Haneen
2014-05-29, 11:32 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي (608) السبـــت 19/04/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
سيناريو رعب التسوية الدائمة
ثلاثة خيارات اخرى يراها أفضل من خطة كيري
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
أعدوا حجرة الاعتقال
الصحافيون الاسرائيليون الذين يزورون دول العدو لا يعتقلون أما الصحافي العربي الاسرائيلي فهو متهم مسبقاً
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
أخيراً… إيران تعترف بكذبها على وكالة الطاقة
اعتراف رئيس الوكالة النووية الايرانية السابق بالاكاذيب الايرانية على الأسرة الدولية هي جزء من الشفافية المطلوبة
بقلم:رونين بيرغمان،عن يديعوت
هجمة شرسة على القاهرة
بقلم:سمدار بيري، يديعوت
</tbody>
سيناريو رعب التسوية الدائمة
ثلاثة خيارات اخرى يراها أفضل من خطة كيري
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
من الصحيح حتى موعد نشر هذه السطور أنه لم يحرز بعد اتفاق اسرائيلي فلسطيني امريكي، يُمكن من تجديد المحادثات في بداية شهر أيار حتى نهاية السنة. ومع ذلك أفترض أنه يوجد احتمال معقول لاحراز موافقة كهذه حتى نهاية شهر نيسان. لأننا نستطيع أن نتخلى عن بضع مئات من بين آلاف السجناء الفلسطينيين الذين في أيدينا، وتستطيع الادارة الامريكية أن تتخلى عن بولارد. وينبغي أن نضيف الى ذلك حقيقة أن تأخير طلب الفلسطينيين القبول لعدد من المنظمات الدولية ممكن.
اذا كان الامر كذلك فان القضية الرئيسة ليست تجديد المحادثات بل المواضيع التي ستشتغل المحادثات بها. وأدرك مما يصل إلي أن الحديث مرة اخرى عن جهد للتوصل الى اتفاق دائم في غضون تسعة أشهر. ويجب أن تكون أعمى كي تخطيء هذا الخطأ لأن الاشهر الاخيرة أثبتت أن ذلك غير عملي. فاذا كان هذا هو الهدف واذا اشتغل الاطراف بذلك حقا فسنجد أنفسنا بلا أي شك تقريبا نواجه دعامة مكسورة في كانون الاول 2014 مع فلسطينيين يقبلون الى منظمات دولية اخرى منها محكمة الجنايات الدولية (التي تراها اسرائيل مشكلة في الحقيقة)، ومع حكومة اسرائيلية تهدد بوقف تحويل اموال الضرائب الجمركية الى السلطة الفلسطينية. ولم نبلغ بعد الى وقف الاتصالات بين مسؤولين اسرائيليين كبار ومسؤولين فلسطينيين كبار والتهديد الذي يغطي هذه الازمات دائما ألا وهو تجديد العنف.
إن أصح شيء بالنسبة لجون كيري أن يعلن فورا بأنه لا ينوي التوصل الى اتفاق دائم في الاشهر القادمة بل الى تسوية اخرى تلبي حاجات الطرفين. ويمكن الآن في الظروف السياسية الموجودة التوصل الى تسويات في الطريق الى التسوية الدائمة، ولا يمكن التوصل الى التسوية الدائمة الآن.
اقتراح اوباما
في الاختلاف القائم بين رئيس الولايات المتحدة براك اوباما وكيري، أثار اوباما امكان أن تُعد الولايات المتحدة اقتراحا أكثر تفصيلا من مخطط كلينتون (في سنة 2000) وفيه حل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني، لا يتناول فقط أن تقوم الحدود بين الدولة اليهودية والدولة الفلسطينية في المستقبل على الخط الاخضر من سنة 1949 مع تغييرات متبادلة، مع تساو في مساحة الارض ونوعها بل يتناول ايضا أن يكون تقسيم في شرقي القدس وأن تنشأ في الجزء العربي دولة فلسطينية.
ويشمل كذلك أن يكون حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين مقرونا بتعويض اللاجئين وممتلكاتهم وانشاء الدولة الجديدة التي تهيء لهم بيوتا. ويعلم اوباما أن هذا الاقتراح لن يتبناه الطرفان لكنه يفضل أن يطرحه في برنامج العمل الدولي في المستقبل وأن يكتفي بذلك.
ويؤيد كيري اجراءً مختلفا وهو استمرار المحادثات مع الطرفين للتوصل الى اتفاق على خطة تُمكن من التفاوض في التسوية الدائمة أو في اتفاق اطار مفصل على الاقل يستمر حتى 2015 وآنذاك فقط يتناول الطرفان أدق التفاصيل التي يقتضيها اتفاق ثقيل جدا. ولا يؤمن اوباما بأن ذلك ممكن وهو على حق، لأن كيري قد يجعلنا نقف أمام أمر خاسر في نهاية العام ويترك الطرفين في لعبة اتهام متبادل والاعمال من طرف واحد المضرة بنا وبغيرنا.
يجب على كيري أن يفهم أن نتنياهو غير مستعد لدفع الثمن الذي يجب عليه دفعه للتوصل الى اتفاق دائم. ولا يستطيع أبو مازن سوى تحقيق الاتفاق في الضفة الغربية فقط لأنه لا سيطرة له على قطاع غزة، ولذلك فانه حتى لو وقع على اتفاق دائم (وهو أمر أريد جدا أن أراه)، فلا سبيل الى تنفيذه كاملا.
يواجه كيري ثلاثة خيارات اخرى على الاقل:
الاول انشاء دولة فلسطينية فورا في حدود ليست حدودها الدائمة بل هي حدود مؤقتة.
ولن يضطر الطرفان الى التباحث في أصعب موضوعين بالنسبة اليهما وهما القدس واللاجئون بل في مسار الحدود المؤقتة والترتيبات الامنية ومسألة المستوطنات التي ستبقى في سيطرة اسرائيل. ولن يكون ذلك سهلا لكنه ممكن.
وفي هذه الحال سيكون اسهام الامريكيين الرئيس أن يعرضوا الجدول الزمني للتسوية الدائمة ورؤياهم عن هذه التسوية، وإن لم يطلب الى الطرفين أن يتبنوا رؤياهم. والحديث صوريا عن تنفيذ المرحلة الثانية من خريطة الطريق وهي ذلك الاقتراح الذي أثارته ادارة بوش في بداية 2002 وقبلته اسرائيل وم.ت.ف بل أصبح قرارا رسميا لمجلس الامن.
والخيار الثاني تنفيذ اتفاق الحكم الذاتي في 1995 الذي يلزم الطرفين الى اليوم. فقد تم الحديث في هذا الاتفاق عن اعادة انتشار اسرائيلي في الضفة الغربية على ثلاث مراحل؛ بأن تنسحب اسرائيل على مرحلتين من 40 بالمئة من الضفة وتلتزم بانسحاب ثالث قبل الاتفاق الدائم (الذي كان يفترض أن يوقع عليه حتى 4 أيار 1999).
المراد والموجود
في 1998، بعد أن عاد الوفد الاسرائيلي برئاسة رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الخارجية اريئيل شارون من محادثات واي اتخذت الحكومة قرار ألا يزيد الانسحاب الثالث على مساحة 1 بالمئة فقط. ومن الواضح أن ذلك كان قرارا تصريحيا، ومن الممكن أن يستقر الرأي الآن على انسحاب كبير يبلغ عشرات الدرجات المئوية دون انشاء دولة فلسطينية مع توسيع مساحة اراضي السلطة الفلسطينية.
ليست اسرائيل ملزمة في ظاهر الامر بأن تجري تفاوضا مع الفلسطينيين في مقدار الانسحاب الثالث، فهذا قرار يخضع بحسب الاتفاق لتقديرها، لكن يوجد مكان لمثل هذا التفاوض عمليا كي تعترف م.ت.ف والعالم على إثرها بأن اسرائيل أوفت بما التزمت من تحقيق الاتفاق المرحلي القديم. وسيحتاج في هذه الحال ايضا الى التوصل الى اتفاق على موعد التوقيع على الاتفاق الدائم.
والخيار الثالث الذي هو المراد أقل من غيره لكنه المفضل على التفاوض العقيم في التسوية الدائمة، وهو اجراء من طرف واحد منسق اسرائيلي تحول فيه المنطقة ‘ب’ حيث يوجد للسلطة الفلسطينية سلطات مدنية فقط، الى المنطقة ‘أ’ حيث يوجد لها سلطات مستقلة واسعة تشمل سلطات أمنية. وأن تنقل اسرائيل كذلك مساحة ما من الارض تسيطر عليها السلطة الفلسطينية وأن تجيز تسهيلات في المجال الاقتصادي ومجالات العيش الاخرى. وكل واحد من الخيارات التي ذكرتها أفضل من خطة كيري الحالية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أعدوا حجرة الاعتقال
الصحافيون الاسرائيليون الذين يزورون دول العدو لا يعتقلون أما الصحافي العربي الاسرائيلي فهو متهم مسبقاً
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
لدرء لسوء الفهم في المستقبل، وبالاساس، لضمان ان تكون حجرة المعتقل مريحة، فاني أسعى الى الاعلان باني اذا ما تلقيت دعوة لزيارة ايران، السعودية، غزة او لمقابلة حسن نصرالله، فسيسرني الاستجابة لذلك. هذا الاعلان، بالمناسبة، معنون ايضا للسلطات في تلك الدول. فاذا كان بودهم أن يدعوني، ووحده الخوف مما ينتظرني لدى عودتي يمنعهم حتى الان، فليزيلوا القلق من قلوبهم: فالصحفيون الاسرائيليون اليهود لا يعتقلون، فقط العرب الاسرائيليون.
