Haneen
2014-05-29, 11:45 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي الجمعة 16/05/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
اتفاق المصالحة: تجميل أم فرصة للتغيير؟
بقلم: كوبي ميخائيل واودي ديكل،عن نظرة عليا
نريد ملكا لا رئيسا
بقلم: جدعون ليفي،عن هأرتس
مشكلة اسرائيل ليست الحكم بل الحكام
بقلم: تشيلو روزنبرغ،عن معاريف
دعوا الجيش الاسرائيلي يدافع عنا
بقلم: آري شبيط،عن هأرتس
ليس اولمرت وحده
بقلم: دانيال دورون،عن اسرائيل اليوم
خائن؟
بقلم: شمعون شيفر،عن يديعوت
هل بالغ قاضي أولمرت؟
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
</tbody>
اتفاق المصالحة: تجميل أم فرصة للتغيير؟
بقلم: كوبي ميخائيل واودي ديكل،عن نظرة عليا
يشبه اتفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية بين فتح وحماس في جوهره اتفاقات سابقة بين المنظمتين (مكة 2007، القاهرة 2011 واعلان الدوحة 2012) وهو يتضمن تشكيل حكومة اجماع وطني من التكنوقراطيين برئاسة الرئيس عباس واجراء انتخابات للبرلمان ولرئاسة السلطة الفلسطينية.
وتقرر في التفاهمات تأجيل البحث في المسألة الامنية العامة لمستقبل الذراع العسكري لحماس وقدراتها. وسيعالج الموضوع في اطار لجنة أمنية تتشكل فقط بعد تشكيل حكومة الوحدة. والمعنى هو استمرار الوضع القائم، اي ادارة’ منفصلة للضفة الغربية وغزة. ولا يشير الاتفاق الى مواعيد ملزمة لاستكمال المشاورات لتشكيل حكومة الوحدة وليس فيه موعد واضح لاجراء الانتخابات حتى بعد استكمال تشكيل الحكومة.
يلزم تحليل اتفاق المصالحة الفلسطيني بالنظر الى ما ليس فيه، بقدر لا يقل عن محاولة الفهم لما فيه. فرغم قلة بنود الاتفاق، الذي يتناول موضوعين فقط، ورغم الاهمية الشديدة للمواضيع الغائبة عن الاتفاق، والتي من شأنها أن تعرقل فرص تطبيقه، من المهم التطرق للمعاني النابعة عن مجرد تنفيذه في هذا الوقت.
‘وصل الطرفان الى الاتفاق كنتيجة ضعف داخلي، كل طرف بسبب التضعضع المستمر لقاعدة الشرعية والتأييد الجماهيري له. وبهذا الفهم، فان السياسة الداخلية للجهتين الفلسطينيتين هي التي أملت الخطوة. حماس تعيش في وضع من الدرك الاسفل بسبب المواجهة مع الحكم المصري الحالي، بعد عزل سيدها الاخوان المسلمين عن الحكم.
وإضافة الى ذلك، فان فقدان التأييد الجماهري لحماس ينبع من الازمة الاقتصادية المستمرة في قطاع غزة بسبب اغلاق الانفاق والحصار الشديد المفروض على القطاع من جانب مصر. عباس هو الاخر يفهم بانه فقد تأييد الجمهور الفلسطيني في ضوء انعدام الجدوى من طريقه السياسي. ومشكلة الشرعية لدى عباس هي أولاً وقبل كل شيء في اوساط جمهوره الداخلي، وبالاساس شباب فتح الذين ملوه وملوا القيادة حوله. والى جانب ذلك يحرك عباس الاحساس بانه قد يخلف إرث الانقسام في المعسكر الفلسطيني.
اذا كان دافع الاتفاق بالفعل داخلي ويرمي الى توسيع أساس الشرعية لعباس، فمطلوب الاستيضاح عن أي شرعية بالضبط يجري الحديث وما هي الآثار على السياسة الخارجية.
فهل بالفعل يدور الحديث عن شرعية توسع مجال مناورته السياسية حيال اسرائيل؟ وهل بصفتها هذه تمنحه مرونة لحلول وسط هامة من ناحيته؟ ان المحاولة لتعليق جهود عباس وعرضه كجهود أو انعدام بديل لغرض توسيع أساس الشرعية من الداخل، معناه التأييد، حتى وان لم يكن بوعي، لتشجيع التحريض وتطوير فكرة الكفاح والمقاومة. فخطاب الكراهية في الجمهور الفلسطيني يؤدي الى تضييق وتقليص مجال المناورة السياسية لعباس، ويكون عبئا على رقبته، مهما كان برغماتيا.
‘يخيل أن مركزي القوة في الطرف الفلسطيني يفهمان امكانية انهيار الاتفاقات بسبب الفوارق الهائلة بينهما والتناقض الفكري العميق الذي بين الايديولوجيا الدينية، الاسلامية لحماس وبين الايديولوجيا الوطنية لفتح.
فالاتفاق لا يغير جوهر حماس كمنظمة ارهابية وليس فيه ما يجعل السلطة الفلسطينية، م.ت.ف أو عباس يمثلون المرجعية والسلطة للفلسطينيين في قطاع غزة ايضا. المرحلة الانتقالية الحالية حتى تنفيذ الاتفاق هي الفترة الاصعب من ناحية حماس، التي تمنح عباس شرعية متجددة. وبالمقابل، فان فتح وعباس يجران الارجل ويؤخران تشكيل الحكومة في ظل محاولة اجتذاب حماس قدر الامكان الى الوضع الانتقالي الحالي.
‘تشكل حكومة التكنوقراط جهازا يستهدف السماح للطرفين بالسكن ظاهرا في رزمة واحدة دون أن يضطر اي من الطرفين الى التنازل عن ايديولوجيته التأسيسية.
ومن شأن الالية المقترحة أن تتبين كاشكالية وخطيرة لمجرد امكانية ما فيها من التحول الى لبنان. حماس، مثل حزب الله في لبنان، يمكنها أن تكون جزءا من آلية سياسية وشريكا في الحكومة، في ظل الحفاظ على قدراتها العسكرية (وزعماء حماس في غزة شددوا على ذلك منذ الان!) وعلى حرية العمل العسكري بشكل يخدم مصالحها الاستراتيجية الهامة. من المهم التشديد على أن كل موافقة دولية على مثل هذه الصيغة، في ظل الاعتماد على الاماني بشأن احتمال اعتدال حماس في اليوم التالي، تنطوي على بذور الاضطراب لواقع لا يطاق بالنسبة لاسرائيل. فمحاولة تمييز الحالة الفلسطينية على الحالات الاخرى في المنطقة، هي نوع من الامنية والتجاهل لعمق الايديولوجيا الدينية التي في المذهب الفكري لحماس.
اذا ما وعندما يتقدم واقع اتفاق المصالحة، من شأن اسرائيل أن تجد نفسها أمام مشكلة مركبة حيال قطاع غزة. فكيف بالضبط ستعمل اسرائيل حيال عباس، الذي بقوة الاتفاق يصبح مسؤولا ايضا عن قطاع غزة، في حالة اطلاق صواريخ من القطاع؟ هل ستضطر الى تلطيف ردود فعلها في مواجهة ادعاءات الاسرة الدولية بان رد فعل حاد من شأنه أن يمس بالسلطة الفلسطينية ووحدتها الهشة؟ كيف ستتمكن اسرائيل من أن تدير مع عباس مفاوضات سياسية الى جانب مباحثات حول الارهاب ووجود بنى تحتية ارهابية في قطاع غزة بل ويحتمل في الضفة الغربية ايضا؟ فضلا عن ذلك، كيف يحل الفشل المنطقي القائم في اشراك منظمة ارهابية، تعارض اتفاقات اوسلو في حكومة كيان اقيم بقوة تلك الاتفاقات؟
‘يعتزم عباس على ما يبدو ان يعرض حكومة تكنوقراط تقبل شروط الرباعية الثلاثة نبذ الارهاب والعنف، الاعتراف بالاتفاقات السابقة والاعتراف باسرائيل، اضافة الى الموافقة على المفاوضات السياسية مع اسرائيل بشروط. وذلك دون تحدي حماس. بهذه الطريقة، يتوقع عباس اثراء صندوق أدواته كممثل لعموم الشعب الفلسطيني، الامر الذي يمنح وزنا ومفعولا آخر لتوجهه الى الساحة الدولية لتحقيق اعتراف واسع بدولة فلسطينية ووضع التحدي أمام اسرائيل.
‘رغم أن من المعقول الافتراض بان المصالحة لن تصمد، كون حماس لن تتخلى عن حكمها في القطاع ولن تحل قوتها العسكرية ورؤيا عباس ‘سلطة واحدة وسلاح واحد’ لن تتحقق، فان على اسرائيل أن تكون قاطعة في مطلبها بان على حماس أن تقبل شروط الرباعية. كل تلوي متذاكي او غض نظر ينطوي على بذور الاضطراب ويؤدي الى التآكل في تعريف الاسرة الدولية لحماس كمنظمة ارهابية. الامر الذي من شأنه أن يضع اسرائيل في واقع تتهم فيه بعرقلة خطوة المصالحة الفلسطينية، حتى في وضع تضطر فيه الى العمل في غزة في أعقاب ارهاب صاروخي.
‘
نهج آخر لتحريك المسيرة السياسية
‘في حالة قيام حكومة اجماع تكنوقراطية، فان احد الخيارات التي تقف امامها اسرائيل هي الانتقال من خطاب المقاومة الى المصالحة ومحاولة اعادة تحريك المسيرة السياسية، ولكن مع تغيير جوهري في صيغة المسيرة. والمقصود هو الانتقال من البحث في المسائل الدائمة، والتي لا يمكن للفجوات ان تجسر في المستقبل القريب، الى البناء التدريجي بواقع الدولتين، في ظل مساعدة الفلسطينيين على بناء كيان سياسي مسؤول مستقر وفاعل. في مثل هذه الحالة يمكن لاسرائيل أن تطالب بمسؤولية السلطة الفلسطينية وبالاساس عباس عن قطاع غزة وتقترح جعل القطاع المدماك الاول في مسيرة متدرجة لبناء الدولة الفلسطينية.
‘اذا ما عملت الحكومة بقيادة عباس بمنطق دولة، وأثبتت أنها قادرة وراغبة في بناء الاساس المناسب لكيان فاعل، فان على اسرائيل أن تطرح طلبا في أن تركز الحكومة في المرحلة الاولى على اعادة بناء قطاع غزة وتنميته وفي ظل ذلك سيطرة السلطة على المعابر الى القطاع. اذا ما أبدت الحكومة الفلسطينية الرغبة والقدرة، والى جانب ذلك عملت بتصميم على القضاء على شبكات الارهاب والشبكات العسكرية غير الدولية في قطاع غزة، فستقوم المرحلة الثانية بمساعدة الاسرة الدولية، اسرائيل والعالم العربي للمساعدة في سياقات البناء بما في ذلك ميناء بحري (مع الترتيبات الامنية الضرورية). وفي المرحلة الثالثة، بعد التقدم المثبت، توجه مساعي التنمية الى الضفة الغربية، في المناطق ج، لغرض بناء واقامة بنى تحتية اقتصادية بل واقامة مجالات مدينية جديدة، يعاد فيها تأهيل اللاجئين من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية حيث الظروف صعبة على نحو خاص.
