Haneen
2014-06-03, 12:38 PM
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
هل انتهت مرحلة المفاوضات؟
بقلم: فايز رشيد عن القدس العربي
«العملية» الإسرائيلية - الفلسطينية ... عثرة أمام السلام
بقلم: أفرام بي. يهوشوعا عن الحياة اللندنية / نقلا عن «ليبراسيون» الفرنـسية
على ماذا يفاوض الفلسطيني؟ (http://www.raialyoum.com/?p=72799)
بقلم: زياد الوهر عن رأي اليوم
نصائح قديمة مرفوضة.. و«الخيارات» الفلسطينية في الاتجاه الصحيح
بقلم: صالح القلاب عن الشرق الأوسط
حق الفلسطينيين في اللجوء إلى الأمم المتّحدة
بقلم: كلوفيس مقصود عن السفير البيروتية
رأي البيان: كيري وجهود بلا جدوى
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الاماراتية
كيري ... وانهيار المفاوضات
بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
فتح وحماس ولعبة تبادل المواقع والمواقف
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
الساسة والإرهابيون كلاهما ضد الشعوب
بقلم: محمد الحمامصي عن العرب اللندنية
هل انتهت مرحلة المفاوضات؟
بقلم: فايز رشيد عن القدس العربي
إسرائيل ترفض إطلاق سراح أسرى الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل أوسلو. محمود عباس يوقع 15 اتفاقية بشأن الانتساب لمنظمات ولهيئات دولية، وسيبدأ الجانب الفلسطيني التحرك دولياً للتسجيل فيها وهي التابعة للأمم المتحدة. غضب أمريكي أظهره جون كيري من الطرفين، لكنه أبقى على مارتن إنديك في المنطقة ليجمع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للبحث عن حلول وسط تُعيد المياه إلى مجاريها ومن ثم يجري استئناف المفاوضات بين الجانبين.
إنديك بدوره يجمع رئيسي الوفدين المفاوضين: تسيبي ليفني وصائب عريقات في أكثر من جولة تفاوضية مما يخفف المأزق الذي يبدو ان المفاوضات تمر فيه. المراقبون حائرون، البعض منهم يعتقد بانتهاء مرحلة المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية، وآخرون يرون بأنه سيجري التغلب على كافة العقبات التي تعيق استئنافها وستستمر في جولات أخرى من التفاوض. نحن مع الرأي الثاني الذي يرى بأن التهديدات برفض استمرارها ليست أكثر من عاصفة في فنجان وسيجري استئنافها قريباً، وذلك لأسباب عديدة سنتطرق إليها مع ضرورة التأكيد على أن المفاوضات هي حاجة ملّحة إسرائيلية وفلسطينية وأمريكية.
إسرائيلية من أجل الايحاء اعلامياً بأن حركة سياسية تدور بين الفلسطينيين وإسرائيل، وفي هذا رد على انطباع عام بأن إسرائيل هي المعطلة ‘للسلام’ مع الفلسطينيين، وبخاصة أنها ترفض تجميد الاستيطان . المفاوضات حاجة ملحة فلسطينية لأن عباس لا يملك بديلاً، وبالتالي فإن الحلول الوسط مثل إغراء إسرائيل للجانب الفلسطيني باطلاق سراح معتقلين آخرين اضافة الى الدفعة الرابعة مقابل موافقة فلسطينية على العودة للمفاوضات وتمديدها، سيكون محل اتفاق بين الجانبين . الجانب الأمريكي أيضا معنيٌ بالمفاوضات انطلاقاً من جهود دؤوبة قام بها كيري خلال ثمانية شهور وانطلاقاً من الأعتقاد بأهمية وصول الجانبين لحل يريح الولايات المتحدة من الملف المزعج لها وهو ملف الصراع الفلسطيني العربي- الإسرائيلي. ذلك لا يعني أن الإدارة الأمريكية ستمارس ضغطاً على إسرائيل مثل الذي تمارسه على الجانب الفلسطيني، فذلك محظور على أمريكا في الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بينها وبين حليفتها إسرائيل. وكذلك محظور في رسالة الضمانات التي أرسلها جورج بوش الابن إلى أرييل شارون في عام 2004. هذا إلى جانب تاريخية العلاقات بين البلدين الحليفين، وتأثير الإيباك في الداخل الأمريكي، وغيرها من الأسباب. أما من حيث الضغوطات على الجانب الفلسطيني فستظل وتزداد حتماً، فتمويل السلطة في جزء أساسي منه تقوم به الولايات المتحدة وأوروبا، وقطعه سيؤدي إلى المزيد من الإشكالات للسلطة التي تحرص على بقائها واستمراريتها. أما الجانب الفلسطيني فسيعود إلى المفاوضات للأسباب التالية:
أولاً: إن الخيار الوحيد الذي تتمسك به السلطة هو خيار المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات، فمحمود عباس أعفى نفسه والسلطة من أي خيار آخر فالمقاومة المسلحة تعتبر بالنسبة إليه ‘عنفا ‘ ثم’إرهاباً’ والمقاومون ملاحقون ويجري اعتقال العديد منهم خلال الفترة الحالية (التي هي استمرار للمرحلة السابقة)، فقد قامت السلطة مؤخراً باعتقال ناشطين عديدين من الجبهة الشعبية ومن حركة الجهاد الإسلامي وغيرهما، ثم إن التنسيق مع الأمن الإسرائيلي باق كما هو، بل يزداد عمقاً واتساعاً وبالطبع بإشراف أمريكي مباشر. الذي يريد قطع المفاوضات مع إسرائيل يوقف التنسيق الأمني معها، ويعيد للمقاومة بكافة وسائلها وسبلها الألق ويمارسها على صعيد الواقع. المقاومة من خلال انتفاضة مسلحة ممنوع ممارستها من قبل الرئيس الفلسطيني. حتى المقاومة الشعبية السلمية تجري ممارستها في هذا الموقع أو تلك القرية وهي ليست نشاطاً جماهيرياً عاماً في كافة أنحاء الضفة الغربية.
ثانياً: الانقسام الذي تمر به الساحة الفلسطينية هو إضعاف لطرفي هذا الانقسام، والذي يحرص على قطع المفاوضات نهائياً مع العدو، يعيد للساحة الفلسطينية وحدتها، ويعود إلى تطبيق الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس الثوابت الوطنية الفلسطينية. عباس في نيته إرسال وفد للتفاوض مع حماس في غزة، لكنه يدرك تماماً استحالة تجاوز الانقسام حاليا، فالسلطتان سواء في غزة أو في رام الله تتنازعان على مفتاح السجن المعتقلة فيه كل منهما، وكل واحدة منهما مرتاحة في وضعها، حيث تمارس سلطاتها الإدارية على القضايا الحياتية للسكان. إسرائيل تعي تماماً مأزق السلطة على هذا الصعيد، وهي أيضاً تدرك أن عباس مهما تمنّع عن المفاوضات فسيظل مشدوداً إليها لأنها خياره الوحيد. عباس يعرف أيضاً أن غالبية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وفي الشتات يطالبون بإلغاء المفاوضات العقيمة مع العدو الصهيوني، وهو بموقفه الأخير قد يعيد بعضاً من شعبيته التي تآكلت وتأثرت تماماً منذ بداية المفاوضات في تموز/يوليو الماضي وحتى هذه اللحظة، وبخاصة في ظل استمرار الاستيطان الصهيوني الذي تسارعت وتيرته مقارنة بالعام الماضي بنسبة 123′، أيضاً وفي ظل الاعتداءات الصهيونية المتكررة على المسجد الأقصى وتهويد القدس ومنطقتها.
ثالثاً: إن بعض الاتفاقيات التي وقعها عباس مرهونة في تنفيذها عملياً بالجانب الأمريكي، فتلك المتعلقة بالانتساب والتسجيل في الهيئات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، ستحاول الولايات المتحدة عرقلة هذه الخطوة من خلالها وحلفائها بإقناعهم بالتصويت ضد رغبة السلطة الفلسطينية. هذا إلى جانب ما تسميه إسرائيل ‘عقوبات’ ضد السلطة وضد عباس شخصياً ستقوم بها، سواء بعدم توريد الأموال الجمركية للسلطة، تلك التي تجنيها إسرائيل باسم السلطة الفلسطينية، وغيرها من العقوبات. وقد استعرضت صحيفة ‘هآرتس الإسرائيلية’(الجمعة 4 نيسان/إبريل الحالي)جزءاً من هذه العقوبات: تجميد الأموال، رفع دعوى على عباس في المحكمة الدولية، تجميد الإذن الذي قدمته إسرائيل لشركة ‘الوطنية الخليوية ‘التي تعمل في الضفة لإدخال معدات إلى قطاع غزة لبدء الانتشار هناك لشبكتها الخليوية، تقييد نشاط السلطة في منطقة(ج) في الضفة الغربية وغيرها وغيرها من العقوبات.
رابعاً: الضغوطات التي ستمارسها الولايات المتحدة مباشرة على السلطة الفلسطينية، أو من خلال حلفائها الأوروبيين وغيرهم من الدول بطريق غير مباشر من أجل العودة للمفاوضات من خلال عروض جديدة سيكون ثمنــــها الأبرز: العودة إلى المفاوضات من قبل السلطة. لقد اختبرنا قطع عباس للمفاوضات خلال بضعة أعوام! حينها لم تنقطع المفاوضــــات فقد كانت تتم من خلال دبلوماسية الرسائل أو’المفاوضات الاستكشافـــــية’ التي جرت في العاصمة الأردنية عمّان أو بطرق سرية أو بوسائل أخرى غيرها.
خامساً: لقد قدّم الرئيس عباس تنازلاً مجانياً (من سلسلة تنازلات) في اجتماعه مع 300 طالب إسرائيلي في مقره في المقاطعة عندما قال بالحرف الواحد’لن نغرق إسرائيل بملايين اللاجئين’ وعندما أيضاً تخلى عن مدينته صفد. الذي يقدّم التنازلات للإسرائيليين واحداً بعد الآخر يسهل عليه تقديم التنازلات فيما بعد، وهذا ما تدركه إسرائيل في شخصية عباس تماماً مثلما عاد إليها في ظل الاستيطان الإسرائيلي. من يريد قطع المفاوضات يعيد الاعتبار للمقاومة المسلحة ولمنظمة التحرير الفلسطينية التي تجاهلها عباس لسنوات طويلة، ويعيد للساحة الفلسطينية وحدتها ويتجاوز الانقسام وهذا ما لا يفعله أبو مازن. يبقى القول:أنه لهذه الأسباب ولغيرها فإن مرحلة المفاوضات لم تنته بعد.
«العملية» الإسرائيلية - الفلسطينية ... عثرة أمام السلام
بقلم: أفرام بي. يهوشوعا عن الحياة اللندنية / نقلا عن «ليبراسيون» الفرنـسية
في الأعوام الأخيرة، تغيّرت نظرتي إلى عملية السلام وصرت أراها شائكة. وقد يكون من قبيل المبالغة العبثية الزعم بأن العملية هي عثرة تحول دون السلام، لكنها تحوّلت إلى وحدة سياسية مستقلة مدارها على خطابات أخلاقية وسياسية، وهي تهمل المبادرة إلى خطوات فعلية. ويتحمل تبعة هذا التحول الإسرائيليون والفلسطينيون والأميركيون والأوروبيون (بمقدار أقل). وحال الشلل والمراوحة لا يخرج منها إلا للإقدام على خطوات تقوض السلام وفرصه. وعملية السلام هي وهم يثير الراحة والطمأنينة، فهي توحي بأن السلام قد يُرسى، عاجلاً أم آجلاً.
وعلى خلاف عملية السلام الإسرائيلية– الفلسطينية، عملية السلام بين إسرائيل ومصر- وهما دولتان تواجهتا في خمس حروب- كانت قصيرة وناجعة افتتحتها زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل، في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 1977، وهي زيارة مذهلة.
وفي أعوام قليلة، أرسيت مبادئ- شروط السلام في كامب ديفيد: انسحاب إسرائيل من أراض احتلتها، ونزع السلاح في سيناء، وتفكيك المستوطنات وفتح سفارات. وفي أشهر قليلة، أبرم الاتفاق النهائي، والسلام قائم إلى اليوم بعد أكثر من 35 سنة. ومرّ أكثر من عقدين منذ إبرام اتفاق أوسلو في 1993 بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن السلام لا يزال أثراً بعد عين. ولا شك في أن اتفاقات مرحلية صغيرة أبرمت في الأعوام الماضية وانتُهِكت ولم تبصر نتائجها النور، وانتهت في أحيان كثيرة إلى مواجهات دموية.
بعض هذه المواجهات لم يُطوَ بعد وحركة الاستيطان الإسرائيلية لم تتوقف. عُقِدَت عشرات القمم لبحث السلام، وتقاطر المسؤولون الأميركيون من رؤساء ووزراء خارجية ودفاع وغيرهم من ممثلي دول أخرى إلى زيارة القدس ورام الله لمناقشة السلام واقتراح الحلول. وفي العام الحالي، زار وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، 11 مرة إسرائيل والسلطة الفلسطينية لدفع عجلة عملية السلام.
والرأي العام في إسرائيل والضفة الغربية يرى أن لا فائدة ترتجى من هذه العملية. ويجمع المعتدلون والمتطرفون في المعسكرين على فقدان الأمل بإرساء السلام، ويُجمِعون كذلك على استمرار هذه العملية ويرفضون وقفها، كأن النوم وهي في جوار الوسادة أفضل من لا شيء.
شطر راجح من الإسرائيليين والفلسطينيين والمسؤولين الأميركيين والأميركيين، في وسعه تحديد محتوى اتفاق السلام الممكن والمرتجى والواقعي. لكن مسيرة السلام اللامتناهية تغذّي تهويمات محورها مساومات إضافية ينتزعها كل معسكر من الآخر في مفاوضات تبدد فرص السلام أكثر فأكثر.
ولكن ما الحل في مثل هذه الأحوال؟ إن اندلاع أزمة فعلية ودراماتيكية قد يحرك عجلة السلام. ولا أقصد بالأزمة انفجار أعمال عنف، بل أزمة تقع إثر قطع (سيل) المفاوضات والإعلان الرسمي موقتاً عن نهاية عملية السلام. ورفض العملية على خلاف ما تشتهي الولايات المتحدة، وتحمُّل الإسرائيليين والفلسطينيين تبعات هذا القرار، قد يثير الذعر لدى شرائح واسعة من الشعبين، ويحملهما على التزام مبادرات فعلية لحوار فعال وبناء من أجل بلوغ اتفاق محتمل. ولا يعقل أن تصدع الولايات المتحدة- الأقوى عالمياً والملمة بتفاصيل الاتفاق الإسرائيلي – الفلسطيني و «طبيعة» النزاع- بمهانة تواصل فصول مفاوضات من غير أمل وأن ترتجي فائدة من عملية سلام تحول دونه.
