المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 659



Haneen
2014-06-03, 12:30 PM
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image001.giffile:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gif
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image004.gif




في هذا الملف:
إطلاق الأسرى تطور الساعات الأخيرة
صالح القلاب-الرأي الأردنية
الأرض وجوهر الصراع
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
كيري بين الجزائر والمغرب
محمد الأشهب (http://alhayat.com/Opinion/mohamed-alashab.aspx)–الحياة اللندنية
بيت آل سعود… ازمة خلافة ومأزق تحالفات
رأي القدس العربي
الأحوال في اليمن ليست على ما يرام
مصطفى احمد النعمان-الشرق الأوسط
لماذا يثق الإخوان بفوز السيسي؟
أمل عبد العزيز الهزاني-الشرق الأوسط


إطلاق الأسرى تطور الساعات الأخيرة
صالح القلاب-الرأي الأردنية
لأن الأمس كان السبت ولأن هذا اليوم عطلة إسرائيلية ، كما هو معروف، فقد بقي الفلسطينيون ينتظرون الإفراج عن الدفعة الرابعة من أسراهم في سجون إسرائيل حتى ساعة متأخرة من المساء والواضح أن المشكلة لا علاقة لها بهذه المسألة على الإطلاق إذ أن بإمكان بنيامين نتنياهو تقديم هذا الموعد بضع ساعات فقط لو أن نواياه ليست سيئة ، وهي سيئة في كل الأحوال، ولو أنه لا يعيش حالة ارتباك غير مسبوقة ولم يعد قادراً على ضبط عنصريي حكومته الذين ينظرون إلى الأسرى الفلسطينيين على أنهم رهائن ويعتبرون أن كل فلسطين أرضاً موعودة!.
وبالطبع فإن الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) ومعه كل زملائه في القيادة الفلسطينية ينظر إلى كل واحد من أسرى شعبه على أنه أهم من إسرائيل كلها لكن ورغم ذلك فإنه يعرف أن هؤلاء الأسرى الأبطال الذين قضوا خلف القضبان سنوات طويلة يرفضون محاولات نتنياهو ابتزازهم وابتزاز قيادتهم بتأخير الإفراج عنهم إن لبضع ساعات وإن لسنة كاملة فهذه القضية المقدسة استحقت حتى الآن قوافل لا نهاية لها من الشهداء وهذا الشعب الذي بقي ينزف دماءً طاهرة منذ عشرينات القرن الماضي لديه الاستعداد أن يواصل المسيرة لقرن مقبل بأكمله وان يواصل العطاء ما دام أن الأمهات الفلسطينيات يلدن أبطالاً وما دام أن هناك شعباً مترسخة لديه القناعة بأن هذا الوطن (فلسطين) هو وطنه ولا وطن له غيره.
قبل موعد إطلاق سراح الدفعة الجديدة من أبطال الشعب الفلسطيني ، وهو موعد متفق عليه سابقاً بضمانة أميركية، هدد بنيامين نتنياهو بأنه لا إفراج عن هؤلاء إلاَّ إذا وافقت القيادة الفلسطينية على تمديد مهلة مفاوضات التسعة شهور التي بقي منها أقل من ثلاثين يوماً وحقيقة أن هذا التهديد يجب أن يوجهه رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى جون كيري وذلك لأن إدارة أوباما هي الأكثر حاجة إلى التمديد ولأنها في ظل خيباتها المتلاحقة ، وبخاصة في الشرق الأوسط، تريد هذه ورقة تلعبها وإنْ من قبيل القفز في الهواء على الطريقة البهلوانية «الأكروباتية».
كانت المعلومات قد تحدثت عن أنَّ لقاءات كيري الأخيرة مع (أبو مازن) في عمان ، التي أحيطت بالكثير من التعتيم والسرية، قد حققت بعض التقدم فعلاً وأن القيادة الفلسطينية ، التي أصرت على أنه لا «تمديد» بلا ثمن، بقيت تتمسك بشرطين هما :الأول ، إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين الذين هناك إتفاق بضمانة أميركية على إطلاقهم أمس السبت في التاسع والعشرين من هذا الشهر الذي أشرف على نهاياته. أما الشرط الثاني ، فهو وقف كامل للإستيطان وبخاصة في القدس.
إلاَّ أنَّ إسرائيل ووفقاً للعادة القديمة المعروفة ، التي لا حاجة لا لذكرها ولا إلى التذكير بها، قد بادرت إلى نكث ما تم الاتفاق عليه والحجة وما أكثر الحجج الإسرائيلية ، التي سيدفع ثمنها الإسرائيليون إذا بقيت حكوماتهم تتصرف بهذه الأساليب «التحايلية» البائسة، هي أن من بين هؤلاء الأسرى عدداً من الفلسطينيين الذين يعتبرون إسرائيليين ،»عرب 1948»، وإن إطلاق سراحهم يحتاج إلى قرار حكومي بعد إنتهاء العطلة الأسبوعية.