‘الخلاصة، بقدر ما يبدو السيناريو خياليا، يجدر بحكومة اسرائيل ألا تعارض مبدأ المصالحة، بل ان تطرح مقابله نهج آخر لتحريك المسيرة السياسية في ظل الاشتراط بان تقبل حماس شروط الرباعية الثلاثة وان تكون حكومة السلطة صاحبة الاحتكار على القوة وعلى الارض الاقليمية الخاضعة لسيطرتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
نريد ملكا لا رئيسا
بقلم: جدعون ليفي،عن هأرتس
لماذا رئيس؟ ولماذا لا يكون ملك؟ ملك اسرائيل. في وقت تسرع فيه اسرائيل السير بخطوات ضخمة نحو ماضيها، وتُثبت وجودها وطبيعتها بقدر لا يقل عن ذلك على ما كان (أو لم يكن) هنا قبل آلاف السنين، لا يمكن أن نرفض هذا الاقتراح ايضا وهو تجديد الملكية في اسرائيل، أعني سلالة ملوك يهودا أو ملوك اسرائيل لماذا لا يكون ملك؟ ولا يعوزنا مرشحون والاجراء سهل نسبيا ومن المؤكد أنه أسهل من انتخاب رئيس. واذا كان الامر يبدو هاذيا فانه يثور من تلقاء نفسه سؤال هو أكثر هذيانا حقا من عدد من حقائق حياتنا الاخرى التي نقبلها وكأنها ‘توراة منزلة’، وهذا ايضا تعبير تاناخي اعتقادي أصبح اسرائيليا عاما.
‘ قامت دولة اسرائيل في فلسطين ارض اسرائيل قبل كل شيء على الماضي التوراتي لهذه الارض وعلى التوق اليها على مر الأجيال. فلولا الكتاب المقدس لربما كنا في اوغندة؛ ولولا ابراهيم واسحق ويعقوب لكنا في بيروبيجان. ويقوم الحفاظ على احتلال اراضي 1967 الى أن تحولت بالفعل الى جزء لا ينفصل عن دولة اسرائيل، قبل كل شيء على ذلك الماضي السحيق. فهناك مشا شموئيل وهنا دُفنت راحيل ولهذا نحن هناك وهنا ايضا. ولم يعد يوجد احتلال كهذا يعلل وجوده بما كان ذات مرة قبل آلاف السنين، وليذهب الى الجحيم الواقع الحالي والحاضر المثقل. هل يبدو هذا هاذيا؟ لا للآذان الاسرائيلية.
‘ لكن ذلك غير كاف. فلا توجد قيمة اسرائيلية أعمق رسوخا من الايمان المتقد لأن الاسرائيليين هم الأفضلون، وهم أبناء الشعب المختار الذي هو نور الأغيار وقد جلبنا هذا على أنفسنا ايضا من أساطير الكتاب المقدس. فهذا ما قاله الله ذات مرة وهو الصحيح. وماذا عن العلمانية والحداثة والليبرالية؟ ربما لكننا ‘الشعب المختار’ كما ورد في الكتاب المقدس. وحسبُنا ثلاثة مواضع في سفر إشعياء لنقتنع جميعا بأننا في الحقيقة ‘نور الأغيار’. ولا سبيل لتفسير الاستكبار الاسرائيلي والاستخفاف المستمر بالقانون الدولي والرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية سوى هذه القناعة الداخلية العميقة أننا كذلك. أفليس ذلك سرياليا؟ ولا يقل عن ذلك سريالية مكانة الاماكن المقدسة. فالجنود يؤدون القسم عند حائط المبكى، وتستلقي الجموع على ارض كل مسجد يُشك في أنه كان لشخص من الكتاب المقدس، كان ولم يعد موجودا منذ زمن بعيد. والصلة بين مقام يشبه المسجد بالقرب من الحاجز 300 الذي يحاصر مدينة بيت لحم الفلسطينية، وبين مكان دفن أمنا راحيل، ومن المؤكد أنها أمنا، مُريبة كالصلة بالضبط بين المسجد في شارع الشهداء في الخليل وبين مكان دفن الآباء، الذين من المؤكد أنهم آباؤنا. لكن اسرائيل العلمانية لا تقدس هذه الاماكن فقط وهذا حقها بل تطلب السيادة عليها وكأنه توجد صلة مفهومة من تلقاء نفسها بين القداسة والسيادة بسبب ما تؤمن بأنه كان موجودا آنذاك في تلك الايام وهي تترجم ذلك بلغة الاحتلال في هذا الزمان.
‘ حان الآن وقت المرحلة التالية في رحلة دولة اسرائيل المريبة نحو ماضيها، وأعني مجموع قوانين القومية وخطط دراسة ‘التراث’ التي تقوم هي ايضا على الاسطورة واللاهوت والاعتقادات الدينية والمسيحانية التي ليست هي في الحقيقة من أمور الحداثة. وفي وقت تطمح فيه الدول الغربية علنا على الأقل الى أن تكون دولا ليبرالية منفتحة تقوم على قيم عامة وعلى العولمة، تتقدم اسرائيل الى الوراء خاصة.
إنها آخذة في الانطواء على نفسها والانطواء في ماضيها. ويتبوأ الدين فيها مكانا مركزيا، وتقودها مطالب الاعتراف بأنها دولة يهودية، والقوانين لجعلها كذلك، تقودها بيقين نحو دولة شريعة يهودية، شريعة في واقع الامر. وأصبح يدور الحديث عن انشاء مجدد للهيكل في دوائر ما بجدية، ولن يبعد اليوم الذي يُبنى فيه الهيكل. فقد بقي الآن فقط أن ننشيء لأنفسنا سلالة وأن نتوج لنا ملكا. وسيكون هذا اغلاقا ملكيا للدائرة، وحلقة لا تنفصل عن كل ما يجري هنا. لأنه اذا كنا ننبش الماضي فلنفعل ذلك حتى النهاية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مشكلة اسرائيل ليست الحكم بل الحكام
بقلم: تشيلو روزنبرغ،عن معاريف
‘قضية تعيين النائب يريف لفين وزئيف الكين لمنصب رئيس لجنة الخارجية والامن، المحاولات لالغاء مؤسسة رئاسة الدولة، التهديدات غير المنقطعة من يعلون وغانتس عن الغاء مناورة الجبهة الداخلية ووقف التدريبات، وبشكل عام كل التشريعات المتزلفة للجمهور وعديمة كل أساس، هي بصقة في وجه المواطنين في الدولة، استخفاف شديد بنا جميعنا دون أن يكون احد يحصي المواطنين من مسافة متر.
‘واليكم مثال ونموذج لماذا ليس الحكم هو المشكلة في اسرائيل بل الحكام. الفساد الاخلاقي، السياسة الضحلة، التهكم والمصالح الشخصية وليس مصلحة الجمهور هي المزايا البارزة للقيادة الاسرائيلية. وسيقول العارفون بالامر ان الحال كان هكذا منذ الازل، هذا ما يحصل ايضا في دول اخرى. أما الحقيقة فهي أن ليس هكذا يتصرف الزعماء في كل العالم، ولنفترض أن نعم، فهل هذا يواسينا؟
لاسفي الشديد، معظم الجمهور غير مبال بما يحصل. ولهذا فان القيادات تتصرف على أن يلعب الفتيان أمامنا أما نحن فنفعل ما نريد. ليس النقد داخل الساحة السياسية ولا خارجها ولا أي شيء آخر يجدي نفعا لاصلاح الثقافة السلطوية الفاسدة والبائسة القائمة في اسرائيل.
لنحاول مراجعة المنطق الذي يقبع خلف تعيين لفين والكين، بالتناوب، لمنصب رئيس لجنة الخارجية والامن. ستة اشهر كاملة وليس للجنة رئيس. لا يوجد في العالم الديمقراطي حتى ولا مثال واحد لا يكون فيه للجنة التي هي الاهم في البرلمان رئيس. ودون محاولة المبالغة على الاطلاق، يمكن القول ان لجنة الخارجية والامن يفترض أن تعنى بأكثر المواضيع المتعلقة بالامن والسياسة الخارجية حساسية.
ان عدم الاداء العادي للجنة هو مثابة تسيب لا مثل له في أي مكان. ولو كان الموقع أدناه وحده هو الذي يقرر، لكان ممكنا أن تعزى له دوافع غريبة. فرئيس الكنيست، ايضا، يولي ادلشتاين، في مقابلة نهاية الاسبوع مع ‘معاريف’ قال ان هذا سلوك مخزٍ. وكذا محكمة العدل العليا حذرت من هذا السلوك المخجل . وها هو عندما يقرر رئيس الوزراء أخيرا تعيين رئيس، فانه يفعل ذلك بشكل أعوج، انطلاقا من دوافع حزبية وشخصية ضيقة كعالم النملة. فلماذا يتولى يريف لفين وزئيف الكين المنصب الهام جدا وليس تساهي هنغبي الذي أدى المهامة بشكل جيد وموضوعي، برأي كل من كان عضوا في اللجنة والجهات المختلفة التي اتصلت وكان لها علاقة باللجنة.
‘ان تعيين هنغبي كان مضمونا. فما الذي حصل أن قرر رئيس الوزراء فجأة الكين ولفين؟ حسب التقرير في وسائل الاعلام، ضغط الرجلان عليه بشدة، ولهذا استسلم رئيس الوزراء. لنفترض أن هذه هي الحقيقة العارية، فان هذه حقا خجل وعار. وان لم يكن هذا وكل شيء شخصي، فان المهانة ستكون أكبر. هذه ببساطة مهزلة.
ماذا سيقول تلاميذ اسرائيل؟
في غياب مشاكل عسيرة ومضنية، تفرغ رئيس الوزراء لتصفية مؤسسة الرئاسة. ليس في هذا القرار ما يعبر عن محاولة حقيقية لاصلاح نظام الحكم في اسرائيل بل انتقام شخصي من أحد المرشحين. ينبغي الاعتراف بان موضوع وجود مؤسسة الرئاسة وضرورتها جدير بالبحث والفحص المعمق. ولكن غير شرعي وغير اخلاقي القرار بالغائها فقط لان أحد المرشحين لا يعجب رئيس الوزراء. موضوع فصل السلطات في النظام الديمقراطي يعلم في المدارس الثانوية وفي بعض الدراسات المدنية.