على ماذا يفاوض الفلسطيني؟ (http://www.raialyoum.com/?p=72799)
بقلم: زياد الوهر عن رأي اليوم
هل بقي هنالك فعلا ما يفاوض عليه الفلسطينيون؟ وإذا كان هنالك من شيء قابل للتفاوض فما هو يا ترى؟
منذ انطلاق عملية السلام والاستسلام في مدريد العام 1991 وتحديدابعد الشرخ العميق الذي أصاب الأمة العربية من تباين المواقف بين قادة الدول العربية من قضية احتلال العراق لدولة الكويت، منذ ذلك التاريخ شهدت القضية الفلسطينية فترات عسيرة من المد والجزر في الانجازات والإخفاقات وخاصة بعد إنشاء السلطة الفلسطينية في العام 1995.
فمنذ ذلك التاريخ المشئووموحتى اللحظة قضمت إسرائيل 75% من أراضي الضفة الغربية من خلال بناء المستوطنات الجديدة وتوسيع القائم منها، وتاليا بناء الجدار العنصري الفاصل والطرق الالتفافية والمعسكرات وغيرها.
والسؤال المطروح وباستمرار منذ عقود؛ لماذا يفاوض الطرف الفلسطيني وعلى ماذا؟ قد تكون الإجابة سهلة ولكن تنفيذها أصبح صعب المنال مع محاولات التفاوض العبثية والهزلية مع الكيان الغاصب الذي لا يريد أن يعطي أي شيء ويريد أن ينال كل شيء. قد يكون هنالك العديد من المبرارات والدوافع التي تدفع السلطة الفلسطينية للتفاوض ومنها على سبيل المثال:
ـ أنهم لا يملكون خيارا آخر غير التفاوض
ـ الضغط الأمريكي والعربي على السلطة بضرورة استمرار نهج التفاوض
ـ حرص السلطة على المكتسبات الفلسطينية ومنع ضياعها وتحقيق الحد الأدنى من المكاسب على الأرض بدلا أن تفقدها كلها.
ـ التفاوض هو الوسيلة الوحيدة الفاعلة في إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائلية
ـ الحفاظ على الكرسي والسلطة والنفوذ والسجادة الحمراء
ـ عدم القدرة أو افتقاد الشجاعة لاتخاذ قرار حل السلطة الفلسطينية وتحميل إسرائيل وزر الأوضاع في فلسطين المحتلة
والسؤال الذي قد يبدو مُهما تذكّره في هذه المناسبة لماذ وافقت إسرائيل ومن ورائها أمريكا على إنشاء السلطة الفلسطينية؟ قد يقول البعض أن هذا بسبب إصرار المفاوض الفلسطيني على إنشاء السلطة لترغيبها بالإعلانبصراحة وبوضوحالإعتراف بإسرائيل وتخليها تماما عن وقف الكفاح المسلح…توقفَ الكفاح، وقامت السلطة، واستمر الاحتلال، وها هي السلطة الفلسطينية تتهاوى من الداخل والأرض الفلسطينية تُبتلع يوما بعد يوم والقدس يجري تهويدها على نار هادئة، والمفاوضات لم تستطع أن تحل مشكلة واحدة طوال عقدين من الزمن.
يفاوض الرئيس الفلسطيني محمود عباس وليس بيده أي وسيلة ضغط سوى وقف المفاوضات!! وها هو قد استعملها فجن جنون الطرفين الأمريكي والإسرائيلي رغبة منهم باستمرار الإذعان الفلسطيني وديمومة التفاوض للأبد حتى لا يبقى من الأرض سوى 10% وتُمنح السلطة عليها حكما ذاتيا ويجري ساعتها تأمينحدود إسرائيل من خلال التنسيق الأمني وتسليط كوادر الشرطة والأمن الفلسطيني على أبناء الشعب الفلسطينيومنعه من القيام بعمليات مضادة ضد الكيان الغاصب.
ولكن هنالك العديد من الأسئلة التي تدور في ذهن كل مواطن فلسطيني بخصوص نتائج المفاوضات هذا إن وصلت لنتائج أصلا:
هل ستسمح إسرائيل بعودة اللاجئين؟
هلى ستقبل بالتخلي عن سيطرتها على موارد المياه؟
هلى ستوقف بناء المستوطنات؟
هل ستوقف تهويد القدس الشرقية وتقبل بها عاصمة لدولة فلسطين؟
هل ستقبل بقيام دولة فلسطينية أصلا؟
فها هي إسرائيل مستمرة على نهجها في حنث العهود والوعود تماما كما جاء في القرآن الكريم والذي نسيه الكثيرون أثناء بحثهم عن المال والسلطة.
قال تعالى﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 100].
فتارة هم يهددون بوقف دفع الضرائب للسلطة الفلسطينية والتي تقدر بنحو1.5 مليار دولار سنويا، وتارة يطالبون بشروط إضافية لإطلاق سراج السجناء والأسرى الفلسطينيون مثل مطالبة السلطة بالإعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية وتارة وتارة…
لقد عزفت إسرائيل على كل أوتار المماطلة والتسويف والكذب فما من وسيلة تعيق نجاح المفاوضات إلا وأفشلتها حتى نصل إلى المربع الأول ألا وهو حلّ السلطة الفلسطينية الخيار الوحيد والمؤثر والدعوة للعودة للكفاح المسلح وغير المسلح.
وإذا كانت رؤيتي للموضوع غير منطقية فإني أقترح إجراء استفتاء للشعب الفلسطيني على حل السلطة وترك الخيار له لتحديد مصيره، فأنا هنا لا أريد فرض رأيي على أحد والخيار متروك لهم إن رغبت السلطة في اجراء الاستفتاء.. ولا أظنها ستفعل ذلك؟
لكن أن يستمر نهج المفاوضات بهذا الشكل بدون أي رغبة إسرائيلية حقيقية لتحقيق السلام فيصبح ساعتها الأمر كأنه ضحك على الذقون، واستعباط للسلطة والشعب من أجل الدخول في متاهة المفاوضات التي يبدع فيه بني إسرائيل ولا يجاريهم فيها أي أمة أخرى.
وإذا كان اللجوء للأم المتحدة هو سلاح الرئيس الفلسطيني فأظنه أيضا قد أخطأ للمرة الثانية في سلوك هذا الطريق ذلك أن الأمم المتحدة واتفاقياتها لن تمنع إسرائيل من الاستمرار في غيّها وطغيانها فلا يفل الحديد إلا الحديد،فالسلام بدون قوة لا يمكن تحقيقه. ونذكر جيدا كيف نجح ياسر عرفات في تحقيق النتائج من خلال السير في المفاوضات من جانب ومن جانب آخر ترك الباب مفتوحا للمقاومين من أجل استعمال هذا السلاح كمصدر قوة في المفاوضات الشائكة.
لذلك أرجو أن لا يكون التفاوض لأجل التفاوض فقط.. والله من وراء القصد.
نصائح قديمة مرفوضة.. و«الخيارات» الفلسطينية في الاتجاه الصحيح
بقلم: صالح القلاب عن الشرق الأوسط
بقي لمهلة التسعة شهور من المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، بإشراف أميركي، تسعة عشر يوما؛ فالمفترض أن تنتهي في التاسع والعشرين من أبريل (نيسان) دون أن تحقق أي شيء، والمفترض أن تكون نهاية المطاف لمحاولة كانت جادة بالفعل إن لم يستطع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي أبدى إصرارا خلال مثوله أمام لجنة العلاقات الخارجية في «الكونغرس» على مواصلة الولايات المتحدة لرعاية عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي قال عنها إنها مهمة، بل في غاية الأهمية، لأميركا وللمصالح الأميركية.
وبالطبع فإن الأميركيين، مثلهم مثل الفلسطينيين ومثل الإسرائيليين، حرصوا على استمرار العلاقات بين هذه الأطراف الثلاثة، وحرصوا على عقد اجتماعات القدس برعاية مارتن إنديك لتجنب إعطاء انطباع بأن مفاوضات التسعة شهور قد انتهت إلى الفشل، وأن الولايات المتحدة قد تخرج من هذه الدائرة نهائيا وتترك لمنظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية تبادل الكلمات الموجبة، وتترك الشرق الأوسط تحت رحمة التطرف الذي تقوده إيران، والذي تريده روسيا لتسديد حسابات خاصة تتعلق بانتعاش الحرب الباردة في ضوء تفاقم الأزمة السورية وتطورات الأزمة المستجدة في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا.
وحقيقة أنه لا منظمة التحرير ولا الحكومة الإسرائيلية تريدان لهذه المفاوضات أن تتوقف، ولكن المشكلة تكمن في أن بنيامين نتنياهو يتمسك بشروط تعجيزية لا يستطيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وبخاصة أنه لم يضمن ولو بالحدود الدنيا موافقة الإسرائيليين، بضغط أميركي جدي، قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وأن تكون القدس الشرقية هي عاصمة هذه الدولة، وبخاصة أنه لا يمكن أن يوافق ولا يستطيع أن يوافق على الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، طالما أن العرب إنْ من خلال «جامعتهم» أو من خلال «بيان» قمة الكويت العربية الأخيرة قد رفضوا الاعتراف بهذه الدولة العبرية.
والمشكلة التي غدت تقف في طريق أي حل ممكن جدي هي أن هذه الحكومة الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر أكثر تطرفا حتى من مناحيم بيغن ومن إسحق شامير وأيضا من أرييل شارون، هي محصلة تحول إسرائيلي نحو اليمين والتطرف كانت بداياته اغتيال رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1995 بسبب توقيعه على اتفاقية وادي عربة التي اعتبرها الأكثر تشددا ويمينية تفريطا في أرض إسرائيل التاريخية «الموعودة»!!
إن هذه هي حقيقة الأمر، ولذلك فإنه إن لم يتخذ الأميركيون موقفا حاسما وحازما وملزما للإسرائيليين بإنهاء هذا الصراع المزمن وتحقيق السلام الفعلي المنشود في الشرق الأوسط فإن المنطقة كلها سوف تدخل مرحلة جديدة من العنف والإرهاب المدمرين، وهنا فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك من بين العرب ومن بين الفلسطينيين من بات يطرح ذلك الحل العدمي القديم الذي يقول إنه على القيادة الفلسطينية أن تحل نفسها وأن تتخلى عن السلطة الوطنية وأن تخرج إلى الخارج وتعود للكفاح المسلح والصراع الطويل الأمد.
وتقول وجهة نظر هؤلاء، الذين من بينهم بعض كبار المسؤولين العرب، إنه يجب التخلي عن عملية السلام من أولها إلى آخرها، وإنه يجب تحميل الإسرائيليين مسؤولية احتلالهم للضفة الغربية ماليا وسياسيا واجتماعيا، وإنه يجب ألا يتحمل لا العرب ولا الفلسطينيون هذه المسؤولية ما دام أن الأرض الفلسطينية في حقيقة الأمر لا تزال محتلة، وما دام أنه لا سلام يلوح في الأفق على الإطلاق.
وتجب الإشارة هنا إلى أن «حماس» التي تعتبر نفسها جزءا من «فسطاط الممانعة والمقاومة» هي مع هذا الرأي، وذلك لأنها بالأساس لا تريد السلطة الوطنية طالما أنها سلطة حركة «فتح» ومعها بعض التنظيمات اليسارية.
لقد كان مثل الكلام العدمي قد قيل للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) مرارا وتكرارا، لكنه بالطبع رفضه رفضا قاطعا ولم يلتفت إليه أو يأخذه على أنه فكرة جدية وحقيقية. إن (أبو مازن) مثله مثل رفيق دربه ومثل كل القادة الفلسطينيين، إن في حركة «فتح» وإن في منظمة التحرير والسلطة، يعتبر أن ما تحقق استنادا إلى اتفاقات أوسلو يعتبر إنجازا، وأنه من البله وسوء التقدير العودة إلى نقطة الصفر والتفريط في إنجازات دفع ثمنها الشعب قوافل من الشهداء الأبرار، فهناك الآن اعتراف من قبل الأمم المتحدة بدولة فلسطينية تحت الاحتلال، وهناك الآن تعاطف دولي مع الشعب الفلسطيني غير مسبوق.. ثم هناك مؤسسات لا يجوز التفريط فيها أو التخلي عنها.
كان رفع العلم الفلسطيني فوق «أسلاك» الكهرباء قبل اتفاقيات أوسلو وقيام السلطة الوطنية، يكلف عشرات الشهداء ومئات المعتقلين، وكان الإسرائيليون يتمسكون بتلك المقولة السخيفة القائلة: «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». ولهذا قد قطعت المسيرة الفلسطينية كل هذه المسافات الطويلة، وحقق الشعب الفلسطيني كل هذه الإنجازات العظيمة، فإنه لا يمكن وصف دعوة حل السلطة الوطنية إلا بأنها خدمة لإسرائيل وأنها استسلام مجاني وأن من يقف وراءها إما أنه لا يعرف قوانين الصراع عندما تكون بكل هذا الحجم وبكل هذه التعقيدات، أو أنه، والعياذ بالله، مجند لخدمة إسرائيل والصهيونية العالمية وهو لا يعرف.
لقد بادر محمود عباس (أبو مازن) بعد الشعور بانسداد الأفق أمام المفاوضات والعملية السلمية إلى إطلاق تصريحات لا يمكن أن تصدر إلا عن قائد تاريخي بات يعرف ويدرك أين أصبحت تقف قضية شعبه.. لقد أكد في هذه التصريحات تمسكه وتمسك الشعب الفلسطيني بالسلام وهو استبعد العودة إلى الكفاح المسلح، وشدد على استبداله بالكفاح الشعبي الذي يواجه بتفهم عالمي ودولي إنْ على مستوى الشعوب وإنْ على مستوى الدول، فهذه الطريقة «الغاندية» و«المانديلية» أصبحت أمضى من الأسلحة وأشد تأثيرا من الرصاص والقنابل، ويقينا أن هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تتمنى أن يرتكب الفلسطينيون الخطأ التاريخي وأن يبادروا إلى حل أطرهم الرسمية القائمة وينزلوا إلى تحت الأرض أو يغادروا وطنهم ويعلنوا العودة إلى الثورة المسلحة.
الآن وسواء أثمرت الجهود الأميركية المتواصلة وتم استئناف المفاوضات بالشروط الفلسطينية كلها أو بعضها أم لا، فإن ما يحتاجه الشعب الفلسطيني ليس المزيد من الاقتراحات العدمية المحبطة والمربكة، وإنما أن يوفر العرب الدعم المالي.. والمزيد من الدعم المالي الذي يعزز صمود القيادة الفلسطينية ويحميها من أن تقع فريسة للضغوط الأميركية والإسرائيلية... فالمسافة إلى استحقاق الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية باتت قصيرة، والمطلوب من الأمة العربية لم يعد أكثر من المواقف الواقعية الصحيحة وتوفير ما يهدد به الأميركيون الفلسطينيين، وما يهدد به بنيامين نتنياهو (أبو مازن) والسلطة الوطنية.
