Haneen
2014-06-03, 12:37 PM
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
في مهب المفاوضات
الياس خوري عن القدس العربي
المفاوضات قرار
د . ناجي صادق شراب عن الخليج الإمارتية
التسوية وتهديدات "إسرائيل"
أمجد عرار عن الخليج الإماراتية
أفق آخر فاوِضْ ثُمّ فاوِضْ
خيري منصور عن الخليج الإماراتية
حنين زعبي: حين يُرجع الفلسطيني إسرائيلياً من حيث أتى
سليم البيك عن القدس العربي
الصراع الدولي والموقف المطلوب عربياً
د . يوسف مكي عن الخليج الإماراتية
الدولة العبرية... والثورات العربية
مصطفى الفقي (http://alhayat.com/Opinion/Writers.aspx)عن الحياة اللندنية
لا يمكن أن ننتخب رئيسا لأننا نتوسم فيه خيرا ولا يصح أن ينتخب رئيس ‘على بياض’
حسنين كروم عن القدس العربي
الرئيس والكاريزما !
الياس الديري عن النهار اللبنانية
عشاء سياسي مثير للجدل في أبرز مخيم للاجئين الفلسطينيين في عمان: .. إقصاء المصري لصالح مسلماني و”عطية” ونواب “التمثيل” قاطعوا المناسبة (http://www.raialyoum.com/?p=72660)
رأي اليوم- جهاد حسني
في مهب المفاوضات
الياس خوري عن القدس العربي
النجاح الأكبر الذي حققه الرئيس الفلسطيني هو قدرته على أن يثبت بالملموس استحالة السلام. فأبو مازن الذي لم يخف يوما مواقفه المناهضة لعسكرة الإنتفاضة والمقاومة المسلحة، حقق جميع مطالب الأمريكيين، من التنسيق الأمني الى رفع شعار أن لا بديل من المفاوضات. والحق يقال أن الرجل أظهر ‘شجاعة’ لافتة بلغت حدودا غير مسبوقة في رفضه لمنطق المقاومة، وإبداء كل استعداد لتسهيل تسوية ترعاها الولايات المتحدة، وتكون من ضمن منظومة تقديم أقصى الضمانات الأمنية لإسرائيل، بما فيها نشر وحدات من الناتو في الغور وعلى الحدود.
نجح أبومازن حيث فشلت التسوية، فالرجل كان مقتنعا بمنطق أوسلو، وهو أحد كبار مهندسيه، وهذا المنطق هو منطق متكامل، يبدأ بالتنازل عن 78 بالمئة من فلسطين التاريخية، ويترك حق العودة غائما وعرضة لمفاوضات التعويض، ويرتضي بدولة منزوعة السلاح لا تتمتع بسيادة كاملة. بل إن الرجل وافق على بقاء المستعمرات الإسرائيلية الكبرى في الضفة تحت بند غامض هو تبادل الأراضي. وذهب الى حد التصريح بأنه لا يريد العودة الى صفد، التي يعتبرها أرضا إسرائيلية!
لكن كل هذا لم يفد، فمطالب إسرائيل لا تنتهي، توافق على مطلب فيخترعون مطلبا جديدا، هكذا اخرج نتنياهو من قبعته مطلب الإعتراف بيهودية الدولة، وجاءنا ليبرمان بمطلب تبادل السكان، واستبدلت القدس ببيت حنينا والى آخره… حتى لو وافق الفلسطينيون على يهودية الدولة، وهذا هو الإنتحار بعينه، فان الحكومة الإسرائيلية قادرة على استنباط مطالب جديدة تبقي المفاوضات في دائرتها المقفلة، بحيث لا ينتج من التفاوض سوى المزيد من التفاوض.
فحوى الكلام ان إسرائيل لا تريد استسلام الفلسطينيين، فكلما برزت بارقة سلام تم إجهاضها بمطالب جديدة. أخذوا التنسيق الأمني واخذوا الإعتراف بالمستوطنات وأخذوا كل اراضي ال 48، ولا يزالون يطالبون. هكذا انقلبت الآية، بدل أن يكون الفلسطينيون هم أصحاب المطالب لأنهم واقعون تحت الإحتلال، صار الإسرائيلي هو من يطلب، وعلى الضحية ان تطمئن ذئبا لا يمكن طمأنته، لأنه لا يريد سوى افتراس الحمل.
قلت إن الرئيس الفلسطيني نجح في أن يزيل آخر وهم فلسطيني، وهذا الوهم له اسم محدد هو الإستسلام.
ما تقترحه السلطة على إسرائيل هو استسلام كامل، وشرط الإستسلام هو ان يبقى هناك من يستسلم. اي أن المشروع التفاوضي الفلسطيني هو اقتراح بأن تعترف إسرائيل بكيان فلسطيني رضي بالإستسلام.
وهنا يقع جوهر المسألة.
إسرائيل لا تريد هذا الإستسلام، لأنها تريد تحقيق إبادة سياسية كاملة للفلسطينيين. أي أنها تريد محو الفلسطينيين سياسيا وثقافيا وجغرافيا بشكل كامل. الكلمة الوحيدة المناسبة لوصف المشروع الإسرائيلي هي الإبادة السياسية، أي إلغاء فلسطين كأرض وشعب ومحوها عن الخريطة.
لذا نجح أبو مازن في قمة فشل مشروعه. فالرجل كان مقتنعا بأن العقلانية سوف تنتصر في إسرائيل، وبأن الولايات المتحدة لن تسمح لحليفتها بالإنتحار في نظام أبارتهايد اكتملت ملامحه، وبأن الوعي العقلاني الصهيوني الذي انشأ الدولة العبرية، قادر في النهاية على إنقاذها من حماقاتها.
المشروع الذي تدثر بالعقلانية والبراغماتية في بداياته ليس سوى مشروع جنوني، يشكل الحبة الأخيرة في عنقود حركة الاستيطان الاوروبية في زمن التوسع الاستعماري، التي اندثرت ولم يبق منها سوى إسرائيل كشاهد على وحشية المشروع برمته.
ما معنى ان يكون الإستسلام ممنوعا؟
انه يعني بكل بساطة ان على السلطة ان تختار بين احد مصيرين:
اما تلحيدها، نسبة الى الجنرال العميل انطوان لحد الذي اقامت له إسرائيل دولة لبنان الجنوبي، التي لم تكن سوى اداة للإحتلال.
واما تحطيمها بطرق شتى، من نموذج حصار عرفات الى التهديد بالعقوبات الى تأبيد الانقسامات الداخلية وتفريخها من جديد.
هل نستطيع ان نقول الآن ان اللعبة انتهت؟
من المنطقي ان تكون قد انتهت، لكن من قال ان المنطق له الكلمة الفصل في هذا المسلسل الإسرائيلي الذي لا ينتهي؟
هنا يجب التوقف مليا امام الرهان على السياسة الأمريكية، فالرئيس اوباما الذي ملأ الدنيا وعوداً، يجد نفسه اسير إسرائيل بشكل كامل. من اقتراح صفقة بولارد الى المحاولة المستميتة لتمديد المفاوضات من اجل الوصول الى اطار وليس الى نتيجة.
في فلسطين كما في كل مكان يثبت ان الإتكال على الأمريكيين لا يقود الا الى الخراب. فما لا يعرفه الحكام العرب هو ان قواعد اللعبة الأمريكية مختلفة عن قواعد الاستعمار القديم، وان الولايات المتحدة لا اصدقاء لها سوى مصالحها، ولا تفهم سوى لغة ميزان القوى الفعلي.
الإسرائيليون اقوياء واللوبي الصهيوني فاعل، اذا يمكن ابتلاع جميع اهانات وزير الدفاع الإسرائيلي لوزير الخارجية الأمريكي، وبدل الضغط على إسرائيل الذي لا فائدة منه يتم الضغط على الفلسطينيين.
كي تكمل السلطة نجاحها الحالي في اثبات فشل الإستسلام، عليها ان تقول للأمريكيين ان الضغط عليها لم يعد يجدي. فقد اعطت كل شيء ولم تعد تملك شيئا تتنازل عنه، وانها لم تعد على استعداد للعب دور الحارس الأمني لوقاحات الإحتلال.
مرة جديدة على الحكاية الفلسطينية ان تبدأ، وطريق البداية بسيط وواضح، اقرأوا مقابلتي مروان البرغوثي واحمد سعادات في ‘مجلة الدراسات الفلسطينية’، وستجدون ان من لم يضيّع البوصلة في السجن يملك رؤية مقاوِمة كي لا يضيع الوطن وتضيع القضية.
والحكاية تبدأ حين يعود الشعب سيد اللعبة، ويعاد تأسيس الحركة الوطنية الفلسطينية من قلب حركة المقاومة، وينتهي زمن الوهم بأن هناك امكانية للسلام مع دولة كولونيالية عنصرية مسكونة بالرعب ولا تنشر حولها سوى الرعب.
المفاوضات قرار
د . ناجي صادق شراب عن الخليج الإمارتية
المفاوضات في البداية والنهاية قرار سياسي، أن تقبل بالمفاوضات خياراً لتسوية صراع مركب ممتد مثل الصراع العربي- "الإسرائيلي"، يعني أن المفاوضات هي الخيار الأفضل والأقصر لتحقيق الأهداف الوطنية، وفي الحالة الفلسطينية هذه الأهداف في حدها الأدنى تتمثل في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بحدود معروفة وصلاحيات سيادية لا تقبل التجزئة والاقتسام، وبالقدس عاصمة لها . وإنهاء المفاوضات أيضاً قرار بعد أن يصل المفاوض إلى قناعة بأن المفاوضات كخيار لم تعد مجدية في تحقيق هذا الهدف .
هذا القرار تحكمه عوامل كثيرة، وفي الحالة الفلسطينية العوامل التي تتحكم في القرار كثيرة ومعقدة ومتناقضة، وفي الكثير من الأحيان غير متقابلة، وتتفاوت هذه العوامل من العوامل الداخلية الفلسطينية التي أضعف الانقسام السياسي من قدرة المفاوض الفلسطيني على المساومة والمناورة، وعربياً التراجع واضح في أولوية القضية الفلسطينية بانشغال الدول العربية بقضاياها الداخلية، ومع ذلك يبقى الالتزام القومي بالقضية ودعم السلطة قائماً، ودولياً تزاحمت الملفات الدولية لدرجة أن القضية الفلسطينية لم تعد الملف الرئيس، والأكثر تأثيراً في القرار التفاوضي الفلسطيني، إضافة إلى الموقف الأمريكي وانحيازه للموقف "الإسرائيلي"، وحمايته من أي نقد . ولا ننسى هنا أيضاً التأثير "الإسرائيلي" الذي يحاول أن يفرغ المفاوضات من مضامينها الفلسطينية، ويخلق حالة من فقدان المصداقية بالسلطة .
على أهمية هذه العوامل وأخذها بالاعتبار، فلا بد من تسجيل أن خصوصية الحالة الفلسطينية والقرار الفلسطيني حالا دون استسلام المفاوض الفلسطيني للضغوط التي تفرض عليه لما للقضية الفلسطينية من بعد وطني وقومي وديني، وتخوفاً من أن أي قيادة فلسطينية تنأى بنفسها عن حد الاتهام والتنازل عن الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، يمكن للمفاوض أو لصانع القرار الفلسطيني أن يبدي قدراً من المرونة في العديد من القضايا، ولكنه لا يمكن أن يقدم تنازلاً أو مرونة في موضوع الدولة الفلسطينية الذي يعتبر الموضوع أو القضية الأساس في أي مفاوضات، ومن دون قيام هذه الدولة الكاملة السيادة بحدودها المعروفة والمقبولة، تسقط المعادلة التفاوضية .
وقبل تحليل القرار الأخير بالذهاب إلى الخيار الدولي وتفعيل قرارات الشرعية الدولية لا بد من تسجيل بعض الملاحظات، أولها أن قرار بدء المفاوضات الذي اتخذ في سياق عربي في مؤتمر مدريد جاء في أعقاب تحولات عربية سلبية، وفي أعقاب الغزو العراقي للكويت، والموقف الفلسطيني منها الذي كلفها ثمناً سياسياً كبيراً، وأهم التداعيات السلبية التي ترتبت على ذلك أن "إسرائيل" أصبحت أكثر قبولاً عربياً كدولة، وهذا يعني أن قرار المفاوضات تم في بيئة غير مواتية أفرزت العديد من الاتفاقات غير المتوازنة، وغير المتكافئة، ومنها اتفاق أوسلو . وهو ما يفسر عدم التزام "إسرائيل" بها، بل وظفتها غطاء لاستيطانها وتهويدها للأرض الفلسطينية .
وبدلاً من أن يتم توظيف المفاوضات لتحقيق التسوية وظفت كأداة لتحقيق ما تريده "إسرائيل"، ورغم سلبيات هذه المرحلة فلا يمكن أن ننكر أن المفاوض الفلسطيني انتزع حقه في الوجود السياسي على الأرض الذي لا يمكن تجاهله، وربط بين وجوده السياسي الكامل وبين أمن وبقاء "إسرائيل" . والملاحظة الأخرى تتعلق بمرحلة الاستمرار في المفاوضات، وهي مرحلة طويلة لم ينجح فيها المفاوض الفلسطيني في تغيير معادلة التفاوض فبقيت تدور في حلقة مفرغة، وهذا هو الخطأ الكبير الذي تم الوقوع فيه إلى أن وصلت المفاوضات إلى مرحلتها الثالثة وهي مرحلة حتمية اتخاذ القرار السياسي الذي يضع حدّاً لهذه المفاوضات اللامتناهية من دون هدف أو مرجعية .
لذا عند فشل التسوية لا بد من البحث عن الخيارات الأخرى الأكثر احتمالاً، وتأثيراً، وقابلية للتنفيذ التي تعكس خصوصية الحالة الفلسطينية، ولعل الخطأ الجسيم الذي وقع فيه المفاوض الفلسطيني الاعتماد المطلق على خيار التفاوض، فهذا الخيار يحتاج إلى دعم من الخيارات الأخرى، وخصوصاً الخيارات الدولية والمقاومة الشعبية . في هذا السياق قد يأتي القرار الأخير الذي اتخذه عباس بتوجيه رسالة قوية مفادها أنه حان الوقت لإعادة النظر في المفاوضات ليس كخيار أوحد .
إن أي قرار له أهداف تكتيكية واستراتيجية، لكن أفضل ما في هذا القرار الرسالة التي يتضمنها وهي أن السلطة الفلسطينية ورغم كل الضغوط وحالة الضعف قادرة على اتخاذ المبادرة والقدرة على الفعل، وهذا هو المطلوب في هذه المرحلة، أي القدرة على تحرير القرار الفلسطيني من المؤثرات الخارجية السلبية، وأهم مضامينها أنها تشتمل على خيارات عدة تتراوح بين تفعيل المقاومة المدنية الشعبية، وتفعيل دور المجتمع الدولي ومسؤوليته في نشوء القضية الفلسطينية واستمرارها، والتركيز على البعد الإنساني الغائب عن هذا الصراع، وتحويل مؤسسات السلطة كلها إلى مؤسسات كفاحية، والعمل الجاد على التعامل مع الانقسام بكل الوسائل لوضع حد له، وانتهاج استراتيجية متكاملة بين الخيارات الفلسطينية، والعمل على التوغل داخل "إسرائيل" وتوصيل رسالة قوية للمستوطن "الإسرائيلي"، ولكل القوى السياسية أن السبب في فشل المفاوضات هو الحكومة "الإسرائيلية"، وتوضيح المرونة الكبيرة التي قدمها الفلسطينيون من أجل إنجاح المفاوضات لقيام دولة فلسطينية إلى جانب "إسرائيل" .
إنهاء المفاوضات ليس بالقرار السهل إنها بداية لإدارة الصراع بطرق وخيارات جديدة تجاهلناه بسبب المفاوضات، والآن لا بد من رسالة سياسية واضحة أو رؤية استراتيجية تكون محور العمل الدبلوماسي والسياسي والإعلامي مضمونها أن من حق الشعب الفلسطيني قيام دولته المستقلة، وكما أسهمت الأمم المتحدة في قيام "إسرائيل" كدولة، فعليها تقع المسؤولية الكبرى في قيام الدولة الفلسطينية، وإلزام "إسرائيل" بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، ومعاملتها كأي عضو لا يحترم ميثاق الأمم المتحدة بتطبيق بنوده عليها، هذا هو مايقلق "إسرائيل" كثيراً، ويزعزع مصداقية المقولات التي قامت على أساسها .
نحتاج إلى تغيير نمط تفكيرنا في زمن التحولات العقلانية الكبرى .
التسوية وتهديدات "إسرائيل"
أمجد عرار عن الخليج الإماراتية
بعدما أفشلت "إسرائيل" الجولة "الأخيرة" من المفاوضات الفاشلة أصلاً، عادت إلى لغة التهديد بمعاقبة الفلسطينيين لأنهم رفضوا الرضوخ لمطالبها وشروطها التي لا يمكن أن يقبلها حتى عملاؤها ومخبروها . بنيامين نتنياهو يهدد باتخاذ إجراءات أحادية الجانب رداً على تقدم السلطة بطلب الانضمام إلى خمس عشرة اتفاقية ومعاهدة دولية، فبنظره هذه خطوة أحادية الجانب وسيقابلها بخطوات مضادة، ثم أعاد تشغيل الأسطوانة إياها بأن الفلسطينيين سيحصلون على دولة عبر المفاوضات المباشرة فقط .
التهديدات التي يطلقها نتنياهو وغيره من قيادة الكيان ربما تمس بعض الشرائح المستفيدة من الوضع القائم بما فيه وجود الاحتلال، لكنها فارغة المحتوى والمضمون بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي ليس لديه ما يخسره، ولا يستطيع الاحتلال أن يهدد بما يمارسه أصلاً بحق الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم ولقمة عيشهم . هو يهدد بمنع شركة اتصالات من وضع البنية التحتية اللازمة لتشغيل خدمتها للهواتف النقالة في غزة، فهل يعيش أهل غزة في بحبوحة ورغد ولا ينقصهم سوى الهواتف النقالة؟ وهل يضير شعباً بعد حصار تجاوز عمره الثماني سنوات وتعوّد حتى على انقطاع الكهرباء وانعدام مياه الشرب النظيفة وحرمه الاحتلال من حقه في العلاج، أن تحجم اتصالاته الخليوية؟
أما مشاريع البناء في أجزاء من الضفة والخطط الهيكلية التي يهدد بوقفها فهي آخر ما ينفع المواطن الفلسطيني . أما التهديد بوقف اللقاءات بين مسؤولين "إسرائيليين" بمستوى وزراء ومديرين عامين مع نظرائهم الفلسطينيين، فهذه ينبغي على الجانب الفلسطيني أن ينفذها لا أن يهدد بها فحسب . هل يعقل بعد ربع قرن من المفاوضات المباشرة بين الجانب الفلسطيني من جهة و"إسرائيل" وأمريكا من جهة ثانية، أن يكون التهديد "الإسرائيلي" بوقف الاتصالات مع الجانب الفلسطيني ذا معنى ومغزى وتأثير؟
يبقى التهديد بإعادة الحواجز وتوسيع سياسة هدم المنازل وتنفيذ أعمال بناء واسعة في المستوطنات، وهذه كلّها ليست بحاجة إلى تهديدات، لأنها موجودة وجارية وبأعلى درجة من السرعة والكثافة . الأمر الأهم أن الفلسطينيين طالما بقي الاحتلال لا يعنيهم ما يفعله حتى وإن كان تنكيلاً بهم، فهم أصلاً يناضلون منذ سبعين عاماً غير مكترثين بما يترتب على نضالهم من نتائج ودفع ثمن، ولا ترعبهم التهديدات بعدما ذاقوا شتى صنوف العدوان بدءاً من الاعتقال والنفي الفردي والجماعي، مروراً بهدم المنازل ومصادرة الأرض واقتلاع الأشجار وحرق المزروعات وتقييد التنقّل والحركة، وانتهاء بالاجتياحات والمجازر . ماذا بقي لقادة الاحتلال لكي يهددوا الفلسطينيين به؟
المساومة الرخيصة المتمثّلة بإلغاء الإفراج عن الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى لن تجدي نفعاً، وعلى قادة "إسرائيل" أن يفهموا محتوى الرسائل المسربة من السجون إلى القيادات والشعب، التي يقولون فيها إنهم يرفضون دفع ثمن حريتهم من الثوابت الوطنية . الأسرى ضحوا بحرياتهم الشخصية من اللحظة التي التحقوا فيها بالنضال ضد الاحتلال، ضحوا بحرية فردية من اجل حرية الشعب والوطن، فهل يشترون حريتهم بالتنازل عن حرية الوطن والاهداف التي ناضل لأجلها الشهداء، ودخلوا هم السجون لأجلها؟ هم يطالبون القيادة الفلسطينية بعدم الرضوخ، والقيادة بالتالي مطالبة بأن تراهن على الشعب الفلسطيني وهؤلاء الأبطال خلف القضبان، وليس على أمريكا ومفاوضاتها البائسة .
أفق آخر فاوِضْ ثُمّ فاوِضْ
خيري منصور عن الخليج الإماراتية
هناك مراحل في التاريخ تتحول فيها الوسائل إلى غايات، وينقلب فيها هَرَمُ المنطقة فيصبح مُتأرجحاً على رأسه، نجد ذلك في أحزاب أيديولوجية يُحجر فيها التفكير وتُحشر فيها العقول داخل قوالب من الجبس، بحيث يصبح الشعار السائد هو نَفذْ ثم نَفذْ، أما المناقشة فهي من المحظورات لأن هناك من ينوب عن الجميع في كل شيء باستثناء الموت .