والآن وقد انتهى السبت الليلة الماضية وسواءً تم إطلاق سراح هؤلاء الأسرى وإنْ بتأخير لبضع ساعات أم لا فإن ما يجب ان يفهمه بنيامين نتنياهو ويفهِّمه للإسرائيليين إنه لا يملك كائن من كان لا (أبو مازن) ولا غيره التنازل عن حق العودة لأنه حقٌ فردي ولأنه جاء في قرار دولي هو القرار رقم 194 وأنَّ الاعتراف بيهودية الدولية الإسرائيلية غير ممكن ودونه جزَّ الحلاقيم ثم وأنه عليه انْ يتذكر أنَّ هناك إعترافاً من قبل الأمم المتحدة ، لم يجف بعد الحبر الذي كُتب به، بدولة فلسطينية تحت الإحتلال على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وأن هذا قد أعطى للفلسطينيين الحق في أن يلجأوا إلى المحاكم الدولية لـ»جرجرة» كبار الضباط والمسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم المعنية وفي المقدمة منها محكمة الجنايات الدولية هذه الآنفة الذكر.


الأرض وجوهر الصراع
أمجد عرار-الخليج الإماراتية
ثمانية وثلاثون عاماً على أحداث يوم الأرض الفلسطيني حيث قامت سلطات الاحتلال الصهيوني عام 1976 بمصادرة واحد وعشرين ألف دونم من أراضي قرى عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد وغيرها في منطقة الجليل المحتلة عام ،1948 وذلك وفق قرار رسمي حمل مسمى تضليلياً هو "تطوير الجليل"، في حين أن الهدف الحقيقي منه هو "تهويد الجليل" وإعطاء الأراضي المصادرة للمستوطنات الصهيونية .
كانت تلك شرارة اندلاع انتفاضة عارمة في منطقة الجليل واجهتها القوات "الإسرائيلية" بدمويتها المعهودة حيث اجتاحت البلدات الفلسطينية بالدبابات والمجنزرات التي أطلقت النار بعشوائية، فسقط ستة شهداء وعشرات الجرحى في الثلاثين من مارس/آذار ،1976 الذي أصبح منذ ذلك التاريخ "يوم الأرض الفلسطيني"، مع أن يوم الأرض الحقيقي يعود لليوم الأول الذي بدأ فيها اغتصاب فلسطين وتهجير شعبها إبان أكبر نكبة عرفها التاريخ عام 1948 .
هذا يعني أن "يوم الأرض" كمناسبة رمزية، لا يعني أن الاستيلاء على الأرض الفلسطينية بدأ عام ،1976 فبين عامي 1948 و1972 صادرت "إسرائيل" أكثر من مليون دونم من أراضي الجليل والمثلث إضافة إلى ملايين الدونمات التي استولت عليها خلال أحداث النكبة .
في مطلق الأحوال، لا ينبغي النظر للأرض الفلسطينية باعتبارها عقاراً، فهناك مساحات واسعة من الأرض الفلسطينية المقامة عليها مدن وبلدات وقرى ومخيمات، وهي ليست مصادرة بالمعنى المباشر، لكنّها محتلة ضمن سيطرة الاحتلال على كل فلسطين والجولان السوري ومزارع شبعا وكفار شوبا والغجر اللبنانية .
من هنا فإن الحديث عن مصادرة ألف دونم هنا أو ألفين هناك، ليس سوى عرض لحظي لسلوك يومي لا ينبغي أن يحجب حقيقة أن فلسطين كلها أرضاً وجواً وبحراً مصادرة بحكم الوجود العسكري والسياسي للاحتلال . ومن المفارقات التي يجب الانتباه إليها أن "إسرائيل" سرّعت تهويد الأرض الفلسطينية واستيطانها، منذ انطلاق المفاوضات في مدريد عام ،1991بما في ذلك ما بعد توقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر 1993 .
ما معنى أن ترتفع وتيرة الاستيطان في الضفة إلى أكثر من 123% مقارنة بعام 2012؟ وما معنى أن تقرر "إسرائيل" وتبدأ العمل في بناء أكثر من عشرة آلاف وحدة استيطانية جديدة منذ بدء العملية التفاوضية؟ وماذا يعني هدم قوات الاحتلال 149 منزلاً فلسطينياً منذ بدء العملية التفاوضية، في مرحلتها الأخيرة؟
هذه الأسئلة ليست مطروحة بالمعنى الاستفهامي، بل بالمعنى الاستنكاري، ذلك أن قوة غاشمة احتلت أرضاً في إطار مخطط استعماري إمبريالي استراتيجي، لا يمكن أن تتخلى عنها بالتفاوض، لا سيما إذا جرى هذا التفاوض في ظل موازين قوى مختلة لصالح القوة الغاشمة المحتلة التي تحرّكها إيديولوجيا عدوانية تتجاوز أطماعها التوسّعية كل فلسطين بل تتعداها إلى أراض عربية تمتد من النيل إلى الفرات . قبل يومين فقط، تبجّح وزير "إسرائيلي" بأن الجولان ستبقى تحت سيادة كيانه إلى الأبد .