لا أحد يطلب من العرب جيوشا جرارة تزحف نحو فلسطين، فالأمور تغيرت كثيرا عما كان عليه الوضع في ستينات وسبعينات القرن الماضي، فالمطلوب أصبح يقتصر على الدعم المالي الذي يحمي الشعب الفلسطيني ويحمي القيادة الفلسطينية من الضغوط التي يلوح بها الأميركيون ويهدد بها الإسرائيليون، وأصبح يقتصر أيضا على حماية «الخيارات» التي رد بها الفلسطينيون على تحديات بنيامين نتنياهو وحكومته وفي مقدمتها خيار الانتساب إلى الهيئات والاتفاقيات الدولية.
إن أكبر خطأ يرتكبه العرب هو التخلي عن الشعب الفلسطيني في هذا المنعطف الخطير الذي تمر به قضيته، وهو المشاركة في الضغط على الرئيس محمود عباس (أبو مازن) للتراجع عن خيار الانضمام إلى الهيئات والاتفاقيات الدولية، وهو أيضا، وهذه هي أم الكبار، التفكير حتى مجرد التفكير في دفع الفلسطينيين للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية.
حق الفلسطينيين في اللجوء إلى الأمم المتّحدة
بقلم: كلوفيس مقصود عن السفير البيروتية
أثارت الخطوات التي اتّخذها محمود عباس من أجل انضمام فلسطين إلى 15 هيئة تابعة للأمم المتّحدة ردود فعل من أعضاء عدّة في الكونغرس الأميركيّ، وخصوصاً، من السفيرة الأميركيّة لدى الأمم المتّحدة التي يبدو أنّها فقدت حسّ المنطق.
فقد أعلنت السفيرة أماندا باور في 2 نيسان أمام لجنة فرعيّة تابعة لمجلس النوّاب الأميركيّ أنّ «الولايات المتّحدة ستقف إلى جانب إسرائيل، وسندافع عنها ونطعن بكلّ حالة من حالات المعاملة المجحفة في نظام الأمم المتّحدة بأسره... ويشمل هذا الالتزام الجديّ معارضة شديدة لأيّ تحرّك أحاديّ على الساحة الدوليّة، بما في ذلك التحرّكات المتعلّقة بإقامة الدولة الفلسطينيّة، يتمّ القيام به من باب التملّص من النتائج التي لا يمكن التوصّل إليها إلا من خلال تسوية متفاوض عليها، أو من باب الحكم عليها مسبقاً». ألا يمكن أن يمرّ الفلسطينيّون بالأمم المتّحدة إذا فشلت المفاوضات الفلسطينيّة الاسرائيليّة الحاليّة، كما هي الحال حتّى هذه الساعة؟ هل جرت مفاوضات بالفعل بالمعنى الحقيقيّ أو القانونيّ؟
يشكّل إعلان باور، الذي يهدف إلى حرمان «منظمة التحرير الفلسطينيّة» وغيرها من حقّ دخول الأمم المتّحدة بصفتها مرساة للقانون الدوليّ، تهديداً لجميع أعضاء الأمم المتّحدة الذين التزموا ولا يزالون بمناصرة حقوق الشعب الفلسطينيّ، كما سبق أن فعلوا من أجل آخرين بالاعتراف بحركاتهم التحريريّة الهادفة إلى تحقيق الاستقلال وإقامة دولة.
لقد أطلقت باور هذا التصريح الوقائيّ بلهجة تهديديّة جديدة من نوعها. ويطرح إعلانها أنّ الولايات المتّحدة «ستطعن بكلّ حالة من حالات المعاملة المجحفة» سؤالاً واحداً وهو: ما هو المجحف؟ إنّه إلحاق إسرائيل المستمرّ والزاحف للأراضي الفلسطينيّة. إنّه رفض إسرائيل الاعتراف بأنّها قوّة احتلاليّة. إنّه إعلان إسرائيل، عشيّة زيارة لوزير الخارجيّة الأميركيّة جون كيري، بناء 700 وحدة سكنيّة جديدة في القدس الشرقيّة، وبالتالي تقليصها إلى حدّ كبير أراضي هذه الأخيرة التي من المفترض أن تصبح عاصمة فلسطين إذا بقيت المفاوضات المزعومة المستمرّة منذ أكثر من 20 سنة تحت إدارة الولايات المتّحدة الحصريّة. إنّ التهديد بمنع الفلسطينيّين من النفاذ إلى سبل لتحقيق الاستقلال خارج إطار الرعاية الأميركيّة مثير للدهشة والذهول.
إلى متى ينتظر الفلسطينيّون أن تقنع الولايات المتّحدة إسرائيل بالاعتراف بحقوقهم الشرعيّة؟ إلى متى يتمنع الفلسطينيّون عن التحرّك ردّاً على «الفيتو» الوقائيّ الإسرائيليّ ضدّ حقّهم في اللجوء إلى آليات الأمم المتّحدة من أجل إقامة الدولة الفلسطينيّة وتحقيق الاستقلال والسيادة، تماماً كما اعترفت الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة بإسرائيل دولة في داخل فلسطين في تشرين الثاني 1947؟
لقد آن الأوان للردّ بوضوح على باور التي أعلنت أيضاً أمام اللجنة أنّها «ستعترض على أيّ محاولة تهدف إلى رفع شأن الفلسطينيّين أينما كان في الأمم المتّحدة». بالإضافة إلى ذلك، كشفت أنّ «فريقاً أميركياً إسرائيلياً تشكّل حديثاً يجتمع شهرياً لمناقشة كيفيّة الردّ في حال قام الفلسطينيّون بتحرّك أحاديّ في الأمم المتّحدة»، محذّرة من أنّ «لجوء الفلسطينيّين المحتمل إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة سيشكّل خطراً جسيماً على إسرائيل وسيكون مدمّراً لعمليّة السلام». وهنا أسأل باور: لماذا؟ هل أنتِ قلقة من عواقب قرار ما؟ لم يصدر عباس أيّ تصريح بشأن المحكمة الجنائيّة الدوليّة، لكن فلنفترض أنّ الفلسطينيّين لجأوا إلى المحكمة، لماذا قد يكون ذلك «مدمّراً»؟
ما يجدر على السفيرة باور أن تعرفه هو أنّ «عمليّة السلام» كانت، منذ «اتّفاق أوسلو»، مدمّرة لسعي الفلسطينيّين إلى السلام والاستقلال وحقوق الانسان. فقد اختبر الشعب الفلسطينيّ الذلّ بسبب الغزو وتعب من وعود السلام ومن حرمانه حقّ تقرير المصير.
في هذا السياق، يطرح السؤال الآتي نفسه: إذا كان بإمكان الأمم المتّحدة أن تشكّل منفساً لمنح الفلسطينيّين حقوقهم الوطنيّة وحقوقهم كبشر ضمن إطار القانون الدوليّ، وأن تقوم بتفعيل مئات ومئات القرارات الصادرة عنها والتي تعترف بحقوقهم، هل ستعترض الولايات المتّحدة على ذلك؟ لا أعتقد ذلك. إنّ ضربة باور الوقائيّة الهادفة إلى منع الفلسطينيّين من النفاذ إلى وكالات الأمم المتّحدة لضمان منفس لهم والحدّ من خيبتهم الجماعيّة، لا ينبغي أن تفسَّر بأنّ الولايات المتّحدة ستستمرّ في الاستجابة للمطالب الاسرائيليّة نظراً إلى العلاقة المميّزة التي تربطها بإسرائيل.
وحتّى لو أراد الجناح التنفيذيّ في الحكومة الأميركيّة المساعدة على منح الفلسطينيّين حقوقهم الوطنيّة، من المحتمل جدّاً ألا ينجح ذلك، نظراً إلى دعم الكونغرس المتواصل لإسرائيل والسماح لها بالاستمرار في نشر مستوطنات في الأراضي المحتلّة. فقد قالت النائبة الجمهوريّة عن ولاية تكساس، كاي غرانغر، لـ«المونيتور» إنّه ينبغي إعادة النظر في المساعدات التي تخصّصها الولايات المتّحدة للسلطة الفلسطينيّة والبالغة قيمتها حوالى 500 مليون دولار. وزعمت أنّ لجوء الفلسطينيّين إلى الأمم المتّحدة يتعارض مع هدف المساعدات الأميركيّة منذ التسعينيّات، ألا وهو عقد صفقة من أجل السلام. فمع أنّ المساعدات الأميركيّة مرحّب بها وتعبّر عن سخاء الولايات المتّحدة، إلا أنّه لم يتمّ عقد أيّ صفقة سلام منذ أوائل التسعينيّات! أمّا النائبة عن ولاية نيويورك، ونظيرة غرانغر الديموقراطيّة، نيتا لوي، فقالت إنّ «أملها خاب جداً» من الخطوة التي اتّخذها عباس. لماذا؟ للأسباب التي ذكرتها زميلتها غرانغر على الأرجح.
في جلسة اللجنة الفرعيّة التي حضرتها باور، تمّ التشديد على أنّ القانون الأميركيّ الجديد يتضمّن قيوداً عدّة بشأن مساعدة الفلسطينيّين، بما في ذلك الطلب من السلطة الفلسطينيّة مكافحة التحريض ضدّ إسرائيل والامتناع عن جرّ إسرائيل أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة وعن الانضمام إلى وكالات الأمم المتّحدة. بتعبير آخر، يبدو أنّ تقديم 500 مليون دولار إلى السلطة الفلسطينيّة يمثّل محاولة مستمرّة لمنع الفلسطينيّين من ممارسة حقّهم في دخول الأمم المتّحدة، وللمماطلة أكثر فأكثر، كما هي الحال منذ العام 1993، ما جعل المساعدات الأميركيّة بديلاً عن حقوق الفلسطينيّين الوطنيّة وعن الدولة المستقلّة.
لقد كلّ الشعب الفلسطينيّ من حوار عمليّة السلام المزعومة. فمع أنّهم يقدّرون حماس كيري وزياراته، إلا أنّهم بدأوا يدركون عبثيّة هذه الجهود المستمرّة منذ أكثر من 20 سنة، بينما يكرّر وزير الخارجيّة الأميركيّة النقاط نفسها المستخدمة منذ انطلاق عمليّة السلام حتّى اليوم.
إنّ المخرج الوحيد المتاح أمام الفلسطينيّين هو عبر المنظّمة التي ساعدت الكثير من الشعوب الأخرى التي تحمّلت الاحتلال والحرمان من الحقوق الشرعيّة والاستعمار للحصول على امتيازاتها السياديّة. فالفلسطينيّون يشعرون بأنّ الوقت قد حان كي تساهم أصولهم القانونيّة والأخلاقيّة والتاريخيّة في تحقيق حلم دولة فلسطين المستقلّة التي تعيش بسلام مع جميع جيرانها.
ولباور أقول إنّ تهجمكِ الحماسيّ على أيّ جهد تبذله فلسطين للحصول على المقاعد التي يحقّ لها بها في الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة ووكالاتها المتخّصصة، كما هي الحال في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، ليس مخيّباً للآمال فحسب، بل خاطئ أيضاً.
رأي البيان: كيري وجهود بلا جدوى
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الاماراتية
مرة أخرى وككل مرة تصطدم أي محاولة للدفع بمفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بموقف الكيان القائم على طرد أصحاب الحق من أرضهم، وتوسيع المشاريع الاستيطانية، التي تهدف إلى رسم خريطة «الدولة اليهودية» على الأراضي الفلسطينية..
وهذا ما تترجمه الحكومة الإسرائيلية على أرضية الواقع، بإعلانها بناء نحو 700 وحدة استيطانية جديدة في الشطر الشرقي من القدس المحتلة في الوقت الذي يسعى فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، عبر زياراته المكوكية إلى المنطقة لإعطاء دفع جديد لهذه المفاوضات التي انهارت كل جولاتها، وذلك بسبب مواقف الكيان بشهادة جون كيري نفسه الذي انتقد عدم إبداء الجانب الإسرائيلي لأي رغبة في الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، وهو السبب الرئيس في تعثر المفاوضات.
ورغم الوضوح التام أمام المجتمع الدولي المتسبب في فشل مفاوضات السلام فإن إسرائيل تؤكد مضيها قدماً في سياستها الاستيطانية وتهجير الفلسطينيين مع هدم منازلهم بذريعة عدم الحصول على ترخيص أو حتى تجريف المساحات الزراعية، وقلع أشجار الزيتون، بل ذهبت بعيداً حينما انتقدت تصريحات كيري، وشددت على أنها لن تقدم اعتذاراً عن عمليات البناء في القدس، وكأن ذلك حق مشروع لها.
يحاول الجانب الإسرائيلي في كل جولة مفاوضات كسب المزيد من الوقت لصالحه، إذ يطالب بتمديدها في مقابل رفض وقف أي عمل استيطاني، وما يرفضه الجانب الفلسطيني الذي ينادي بوقف مثل هذه التوغلات غير المشروعة على أراضيه.
ينتظر الفلسطينيون والعرب ما قد يسفر عنه اجتماع وزراء خارجية العرب في القاهرة، وكلهم أمل بأن يتم إقرار الدعم الكامل السياسي والمالي للقيادة الفلسطينية، وترجمته واقعياً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من العام 1967، وعدم الاكتفاء ببيان يدين الموقف الإسرائيلي.
إن مواجهة الكيان يتطلب وحدة داخلية من خلال تجسيد صور المصالحة بين الفلسطينيين، ونبذ سياسة «فرق تسد»، التي كانت تنتهجها السياسة الاستعمارية في القرن الماضي، كما يتطلب قراراً عربياً موحداً، يتم تفعيله في مواجهة ظلم الاحتلال.
كيري ... وانهيار المفاوضات
بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
في أحدث محاولة لمنع انهيار المفاوضات بين دولة الاحتلال الاسرائيلي والسلطة في رام الله، وهي المفاوضات التي لم تثمر الا المزيد من التصلب والاستيطان والغطرسة، وتتعرض للتوقف نتيجة رفض تل أبيب الافراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، جاء وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى القدس المحتلة بصورة مفاجئة لمراضاة إسرائيل على حساب السلطة الفلسطينية،والتقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في تل أبيب وغادرها من دون ان يلتقي رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله محمود عباس.
زيارة الوزير الأميركي رسمت لها السلطة الفلسطينية سقفاً بتحذيرها من أنها قررت بدء خطوات الانضمام إلى منظمات الامم المتحدة، بتوقيع رئيس السلطة محمود عباس نحو عشر اتفاقيات دولية تعزز من وضعها في مواجهة دولة الاحتلال الاسرائيلي، شملت معاهدات جنيف وهي نص مهم للقانون الدولي الذي يتعلق بإدارة الحرب والاحتلال، الامر الذي يوفر للفلسطينيين اساسا قويا للجوء الى المحكمة الجنائية وتقديم شكاوى رسمية في نهاية المطاف ضد دولة الاحتلال الاسرائيلي الارهابية بسبب استمرار احتلالها للاراضي الفلسطينية التي احتلتها في عدوان الخامس من يونيو عام 1967، متحررا من التزام قدمه للاميركيين العام الماضي بعدم مواجهة اسرائيل في الامم المتحدة والمنظمات الدولية الاخرى.
