض.
ولا يعني هذا لا سمح الله ان ليس في اوساطنا من اسرائيليين وفلسطينيين من ليسوا معنيين بان يروا نهاية النزاع (مصلحة استراتيجية) بل انه في رأس السلطة الفلسطينية يقف منذ 2005 رجل معتدل، هكذا يقال، لا يمكنه بل ولا يريد أن يوقع معنا على اتفاق.
ان سلوك ابو مازن حيال حكومات اسرائيلية سابقة كان يفترض أن يشعل ضوء أحمر لدى الادارة الامريكية التي كان يفترض به أن تخفض التوقعات. غير ان ادارة اوباما، بعد سلسلة اخفاقات في ادارة ازمات دولية، تطلعت الى الوصول الى اتفاق اكثر بكثير من ابو مازن نفسه. ولم تدرك واشنطن بان الثمار التي يبحثون عنها لا تقطف في السلطة. فبعد ثلاث نبضات اليمة (ومثيرة للخلاف) لتحرير السجناء التي نفذتها اسرائيل، صعب بعض الشيء على ابو مازن ان يلقي بالذنب، هذه المرة ايضا، على القدس. السؤال الكبير هو اذا كانت ادارة اوباما فهمت أخيرا مع من تتعامل. ليس مؤكدا على الاطلاق.
وفي هذه الاثناء عاد الفلسطينيون للتهديد: الساحة الدولية تسحرهم اكثر بكثير من التانغو الثلاثي مع الاسرائيليين والامريكيين. وقد عادو الى الصيغة المحببة عليهم حين توجهوا الى الاعتراف في مؤسسات الامم المتحدة وسعوا الى الانضمام الى 15 ميثاق دولي. وليست هذه الخطوة احادية الجانب اكثر من مسمار آخر في تابوت اتفاق اوسلو. فالطريق الى الدولة لا يمر في الامم المتحدة، بل في القدس. وعلى احد ما أن يذكر ابو مازن بذلك.
لقد كان واضحا أن المفاوضات الحالية التي خصصت لها تسعة اشهر، ستولد اجهاضا وليس وليدا. وفكرة منح المحادثات تمديدا هي بالتأكيد منطقية. يقال انه يجب منع الفراغ بيننا. غير أنه بعد ان حررت اسرائيل عشرات السجناء دون مقابل، كان يفترض بها أن تدفع مرة اخرى ثمنا عاليا (تحرير 1.200 سجين فلسطيني، بمن فيهم مروان البرغوثي، ازالة الحصار عن قطاع غزة والالتزام خطيا من نتنياهو بشأن حدود 67 وشرقي القدس كعاصمة فلسطين). وبتعبير آخر، كان ينبغي لرئيس الوزراء أن يقدم مهرا اضافيا دون ان يكون واثقا على الاطلاق بانه سيكون عرس في نهاية المطاف (هل سيكون هذه المرة؟). كما ان الوزيرة تسيبي لفني وجدت صعوبة في ان تحصل من الفلسطينيين على ‘شروط محبة’ عرضوها عليها ذات مرة.
لقد نجح ابو مازن بسلوكه في ان يدفع المنطقة الى اللامبالاة. فعندما استؤنفت المحادثات لم يتحمس احد، وهذه المرة ايضا، عندما يفشلها ابو مازن، يخيل أن احدا، بما في ذلك من أبناء شعبه، لا يشعر بالعذاب. فجولة المحادثات الاخيرة قد لا تكون دفعت السلام الى الامام، ولكنها قوضت ما تبقى من مصداقية رئيس السلطة.
ولعل هنا هو الفشل الاكبر لابو مازن. على اي حال تجد اسرائيل صعوبة فيه شريكا ناجحا. المشكلة هي انه رغم نه سيحظى في الايام القريبة بالشعبية فان الفلسطينيين ايضا لم يعودوا يروا فيه زعيما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مطلوب الخطة ب
بقلم:شلومو أفنري،عن هآرتس
الآن، بعد أن الغى وزير الخارجية الامريكي جون كيري وصوله الى رام الله واضح ان المسيرة السلمية الاسرائيلية الفلسطينية تقف على شفا الفشل. لا يوجد شيء أسهل من ايجاد مذنبين، فضلا عن السبب الفوري: بنيامين نتنياهو الذي جعل موضوع الاعتراف باسرائيل كالدولة القومية اليهودية حجر الاساس في المفاوضات؛ محمود عباس، الذي أقنع رفضه الاستجابة لهذا الطلب الكثيرين في اسرائيل بان الفلسطينيين غير مستعدين حقا لقبول دولة اسرائيل ولانهاء النزاع؛ وبالطبع الرئيس الامريكي براك اوباما ووزير خارجيته كيري، اللذين دمجا نشاطا لا يكل ولا يمل مع نقص مذهل بالواقعية وسلم أولويات هاذٍ، تجاهل المخاطر المتوقعة للساحة الدولية ومصالح الولايات المتحدة من التطورات الدراماتيكية في اوكرانيا. يتبين أن الفجوات بين المواقف الاسرائيلية والفلسطينية عميقة للغاية مثلما كان واضحا لكل من تابع فشل المفاوضات منذ عهد ايهود اولمرت.
كل هذا صحيح، ولكن هذا لا يجيب على السؤال الهام حقا: ماذا سيحصل الان؟ فالاتهامات والاتهامات المضادة لن تجدي نفعا، واولئك الذين يعتقدون مثل وزيرة العدل تسيبي لفني بان كل ما ينبغي هو قليل آخر من الوقت، سيكون من الصعب الاقناع بان الخطأ من نصيبهم مثلما هم مخطئون اولئك الذين يعتقدون بان الضغط الامريكي هو الحل. مخطئون الفلسطينيون أيضا الذين يعتقدون بان التوجه الى مؤسسات الامم المتحدة هو من ناحيتهم الحل: فمثل هذا التوجه، حتى لو نال هناك دعما كثيفا وألحق باسرائيل ضررا دوليا جسيما، لن يمنح الفلسطينيين ما يطمحون اليه دولة مستقلة. ففي نهاية المطاف، الحوار مع اسرائيل فقط والاتفاق معها سيسمحان بقيام دولة فلسطينية سيادية ومستقلة.
مهما يكن من أمر، واضح أنه من ناحية اسرائيل استمرار الوضع القائم ليس مرغوبا فيه ولهذا فمن الواجب عليها حتى وان كانت الولايات المتحدة تخطيء الان بالاوهام على الاتفاق الدائم اقتراح بديل للوضع الراهن. ولهذا الغرض يمكن التعلم من نزاعات مشابهة. في عشرات السنوات الاخيرة نشبت عدة نزاعات عنيفة يوجد لها أوجه شبه معينة مع النزاع الاسرائيلي الفلسطيني: فيها جميعها توجد عناصر الصراع بين حركتين قوميتين، الصدام بين روايتين تاريخيتين متضاربتين، احتلال عسكري، ارهاب وأعمال ضد الارهاب، استيطان في الارض المحتلة وتدخل دول مجاورة. ورغم ان هذه النزاعات ليست في اساسها نزاعات دينية، توجد فيها اساسات دينية تجعل من الصعب تحقيق اتفاق بشكل عام.
هكذا في قبرص، في البوسنه، في كوسوفو وحتى في كشمير البعيدة. كل العناصر الموجودة في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي موجودة هناك وان كانت في حالتنا الكثافة تكون أكبر احيانا، وكنتيجة لذلك، الاحتمال للاتفاق أقل. فليس حكم المدينتين المنقسمتين نيقوسيا وميتروبتسا كحكم القدس.
في كل واحد من هذه النزاعات كانت محاولات، محلية، اقليمية ودولية، للوصول الى اتفاقات دائمة، وفيها جميعها فشلت هذه المحاولات. في المرة الاخيرة حصل هذا في قبرص، عندما أيد كل المشاركين، بما في ذلك أيضا الساحة الدولية كلها، خطة الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان، ولكن معارضة اليونانيين القبارصة منعت تحققها. ومع أن كوسوفو حظيت بالاستقلال، ولكن كون الصرب لا يزالون يرفضون الاعتراف بذلك، فان النزاع لم ينتهِ بعد، وفي البوسنة، لا تزال اتفاقات دايتون التي أنهت الحرب والقتل معلقة على شعرة ولم تحقق هدفها النهائي.