ماذا سيقول تلاميذ اسرائيل عند نظرهم الى فعلة رئيس الوزراء المستعد لان يضحي بكل مبدأ باسم الدوافع الشخصية للرجل؟ غير مقبول على العقل ان يتم بجرة قلم الغاء مؤسسة الرئاسة. وهذا يعجب جوقة مشجعي رئيس الوزراء اغراق صفحات التعقيب بالتفسيرات المنمقة في أن رئيس الوزراء محق. اما الجمهور، هنا ايضا، فغير مبال على الاطلاق.
في دولة يفعل فيها كل شخص كما يشاء، لا توجد مشكلة لوزير الدفاع أو رئيس الاركان للخروج علنا ضد خطوات حكومة اسرائيل التي يشاركون فيها. ومن أجل الضغط يهدد يعلون ورئيس الاركان على كل حكومة اسرائيل وعلى النواب وبالاساس على الجمهور ‘بالغاء مناورة الجبهة الداخلية الكبيرة والتدريبات لتقف اسرائيل لا سمح الله أمام خطر أمني لم تشهد له مثيل
‘هذا سبيل بائس وغير شرعي. فاذا كان وزير الدفاع ورئيس الاركان يعتقدان بان ميزانية الدفاع المقلصة ستلحق اضرارا جسيمة، فليتفضلا بالاستقالة والا يكونا شريكين في الخطوة. فهل يمكن لاحد أن يتصور وزير دفاع أو رئيس أركان امريكي يقف ضد قرار الرئيس ويبقى في منصبه ليوم واحد آخر؟ لا في الولايات المتحدة ولا في أي دولة سليمة بل في اسرائيل.
قوانين متزلفة للجمهور لا أمل في تحققها تجاز في الكنيست فقط لان رئيس الوزراء والوزراء، بما في ذلك وزير العدل الليبرالية، المزعومة، يريدون أن يثبتوا للجمهور بانهم يعملون في صالحه. المشكلة الكبرى هي ان الجمهور الغفير، لشدة الاسف، لا يفهم بان السياسيين يخدعونه ولا يعملون في صالحه، وهو صامت وسلبي اكثر من اي وقت مضى. إذن فليحيا بيبي، وتفضل بقعر الشعب بقدر ما تستطيع!
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
دعوا الجيش الاسرائيلي يدافع عنا
بقلم: آري شبيط،عن هأرتس
يتعرض الجيش الاسرائيلي في الاشهر الاخيرة لقصف ثقيل. وقد أصبح وزير المالية وموظفو المالية والصحافيون ينكلون به. فالجيش يوصف بأنه جسم خنزيري فاسد ينطف سمناً، يستهلك موارد دولة اسرائيل الضئيلة.
والضاربون المهرة يضربون مرة بعد اخرى الاكياس الممزقة لأجور الضباط الكبار ومخصصات تقاعد من خدموا الخدمة الدائمة وإسراف من يخدمون في الكرياه. وكما سجدوا في الماضي هنا للأمن أصبحوا الآن يهاجمون الأمن ويحرضون عليه.
فقد أصبح جيش الدفاع الاسرائيلي عدو الشعب الجديد الذي يهدد النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
توجد ثلاثة اسباب جيدة للهجوم الكبير وهي حقيقة أن الجيش الاسرائيلي كان في مدة عقود بقرة مقدسة سمينة جدا؛ وحقيقة أن خفت في السنوات الاخيرة بعض التهديدات الخارجية للدولة؛ وحقيقة أن برنامج العمل العام أصبح منذ صيف 2011 برنامج عمل اقتصاديا ـ اجتماعيا. لكن توجد ثلاثة اسباب سيئة ايضا للهجوم وهي: الميل الاسرائيلي الى رؤية ‘الهدوء’ المباشر وعدم النظر الى ما وراءه؛ والميل الى البحث عن عدو جديد (ارباب المال والحريديون واتحادات العمال ولابسي البزات العسكرية) لتُنسب اليه كل امراض اسرائيل؛ والغوغائية السياسية السطحية التي تفضي الى اتخاذ قرارات سريعة متسرعة لا تواجه المشكلات العميقة بجدية ومسؤولية.
لا شك ألبتة في أن الجيش الاسرائيلي يجب أن يزيد في جدواه وأن ينظم نفسه ويلائمها للواقع المتغير. لكن يجب عليه ايضا أن يرى التحديات وراء الأفق وأن يستعد لها. ولا يجوز أن ندع الهدوء النسبي يضللنا. ولا يجوز أن نكرر الأخطاء التي وقعت قبل حرب لبنان الثانية. لم يعد يوجد في الحقيقة جيش سوري سيجتاح هضبة الجولان ويهجم على الجليل. ولم تعد توجد جبهة شرقية وراء نهر الاردن ولا جيش مصري معاد عند مشارف يد مردخاي. لكن لايران تأثيرا متزايدا في العراق وسوريا ولبنان ينشيء قوسا شيعية حقيقية في الشمال. ولحزب الله 100 ألف صاروخ. وحماس قادرة على اصابة تل ابيب. وفي هذه الظروف فان المزاج العام الوادع الذي يرى أن ‘الخطر العسكري قد مر’ خطير. وقد أفضى الى خطأ كبير في الماضي وقد يفضي الى خطأ الآن ايضا. فاسرائيل محتاجة، والمحيط الاستراتيجي غير مستقر والصراع الاسرائيلي الفلسطيني ما زال نشيطا، الى جيش اسرائيلي قوي، يكون مستعدا للحرب ويُمكن من السلام.
فعلت اسرائيل غير قليل على مر السنين لتزيد في جدوى اجهزة الامن غير المهندمة وفي ضبطها. ففي منتصف سبعينيات القرن الماضي بلغت الميزانية الامنية الى 35 بالمئة من الانتاج الوطني.
أما اليوم فهي 5 بالمئة من الانتاج. ومن المفاجيء جدا أن دافع الضرائب الاسرائيلي ينفق اليوم من جيبه على الأمن أقل من دافع الضرائب الامريكي. وقد قوي هذا الاتجاه البعيد المدى في السنة الاخيرة حينما فعل الجيش الاسرائيلي ما لم يفعله أي جهاز عام آخر إذ اقتطع من لحمه الحي.
فقد أغلقت ألوية مدرعة، وألغيت كتائب مدرعة، ومحيت تشكيلات طيران حربي، وأسكتت منظومات مركزية. ولم يعد جنود الاحتياط يتدربون، ويقلل جنود الخدمة النظامية التدرب ويُقال آلاف من العاملين في الخدمة الدائمة. وحينما يكون عدد دبابات اسرائيل أقل من عدد دبابات مصر فانه لا يوجد تسويغ للحماسة الموجهة على الجيش. ينبغي طلب الشفافية وزيادة الجدوى ويجب الانتقاد، لكن لا يجوز الانقضاض على لابسي البزات العسكرية في غضب شديد.
إن الجيش الاسرائيلي اليوم هو ضحية نجاحه. فانتصاره الكبير في الانتفاضة الثانية وتعاونه الوثيق هو و’الشباك’ مع الفلسطينيين منح اسرائيل عقدا هادئا جدا نُقض بجدية مرتين فقط (في حرب لبنان الثانية وعملية الرصاص المصبوب). وأفضى الهدوء الى نمو وأفضى النمو الى سكينة، ويشعر كثيرون الآن بأن المنظمة العسكرية التي تدافع عنا اصبحت منظمة قديمة أكل الدهر عليها وشرب. وليس الامر كذلك فانه لا يجوز ألبتة ادارة الظهر الى الضباط والجنود الذين يُمكنوننا من الادمان على وهم أننا نعيش تحت كرمنا وتينتنا وخارج الشرق الاوسط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ليس اولمرت وحده
بقلم: دانيال دورون،عن اسرائيل اليوم
حينما يدان رئيس وزراء بتلقي رشوة، فماذا يقول ذلك عن المجتمع الاسرائيلي والجهاز الحاكم؟ سيوجد دائما تفاح عفن. لكن واقعة هولي لاند ووقائع رشوة اخرى كثيرة في القيادة العليا، تشهد بأن الفساد المتفشي في السلطة جزء من الطريقة التي تغلب السياسة على الاقتصاد.
كان لاولمرت شركاء هم رؤساء بلديات واعضاء بلدية، ومهندس المدينة واعضاء في لجان بناء وسماسرة لكن هولي لاند ليست وحدها في القمة الحاكمة. لانه تظهر في كل يوم اعمال فساد مدمرة في اجهزة خاصة وعامة من إي.دي.بي وهداسا الى بلديات كثيرة والكيرن كييمت وهيئة القيادة العامة أي كل شيء في ظاهر الامر، بالطبع.
اصبح الفساد داءا للدولة وجزءا راسخا من الادارة الاسرائيلية المركزية (‘ضقنا بكم ذرعا أيها الفاسدون’، أتذكرون؟). واصبح اعضاء الكنيست والبيروقراطية الحكومية يركزون في ايديهم قوة اقتصادية ضخمة فهم يفرضون ضرائب سلب على اكثر السكان ويعفون المقربين. وهم يمنحون ‘المرتبطين بهم’ حقوقا احتكارية تساوي مليارات. وفيهم ايضا مستقيمون لكن هل من المحتمل الا يصاب احد من هذه الجماعة بوبائهم، والا يدعو البثق اللصوص؟ إن ساسة وبيروقراطيين معينين ورفاقهم الذين يخدمون ارباب المال يمكنونهم هم وشركاتهم من سلب مئات المليارات من مئات آلاف العائلات التي لا تنهي الشهر إلا بصعوبة.
‘إن القوة مفسدة، والقوة غير المحدودة مفسدة كليا.
نشرت مؤخرا قائمة ‘خنطوس′ (جمع بين كلمة خنزير وطاووس) أشتملت على كثيرين من كبار العاملين في المالية وبنك اسرائيل في الماضي. وهم عوض اجور تبلغ مئات آلاف الشواقل مع زيادة ملايين كثيرة ‘يديرون’ شركات احتكار ارباب المال. ومن عارهم انهم يساعدون ارباب المال على ان يبتزوا من الحكومة كل انواع الافضالات والامتيازات والحقوق الاحتكارية التي تبتز الجمهور ولا سيما قليلي الدخل مليارات كثيرة باسعار مفرطة. وهم يحصلون على اجور ضخمة حتى لو كانوا مديرين فاشلين تحصد اعمالهم الارباح بظلم الجمهور فقط. وبمساعدة محامين للموجودين في القمة يعوجون القانون لتحليل كل داء، وبمساعدة مدققي حسابات كبار يصدرون بيانات مضللة تخفي الوضع السيء لاعمال ارباب المال؛ وبمساعدة مصرفيين اصدقاء وخبراء علاقات عامة وطيور اعلام مغردة، استخرجوا اعتمادا بمليارات من اموال تقاعدنا وزعت في مشاريع مضاربة. وأبيدت مليارات من اموال التقاعد وضعضعوا اقتصاد اسرائيل التي كان يفترض ان تجعلها ثروتها البشرية الممتازة وتريليون الشاقل التي انفقت فيها من الخارج واحدة من اغنى الاقتصادات في العالم. فهؤلاء هم ‘ربابين الجهاز الاقتصادي’ الناجحون الذين يهددنا المحامي ران كاسبي بأننا اذا كففنا جماحهم فسيغادرون ويتركوننا في عوز كامل.