هذا التصريح يعبّر عن حقيقة الموقف "الإسرائيلي" إزاء كل الأراضي العربية المحتلة، ولا يمكن تغيير هذا الموقف من خلال طاولة المفاوضات المستمرة على مراحل منذ "كامب ديفيد" أواخر السبعينات، وما زالت تراوح مكانها فيما الجرافات "الإسرائيلية" تصنع على الأرض الخريطة التوسّعية للكيان، مع أننا على ثقة بأن هذه الخريطة ستتغيّر خطوطها بالطريقة التي يعترف بها التاريخ .


كيري بين الجزائر والمغرب
محمد الأشهب (http://alhayat.com/Opinion/mohamed-alashab.aspx)–الحياة اللندنية
عندما يحل وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالرباط والجزائر، سيجد أن لا شيء تغير في طبيعة العلاقات المتوترة بين الجارين، وأن وصفة الشراكة الإستراتيجية المبرمة بين واشنطن وعاصمتي الشمال الأفريقي نجحت في بناء علاقات متوازنة في إطار ثنائي، لكنها أخفقت في تجاوز الخلافات التي زادت اتساعاً. وفي ميدان حيوي ذي طبيعة إقليمية بقيت الأوضاع على حالها.
من منتصف سبعينيات القرن الماضي، تعايشت الإدارات الأميركية المتعاقبة مع واقع الحذر والنفور الذي يعتري العلاقات المغربية – الجزائرية. ولم يشكل الموقف عائقاً أمام سريان مفعول الاتفاقات ومجالات التعاون التي تربطها والشريك الأميركي. وفي ذروة الحرب الباردة اختارت الرباط الانفتاح على الاتحاد السوفياتي، عبر إبرام «صفقة القرن» التي تطاول تسويق الفوسفات إلى المارد الأحمر، من دون أن يخل ذلك بتحالفها السياسي والعسكري مع الولايات المتحدة الأميركية، بينما انبرت الجزائر لتسويق النفط والغاز إلى أميركا وحفظ تحالف من نوع آخر مع بلدان المعسكر الشرقي. غير أن مفهوم الشراكة الإستراتيجية تتداخل ضمن مكوناته انشغالاتٌ سياسية واقتصادية وأمنية أملتها تطورات نظام القطبية الأحادية الذي بدأ بالاهتزاز.
لا عقدة للأميركيين في هذا الصدد، ففي البحث عن مراكز النفوذ وموازين القوى تتوارى الهوامش، وضمنها أن خلافات المغرب والجزائر واقعة تحت السيطرة، على غرار ما يبدو أحياناً من أشكال التصعيد التي تقترب إلى حافة التدهور. وما يلفت في تداعيات النزاع الإقليمي، أنه يحد من خطوات التنسيق والإجراءات الميدانية في ملف الحرب على الإرهاب والتطرف، خصوصاً أن البلدين أبديا اهتماماً متباين المنطلقات إزاء التحديات الأمنية التي تعرفها منطقة الساحل جنوب الصحراء. ولم يفت الإدارة الأميركية والبلدان الغربية، سيما فرنسا، التدخل ميدانياً، تاركة لبلدان الجوار فعل ما يجب إزاء تثبيت الاستقرار والمصالحة الوطنية ومد جسور التعاون.
في ملف الصحراء، محور الخلاف، اهتدت واشنطن إلى صيغة بناءة تكمن في دعم جهود مجلس الأمن والأمم المتحدة، وأعلنت بكل وضوح أن مبادرة الرباط لناحية منح المحافظات الصحراوية حكماً ذاتياً موسعاً تتسم بالصدقية والجدية، من دون أن تغفل الدعوة إلى توسيع سجل البلاد في احترام حقوق الإنسان. ومعنى ذلك أنها تقول علنا إن الحل المطروح على طاولة المفاوضات لا بديل منه، وإن التعاون الكامل مع الأمم المتحدة أقصى ما يمكن أن تلوّح به في نطاق حل وفاقي يرضي الأطراف كافة، وترغب في غضون ذلك أن ترى الحدود المغلقة بين البلدين الجارين وقد عادت إلى طبيعتها لتأمين تدفق الأشخاص والبضائع بكل حرية.