والمفاوضات التي حُدد لها زمن ذو مغزى حتى لو كان ذلك بالمصادفة هو تسعة شهور أي مدة الحمل كي يأتي المخاض وتكون الولادة غير قيصرية . طرأ عليها أول تعديل بحيث يكون المولود "سُباعّياً" أي ابن سبعة شهور، ثم طرأ تعديل ثالث لتمتد عاماً آخر، وإذا استمرت الحال على ما هي عليه من المراوحة والإخضاع لشروط استباقية منها: الاعتراف العربي بيهودية الدولة العبرية فإن هذه المفاوضات ستصبح أشبه بقصيدة شهيرة لليوناني كفافي، وهي "الطريق إلى إيثاكا" فكلما أمتد الطريق كان الوعد بالوصول أجمل، حتى لو انتهى الأمر إلى الإقامة الأبدية في الطريق .
المطلوب الآن من الفلسطيني أن يفاوض ثم يفاوض إلى أجل غير مسمى، لأن هذا هو أفضل أسلوب لكسب الوقت والحصول عليه بالمجان لكي يواصل الاستيطان تمدده السرطاني ليقضم ما تبقى من الأرض وما عليها .
إن أية مفاوضات يسبقها شرط تعجيزي هي ضَرْب من العبث، ولا يليق بها إلا مسرح اللامعقول على طريقة صاموئيل بيكت في مسرحية "الذي يأتي ولا يأتي" . وكأن من يظهر على المسرح بعد رفع الستارة يقول جملة واحدة فقط هي أعتذر عن المجيء .
ذُرْوَة العبث في هذا المسرح السياسي العبثي هي مطالبة المتفرجين بالبقاء في مقاعدهم، وعليهم أن يأكلوا ويشربوا ويمارسوا حاجاتهم في مقاعدهم، ما دامت المسرحية بلا نهاية، والقادم الموعود لا يأتي على الإطلاق .
منذ أوسلو وضواحيه وهوامشه ومُلحقاته والمسرحية تتوالى فصولها، وخشبة المسرح خالية، لأن كل ما يحدث يبقى وراء الكواليس .
وقد لعب أكثر من وزير خارجية أمريكي ودبلوماسي أوروبي دور الملقن في هذه الدراما، وحين يتحدث بالعربية قد يجد من يسمعه ويرد عليه، لكنه ما أن يحاول ذلك بالعبرية حتى يعود صوته إليه، مجرد صدى .
لم يكن الفلسطيني لأكثر من ستة عقود يُقاوم لِيقاوِم فقط، وكان له هدف واحد هو الاستقلال والحرية، لكنه الآن مطالب بأن يُفاوض ليفاوض ولا شيء آخر، وحصيلة هذه المراوحة هي توسع الاستيطان وتكريس الاحتلال، إضافة إلى ما تُلحقه المراوحة من إرهاق وطني وعاطفي لشعب يرفض تحويل الانتظار إلى مهنة بحيث تمر القطارات كلها تباعاً وهو جالس في محطة .
حنين زعبي: حين يُرجع الفلسطيني إسرائيلياً من حيث أتى
سليم البيك عن القدس العربي
الكثير من الفلسطينيين ينفضون اليوم أيديهم من التنظيمات الفلسطينية، اليوم في المرحلة العربية ما بعد الثورات، حيث انكشفت حقائق الشعارات التي كان يطرحها اليسار الفلسطيني تحديداً، حقائق أنها لا تعدو كونها كلمات مطبوعة على بيانات لم يعرفها هذا اليسار إلا كذلك، أما باقي التنظيمات فسمحت لها فرصة ممارسة السلطة أن تظهر بأبشع ما يمكن لها أن تظهر به. أحكي هنا عن التنظيمات الفلسطينية في كامل الوطن وفي المخيمات خارجه.
من بين هؤلاء تواجد ‘التجمع الوطني الديمقراطي’ بخطاب وطني وقومي، ويساري بالمعنى المنقطع عن اليسار الكلاسيكي الستاليني الذي مثله ‘الحزب الشيوعي الإسرائيلي’ المقرب تاريخياً من إسرائيل ومن السلطة الفلسطينية، والآن من النظام السوري، وهو أشنع ما يمكن أن يتمرّغ به حزب (لا أقول فلسطيني كونه يعرّف نفسه كإسرائيلي) يحوي فلسطينيين.
هذا طرح سريع أصل منه لحنين زعبي النائب في الكنيست عن حزب ‘التجمع′ الذي أسسه عزمي بشارة كبديل يحمل فلسطينيي الـ 48 إلى مشروع وطني وقومي وديمقراطي، وهو، فلسطينياً، التنظيم الوحيد حتى يومنا المنسجم مع شعاراته (الشيوعي الإسرائيلي منسجم مع شعاراته السوفياتية – السابقة والإسرائيلية بشكل أو بآخر) والمنسجم لا مع تطلّعات الحرية والتحرير والديمقراطية للشباب الفلسطيني فحسب، بل مع تطلعات مجمل الشباب العربي لذلك، من تونس إلى مصر إلى سوريا.
حنين زعبي القيادية في ‘التجمع′ كانت ضيفة حلقة ‘حوار الليلة’ على قناة ‘سكاي نيوز′ بمناسبة ‘يوم الأرض’، بمواجهةً دبلوماسية مع الاسرائيلي مائير كوهين.
حنين العارفة جيداً كيف تدافع عن الحق الفلسطيني أمام صهاينة الكنيست والنائب العربي الأكثر إزعاجاً، ما عرّضها لأكثر من اعتداء جسدي ولفظي، عرفت كيف تُخرج كوهين من الحلقة كما سيخرج يوماً من أرضها.
في رد أول عليه قالت: ‘نحن فلسطينيون ولسنا عرب إسرائيل. نحن عرب وفلسطينيون قبلك وقبل ما تيجي على بلادنا كمان.. أنا جزء من الشعب الفلسطيني، وإذا بدكاش تحترم هويتي اترك الاستوديو الآن’.
بعد بهدلة مطوّلة تتقلّب بين السخرية والغضب ومبنية على حقائق، حاول مقدّم الحلقة أن يقوم بما ظنّه تلطيفاً للأجواء مع كثير من السذاجة قائلاً: ‘السيد مائير يُعتبر من المعتدلين سيدة حنين’.
‘لا لا لا لا أنت تعتبره معتدلاً، هو صهيوني ومع الدولة العبرية، وإذا كان يعرّفني بعرب إسرائيل فلا يمكن أن تناديه بالمعتدل’.
ثمّ تعيد حنين تفسير مفهوم ‘عرب إسرائيل’ من ناحية أكثر جذرية والتصاقاً بواقع المجتمع الفلسطيني في الداخل قائلة: ‘صحيح، أنت تمثل عرب إسرائيل وأنا أمثل الفلسطيني صاحب الكبرياء والكرامة.. أنت تمثل المشروع الصهيوني وأنا أمثل شعبي صاحب هذا الوطن’.
لم يكن الغضب والسخرية في ردود حنين ليغطي الأرقام والأسماء والحقائق والأسئلة التي طرحتها أمام كوهين الهارب منها جميعها إلى أن هوّنت هي عليه الأمر بادية عدم ممانعتها من مغادرته البرنامج.
في محاولة أخيرة منه للإفلات حاملاً الموضوع إلى الخارج العربي قال: ‘عرب إسرائيل يعيشون في حال أفضل بالنظر إلى ما يحصل في سوريا’.
لتردّ حنين المتعوّدة كما يبدو على أساليب المراوغة الخبيثة لإسرائيليين: ‘هو يريد أن يقارن إسرائيل بالعالم العربي وسوريا، أي بالدول الديكتاتورية، لم تعد إسرائيل تقارن نفسها بالدول الديمقراطية، إذن الاستنتاج: لم تعد إسرائيل ديمقراطية بما أنها تقارن نفسها بدول تذبح شعوبها’.
تنهي حنين الجدال: بالفلسطينية العامية، ‘أنا فلسطينية غصباً عنك وهذا وطني غصباً عنك وإذا لم يعجبك ذلك ارجع من حيث أتيت’.
بعد ثوان يترك كوهين البرنامج، إلى أن يرجع فعلاً هو وباقي الصهاينة من حيث أتوا.
الصراع الدولي والموقف المطلوب عربياً
د . يوسف مكي عن الخليج الإماراتية
بات واضحاً في السنتين المنصرمتين، أن عالمنا أصبح بالفعل متعدد الأقطاب، ولم تعد قيادته حكراً على الولايات المتحدة الأمريكية بمفردها . والواقع أن ما حدث في كوكبنا، على الصعيد السياسي، منذ سقوط حائط برلين في نهاية الثمانينات من القرن العشرين، واستمر حتى ما قبل أعوام قليلة، هو استثناء في التاريخ الإنساني، حيث النظام الدولي، يحكمه صراع الإرادات وتوازن القوى، وتتشابك فيه كما تفترق المصالح .
وهكذا يتوازن العالم، ويعود إلى النمط الطبيعي الذي حكم التاريخ الإنساني، منذ أعرق الحضارات، ولتنتهي حالة النشوز والانفصام، التي لحسن حظ البشرية، لم تتعد العقدين من الزمن، من تاريخ طويل تعدى آلاف السنين، منذ عرفت البشرية الاجتماع الإنساني، وأشادت المدن والحضارات والإمبراطوريات .
الآن وقد أصبحت التعددية القطبية، أمراً واقعاً، لا جدال حوله، يطرح السؤال، ما الذي ينبغي على العرب، فعله تجاه هذه التطورات، والتي ستكشف الأيام المقبلة أنها أكثر عمقاً مما ظهر على السطح، ويترجم ذلك السعي الأمريكي المحموم، للانسحاب من المنطقة المعروفة بالشرق الأوسط، بما في ذلك الانسحاب من أفغانستان، والتسليم لسياسات روسيا بالأزمة السورية، والحديث عن "جنيف-3"، لإيجاد مخرج سلمي للأزمة، مخرج يعيد أمجاد روسيا القيصرية، والاتحاد السوفييتي، في مياه الأبيض المتوسط، والبحر الأسود ومضيق الدردنيل، حيث تمخر الأساطيل والبوارج الروسية .
يحتفظ الصراع الدولي الراهن، من صراعات الحرب الباردة بخاصيتين: صراع بين شرق وغرب، وصراع بين شمال وجنوب . فمنظومة "البريكس"، التي تمثل الكتلة الاقتصادية المتحدة، في مواجهة الاقتصادات الأمريكية والأوروبية، هي روسيا والصين والهند، والثلاث دول تنتمي إلى الشرق في موقعها وفي ثقافاتها وانتماءاتها . الدولتان المتبقيتان، إحداهما هي جنوب إفريقيا، بمعنى وقوعها في جنوب القارة السمراء، والأخرى، البرازيل وتقع في أمريكا الجنوبية .
الصراع الدولي أثناء الحرب الباردة حمل شكلين: شكل صراع عقائدي بين الشيوعية والرأسمالية، وشكل صراع بين الأغنياء والفقراء . لقد ساد تقسيمان: تقسيم عقائدي يشق العالم أفقياً بين شرق وغرب، وتقسيم رأسي، يشق العالم، من الشمال حيث الأغنياء، إلى الجنوب حيث الفقراء . والتقسيم هذا لا يعني عدم وجود استثناءات، ولكنه يعنى هنا التمركز . بمعنى أين يتمركز الأغنياء، وأين يتمركز الفقراء .
وأي صراع في العالم، بحاجة إلى مؤسسات تعبر عنه، وجدت لدينا مسميات مختلفة، تعبر عن مكنون التقسيم . فالشرق والغرب يتصارعان عقائدياً واقتصادياً وعسكرياً، وفي نطاق كل صراع هناك مؤسسات تعبر عن مصالح كل فريق، لكنهما يلتقيان عند تعبير الدول الصناعية، التي تمثل قاسماً مشتركاً بينهما .
في الجنوب، افتراق حاد عن الشمال، جعل منه عالماً ثالثاً، يضم الجزء الأكبر من سكان القارات الثلاث، آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، التي تحظى بلقب تعويضي، يجعل منها" دولاً نامية"، بينما هي في واقعها غارقة في ظلام الفقر والبؤس . ورغم ما تحمله تعابير الاستقلال والسيادة، لدول العالم الثالث، لكنها جميعاً، ومن غير استثناء، انقسمت في ولائها وتبعيتها، لواحدة من الكتلتين المتنازعتين أفقياً .
الصراع الجديد، مختلف جوهرياً عن الصراع السابق . فرغم أن له صبغة ثقافية، يتخندق بعضه بسحر الشرق، ويتخندق الآخر بالإرث المسيحي، لكنه يخلو من الصبغة العقائدية . فحتى الشيوعية الصينية، لم تعد بالوجه الذي ساد أثناء حكم ماوتسي تونغ، فليست هناك دوغما، بل براغماتية مذهلة، جعلت من الصين تنيناً عاتياً، شق طريقه بقوة ليس لها نظير في التاريخ، في عالم الصناعة والمال . أما روسيا، فتخلت طواعية عن عقيدتها الماركسية، في تحول درامي مثير، أفقدها هيبتها وأحالها إلى دولة ضعيفة في قوتها الاقتصادية، إلى أن نهض بها قيصرها الجديد فلاديمير بوتين، في ظروف تحولات دولية صار مؤكداً، أنها تسير ولمصلحته .
والنتيجة أن التنافس هو بين رأسماليين، وليس كما السابق، بين شيوعيين ورأسماليين . ذلك يعنى أن التحالفات العربية، سواء كانت مع الشرق أو الغرب، هي مع أنظمة سياسية من نمط اقتصادي وسياسي واحد، والتنافس الاقتصادي بينهما على الأسواق العالمية، أمر مشروع . والجانب الإيجابي فيه، أنه يتيح لنا الاختيار، بين أقطاب متماثلة، في أنماط حكمها واقتصاداتها وسياساتها .
كان الاختيار سهلاً أثناء الحرب الباردة، لأن له امتداداته الأيديولويجية والسياسية والاقتصادية . فمن أراد تطبيق الاشتراكية، سينتهج سياسة مؤيدة للسوفييت، وسيكون لذلك تأثيره في الاستراتيجيات العسكرية، ونوع التسليح . والحال هذه صحيحة على الدول التي تنتهج الطريق الرأسمالي . الاختيار سهل، ولكن النتائج خطرة، شقت الوطن العربي إلى معسكرين: معسكر مؤيد للشرق وآخر، مؤيد للغرب، ودخلنا في مواجهات وصراعات، أبعدتنا عن مواقع أقدامنا، وخسرنا الكثير من تلك الصراعات ليس أقلها هزيمتنا في حرب يونيو ،1967 التي أبعدتنا عن تحرير فلسطين، وتحقيق التكامل بين العرب، بمسافات فلكية .
لحسن طالعنا في هذه الحقبة، أننا لسنا مضطرين للدخول في صراعات بسبب تخندقنا مع الشرق والغرب، فجميعهم ينهلون من إنجيل آدم سميث المعروف بثروة الشعوب . وليس من مصلحتنا أن ننساق مع صراع المصالح الذي يحكم العلاقات فيما بينهم . فتنافسهم سيكون علينا، وليس لنا .
المنطقي أن تكون لنا علاقات متكافئة، مع أقطاب الصراع الدولي، من غير تمييز، إلا ما يخدم مصالح وتنمية بلداننا ويحقق الخير والأمن لنا . وكلما تعددت وتنوعت هذه العلاقات، توسعت دائرة الاختيار، وأصبحنا أحراراً، غير مقيدين بالخضوع لإملاءات هذا الفريق أو ذاك .
واقع الحال، أن الانقسام بين البلدان العربية، في علاقاتها مع الغرب أو الشرق، هو رحمة لنا جميعاً، إذ إن الخطورة تكمن في وضع البيض كله في سلة واحدة . وسيكون مجدياً أن يكون ذلك جزءاً من استراتيجية عربية موحدة، إن أمكن ذلك، وليس اختياراً محسوباً على أساس المصالح الفئوية والقطرية . وسيبقى علينا متابعة ما يجري بالتأصيل والتحليل بعد جلاء الغبار، عن بعض ما يجري من تفاعلات وتحولات في الصراعات المفصلية الدائرة الآن، وبشكل خاص بين الأمريكان والروس .
الدولة العبرية... والثورات العربية
مصطفى الفقي (http://alhayat.com/Opinion/Writers.aspx)عن الحياة اللندنية
غطت أحداث كثيرة كما تدفقت مياه هادرة وأنواء عاصفة في المنطقة العربية خلال السنوات القليلة الماضية وكان أبرزها تلك الحركات الاحتجاجية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية وغيرها، وهي كلها أحداث ملأت الدنيا وشغلت الناس، فحاولت إسرائيل على الجانب الآخر اقتناص الفرصة لتأكيد أمنها وإضعاف خصومها وشد انتباه المنطقة تجاه الملف النووي الإيراني وهي تكاد تفرك يديها في سعادة إذ ترى الجيش العراقي خارج المعادلة بينما انخرط الجيش السوري في المواجهة الدموية مع الثوار وانصرف الجيش المصري إلى الشأن الداخلي ومعارك سيناء، وبذلك شعرت الدولة العبرية - ربما لأكثر فترة في حياتها - بأن المخاطر حولها تتراجع وأن قدرتها على توجيه الأمور وتحريك الأحداث باتت أفضل من أي وقت مضى، حتى جاءت تصريحات زعمائها معبّرة عن ذلك بصراحة ومن دون التواء، خصوصاً بعد أن وفَّر لها حكم «الإخوان» في مصر وثيقةً تصادر الكفاح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، فبدأت دولة إسرائيل تفكر فقط في عدو على حدودها هو «حزب الله» وخصم بعيد عنها تواجه من خلال الولايات المتحدة الأميركية وأعني به جمهورية إيران الإسلامية بأجندتها في المنطقة، ويجب أن ندرك هنا أن إسرائيل تعي جيداً أنها لن تتعرض لضغوطٍ من واشنطن مهما كانت الظروف، ولقد استمعت أخيراً الى محاضرة لوزير خارجية أسبانيا الأسبق ومبعوث السلام في الشرق الأوسط من قبل السيد موراتينوس الذي ذكر أمام الحضور في الجامعة البريطانية في مصر أن «من الوهم أن يتصور البعض أن هناك احتمالات ضغطٍ أميركية في المستقبل على إسرائيل»، لذلك فقد أصبح من المتعين علينا جميعاً أن ندرك الحقائق المجردة إذ أن كل ما كان خافياً أصبح مكشوفاً وما كنا نتصور أنه وهم لدينا اتضح لنا أنه صحيح، ولعلي أبسط تفصيلاً هذا التصور الذي يشرح ما أريد الوصول إليه من خلال المحاور الثلاثة الآتية:
أولاً: قدمت أحداث «الربيع العربي» - عن غير قصد - خدماتٍ جليلة للدولة العبرية فقد أصبحت ترقب الأحداث عن كثب بعد أن رأت ثلاثة جيوش عربية قد انصرفت إلى اهتمامات أخرى منذ خرج الجيش العراقي من المعادلة وانخرط الجيش السوري في مواجهة الثوار بينما استغرقت أحداث مصر جيشها الكبير سواء في سيناء أو في الداخل، وهو ما يعني أن إسرائيل تبدو وكأنها الرابح الأول من مسار الأحداث في الشرق الأوسط والمشهد السياسي العربي عموماً، وقد قال نتانياهو يوم سقوط حكم «الإخوان» في مصر أنها كانت أهدأ سنة بالنسبة لإسرائيل منذ قيام الدولة العبرية! ويكفي أن جماعة «الإخوان المسلمين» قد خلطت بين الكفاح المسلح والأعمال العدائية فوقعت مصر على اتفاقٍ في عهد الرئيس السابق محمد مرسي بأن تكفّ حركة «حماس» عن القيام بأعمال عدائية ضد إسرائيل، ولذلك توارت أحداث الصراع العربي - الإسرائيلي لتأتي تاليةً لأحداث الصراع المحلي في دول «الربيع العربي» والأخبار الدامية التي تتوالى يومياً من بعض العواصم العربية. لقد أصبحنا محاطين بحالة من الفوضى الإقليمية التي نتمنى أن تكون «فوضى خلاقة» كما قالت كوندوليزا رايس الوزيرة الأسبق للخارجية الأميركية، ولديّ يقين أن إسرائيل تقف وراء بعض ما يجري في سورية وأيضاً عملية التحفيز لبناء «سد النهضة» الإثيوبي، فضلاً عن تركيز على العلاقات الأميركية - الإيرانية وموقع إسرائيل فيها، إذ أنها تحاول استثمار كل أحداث المنطقة لصالحها وستجعل الاضطرابات في بعض الدول العربية المجاورة ذريعة لسياسات أكثر عدوانية بدعوى القلق من التطورات الداخلية في دول الجوار العربي خصوصاً مصر، مع استغلال الفرصة للمضي في تهويد المسجد الأقصى وهي أكبر جريمة في حق العالمين العربي والإسلامي.