على سبيل المثال حصلت عائلة دانكنر على امتياز استخراج الملح من اراضي الدولة في عتليت. ولم يكن للاراضي باعتبارها ارضا زراعية قيمة كبيرة لكن المدير العام للمديرية وافق لسبب ما على تهيئة الاراضي للبناء فارتفعت قيمتها حتى بلغت عنان السماء. ولم تصدق الصفقة كالمطلوب لكن رسالة النوايا كانت كافية لبنك ليئومي كي يعطي عائلة دانكنر قرضا بـ 358 مليون دولار لشراء نحو من 12 بالمئة من بنك العمال ولتعزيز مكانتهم في البنك للسيطرة على إي.دي.بي وعلى شركات مركزية اخرى لتفضي بعد ذلك الى الافلاس تقريبا.
إن السلب الذي يقوم به ارباب المال يفضي الى تدمير عائلات وهو يزعزع امننا ايضا، فقد غادر اكثر من مليون شاب اسرائيلي الى الولايات المتحدة واوروبا لا لعدم الشعور الوطني بل لانه لا يمكن اقامة عائلة بخمسة آلاف شيكل كل شهر في وقت يبلغ فيه ثمن الشقة 140 أجرة شهرية، وتبلغ اسعار المنتوجات والخدمات ضعف الموجود في الولايات المتحدة. واحتمال التقدم المهني ضعيف واكثر اماكن العمل يسيطر عليها ارباب مال أو منظمات عمال تلاعبية مشحونة بالفساد تمنع من ليست لهم صلات من التقدم.
لن تكون اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي ينقض عراها الفساد الذي تسببه سيطرة الساسة وارباب المال واتحادات العمال التلاعبية على الاقتصاد. لكنها ستكون الدولة اليهودية الوحيدة التي ضحى ابناؤها بانفسهم لانشائها والتي يدمرها الباحثون عن المناصب والاطماع لان اكثر الجمهور وفيه النخب يتجاهلون الدقيق الذي لن توجد توراة من غيره، ومشكلة الاقتصاد التي يستغلها الاوغاد بلا احتجاج.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
خائن؟
بقلم: شمعون شيفر،عن يديعوت
الخيانة هي الجريمة الأخطر في سجل القوانين الاسرائيلي. الجريمة الوحيدة التي عقوبتها الموت. ‘خائن’ هي أيضا الوصف الذي اختاره القاضي دافيد روزين أن يلصقه بايهود اولمرت، رئيس وزراء اسرائيل السابق الذي ادين بتلقي الرشوة وحكم امس بالسجن لست سنوات.
التواضع، كم كتب الحاخام الاكبر ‘الرمبام’ هو أحد أهم ما يتميز به القاضي. ومع ذات القائمة تندرج أيضا الحكمة، الورع، كراهية المال، محبة الحقيقة ومحبة الخلق. القاضي يهوشع غروس، الذي اقتبس عن ‘الرمبام’ شرح بان التواضع مطلوب للقاضي بانه يوجد خوف من أن يرى نفسه فوق الشعب، مثابة الرب.
الغرور هو الخطيئة التي وقع فيها أمس القاضي دافيد روزين. من سمو كرسيه تصرف كمن يضرب بسكرة القوة، الذي يؤمن بان لا شيء يقف في وجهه. ‘خائن’، قال ايهود اولمرت، ‘مجرم’. ‘خنزيرية’، قال. وأنا أرفض التصديق بان هكذا بوسع قاض في اسرائيل أن يتفوه. قاض آخر، القاضي برنزون اقتبس ذات مرة عن الحكيم ‘حزال’: ‘المحترم هو من يحترم الخلق’. اما اتهام اولمرت بالخيانة فهو تجاوز للخطوط. لقد شهد القاضي روزين على نفسه بانه قرأ الـ 19 رسالة التي كتبها في صالح رئيس الوزراء السابق قادة المؤسسات والجمعيات من أجل المحتاجين والناجين من الكارثة ممن ساعدهم. ولعل روزين قرأ الرسائل ولكن قلبه كان مغلقا.
القاضية المتقاعدة حيوتا كوخان، التي جلست صباح امس في ندوة المحللين في قناة 2، اطلقت سهما ساما نحو المتهم رقم 8. اولمرت، كما قضت، ارتكب خطأ جسيما في أنه لم يخفض الرأس امام المحكمة ولم يتصرف ‘بالتواضع المناسب’. قد تكون محقة. ولكن بالتأكيد توجد ايضا امكانية أنه مع كل الاحترام لقرار المحكمة، فان المتهم رقم 8 يعتقد بان جناب القاضي اخطأ في قراره. ايهود اولمرت تمسك بموقفه: لم اعطِ ولم أتلقَ الرشوة من أحد ابدا.
صعب، ويكاد يكون متعذرا في هذه الايام اطلاق صوت آخر يختلف عن الاصوات التي تنطلق في وسائل الاعلام عن ذنب اولمرت الذي اصبح شخصية شريرة. ومع ذلك، فقد برئت ساحة الرجل من مواد الاتهام الخطيرة في المحكمة المركزية في القدس (وادين بخرق الثقة). وينقض منتقدو رئيس الوزراء السابق على القضاة الذين برأوه (هيئة من ثلاثة قضاة برئاسة رئيس المحكمة) ويضعوهم امام عامود العار. لدى منتقدي اولمرت، القضاة لا يوجدون الا في تل أبيب. وهذا مخجل بقدر لا يقل. فإما أنكم تحترمون سلطة القضاء بشكل عام أو أنكم تقبلون القرارات فقط للقضاة الذين يعملون حسب ‘مذاهبكم الفكرية’.
وبعد هذه الاقوال، ينبغي أن نقول أيضا شيئا ما عن نظامنا السياسي: نحن ملزمون بالاعتراف بانه في الدولة التي يجلس فيها رئيس في السجن، ورئيس وزراء سابق يرسل للانضمام اليه، يوجد شيء ما فاسد. شيء ما يحتاج الى نظرة عميقة ومحاولة لمواجهة السؤال كيف وصلنا الى مثل هذا الوضع. وما هي العلة في نظام حكمنا؟
من يبحث عن مواساة قد يجدها في حقيقة أنه حتى بعد 66 سنة من الاستقلال فاننا لا نزال نوجد في مراحل تصميم وجه الدولة. ليس إلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هل بالغ قاضي أولمرت؟
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
سيتداخل المدعيان ليئات بن آري ويونتان (يوني) تدمر من جهة والمحاميان عوفر برتيل ودوف جلعاد كوهين من جهة اخرى لاقناع روزان بالاكتفاء بـ 11 شهر سجن. وسيتحدثون نحوا من 45 دقيقة. وستقول زاكين كلمات قليلة دقائق معدودة ويبت القاضي الحكم. من الواضح أن الادعاء العام سيطلب تقليص ما ينشر من تسجيلات وشهادات في الشرطة من اجل عدم التشويش على تحقيقهم مع اهود اولمرت وآخرين في قضية التشويش.
إن المفترق الاول هو لروزان لأنه اذا قبل الصفقة فستتجه النيابة العامة الى المحكمة العليا في القدس التي تبحث في استئناف تبرئة اولمرت من قضايا ريشون تورز ومغلفات موشيه تلنسكي وتطلب شهادة زاكين.
وهذه فرصة نادرة لتعرض على المحكمة ‘يوميات شولا’ وهي مقاطع الحاسوب التي ضبطها مراقب الدولة ميخا لندنشتراوس ويده اليمنى يعقوب بوروفسكي في حينه. لكن سكوت زاكين منع عرضها على القضاة في المحكمة اللوائية في القدس. وسيرفع هذا التوجه لشهادة زاكين وعرض يومياتها الالكترونية على رئيس المحكة العليا آشر غرونس حتى لو لم يوافق روزان على الصفقة القضائية.
إن المفترق التالي هو حكم المحكمة العليا. فاذا كانت قد استقر رأيها اصلا على قبول الاستئناف المتعلق بتلنسكي وريشون تورز، فقد يظهر قضاتها عدم اهتمام بشهادة زاكين مجددا. فعند القضاة الخمسة ما يكفي من المعلومات لادانة اولمرت. لكنهم اذا لم يستقر رأيهم بعد على قبول التبرئة أو عكسها فمن المنطق أن نفرض أن يمكنوا زاكين من الشهادة في المحكمة اللوائية، تلك الشهادة التي تخلت عنها قبل اكثر من سنتين. وستكون شهادة زاكين مصيرية بالنسبة لاولمرت في المواد التي تم تبرئته منها.
والمفترق التالي يرجع الى محاكمة هولي لاند مرة اخرى. فاولمرت سيستأنف وقد تستأنف النيابة العامة ايضا لأن روزان لم يشأ في المرحلة السابقة أن يُشهد زاكين بعد أن كتب قرار الحكم. لكن حينما تبلغ القضية الى المحكمة العليا يوجد امكانان: فاما أن يستقر رأي قضاة المحكمة العليا على اجازة حكم روزان ورفض استئناف اولمرت وألا يريدوا شهادات اخرى وإما أن يحتاروا وحينها يريدون أن تحكي زاكين ما تعلمه عن تحويل الاموال من دخنر الى اولمرت. والصفقة القضائية من هذه الجهة هي شهادة تأمين لقرار حكم روزان فشهادتها ستقوي حكمه القضائي.
