Haneen
2014-06-03, 12:41 PM
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
إنجاز فلسطيني في سياق هزيمة تاريخية!
بقلم: ماجد كيال عن الحياة اللندنية
الحصاد الفلسطيني
بقلم: نواف ابو الهيجاء عن السفير البيروتية
لا تصدقوهم .. انها مسرحية.. المفاوضات مستمرة (http://www.raialyoum.com/?p=75186)
بقلم: امديرس القادري عن راي اليوم
أطول مفاوضات فى التاريخ
بقلم: عبدالعزيز المقالح عن الشروق المصرية
ورطة كيري !
بقلم: نشأت حلبي عن الوطن القطرية
في مركزية القضية الفلسطينية
بقلم: محمد محفوظ عن الرياض السعودية
رأي البيان : المسجد الأقصى يصارع التقسيم
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الاماراتية
الأقصى والهيكل .. والنفير العام!
بقلم: حبيب أبو محفوظ عن السبيل الأردنية
إنجاز فلسطيني في سياق هزيمة تاريخية!
بقلم: ماجد كيال عن الحياة اللندنية
تؤكد عديد من المعطيات بأن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لن يذهبا بعيداً في خلافاتهما، ولن يصلا إلى حد مغادرة مربّع العملية التفاوضية، وأن ما يجري بينهما مجرّد عضّ أصابع، على الأرجح، وليس كسر عظام، إذ أن كلاً منهما حريص على استمرار هذه العملية لأسبابه الخاصة.
ومع أن إسرائيل هي الطرف الأقوى، والمسيطر، في هذه المعادلة، إلا أنها تبدو معنيّة بالحفاظ على الواقع الراهن، المتضمّن وجود سلطة فلسطينية في الأراضي المحتلة (1967)، مهما بلغت الخلافات معها، طالما أن هذه تتحكم بشعبها، وتلتزم بقواعد اللعبة، لا سيما أن وجود هذه السلطة يجنّب إسرائيل تحمّل أي مسؤولية إزاء الفلسطينيين، ويغطّي على حقيقتها كدولة استعمارية تسيطر على حياة شعب آخر بالقوة والإكراه.
لكن هذا الاستنتاج لا ينبغي التعويل عليه كثيراً، لأن إسرائيل لديها عدة خيارات بديلة عن الاستمرار في عملية التفاوض مع الفلسطينيين، في حال تشدد هؤلاء، من ضمنها، مثلاً، استمرار الواقع الراهن، أو الذهاب نحو خيار «الحل الأحادي»، أي الانفصال من طرف واحد، في إطار من السيطرة الإسرائيلية، بخاصّة أنها كانت جرّبت هكذا خيار لدى انسحابها من قطاع غزة (2005). ومعلوم أن هذا الانسحاب، في حينه، لم يقلل من مدى سيطرتها على الفلسطينيين، ولم يؤدّ إلى تغيير جذري في طبيعة الكيان الفلسطيني، كما أنه لم يثر ردّ فعل من القيادة الفلسطينية، لإدخال تعديلات على المعادلات التي تأسست عليها عملية التسوية في اتفاق أوسلو (1993)، طالما أن إسرائيل قامت بإجراء تغييرات أحادية من جانبها.
وفي الواقع فإن إسرائيل تشعر بأنها مطلقة اليد تقريباً في السياسات التي تنتهجها إزاء الفلسطينيين، في هذه المرحلة، وذلك بالنظر إلى توافر مجموعة عوامل، أولها وجود شبكة كبيرة وعميقة ومعقدة من علاقات الاعتمادية التي تربطهم بها، في المجالين الاقتصادي والأمني، ومن البضائع الاستهلاكية إلى حركة المرور بين القرى والمدن وصولاً إلى المعابر الخارجية، ناهيك عن المياه والكهرباء والوقود. وثانيها، صعوبة وضع السلطة، التي وضعت كل رهاناتها، وبنت أوضاعها، على نجاح العملية التفاوضية، لا سيما مع وجود طبقة سياسية باتت متقادمة ومستهلكة وتدين بمكانتها ونفوذها إلى ضمان استمرار هذه العملية، ولو بأي ثمن، ومع الأخذ في الاعتبار اعتمادية السلطة في موازناتها ورواتب موظفيها على الموارد المالية المتأتية من مصادر خارجية. وثالثها، أن الواقع العربي السائد اليوم في حالة انتقالية، وفي مرحلة اضطراب، بمعنى أنه لا يمنح السلطة هامش مناورة مريحاً، في مواجهتها للإملاءات الإسرائيلية. ورابعها ينبع من وهن الموقف الأميركي، الذي لم يحتمل إلقاء مسؤولية تعثّر العملية التفاوضية على إسرائيل، ولو يوماً واحداً. وقد شهدنا كيف قامت الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأميركية بالتخفيف من تصريحات جون كيري وزير الخارجية، الذي حمّل القسط الأكبر من المسؤولية عن فشل المفاوضات إلى حكومة نتانياهو، بسبب عدم التزامها الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، وإعلانها عن مخططات استيطانية جديدة!
ومع الأخذ في الاعتبار بكل هذه الحيثيات الضاغطة إلا أن الفلسطينيين يملكون إمكانية ومشروعية قلب الطاولة التفاوضية، على رغم ضعفهم، وصعوبة موقفهم، ولكن هذا منوط بتوافر الإرادة عند القيادة المعنية، وباستعدادها لتحمل مسؤولية هكذا قرار، لا سيما أن لا شيء يفيد بأن وضع الفلسطينيين، إزاء إسرائيل، مع التسوية أفضل منه معها من دون تسوية. بل على العكس، فثمة ما يفيد بأن الفلسطينيين لن يخسروا كثيراً في حال حاولوا تغيير المعادلات التفاوضية المجحفة والمهينة، وأنهم سيخسرون حتماً في حال تورّطوا بالرضوخ لإملاءات إسرائيل، بخاصة بعد أن باتت هذه تظهر على حقيقتها كدولة استعمارية وعنصرية ودينية.
وربما أن في الوضعين الدولي والإسرائيلي، ما يشجّع الفلسطينيين على تحقيق هذه النقلة. فعلى الصعيد الدولي باتت إسرائيل في وضع صعب، إذ لم يعد العالم يتقبّلها كما في السابق، لا سيما على ضوء انفتاح مسار نزع الشرعية عن سياساتها، واتساع نطاق المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية لمؤسساتها، ما قد يفتح مستقبلاً الأبواب باتجاه إثارة الشك حول مشروعيتها وحول مبرّر وجودها. أيضاً، فإن ما يعزّز مكانة القيادة الفلسطينية، إزاء إسرائيل، أن فكرة دولة الفلسطينيين باتت فكرة دولية، بمعنى أن العالم لن يسمح لإسرائيل بتقويض الكيان الناشئ، ولا لأي سبب. كما يأتي ضمن أوراق القوة الفلسطينية، إزاء إسرائيل، حقيقة أن هذه حريصة على وجود غطاء فلسطيني، يتمثل بالسلطة، لأن مجرد وجوده يغطي واقعها كدولة احتلال، ويبيّض سياساتها العنصرية، ويضفي الشرعية على محاولاتها تخليق واقع من نظام مختلط، استعماري، وعنصري، حكم ذاتي. أما على الصعيد الإسرائيلي فإن إسرائيل، وعلى عكس ادعاءاتها وتهديداتها، حريصة على وجود غطاء فلسطيني، يتمثل بالسلطة، لأن مجرد وجوده يغطي واقعها كدولة احتلال، ويبيَض سياساتها العنصرية، ويضفي الشرعية على محاولاتها تخليق واقع من نظام مختلط، استعماري، وعنصري، وحكم ذاتي.
وربما يجدر لفت الانتباه إلى أن ما ذكرناه لا يعبر عن وجهة نظر فلسطينية، فحسب، إذ ثمة إسرائيليين يتحدثون على هذا النحو، مؤكدين بأن نتانياهو يأخذهم إلى طريق سيضر بهم. وهذا تسفي بارئيل، مثلاً، يشرح ذلك بالعبارات الآتية: «هذه ليست المرة الأولى التي يتسلى فيها نتانياهو بالعقوبات ضد السلطة الفلسطينية. لكن لقراره اليوم وزن متراكم قد ينفجر في وجهه ووجه إسرائيل. تتعالى الأصوات التي تدعو عباس لحل السلطة. بموازاة ذلك قد يدفع عباس باتجاه المصالحة مع «حماس». في الحالتين ستنتقل المسؤولية المباشرة لإدارة الضفة إلى يد إسرائيل التي ستضطرّ لتفعيل خدمات الصحة والتعليم والخدمات الأساسية. وتصبح العقوبات التي فرضها رئيس الحكومة ليست ذات صلة بالواقع، وستبحث المكاتب الحكومية على ضوء الشمعة عن شركاء فلسطينيين لإدارة شؤون الضفة بالنيابة عنها. العقوبات التي فرضتها وقد تفرضها إسرائيل تشكل خطراً ليس على علاقتها مع السلطة فحسب بل أيضاً مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية. العقوبات بالذات تعبر عن ضعف وقصر نظر». («هآرتس»، 10/4)
وبالنسبة إلى الفلسطينيين، فإن مشكلتهم، في هذا الإطار، تكمن في أن قيادتهم لم تهيئ لهذا اليوم، أي أنها لم تعد ذاتها وحركتها الوطنية وشعبها للقطيعة مع العملية التفاوضية، أو لتغيير أسسها. أي أن هكذا أمر كان يستلزم من هذه القيادة تعزيز الطابع المؤسسي والديموقراطي والتمثيلي لبنى السلطة وهيئاتها الشرعية، وحثّ الجهود لإنهاء الانقسام، ورفع الحصار عن غزة، وتفعيل منظمة التحرير، وإنهاء حال التماهي بينها وبين السلطة، واستثمار طاقات الفلسطينيين في بلدان اللجوء والشتات، واحتضان أشكال المقاومة الشعبية والمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وتعزيز مسار نزع شرعيتها على الصعيد الدولي.
اللافت أن القيادة الفلسطينية بدلاً من كل ذلك كانت تكبح مبادرات المقاومة الشعبية، وتبالغ في علاقات التنسيق الأمني، وتغضّ النظر عن غزو البضائع الإسرائيلية للسوق الفلسطينية، كما أنها تركت غزة لمصيرها، وهمّشت منظمة التحرير، وغيبت مؤسساتها وأطرها لصالح السلطة. وعلى صعيد الثقافة السياسية فقد أضحى الأمر يتعلق فقط بالاحتلال الذي بدأ عام 1967، وبعدم مشروعية الأنشطة الاستيطانية في الضفة، في حين جرى الفصل عن اللاجئين وعن قضيتهم، لصالح التركيز على إقامة كيان سياسي للفلسطينيين في الضفة وغزة.
على أية حال فقد كان من المهم للقيادة الفلسطينية أن تأخذ موقفاً شجاعاً، يؤمل أن يستمر، إزاء الإملاءات الإسرائيلية المهينة، لكن هذا الموقف كان ينبغي أن يكون في الحسبان من زمان، بالنظر إلى دروس التجربة التفاوضية المريرة، كما كان ينبغي أن يأتي بالتساوق مع بيئة سياسية وشعبية، قادرة على احتضانه وحمايته والبناء عليه.
أخيراً، يبقى ثمة تحفظ في شأن اعتبار دخول «دولة فلسطين» في عديد من المنظمات الدولية بمثابة انتصار تاريخي، على أهميته، أولاً، لأن هذا الأمر أبعد ما يكون عن ذلك، ولا يجوز تصويره على هذا النحو. وثانياً، لأن هذا الإنجاز يأتي على حساب هزيمة المشروع الوطني وحركة التحرر الفلسطيني، وفي سياق تآكل معنى قضية فلسطين وشعب فلسطين. والحقيقة فقد آن الأوان للتحرر من المبالغات والشعارات والقوالب السياسية السائدة، وتسمية الأشياء بأسمائها.