لا المغاربة ولا الجزائريون يجهلون حقائق السياسة الأميركية، أين تصنع، وكيف تضع الأسبقيات، وبأي ميزان تقاس علاقات التحالف، ومن المستعبد أن تؤثر زيارة الوزير كيري في قلب المعادلات السائدة، فالمفهوم الأميركي للشراكة الإستراتيجية لا يحكمه تفضيل طرف على آخر، بل يراعي حدود التقاء المصالح المتبادلة. وحين تشرئب الأعناق الأميركية إلى منطقة الشمال الأفريقي، فالرؤية تشمل كل أقطاره، من جنوب موريتانيا إلى آخر نقطة في «السلوم» الليبية. ولديهم مجهر يختلف عن المنظور المحلي لبلدان هذا الفضاء الشاسع، حتى أنهم وضعوا مقاربة أكبر تربط بين شمال إفريقيا والشرق الأوسط كرقعة واحدة تتغاير مشاكلها وصعوباتها، لكنها في المنظور الاستراتيجي الكبير تشكل جزءاً واحداً.
برزت في الآونة الأخيرة تحديات جديدة تهم بالدرجة الأولى ما يتفاعل في عمق القارة الإفريقية من أحداث وصراعات، والأكيد أن الأميركيين كما الأوروبيون يرغبون لو تضطلع بلدان الشمال الأفريقي بدور أكبر في إخماد النيران الملتهبة. أقله لجهة حصر امتداد المشاكل على نطاق ضيق، فقد ثبت أن قوات التدخل الأفريقية «أفريكوم» بحاجة إلى وعاء سياسي يعزز فرص المصالحة وتثبيت أركان الأمن والسلم والاستقرار. غير أن اللافت في خلافات المغرب والجزائر أنها اتخذت من ورقة أفريقيا مظهراً للتنافر. ولا يبدو أن الأميركيين يجارون امتداد هذه الرقعة، بل يحبذون قيام تعاون أوثق بين البلدين الجارين، أقله في الحرب على الإرهاب والمغالاة ولتطرف وتكريس المزيد من الإصلاحات السياسية.
سيكون الهاجس الاقتصادي ضمن أهم المحاور التي يبحثها وزير الخارجية الأميركي جون كيري في زيارته إلى المنطقة، لكن هذا التحدي يتطلب تفاهمات جديدة. ولا ننسى أن واشنطن سبق لها قبل أن طرحت فكرة شراكة مغاربية – أميركية أوسع. وقتذاك، لم تكن الأوضاع في ليبيا تسمح بمثل هذا الانفتاح، أما وقد تغيرت الصورة، فإن الهاجس الاقتصادي يبدأ أولاً وأخيراً بالبحث في شروط استتباب الاستقرار، وهي تعول على أن يلعب المغرب والجزائر دوراً أكبر في هذا النطاق، لولا أن التمنيات تصطدم بجدار الخلافات المستحكمة.
بيت آل سعود… ازمة خلافة ومأزق تحالفات
رأي القدس العربي
جاء القرار الملكي السعودي غير المسبوق بتعيين الامير مقرن بن عبد العزيز ‘وليا لولي العهد’ ليعيد فتح ملف الخلافة على رأس هذه ‘الملكية المطلقة’، وهو الذي طالما كان سببا في خلافات وصراعات خرج بعضها الى العلن، وبقي اغلبها وراء الابواب الموصدة.
وتقاطعت الازمة هذه المرة مع اختبار حقيقي يواجه التحالف التقليدي للمملكة مع الولايات المتحدة، وهو الـــذي طالما كان ‘شبكة الامان’ التي استمد منها النظام قدرته على الـــبقاء في مواجهات تحديات ضخمة، ادت الى انهيار او اخـــتفاء دول احيـــانا في المحيط الاقليمي، بدءا من غزو الكويت الى هجمات ‘القاعدة’، واخيرا الربيع العربي، واشتعال الحرب في سوريا واليمن.
واذا كان ثمة رابط بين ازمة الخلافة ومأزق التحالفات في السعودية، فهو ان كليهما يتعلق بوجود هكذا نظام، اصبح فريدا من نوعه من حيث تشبثه بتركيبة وممارسات لا تنتمي الى هذا العصر، بل ولا تشبه كثيرا من ابناء وبنات الشعب السعودي الذين اصبحوا اكثر انفتاحا على العالم، واظهروا تفوقا علميا وثقافيا ومهنيا في العديد من المجالات.
اما القرار الملكي فيحمل بين طياته الدليل على وجود الازمة، عندما يشير في نهايته الى انه ‘نافذ من وقت صدوره، ولا يجوز بأي حال من الاحوال تعديله او تبديله بأي صورة كانت من اي شخص كائنا من كان، او تسبيب او تأويل’. ما يعني ان هناك من يتربصون لتعديله وتبديله.
ان هذا القرار غير القابل للمس به وكأنه منزل من السماء، يجعل الاوامر الملكية وللمرة الاولى في ‘مرتبة مقدسة’، رغم ان الشريعة الاسلامية التي تقول السعودية انها تبني نظامها عليها تعتبر ان ‘كل شخص يأخذ من كلامه ويرد الا الرسول الكريم محمد بن عبدالله’.