ثانياً: حاولت إسرائيل في السنوات الماضية أن تسرق اعترافاً دولياً وإقليمياً بمسمّى الدولة اليهودية ولكن الأمر لم يكن سهلاً ولن يكون إلا إذا قامت الدولة الفلسطينية المستقلة في إطار حل الدولتين، ولقد استثمرت إسرائيل ثورات «الربيع العربي» في ظل مفاوضات غير متكافئة تحت رعاية وزير الخارجية الأميركي جون كيري لأن الإسرائيليين يحاولون أن يحققوا في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم العربي خصوصاً دول ما يسمّى «الربيع العربي» ما لم يحققوه في الظروف الطبيعية. إن إسرائيل راصدٌ لئيم تسعى في خبث إلى استبعاد كل عوامل القوى العربية للتركيز على عاملٍ واحد هو عامل الظروف التي جدّت على الساحة العربية على النحو الذي شهدناه في السنوات الأخيرة، كما تحاول إسرائيل - الاستيطانية العدوانية - أن تدس أنفها في شؤون دول الجوار من خلال موضوعات ذات حساسية كبيرة بالنسبة اليها، ويكفي أن نتذكر محاولتها طرح وساطة إسرائيلية بين مصر وإثيوبيا في موضوع «سد النهضة» فهي تريد أن يكون لها موقع ما في ملف مياه النيل لأن ذلك حلم إسرائيلي قديم لن تتراجع عنه أبداً، كما أنها تريد أن تربط بين مشكلة إفريقية في جانب وبين الصراع العربي - الإسرائيلي في جانب آخر، وكأنما تسعى لإيجاد مقايضة غير عادلة مع مصر أكبر دولة عربية في ظل ظروفها غير الطبيعية. إننا نتحدث دائماً عن خلافات عربية - عربية وأخطار إقليمية وننسى التناقض الأساس بين العرب وإسرائيل باعتبارها كياناً غريباً لا يستطيع الاندماج في المنطقة فهي لا تسعى إلى التعايش المشترك ولكن تسعى إلى تثبيت الأوضاع بمنطق القوة.
ثالثاً: يتساءل الكثيرون عن حقيقة الموقف الإسرائيلي من الثورة السورية وهل تقف إلى جانب نظام الحكم أم إلى جانب القوى الأخرى من أطراف الأزمة، والإجابة عن هذا التساؤل ليست سهلة خصوصاً في الوقت الحالي بعد أن تعقدت الأوضاع في ذلك البلد العربي الشديد الأهمية في الصراع العربي - الإسرائيلي والذي يعبّر عن دولة محورية في الحرب وفي السلام مع إسرائيل لذلك فإنني، ومن خلال استقراء ملف الأزمة السورية، أستطيع أن أقول أن الدولة العبرية بمؤسساتها السياسية التي برعت في توزيع الأدوار تبدو حتى الآن منقسمة على نفسها تجاه الوضع في سورية، فاللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية لا يزال في معظمه غير راغبٍ في الإطاحة بنظام الأسد ويرى فيه عنصر توازن للعلاقات السورية - الإسرائيلية على امتداد العقود الأخيرة فضلاً عن أن البديل غير مضمون، فقد تسقط سورية في يد جماعات لا تنتمي الى التيار القومي بل تنتمي الى اتجاهات دينية متطرفة تمارس العنف إلى حد الإرهاب، ولذلك فإن وجهة النظر هذه التي يتبناها اليهود الأميركيون مردود عليها دائماً بمحاولة التخويف الناجم عن العلاقة الوثيقة بين نظامي دمشق وطهران ومعهما بالطبع «حزب الله» بما يمثله من خطر داهم من وجهة النظر الإسرائيلية، وقديماً قالوا (الشيطان الذي تعرفه خير من الملاك الذي لا تعرفه). وإذا انتقلنا إلى صانع القرار الإسرائيلي فسنجد أن نتانياهو وحكومته والمعارضة الإسرائيلية أيضاً لم يستقروا جميعاً على موقف قاطع تجاه مستقبل الدولة السورية وهل هم يرحبون بتفتيت تلك الدولة العريقة المقسمة أصلاً من نسيج «الشام الكبير» وكأنهم يتطلعون إلى «تقسيم المقسم» وتجزئة المجزأ، أم أنهم يخشون المستقبل باحتمالاته المفتوحة؟ وما زالت الأزمة تزداد تعقيداً وتتداخل فيها أطراف عديدة ويتشابك فيها النضال الوطني مع التيارات الإرهابية في الوقت ذاته، والرابح الأول هو الدولة الإسرائيلية، لذلك فإنني أقول هنا إن على العرب أن يتنبهوا الى أن هذه المرحلة التي نمر بها هي واحدة من أصعب المراحل في التاريخ العربي الحديث وأن «الربيع» قد انتهى وأصبحنا نتوقع مزيداً من العواصف الشديدة والرياح العاتية والغيوم التي تمطر ذات يوم قد لا يبدو بعيداً!
لا يمكن أن ننتخب رئيسا لأننا نتوسم فيه خيرا ولا يصح أن ينتخب رئيس ‘على بياض’
حسنين كروم عن القدس العربي
صدرت صحف أمس الاثنين 7 ابريل/نيسان وأبرز موضوعاتها متابعة المأساة التي حدثت في أسوان من قتال بين أبناء النوبة من الدابودية وبني هلال، وأدت إلى مقتل ثلاثة وعشرين من الطرفين، ورغم توجه رئيس الوزراء ووزير الداخلية إلى أسوان والاجتماع مع رؤساء القبائل والاتفاق على تشكيل لجنة تقصي حقائق ووقف أعمال العنف، فقد تجددت الاشتباكات وقتل اثنان وتطايرت الاتهامات من كل طرف إلى الثاني. فالنوبيون اتهموا بني هلال بأنهم تجار مخدرات وسلاح ويوردون البلطجية إلى المظاهرات. وبنو هلال يتهمون النوبيين بذبح ستة عشر من أبنائهم في منازلهم وأن الأمن يعرف كل شيء عنهم، والأمن اكد أنه سيطر على الأوضاع وألقى القبض على عدد من المشتبه في ارتكابهم أعمال العنف.
وفي الحقيقة لا يمكن التأكد من صحة أي ادعاءات ما دامت النيابة العامة لم تحقق وتصدر قراراتها وتحيل إلى محاكم وتصدر عنها الأحكام النهائية.
وأمس توقفت جريدتا الاهرام و’الوطن’ عن تبادل الاتهامات في ما بينهما بعد أن وصلت الى ذروتها يوم الأحد بقول ‘الوطن’ عن رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام زميلنا الدكتور أحمد السيد النجار:
‘أكد مصدر مسؤول بمطابع الأهرام بالسادس من أكتوبر لـ’الوطن’ أن اتصالات هاتفية تجري مع النجار يوميا بالمطابع تتضمن امرا بعدم طبع الوطن حتى ساعة متأخرة من الليل، رغم استعداد ماكينات الطباعة للعمل في الوقت المحدد. وقال المصدر ان اخر اتصال تم إجراؤه مساء الخميس الماضي تضمن تعليمات رسمية بالقضاء على ‘الوطن’ في السوق تماما قبل نهاية شهر إبريل/نيسان. وحررت ‘الوطن’ أربعة محاضر متتالية ضد الاهرام في قسم الشرطة ثان بالسادس من أكتوبر وتعتزم ‘الوطن’ رفع دعوى قضائية ضد الاهرام لمطالبتها بالتعويض عن الأضرار الأدبية والمالية التي لحقت بها جراء هذا التعسف وتمادي رئيس مجلس إدارة الاهرام في ابتزازه لـ’الوطن’ بحجز مستحقاتها المالية في مكتبه، ورفض توقيع شيك بالمتأخرات التي وصلت إلى ستين يوما، وهي مبالغ ضخمة قامت الاهرام بتحصيلها من بائعي الصحف من حصيلة بيع نسخ ‘الوطن’، وترفض تسديدها لها للضغط عليها ماليا لأهداف سياسية وشخصية سوف تكشف عنها ‘الوطن’ بالوقائع لاحقا.
وفي اليوم نفسه الأحد قالت الاهرام: ‘كانت مؤسسة الأهرام قد ترفعت عن الإشارة إلى كل ما تفعله الوطن، الذي يأتي في أعقاب سعي الأهرام للحصول على حقوقها لدى الأستاذ عماد الدين أديب احد المساهمين في جريدة ‘الوطن’ والمدين لمؤسسة الأهرام بأكثر من ستة عشر مليون جنيه، الذي تفاوضت معه الاهرام طويلا لرد تلك الحقوق، لكنه لم يفعل سوى المراوغة وعدم الوفاء بأي وعود، وعدم تنفيذ أي اتفاقات شفوية أو مكتوبة، مما دفع الاهرام لمقاضاته وأخذت عليه حكما بالسجن، سنسعى بالتأكيد لتنفيذه إذا لم تعد حقوق الأهرام وللجريدة خاصة، فـ’الأهرام’ ماضية في مسارها للمزيد من التقدم والتطور كأكبر صحيفة مصرية وعربية تعبر عن ضمير الوطن وعن رحابة التنوع الفكري والثقافي فيه ولن نلتفت لأي مهاترات وهذه كلمة أولى وأخيرة في هذا الموضوع .
ونشرت الصحف عن استمرار محكمة الجنايات في نظر القضية المتهم فيها كل من رئيس الوزراء في عهد مبارك، عاطف عبيد ووزير الزراعة يوسف والي في التورط في بيع أرض جزيرة البياضية في أسوان، وهي محمية طبيعية لرجل الأعمال وصديق مبارك حسين سالم. ونجاح رئيس الجمهورية عدلي منصور في حل قضية أرض ومباني جامعتي النيل وزويل بالاتفاق بينهما. وواصلت الصحف الحديث عن استمرار انقطاع الكهرباء وحملات التوقيع على التوكيلات للسيسي وحمدين وإعلان مرتضى منصور المحامي ورئيس نادي الزمالك الترشح للرئاسة.
والى قليل من كثير لدينا…
تحذير السيسي من عمرو موسى
وفي يوم الخميس قام زميلنا وصديقنا في ‘الوطن’ أحمد الخطيب بتحذير السيسي من عمرو موسى الذي يشرف على حملته الانتخابية بقوله عنه: ‘الشعب قام بواجبه في مساندة السيسي منذ حكم الإخوان لوضع دستور 2012 عندما كان موسى في حضن الجماعة من خلال الجمعية الاخوانية للدستور، التي انسحب منها عمرو مع أحمد ماهر مؤسس 6 إبريل متأخرا، بعد أن تأكد الاثنان من فشلها، وذرا للرماد فقد كان المرشح الرئاسي الخاسر يردد وقتها كثيرا مقولة انه مع استمرار مرسي حتى انتهاء فترة ولايته 4 سنوات، وبعدها التقى مع عصام العريان مصادفة ذات مرة ووجه له القيادي الإخواني رسائل مهينة رصدتها وسائل الإعلام آنذاك بالصوت والصورة لم ينفعل عمرو أو حتى يرد الاهانة في حقه، وقبل 30 يونيو/حزيران بأيام، وبينما الشارع منشغل بالاستعداد للإطاحة بالإخوان كان موسى وشبيهه أيمن نور الذي كان ضمن حملته الانتخابية يجلسان مع قائد الجماعة خيرت الشاطر في جلسة سرية سربها نور والإخوان ليفضحا المرشح الرئاسي السابق والساذج ويكشفا تلون الرجل.
قامت ثورة 30 يونيو وركبها عمرو موسى كما ركب يناير، ثم بدأ رحلة البحث عن منصب وتوجها برئاسة الجمعية التأسيسية للدستور’.
الدستور الحالي وضع رقبة الرئيس تحت رحمة البرلمان
والتحذير والهجوم على عمرو موسى أطلقه ايضا يوم السبت زميلنا في ‘أخبار اليوم’ محمد عمر بقوله: ‘من تدابير القدر أو سخريته أن يختار المشير السيسي ضمن حملته الانتخابية ليكون رئيسا أربع شخصيات، كانت وراء أن يكون هذا الرئيس ‘اللي هم ضمن حملته بلا أي صلاحيات أو بالبلدي وجوده زي عدمه’، فالسادة أعضاء لجنة الخمسين لكتابة الدستور الذين استعان بهم السيسي في حملته، كانوا هم تحديدا من حولوا رئيس الجمهورية ولأول مرة في تاريخ البلد من حاكم فعلي إلى رجل بركة، ‘لا يهن ولا ينس′ بعد أن نزعوا منه وعنه كل الاختصاصات والصلاحيات، وجعلوه بفضل ذكائهم لا يستطيع أن يخطو خطوة أو أن يشيل حتى كرسيا من مكانه، إلا بعد ان يحصل على موافقة البرلمان. ومن المؤكد أن ده كان الدافع والسبب الحقيقي وراء أن تكون الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، فالدستور الحالي وضع رقبة الرئيس تحت رحمة البرلمان، بفضل أعضاء حملته الانتخابية’.
لا وقت للكلام والخطب
وإذا انتقلنا إلى جريدة ‘الفتح’ لسان حال جمعية الدعوة السلفية التي خرج من عباءتها حزب النور، سنجد أن صاحبنا علي حاتم اخذ يدعو السيسي من دون ذكر الاسم، ومشبها إياه بخالد الذكر، من دون ذكر الاسم أيضا بقوله وهو يخاطب أمه مصر: ‘أنت يا مصر في حاجة إلى زعيم يعيد ترتيب جسدك الذي ترهل فصار لا يعرف رأسه من وسطه ومن قاعه، زعيم قوي يميز الطبقة العليا في المجتمع ويحددها تحديدا دقيقا، يأمرها فتطيع من خلال برنامج تتحمل فيه هذه الطبقة مسؤولية المساعدة الجادة في سد احتياجات الطبقة الفقيرة، التي تزداد فقرا يوما بعد يوم، زعيم يميز الطبقة المتوسطة في المجتمع التي التصقت مع الأسف بقاعه، فصارت هي الأخرى لا تستطيع تدبير احتياجاتها الضرورية بعد أن كان بناء الأمة يقوم عليها كما يحدث في كل المجتمعات. فالطبقة المتوسطة عادة ما تكون طبقة التكنوقراط المتعلمين المثقفين الباحثين في كل العلوم…
آن الأوان يا مصر أن تنهضي فنحن نشم رائحة زعيم مقبل ينجح، إن شاء الله، في دفعك إلي الامام بعد أن يعيد ترتيب جسدك المترهل مستعينا بحول الله وقوته، يتقي الله في هذا البلد ويستقطب حوله أبناء مصر الصادقين، وما أكثرهم نحن نشم رائحة زعيم مقبل يعلم جيدا أن الناس ستعرفه من خلال نوعية المساعدين الذين سيلتفون حوله، يضع خطة تنفذ بصرامة وبدقة، يدفع من خلالها مصر إلى الأمام، زعيم ترتعد من قدومه فرائص المفسدين الذين آن الأوان للقضاء عليهم واستئصال فسادهم من جذوره وتجفيف منابعه.. زعيم يعرف جيدا أنه لا وقت للكلام والخطب فكفى ما مضى من كلام، ولو أن هناك في الدنيا آلة تستطيع أن تحدد أكثر البلاد كلاما في العالم لاحتلت مصر المرتبة الأولى بجدارة’ .
متى يعتذر مبارك للشعب المصري؟
أما الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك فقد تسبب في إشعال معركة أخرى بين السيسي وحمدين عندما نشرت له يوم الخميس جريدة ‘المصري اليوم’ حديثا أجراه معه زميلنا محمد سميكة، قال فيه عن حمدين انه مفيش فايدة منه وتعاون مع الإخوان، وقد شن عليه يوم السبت زميلنا وصديقنا في ‘المصري اليوم’ محمد أمين هجوما عنيفا قال فيه: ‘لم نكن في حاجة إلى نصيحة مبارك لنعرف إن المشير السيسي رجل المرحلة، لم يضف شيئا إلى السيسي، جائز خصم منه بتصور البعض كذبا، أن السيسي امتداد لمبارك. مفهوم بالطبع أنه كلام انتخابات لا يعني أن هناك شرائح معينة تدعم السيسي أنها محسوبة عليه أو أنه محسوب عليها، يمنعني الحياء أن أقول له نقطنا بسكاتك اسكت حتى تنتهي الانتخابات على خير، أسكت للأبد فقد أفسدت الماضي، فلا تضيع المستقبل. ليس غريبا على مبارك أن يقول ما قال، الرجل لم يقتنع ذات يوم بأهمية وجود آخرين إلى جواره، السياسة التي كان يعرفها ويفهمها هي أنه وحده لا شريك له، لا يدري أن الدنيا تغيرت، لا يدري أنه أعطى المبرر لحملة صباحي بالطعن في انتماءات المشير السياسية، لماذا لم يعتذر مبارك؟ ما دام الرجل يستطيع الكلام فلم لا يعتذر؟.. لماذا لم يوجه كلمة الى الشعب يعتذر فيها عن أخطاء الماضي وخطاياه؟ متى يقول لنا كيف سمح باللعب مع الإخوان؟ كيف وصلوا إلى البرلمان؟ كيف صنعوا إمبراطورية صناعية وتعليمية بالمليارات، بينما هم جماعة محظورة؟ لماذا قمع ومسح الأحزاب المدنية؟ لماذا ينكر حتى الآن أنه أفسد الحياة السياسية؟ إلى متى ينتظر؟ يعني ايه ما قاله مبارك للزميل الواعد محسن سميكة؟ يعني إيه مقولة ‘حمدين صباحي مفيش فايدة منه ومينفعش يبقي رئيس؟’ أستطيع أن أقول إن واحدا بعد مرسي يصلح للرئاسة لو كان صباحي في كفة ومرسي في كفة ترجح كفة صباحي. لا أدافع عنه ولا انحاز إليه، صباحي حصد خمسة ملايين في أول انتخابات بعد الثورة، خضع لاختبارات الترشح الآن لا مخبول ولا مجنون ولا مشروع ديكتاتور، ربما كان الظرف مختلفا ربما كانت المرحلة قد تجاوزت صباحي لكنه يبقي سياسيا محترما ليصنع معركة رائعة…
لا أظن ان حمدين صباحي يتمسح في الناصرية وعبد الناصر.. هو ناصري فعلا حتى النخاع كون الجماهير رأت في السيسي عبد الناصر نفسه فهذا لا يغير في الأمر شيئا، فلا السيسي سيقدم نموذج عبد الناصر بحذافيره ولا ابتعاد أبناء عبد الناصر عن صباحي سيجعله يخلع عباءة الناصرية’.
الكلمة الفصل في اختيار الرئيس ستكون للمواطن
وفي ‘الوطن’ يوم السبت أيضا تعرض مبارك إلى هجوم ثان من مستشارها الإعلامي الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة الدكتور محمود خليل بقوله: ‘حمدين صباحي ده مفيش فايدة منه هكذا قال مبارك عن المرشح المحتمل المنافس للمشير السيسي، لماذا لا توجد فائدة من حمدين صباحي، رغم أنه سبق وترشح وحصد ما يقرب من خمسة ملايين صوت ورغم أنه يمتلك برنامجا قد نتفق او نختلف معه، لكن يبقى أن من حقه أن يقدمه إلى الرأي العام المصري والاختيار بعد ذلك للشعب، فالكلمة الفصل لابد أن تكون للمواطن، إلا أننا أمام رئيس أسبق يرى أن شعبه غبي لا يفهم، جاهل لا يعلم، وان من الخير له أن يفرض عليه من يحكمه فرضا، لقد قال مبارك ‘انتو اللي اخترتوا الإخوان’ لكن هذا الشعب نفسه هو الذي أطاح بهم حين خرج في 30 يونيو/حزيران. كان من الممكن أن يفكر مبارك على هذا النحو، لكن كيف يفعل ونحن أمام رئيس يحتقر شعبه، ما الذي يدعو رئيسا أسبق إلى أن يعبر عن خوفه من ان يصاب بالجنون من حمدين صباحي المرشح المحتمل الوحيد للآن. الشهادة الذاتية بالاستبداد ورغبة دفينة لديه بإعادة مصر مرة ثانية إلى عصر جمهورية الاستبداد التي تأسست خلال فترة حكمه’.
في مصر من يحمل السلاح يفرض القانون!
وعن دلالة ما يحدث في أسوان من معارك بين قبيلتي بني هلال والدابودية يحدثنا رئيس تحرير ‘المصريون’ جمال سلطان يقول:’ما يحدث في أسوان على مدار الأيام الثلاثة الأخيرة خطير للغاية، صحيح أن عدد الضحايا مؤلم جدا وخطير في حد ذاته، ولكني أتصور أن دلالة الحدث أشد خطورة من نتائجه المعلنة حتى الآن، والأخبار التي ترد حتى كتابة هذه السطور تفيد بأن عدد القتلى زاد على خمسة أشخاص اليوم بعد تجدد الاشتباكات، وبعد الرحلة المباركة لرئيس مجلس الوزراء مصحوبا بوزير الداخلية، تفجرت الأحداث في اليوم التالي للزيارة، بمعنى ألا قيمة لمن ذهبوا، لا رئيس الوزراء ولا وزير الداخلية. والحقيقة أن أحداث أسوان ليست استثناء مما يحدث في مصر الآن، ربما حجم الضحايا لفت الانتباه بقوة لما يحدث هناك، ولكن هناك مناطق أخرى في عموم مصر، من الصعيد للدلتا تعرف مثل هذه الأحداث في الأشهر الماضية بصورة متكررة، وهناك واقعة حدثت على أطراف العاصمة ذاتها قبل أسابيع بين قريتين من قرى الجيزة واستخدمت فيها أسلحة ثقيلة، ولكن ألطاف الله حفظت البلاد من الدماء والقتل فمرت بسلام .