ولأن الانضمام الفلسطيني الى منظمات الامم المتحدة والمعاهدات الدولية يزعج، دولة الاحتلال، ويحرج حليفتها الولايات المتحدة الاميركية التي حرصت منذ البداية على منع الفلسطينيين من استكمال خطوة اعتراف الامم المتحدة بـ « الدولة الفلسطينية»، واغرائهم بـ«سراب» مفاوضات مكتومة« لم تسفر الا عن مزيد من الاستيطان والتهويد لمدينة القدس المحتلة، فإن وزيرا اسرائيليا يحذر من ان الخطوة الفلسطينية قد تدفع بالدولة العبرية الى ضم اراض بالضفة الغربية المحتلة.
والتساؤل الذي قد يطرح نفسه في هذا الوقت، اذا كانت واشنطن غير قادرة على ضمان إطلاق سراح عدة عشرات من الاسرى الفلسطينيين، ومنعها الفلسطينيين من استكمال الاعتراف الدولي بدولتهم، فكيف يمكن تصور قدرتها على انفاذ «حل الدولتين»، واذا كانت الدولة العبرية التي لاتتوقف اعتقالاتها للفلسطينيين في الضفة الغربية وبعضها بالتعاون مع قوات السلطة، في اطار التنسيق الامني، وهي خدمات تقدم من طرف واحد وهي، قوات السلطة للاحتلال، وتعوض اي افراج عن اسرى باعتقالاتها الجديدة التي لاتتوقف.. فكيف لنا ان نتخيل موافقتها على قيام دولة فلسطينية، مستقلة وعاصمتها القدس كما تردد السلطة ومعها كل العرب !!؟؟
فتح وحماس ولعبة تبادل المواقع والمواقف
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
أزمة المسار التفاوضي الذي سارت عليه فتح والسلطة والمنظمة لسنوات طوال، وقعت برداً وسلاماً على أوساط واسعة في حركة حماس، خصوصاً في قطاع غزة، يتبدى ذلك من خلال التصريحات والخطابات السياسية والإعلامية الصادرة عن بعض رموز الحركة ومؤسساتها ... بعضهم يطالب (ينتظر) الرئيس “أبو مازن” لإعلان الفشل وإشهار”التوبة” ... بعضهم ينتظر “عودة الابن الضال” إلى حضن أمه وكنف أبيه، حتى أن أحد الناطقين باسم الحركة، طالب فتح بالعودة إلى “المربع الوطني”، لا ندري إن كان يقصد “مربع حماس” على سبيل المثال... والغريب أن مثل هذه المواقف “الفوقية”، تصدر والحركة تمر في واحدة من أصعب الاختناقات وأزمات الحصار والعزلة؟!
في مطلق الأحوال، ثمة قراءة تتسرب إلى أوساط حماس، مفادها إن فشل مهمة كيري (إن فشلت) وانسداد آفاق الحل السياسي (إن سُدّت)، سيضعف موقف فتح والسلطة والمنظمة، واستتباعاً، سيعزز موقف حماس ... حتى إن آن أوان البحث عن حلول وتسويات لأزمة المصالحة، صار بمقدور الحركة، أن ترفع سقوفها وتعزز مواقعها ... فنظرية “الحصيلة الصفرية” ما زالت تحكم من أسفٍ، العلاقات الفلسطينية البينية، فكل ربح تجنيه فتح، هو خسارة صافية تحصدها حماس، والعكس صحيح.
بُعيد سقوط نظام الإخوان في مصر، وتفاقم أزمة حماس في غزة ومع مصر، دعونا في هذه الزاوية بالذات، الأخ أبو مازن للمبادرة إلى شنّ هجوم تصالحي مع حماس ... بعض الأصوات في رام الله، كانت تتنظر بفارغ الصبر، سقوط ورقة حماس، صفراء ذابلة، لتذهب بعد ذلك إلى قطف الثمار اليانعة، أو الرؤوس التي أينعت وحان قطافها، لا فرق ... يومها قلنا إن من مصلحة الرئيس وفتح والسلطة والمنظمة، إنجاز المصالحة الآن، وليس بعد حين ... ولأننا لم نبد للحظة واحدة، تفاؤلاً بنتائج مهمة كيري، ومنذ يومها الأول، قلنا أن فتح ستذهب إلى المصالحة بشروط أصعب بعد فشل مهمة كيري وسقوط خيار “المفاوضات حياة” ... يومها رأى بعضهم أننا “نغمس خارج الصحن”، ونعاند جريان “نهر الأحداث والتاريخ” ... لكن ما توقعناه بالأمس، يتجسد أمامنا اليوم ... وها هما فريقا الصراع والانقسام الداخلي، يتبادلان المواقع والمواقف.
والمؤكد أن كلا الموقفين، إنما يشف عن ضيق أفق سياسي من جهة، وعن “فصائلية” موغلة في أنانيتها من جهة ثانية، وعن قلة اكتراث بواقع الحالة الفلسطينية ومستقبل قضية شعب فلسطين الوطنية من جهة ثالثة ... مثل هذه المواقف تزيدنا تشاؤماً في فرص إنجاز المصالحة الوطنية، برغم توافر الشروط الموضوعية لهذه المصالحة، التي باتت ضرورة وأولوية لا تتقدمهما ضرورة أو أولوية أخرى.
حماس “لم تنزل على ركبيتها” أمام فتح، وهي لن تفعل ذلك، حتى لو اختنق القطاع عن بكرة ساكنيه، بفعل الحصار والتجويل والعزلة ... وفتح لن تصعد المنبر للاعتراف بفشلها في إدارة ملف المفاوضات، حتى وإن كانت سطعت حقيقة الفشل، كالشمس في رابعة النهار، فليس من تقاليد العمل الوطني الفلسطيني، إجراءات المصارحات والمكاشفات ... ليس من تقاليد التجربة الفلسطينية، إجراء المراجعات وممارسة النقد والنقد الذاتي، يستوي في ذلك الجميع من دون استثناء.
وأخشى، أن هذه الروحية، ستضيّع على الشعب الفلسطيني، فرصة نادرة لاسترجاع وحدته الوطنية، وحدة المؤسسات والمنظمة والبرنامج والأدوات ... أخشى أن هذه “الاستعلائية” المتبادلة، ستبدد واحدة من أهم أوراق القوة التي يمكن اللجوء إليها، للخروج من استعصاءات المرحلة ... فالأزمة الوطنية الكبرى، تعتصر الجميع، في رام الله وغزة، وواهم تماماً من يعتقد أنه يتربع على عرش السلطة، فبئس السلطة التي لا يتمتع القائمون عليها، بحق السفر والتنقل من دون إذن الإسرائيلي، يستوي في ذلك أهل رام الله مع أهل غزة.
الفلسطينيون على أعتاب مرحلة جديدة، موضوعياً على الأقل ... وثمة رياح أو روح جديدة، تهب على الحركة الوطنية الفلسطينية بعد سنوات عجاف من المفاوضات العبثية ... وأحسب أن المصلحة تقتضي تلقف هذه المؤشرات والعمل على تطويرها وتعميقها، لا إطلاق المواقف والتصريحات، التي يُشتم منها رائحة “تسوية حسابات” أو محاولة اقتناص مساحة أكبر من كعكعة السلطة.
المرحلة الفلسطينية الجديدة، تستوجب تغليب المصلحة الوطنية العليا على الحسابات الشخصية والفصائلية الدنيا، ومد يد العون والتعاون، لاجتياز هذا “القطوع” ... والتأسيس لانطلاقة جديدة للحركة الوطنية الفلسطينية، ولكفاح شعب فلسطين من أجل الحرية والاستقلال ... المؤكد أنها ليست مرحلة “التلاوم” و”ألم نقل لكم” ... فليس من بين المتجادلين من لم يخطئ، وليس من بينهم من له الحق برجم الآخر بحجر.
الساسة والإرهابيون كلاهما ضد الشعوب
بقلم: محمد الحمامصي عن العرب اللندنية
تعيش الشعوب العربية والإسلامية اليوم فقرا وقمعا وفوضى وإحباطا ويأسا يغل حاضرها ويفقدها البوصلة، تعيش مغلوبة على أمرها لا ترى لها آفاقا للاستقرار والسلام يمكن أن يكفلا لها نهوضا من كبوتها في المستقبل القريب، ذلك كونها تقع بين شقي رحى لا يمهلانها فرصة للتأمل بحثا عن طريق للخروج الآمن، شقان متحالفان وإن ظهرا متناقضين متصارعين.
الأول يتمثل في الخطابات والرؤى في مختلف مستوياتها بين النخب السياسية، فهي تتردى حتى لتكون “همّ يبكي وهمّ يضحك”، تختزل تحديات الأمة الداخلية والخارجية في صراعات السلطة والرئاسة والملك والمال والنفوذ.
والشق الثاني خطابات ورؤى قيادات وعناصر جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي الجهادية والتكفيرية التي تخوض حربا إرهابية تخريبية ضد أوطانها وشعوبها بالوكالة عن أجهزة استخباراتية عربية وغربية، بما يتجاوز البكاء والضحك ليخلط بينهما خالقا حالة من الهستيريا.
وإذا كانت النخب السياسية مهلهلة الثياب وملتبسة الرؤية وتائهة الفكر ومتخبطة الخطى وجاهلة بالمعرفة والتاريخ وأحيانا كارهة لأوطانها، فإن قيادات جماعات الإسلام السياسي أسوأ وأضل سبيلا فهم “صم بكم عمي فهم لا يعقلون” ملوثة أيديهم وأفواههم بالدم وممزقة ثيابهم وضالة خطاهم تتنازعهم الشرور والآثام أينما وجدوا، وبين خطابات هؤلاء وأولئك تقع الشعوب والأوطان في حالة من الهلع والفوضى العارمة، تنتابها الوساوس والهواجس والكوابيس.
إن تعامل الساسة دون شفافية مع شعوبهم إذ يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون، ويعلنون نقيض ما يفعلون ويأتون بمواقف في الظاهر، تسجيلاتها مليئة بالوعود الكاذبة والنوايا الزائفة، وخزائنهم تضجّ بالمؤامرات بدءا من القضية الفلسطينية وانتهاء بالقضية السورية. حسب حوار حسن نصر الله هناك دول معارضة للنظام السوري برئاسة بشار الأسد في الظاهر المعلن، مؤيدة له في الباطن، شريكة شراكة أصيلة في القتل والذبح والتشريد للسوريين، وأيضا مواقف النظام السوداني من مصر وسد النهضة والحدود المصرية السودانية ظاهرها الوقوف إلى جانب مصر وباطنها التآمر والخيانة وتهريب السلاح وتسلل الإرهابيين، ولا يخفى على أحد ما يلعبه النظام العراقي بقيادة نوري المالكي في مساندة النظام الإيراني وطموحاته التوسعية في الخليج ولبنان وسوريا، وما يلعبه النظام القطري من أدوار لإسقاط جيرانه في هوّة الانقسام والتشرذم فيما يدّعي البراءة والطهر، وما تعلنه أنظمة أخرى من أنها ضد الإرهاب والإرهابيين وهي داعمة له وتموله بالمال والسلاح وتأويه وتوفر له سبل الرعاية في تحركاته.
لا يختلف أمر الساسة عن أمر قيادات الإرهاب مثل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، ويوسف القرضاوي مفتي الناتو وغيرهما، وإن اختلفت المواقع والأفكار والأساليب والطرق.
فالظواهري الذي خرج مطالبا بالبحث عن قتلة رفيقه أبو خالد السوري ومن ثم محاكمتهم وقتلهم وداعيا إرهابييه وإرهابيي “داعش” إلى تحكيم شرعي لوأد الفتنة بينهم، لم يخرج من قبل ليطالب بوقف نزيف الدم الذي يمارسه هؤلاء ضد مسلمي سوريا والعراق ومصر واليمن والسودان والصوما إلخ، بل سعى إلى توسيع وترسيخ القتل منهجا. والقرضاوي الذي أصبح بوقا لمخططات النظم الغربية، يحرّض على بث الفتن بين المسلمين ويدعو إلى قتل المختلفين والمعارضين لجماعته الإخوانية الإرهابية، لم يسمع له أحد خطبة يدعو فيها- مجرد دعوة- إلى الرأفة والرحمة بالعمال الذين قتلهم النظام القطري الذي يأويه بالسخرة والانتقاص من حقوقهم الإنسانية.
إن هؤلاء وأولئك يصبّون من أفواههم نفس السم الزعاف وينفثون نفس نيران الفتن والقتل والذبح، فيما تعيش الشعوب في أوضاع اقتصادية واجتماعية وصحية وتعليمية كارثية يشيب لها الولدان، فهؤلاء ينتهكون ثرواتها وحرياتها وكرامتها، وهؤلاء يقتلون أبناءها عقليا وجسديا ويذبحونهم أو يرسلونهم للذبح والتفجير ويعلقون رؤوسهم على أسنة الرماح فخرا وتباهيا.
لهذا لا يمكن لوم هذه الشعوب حين تختار الفوضى والدم والفساد طريقا وأسلوب حياة غير عابئة بالنتائج، وحين تصاب بلوثة عقلية تفقدها القدرة على التمييز والاختيار، حين تفضل الفرجة أو الانسحاب هربا وفرارا من ويلات السقوط، فتتحول الأوطان إلى أسواق لتجارة السلاح والقتل والخيانة والمخدرات والمرتزقة والرقيق، ولننظر إلى العراق وليبيا أو اليمن أو السودان أو سوريا أو لبنان أو غزة والصومال ومصر وكيف أصبحت أسواقا لهذه الأنواع من التجارة وكيف تحول البعض من الأبناء إلى تجار دون اعتبار للقيم والثوابت الوطنية والدينية والأخلاقية.