في كل تلك الحالات وجد بديل مؤقت، هش، ولكن في نهاية المطاف مقبول على الطرفين كبديل لاستئناف عنيف للنزاع. ودون التنازل عن رؤيا الاتفاق النهائي، تبلورت في كل واحدة من هذه الحالات تسويات جزئية أقامت منظومة لما يمكن ان نسميه في اللغة السياسية ‘ادارة فاعلة للنزاع′، بدلا من حل لا يزال ينفذ من بين أيدي الاطراف مثلما من أيدي الساحة الدولية. فاذا كانت الولايات المتحدة واوروبا لا تنجحان في حل مشاكل قبرص وكوسوفو، فمن المجدي الوصول الى الاستنتاج الواقعي بان ليس صدفة أنهما لا تنجحان في حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني الذي هو اكثر تعقيدا تركيبا باضعاف.
ينبغي القول بصراحة: ما يقترح هنا ليس ‘السلام الاقتصادي’ الذي يشكل بالنسبة لنتنياهو بديلا للاتفاق النهائي ان لم يكن ذريعة للامتناع عنه. يدور الحديث عن خطوات تستهدف تقليص شدة النزاع، تقليل مستوى اللهيب، السماح باتفاقات جزئية، خطوات احادية الجانب (بعضها بموافقة صامتة، بعضها احادية الجانب تماما، ولكنها خطوات تساعد الطرف الاخر ايضا).
هكذا، مثلا، اتيح المرور بين شطري نيقوسيا كنتيجة لخطوة تركية احادية الجانب، وهكذا تتيح اتفاقات جزئية في كوسوفو التعاون الهش ولكن المتطور بالتدريج بين حكومة كوسوفو والسلطات المحلية للاقلية الصربية التي في نطاقها. ولم توقع الاطراف في اي واحدة من هذه الحالات على اتفاق مبادىء او قبلت رواية الطرف الاخر (رأينا كم هو صعب عندنا)، ولكنه كان من مصلحة الطرفين التقدم، بالتدريج، خطوة إثر خطوة، نحو تقليل حجوم النزاع.
ما هو معنى الامر في حالتنا؟ من الجانب الاسرائيلي، معنى الامر تقليل آخر لعدد الحواجز في مناطق الضفة ومنح حرية حركة اوسع للفلسطينيين في نطاقها؛ انهاء ما تبقى من حصار اقتصادي اسرائيلي على غزة (الموضوع الذي قد يكون ممكنا تحقيقه في اطار التنسيق مع مصر)؛ نقل مناطق ج أو اجزاء منها الى سيطرة فلسطينية؛ تسيهلات على عبور البضائع من الضفة واليها؛ ازالة بعض البؤر الاستيطانية غير القانونية المنعزلة؛ موافقة صامتة على الامتناع عن مزيد من البناء في المستوطنات (خطوة قد تكون سهلة اذا ما ذكرنا أنفسنا بانه في خريطة الطريق وافقت اسرائيل في حينه على عدم اقامة مستوطنات جديدة).
من الجانب الفلسطيني يجب لمثل هذه الخطوات ان تتضمن تغييرا ذا مغزى وان كان تدريجيا، في الخطاب الفلسطيني عن اسرائيل في جهاز التعليم وفي المنصات العامة، بما في ذلك تقليص الدعم الحماسي لما يسميه الفلسطينيون ‘الشهداء’، وفتح حوار داخلي صادق وحقيقي عن ان أنسال لاجئي 1948 سيتم استيعابهم في نهاية المطاف في مناطق الدولة الفلسطينية وليس في اسرائيل.
في المجدي ايضا أن يجري الفلسطينيون بعض الترتيب في بيتهم، وان يتوصلوا الى توافق ما بين فتح والسلطة الفلسطينية وبين حكومة حماس في غزة. فواضح انه طالما توجد سلطتين فلسطينيتين تقاتل الواحدة ضد الاخرى ايضا احيانا، فلا يوجد اي احتمال حقيقي لاتفاق حقيقي بين الفلسطينيين واسرائيل، بل وربما من المناسب اجراء انتخابات اخرى في السلطة الفلسطينية الكل يتجاهل أن ليس للسلطة اليوم من زوايا عديدة شرعية ديمقراطية. وهذا ايضا موضوع لا يمكن تجاهله للمدى البعيد، وان كان ينبغي التعاطي معه بالحذر المناسب: عندما لا تكون هناك أي حكومة في العالم العربي انتخبت ديمقراطيا وبحرية (وربما باستثناء تونس) يحتمل أن يكون مبالغا فيه مطالبة ذلك من الفلسطينيين بالذات. هذا موضوع حساس ولكنه جدير ببحث فلسطيني داخلي حقيقي.
بعض هذه الخطوات ستكون قاسية على اسرائيلن وبعضها سيكون صعبا على الفلسطينيين. يمكنني منذ الان أن اسمع الادعاءات المبررة من الطرفين بان مثل هذه الخطوات غير مقبولة. ما على الطرفين ان يفهماه وفي نهاية المطاف الولايات المتحدة ايضا، هو ان الاحتمال لاتفاق نهائي هو في هذه اللحظة وهم. والوضع الراهن ضار للطرفين اكثر بكثير من الخطوات الجزئية، التي اذا ما نفذت فسيكون لها احتمال في أن تدفع الى الامام، رويدا رويدا ومع الكثير من الصبر، السير نحو اتفاقات اوسع.
احدى المآسي في محادثات كامب ديفيد 2000 لم تكن أنها فقط فشلت، بل انه لم يكن لاي من الاطراف خطة بديلة لحالة فشل المحادثات. يجدر الا نكرر هذا الخطأ التاريخي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هل العرب بشر؟
بقلم:كارولينا لندسمان،عن هآرتس
قبل نحو اسبوعين انتخب النائب السابق من كديما، يوحنان بلاسنر، رئيسا للمعهد الاسرائيلي للديمقراطية. المعهد هو مؤسسة مستقلة، لا سياسية ولا حزبية، يقع، حسب ما يرد في موقعه على الانترنت، ‘في التماس الذي بين السياسة والاكاديمية’. تصفح للموقع يبين بانه مثل الديمقراطية الاسرائيلية، فانهم في المعهد ايضا لا يعنون الا بما يجري داخل الخط الاخضر.
في الفترة التي نعيش فيها، وبالتأكيد كيهود، لو لم نكن نجد تمييزا يرتب صورتنا في نظر أنفسنا كديمقراطيين، ما كنا لنجر سيطرة على سكان غرباء على مدى 47 سنة. والتمييز بين ما يحصل في نطاق الخط الاخضر وما يحصل خلفه، هو الذي يسمح لنا بان نسلم بالوضع القائم (الذي يسمى ستاتوس كو الوضع الراهن) وفي نفس الوقت أن ننظر الى أنفسنا في المرآة ونرى دولة ديمقراطية. نحن نعترف باننا مشوشون بالنسبة لمعنى يهودية الدولة، ولكن ما هي الدولة الديمقراطية – نحن نفهم، هذا مؤكد.
فقط الانفصام في الوعي يمكنه أن يسمح للاسرائيلي بان يعتبر نفسه كديمقراطي يعيش في الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، رغم نظام الابرتهايد الذي تديره. وقد سبق لبنيامين نتنياهو أن اعترف بان الكنيست هي يهودية، ومثلها ايضا ديمقراطيتنا هي يهودية. ولكن اذا كان العرب هم بنو بشر، فلا يمكن لاسرائيل أن تتباهى بلقب الديمقراطية (ذات المنطق يكرره نتنياهو في الاقتصاد ايضا: بعد حسم الاصوليين والعرب، لا يوجد فقر). حقيقة ان الاسرائيليين استوعبوا الوضع الراهن في رواية من الطبيعية، واشتروا الكذبة التي باعوها لانفسهم، هي جريمة. هكذا ايضا تصريحات وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون في أن الحديث يدور عن ‘مشكلة بلا حل’، في ظل تجاهل ‘المشكلة’ الحية والمتنفسة.
هذا الانفصام يسمح للمعهد الاسرائيلي للديمقراطية، لو كان المعهد ملتزما بالديمقراطية، المكان الوحيد الذي كان سيجده ليكون مقرا له هو تحت الارض، في السر. رئيس المعهد، لو كان مكافحا في سبيل الديمقراطية، لكان عرض نفسه للاقصاء ولنزع الشرعية. فمنذ زمن ونحن شهود لمحاولة تشريع قوانين ضد معارضي النظام الحقيقيين في الدولة، بينها المبادرة لاشتراط حق المواطنة بابداء الولاء للدولة (وبالطبع ما هو بالضبط الولاء سيقررونه هم)، وقانون النكبة وقانون الجمعيات، التي تهدد بتجفيف الميزانيات وباقي القيود.