الحصاد الفلسطيني
بقلم: نواف ابو الهيجاء عن السفير البيروتية
في قراءة لمسيرة التفاوض الفلسطينية ـ الإسرائيلية الممتدة على عقدين من الزمن، خلاف في تقييم النتائج التي أسفرت عنها، فبين من يجد أن فيها خريطة طريق لقيام الدولة الفلسطينية، مصراً على أن لا بديل غير التفاوض، وبين من يؤكد أن محصلة هذا الجهد، كان إضاعة للزمن وإضاعة للأرض وتهديداً حقيقياً للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
الفريق الأول، يجد في «اتفاق أوسلو»، إيجابيات كثيرة يمكن التأسيس عليها دائماً. فقد اعترفت «أوسلو» بالشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير وبالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، كما حصل نتيجة لهذا الاتفاق، انسحاب تدريجي من المدن الفلسطينية، وعودة أكثر من 300 ألف فلسطيني إلى الضفة وغزة، إلى جانب مكسب أساسي، هو قيام السلطة الفلسطينية ومؤسساتها.
في الحقيقة، ليس كل هذا من المكاسب المثبتة، لقد كان هدف التفاوض في «أوسلو»، السعي لدولتين، وقد انطلق المفاوض الفلسطيني من تنازل تاريخي، وقبل بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران، ما يعني التخلي الصريح عن الأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1948. ولكن المفاوض أصرّ على تكريس القرارات الدولية الخاصة بفلسطين التاريخية، عبر التمسك بالقرار 194 الخاص بحق العودة والقرارات 181، أي قرار التقسيم. وأضاف إليها القرارين الخاصين بنتائج حرب حزيران (242) وحرب تشرين 338.
نصوص الاتفاقات شيء والواقع شيء آخر. فبعد إبرام الاتفاق بخمس سنوات، كان يفترض أن تنشأ دولة فلسطينية. ولكن هذا لم يحصل.
بعد ذلك، أقدمت السلطة الفلسطينية على سحب الملف الفلسطيني من الأمم المتحدة وسلمته للإدارة الأميركية، عبر الرباعية الدولية. حدث ذلك في ظل الأحادية الأميركية ما أفقد الفلسطينيين قدرة التأثير وقوة «الحليف» الممكن، الذي ودع فيه الاتحاد السوفياتي العالم، تاركاً حلفاءه أيتاماً.
لم يتحقق اعتراف المحتلين بما قيل: المساواة في المناطق المحتلة العام 1948.. وحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال في مناطق الاحتلال الثانية وفق قرار التقسيم، وأيضاً حق اللاجئين في العودة بموجب القرار 194.
بعدها، جرت مفاوضات «كامب ديفيد» التي في اثر فشلها في تحقيق الاهداف الفلسطينية، ورفض الرئيس عرفات التخلي عن الحقوق الفلسطينية كانت النتيجة تطويق عرفات ومن ثم التخلص منه.
وعادت المفاوضات الى الطاولة الاميركية في انابوليس في العام 2008 ومثلت أميركا فيها كوندليسا رايس حيث تم الاتفاق مرة اخرى على خريطة طريق تقوم على تبادل للاراضي بما يضمن ربطاً جغرافياً بين الضفة الغربية وقطاع غزة. والاعلان ان الهدف النهائي في إقامة دولتين. ووافق ايهود اولمرت في حينه على عودة خمسة آلاف لاجئ فلسطيني في غضون خمس سنوات، ورفض الطرف المحتل الاعتراف بحق العودة كما رفض مسؤوليته عن مأساة اللاجئين الفلسطينيين، وأصر على ان للقدس وضعاً خاصاً.
اسرائيل كانت واضحة طوال فترات المفاوضات المباشرة وغير المباشرة. وخلاصة المواقف الصهيونية اعلنها نتنياهو: لا لحق العودة، القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وضرورة الاعتراف بدولة يهودية في فلسطين. والدولة الفلسطينية يجب ان تكون منزوعة السلاح مع الإبقاء على المستوطنات والمستوطنين، وأن تبقى الأجواء والحدود بيد السلطة الاسرائيلية.
اربع جولات من المفاوضات المباشرة في «واي ريفر» و«انَّا بوليس» وغير المباشرة في عمان، ومبعوثون اميركيون من جورج ميتشل الى جون كيري مروراً بكلينتون، لم تنجح في جسر الهوة بين الطرفين، لأن الطرف الفلسطيني كان يتعرض لضغوطات اميركية وعربية في الوقت عينه بعد اقرار المبادرة العربية للسلام في العام 2002.. بينما الطرف الصهيوني لا يتنازل ولا يعلن التخلي عن أي من اهدافه سوى كلام عن دولة فلسطينية الى جانب دولة «يهودية».. والاصرار على ان تكون حدود الدولة الفلسطينية مؤقتة.
المئات من اللقاءات والجولات التفاوضية لم تثن الكيان الصهيوني عن مواقفه المعلنة، واستمراره في بناء المستوطنات والقيام بالعمليات الحربية والمصادرة والاغتيالات.. وكان انسحابه من غزة بهدف عزلها وتطويقها والتخلص من تبعات الخسائر التي كان الصهاينة يتلقونها في القطاع. كما اسهم هذا الإجراء في التمهيد للانقسام الفلسطيني بين القطاع والضفة الغربية وإقامة سلطتين واحدة بقيادة «حماس» في القطاع والثانية في الضفة الغريية بقيادة «فتح».
وفي فترة تجميد المفاوضات لم يكلّ الاميركي عن بذل جهوده للعودة الى المفاوضات المباشرة برعايته. والجولة الخامسة في المفوضات التي بدأت في نهاية حزيران 2013 وعلى اساس ان تنتهي في 29 نيسان الحالي قبلت السلطة الفلسطينية مع وعد بإطلاق 104 من الاسرى القدامى.
لكن الكيان الصهيوني تنصل من الاتفاق في النهاية واستمر في بناء الوحدات الاستيطانية، كما ان نتنياهو لم يتخلَّ عن أي من اهداف الكيان الصهيوني التوسعية العدوانية. بل ان الاحتلال يتكرس والقدس تهود والأسرلة سارية المفعول، والتمسك برفض العودة والتخلي عن القدس الشرقية ثوابت الموقف الصهيوني الأكيدة.
الطرف الفلسطيني اتخذ قراراً بالانضمام الى 15 اتفاقية دولية من مجموع 63، والطرف الصهيوني يصر على التمسك بشروط اطلاق الدفعة الاخيرة من الاسرى وان يتم ابعادهم عن بيوتهم وان لا تقدم السلطة على أي إجراء احادي، وهو قد بدأ بتطييق عقوبات على السلطة من خلال عدم تسليمها اموال الضرائب.
خلاصة ما حصل عليه الفلسطينيون مجموعة مكاسب هشة ومتأرجحة: «اقرار بدولة معالمها مجهولة، وفي حدود الرابع من حزيران، من دون تحديد، تبادل محدود للأراضي، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين على دفعات. أما الخسائر، فتتجلى في أن حرب الاستيطان مستمرة، وحق العودة مرفوض والقدس عاصمة لفلسطين غير ممكنة. والأسوأ، هو إلزام الطرف الفلسطيني بأن يبقى جالساً ومقيداً إلى طاولة التفاوض من أجل التفاوض... إلى عقود لاحقة.
هل يعيدون النظر في المسار كله؟ هل يتم سحب الملف من اليد الأميركية؟ هل يستعيد الفلسطينيون ورقة الوحدة الوطنية؟ هل... وهل، كثيرة هي التساؤلات والأجوبة مرهونة بما سيحدث خلال ايام ربما.. خاصة ان الطرف الفلسطيني اعلن استعداده القبول بتمديد المفاوضات إن تم إطلاق سراح اسرى 1948.
لا تصدقوهم .. انها مسرحية.. المفاوضات مستمرة (http://www.raialyoum.com/?p=75186)
بقلم: امديرس القادري عن راي اليوم
حالة الإنقطاع القصيرة عن الكتابة التي مر بها كاتب هذة السطور لم تكن في الحقيقة سوى إستراحة محارب، أقل من أربعة شهور في مداها الزمني لكنها كانت جداً ضرورية للعقل، ولهذا القلم أيضا الذي له حق علينا في أن يرتاح قليلا من عناء الكتابة و خط السطور، وعلى اعتبار أن صاحب هذا العقل لا يحب الراحة إلا ضمن الحدود الطبيعية التي لا غنى للجسد عنها، فقد واصل خلال هذه الشهور الأربعة متابعة، ورصد مستجدات الحدث الفلسطيني، و هذا ما تحملت وبكل مسؤولية شرف الكتابة عنه على وجه الخصوص ومنذ ما يزيد عن الخمسة سنوات .
في إستراحة المحارب هذة حاولت وبمقدار ما تسمح به هذه الحياة وظروفها الصعبة أن أقوم بمراجعة أغلب ما كتبناه، أولأً، بهدف التطبيق الواعي والموضوعي لمبدأ النقد الذاتي، والذي لا يستطيع الإنسان أن يتطور ويتجدد بمعزل عنه، ولأن النقد يظل ضرورة عند كل التواقين لإكتساب المزيد من القوة، والإصرار، وشحذ الهمة، والإرتقاء بها على طريق الإيمان بحتمية الوصول إلى الهدف ثانيا .
راجعت أكثر من ستمائة مقال، وهذا ما وجدناه في أرشيفنا المتواضع بخصوص الشأن الفلسطيني و ما كان يرافقه من مستجدات، وافرازات كنا نشعر بضرورة التوقف عندها، وتناولها بالتوضيح عبرتسليط الإضاءة الممكنة عليها، وبما قد يعود بالفائدة على المسار الوطني للقضية و شعبها وحمايتهم بالتالي من هذا العدو الفاشي المجرم، ومن كل المتآمرين، ومن عبث العابثين الذين و للأسف باتت تنوب عنهم و تمثلهم خير تمثيل سلطة رام الله، و مؤسساتها وبكل ما فيها من رموز للفساد، والإنحلال الوطني الذي أصبح يملأ جنباتها الأربعة .
إنقضت حركة الشهور الأربعة الماضية سياسيا على عنوان رئيسي يتعلق بجهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومبادرته المزعومة، وما شاع حولها من فرضيات و تكهنات وإن كانت في حقيقتها لا تعدو عن كونها جولة تآمروعبث أمريكي جديدة، و أهم ما فيها أنها شكلت الشغل الشاغل للحكام، وللحكومات التي لا يزال لديها بقايا من دموع التماسيح على فلسطين و قضيتها الوطنية، وبالطبع لجامعتهم العبرية، وللأحزاب، والحركات، والنقابات، وبطبيعة الحال للإعلام الرسمي، والخاص ولمن يعمل خلالهما من كتاب ومحللين ومتابعين لشؤون القضية الفلسطينية والذين أمطرونا بكتابات ما أنزل الله بها من سلطان، ولدرجة يمكن معها القول بأن المنطقة كانت تنام وتصحوعلى أنغام هذة التصريحات للوزير كيري، والتي كان مؤشررسمها البياني يعلو ويهبط مع أي كلمة كانت تتسرب عنها .
وصل الشجب والتنديد إلي ذروته و كما جرت العادة، وانعقدت الندوات الساخنة والصاخبة على كل أشكال الموائد، إعتصامات وتظاهرات إحتجاجية، كلام ممجوج ومعاد ومكرور، لغة عافها وشبع منها أحرار وشرفاء هذه الأمة ممن لا يزالون يقبضون على جمر معاناتها، فعاليات إكتشف الرضع قبل البالغين مقدار الوهن، والضعف الكامن بداخلها، وفجأة، وبجرة قلم صهيونية واحدة، يتوقف كل شيء، وينفجر البالون، وتنتشر معه كل غازاته السامة والفاسدة، وينكسر خاطر كل المتحمسين، والمهللين، والمطبلين للسيد كيري ومبادرته، كل هذة الأطراف تكتشف وبلحظات أن عملية التسوية السياسية وسلامها الزائف مهددتان، وأن المفاوضات التي أحياها كيري ستتعطل وتتوقف من جديد، وأن المنطقة وقضية فلسطين على حافة بركان قد ينفجر في أية لحظة، وسبب ذلك كله يعود لتعنت وتشدد وتعصب المجرم الصهيوني نتنياهو، وحكومته التي تصر على إعتراف أبو مازن وسلطتة بيهودية الدولة، مقابل وقف الإستيطان وإطلاق سراح بعض المعتقلين .