في سنوات عملي زرت غير قليل من دول العدو، وفي كل مرة شعرت من جديد بالاهانة. فأنا ليس فقط لم اعتقل بل ان احدا لم يكلف نفسه عناء الفضول للاستطلاع عما رأيته وسمعته. أربع مرات زرت العراق، بعد سقوط صدام حسين. ومن قلب بغداد بعثت بالتقارير التي نشرت في ‘هآرتس′، من كردستان العراقية أطلقت تحية للعائلات الكردية في اسرائيل. ولم أخفي الزيارات في اي حالة من الاحوال.
وبناء على دعوة ياسر عرفات، حتى قبل أن يوقع اتفاق اوسلو ولم تكن وصمة الارهابي قد ازيلت عنه، سافرت مع زميلي داني روبنشتاين الى تونس. تجولت في لبنان وان كان تحت رعاية عسكرية، ولكني التقيت بمواطنين كثيرين وكأن لا شيء. لم يقتادني اي مندوب للمخابرات الى غرفة ضيقة ومظلمة ولم يمطرني بسؤال واحد. لو كنت عربيا اسرائيليا لكان من المحتمل ألا أتمكن حتى اليوم من الخروج من البلاد. ولست حالة استثنائية. صحفيون اسرائيليون مثل رون بن يشاي، ايتي آنجل، بوعز بسموت، اوري افنيري، عنات سارغوستي، عميرة هاس وآخرون، زاروا مناطق العدو، رفعوا التقارير ورووا، ولكن احدا منهم لم يعتقل ولم يحاكم.
صحيح، القانون يمنع الدخول الى دول العدو. كما أن القانون يحظر على المواطنين الاسرائيليين الدخول الى مناطق أ في السلطة الفلسطينية. الجيش، وليس القانون، يمنع منذ نحو سبع سنوات دخول الصحفيين الى غزة الا اذا رافقوا قوات الجيش الاسرائيلي في أثناء حملة عظيمة المجد. القانون لا يسمح بمقابلة سجناء سياسيين في السجون، كما ان القانون يفرض الرقابة العسكرية، وهكذا يعفي الصحفيين من التردد في مسألة المس بأمن الدولة. ولكن القانون لا يحظر معرفة ما يحصل في دول العدو. انه النظام الذي يجب احتكاره على نشر المعرفة من تلك الدول ويحرص على الدفاع عنها.
في العراق مثلا اخترع الجيش الامريكي ابتكار ‘زرع الصحفيين’ داخل قوات الجيش، وهكذا منع في معظم الحالات التقارير عما يجري في المجال المدني، عن اخفاقات في اداء الجيش او عن القتلى المدنيين الذين لا يعرف عددهم حتى اليوم. والحرص على سلامة الصحفيين في ارض العدو، وبالاساس الخوف الا يختطفوا او يقتلوا، مفهوم وجدير. ولكن مئات الصحفيين اختطفوا أو قتلوا في ميادين التقتيل في سوريا، في الباكستان، العراق، الشيشان ومواقع ظلماء اخرى. هذه هي الحقيقة التي محظور أن يكون لها حدود، وهذه هي مخاطرها.
ولكن ليست الرسالة الصحفية هي التي تقف هذه المرة قيد الاختبار، بل التهمة. في اسرائيل تتبع مقاييس مختلفة لمنح الصلاحية لتغطية دول العدو من داخل أراضيها. والصحفيون العرب مشبوهون منذ البداية في أن كل زيارة يجرونها الى دولة عدو هدفها واحد: التجسس، نقل معلومات او ‘الاتصال بعميل أجنبي’. الصحفي العربي الاسرائيلي هو قبل كل شيء عربي وفقط عربي. اسرائيليته تختبر بعناية في غرف تحقيق المخابرات، وبعد ذلك في المعتقل وأخيرا في المحكمة ايضا.
كما ان الصحفي العربي الاسرائيلي لا يحق له أن يتوقع من زملائه اليهود ان يخرجوا للتظاهر او يطالبوا بتحريره، ينددوا باخفاء ‘سر’ اعتقاله والاقامة الجبرية التي فرضت عليه. كان يكفي الاستماع الى التقرير المحوط بالدراما عن ‘الكشف’ عن اعتقال مجد كيال، الذي زار لبنان، كي يفهم المرء بانه لا يوجد اي شك في اتهامه. عربي اسرائيلي، لبنان، عميل اجنبي ومخابرات هي كوكتيل يؤكد كل المخاوف. كوكتيل يميز بين الصحفيين الشرفاء، الوطنيين، المخلصين للوطن و ‘لاسرة التحرير’، وبين اولئك الجواسيس الذين يحملون عبثا وبنية مبيتة اسم المهنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أخيراً… إيران تعترف بكذبها على وكالة الطاقة
اعتراف رئيس الوكالة النووية الايرانية السابق بالاكاذيب الايرانية على الأسرة الدولية هي جزء من الشفافية المطلوبة
بقلم:رونين بيرغمان،عن يديعوت
نجا د. فريدوني عباسي بفضل يقظته من محاولة تصفية في 29 تشرين الثاني 2010، وعلى سبيل الاعتراف بمكانته عينه بعد ذلك الرئيس الايراني السابق محمود احمدي نجاد نائبا له، ورئيسا للوكالة النووية الايرانية. فلماذا الان إذن يمنح مقابلة كاشفة بهذا القدر عن المكامن وتفشي الاسرار الدفينة للجمهورية الاسلامية؟
يكمن السبب في ذلك في علاقات ايران مع الاسرة الدولية. فالطرفان معنيان باتفاق حل وسط يؤدي الى الغاء العقوبات الاقتصادية عن طهران، غير أن مثل هذا الاتفاق لن يتحقق الا اذا أجابت ايران على كل أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تكذب عليها منذ 15 سنة كي تخفي التقدم الحقيقي في برنامجها النووي. وقال لي دبلوماسيون اوروبيون في مؤتمر ميونخ الاخير انهم لن يتنازلوا في هذه النقطة وان على ايران ان تعرض ‘اعترافا كاملا’. وهكذا، فان المقابلة التي منحها عباسي هي الاعتراف المنشود ولكن باسلوب جد ايراني يلقي بكل الذنب على الاسرة الدولية.
يعترف عباسي في المقابلة بان ايران كذبت على الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون انقطاع وبوقاحة، اخفت عنها معطيات وغيبت اجزاء واسعة من المشروع النووي. ولكنه يدعي ايضا بانها فعلت ذلك لان المعطيات التي نقلت الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلمت بعد ذلك الى الاستخبارات الامريكية والى الموساد، والتي استخدمت من قبلهما للتخريب على البرنامج النووي واغتيال العلماء الكبار. ونظرية رئيس الوكالة النووية الايرانية السابق بسيطة: لم يكن لنا مفر غير الكذب بسبب السلوك البائس للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في اطار الاعتراف يعظم عباسي الدراما في وصف نجاعة جهود التخريب للموساد والسي.أي.ايه. حتى اليوم اعترف الايرانيون فقط بجزء صغير من هذه النشاطات وادعوا دوما بانهم نجحوا في وقفها في الوقت المناسب قبل أن يلحق ضرر كبير. اما الان فعباسي يكشف كيف نجحت اسرائيل والولايات المتحدة في انتاج مسارات توريد حصرية للعتاد للايرانيين وكيف زرعوا في ذاك العتاد فيروسات ومواضع خلل.