فماذا لو ان الامير مقرن، وهو بشر يجتهد فيصيب ويخطئ، ارتكب ، لا سمح الله، من الاخطاء، او اصابه من المرض، لا قدر الله، ما يجعله غير مؤهل لتولي هذه الامانة، التي هي ليست مجرد منصب سياسي، بل ترتبط بخدمة الحرمين الشريفين، ما يجعل شخص من يحملها محل انظار مئات الملايين من المسلمين.
وما فائدة هيئة البيعة ان كان كل ملك سيقرر مسبقا من يتولى الامر من بعده، ثم من بعد بعده، بـ ‘فرمان غير قابل للتعديل’. وهل من علاقة لهذا النظام في الخلافة بالشريعة الاسلامية حقا، ام انه مجرد وسيلة لتأمين وصول العرش الى احد الابناء، وتحديدا الامير متعب المقرر ان يلي الامير مقرن بعد عمر طويل؟.
الواقع ان السؤال الصحيح الذي ينبغي طرحه الآن، هو الى متى يمكن ان يستمر هذا الوضع الهش في نظام شاخ على كراسي الحكم، مقاوما بالقمع كل رغبة شعبية صادقة في التحول الى ملكية دستورية تعتمد اصلاحات سياسية واقتصادية جذرية، تحترم الشريعة الاسلامية لكن تسمح بأن تلحق المملكة بركاب العصر، وتواجه ازمات البطالة والفقر والاسكان المتفاقمة، وتتيح الحد الادنى من الحقوق الاساسية للانسان؟
لقد اختلف الزمن وتبدلت المعطيات، ولم يعد ممكنا للرئيس الامريكي باراك اوباما، ان يزور العاهل السعودي لتطمينه على ‘صلابة التحالف التقليدي’، بينما يغض الطرف عن معاناة السعوديين من غياب حريات وحقوق اساسية ثم يطلع علينا محاضرا حول الحرية وحقوق الانسان.
وتبقى السعودية حليفا مهما بل واستراتيجيا دون شك للولايات المتحدة، الا انها لم تعد الحليف الاهم او الوحيد. حيث ان واشنطن لا تستطيع ان تتجاهل مصالحها مع دول مثل قطر التي اعلنت، تزامنا مع زيارة اوباما، عن صفقات اسلحة جديدة مع شركات غربية، اغلبها امريكي وتقدر بنحو عشرين مليار دولار.
بل ان واشنطن، التي لا تعرف صديقا الا مصالحها، اضطرت للاعتراف بعدوها وعدو السعودية الرئيسي في الاقليم، اي ايران، كدولة نووية وقوة اقليمية عظمى في اتفاق جنيف الذي صدم الرياض، واصاب العلاقات القديمة بشرخ قد لا تتعافى منه ابدا.
واصبحت الولايات المتحدة اقل اعتمادا على استيراد النفط، وتتجه الى الاكتفاء الذاتي. كما ان النفوذ الامريكي في المنطقة قد تقلص بوضوح بعد انسحابها من العراق، وفشلها في تبني سياسة قوية او مقنعة في سوريا ومصر.
وهكذا فان احتياجها الى السعودية، للاسباب السابقة مجتمعة، قد تقلص، ولا يستطيع السعوديون ممارسة اي ضغط عليهم.
انها مشكلة وجودية بامتياز تلك التي يواجهها السعوديون، سواء من جهة قيادة تراجعت قدراتها لاسباب انسانية طبيعية او سياسية، او من جهة الولايات المتحدة التي رفضت ان تحارب ايران من اجل تل ابيب، وبالتالي لن تحاربها من اجل الرياض. كما اكتفت بالفرجة على نظام مبارك وهو يسقط تحت اقدام الثوار، وبالتالي لن تتدخل لانقاذ النظام السعودي الاشد قمعا ان هبت عليه رياح الربيع.
واخيرا وبالرغم من الحديث عن الاصلاحات، وهي ضرورية على اي حال، الا ان السؤال يبقى ان كان النظام يستطيع حقا ان يكون جزءا من الحل ان كان هو رأس المشكلة واساسها؟
الأحوال في اليمن ليست على ما يرام
مصطفى احمد النعمان-الشرق الأوسط
في حديث مع عدد من الأصدقاء حول ما يدور في اليمن أبديت لهم تعجبي من التفاؤل الذي يصرون عليه وتمسكهم بأذياله، ولكن لكلٍّ مبرراته، إلى درجة أن صديقا عزيزا أرسل لي قائلا إنه بحكم تخصصه في علم الأحياء مقتنع بأن دورة الحياة للنباتات والحيوانات يمكن إسقاطها على ما يدور في أقطار الربيع، واعتبر أن البذرة بدأت في تونس، ونبتت في مصر، واخضوضرت في اليمن، وذبلت في ليبيا، وتموت الآن في سوريا، وأنهى رسالته بـ«ربما أنك لا تحب اخضرارها في اليمن ولكني مقتنع بأنها ستفعل ذلك». كان ردي: «أنا بحكم خلفيتي كمهندس مدني على قناعة بأن أي بناء تم تصميمه كي يؤوي مجموعة من البشر ولم تراع فيه حاجات مستخدميه وكانت أساساته ضعيفة؛ لا يمكن أن يقوى على الاستمرار وأنه حتما سيهوي على رؤوس قاطنيه، وحينها ستصبح كلفة إصلاحه باهظة».. ويبدو هذا جدلا بين الذين يؤمنون بدورات المظاهر الطبيعية، متناسين أننا نشهد تغيرا مخيفا في نسقها وديمومتها، وبين الذين يؤمنون أن البدايات الخاطئة لا يمكن إلا أن تأتي بنهايات كارثية.