الإستنفارالشديد بطبيعة الحال يدب في أوساط سلطة رام الله، وعند كل جيش الرداحين و المطبلين بإسمها، وكبيرالمفاوضين الخائب صائب، غاضب وخانق وهائج ومائج، وراح يناشد كل أجهزة الأمن أن تسارع إلى حماية وإخفاء الرئيس أبو مازن لأنه معرض للإغتيال في أية لحظة، ومسكين آخر يخرج صاخبا على شاشات الفضائيات ليعلن لنا بأن السلطة وحركة فتح وهي الراعي الرسمي لهذه السلطة، قد اتفقتا على عدم الرضوخ للإبتزاز والضغط، وبأنهم لن يوافقوا على أي تمديد زمني جديد للمفاوضات، وأن الرئيس قد وقع على مئة طلب فلسطيني للإنضمام إلى منظمات الأمم المتحدة، ودكاكينها، وأكشاكها المختلفة، وأن الذهاب للأمم المتحدة سيتم رغماً عن أنف أمريكا وحكومتها .
جلبة وصخب في رام الله، والفرح والبهجة والسرور لقرار الرئيس بتقديم الطلبات لمنظمات الأمم المتحدة يعمان صفوف الجميع، وفي المقدمة فصائل وأحزاب وتنظيمات المعارضة الفلسطينية الوطنية، وبكل مشاربها الفكرية والأيديولوجية والسياسية، التي سارعت إلى الإعلان عن أنها تشد على اليد اليمين فقط للرئيس أبو مازن التي وقعت على طلبات الإنضمام للمنظمات الدلوية، أما بخصوص اليد اليسرى فلا يزال لديهم عليها تحفظ واعتراض شديدان، لأنها هي التي يوقع بها على كل طلبات أجهزة الأمن القاضية بملاحقة و اعتقال الوطنيين الأحرار من أبناء شعبنا وزجهم في سجون وأقبية هذة السلطته .
ماذا نشرح أكثر وماذا نقول ؟ و أي تحليل قد يشفي الغليل أمام من يواصلون السير في ركب هذة المهزلة، أية مراهنات هذة التي يمكن أن تنعقد راياتها بالإعتماد على حفنة من المهزومين المنكسرين الذين لا هم لهم سوى أمن و سلامة عدونا الصهيوني عبر سياسة التنسيق الأمني التي غرقوا في مستنقعها العفن، فيا شعبنا المناضل البطل، و يا بقية البقية من قوانا الوطنية، نناشدكم و بإسم دماء الشهداء أن لا تصدقوا مسرحياتهم الفارغة .
المناضل والكاتب رشاد أبو شاور كتب مخاطبا شعبنا الفلسطيني : الفصائل أفلست، و اختطاف منظمة التحرير يجب أن ينتهي، ولا بد من تجديد ثورتنا، و إنقاذ قضيتنا، وإعادة الهيبة إلى شعبنا و كفاحه . أما الكاتب المبدع ابراهيم نصرالله فيؤكد بأن دولة ظاهر العمر التي أسسها في اواخر القرن الثامن عشر في فلسطين و كما وردت في رواية ” قناديل ملك الجليل ” ستظل لها قيمة أكثر من كل هذا العبث الذي تسببت به سلطة رام الله لقضيتنا الوطنية . أنا مضطر وللمرة الثانية أن أصرخ بعالي الصوت لا تصدقوهم .
أطول مفاوضات فى التاريخ
بقلم: عبدالعزيز المقالح عن الشروق المصرية
بداية، تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات المشار إليها فى عنوان هذه الزاوية، ليست الأطول فحسب؛ بل ورافقتها حرب أو بالأحرى حروب هى الأطول كذلك. ومنذ وقع الأشقاء الفلسطينيون فى فخ هذه المفاوضات، واختار البعض منهم طريق «أوسلو» وما أسفرت عنه من اتفاق مموه يشير إلى حل منقوص والعدو الصهيونى يشن حروباً عدة تتخللها مفاوضات وقتل واختطاف واعتقالات وقضم متواصل للأرض، وهو ما لم يكن يحدث قبل «أوسلو» وقبل الدولة الموهومة. والأغرب والأعجب أنه لا يزال هناك من الأشقاء الفلسطينيين من يذهبون إلى المفاوضات تحت مزاعم مختلفة وبإغراءات وهمية من الراعى الأكبر (الولايات المتحدة الأمريكية) التى تثبت ولاءها الدائم وإخلاصها الثابت للكيان الذى بات يجيد الكر والفر ولا يجد رادعاً يضع حداً لصلفه ومماطلاته.
لقد جنى الأشقاء الفلسطينيون على أنفسهم وعلى قضيتهم التى هى قضية العرب أجمعين بقبولهم اتفاق «أوسلو» وما حمله ذلك الاتفاق من إهدار لجوهر الحق الفلسطينى، وكأن بعض هؤلاء الأشقاء قد ملّ الاغتراب خارج أرضهم، واشتاق إلى الاستمتاع بمظهر السلطة الخالية من كل معنى. ولم يتنبه كثيرون من هذا البعض إلى أن اتفاق «أوسلو» كان فخاً إلا بعد فوات الأوان، وكان ذلك موقف المناضل الراحل ياسر عرفات الذى صار يرى الاتفاق فخاً بل خيانة، لاسيما بعد أن أدرك وهو المحاصر السجين فى غرفة القيادة أنه خُدع، وأن الشعب الفلسطينى كان ضحية خدعة كبيرة واستدراج غير محسوب، لكن كل ذلك تم بعد فوات الأوان، وهكذا نحن العرب لا نصل إلى معرفة حقيقة الأمور إلاّ بعد أن تكون قد صارت واقعاً.
إن من مبادئ المفاوضات السياسية القديم منها والحديث، ألا يتم التفاوض بين السارق والمسروق، بين الغاصب والمغتصَب، والتفاوض يكون فى القضايا الجزئية العالقة بين شعبين أو قوتين، وقد كان واضحاً بعد اتفاق «أوسلو» إن المراد بالتفاوض من قبل العدو الصهيونى هو كسب أطول وقت ممكن حتى يتسنى له التهام ما يستطيع التهامه من الأرض التى احتلها بعد حرب 1967. ويمكن قراءة ذلك ومتابعته على أرض الواقع بوضوح، فقد تمكن العدو تحت منطق اتفاق «أوسلو» ومنطق المفاوضات المطولة أن يبنى عشرات المستعمرات فى القدس وحول القدس وفى الضفة، وهو ما لم يكن يحلم به ولا يرضى عنه العالم الذى كان ينظر إلى وجوده فى هذه المناطق بوصفه محتلاً لا مفاوضاً أو طرفاً فى النزاع على أرض محتلة مجدداً.
ولعل ما يؤسف له، الصمت العربى المطبق الذى زاد فى الآونة الأخيرة، وتمادى الأنظمة فى إلقاء العبء كله على ما يسمى بالدولة الفلسطينية التى وصلت فى مفاوضاتها أخيراً إلى التوقف عند المطالبة بإطلاق الأسرى، وكأن جوهر الخلاف مع العدو لا يتجاوز هذا المطلب، فى تجاهل تام لما يعانيه الأشقاء من تمزق وخلافات ساعدت العدو على تماديه فى الإجرام وفى بناء المستوطنات، وفى تحدى الرأى العام العالمى الذى كان قد بدأ يعى المأساة ويدرك عمق الكارثة التى يسببها وجود الكيان الصهيونى ومخططاته التى لا تخص فلسطين، وحدها بل سائر دول المنطقة من دون استثناء، وإذا كانت القضية الفلسطينية كقضية مركزية تهم جميع العرب قد أسهمت فى تحريك المياه الراكدة فى الوطن العربى منذ أربعينيات القرن الماضى فإنها ينبغى أن تظل كذلك عاملاً فاعلاً ومحركاً للواقع العربى الذى بدأ بالغليان، ولم يعد قابلاً للمساومة فى قضاياه والقبول بالدخول فى مفاوضات تخدم العدو وتساعده على مزيد من التوغل والتوسع.
ورطة كيري !
بقلم: نشأت حلبي عن الوطن القطرية
لا يمكن لأحد أن يحسد وزير الخارجية الاميركية جون كيري على ذلك الموقف الصعب الذي وجد نفسه فيه امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي، فالرجل ذهب الى ذلك الاستجواب وهو في أضعف حالاته، فالخارجية الاميركية فشلت في أكثر من مكان، بل ووضعت قوة اميركا في مهب الريح.
على صعيد المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، نجح رئيس الدبلوماسية الاميركية في اعادة الطرفين الى طاولة الحوار، لكنه فشل فشلا ذريعا في احراز أي تقدم ممكن، فالرجل عجز حتى في اقناع الحليف الاسرائيلي بتقديم أية تنازلات سيما في موضوع اطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين حسب ما نص عليه آخر اتفاق بين الطرفين، بل ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو حشر كيري في زاوية حرجة جدا عندما اشترط اطلاق سراح المعتقلين مقابل اطلاق سراح اميركا جاسوسا اسرائيليا مسجونا في اميركا بتهمة التجسس لاسرائيل، وبعد ان قام الفلسطينيون بتقديم طلبات انضمام الى مؤسسات دولية بما يكرس استقلالية الدولة الفلسطينية، ولو رمزيا، وبالتالي ارتفاع سقف المواجهة بين طرفي العملية السلمية والتي كان آخر فصولها تعليمات نتانياهو لبعض وزرائه بوقف الاتصال مع نظرائهم الفلسطينيين، فان كيري يعلم الآن بان العملية السلمية لربما دُفنت برمتها.
وفي الازمة الاوكرانية، فقد فشل كيري أيما فشل في ادارة هذا الملف، بل إن موسكو نفذت ذلك الانقلاب الناعم في القرم بعملية مخابراتية وبتكتيك عالي المستوى كان بمثابة لطمة على وجه الدبلوماسية الاميركية.
وفي سوريا، فان اميركا وقعت في فخ تاريخي عندما نجحت روسيا في جرها الى الموافقة على مقترح تسليم الرئيس السوري بشار الاسد لترسانته النووية مقابل وقف الضربة الاميركية التي كانت قاب قوسين او ادنى، وبالتالي، فقد اهتزت صورة اميركا امام العالم بعد ان اصبحت روسيا لاعبا اهم منها على الساحة السورية. وفي الملف الايراني، فان حالة من الضبابية ما زالت تسود هذا الملف بعد تلك المكالمة الهاتفية الشهيرة التي اجراها الرئيس «الاصلاحي» حسن روحاني مع الرئيس الاميركي باراك اوباما، وباتت الاجواء تشي بأن انفراجا مهما اصبح ملموسا بين طهران و«الشيطان الاكبر»، وهذا ما يفسر الحديث عن تخفيف العقوبات الاميركية المفروضة على الايرانيين، وغيرها، والاخطر الموافقة لايران على «التخصيب»، فهل وقع كيري واوقع معه اوباما في «فخ الاصلاحيين» لتنفذ بالتالي ايران برنامجها النووي؟!
السيناتور الجمهوري بوب كوركر، والذي يدعم ادارة الديمقراطي اوباما، ضرب خلال استجواب كيري مثلا يلخص الحالة الاميركية في سوريا، فقال ان اميركا في المسألة السورية تجلس على ظهر الحافلة، فيما تقود ايران وروسيا الحافلة.
يبدو ان هذا التوصيف ينسحب على كل الملفات وليس فقط على سوريا، فأميركا في اضعف حالاتها، وكيري في ورطة!
في مركزية القضية الفلسطينية
بقلم: محمد محفوظ عن الرياض السعودية
على مستوى التحولات والتطورات السياسية المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة، وعلى ضوء متواليات وتداعيات هذه التحولات، هناك تغيرات في جدول الاهتمامات والأولويات في المنطقة سواء على المستوى السياسي أو المستوى الشعبي.