واذا لم يكن هذا بكاف، فان عباسي يصف بالتفصيل وبشكل نادر أيضا حملة التخويف التي خاضها الموساد ضد علماء النووي الايرانيين ممن تبقوا على قيد الحياة. وهو يروي كيف أن هؤلاء العلماء تلقوا مقاطع فيديو وفيها تقرير ملفق من التلفزيون الايراني عن موتهم او ارساليات ورود وصلت الى ابناء عائلاتهم مرفقة ببطاقات المواساة. هذه هي المرة الاولى التي تتهم فيها ايران الموساد بهذا العمل الذي فيه منفعة قليلة الى جانب خطر انكشاف عال، ولا يمكن أن نعرف اذا كان في هذا الاتهام ما هو حقيقي. في كل حال، يمكن ان نتذكر بان طريقة عمل كهذه ارتبطت في الماضي بالاستخبارات الاسرائيلية: فقبل 30 سنة، في زمن قضية خط باص 300، استدعى أحد ما في المخابرات اكليل جنازة الى بيت المستشار القانوني للحكومة اسحق زمير.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هجمة شرسة على القاهرة
بقلم:سمدار بيري، يديعوت
هذا ما حدث في هذا الاسبوع لمنال جرسطلي (24 سنة) في شارع مزدحم في القاهرة. ‘خرجت في الثامنة صباحا من محطة القطار الارضي وبدأت أسير نحو المكتب الذي أعمل فيه’، قالت. ‘التصق بي رجل شاب ذو لحية طويلة وبدأ يمد يده إلي. لم اشأ إحداث جلبة؛ فزدت في سرعة سيري لكن الرجل الذي تبين بعد ذلك أنه متزوج في السابعة والثلاثين من عمره، ألح على الالتصاق بي. وحينما لمسني صرخت بالناس أن يساعدوني على التخلص منه، لكن لم يهب أحد لمساعدتي. وقبل أن أدخل الزقاق الذي يوجد المكتب فيه استقر رأيي على أن أقف وأنهي هذا الامر. أُغرب عني أيها الوغد إنك لتخزي لحيتك’، صحت به فلطمني. آنذاك فقط تدخل الناس وأبعدوا عني المتحرش العنيف. فقلت لهم: ‘خذوه الى الشرطة أنا أريد أن أقدم شكوى عليه’.
‘وآنذاك تغيرت النظرة إلي دفعة واحدة. فقد حاول اشخاص في الشارع وبينهم اربع نساء أن يقنعوني بأن أتخلى له. وقالوا لي: لقد تعلم الدرس. وقد أخجلته بقدر كاف. فدعيه الآن لأن الامر سيكون اضاعة وقت أصلا في الشرطة، فهم فضلا عن أنهم لن يساعدوك سيُبينون لك أنك المذنبة بسبب سراويلك الضيقة وحذاءك العالي وقميصك الملون، ولماذا تخرجين الى الشارع دون حجاب؟’.
وهذا ما جرى لعصام بشاري (26 سنة) من مؤسسي الجمعية المصرية الجديدة ‘أمسك بالمتحرش’. ‘كنت أمشي في ساعة مبكرة في الصباح في أحد الشوارع الهادئة في حي الزمالك الفخم ورأيت غلاما يضايق امرأة شابة، ولم يكن عندي شك في أن الحديث عن تحرش. وسمعته يعرض عليها عروضا معيبة ومد يده ليلمسها وهدد بأن يخطفها. ودون أن أفكر مرتين انقضضت عليه وأمسكت به وجررته الى حانوت واشتريت حبلا وربطه الى شجرة.
‘هاتفت نشطاءنا في الجمعية كي يأتوا لتوثيق الحادثة. ورششنا على قميصه بمرش طلاء براق عبارة ‘أنا متحرش’، وصورناه ورفعنا صورته الى الفيس بوك’.
وفي الغد جاءت اليه خلية رجال شرطة وأوقفته بسبب سلوك عنيف. قال له رجال الشرطة: ‘مهما تكن نيتك الخيرة، اذا كانت عندك شكوى فتعال الى المركز وابحث عن ضابط محقق واترك التفاصيل وقدم شكوى لأنه لا يجوز لمواطن أن يتولى تطبيق القانون’.
كنتُ على يقين من أنهم سيقتلونني
أُنشئت جمعية ‘أمسك بالمتحرش’ قبل نصف سنة وكُشف عن نشاطها بعقب الزيادة الكبيرة في الاسابيع الاخيرة في مصر في عدد حالات الاغتصاب والتحرش الكلامي واعمال التعقب للهجوم على نساء. وتعمل الجمعية التي نشأت بمبادرة مشتركة من طلاب جامعات و’شباب الثورة’ في خلايا في كل واحدة 25 متطوعة ومتطوعا يخرجون الى الشوارع. وليس للمنظمة مكاتب ولا مخصصات مالية. ويوجد خط هاتف ساخن ونقاط لقاء تخرج الدوريات منها. ويعمل فيها في الحاصل العام 500 شخص جندوا بطريقة ‘صديق يأتي بصديق’. والنوبات كل واحدة ثماني ساعات تجري الخلايا في اثنائها جولات تفقدية في القاهرة فقط في الميادين وبالقرب من مراكز الشراء وعند الخروج من قاطرة النساء في القطار الارضي الذي يجتذب اليه بصورة طبيعية متحرشين كثيرين.
يصف محمود يحيى وهو من مؤسسي الجمعية رجالا يختلسون النظر الى داخل القاطرة ويعلمون الهدف لأنفسهم. ‘ينتظرون الى أن تنزل المرأة في المحطة فيتعقبونها وينتظرون فرصة للانقضاض عليها. ولا يهمهم أن تكون محجبة أو أن تكون سائحة أو أن تسير في الشارع مع صديقات، فهم يهتمون بفصلها عن الاشخاص الذين يصاحبونها ويجرونها الى مكان لا يعوقهم أحد فيه عن تنفيذ ما خططوا له’.
نشرت الحركة النسائية ‘نظرة’ في المدة الاخيرة قصة ثلاث شابات خرجن الى ميدان التحرير لمظاهرة ضد حركة الاخوان المسلمين، وجرى عليهن تحرش عنيف على نحو خاص، فقد فصل المتحرشون الشابات الثلاث عن رفاقهن وجروهن الى أزقة مظلمة ومزقوا ملابسهن. قالت واحدة منهن وهي مريم: ‘بكيت بكاءً مرا طول الوقت. كنت على يقين من أنهم سيقتلونني كي لا أتحدث عن الاغتصاب الجماعي’. وجرت على صديقتها أنيسة تجربة أقل عنفا بسبب تدخل مارة. ‘صرخت طالبة النجدة، فاقترب رجال شرطة فرأوا ما يحدث لكنهم لم يحاولوا وقف الكابوس′. أما الثالثة، مروة، فقالت إنها قذفت المهاجمين بقولها: ‘إخجلوا، نحن أبناء الشعب نفسه. حاولوا أن تفكروا ماذا كان سيحدث لو أن شخصا ما فعل هذا الشيء بأخواتكم أو بزوجاتكم’.
في استطلاع للامم المتحدة جرى في نهاية السنة الماضية بمشاركة منظمات نسائية مصرية، قال 92.3 بالمئة ممن سُئلن إنهن وقعن ضحية تحرش جنسي مرة واحدة في حياتهن على الأقل. وتحدث بعضهن عن تحرشات في اماكن العمل، وتحدثت أخريات عن هجوم عنيف في الشارع أو في متنزه عام أو عن عنف جنسي في العائلة. ولم تقدم واحدة ممن سُئلن شكوى في الشرطة. فقد كتبن قائلات: ‘خجلنا من أن يُكشف عنا، فقد كنا على يقين من أنهم سيتهموننا بأننا ‘نحن بدأنا’، وعلمنا أنه يجب الحفاظ على شرف العائلة’. وزعم 72 بالمئة من السائحات الاجنبيات اللاتي شاركن في الاستطلاع أنه جرى عليهن في مصر تحرش واحد على الأقل. وقرأت الصحفية القديمة شهيرة أمين – التي تُتذكر في اسرائيل أنها أجرت لقاء صحفيا مع جلعاد شليط في يوم تحريره من الأسر – قرأت التقرير فغضبت غضبا شديدا. ‘أفهم من كل ما أسمع شيئا واحدا فقط وهو أن هذا وباء عندنا وأن السلطة تغمض عينيها’، تقول. ‘بدل التفكير في حلول والقيام بحملة اعلامية وإقرار عقوبات شديدة للمتحرشين لردع اولئك الذين في الطريق الى أن يصبحوا كذلك، يكتفون بورقة. وحينما تجمع امرأة أصيبت بصدمة عنف جنسي، نفسها وتحضر الى الشرطة يقول رجال الشرطة لها: إن أصوب شيء تفعلينه اذا لم تريدي المشكلات أن تدعي هذا’.
تخلصت شهيرة نفسها قبل اسبوعين من كمين أعده لها مجهول كان ينتظرها في الظلام عند مدخل بيتها. ‘أوقفت سيارتي وسحبت المفاتيح وفتحت الباب. وفجأة جاء من الحديقة فتى شاب فانقض علي، وركلته وصرخت بجنون. وفي أقل من ثانية أسقطت عليه حقيبتي الثقيلة وهاتفي الخلوي والمال والمسجل وكل ما كان في داخلها. ويبدو أنه أدرك أنه لن ينجح معي فاختطف الحقيبة وهرب’.