اليمن منذ رحيل الرئيس السابق علي عبد الله صالح يمر بأزمات خانقة أمنية واقتصادية واجتماعية، وارتباك سياسي واضح، وانفراد من بعض القوى الدولية، وغرور مبعوث الأمم المتحدة وصلفه في الدفع بالأمور نحو نهايات تحقق أهدافهم أولا ثم تأتي تاليا الأهداف الوطنية اليمنية إن تطابقت مع رغباتهم، ولا شك أن صالح يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لأنه تعمد القيام بعملية «إضعاف» لأي قوى سياسية أرادت النمو عبر الوسائل الطبيعية التي يؤمن بها علماء الأحياء.
كان الرئيس السابق علي عبد الله صالح متمرسا في سياسات كسب الولاءات الشخصية والتعامل معها بحسب ظروف كل مرحلة من عمر حكمه الذي بدأ في 17 يوليو (تموز) 1978 بعد عمليتي اغتيال الرئيس الغشمي وإعدام الرئيس الجنوبي سالم ربيع علي، وظل متحكما بخيوط اللعبة السياسية التي كان يحلو له أن يصفها بالرقص على رؤوس الثعابين، ولكن لما كان لكل أمر بداية فقد كان للنهاية أن تحضر بعد 33 سنة.
لقد كانت أخطاء صالح كثيرة ولكن أخطرها على الإطلاق كان الملل الذي أصابه وجعله يعزف عن المتابعة القريبة لشؤون الحكم وتركها في يد أفراد قليلين ومقربين منه، وجعله ينشغل بمتابعة التقارير الأمنية فقط والتي كانت تصل إليه عبر قنوات محدودة ودائرة ضيقة، ولم ينتبه، بحكم الثقة الزائدة، إلى صراع المصالح الشخصية الذي برز بين أفراد أسرته المقربين وكثيرين من الذين أعانوه على ترسيخ حكمه، ولم يلق بالا إلى الانفصال السياسي الذي وقع بينه وبين حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين والسلفيين والقبائل الشمالية)، ولم يهتم بما بدأ كشائعة ثم أضحى أمرا واقعا، وهو تهيئة الساحة الداخلية لنجله الأكبر، وفي ذات الوقت أهمل ما كان يعتمل على الأرض من متغيرات في ديموغرافية البلاد وتغيير المزاج النفسي عند المواطنين من الشباب خصوصا الذين رأوا مستقبلا كئيبا ينتظرهم من دون جهد حقيقي لإنجاز تنمية حقيقية في حين كان الكبار يتصارعون لالتهام كل ما تنتجه الأرض.. ثم كانت الكارثة في تزايد النقمة في جنوب اليمن بإهمال معالجة قضايا الناس الحقوقية التي تحولت إلى حراك سياسي ارتفعت نبرته بعد أن التحق به أمين عام الحزب الاشتراكي السابق الأستاذ علي سالم البيض الذي كانت دوافعه، لهذا التحول في تاريخه السياسي، شخصية، وكذلك ما وصفه بأنه يريد تصحيح الخطأ الذي ارتكبه حين قبل بالوحدة الاندماجية منفردا وفرضها على رفاقه عام 1990.
نهاية حكم الرئيس صالح أنجزت بالتوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية في الرياض، وبدأ الناس بعدها في التطلع إلى بشائر أمل يرتفع بهم من حضيض الإحباط واليأس، خصوصا بعد أن انتقلت السلطة بطريقة اختلفت عما جرى في عواصم الربيع الأخرى (عدا تونس). ولكن ما حدث بعدها لم يرتبط بطموح مَن دفعوا حياتهم ثمنا له ونهبت الأحزاب ما امتلأت به خزائن أحلامهم من آمال ذهبت ضحية جشع ودهاء الأحزاب.