لا بديل عن الاستقامة والترفع حفاظا على ما بقي من حقوق وثروات ومقدرات ومصائر والسعى بروية إلى استرداد ما ضاع أو فقد أو سرق، وتكفي أربعون عاما- منذ مطلع السبعينات حتى الآن- من الفساد والإرهاب كادت تقضي على الأخضر واليابس في أجساد وأرواح الشعوب.. وإلا فالمصير معروف “الزوال”، ولن نكون أول أو آخر أمة تزول، فكم دفن التاريخ؟
هل انتهت مرحلة المفاوضات؟
بقلم: فايز رشيد عن القدس العربي
«العملية» الإسرائيلية - الفلسطينية ... عثرة أمام السلام
بقلم: أفرام بي. يهوشوعا عن الحياة اللندنية / نقلا عن «ليبراسيون» الفرنـسية
على ماذا يفاوض الفلسطيني؟ (http://www.raialyoum.com/?p=72799)
بقلم: زياد الوهر عن رأي اليوم
نصائح قديمة مرفوضة.. و«الخيارات» الفلسطينية في الاتجاه الصحيح
بقلم: صالح القلاب عن الشرق الأوسط
حق الفلسطينيين في اللجوء إلى الأمم المتّحدة
بقلم: كلوفيس مقصود عن السفير البيروتية
رأي البيان: كيري وجهود بلا جدوى
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الاماراتية
كيري ... وانهيار المفاوضات
بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
فتح وحماس ولعبة تبادل المواقع والمواقف
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
الساسة والإرهابيون كلاهما ضد الشعوب
بقلم: محمد الحمامصي عن العرب اللندنية
هل انتهت مرحلة المفاوضات؟
بقلم: فايز رشيد عن القدس العربي
إسرائيل ترفض إطلاق سراح أسرى الدفعة الرابعة من معتقلي ما قبل أوسلو. محمود عباس يوقع 15 اتفاقية بشأن الانتساب لمنظمات ولهيئات دولية، وسيبدأ الجانب الفلسطيني التحرك دولياً للتسجيل فيها وهي التابعة للأمم المتحدة. غضب أمريكي أظهره جون كيري من الطرفين، لكنه أبقى على مارتن إنديك في المنطقة ليجمع الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للبحث عن حلول وسط تُعيد المياه إلى مجاريها ومن ثم يجري استئناف المفاوضات بين الجانبين.
إنديك بدوره يجمع رئيسي الوفدين المفاوضين: تسيبي ليفني وصائب عريقات في أكثر من جولة تفاوضية مما يخفف المأزق الذي يبدو ان المفاوضات تمر فيه. المراقبون حائرون، البعض منهم يعتقد بانتهاء مرحلة المفاوضات الإسرائيلية- الفلسطينية، وآخرون يرون بأنه سيجري التغلب على كافة العقبات التي تعيق استئنافها وستستمر في جولات أخرى من التفاوض. نحن مع الرأي الثاني الذي يرى بأن التهديدات برفض استمرارها ليست أكثر من عاصفة في فنجان وسيجري استئنافها قريباً، وذلك لأسباب عديدة سنتطرق إليها مع ضرورة التأكيد على أن المفاوضات هي حاجة ملّحة إسرائيلية وفلسطينية وأمريكية.
إسرائيلية من أجل الايحاء اعلامياً بأن حركة سياسية تدور بين الفلسطينيين وإسرائيل، وفي هذا رد على انطباع عام بأن إسرائيل هي المعطلة ‘للسلام’ مع الفلسطينيين، وبخاصة أنها ترفض تجميد الاستيطان . المفاوضات حاجة ملحة فلسطينية لأن عباس لا يملك بديلاً، وبالتالي فإن الحلول الوسط مثل إغراء إسرائيل للجانب الفلسطيني باطلاق سراح معتقلين آخرين اضافة الى الدفعة الرابعة مقابل موافقة فلسطينية على العودة للمفاوضات وتمديدها، سيكون محل اتفاق بين الجانبين . الجانب الأمريكي أيضا معنيٌ بالمفاوضات انطلاقاً من جهود دؤوبة قام بها كيري خلال ثمانية شهور وانطلاقاً من الأعتقاد بأهمية وصول الجانبين لحل يريح الولايات المتحدة من الملف المزعج لها وهو ملف الصراع الفلسطيني العربي- الإسرائيلي. ذلك لا يعني أن الإدارة الأمريكية ستمارس ضغطاً على إسرائيل مثل الذي تمارسه على الجانب الفلسطيني، فذلك محظور على أمريكا في الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة بينها وبين حليفتها إسرائيل. وكذلك محظور في رسالة الضمانات التي أرسلها جورج بوش الابن إلى أرييل شارون في عام 2004. هذا إلى جانب تاريخية العلاقات بين البلدين الحليفين، وتأثير الإيباك في الداخل الأمريكي، وغيرها من الأسباب. أما من حيث الضغوطات على الجانب الفلسطيني فستظل وتزداد حتماً، فتمويل السلطة في جزء أساسي منه تقوم به الولايات المتحدة وأوروبا، وقطعه سيؤدي إلى المزيد من الإشكالات للسلطة التي تحرص على بقائها واستمراريتها. أما الجانب الفلسطيني فسيعود إلى المفاوضات للأسباب التالية:
أولاً: إن الخيار الوحيد الذي تتمسك به السلطة هو خيار المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات، فمحمود عباس أعفى نفسه والسلطة من أي خيار آخر فالمقاومة المسلحة تعتبر بالنسبة إليه ‘عنفا ‘ ثم’إرهاباً’ والمقاومون ملاحقون ويجري اعتقال العديد منهم خلال الفترة الحالية (التي هي استمرار للمرحلة السابقة)، فقد قامت السلطة مؤخراً باعتقال ناشطين عديدين من الجبهة الشعبية ومن حركة الجهاد الإسلامي وغيرهما، ثم إن التنسيق مع الأمن الإسرائيلي باق كما هو، بل يزداد عمقاً واتساعاً وبالطبع بإشراف أمريكي مباشر. الذي يريد قطع المفاوضات مع إسرائيل يوقف التنسيق الأمني معها، ويعيد للمقاومة بكافة وسائلها وسبلها الألق ويمارسها على صعيد الواقع. المقاومة من خلال انتفاضة مسلحة ممنوع ممارستها من قبل الرئيس الفلسطيني. حتى المقاومة الشعبية السلمية تجري ممارستها في هذا الموقع أو تلك القرية وهي ليست نشاطاً جماهيرياً عاماً في كافة أنحاء الضفة الغربية.
ثانياً: الانقسام الذي تمر به الساحة الفلسطينية هو إضعاف لطرفي هذا الانقسام، والذي يحرص على قطع المفاوضات نهائياً مع العدو، يعيد للساحة الفلسطينية وحدتها، ويعود إلى تطبيق الوحدة الوطنية الفلسطينية على أساس الثوابت الوطنية الفلسطينية. عباس في نيته إرسال وفد للتفاوض مع حماس في غزة، لكنه يدرك تماماً استحالة تجاوز الانقسام حاليا، فالسلطتان سواء في غزة أو في رام الله تتنازعان على مفتاح السجن المعتقلة فيه كل منهما، وكل واحدة منهما مرتاحة في وضعها، حيث تمارس سلطاتها الإدارية على القضايا الحياتية للسكان. إسرائيل تعي تماماً مأزق السلطة على هذا الصعيد، وهي أيضاً تدرك أن عباس مهما تمنّع عن المفاوضات فسيظل مشدوداً إليها لأنها خياره الوحيد. عباس يعرف أيضاً أن غالبية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة وفي الشتات يطالبون بإلغاء المفاوضات العقيمة مع العدو الصهيوني، وهو بموقفه الأخير قد يعيد بعضاً من شعبيته التي تآكلت وتأثرت تماماً منذ بداية المفاوضات في تموز/يوليو الماضي وحتى هذه اللحظة، وبخاصة في ظل استمرار الاستيطان الصهيوني الذي تسارعت وتيرته مقارنة بالعام الماضي بنسبة 123′، أيضاً وفي ظل الاعتداءات الصهيونية المتكررة على المسجد الأقصى وتهويد القدس ومنطقتها.
ثالثاً: إن بعض الاتفاقيات التي وقعها عباس مرهونة في تنفيذها عملياً بالجانب الأمريكي، فتلك المتعلقة بالانتساب والتسجيل في الهيئات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة، ستحاول الولايات المتحدة عرقلة هذه الخطوة من خلالها وحلفائها بإقناعهم بالتصويت ضد رغبة السلطة الفلسطينية. هذا إلى جانب ما تسميه إسرائيل ‘عقوبات’ ضد السلطة وضد عباس شخصياً ستقوم بها، سواء بعدم توريد الأموال الجمركية للسلطة، تلك التي تجنيها إسرائيل باسم السلطة الفلسطينية، وغيرها من العقوبات. وقد استعرضت صحيفة ‘هآرتس الإسرائيلية’(الجمعة 4 نيسان/إبريل الحالي)جزءاً من هذه العقوبات: تجميد الأموال، رفع دعوى على عباس في المحكمة الدولية، تجميد الإذن الذي قدمته إسرائيل لشركة ‘الوطنية الخليوية ‘التي تعمل في الضفة لإدخال معدات إلى قطاع غزة لبدء الانتشار هناك لشبكتها الخليوية، تقييد نشاط السلطة في منطقة(ج) في الضفة الغربية وغيرها وغيرها من العقوبات.
رابعاً: الضغوطات التي ستمارسها الولايات المتحدة مباشرة على السلطة الفلسطينية، أو من خلال حلفائها الأوروبيين وغيرهم من الدول بطريق غير مباشر من أجل العودة للمفاوضات من خلال عروض جديدة سيكون ثمنــــها الأبرز: العودة إلى المفاوضات من قبل السلطة. لقد اختبرنا قطع عباس للمفاوضات خلال بضعة أعوام! حينها لم تنقطع المفاوضــــات فقد كانت تتم من خلال دبلوماسية الرسائل أو’المفاوضات الاستكشافـــــية’ التي جرت في العاصمة الأردنية عمّان أو بطرق سرية أو بوسائل أخرى غيرها.
خامساً: لقد قدّم الرئيس عباس تنازلاً مجانياً (من سلسلة تنازلات) في اجتماعه مع 300 طالب إسرائيلي في مقره في المقاطعة عندما قال بالحرف الواحد’لن نغرق إسرائيل بملايين اللاجئين’ وعندما أيضاً تخلى عن مدينته صفد. الذي يقدّم التنازلات للإسرائيليين واحداً بعد الآخر يسهل عليه تقديم التنازلات فيما بعد، وهذا ما تدركه إسرائيل في شخصية عباس تماماً مثلما عاد إليها في ظل الاستيطان الإسرائيلي. من يريد قطع المفاوضات يعيد الاعتبار للمقاومة المسلحة ولمنظمة التحرير الفلسطينية التي تجاهلها عباس لسنوات طويلة، ويعيد للساحة الفلسطينية وحدتها ويتجاوز الانقسام وهذا ما لا يفعله أبو مازن. يبقى القول:أنه لهذه الأسباب ولغيرها فإن مرحلة المفاوضات لم تنته بعد.
«العملية» الإسرائيلية - الفلسطينية ... عثرة أمام السلام
بقلم: أفرام بي. يهوشوعا عن الحياة اللندنية / نقلا عن «ليبراسيون» الفرنـسية
في الأعوام الأخيرة، تغيّرت نظرتي إلى عملية السلام وصرت أراها شائكة. وقد يكون من قبيل المبالغة العبثية الزعم بأن العملية هي عثرة تحول دون السلام، لكنها تحوّلت إلى وحدة سياسية مستقلة مدارها على خطابات أخلاقية وسياسية، وهي تهمل المبادرة إلى خطوات فعلية. ويتحمل تبعة هذا التحول الإسرائيليون والفلسطينيون والأميركيون والأوروبيون (بمقدار أقل). وحال الشلل والمراوحة لا يخرج منها إلا للإقدام على خطوات تقوض السلام وفرصه. وعملية السلام هي وهم يثير الراحة والطمأنينة، فهي توحي بأن السلام قد يُرسى، عاجلاً أم آجلاً.
وعلى خلاف عملية السلام الإسرائيلية– الفلسطينية، عملية السلام بين إسرائيل ومصر- وهما دولتان تواجهتا في خمس حروب- كانت قصيرة وناجعة افتتحتها زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل، في 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 1977، وهي زيارة مذهلة.
وفي أعوام قليلة، أرسيت مبادئ- شروط السلام في كامب ديفيد: انسحاب إسرائيل من أراض احتلتها، ونزع السلاح في سيناء، وتفكيك المستوطنات وفتح سفارات. وفي أشهر قليلة، أبرم الاتفاق النهائي، والسلام قائم إلى اليوم بعد أكثر من 35 سنة. ومرّ أكثر من عقدين منذ إبرام اتفاق أوسلو في 1993 بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن السلام لا يزال أثراً بعد عين. ولا شك في أن اتفاقات مرحلية صغيرة أبرمت في الأعوام الماضية وانتُهِكت ولم تبصر نتائجها النور، وانتهت في أحيان كثيرة إلى مواجهات دموية.
بعض هذه المواجهات لم يُطوَ بعد وحركة الاستيطان الإسرائيلية لم تتوقف. عُقِدَت عشرات القمم لبحث السلام، وتقاطر المسؤولون الأميركيون من رؤساء ووزراء خارجية ودفاع وغيرهم من ممثلي دول أخرى إلى زيارة القدس ورام الله لمناقشة السلام واقتراح الحلول. وفي العام الحالي، زار وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، 11 مرة إسرائيل والسلطة الفلسطينية لدفع عجلة عملية السلام.
والرأي العام في إسرائيل والضفة الغربية يرى أن لا فائدة ترتجى من هذه العملية. ويجمع المعتدلون والمتطرفون في المعسكرين على فقدان الأمل بإرساء السلام، ويُجمِعون كذلك على استمرار هذه العملية ويرفضون وقفها، كأن النوم وهي في جوار الوسادة أفضل من لا شيء.
شطر راجح من الإسرائيليين والفلسطينيين والمسؤولين الأميركيين والأميركيين، في وسعه تحديد محتوى اتفاق السلام الممكن والمرتجى والواقعي. لكن مسيرة السلام اللامتناهية تغذّي تهويمات محورها مساومات إضافية ينتزعها كل معسكر من الآخر في مفاوضات تبدد فرص السلام أكثر فأكثر.
ولكن ما الحل في مثل هذه الأحوال؟ إن اندلاع أزمة فعلية ودراماتيكية قد يحرك عجلة السلام. ولا أقصد بالأزمة انفجار أعمال عنف، بل أزمة تقع إثر قطع (سيل) المفاوضات والإعلان الرسمي موقتاً عن نهاية عملية السلام. ورفض العملية على خلاف ما تشتهي الولايات المتحدة، وتحمُّل الإسرائيليين والفلسطينيين تبعات هذا القرار، قد يثير الذعر لدى شرائح واسعة من الشعبين، ويحملهما على التزام مبادرات فعلية لحوار فعال وبناء من أجل بلوغ اتفاق محتمل. ولا يعقل أن تصدع الولايات المتحدة- الأقوى عالمياً والملمة بتفاصيل الاتفاق الإسرائيلي – الفلسطيني و «طبيعة» النزاع- بمهانة تواصل فصول مفاوضات من غير أمل وأن ترتجي فائدة من عملية سلام تحول دونه.