سراويل ضيقة في الحرم الجامعي
أصبح المتطوعون للجمعية يعرفون طرق سلوك المتحرشين. ‘يخرجون زرافات زرافات الى اماكن مزدحمة ويُعلمون لأنفسهم ضحايا. فاذا لم ينجح ذلك مع واحدة انتقلوا فورا الى اخرى’. وأخذت تزيد في الاسبوعين الاخيرين حالات التحرش، ففي كل يوم يجري توثيق ما بين 80 الى 90 حادثة، وتأتي عشرات نداءات الاستغاثة الى ارقام الخط الساخن في منظمات النساء.
تشير القاضية ميرفت تلاوي التي ترأس المجلس القومي للنساء في مصر الى الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه الظاهرة. ‘لما كان هذا الامر لا يحتل مكانا عاليا في ترتيب أولويات اجهزة الامن، تفضل عائلات كثيرة أن تبقي بناتها في البيوت وألا يخرجن للعمل لأن الشارع خطير. والعائلات التي هي في ضائقة اقتصادية شديدة فقط ترسل البنات للعمل ولمواجهة الاخطار. حتى إنه لا أمن في سيارات الأجرة. وتخرج البنات ملتفات من أخماص اقدامهن الى أعلى هاماتهن. فاما أن يكن محظوظات وإما أن يعدن الى البيوت يبكين بكاءً شديدا.
اعتادت شيرين بدر الدين، وهي من المتطوعات في جمعية ‘أمسك بالمتحرش’ أن تخرج في الجولات مسلحة بآلة تصوير. ‘نتجول في محطات القطار الارضي وفي اللحظة التي نلاحظ فيها رجلا يحاول أن يدخل قاطرة النساء نُربت على كتفه ونقول له: ‘قف لمصلحتك’. فاذا حاول أن يرفع يده علينا أمسك به الرجال في الخلية ورشوا قميصه بطلاء ‘أنا متحرش’، وأصور بالفيديو وأرفع الفيلم الى الشبكات الاجتماعية’.
في احدى الجولات في القطار شارك مصطفى إبن عزة سليمان، مديرة مركز علاج النساء المتعرضات للعنف. ‘حينما حاول أن يوقف رجلا تحرش بسائحة اجنبية، استدعى المتحرش رجال شرطة فتلقى إبني الضرب منهم’، تقول أمه. ‘أركبوه سيارة وأخذوه الى مركز الشرطة وفتحوا له ملفا في وزارة الداخلية’.
بين مئات الوقائع التي تم الكشف عنها، كانت الواقعة التي احتلت العناوين الصحفية الأسمن قد وقعت قبل عشرة ايام في جامعة القاهرة. فقد طاردت مجموعة من طلاب الجامعة من قسم الحقوق طالبة كانت تلبس قميصا لونه بنفسجي قوي وسراويل سوداء ضيقة، ‘وطلبت ذلك في الحقيقة’ كما وصف أحد المعتدين عليها. وقد نجحت قبل الانقضاض عليها بلحظة في أن تحبس نفسها في مراحيض النساء وهاتفت بهاتفها المحمول فاستدعت حراس الحرم الجامعي.
وفي المساء أجري لقاء في التلفاز مع عميد الجامعة الدكتور عصام جابر، وطلبت مجرية اللقاء أن يبين للمشاهدين لماذا لم يعمل كي يوقف المتحرشين، فاختار جابر اجابة تثير الغضب: ‘نتوقع وعلى الخصوص في جامعة محترمة جدا من الطالبات أن يظهرن بلباس محتشم. فاذا أصرت فتاة على التجوال بثياب مغرية فينبغي ألا تشكو أحدا فهي وحدها المذنبة’.
وفي الغد حينما اطلع على الردود الغاضبة من منظمات النساء، حاول العميد أن يصلح عبارته البائسة فقال: ‘نحن نحقق في الواقعة وحينما نجد المتحرشين ستنالهم عقوبة باهظة. نحن نفكر في إبعادهم عن الدراسة’.
ورشة تأهيل للمتحرشين
يشير المتطوعون لجمعية ‘أمسك بالمتحرش’ الآن الى انتخابات الرئاسة التي ستجري في الشهر القادم باعتبارها مناسبة يتوقع أن تخرج الى الشوارع جموع المعتدين الباحثين عن فريسة. ‘سيكون زحام في الطريق الى صناديق الاقتراع′، يُقدر عصام بشاري. ‘سيخرج ملايين الى الشوارع وستكون المتنزهات مليئة لأنه سيكون يوما عطلة وسيكون ذلك جنة للمتحرشين حقا’.
وتحاول السلطات الآن أن تواجه الواقع الجديد. ففي مكتب منال عاطف، مديرة قسم النساء في وزارة الداخلية، أعلموا على الخريطة مناطق نشاط الجمعية كي يكون رجال الشرطة على معرفة بهم وكي لا يوقفوا اعضاء خلايا الدوريات. والتقدير هو أن تبدأ الشرطة التعاون مع المتطوعين.
وتوجد محاولات لمواجهة هذه الظاهرة ايضا بواسطة سن قوانين. فقد بدأ فريق خاص من قبل المنظمة العليا لجمعيات النساء مع خبراء بالقانون ومتطوعي الجمعية، بدأوا العمل على ‘قانون التحرش’ الذي يضمن عقوبات سجن مدة سنتين الى عشر سنوات للمعتدين على النساء وغرامات تبلغ عشرة آلاف جنيه مصري (2870 دولارا) لمن يُضبط متلبسا أو تُقدم فيه شكوى تعتمد على شهادة مقدمة الشكوى وشهود عيان. وتفصل مسودة القانون الجديد الحديث عن ماهية التحرش وهو تعقب امرأة مصحوبا بملاحظات جنسية وتحرش هاتفي ينطوي على اشارات جنسية، وملامسة جسمية بل محاولة اللمس واستغلال علاقات السلطة في اماكن العمل من اجل ‘اشياء غير مرغوب فيها في السياق الجنسي’، والاغتصاب بالطبع. ‘لكن قد يتبين أن هذا القانون نمر من ورق’، تحذر شيرين ثابت من احدى منظمات النساء. ‘فأولا لم نتغلب الى الآن على حاجز حياء الضحايا اللاتي يحجمن عن المجيء الى مراكز الشرطة. وهن يخشين أن يضر تقديم الشكوى باحتمالات زواجهن بوساطة مناسبة لأن الفتاة التي تقدم شكوى تعتبر ملطخة لشرف العائلة.
‘وتوجد مشكلة اخرى وهي أن اعضاء مجلس الشعب يجب أن يجيزوا صيغة القانون الجديد، ولما كانت مصر تصرف امورها الآن دون مجلس شعب فان القانون قد يبقى في الدرج زمنا طويلا، ويستطيع المتحرشون أن يهيجوا’.
يوشكون في المجلس القومي للنساء أن يفتتحوا ورشة ترشد المتطوعين للجمعية الى كيفية التعرف على المتحرش (نظرة مركزة على الهدف، وحركات عصبية، وبحث في الجيوب لاستلال أداة حادة) وكيف يعاملونه دون مواجهة قوات الامن. ويخطط بعد ذلك لورشات للنساء اللاتي أصبن لتحريرهن من الصدمة الشعورية ولتقديم استشارة قضائية اليهن لتقديم شكوى ووسائل للتغلب على المخاوف. وتقول نهاد عثمان، وهي من منظمة النساء النسويات في مصر: ‘أحد أهم أهدافنا أن نمسك بالمتحرشين ونرسلهم الى ورشة تأهيل مع اطباء نفسيين وعاملين اجتماعيين يحاولون أن يربوهم على الكف عن ذلك’.
ويمتنع الاطباء النفسيون والاكاديميون الى الآن عن الانضمام الى النشاط لمقاومة التحرش. ويتلخص اسهامهم الآن في التحليل الاكاديمي للظاهرة.
‘كان يوجد تحرش دائما لكنه لم يكن وباءً’، يقول الدكتور خالد ضيف من قسم التاريخ في جامعة القاهرة. ‘كانت النساء يخشين حتى الربيع العربي تقديم شكاوى بسبب الظلم الاجتماعي ومواضعة أنهن دائما مذنبات.
إن المظاهرات على مبارك أعطتهن قوة، فقد أدت النساء دورا مركزيا في الميادين، فقد نظمن ورتبن وجندن واهتممن بأن يبرزن. وحينما تولى الاخوان المسلمون الحكم أعادوا النساء الى الوراء وأعطوا الهجوم عليهن شرعية.