لعل الطريقة التي تجري بها أعمال لجنة صياغة الدستور تشبه إلى حد كبير ما كان يجري، في ما يحلو للوافدين القدامى - الجدد وصفه بالعهد البائد من أساليب الجماعات السرية في إدارة شؤونها، كمن يخفي أسرارا لا يجوز لأصحاب الشأن التعرف عليها، ومن الجلي أن اللجنة جاءت كمحلل لمسودة تم إعدادها مسبقا، فمن غير المعقول أن تتستر اللجنة على اجتماعاتها وأن تعقدها خلف ستار من التعتيم، كما جرى في كل لقاءات «الموفينبيك» من التوصل إلى نتائج قبل انعقادها، وجرت صفقاتها بين الأحزاب التي اغتصبت أحلام الشباب وبين الحكام الجدد، وعمل المستشارون الجدد - القدامى على تمرير كل ما يرغب فيه الممسكون بالسلطة وتحقيق رغباتهم، ولعب المبعوث الأممي دورا سيتذكره اليمنيون مستقبلا بالألم والغضب، لإظهار الأمر على أنه يبدو كمعجزة كاذبة وسراب لم يتحققا إلا على أيديهم.
ما يجري في اليمن يبرهن على تصلب تفكير المستشارين ونصائحهم لأنهم كانوا دوما لا يتفوهون إلا بما يروق الحاكم ويناسب هواه. ونظرة خاطفة إلى ما يجري في كل رقعة جغرافية من تفتت لسلطة الدولة، وانعدام لفرص الاستثمار، واستشراء للفساد بصورة مروعة، وتمدد للقوى البعيدة عن سيطرة القانون، وتزايد في أعداد الشباب العاطلين عن العمل.. هذه الظواهر لا يمكن أن تكون مدعاة للتفاؤل والحديث عن اخضرار نبتة الربيع في اليمن.
ومن المجدي التطرق في النهاية إلى أن الرئيس هادي يعلم أكثر من غيره وقائع الأرض بحكم خبرته الطويلة إلى جوار الرئيس السابق صالح، ومؤكد أنه اكتسب من خلالها المعرفة الكافية بنقاط الضعف التي تدفع الحاكم إلى الزوال، ولكن الأهم أن يدرك أن الخلط بين الخاص والعام هو الذي يذيب مشروعية الحاكم وشرعيته، والفارق بينهما كبير، وأن استحضار الماضي لتصفية الحسابات ليس عونا لبناء المستقبل، كما أن تكرار الأخطاء التي فعلها السابقون بتمكين أهل الثقة من التحكم بدوائر الحكم ليس إلا مفتاح تهلكة عاجلة.
اليمن ما زال يواجه تحديات من سوء الفطن توهم أن تجاوزها سيكون عبر الخطابات البلهاء وحذلقة المستشارين، ولكنها حتما تحتاج إلى عمل سريع وجاد مبتعد عن المفردات المملة، وتحتاج إلى نيات صادقة لا تعمد إلى استثارة المناطقية باعتبارها علاجا لمآسي الماضي.
لماذا يثق الإخوان بفوز السيسي؟
أمل عبد العزيز الهزاني-الشرق الأوسط
جواب السؤال محل عنوان هذا المقال يوضح موقف جماعة الإخوان المسلمين من قرار عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع سابقا، ترشيح نفسه لرئاسة مصر.
الإخوان هم من صنعوا ظاهرة السيسي، هم من اضطروا الملايين للالتفاف حوله يطالبونه بعزل الرئيس السابق محمد مرسي نجدة لهم، فاكتسب ثقة الناس ومحبتهم، هم من جعلوا منه بطلا وطنيا مغوارا، وحاميا باسلا لحاضر ومستقبل مصر.
لماذا يثق الإخوان بأنه سيطير بالرئاسة؟ لأنهم يعلمون ما صنعت أيديهم، فشلوا فشلا ذريعا في إدارة البلاد، وتركوها على حافة هاوية، أخافوا الناس وأقلقوهم على مستقبل بلادهم وأبنائهم، حصلوا على الرئاسة واستولوا في معيتها على الدستور، ضيقوا على القضاة، أطلقوا الإرهابيين من السجون فاستحلوا سيناء وهددوا أهلها، وضعوا أيديهم على إدارة المحافظات، وجاءوا بحكومة أضعف عضو فيها رئيسها. ومثل أبطال الأفلام توجهت أنظار الناس للمنقذ الذي تولى مقعد الصدارة، حين كان مقود القيادة يرتعش في أيدي الإخوان الذين تسببوا له بشبه إجماع شعبي لا مثيل له، حتى الراحل جمال عبد الناصر لم يحظ بهذه الشعبية قبل أن يتولى الرئاسة، بل كان واحدا من مجموعة ضباط قاموا بثورة قادها اللواء محمد نجيب جاءت به للرئاسة، اختلف مع عبد الناصر فعزله الأخير وحل مكانه، لم تكن هناك كلمة للناس في عزل نجيب ولا إحلال عبد الناصر.
كل المصريين ينظرون إلى السيسي على أنه مرشح، إلا الإخوان؛ يرونه الرئيس المصري المقبل! لديهم قناعة بأنه سيفوز بأغلبية كبيرة في انتخابات نزيهة، وهذا أعجب موقف لمعارضة يمكن أن يشهده العالم. مع ذلك يهددون بأن فترة رئاسته لن تكون مصر فيها مستقرة ولا آمنة، أي أنهم سيقفون ضد رغبة الأغلبية التي ستختاره، وهذا أيضا أمر محير!