تعجل المتحدث باسم القوات المسلحة أمس واتهم الإخوان المسلمين بالتورط في تلك الأحداث، بدعوى أن مدرسا إخوانيا حرض الطرفين على بعضهما بعضا، وهذا ـ إن صح ـ يعني أن الحالة في البلد رخوة جدا أو ملتهبة وسريعة الاشتعال وأصبحت مؤهلة للاستجابة لأي صوت مهما كان تافها، لتقوم فيها الحروب الأهلية الطاحنة، هذا إن صح الاتهام، وهذا نذير شؤم على البلد، ويعني أن خطر الحروب الأهلية الصغيرة ليس بعيدا عنها، ولكن رئيس الوزراء بعد زيارته طلب تشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على أسباب ما جرى هناك وتحديد المتهمين، وهذا يعني أن إطلاق الاتهامات لهذا أو ذاك مبكرا كان خطأ وغير صحيح، وهناك اتهامات نشرت في بعض الصحف والمواقع تصل إلى حد الإسفاف والتدني، مثل اتهام المهندس خيرت الشاطر عضو مكتب ارشاد الإخوان المسجون منذ عدة أشهر بالتورط في أحداث أسوان، غير أن بعض الإشارات التي يمكن أن تفهم في بيان المتحدث العسكري، وما تسرب من أخبار أخرى أقل موثوقية من أن هناك خلفيات سياسية بشكل جزئي وراء الأحداث في أسوان، من شأنها أن تضفي أبعادا أكثر خطورة، إذ تردد أن الهلالية من المؤيدين لمرسي وأنصار الشرعية وأن الدابودية من المؤيدين للسيسي، فلو صح ذلك فإنه سيجرنا إلى تأمل سيناريوهات كابوسية يمكن أن تحدث في مصر خلال المرحلة المقبلة، على خلفية الانقسام السياسي بعد الإطاحة بمرسي، خاصة مع انتشار السلاح في أيدي العائلات والأفراد على نطاق واسع، أضف إلى ذلك تسريبات إعلامية وحقوقية عن انتماء قيادات أمنية وسياسية رفيعة إلى هذه العائلة أو تلك القبيلة، بما يعني أن جسم الدولة نفسه مخترق ومتورط في تلك المواجهات .
أيضا ما حدث ويحدث في أسوان يعطي انطباعا بأن الدولة المصرية في أضعف حالاتها، وأن أجهزتها ومؤسساتها أهون من أن تسيطر على أطراف البلاد وتمنع الاشتباكات المسلحة بين القبائل والعائلات، أو أن الدولة مستنزفة في صراعها السياسي مع أنصار مرسي، مما يجعلها غير قادرة على استيعاب هذا التهديد الاجتماعي الخطير، وهناك إجماع من الشهادات التي أدلى بها شهود عيان في الأحداث أن الدولة غائبة، والشرطة غير موجودة أو تتفرج على الأحداث من بعيد لبعيد، وأن محافظ أسوان استغاث بالقوات المسلحة التي أرسلت طائراتها تزمجر فوق المدينة وضواحيها قبل أن تختفي لتعود المعارك من جديد، ومن مساخر الأحداث أن المحافظ حاول أن يصل إلى موقع الأحداث لمقابلة الأطراف فيها فطرقع الرصاص فوق رأسه فعاد مذعورا إلى مكتبه .
عندما يعيش الوطن أجواء مشحونة بالعنف المفرط واسترخاص الدم، وحالة العدالة فيه ليست على ما يرام، والقانون يفرضه من يحمل السلاح وليس من يحمل الحق، فإنه من الطبيعي أن ينتشر العنف في أي لحظة وأي مكان لأهون الأسباب ولأي شرر مهما كان صغيرا أو تافها ، نسأل الله اللطف بمصر وشعبها’ .
اللهم ارحم مصر وشعب مصر مما قدرت وحكمت
اما زميله حسام فتحي فيتحدث لنا في العدد نفسه عن صفات الرئيس القادم الى مصر في مقال عنونه بـ ‘الحصان الاسود في الزمن الابيض’ يقول:’
كحصان اسود جامح.. قادم من عمق الغمام الاسود الكثيف.. بارق.. راعد مهيب.. كاشف.. مرعب لكل من يسترق النظر لعينيه الخضراوين الغامضتين.. رهيب لكل من يفكر في سطوته وحدة ألفاظه وصرامة تعبيراته شاق حاجز الزمن.. ممزق استار الغموض هاتك كل الحجب.. مبعثر كل الطواطم المتحجرة.. والتعاويذ البالية صارخ من قبل المجهول: ها أنذا يا شعب المحروسة ‘أهبط”إليكم مادا يدي.. ‘بيضاء’ بغير سوء.. لانتشلكم من غياهب الظلمات ودياجير الغموض الى المستقبل المشرق.. والغد الوضاح لنحلق معا فوق قمم الجبال الشامخة، محولا الصحراء سندسا اخضر يانعا، وداعيا الانهار عذوبا فراتا لا تجف او تنتهي او حتى يهدأ جريانها، وستعمل المصانع بطاقاتها القصوى ليلا ونهارا، وتفيض الارزاق انهارا.. انهارا..، وتختفي الامية، وأقضي على كل الحرامية، وأسترد حقوقكم ممن ظلمكم بذراعي وأنتم تعرفون باعي فوق كل باغي.. الحمد لله بعد اكتساحه لانتخابات القلعة البيضاء العتيدة، وفأله الحسن بفوز الفريق الذي كان بعيدا.. بعيدا، تقدم سيادة الرجل الجليل ذي الرأي السديد والتاريخ المديد واللسان غير ‘السليط’، والعفة المفرطة، والثبات على المبدأ لحكم ام الدنيا، وفي لحظة فارقة اعتقد انه سيكون ‘الحصان الاسود’ في الزمن ‘الابيض من الثلج’ الذي تعيشه المحروسة ويتمرمغ في ثلوجه الصهباء اهلها المحظوظون بوجود معاليه في عهدهم السعيد، او وجودهم في عهده الميمون لا فرق.. فلم يعد هناك فرق.. ولم يعد هناك من يعرف الفرق!
اتسعت حدقتا عيني وأنا أبحلق في شاشة ‘المرناة’ محاولاً سبر غور الرجل.. نعم هو جاء جاداً مقطباً جبينه عازماً على الترشح، ليس مازحاً ولا ممازحاً، ولم لا وهو على رأس القلعة البيضاء ينظر إلينا من فوق السحاب مرتئياً أنه طالما حكم القلعة فإن على المحروسة كلها أن تخضع لسطوته، وتخشى حدة لسانه وصرامة كلماته وقسوة عباراته.
اللهم ارحم مصر وشعب مصر مما قدرت وحكمت.
يا رب.. إذا كان شعب القلعة البيضاء يستحقون ما حاق بهم بأيديهم، فإنا نرجو عفوك وكرمك ومسامحتك لبقية أهل المحروسة.
اللهم لا تحقق فينا قول إخوتنا الشوام ‘هيك شعب بده هيك مرشح’.
واللهم احفظ مصر وأهلها من كل سوء’.
لا توجد ديمقراطية أو شبه ديمقراطية ينتخب فيها الرئيس بغير برنامج
وفي ‘الشروق’ عدد امس الاثنين وجدنا الكاتب فهمي هويدي في انتظار العريس او الرئيس:’اختلطت علينا الأمور في مصر بحيث صرنا بحاجة للتنبيه إلى الفرق بين انتخاب العريس وانتخاب الرئيس. ذلك ان العريس عادة ما ينتخب لفضائله الشخصية وربما أيضا لقدراته التي تمكنه من إدارة البيت وتحمل مسؤوليته. وإذا شاب القصور بعض تلك القدرات، المالية مثلا، فإن المثل الشائع في مصر ينحاز إلى قبوله، رغم ذلك، ترجيحا لسجل فضائله باعتبار أن ‘شراء الرجل’ في هذه الحالة قيمة لا تعوض، في حين كل ما عدا ذلك يمكن تعويضه في المستقبل. لأن إدارة الدولة غير إدارة البيت، فإنه يتعذر المساواة بين شراء الرجل وشراء القائد أو الرئيس. وإذا كان الأول يتم انتخابه لفضائله الشخصية، فإن ذلك لا يعد كافيا في الحالة الثانية. ولعلي لست بحاجة إلى تبيان الفرق بين مشروع الأسرة ومشروع الدولة، حيث لا وجه للمقارنة بين المواصفات المطلوبة لتنفيذ المشروعين. ولا سبيل للمقابلة بين طموح العريس رب الأسرة وطموح الرئيس الذي يقود الدولة. وحدود طموح الأول مفهومة، لكن طموح الثاني لا حدود لها، لكنها ينبغي أن تكون معلومة. وفي كل الأحوال فإننا لا نعرف رئيسا ينتخب استنادا إلى فضائله الشخصية وحدها. وإنما ينبغي له فضلا عن ذلك ان يقدم نفسه إلى المجتمع من خلال رؤيته أو انجازاته وخبرته، ولا يصح بأي معيار ان ينتخب رئيس ‘على بياض’. أعنى بلا رصيد من التاريخ يعزز كفته، أو إنجاز على الأرض يرفع من قدره وقامته، ولا رؤية تشي بهمته. بكلام آخر فإننا لا نستطيع أن ننتخب رئيسا لمجرد أننا نتوسم فيه خيرا، أو أن المصادفة التاريخية جعلتنا نحسن الظن به.
انني استحي أن أضرب المثل بمدربي فرق كرة القدم، الذين لا يسمح لواحد منهم ان يتبوأ تلك المكانة إلا بعد أن يثبت جدارته ويؤكد تاريخه على قدرته على الانجاز، ويطمئن ‘النادي’ الذي يلتحق به إلى أنه قادر على ان يحقق للفريق طموحاته التي يتطلع إليها. وما لم ينجز ما وعد به فإنه ينحى عن موقفه على الفور.
لا توجد ديمقراطية أو شبه ديمقراطية ينتخب فيها الرئيس بغير برنامج يوضح للناخبين بنود عقده المفترض معهم. ليس فقط لكي يعرفوا إلى أين هم ذاهبون تحت قيادته، ولكن أيضا لكي يتمكنوا من محاسبته على مدى وفائه بما تعهد به…
ما كان لي أن أذكِّر بما أحسبه أمرا بديهيا من المعلوم في السياسة بالضرورة، إلا حين ترددت في وسائل الإعلام مؤخرا مقولات استلهمت في ما يبدو مقولة ‘شراء الرجل’. وادعت ان المشير السيسي لا يحتاج إلى برنامج ليخوض به الانتخابات الرئاسية. وحجتهم في ذلك انه محل ثقة، والتفاف الناس حوله مؤكد ومضمون. وبنوا على ذلك ان تقدمه بشخصه كان يغني عن أي برنامج. وتلك دعوة خطرة. ليس فقط لأنها تحثنا على التوقيع له على بياض. وليس فقط لأن فضائله تحسب له وليس لنا. ولكن أيضا لأن الرجل رغم سجله الوظيفي المتميز، إلا أنه بلا تاريخ في السياسة أو في الحرب، لذلك يدهشنا ان يقترح علينا البعض ان نسلمه قيادة الوطن من دون ان يتوفر لنا معيار يمكننا من ان نسائله أو نحاسبه على ما فعل أو لم يفعل ــ هل هذا هو المجتمع المدني والديمقراطي الذي قامت لأجله الثورة ودفع ثمنه من دماء آلاف الشهداء؟!’.
قوى مدنية كثيرة الكلام قليلة الفعل
المصريون بعد ثلاث سنوات من الثورة، وبعد أن خلعوا رئيسين وأزاحوا نظامين، ليسوا على ما يرام، هذا ما يحدثنا عنه الكاتب عماد الغزالي في ‘الشروق’ عدد امس الاثنين يقول:’هذا كلام قلته من قبل، واليوم أعيده لأذكر نفسي وأذكركم بحجم المخاطر التي تواجهنا خلال الفترة المقبلة، بعيدا عن المكايدة السياسية ومشاحنات فيس بوك وتويتر وانحيازات كل فريق في مواجهة الفريق الآخر، ما يلقي بظلاله القاتمة على صورة المستقبل، ويجعل معجزة الرئيس المنتخب أيا كان، هي بث الأمل في نفوس الناس. أسميها معجزة لأن إدراكها لن يكون سهلا، فالمصريون بعد ثلاث سنوات من الثورة، وبعد أن خلعوا رئيسين وأزاحوا نظامين، ليسوا على ما يرام، وبدلا من تمجيد الثورة والفخر بها، فإن قطاعات واسعة حين تنظر إلى حالها، وتتكشف أمامها حقائق جديدة ودوافع متباينة لمن احتشدوا خلفهم في الميادين، يتساءلون عن جدوى ذلك كله، وانعكاسه على أحوالهم المعيشية. يواجه صانع الأمل في هذا المناخ المفعم بالقلق والترقب تحديات كبرى: نخبة مشوشة وقوى مدنية كثيرة الكلام قليلة الفعل، لم تتعلم ولا تنوي أن تتعلم من أخطائها، لم تفهم أن صراخها على الفضائيات وخناقاتها على صفحات الجرائد ليس هو منتهى السياسة، لم تستفد من دروس الانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة، حين أشعلت الفضاء الإعلامي والإلكتروني جدلا وعراكا، وحين حانت لحظة الجد، واحتكم المتنافسون إلى الصناديق، كانت الغلبة لآخرين، عرفوا كيف يخاطبون الشارع ويخطبون ودّه… سيكون على الرئيس القادم، أن يواجه سقف طموحات مرتفعا، تقابله موارد طبيعية وبشرية متواضعة، وهنا بالضبط سر نجاح الرئيس الجديد ومكمن فشله. عدد سكان مصر وصل إلى 94 مليون نسمة، وسنصل إلى 100 مليون خلال ثلاثة أعوام. حصتنا من المياه مع بناء سد النهضة ستنخفض بمقدار 15 مليار متر مكعب، بما يعني وقوعنا في براثن حالة مريعة من الفقر المائي، وما يترتب عليها من تأثير مباشر على الزراعة والكهرباء، وقد يترتب على ما سبق دخول مصر في حرب دفاعا عن حصتها. في مصر أكثر من ثلاثة ملايين طفل شوارع وأكثر من 17 مليون مواطن يعيشون في العشوائيات، 20′ منهم فى القاهرة وحدها…
هذا بعض ما ينتظر الرئيس المقبل وينتظرنا معه، والخلاصة: إما أن نبدأ العمل معا، أو نواصل المكايدة والمكلمة’.
الرئيس والكاريزما !
الياس الديري عن النهار اللبنانية
لا يستطيع المخضرمون إلا أن يقارنوا بين لبنان الأمس ولبنان اليوم. بين المعارك الرئاسية التي ما كانت تختلف عن المهرجانات والأعراس والغموض الذي يكلِّل الاستحقاق الرئاسي اليوم.
ولا يستطيعون مغادرة زاوية الحنين إلى ذلك اللبنان الديموقراطي البرلماني، الذي يؤمّه كبار المسؤولين والمثقّفين العرب ليتتلمذوا ويتنشّقوا نسيم الحريّة، سواء تحت قبّة البرلمان، أو صفحات الصحف، أو على رصيف مقهى "الهورس شو".
كلّنا نحاول إقناع أنفسنا أن ذلك اللبنان مضى. ولَّى. وعلينا أن نتعامل مع هذا اللبنان بكل انتكاساته، وتعاساته، وأزمَاته.
على افتراض أن الانتخابات الرئاسيَّة آتية لا ريب فيها، وستتم إجراءاتها الدستوريّة في موعدها المحدّد. وهذا أمر خاضع لتطوّرات واحتمالات ومفاجآت لا تُحصى. إنما على افتراض أن كل شيء حسَن، فمن المناسب والضروري الدخول في كلام صريح عن الشخصيَّة الرئاسية. عن كاريزما الرئيس المفترض أن يملأ الكرسي، ويملأ المنصب، ويملأ القصر، ويملأ البلد مهابة واحتراماً وعدالة وترفّعاً وتعفّفاً وشهامة وطمأنينة.
فيعتزّ اللبنانيّون: هذا هو الرئيس الذي كان يحتاج إليه لبنان وينتظره اللبنانيون. "كاريزما رئاسيّة" من عيار نادر، كانوا يقولون عن هذا الرئيس أو ذاك ويسكتون.
هكذا، على هذا المنوال، على هذا المستوى، كان الكبار والعمالقة في عالم السياسة والحقوق والديموقراطيَّة يتحدَّثون يوم يحين ميعاد الكباش والتصويت في مجلس النواب.
الزمن العظيم المختلف المتفوِّق لا يصنع نفسه. يصنعه المتألِّقون في ميادين القانون والثقافة الديموقراطيَّة والأصول البرلمانية وحقوق الوطن ثم المواطن، فالتقاليد والأعراف.
فشخصية الرئيس، أو الكاريزما، لا تؤهّل الشخص فقط للرئاسة، بل تعكس بريقها ومهابتها على الرئاسة وعلى البلد و... على القوانين والواجبات والمسؤوليات أيضاً. لذا كان الرئيس يُقرأ من شخصيته وتاريخه، مثلما الكتاب يُقرأ من عنوانه وكاتبه.
نعترف أن ذلك كله كان في زمن مضى. زمن التهمته حروب الآخرين، بمشاركة "فعّالة" من بعض "فاعلياته" وفئاته.
ونعترف، تالياً، أن الكبار والأكابر وأصحاب القامات والكاريزما أصبحوا من الذكريات. بل من العلامات الفارقة على جبين لبنان، المقبل اليوم على امتحان رئاسي جديد قد يكون مرشّحاً للتأجيل وفق حسابات وتحليلات مَنْ يقرأون كتاب لبنان على ضوء التطوّرات المحيطة به، من سوريا إلى العراق فمصر فتركيا، آخذين في الاعتبار الأدوار الإقليميَّة التي بات لها مُريدون وأتباع ومصفّقون.
في ذلك الزمن كنا نسألهم بصوت التحدّي: ماذا أعددتم للبنان الغد، لبنان التطوُّر والازدهار وكرامة الإنسان، لبنان التحدّي في العصر الآتي؟ مثلاً... لقد ذهبوا وأخذوا لبنان التحدّي معهم. فهل تُطرح هذه الأسئلة في هذا الزمن؟.
عشاء سياسي مثير للجدل في أبرز مخيم للاجئين الفلسطينيين في عمان: .. إقصاء المصري لصالح مسلماني و”عطية” ونواب “التمثيل” قاطعوا المناسبة (http://www.raialyoum.com/?p=72660)رأي اليوم- جهاد حسني
تفاعلات ساخنة في العاصمة الأردنية عمان بعد “عشاء سياسي” خاص أقيم لرئيس الوزراء عبدلله النسور في مخيم الحسين للاجئين الفلسطينيين وهو المخيم الوحيد في قلب المدينة العاصمة .
العشاء أغضب العديد من الشخصيات البارزة في الوسط الفلسطيني السياسي بعدما تخلله وعود حكومية بتقديم دعم مالي لمؤسسات المخيم لم يكن مرصودا في موازنة الدولة كما أفاد أكثر من مصدر.
تم ترتيب العشاء عبر رجل أعمال من أصدقاء الرئيس محمود عباس عضو في مجلس النواب الأردني هو أمجد مسلماني الذي فاز بإنتخابات النواب الأخيرة عن الدائرة الثالثة في العاصمة .
مسلماني بدعم وإسناد من الحكومة ورئيسها عبدالله النسور وجهات أخرى إضافة للأخوان المسلمين أصبح فجأة رئيسا فخريا لنادي مخيم الحسين الرياضي مما تم إنجازه بإقصاء الرئيس الأسبق لنفس النادي طاهر المصري الذي يعتبر من أبرز الشخصيات في الوسط الفلسطيني.
لاحقا قرر النسور دعم المسلماني بطريقة مختلفة حيث قبل دعوته على عشاء خاص مع حديث لنخبة المخيم .
وجهت الدعوة ببطاقات لنحو 300 شخصيا من أبناء المخيم ولوحظ ان المصري نفسه لم يلقي كلمة كالمعتاد في هذا المخيم الموجود في وسط العاصمة عمان.
نائب بارز في البرلمان هو خليل عطية يعتبر من الشخصيات المرجعية في مجلس النواب رفض حضور الدعوة بعد أن تقدم بها مكتب رئيس الوزراء بسبب طبيعة الترتيبات التي تنطوي على محاولات تجاوز لحضور عائلة عطية الشعبي والسياسي القوي في المخيم.
عطية نفسه كان قد أقام لرئيس وزراء سابق هو نادر الذهبي حفل عشاء في المخيم حضره أكثر من ثلاثة ألاف ضيف لكن التقدم بمسلماني ودعمه رسميا كواجهة للمخيم أثار العديد من التساؤلات حول طبيعة التنسيق بين الحكومة الأردنية وبعض النخب المقربة من حركة فتح وأوساط الرئيس عباس خصوصا وان مسلماني حديث عهد في العمل السياسي من حيث المبدأ.نواب أخرون ومتعددون قاطعوا الحفل إحتجاجا على محاولات تجاهل مرجعية المخيم عبر زميلهم عطية والقضية أشغلت حوارا على مستوى نواب التمثيل الفلسطيني خصوصا وان السهرات السياسية لرئيس الحكومة غالبا ما تنتهي بضجة سياسية . اللافت في الموضوع ان إدارة ناي مخيم الحسين وهو المؤسسة الأبرز محليا تواطئت مع الزعامة الجديدة ممثلة بالمسلماني رغم أنها تمثل الأخوان المسلمين.