‘يجب أن نضيف الى ذلك الازمة الاقتصادية الشديدة، فان ملايين الشباب العاطلين الخائبي الآمال يبحثون عن إفراغ ذلك في شوارع لا يوجد فيها رجال شرطة. وبعد أن أخرجوا نشاطهم في المظاهرات اصبحوا يتولون القانون بأيديهم ويهاجمون الخلية الضعيفة في المجتمع، فاذا لم تعالج هذه الظاهرة فسينشأ عندنا جيل عنيف’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي (608) السبـــت 19/04/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
سيناريو رعب التسوية الدائمة
ثلاثة خيارات اخرى يراها أفضل من خطة كيري
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
أعدوا حجرة الاعتقال
الصحافيون الاسرائيليون الذين يزورون دول العدو لا يعتقلون أما الصحافي العربي الاسرائيلي فهو متهم مسبقاً
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
أخيراً… إيران تعترف بكذبها على وكالة الطاقة
اعتراف رئيس الوكالة النووية الايرانية السابق بالاكاذيب الايرانية على الأسرة الدولية هي جزء من الشفافية المطلوبة
بقلم:رونين بيرغمان،عن يديعوت
هجمة شرسة على القاهرة
بقلم:سمدار بيري، يديعوت
</tbody>
سيناريو رعب التسوية الدائمة
ثلاثة خيارات اخرى يراها أفضل من خطة كيري
بقلم:يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم
من الصحيح حتى موعد نشر هذه السطور أنه لم يحرز بعد اتفاق اسرائيلي فلسطيني امريكي، يُمكن من تجديد المحادثات في بداية شهر أيار حتى نهاية السنة. ومع ذلك أفترض أنه يوجد احتمال معقول لاحراز موافقة كهذه حتى نهاية شهر نيسان. لأننا نستطيع أن نتخلى عن بضع مئات من بين آلاف السجناء الفلسطينيين الذين في أيدينا، وتستطيع الادارة الامريكية أن تتخلى عن بولارد. وينبغي أن نضيف الى ذلك حقيقة أن تأخير طلب الفلسطينيين القبول لعدد من المنظمات الدولية ممكن.
اذا كان الامر كذلك فان القضية الرئيسة ليست تجديد المحادثات بل المواضيع التي ستشتغل المحادثات بها. وأدرك مما يصل إلي أن الحديث مرة اخرى عن جهد للتوصل الى اتفاق دائم في غضون تسعة أشهر. ويجب أن تكون أعمى كي تخطيء هذا الخطأ لأن الاشهر الاخيرة أثبتت أن ذلك غير عملي. فاذا كان هذا هو الهدف واذا اشتغل الاطراف بذلك حقا فسنجد أنفسنا بلا أي شك تقريبا نواجه دعامة مكسورة في كانون الاول 2014 مع فلسطينيين يقبلون الى منظمات دولية اخرى منها محكمة الجنايات الدولية (التي تراها اسرائيل مشكلة في الحقيقة)، ومع حكومة اسرائيلية تهدد بوقف تحويل اموال الضرائب الجمركية الى السلطة الفلسطينية. ولم نبلغ بعد الى وقف الاتصالات بين مسؤولين اسرائيليين كبار ومسؤولين فلسطينيين كبار والتهديد الذي يغطي هذه الازمات دائما ألا وهو تجديد العنف.
إن أصح شيء بالنسبة لجون كيري أن يعلن فورا بأنه لا ينوي التوصل الى اتفاق دائم في الاشهر القادمة بل الى تسوية اخرى تلبي حاجات الطرفين. ويمكن الآن في الظروف السياسية الموجودة التوصل الى تسويات في الطريق الى التسوية الدائمة، ولا يمكن التوصل الى التسوية الدائمة الآن.
اقتراح اوباما
في الاختلاف القائم بين رئيس الولايات المتحدة براك اوباما وكيري، أثار اوباما امكان أن تُعد الولايات المتحدة اقتراحا أكثر تفصيلا من مخطط كلينتون (في سنة 2000) وفيه حل للصراع الاسرائيلي الفلسطيني، لا يتناول فقط أن تقوم الحدود بين الدولة اليهودية والدولة الفلسطينية في المستقبل على الخط الاخضر من سنة 1949 مع تغييرات متبادلة، مع تساو في مساحة الارض ونوعها بل يتناول ايضا أن يكون تقسيم في شرقي القدس وأن تنشأ في الجزء العربي دولة فلسطينية.
ويشمل كذلك أن يكون حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين مقرونا بتعويض اللاجئين وممتلكاتهم وانشاء الدولة الجديدة التي تهيء لهم بيوتا. ويعلم اوباما أن هذا الاقتراح لن يتبناه الطرفان لكنه يفضل أن يطرحه في برنامج العمل الدولي في المستقبل وأن يكتفي بذلك.
ويؤيد كيري اجراءً مختلفا وهو استمرار المحادثات مع الطرفين للتوصل الى اتفاق على خطة تُمكن من التفاوض في التسوية الدائمة أو في اتفاق اطار مفصل على الاقل يستمر حتى 2015 وآنذاك فقط يتناول الطرفان أدق التفاصيل التي يقتضيها اتفاق ثقيل جدا. ولا يؤمن اوباما بأن ذلك ممكن وهو على حق، لأن كيري قد يجعلنا نقف أمام أمر خاسر في نهاية العام ويترك الطرفين في لعبة اتهام متبادل والاعمال من طرف واحد المضرة بنا وبغيرنا.
يجب على كيري أن يفهم أن نتنياهو غير مستعد لدفع الثمن الذي يجب عليه دفعه للتوصل الى اتفاق دائم. ولا يستطيع أبو مازن سوى تحقيق الاتفاق في الضفة الغربية فقط لأنه لا سيطرة له على قطاع غزة، ولذلك فانه حتى لو وقع على اتفاق دائم (وهو أمر أريد جدا أن أراه)، فلا سبيل الى تنفيذه كاملا.
يواجه كيري ثلاثة خيارات اخرى على الاقل:
الاول انشاء دولة فلسطينية فورا في حدود ليست حدودها الدائمة بل هي حدود مؤقتة.
ولن يضطر الطرفان الى التباحث في أصعب موضوعين بالنسبة اليهما وهما القدس واللاجئون بل في مسار الحدود المؤقتة والترتيبات الامنية ومسألة المستوطنات التي ستبقى في سيطرة اسرائيل. ولن يكون ذلك سهلا لكنه ممكن.
وفي هذه الحال سيكون اسهام الامريكيين الرئيس أن يعرضوا الجدول الزمني للتسوية الدائمة ورؤياهم عن هذه التسوية، وإن لم يطلب الى الطرفين أن يتبنوا رؤياهم. والحديث صوريا عن تنفيذ المرحلة الثانية من خريطة الطريق وهي ذلك الاقتراح الذي أثارته ادارة بوش في بداية 2002 وقبلته اسرائيل وم.ت.ف بل أصبح قرارا رسميا لمجلس الامن.
والخيار الثاني تنفيذ اتفاق الحكم الذاتي في 1995 الذي يلزم الطرفين الى اليوم. فقد تم الحديث في هذا الاتفاق عن اعادة انتشار اسرائيلي في الضفة الغربية على ثلاث مراحل؛ بأن تنسحب اسرائيل على مرحلتين من 40 بالمئة من الضفة وتلتزم بانسحاب ثالث قبل الاتفاق الدائم (الذي كان يفترض أن يوقع عليه حتى 4 أيار 1999).
المراد والموجود
في 1998، بعد أن عاد الوفد الاسرائيلي برئاسة رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الخارجية اريئيل شارون من محادثات واي اتخذت الحكومة قرار ألا يزيد الانسحاب الثالث على مساحة 1 بالمئة فقط. ومن الواضح أن ذلك كان قرارا تصريحيا، ومن الممكن أن يستقر الرأي الآن على انسحاب كبير يبلغ عشرات الدرجات المئوية دون انشاء دولة فلسطينية مع توسيع مساحة اراضي السلطة الفلسطينية.
ليست اسرائيل ملزمة في ظاهر الامر بأن تجري تفاوضا مع الفلسطينيين في مقدار الانسحاب الثالث، فهذا قرار يخضع بحسب الاتفاق لتقديرها، لكن يوجد مكان لمثل هذا التفاوض عمليا كي تعترف م.ت.ف والعالم على إثرها بأن اسرائيل أوفت بما التزمت من تحقيق الاتفاق المرحلي القديم. وسيحتاج في هذه الحال ايضا الى التوصل الى اتفاق على موعد التوقيع على الاتفاق الدائم.
والخيار الثالث الذي هو المراد أقل من غيره لكنه المفضل على التفاوض العقيم في التسوية الدائمة، وهو اجراء من طرف واحد منسق اسرائيلي تحول فيه المنطقة ‘ب’ حيث يوجد للسلطة الفلسطينية سلطات مدنية فقط، الى المنطقة ‘أ’ حيث يوجد لها سلطات مستقلة واسعة تشمل سلطات أمنية. وأن تنقل اسرائيل كذلك مساحة ما من الارض تسيطر عليها السلطة الفلسطينية وأن تجيز تسهيلات في المجال الاقتصادي ومجالات العيش الاخرى. وكل واحد من الخيارات التي ذكرتها أفضل من خطة كيري الحالية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أعدوا حجرة الاعتقال
الصحافيون الاسرائيليون الذين يزورون دول العدو لا يعتقلون أما الصحافي العربي الاسرائيلي فهو متهم مسبقاً
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
لدرء لسوء الفهم في المستقبل، وبالاساس، لضمان ان تكون حجرة المعتقل مريحة، فاني أسعى الى الاعلان باني اذا ما تلقيت دعوة لزيارة ايران، السعودية، غزة او لمقابلة حسن نصرالله، فسيسرني الاستجابة لذلك. هذا الاعلان، بالمناسبة، معنون ايضا للسلطات في تلك الدول. فاذا كان بودهم أن يدعوني، ووحده الخوف مما ينتظرني لدى عودتي يمنعهم حتى الان، فليزيلوا القلق من قلوبهم: فالصحفيون الاسرائيليون اليهود لا يعتقلون، فقط العرب الاسرائيليون.