حزب النور السلفي الذي بالكاد رأى النور يعمل في النور، وأثبت حتى الآن أنه يلعب سياسة لا بلطجة وعنفا وإحراق مقار حكومية، وتحريضا وفوضى في الشوارع والجامعات. «النور» هو الركن المتبقي من أحزاب الإسلام السياسي الذي يمكن الاعتراف بمكانته ووزنه في الشارع، وذكائه في مجاراة الظروف والظهور بمظهر الحزب الوطني الذي يراعي المصلحة العامة، وهو ما بدا في لجنة الخمسين لإعداد الدستور، حيث كانت له كلمته ورأيه الذي نال الاعتبار من دون المساس بالثوابت الوطنية، متجاوزا إطالة عمل اللجنة مراعاة للفترة الحرجة التي تعيشها البلاد، رغم أن الحزب لا يملك الإرث الاجتماعي والفكري، كما جماعة الإخوان المسلمين التي ظهرت كطالب استذكر دروسه 11 شهرا، وحين حضر إلى قاعة الاختبار أخذه النعاس فنام. حزب النور تخلى عن الإخوان حينما شاهدهم يترنحون أمام الجرف، كسب في ثورة يناير (كانون الثاني)، ولم يخسر في ثورة يونيو (حزيران).
الإخوان غاضبون على السيسي مدعين أنه نفذ انقلابا ضد الشرعية المزعومة، يتمسكون بهذه البكائية منذ شهور، رغم أن الناس فقدت الشهية في نقاشها أو الرد عليها، ولكنهم اليوم يتهمون المشير بأنه قاد الانقلاب ليصل إلى السلطة التي كان يقول بأنه لا يصبو إليها. حسنا، الإخوان أعلنوا إحجامهم عن الترشح للرئاسة في انتخابات 2012. لكنهم قرروا الدفع بمحمد مرسي في ليلة لا قمر فيها، وانتهى حكمه إلى ما انتهى إليه، عليهم إذن أن يرضوا برد الهدية.
إن كان ثمة انقلاب حصل في 30 يونيو 2013. فهو انقلاب بأمر الجماهير، لم يدب السيسي إلى قصر الاتحادية تحت جنح الظلام هو وعسكره، ويقتلعون مرسي من كرسي الرئاسة، لم يفرض قانونه الخاص ولم ينصب نفسه رئيسا، ولولا موقفه الشجاع في ذلك اليوم، لكانت ضباع سيناء التهمت مصر بالإرهاب، ولكانت مصر الدولة المدنية العضو في الأمم المتحدة مائعة الشخصية لا ملامح لها، تتجاذبها الميليشيات وتقودها دول إقليمية كمن يقود الأعمى.
لقد لبّى السيسي نداءات الملايين من المصريين، الذين خرجوا بصوت واحد يطلبون منه إنقاذهم من حكم الإخوان، فلم لا يستجيب لرغبتهم في ترشحه لسباق الرئاسة، وقد نال منهم هذا القدر الكبير من الاحترام والتقدير؟
حتى من يرون أن السيسي أكثر نفعا لمصر وهو قائد القوات المسلحة ووزير الدفاع، لأنه الحارس على بوابة الحكم فيها، عليهم أن ينظروا لها كدولة عادت من الأسر، تتوق للحماية القوية والإرادة الصلبة وليس إلى أي حاكم. والذين يخشون من أن يصبح السيسي كسابقيه؛ يأخذه غرور الزعامة، ومذاق الكرسي، فعليهم أن يتذكروا أن في السجون المصرية اليوم رئيسين مصريين سابقين، أحدهما كان في يوم ما في موقع السيسي.
السيسي مثل حمدين صباحي، مرشح معرض للفوز أو الخسارة في سباق نزيه لقيادة أكبر بلد عربي، وإن كانت حظوظه في الفوز أعلى مثلما يرى الكثيرون، فلأنه حظي بفرصة لإثبات أنه رجل محنك وقوي، وهاتان صفتان يبحث عنهما الناس في شخص رئيسهم. وحتى لو خسر في المنافسة أمام صباحي، فقد انتصر فيما هو أعظم شأنا من إدارة البلاد، وهو شرف إنقاذها من الإرهاب والإفلاس.
إنما لا ينكر أحد أن فوزه، إن حصل، فهو كذر الملح على جراح الإخوان في كل المنطقة؛ من المغرب إلى اليمن مرورا بتركيا، ليس فقط لأنه من قاد نهاية حكمهم وزلزل مستقبلهم السياسي في البلدان العربية والإسلامية، بل لأنهم هم من مهدوا له ليصبح رئيسا. فسبحان من يخرج الحي من الميت.