في مهب المفاوضات
الياس خوري عن القدس العربي
المفاوضات قرار
د . ناجي صادق شراب عن الخليج الإمارتية
التسوية وتهديدات "إسرائيل"
أمجد عرار عن الخليج الإماراتية
أفق آخر فاوِضْ ثُمّ فاوِضْ
خيري منصور عن الخليج الإماراتية
حنين زعبي: حين يُرجع الفلسطيني إسرائيلياً من حيث أتى
سليم البيك عن القدس العربي
الصراع الدولي والموقف المطلوب عربياً
د . يوسف مكي عن الخليج الإماراتية
الدولة العبرية... والثورات العربية
مصطفى الفقي (http://alhayat.com/Opinion/Writers.aspx)عن الحياة اللندنية
لا يمكن أن ننتخب رئيسا لأننا نتوسم فيه خيرا ولا يصح أن ينتخب رئيس ‘على بياض’
حسنين كروم عن القدس العربي
الرئيس والكاريزما !
الياس الديري عن النهار اللبنانية
عشاء سياسي مثير للجدل في أبرز مخيم للاجئين الفلسطينيين في عمان: .. إقصاء المصري لصالح مسلماني و”عطية” ونواب “التمثيل” قاطعوا المناسبة (http://www.raialyoum.com/?p=72660)
رأي اليوم- جهاد حسني
في مهب المفاوضات
الياس خوري عن القدس العربي
النجاح الأكبر الذي حققه الرئيس الفلسطيني هو قدرته على أن يثبت بالملموس استحالة السلام. فأبو مازن الذي لم يخف يوما مواقفه المناهضة لعسكرة الإنتفاضة والمقاومة المسلحة، حقق جميع مطالب الأمريكيين، من التنسيق الأمني الى رفع شعار أن لا بديل من المفاوضات. والحق يقال أن الرجل أظهر ‘شجاعة’ لافتة بلغت حدودا غير مسبوقة في رفضه لمنطق المقاومة، وإبداء كل استعداد لتسهيل تسوية ترعاها الولايات المتحدة، وتكون من ضمن منظومة تقديم أقصى الضمانات الأمنية لإسرائيل، بما فيها نشر وحدات من الناتو في الغور وعلى الحدود.
نجح أبومازن حيث فشلت التسوية، فالرجل كان مقتنعا بمنطق أوسلو، وهو أحد كبار مهندسيه، وهذا المنطق هو منطق متكامل، يبدأ بالتنازل عن 78 بالمئة من فلسطين التاريخية، ويترك حق العودة غائما وعرضة لمفاوضات التعويض، ويرتضي بدولة منزوعة السلاح لا تتمتع بسيادة كاملة. بل إن الرجل وافق على بقاء المستعمرات الإسرائيلية الكبرى في الضفة تحت بند غامض هو تبادل الأراضي. وذهب الى حد التصريح بأنه لا يريد العودة الى صفد، التي يعتبرها أرضا إسرائيلية!
لكن كل هذا لم يفد، فمطالب إسرائيل لا تنتهي، توافق على مطلب فيخترعون مطلبا جديدا، هكذا اخرج نتنياهو من قبعته مطلب الإعتراف بيهودية الدولة، وجاءنا ليبرمان بمطلب تبادل السكان، واستبدلت القدس ببيت حنينا والى آخره… حتى لو وافق الفلسطينيون على يهودية الدولة، وهذا هو الإنتحار بعينه، فان الحكومة الإسرائيلية قادرة على استنباط مطالب جديدة تبقي المفاوضات في دائرتها المقفلة، بحيث لا ينتج من التفاوض سوى المزيد من التفاوض.
فحوى الكلام ان إسرائيل لا تريد استسلام الفلسطينيين، فكلما برزت بارقة سلام تم إجهاضها بمطالب جديدة. أخذوا التنسيق الأمني واخذوا الإعتراف بالمستوطنات وأخذوا كل اراضي ال 48، ولا يزالون يطالبون. هكذا انقلبت الآية، بدل أن يكون الفلسطينيون هم أصحاب المطالب لأنهم واقعون تحت الإحتلال، صار الإسرائيلي هو من يطلب، وعلى الضحية ان تطمئن ذئبا لا يمكن طمأنته، لأنه لا يريد سوى افتراس الحمل.
قلت إن الرئيس الفلسطيني نجح في أن يزيل آخر وهم فلسطيني، وهذا الوهم له اسم محدد هو الإستسلام.
ما تقترحه السلطة على إسرائيل هو استسلام كامل، وشرط الإستسلام هو ان يبقى هناك من يستسلم. اي أن المشروع التفاوضي الفلسطيني هو اقتراح بأن تعترف إسرائيل بكيان فلسطيني رضي بالإستسلام.
وهنا يقع جوهر المسألة.
إسرائيل لا تريد هذا الإستسلام، لأنها تريد تحقيق إبادة سياسية كاملة للفلسطينيين. أي أنها تريد محو الفلسطينيين سياسيا وثقافيا وجغرافيا بشكل كامل. الكلمة الوحيدة المناسبة لوصف المشروع الإسرائيلي هي الإبادة السياسية، أي إلغاء فلسطين كأرض وشعب ومحوها عن الخريطة.
لذا نجح أبو مازن في قمة فشل مشروعه. فالرجل كان مقتنعا بأن العقلانية سوف تنتصر في إسرائيل، وبأن الولايات المتحدة لن تسمح لحليفتها بالإنتحار في نظام أبارتهايد اكتملت ملامحه، وبأن الوعي العقلاني الصهيوني الذي انشأ الدولة العبرية، قادر في النهاية على إنقاذها من حماقاتها.
المشروع الذي تدثر بالعقلانية والبراغماتية في بداياته ليس سوى مشروع جنوني، يشكل الحبة الأخيرة في عنقود حركة الاستيطان الاوروبية في زمن التوسع الاستعماري، التي اندثرت ولم يبق منها سوى إسرائيل كشاهد على وحشية المشروع برمته.
ما معنى ان يكون الإستسلام ممنوعا؟
انه يعني بكل بساطة ان على السلطة ان تختار بين احد مصيرين:
اما تلحيدها، نسبة الى الجنرال العميل انطوان لحد الذي اقامت له إسرائيل دولة لبنان الجنوبي، التي لم تكن سوى اداة للإحتلال.
واما تحطيمها بطرق شتى، من نموذج حصار عرفات الى التهديد بالعقوبات الى تأبيد الانقسامات الداخلية وتفريخها من جديد.
هل نستطيع ان نقول الآن ان اللعبة انتهت؟
من المنطقي ان تكون قد انتهت، لكن من قال ان المنطق له الكلمة الفصل في هذا المسلسل الإسرائيلي الذي لا ينتهي؟
هنا يجب التوقف مليا امام الرهان على السياسة الأمريكية، فالرئيس اوباما الذي ملأ الدنيا وعوداً، يجد نفسه اسير إسرائيل بشكل كامل. من اقتراح صفقة بولارد الى المحاولة المستميتة لتمديد المفاوضات من اجل الوصول الى اطار وليس الى نتيجة.
في فلسطين كما في كل مكان يثبت ان الإتكال على الأمريكيين لا يقود الا الى الخراب. فما لا يعرفه الحكام العرب هو ان قواعد اللعبة الأمريكية مختلفة عن قواعد الاستعمار القديم، وان الولايات المتحدة لا اصدقاء لها سوى مصالحها، ولا تفهم سوى لغة ميزان القوى الفعلي.
الإسرائيليون اقوياء واللوبي الصهيوني فاعل، اذا يمكن ابتلاع جميع اهانات وزير الدفاع الإسرائيلي لوزير الخارجية الأمريكي، وبدل الضغط على إسرائيل الذي لا فائدة منه يتم الضغط على الفلسطينيين.
كي تكمل السلطة نجاحها الحالي في اثبات فشل الإستسلام، عليها ان تقول للأمريكيين ان الضغط عليها لم يعد يجدي. فقد اعطت كل شيء ولم تعد تملك شيئا تتنازل عنه، وانها لم تعد على استعداد للعب دور الحارس الأمني لوقاحات الإحتلال.
مرة جديدة على الحكاية الفلسطينية ان تبدأ، وطريق البداية بسيط وواضح، اقرأوا مقابلتي مروان البرغوثي واحمد سعادات في ‘مجلة الدراسات الفلسطينية’، وستجدون ان من لم يضيّع البوصلة في السجن يملك رؤية مقاوِمة كي لا يضيع الوطن وتضيع القضية.
والحكاية تبدأ حين يعود الشعب سيد اللعبة، ويعاد تأسيس الحركة الوطنية الفلسطينية من قلب حركة المقاومة، وينتهي زمن الوهم بأن هناك امكانية للسلام مع دولة كولونيالية عنصرية مسكونة بالرعب ولا تنشر حولها سوى الرعب.
المفاوضات قرار
د . ناجي صادق شراب عن الخليج الإمارتية
المفاوضات في البداية والنهاية قرار سياسي، أن تقبل بالمفاوضات خياراً لتسوية صراع مركب ممتد مثل الصراع العربي- "الإسرائيلي"، يعني أن المفاوضات هي الخيار الأفضل والأقصر لتحقيق الأهداف الوطنية، وفي الحالة الفلسطينية هذه الأهداف في حدها الأدنى تتمثل في قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بحدود معروفة وصلاحيات سيادية لا تقبل التجزئة والاقتسام، وبالقدس عاصمة لها . وإنهاء المفاوضات أيضاً قرار بعد أن يصل المفاوض إلى قناعة بأن المفاوضات كخيار لم تعد مجدية في تحقيق هذا الهدف .
هذا القرار تحكمه عوامل كثيرة، وفي الحالة الفلسطينية العوامل التي تتحكم في القرار كثيرة ومعقدة ومتناقضة، وفي الكثير من الأحيان غير متقابلة، وتتفاوت هذه العوامل من العوامل الداخلية الفلسطينية التي أضعف الانقسام السياسي من قدرة المفاوض الفلسطيني على المساومة والمناورة، وعربياً التراجع واضح في أولوية القضية الفلسطينية بانشغال الدول العربية بقضاياها الداخلية، ومع ذلك يبقى الالتزام القومي بالقضية ودعم السلطة قائماً، ودولياً تزاحمت الملفات الدولية لدرجة أن القضية الفلسطينية لم تعد الملف الرئيس، والأكثر تأثيراً في القرار التفاوضي الفلسطيني، إضافة إلى الموقف الأمريكي وانحيازه للموقف "الإسرائيلي"، وحمايته من أي نقد . ولا ننسى هنا أيضاً التأثير "الإسرائيلي" الذي يحاول أن يفرغ المفاوضات من مضامينها الفلسطينية، ويخلق حالة من فقدان المصداقية بالسلطة .
على أهمية هذه العوامل وأخذها بالاعتبار، فلا بد من تسجيل أن خصوصية الحالة الفلسطينية والقرار الفلسطيني حالا دون استسلام المفاوض الفلسطيني للضغوط التي تفرض عليه لما للقضية الفلسطينية من بعد وطني وقومي وديني، وتخوفاً من أن أي قيادة فلسطينية تنأى بنفسها عن حد الاتهام والتنازل عن الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، يمكن للمفاوض أو لصانع القرار الفلسطيني أن يبدي قدراً من المرونة في العديد من القضايا، ولكنه لا يمكن أن يقدم تنازلاً أو مرونة في موضوع الدولة الفلسطينية الذي يعتبر الموضوع أو القضية الأساس في أي مفاوضات، ومن دون قيام هذه الدولة الكاملة السيادة بحدودها المعروفة والمقبولة، تسقط المعادلة التفاوضية .
وقبل تحليل القرار الأخير بالذهاب إلى الخيار الدولي وتفعيل قرارات الشرعية الدولية لا بد من تسجيل بعض الملاحظات، أولها أن قرار بدء المفاوضات الذي اتخذ في سياق عربي في مؤتمر مدريد جاء في أعقاب تحولات عربية سلبية، وفي أعقاب الغزو العراقي للكويت، والموقف الفلسطيني منها الذي كلفها ثمناً سياسياً كبيراً، وأهم التداعيات السلبية التي ترتبت على ذلك أن "إسرائيل" أصبحت أكثر قبولاً عربياً كدولة، وهذا يعني أن قرار المفاوضات تم في بيئة غير مواتية أفرزت العديد من الاتفاقات غير المتوازنة، وغير المتكافئة، ومنها اتفاق أوسلو . وهو ما يفسر عدم التزام "إسرائيل" بها، بل وظفتها غطاء لاستيطانها وتهويدها للأرض الفلسطينية .
وبدلاً من أن يتم توظيف المفاوضات لتحقيق التسوية وظفت كأداة لتحقيق ما تريده "إسرائيل"، ورغم سلبيات هذه المرحلة فلا يمكن أن ننكر أن المفاوض الفلسطيني انتزع حقه في الوجود السياسي على الأرض الذي لا يمكن تجاهله، وربط بين وجوده السياسي الكامل وبين أمن وبقاء "إسرائيل" . والملاحظة الأخرى تتعلق بمرحلة الاستمرار في المفاوضات، وهي مرحلة طويلة لم ينجح فيها المفاوض الفلسطيني في تغيير معادلة التفاوض فبقيت تدور في حلقة مفرغة، وهذا هو الخطأ الكبير الذي تم الوقوع فيه إلى أن وصلت المفاوضات إلى مرحلتها الثالثة وهي مرحلة حتمية اتخاذ القرار السياسي الذي يضع حدّاً لهذه المفاوضات اللامتناهية من دون هدف أو مرجعية .
لذا عند فشل التسوية لا بد من البحث عن الخيارات الأخرى الأكثر احتمالاً، وتأثيراً، وقابلية للتنفيذ التي تعكس خصوصية الحالة الفلسطينية، ولعل الخطأ الجسيم الذي وقع فيه المفاوض الفلسطيني الاعتماد المطلق على خيار التفاوض، فهذا الخيار يحتاج إلى دعم من الخيارات الأخرى، وخصوصاً الخيارات الدولية والمقاومة الشعبية . في هذا السياق قد يأتي القرار الأخير الذي اتخذه عباس بتوجيه رسالة قوية مفادها أنه حان الوقت لإعادة النظر في المفاوضات ليس كخيار أوحد .
إن أي قرار له أهداف تكتيكية واستراتيجية، لكن أفضل ما في هذا القرار الرسالة التي يتضمنها وهي أن السلطة الفلسطينية ورغم كل الضغوط وحالة الضعف قادرة على اتخاذ المبادرة والقدرة على الفعل، وهذا هو المطلوب في هذه المرحلة، أي القدرة على تحرير القرار الفلسطيني من المؤثرات الخارجية السلبية، وأهم مضامينها أنها تشتمل على خيارات عدة تتراوح بين تفعيل المقاومة المدنية الشعبية، وتفعيل دور المجتمع الدولي ومسؤوليته في نشوء القضية الفلسطينية واستمرارها، والتركيز على البعد الإنساني الغائب عن هذا الصراع، وتحويل مؤسسات السلطة كلها إلى مؤسسات كفاحية، والعمل الجاد على التعامل مع الانقسام بكل الوسائل لوضع حد له، وانتهاج استراتيجية متكاملة بين الخيارات الفلسطينية، والعمل على التوغل داخل "إسرائيل" وتوصيل رسالة قوية للمستوطن "الإسرائيلي"، ولكل القوى السياسية أن السبب في فشل المفاوضات هو الحكومة "الإسرائيلية"، وتوضيح المرونة الكبيرة التي قدمها الفلسطينيون من أجل إنجاح المفاوضات لقيام دولة فلسطينية إلى جانب "إسرائيل" .
إنهاء المفاوضات ليس بالقرار السهل إنها بداية لإدارة الصراع بطرق وخيارات جديدة تجاهلناه بسبب المفاوضات، والآن لا بد من رسالة سياسية واضحة أو رؤية استراتيجية تكون محور العمل الدبلوماسي والسياسي والإعلامي مضمونها أن من حق الشعب الفلسطيني قيام دولته المستقلة، وكما أسهمت الأمم المتحدة في قيام "إسرائيل" كدولة، فعليها تقع المسؤولية الكبرى في قيام الدولة الفلسطينية، وإلزام "إسرائيل" بإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، ومعاملتها كأي عضو لا يحترم ميثاق الأمم المتحدة بتطبيق بنوده عليها، هذا هو مايقلق "إسرائيل" كثيراً، ويزعزع مصداقية المقولات التي قامت على أساسها .
نحتاج إلى تغيير نمط تفكيرنا في زمن التحولات العقلانية الكبرى .
التسوية وتهديدات "إسرائيل"
أمجد عرار عن الخليج الإماراتية
بعدما أفشلت "إسرائيل" الجولة "الأخيرة" من المفاوضات الفاشلة أصلاً، عادت إلى لغة التهديد بمعاقبة الفلسطينيين لأنهم رفضوا الرضوخ لمطالبها وشروطها التي لا يمكن أن يقبلها حتى عملاؤها ومخبروها . بنيامين نتنياهو يهدد باتخاذ إجراءات أحادية الجانب رداً على تقدم السلطة بطلب الانضمام إلى خمس عشرة اتفاقية ومعاهدة دولية، فبنظره هذه خطوة أحادية الجانب وسيقابلها بخطوات مضادة، ثم أعاد تشغيل الأسطوانة إياها بأن الفلسطينيين سيحصلون على دولة عبر المفاوضات المباشرة فقط .
التهديدات التي يطلقها نتنياهو وغيره من قيادة الكيان ربما تمس بعض الشرائح المستفيدة من الوضع القائم بما فيه وجود الاحتلال، لكنها فارغة المحتوى والمضمون بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي ليس لديه ما يخسره، ولا يستطيع الاحتلال أن يهدد بما يمارسه أصلاً بحق الفلسطينيين وأرضهم وممتلكاتهم ولقمة عيشهم . هو يهدد بمنع شركة اتصالات من وضع البنية التحتية اللازمة لتشغيل خدمتها للهواتف النقالة في غزة، فهل يعيش أهل غزة في بحبوحة ورغد ولا ينقصهم سوى الهواتف النقالة؟ وهل يضير شعباً بعد حصار تجاوز عمره الثماني سنوات وتعوّد حتى على انقطاع الكهرباء وانعدام مياه الشرب النظيفة وحرمه الاحتلال من حقه في العلاج، أن تحجم اتصالاته الخليوية؟
أما مشاريع البناء في أجزاء من الضفة والخطط الهيكلية التي يهدد بوقفها فهي آخر ما ينفع المواطن الفلسطيني . أما التهديد بوقف اللقاءات بين مسؤولين "إسرائيليين" بمستوى وزراء ومديرين عامين مع نظرائهم الفلسطينيين، فهذه ينبغي على الجانب الفلسطيني أن ينفذها لا أن يهدد بها فحسب . هل يعقل بعد ربع قرن من المفاوضات المباشرة بين الجانب الفلسطيني من جهة و"إسرائيل" وأمريكا من جهة ثانية، أن يكون التهديد "الإسرائيلي" بوقف الاتصالات مع الجانب الفلسطيني ذا معنى ومغزى وتأثير؟
يبقى التهديد بإعادة الحواجز وتوسيع سياسة هدم المنازل وتنفيذ أعمال بناء واسعة في المستوطنات، وهذه كلّها ليست بحاجة إلى تهديدات، لأنها موجودة وجارية وبأعلى درجة من السرعة والكثافة . الأمر الأهم أن الفلسطينيين طالما بقي الاحتلال لا يعنيهم ما يفعله حتى وإن كان تنكيلاً بهم، فهم أصلاً يناضلون منذ سبعين عاماً غير مكترثين بما يترتب على نضالهم من نتائج ودفع ثمن، ولا ترعبهم التهديدات بعدما ذاقوا شتى صنوف العدوان بدءاً من الاعتقال والنفي الفردي والجماعي، مروراً بهدم المنازل ومصادرة الأرض واقتلاع الأشجار وحرق المزروعات وتقييد التنقّل والحركة، وانتهاء بالاجتياحات والمجازر . ماذا بقي لقادة الاحتلال لكي يهددوا الفلسطينيين به؟
المساومة الرخيصة المتمثّلة بإلغاء الإفراج عن الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى لن تجدي نفعاً، وعلى قادة "إسرائيل" أن يفهموا محتوى الرسائل المسربة من السجون إلى القيادات والشعب، التي يقولون فيها إنهم يرفضون دفع ثمن حريتهم من الثوابت الوطنية . الأسرى ضحوا بحرياتهم الشخصية من اللحظة التي التحقوا فيها بالنضال ضد الاحتلال، ضحوا بحرية فردية من اجل حرية الشعب والوطن، فهل يشترون حريتهم بالتنازل عن حرية الوطن والاهداف التي ناضل لأجلها الشهداء، ودخلوا هم السجون لأجلها؟ هم يطالبون القيادة الفلسطينية بعدم الرضوخ، والقيادة بالتالي مطالبة بأن تراهن على الشعب الفلسطيني وهؤلاء الأبطال خلف القضبان، وليس على أمريكا ومفاوضاتها البائسة .
أفق آخر فاوِضْ ثُمّ فاوِضْ
خيري منصور عن الخليج الإماراتية
هناك مراحل في التاريخ تتحول فيها الوسائل إلى غايات، وينقلب فيها هَرَمُ المنطقة فيصبح مُتأرجحاً على رأسه، نجد ذلك في أحزاب أيديولوجية يُحجر فيها التفكير وتُحشر فيها العقول داخل قوالب من الجبس، بحيث يصبح الشعار السائد هو نَفذْ ثم نَفذْ، أما المناقشة فهي من المحظورات لأن هناك من ينوب عن الجميع في كل شيء باستثناء الموت .