من الواضح في المرحلة الحالية أن النيابة العامة معنية بشهادات زاكين في كل مفترق يخشى فيه اضعاف إدانة روزان أو اذا كان في ذلك تقوية للتبرئة التي منحها موسيا اراد ويعقوب تسبان وموشيه سوفال لاولمرت. بيد أنه توجد المصلحة العامة ايضا الى جانب الشطرنج القضائي. ومن المراد بل من الواجب تقريبا أن يستغل الجمهور حقه في معرفة ما قيل بين اولمرت وزاكين حتى لو تم ذلك الامر بعد انقضاء المداولات في المحاكم وخارد أطرها. فالحقائق هي افضل وسيلة لنقض ‘حيلة’ انصار اولمرت التي ترى أن الحديث عن ادانة لا شأن له أو مبالغ فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي الجمعة 16/05/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
اتفاق المصالحة: تجميل أم فرصة للتغيير؟
بقلم: كوبي ميخائيل واودي ديكل،عن نظرة عليا
نريد ملكا لا رئيسا
بقلم: جدعون ليفي،عن هأرتس
مشكلة اسرائيل ليست الحكم بل الحكام
بقلم: تشيلو روزنبرغ،عن معاريف
دعوا الجيش الاسرائيلي يدافع عنا
بقلم: آري شبيط،عن هأرتس
ليس اولمرت وحده
بقلم: دانيال دورون،عن اسرائيل اليوم
خائن؟
بقلم: شمعون شيفر،عن يديعوت
هل بالغ قاضي أولمرت؟
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
</tbody>
اتفاق المصالحة: تجميل أم فرصة للتغيير؟
بقلم: كوبي ميخائيل واودي ديكل،عن نظرة عليا
يشبه اتفاق المصالحة الفلسطينية الداخلية بين فتح وحماس في جوهره اتفاقات سابقة بين المنظمتين (مكة 2007، القاهرة 2011 واعلان الدوحة 2012) وهو يتضمن تشكيل حكومة اجماع وطني من التكنوقراطيين برئاسة الرئيس عباس واجراء انتخابات للبرلمان ولرئاسة السلطة الفلسطينية.
وتقرر في التفاهمات تأجيل البحث في المسألة الامنية العامة لمستقبل الذراع العسكري لحماس وقدراتها. وسيعالج الموضوع في اطار لجنة أمنية تتشكل فقط بعد تشكيل حكومة الوحدة. والمعنى هو استمرار الوضع القائم، اي ادارة’ منفصلة للضفة الغربية وغزة. ولا يشير الاتفاق الى مواعيد ملزمة لاستكمال المشاورات لتشكيل حكومة الوحدة وليس فيه موعد واضح لاجراء الانتخابات حتى بعد استكمال تشكيل الحكومة.
يلزم تحليل اتفاق المصالحة الفلسطيني بالنظر الى ما ليس فيه، بقدر لا يقل عن محاولة الفهم لما فيه. فرغم قلة بنود الاتفاق، الذي يتناول موضوعين فقط، ورغم الاهمية الشديدة للمواضيع الغائبة عن الاتفاق، والتي من شأنها أن تعرقل فرص تطبيقه، من المهم التطرق للمعاني النابعة عن مجرد تنفيذه في هذا الوقت.
‘وصل الطرفان الى الاتفاق كنتيجة ضعف داخلي، كل طرف بسبب التضعضع المستمر لقاعدة الشرعية والتأييد الجماهيري له. وبهذا الفهم، فان السياسة الداخلية للجهتين الفلسطينيتين هي التي أملت الخطوة. حماس تعيش في وضع من الدرك الاسفل بسبب المواجهة مع الحكم المصري الحالي، بعد عزل سيدها الاخوان المسلمين عن الحكم.
وإضافة الى ذلك، فان فقدان التأييد الجماهري لحماس ينبع من الازمة الاقتصادية المستمرة في قطاع غزة بسبب اغلاق الانفاق والحصار الشديد المفروض على القطاع من جانب مصر. عباس هو الاخر يفهم بانه فقد تأييد الجمهور الفلسطيني في ضوء انعدام الجدوى من طريقه السياسي. ومشكلة الشرعية لدى عباس هي أولاً وقبل كل شيء في اوساط جمهوره الداخلي، وبالاساس شباب فتح الذين ملوه وملوا القيادة حوله. والى جانب ذلك يحرك عباس الاحساس بانه قد يخلف إرث الانقسام في المعسكر الفلسطيني.
اذا كان دافع الاتفاق بالفعل داخلي ويرمي الى توسيع أساس الشرعية لعباس، فمطلوب الاستيضاح عن أي شرعية بالضبط يجري الحديث وما هي الآثار على السياسة الخارجية.
فهل بالفعل يدور الحديث عن شرعية توسع مجال مناورته السياسية حيال اسرائيل؟ وهل بصفتها هذه تمنحه مرونة لحلول وسط هامة من ناحيته؟ ان المحاولة لتعليق جهود عباس وعرضه كجهود أو انعدام بديل لغرض توسيع أساس الشرعية من الداخل، معناه التأييد، حتى وان لم يكن بوعي، لتشجيع التحريض وتطوير فكرة الكفاح والمقاومة. فخطاب الكراهية في الجمهور الفلسطيني يؤدي الى تضييق وتقليص مجال المناورة السياسية لعباس، ويكون عبئا على رقبته، مهما كان برغماتيا.
‘يخيل أن مركزي القوة في الطرف الفلسطيني يفهمان امكانية انهيار الاتفاقات بسبب الفوارق الهائلة بينهما والتناقض الفكري العميق الذي بين الايديولوجيا الدينية، الاسلامية لحماس وبين الايديولوجيا الوطنية لفتح.
فالاتفاق لا يغير جوهر حماس كمنظمة ارهابية وليس فيه ما يجعل السلطة الفلسطينية، م.ت.ف أو عباس يمثلون المرجعية والسلطة للفلسطينيين في قطاع غزة ايضا. المرحلة الانتقالية الحالية حتى تنفيذ الاتفاق هي الفترة الاصعب من ناحية حماس، التي تمنح عباس شرعية متجددة. وبالمقابل، فان فتح وعباس يجران الارجل ويؤخران تشكيل الحكومة في ظل محاولة اجتذاب حماس قدر الامكان الى الوضع الانتقالي الحالي.
‘تشكل حكومة التكنوقراط جهازا يستهدف السماح للطرفين بالسكن ظاهرا في رزمة واحدة دون أن يضطر اي من الطرفين الى التنازل عن ايديولوجيته التأسيسية.
ومن شأن الالية المقترحة أن تتبين كاشكالية وخطيرة لمجرد امكانية ما فيها من التحول الى لبنان. حماس، مثل حزب الله في لبنان، يمكنها أن تكون جزءا من آلية سياسية وشريكا في الحكومة، في ظل الحفاظ على قدراتها العسكرية (وزعماء حماس في غزة شددوا على ذلك منذ الان!) وعلى حرية العمل العسكري بشكل يخدم مصالحها الاستراتيجية الهامة. من المهم التشديد على أن كل موافقة دولية على مثل هذه الصيغة، في ظل الاعتماد على الاماني بشأن احتمال اعتدال حماس في اليوم التالي، تنطوي على بذور الاضطراب لواقع لا يطاق بالنسبة لاسرائيل. فمحاولة تمييز الحالة الفلسطينية على الحالات الاخرى في المنطقة، هي نوع من الامنية والتجاهل لعمق الايديولوجيا الدينية التي في المذهب الفكري لحماس.
اذا ما وعندما يتقدم واقع اتفاق المصالحة، من شأن اسرائيل أن تجد نفسها أمام مشكلة مركبة حيال قطاع غزة. فكيف بالضبط ستعمل اسرائيل حيال عباس، الذي بقوة الاتفاق يصبح مسؤولا ايضا عن قطاع غزة، في حالة اطلاق صواريخ من القطاع؟ هل ستضطر الى تلطيف ردود فعلها في مواجهة ادعاءات الاسرة الدولية بان رد فعل حاد من شأنه أن يمس بالسلطة الفلسطينية ووحدتها الهشة؟ كيف ستتمكن اسرائيل من أن تدير مع عباس مفاوضات سياسية الى جانب مباحثات حول الارهاب ووجود بنى تحتية ارهابية في قطاع غزة بل ويحتمل في الضفة الغربية ايضا؟ فضلا عن ذلك، كيف يحل الفشل المنطقي القائم في اشراك منظمة ارهابية، تعارض اتفاقات اوسلو في حكومة كيان اقيم بقوة تلك الاتفاقات؟
‘يعتزم عباس على ما يبدو ان يعرض حكومة تكنوقراط تقبل شروط الرباعية الثلاثة نبذ الارهاب والعنف، الاعتراف بالاتفاقات السابقة والاعتراف باسرائيل، اضافة الى الموافقة على المفاوضات السياسية مع اسرائيل بشروط. وذلك دون تحدي حماس. بهذه الطريقة، يتوقع عباس اثراء صندوق أدواته كممثل لعموم الشعب الفلسطيني، الامر الذي يمنح وزنا ومفعولا آخر لتوجهه الى الساحة الدولية لتحقيق اعتراف واسع بدولة فلسطينية ووضع التحدي أمام اسرائيل.
‘رغم أن من المعقول الافتراض بان المصالحة لن تصمد، كون حماس لن تتخلى عن حكمها في القطاع ولن تحل قوتها العسكرية ورؤيا عباس ‘سلطة واحدة وسلاح واحد’ لن تتحقق، فان على اسرائيل أن تكون قاطعة في مطلبها بان على حماس أن تقبل شروط الرباعية. كل تلوي متذاكي او غض نظر ينطوي على بذور الاضطراب ويؤدي الى التآكل في تعريف الاسرة الدولية لحماس كمنظمة ارهابية. الامر الذي من شأنه أن يضع اسرائيل في واقع تتهم فيه بعرقلة خطوة المصالحة الفلسطينية، حتى في وضع تضطر فيه الى العمل في غزة في أعقاب ارهاب صاروخي.
‘
نهج آخر لتحريك المسيرة السياسية
‘في حالة قيام حكومة اجماع تكنوقراطية، فان احد الخيارات التي تقف امامها اسرائيل هي الانتقال من خطاب المقاومة الى المصالحة ومحاولة اعادة تحريك المسيرة السياسية، ولكن مع تغيير جوهري في صيغة المسيرة. والمقصود هو الانتقال من البحث في المسائل الدائمة، والتي لا يمكن للفجوات ان تجسر في المستقبل القريب، الى البناء التدريجي بواقع الدولتين، في ظل مساعدة الفلسطينيين على بناء كيان سياسي مسؤول مستقر وفاعل. في مثل هذه الحالة يمكن لاسرائيل أن تطالب بمسؤولية السلطة الفلسطينية وبالاساس عباس عن قطاع غزة وتقترح جعل القطاع المدماك الاول في مسيرة متدرجة لبناء الدولة الفلسطينية.
‘اذا ما عملت الحكومة بقيادة عباس بمنطق دولة، وأثبتت أنها قادرة وراغبة في بناء الاساس المناسب لكيان فاعل، فان على اسرائيل أن تطرح طلبا في أن تركز الحكومة في المرحلة الاولى على اعادة بناء قطاع غزة وتنميته وفي ظل ذلك سيطرة السلطة على المعابر الى القطاع. اذا ما أبدت الحكومة الفلسطينية الرغبة والقدرة، والى جانب ذلك عملت بتصميم على القضاء على شبكات الارهاب والشبكات العسكرية غير الدولية في قطاع غزة، فستقوم المرحلة الثانية بمساعدة الاسرة الدولية، اسرائيل والعالم العربي للمساعدة في سياقات البناء بما في ذلك ميناء بحري (مع الترتيبات الامنية الضرورية). وفي المرحلة الثالثة، بعد التقدم المثبت، توجه مساعي التنمية الى الضفة الغربية، في المناطق ج، لغرض بناء واقامة بنى تحتية اقتصادية بل واقامة مجالات مدينية جديدة، يعاد فيها تأهيل اللاجئين من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية حيث الظروف صعبة على نحو خاص.