المعهد الاسرائيلي للديمقراطية، بالمقابل، يزدهر، حتى تحت النظام الحالي. وهو يتمتع بمكانة اعتبارية في السياسة وفي الاكاديمية، وبتبرعات شرعية (محمية حسب قانون الولاء). واضح: بدلا من التصرف مثل ‘محسوم ووتش’ و ‘بتسيلم’ مثلا، الاحتجاج، الازعاج للوضع الاعتيادي، الاعتراض، الى أن تتحقق الديمقراطية ينشغلون بليس اكثر من مجرد التحرير اللغوي لنظام الكنيست، الذي كتبه يريف لفين. في الوضع القائم المعهد ليس فقط ورقة تين هو نوع من المهديء (المصاصة الكاذبة) الذي يستهدف تهدئة الرضع. رجاله هم من يحقق السلام الموهوم، يخلقون وهم الهدوء والوضع الطبيعي، وهم الديمقراطية.
لقد كان الزعيم الوحيد الذي كافح الوضع الراهن هو اسحق رابين، الخصم الايديولوجي لنتنياهو. محادثات اوسلو لرابين لم تكن فقط مبادرة للسلام بيننا وبين الفلسطينيين، بل ثورة نهجية: محاولة حقيقية للتعاطي مع العرب كبني بشر. ومثل افراد آخرين في التاريخ حاولوا توجيه مجتمع بأكمله خارج النظام السيء، دفع لقاء ذلك الثمن بحياته.
من المهم أن نتذكر ائتلاف اتفاقات اوسلو ومؤيده من الخارج. رابين سيذكر كمن سعى الى التعاطي مع النواب العرب في الكنيست، بمعنى اصوات العرب، كأصوات شرعية ومتساوية القيمة مع اصوات اليهودي، وامتنع عن المشاركة في غمزة اليهود من فوق رؤوس النواب العرب. وليس صدفة ان شاس كانت شريكا (نشطا او على سبيل الامتناع في التصويت على اوسلو أ)، في هذه اللحظة التاريخية، وذلك لان الولادة السياسية للحزب يوازي اليقظة الوطنية للفلسطينيين في الانتفاضة الاولى. اوسلو هو لقاء لثلاث ثورات: بالنسبة للفلسطينيين، بالنسبة لعرب اسرائيل وبالنسبة لليهود الذين اصلهم من الدول العربية.
هذه أيضا مأساة اوسلو: الثورة لم تكتمل. فقد اوقفت، والموقف من العرب بقي كما كان بل واحتدم. ومثلما تمكن مارتين لوثر كينغ من أن يفهم بانه يوجد خط يربط بين السود في الولايات المتحدة وبين السود في جنوب افيقيا، لن يكون الاوائل احرارا الى أن يكون الاخيرون احرارا، من المهم رسم خط بين العرب الفلسطينيين، العرب مواطني اسرائيل واليهود من اصل البلدان العربية. وعلى حد قول الشاعر: ‘لم افهم بعد أين ينتهي الشرقيون ويبدأ العرب’. القوة التي منحت لشاس تحمل معها ايضا مسؤولية تاريخية بالنسبة لهويتهم السياسية. يحتمل أن يكون مصير العرب والشرقيين مرتبط اكثر مما كان الشرقيون يريدون أن يعترفوا، وبصفتهم كلهم ضحايا ‘دولة الاشكناز الديمقراطية’.
وعليه، فان التوجه الذي يتقاطع مع كل دول العالم التي ستقاطعنا هو بالفعل النزعة الوطنية. فالنزعة الوطنية الحقيقية ستكون المقاطعة الذاتية مقاطعتنا لانفسنا. والمقصود هو ليس مقاطعة المستوطنين، بل كل واحد لنفسه. فما قيمة انجازاتنا العلمية، للابداع، للبحوث الاكاديمية؟ ما طعم المآكل التي نأكلها وكيف نفرح في اعيادنا اذا كان كل شيء مصابا بوباء الابرتهايد. الى أن نقوم كمجتمع ونطالب بان نصب من جديد معنى لكلمة ديمقراطية، فاننا لن نحظى في أن نكون شعبا حرا في بلادنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
عندما تصبح المحادثات لا السلام هدفاً
بقلم:أوري مسغاف،عن هآرتس
أتمنى انهيارا نهائيا للمحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين. وقد اقتنعت بأن هذا يجب أن يكون موقف اليسار لا اليمين. قبل سنة حينما بدأت الجولة الاخيرة، سألني ناس أذكياء من معهد البحث ‘مولاد’ عن رأيي في القضية. فأجبتهم من القلب والبطن قائلا إنه لا يجوز لمعسكر السلام الاسرائيلي أبدا أن يعترض على تفاوض سياسي مهما تكن ظروفه اشكالية. وكنت مخطئا. وكانوا على حق. لكن لا بسبب الخوف الذي عبروا عنه آنذاك فقط وهو أن المحادثات ستُمكن حكومة نتنياهو من أن تكسب وقتا ثمينا لتوسيع مشروع الاحتلال والاستيطان، أي الاضرار بدل الافادة. وهذا هو المفهوم من تلقاء نفسه تقريبا، بيد أن استمرار المحادثات يكمن فيه ضرر أعمق في مستوى خفي عن الناظر.
كان يفترض أن تكون المحادثات وسيلة لاحراز هدف. وهي وسيلة تقنية حتمية بالطبع لكنها تظل وسيلة. بيد أن الهدف لم يعد يحل ذكره ولو باشارة خفية وأصبحت المحادثات هي الشيء نفسه. إنها كيان ميتافيزيقي يشبه حاكما غامضا مخيفا. وهي غول يجب تكرير اطعامه في حين تزداد شهوته. وفي الجولة الحالية تمت صفقة دورية معوجة لضمان ‘استمرار المحادثات’ فقط. وهذا أمر عجيب. لم نكن في طفولتي ننشد ‘ولدت كي تأتي المحادثات فقط’، ولم نكن نرسم حمام المحادثات بل كان يوجد توق انساني ووطني للسلام، وعدد من القادة التزموا بالسعي الى السلام.
لكن السلام أصبح أمرا محظورا وأصبح كلمة نابية. وحلت محله في مرحلة ما ‘المسيرة السياسية’؛ وهي معقمة وباردة ونفعية. وأصبحت اليوم ايضا خازوقا. توجد ‘محادثات’، وهي المشهد العام. فهي نموذج بيروقراطية مرهقة تُدار بلغة اصحاب حوانيت من التجار. توجد ‘صفقة دائرية’ و’تفضلات’، و’دفعة رابعة’. بل إنه يوجد ‘وسيط’. وليس من العجيب أن بولارد ايضا طُرح فجأة في الحمام. ويقولون لنا في ابتهاج إنه اذا استمرت المحادثات فان ‘جونثان يستطيع أن يحتفل بالفصح في القدس′، وهذا عجيب. فلا أتذكر أنه أكثر من فعل ذلك قبل سجنه. لكننا في مرحلة بازار البازار.
إن المصطلح سلبي دائما فهناك ‘تنازلات’، و’تهديدات’، و’تجميد’، و’افراج عن قتلة’. وهذا مسار موجه، وعلى هذا النحو يجعلون الامر يغيضا الى الجمهور العريض الذي لا يجد فيه لا يده ولا رجله، ويريد فقط أن يقف هذا الضجيج الابيض الفظيع. ويُجرون على المشروع شيئا يشبه التنسيق الضريبي آملين أملا قويا أن يرفع يديه استسلاما في الطريق الى الهدف. وينجح ذلك. وأخشى أنني اذا رأيت مرة اخرى لفني وعريقات يجتمعان وحدهما في غرفة مع مبعوث امريكي ‘ليجدوا صيغة لاستمرار المحادثات’، أخشى أن أفقد عقلي.
لم يبق في الحقيقة ما يُتحدث فيه حتى لو كان الحديث عن تصالح تاريخي وحسم استراتيجي، فالاتفاق موضوع على الطاولة. وقد وضعه كثيرون هناك واحدا بعد آخر: ادارات امريكية ومبادرة جنيف واقتراح الجامعة العربية. وفي هذه المرحلة تبعده المحادثات بدل أن تُقربه. وقد يكون هذا هو الاجراء العبقري لنتنياهو الذي يخشى السلام كي يسم الوعي الاسرائيلي بالصعوبة العظيمة و’التنازلات المؤلمة’ المطلوبة للاستمرار على المحادثات فقط. ويكون الاستنتاج المطلوب أنه اذا كان هذا هو الثمن لاقامة المحادثات فلا ينبغي أن يخطر بالبال ألبتة ما الذي سيُطلب لتحقيق الشيء الحقيقي.
