Haneen
2014-05-29, 11:28 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (602) الجمعـــة 11/04/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
أبو مازن… رئيس انتهت صلاحيته
بقلم:غي بخور،عن يديعوت
واجهوا اتهامات كيري… لا تتنازلوا لفلسطين
بقلم:إيزي لبلار،عن اسرائيل اليوم
اليوم الذي اخطأ الجميع فيه
بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
يوم قدم الفلسطينيون لنا المساعدة
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
البرغوثي ـ بولارد ـ فياض
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
العقوبات كعصا مرتدة
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
أزمة داخلية أم أفول
بقلم:يحزقيل درور،عن هآرتس
</tbody>
أبو مازن… رئيس انتهت صلاحيته
بقلم:غي بخور،عن يديعوت
بدون حملة انتخابات والحصول على شرعية متجددة، لا توجد اي صلاحية لاي صاحب منصب في السلطة الفلسطينية، وعليه فمن ناحية قانونية حكم كل وثيقة توقع هذه عليها هو ان تكون مرفوضة
مثلما في جمهورية موز نموذجية، عقد ابو مازن اجتماعا لمجموعة غير واضحة من الاشخاص، اجلسوا حوله وكأنهم حكومة ما، وقع أمامهم على وثائق الانضمام الى مؤسسات الامم المتحدة وأجرى تصويتا، حصل بالطبع على اقرار بالاجماع، مع تصفيق للناس حوله. ‘التلفزيون الفلسطيني’، بوق جمهورية الموز، بث ذلك بالطبع في بث حي ومباشر و ‘تاريخي’.
حتى هنا المسرحية. ولكن هل يوجد على الاطلاق مفعول قانوني لتوقيعه؟ أبو مازن، اليوم ابن 80، عين رئيسا للسلطة الفلسطينية في كانون الثاني 2005، برعاية اسرائيل. وقد أنهى ولايته في كانون الثاني 2010. ‘البرلمان’ الفلسطيني انتخب في كانون الثاني 2006، برعاية اسرائيل ايضا، وهو الاخر أنهى ولايته في كانون الثاني 2010. وللاشارة فقط بان أبو مازن هو الذي حل البرلمان بسرعة لان حماس فازت فيه. وهكذا تحول أبو مازن بالسرقة من ‘رئيس منظمة’ الى ‘رئيس′ و ‘السلطة’ تحاول أن تتحول بالسرقة الى ‘دولة’.
بالمناسبة، لا يشار في أي وثيقة في اوسلو الى ‘سلطة فلسطينية’، وحتى هذا تم بالسرقة، على أيدي سلف ابو مازن، ياسر عرفات.
بتعبير آخر، كل واحد من القراء هنا هو ‘رئيس فلسطين’ بالضبط مثل ابو مازن، الذي هو اليوم انسان خاص، دون أي صلاحيات خاصة. الولايات المتحدة، التي كانت يقظة لهذه المناورة، قضت بان تكون المفاوضات بين اسرائيل وبين م.ت.ف، وليس السلطة الفلسطينية، الجسم الذي عمليا لا يوجد على الاطلاق. ليس له زعيم قانوني، ليس له برلمان، ليس فيه أحزاب مسجلة، ليس فيه انتخابات، وليس فيه حكومة لان الحكومة كان ينبغي أن تحصل على اقرار البرلمان، ولكن كما يذكر هذا ليس موجودا، كونه قد حل.
وحتى أنظمة الطغيان مثلما في سوريا، تحتاج كل بضع سنوات الى حملة انتخابات زائفة كي تخلق مظهرا من القانونية، اما في السلطة الفلسطينية فحتى هذا ليس ممكنا. ففي كل حملة انتخابات ستنتصر حماس. والمنظمات الجهادية ستصعد، وفتح المتحفية ستتحطم، كل واحد يفهم هذا. وعليه، فان هذا هو شرك للعرب الذين يسكنون في شرق اسرائيل: اذا توجهوا الى الانتخابات ستصعد حماس؛ واذا لم يتوجهوا اليها فليس لهم شرعية.
والان نحن ايضا نفهم لماذا تصل هذه المجموعة اياها من العشرين شخصا، التي تسيطر على السلطة وأموالها منذ عقدين من الزمن، الى عمر الشيخوخة الموغل إذ ليس لها أي امكانية لان تتجدد، وهي عالقة في معضلتها. واضح أن حماس أيضا لن تسمح بانتخابات كهذه في غزة، وكما يذكر، فان هذه السلطة منقسمة على نفسها الى كيانين يعادي الواحد الاخر، غزة والضفة. شيخوخة الزعامة هذه هي دليل على انعدام القانونية المستمر.
يمكن للامم المتحدة أن تتجاهل انعدام الصلاحية القانونية لابو مازن، ولكن عليها واجب قانوني لان تفحص التوقيع وواجب الاعلان بان ليس له مفعول وصلاحية. واذا لم تتطوع الامم المتحدة لان تفحص هذا، فعلى اسرائيل أن تذكرها بذلكح، بدعوى قضائية. هذه الخدمة الفلسطينية، المستمرة منذ عقدين، يجب أن تصل الى منتهاها ومن يدعي نيل الحقوق حسب ‘القانون الدولي’ لا يمكنه أن يتجاهله عندما لا يكون الامر مريحا له. ماذا يشبه هذا الامر؟ أن يوقع جورج بوش الان على مراسيم رسمية لحكومة الولايات المتحدة، او ربما جيمي كارتر، او حسني مبارك بالنسبة للحكومة المصرية.
بدون حملة انتخابات والحصول على شرعية متجددة، لا توجد اي صلاحية لاي صاحب منصب في السلطة الفلسطينية، وعليه فمن ناحية قانونية حكم كل وثيقة توقع هذه عليها هو ان تكون مرفوضة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
واجهوا اتهامات كيري… لا تتنازلوا لفلسطين
بقلم:إيزي لبلار،عن اسرائيل اليوم
قليلون هم الاسرائيليون الذين فاجأهم أن التفاوض مع الفلسطينيين أخذ يموت. فالقرار الفلسطيني على تقديم ترشح لـ 15 مؤسسة دولية لبعضها صلة بالامم المتحدة، هو نكث أساسي لاتفاقات اوسلو. وقد ألح جون كيري على أبو مازن أن يكف عن ذلك، فأُجيب برفض ساحق.
بعد ذلك تابعت السلطة السخرية من الولايات المتحدة بزيادة مطالبها زيادة فاحشة. وشمل ذلك اعترافا بخطوط وقف اطلاق النار في 1949 بأن تكون حدودا نهائية، وهذا شيء يتطلب التنازل عن حائط المبكى وعن الضواحي اليهودية من شرقي القدس؛ والافراج عن 1200 مخرب آخر فيهم البرغوثي وسعدات قاتل الوزير رحبعام زئيفي؛ ومنح 15 ألف عائلة من اللاجئين الفلسطينيين جنسية اسرائيلية في اطار حق العودة العربي وطلب ‘اسقاط الحصار عن غزة’.
وعاد كيري في شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ كي يحمي نفسه من السقوط الكارثي لتدخله الفاشل، عاد الى العادة القديمة المريبة وهي المعادلة الاخلاقية بين الطرفين، لكنه ألقى أكثر التهمة على اسرائيل.
اتهم اسرائيل، بتبنيه التوجه الفلسطيني، بأنها امتنعت عن الافراج عن مجموعة المخربين الاخيرة، واتهمها بالتحرش لأنها وافقت على البناء في غيلو وهو ضاحية يهودية لا شك ألبتة في أنها ستبقى الى الأبد في يد اسرائيل. وقد سوغ في واقع الامر استقرار رأي الفلسطينيين على الانضمام الى الـ 15 منظمة دولية.
من الضروري أن تصوغ الحكومة مبادرة عالمية مهمة لدفع موقف اسرائيل الى الأمام. ويجب عليها أن تتحقق من أن سفراءنا يبدأون حملة دعائية قوية ويستدعون بصورة فعالة دعم الجاليات اليهودية المغتربة واصدقاء اسرائيل. وعلينا أن نثبت عدم استعداد الفلسطينيين للتنازل عن شيء في كل موضوع وأن نثبت خاصة اصرارهم على عدم المرونة في ثلاثة مواضيع حاسمة هي أساس تعايش حقيقي وهي: حق العودة للاجئين، والاستعداد للتوصل الى انهاء الصراع والاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية.
ينبغي أن نعود ونؤكد المفهوم من تلقاء نفسه. فالسلام يحتاج الى طرفين والتنازلات الاخرى من طرف واحد تعمل مثل حافز للفلسطينيين الى استعمال مطالب أكثر شذوذا. والحديث عن أن انهاء السيادة اليهودية يتبوأ منزلة أهم في ترتيب أولويات السلطة من الاستقلال السياسي.
يتوقع أن يبادر الفلسطينيون الى حملة عالمية قوية للتنديد بنا ووصمنا وسلبنا شرعيتنا ومقاطعتنا. وإن انضمام الدول الاسلامية والعالم الثالث ودول اخرى يضمن أكثرية معادية دائمة لاسرائيل في جميع مؤسسات الامم المتحدة. وإن التنديد باسرائيل هذا الشهر في مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان، في مواضيع شملت عدوانا في ظاهر الامر على حقوق الانسان لمواطنين عرب في الجولان (امتنع الاوروبيون) يقول كل شيء.
نحن محتاجون الى دعم الجمهور الامريكي ومجلس النواب لثني اوباما عن التخلي عنا، ولضمان أن تقتصر الحملة الدعائية الفلسطينية على قرارات لا مضمون لها. وعندنا اسباب حقيقية تدعونا الى الخشية من تنحي ادارة اوباما جانبا والامتناع عن استعمال الفيتو في مجلس الامن وتشجيع الاوروبيين بصورة غير رسمية على أن يفرضوا علينا الاستمرار على التنازلات.