والمفاوضات التي حُدد لها زمن ذو مغزى حتى لو كان ذلك بالمصادفة هو تسعة شهور أي مدة الحمل كي يأتي المخاض وتكون الولادة غير قيصرية . طرأ عليها أول تعديل بحيث يكون المولود "سُباعّياً" أي ابن سبعة شهور، ثم طرأ تعديل ثالث لتمتد عاماً آخر، وإذا استمرت الحال على ما هي عليه من المراوحة والإخضاع لشروط استباقية منها: الاعتراف العربي بيهودية الدولة العبرية فإن هذه المفاوضات ستصبح أشبه بقصيدة شهيرة لليوناني كفافي، وهي "الطريق إلى إيثاكا" فكلما أمتد الطريق كان الوعد بالوصول أجمل، حتى لو انتهى الأمر إلى الإقامة الأبدية في الطريق .
المطلوب الآن من الفلسطيني أن يفاوض ثم يفاوض إلى أجل غير مسمى، لأن هذا هو أفضل أسلوب لكسب الوقت والحصول عليه بالمجان لكي يواصل الاستيطان تمدده السرطاني ليقضم ما تبقى من الأرض وما عليها .
إن أية مفاوضات يسبقها شرط تعجيزي هي ضَرْب من العبث، ولا يليق بها إلا مسرح اللامعقول على طريقة صاموئيل بيكت في مسرحية "الذي يأتي ولا يأتي" . وكأن من يظهر على المسرح بعد رفع الستارة يقول جملة واحدة فقط هي أعتذر عن المجيء .
ذُرْوَة العبث في هذا المسرح السياسي العبثي هي مطالبة المتفرجين بالبقاء في مقاعدهم، وعليهم أن يأكلوا ويشربوا ويمارسوا حاجاتهم في مقاعدهم، ما دامت المسرحية بلا نهاية، والقادم الموعود لا يأتي على الإطلاق .
منذ أوسلو وضواحيه وهوامشه ومُلحقاته والمسرحية تتوالى فصولها، وخشبة المسرح خالية، لأن كل ما يحدث يبقى وراء الكواليس .
وقد لعب أكثر من وزير خارجية أمريكي ودبلوماسي أوروبي دور الملقن في هذه الدراما، وحين يتحدث بالعربية قد يجد من يسمعه ويرد عليه، لكنه ما أن يحاول ذلك بالعبرية حتى يعود صوته إليه، مجرد صدى .
لم يكن الفلسطيني لأكثر من ستة عقود يُقاوم لِيقاوِم فقط، وكان له هدف واحد هو الاستقلال والحرية، لكنه الآن مطالب بأن يُفاوض ليفاوض ولا شيء آخر، وحصيلة هذه المراوحة هي توسع الاستيطان وتكريس الاحتلال، إضافة إلى ما تُلحقه المراوحة من إرهاق وطني وعاطفي لشعب يرفض تحويل الانتظار إلى مهنة بحيث تمر القطارات كلها تباعاً وهو جالس في محطة .
حنين زعبي: حين يُرجع الفلسطيني إسرائيلياً من حيث أتى
سليم البيك عن القدس العربي
الكثير من الفلسطينيين ينفضون اليوم أيديهم من التنظيمات الفلسطينية، اليوم في المرحلة العربية ما بعد الثورات، حيث انكشفت حقائق الشعارات التي كان يطرحها اليسار الفلسطيني تحديداً، حقائق أنها لا تعدو كونها كلمات مطبوعة على بيانات لم يعرفها هذا اليسار إلا كذلك، أما باقي التنظيمات فسمحت لها فرصة ممارسة السلطة أن تظهر بأبشع ما يمكن لها أن تظهر به. أحكي هنا عن التنظيمات الفلسطينية في كامل الوطن وفي المخيمات خارجه.
من بين هؤلاء تواجد ‘التجمع الوطني الديمقراطي’ بخطاب وطني وقومي، ويساري بالمعنى المنقطع عن اليسار الكلاسيكي الستاليني الذي مثله ‘الحزب الشيوعي الإسرائيلي’ المقرب تاريخياً من إسرائيل ومن السلطة الفلسطينية، والآن من النظام السوري، وهو أشنع ما يمكن أن يتمرّغ به حزب (لا أقول فلسطيني كونه يعرّف نفسه كإسرائيلي) يحوي فلسطينيين.
هذا طرح سريع أصل منه لحنين زعبي النائب في الكنيست عن حزب ‘التجمع′ الذي أسسه عزمي بشارة كبديل يحمل فلسطينيي الـ 48 إلى مشروع وطني وقومي وديمقراطي، وهو، فلسطينياً، التنظيم الوحيد حتى يومنا المنسجم مع شعاراته (الشيوعي الإسرائيلي منسجم مع شعاراته السوفياتية – السابقة والإسرائيلية بشكل أو بآخر) والمنسجم لا مع تطلّعات الحرية والتحرير والديمقراطية للشباب الفلسطيني فحسب، بل مع تطلعات مجمل الشباب العربي لذلك، من تونس إلى مصر إلى سوريا.
حنين زعبي القيادية في ‘التجمع′ كانت ضيفة حلقة ‘حوار الليلة’ على قناة ‘سكاي نيوز′ بمناسبة ‘يوم الأرض’، بمواجهةً دبلوماسية مع الاسرائيلي مائير كوهين.
حنين العارفة جيداً كيف تدافع عن الحق الفلسطيني أمام صهاينة الكنيست والنائب العربي الأكثر إزعاجاً، ما عرّضها لأكثر من اعتداء جسدي ولفظي، عرفت كيف تُخرج كوهين من الحلقة كما سيخرج يوماً من أرضها.
في رد أول عليه قالت: ‘نحن فلسطينيون ولسنا عرب إسرائيل. نحن عرب وفلسطينيون قبلك وقبل ما تيجي على بلادنا كمان.. أنا جزء من الشعب الفلسطيني، وإذا بدكاش تحترم هويتي اترك الاستوديو الآن’.
بعد بهدلة مطوّلة تتقلّب بين السخرية والغضب ومبنية على حقائق، حاول مقدّم الحلقة أن يقوم بما ظنّه تلطيفاً للأجواء مع كثير من السذاجة قائلاً: ‘السيد مائير يُعتبر من المعتدلين سيدة حنين’.
‘لا لا لا لا أنت تعتبره معتدلاً، هو صهيوني ومع الدولة العبرية، وإذا كان يعرّفني بعرب إسرائيل فلا يمكن أن تناديه بالمعتدل’.
ثمّ تعيد حنين تفسير مفهوم ‘عرب إسرائيل’ من ناحية أكثر جذرية والتصاقاً بواقع المجتمع الفلسطيني في الداخل قائلة: ‘صحيح، أنت تمثل عرب إسرائيل وأنا أمثل الفلسطيني صاحب الكبرياء والكرامة.. أنت تمثل المشروع الصهيوني وأنا أمثل شعبي صاحب هذا الوطن’.
لم يكن الغضب والسخرية في ردود حنين ليغطي الأرقام والأسماء والحقائق والأسئلة التي طرحتها أمام كوهين الهارب منها جميعها إلى أن هوّنت هي عليه الأمر بادية عدم ممانعتها من مغادرته البرنامج.
في محاولة أخيرة منه للإفلات حاملاً الموضوع إلى الخارج العربي قال: ‘عرب إسرائيل يعيشون في حال أفضل بالنظر إلى ما يحصل في سوريا’.
لتردّ حنين المتعوّدة كما يبدو على أساليب المراوغة الخبيثة لإسرائيليين: ‘هو يريد أن يقارن إسرائيل بالعالم العربي وسوريا، أي بالدول الديكتاتورية، لم تعد إسرائيل تقارن نفسها بالدول الديمقراطية، إذن الاستنتاج: لم تعد إسرائيل ديمقراطية بما أنها تقارن نفسها بدول تذبح شعوبها’.
تنهي حنين الجدال: بالفلسطينية العامية، ‘أنا فلسطينية غصباً عنك وهذا وطني غصباً عنك وإذا لم يعجبك ذلك ارجع من حيث أتيت’.
بعد ثوان يترك كوهين البرنامج، إلى أن يرجع فعلاً هو وباقي الصهاينة من حيث أتوا.
الصراع الدولي والموقف المطلوب عربياً
د . يوسف مكي عن الخليج الإماراتية
بات واضحاً في السنتين المنصرمتين، أن عالمنا أصبح بالفعل متعدد الأقطاب، ولم تعد قيادته حكراً على الولايات المتحدة الأمريكية بمفردها . والواقع أن ما حدث في كوكبنا، على الصعيد السياسي، منذ سقوط حائط برلين في نهاية الثمانينات من القرن العشرين، واستمر حتى ما قبل أعوام قليلة، هو استثناء في التاريخ الإنساني، حيث النظام الدولي، يحكمه صراع الإرادات وتوازن القوى، وتتشابك فيه كما تفترق المصالح .
وهكذا يتوازن العالم، ويعود إلى النمط الطبيعي الذي حكم التاريخ الإنساني، منذ أعرق الحضارات، ولتنتهي حالة النشوز والانفصام، التي لحسن حظ البشرية، لم تتعد العقدين من الزمن، من تاريخ طويل تعدى آلاف السنين، منذ عرفت البشرية الاجتماع الإنساني، وأشادت المدن والحضارات والإمبراطوريات .
الآن وقد أصبحت التعددية القطبية، أمراً واقعاً، لا جدال حوله، يطرح السؤال، ما الذي ينبغي على العرب، فعله تجاه هذه التطورات، والتي ستكشف الأيام المقبلة أنها أكثر عمقاً مما ظهر على السطح، ويترجم ذلك السعي الأمريكي المحموم، للانسحاب من المنطقة المعروفة بالشرق الأوسط، بما في ذلك الانسحاب من أفغانستان، والتسليم لسياسات روسيا بالأزمة السورية، والحديث عن "جنيف-3"، لإيجاد مخرج سلمي للأزمة، مخرج يعيد أمجاد روسيا القيصرية، والاتحاد السوفييتي، في مياه الأبيض المتوسط، والبحر الأسود ومضيق الدردنيل، حيث تمخر الأساطيل والبوارج الروسية .
يحتفظ الصراع الدولي الراهن، من صراعات الحرب الباردة بخاصيتين: صراع بين شرق وغرب، وصراع بين شمال وجنوب . فمنظومة "البريكس"، التي تمثل الكتلة الاقتصادية المتحدة، في مواجهة الاقتصادات الأمريكية والأوروبية، هي روسيا والصين والهند، والثلاث دول تنتمي إلى الشرق في موقعها وفي ثقافاتها وانتماءاتها . الدولتان المتبقيتان، إحداهما هي جنوب إفريقيا، بمعنى وقوعها في جنوب القارة السمراء، والأخرى، البرازيل وتقع في أمريكا الجنوبية .
الصراع الدولي أثناء الحرب الباردة حمل شكلين: شكل صراع عقائدي بين الشيوعية والرأسمالية، وشكل صراع بين الأغنياء والفقراء . لقد ساد تقسيمان: تقسيم عقائدي يشق العالم أفقياً بين شرق وغرب، وتقسيم رأسي، يشق العالم، من الشمال حيث الأغنياء، إلى الجنوب حيث الفقراء . والتقسيم هذا لا يعني عدم وجود استثناءات، ولكنه يعنى هنا التمركز . بمعنى أين يتمركز الأغنياء، وأين يتمركز الفقراء .
وأي صراع في العالم، بحاجة إلى مؤسسات تعبر عنه، وجدت لدينا مسميات مختلفة، تعبر عن مكنون التقسيم . فالشرق والغرب يتصارعان عقائدياً واقتصادياً وعسكرياً، وفي نطاق كل صراع هناك مؤسسات تعبر عن مصالح كل فريق، لكنهما يلتقيان عند تعبير الدول الصناعية، التي تمثل قاسماً مشتركاً بينهما .
في الجنوب، افتراق حاد عن الشمال، جعل منه عالماً ثالثاً، يضم الجزء الأكبر من سكان القارات الثلاث، آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، التي تحظى بلقب تعويضي، يجعل منها" دولاً نامية"، بينما هي في واقعها غارقة في ظلام الفقر والبؤس . ورغم ما تحمله تعابير الاستقلال والسيادة، لدول العالم الثالث، لكنها جميعاً، ومن غير استثناء، انقسمت في ولائها وتبعيتها، لواحدة من الكتلتين المتنازعتين أفقياً .
الصراع الجديد، مختلف جوهرياً عن الصراع السابق . فرغم أن له صبغة ثقافية، يتخندق بعضه بسحر الشرق، ويتخندق الآخر بالإرث المسيحي، لكنه يخلو من الصبغة العقائدية . فحتى الشيوعية الصينية، لم تعد بالوجه الذي ساد أثناء حكم ماوتسي تونغ، فليست هناك دوغما، بل براغماتية مذهلة، جعلت من الصين تنيناً عاتياً، شق طريقه بقوة ليس لها نظير في التاريخ، في عالم الصناعة والمال . أما روسيا، فتخلت طواعية عن عقيدتها الماركسية، في تحول درامي مثير، أفقدها هيبتها وأحالها إلى دولة ضعيفة في قوتها الاقتصادية، إلى أن نهض بها قيصرها الجديد فلاديمير بوتين، في ظروف تحولات دولية صار مؤكداً، أنها تسير ولمصلحته .
والنتيجة أن التنافس هو بين رأسماليين، وليس كما السابق، بين شيوعيين ورأسماليين . ذلك يعنى أن التحالفات العربية، سواء كانت مع الشرق أو الغرب، هي مع أنظمة سياسية من نمط اقتصادي وسياسي واحد، والتنافس الاقتصادي بينهما على الأسواق العالمية، أمر مشروع . والجانب الإيجابي فيه، أنه يتيح لنا الاختيار، بين أقطاب متماثلة، في أنماط حكمها واقتصاداتها وسياساتها .
كان الاختيار سهلاً أثناء الحرب الباردة، لأن له امتداداته الأيديولويجية والسياسية والاقتصادية . فمن أراد تطبيق الاشتراكية، سينتهج سياسة مؤيدة للسوفييت، وسيكون لذلك تأثيره في الاستراتيجيات العسكرية، ونوع التسليح . والحال هذه صحيحة على الدول التي تنتهج الطريق الرأسمالي . الاختيار سهل، ولكن النتائج خطرة، شقت الوطن العربي إلى معسكرين: معسكر مؤيد للشرق وآخر، مؤيد للغرب، ودخلنا في مواجهات وصراعات، أبعدتنا عن مواقع أقدامنا، وخسرنا الكثير من تلك الصراعات ليس أقلها هزيمتنا في حرب يونيو ،1967 التي أبعدتنا عن تحرير فلسطين، وتحقيق التكامل بين العرب، بمسافات فلكية .
لحسن طالعنا في هذه الحقبة، أننا لسنا مضطرين للدخول في صراعات بسبب تخندقنا مع الشرق والغرب، فجميعهم ينهلون من إنجيل آدم سميث المعروف بثروة الشعوب . وليس من مصلحتنا أن ننساق مع صراع المصالح الذي يحكم العلاقات فيما بينهم . فتنافسهم سيكون علينا، وليس لنا .
المنطقي أن تكون لنا علاقات متكافئة، مع أقطاب الصراع الدولي، من غير تمييز، إلا ما يخدم مصالح وتنمية بلداننا ويحقق الخير والأمن لنا . وكلما تعددت وتنوعت هذه العلاقات، توسعت دائرة الاختيار، وأصبحنا أحراراً، غير مقيدين بالخضوع لإملاءات هذا الفريق أو ذاك .
واقع الحال، أن الانقسام بين البلدان العربية، في علاقاتها مع الغرب أو الشرق، هو رحمة لنا جميعاً، إذ إن الخطورة تكمن في وضع البيض كله في سلة واحدة . وسيكون مجدياً أن يكون ذلك جزءاً من استراتيجية عربية موحدة، إن أمكن ذلك، وليس اختياراً محسوباً على أساس المصالح الفئوية والقطرية . وسيبقى علينا متابعة ما يجري بالتأصيل والتحليل بعد جلاء الغبار، عن بعض ما يجري من تفاعلات وتحولات في الصراعات المفصلية الدائرة الآن، وبشكل خاص بين الأمريكان والروس .
الدولة العبرية... والثورات العربية
مصطفى الفقي (http://alhayat.com/Opinion/Writers.aspx)عن الحياة اللندنية
غطت أحداث كثيرة كما تدفقت مياه هادرة وأنواء عاصفة في المنطقة العربية خلال السنوات القليلة الماضية وكان أبرزها تلك الحركات الاحتجاجية في تونس ومصر وليبيا واليمن وسورية وغيرها، وهي كلها أحداث ملأت الدنيا وشغلت الناس، فحاولت إسرائيل على الجانب الآخر اقتناص الفرصة لتأكيد أمنها وإضعاف خصومها وشد انتباه المنطقة تجاه الملف النووي الإيراني وهي تكاد تفرك يديها في سعادة إذ ترى الجيش العراقي خارج المعادلة بينما انخرط الجيش السوري في المواجهة الدموية مع الثوار وانصرف الجيش المصري إلى الشأن الداخلي ومعارك سيناء، وبذلك شعرت الدولة العبرية - ربما لأكثر فترة في حياتها - بأن المخاطر حولها تتراجع وأن قدرتها على توجيه الأمور وتحريك الأحداث باتت أفضل من أي وقت مضى، حتى جاءت تصريحات زعمائها معبّرة عن ذلك بصراحة ومن دون التواء، خصوصاً بعد أن وفَّر لها حكم «الإخوان» في مصر وثيقةً تصادر الكفاح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، فبدأت دولة إسرائيل تفكر فقط في عدو على حدودها هو «حزب الله» وخصم بعيد عنها تواجه من خلال الولايات المتحدة الأميركية وأعني به جمهورية إيران الإسلامية بأجندتها في المنطقة، ويجب أن ندرك هنا أن إسرائيل تعي جيداً أنها لن تتعرض لضغوطٍ من واشنطن مهما كانت الظروف، ولقد استمعت أخيراً الى محاضرة لوزير خارجية أسبانيا الأسبق ومبعوث السلام في الشرق الأوسط من قبل السيد موراتينوس الذي ذكر أمام الحضور في الجامعة البريطانية في مصر أن «من الوهم أن يتصور البعض أن هناك احتمالات ضغطٍ أميركية في المستقبل على إسرائيل»، لذلك فقد أصبح من المتعين علينا جميعاً أن ندرك الحقائق المجردة إذ أن كل ما كان خافياً أصبح مكشوفاً وما كنا نتصور أنه وهم لدينا اتضح لنا أنه صحيح، ولعلي أبسط تفصيلاً هذا التصور الذي يشرح ما أريد الوصول إليه من خلال المحاور الثلاثة الآتية:
أولاً: قدمت أحداث «الربيع العربي» - عن غير قصد - خدماتٍ جليلة للدولة العبرية فقد أصبحت ترقب الأحداث عن كثب بعد أن رأت ثلاثة جيوش عربية قد انصرفت إلى اهتمامات أخرى منذ خرج الجيش العراقي من المعادلة وانخرط الجيش السوري في مواجهة الثوار بينما استغرقت أحداث مصر جيشها الكبير سواء في سيناء أو في الداخل، وهو ما يعني أن إسرائيل تبدو وكأنها الرابح الأول من مسار الأحداث في الشرق الأوسط والمشهد السياسي العربي عموماً، وقد قال نتانياهو يوم سقوط حكم «الإخوان» في مصر أنها كانت أهدأ سنة بالنسبة لإسرائيل منذ قيام الدولة العبرية! ويكفي أن جماعة «الإخوان المسلمين» قد خلطت بين الكفاح المسلح والأعمال العدائية فوقعت مصر على اتفاقٍ في عهد الرئيس السابق محمد مرسي بأن تكفّ حركة «حماس» عن القيام بأعمال عدائية ضد إسرائيل، ولذلك توارت أحداث الصراع العربي - الإسرائيلي لتأتي تاليةً لأحداث الصراع المحلي في دول «الربيع العربي» والأخبار الدامية التي تتوالى يومياً من بعض العواصم العربية. لقد أصبحنا محاطين بحالة من الفوضى الإقليمية التي نتمنى أن تكون «فوضى خلاقة» كما قالت كوندوليزا رايس الوزيرة الأسبق للخارجية الأميركية، ولديّ يقين أن إسرائيل تقف وراء بعض ما يجري في سورية وأيضاً عملية التحفيز لبناء «سد النهضة» الإثيوبي، فضلاً عن تركيز على العلاقات الأميركية - الإيرانية وموقع إسرائيل فيها، إذ أنها تحاول استثمار كل أحداث المنطقة لصالحها وستجعل الاضطرابات في بعض الدول العربية المجاورة ذريعة لسياسات أكثر عدوانية بدعوى القلق من التطورات الداخلية في دول الجوار العربي خصوصاً مصر، مع استغلال الفرصة للمضي في تهويد المسجد الأقصى وهي أكبر جريمة في حق العالمين العربي والإسلامي.