هكذا يقتلون فكرة فهم يُفرغونها أولا من الجوهر والشعور وبعد ذلك يعصرونها ثم يجعلونها بغيضة ثم يُغيبونها عن الناظر آخر الامر؛ وكل ذلك كي يحك الناس رؤوسهم حينما تظهر مرة اخرى ذات يوم والى جانبها الاجراءات المطلوبة (التصالح على الارض وانهاء الاحتلال واخلاء المستوطنات) ويقولون: هل جننتم؟ لا يوجد حيوان كهذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ذكريات من ليل الفصح في القاهرة
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
هاكم قصة حزينة للفصح، تأتي من بلاد الاهرامات. في نهاية المطاف لن تتبقى فقط الذكريات عن جالية يهودية كبيرة وفاخرة في مصر آخذة في الاندثار. ماذا تبقى؟ كنس مذهلة بجمالها الاصل بحاجة الى الترميم، المركز الذي يحمل اسم الرمبام في الحي اليهودي القديم في القاهرة، دزينة كتب توراة، وثائق تاريخية، مبان ملكيتها غامضة، ومقبرتي الاسكندرية والقاهرة.
ماجدة هارون، رئيسة الجالية اليهودية، نشرت قبل يومين بيانا حزينا. لاسفنا، كتبت تقول، بسبب الحزن الشديد الذي نعيشه في الـ 11 شهرا الاخيرة، لن نعقد هذه السنة حفل الفصح. وهذا حزن مزدوج، على موت كارمن فينشتاين، رئيسة الجالية السابقة، عن شيخوخة صالحة وعلى الموت المفاجيء لناديا هارون، شقيقة ونائبة رئيسة الجالية الحالية. هارون هي الشابة بين الجماعة، عمرها يقترب من ستين. الاخرون أكبر منها سنا بعشرين سنة على الاقل. وحسب ما هو معروف تبقى في الجالية المندثرة لمصر 15 يهوديا بالاجمال. وقريبا سيسألون: من سيدفع للحارس عند مدخل المواقع اليهودية؟
هي نفسها، ماجدة هارون تفهم بأن القصة تقترب من نهايتها. هام لها اقامة متحف للتراث اليهودي، ليعلم الناس بانه كانت هنا جالية نشطة في مصر: وزير مالية، مؤسس المسرح، أطباء، محامون، مفكرون بارزون وممثلون سينمائيون. بعضهم تباهى بيهوديته، آخرون أصروا بالذات على اخفائها. وأنا أعرب ما لا يقل عن ثلاث نساء عجائز من المكانة الاجتماعية اللامعة، تمثلن من خلال الزواج وحرصن على البقاء بعيدا. ولكن على مدى السنين جعلن لهن عادة الاستراق الى الكنيس الكبير ‘شعاريه شمايم’ في القاهرة. وهن يعتمرن غطاء رأس كبير، تابعن بعيون دامعة صلوات كل النذور.
في الاسبوع القادم، لاول مرة منذ اتفاقات السلام، لن يبحثن بالشموع عن الطفل الذي يسأل الزنجيات. رزم الغذاء الحلال والفطير ارسلت منذ الان، ولكن لا يوجد مزاج لها. بقايا الجالية، ولا سيما نساء منعزلات، أصبحت ثقيلة الحركة. لا يوجد حاخام محلي، لا توجد تأخيرات دخول للاسرائيليين، الشوارع متوترة، المواجهات العنيفة احتدمت. وفي أماكن المناوشات مع الشرطة والجيش، تزرع عبوات ناسفة.
لمرتين شاركت في حفل الفصح في مصر. دق في القلب لا يشبهه مثيل في اي مكان آخر في العالم. استؤجرت قاعة كبيرة في فندق يطل على نهر النيل، وحرص على تسويغ المطبخ بالحلال، وارسل الخبز الفطير من القدس. وشمرت نساء الدبلوماسيين الاسرائيليين عن اكمامهن لعمل كباب السمك المحشو، واعداد أصناف الطعام الخاصة بالفصح. مرة واحدة ارسل حاخام لادارة تلاوة الاسطورة، وفي المرة الثـــانية، تجند السفير، وتراكض عشرات الاطفــال بين الطــاولات. وعندما انتشرت الشائعة ظهر فجأة عشرات الســـياح اليهود وعصبة كبيرة من الدبلوماســـيين اليهود ممن عملوا في السفـــارات الاجنبية. وكان الانفعال شـــديدا. ووحده الحزام الكثيف من الحـــراس المسلحين في المحيط، في كل زاوية وزقاق أعادتك الى الواقع.
اليوم لا توجد للسفارة الاسرائيلية مكاتب في القاهرة. وعندما سيصل الى هناك سفيرنا الحادي عشر، حاييم كورين، فانه سيعمل، مثل سلفه، من منزله السكني المحروس الذي تحول الى مكتب. منذ ثلاث سنوات لا يوجد ايضا سفير مصري في تل أبيب. كل شيء متوقف، بالانتظار، الى أن ينتخب الرئيس القادم ويعقد البرلمان، في الصيف، بعد رمضان. لا يعتزم احد توسيخ اصابعه في القصة المعقدة للعلاقات معنا. قبل ان يحتل القصر الرئاسي، فان السيسي ملزم بأن يكون واثقا من أنه سينجح في البقاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي (598) الاثنيــن 7/04/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
فليذهب الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة
بقلم:نفتالي بينيت/ وزير الاقتصاد،عن اسرائيل اليوم
فشل ابو مازن
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
مطلوب الخطة ب
بقلم:شلومو أفنري،عن هآرتس
هل العرب بشر؟
بقلم:كارولينا لندسمان،عن هآرتس
عندما تصبح المحادثات لا السلام هدفاً
بقلم:أوري مسغاف،عن هآرتس
ذكريات من ليل الفصح في القاهرة
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
</tbody>
فليذهب الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة
بقلم:نفتالي بينيت/ وزير الاقتصاد،عن اسرائيل اليوم
إن احدى القصص المشهورة عن مدينة حيلم هي قصة ‘الجسر المكسور’، إنه ذلك الجسر الذي كان الناس يسيرون عليه ويسقطون عدة أمتار الى أسفل. واجتمع حكماء المدينة ووجدوا حلا فقد بنوا مستشفى تحت الجسر. كان تصورهم أنه يجب السقوط فتعالوا ندفع الثمن ونعالج المشكلة بعد ذلك.
يسيطر على اسرائيل في السنوات الاخيرة تصور مشابه يقول بشرط ألا تكون الامم المتحدة وبشرط ألا تكون لاهاي. وفي كل سنة يتجدد مهرجان الرعب، فاذا لم نفعل ما يريده الفلسطينيون سيلجأوا الى الامم المتحدة، واصبحوا دولة وادعوا علينا في لاهاي بسبب عمليات الحكومة والجيش والمستوطنين في يهودا والسامرة. ولن يستطيع ضباط الجيش الاسرائيلي السفر الى فرنسا واسبانيا وبريطانيا. وسيكون وزراء الحكومة مطلوبين في شرق آسيا. ويبدو أن هذا هو سلاح يوم القيامة عند الفلسطينيين. وقد وجد من قبل وزير دفاع سماه: تسونامي سياسي.
حان الوقت اذا لنغير التصور العام وهذا ليس سلاح يوم القيامة بل هو مسدس فارغ. ويوجد سبب جيد يبين لماذا ليس الفلسطينيون اعضاء في لاهاي وليسوا اعضاء في الامم المتحدة. وهذا هو الوقت لندرك ما الذي يدور الحديث عنه ولنكف عن الخوف ولنعمل في الأساس.
هل تعلمون أنه قد قدمت فينا دعوى قضائية في لاهاي من قبل؟ حدث ذلك في 2013 حينما قدمت دولة جزر القمر في افريقيا العضو في آي.سي.سي دعوى على دولة اسرائيل بسبب السيطرة على السفينة التركية ‘مرمرة’، فهل سمع أحد بذلك؟ وهل سقطت السماء؟ وهل اعتقل ضباط من الوحدة البحرية 13 في الخارج؟.
وعلى العموم فان دعوى في المحكمة الدولية في لاهاي ستضمنا الى المنتدى الفخم لدول كثيرة قدمت عليها شكاوى من قبل مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ولا يطلب أحد هناك الانسحاب من لندن لابطال الخطر. ويوجد ما يُفعل. يجب على اسرائيل ومنظمات مستقلة أن تبادر الى دعوى قضائية في لاهاي على القيادة الفلسطينية لتنفيذها جرائم حرب. ويوجد سببان للدعوى.
الاول قتل وارهاب لابرياء. فالفلسطينيون يطلقون عن سبق اصرار آلاف الصواريخ على مدارس ومستشفيات ورياض اطفال. والاطلاق المتعمد لاصابة مدنيين هو جريمة حرب سافرة.
والسبب الثاني هو التحريض على الارهاب وتشجيعه الذي يصدر كل يوم عن رام الله. ففي كل شهر تحول السلطة الفلسطينية مدفوعات تقاعد ومخصصات لقتلة اولاد ونساء أفرجت عنهم دولة اسرائيل ولاولئك الذين ما زالوا في السجون. وهم يقولون للمخرب إمض فاقتل يهوديا، وبدل أن أدفع اليك قبل ستحصل على التفضل بعد. وهذا تشجيع لارهاب، وهذا تحريض.