وعلينا أن نُبين من جهتنا أننا لا ننوي ألبتة أن نقترح تنازلات اخرى وأن نرشو السلطة كي تفاوضنا. وحينما يشير الفلسطينيون الى استعدادهم لادارة محادثات صادقة دون شروط مسبقة، سنجيب بنعم ونعود الى اظهار الاستعداد في الطريق الى سلام حقيقي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اليوم الذي اخطأ الجميع فيه
بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
أمس اخطأت الجهات الثلاث المشاركة في التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني كل خطأ ممكن، وستجدد اليوم الاتصالات برعاية الوسيط الامريكي مارتن اينديك. ليس شيء ضائعا لكن الخطر على مستقبل الاتصال السياسي يزداد.
وهذا هو البديل الأقل سوءً قياسا بعدم وجوده لأنه على إثر الفراغ واللاشيء يأتي بعد ذلك صدام عنيف وانتفاضة بلغة عبرية حديثة.
وجه جون كيري انتقادا مشروعا الى اوري اريئيل الذي نشر في مفترق مصيري لمصير التفاوض مناقصة لبناء ضخم في القدس، ولم يغضب كيري وحده، بل غضبت تسيبي لفني ويئير لبيد، وربما شاركهما بنيامين نتنياهو في رأيهما برغم أنه احتفظ بحق الصمت.
إن المشكلة هي أن كيري تجاهل الحقيقة القاطعة وهي أن أبو مازن ليس معنيا بالتفاوض بأي شرط؛ وأنه يشق الاطارات في كل مرة تستعد فيها مركبة التفاوض للانطلاق. هذا ما فعله بالاشتراك مع ياسر عرفات باهود باراك سنة 2000 وهو ما فعله باهود اولمرت في 2009، وما فعله برفضه الاعتراف بحق الشعب اليهودي في تقرير المصير ودولة ذات سيادة. فهو مُشعل رئيس للحريق، وكيري عرف ورأى وسكت.
إن هذا الانحياز تؤيده ملاحظات فظة من ‘موظف امريكي رفيع المستوى’ هو في الاكثر مارتن اينديك الذي ندد من قبل بموشيه يعلون وبأريئيل ولم يندد مرة واحدة بمساعدي أبو مازن (هكذا كان يسلك منذ ساند بيل كلينتون باراك في كامب ديفيد في 2000).
ليس الخطأ الفلسطيني على غير عمد بل هو إفساد متعمد. وحتى عرفات عرّف اسرائيل بأنها ‘دولة يهودية’، ويستطيع أبو مازن ذلك لكنه لا يريد. فهو ذئب (يتهرب من انشاء دولتين للشعبين) في جلد نعجة (يمتنع عن اعمال ارهابية). وقد عاد الآن الى مجال اختصاصه، أعني الابتزاز. فهو يضغط لموافقة اسرائيلية على بعض توجهاته للقبول في منظمات دولية بخلاف وثيقة بدء التفاوض قبل سنة.
وأسهمت اسرائيل في الازمة بعدم وفائها بالتزامها الافراج عن سجناء في الدفعة الرابعة، وكان يجب أن تفرج عنهم لكن من غير عرب اسرائيليين لأنها لم تلتزم بذلك. وإن مناقصة اريئيل كطلب نفتالي بينيت أمس ضم الكتل الاستيطانية الى اسرائيل ايضا هما غوغائية تثقل على اسرائيل في الولايات المتحدة واوروبا.
والى ذلك أعلن البيت اليهودي وجزء من الليكود مسبقا أنهما يعارضان اتفاقا مع الفلسطينيين، لكنهما التزما بأن يدعا نتنياهو يجري التفاوض بحسب فهمه كي تخرج اسرائيل جافة من الماء السياسي الهائج. ولا يفي اليمين في الحكومة بهذا الالتزام، ونتنياهو بدل أن يصفي الحساب معه يسيطر عليه غضبه المفهوم على كيري ويشدد العقوبات على الفلسطينيين.
لماذا؟ اذا لم يكن الفلسطينيون يريدون التفاوض فان اسرائيل لن تتخلى عن أملاكها، لكن لماذا يعاقب المواطن في رام الله ونابلس؟ إن هذه الوسائل يجب أن تستعمل اذا ما حانت ساعة العنف، لا سمح الله.
بيد أنه يوجد أرنب آخر في القبعة. فقد أعلن ليبرمان أن الانتخابات المبكرة أفضل من تبني مخطط كيري. وسيتضح بعد أن يرجع من محادثة وزير الخارجية الامريكي هل عاد الى النهج المعتدل المؤيد لامريكا الذي كان يميزه في الاسابيع الاخيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
يوم قدم الفلسطينيون لنا المساعدة
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
ان أكثر الفلسطينيين ناس يبحثون عن السلام والخير بل يريدون أن يعيشوا مع الاسرائيليين في سلام، لكن الاسرائيليين أو أكثرهم لا يؤمنون بذلك
إهتزت السيارة في الطريق الوعرة، فهي طريق ترابية طويلة ويجب الحذر. ولم يساعد ذلك، فقد أصاب مطب جناح السيارة. كان ثقب صغير لا غير. ونظر برهان الى الخلف وقال يجب أن نقف. وكان يمتد خلفنا خط طويل من قطرات الزيت.
ومرت لحظة اخرى فسكت المحرك. كنا في طريقنا عائدين من القرية الصغيرة حُمسة في غور الاردن التي هدمت اسرائيل بيوتها في الاسبوع الماضي. وخرج برهان وبسام بشرات وهما من سكان حلة مكحول المجاورة وهي تجمع رُعاة آخر هُدم قبل نصف سنة، خرجا من السيارة وحاولا أن يغطيا ثقب التسريب بقطع النايلون التي وجدوها حولهما، لكن ذلك لم يساعد فبقي الزيت ينسكب. إنها نهاية العالم.
وهاتفا كراج مستوطنة بكعوت فلم يجدا هناك وعاء زيت. وهاتفا صاحب كراج من جبتلك فلم يجدا عنده ايضا. انها نهاية العالم. واتقدت الشمس وضربتنا ريح قوية على وجوهنا. وفجأة ظهرت من مكان ما جرافة لأحد سكان حُمسة المهدومة فجر سيارتنا الى الشارع الرئيس ورفض أن يأخذ مالا. وفي عشرات السنوات التي قضيتها في المناطق علقت سيارتي أكثر من مرة ولم يوافق صاحب جرافة قط على أن يأخذ مالا عن عمل تخليصها.
قبل بضعة أشهر علقنا عند مشارف طولكرم قبالة مدخل مخيم اللاجئين نور شمس. وكانت مضخة الماء آنذاك هي التي انسربت. ووقف سائق فلسطيني في طرفة عين ولم تكد تمر دقيقتان حتى كان نصف المخيم قد أحدق بنا يقدم نصائحه. إن نور شمس يعتبر من وجهة نظر الاسرائيليين المغسولي الأدمغة الذين تضربهم المخاوف، يعتبر مكانا خطيرا ومعاديا بصورة خاصة. وجاءت مضخة الماء في غضون نصف ساعة فركبها السائق الفلسطيني ورفض أن يحصل على تعويض.
علقت الأديبة ايلانا هلرمان ايضا ذات مرة لبنشر في اطارها في وسط قرية، نُصبت عند مدخلها واحدة من تلك اللافتات الحمراء التي تبث الرعب: ‘الدخول للاسرائيليين محظور، يعرض حياتهم للخطر وهو مخالفة جنائية’. وفي غضون دقائق بدل سكان القرية اطار سيارتها فسارت في طريقها. وكتبت هلرمان عن ذلك في صحيفة ‘هآرتس′ في مقالة عنوانها ‘الى أين تقود الطرق’ 18/7/2013. ومضت مع صديقاتها الفعالات بعد ذلك لتغطي لافتات التحذير الحمراء بكتابة: ‘أيها الاسرائيليون لا تخافوا. ارفضوا أن تكونوا أعداءً’.
سواء أكنا أعداءً أم لا، نحن الآن عالقون في الشارع 358، دون زيت ودون محرك. ‘أيها الزبون العزيز، بعد الحديث بيننا سيُرسل اليك جرار للعلاج. أخرج من فضلك الاشياء الثمينة من سيارتك. نحن نبذل أقصى الجهد لتقصير وقت الوصول’. وكانت ثلاث ساعات. ومرت سيارات مستوطنين وسيارات عسكرية ولم يفكر أحد في الوقوف. وفجأة وقفت جرافة فلسطينية اخرى تنقل الغنم. وقد هدموا للسائق بيته ايضا. فسأل: أتريدون ماء؟.
وعاد بعد نصف ساعة دون الغنم لكن مع طعام من الخيار والبندورة وكل ذلك ‘بلدي’، وجبن ضأن رائع ايضا وخبز من الطابون. ‘أعدته زوجتي لكم’، قال في شعور بالحرج وانصرف. ولم يعلم من نحن بل علم فقط أننا اسرائيليون ومن المؤكد أنه ظن أننا من مستوطني الغور فهم وحدهم تقريبا الذين يسافرون في هذا الشارع اللعين الذي أقامت اسرائيل تلة ترابية على طوله لمنع دخول المزارعين الفلسطينيين ولخنق حياتهم.