على ماذا يفاوض الفلسطيني؟ (http://www.raialyoum.com/?p=72799)
بقلم: زياد الوهر عن رأي اليوم
هل بقي هنالك فعلا ما يفاوض عليه الفلسطينيون؟ وإذا كان هنالك من شيء قابل للتفاوض فما هو يا ترى؟
منذ انطلاق عملية السلام والاستسلام في مدريد العام 1991 وتحديدابعد الشرخ العميق الذي أصاب الأمة العربية من تباين المواقف بين قادة الدول العربية من قضية احتلال العراق لدولة الكويت، منذ ذلك التاريخ شهدت القضية الفلسطينية فترات عسيرة من المد والجزر في الانجازات والإخفاقات وخاصة بعد إنشاء السلطة الفلسطينية في العام 1995.
فمنذ ذلك التاريخ المشئووموحتى اللحظة قضمت إسرائيل 75% من أراضي الضفة الغربية من خلال بناء المستوطنات الجديدة وتوسيع القائم منها، وتاليا بناء الجدار العنصري الفاصل والطرق الالتفافية والمعسكرات وغيرها.
والسؤال المطروح وباستمرار منذ عقود؛ لماذا يفاوض الطرف الفلسطيني وعلى ماذا؟ قد تكون الإجابة سهلة ولكن تنفيذها أصبح صعب المنال مع محاولات التفاوض العبثية والهزلية مع الكيان الغاصب الذي لا يريد أن يعطي أي شيء ويريد أن ينال كل شيء. قد يكون هنالك العديد من المبرارات والدوافع التي تدفع السلطة الفلسطينية للتفاوض ومنها على سبيل المثال:
ـ أنهم لا يملكون خيارا آخر غير التفاوض
ـ الضغط الأمريكي والعربي على السلطة بضرورة استمرار نهج التفاوض
ـ حرص السلطة على المكتسبات الفلسطينية ومنع ضياعها وتحقيق الحد الأدنى من المكاسب على الأرض بدلا أن تفقدها كلها.
ـ التفاوض هو الوسيلة الوحيدة الفاعلة في إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائلية
ـ الحفاظ على الكرسي والسلطة والنفوذ والسجادة الحمراء
ـ عدم القدرة أو افتقاد الشجاعة لاتخاذ قرار حل السلطة الفلسطينية وتحميل إسرائيل وزر الأوضاع في فلسطين المحتلة
والسؤال الذي قد يبدو مُهما تذكّره في هذه المناسبة لماذ وافقت إسرائيل ومن ورائها أمريكا على إنشاء السلطة الفلسطينية؟ قد يقول البعض أن هذا بسبب إصرار المفاوض الفلسطيني على إنشاء السلطة لترغيبها بالإعلانبصراحة وبوضوحالإعتراف بإسرائيل وتخليها تماما عن وقف الكفاح المسلح…توقفَ الكفاح، وقامت السلطة، واستمر الاحتلال، وها هي السلطة الفلسطينية تتهاوى من الداخل والأرض الفلسطينية تُبتلع يوما بعد يوم والقدس يجري تهويدها على نار هادئة، والمفاوضات لم تستطع أن تحل مشكلة واحدة طوال عقدين من الزمن.
يفاوض الرئيس الفلسطيني محمود عباس وليس بيده أي وسيلة ضغط سوى وقف المفاوضات!! وها هو قد استعملها فجن جنون الطرفين الأمريكي والإسرائيلي رغبة منهم باستمرار الإذعان الفلسطيني وديمومة التفاوض للأبد حتى لا يبقى من الأرض سوى 10% وتُمنح السلطة عليها حكما ذاتيا ويجري ساعتها تأمينحدود إسرائيل من خلال التنسيق الأمني وتسليط كوادر الشرطة والأمن الفلسطيني على أبناء الشعب الفلسطينيومنعه من القيام بعمليات مضادة ضد الكيان الغاصب.
ولكن هنالك العديد من الأسئلة التي تدور في ذهن كل مواطن فلسطيني بخصوص نتائج المفاوضات هذا إن وصلت لنتائج أصلا:
هل ستسمح إسرائيل بعودة اللاجئين؟
هلى ستقبل بالتخلي عن سيطرتها على موارد المياه؟
هلى ستوقف بناء المستوطنات؟
هل ستوقف تهويد القدس الشرقية وتقبل بها عاصمة لدولة فلسطين؟
هل ستقبل بقيام دولة فلسطينية أصلا؟
فها هي إسرائيل مستمرة على نهجها في حنث العهود والوعود تماما كما جاء في القرآن الكريم والذي نسيه الكثيرون أثناء بحثهم عن المال والسلطة.
قال تعالى﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 100].
فتارة هم يهددون بوقف دفع الضرائب للسلطة الفلسطينية والتي تقدر بنحو1.5 مليار دولار سنويا، وتارة يطالبون بشروط إضافية لإطلاق سراج السجناء والأسرى الفلسطينيون مثل مطالبة السلطة بالإعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية وتارة وتارة…
لقد عزفت إسرائيل على كل أوتار المماطلة والتسويف والكذب فما من وسيلة تعيق نجاح المفاوضات إلا وأفشلتها حتى نصل إلى المربع الأول ألا وهو حلّ السلطة الفلسطينية الخيار الوحيد والمؤثر والدعوة للعودة للكفاح المسلح وغير المسلح.
وإذا كانت رؤيتي للموضوع غير منطقية فإني أقترح إجراء استفتاء للشعب الفلسطيني على حل السلطة وترك الخيار له لتحديد مصيره، فأنا هنا لا أريد فرض رأيي على أحد والخيار متروك لهم إن رغبت السلطة في اجراء الاستفتاء.. ولا أظنها ستفعل ذلك؟
لكن أن يستمر نهج المفاوضات بهذا الشكل بدون أي رغبة إسرائيلية حقيقية لتحقيق السلام فيصبح ساعتها الأمر كأنه ضحك على الذقون، واستعباط للسلطة والشعب من أجل الدخول في متاهة المفاوضات التي يبدع فيه بني إسرائيل ولا يجاريهم فيها أي أمة أخرى.
وإذا كان اللجوء للأم المتحدة هو سلاح الرئيس الفلسطيني فأظنه أيضا قد أخطأ للمرة الثانية في سلوك هذا الطريق ذلك أن الأمم المتحدة واتفاقياتها لن تمنع إسرائيل من الاستمرار في غيّها وطغيانها فلا يفل الحديد إلا الحديد،فالسلام بدون قوة لا يمكن تحقيقه. ونذكر جيدا كيف نجح ياسر عرفات في تحقيق النتائج من خلال السير في المفاوضات من جانب ومن جانب آخر ترك الباب مفتوحا للمقاومين من أجل استعمال هذا السلاح كمصدر قوة في المفاوضات الشائكة.
لذلك أرجو أن لا يكون التفاوض لأجل التفاوض فقط.. والله من وراء القصد.
نصائح قديمة مرفوضة.. و«الخيارات» الفلسطينية في الاتجاه الصحيح
بقلم: صالح القلاب عن الشرق الأوسط
بقي لمهلة التسعة شهور من المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية، بإشراف أميركي، تسعة عشر يوما؛ فالمفترض أن تنتهي في التاسع والعشرين من أبريل (نيسان) دون أن تحقق أي شيء، والمفترض أن تكون نهاية المطاف لمحاولة كانت جادة بالفعل إن لم يستطع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي أبدى إصرارا خلال مثوله أمام لجنة العلاقات الخارجية في «الكونغرس» على مواصلة الولايات المتحدة لرعاية عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي قال عنها إنها مهمة، بل في غاية الأهمية، لأميركا وللمصالح الأميركية.
وبالطبع فإن الأميركيين، مثلهم مثل الفلسطينيين ومثل الإسرائيليين، حرصوا على استمرار العلاقات بين هذه الأطراف الثلاثة، وحرصوا على عقد اجتماعات القدس برعاية مارتن إنديك لتجنب إعطاء انطباع بأن مفاوضات التسعة شهور قد انتهت إلى الفشل، وأن الولايات المتحدة قد تخرج من هذه الدائرة نهائيا وتترك لمنظمة التحرير والحكومة الإسرائيلية تبادل الكلمات الموجبة، وتترك الشرق الأوسط تحت رحمة التطرف الذي تقوده إيران، والذي تريده روسيا لتسديد حسابات خاصة تتعلق بانتعاش الحرب الباردة في ضوء تفاقم الأزمة السورية وتطورات الأزمة المستجدة في شبه جزيرة القرم وأوكرانيا.
وحقيقة أنه لا منظمة التحرير ولا الحكومة الإسرائيلية تريدان لهذه المفاوضات أن تتوقف، ولكن المشكلة تكمن في أن بنيامين نتنياهو يتمسك بشروط تعجيزية لا يستطيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) وبخاصة أنه لم يضمن ولو بالحدود الدنيا موافقة الإسرائيليين، بضغط أميركي جدي، قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وأن تكون القدس الشرقية هي عاصمة هذه الدولة، وبخاصة أنه لا يمكن أن يوافق ولا يستطيع أن يوافق على الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، طالما أن العرب إنْ من خلال «جامعتهم» أو من خلال «بيان» قمة الكويت العربية الأخيرة قد رفضوا الاعتراف بهذه الدولة العبرية.
والمشكلة التي غدت تقف في طريق أي حل ممكن جدي هي أن هذه الحكومة الإسرائيلية التي يقودها بنيامين نتنياهو، الذي يعتبر أكثر تطرفا حتى من مناحيم بيغن ومن إسحق شامير وأيضا من أرييل شارون، هي محصلة تحول إسرائيلي نحو اليمين والتطرف كانت بداياته اغتيال رئيس الوزراء الأسبق إسحق رابين في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1995 بسبب توقيعه على اتفاقية وادي عربة التي اعتبرها الأكثر تشددا ويمينية تفريطا في أرض إسرائيل التاريخية «الموعودة»!!
إن هذه هي حقيقة الأمر، ولذلك فإنه إن لم يتخذ الأميركيون موقفا حاسما وحازما وملزما للإسرائيليين بإنهاء هذا الصراع المزمن وتحقيق السلام الفعلي المنشود في الشرق الأوسط فإن المنطقة كلها سوف تدخل مرحلة جديدة من العنف والإرهاب المدمرين، وهنا فإنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن هناك من بين العرب ومن بين الفلسطينيين من بات يطرح ذلك الحل العدمي القديم الذي يقول إنه على القيادة الفلسطينية أن تحل نفسها وأن تتخلى عن السلطة الوطنية وأن تخرج إلى الخارج وتعود للكفاح المسلح والصراع الطويل الأمد.
وتقول وجهة نظر هؤلاء، الذين من بينهم بعض كبار المسؤولين العرب، إنه يجب التخلي عن عملية السلام من أولها إلى آخرها، وإنه يجب تحميل الإسرائيليين مسؤولية احتلالهم للضفة الغربية ماليا وسياسيا واجتماعيا، وإنه يجب ألا يتحمل لا العرب ولا الفلسطينيون هذه المسؤولية ما دام أن الأرض الفلسطينية في حقيقة الأمر لا تزال محتلة، وما دام أنه لا سلام يلوح في الأفق على الإطلاق.
وتجب الإشارة هنا إلى أن «حماس» التي تعتبر نفسها جزءا من «فسطاط الممانعة والمقاومة» هي مع هذا الرأي، وذلك لأنها بالأساس لا تريد السلطة الوطنية طالما أنها سلطة حركة «فتح» ومعها بعض التنظيمات اليسارية.
لقد كان مثل الكلام العدمي قد قيل للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات (أبو عمار) مرارا وتكرارا، لكنه بالطبع رفضه رفضا قاطعا ولم يلتفت إليه أو يأخذه على أنه فكرة جدية وحقيقية. إن (أبو مازن) مثله مثل رفيق دربه ومثل كل القادة الفلسطينيين، إن في حركة «فتح» وإن في منظمة التحرير والسلطة، يعتبر أن ما تحقق استنادا إلى اتفاقات أوسلو يعتبر إنجازا، وأنه من البله وسوء التقدير العودة إلى نقطة الصفر والتفريط في إنجازات دفع ثمنها الشعب قوافل من الشهداء الأبرار، فهناك الآن اعتراف من قبل الأمم المتحدة بدولة فلسطينية تحت الاحتلال، وهناك الآن تعاطف دولي مع الشعب الفلسطيني غير مسبوق.. ثم هناك مؤسسات لا يجوز التفريط فيها أو التخلي عنها.
كان رفع العلم الفلسطيني فوق «أسلاك» الكهرباء قبل اتفاقيات أوسلو وقيام السلطة الوطنية، يكلف عشرات الشهداء ومئات المعتقلين، وكان الإسرائيليون يتمسكون بتلك المقولة السخيفة القائلة: «أرض بلا شعب لشعب بلا أرض». ولهذا قد قطعت المسيرة الفلسطينية كل هذه المسافات الطويلة، وحقق الشعب الفلسطيني كل هذه الإنجازات العظيمة، فإنه لا يمكن وصف دعوة حل السلطة الوطنية إلا بأنها خدمة لإسرائيل وأنها استسلام مجاني وأن من يقف وراءها إما أنه لا يعرف قوانين الصراع عندما تكون بكل هذا الحجم وبكل هذه التعقيدات، أو أنه، والعياذ بالله، مجند لخدمة إسرائيل والصهيونية العالمية وهو لا يعرف.
لقد بادر محمود عباس (أبو مازن) بعد الشعور بانسداد الأفق أمام المفاوضات والعملية السلمية إلى إطلاق تصريحات لا يمكن أن تصدر إلا عن قائد تاريخي بات يعرف ويدرك أين أصبحت تقف قضية شعبه.. لقد أكد في هذه التصريحات تمسكه وتمسك الشعب الفلسطيني بالسلام وهو استبعد العودة إلى الكفاح المسلح، وشدد على استبداله بالكفاح الشعبي الذي يواجه بتفهم عالمي ودولي إنْ على مستوى الشعوب وإنْ على مستوى الدول، فهذه الطريقة «الغاندية» و«المانديلية» أصبحت أمضى من الأسلحة وأشد تأثيرا من الرصاص والقنابل، ويقينا أن هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة تتمنى أن يرتكب الفلسطينيون الخطأ التاريخي وأن يبادروا إلى حل أطرهم الرسمية القائمة وينزلوا إلى تحت الأرض أو يغادروا وطنهم ويعلنوا العودة إلى الثورة المسلحة.
الآن وسواء أثمرت الجهود الأميركية المتواصلة وتم استئناف المفاوضات بالشروط الفلسطينية كلها أو بعضها أم لا، فإن ما يحتاجه الشعب الفلسطيني ليس المزيد من الاقتراحات العدمية المحبطة والمربكة، وإنما أن يوفر العرب الدعم المالي.. والمزيد من الدعم المالي الذي يعزز صمود القيادة الفلسطينية ويحميها من أن تقع فريسة للضغوط الأميركية والإسرائيلية... فالمسافة إلى استحقاق الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية باتت قصيرة، والمطلوب من الأمة العربية لم يعد أكثر من المواقف الواقعية الصحيحة وتوفير ما يهدد به الأميركيون الفلسطينيين، وما يهدد به بنيامين نتنياهو (أبو مازن) والسلطة الوطنية.