ويوجد سبب آخر يجعل هذا التصور ينهار لأنه توجد لدول العالم مصلحة واضحة في منع حدوث ذلك. فالعالم يدرك جيدا آثار التوجه الفلسطيني الى لاهاي. واذا قبلت دعواهم على البناء في المستوطنات فسيفتح صندوق عجائب سياسي مع آثار عالمية.
ليست اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي بنت ‘مستوطنات’. فقد فعلت روسيا ذلك في جورجيا بعد الحرب في 2008. ولتركيا مستوطنات في شمال قبرص. ويوجد فرق فقط وهو أن ذلك أشد عندهم. فالتعريف هناك ‘ارض محتلة’، والحديث عندنا عن ‘ارض متنازع عليها’. وهم آخر من يريد ذلك.
إن الدعوى القضائية على عمليات الجيش الاسرائيلي ايضا قد تشعل العالم. فماذا سيحدث في الغد حينما ترفع طالبان دعوى على جندي امريكي أو حينما يستقر رأي كوريا الشمالية على جر الولايات المتحدة الى لاهاي بسبب احتلال ارضها في الجنوب؟.
لن يكون التسونامي علينا فقط بل سيصل الى ابواب كل الدول الغربية. وهكذا اصبحت دولة اسرائيل الصغيرة تقف في وجه الطوفان مرة اخرى. حينما ضربنا الارهاب في بداية الالفية الثالثة خرجنا لمعركة مضادة وهزمناه في وقت كان العالم يراقب ذلك متنحيا، فاذا احتجنا الى ذلك فسنفعله مرة اخرى.
لكن ليست دول العالم وحدها هي التي لا تستفيد من ذلك بل الامم المتحدة نفسها لا يفيدها ذلك. فقبول الفلسطينيون لوكالات في الامم المتحدة سيفضي الى انهيار اقتصادي فوري لوكالات الامم المتحدة بسبب فقدان ميزانية وهي لا تنتحر. والسبب أن مجلس النواب الامريكي أجاز في تسعينيات القرن الماضي قانونين يمنعان الانفاق على وكالات الامم المتحدة التي تقبل الفلسطينيين اعضاء حينما يتم ذلك باجراءات من طرف واحد ودون أن يتم الاعتراف بأن دولتهم دولة مستقلة.
في 2011 انضم الفلسطينيون الى اليونسكو واستُعمل القانون بصورة آلية فأغلقت الولايات المتحدة صنبور ميزانية المنظمة فدُفعت اليونسكو الى عجز مالي بلغ 70 مليون دولار في كل سنة. والاضرار بالمنظمة باهظ وقد أصبحوا نادمين على قبولهم الفلسطينيين في صفوفهم. ولن تكرر منظمات اخرى هذا الخطأ. ونقول في الخلاصة إن تصور ‘أن الاتجاه الى الامم المتحدة هو كارثة’ لا أساس له. لكن هذا التخويف للنفس يجبي منا ثمنا باهظا ويُمكن الفلسطينيين من أن يستعملوا علينا ابتزازا مكررا وقد حان الوقت لنضع لذلك حدا. ونقول للفلسطينيين اذا أردتم التوجه الى الامم المتحدة فاتصلوا بنا وسنشتري لكم بطاقة سفر. ومن المؤكد أنكم حزمتم أخطاءكم وحدكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
فشل ابو مازن
بقلم:بوعز بسموت،عن اسرائيل اليوم
من الصعب القول انه كانت حماسة شديدة في منطقتنا من استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين قبل ثمانية اشهر. كان هناك أحد تحمس عنا جميعا وزير الخارجية الامريكي جون كيري، الذي تخيل كيف أنه في 29 نيسان سيقع الاسرائيليون والفلسطينيون في احضان بعضهما البعض.
ولا يعني هذا لا سمح الله ان ليس في اوساطنا من اسرائيليين وفلسطينيين من ليسوا معنيين بان يروا نهاية النزاع (مصلحة استراتيجية) بل انه في رأس السلطة الفلسطينية يقف منذ 2005 رجل معتدل، هكذا يقال، لا يمكنه بل ولا يريد أن يوقع معنا على اتفاق.
ان سلوك ابو مازن حيال حكومات اسرائيلية سابقة كان يفترض أن يشعل ضوء أحمر لدى الادارة الامريكية التي كان يفترض به أن تخفض التوقعات. غير ان ادارة اوباما، بعد سلسلة اخفاقات في ادارة ازمات دولية، تطلعت الى الوصول الى اتفاق اكثر بكثير من ابو مازن نفسه. ولم تدرك واشنطن بان الثمار التي يبحثون عنها لا تقطف في السلطة. فبعد ثلاث نبضات اليمة (ومثيرة للخلاف) لتحرير السجناء التي نفذتها اسرائيل، صعب بعض الشيء على ابو مازن ان يلقي بالذنب، هذه المرة ايضا، على القدس. السؤال الكبير هو اذا كانت ادارة اوباما فهمت أخيرا مع من تتعامل. ليس مؤكدا على الاطلاق.
وفي هذه الاثناء عاد الفلسطينيون للتهديد: الساحة الدولية تسحرهم اكثر بكثير من التانغو الثلاثي مع الاسرائيليين والامريكيين. وقد عادو الى الصيغة المحببة عليهم حين توجهوا الى الاعتراف في مؤسسات الامم المتحدة وسعوا الى الانضمام الى 15 ميثاق دولي. وليست هذه الخطوة احادية الجانب اكثر من مسمار آخر في تابوت اتفاق اوسلو. فالطريق الى الدولة لا يمر في الامم المتحدة، بل في القدس. وعلى احد ما أن يذكر ابو مازن بذلك.
لقد كان واضحا أن المفاوضات الحالية التي خصصت لها تسعة اشهر، ستولد اجهاضا وليس وليدا. وفكرة منح المحادثات تمديدا هي بالتأكيد منطقية. يقال انه يجب منع الفراغ بيننا. غير أنه بعد ان حررت اسرائيل عشرات السجناء دون مقابل، كان يفترض بها أن تدفع مرة اخرى ثمنا عاليا (تحرير 1.200 سجين فلسطيني، بمن فيهم مروان البرغوثي، ازالة الحصار عن قطاع غزة والالتزام خطيا من نتنياهو بشأن حدود 67 وشرقي القدس كعاصمة فلسطين). وبتعبير آخر، كان ينبغي لرئيس الوزراء أن يقدم مهرا اضافيا دون ان يكون واثقا على الاطلاق بانه سيكون عرس في نهاية المطاف (هل سيكون هذه المرة؟). كما ان الوزيرة تسيبي لفني وجدت صعوبة في ان تحصل من الفلسطينيين على ‘شروط محبة’ عرضوها عليها ذات مرة.
لقد نجح ابو مازن بسلوكه في ان يدفع المنطقة الى اللامبالاة. فعندما استؤنفت المحادثات لم يتحمس احد، وهذه المرة ايضا، عندما يفشلها ابو مازن، يخيل أن احدا، بما في ذلك من أبناء شعبه، لا يشعر بالعذاب. فجولة المحادثات الاخيرة قد لا تكون دفعت السلام الى الامام، ولكنها قوضت ما تبقى من مصداقية رئيس السلطة.
ولعل هنا هو الفشل الاكبر لابو مازن. على اي حال تجد اسرائيل صعوبة فيه شريكا ناجحا. المشكلة هي انه رغم نه سيحظى في الايام القريبة بالشعبية فان الفلسطينيين ايضا لم يعودوا يروا فيه زعيما.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مطلوب الخطة ب
بقلم:شلومو أفنري،عن هآرتس
الآن، بعد أن الغى وزير الخارجية الامريكي جون كيري وصوله الى رام الله واضح ان المسيرة السلمية الاسرائيلية الفلسطينية تقف على شفا الفشل. لا يوجد شيء أسهل من ايجاد مذنبين، فضلا عن السبب الفوري: بنيامين نتنياهو الذي جعل موضوع الاعتراف باسرائيل كالدولة القومية اليهودية حجر الاساس في المفاوضات؛ محمود عباس، الذي أقنع رفضه الاستجابة لهذا الطلب الكثيرين في اسرائيل بان الفلسطينيين غير مستعدين حقا لقبول دولة اسرائيل ولانهاء النزاع؛ وبالطبع الرئيس الامريكي براك اوباما ووزير خارجيته كيري، اللذين دمجا نشاطا لا يكل ولا يمل مع نقص مذهل بالواقعية وسلم أولويات هاذٍ، تجاهل المخاطر المتوقعة للساحة الدولية ومصالح الولايات المتحدة من التطورات الدراماتيكية في اوكرانيا. يتبين أن الفجوات بين المواقف الاسرائيلية والفلسطينية عميقة للغاية مثلما كان واضحا لكل من تابع فشل المفاوضات منذ عهد ايهود اولمرت.