وكانت نهاية طيبة وأصبح كل شيء طيبا فقد خفت الحرارة قليلا وجاء الجرار. لكننا بقينا مع الافكار. لماذا يهبون دائما لمساعدتنا في هذا السخاء دون أن يعلموا من نحن سوى أننا اسرائيليون؟ أهذا لا سمح الله استخذاء للمحتل أم هو طيبة قلب طبيعية؟ وكيف يستوي ذلك مع التحذيرات والمخاوف التي يُغذى الاسرائيليون بها؟ علمتني سنواتي في المناطق أن أكثر الفلسطينيين العاديين هم ناس باحثون عن الخير يريدون أن يعيشوا مع الاسرائيليين في سلام. لكن حاول أن تقول ذلك لاسرائيلي، فسيبدو له ذلك هاذيا،كما يقولون له إن جراره ‘سيبذل أقصى الجهد لتقصير وقت الوصول’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
البرغوثي ـ بولارد ـ فياض
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
أصبح اهتمام القيادة الامريكية والاسرائيلية والفلسطينية مصروفا الى كسب وقت جديد للتفاوض، وطريقة كسب الوقت هي الافراج عن بولارد عوض البرغوثي وأن يضاف الى ذلك انشاء حلف بين البرغوثي وسلام فياض يعرض حركة جديدة وقيادة جديدة للفلسطينيين
لا يؤمن أكثر الاسرائيليين بمسيرة السلام، ولا يعلم أكثر الاسرائيليين ايضا بالآثار الشديدة الوقع التي ستكون لتفجير مسيرة السلام، وهذه هي الاسباب التي تجعل هدوءاً عجيبا يصاحب تلاشي التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني. فلا أحد تؤثر فيه حقا حقيقة أن محمود عباس قلب المائدة قبل أن تُجيز حكومة اسرائيل صفقة السجناء عوض بولارد بلحظة واحدة. ولا أحد تزعزعه حقا حقيقة أن الوزير الذي عينه يئير لبيد وزيرا للاسكان زاد تحديا مدمرا منه على الحريق. إن دعوى قضائية تتلو دعوى في بيت رئيس الوزراء. وإن مشهورا يتلو مشهورا في قضية المخدرات الخفيفة. واحتمال انهيار محاولة جون كيري الكبيرة للتوصل للسلام لا يقلق سوى القليلين. واحتمال أن التجربة الثالثة للتوصل الى سلام دائم (بعد كامب ديفيد وأنابوليس) قد تصبح المحاولة الاخيرة، يقلق قليلين. جاء الربيع وجاء الفصح. وفي دولة الوهم الاسرائيلية بهجة وفرح.
لكن يجب علينا أن ننقذ مبادرة كيري ولو لأن البديل هو انتفاضة ثالثة سياسية قد تُعرض اسرائيل للخطر أكثر من سابقتيها. ولو لأن البديل هو سيطرة نهائية لمشروع الاستيطان على المشروع الصهيوني وجعل اسرائيل دولة لا أساس لبقائها. ولهذا يجب بذل كل جهد لاحياء تسوية الدولتين التي تحتضر الآن أمام أعيننا. وثمة حاجة ايضا الى تجديد مسيرة السلام والى تقويم مسار السلام على نحو خلاق وواقعي. لكنه يُحتاج الى زمن من اجل ذلك. ويُحتاج من اجل ذلك ايضا الى إطالة الأمد بصورة عاجلة تمنح الامريكيين والاسرائيليين والفلسطينيين السنة المطلوبة ليُعرفوا من جديد فكرة السلام وليبدأوا تنفيذها.
كانت الطريقة السابقة لاحداث زمان تعتمد على جونثان بولارد. ولم تنجح لأنها لم تكن متزنة بقدر كاف. ويجب أن تكون الطريقة الجديدة لاحداث زمان معتمدة على بولارد ومروان البرغوثي. فصفقة بولارد عوض البرغوثي عوض الزمن ستكون صفقة لن يستطيع أي واحد من الأطراف ذات الصلة بالأمر أن يرفضها. فالمؤسسة الامنية الامريكية لا تستطيع أن تُحدث ضررا مباشرا بالأمن القومي الامريكي بسبب الاصرار على مضايقة جاسوس من ثمانينيات القرن الماضي. ولا تستطيع المؤسسة القومية في اسرائيل أن تُضر بقيمة فداء الأسرى بسبب الاصرار على رؤية فلسطيني واحد يمكث في السجن أكثر فأكثر. ولا تستطيع المؤسسة الفلسطينية ألا توافق على صفقة تحرر أبرز رمز لنضال التحرير الفلسطيني في الجيل الحالي. وستصبح واشنطن والقدس ورام الله مُرغمات شريكات في صفقة دائرية معناها الأمني صغير ومعناها الرمزي عظيم، والقطب الذي تدور عليه هو قطب إحداث زمان.
لكن الافراج عمن أُدين بالمسؤولية عن اعمال ارهابية ليس أمرا ضئيل الشأن من وجهة نظر اسرائيلية ولهذا يجب على البرغوثي نفسه ايضا أن يسهم اسهاما مهما في الصفقة، فعليه أن يبرهن على أنه يدير ظهره للعنف ويعود ليصبح رجل سلام كما كان في سني اوسلو. والطريق لفعل ذلك هي تحقيق فكرة كان البرغوثي يفكر فيها منذ زمن وهي انشاء حلف سياسي معلن بينه وبين سلام فياض.
إن رئيس الوزراء الفلسطيني السابق هو رجل سلام حقيقي وهو يجسد قرار فلسطينيين كثيرين على تفضيل الحياة على العنف والحركة الى الأمام على الضحايا. ولهذا اذا أعلن السجين المشهور والاقتصادي الخبير الآن عن انشاء حلف سياسي فسيصبح واضحا الى أين يتجه البرغوثي في اليوم الذي يلي الافراج عنه. وسيكون الزوجان البرغوثي وفياض المتمم الطبيعي المطلوب لصفقة بولارد البرغوثي، لكنهما سيكونان أكثر من ذلك ايضا، فهما سيعرضان قيادة فلسطينية جديدة وطريقا فلسطينيا جديدا ينشئان أملا جديدا في السلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
العقوبات كعصا مرتدة
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
إن العقوبات التي فرضتها اسرائيل وستفرضها بعد لا تشهد على قوة بل على ضعف وستضر لا بعلاقة اسرائيل بالسلطة فقط بل بعلاقتها بالولايات المتحدة والدول الاوروبية ايضا
‘الخطوات من طرف واحد سيُرد عليها بخطوات من طرف واحد’، بهذا وعد رئيس الوزراء نتنياهو بعد أن وقع الرئيس الفلسطيني على طلبات فلسطين الانضمام الى 15 وثيقة من 63 وثيقة دولية. وبعد أن أمر بتعويق الرخصة لشركة الهواتف الخلوية ‘الوطنية’ (التي يرأسها إبن محمود عباس) أن تبسط شبكته في قطاع غزة، أمر في يوم الاربعاء المكاتب الحكومية بألا تجري لقاءات في مستوى رفيع مع النظراء الفلسطينيين.
يتوقع أن يضاف الى ابراز العضلات هذا باسلوب بلوتو، فصل بوباي، المضايقات المعتادة كابطال بطاقات الاشخاص المهمين لكبار مسؤولي السلطة ورجال اعمال كبار وهي التي تجعل للتعاون الاقتصادي مع رجال اعمال اسرائيليين مضمونا حقيقيا، وتجديد نصب حواجز في الاماكن التي أُزيلت منها من قبل، وتشديد الخناق على الاقتصاد الذي سيوقف تحويل الضرائب التي تجبيها اسرائيل للسلطة الفلسطينية ومقدارها 100 مليون دولار كل شهر.
وقد أُعفي من العقوبات (الآن) وزارة الدفاع والجيش الاسرائيلي و’الشباك’ والوزيرة تسيبي لفني التي تمسك بيدها أنبوب التنفس المسدود للمسيرة السياسية. ليست هذه أول مرة يتسلى فيها نتنياهو بفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية. لكن لقراره هذه المرة وزنا متراكما قد ينفجر في وجهه ووجه اسرائيل. فقد أخذت ترتفع الاصوات في السلطة الفلسطينية التي تدعو عباس الى نقض السلطة، ويتحدث المقربون منه عن امكانية أن يعلن اجراء انتخابات في موعد قريب في الضفة والقطاع، ولن يعرض ترشحه هذه المرة. صحيح أن عباس هدد في الماضي بنيته الاستقالة لكن في مواجهة الاختلافات الصارخة في فتح وفشل التفاوض، لم يبق لعباس حلم يستحق التحقيق ويستحق الاستمرار على تولي الامور من اجله.
وفي مقابل ذلك قد يدفع عباس قدما بالمصالحة مع حماس التي عبر قادتها عن تأييد معلن لـ ‘صموده الصلب’ في مواجهة خطوات اسرائيل. ومن الواضح لعباس أن هذه المصالحة ستترجم فورا الى برهنة على ادعاء أنه لا يوجد شريك في الجانب الفلسطيني، لكن ولأنه لا يُجرى تفاوض أصلا فان توحيد فلسطين تحت قيادة مشتركة في داخل م.ت.ف قد يكون انجاز ولايته الوحيد بعد أن اقتطعت حماس غزة من تحت جناحه. وتبدو المصالحة الآن احتمالا بعيدا، لكن ينبغي ألا نتجاهل أن حماس ولا سيما قيادتها الخارجية تبحث عن بيت وهي غارقة ايضا في مشكلات اقتصادية كبيرة جدا قد تدفعها الى تنازلات سياسية (داخلية) لكن لا سياسية خارجية أو ايديولوجية.
ليست المصالحة مع حماس ودمجها في م.ت.ف بالضرورة بديلا عن استقرار الرأي على نقض السلطة الفلسطينية. ففي الحالين ستنتقل المسؤولية المباشرة عن ادارة امور المناطق الى اسرائيل. فهي التي ستضطر الى إعمال اجهزة الصحة والتربية والبنى التحتية وسائر الخدمات الضرورية التي تديرها السلطة وتنفق عليها. وستصبح العقوبات التي فرضها رئيس الوزراء أصلا غير ذات صلة بالواقع لأن المكاتب الحكومية الاسرائيلية ستبحث آنذاك بالشموع عن شركاء فلسطينيين تدير المناطق بوساطتهم. ولا حاجة الى أن نضيف أن المنح التي يُحصل عليها الآن من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والدول العربية لن تكون لاسرائيل بعد ذلك اذا اضطرت الى العودة الى ادارة المناطق كما كانت تفعل حتى اتفاقات اوسلو.