‘الخلاصة، بقدر ما يبدو السيناريو خياليا، يجدر بحكومة اسرائيل ألا تعارض مبدأ المصالحة، بل ان تطرح مقابله نهج آخر لتحريك المسيرة السياسية في ظل الاشتراط بان تقبل حماس شروط الرباعية الثلاثة وان تكون حكومة السلطة صاحبة الاحتكار على القوة وعلى الارض الاقليمية الخاضعة لسيطرتها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
نريد ملكا لا رئيسا
بقلم: جدعون ليفي،عن هأرتس
لماذا رئيس؟ ولماذا لا يكون ملك؟ ملك اسرائيل. في وقت تسرع فيه اسرائيل السير بخطوات ضخمة نحو ماضيها، وتُثبت وجودها وطبيعتها بقدر لا يقل عن ذلك على ما كان (أو لم يكن) هنا قبل آلاف السنين، لا يمكن أن نرفض هذا الاقتراح ايضا وهو تجديد الملكية في اسرائيل، أعني سلالة ملوك يهودا أو ملوك اسرائيل لماذا لا يكون ملك؟ ولا يعوزنا مرشحون والاجراء سهل نسبيا ومن المؤكد أنه أسهل من انتخاب رئيس. واذا كان الامر يبدو هاذيا فانه يثور من تلقاء نفسه سؤال هو أكثر هذيانا حقا من عدد من حقائق حياتنا الاخرى التي نقبلها وكأنها ‘توراة منزلة’، وهذا ايضا تعبير تاناخي اعتقادي أصبح اسرائيليا عاما.
‘ قامت دولة اسرائيل في فلسطين ارض اسرائيل قبل كل شيء على الماضي التوراتي لهذه الارض وعلى التوق اليها على مر الأجيال. فلولا الكتاب المقدس لربما كنا في اوغندة؛ ولولا ابراهيم واسحق ويعقوب لكنا في بيروبيجان. ويقوم الحفاظ على احتلال اراضي 1967 الى أن تحولت بالفعل الى جزء لا ينفصل عن دولة اسرائيل، قبل كل شيء على ذلك الماضي السحيق. فهناك مشا شموئيل وهنا دُفنت راحيل ولهذا نحن هناك وهنا ايضا. ولم يعد يوجد احتلال كهذا يعلل وجوده بما كان ذات مرة قبل آلاف السنين، وليذهب الى الجحيم الواقع الحالي والحاضر المثقل. هل يبدو هذا هاذيا؟ لا للآذان الاسرائيلية.
‘ لكن ذلك غير كاف. فلا توجد قيمة اسرائيلية أعمق رسوخا من الايمان المتقد لأن الاسرائيليين هم الأفضلون، وهم أبناء الشعب المختار الذي هو نور الأغيار وقد جلبنا هذا على أنفسنا ايضا من أساطير الكتاب المقدس. فهذا ما قاله الله ذات مرة وهو الصحيح. وماذا عن العلمانية والحداثة والليبرالية؟ ربما لكننا ‘الشعب المختار’ كما ورد في الكتاب المقدس. وحسبُنا ثلاثة مواضع في سفر إشعياء لنقتنع جميعا بأننا في الحقيقة ‘نور الأغيار’. ولا سبيل لتفسير الاستكبار الاسرائيلي والاستخفاف المستمر بالقانون الدولي والرأي العام العالمي والمؤسسات الدولية سوى هذه القناعة الداخلية العميقة أننا كذلك. أفليس ذلك سرياليا؟ ولا يقل عن ذلك سريالية مكانة الاماكن المقدسة. فالجنود يؤدون القسم عند حائط المبكى، وتستلقي الجموع على ارض كل مسجد يُشك في أنه كان لشخص من الكتاب المقدس، كان ولم يعد موجودا منذ زمن بعيد. والصلة بين مقام يشبه المسجد بالقرب من الحاجز 300 الذي يحاصر مدينة بيت لحم الفلسطينية، وبين مكان دفن أمنا راحيل، ومن المؤكد أنها أمنا، مُريبة كالصلة بالضبط بين المسجد في شارع الشهداء في الخليل وبين مكان دفن الآباء، الذين من المؤكد أنهم آباؤنا. لكن اسرائيل العلمانية لا تقدس هذه الاماكن فقط وهذا حقها بل تطلب السيادة عليها وكأنه توجد صلة مفهومة من تلقاء نفسها بين القداسة والسيادة بسبب ما تؤمن بأنه كان موجودا آنذاك في تلك الايام وهي تترجم ذلك بلغة الاحتلال في هذا الزمان.
‘ حان الآن وقت المرحلة التالية في رحلة دولة اسرائيل المريبة نحو ماضيها، وأعني مجموع قوانين القومية وخطط دراسة ‘التراث’ التي تقوم هي ايضا على الاسطورة واللاهوت والاعتقادات الدينية والمسيحانية التي ليست هي في الحقيقة من أمور الحداثة. وفي وقت تطمح فيه الدول الغربية علنا على الأقل الى أن تكون دولا ليبرالية منفتحة تقوم على قيم عامة وعلى العولمة، تتقدم اسرائيل الى الوراء خاصة.
إنها آخذة في الانطواء على نفسها والانطواء في ماضيها. ويتبوأ الدين فيها مكانا مركزيا، وتقودها مطالب الاعتراف بأنها دولة يهودية، والقوانين لجعلها كذلك، تقودها بيقين نحو دولة شريعة يهودية، شريعة في واقع الامر. وأصبح يدور الحديث عن انشاء مجدد للهيكل في دوائر ما بجدية، ولن يبعد اليوم الذي يُبنى فيه الهيكل. فقد بقي الآن فقط أن ننشيء لأنفسنا سلالة وأن نتوج لنا ملكا. وسيكون هذا اغلاقا ملكيا للدائرة، وحلقة لا تنفصل عن كل ما يجري هنا. لأنه اذا كنا ننبش الماضي فلنفعل ذلك حتى النهاية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
مشكلة اسرائيل ليست الحكم بل الحكام
بقلم: تشيلو روزنبرغ،عن معاريف
‘قضية تعيين النائب يريف لفين وزئيف الكين لمنصب رئيس لجنة الخارجية والامن، المحاولات لالغاء مؤسسة رئاسة الدولة، التهديدات غير المنقطعة من يعلون وغانتس عن الغاء مناورة الجبهة الداخلية ووقف التدريبات، وبشكل عام كل التشريعات المتزلفة للجمهور وعديمة كل أساس، هي بصقة في وجه المواطنين في الدولة، استخفاف شديد بنا جميعنا دون أن يكون احد يحصي المواطنين من مسافة متر.
‘واليكم مثال ونموذج لماذا ليس الحكم هو المشكلة في اسرائيل بل الحكام. الفساد الاخلاقي، السياسة الضحلة، التهكم والمصالح الشخصية وليس مصلحة الجمهور هي المزايا البارزة للقيادة الاسرائيلية. وسيقول العارفون بالامر ان الحال كان هكذا منذ الازل، هذا ما يحصل ايضا في دول اخرى. أما الحقيقة فهي أن ليس هكذا يتصرف الزعماء في كل العالم، ولنفترض أن نعم، فهل هذا يواسينا؟
لاسفي الشديد، معظم الجمهور غير مبال بما يحصل. ولهذا فان القيادات تتصرف على أن يلعب الفتيان أمامنا أما نحن فنفعل ما نريد. ليس النقد داخل الساحة السياسية ولا خارجها ولا أي شيء آخر يجدي نفعا لاصلاح الثقافة السلطوية الفاسدة والبائسة القائمة في اسرائيل.
لنحاول مراجعة المنطق الذي يقبع خلف تعيين لفين والكين، بالتناوب، لمنصب رئيس لجنة الخارجية والامن. ستة اشهر كاملة وليس للجنة رئيس. لا يوجد في العالم الديمقراطي حتى ولا مثال واحد لا يكون فيه للجنة التي هي الاهم في البرلمان رئيس. ودون محاولة المبالغة على الاطلاق، يمكن القول ان لجنة الخارجية والامن يفترض أن تعنى بأكثر المواضيع المتعلقة بالامن والسياسة الخارجية حساسية.
ان عدم الاداء العادي للجنة هو مثابة تسيب لا مثل له في أي مكان. ولو كان الموقع أدناه وحده هو الذي يقرر، لكان ممكنا أن تعزى له دوافع غريبة. فرئيس الكنيست، ايضا، يولي ادلشتاين، في مقابلة نهاية الاسبوع مع ‘معاريف’ قال ان هذا سلوك مخزٍ. وكذا محكمة العدل العليا حذرت من هذا السلوك المخجل . وها هو عندما يقرر رئيس الوزراء أخيرا تعيين رئيس، فانه يفعل ذلك بشكل أعوج، انطلاقا من دوافع حزبية وشخصية ضيقة كعالم النملة. فلماذا يتولى يريف لفين وزئيف الكين المنصب الهام جدا وليس تساهي هنغبي الذي أدى المهامة بشكل جيد وموضوعي، برأي كل من كان عضوا في اللجنة والجهات المختلفة التي اتصلت وكان لها علاقة باللجنة.
‘ان تعيين هنغبي كان مضمونا. فما الذي حصل أن قرر رئيس الوزراء فجأة الكين ولفين؟ حسب التقرير في وسائل الاعلام، ضغط الرجلان عليه بشدة، ولهذا استسلم رئيس الوزراء. لنفترض أن هذه هي الحقيقة العارية، فان هذه حقا خجل وعار. وان لم يكن هذا وكل شيء شخصي، فان المهانة ستكون أكبر. هذه ببساطة مهزلة.
ماذا سيقول تلاميذ اسرائيل؟
في غياب مشاكل عسيرة ومضنية، تفرغ رئيس الوزراء لتصفية مؤسسة الرئاسة. ليس في هذا القرار ما يعبر عن محاولة حقيقية لاصلاح نظام الحكم في اسرائيل بل انتقام شخصي من أحد المرشحين. ينبغي الاعتراف بان موضوع وجود مؤسسة الرئاسة وضرورتها جدير بالبحث والفحص المعمق. ولكن غير شرعي وغير اخلاقي القرار بالغائها فقط لان أحد المرشحين لا يعجب رئيس الوزراء. موضوع فصل السلطات في النظام الديمقراطي يعلم في المدارس الثانوية وفي بعض الدراسات المدنية.