فغالبية الشعوب العربية اليوم، أضحت مشغولة بنفسها وتتحرك في سبيل إصلاح أوضاعها. وهذا الانشغال بالنفس يستغرق كل الوقت، ويستغرق الاهتمام والهموم.
كما أن النخب السياسية في المنطقة العربية بدأت تعيش أولويات جديدة، تستوعب كل وقتها وجهدها.
ولو تأملنا بعمق في الخريطة السياسية العربية لوجدنا أن الجميع مشغول بملفات جديدة، وهذه الملفات تأخذ كل الاهتمام والطاقة.
وفي ظل هذا الانشغال والاهتمام بالذات أو بتحولات جديدة في المنطقة العربية يتراجع لدى العرب بحكم الواقع والظروف القائمة الأولويات الجديدة التي تفرضها الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الاهتمام بالقضية الفلسطينية. لأنه وببساطة شديدة كان في السابق لم يكن للعرب إلا قضية واحدة، هي القضية
القضية الفلسطينية بحاجة إلى وحدتنا المبنية على احترام تعددنا وتنوعنا الاجتماعي والثقافي. ودون ذلك لن نتمكن من مواجهة المشروع الصهيوني الذي يحاول أن يستثمر هذه الظروف التي تعيشها المنطقة للمزيد من الهيمنة والسيطرة وسرقة الحقوق
الفلسطينية، والجميع يؤمن بمركزيتها وضرورة العمل من أجلها ومن أجل الشعب الفلسطيني. أما في الحقبة الراهنة أضحى للعرب العديد من القضايا المستجدة.
فهناك القضية الصومالية والسودانية والعراقية والمصرية والسورية والليبية ويمكن أن تتولد قضايا أخرى.
وكلها قضايا سياسية واجتماعية معقدة ومركبة، وتلقي بظلها الثقيل على المشهد العربي برمته، وتتطلب من العرب الاهتمام والمواقف والدعم والإسناد. فأضحت لدينا كعرب قضايا، وأضحت القضية الفلسطينية من قضايا العرب وليست قضيته الوحيدة.
ولا ريب أن هذا يشكل علامة فارقة على مختلف المستويات النفسية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية.
فالقضية الفلسطينية في أقل التقادير كانت توحد العرب مع اختلافهم الأيدلوجي والسياسي. ولكن الجميع سواء كان حقيقة أو شعارا يشعر بمركزية القضية الفلسطينية. أما الآن فهناك قضايا عربية كثيرة ومتداخلة مع انقسام حقيقي وواقعي في الموقف من هذه القضايا و طريقة التعامل معها.
ويبدو أنه لأول مرة، يواجه العرب هذا التحدي. حيث ازدياد قضايا العرب الملحة وتراجع مستوى الاهتمام النوعي بالقضية الفلسطينية. وبطبيعة الحال فإن إدارة الكيان الصهيوني ليست بعيدة عن مراقبة هذه التحولات، وتعمل بكل إمكاناتها لاستثمار هذه الأوضاع بما يخدم المشروع الصهيوني في المنطقة. لذلك طرحت مشروع الاعتراف بيهودية الدولة كشرط لاستمرار المفاوضات واستمرت بزخم كبير في بناء المستوطنات وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية.
وأمام هذه المتغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة من الضروري إبراز النقاط التالية :
1 حينما يتراجع اهتمام العرب بالقضية الفلسطينية، وحينما لا تعد لدى العديد من الأطراف العربية بأنها قضيتهم المركزية، تزداد عمليات التشظي والفرقة في المشهد العربي. فالقضية الفلسطينية رافعة حقيقية لإدامة وحدة العرب في حدودها الدنيا.
وحينما يتراجع موقع فلسطين في الخريطة العربية، يتشتت العرب وتزداد فرقتهم وتتضح تبايناتهم.
صحيح أن بعض العرب لا يتعامل مع القضية الفلسطينية بجدية تامة، ولكن حتى على هذا المستوى تبقى القضية الفلسطينية هي محور العرب، ولا يتجرأ من لا يريد ذلك من البوح والإعلان عن ذلك.
لذلك فإن العودة اليوم للقضية الفلسطينية وزيادة وتيرة الاهتمام الجاد بها، هو أحد السبل الأساسية للخروج من حالة التمزق والتشظي التي يعاني منها العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه.
2 إن الديمقراطية في العالم العربي ليست ضد الاهتمام بالقضية الفلسطينية وجعلها هي محور الواقع العربي. بل على العكس من ذلك تماما فإن غياب الديمقراطية في البلدان العربية وتصحر حياتها المدنية، هوأحد الأسباب الرئيسية لتغول المشروع الصهيوني واستمرار مأساة الشعب الفلسطيني. ولعلنا لا نجانب الصواب حين القول: إن الاستبداد السياسي العربي ساهم في تأبيد التخلف السياسي للعرب وتغييب بذور وممكنات الديمقراطية مما انعكس سلبا على الواقع العربي الداخلي وعلى مستوى اهتمام العرب بالقضية الفلسطينية.
ويبدو أن العرب لا يتمكنون من بناء توازن إستراتيجي مع الكيان الصهيوني بدون دمقرطة الحياة العربية.
الديمقراطية بكل زخمها وآلياتها ومناهجها، هي القادرة على إيجاد حالة التوازن الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني وليس بناء الجيوش الجرارة المنفصلة عن مشروعات الأمة وهمومها وتكديس الأسلحة والمعدات العسكرية.
فالعرب ومنذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في عام 1948م وهم يشترون الأسلحة ويوجهون قدرات العرب وإمكاناتهم صوب بناء الجيوش. فتحولت هذه الجيوش من محرر لفلسطين إلى صانع الانقلابات العسكرية والسيطرة على الحياة السياسية والاقتصادية في العديد من الدول العربية.
وبعد سيطرة الجيوش على بعض مقدرات بعض الدول العربية، تحول استمرار الجيش في الحكم والسلطة إلى هدف مستقل وقائم بذاته. وفي هذا السياق تعسكرت الحياة العربية وتصحرت الحياة المدنية وتكممت الأفواه وملئت السجون وازدادت سطوة أجهزة الأمن.
ولكن دون أن تتغير المعادلة الجوهرية في الصراع مع الكيان الصهيوني. لذلك فإننا نرى وعلى ضوء التجربة العربية المعاصرة مع الملف الصهيوني، أنه لا توازن إستراتيجياً مع العدو الصهيوني إلا بدمقرطة الحياة العربية.
فالديمقراطية حينما تسود الحياة العربية، هي القادرة على بناء القوة العربية الحقيقية التي تتمكن من مواجهة المشروع الصهيوني بكل مخاطره وتحدياته.
3 لا ريب أن البيئة العربية المثلى للمشروع الصهيوني في المنطقة، هو في انقسام العرب وتشتتهم تحت يافطات دينية ومذهبية وطائفية. لذلك فإننا نرى أن أي صعود في المنطقة العربية للمشروعات الطائفية فإن هذا لا يخدم إلا المشروع الصهيوني، الذي يستهدف تمزيق العرب وتفكيك نسيجهم الاجتماعي حتى تصبح الدولة العبرية هي أقوى الدول في المنطقة القادرة على التحكم في مساراتها ومصائرها.
من هنا ومن أجل القضية الفلسطينية من الضروري أن نقف ضد الحروب الطائفية بكل مستوياتها، ونعمل في مختلف المجالات لإيقاف هذا المنحدر الخطير الذي يهدد العرب في وجودهم وقضاياهم. فاحترام الحقائق الدينية والمذهبية شيء، وتقسيم العرب إلى كانتونات دينية ومذهبية شيء آخر. نحن مع تطوير نظام التعارف والاعتراف بالحقائق الدينية والمذهبية الموجودة في العالم العربي. وفي ذات الوقت ضد تقسيم العرب إلى دويلات دينية ومذهبية، وضد انقسام العرب اجتماعيا وشعبيا على هذا الأساس.
ومن يحمل لواء مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، عليه أن يرفض كل أشكال الاحتراب الديني والطائفي، ويقف بالمرصاد ضد محاولات تمزيق العرب إلى سنة وشيعة ومسيحيين وما أشبه.
فالقضية الفلسطينية بحاجة إلى وحدتنا المبنية على احترام تعددنا وتنوعنا الاجتماعي والثقافي. ودون ذلك لن نتمكن من مواجهة المشروع الصهيوني الذي يحاول أن يستثمر هذه الظروف التي تعيشها المنطقة للمزيد من الهيمنة والسيطرة وسرقة الحقوق.
رأي البيان : المسجد الأقصى يصارع التقسيم
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الاماراتية
رغم التحذيرات الفلسطينية المتوالية من الهجمة الإسرائيلية المسعورة على المسجد الأقصى المبارك، والمناشدات المستمرة لتحرك عربي وإسلامي لإنقاذه، فإن الخطر بات يهدد وجود المسجد هذه المرة أكثر من أي وقت مضى، مع بدء سلطات الاحتلال تنفيذ مخطط تقسيمه زمانياً ومكانياً، في هذه الأيام التي تشهد تصاعداً كبيراً في وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية المتزامنة مع «الأعياد اليهودية».
المخطط الذي لم يعد سماع تحركات عن جعله أمراً واقعاً بخبر جديد، يبدو هذه المرة أكثر وضوحاً واستفزازاً، كونه تجاوز انتهاكات المستوطنين الفردية الاستفزازية إلى انتهاكات مدروسة، وممنهجة، تمارسها مؤسسة الاحتلال بكل أذرعها السياسية والتنفيذية والعسكرية.
وحتى التشريعية، ناهيك عن الاضطهاد الديني تجاه المصلين وطلاب العلم، الذين يعمرون «الأقصى» بصلواتهم ورباطهم، ما ينذر بحرب دينية، يحاول الاحتلال إشعالها وتأجيج نيرانها، مستغلاً الأوضاع المتوترة في عموم المنطقة، ودوران المفاوضات مع الفلسطينيين في حلقة مفرغة، وعدم استقرار ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، فضلاً عن انشغال العالم بملفات أخرى كالأزمتين الأوكرانية والسورية.
إن المسجد الأقصى المبارك يواجه اليوم زلزالاً استيطانياً خطراً، ويعيش أشد موجة انتهاكات واستباحات لساحاته الطاهرة، من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال، كما يتعرض الصامدون المرابطون فيه لصد هذا الطغيان، إلى حملات قمع واعتقالات وتنكيل وإبعاد واسعة، وهو ما يهدد بخطر أكبر على المدينة المقدسة.
وهذا التهديد الخطر والمتصاعد للمسجد الأقصى وأهله، يستدعى تحركاً عربياً وإسلامياً فعلياً وحقيقياً هذه المرة، يتجاوز بيانات الشجب والإدانة والاستنكار، ويتجاوز كذلك الوعود الفضفاضة بتقديم الدعم السياسي والمادي لإنقاذه.
هذه الهجمة الاحتلالية، تتطلب من العرب والمسلمين جميعاً تسخير ترابطهم وقوتهم، وإمكاناتهم، لانتشاله من هاوية الاحتلال، كما أنها تستدعي شد الرحال إليه قدر المستطاع، وتكثيف الحراك الفلسطيني من قبل المصلين والمرابطين، وكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك.
والتواجد في ساحاته لصد الاعتداءات السافرة عليه، ولإرسال رسالة واضحة لإسرائيل بأن المسجد الأقصى قبلة إسلامية عربية- فلسطينية، لا يمكن تهويدها أو انتهاك حرماتها من دون عواقب سريعة ورادعة.
الأقصى والهيكل .. والنفير العام!
بقلم: حبيب أبو محفوظ عن السبيل الأردنية
خطوة إثر الأخرى، وكأن الأمر يقرأ عن كتاب أسود، يسير تهويد المسجد الأقصى المبارك، وفق منهجية صهوينية تهويدية معقدة، وهو الأمر الذي يتم بالضرورة بعيداً عن أعين الفلسطينيين والعرب وتفكيرهم، وفيما يبدو فإن الأحداث الجارية حالياً ستعقبها مفاجآت على كافة الأصعدة أهمها أنها ستكون غير مسبوقة وتتجاوز كافة الأعراف الدولية، من خلال ما حدث مؤخراً ببناء مجسم للهيكل المزعوم الثالث بالقرب من المسجد القبلي.