إن عباس الذي جاء الى القاهرة أمس ليتباحث مع وزراء خارجية اعضاء الجامعة العربية، طلب منهم دعما سياسيا ومساعدة مالية ثابتة تبلغ 100 مليون دولار كل شهر، للتعويض عن الضرر الاقتصادي الذي ستُحدثه العقوبات الاسرائيلية.
لم يُبت قرار في ذلك الى الآن، لكن يبدو أن مجرد عرض الطلب يشهد على أن عباس غير متحمس لفكرة نقض السلطة لأن معناها سيكون ايضا وقف المعركة الدولية لاحراز اعتراف بدولة فلسطينية، أو انضمام فلسطين الى سائر المواثيق الدولية ولا سيما دستور روما الذي يراه عباس عصا تهديد اسرائيل.
إن فرض العقوبات الاسرائيلية خاصة مع اصبع الاتهام التي وجهها كيري الى اسرائيل قد تكون من مصلحة عباس في الصعيد الدولي. ويبدو أنه يفضل أن يستنفد هذا الاجراء حتى نهاية الشهر مع فرض أن التفاوض السياسي سيُدفن آنذاك في صوت خافت دقيق.
إن العقوبات التي فرضتها اسرائيل وستفرضها كي تثبت جدية شعاراتها الجوفاء، تُستل كالعادة من الخصر في اندفاعة غضب وغرور مُعرضة للخطر لا علاقاتها بالسلطة الفلسطينية فحسب بل بالولايات المتحدة والدول الاوروبية ايضا. ولا يتضح ما هو المقصد الذي تقصده. واذا كان نتنياهو يريد أن يضغط على عباس ليتراجع عن التوقيع على مواثيق الامم المتحدة فانه قد يجد نفسه يواجه توقيعا على دستور روما. واذا أراد أن يبرهن على قوة اسرائيل فان العقوبات خاصة تشهد على ضعف وقصر نظر لأن الفلسطينيين برهنوا في الماضي على أنهم لا يُخوفون باحتلال أقسى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أزمة داخلية أم أفول
بقلم:يحزقيل درور،عن هآرتس
يخيل أن أزمة داخلية حتى وان كانت خطيرة، ضرورية من أجل السماح لاسرائيل ببلورة موقفها بالنسبة للحدود الدائمة مثلما هناك حاجة ماسة الى مسيرة سلمية جدية تضمن مستقبلنا. في ظل غياب مسيرة سلمية حقيقية فان الوضع السياسي الامني لاسرائيل سيتدهور
في 1858، قبل ثلاث سنوات من اندلاع الحرب الاهلية الامريكية، القى الرئيس ابراهام لينكولن خطاب ‘البيت المقسم’، الذي جاء بالدليل على أن حل مشاكل الساعة يمكن أن ينبع من أزمة فقط. اليوم ايضا، في اسرائيل، يوجد الخيار الصعب، هل نحدث أزمة داخلية على أمل أن تؤدي الى سياسة حديثة ذات فرص نجاح حقيقية أم نبقى نراوح في المكان، الذي يحافظ على هدوء سياسي مؤقت ولكن يتسبب بافول وطني، يكون الثمن المتعاظم عليه باهظا.
توجد صدوع في اسرائيل يمكن ترك مهمة رأبها الى السياقات التاريخية. مثل دمج الاصوليين في المجتمع الاسرائيلي. ولكن في ضوء صدوع تتسبب بمراوحة في المكان وتعرض المستقبل للخطر، من الافضل أزمة تؤدي الى حسم. هكذا كان الامر بالنسبة للعبودية في الولايات المتحدة، وكذا بالنسبة للحكم الفرنسي في الجزائر، مثلا، يخيل أن أزمة داخلية حتى وان كانت خطيرة، ضرورية من أجل السماح لاسرائيل ببلورة موقفها بالنسبة للحدود الدائمة مثلما هناك حاجة ماسة الى مسيرة سلمية جدية تضمن مستقبلنا.
ان طحن المياه في المحادثات مع الفلسطينيين، والتوصيات على انواعها لادارة النزاع في ظل تثبيت ‘حقائق’ على الارض، هي مؤشر يدل على انعدام استعداد القيادة السياسية للتصدي للازمات الداخلية النابعة من جهد حقيقي لتهدئة الصدام بين العرب والاسلام وبين دولة اسرائيل والشعب اليهودي، بما في ذلك المسألة الفلسطينية. ولكن هذا القصور سيؤدي على نحو شبه مؤكد الى أفول اسرائيل، إلا إذا غيرت سياستها الحالية.
لغياب السياسة الشاملة اللازمة عدة اسباب: غياب فهم البعد الاقليمي للنزاع والذي لن يغير فيه اي اتفاق مع الفلسطينيين بحد ذاته. تفكير موضعي بدلا من تفكير شامل؛ التركيز على ‘الحق’ و’حق الاباء والاجداد’ بدلا من امكانيات الواقع السياسي التي هي المفتاح للمستقبل؛ التعلق بتأييد الولايات المتحدة، حتى عندما تتآكل؛ الاستناد الى قوة الجيش الاسرائيلي التي هي بالفعل كبيرة ولكن في واقع الامر جوهرها لا يمكنه أن يعطي جوابا لهجمات سياسية. التقدير عديم الاساس بان الزمن يعمل في صالحنا؛ وعنصر صوفي سأطرحه بواسطة مثال تاريخي: فيليب الثاني، ملك اسبانيا والبرتغال، حذر من طقس سيء قبل أن يرسل الجيش ضد انجلترا ولكنه أجاب بان الله سيضمن نجاح الهجوم ضد الكفار.
وينبغي أن يضاف الى هذا نقيض الايمان بالمستقبل الواعد، اي الخوف، الذي له اساس تاريخي صلب في أن مجرد وجود اسرائيل في خطر وانه لا يجب الاعتماد على الاخرين وبالتالي محظور تعريض الامن القومي للخطر بـ ‘رهانات’ مع اتفاقات سلام على أنواعها.
ولكن هذه المفاهيم تستخف باهمية الاتفاقات كعنصر في رزمة الامن القومي كما يتجسد الامر في السلام مع مصر. والاخطر من ذلك فانها تتجاهل الامكانيات كثيرة الاحتمالية في أنه في ظل غياب مسيرة سلمية حقيقية فان الوضع السياسي الامني لاسرائيل سيتدهور. من هنا ضرورة التقدير الواقعي لمستقبل بديل، مع كل اليقين وبلورة سياسة حديثة جدا تستند اليه.
التقدير الذي وصلت اليه بعد سنوات طويلة من الانشغال في الموضوع عمليا ونظريا هو انه دون تقدم بمراحل سريعة الى اتفاق اقليمي سيتضرر وضعنا السياسي الامني وسنضطر، بعد أزمات أمن قومية جدية الى الموافقة على تسوية سيئة من ناحيتنا. وبالمقابل، اذا عرضت اسرائيل خطة سلام اقليمية ذات مصداقية، فانه يمكن التقدم نحو تطبيع العلاقات مع معظم الدول العربية والاسلامية، فيما نتمتع بترتيبات امنية ذات مصداقية ومن مكانة عالمية متينة. ولكن المقابل الاسرائيلي الضروري (وشبه المحتم في كل حال على مدى الزمن) هو انسحاب الى حدود 1967 الى هذا الحد أو ذاك، مع تبادل للاراضي، اقامة دولة فلسطينية مثابة سيادية، ونظام حديث في اجزاء من القدس (مثلا، مكانة الفاتيكان لا تمس بالسيادة الشاملة لايطاليا على عاصمتها).
ولكن لا يكفي التقدير والخطة السياسية الواعدة. مطلوب ايضا شجاعة سياسية للكفاح في سبيل خطة سياسية للسلام الاقليمي، رغم الثمن الذي ينطوي عليه ذلك، وحشد ما يكفي من القوة السياسية للتقدم في الاتجاه المقترح. مثل هذه القوة يمكن تحقيقها من خلال الانتقال الى نظام شبه رئاسي، ولكن ايضا في النظام الحالي يمكن لرئيس وزراء مصمم على رأيه، مستعد لاخذ المخاطر السياسية الضرورية لمستقبل الدولة، ان يجند الدعم اللازم من خلال التوجه المباشر، الذي اعد جيدا، الى الجمهور الغفير، وربما تشكيل حزب جديد (مثلما فعل ارئيل شارون)، وعند الحاجة التوجه الى استفتاء شعبي. يوجد الكثير مما يمكن ان نتعلمه عن هذه الامكانيات من شارل ديغول.
ولكن كما أسلفنا، يوجد بديل آخر، الكثيرون يؤيدونه، وهو مواصلة المراوحة في المكان. ولكن بقدر ما يكون هذا مريحا في المدى القصير، فإن نتائجه على مدى الزمن خطيرة، بما في ذلك أزمات سياسية امنية تؤدي الى تسوية في ظروف أسوأ بكثير يمكن لاسرائيل أن تحققها من خلال مبادرة سلام كما نوصي به.