ماذا سيقول تلاميذ اسرائيل عند نظرهم الى فعلة رئيس الوزراء المستعد لان يضحي بكل مبدأ باسم الدوافع الشخصية للرجل؟ غير مقبول على العقل ان يتم بجرة قلم الغاء مؤسسة الرئاسة. وهذا يعجب جوقة مشجعي رئيس الوزراء اغراق صفحات التعقيب بالتفسيرات المنمقة في أن رئيس الوزراء محق. اما الجمهور، هنا ايضا، فغير مبال على الاطلاق.
في دولة يفعل فيها كل شخص كما يشاء، لا توجد مشكلة لوزير الدفاع أو رئيس الاركان للخروج علنا ضد خطوات حكومة اسرائيل التي يشاركون فيها. ومن أجل الضغط يهدد يعلون ورئيس الاركان على كل حكومة اسرائيل وعلى النواب وبالاساس على الجمهور ‘بالغاء مناورة الجبهة الداخلية الكبيرة والتدريبات لتقف اسرائيل لا سمح الله أمام خطر أمني لم تشهد له مثيل
‘هذا سبيل بائس وغير شرعي. فاذا كان وزير الدفاع ورئيس الاركان يعتقدان بان ميزانية الدفاع المقلصة ستلحق اضرارا جسيمة، فليتفضلا بالاستقالة والا يكونا شريكين في الخطوة. فهل يمكن لاحد أن يتصور وزير دفاع أو رئيس أركان امريكي يقف ضد قرار الرئيس ويبقى في منصبه ليوم واحد آخر؟ لا في الولايات المتحدة ولا في أي دولة سليمة بل في اسرائيل.
قوانين متزلفة للجمهور لا أمل في تحققها تجاز في الكنيست فقط لان رئيس الوزراء والوزراء، بما في ذلك وزير العدل الليبرالية، المزعومة، يريدون أن يثبتوا للجمهور بانهم يعملون في صالحه. المشكلة الكبرى هي ان الجمهور الغفير، لشدة الاسف، لا يفهم بان السياسيين يخدعونه ولا يعملون في صالحه، وهو صامت وسلبي اكثر من اي وقت مضى. إذن فليحيا بيبي، وتفضل بقعر الشعب بقدر ما تستطيع!
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
دعوا الجيش الاسرائيلي يدافع عنا
بقلم: آري شبيط،عن هأرتس
يتعرض الجيش الاسرائيلي في الاشهر الاخيرة لقصف ثقيل. وقد أصبح وزير المالية وموظفو المالية والصحافيون ينكلون به. فالجيش يوصف بأنه جسم خنزيري فاسد ينطف سمناً، يستهلك موارد دولة اسرائيل الضئيلة.
والضاربون المهرة يضربون مرة بعد اخرى الاكياس الممزقة لأجور الضباط الكبار ومخصصات تقاعد من خدموا الخدمة الدائمة وإسراف من يخدمون في الكرياه. وكما سجدوا في الماضي هنا للأمن أصبحوا الآن يهاجمون الأمن ويحرضون عليه.
فقد أصبح جيش الدفاع الاسرائيلي عدو الشعب الجديد الذي يهدد النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية.
توجد ثلاثة اسباب جيدة للهجوم الكبير وهي حقيقة أن الجيش الاسرائيلي كان في مدة عقود بقرة مقدسة سمينة جدا؛ وحقيقة أن خفت في السنوات الاخيرة بعض التهديدات الخارجية للدولة؛ وحقيقة أن برنامج العمل العام أصبح منذ صيف 2011 برنامج عمل اقتصاديا ـ اجتماعيا. لكن توجد ثلاثة اسباب سيئة ايضا للهجوم وهي: الميل الاسرائيلي الى رؤية ‘الهدوء’ المباشر وعدم النظر الى ما وراءه؛ والميل الى البحث عن عدو جديد (ارباب المال والحريديون واتحادات العمال ولابسي البزات العسكرية) لتُنسب اليه كل امراض اسرائيل؛ والغوغائية السياسية السطحية التي تفضي الى اتخاذ قرارات سريعة متسرعة لا تواجه المشكلات العميقة بجدية ومسؤولية.
لا شك ألبتة في أن الجيش الاسرائيلي يجب أن يزيد في جدواه وأن ينظم نفسه ويلائمها للواقع المتغير. لكن يجب عليه ايضا أن يرى التحديات وراء الأفق وأن يستعد لها. ولا يجوز أن ندع الهدوء النسبي يضللنا. ولا يجوز أن نكرر الأخطاء التي وقعت قبل حرب لبنان الثانية. لم يعد يوجد في الحقيقة جيش سوري سيجتاح هضبة الجولان ويهجم على الجليل. ولم تعد توجد جبهة شرقية وراء نهر الاردن ولا جيش مصري معاد عند مشارف يد مردخاي. لكن لايران تأثيرا متزايدا في العراق وسوريا ولبنان ينشيء قوسا شيعية حقيقية في الشمال. ولحزب الله 100 ألف صاروخ. وحماس قادرة على اصابة تل ابيب. وفي هذه الظروف فان المزاج العام الوادع الذي يرى أن ‘الخطر العسكري قد مر’ خطير. وقد أفضى الى خطأ كبير في الماضي وقد يفضي الى خطأ الآن ايضا. فاسرائيل محتاجة، والمحيط الاستراتيجي غير مستقر والصراع الاسرائيلي الفلسطيني ما زال نشيطا، الى جيش اسرائيلي قوي، يكون مستعدا للحرب ويُمكن من السلام.
فعلت اسرائيل غير قليل على مر السنين لتزيد في جدوى اجهزة الامن غير المهندمة وفي ضبطها. ففي منتصف سبعينيات القرن الماضي بلغت الميزانية الامنية الى 35 بالمئة من الانتاج الوطني.
أما اليوم فهي 5 بالمئة من الانتاج. ومن المفاجيء جدا أن دافع الضرائب الاسرائيلي ينفق اليوم من جيبه على الأمن أقل من دافع الضرائب الامريكي. وقد قوي هذا الاتجاه البعيد المدى في السنة الاخيرة حينما فعل الجيش الاسرائيلي ما لم يفعله أي جهاز عام آخر إذ اقتطع من لحمه الحي.
فقد أغلقت ألوية مدرعة، وألغيت كتائب مدرعة، ومحيت تشكيلات طيران حربي، وأسكتت منظومات مركزية. ولم يعد جنود الاحتياط يتدربون، ويقلل جنود الخدمة النظامية التدرب ويُقال آلاف من العاملين في الخدمة الدائمة. وحينما يكون عدد دبابات اسرائيل أقل من عدد دبابات مصر فانه لا يوجد تسويغ للحماسة الموجهة على الجيش. ينبغي طلب الشفافية وزيادة الجدوى ويجب الانتقاد، لكن لا يجوز الانقضاض على لابسي البزات العسكرية في غضب شديد.
إن الجيش الاسرائيلي اليوم هو ضحية نجاحه. فانتصاره الكبير في الانتفاضة الثانية وتعاونه الوثيق هو و’الشباك’ مع الفلسطينيين منح اسرائيل عقدا هادئا جدا نُقض بجدية مرتين فقط (في حرب لبنان الثانية وعملية الرصاص المصبوب). وأفضى الهدوء الى نمو وأفضى النمو الى سكينة، ويشعر كثيرون الآن بأن المنظمة العسكرية التي تدافع عنا اصبحت منظمة قديمة أكل الدهر عليها وشرب. وليس الامر كذلك فانه لا يجوز ألبتة ادارة الظهر الى الضباط والجنود الذين يُمكنوننا من الادمان على وهم أننا نعيش تحت كرمنا وتينتنا وخارج الشرق الاوسط.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ليس اولمرت وحده
بقلم: دانيال دورون،عن اسرائيل اليوم
حينما يدان رئيس وزراء بتلقي رشوة، فماذا يقول ذلك عن المجتمع الاسرائيلي والجهاز الحاكم؟ سيوجد دائما تفاح عفن. لكن واقعة هولي لاند ووقائع رشوة اخرى كثيرة في القيادة العليا، تشهد بأن الفساد المتفشي في السلطة جزء من الطريقة التي تغلب السياسة على الاقتصاد.
كان لاولمرت شركاء هم رؤساء بلديات واعضاء بلدية، ومهندس المدينة واعضاء في لجان بناء وسماسرة لكن هولي لاند ليست وحدها في القمة الحاكمة. لانه تظهر في كل يوم اعمال فساد مدمرة في اجهزة خاصة وعامة من إي.دي.بي وهداسا الى بلديات كثيرة والكيرن كييمت وهيئة القيادة العامة أي كل شيء في ظاهر الامر، بالطبع.
اصبح الفساد داءا للدولة وجزءا راسخا من الادارة الاسرائيلية المركزية (‘ضقنا بكم ذرعا أيها الفاسدون’، أتذكرون؟). واصبح اعضاء الكنيست والبيروقراطية الحكومية يركزون في ايديهم قوة اقتصادية ضخمة فهم يفرضون ضرائب سلب على اكثر السكان ويعفون المقربين. وهم يمنحون ‘المرتبطين بهم’ حقوقا احتكارية تساوي مليارات. وفيهم ايضا مستقيمون لكن هل من المحتمل الا يصاب احد من هذه الجماعة بوبائهم، والا يدعو البثق اللصوص؟ إن ساسة وبيروقراطيين معينين ورفاقهم الذين يخدمون ارباب المال يمكنونهم هم وشركاتهم من سلب مئات المليارات من مئات آلاف العائلات التي لا تنهي الشهر إلا بصعوبة.
‘إن القوة مفسدة، والقوة غير المحدودة مفسدة كليا.
نشرت مؤخرا قائمة ‘خنطوس′ (جمع بين كلمة خنزير وطاووس) أشتملت على كثيرين من كبار العاملين في المالية وبنك اسرائيل في الماضي. وهم عوض اجور تبلغ مئات آلاف الشواقل مع زيادة ملايين كثيرة ‘يديرون’ شركات احتكار ارباب المال. ومن عارهم انهم يساعدون ارباب المال على ان يبتزوا من الحكومة كل انواع الافضالات والامتيازات والحقوق الاحتكارية التي تبتز الجمهور ولا سيما قليلي الدخل مليارات كثيرة باسعار مفرطة. وهم يحصلون على اجور ضخمة حتى لو كانوا مديرين فاشلين تحصد اعمالهم الارباح بظلم الجمهور فقط. وبمساعدة محامين للموجودين في القمة يعوجون القانون لتحليل كل داء، وبمساعدة مدققي حسابات كبار يصدرون بيانات مضللة تخفي الوضع السيء لاعمال ارباب المال؛ وبمساعدة مصرفيين اصدقاء وخبراء علاقات عامة وطيور اعلام مغردة، استخرجوا اعتمادا بمليارات من اموال تقاعدنا وزعت في مشاريع مضاربة. وأبيدت مليارات من اموال التقاعد وضعضعوا اقتصاد اسرائيل التي كان يفترض ان تجعلها ثروتها البشرية الممتازة وتريليون الشاقل التي انفقت فيها من الخارج واحدة من اغنى الاقتصادات في العالم. فهؤلاء هم ‘ربابين الجهاز الاقتصادي’ الناجحون الذين يهددنا المحامي ران كاسبي بأننا اذا كففنا جماحهم فسيغادرون ويتركوننا في عوز كامل.