كل هذا صحيح، ولكن هذا لا يجيب على السؤال الهام حقا: ماذا سيحصل الان؟ فالاتهامات والاتهامات المضادة لن تجدي نفعا، واولئك الذين يعتقدون مثل وزيرة العدل تسيبي لفني بان كل ما ينبغي هو قليل آخر من الوقت، سيكون من الصعب الاقناع بان الخطأ من نصيبهم مثلما هم مخطئون اولئك الذين يعتقدون بان الضغط الامريكي هو الحل. مخطئون الفلسطينيون أيضا الذين يعتقدون بان التوجه الى مؤسسات الامم المتحدة هو من ناحيتهم الحل: فمثل هذا التوجه، حتى لو نال هناك دعما كثيفا وألحق باسرائيل ضررا دوليا جسيما، لن يمنح الفلسطينيين ما يطمحون اليه دولة مستقلة. ففي نهاية المطاف، الحوار مع اسرائيل فقط والاتفاق معها سيسمحان بقيام دولة فلسطينية سيادية ومستقلة.
مهما يكن من أمر، واضح أنه من ناحية اسرائيل استمرار الوضع القائم ليس مرغوبا فيه ولهذا فمن الواجب عليها حتى وان كانت الولايات المتحدة تخطيء الان بالاوهام على الاتفاق الدائم اقتراح بديل للوضع الراهن. ولهذا الغرض يمكن التعلم من نزاعات مشابهة. في عشرات السنوات الاخيرة نشبت عدة نزاعات عنيفة يوجد لها أوجه شبه معينة مع النزاع الاسرائيلي الفلسطيني: فيها جميعها توجد عناصر الصراع بين حركتين قوميتين، الصدام بين روايتين تاريخيتين متضاربتين، احتلال عسكري، ارهاب وأعمال ضد الارهاب، استيطان في الارض المحتلة وتدخل دول مجاورة. ورغم ان هذه النزاعات ليست في اساسها نزاعات دينية، توجد فيها اساسات دينية تجعل من الصعب تحقيق اتفاق بشكل عام.
هكذا في قبرص، في البوسنه، في كوسوفو وحتى في كشمير البعيدة. كل العناصر الموجودة في النزاع الفلسطيني الاسرائيلي موجودة هناك وان كانت في حالتنا الكثافة تكون أكبر احيانا، وكنتيجة لذلك، الاحتمال للاتفاق أقل. فليس حكم المدينتين المنقسمتين نيقوسيا وميتروبتسا كحكم القدس.
في كل واحد من هذه النزاعات كانت محاولات، محلية، اقليمية ودولية، للوصول الى اتفاقات دائمة، وفيها جميعها فشلت هذه المحاولات. في المرة الاخيرة حصل هذا في قبرص، عندما أيد كل المشاركين، بما في ذلك أيضا الساحة الدولية كلها، خطة الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان، ولكن معارضة اليونانيين القبارصة منعت تحققها. ومع أن كوسوفو حظيت بالاستقلال، ولكن كون الصرب لا يزالون يرفضون الاعتراف بذلك، فان النزاع لم ينتهِ بعد، وفي البوسنة، لا تزال اتفاقات دايتون التي أنهت الحرب والقتل معلقة على شعرة ولم تحقق هدفها النهائي.
في كل تلك الحالات وجد بديل مؤقت، هش، ولكن في نهاية المطاف مقبول على الطرفين كبديل لاستئناف عنيف للنزاع. ودون التنازل عن رؤيا الاتفاق النهائي، تبلورت في كل واحدة من هذه الحالات تسويات جزئية أقامت منظومة لما يمكن ان نسميه في اللغة السياسية ‘ادارة فاعلة للنزاع′، بدلا من حل لا يزال ينفذ من بين أيدي الاطراف مثلما من أيدي الساحة الدولية. فاذا كانت الولايات المتحدة واوروبا لا تنجحان في حل مشاكل قبرص وكوسوفو، فمن المجدي الوصول الى الاستنتاج الواقعي بان ليس صدفة أنهما لا تنجحان في حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني الذي هو اكثر تعقيدا تركيبا باضعاف.
ينبغي القول بصراحة: ما يقترح هنا ليس ‘السلام الاقتصادي’ الذي يشكل بالنسبة لنتنياهو بديلا للاتفاق النهائي ان لم يكن ذريعة للامتناع عنه. يدور الحديث عن خطوات تستهدف تقليص شدة النزاع، تقليل مستوى اللهيب، السماح باتفاقات جزئية، خطوات احادية الجانب (بعضها بموافقة صامتة، بعضها احادية الجانب تماما، ولكنها خطوات تساعد الطرف الاخر ايضا).
هكذا، مثلا، اتيح المرور بين شطري نيقوسيا كنتيجة لخطوة تركية احادية الجانب، وهكذا تتيح اتفاقات جزئية في كوسوفو التعاون الهش ولكن المتطور بالتدريج بين حكومة كوسوفو والسلطات المحلية للاقلية الصربية التي في نطاقها. ولم توقع الاطراف في اي واحدة من هذه الحالات على اتفاق مبادىء او قبلت رواية الطرف الاخر (رأينا كم هو صعب عندنا)، ولكنه كان من مصلحة الطرفين التقدم، بالتدريج، خطوة إثر خطوة، نحو تقليل حجوم النزاع.
ما هو معنى الامر في حالتنا؟ من الجانب الاسرائيلي، معنى الامر تقليل آخر لعدد الحواجز في مناطق الضفة ومنح حرية حركة اوسع للفلسطينيين في نطاقها؛ انهاء ما تبقى من حصار اقتصادي اسرائيلي على غزة (الموضوع الذي قد يكون ممكنا تحقيقه في اطار التنسيق مع مصر)؛ نقل مناطق ج أو اجزاء منها الى سيطرة فلسطينية؛ تسيهلات على عبور البضائع من الضفة واليها؛ ازالة بعض البؤر الاستيطانية غير القانونية المنعزلة؛ موافقة صامتة على الامتناع عن مزيد من البناء في المستوطنات (خطوة قد تكون سهلة اذا ما ذكرنا أنفسنا بانه في خريطة الطريق وافقت اسرائيل في حينه على عدم اقامة مستوطنات جديدة).
من الجانب الفلسطيني يجب لمثل هذه الخطوات ان تتضمن تغييرا ذا مغزى وان كان تدريجيا، في الخطاب الفلسطيني عن اسرائيل في جهاز التعليم وفي المنصات العامة، بما في ذلك تقليص الدعم الحماسي لما يسميه الفلسطينيون ‘الشهداء’، وفتح حوار داخلي صادق وحقيقي عن ان أنسال لاجئي 1948 سيتم استيعابهم في نهاية المطاف في مناطق الدولة الفلسطينية وليس في اسرائيل.
في المجدي ايضا أن يجري الفلسطينيون بعض الترتيب في بيتهم، وان يتوصلوا الى توافق ما بين فتح والسلطة الفلسطينية وبين حكومة حماس في غزة. فواضح انه طالما توجد سلطتين فلسطينيتين تقاتل الواحدة ضد الاخرى ايضا احيانا، فلا يوجد اي احتمال حقيقي لاتفاق حقيقي بين الفلسطينيين واسرائيل، بل وربما من المناسب اجراء انتخابات اخرى في السلطة الفلسطينية الكل يتجاهل أن ليس للسلطة اليوم من زوايا عديدة شرعية ديمقراطية. وهذا ايضا موضوع لا يمكن تجاهله للمدى البعيد، وان كان ينبغي التعاطي معه بالحذر المناسب: عندما لا تكون هناك أي حكومة في العالم العربي انتخبت ديمقراطيا وبحرية (وربما باستثناء تونس) يحتمل أن يكون مبالغا فيه مطالبة ذلك من الفلسطينيين بالذات. هذا موضوع حساس ولكنه جدير ببحث فلسطيني داخلي حقيقي.
بعض هذه الخطوات ستكون قاسية على اسرائيلن وبعضها سيكون صعبا على الفلسطينيين. يمكنني منذ الان أن اسمع الادعاءات المبررة من الطرفين بان مثل هذه الخطوات غير مقبولة. ما على الطرفين ان يفهماه وفي نهاية المطاف الولايات المتحدة ايضا، هو ان الاحتمال لاتفاق نهائي هو في هذه اللحظة وهم. والوضع الراهن ضار للطرفين اكثر بكثير من الخطوات الجزئية، التي اذا ما نفذت فسيكون لها احتمال في أن تدفع الى الامام، رويدا رويدا ومع الكثير من الصبر، السير نحو اتفاقات اوسع.