نحن مخولون بان نختار بين الراحة قصيرة المدى للسلام الداخلي المبني على العمى السياسي الامني، وبين تجديدات سياسية ضرورية، وان كانت تنطوي على أزمات غير سهلة، لضمان مستقبلنا. الحسم متعلق بقدر كبير بمدى الفهم التاريخي، استشراف الوليد، الابداعية السياسية والشجاعة الحزبية لرئيس الوزراء الحالي، أو من يأتي بعده. في غياب مسيرة سلمية حقيقية، فان الوضع السياسي الامني لاسرائيل سيتضعضع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي (602) الجمعـــة 11/04/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
أبو مازن… رئيس انتهت صلاحيته
بقلم:غي بخور،عن يديعوت
واجهوا اتهامات كيري… لا تتنازلوا لفلسطين
بقلم:إيزي لبلار،عن اسرائيل اليوم
اليوم الذي اخطأ الجميع فيه
بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
يوم قدم الفلسطينيون لنا المساعدة
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
البرغوثي ـ بولارد ـ فياض
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
العقوبات كعصا مرتدة
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
أزمة داخلية أم أفول
بقلم:يحزقيل درور،عن هآرتس
</tbody>
أبو مازن… رئيس انتهت صلاحيته
بقلم:غي بخور،عن يديعوت
بدون حملة انتخابات والحصول على شرعية متجددة، لا توجد اي صلاحية لاي صاحب منصب في السلطة الفلسطينية، وعليه فمن ناحية قانونية حكم كل وثيقة توقع هذه عليها هو ان تكون مرفوضة
مثلما في جمهورية موز نموذجية، عقد ابو مازن اجتماعا لمجموعة غير واضحة من الاشخاص، اجلسوا حوله وكأنهم حكومة ما، وقع أمامهم على وثائق الانضمام الى مؤسسات الامم المتحدة وأجرى تصويتا، حصل بالطبع على اقرار بالاجماع، مع تصفيق للناس حوله. ‘التلفزيون الفلسطيني’، بوق جمهورية الموز، بث ذلك بالطبع في بث حي ومباشر و ‘تاريخي’.
حتى هنا المسرحية. ولكن هل يوجد على الاطلاق مفعول قانوني لتوقيعه؟ أبو مازن، اليوم ابن 80، عين رئيسا للسلطة الفلسطينية في كانون الثاني 2005، برعاية اسرائيل. وقد أنهى ولايته في كانون الثاني 2010. ‘البرلمان’ الفلسطيني انتخب في كانون الثاني 2006، برعاية اسرائيل ايضا، وهو الاخر أنهى ولايته في كانون الثاني 2010. وللاشارة فقط بان أبو مازن هو الذي حل البرلمان بسرعة لان حماس فازت فيه. وهكذا تحول أبو مازن بالسرقة من ‘رئيس منظمة’ الى ‘رئيس′ و ‘السلطة’ تحاول أن تتحول بالسرقة الى ‘دولة’.
بالمناسبة، لا يشار في أي وثيقة في اوسلو الى ‘سلطة فلسطينية’، وحتى هذا تم بالسرقة، على أيدي سلف ابو مازن، ياسر عرفات.
بتعبير آخر، كل واحد من القراء هنا هو ‘رئيس فلسطين’ بالضبط مثل ابو مازن، الذي هو اليوم انسان خاص، دون أي صلاحيات خاصة. الولايات المتحدة، التي كانت يقظة لهذه المناورة، قضت بان تكون المفاوضات بين اسرائيل وبين م.ت.ف، وليس السلطة الفلسطينية، الجسم الذي عمليا لا يوجد على الاطلاق. ليس له زعيم قانوني، ليس له برلمان، ليس فيه أحزاب مسجلة، ليس فيه انتخابات، وليس فيه حكومة لان الحكومة كان ينبغي أن تحصل على اقرار البرلمان، ولكن كما يذكر هذا ليس موجودا، كونه قد حل.
وحتى أنظمة الطغيان مثلما في سوريا، تحتاج كل بضع سنوات الى حملة انتخابات زائفة كي تخلق مظهرا من القانونية، اما في السلطة الفلسطينية فحتى هذا ليس ممكنا. ففي كل حملة انتخابات ستنتصر حماس. والمنظمات الجهادية ستصعد، وفتح المتحفية ستتحطم، كل واحد يفهم هذا. وعليه، فان هذا هو شرك للعرب الذين يسكنون في شرق اسرائيل: اذا توجهوا الى الانتخابات ستصعد حماس؛ واذا لم يتوجهوا اليها فليس لهم شرعية.
والان نحن ايضا نفهم لماذا تصل هذه المجموعة اياها من العشرين شخصا، التي تسيطر على السلطة وأموالها منذ عقدين من الزمن، الى عمر الشيخوخة الموغل إذ ليس لها أي امكانية لان تتجدد، وهي عالقة في معضلتها. واضح أن حماس أيضا لن تسمح بانتخابات كهذه في غزة، وكما يذكر، فان هذه السلطة منقسمة على نفسها الى كيانين يعادي الواحد الاخر، غزة والضفة. شيخوخة الزعامة هذه هي دليل على انعدام القانونية المستمر.
يمكن للامم المتحدة أن تتجاهل انعدام الصلاحية القانونية لابو مازن، ولكن عليها واجب قانوني لان تفحص التوقيع وواجب الاعلان بان ليس له مفعول وصلاحية. واذا لم تتطوع الامم المتحدة لان تفحص هذا، فعلى اسرائيل أن تذكرها بذلكح، بدعوى قضائية. هذه الخدمة الفلسطينية، المستمرة منذ عقدين، يجب أن تصل الى منتهاها ومن يدعي نيل الحقوق حسب ‘القانون الدولي’ لا يمكنه أن يتجاهله عندما لا يكون الامر مريحا له. ماذا يشبه هذا الامر؟ أن يوقع جورج بوش الان على مراسيم رسمية لحكومة الولايات المتحدة، او ربما جيمي كارتر، او حسني مبارك بالنسبة للحكومة المصرية.
بدون حملة انتخابات والحصول على شرعية متجددة، لا توجد اي صلاحية لاي صاحب منصب في السلطة الفلسطينية، وعليه فمن ناحية قانونية حكم كل وثيقة توقع هذه عليها هو ان تكون مرفوضة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
واجهوا اتهامات كيري… لا تتنازلوا لفلسطين
بقلم:إيزي لبلار،عن اسرائيل اليوم
قليلون هم الاسرائيليون الذين فاجأهم أن التفاوض مع الفلسطينيين أخذ يموت. فالقرار الفلسطيني على تقديم ترشح لـ 15 مؤسسة دولية لبعضها صلة بالامم المتحدة، هو نكث أساسي لاتفاقات اوسلو. وقد ألح جون كيري على أبو مازن أن يكف عن ذلك، فأُجيب برفض ساحق.
بعد ذلك تابعت السلطة السخرية من الولايات المتحدة بزيادة مطالبها زيادة فاحشة. وشمل ذلك اعترافا بخطوط وقف اطلاق النار في 1949 بأن تكون حدودا نهائية، وهذا شيء يتطلب التنازل عن حائط المبكى وعن الضواحي اليهودية من شرقي القدس؛ والافراج عن 1200 مخرب آخر فيهم البرغوثي وسعدات قاتل الوزير رحبعام زئيفي؛ ومنح 15 ألف عائلة من اللاجئين الفلسطينيين جنسية اسرائيلية في اطار حق العودة العربي وطلب ‘اسقاط الحصار عن غزة’.
وعاد كيري في شهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ كي يحمي نفسه من السقوط الكارثي لتدخله الفاشل، عاد الى العادة القديمة المريبة وهي المعادلة الاخلاقية بين الطرفين، لكنه ألقى أكثر التهمة على اسرائيل.
اتهم اسرائيل، بتبنيه التوجه الفلسطيني، بأنها امتنعت عن الافراج عن مجموعة المخربين الاخيرة، واتهمها بالتحرش لأنها وافقت على البناء في غيلو وهو ضاحية يهودية لا شك ألبتة في أنها ستبقى الى الأبد في يد اسرائيل. وقد سوغ في واقع الامر استقرار رأي الفلسطينيين على الانضمام الى الـ 15 منظمة دولية.
من الضروري أن تصوغ الحكومة مبادرة عالمية مهمة لدفع موقف اسرائيل الى الأمام. ويجب عليها أن تتحقق من أن سفراءنا يبدأون حملة دعائية قوية ويستدعون بصورة فعالة دعم الجاليات اليهودية المغتربة واصدقاء اسرائيل. وعلينا أن نثبت عدم استعداد الفلسطينيين للتنازل عن شيء في كل موضوع وأن نثبت خاصة اصرارهم على عدم المرونة في ثلاثة مواضيع حاسمة هي أساس تعايش حقيقي وهي: حق العودة للاجئين، والاستعداد للتوصل الى انهاء الصراع والاعتراف بأن اسرائيل دولة يهودية.
ينبغي أن نعود ونؤكد المفهوم من تلقاء نفسه. فالسلام يحتاج الى طرفين والتنازلات الاخرى من طرف واحد تعمل مثل حافز للفلسطينيين الى استعمال مطالب أكثر شذوذا. والحديث عن أن انهاء السيادة اليهودية يتبوأ منزلة أهم في ترتيب أولويات السلطة من الاستقلال السياسي.
يتوقع أن يبادر الفلسطينيون الى حملة عالمية قوية للتنديد بنا ووصمنا وسلبنا شرعيتنا ومقاطعتنا. وإن انضمام الدول الاسلامية والعالم الثالث ودول اخرى يضمن أكثرية معادية دائمة لاسرائيل في جميع مؤسسات الامم المتحدة. وإن التنديد باسرائيل هذا الشهر في مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان، في مواضيع شملت عدوانا في ظاهر الامر على حقوق الانسان لمواطنين عرب في الجولان (امتنع الاوروبيون) يقول كل شيء.
نحن محتاجون الى دعم الجمهور الامريكي ومجلس النواب لثني اوباما عن التخلي عنا، ولضمان أن تقتصر الحملة الدعائية الفلسطينية على قرارات لا مضمون لها. وعندنا اسباب حقيقية تدعونا الى الخشية من تنحي ادارة اوباما جانبا والامتناع عن استعمال الفيتو في مجلس الامن وتشجيع الاوروبيين بصورة غير رسمية على أن يفرضوا علينا الاستمرار على التنازلات.