في الخلفية، يراهن نتنياهو على التداعيات السيئة للأوضاع الفلسطينية والعربية، وانشغال المجتمع الدولي بملفات عربية أكثر سخونة من القضية الفلسطينية، كالملف السوري والمصري والعراقي، ما يعطي حكومة نتنياهو فرصة ذهبية لاستكمال تهويد القدس وإظهارها للعلن بشكلها النهائي، بل إن اليمين المتطرف ينادي صباح مساء بأن "إسرائيل" أمام فرصةٍ تاريخية لهدم المسجد الأقصى من الصعب تكرارها.
في الأثناء دعت الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948 المقدسيين وأبناء الشعب الفلسطيني وعموم الأمة العربية والإسلامية إلى النفير العام، وذلك نصرة وإسناداً للمسجد الأقصى في ظل ما يتعرض لها من اعتداءات يومية، خاصة أن هذه الخطوة ستكون رداً مباشراً على خطوة غير مسبوقة من قِبل الصهاينة بذبح قرابين بداخل المسجد الأقصى المبارك.
إن أخطر مظاهر التحرك الصهيوني لتهويد المسجد الأقصى تكمن في المبادرة التي يعكف عليها حالياً وزراء ونواب في الائتلاف الحاكم، والهادفة إلى تمرير مشروع قانون في الكنيست الصهيوني ينص على فرض السيادة اليهودية على المسجد الأقصى المبارك، دون إعطاء أدنى اهتمام للموقف الأردني صاحب السيادة والولاية الكلية على المقدسات في القدس الشريف!.
يتفق الجميع حتى قيادات تاريخية في حركة فتح، على أن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق المسجد الأقصى لم تأتِ لولا وجود غطاء مباشر أو غير مباشر من خلال استمرار نهج المفاوضات المستمرة مع الاحتلال منذ عقدين من الزمان، بل إن السلوك الأمني للسلطة الفلسطينية ضد المقاومة في الضفة الغربية شجع الصهاينة لاتخاذ مزيد من الخطوات لتكريس إخراج قضية القدس من قائمة القضايا التي ستُبحث في المفاوضات، طالما تولدت القناعة لدى الاحتلال في أننا نفعل ما نريد متى نشاء دون حسيب أو رقيب!.
لا يختلف اثنان من الصهاينة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، على حقيقة بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى، وقضية بناء الهيكل المزعوم تعتبر كالراية في المعركة بالنسبة للصهاينة وبالتالي يجهد كل حزب سواء أكان في الحكم أو في المعارضة على تحقيق هذا الهدف مهما كلف ذلك من ثمن. فلسطينياً، من المؤمل أن يكون النفير العام، ومسيرات القدس العالمية شعلة لإنطلاقة فعلية لانتفاضة فلسطينية ثالثة، تبدأ في الضفة الغربية ولا تنتهي إلا بزوال الاحتلال بشكلٍ كامل عن تراب فلسطين، لتطيح بكل الأفكار السوداء، والأصابع المتآمرة كي تقطعها، وتبنى على أنقاضها صورة القدس دون رتوش.
إنجاز فلسطيني في سياق هزيمة تاريخية!
بقلم: ماجد كيال عن الحياة اللندنية
الحصاد الفلسطيني
بقلم: نواف ابو الهيجاء عن السفير البيروتية
لا تصدقوهم .. انها مسرحية.. المفاوضات مستمرة (http://www.raialyoum.com/?p=75186)
بقلم: امديرس القادري عن راي اليوم
أطول مفاوضات فى التاريخ
بقلم: عبدالعزيز المقالح عن الشروق المصرية
ورطة كيري !
بقلم: نشأت حلبي عن الوطن القطرية
في مركزية القضية الفلسطينية
بقلم: محمد محفوظ عن الرياض السعودية
رأي البيان : المسجد الأقصى يصارع التقسيم
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الاماراتية
الأقصى والهيكل .. والنفير العام!
بقلم: حبيب أبو محفوظ عن السبيل الأردنية
إنجاز فلسطيني في سياق هزيمة تاريخية!
بقلم: ماجد كيال عن الحياة اللندنية
تؤكد عديد من المعطيات بأن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لن يذهبا بعيداً في خلافاتهما، ولن يصلا إلى حد مغادرة مربّع العملية التفاوضية، وأن ما يجري بينهما مجرّد عضّ أصابع، على الأرجح، وليس كسر عظام، إذ أن كلاً منهما حريص على استمرار هذه العملية لأسبابه الخاصة.
ومع أن إسرائيل هي الطرف الأقوى، والمسيطر، في هذه المعادلة، إلا أنها تبدو معنيّة بالحفاظ على الواقع الراهن، المتضمّن وجود سلطة فلسطينية في الأراضي المحتلة (1967)، مهما بلغت الخلافات معها، طالما أن هذه تتحكم بشعبها، وتلتزم بقواعد اللعبة، لا سيما أن وجود هذه السلطة يجنّب إسرائيل تحمّل أي مسؤولية إزاء الفلسطينيين، ويغطّي على حقيقتها كدولة استعمارية تسيطر على حياة شعب آخر بالقوة والإكراه.
لكن هذا الاستنتاج لا ينبغي التعويل عليه كثيراً، لأن إسرائيل لديها عدة خيارات بديلة عن الاستمرار في عملية التفاوض مع الفلسطينيين، في حال تشدد هؤلاء، من ضمنها، مثلاً، استمرار الواقع الراهن، أو الذهاب نحو خيار «الحل الأحادي»، أي الانفصال من طرف واحد، في إطار من السيطرة الإسرائيلية، بخاصّة أنها كانت جرّبت هكذا خيار لدى انسحابها من قطاع غزة (2005). ومعلوم أن هذا الانسحاب، في حينه، لم يقلل من مدى سيطرتها على الفلسطينيين، ولم يؤدّ إلى تغيير جذري في طبيعة الكيان الفلسطيني، كما أنه لم يثر ردّ فعل من القيادة الفلسطينية، لإدخال تعديلات على المعادلات التي تأسست عليها عملية التسوية في اتفاق أوسلو (1993)، طالما أن إسرائيل قامت بإجراء تغييرات أحادية من جانبها.
وفي الواقع فإن إسرائيل تشعر بأنها مطلقة اليد تقريباً في السياسات التي تنتهجها إزاء الفلسطينيين، في هذه المرحلة، وذلك بالنظر إلى توافر مجموعة عوامل، أولها وجود شبكة كبيرة وعميقة ومعقدة من علاقات الاعتمادية التي تربطهم بها، في المجالين الاقتصادي والأمني، ومن البضائع الاستهلاكية إلى حركة المرور بين القرى والمدن وصولاً إلى المعابر الخارجية، ناهيك عن المياه والكهرباء والوقود. وثانيها، صعوبة وضع السلطة، التي وضعت كل رهاناتها، وبنت أوضاعها، على نجاح العملية التفاوضية، لا سيما مع وجود طبقة سياسية باتت متقادمة ومستهلكة وتدين بمكانتها ونفوذها إلى ضمان استمرار هذه العملية، ولو بأي ثمن، ومع الأخذ في الاعتبار اعتمادية السلطة في موازناتها ورواتب موظفيها على الموارد المالية المتأتية من مصادر خارجية. وثالثها، أن الواقع العربي السائد اليوم في حالة انتقالية، وفي مرحلة اضطراب، بمعنى أنه لا يمنح السلطة هامش مناورة مريحاً، في مواجهتها للإملاءات الإسرائيلية. ورابعها ينبع من وهن الموقف الأميركي، الذي لم يحتمل إلقاء مسؤولية تعثّر العملية التفاوضية على إسرائيل، ولو يوماً واحداً. وقد شهدنا كيف قامت الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأميركية بالتخفيف من تصريحات جون كيري وزير الخارجية، الذي حمّل القسط الأكبر من المسؤولية عن فشل المفاوضات إلى حكومة نتانياهو، بسبب عدم التزامها الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، وإعلانها عن مخططات استيطانية جديدة!
ومع الأخذ في الاعتبار بكل هذه الحيثيات الضاغطة إلا أن الفلسطينيين يملكون إمكانية ومشروعية قلب الطاولة التفاوضية، على رغم ضعفهم، وصعوبة موقفهم، ولكن هذا منوط بتوافر الإرادة عند القيادة المعنية، وباستعدادها لتحمل مسؤولية هكذا قرار، لا سيما أن لا شيء يفيد بأن وضع الفلسطينيين، إزاء إسرائيل، مع التسوية أفضل منه معها من دون تسوية. بل على العكس، فثمة ما يفيد بأن الفلسطينيين لن يخسروا كثيراً في حال حاولوا تغيير المعادلات التفاوضية المجحفة والمهينة، وأنهم سيخسرون حتماً في حال تورّطوا بالرضوخ لإملاءات إسرائيل، بخاصة بعد أن باتت هذه تظهر على حقيقتها كدولة استعمارية وعنصرية ودينية.
وربما أن في الوضعين الدولي والإسرائيلي، ما يشجّع الفلسطينيين على تحقيق هذه النقلة. فعلى الصعيد الدولي باتت إسرائيل في وضع صعب، إذ لم يعد العالم يتقبّلها كما في السابق، لا سيما على ضوء انفتاح مسار نزع الشرعية عن سياساتها، واتساع نطاق المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية لمؤسساتها، ما قد يفتح مستقبلاً الأبواب باتجاه إثارة الشك حول مشروعيتها وحول مبرّر وجودها. أيضاً، فإن ما يعزّز مكانة القيادة الفلسطينية، إزاء إسرائيل، أن فكرة دولة الفلسطينيين باتت فكرة دولية، بمعنى أن العالم لن يسمح لإسرائيل بتقويض الكيان الناشئ، ولا لأي سبب. كما يأتي ضمن أوراق القوة الفلسطينية، إزاء إسرائيل، حقيقة أن هذه حريصة على وجود غطاء فلسطيني، يتمثل بالسلطة، لأن مجرد وجوده يغطي واقعها كدولة احتلال، ويبيّض سياساتها العنصرية، ويضفي الشرعية على محاولاتها تخليق واقع من نظام مختلط، استعماري، وعنصري، حكم ذاتي. أما على الصعيد الإسرائيلي فإن إسرائيل، وعلى عكس ادعاءاتها وتهديداتها، حريصة على وجود غطاء فلسطيني، يتمثل بالسلطة، لأن مجرد وجوده يغطي واقعها كدولة احتلال، ويبيَض سياساتها العنصرية، ويضفي الشرعية على محاولاتها تخليق واقع من نظام مختلط، استعماري، وعنصري، وحكم ذاتي.
وربما يجدر لفت الانتباه إلى أن ما ذكرناه لا يعبر عن وجهة نظر فلسطينية، فحسب، إذ ثمة إسرائيليين يتحدثون على هذا النحو، مؤكدين بأن نتانياهو يأخذهم إلى طريق سيضر بهم. وهذا تسفي بارئيل، مثلاً، يشرح ذلك بالعبارات الآتية: «هذه ليست المرة الأولى التي يتسلى فيها نتانياهو بالعقوبات ضد السلطة الفلسطينية. لكن لقراره اليوم وزن متراكم قد ينفجر في وجهه ووجه إسرائيل. تتعالى الأصوات التي تدعو عباس لحل السلطة. بموازاة ذلك قد يدفع عباس باتجاه المصالحة مع «حماس». في الحالتين ستنتقل المسؤولية المباشرة لإدارة الضفة إلى يد إسرائيل التي ستضطرّ لتفعيل خدمات الصحة والتعليم والخدمات الأساسية. وتصبح العقوبات التي فرضها رئيس الحكومة ليست ذات صلة بالواقع، وستبحث المكاتب الحكومية على ضوء الشمعة عن شركاء فلسطينيين لإدارة شؤون الضفة بالنيابة عنها. العقوبات التي فرضتها وقد تفرضها إسرائيل تشكل خطراً ليس على علاقتها مع السلطة فحسب بل أيضاً مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية. العقوبات بالذات تعبر عن ضعف وقصر نظر». («هآرتس»، 10/4)
وبالنسبة إلى الفلسطينيين، فإن مشكلتهم، في هذا الإطار، تكمن في أن قيادتهم لم تهيئ لهذا اليوم، أي أنها لم تعد ذاتها وحركتها الوطنية وشعبها للقطيعة مع العملية التفاوضية، أو لتغيير أسسها. أي أن هكذا أمر كان يستلزم من هذه القيادة تعزيز الطابع المؤسسي والديموقراطي والتمثيلي لبنى السلطة وهيئاتها الشرعية، وحثّ الجهود لإنهاء الانقسام، ورفع الحصار عن غزة، وتفعيل منظمة التحرير، وإنهاء حال التماهي بينها وبين السلطة، واستثمار طاقات الفلسطينيين في بلدان اللجوء والشتات، واحتضان أشكال المقاومة الشعبية والمقاطعة الاقتصادية لإسرائيل وتعزيز مسار نزع شرعيتها على الصعيد الدولي.