في سنوات عملي زرت غير قليل من دول العدو، وفي كل مرة شعرت من جديد بالاهانة. فأنا ليس فقط لم اعتقل بل ان احدا لم يكلف نفسه عناء الفضول للاستطلاع عما رأيته وسمعته. أربع مرات زرت العراق، بعد سقوط صدام حسين. ومن قلب بغداد بعثت بالتقارير التي نشرت في ‘هآرتس′، من كردستان العراقية أطلقت تحية للعائلات الكردية في اسرائيل. ولم أخفي الزيارات في اي حالة من الاحوال.
وبناء على دعوة ياسر عرفات، حتى قبل أن يوقع اتفاق اوسلو ولم تكن وصمة الارهابي قد ازيلت عنه، سافرت مع زميلي داني روبنشتاين الى تونس. تجولت في لبنان وان كان تحت رعاية عسكرية، ولكني التقيت بمواطنين كثيرين وكأن لا شيء. لم يقتادني اي مندوب للمخابرات الى غرفة ضيقة ومظلمة ولم يمطرني بسؤال واحد. لو كنت عربيا اسرائيليا لكان من المحتمل ألا أتمكن حتى اليوم من الخروج من البلاد. ولست حالة استثنائية. صحفيون اسرائيليون مثل رون بن يشاي، ايتي آنجل، بوعز بسموت، اوري افنيري، عنات سارغوستي، عميرة هاس وآخرون، زاروا مناطق العدو، رفعوا التقارير ورووا، ولكن احدا منهم لم يعتقل ولم يحاكم.
صحيح، القانون يمنع الدخول الى دول العدو. كما أن القانون يحظر على المواطنين الاسرائيليين الدخول الى مناطق أ في السلطة الفلسطينية. الجيش، وليس القانون، يمنع منذ نحو سبع سنوات دخول الصحفيين الى غزة الا اذا رافقوا قوات الجيش الاسرائيلي في أثناء حملة عظيمة المجد. القانون لا يسمح بمقابلة سجناء سياسيين في السجون، كما ان القانون يفرض الرقابة العسكرية، وهكذا يعفي الصحفيين من التردد في مسألة المس بأمن الدولة. ولكن القانون لا يحظر معرفة ما يحصل في دول العدو. انه النظام الذي يجب احتكاره على نشر المعرفة من تلك الدول ويحرص على الدفاع عنها.
في العراق مثلا اخترع الجيش الامريكي ابتكار ‘زرع الصحفيين’ داخل قوات الجيش، وهكذا منع في معظم الحالات التقارير عما يجري في المجال المدني، عن اخفاقات في اداء الجيش او عن القتلى المدنيين الذين لا يعرف عددهم حتى اليوم. والحرص على سلامة الصحفيين في ارض العدو، وبالاساس الخوف الا يختطفوا او يقتلوا، مفهوم وجدير. ولكن مئات الصحفيين اختطفوا أو قتلوا في ميادين التقتيل في سوريا، في الباكستان، العراق، الشيشان ومواقع ظلماء اخرى. هذه هي الحقيقة التي محظور أن يكون لها حدود، وهذه هي مخاطرها.
ولكن ليست الرسالة الصحفية هي التي تقف هذه المرة قيد الاختبار، بل التهمة. في اسرائيل تتبع مقاييس مختلفة لمنح الصلاحية لتغطية دول العدو من داخل أراضيها. والصحفيون العرب مشبوهون منذ البداية في أن كل زيارة يجرونها الى دولة عدو هدفها واحد: التجسس، نقل معلومات او ‘الاتصال بعميل أجنبي’. الصحفي العربي الاسرائيلي هو قبل كل شيء عربي وفقط عربي. اسرائيليته تختبر بعناية في غرف تحقيق المخابرات، وبعد ذلك في المعتقل وأخيرا في المحكمة ايضا.
كما ان الصحفي العربي الاسرائيلي لا يحق له أن يتوقع من زملائه اليهود ان يخرجوا للتظاهر او يطالبوا بتحريره، ينددوا باخفاء ‘سر’ اعتقاله والاقامة الجبرية التي فرضت عليه. كان يكفي الاستماع الى التقرير المحوط بالدراما عن ‘الكشف’ عن اعتقال مجد كيال، الذي زار لبنان، كي يفهم المرء بانه لا يوجد اي شك في اتهامه. عربي اسرائيلي، لبنان، عميل اجنبي ومخابرات هي كوكتيل يؤكد كل المخاوف. كوكتيل يميز بين الصحفيين الشرفاء، الوطنيين، المخلصين للوطن و ‘لاسرة التحرير’، وبين اولئك الجواسيس الذين يحملون عبثا وبنية مبيتة اسم المهنة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أخيراً… إيران تعترف بكذبها على وكالة الطاقة
اعتراف رئيس الوكالة النووية الايرانية السابق بالاكاذيب الايرانية على الأسرة الدولية هي جزء من الشفافية المطلوبة
بقلم:رونين بيرغمان،عن يديعوت
نجا د. فريدوني عباسي بفضل يقظته من محاولة تصفية في 29 تشرين الثاني 2010، وعلى سبيل الاعتراف بمكانته عينه بعد ذلك الرئيس الايراني السابق محمود احمدي نجاد نائبا له، ورئيسا للوكالة النووية الايرانية. فلماذا الان إذن يمنح مقابلة كاشفة بهذا القدر عن المكامن وتفشي الاسرار الدفينة للجمهورية الاسلامية؟
يكمن السبب في ذلك في علاقات ايران مع الاسرة الدولية. فالطرفان معنيان باتفاق حل وسط يؤدي الى الغاء العقوبات الاقتصادية عن طهران، غير أن مثل هذا الاتفاق لن يتحقق الا اذا أجابت ايران على كل أسئلة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي تكذب عليها منذ 15 سنة كي تخفي التقدم الحقيقي في برنامجها النووي. وقال لي دبلوماسيون اوروبيون في مؤتمر ميونخ الاخير انهم لن يتنازلوا في هذه النقطة وان على ايران ان تعرض ‘اعترافا كاملا’. وهكذا، فان المقابلة التي منحها عباسي هي الاعتراف المنشود ولكن باسلوب جد ايراني يلقي بكل الذنب على الاسرة الدولية.
يعترف عباسي في المقابلة بان ايران كذبت على الوكالة الدولية للطاقة الذرية دون انقطاع وبوقاحة، اخفت عنها معطيات وغيبت اجزاء واسعة من المشروع النووي. ولكنه يدعي ايضا بانها فعلت ذلك لان المعطيات التي نقلت الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية سلمت بعد ذلك الى الاستخبارات الامريكية والى الموساد، والتي استخدمت من قبلهما للتخريب على البرنامج النووي واغتيال العلماء الكبار. ونظرية رئيس الوكالة النووية الايرانية السابق بسيطة: لم يكن لنا مفر غير الكذب بسبب السلوك البائس للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
في اطار الاعتراف يعظم عباسي الدراما في وصف نجاعة جهود التخريب للموساد والسي.أي.ايه. حتى اليوم اعترف الايرانيون فقط بجزء صغير من هذه النشاطات وادعوا دوما بانهم نجحوا في وقفها في الوقت المناسب قبل أن يلحق ضرر كبير. اما الان فعباسي يكشف كيف نجحت اسرائيل والولايات المتحدة في انتاج مسارات توريد حصرية للعتاد للايرانيين وكيف زرعوا في ذاك العتاد فيروسات ومواضع خلل.