وعلينا أن نُبين من جهتنا أننا لا ننوي ألبتة أن نقترح تنازلات اخرى وأن نرشو السلطة كي تفاوضنا. وحينما يشير الفلسطينيون الى استعدادهم لادارة محادثات صادقة دون شروط مسبقة، سنجيب بنعم ونعود الى اظهار الاستعداد في الطريق الى سلام حقيقي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اليوم الذي اخطأ الجميع فيه
بقلم:دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
أمس اخطأت الجهات الثلاث المشاركة في التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني كل خطأ ممكن، وستجدد اليوم الاتصالات برعاية الوسيط الامريكي مارتن اينديك. ليس شيء ضائعا لكن الخطر على مستقبل الاتصال السياسي يزداد.
وهذا هو البديل الأقل سوءً قياسا بعدم وجوده لأنه على إثر الفراغ واللاشيء يأتي بعد ذلك صدام عنيف وانتفاضة بلغة عبرية حديثة.
وجه جون كيري انتقادا مشروعا الى اوري اريئيل الذي نشر في مفترق مصيري لمصير التفاوض مناقصة لبناء ضخم في القدس، ولم يغضب كيري وحده، بل غضبت تسيبي لفني ويئير لبيد، وربما شاركهما بنيامين نتنياهو في رأيهما برغم أنه احتفظ بحق الصمت.
إن المشكلة هي أن كيري تجاهل الحقيقة القاطعة وهي أن أبو مازن ليس معنيا بالتفاوض بأي شرط؛ وأنه يشق الاطارات في كل مرة تستعد فيها مركبة التفاوض للانطلاق. هذا ما فعله بالاشتراك مع ياسر عرفات باهود باراك سنة 2000 وهو ما فعله باهود اولمرت في 2009، وما فعله برفضه الاعتراف بحق الشعب اليهودي في تقرير المصير ودولة ذات سيادة. فهو مُشعل رئيس للحريق، وكيري عرف ورأى وسكت.
إن هذا الانحياز تؤيده ملاحظات فظة من ‘موظف امريكي رفيع المستوى’ هو في الاكثر مارتن اينديك الذي ندد من قبل بموشيه يعلون وبأريئيل ولم يندد مرة واحدة بمساعدي أبو مازن (هكذا كان يسلك منذ ساند بيل كلينتون باراك في كامب ديفيد في 2000).
ليس الخطأ الفلسطيني على غير عمد بل هو إفساد متعمد. وحتى عرفات عرّف اسرائيل بأنها ‘دولة يهودية’، ويستطيع أبو مازن ذلك لكنه لا يريد. فهو ذئب (يتهرب من انشاء دولتين للشعبين) في جلد نعجة (يمتنع عن اعمال ارهابية). وقد عاد الآن الى مجال اختصاصه، أعني الابتزاز. فهو يضغط لموافقة اسرائيلية على بعض توجهاته للقبول في منظمات دولية بخلاف وثيقة بدء التفاوض قبل سنة.
وأسهمت اسرائيل في الازمة بعدم وفائها بالتزامها الافراج عن سجناء في الدفعة الرابعة، وكان يجب أن تفرج عنهم لكن من غير عرب اسرائيليين لأنها لم تلتزم بذلك. وإن مناقصة اريئيل كطلب نفتالي بينيت أمس ضم الكتل الاستيطانية الى اسرائيل ايضا هما غوغائية تثقل على اسرائيل في الولايات المتحدة واوروبا.
والى ذلك أعلن البيت اليهودي وجزء من الليكود مسبقا أنهما يعارضان اتفاقا مع الفلسطينيين، لكنهما التزما بأن يدعا نتنياهو يجري التفاوض بحسب فهمه كي تخرج اسرائيل جافة من الماء السياسي الهائج. ولا يفي اليمين في الحكومة بهذا الالتزام، ونتنياهو بدل أن يصفي الحساب معه يسيطر عليه غضبه المفهوم على كيري ويشدد العقوبات على الفلسطينيين.
لماذا؟ اذا لم يكن الفلسطينيون يريدون التفاوض فان اسرائيل لن تتخلى عن أملاكها، لكن لماذا يعاقب المواطن في رام الله ونابلس؟ إن هذه الوسائل يجب أن تستعمل اذا ما حانت ساعة العنف، لا سمح الله.
بيد أنه يوجد أرنب آخر في القبعة. فقد أعلن ليبرمان أن الانتخابات المبكرة أفضل من تبني مخطط كيري. وسيتضح بعد أن يرجع من محادثة وزير الخارجية الامريكي هل عاد الى النهج المعتدل المؤيد لامريكا الذي كان يميزه في الاسابيع الاخيرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
يوم قدم الفلسطينيون لنا المساعدة
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
ان أكثر الفلسطينيين ناس يبحثون عن السلام والخير بل يريدون أن يعيشوا مع الاسرائيليين في سلام، لكن الاسرائيليين أو أكثرهم لا يؤمنون بذلك
إهتزت السيارة في الطريق الوعرة، فهي طريق ترابية طويلة ويجب الحذر. ولم يساعد ذلك، فقد أصاب مطب جناح السيارة. كان ثقب صغير لا غير. ونظر برهان الى الخلف وقال يجب أن نقف. وكان يمتد خلفنا خط طويل من قطرات الزيت.
ومرت لحظة اخرى فسكت المحرك. كنا في طريقنا عائدين من القرية الصغيرة حُمسة في غور الاردن التي هدمت اسرائيل بيوتها في الاسبوع الماضي. وخرج برهان وبسام بشرات وهما من سكان حلة مكحول المجاورة وهي تجمع رُعاة آخر هُدم قبل نصف سنة، خرجا من السيارة وحاولا أن يغطيا ثقب التسريب بقطع النايلون التي وجدوها حولهما، لكن ذلك لم يساعد فبقي الزيت ينسكب. إنها نهاية العالم.
وهاتفا كراج مستوطنة بكعوت فلم يجدا هناك وعاء زيت. وهاتفا صاحب كراج من جبتلك فلم يجدا عنده ايضا. انها نهاية العالم. واتقدت الشمس وضربتنا ريح قوية على وجوهنا. وفجأة ظهرت من مكان ما جرافة لأحد سكان حُمسة المهدومة فجر سيارتنا الى الشارع الرئيس ورفض أن يأخذ مالا. وفي عشرات السنوات التي قضيتها في المناطق علقت سيارتي أكثر من مرة ولم يوافق صاحب جرافة قط على أن يأخذ مالا عن عمل تخليصها.
قبل بضعة أشهر علقنا عند مشارف طولكرم قبالة مدخل مخيم اللاجئين نور شمس. وكانت مضخة الماء آنذاك هي التي انسربت. ووقف سائق فلسطيني في طرفة عين ولم تكد تمر دقيقتان حتى كان نصف المخيم قد أحدق بنا يقدم نصائحه. إن نور شمس يعتبر من وجهة نظر الاسرائيليين المغسولي الأدمغة الذين تضربهم المخاوف، يعتبر مكانا خطيرا ومعاديا بصورة خاصة. وجاءت مضخة الماء في غضون نصف ساعة فركبها السائق الفلسطيني ورفض أن يحصل على تعويض.
علقت الأديبة ايلانا هلرمان ايضا ذات مرة لبنشر في اطارها في وسط قرية، نُصبت عند مدخلها واحدة من تلك اللافتات الحمراء التي تبث الرعب: ‘الدخول للاسرائيليين محظور، يعرض حياتهم للخطر وهو مخالفة جنائية’. وفي غضون دقائق بدل سكان القرية اطار سيارتها فسارت في طريقها. وكتبت هلرمان عن ذلك في صحيفة ‘هآرتس′ في مقالة عنوانها ‘الى أين تقود الطرق’ 18/7/2013. ومضت مع صديقاتها الفعالات بعد ذلك لتغطي لافتات التحذير الحمراء بكتابة: ‘أيها الاسرائيليون لا تخافوا. ارفضوا أن تكونوا أعداءً’.
سواء أكنا أعداءً أم لا، نحن الآن عالقون في الشارع 358، دون زيت ودون محرك. ‘أيها الزبون العزيز، بعد الحديث بيننا سيُرسل اليك جرار للعلاج. أخرج من فضلك الاشياء الثمينة من سيارتك. نحن نبذل أقصى الجهد لتقصير وقت الوصول’. وكانت ثلاث ساعات. ومرت سيارات مستوطنين وسيارات عسكرية ولم يفكر أحد في الوقوف. وفجأة وقفت جرافة فلسطينية اخرى تنقل الغنم. وقد هدموا للسائق بيته ايضا. فسأل: أتريدون ماء؟.
وعاد بعد نصف ساعة دون الغنم لكن مع طعام من الخيار والبندورة وكل ذلك ‘بلدي’، وجبن ضأن رائع ايضا وخبز من الطابون. ‘أعدته زوجتي لكم’، قال في شعور بالحرج وانصرف. ولم يعلم من نحن بل علم فقط أننا اسرائيليون ومن المؤكد أنه ظن أننا من مستوطني الغور فهم وحدهم تقريبا الذين يسافرون في هذا الشارع اللعين الذي أقامت اسرائيل تلة ترابية على طوله لمنع دخول المزارعين الفلسطينيين ولخنق حياتهم.