اللافت أن القيادة الفلسطينية بدلاً من كل ذلك كانت تكبح مبادرات المقاومة الشعبية، وتبالغ في علاقات التنسيق الأمني، وتغضّ النظر عن غزو البضائع الإسرائيلية للسوق الفلسطينية، كما أنها تركت غزة لمصيرها، وهمّشت منظمة التحرير، وغيبت مؤسساتها وأطرها لصالح السلطة. وعلى صعيد الثقافة السياسية فقد أضحى الأمر يتعلق فقط بالاحتلال الذي بدأ عام 1967، وبعدم مشروعية الأنشطة الاستيطانية في الضفة، في حين جرى الفصل عن اللاجئين وعن قضيتهم، لصالح التركيز على إقامة كيان سياسي للفلسطينيين في الضفة وغزة.
على أية حال فقد كان من المهم للقيادة الفلسطينية أن تأخذ موقفاً شجاعاً، يؤمل أن يستمر، إزاء الإملاءات الإسرائيلية المهينة، لكن هذا الموقف كان ينبغي أن يكون في الحسبان من زمان، بالنظر إلى دروس التجربة التفاوضية المريرة، كما كان ينبغي أن يأتي بالتساوق مع بيئة سياسية وشعبية، قادرة على احتضانه وحمايته والبناء عليه.
أخيراً، يبقى ثمة تحفظ في شأن اعتبار دخول «دولة فلسطين» في عديد من المنظمات الدولية بمثابة انتصار تاريخي، على أهميته، أولاً، لأن هذا الأمر أبعد ما يكون عن ذلك، ولا يجوز تصويره على هذا النحو. وثانياً، لأن هذا الإنجاز يأتي على حساب هزيمة المشروع الوطني وحركة التحرر الفلسطيني، وفي سياق تآكل معنى قضية فلسطين وشعب فلسطين. والحقيقة فقد آن الأوان للتحرر من المبالغات والشعارات والقوالب السياسية السائدة، وتسمية الأشياء بأسمائها.
الحصاد الفلسطيني
بقلم: نواف ابو الهيجاء عن السفير البيروتية
في قراءة لمسيرة التفاوض الفلسطينية ـ الإسرائيلية الممتدة على عقدين من الزمن، خلاف في تقييم النتائج التي أسفرت عنها، فبين من يجد أن فيها خريطة طريق لقيام الدولة الفلسطينية، مصراً على أن لا بديل غير التفاوض، وبين من يؤكد أن محصلة هذا الجهد، كان إضاعة للزمن وإضاعة للأرض وتهديداً حقيقياً للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
الفريق الأول، يجد في «اتفاق أوسلو»، إيجابيات كثيرة يمكن التأسيس عليها دائماً. فقد اعترفت «أوسلو» بالشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير وبالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، كما حصل نتيجة لهذا الاتفاق، انسحاب تدريجي من المدن الفلسطينية، وعودة أكثر من 300 ألف فلسطيني إلى الضفة وغزة، إلى جانب مكسب أساسي، هو قيام السلطة الفلسطينية ومؤسساتها.
في الحقيقة، ليس كل هذا من المكاسب المثبتة، لقد كان هدف التفاوض في «أوسلو»، السعي لدولتين، وقد انطلق المفاوض الفلسطيني من تنازل تاريخي، وقبل بدولة فلسطينية في حدود الرابع من حزيران، ما يعني التخلي الصريح عن الأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1948. ولكن المفاوض أصرّ على تكريس القرارات الدولية الخاصة بفلسطين التاريخية، عبر التمسك بالقرار 194 الخاص بحق العودة والقرارات 181، أي قرار التقسيم. وأضاف إليها القرارين الخاصين بنتائج حرب حزيران (242) وحرب تشرين 338.
نصوص الاتفاقات شيء والواقع شيء آخر. فبعد إبرام الاتفاق بخمس سنوات، كان يفترض أن تنشأ دولة فلسطينية. ولكن هذا لم يحصل.
بعد ذلك، أقدمت السلطة الفلسطينية على سحب الملف الفلسطيني من الأمم المتحدة وسلمته للإدارة الأميركية، عبر الرباعية الدولية. حدث ذلك في ظل الأحادية الأميركية ما أفقد الفلسطينيين قدرة التأثير وقوة «الحليف» الممكن، الذي ودع فيه الاتحاد السوفياتي العالم، تاركاً حلفاءه أيتاماً.
لم يتحقق اعتراف المحتلين بما قيل: المساواة في المناطق المحتلة العام 1948.. وحق الشعب الفلسطيني في الاستقلال في مناطق الاحتلال الثانية وفق قرار التقسيم، وأيضاً حق اللاجئين في العودة بموجب القرار 194.
بعدها، جرت مفاوضات «كامب ديفيد» التي في اثر فشلها في تحقيق الاهداف الفلسطينية، ورفض الرئيس عرفات التخلي عن الحقوق الفلسطينية كانت النتيجة تطويق عرفات ومن ثم التخلص منه.
وعادت المفاوضات الى الطاولة الاميركية في انابوليس في العام 2008 ومثلت أميركا فيها كوندليسا رايس حيث تم الاتفاق مرة اخرى على خريطة طريق تقوم على تبادل للاراضي بما يضمن ربطاً جغرافياً بين الضفة الغربية وقطاع غزة. والاعلان ان الهدف النهائي في إقامة دولتين. ووافق ايهود اولمرت في حينه على عودة خمسة آلاف لاجئ فلسطيني في غضون خمس سنوات، ورفض الطرف المحتل الاعتراف بحق العودة كما رفض مسؤوليته عن مأساة اللاجئين الفلسطينيين، وأصر على ان للقدس وضعاً خاصاً.
اسرائيل كانت واضحة طوال فترات المفاوضات المباشرة وغير المباشرة. وخلاصة المواقف الصهيونية اعلنها نتنياهو: لا لحق العودة، القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وضرورة الاعتراف بدولة يهودية في فلسطين. والدولة الفلسطينية يجب ان تكون منزوعة السلاح مع الإبقاء على المستوطنات والمستوطنين، وأن تبقى الأجواء والحدود بيد السلطة الاسرائيلية.
اربع جولات من المفاوضات المباشرة في «واي ريفر» و«انَّا بوليس» وغير المباشرة في عمان، ومبعوثون اميركيون من جورج ميتشل الى جون كيري مروراً بكلينتون، لم تنجح في جسر الهوة بين الطرفين، لأن الطرف الفلسطيني كان يتعرض لضغوطات اميركية وعربية في الوقت عينه بعد اقرار المبادرة العربية للسلام في العام 2002.. بينما الطرف الصهيوني لا يتنازل ولا يعلن التخلي عن أي من اهدافه سوى كلام عن دولة فلسطينية الى جانب دولة «يهودية».. والاصرار على ان تكون حدود الدولة الفلسطينية مؤقتة.
المئات من اللقاءات والجولات التفاوضية لم تثن الكيان الصهيوني عن مواقفه المعلنة، واستمراره في بناء المستوطنات والقيام بالعمليات الحربية والمصادرة والاغتيالات.. وكان انسحابه من غزة بهدف عزلها وتطويقها والتخلص من تبعات الخسائر التي كان الصهاينة يتلقونها في القطاع. كما اسهم هذا الإجراء في التمهيد للانقسام الفلسطيني بين القطاع والضفة الغربية وإقامة سلطتين واحدة بقيادة «حماس» في القطاع والثانية في الضفة الغريية بقيادة «فتح».
وفي فترة تجميد المفاوضات لم يكلّ الاميركي عن بذل جهوده للعودة الى المفاوضات المباشرة برعايته. والجولة الخامسة في المفوضات التي بدأت في نهاية حزيران 2013 وعلى اساس ان تنتهي في 29 نيسان الحالي قبلت السلطة الفلسطينية مع وعد بإطلاق 104 من الاسرى القدامى.
لكن الكيان الصهيوني تنصل من الاتفاق في النهاية واستمر في بناء الوحدات الاستيطانية، كما ان نتنياهو لم يتخلَّ عن أي من اهداف الكيان الصهيوني التوسعية العدوانية. بل ان الاحتلال يتكرس والقدس تهود والأسرلة سارية المفعول، والتمسك برفض العودة والتخلي عن القدس الشرقية ثوابت الموقف الصهيوني الأكيدة.
الطرف الفلسطيني اتخذ قراراً بالانضمام الى 15 اتفاقية دولية من مجموع 63، والطرف الصهيوني يصر على التمسك بشروط اطلاق الدفعة الاخيرة من الاسرى وان يتم ابعادهم عن بيوتهم وان لا تقدم السلطة على أي إجراء احادي، وهو قد بدأ بتطييق عقوبات على السلطة من خلال عدم تسليمها اموال الضرائب.
خلاصة ما حصل عليه الفلسطينيون مجموعة مكاسب هشة ومتأرجحة: «اقرار بدولة معالمها مجهولة، وفي حدود الرابع من حزيران، من دون تحديد، تبادل محدود للأراضي، وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين على دفعات. أما الخسائر، فتتجلى في أن حرب الاستيطان مستمرة، وحق العودة مرفوض والقدس عاصمة لفلسطين غير ممكنة. والأسوأ، هو إلزام الطرف الفلسطيني بأن يبقى جالساً ومقيداً إلى طاولة التفاوض من أجل التفاوض... إلى عقود لاحقة.
هل يعيدون النظر في المسار كله؟ هل يتم سحب الملف من اليد الأميركية؟ هل يستعيد الفلسطينيون ورقة الوحدة الوطنية؟ هل... وهل، كثيرة هي التساؤلات والأجوبة مرهونة بما سيحدث خلال ايام ربما.. خاصة ان الطرف الفلسطيني اعلن استعداده القبول بتمديد المفاوضات إن تم إطلاق سراح اسرى 1948.
لا تصدقوهم .. انها مسرحية.. المفاوضات مستمرة (http://www.raialyoum.com/?p=75186)
بقلم: امديرس القادري عن راي اليوم
حالة الإنقطاع القصيرة عن الكتابة التي مر بها كاتب هذة السطور لم تكن في الحقيقة سوى إستراحة محارب، أقل من أربعة شهور في مداها الزمني لكنها كانت جداً ضرورية للعقل، ولهذا القلم أيضا الذي له حق علينا في أن يرتاح قليلا من عناء الكتابة و خط السطور، وعلى اعتبار أن صاحب هذا العقل لا يحب الراحة إلا ضمن الحدود الطبيعية التي لا غنى للجسد عنها، فقد واصل خلال هذه الشهور الأربعة متابعة، ورصد مستجدات الحدث الفلسطيني، و هذا ما تحملت وبكل مسؤولية شرف الكتابة عنه على وجه الخصوص ومنذ ما يزيد عن الخمسة سنوات .
في إستراحة المحارب هذة حاولت وبمقدار ما تسمح به هذه الحياة وظروفها الصعبة أن أقوم بمراجعة أغلب ما كتبناه، أولأً، بهدف التطبيق الواعي والموضوعي لمبدأ النقد الذاتي، والذي لا يستطيع الإنسان أن يتطور ويتجدد بمعزل عنه، ولأن النقد يظل ضرورة عند كل التواقين لإكتساب المزيد من القوة، والإصرار، وشحذ الهمة، والإرتقاء بها على طريق الإيمان بحتمية الوصول إلى الهدف ثانيا .