احدى المآسي في محادثات كامب ديفيد 2000 لم تكن أنها فقط فشلت، بل انه لم يكن لاي من الاطراف خطة بديلة لحالة فشل المحادثات. يجدر الا نكرر هذا الخطأ التاريخي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هل العرب بشر؟
بقلم:كارولينا لندسمان،عن هآرتس
قبل نحو اسبوعين انتخب النائب السابق من كديما، يوحنان بلاسنر، رئيسا للمعهد الاسرائيلي للديمقراطية. المعهد هو مؤسسة مستقلة، لا سياسية ولا حزبية، يقع، حسب ما يرد في موقعه على الانترنت، ‘في التماس الذي بين السياسة والاكاديمية’. تصفح للموقع يبين بانه مثل الديمقراطية الاسرائيلية، فانهم في المعهد ايضا لا يعنون الا بما يجري داخل الخط الاخضر.
في الفترة التي نعيش فيها، وبالتأكيد كيهود، لو لم نكن نجد تمييزا يرتب صورتنا في نظر أنفسنا كديمقراطيين، ما كنا لنجر سيطرة على سكان غرباء على مدى 47 سنة. والتمييز بين ما يحصل في نطاق الخط الاخضر وما يحصل خلفه، هو الذي يسمح لنا بان نسلم بالوضع القائم (الذي يسمى ستاتوس كو الوضع الراهن) وفي نفس الوقت أن ننظر الى أنفسنا في المرآة ونرى دولة ديمقراطية. نحن نعترف باننا مشوشون بالنسبة لمعنى يهودية الدولة، ولكن ما هي الدولة الديمقراطية – نحن نفهم، هذا مؤكد.
فقط الانفصام في الوعي يمكنه أن يسمح للاسرائيلي بان يعتبر نفسه كديمقراطي يعيش في الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، رغم نظام الابرتهايد الذي تديره. وقد سبق لبنيامين نتنياهو أن اعترف بان الكنيست هي يهودية، ومثلها ايضا ديمقراطيتنا هي يهودية. ولكن اذا كان العرب هم بنو بشر، فلا يمكن لاسرائيل أن تتباهى بلقب الديمقراطية (ذات المنطق يكرره نتنياهو في الاقتصاد ايضا: بعد حسم الاصوليين والعرب، لا يوجد فقر). حقيقة ان الاسرائيليين استوعبوا الوضع الراهن في رواية من الطبيعية، واشتروا الكذبة التي باعوها لانفسهم، هي جريمة. هكذا ايضا تصريحات وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون في أن الحديث يدور عن ‘مشكلة بلا حل’، في ظل تجاهل ‘المشكلة’ الحية والمتنفسة.
هذا الانفصام يسمح للمعهد الاسرائيلي للديمقراطية، لو كان المعهد ملتزما بالديمقراطية، المكان الوحيد الذي كان سيجده ليكون مقرا له هو تحت الارض، في السر. رئيس المعهد، لو كان مكافحا في سبيل الديمقراطية، لكان عرض نفسه للاقصاء ولنزع الشرعية. فمنذ زمن ونحن شهود لمحاولة تشريع قوانين ضد معارضي النظام الحقيقيين في الدولة، بينها المبادرة لاشتراط حق المواطنة بابداء الولاء للدولة (وبالطبع ما هو بالضبط الولاء سيقررونه هم)، وقانون النكبة وقانون الجمعيات، التي تهدد بتجفيف الميزانيات وباقي القيود.
المعهد الاسرائيلي للديمقراطية، بالمقابل، يزدهر، حتى تحت النظام الحالي. وهو يتمتع بمكانة اعتبارية في السياسة وفي الاكاديمية، وبتبرعات شرعية (محمية حسب قانون الولاء). واضح: بدلا من التصرف مثل ‘محسوم ووتش’ و ‘بتسيلم’ مثلا، الاحتجاج، الازعاج للوضع الاعتيادي، الاعتراض، الى أن تتحقق الديمقراطية ينشغلون بليس اكثر من مجرد التحرير اللغوي لنظام الكنيست، الذي كتبه يريف لفين. في الوضع القائم المعهد ليس فقط ورقة تين هو نوع من المهديء (المصاصة الكاذبة) الذي يستهدف تهدئة الرضع. رجاله هم من يحقق السلام الموهوم، يخلقون وهم الهدوء والوضع الطبيعي، وهم الديمقراطية.
لقد كان الزعيم الوحيد الذي كافح الوضع الراهن هو اسحق رابين، الخصم الايديولوجي لنتنياهو. محادثات اوسلو لرابين لم تكن فقط مبادرة للسلام بيننا وبين الفلسطينيين، بل ثورة نهجية: محاولة حقيقية للتعاطي مع العرب كبني بشر. ومثل افراد آخرين في التاريخ حاولوا توجيه مجتمع بأكمله خارج النظام السيء، دفع لقاء ذلك الثمن بحياته.
من المهم أن نتذكر ائتلاف اتفاقات اوسلو ومؤيده من الخارج. رابين سيذكر كمن سعى الى التعاطي مع النواب العرب في الكنيست، بمعنى اصوات العرب، كأصوات شرعية ومتساوية القيمة مع اصوات اليهودي، وامتنع عن المشاركة في غمزة اليهود من فوق رؤوس النواب العرب. وليس صدفة ان شاس كانت شريكا (نشطا او على سبيل الامتناع في التصويت على اوسلو أ)، في هذه اللحظة التاريخية، وذلك لان الولادة السياسية للحزب يوازي اليقظة الوطنية للفلسطينيين في الانتفاضة الاولى. اوسلو هو لقاء لثلاث ثورات: بالنسبة للفلسطينيين، بالنسبة لعرب اسرائيل وبالنسبة لليهود الذين اصلهم من الدول العربية.
هذه أيضا مأساة اوسلو: الثورة لم تكتمل. فقد اوقفت، والموقف من العرب بقي كما كان بل واحتدم. ومثلما تمكن مارتين لوثر كينغ من أن يفهم بانه يوجد خط يربط بين السود في الولايات المتحدة وبين السود في جنوب افيقيا، لن يكون الاوائل احرارا الى أن يكون الاخيرون احرارا، من المهم رسم خط بين العرب الفلسطينيين، العرب مواطني اسرائيل واليهود من اصل البلدان العربية. وعلى حد قول الشاعر: ‘لم افهم بعد أين ينتهي الشرقيون ويبدأ العرب’. القوة التي منحت لشاس تحمل معها ايضا مسؤولية تاريخية بالنسبة لهويتهم السياسية. يحتمل أن يكون مصير العرب والشرقيين مرتبط اكثر مما كان الشرقيون يريدون أن يعترفوا، وبصفتهم كلهم ضحايا ‘دولة الاشكناز الديمقراطية’.
وعليه، فان التوجه الذي يتقاطع مع كل دول العالم التي ستقاطعنا هو بالفعل النزعة الوطنية. فالنزعة الوطنية الحقيقية ستكون المقاطعة الذاتية مقاطعتنا لانفسنا. والمقصود هو ليس مقاطعة المستوطنين، بل كل واحد لنفسه. فما قيمة انجازاتنا العلمية، للابداع، للبحوث الاكاديمية؟ ما طعم المآكل التي نأكلها وكيف نفرح في اعيادنا اذا كان كل شيء مصابا بوباء الابرتهايد. الى أن نقوم كمجتمع ونطالب بان نصب من جديد معنى لكلمة ديمقراطية، فاننا لن نحظى في أن نكون شعبا حرا في بلادنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
عندما تصبح المحادثات لا السلام هدفاً
بقلم:أوري مسغاف،عن هآرتس
أتمنى انهيارا نهائيا للمحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين. وقد اقتنعت بأن هذا يجب أن يكون موقف اليسار لا اليمين. قبل سنة حينما بدأت الجولة الاخيرة، سألني ناس أذكياء من معهد البحث ‘مولاد’ عن رأيي في القضية. فأجبتهم من القلب والبطن قائلا إنه لا يجوز لمعسكر السلام الاسرائيلي أبدا أن يعترض على تفاوض سياسي مهما تكن ظروفه اشكالية. وكنت مخطئا. وكانوا على حق. لكن لا بسبب الخوف الذي عبروا عنه آنذاك فقط وهو أن المحادثات ستُمكن حكومة نتنياهو من أن تكسب وقتا ثمينا لتوسيع مشروع الاحتلال والاستيطان، أي الاضرار بدل الافادة. وهذا هو المفهوم من تلقاء نفسه تقريبا، بيد أن استمرار المحادثات يكمن فيه ضرر أعمق في مستوى خفي عن الناظر.