وكانت نهاية طيبة وأصبح كل شيء طيبا فقد خفت الحرارة قليلا وجاء الجرار. لكننا بقينا مع الافكار. لماذا يهبون دائما لمساعدتنا في هذا السخاء دون أن يعلموا من نحن سوى أننا اسرائيليون؟ أهذا لا سمح الله استخذاء للمحتل أم هو طيبة قلب طبيعية؟ وكيف يستوي ذلك مع التحذيرات والمخاوف التي يُغذى الاسرائيليون بها؟ علمتني سنواتي في المناطق أن أكثر الفلسطينيين العاديين هم ناس باحثون عن الخير يريدون أن يعيشوا مع الاسرائيليين في سلام. لكن حاول أن تقول ذلك لاسرائيلي، فسيبدو له ذلك هاذيا،كما يقولون له إن جراره ‘سيبذل أقصى الجهد لتقصير وقت الوصول’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
البرغوثي ـ بولارد ـ فياض
بقلم:آري شبيط،عن هآرتس
أصبح اهتمام القيادة الامريكية والاسرائيلية والفلسطينية مصروفا الى كسب وقت جديد للتفاوض، وطريقة كسب الوقت هي الافراج عن بولارد عوض البرغوثي وأن يضاف الى ذلك انشاء حلف بين البرغوثي وسلام فياض يعرض حركة جديدة وقيادة جديدة للفلسطينيين
لا يؤمن أكثر الاسرائيليين بمسيرة السلام، ولا يعلم أكثر الاسرائيليين ايضا بالآثار الشديدة الوقع التي ستكون لتفجير مسيرة السلام، وهذه هي الاسباب التي تجعل هدوءاً عجيبا يصاحب تلاشي التفاوض الاسرائيلي الفلسطيني. فلا أحد تؤثر فيه حقا حقيقة أن محمود عباس قلب المائدة قبل أن تُجيز حكومة اسرائيل صفقة السجناء عوض بولارد بلحظة واحدة. ولا أحد تزعزعه حقا حقيقة أن الوزير الذي عينه يئير لبيد وزيرا للاسكان زاد تحديا مدمرا منه على الحريق. إن دعوى قضائية تتلو دعوى في بيت رئيس الوزراء. وإن مشهورا يتلو مشهورا في قضية المخدرات الخفيفة. واحتمال انهيار محاولة جون كيري الكبيرة للتوصل للسلام لا يقلق سوى القليلين. واحتمال أن التجربة الثالثة للتوصل الى سلام دائم (بعد كامب ديفيد وأنابوليس) قد تصبح المحاولة الاخيرة، يقلق قليلين. جاء الربيع وجاء الفصح. وفي دولة الوهم الاسرائيلية بهجة وفرح.
لكن يجب علينا أن ننقذ مبادرة كيري ولو لأن البديل هو انتفاضة ثالثة سياسية قد تُعرض اسرائيل للخطر أكثر من سابقتيها. ولو لأن البديل هو سيطرة نهائية لمشروع الاستيطان على المشروع الصهيوني وجعل اسرائيل دولة لا أساس لبقائها. ولهذا يجب بذل كل جهد لاحياء تسوية الدولتين التي تحتضر الآن أمام أعيننا. وثمة حاجة ايضا الى تجديد مسيرة السلام والى تقويم مسار السلام على نحو خلاق وواقعي. لكنه يُحتاج الى زمن من اجل ذلك. ويُحتاج من اجل ذلك ايضا الى إطالة الأمد بصورة عاجلة تمنح الامريكيين والاسرائيليين والفلسطينيين السنة المطلوبة ليُعرفوا من جديد فكرة السلام وليبدأوا تنفيذها.
كانت الطريقة السابقة لاحداث زمان تعتمد على جونثان بولارد. ولم تنجح لأنها لم تكن متزنة بقدر كاف. ويجب أن تكون الطريقة الجديدة لاحداث زمان معتمدة على بولارد ومروان البرغوثي. فصفقة بولارد عوض البرغوثي عوض الزمن ستكون صفقة لن يستطيع أي واحد من الأطراف ذات الصلة بالأمر أن يرفضها. فالمؤسسة الامنية الامريكية لا تستطيع أن تُحدث ضررا مباشرا بالأمن القومي الامريكي بسبب الاصرار على مضايقة جاسوس من ثمانينيات القرن الماضي. ولا تستطيع المؤسسة القومية في اسرائيل أن تُضر بقيمة فداء الأسرى بسبب الاصرار على رؤية فلسطيني واحد يمكث في السجن أكثر فأكثر. ولا تستطيع المؤسسة الفلسطينية ألا توافق على صفقة تحرر أبرز رمز لنضال التحرير الفلسطيني في الجيل الحالي. وستصبح واشنطن والقدس ورام الله مُرغمات شريكات في صفقة دائرية معناها الأمني صغير ومعناها الرمزي عظيم، والقطب الذي تدور عليه هو قطب إحداث زمان.
لكن الافراج عمن أُدين بالمسؤولية عن اعمال ارهابية ليس أمرا ضئيل الشأن من وجهة نظر اسرائيلية ولهذا يجب على البرغوثي نفسه ايضا أن يسهم اسهاما مهما في الصفقة، فعليه أن يبرهن على أنه يدير ظهره للعنف ويعود ليصبح رجل سلام كما كان في سني اوسلو. والطريق لفعل ذلك هي تحقيق فكرة كان البرغوثي يفكر فيها منذ زمن وهي انشاء حلف سياسي معلن بينه وبين سلام فياض.
إن رئيس الوزراء الفلسطيني السابق هو رجل سلام حقيقي وهو يجسد قرار فلسطينيين كثيرين على تفضيل الحياة على العنف والحركة الى الأمام على الضحايا. ولهذا اذا أعلن السجين المشهور والاقتصادي الخبير الآن عن انشاء حلف سياسي فسيصبح واضحا الى أين يتجه البرغوثي في اليوم الذي يلي الافراج عنه. وسيكون الزوجان البرغوثي وفياض المتمم الطبيعي المطلوب لصفقة بولارد البرغوثي، لكنهما سيكونان أكثر من ذلك ايضا، فهما سيعرضان قيادة فلسطينية جديدة وطريقا فلسطينيا جديدا ينشئان أملا جديدا في السلام.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
العقوبات كعصا مرتدة
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
إن العقوبات التي فرضتها اسرائيل وستفرضها بعد لا تشهد على قوة بل على ضعف وستضر لا بعلاقة اسرائيل بالسلطة فقط بل بعلاقتها بالولايات المتحدة والدول الاوروبية ايضا
‘الخطوات من طرف واحد سيُرد عليها بخطوات من طرف واحد’، بهذا وعد رئيس الوزراء نتنياهو بعد أن وقع الرئيس الفلسطيني على طلبات فلسطين الانضمام الى 15 وثيقة من 63 وثيقة دولية. وبعد أن أمر بتعويق الرخصة لشركة الهواتف الخلوية ‘الوطنية’ (التي يرأسها إبن محمود عباس) أن تبسط شبكته في قطاع غزة، أمر في يوم الاربعاء المكاتب الحكومية بألا تجري لقاءات في مستوى رفيع مع النظراء الفلسطينيين.
يتوقع أن يضاف الى ابراز العضلات هذا باسلوب بلوتو، فصل بوباي، المضايقات المعتادة كابطال بطاقات الاشخاص المهمين لكبار مسؤولي السلطة ورجال اعمال كبار وهي التي تجعل للتعاون الاقتصادي مع رجال اعمال اسرائيليين مضمونا حقيقيا، وتجديد نصب حواجز في الاماكن التي أُزيلت منها من قبل، وتشديد الخناق على الاقتصاد الذي سيوقف تحويل الضرائب التي تجبيها اسرائيل للسلطة الفلسطينية ومقدارها 100 مليون دولار كل شهر.
وقد أُعفي من العقوبات (الآن) وزارة الدفاع والجيش الاسرائيلي و’الشباك’ والوزيرة تسيبي لفني التي تمسك بيدها أنبوب التنفس المسدود للمسيرة السياسية. ليست هذه أول مرة يتسلى فيها نتنياهو بفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية. لكن لقراره هذه المرة وزنا متراكما قد ينفجر في وجهه ووجه اسرائيل. فقد أخذت ترتفع الاصوات في السلطة الفلسطينية التي تدعو عباس الى نقض السلطة، ويتحدث المقربون منه عن امكانية أن يعلن اجراء انتخابات في موعد قريب في الضفة والقطاع، ولن يعرض ترشحه هذه المرة. صحيح أن عباس هدد في الماضي بنيته الاستقالة لكن في مواجهة الاختلافات الصارخة في فتح وفشل التفاوض، لم يبق لعباس حلم يستحق التحقيق ويستحق الاستمرار على تولي الامور من اجله.
وفي مقابل ذلك قد يدفع عباس قدما بالمصالحة مع حماس التي عبر قادتها عن تأييد معلن لـ ‘صموده الصلب’ في مواجهة خطوات اسرائيل. ومن الواضح لعباس أن هذه المصالحة ستترجم فورا الى برهنة على ادعاء أنه لا يوجد شريك في الجانب الفلسطيني، لكن ولأنه لا يُجرى تفاوض أصلا فان توحيد فلسطين تحت قيادة مشتركة في داخل م.ت.ف قد يكون انجاز ولايته الوحيد بعد أن اقتطعت حماس غزة من تحت جناحه. وتبدو المصالحة الآن احتمالا بعيدا، لكن ينبغي ألا نتجاهل أن حماس ولا سيما قيادتها الخارجية تبحث عن بيت وهي غارقة ايضا في مشكلات اقتصادية كبيرة جدا قد تدفعها الى تنازلات سياسية (داخلية) لكن لا سياسية خارجية أو ايديولوجية.
ليست المصالحة مع حماس ودمجها في م.ت.ف بالضرورة بديلا عن استقرار الرأي على نقض السلطة الفلسطينية. ففي الحالين ستنتقل المسؤولية المباشرة عن ادارة امور المناطق الى اسرائيل. فهي التي ستضطر الى إعمال اجهزة الصحة والتربية والبنى التحتية وسائر الخدمات الضرورية التي تديرها السلطة وتنفق عليها. وستصبح العقوبات التي فرضها رئيس الوزراء أصلا غير ذات صلة بالواقع لأن المكاتب الحكومية الاسرائيلية ستبحث آنذاك بالشموع عن شركاء فلسطينيين تدير المناطق بوساطتهم. ولا حاجة الى أن نضيف أن المنح التي يُحصل عليها الآن من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة والدول العربية لن تكون لاسرائيل بعد ذلك اذا اضطرت الى العودة الى ادارة المناطق كما كانت تفعل حتى اتفاقات اوسلو.