راجعت أكثر من ستمائة مقال، وهذا ما وجدناه في أرشيفنا المتواضع بخصوص الشأن الفلسطيني و ما كان يرافقه من مستجدات، وافرازات كنا نشعر بضرورة التوقف عندها، وتناولها بالتوضيح عبرتسليط الإضاءة الممكنة عليها، وبما قد يعود بالفائدة على المسار الوطني للقضية و شعبها وحمايتهم بالتالي من هذا العدو الفاشي المجرم، ومن كل المتآمرين، ومن عبث العابثين الذين و للأسف باتت تنوب عنهم و تمثلهم خير تمثيل سلطة رام الله، و مؤسساتها وبكل ما فيها من رموز للفساد، والإنحلال الوطني الذي أصبح يملأ جنباتها الأربعة .
إنقضت حركة الشهور الأربعة الماضية سياسيا على عنوان رئيسي يتعلق بجهود وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومبادرته المزعومة، وما شاع حولها من فرضيات و تكهنات وإن كانت في حقيقتها لا تعدو عن كونها جولة تآمروعبث أمريكي جديدة، و أهم ما فيها أنها شكلت الشغل الشاغل للحكام، وللحكومات التي لا يزال لديها بقايا من دموع التماسيح على فلسطين و قضيتها الوطنية، وبالطبع لجامعتهم العبرية، وللأحزاب، والحركات، والنقابات، وبطبيعة الحال للإعلام الرسمي، والخاص ولمن يعمل خلالهما من كتاب ومحللين ومتابعين لشؤون القضية الفلسطينية والذين أمطرونا بكتابات ما أنزل الله بها من سلطان، ولدرجة يمكن معها القول بأن المنطقة كانت تنام وتصحوعلى أنغام هذة التصريحات للوزير كيري، والتي كان مؤشررسمها البياني يعلو ويهبط مع أي كلمة كانت تتسرب عنها .
وصل الشجب والتنديد إلي ذروته و كما جرت العادة، وانعقدت الندوات الساخنة والصاخبة على كل أشكال الموائد، إعتصامات وتظاهرات إحتجاجية، كلام ممجوج ومعاد ومكرور، لغة عافها وشبع منها أحرار وشرفاء هذه الأمة ممن لا يزالون يقبضون على جمر معاناتها، فعاليات إكتشف الرضع قبل البالغين مقدار الوهن، والضعف الكامن بداخلها، وفجأة، وبجرة قلم صهيونية واحدة، يتوقف كل شيء، وينفجر البالون، وتنتشر معه كل غازاته السامة والفاسدة، وينكسر خاطر كل المتحمسين، والمهللين، والمطبلين للسيد كيري ومبادرته، كل هذة الأطراف تكتشف وبلحظات أن عملية التسوية السياسية وسلامها الزائف مهددتان، وأن المفاوضات التي أحياها كيري ستتعطل وتتوقف من جديد، وأن المنطقة وقضية فلسطين على حافة بركان قد ينفجر في أية لحظة، وسبب ذلك كله يعود لتعنت وتشدد وتعصب المجرم الصهيوني نتنياهو، وحكومته التي تصر على إعتراف أبو مازن وسلطتة بيهودية الدولة، مقابل وقف الإستيطان وإطلاق سراح بعض المعتقلين .
الإستنفارالشديد بطبيعة الحال يدب في أوساط سلطة رام الله، وعند كل جيش الرداحين و المطبلين بإسمها، وكبيرالمفاوضين الخائب صائب، غاضب وخانق وهائج ومائج، وراح يناشد كل أجهزة الأمن أن تسارع إلى حماية وإخفاء الرئيس أبو مازن لأنه معرض للإغتيال في أية لحظة، ومسكين آخر يخرج صاخبا على شاشات الفضائيات ليعلن لنا بأن السلطة وحركة فتح وهي الراعي الرسمي لهذه السلطة، قد اتفقتا على عدم الرضوخ للإبتزاز والضغط، وبأنهم لن يوافقوا على أي تمديد زمني جديد للمفاوضات، وأن الرئيس قد وقع على مئة طلب فلسطيني للإنضمام إلى منظمات الأمم المتحدة، ودكاكينها، وأكشاكها المختلفة، وأن الذهاب للأمم المتحدة سيتم رغماً عن أنف أمريكا وحكومتها .
جلبة وصخب في رام الله، والفرح والبهجة والسرور لقرار الرئيس بتقديم الطلبات لمنظمات الأمم المتحدة يعمان صفوف الجميع، وفي المقدمة فصائل وأحزاب وتنظيمات المعارضة الفلسطينية الوطنية، وبكل مشاربها الفكرية والأيديولوجية والسياسية، التي سارعت إلى الإعلان عن أنها تشد على اليد اليمين فقط للرئيس أبو مازن التي وقعت على طلبات الإنضمام للمنظمات الدلوية، أما بخصوص اليد اليسرى فلا يزال لديهم عليها تحفظ واعتراض شديدان، لأنها هي التي يوقع بها على كل طلبات أجهزة الأمن القاضية بملاحقة و اعتقال الوطنيين الأحرار من أبناء شعبنا وزجهم في سجون وأقبية هذة السلطته .
ماذا نشرح أكثر وماذا نقول ؟ و أي تحليل قد يشفي الغليل أمام من يواصلون السير في ركب هذة المهزلة، أية مراهنات هذة التي يمكن أن تنعقد راياتها بالإعتماد على حفنة من المهزومين المنكسرين الذين لا هم لهم سوى أمن و سلامة عدونا الصهيوني عبر سياسة التنسيق الأمني التي غرقوا في مستنقعها العفن، فيا شعبنا المناضل البطل، و يا بقية البقية من قوانا الوطنية، نناشدكم و بإسم دماء الشهداء أن لا تصدقوا مسرحياتهم الفارغة .
المناضل والكاتب رشاد أبو شاور كتب مخاطبا شعبنا الفلسطيني : الفصائل أفلست، و اختطاف منظمة التحرير يجب أن ينتهي، ولا بد من تجديد ثورتنا، و إنقاذ قضيتنا، وإعادة الهيبة إلى شعبنا و كفاحه . أما الكاتب المبدع ابراهيم نصرالله فيؤكد بأن دولة ظاهر العمر التي أسسها في اواخر القرن الثامن عشر في فلسطين و كما وردت في رواية ” قناديل ملك الجليل ” ستظل لها قيمة أكثر من كل هذا العبث الذي تسببت به سلطة رام الله لقضيتنا الوطنية . أنا مضطر وللمرة الثانية أن أصرخ بعالي الصوت لا تصدقوهم .
أطول مفاوضات فى التاريخ
بقلم: عبدالعزيز المقالح عن الشروق المصرية
بداية، تجدر الإشارة إلى أن المفاوضات المشار إليها فى عنوان هذه الزاوية، ليست الأطول فحسب؛ بل ورافقتها حرب أو بالأحرى حروب هى الأطول كذلك. ومنذ وقع الأشقاء الفلسطينيون فى فخ هذه المفاوضات، واختار البعض منهم طريق «أوسلو» وما أسفرت عنه من اتفاق مموه يشير إلى حل منقوص والعدو الصهيونى يشن حروباً عدة تتخللها مفاوضات وقتل واختطاف واعتقالات وقضم متواصل للأرض، وهو ما لم يكن يحدث قبل «أوسلو» وقبل الدولة الموهومة. والأغرب والأعجب أنه لا يزال هناك من الأشقاء الفلسطينيين من يذهبون إلى المفاوضات تحت مزاعم مختلفة وبإغراءات وهمية من الراعى الأكبر (الولايات المتحدة الأمريكية) التى تثبت ولاءها الدائم وإخلاصها الثابت للكيان الذى بات يجيد الكر والفر ولا يجد رادعاً يضع حداً لصلفه ومماطلاته.
لقد جنى الأشقاء الفلسطينيون على أنفسهم وعلى قضيتهم التى هى قضية العرب أجمعين بقبولهم اتفاق «أوسلو» وما حمله ذلك الاتفاق من إهدار لجوهر الحق الفلسطينى، وكأن بعض هؤلاء الأشقاء قد ملّ الاغتراب خارج أرضهم، واشتاق إلى الاستمتاع بمظهر السلطة الخالية من كل معنى. ولم يتنبه كثيرون من هذا البعض إلى أن اتفاق «أوسلو» كان فخاً إلا بعد فوات الأوان، وكان ذلك موقف المناضل الراحل ياسر عرفات الذى صار يرى الاتفاق فخاً بل خيانة، لاسيما بعد أن أدرك وهو المحاصر السجين فى غرفة القيادة أنه خُدع، وأن الشعب الفلسطينى كان ضحية خدعة كبيرة واستدراج غير محسوب، لكن كل ذلك تم بعد فوات الأوان، وهكذا نحن العرب لا نصل إلى معرفة حقيقة الأمور إلاّ بعد أن تكون قد صارت واقعاً.
إن من مبادئ المفاوضات السياسية القديم منها والحديث، ألا يتم التفاوض بين السارق والمسروق، بين الغاصب والمغتصَب، والتفاوض يكون فى القضايا الجزئية العالقة بين شعبين أو قوتين، وقد كان واضحاً بعد اتفاق «أوسلو» إن المراد بالتفاوض من قبل العدو الصهيونى هو كسب أطول وقت ممكن حتى يتسنى له التهام ما يستطيع التهامه من الأرض التى احتلها بعد حرب 1967. ويمكن قراءة ذلك ومتابعته على أرض الواقع بوضوح، فقد تمكن العدو تحت منطق اتفاق «أوسلو» ومنطق المفاوضات المطولة أن يبنى عشرات المستعمرات فى القدس وحول القدس وفى الضفة، وهو ما لم يكن يحلم به ولا يرضى عنه العالم الذى كان ينظر إلى وجوده فى هذه المناطق بوصفه محتلاً لا مفاوضاً أو طرفاً فى النزاع على أرض محتلة مجدداً.
ولعل ما يؤسف له، الصمت العربى المطبق الذى زاد فى الآونة الأخيرة، وتمادى الأنظمة فى إلقاء العبء كله على ما يسمى بالدولة الفلسطينية التى وصلت فى مفاوضاتها أخيراً إلى التوقف عند المطالبة بإطلاق الأسرى، وكأن جوهر الخلاف مع العدو لا يتجاوز هذا المطلب، فى تجاهل تام لما يعانيه الأشقاء من تمزق وخلافات ساعدت العدو على تماديه فى الإجرام وفى بناء المستوطنات، وفى تحدى الرأى العام العالمى الذى كان قد بدأ يعى المأساة ويدرك عمق الكارثة التى يسببها وجود الكيان الصهيونى ومخططاته التى لا تخص فلسطين، وحدها بل سائر دول المنطقة من دون استثناء، وإذا كانت القضية الفلسطينية كقضية مركزية تهم جميع العرب قد أسهمت فى تحريك المياه الراكدة فى الوطن العربى منذ أربعينيات القرن الماضى فإنها ينبغى أن تظل كذلك عاملاً فاعلاً ومحركاً للواقع العربى الذى بدأ بالغليان، ولم يعد قابلاً للمساومة فى قضاياه والقبول بالدخول فى مفاوضات تخدم العدو وتساعده على مزيد من التوغل والتوسع.
ورطة كيري !
بقلم: نشأت حلبي عن الوطن القطرية
لا يمكن لأحد أن يحسد وزير الخارجية الاميركية جون كيري على ذلك الموقف الصعب الذي وجد نفسه فيه امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي، فالرجل ذهب الى ذلك الاستجواب وهو في أضعف حالاته، فالخارجية الاميركية فشلت في أكثر من مكان، بل ووضعت قوة اميركا في مهب الريح.