كان يفترض أن تكون المحادثات وسيلة لاحراز هدف. وهي وسيلة تقنية حتمية بالطبع لكنها تظل وسيلة. بيد أن الهدف لم يعد يحل ذكره ولو باشارة خفية وأصبحت المحادثات هي الشيء نفسه. إنها كيان ميتافيزيقي يشبه حاكما غامضا مخيفا. وهي غول يجب تكرير اطعامه في حين تزداد شهوته. وفي الجولة الحالية تمت صفقة دورية معوجة لضمان ‘استمرار المحادثات’ فقط. وهذا أمر عجيب. لم نكن في طفولتي ننشد ‘ولدت كي تأتي المحادثات فقط’، ولم نكن نرسم حمام المحادثات بل كان يوجد توق انساني ووطني للسلام، وعدد من القادة التزموا بالسعي الى السلام.
لكن السلام أصبح أمرا محظورا وأصبح كلمة نابية. وحلت محله في مرحلة ما ‘المسيرة السياسية’؛ وهي معقمة وباردة ونفعية. وأصبحت اليوم ايضا خازوقا. توجد ‘محادثات’، وهي المشهد العام. فهي نموذج بيروقراطية مرهقة تُدار بلغة اصحاب حوانيت من التجار. توجد ‘صفقة دائرية’ و’تفضلات’، و’دفعة رابعة’. بل إنه يوجد ‘وسيط’. وليس من العجيب أن بولارد ايضا طُرح فجأة في الحمام. ويقولون لنا في ابتهاج إنه اذا استمرت المحادثات فان ‘جونثان يستطيع أن يحتفل بالفصح في القدس′، وهذا عجيب. فلا أتذكر أنه أكثر من فعل ذلك قبل سجنه. لكننا في مرحلة بازار البازار.
إن المصطلح سلبي دائما فهناك ‘تنازلات’، و’تهديدات’، و’تجميد’، و’افراج عن قتلة’. وهذا مسار موجه، وعلى هذا النحو يجعلون الامر يغيضا الى الجمهور العريض الذي لا يجد فيه لا يده ولا رجله، ويريد فقط أن يقف هذا الضجيج الابيض الفظيع. ويُجرون على المشروع شيئا يشبه التنسيق الضريبي آملين أملا قويا أن يرفع يديه استسلاما في الطريق الى الهدف. وينجح ذلك. وأخشى أنني اذا رأيت مرة اخرى لفني وعريقات يجتمعان وحدهما في غرفة مع مبعوث امريكي ‘ليجدوا صيغة لاستمرار المحادثات’، أخشى أن أفقد عقلي.
لم يبق في الحقيقة ما يُتحدث فيه حتى لو كان الحديث عن تصالح تاريخي وحسم استراتيجي، فالاتفاق موضوع على الطاولة. وقد وضعه كثيرون هناك واحدا بعد آخر: ادارات امريكية ومبادرة جنيف واقتراح الجامعة العربية. وفي هذه المرحلة تبعده المحادثات بدل أن تُقربه. وقد يكون هذا هو الاجراء العبقري لنتنياهو الذي يخشى السلام كي يسم الوعي الاسرائيلي بالصعوبة العظيمة و’التنازلات المؤلمة’ المطلوبة للاستمرار على المحادثات فقط. ويكون الاستنتاج المطلوب أنه اذا كان هذا هو الثمن لاقامة المحادثات فلا ينبغي أن يخطر بالبال ألبتة ما الذي سيُطلب لتحقيق الشيء الحقيقي.
هكذا يقتلون فكرة فهم يُفرغونها أولا من الجوهر والشعور وبعد ذلك يعصرونها ثم يجعلونها بغيضة ثم يُغيبونها عن الناظر آخر الامر؛ وكل ذلك كي يحك الناس رؤوسهم حينما تظهر مرة اخرى ذات يوم والى جانبها الاجراءات المطلوبة (التصالح على الارض وانهاء الاحتلال واخلاء المستوطنات) ويقولون: هل جننتم؟ لا يوجد حيوان كهذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ذكريات من ليل الفصح في القاهرة
بقلم:سمدار بيري،عن يديعوت
هاكم قصة حزينة للفصح، تأتي من بلاد الاهرامات. في نهاية المطاف لن تتبقى فقط الذكريات عن جالية يهودية كبيرة وفاخرة في مصر آخذة في الاندثار. ماذا تبقى؟ كنس مذهلة بجمالها الاصل بحاجة الى الترميم، المركز الذي يحمل اسم الرمبام في الحي اليهودي القديم في القاهرة، دزينة كتب توراة، وثائق تاريخية، مبان ملكيتها غامضة، ومقبرتي الاسكندرية والقاهرة.
ماجدة هارون، رئيسة الجالية اليهودية، نشرت قبل يومين بيانا حزينا. لاسفنا، كتبت تقول، بسبب الحزن الشديد الذي نعيشه في الـ 11 شهرا الاخيرة، لن نعقد هذه السنة حفل الفصح. وهذا حزن مزدوج، على موت كارمن فينشتاين، رئيسة الجالية السابقة، عن شيخوخة صالحة وعلى الموت المفاجيء لناديا هارون، شقيقة ونائبة رئيسة الجالية الحالية. هارون هي الشابة بين الجماعة، عمرها يقترب من ستين. الاخرون أكبر منها سنا بعشرين سنة على الاقل. وحسب ما هو معروف تبقى في الجالية المندثرة لمصر 15 يهوديا بالاجمال. وقريبا سيسألون: من سيدفع للحارس عند مدخل المواقع اليهودية؟
هي نفسها، ماجدة هارون تفهم بأن القصة تقترب من نهايتها. هام لها اقامة متحف للتراث اليهودي، ليعلم الناس بانه كانت هنا جالية نشطة في مصر: وزير مالية، مؤسس المسرح، أطباء، محامون، مفكرون بارزون وممثلون سينمائيون. بعضهم تباهى بيهوديته، آخرون أصروا بالذات على اخفائها. وأنا أعرب ما لا يقل عن ثلاث نساء عجائز من المكانة الاجتماعية اللامعة، تمثلن من خلال الزواج وحرصن على البقاء بعيدا. ولكن على مدى السنين جعلن لهن عادة الاستراق الى الكنيس الكبير ‘شعاريه شمايم’ في القاهرة. وهن يعتمرن غطاء رأس كبير، تابعن بعيون دامعة صلوات كل النذور.
في الاسبوع القادم، لاول مرة منذ اتفاقات السلام، لن يبحثن بالشموع عن الطفل الذي يسأل الزنجيات. رزم الغذاء الحلال والفطير ارسلت منذ الان، ولكن لا يوجد مزاج لها. بقايا الجالية، ولا سيما نساء منعزلات، أصبحت ثقيلة الحركة. لا يوجد حاخام محلي، لا توجد تأخيرات دخول للاسرائيليين، الشوارع متوترة، المواجهات العنيفة احتدمت. وفي أماكن المناوشات مع الشرطة والجيش، تزرع عبوات ناسفة.
لمرتين شاركت في حفل الفصح في مصر. دق في القلب لا يشبهه مثيل في اي مكان آخر في العالم. استؤجرت قاعة كبيرة في فندق يطل على نهر النيل، وحرص على تسويغ المطبخ بالحلال، وارسل الخبز الفطير من القدس. وشمرت نساء الدبلوماسيين الاسرائيليين عن اكمامهن لعمل كباب السمك المحشو، واعداد أصناف الطعام الخاصة بالفصح. مرة واحدة ارسل حاخام لادارة تلاوة الاسطورة، وفي المرة الثـــانية، تجند السفير، وتراكض عشرات الاطفــال بين الطــاولات. وعندما انتشرت الشائعة ظهر فجأة عشرات الســـياح اليهود وعصبة كبيرة من الدبلوماســـيين اليهود ممن عملوا في السفـــارات الاجنبية. وكان الانفعال شـــديدا. ووحده الحزام الكثيف من الحـــراس المسلحين في المحيط، في كل زاوية وزقاق أعادتك الى الواقع.
اليوم لا توجد للسفارة الاسرائيلية مكاتب في القاهرة. وعندما سيصل الى هناك سفيرنا الحادي عشر، حاييم كورين، فانه سيعمل، مثل سلفه، من منزله السكني المحروس الذي تحول الى مكتب. منذ ثلاث سنوات لا يوجد ايضا سفير مصري في تل أبيب. كل شيء متوقف، بالانتظار، الى أن ينتخب الرئيس القادم ويعقد البرلمان، في الصيف، بعد رمضان. لا يعتزم احد توسيخ اصابعه في القصة المعقدة للعلاقات معنا. قبل ان يحتل القصر الرئاسي، فان السيسي ملزم بأن يكون واثقا من أنه سينجح في البقاء.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