ثانياً: حاولت إسرائيل في السنوات الماضية أن تسرق اعترافاً دولياً وإقليمياً بمسمّى الدولة اليهودية ولكن الأمر لم يكن سهلاً ولن يكون إلا إذا قامت الدولة الفلسطينية المستقلة في إطار حل الدولتين، ولقد استثمرت إسرائيل ثورات «الربيع العربي» في ظل مفاوضات غير متكافئة تحت رعاية وزير الخارجية الأميركي جون كيري لأن الإسرائيليين يحاولون أن يحققوا في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم العربي خصوصاً دول ما يسمّى «الربيع العربي» ما لم يحققوه في الظروف الطبيعية. إن إسرائيل راصدٌ لئيم تسعى في خبث إلى استبعاد كل عوامل القوى العربية للتركيز على عاملٍ واحد هو عامل الظروف التي جدّت على الساحة العربية على النحو الذي شهدناه في السنوات الأخيرة، كما تحاول إسرائيل - الاستيطانية العدوانية - أن تدس أنفها في شؤون دول الجوار من خلال موضوعات ذات حساسية كبيرة بالنسبة اليها، ويكفي أن نتذكر محاولتها طرح وساطة إسرائيلية بين مصر وإثيوبيا في موضوع «سد النهضة» فهي تريد أن يكون لها موقع ما في ملف مياه النيل لأن ذلك حلم إسرائيلي قديم لن تتراجع عنه أبداً، كما أنها تريد أن تربط بين مشكلة إفريقية في جانب وبين الصراع العربي - الإسرائيلي في جانب آخر، وكأنما تسعى لإيجاد مقايضة غير عادلة مع مصر أكبر دولة عربية في ظل ظروفها غير الطبيعية. إننا نتحدث دائماً عن خلافات عربية - عربية وأخطار إقليمية وننسى التناقض الأساس بين العرب وإسرائيل باعتبارها كياناً غريباً لا يستطيع الاندماج في المنطقة فهي لا تسعى إلى التعايش المشترك ولكن تسعى إلى تثبيت الأوضاع بمنطق القوة.
ثالثاً: يتساءل الكثيرون عن حقيقة الموقف الإسرائيلي من الثورة السورية وهل تقف إلى جانب نظام الحكم أم إلى جانب القوى الأخرى من أطراف الأزمة، والإجابة عن هذا التساؤل ليست سهلة خصوصاً في الوقت الحالي بعد أن تعقدت الأوضاع في ذلك البلد العربي الشديد الأهمية في الصراع العربي - الإسرائيلي والذي يعبّر عن دولة محورية في الحرب وفي السلام مع إسرائيل لذلك فإنني، ومن خلال استقراء ملف الأزمة السورية، أستطيع أن أقول أن الدولة العبرية بمؤسساتها السياسية التي برعت في توزيع الأدوار تبدو حتى الآن منقسمة على نفسها تجاه الوضع في سورية، فاللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية لا يزال في معظمه غير راغبٍ في الإطاحة بنظام الأسد ويرى فيه عنصر توازن للعلاقات السورية - الإسرائيلية على امتداد العقود الأخيرة فضلاً عن أن البديل غير مضمون، فقد تسقط سورية في يد جماعات لا تنتمي الى التيار القومي بل تنتمي الى اتجاهات دينية متطرفة تمارس العنف إلى حد الإرهاب، ولذلك فإن وجهة النظر هذه التي يتبناها اليهود الأميركيون مردود عليها دائماً بمحاولة التخويف الناجم عن العلاقة الوثيقة بين نظامي دمشق وطهران ومعهما بالطبع «حزب الله» بما يمثله من خطر داهم من وجهة النظر الإسرائيلية، وقديماً قالوا (الشيطان الذي تعرفه خير من الملاك الذي لا تعرفه). وإذا انتقلنا إلى صانع القرار الإسرائيلي فسنجد أن نتانياهو وحكومته والمعارضة الإسرائيلية أيضاً لم يستقروا جميعاً على موقف قاطع تجاه مستقبل الدولة السورية وهل هم يرحبون بتفتيت تلك الدولة العريقة المقسمة أصلاً من نسيج «الشام الكبير» وكأنهم يتطلعون إلى «تقسيم المقسم» وتجزئة المجزأ، أم أنهم يخشون المستقبل باحتمالاته المفتوحة؟ وما زالت الأزمة تزداد تعقيداً وتتداخل فيها أطراف عديدة ويتشابك فيها النضال الوطني مع التيارات الإرهابية في الوقت ذاته، والرابح الأول هو الدولة الإسرائيلية، لذلك فإنني أقول هنا إن على العرب أن يتنبهوا الى أن هذه المرحلة التي نمر بها هي واحدة من أصعب المراحل في التاريخ العربي الحديث وأن «الربيع» قد انتهى وأصبحنا نتوقع مزيداً من العواصف الشديدة والرياح العاتية والغيوم التي تمطر ذات يوم قد لا يبدو بعيداً!
لا يمكن أن ننتخب رئيسا لأننا نتوسم فيه خيرا ولا يصح أن ينتخب رئيس ‘على بياض’
حسنين كروم عن القدس العربي
صدرت صحف أمس الاثنين 7 ابريل/نيسان وأبرز موضوعاتها متابعة المأساة التي حدثت في أسوان من قتال بين أبناء النوبة من الدابودية وبني هلال، وأدت إلى مقتل ثلاثة وعشرين من الطرفين، ورغم توجه رئيس الوزراء ووزير الداخلية إلى أسوان والاجتماع مع رؤساء القبائل والاتفاق على تشكيل لجنة تقصي حقائق ووقف أعمال العنف، فقد تجددت الاشتباكات وقتل اثنان وتطايرت الاتهامات من كل طرف إلى الثاني. فالنوبيون اتهموا بني هلال بأنهم تجار مخدرات وسلاح ويوردون البلطجية إلى المظاهرات. وبنو هلال يتهمون النوبيين بذبح ستة عشر من أبنائهم في منازلهم وأن الأمن يعرف كل شيء عنهم، والأمن اكد أنه سيطر على الأوضاع وألقى القبض على عدد من المشتبه في ارتكابهم أعمال العنف.
وفي الحقيقة لا يمكن التأكد من صحة أي ادعاءات ما دامت النيابة العامة لم تحقق وتصدر قراراتها وتحيل إلى محاكم وتصدر عنها الأحكام النهائية.
وأمس توقفت جريدتا الاهرام و’الوطن’ عن تبادل الاتهامات في ما بينهما بعد أن وصلت الى ذروتها يوم الأحد بقول ‘الوطن’ عن رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام زميلنا الدكتور أحمد السيد النجار:
‘أكد مصدر مسؤول بمطابع الأهرام بالسادس من أكتوبر لـ’الوطن’ أن اتصالات هاتفية تجري مع النجار يوميا بالمطابع تتضمن امرا بعدم طبع الوطن حتى ساعة متأخرة من الليل، رغم استعداد ماكينات الطباعة للعمل في الوقت المحدد. وقال المصدر ان اخر اتصال تم إجراؤه مساء الخميس الماضي تضمن تعليمات رسمية بالقضاء على ‘الوطن’ في السوق تماما قبل نهاية شهر إبريل/نيسان. وحررت ‘الوطن’ أربعة محاضر متتالية ضد الاهرام في قسم الشرطة ثان بالسادس من أكتوبر وتعتزم ‘الوطن’ رفع دعوى قضائية ضد الاهرام لمطالبتها بالتعويض عن الأضرار الأدبية والمالية التي لحقت بها جراء هذا التعسف وتمادي رئيس مجلس إدارة الاهرام في ابتزازه لـ’الوطن’ بحجز مستحقاتها المالية في مكتبه، ورفض توقيع شيك بالمتأخرات التي وصلت إلى ستين يوما، وهي مبالغ ضخمة قامت الاهرام بتحصيلها من بائعي الصحف من حصيلة بيع نسخ ‘الوطن’، وترفض تسديدها لها للضغط عليها ماليا لأهداف سياسية وشخصية سوف تكشف عنها ‘الوطن’ بالوقائع لاحقا.
وفي اليوم نفسه الأحد قالت الاهرام: ‘كانت مؤسسة الأهرام قد ترفعت عن الإشارة إلى كل ما تفعله الوطن، الذي يأتي في أعقاب سعي الأهرام للحصول على حقوقها لدى الأستاذ عماد الدين أديب احد المساهمين في جريدة ‘الوطن’ والمدين لمؤسسة الأهرام بأكثر من ستة عشر مليون جنيه، الذي تفاوضت معه الاهرام طويلا لرد تلك الحقوق، لكنه لم يفعل سوى المراوغة وعدم الوفاء بأي وعود، وعدم تنفيذ أي اتفاقات شفوية أو مكتوبة، مما دفع الاهرام لمقاضاته وأخذت عليه حكما بالسجن، سنسعى بالتأكيد لتنفيذه إذا لم تعد حقوق الأهرام وللجريدة خاصة، فـ’الأهرام’ ماضية في مسارها للمزيد من التقدم والتطور كأكبر صحيفة مصرية وعربية تعبر عن ضمير الوطن وعن رحابة التنوع الفكري والثقافي فيه ولن نلتفت لأي مهاترات وهذه كلمة أولى وأخيرة في هذا الموضوع .
ونشرت الصحف عن استمرار محكمة الجنايات في نظر القضية المتهم فيها كل من رئيس الوزراء في عهد مبارك، عاطف عبيد ووزير الزراعة يوسف والي في التورط في بيع أرض جزيرة البياضية في أسوان، وهي محمية طبيعية لرجل الأعمال وصديق مبارك حسين سالم. ونجاح رئيس الجمهورية عدلي منصور في حل قضية أرض ومباني جامعتي النيل وزويل بالاتفاق بينهما. وواصلت الصحف الحديث عن استمرار انقطاع الكهرباء وحملات التوقيع على التوكيلات للسيسي وحمدين وإعلان مرتضى منصور المحامي ورئيس نادي الزمالك الترشح للرئاسة.
والى قليل من كثير لدينا…
تحذير السيسي من عمرو موسى
وفي يوم الخميس قام زميلنا وصديقنا في ‘الوطن’ أحمد الخطيب بتحذير السيسي من عمرو موسى الذي يشرف على حملته الانتخابية بقوله عنه: ‘الشعب قام بواجبه في مساندة السيسي منذ حكم الإخوان لوضع دستور 2012 عندما كان موسى في حضن الجماعة من خلال الجمعية الاخوانية للدستور، التي انسحب منها عمرو مع أحمد ماهر مؤسس 6 إبريل متأخرا، بعد أن تأكد الاثنان من فشلها، وذرا للرماد فقد كان المرشح الرئاسي الخاسر يردد وقتها كثيرا مقولة انه مع استمرار مرسي حتى انتهاء فترة ولايته 4 سنوات، وبعدها التقى مع عصام العريان مصادفة ذات مرة ووجه له القيادي الإخواني رسائل مهينة رصدتها وسائل الإعلام آنذاك بالصوت والصورة لم ينفعل عمرو أو حتى يرد الاهانة في حقه، وقبل 30 يونيو/حزيران بأيام، وبينما الشارع منشغل بالاستعداد للإطاحة بالإخوان كان موسى وشبيهه أيمن نور الذي كان ضمن حملته الانتخابية يجلسان مع قائد الجماعة خيرت الشاطر في جلسة سرية سربها نور والإخوان ليفضحا المرشح الرئاسي السابق والساذج ويكشفا تلون الرجل.
قامت ثورة 30 يونيو وركبها عمرو موسى كما ركب يناير، ثم بدأ رحلة البحث عن منصب وتوجها برئاسة الجمعية التأسيسية للدستور’.
الدستور الحالي وضع رقبة الرئيس تحت رحمة البرلمان
والتحذير والهجوم على عمرو موسى أطلقه ايضا يوم السبت زميلنا في ‘أخبار اليوم’ محمد عمر بقوله: ‘من تدابير القدر أو سخريته أن يختار المشير السيسي ضمن حملته الانتخابية ليكون رئيسا أربع شخصيات، كانت وراء أن يكون هذا الرئيس ‘اللي هم ضمن حملته بلا أي صلاحيات أو بالبلدي وجوده زي عدمه’، فالسادة أعضاء لجنة الخمسين لكتابة الدستور الذين استعان بهم السيسي في حملته، كانوا هم تحديدا من حولوا رئيس الجمهورية ولأول مرة في تاريخ البلد من حاكم فعلي إلى رجل بركة، ‘لا يهن ولا ينس′ بعد أن نزعوا منه وعنه كل الاختصاصات والصلاحيات، وجعلوه بفضل ذكائهم لا يستطيع أن يخطو خطوة أو أن يشيل حتى كرسيا من مكانه، إلا بعد ان يحصل على موافقة البرلمان. ومن المؤكد أن ده كان الدافع والسبب الحقيقي وراء أن تكون الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، فالدستور الحالي وضع رقبة الرئيس تحت رحمة البرلمان، بفضل أعضاء حملته الانتخابية’.
لا وقت للكلام والخطب
وإذا انتقلنا إلى جريدة ‘الفتح’ لسان حال جمعية الدعوة السلفية التي خرج من عباءتها حزب النور، سنجد أن صاحبنا علي حاتم اخذ يدعو السيسي من دون ذكر الاسم، ومشبها إياه بخالد الذكر، من دون ذكر الاسم أيضا بقوله وهو يخاطب أمه مصر: ‘أنت يا مصر في حاجة إلى زعيم يعيد ترتيب جسدك الذي ترهل فصار لا يعرف رأسه من وسطه ومن قاعه، زعيم قوي يميز الطبقة العليا في المجتمع ويحددها تحديدا دقيقا، يأمرها فتطيع من خلال برنامج تتحمل فيه هذه الطبقة مسؤولية المساعدة الجادة في سد احتياجات الطبقة الفقيرة، التي تزداد فقرا يوما بعد يوم، زعيم يميز الطبقة المتوسطة في المجتمع التي التصقت مع الأسف بقاعه، فصارت هي الأخرى لا تستطيع تدبير احتياجاتها الضرورية بعد أن كان بناء الأمة يقوم عليها كما يحدث في كل المجتمعات. فالطبقة المتوسطة عادة ما تكون طبقة التكنوقراط المتعلمين المثقفين الباحثين في كل العلوم…
آن الأوان يا مصر أن تنهضي فنحن نشم رائحة زعيم مقبل ينجح، إن شاء الله، في دفعك إلي الامام بعد أن يعيد ترتيب جسدك المترهل مستعينا بحول الله وقوته، يتقي الله في هذا البلد ويستقطب حوله أبناء مصر الصادقين، وما أكثرهم نحن نشم رائحة زعيم مقبل يعلم جيدا أن الناس ستعرفه من خلال نوعية المساعدين الذين سيلتفون حوله، يضع خطة تنفذ بصرامة وبدقة، يدفع من خلالها مصر إلى الأمام، زعيم ترتعد من قدومه فرائص المفسدين الذين آن الأوان للقضاء عليهم واستئصال فسادهم من جذوره وتجفيف منابعه.. زعيم يعرف جيدا أنه لا وقت للكلام والخطب فكفى ما مضى من كلام، ولو أن هناك في الدنيا آلة تستطيع أن تحدد أكثر البلاد كلاما في العالم لاحتلت مصر المرتبة الأولى بجدارة’ .
متى يعتذر مبارك للشعب المصري؟
أما الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك فقد تسبب في إشعال معركة أخرى بين السيسي وحمدين عندما نشرت له يوم الخميس جريدة ‘المصري اليوم’ حديثا أجراه معه زميلنا محمد سميكة، قال فيه عن حمدين انه مفيش فايدة منه وتعاون مع الإخوان، وقد شن عليه يوم السبت زميلنا وصديقنا في ‘المصري اليوم’ محمد أمين هجوما عنيفا قال فيه: ‘لم نكن في حاجة إلى نصيحة مبارك لنعرف إن المشير السيسي رجل المرحلة، لم يضف شيئا إلى السيسي، جائز خصم منه بتصور البعض كذبا، أن السيسي امتداد لمبارك. مفهوم بالطبع أنه كلام انتخابات لا يعني أن هناك شرائح معينة تدعم السيسي أنها محسوبة عليه أو أنه محسوب عليها، يمنعني الحياء أن أقول له نقطنا بسكاتك اسكت حتى تنتهي الانتخابات على خير، أسكت للأبد فقد أفسدت الماضي، فلا تضيع المستقبل. ليس غريبا على مبارك أن يقول ما قال، الرجل لم يقتنع ذات يوم بأهمية وجود آخرين إلى جواره، السياسة التي كان يعرفها ويفهمها هي أنه وحده لا شريك له، لا يدري أن الدنيا تغيرت، لا يدري أنه أعطى المبرر لحملة صباحي بالطعن في انتماءات المشير السياسية، لماذا لم يعتذر مبارك؟ ما دام الرجل يستطيع الكلام فلم لا يعتذر؟.. لماذا لم يوجه كلمة الى الشعب يعتذر فيها عن أخطاء الماضي وخطاياه؟ متى يقول لنا كيف سمح باللعب مع الإخوان؟ كيف وصلوا إلى البرلمان؟ كيف صنعوا إمبراطورية صناعية وتعليمية بالمليارات، بينما هم جماعة محظورة؟ لماذا قمع ومسح الأحزاب المدنية؟ لماذا ينكر حتى الآن أنه أفسد الحياة السياسية؟ إلى متى ينتظر؟ يعني ايه ما قاله مبارك للزميل الواعد محسن سميكة؟ يعني إيه مقولة ‘حمدين صباحي مفيش فايدة منه ومينفعش يبقي رئيس؟’ أستطيع أن أقول إن واحدا بعد مرسي يصلح للرئاسة لو كان صباحي في كفة ومرسي في كفة ترجح كفة صباحي. لا أدافع عنه ولا انحاز إليه، صباحي حصد خمسة ملايين في أول انتخابات بعد الثورة، خضع لاختبارات الترشح الآن لا مخبول ولا مجنون ولا مشروع ديكتاتور، ربما كان الظرف مختلفا ربما كانت المرحلة قد تجاوزت صباحي لكنه يبقي سياسيا محترما ليصنع معركة رائعة…
لا أظن ان حمدين صباحي يتمسح في الناصرية وعبد الناصر.. هو ناصري فعلا حتى النخاع كون الجماهير رأت في السيسي عبد الناصر نفسه فهذا لا يغير في الأمر شيئا، فلا السيسي سيقدم نموذج عبد الناصر بحذافيره ولا ابتعاد أبناء عبد الناصر عن صباحي سيجعله يخلع عباءة الناصرية’.
الكلمة الفصل في اختيار الرئيس ستكون للمواطن
وفي ‘الوطن’ يوم السبت أيضا تعرض مبارك إلى هجوم ثان من مستشارها الإعلامي الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة الدكتور محمود خليل بقوله: ‘حمدين صباحي ده مفيش فايدة منه هكذا قال مبارك عن المرشح المحتمل المنافس للمشير السيسي، لماذا لا توجد فائدة من حمدين صباحي، رغم أنه سبق وترشح وحصد ما يقرب من خمسة ملايين صوت ورغم أنه يمتلك برنامجا قد نتفق او نختلف معه، لكن يبقى أن من حقه أن يقدمه إلى الرأي العام المصري والاختيار بعد ذلك للشعب، فالكلمة الفصل لابد أن تكون للمواطن، إلا أننا أمام رئيس أسبق يرى أن شعبه غبي لا يفهم، جاهل لا يعلم، وان من الخير له أن يفرض عليه من يحكمه فرضا، لقد قال مبارك ‘انتو اللي اخترتوا الإخوان’ لكن هذا الشعب نفسه هو الذي أطاح بهم حين خرج في 30 يونيو/حزيران. كان من الممكن أن يفكر مبارك على هذا النحو، لكن كيف يفعل ونحن أمام رئيس يحتقر شعبه، ما الذي يدعو رئيسا أسبق إلى أن يعبر عن خوفه من ان يصاب بالجنون من حمدين صباحي المرشح المحتمل الوحيد للآن. الشهادة الذاتية بالاستبداد ورغبة دفينة لديه بإعادة مصر مرة ثانية إلى عصر جمهورية الاستبداد التي تأسست خلال فترة حكمه’.
في مصر من يحمل السلاح يفرض القانون!
وعن دلالة ما يحدث في أسوان من معارك بين قبيلتي بني هلال والدابودية يحدثنا رئيس تحرير ‘المصريون’ جمال سلطان يقول:’ما يحدث في أسوان على مدار الأيام الثلاثة الأخيرة خطير للغاية، صحيح أن عدد الضحايا مؤلم جدا وخطير في حد ذاته، ولكني أتصور أن دلالة الحدث أشد خطورة من نتائجه المعلنة حتى الآن، والأخبار التي ترد حتى كتابة هذه السطور تفيد بأن عدد القتلى زاد على خمسة أشخاص اليوم بعد تجدد الاشتباكات، وبعد الرحلة المباركة لرئيس مجلس الوزراء مصحوبا بوزير الداخلية، تفجرت الأحداث في اليوم التالي للزيارة، بمعنى ألا قيمة لمن ذهبوا، لا رئيس الوزراء ولا وزير الداخلية. والحقيقة أن أحداث أسوان ليست استثناء مما يحدث في مصر الآن، ربما حجم الضحايا لفت الانتباه بقوة لما يحدث هناك، ولكن هناك مناطق أخرى في عموم مصر، من الصعيد للدلتا تعرف مثل هذه الأحداث في الأشهر الماضية بصورة متكررة، وهناك واقعة حدثت على أطراف العاصمة ذاتها قبل أسابيع بين قريتين من قرى الجيزة واستخدمت فيها أسلحة ثقيلة، ولكن ألطاف الله حفظت البلاد من الدماء والقتل فمرت بسلام .