على سبيل المثال حصلت عائلة دانكنر على امتياز استخراج الملح من اراضي الدولة في عتليت. ولم يكن للاراضي باعتبارها ارضا زراعية قيمة كبيرة لكن المدير العام للمديرية وافق لسبب ما على تهيئة الاراضي للبناء فارتفعت قيمتها حتى بلغت عنان السماء. ولم تصدق الصفقة كالمطلوب لكن رسالة النوايا كانت كافية لبنك ليئومي كي يعطي عائلة دانكنر قرضا بـ 358 مليون دولار لشراء نحو من 12 بالمئة من بنك العمال ولتعزيز مكانتهم في البنك للسيطرة على إي.دي.بي وعلى شركات مركزية اخرى لتفضي بعد ذلك الى الافلاس تقريبا.
إن السلب الذي يقوم به ارباب المال يفضي الى تدمير عائلات وهو يزعزع امننا ايضا، فقد غادر اكثر من مليون شاب اسرائيلي الى الولايات المتحدة واوروبا لا لعدم الشعور الوطني بل لانه لا يمكن اقامة عائلة بخمسة آلاف شيكل كل شهر في وقت يبلغ فيه ثمن الشقة 140 أجرة شهرية، وتبلغ اسعار المنتوجات والخدمات ضعف الموجود في الولايات المتحدة. واحتمال التقدم المهني ضعيف واكثر اماكن العمل يسيطر عليها ارباب مال أو منظمات عمال تلاعبية مشحونة بالفساد تمنع من ليست لهم صلات من التقدم.
لن تكون اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي ينقض عراها الفساد الذي تسببه سيطرة الساسة وارباب المال واتحادات العمال التلاعبية على الاقتصاد. لكنها ستكون الدولة اليهودية الوحيدة التي ضحى ابناؤها بانفسهم لانشائها والتي يدمرها الباحثون عن المناصب والاطماع لان اكثر الجمهور وفيه النخب يتجاهلون الدقيق الذي لن توجد توراة من غيره، ومشكلة الاقتصاد التي يستغلها الاوغاد بلا احتجاج.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
خائن؟
بقلم: شمعون شيفر،عن يديعوت
الخيانة هي الجريمة الأخطر في سجل القوانين الاسرائيلي. الجريمة الوحيدة التي عقوبتها الموت. ‘خائن’ هي أيضا الوصف الذي اختاره القاضي دافيد روزين أن يلصقه بايهود اولمرت، رئيس وزراء اسرائيل السابق الذي ادين بتلقي الرشوة وحكم امس بالسجن لست سنوات.
التواضع، كم كتب الحاخام الاكبر ‘الرمبام’ هو أحد أهم ما يتميز به القاضي. ومع ذات القائمة تندرج أيضا الحكمة، الورع، كراهية المال، محبة الحقيقة ومحبة الخلق. القاضي يهوشع غروس، الذي اقتبس عن ‘الرمبام’ شرح بان التواضع مطلوب للقاضي بانه يوجد خوف من أن يرى نفسه فوق الشعب، مثابة الرب.
الغرور هو الخطيئة التي وقع فيها أمس القاضي دافيد روزين. من سمو كرسيه تصرف كمن يضرب بسكرة القوة، الذي يؤمن بان لا شيء يقف في وجهه. ‘خائن’، قال ايهود اولمرت، ‘مجرم’. ‘خنزيرية’، قال. وأنا أرفض التصديق بان هكذا بوسع قاض في اسرائيل أن يتفوه. قاض آخر، القاضي برنزون اقتبس ذات مرة عن الحكيم ‘حزال’: ‘المحترم هو من يحترم الخلق’. اما اتهام اولمرت بالخيانة فهو تجاوز للخطوط. لقد شهد القاضي روزين على نفسه بانه قرأ الـ 19 رسالة التي كتبها في صالح رئيس الوزراء السابق قادة المؤسسات والجمعيات من أجل المحتاجين والناجين من الكارثة ممن ساعدهم. ولعل روزين قرأ الرسائل ولكن قلبه كان مغلقا.
القاضية المتقاعدة حيوتا كوخان، التي جلست صباح امس في ندوة المحللين في قناة 2، اطلقت سهما ساما نحو المتهم رقم 8. اولمرت، كما قضت، ارتكب خطأ جسيما في أنه لم يخفض الرأس امام المحكمة ولم يتصرف ‘بالتواضع المناسب’. قد تكون محقة. ولكن بالتأكيد توجد ايضا امكانية أنه مع كل الاحترام لقرار المحكمة، فان المتهم رقم 8 يعتقد بان جناب القاضي اخطأ في قراره. ايهود اولمرت تمسك بموقفه: لم اعطِ ولم أتلقَ الرشوة من أحد ابدا.
صعب، ويكاد يكون متعذرا في هذه الايام اطلاق صوت آخر يختلف عن الاصوات التي تنطلق في وسائل الاعلام عن ذنب اولمرت الذي اصبح شخصية شريرة. ومع ذلك، فقد برئت ساحة الرجل من مواد الاتهام الخطيرة في المحكمة المركزية في القدس (وادين بخرق الثقة). وينقض منتقدو رئيس الوزراء السابق على القضاة الذين برأوه (هيئة من ثلاثة قضاة برئاسة رئيس المحكمة) ويضعوهم امام عامود العار. لدى منتقدي اولمرت، القضاة لا يوجدون الا في تل أبيب. وهذا مخجل بقدر لا يقل. فإما أنكم تحترمون سلطة القضاء بشكل عام أو أنكم تقبلون القرارات فقط للقضاة الذين يعملون حسب ‘مذاهبكم الفكرية’.
وبعد هذه الاقوال، ينبغي أن نقول أيضا شيئا ما عن نظامنا السياسي: نحن ملزمون بالاعتراف بانه في الدولة التي يجلس فيها رئيس في السجن، ورئيس وزراء سابق يرسل للانضمام اليه، يوجد شيء ما فاسد. شيء ما يحتاج الى نظرة عميقة ومحاولة لمواجهة السؤال كيف وصلنا الى مثل هذا الوضع. وما هي العلة في نظام حكمنا؟
من يبحث عن مواساة قد يجدها في حقيقة أنه حتى بعد 66 سنة من الاستقلال فاننا لا نزال نوجد في مراحل تصميم وجه الدولة. ليس إلا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هل بالغ قاضي أولمرت؟
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
سيتداخل المدعيان ليئات بن آري ويونتان (يوني) تدمر من جهة والمحاميان عوفر برتيل ودوف جلعاد كوهين من جهة اخرى لاقناع روزان بالاكتفاء بـ 11 شهر سجن. وسيتحدثون نحوا من 45 دقيقة. وستقول زاكين كلمات قليلة دقائق معدودة ويبت القاضي الحكم. من الواضح أن الادعاء العام سيطلب تقليص ما ينشر من تسجيلات وشهادات في الشرطة من اجل عدم التشويش على تحقيقهم مع اهود اولمرت وآخرين في قضية التشويش.
إن المفترق الاول هو لروزان لأنه اذا قبل الصفقة فستتجه النيابة العامة الى المحكمة العليا في القدس التي تبحث في استئناف تبرئة اولمرت من قضايا ريشون تورز ومغلفات موشيه تلنسكي وتطلب شهادة زاكين.
وهذه فرصة نادرة لتعرض على المحكمة ‘يوميات شولا’ وهي مقاطع الحاسوب التي ضبطها مراقب الدولة ميخا لندنشتراوس ويده اليمنى يعقوب بوروفسكي في حينه. لكن سكوت زاكين منع عرضها على القضاة في المحكمة اللوائية في القدس. وسيرفع هذا التوجه لشهادة زاكين وعرض يومياتها الالكترونية على رئيس المحكة العليا آشر غرونس حتى لو لم يوافق روزان على الصفقة القضائية.
إن المفترق التالي هو حكم المحكمة العليا. فاذا كانت قد استقر رأيها اصلا على قبول الاستئناف المتعلق بتلنسكي وريشون تورز، فقد يظهر قضاتها عدم اهتمام بشهادة زاكين مجددا. فعند القضاة الخمسة ما يكفي من المعلومات لادانة اولمرت. لكنهم اذا لم يستقر رأيهم بعد على قبول التبرئة أو عكسها فمن المنطق أن نفرض أن يمكنوا زاكين من الشهادة في المحكمة اللوائية، تلك الشهادة التي تخلت عنها قبل اكثر من سنتين. وستكون شهادة زاكين مصيرية بالنسبة لاولمرت في المواد التي تم تبرئته منها.
والمفترق التالي يرجع الى محاكمة هولي لاند مرة اخرى. فاولمرت سيستأنف وقد تستأنف النيابة العامة ايضا لأن روزان لم يشأ في المرحلة السابقة أن يُشهد زاكين بعد أن كتب قرار الحكم. لكن حينما تبلغ القضية الى المحكمة العليا يوجد امكانان: فاما أن يستقر رأي قضاة المحكمة العليا على اجازة حكم روزان ورفض استئناف اولمرت وألا يريدوا شهادات اخرى وإما أن يحتاروا وحينها يريدون أن تحكي زاكين ما تعلمه عن تحويل الاموال من دخنر الى اولمرت. والصفقة القضائية من هذه الجهة هي شهادة تأمين لقرار حكم روزان فشهادتها ستقوي حكمه القضائي.
من الواضح في المرحلة الحالية أن النيابة العامة معنية بشهادات زاكين في كل مفترق يخشى فيه اضعاف إدانة روزان أو اذا كان في ذلك تقوية للتبرئة التي منحها موسيا اراد ويعقوب تسبان وموشيه سوفال لاولمرت. بيد أنه توجد المصلحة العامة ايضا الى جانب الشطرنج القضائي. ومن المراد بل من الواجب تقريبا أن يستغل الجمهور حقه في معرفة ما قيل بين اولمرت وزاكين حتى لو تم ذلك الامر بعد انقضاء المداولات في المحاكم وخارد أطرها. فالحقائق هي افضل وسيلة لنقض ‘حيلة’ انصار اولمرت التي ترى أن الحديث عن ادانة لا شأن له أو مبالغ فيه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