إن عباس الذي جاء الى القاهرة أمس ليتباحث مع وزراء خارجية اعضاء الجامعة العربية، طلب منهم دعما سياسيا ومساعدة مالية ثابتة تبلغ 100 مليون دولار كل شهر، للتعويض عن الضرر الاقتصادي الذي ستُحدثه العقوبات الاسرائيلية.
لم يُبت قرار في ذلك الى الآن، لكن يبدو أن مجرد عرض الطلب يشهد على أن عباس غير متحمس لفكرة نقض السلطة لأن معناها سيكون ايضا وقف المعركة الدولية لاحراز اعتراف بدولة فلسطينية، أو انضمام فلسطين الى سائر المواثيق الدولية ولا سيما دستور روما الذي يراه عباس عصا تهديد اسرائيل.
إن فرض العقوبات الاسرائيلية خاصة مع اصبع الاتهام التي وجهها كيري الى اسرائيل قد تكون من مصلحة عباس في الصعيد الدولي. ويبدو أنه يفضل أن يستنفد هذا الاجراء حتى نهاية الشهر مع فرض أن التفاوض السياسي سيُدفن آنذاك في صوت خافت دقيق.
إن العقوبات التي فرضتها اسرائيل وستفرضها كي تثبت جدية شعاراتها الجوفاء، تُستل كالعادة من الخصر في اندفاعة غضب وغرور مُعرضة للخطر لا علاقاتها بالسلطة الفلسطينية فحسب بل بالولايات المتحدة والدول الاوروبية ايضا. ولا يتضح ما هو المقصد الذي تقصده. واذا كان نتنياهو يريد أن يضغط على عباس ليتراجع عن التوقيع على مواثيق الامم المتحدة فانه قد يجد نفسه يواجه توقيعا على دستور روما. واذا أراد أن يبرهن على قوة اسرائيل فان العقوبات خاصة تشهد على ضعف وقصر نظر لأن الفلسطينيين برهنوا في الماضي على أنهم لا يُخوفون باحتلال أقسى.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أزمة داخلية أم أفول
بقلم:يحزقيل درور،عن هآرتس
يخيل أن أزمة داخلية حتى وان كانت خطيرة، ضرورية من أجل السماح لاسرائيل ببلورة موقفها بالنسبة للحدود الدائمة مثلما هناك حاجة ماسة الى مسيرة سلمية جدية تضمن مستقبلنا. في ظل غياب مسيرة سلمية حقيقية فان الوضع السياسي الامني لاسرائيل سيتدهور
في 1858، قبل ثلاث سنوات من اندلاع الحرب الاهلية الامريكية، القى الرئيس ابراهام لينكولن خطاب ‘البيت المقسم’، الذي جاء بالدليل على أن حل مشاكل الساعة يمكن أن ينبع من أزمة فقط. اليوم ايضا، في اسرائيل، يوجد الخيار الصعب، هل نحدث أزمة داخلية على أمل أن تؤدي الى سياسة حديثة ذات فرص نجاح حقيقية أم نبقى نراوح في المكان، الذي يحافظ على هدوء سياسي مؤقت ولكن يتسبب بافول وطني، يكون الثمن المتعاظم عليه باهظا.
توجد صدوع في اسرائيل يمكن ترك مهمة رأبها الى السياقات التاريخية. مثل دمج الاصوليين في المجتمع الاسرائيلي. ولكن في ضوء صدوع تتسبب بمراوحة في المكان وتعرض المستقبل للخطر، من الافضل أزمة تؤدي الى حسم. هكذا كان الامر بالنسبة للعبودية في الولايات المتحدة، وكذا بالنسبة للحكم الفرنسي في الجزائر، مثلا، يخيل أن أزمة داخلية حتى وان كانت خطيرة، ضرورية من أجل السماح لاسرائيل ببلورة موقفها بالنسبة للحدود الدائمة مثلما هناك حاجة ماسة الى مسيرة سلمية جدية تضمن مستقبلنا.
ان طحن المياه في المحادثات مع الفلسطينيين، والتوصيات على انواعها لادارة النزاع في ظل تثبيت ‘حقائق’ على الارض، هي مؤشر يدل على انعدام استعداد القيادة السياسية للتصدي للازمات الداخلية النابعة من جهد حقيقي لتهدئة الصدام بين العرب والاسلام وبين دولة اسرائيل والشعب اليهودي، بما في ذلك المسألة الفلسطينية. ولكن هذا القصور سيؤدي على نحو شبه مؤكد الى أفول اسرائيل، إلا إذا غيرت سياستها الحالية.
لغياب السياسة الشاملة اللازمة عدة اسباب: غياب فهم البعد الاقليمي للنزاع والذي لن يغير فيه اي اتفاق مع الفلسطينيين بحد ذاته. تفكير موضعي بدلا من تفكير شامل؛ التركيز على ‘الحق’ و’حق الاباء والاجداد’ بدلا من امكانيات الواقع السياسي التي هي المفتاح للمستقبل؛ التعلق بتأييد الولايات المتحدة، حتى عندما تتآكل؛ الاستناد الى قوة الجيش الاسرائيلي التي هي بالفعل كبيرة ولكن في واقع الامر جوهرها لا يمكنه أن يعطي جوابا لهجمات سياسية. التقدير عديم الاساس بان الزمن يعمل في صالحنا؛ وعنصر صوفي سأطرحه بواسطة مثال تاريخي: فيليب الثاني، ملك اسبانيا والبرتغال، حذر من طقس سيء قبل أن يرسل الجيش ضد انجلترا ولكنه أجاب بان الله سيضمن نجاح الهجوم ضد الكفار.
وينبغي أن يضاف الى هذا نقيض الايمان بالمستقبل الواعد، اي الخوف، الذي له اساس تاريخي صلب في أن مجرد وجود اسرائيل في خطر وانه لا يجب الاعتماد على الاخرين وبالتالي محظور تعريض الامن القومي للخطر بـ ‘رهانات’ مع اتفاقات سلام على أنواعها.
ولكن هذه المفاهيم تستخف باهمية الاتفاقات كعنصر في رزمة الامن القومي كما يتجسد الامر في السلام مع مصر. والاخطر من ذلك فانها تتجاهل الامكانيات كثيرة الاحتمالية في أنه في ظل غياب مسيرة سلمية حقيقية فان الوضع السياسي الامني لاسرائيل سيتدهور. من هنا ضرورة التقدير الواقعي لمستقبل بديل، مع كل اليقين وبلورة سياسة حديثة جدا تستند اليه.
التقدير الذي وصلت اليه بعد سنوات طويلة من الانشغال في الموضوع عمليا ونظريا هو انه دون تقدم بمراحل سريعة الى اتفاق اقليمي سيتضرر وضعنا السياسي الامني وسنضطر، بعد أزمات أمن قومية جدية الى الموافقة على تسوية سيئة من ناحيتنا. وبالمقابل، اذا عرضت اسرائيل خطة سلام اقليمية ذات مصداقية، فانه يمكن التقدم نحو تطبيع العلاقات مع معظم الدول العربية والاسلامية، فيما نتمتع بترتيبات امنية ذات مصداقية ومن مكانة عالمية متينة. ولكن المقابل الاسرائيلي الضروري (وشبه المحتم في كل حال على مدى الزمن) هو انسحاب الى حدود 1967 الى هذا الحد أو ذاك، مع تبادل للاراضي، اقامة دولة فلسطينية مثابة سيادية، ونظام حديث في اجزاء من القدس (مثلا، مكانة الفاتيكان لا تمس بالسيادة الشاملة لايطاليا على عاصمتها).
ولكن لا يكفي التقدير والخطة السياسية الواعدة. مطلوب ايضا شجاعة سياسية للكفاح في سبيل خطة سياسية للسلام الاقليمي، رغم الثمن الذي ينطوي عليه ذلك، وحشد ما يكفي من القوة السياسية للتقدم في الاتجاه المقترح. مثل هذه القوة يمكن تحقيقها من خلال الانتقال الى نظام شبه رئاسي، ولكن ايضا في النظام الحالي يمكن لرئيس وزراء مصمم على رأيه، مستعد لاخذ المخاطر السياسية الضرورية لمستقبل الدولة، ان يجند الدعم اللازم من خلال التوجه المباشر، الذي اعد جيدا، الى الجمهور الغفير، وربما تشكيل حزب جديد (مثلما فعل ارئيل شارون)، وعند الحاجة التوجه الى استفتاء شعبي. يوجد الكثير مما يمكن ان نتعلمه عن هذه الامكانيات من شارل ديغول.
ولكن كما أسلفنا، يوجد بديل آخر، الكثيرون يؤيدونه، وهو مواصلة المراوحة في المكان. ولكن بقدر ما يكون هذا مريحا في المدى القصير، فإن نتائجه على مدى الزمن خطيرة، بما في ذلك أزمات سياسية امنية تؤدي الى تسوية في ظروف أسوأ بكثير يمكن لاسرائيل أن تحققها من خلال مبادرة سلام كما نوصي به.
نحن مخولون بان نختار بين الراحة قصيرة المدى للسلام الداخلي المبني على العمى السياسي الامني، وبين تجديدات سياسية ضرورية، وان كانت تنطوي على أزمات غير سهلة، لضمان مستقبلنا. الحسم متعلق بقدر كبير بمدى الفهم التاريخي، استشراف الوليد، الابداعية السياسية والشجاعة الحزبية لرئيس الوزراء الحالي، أو من يأتي بعده. في غياب مسيرة سلمية حقيقية، فان الوضع السياسي الامني لاسرائيل سيتضعضع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