لا أحد يطلب من العرب جيوشا جرارة تزحف نحو فلسطين، فالأمور تغيرت كثيرا عما كان عليه الوضع في ستينات وسبعينات القرن الماضي، فالمطلوب أصبح يقتصر على الدعم المالي الذي يحمي الشعب الفلسطيني ويحمي القيادة الفلسطينية من الضغوط التي يلوح بها الأميركيون ويهدد بها الإسرائيليون، وأصبح يقتصر أيضا على حماية «الخيارات» التي رد بها الفلسطينيون على تحديات بنيامين نتنياهو وحكومته وفي مقدمتها خيار الانتساب إلى الهيئات والاتفاقيات الدولية.
إن أكبر خطأ يرتكبه العرب هو التخلي عن الشعب الفلسطيني في هذا المنعطف الخطير الذي تمر به قضيته، وهو المشاركة في الضغط على الرئيس محمود عباس (أبو مازن) للتراجع عن خيار الانضمام إلى الهيئات والاتفاقيات الدولية، وهو أيضا، وهذه هي أم الكبار، التفكير حتى مجرد التفكير في دفع الفلسطينيين للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية.
حق الفلسطينيين في اللجوء إلى الأمم المتّحدة
بقلم: كلوفيس مقصود عن السفير البيروتية
أثارت الخطوات التي اتّخذها محمود عباس من أجل انضمام فلسطين إلى 15 هيئة تابعة للأمم المتّحدة ردود فعل من أعضاء عدّة في الكونغرس الأميركيّ، وخصوصاً، من السفيرة الأميركيّة لدى الأمم المتّحدة التي يبدو أنّها فقدت حسّ المنطق.
فقد أعلنت السفيرة أماندا باور في 2 نيسان أمام لجنة فرعيّة تابعة لمجلس النوّاب الأميركيّ أنّ «الولايات المتّحدة ستقف إلى جانب إسرائيل، وسندافع عنها ونطعن بكلّ حالة من حالات المعاملة المجحفة في نظام الأمم المتّحدة بأسره... ويشمل هذا الالتزام الجديّ معارضة شديدة لأيّ تحرّك أحاديّ على الساحة الدوليّة، بما في ذلك التحرّكات المتعلّقة بإقامة الدولة الفلسطينيّة، يتمّ القيام به من باب التملّص من النتائج التي لا يمكن التوصّل إليها إلا من خلال تسوية متفاوض عليها، أو من باب الحكم عليها مسبقاً». ألا يمكن أن يمرّ الفلسطينيّون بالأمم المتّحدة إذا فشلت المفاوضات الفلسطينيّة الاسرائيليّة الحاليّة، كما هي الحال حتّى هذه الساعة؟ هل جرت مفاوضات بالفعل بالمعنى الحقيقيّ أو القانونيّ؟
يشكّل إعلان باور، الذي يهدف إلى حرمان «منظمة التحرير الفلسطينيّة» وغيرها من حقّ دخول الأمم المتّحدة بصفتها مرساة للقانون الدوليّ، تهديداً لجميع أعضاء الأمم المتّحدة الذين التزموا ولا يزالون بمناصرة حقوق الشعب الفلسطينيّ، كما سبق أن فعلوا من أجل آخرين بالاعتراف بحركاتهم التحريريّة الهادفة إلى تحقيق الاستقلال وإقامة دولة.
لقد أطلقت باور هذا التصريح الوقائيّ بلهجة تهديديّة جديدة من نوعها. ويطرح إعلانها أنّ الولايات المتّحدة «ستطعن بكلّ حالة من حالات المعاملة المجحفة» سؤالاً واحداً وهو: ما هو المجحف؟ إنّه إلحاق إسرائيل المستمرّ والزاحف للأراضي الفلسطينيّة. إنّه رفض إسرائيل الاعتراف بأنّها قوّة احتلاليّة. إنّه إعلان إسرائيل، عشيّة زيارة لوزير الخارجيّة الأميركيّة جون كيري، بناء 700 وحدة سكنيّة جديدة في القدس الشرقيّة، وبالتالي تقليصها إلى حدّ كبير أراضي هذه الأخيرة التي من المفترض أن تصبح عاصمة فلسطين إذا بقيت المفاوضات المزعومة المستمرّة منذ أكثر من 20 سنة تحت إدارة الولايات المتّحدة الحصريّة. إنّ التهديد بمنع الفلسطينيّين من النفاذ إلى سبل لتحقيق الاستقلال خارج إطار الرعاية الأميركيّة مثير للدهشة والذهول.
إلى متى ينتظر الفلسطينيّون أن تقنع الولايات المتّحدة إسرائيل بالاعتراف بحقوقهم الشرعيّة؟ إلى متى يتمنع الفلسطينيّون عن التحرّك ردّاً على «الفيتو» الوقائيّ الإسرائيليّ ضدّ حقّهم في اللجوء إلى آليات الأمم المتّحدة من أجل إقامة الدولة الفلسطينيّة وتحقيق الاستقلال والسيادة، تماماً كما اعترفت الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة بإسرائيل دولة في داخل فلسطين في تشرين الثاني 1947؟
لقد آن الأوان للردّ بوضوح على باور التي أعلنت أيضاً أمام اللجنة أنّها «ستعترض على أيّ محاولة تهدف إلى رفع شأن الفلسطينيّين أينما كان في الأمم المتّحدة». بالإضافة إلى ذلك، كشفت أنّ «فريقاً أميركياً إسرائيلياً تشكّل حديثاً يجتمع شهرياً لمناقشة كيفيّة الردّ في حال قام الفلسطينيّون بتحرّك أحاديّ في الأمم المتّحدة»، محذّرة من أنّ «لجوء الفلسطينيّين المحتمل إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة سيشكّل خطراً جسيماً على إسرائيل وسيكون مدمّراً لعمليّة السلام». وهنا أسأل باور: لماذا؟ هل أنتِ قلقة من عواقب قرار ما؟ لم يصدر عباس أيّ تصريح بشأن المحكمة الجنائيّة الدوليّة، لكن فلنفترض أنّ الفلسطينيّين لجأوا إلى المحكمة، لماذا قد يكون ذلك «مدمّراً»؟
ما يجدر على السفيرة باور أن تعرفه هو أنّ «عمليّة السلام» كانت، منذ «اتّفاق أوسلو»، مدمّرة لسعي الفلسطينيّين إلى السلام والاستقلال وحقوق الانسان. فقد اختبر الشعب الفلسطينيّ الذلّ بسبب الغزو وتعب من وعود السلام ومن حرمانه حقّ تقرير المصير.
في هذا السياق، يطرح السؤال الآتي نفسه: إذا كان بإمكان الأمم المتّحدة أن تشكّل منفساً لمنح الفلسطينيّين حقوقهم الوطنيّة وحقوقهم كبشر ضمن إطار القانون الدوليّ، وأن تقوم بتفعيل مئات ومئات القرارات الصادرة عنها والتي تعترف بحقوقهم، هل ستعترض الولايات المتّحدة على ذلك؟ لا أعتقد ذلك. إنّ ضربة باور الوقائيّة الهادفة إلى منع الفلسطينيّين من النفاذ إلى وكالات الأمم المتّحدة لضمان منفس لهم والحدّ من خيبتهم الجماعيّة، لا ينبغي أن تفسَّر بأنّ الولايات المتّحدة ستستمرّ في الاستجابة للمطالب الاسرائيليّة نظراً إلى العلاقة المميّزة التي تربطها بإسرائيل.
وحتّى لو أراد الجناح التنفيذيّ في الحكومة الأميركيّة المساعدة على منح الفلسطينيّين حقوقهم الوطنيّة، من المحتمل جدّاً ألا ينجح ذلك، نظراً إلى دعم الكونغرس المتواصل لإسرائيل والسماح لها بالاستمرار في نشر مستوطنات في الأراضي المحتلّة. فقد قالت النائبة الجمهوريّة عن ولاية تكساس، كاي غرانغر، لـ«المونيتور» إنّه ينبغي إعادة النظر في المساعدات التي تخصّصها الولايات المتّحدة للسلطة الفلسطينيّة والبالغة قيمتها حوالى 500 مليون دولار. وزعمت أنّ لجوء الفلسطينيّين إلى الأمم المتّحدة يتعارض مع هدف المساعدات الأميركيّة منذ التسعينيّات، ألا وهو عقد صفقة من أجل السلام. فمع أنّ المساعدات الأميركيّة مرحّب بها وتعبّر عن سخاء الولايات المتّحدة، إلا أنّه لم يتمّ عقد أيّ صفقة سلام منذ أوائل التسعينيّات! أمّا النائبة عن ولاية نيويورك، ونظيرة غرانغر الديموقراطيّة، نيتا لوي، فقالت إنّ «أملها خاب جداً» من الخطوة التي اتّخذها عباس. لماذا؟ للأسباب التي ذكرتها زميلتها غرانغر على الأرجح.
في جلسة اللجنة الفرعيّة التي حضرتها باور، تمّ التشديد على أنّ القانون الأميركيّ الجديد يتضمّن قيوداً عدّة بشأن مساعدة الفلسطينيّين، بما في ذلك الطلب من السلطة الفلسطينيّة مكافحة التحريض ضدّ إسرائيل والامتناع عن جرّ إسرائيل أمام المحكمة الجنائيّة الدوليّة وعن الانضمام إلى وكالات الأمم المتّحدة. بتعبير آخر، يبدو أنّ تقديم 500 مليون دولار إلى السلطة الفلسطينيّة يمثّل محاولة مستمرّة لمنع الفلسطينيّين من ممارسة حقّهم في دخول الأمم المتّحدة، وللمماطلة أكثر فأكثر، كما هي الحال منذ العام 1993، ما جعل المساعدات الأميركيّة بديلاً عن حقوق الفلسطينيّين الوطنيّة وعن الدولة المستقلّة.
لقد كلّ الشعب الفلسطينيّ من حوار عمليّة السلام المزعومة. فمع أنّهم يقدّرون حماس كيري وزياراته، إلا أنّهم بدأوا يدركون عبثيّة هذه الجهود المستمرّة منذ أكثر من 20 سنة، بينما يكرّر وزير الخارجيّة الأميركيّة النقاط نفسها المستخدمة منذ انطلاق عمليّة السلام حتّى اليوم.
إنّ المخرج الوحيد المتاح أمام الفلسطينيّين هو عبر المنظّمة التي ساعدت الكثير من الشعوب الأخرى التي تحمّلت الاحتلال والحرمان من الحقوق الشرعيّة والاستعمار للحصول على امتيازاتها السياديّة. فالفلسطينيّون يشعرون بأنّ الوقت قد حان كي تساهم أصولهم القانونيّة والأخلاقيّة والتاريخيّة في تحقيق حلم دولة فلسطين المستقلّة التي تعيش بسلام مع جميع جيرانها.
ولباور أقول إنّ تهجمكِ الحماسيّ على أيّ جهد تبذله فلسطين للحصول على المقاعد التي يحقّ لها بها في الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة ووكالاتها المتخّصصة، كما هي الحال في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، ليس مخيّباً للآمال فحسب، بل خاطئ أيضاً.
رأي البيان: كيري وجهود بلا جدوى
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الاماراتية
مرة أخرى وككل مرة تصطدم أي محاولة للدفع بمفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بموقف الكيان القائم على طرد أصحاب الحق من أرضهم، وتوسيع المشاريع الاستيطانية، التي تهدف إلى رسم خريطة «الدولة اليهودية» على الأراضي الفلسطينية..
وهذا ما تترجمه الحكومة الإسرائيلية على أرضية الواقع، بإعلانها بناء نحو 700 وحدة استيطانية جديدة في الشطر الشرقي من القدس المحتلة في الوقت الذي يسعى فيه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، عبر زياراته المكوكية إلى المنطقة لإعطاء دفع جديد لهذه المفاوضات التي انهارت كل جولاتها، وذلك بسبب مواقف الكيان بشهادة جون كيري نفسه الذي انتقد عدم إبداء الجانب الإسرائيلي لأي رغبة في الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، وهو السبب الرئيس في تعثر المفاوضات.
ورغم الوضوح التام أمام المجتمع الدولي المتسبب في فشل مفاوضات السلام فإن إسرائيل تؤكد مضيها قدماً في سياستها الاستيطانية وتهجير الفلسطينيين مع هدم منازلهم بذريعة عدم الحصول على ترخيص أو حتى تجريف المساحات الزراعية، وقلع أشجار الزيتون، بل ذهبت بعيداً حينما انتقدت تصريحات كيري، وشددت على أنها لن تقدم اعتذاراً عن عمليات البناء في القدس، وكأن ذلك حق مشروع لها.
يحاول الجانب الإسرائيلي في كل جولة مفاوضات كسب المزيد من الوقت لصالحه، إذ يطالب بتمديدها في مقابل رفض وقف أي عمل استيطاني، وما يرفضه الجانب الفلسطيني الذي ينادي بوقف مثل هذه التوغلات غير المشروعة على أراضيه.
ينتظر الفلسطينيون والعرب ما قد يسفر عنه اجتماع وزراء خارجية العرب في القاهرة، وكلهم أمل بأن يتم إقرار الدعم الكامل السياسي والمالي للقيادة الفلسطينية، وترجمته واقعياً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من العام 1967، وعدم الاكتفاء ببيان يدين الموقف الإسرائيلي.
إن مواجهة الكيان يتطلب وحدة داخلية من خلال تجسيد صور المصالحة بين الفلسطينيين، ونبذ سياسة «فرق تسد»، التي كانت تنتهجها السياسة الاستعمارية في القرن الماضي، كما يتطلب قراراً عربياً موحداً، يتم تفعيله في مواجهة ظلم الاحتلال.
كيري ... وانهيار المفاوضات
بقلم: علي الطعيمات عن الوطن القطرية
في أحدث محاولة لمنع انهيار المفاوضات بين دولة الاحتلال الاسرائيلي والسلطة في رام الله، وهي المفاوضات التي لم تثمر الا المزيد من التصلب والاستيطان والغطرسة، وتتعرض للتوقف نتيجة رفض تل أبيب الافراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، جاء وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى القدس المحتلة بصورة مفاجئة لمراضاة إسرائيل على حساب السلطة الفلسطينية،والتقى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو في تل أبيب وغادرها من دون ان يلتقي رئيس السلطة الفلسطينية في رام الله محمود عباس.