واذا لم يكن هذا بكاف، فان عباسي يصف بالتفصيل وبشكل نادر أيضا حملة التخويف التي خاضها الموساد ضد علماء النووي الايرانيين ممن تبقوا على قيد الحياة. وهو يروي كيف أن هؤلاء العلماء تلقوا مقاطع فيديو وفيها تقرير ملفق من التلفزيون الايراني عن موتهم او ارساليات ورود وصلت الى ابناء عائلاتهم مرفقة ببطاقات المواساة. هذه هي المرة الاولى التي تتهم فيها ايران الموساد بهذا العمل الذي فيه منفعة قليلة الى جانب خطر انكشاف عال، ولا يمكن أن نعرف اذا كان في هذا الاتهام ما هو حقيقي. في كل حال، يمكن ان نتذكر بان طريقة عمل كهذه ارتبطت في الماضي بالاستخبارات الاسرائيلية: فقبل 30 سنة، في زمن قضية خط باص 300، استدعى أحد ما في المخابرات اكليل جنازة الى بيت المستشار القانوني للحكومة اسحق زمير.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هجمة شرسة على القاهرة
بقلم:سمدار بيري، يديعوت
هذا ما حدث في هذا الاسبوع لمنال جرسطلي (24 سنة) في شارع مزدحم في القاهرة. ‘خرجت في الثامنة صباحا من محطة القطار الارضي وبدأت أسير نحو المكتب الذي أعمل فيه’، قالت. ‘التصق بي رجل شاب ذو لحية طويلة وبدأ يمد يده إلي. لم اشأ إحداث جلبة؛ فزدت في سرعة سيري لكن الرجل الذي تبين بعد ذلك أنه متزوج في السابعة والثلاثين من عمره، ألح على الالتصاق بي. وحينما لمسني صرخت بالناس أن يساعدوني على التخلص منه، لكن لم يهب أحد لمساعدتي. وقبل أن أدخل الزقاق الذي يوجد المكتب فيه استقر رأيي على أن أقف وأنهي هذا الامر. أُغرب عني أيها الوغد إنك لتخزي لحيتك’، صحت به فلطمني. آنذاك فقط تدخل الناس وأبعدوا عني المتحرش العنيف. فقلت لهم: ‘خذوه الى الشرطة أنا أريد أن أقدم شكوى عليه’.
‘وآنذاك تغيرت النظرة إلي دفعة واحدة. فقد حاول اشخاص في الشارع وبينهم اربع نساء أن يقنعوني بأن أتخلى له. وقالوا لي: لقد تعلم الدرس. وقد أخجلته بقدر كاف. فدعيه الآن لأن الامر سيكون اضاعة وقت أصلا في الشرطة، فهم فضلا عن أنهم لن يساعدوك سيُبينون لك أنك المذنبة بسبب سراويلك الضيقة وحذاءك العالي وقميصك الملون، ولماذا تخرجين الى الشارع دون حجاب؟’.
وهذا ما جرى لعصام بشاري (26 سنة) من مؤسسي الجمعية المصرية الجديدة ‘أمسك بالمتحرش’. ‘كنت أمشي في ساعة مبكرة في الصباح في أحد الشوارع الهادئة في حي الزمالك الفخم ورأيت غلاما يضايق امرأة شابة، ولم يكن عندي شك في أن الحديث عن تحرش. وسمعته يعرض عليها عروضا معيبة ومد يده ليلمسها وهدد بأن يخطفها. ودون أن أفكر مرتين انقضضت عليه وأمسكت به وجررته الى حانوت واشتريت حبلا وربطه الى شجرة.
‘هاتفت نشطاءنا في الجمعية كي يأتوا لتوثيق الحادثة. ورششنا على قميصه بمرش طلاء براق عبارة ‘أنا متحرش’، وصورناه ورفعنا صورته الى الفيس بوك’.
وفي الغد جاءت اليه خلية رجال شرطة وأوقفته بسبب سلوك عنيف. قال له رجال الشرطة: ‘مهما تكن نيتك الخيرة، اذا كانت عندك شكوى فتعال الى المركز وابحث عن ضابط محقق واترك التفاصيل وقدم شكوى لأنه لا يجوز لمواطن أن يتولى تطبيق القانون’.
كنتُ على يقين من أنهم سيقتلونني
أُنشئت جمعية ‘أمسك بالمتحرش’ قبل نصف سنة وكُشف عن نشاطها بعقب الزيادة الكبيرة في الاسابيع الاخيرة في مصر في عدد حالات الاغتصاب والتحرش الكلامي واعمال التعقب للهجوم على نساء. وتعمل الجمعية التي نشأت بمبادرة مشتركة من طلاب جامعات و’شباب الثورة’ في خلايا في كل واحدة 25 متطوعة ومتطوعا يخرجون الى الشوارع. وليس للمنظمة مكاتب ولا مخصصات مالية. ويوجد خط هاتف ساخن ونقاط لقاء تخرج الدوريات منها. ويعمل فيها في الحاصل العام 500 شخص جندوا بطريقة ‘صديق يأتي بصديق’. والنوبات كل واحدة ثماني ساعات تجري الخلايا في اثنائها جولات تفقدية في القاهرة فقط في الميادين وبالقرب من مراكز الشراء وعند الخروج من قاطرة النساء في القطار الارضي الذي يجتذب اليه بصورة طبيعية متحرشين كثيرين.
يصف محمود يحيى وهو من مؤسسي الجمعية رجالا يختلسون النظر الى داخل القاطرة ويعلمون الهدف لأنفسهم. ‘ينتظرون الى أن تنزل المرأة في المحطة فيتعقبونها وينتظرون فرصة للانقضاض عليها. ولا يهمهم أن تكون محجبة أو أن تكون سائحة أو أن تسير في الشارع مع صديقات، فهم يهتمون بفصلها عن الاشخاص الذين يصاحبونها ويجرونها الى مكان لا يعوقهم أحد فيه عن تنفيذ ما خططوا له’.
نشرت الحركة النسائية ‘نظرة’ في المدة الاخيرة قصة ثلاث شابات خرجن الى ميدان التحرير لمظاهرة ضد حركة الاخوان المسلمين، وجرى عليهن تحرش عنيف على نحو خاص، فقد فصل المتحرشون الشابات الثلاث عن رفاقهن وجروهن الى أزقة مظلمة ومزقوا ملابسهن. قالت واحدة منهن وهي مريم: ‘بكيت بكاءً مرا طول الوقت. كنت على يقين من أنهم سيقتلونني كي لا أتحدث عن الاغتصاب الجماعي’. وجرت على صديقتها أنيسة تجربة أقل عنفا بسبب تدخل مارة. ‘صرخت طالبة النجدة، فاقترب رجال شرطة فرأوا ما يحدث لكنهم لم يحاولوا وقف الكابوس′. أما الثالثة، مروة، فقالت إنها قذفت المهاجمين بقولها: ‘إخجلوا، نحن أبناء الشعب نفسه. حاولوا أن تفكروا ماذا كان سيحدث لو أن شخصا ما فعل هذا الشيء بأخواتكم أو بزوجاتكم’.
في استطلاع للامم المتحدة جرى في نهاية السنة الماضية بمشاركة منظمات نسائية مصرية، قال 92.3 بالمئة ممن سُئلن إنهن وقعن ضحية تحرش جنسي مرة واحدة في حياتهن على الأقل. وتحدث بعضهن عن تحرشات في اماكن العمل، وتحدثت أخريات عن هجوم عنيف في الشارع أو في متنزه عام أو عن عنف جنسي في العائلة. ولم تقدم واحدة ممن سُئلن شكوى في الشرطة. فقد كتبن قائلات: ‘خجلنا من أن يُكشف عنا، فقد كنا على يقين من أنهم سيتهموننا بأننا ‘نحن بدأنا’، وعلمنا أنه يجب الحفاظ على شرف العائلة’. وزعم 72 بالمئة من السائحات الاجنبيات اللاتي شاركن في الاستطلاع أنه جرى عليهن في مصر تحرش واحد على الأقل. وقرأت الصحفية القديمة شهيرة أمين – التي تُتذكر في اسرائيل أنها أجرت لقاء صحفيا مع جلعاد شليط في يوم تحريره من الأسر – قرأت التقرير فغضبت غضبا شديدا. ‘أفهم من كل ما أسمع شيئا واحدا فقط وهو أن هذا وباء عندنا وأن السلطة تغمض عينيها’، تقول. ‘بدل التفكير في حلول والقيام بحملة اعلامية وإقرار عقوبات شديدة للمتحرشين لردع اولئك الذين في الطريق الى أن يصبحوا كذلك، يكتفون بورقة. وحينما تجمع امرأة أصيبت بصدمة عنف جنسي، نفسها وتحضر الى الشرطة يقول رجال الشرطة لها: إن أصوب شيء تفعلينه اذا لم تريدي المشكلات أن تدعي هذا’.
تخلصت شهيرة نفسها قبل اسبوعين من كمين أعده لها مجهول كان ينتظرها في الظلام عند مدخل بيتها. ‘أوقفت سيارتي وسحبت المفاتيح وفتحت الباب. وفجأة جاء من الحديقة فتى شاب فانقض علي، وركلته وصرخت بجنون. وفي أقل من ثانية أسقطت عليه حقيبتي الثقيلة وهاتفي الخلوي والمال والمسجل وكل ما كان في داخلها. ويبدو أنه أدرك أنه لن ينجح معي فاختطف الحقيبة وهرب’.