تعجل المتحدث باسم القوات المسلحة أمس واتهم الإخوان المسلمين بالتورط في تلك الأحداث، بدعوى أن مدرسا إخوانيا حرض الطرفين على بعضهما بعضا، وهذا ـ إن صح ـ يعني أن الحالة في البلد رخوة جدا أو ملتهبة وسريعة الاشتعال وأصبحت مؤهلة للاستجابة لأي صوت مهما كان تافها، لتقوم فيها الحروب الأهلية الطاحنة، هذا إن صح الاتهام، وهذا نذير شؤم على البلد، ويعني أن خطر الحروب الأهلية الصغيرة ليس بعيدا عنها، ولكن رئيس الوزراء بعد زيارته طلب تشكيل لجنة تقصي حقائق للوقوف على أسباب ما جرى هناك وتحديد المتهمين، وهذا يعني أن إطلاق الاتهامات لهذا أو ذاك مبكرا كان خطأ وغير صحيح، وهناك اتهامات نشرت في بعض الصحف والمواقع تصل إلى حد الإسفاف والتدني، مثل اتهام المهندس خيرت الشاطر عضو مكتب ارشاد الإخوان المسجون منذ عدة أشهر بالتورط في أحداث أسوان، غير أن بعض الإشارات التي يمكن أن تفهم في بيان المتحدث العسكري، وما تسرب من أخبار أخرى أقل موثوقية من أن هناك خلفيات سياسية بشكل جزئي وراء الأحداث في أسوان، من شأنها أن تضفي أبعادا أكثر خطورة، إذ تردد أن الهلالية من المؤيدين لمرسي وأنصار الشرعية وأن الدابودية من المؤيدين للسيسي، فلو صح ذلك فإنه سيجرنا إلى تأمل سيناريوهات كابوسية يمكن أن تحدث في مصر خلال المرحلة المقبلة، على خلفية الانقسام السياسي بعد الإطاحة بمرسي، خاصة مع انتشار السلاح في أيدي العائلات والأفراد على نطاق واسع، أضف إلى ذلك تسريبات إعلامية وحقوقية عن انتماء قيادات أمنية وسياسية رفيعة إلى هذه العائلة أو تلك القبيلة، بما يعني أن جسم الدولة نفسه مخترق ومتورط في تلك المواجهات .
أيضا ما حدث ويحدث في أسوان يعطي انطباعا بأن الدولة المصرية في أضعف حالاتها، وأن أجهزتها ومؤسساتها أهون من أن تسيطر على أطراف البلاد وتمنع الاشتباكات المسلحة بين القبائل والعائلات، أو أن الدولة مستنزفة في صراعها السياسي مع أنصار مرسي، مما يجعلها غير قادرة على استيعاب هذا التهديد الاجتماعي الخطير، وهناك إجماع من الشهادات التي أدلى بها شهود عيان في الأحداث أن الدولة غائبة، والشرطة غير موجودة أو تتفرج على الأحداث من بعيد لبعيد، وأن محافظ أسوان استغاث بالقوات المسلحة التي أرسلت طائراتها تزمجر فوق المدينة وضواحيها قبل أن تختفي لتعود المعارك من جديد، ومن مساخر الأحداث أن المحافظ حاول أن يصل إلى موقع الأحداث لمقابلة الأطراف فيها فطرقع الرصاص فوق رأسه فعاد مذعورا إلى مكتبه .
عندما يعيش الوطن أجواء مشحونة بالعنف المفرط واسترخاص الدم، وحالة العدالة فيه ليست على ما يرام، والقانون يفرضه من يحمل السلاح وليس من يحمل الحق، فإنه من الطبيعي أن ينتشر العنف في أي لحظة وأي مكان لأهون الأسباب ولأي شرر مهما كان صغيرا أو تافها ، نسأل الله اللطف بمصر وشعبها’ .
اللهم ارحم مصر وشعب مصر مما قدرت وحكمت
اما زميله حسام فتحي فيتحدث لنا في العدد نفسه عن صفات الرئيس القادم الى مصر في مقال عنونه بـ ‘الحصان الاسود في الزمن الابيض’ يقول:’
كحصان اسود جامح.. قادم من عمق الغمام الاسود الكثيف.. بارق.. راعد مهيب.. كاشف.. مرعب لكل من يسترق النظر لعينيه الخضراوين الغامضتين.. رهيب لكل من يفكر في سطوته وحدة ألفاظه وصرامة تعبيراته شاق حاجز الزمن.. ممزق استار الغموض هاتك كل الحجب.. مبعثر كل الطواطم المتحجرة.. والتعاويذ البالية صارخ من قبل المجهول: ها أنذا يا شعب المحروسة ‘أهبط”إليكم مادا يدي.. ‘بيضاء’ بغير سوء.. لانتشلكم من غياهب الظلمات ودياجير الغموض الى المستقبل المشرق.. والغد الوضاح لنحلق معا فوق قمم الجبال الشامخة، محولا الصحراء سندسا اخضر يانعا، وداعيا الانهار عذوبا فراتا لا تجف او تنتهي او حتى يهدأ جريانها، وستعمل المصانع بطاقاتها القصوى ليلا ونهارا، وتفيض الارزاق انهارا.. انهارا..، وتختفي الامية، وأقضي على كل الحرامية، وأسترد حقوقكم ممن ظلمكم بذراعي وأنتم تعرفون باعي فوق كل باغي.. الحمد لله بعد اكتساحه لانتخابات القلعة البيضاء العتيدة، وفأله الحسن بفوز الفريق الذي كان بعيدا.. بعيدا، تقدم سيادة الرجل الجليل ذي الرأي السديد والتاريخ المديد واللسان غير ‘السليط’، والعفة المفرطة، والثبات على المبدأ لحكم ام الدنيا، وفي لحظة فارقة اعتقد انه سيكون ‘الحصان الاسود’ في الزمن ‘الابيض من الثلج’ الذي تعيشه المحروسة ويتمرمغ في ثلوجه الصهباء اهلها المحظوظون بوجود معاليه في عهدهم السعيد، او وجودهم في عهده الميمون لا فرق.. فلم يعد هناك فرق.. ولم يعد هناك من يعرف الفرق!
اتسعت حدقتا عيني وأنا أبحلق في شاشة ‘المرناة’ محاولاً سبر غور الرجل.. نعم هو جاء جاداً مقطباً جبينه عازماً على الترشح، ليس مازحاً ولا ممازحاً، ولم لا وهو على رأس القلعة البيضاء ينظر إلينا من فوق السحاب مرتئياً أنه طالما حكم القلعة فإن على المحروسة كلها أن تخضع لسطوته، وتخشى حدة لسانه وصرامة كلماته وقسوة عباراته.
اللهم ارحم مصر وشعب مصر مما قدرت وحكمت.
يا رب.. إذا كان شعب القلعة البيضاء يستحقون ما حاق بهم بأيديهم، فإنا نرجو عفوك وكرمك ومسامحتك لبقية أهل المحروسة.
اللهم لا تحقق فينا قول إخوتنا الشوام ‘هيك شعب بده هيك مرشح’.
واللهم احفظ مصر وأهلها من كل سوء’.
لا توجد ديمقراطية أو شبه ديمقراطية ينتخب فيها الرئيس بغير برنامج
وفي ‘الشروق’ عدد امس الاثنين وجدنا الكاتب فهمي هويدي في انتظار العريس او الرئيس:’اختلطت علينا الأمور في مصر بحيث صرنا بحاجة للتنبيه إلى الفرق بين انتخاب العريس وانتخاب الرئيس. ذلك ان العريس عادة ما ينتخب لفضائله الشخصية وربما أيضا لقدراته التي تمكنه من إدارة البيت وتحمل مسؤوليته. وإذا شاب القصور بعض تلك القدرات، المالية مثلا، فإن المثل الشائع في مصر ينحاز إلى قبوله، رغم ذلك، ترجيحا لسجل فضائله باعتبار أن ‘شراء الرجل’ في هذه الحالة قيمة لا تعوض، في حين كل ما عدا ذلك يمكن تعويضه في المستقبل. لأن إدارة الدولة غير إدارة البيت، فإنه يتعذر المساواة بين شراء الرجل وشراء القائد أو الرئيس. وإذا كان الأول يتم انتخابه لفضائله الشخصية، فإن ذلك لا يعد كافيا في الحالة الثانية. ولعلي لست بحاجة إلى تبيان الفرق بين مشروع الأسرة ومشروع الدولة، حيث لا وجه للمقارنة بين المواصفات المطلوبة لتنفيذ المشروعين. ولا سبيل للمقابلة بين طموح العريس رب الأسرة وطموح الرئيس الذي يقود الدولة. وحدود طموح الأول مفهومة، لكن طموح الثاني لا حدود لها، لكنها ينبغي أن تكون معلومة. وفي كل الأحوال فإننا لا نعرف رئيسا ينتخب استنادا إلى فضائله الشخصية وحدها. وإنما ينبغي له فضلا عن ذلك ان يقدم نفسه إلى المجتمع من خلال رؤيته أو انجازاته وخبرته، ولا يصح بأي معيار ان ينتخب رئيس ‘على بياض’. أعنى بلا رصيد من التاريخ يعزز كفته، أو إنجاز على الأرض يرفع من قدره وقامته، ولا رؤية تشي بهمته. بكلام آخر فإننا لا نستطيع أن ننتخب رئيسا لمجرد أننا نتوسم فيه خيرا، أو أن المصادفة التاريخية جعلتنا نحسن الظن به.
انني استحي أن أضرب المثل بمدربي فرق كرة القدم، الذين لا يسمح لواحد منهم ان يتبوأ تلك المكانة إلا بعد أن يثبت جدارته ويؤكد تاريخه على قدرته على الانجاز، ويطمئن ‘النادي’ الذي يلتحق به إلى أنه قادر على ان يحقق للفريق طموحاته التي يتطلع إليها. وما لم ينجز ما وعد به فإنه ينحى عن موقفه على الفور.
لا توجد ديمقراطية أو شبه ديمقراطية ينتخب فيها الرئيس بغير برنامج يوضح للناخبين بنود عقده المفترض معهم. ليس فقط لكي يعرفوا إلى أين هم ذاهبون تحت قيادته، ولكن أيضا لكي يتمكنوا من محاسبته على مدى وفائه بما تعهد به…
ما كان لي أن أذكِّر بما أحسبه أمرا بديهيا من المعلوم في السياسة بالضرورة، إلا حين ترددت في وسائل الإعلام مؤخرا مقولات استلهمت في ما يبدو مقولة ‘شراء الرجل’. وادعت ان المشير السيسي لا يحتاج إلى برنامج ليخوض به الانتخابات الرئاسية. وحجتهم في ذلك انه محل ثقة، والتفاف الناس حوله مؤكد ومضمون. وبنوا على ذلك ان تقدمه بشخصه كان يغني عن أي برنامج. وتلك دعوة خطرة. ليس فقط لأنها تحثنا على التوقيع له على بياض. وليس فقط لأن فضائله تحسب له وليس لنا. ولكن أيضا لأن الرجل رغم سجله الوظيفي المتميز، إلا أنه بلا تاريخ في السياسة أو في الحرب، لذلك يدهشنا ان يقترح علينا البعض ان نسلمه قيادة الوطن من دون ان يتوفر لنا معيار يمكننا من ان نسائله أو نحاسبه على ما فعل أو لم يفعل ــ هل هذا هو المجتمع المدني والديمقراطي الذي قامت لأجله الثورة ودفع ثمنه من دماء آلاف الشهداء؟!’.
قوى مدنية كثيرة الكلام قليلة الفعل
المصريون بعد ثلاث سنوات من الثورة، وبعد أن خلعوا رئيسين وأزاحوا نظامين، ليسوا على ما يرام، هذا ما يحدثنا عنه الكاتب عماد الغزالي في ‘الشروق’ عدد امس الاثنين يقول:’هذا كلام قلته من قبل، واليوم أعيده لأذكر نفسي وأذكركم بحجم المخاطر التي تواجهنا خلال الفترة المقبلة، بعيدا عن المكايدة السياسية ومشاحنات فيس بوك وتويتر وانحيازات كل فريق في مواجهة الفريق الآخر، ما يلقي بظلاله القاتمة على صورة المستقبل، ويجعل معجزة الرئيس المنتخب أيا كان، هي بث الأمل في نفوس الناس. أسميها معجزة لأن إدراكها لن يكون سهلا، فالمصريون بعد ثلاث سنوات من الثورة، وبعد أن خلعوا رئيسين وأزاحوا نظامين، ليسوا على ما يرام، وبدلا من تمجيد الثورة والفخر بها، فإن قطاعات واسعة حين تنظر إلى حالها، وتتكشف أمامها حقائق جديدة ودوافع متباينة لمن احتشدوا خلفهم في الميادين، يتساءلون عن جدوى ذلك كله، وانعكاسه على أحوالهم المعيشية. يواجه صانع الأمل في هذا المناخ المفعم بالقلق والترقب تحديات كبرى: نخبة مشوشة وقوى مدنية كثيرة الكلام قليلة الفعل، لم تتعلم ولا تنوي أن تتعلم من أخطائها، لم تفهم أن صراخها على الفضائيات وخناقاتها على صفحات الجرائد ليس هو منتهى السياسة، لم تستفد من دروس الانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة، حين أشعلت الفضاء الإعلامي والإلكتروني جدلا وعراكا، وحين حانت لحظة الجد، واحتكم المتنافسون إلى الصناديق، كانت الغلبة لآخرين، عرفوا كيف يخاطبون الشارع ويخطبون ودّه… سيكون على الرئيس القادم، أن يواجه سقف طموحات مرتفعا، تقابله موارد طبيعية وبشرية متواضعة، وهنا بالضبط سر نجاح الرئيس الجديد ومكمن فشله. عدد سكان مصر وصل إلى 94 مليون نسمة، وسنصل إلى 100 مليون خلال ثلاثة أعوام. حصتنا من المياه مع بناء سد النهضة ستنخفض بمقدار 15 مليار متر مكعب، بما يعني وقوعنا في براثن حالة مريعة من الفقر المائي، وما يترتب عليها من تأثير مباشر على الزراعة والكهرباء، وقد يترتب على ما سبق دخول مصر في حرب دفاعا عن حصتها. في مصر أكثر من ثلاثة ملايين طفل شوارع وأكثر من 17 مليون مواطن يعيشون في العشوائيات، 20′ منهم فى القاهرة وحدها…
هذا بعض ما ينتظر الرئيس المقبل وينتظرنا معه، والخلاصة: إما أن نبدأ العمل معا، أو نواصل المكايدة والمكلمة’.
الرئيس والكاريزما !
الياس الديري عن النهار اللبنانية
لا يستطيع المخضرمون إلا أن يقارنوا بين لبنان الأمس ولبنان اليوم. بين المعارك الرئاسية التي ما كانت تختلف عن المهرجانات والأعراس والغموض الذي يكلِّل الاستحقاق الرئاسي اليوم.
ولا يستطيعون مغادرة زاوية الحنين إلى ذلك اللبنان الديموقراطي البرلماني، الذي يؤمّه كبار المسؤولين والمثقّفين العرب ليتتلمذوا ويتنشّقوا نسيم الحريّة، سواء تحت قبّة البرلمان، أو صفحات الصحف، أو على رصيف مقهى "الهورس شو".
كلّنا نحاول إقناع أنفسنا أن ذلك اللبنان مضى. ولَّى. وعلينا أن نتعامل مع هذا اللبنان بكل انتكاساته، وتعاساته، وأزمَاته.
على افتراض أن الانتخابات الرئاسيَّة آتية لا ريب فيها، وستتم إجراءاتها الدستوريّة في موعدها المحدّد. وهذا أمر خاضع لتطوّرات واحتمالات ومفاجآت لا تُحصى. إنما على افتراض أن كل شيء حسَن، فمن المناسب والضروري الدخول في كلام صريح عن الشخصيَّة الرئاسية. عن كاريزما الرئيس المفترض أن يملأ الكرسي، ويملأ المنصب، ويملأ القصر، ويملأ البلد مهابة واحتراماً وعدالة وترفّعاً وتعفّفاً وشهامة وطمأنينة.
فيعتزّ اللبنانيّون: هذا هو الرئيس الذي كان يحتاج إليه لبنان وينتظره اللبنانيون. "كاريزما رئاسيّة" من عيار نادر، كانوا يقولون عن هذا الرئيس أو ذاك ويسكتون.
هكذا، على هذا المنوال، على هذا المستوى، كان الكبار والعمالقة في عالم السياسة والحقوق والديموقراطيَّة يتحدَّثون يوم يحين ميعاد الكباش والتصويت في مجلس النواب.
الزمن العظيم المختلف المتفوِّق لا يصنع نفسه. يصنعه المتألِّقون في ميادين القانون والثقافة الديموقراطيَّة والأصول البرلمانية وحقوق الوطن ثم المواطن، فالتقاليد والأعراف.
فشخصية الرئيس، أو الكاريزما، لا تؤهّل الشخص فقط للرئاسة، بل تعكس بريقها ومهابتها على الرئاسة وعلى البلد و... على القوانين والواجبات والمسؤوليات أيضاً. لذا كان الرئيس يُقرأ من شخصيته وتاريخه، مثلما الكتاب يُقرأ من عنوانه وكاتبه.
نعترف أن ذلك كله كان في زمن مضى. زمن التهمته حروب الآخرين، بمشاركة "فعّالة" من بعض "فاعلياته" وفئاته.
ونعترف، تالياً، أن الكبار والأكابر وأصحاب القامات والكاريزما أصبحوا من الذكريات. بل من العلامات الفارقة على جبين لبنان، المقبل اليوم على امتحان رئاسي جديد قد يكون مرشّحاً للتأجيل وفق حسابات وتحليلات مَنْ يقرأون كتاب لبنان على ضوء التطوّرات المحيطة به، من سوريا إلى العراق فمصر فتركيا، آخذين في الاعتبار الأدوار الإقليميَّة التي بات لها مُريدون وأتباع ومصفّقون.
في ذلك الزمن كنا نسألهم بصوت التحدّي: ماذا أعددتم للبنان الغد، لبنان التطوُّر والازدهار وكرامة الإنسان، لبنان التحدّي في العصر الآتي؟ مثلاً... لقد ذهبوا وأخذوا لبنان التحدّي معهم. فهل تُطرح هذه الأسئلة في هذا الزمن؟.
عشاء سياسي مثير للجدل في أبرز مخيم للاجئين الفلسطينيين في عمان: .. إقصاء المصري لصالح مسلماني و”عطية” ونواب “التمثيل” قاطعوا المناسبة (http://www.raialyoum.com/?p=72660)رأي اليوم- جهاد حسني
تفاعلات ساخنة في العاصمة الأردنية عمان بعد “عشاء سياسي” خاص أقيم لرئيس الوزراء عبدلله النسور في مخيم الحسين للاجئين الفلسطينيين وهو المخيم الوحيد في قلب المدينة العاصمة .
العشاء أغضب العديد من الشخصيات البارزة في الوسط الفلسطيني السياسي بعدما تخلله وعود حكومية بتقديم دعم مالي لمؤسسات المخيم لم يكن مرصودا في موازنة الدولة كما أفاد أكثر من مصدر.
تم ترتيب العشاء عبر رجل أعمال من أصدقاء الرئيس محمود عباس عضو في مجلس النواب الأردني هو أمجد مسلماني الذي فاز بإنتخابات النواب الأخيرة عن الدائرة الثالثة في العاصمة .
مسلماني بدعم وإسناد من الحكومة ورئيسها عبدالله النسور وجهات أخرى إضافة للأخوان المسلمين أصبح فجأة رئيسا فخريا لنادي مخيم الحسين الرياضي مما تم إنجازه بإقصاء الرئيس الأسبق لنفس النادي طاهر المصري الذي يعتبر من أبرز الشخصيات في الوسط الفلسطيني.
لاحقا قرر النسور دعم المسلماني بطريقة مختلفة حيث قبل دعوته على عشاء خاص مع حديث لنخبة المخيم .
وجهت الدعوة ببطاقات لنحو 300 شخصيا من أبناء المخيم ولوحظ ان المصري نفسه لم يلقي كلمة كالمعتاد في هذا المخيم الموجود في وسط العاصمة عمان.
نائب بارز في البرلمان هو خليل عطية يعتبر من الشخصيات المرجعية في مجلس النواب رفض حضور الدعوة بعد أن تقدم بها مكتب رئيس الوزراء بسبب طبيعة الترتيبات التي تنطوي على محاولات تجاوز لحضور عائلة عطية الشعبي والسياسي القوي في المخيم.
عطية نفسه كان قد أقام لرئيس وزراء سابق هو نادر الذهبي حفل عشاء في المخيم حضره أكثر من ثلاثة ألاف ضيف لكن التقدم بمسلماني ودعمه رسميا كواجهة للمخيم أثار العديد من التساؤلات حول طبيعة التنسيق بين الحكومة الأردنية وبعض النخب المقربة من حركة فتح وأوساط الرئيس عباس خصوصا وان مسلماني حديث عهد في العمل السياسي من حيث المبدأ.نواب أخرون ومتعددون قاطعوا الحفل إحتجاجا على محاولات تجاهل مرجعية المخيم عبر زميلهم عطية والقضية أشغلت حوارا على مستوى نواب التمثيل الفلسطيني خصوصا وان السهرات السياسية لرئيس الحكومة غالبا ما تنتهي بضجة سياسية . اللافت في الموضوع ان إدارة ناي مخيم الحسين وهو المؤسسة الأبرز محليا تواطئت مع الزعامة الجديدة ممثلة بالمسلماني رغم أنها تمثل الأخوان المسلمين.