زيارة الوزير الأميركي رسمت لها السلطة الفلسطينية سقفاً بتحذيرها من أنها قررت بدء خطوات الانضمام إلى منظمات الامم المتحدة، بتوقيع رئيس السلطة محمود عباس نحو عشر اتفاقيات دولية تعزز من وضعها في مواجهة دولة الاحتلال الاسرائيلي، شملت معاهدات جنيف وهي نص مهم للقانون الدولي الذي يتعلق بإدارة الحرب والاحتلال، الامر الذي يوفر للفلسطينيين اساسا قويا للجوء الى المحكمة الجنائية وتقديم شكاوى رسمية في نهاية المطاف ضد دولة الاحتلال الاسرائيلي الارهابية بسبب استمرار احتلالها للاراضي الفلسطينية التي احتلتها في عدوان الخامس من يونيو عام 1967، متحررا من التزام قدمه للاميركيين العام الماضي بعدم مواجهة اسرائيل في الامم المتحدة والمنظمات الدولية الاخرى.
ولأن الانضمام الفلسطيني الى منظمات الامم المتحدة والمعاهدات الدولية يزعج، دولة الاحتلال، ويحرج حليفتها الولايات المتحدة الاميركية التي حرصت منذ البداية على منع الفلسطينيين من استكمال خطوة اعتراف الامم المتحدة بـ « الدولة الفلسطينية»، واغرائهم بـ«سراب» مفاوضات مكتومة« لم تسفر الا عن مزيد من الاستيطان والتهويد لمدينة القدس المحتلة، فإن وزيرا اسرائيليا يحذر من ان الخطوة الفلسطينية قد تدفع بالدولة العبرية الى ضم اراض بالضفة الغربية المحتلة.
والتساؤل الذي قد يطرح نفسه في هذا الوقت، اذا كانت واشنطن غير قادرة على ضمان إطلاق سراح عدة عشرات من الاسرى الفلسطينيين، ومنعها الفلسطينيين من استكمال الاعتراف الدولي بدولتهم، فكيف يمكن تصور قدرتها على انفاذ «حل الدولتين»، واذا كانت الدولة العبرية التي لاتتوقف اعتقالاتها للفلسطينيين في الضفة الغربية وبعضها بالتعاون مع قوات السلطة، في اطار التنسيق الامني، وهي خدمات تقدم من طرف واحد وهي، قوات السلطة للاحتلال، وتعوض اي افراج عن اسرى باعتقالاتها الجديدة التي لاتتوقف.. فكيف لنا ان نتخيل موافقتها على قيام دولة فلسطينية، مستقلة وعاصمتها القدس كما تردد السلطة ومعها كل العرب !!؟؟
فتح وحماس ولعبة تبادل المواقع والمواقف
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
أزمة المسار التفاوضي الذي سارت عليه فتح والسلطة والمنظمة لسنوات طوال، وقعت برداً وسلاماً على أوساط واسعة في حركة حماس، خصوصاً في قطاع غزة، يتبدى ذلك من خلال التصريحات والخطابات السياسية والإعلامية الصادرة عن بعض رموز الحركة ومؤسساتها ... بعضهم يطالب (ينتظر) الرئيس “أبو مازن” لإعلان الفشل وإشهار”التوبة” ... بعضهم ينتظر “عودة الابن الضال” إلى حضن أمه وكنف أبيه، حتى أن أحد الناطقين باسم الحركة، طالب فتح بالعودة إلى “المربع الوطني”، لا ندري إن كان يقصد “مربع حماس” على سبيل المثال... والغريب أن مثل هذه المواقف “الفوقية”، تصدر والحركة تمر في واحدة من أصعب الاختناقات وأزمات الحصار والعزلة؟!
في مطلق الأحوال، ثمة قراءة تتسرب إلى أوساط حماس، مفادها إن فشل مهمة كيري (إن فشلت) وانسداد آفاق الحل السياسي (إن سُدّت)، سيضعف موقف فتح والسلطة والمنظمة، واستتباعاً، سيعزز موقف حماس ... حتى إن آن أوان البحث عن حلول وتسويات لأزمة المصالحة، صار بمقدور الحركة، أن ترفع سقوفها وتعزز مواقعها ... فنظرية “الحصيلة الصفرية” ما زالت تحكم من أسفٍ، العلاقات الفلسطينية البينية، فكل ربح تجنيه فتح، هو خسارة صافية تحصدها حماس، والعكس صحيح.
بُعيد سقوط نظام الإخوان في مصر، وتفاقم أزمة حماس في غزة ومع مصر، دعونا في هذه الزاوية بالذات، الأخ أبو مازن للمبادرة إلى شنّ هجوم تصالحي مع حماس ... بعض الأصوات في رام الله، كانت تتنظر بفارغ الصبر، سقوط ورقة حماس، صفراء ذابلة، لتذهب بعد ذلك إلى قطف الثمار اليانعة، أو الرؤوس التي أينعت وحان قطافها، لا فرق ... يومها قلنا إن من مصلحة الرئيس وفتح والسلطة والمنظمة، إنجاز المصالحة الآن، وليس بعد حين ... ولأننا لم نبد للحظة واحدة، تفاؤلاً بنتائج مهمة كيري، ومنذ يومها الأول، قلنا أن فتح ستذهب إلى المصالحة بشروط أصعب بعد فشل مهمة كيري وسقوط خيار “المفاوضات حياة” ... يومها رأى بعضهم أننا “نغمس خارج الصحن”، ونعاند جريان “نهر الأحداث والتاريخ” ... لكن ما توقعناه بالأمس، يتجسد أمامنا اليوم ... وها هما فريقا الصراع والانقسام الداخلي، يتبادلان المواقع والمواقف.
والمؤكد أن كلا الموقفين، إنما يشف عن ضيق أفق سياسي من جهة، وعن “فصائلية” موغلة في أنانيتها من جهة ثانية، وعن قلة اكتراث بواقع الحالة الفلسطينية ومستقبل قضية شعب فلسطين الوطنية من جهة ثالثة ... مثل هذه المواقف تزيدنا تشاؤماً في فرص إنجاز المصالحة الوطنية، برغم توافر الشروط الموضوعية لهذه المصالحة، التي باتت ضرورة وأولوية لا تتقدمهما ضرورة أو أولوية أخرى.
حماس “لم تنزل على ركبيتها” أمام فتح، وهي لن تفعل ذلك، حتى لو اختنق القطاع عن بكرة ساكنيه، بفعل الحصار والتجويل والعزلة ... وفتح لن تصعد المنبر للاعتراف بفشلها في إدارة ملف المفاوضات، حتى وإن كانت سطعت حقيقة الفشل، كالشمس في رابعة النهار، فليس من تقاليد العمل الوطني الفلسطيني، إجراءات المصارحات والمكاشفات ... ليس من تقاليد التجربة الفلسطينية، إجراء المراجعات وممارسة النقد والنقد الذاتي، يستوي في ذلك الجميع من دون استثناء.
وأخشى، أن هذه الروحية، ستضيّع على الشعب الفلسطيني، فرصة نادرة لاسترجاع وحدته الوطنية، وحدة المؤسسات والمنظمة والبرنامج والأدوات ... أخشى أن هذه “الاستعلائية” المتبادلة، ستبدد واحدة من أهم أوراق القوة التي يمكن اللجوء إليها، للخروج من استعصاءات المرحلة ... فالأزمة الوطنية الكبرى، تعتصر الجميع، في رام الله وغزة، وواهم تماماً من يعتقد أنه يتربع على عرش السلطة، فبئس السلطة التي لا يتمتع القائمون عليها، بحق السفر والتنقل من دون إذن الإسرائيلي، يستوي في ذلك أهل رام الله مع أهل غزة.
الفلسطينيون على أعتاب مرحلة جديدة، موضوعياً على الأقل ... وثمة رياح أو روح جديدة، تهب على الحركة الوطنية الفلسطينية بعد سنوات عجاف من المفاوضات العبثية ... وأحسب أن المصلحة تقتضي تلقف هذه المؤشرات والعمل على تطويرها وتعميقها، لا إطلاق المواقف والتصريحات، التي يُشتم منها رائحة “تسوية حسابات” أو محاولة اقتناص مساحة أكبر من كعكعة السلطة.
المرحلة الفلسطينية الجديدة، تستوجب تغليب المصلحة الوطنية العليا على الحسابات الشخصية والفصائلية الدنيا، ومد يد العون والتعاون، لاجتياز هذا “القطوع” ... والتأسيس لانطلاقة جديدة للحركة الوطنية الفلسطينية، ولكفاح شعب فلسطين من أجل الحرية والاستقلال ... المؤكد أنها ليست مرحلة “التلاوم” و”ألم نقل لكم” ... فليس من بين المتجادلين من لم يخطئ، وليس من بينهم من له الحق برجم الآخر بحجر.
الساسة والإرهابيون كلاهما ضد الشعوب
بقلم: محمد الحمامصي عن العرب اللندنية
تعيش الشعوب العربية والإسلامية اليوم فقرا وقمعا وفوضى وإحباطا ويأسا يغل حاضرها ويفقدها البوصلة، تعيش مغلوبة على أمرها لا ترى لها آفاقا للاستقرار والسلام يمكن أن يكفلا لها نهوضا من كبوتها في المستقبل القريب، ذلك كونها تقع بين شقي رحى لا يمهلانها فرصة للتأمل بحثا عن طريق للخروج الآمن، شقان متحالفان وإن ظهرا متناقضين متصارعين.
الأول يتمثل في الخطابات والرؤى في مختلف مستوياتها بين النخب السياسية، فهي تتردى حتى لتكون “همّ يبكي وهمّ يضحك”، تختزل تحديات الأمة الداخلية والخارجية في صراعات السلطة والرئاسة والملك والمال والنفوذ.
والشق الثاني خطابات ورؤى قيادات وعناصر جماعات وتنظيمات الإسلام السياسي الجهادية والتكفيرية التي تخوض حربا إرهابية تخريبية ضد أوطانها وشعوبها بالوكالة عن أجهزة استخباراتية عربية وغربية، بما يتجاوز البكاء والضحك ليخلط بينهما خالقا حالة من الهستيريا.
وإذا كانت النخب السياسية مهلهلة الثياب وملتبسة الرؤية وتائهة الفكر ومتخبطة الخطى وجاهلة بالمعرفة والتاريخ وأحيانا كارهة لأوطانها، فإن قيادات جماعات الإسلام السياسي أسوأ وأضل سبيلا فهم “صم بكم عمي فهم لا يعقلون” ملوثة أيديهم وأفواههم بالدم وممزقة ثيابهم وضالة خطاهم تتنازعهم الشرور والآثام أينما وجدوا، وبين خطابات هؤلاء وأولئك تقع الشعوب والأوطان في حالة من الهلع والفوضى العارمة، تنتابها الوساوس والهواجس والكوابيس.
إن تعامل الساسة دون شفافية مع شعوبهم إذ يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون، ويعلنون نقيض ما يفعلون ويأتون بمواقف في الظاهر، تسجيلاتها مليئة بالوعود الكاذبة والنوايا الزائفة، وخزائنهم تضجّ بالمؤامرات بدءا من القضية الفلسطينية وانتهاء بالقضية السورية. حسب حوار حسن نصر الله هناك دول معارضة للنظام السوري برئاسة بشار الأسد في الظاهر المعلن، مؤيدة له في الباطن، شريكة شراكة أصيلة في القتل والذبح والتشريد للسوريين، وأيضا مواقف النظام السوداني من مصر وسد النهضة والحدود المصرية السودانية ظاهرها الوقوف إلى جانب مصر وباطنها التآمر والخيانة وتهريب السلاح وتسلل الإرهابيين، ولا يخفى على أحد ما يلعبه النظام العراقي بقيادة نوري المالكي في مساندة النظام الإيراني وطموحاته التوسعية في الخليج ولبنان وسوريا، وما يلعبه النظام القطري من أدوار لإسقاط جيرانه في هوّة الانقسام والتشرذم فيما يدّعي البراءة والطهر، وما تعلنه أنظمة أخرى من أنها ضد الإرهاب والإرهابيين وهي داعمة له وتموله بالمال والسلاح وتأويه وتوفر له سبل الرعاية في تحركاته.
لا يختلف أمر الساسة عن أمر قيادات الإرهاب مثل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة، ويوسف القرضاوي مفتي الناتو وغيرهما، وإن اختلفت المواقع والأفكار والأساليب والطرق.
فالظواهري الذي خرج مطالبا بالبحث عن قتلة رفيقه أبو خالد السوري ومن ثم محاكمتهم وقتلهم وداعيا إرهابييه وإرهابيي “داعش” إلى تحكيم شرعي لوأد الفتنة بينهم، لم يخرج من قبل ليطالب بوقف نزيف الدم الذي يمارسه هؤلاء ضد مسلمي سوريا والعراق ومصر واليمن والسودان والصوما إلخ، بل سعى إلى توسيع وترسيخ القتل منهجا. والقرضاوي الذي أصبح بوقا لمخططات النظم الغربية، يحرّض على بث الفتن بين المسلمين ويدعو إلى قتل المختلفين والمعارضين لجماعته الإخوانية الإرهابية، لم يسمع له أحد خطبة يدعو فيها- مجرد دعوة- إلى الرأفة والرحمة بالعمال الذين قتلهم النظام القطري الذي يأويه بالسخرة والانتقاص من حقوقهم الإنسانية.
إن هؤلاء وأولئك يصبّون من أفواههم نفس السم الزعاف وينفثون نفس نيران الفتن والقتل والذبح، فيما تعيش الشعوب في أوضاع اقتصادية واجتماعية وصحية وتعليمية كارثية يشيب لها الولدان، فهؤلاء ينتهكون ثرواتها وحرياتها وكرامتها، وهؤلاء يقتلون أبناءها عقليا وجسديا ويذبحونهم أو يرسلونهم للذبح والتفجير ويعلقون رؤوسهم على أسنة الرماح فخرا وتباهيا.
لهذا لا يمكن لوم هذه الشعوب حين تختار الفوضى والدم والفساد طريقا وأسلوب حياة غير عابئة بالنتائج، وحين تصاب بلوثة عقلية تفقدها القدرة على التمييز والاختيار، حين تفضل الفرجة أو الانسحاب هربا وفرارا من ويلات السقوط، فتتحول الأوطان إلى أسواق لتجارة السلاح والقتل والخيانة والمخدرات والمرتزقة والرقيق، ولننظر إلى العراق وليبيا أو اليمن أو السودان أو سوريا أو لبنان أو غزة والصومال ومصر وكيف أصبحت أسواقا لهذه الأنواع من التجارة وكيف تحول البعض من الأبناء إلى تجار دون اعتبار للقيم والثوابت الوطنية والدينية والأخلاقية.
لا بديل عن الاستقامة والترفع حفاظا على ما بقي من حقوق وثروات ومقدرات ومصائر والسعى بروية إلى استرداد ما ضاع أو فقد أو سرق، وتكفي أربعون عاما- منذ مطلع السبعينات حتى الآن- من الفساد والإرهاب كادت تقضي على الأخضر واليابس في أجساد وأرواح الشعوب.. وإلا فالمصير معروف “الزوال”، ولن نكون أول أو آخر أمة تزول، فكم دفن التاريخ؟