سراويل ضيقة في الحرم الجامعي
أصبح المتطوعون للجمعية يعرفون طرق سلوك المتحرشين. ‘يخرجون زرافات زرافات الى اماكن مزدحمة ويُعلمون لأنفسهم ضحايا. فاذا لم ينجح ذلك مع واحدة انتقلوا فورا الى اخرى’. وأخذت تزيد في الاسبوعين الاخيرين حالات التحرش، ففي كل يوم يجري توثيق ما بين 80 الى 90 حادثة، وتأتي عشرات نداءات الاستغاثة الى ارقام الخط الساخن في منظمات النساء.
تشير القاضية ميرفت تلاوي التي ترأس المجلس القومي للنساء في مصر الى الآثار الاجتماعية والاقتصادية لهذه الظاهرة. ‘لما كان هذا الامر لا يحتل مكانا عاليا في ترتيب أولويات اجهزة الامن، تفضل عائلات كثيرة أن تبقي بناتها في البيوت وألا يخرجن للعمل لأن الشارع خطير. والعائلات التي هي في ضائقة اقتصادية شديدة فقط ترسل البنات للعمل ولمواجهة الاخطار. حتى إنه لا أمن في سيارات الأجرة. وتخرج البنات ملتفات من أخماص اقدامهن الى أعلى هاماتهن. فاما أن يكن محظوظات وإما أن يعدن الى البيوت يبكين بكاءً شديدا.
اعتادت شيرين بدر الدين، وهي من المتطوعات في جمعية ‘أمسك بالمتحرش’ أن تخرج في الجولات مسلحة بآلة تصوير. ‘نتجول في محطات القطار الارضي وفي اللحظة التي نلاحظ فيها رجلا يحاول أن يدخل قاطرة النساء نُربت على كتفه ونقول له: ‘قف لمصلحتك’. فاذا حاول أن يرفع يده علينا أمسك به الرجال في الخلية ورشوا قميصه بطلاء ‘أنا متحرش’، وأصور بالفيديو وأرفع الفيلم الى الشبكات الاجتماعية’.
في احدى الجولات في القطار شارك مصطفى إبن عزة سليمان، مديرة مركز علاج النساء المتعرضات للعنف. ‘حينما حاول أن يوقف رجلا تحرش بسائحة اجنبية، استدعى المتحرش رجال شرطة فتلقى إبني الضرب منهم’، تقول أمه. ‘أركبوه سيارة وأخذوه الى مركز الشرطة وفتحوا له ملفا في وزارة الداخلية’.
بين مئات الوقائع التي تم الكشف عنها، كانت الواقعة التي احتلت العناوين الصحفية الأسمن قد وقعت قبل عشرة ايام في جامعة القاهرة. فقد طاردت مجموعة من طلاب الجامعة من قسم الحقوق طالبة كانت تلبس قميصا لونه بنفسجي قوي وسراويل سوداء ضيقة، ‘وطلبت ذلك في الحقيقة’ كما وصف أحد المعتدين عليها. وقد نجحت قبل الانقضاض عليها بلحظة في أن تحبس نفسها في مراحيض النساء وهاتفت بهاتفها المحمول فاستدعت حراس الحرم الجامعي.
وفي المساء أجري لقاء في التلفاز مع عميد الجامعة الدكتور عصام جابر، وطلبت مجرية اللقاء أن يبين للمشاهدين لماذا لم يعمل كي يوقف المتحرشين، فاختار جابر اجابة تثير الغضب: ‘نتوقع وعلى الخصوص في جامعة محترمة جدا من الطالبات أن يظهرن بلباس محتشم. فاذا أصرت فتاة على التجوال بثياب مغرية فينبغي ألا تشكو أحدا فهي وحدها المذنبة’.
وفي الغد حينما اطلع على الردود الغاضبة من منظمات النساء، حاول العميد أن يصلح عبارته البائسة فقال: ‘نحن نحقق في الواقعة وحينما نجد المتحرشين ستنالهم عقوبة باهظة. نحن نفكر في إبعادهم عن الدراسة’.
ورشة تأهيل للمتحرشين
يشير المتطوعون لجمعية ‘أمسك بالمتحرش’ الآن الى انتخابات الرئاسة التي ستجري في الشهر القادم باعتبارها مناسبة يتوقع أن تخرج الى الشوارع جموع المعتدين الباحثين عن فريسة. ‘سيكون زحام في الطريق الى صناديق الاقتراع′، يُقدر عصام بشاري. ‘سيخرج ملايين الى الشوارع وستكون المتنزهات مليئة لأنه سيكون يوما عطلة وسيكون ذلك جنة للمتحرشين حقا’.
وتحاول السلطات الآن أن تواجه الواقع الجديد. ففي مكتب منال عاطف، مديرة قسم النساء في وزارة الداخلية، أعلموا على الخريطة مناطق نشاط الجمعية كي يكون رجال الشرطة على معرفة بهم وكي لا يوقفوا اعضاء خلايا الدوريات. والتقدير هو أن تبدأ الشرطة التعاون مع المتطوعين.
وتوجد محاولات لمواجهة هذه الظاهرة ايضا بواسطة سن قوانين. فقد بدأ فريق خاص من قبل المنظمة العليا لجمعيات النساء مع خبراء بالقانون ومتطوعي الجمعية، بدأوا العمل على ‘قانون التحرش’ الذي يضمن عقوبات سجن مدة سنتين الى عشر سنوات للمعتدين على النساء وغرامات تبلغ عشرة آلاف جنيه مصري (2870 دولارا) لمن يُضبط متلبسا أو تُقدم فيه شكوى تعتمد على شهادة مقدمة الشكوى وشهود عيان. وتفصل مسودة القانون الجديد الحديث عن ماهية التحرش وهو تعقب امرأة مصحوبا بملاحظات جنسية وتحرش هاتفي ينطوي على اشارات جنسية، وملامسة جسمية بل محاولة اللمس واستغلال علاقات السلطة في اماكن العمل من اجل ‘اشياء غير مرغوب فيها في السياق الجنسي’، والاغتصاب بالطبع. ‘لكن قد يتبين أن هذا القانون نمر من ورق’، تحذر شيرين ثابت من احدى منظمات النساء. ‘فأولا لم نتغلب الى الآن على حاجز حياء الضحايا اللاتي يحجمن عن المجيء الى مراكز الشرطة. وهن يخشين أن يضر تقديم الشكوى باحتمالات زواجهن بوساطة مناسبة لأن الفتاة التي تقدم شكوى تعتبر ملطخة لشرف العائلة.
‘وتوجد مشكلة اخرى وهي أن اعضاء مجلس الشعب يجب أن يجيزوا صيغة القانون الجديد، ولما كانت مصر تصرف امورها الآن دون مجلس شعب فان القانون قد يبقى في الدرج زمنا طويلا، ويستطيع المتحرشون أن يهيجوا’.
يوشكون في المجلس القومي للنساء أن يفتتحوا ورشة ترشد المتطوعين للجمعية الى كيفية التعرف على المتحرش (نظرة مركزة على الهدف، وحركات عصبية، وبحث في الجيوب لاستلال أداة حادة) وكيف يعاملونه دون مواجهة قوات الامن. ويخطط بعد ذلك لورشات للنساء اللاتي أصبن لتحريرهن من الصدمة الشعورية ولتقديم استشارة قضائية اليهن لتقديم شكوى ووسائل للتغلب على المخاوف. وتقول نهاد عثمان، وهي من منظمة النساء النسويات في مصر: ‘أحد أهم أهدافنا أن نمسك بالمتحرشين ونرسلهم الى ورشة تأهيل مع اطباء نفسيين وعاملين اجتماعيين يحاولون أن يربوهم على الكف عن ذلك’.
ويمتنع الاطباء النفسيون والاكاديميون الى الآن عن الانضمام الى النشاط لمقاومة التحرش. ويتلخص اسهامهم الآن في التحليل الاكاديمي للظاهرة.
‘كان يوجد تحرش دائما لكنه لم يكن وباءً’، يقول الدكتور خالد ضيف من قسم التاريخ في جامعة القاهرة. ‘كانت النساء يخشين حتى الربيع العربي تقديم شكاوى بسبب الظلم الاجتماعي ومواضعة أنهن دائما مذنبات.
إن المظاهرات على مبارك أعطتهن قوة، فقد أدت النساء دورا مركزيا في الميادين، فقد نظمن ورتبن وجندن واهتممن بأن يبرزن. وحينما تولى الاخوان المسلمون الحكم أعادوا النساء الى الوراء وأعطوا الهجوم عليهن شرعية.
‘يجب أن نضيف الى ذلك الازمة الاقتصادية الشديدة، فان ملايين الشباب العاطلين الخائبي الآمال يبحثون عن إفراغ ذلك في شوارع لا يوجد فيها رجال شرطة. وبعد أن أخرجوا نشاطهم في المظاهرات اصبحوا يتولون القانون بأيديهم ويهاجمون الخلية الضعيفة في المجتمع، فاذا لم تعالج هذه الظاهرة فسينشأ عندنا جيل عنيف’.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