على صعيد المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، نجح رئيس الدبلوماسية الاميركية في اعادة الطرفين الى طاولة الحوار، لكنه فشل فشلا ذريعا في احراز أي تقدم ممكن، فالرجل عجز حتى في اقناع الحليف الاسرائيلي بتقديم أية تنازلات سيما في موضوع اطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين حسب ما نص عليه آخر اتفاق بين الطرفين، بل ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو حشر كيري في زاوية حرجة جدا عندما اشترط اطلاق سراح المعتقلين مقابل اطلاق سراح اميركا جاسوسا اسرائيليا مسجونا في اميركا بتهمة التجسس لاسرائيل، وبعد ان قام الفلسطينيون بتقديم طلبات انضمام الى مؤسسات دولية بما يكرس استقلالية الدولة الفلسطينية، ولو رمزيا، وبالتالي ارتفاع سقف المواجهة بين طرفي العملية السلمية والتي كان آخر فصولها تعليمات نتانياهو لبعض وزرائه بوقف الاتصال مع نظرائهم الفلسطينيين، فان كيري يعلم الآن بان العملية السلمية لربما دُفنت برمتها.
وفي الازمة الاوكرانية، فقد فشل كيري أيما فشل في ادارة هذا الملف، بل إن موسكو نفذت ذلك الانقلاب الناعم في القرم بعملية مخابراتية وبتكتيك عالي المستوى كان بمثابة لطمة على وجه الدبلوماسية الاميركية.
وفي سوريا، فان اميركا وقعت في فخ تاريخي عندما نجحت روسيا في جرها الى الموافقة على مقترح تسليم الرئيس السوري بشار الاسد لترسانته النووية مقابل وقف الضربة الاميركية التي كانت قاب قوسين او ادنى، وبالتالي، فقد اهتزت صورة اميركا امام العالم بعد ان اصبحت روسيا لاعبا اهم منها على الساحة السورية. وفي الملف الايراني، فان حالة من الضبابية ما زالت تسود هذا الملف بعد تلك المكالمة الهاتفية الشهيرة التي اجراها الرئيس «الاصلاحي» حسن روحاني مع الرئيس الاميركي باراك اوباما، وباتت الاجواء تشي بأن انفراجا مهما اصبح ملموسا بين طهران و«الشيطان الاكبر»، وهذا ما يفسر الحديث عن تخفيف العقوبات الاميركية المفروضة على الايرانيين، وغيرها، والاخطر الموافقة لايران على «التخصيب»، فهل وقع كيري واوقع معه اوباما في «فخ الاصلاحيين» لتنفذ بالتالي ايران برنامجها النووي؟!
السيناتور الجمهوري بوب كوركر، والذي يدعم ادارة الديمقراطي اوباما، ضرب خلال استجواب كيري مثلا يلخص الحالة الاميركية في سوريا، فقال ان اميركا في المسألة السورية تجلس على ظهر الحافلة، فيما تقود ايران وروسيا الحافلة.
يبدو ان هذا التوصيف ينسحب على كل الملفات وليس فقط على سوريا، فأميركا في اضعف حالاتها، وكيري في ورطة!
في مركزية القضية الفلسطينية
بقلم: محمد محفوظ عن الرياض السعودية
على مستوى التحولات والتطورات السياسية المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة، وعلى ضوء متواليات وتداعيات هذه التحولات، هناك تغيرات في جدول الاهتمامات والأولويات في المنطقة سواء على المستوى السياسي أو المستوى الشعبي.
فغالبية الشعوب العربية اليوم، أضحت مشغولة بنفسها وتتحرك في سبيل إصلاح أوضاعها. وهذا الانشغال بالنفس يستغرق كل الوقت، ويستغرق الاهتمام والهموم.
كما أن النخب السياسية في المنطقة العربية بدأت تعيش أولويات جديدة، تستوعب كل وقتها وجهدها.
ولو تأملنا بعمق في الخريطة السياسية العربية لوجدنا أن الجميع مشغول بملفات جديدة، وهذه الملفات تأخذ كل الاهتمام والطاقة.
وفي ظل هذا الانشغال والاهتمام بالذات أو بتحولات جديدة في المنطقة العربية يتراجع لدى العرب بحكم الواقع والظروف القائمة الأولويات الجديدة التي تفرضها الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الاهتمام بالقضية الفلسطينية. لأنه وببساطة شديدة كان في السابق لم يكن للعرب إلا قضية واحدة، هي القضية
القضية الفلسطينية بحاجة إلى وحدتنا المبنية على احترام تعددنا وتنوعنا الاجتماعي والثقافي. ودون ذلك لن نتمكن من مواجهة المشروع الصهيوني الذي يحاول أن يستثمر هذه الظروف التي تعيشها المنطقة للمزيد من الهيمنة والسيطرة وسرقة الحقوق
الفلسطينية، والجميع يؤمن بمركزيتها وضرورة العمل من أجلها ومن أجل الشعب الفلسطيني. أما في الحقبة الراهنة أضحى للعرب العديد من القضايا المستجدة.
فهناك القضية الصومالية والسودانية والعراقية والمصرية والسورية والليبية ويمكن أن تتولد قضايا أخرى.
وكلها قضايا سياسية واجتماعية معقدة ومركبة، وتلقي بظلها الثقيل على المشهد العربي برمته، وتتطلب من العرب الاهتمام والمواقف والدعم والإسناد. فأضحت لدينا كعرب قضايا، وأضحت القضية الفلسطينية من قضايا العرب وليست قضيته الوحيدة.
ولا ريب أن هذا يشكل علامة فارقة على مختلف المستويات النفسية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية.
فالقضية الفلسطينية في أقل التقادير كانت توحد العرب مع اختلافهم الأيدلوجي والسياسي. ولكن الجميع سواء كان حقيقة أو شعارا يشعر بمركزية القضية الفلسطينية. أما الآن فهناك قضايا عربية كثيرة ومتداخلة مع انقسام حقيقي وواقعي في الموقف من هذه القضايا و طريقة التعامل معها.
ويبدو أنه لأول مرة، يواجه العرب هذا التحدي. حيث ازدياد قضايا العرب الملحة وتراجع مستوى الاهتمام النوعي بالقضية الفلسطينية. وبطبيعة الحال فإن إدارة الكيان الصهيوني ليست بعيدة عن مراقبة هذه التحولات، وتعمل بكل إمكاناتها لاستثمار هذه الأوضاع بما يخدم المشروع الصهيوني في المنطقة. لذلك طرحت مشروع الاعتراف بيهودية الدولة كشرط لاستمرار المفاوضات واستمرت بزخم كبير في بناء المستوطنات وتقطيع أوصال الأراضي الفلسطينية.
وأمام هذه المتغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة من الضروري إبراز النقاط التالية :
1 حينما يتراجع اهتمام العرب بالقضية الفلسطينية، وحينما لا تعد لدى العديد من الأطراف العربية بأنها قضيتهم المركزية، تزداد عمليات التشظي والفرقة في المشهد العربي. فالقضية الفلسطينية رافعة حقيقية لإدامة وحدة العرب في حدودها الدنيا.
وحينما يتراجع موقع فلسطين في الخريطة العربية، يتشتت العرب وتزداد فرقتهم وتتضح تبايناتهم.
صحيح أن بعض العرب لا يتعامل مع القضية الفلسطينية بجدية تامة، ولكن حتى على هذا المستوى تبقى القضية الفلسطينية هي محور العرب، ولا يتجرأ من لا يريد ذلك من البوح والإعلان عن ذلك.
لذلك فإن العودة اليوم للقضية الفلسطينية وزيادة وتيرة الاهتمام الجاد بها، هو أحد السبل الأساسية للخروج من حالة التمزق والتشظي التي يعاني منها العالم العربي من أقصاه إلى أقصاه.
2 إن الديمقراطية في العالم العربي ليست ضد الاهتمام بالقضية الفلسطينية وجعلها هي محور الواقع العربي. بل على العكس من ذلك تماما فإن غياب الديمقراطية في البلدان العربية وتصحر حياتها المدنية، هوأحد الأسباب الرئيسية لتغول المشروع الصهيوني واستمرار مأساة الشعب الفلسطيني. ولعلنا لا نجانب الصواب حين القول: إن الاستبداد السياسي العربي ساهم في تأبيد التخلف السياسي للعرب وتغييب بذور وممكنات الديمقراطية مما انعكس سلبا على الواقع العربي الداخلي وعلى مستوى اهتمام العرب بالقضية الفلسطينية.
ويبدو أن العرب لا يتمكنون من بناء توازن إستراتيجي مع الكيان الصهيوني بدون دمقرطة الحياة العربية.
الديمقراطية بكل زخمها وآلياتها ومناهجها، هي القادرة على إيجاد حالة التوازن الاستراتيجي مع الكيان الصهيوني وليس بناء الجيوش الجرارة المنفصلة عن مشروعات الأمة وهمومها وتكديس الأسلحة والمعدات العسكرية.
فالعرب ومنذ الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين في عام 1948م وهم يشترون الأسلحة ويوجهون قدرات العرب وإمكاناتهم صوب بناء الجيوش. فتحولت هذه الجيوش من محرر لفلسطين إلى صانع الانقلابات العسكرية والسيطرة على الحياة السياسية والاقتصادية في العديد من الدول العربية.
وبعد سيطرة الجيوش على بعض مقدرات بعض الدول العربية، تحول استمرار الجيش في الحكم والسلطة إلى هدف مستقل وقائم بذاته. وفي هذا السياق تعسكرت الحياة العربية وتصحرت الحياة المدنية وتكممت الأفواه وملئت السجون وازدادت سطوة أجهزة الأمن.
ولكن دون أن تتغير المعادلة الجوهرية في الصراع مع الكيان الصهيوني. لذلك فإننا نرى وعلى ضوء التجربة العربية المعاصرة مع الملف الصهيوني، أنه لا توازن إستراتيجياً مع العدو الصهيوني إلا بدمقرطة الحياة العربية.
فالديمقراطية حينما تسود الحياة العربية، هي القادرة على بناء القوة العربية الحقيقية التي تتمكن من مواجهة المشروع الصهيوني بكل مخاطره وتحدياته.
3 لا ريب أن البيئة العربية المثلى للمشروع الصهيوني في المنطقة، هو في انقسام العرب وتشتتهم تحت يافطات دينية ومذهبية وطائفية. لذلك فإننا نرى أن أي صعود في المنطقة العربية للمشروعات الطائفية فإن هذا لا يخدم إلا المشروع الصهيوني، الذي يستهدف تمزيق العرب وتفكيك نسيجهم الاجتماعي حتى تصبح الدولة العبرية هي أقوى الدول في المنطقة القادرة على التحكم في مساراتها ومصائرها.
من هنا ومن أجل القضية الفلسطينية من الضروري أن نقف ضد الحروب الطائفية بكل مستوياتها، ونعمل في مختلف المجالات لإيقاف هذا المنحدر الخطير الذي يهدد العرب في وجودهم وقضاياهم. فاحترام الحقائق الدينية والمذهبية شيء، وتقسيم العرب إلى كانتونات دينية ومذهبية شيء آخر. نحن مع تطوير نظام التعارف والاعتراف بالحقائق الدينية والمذهبية الموجودة في العالم العربي. وفي ذات الوقت ضد تقسيم العرب إلى دويلات دينية ومذهبية، وضد انقسام العرب اجتماعيا وشعبيا على هذا الأساس.
ومن يحمل لواء مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، عليه أن يرفض كل أشكال الاحتراب الديني والطائفي، ويقف بالمرصاد ضد محاولات تمزيق العرب إلى سنة وشيعة ومسيحيين وما أشبه.
فالقضية الفلسطينية بحاجة إلى وحدتنا المبنية على احترام تعددنا وتنوعنا الاجتماعي والثقافي. ودون ذلك لن نتمكن من مواجهة المشروع الصهيوني الذي يحاول أن يستثمر هذه الظروف التي تعيشها المنطقة للمزيد من الهيمنة والسيطرة وسرقة الحقوق.
رأي البيان : المسجد الأقصى يصارع التقسيم
بقلم: أسرة التحرير عن البيان الاماراتية
رغم التحذيرات الفلسطينية المتوالية من الهجمة الإسرائيلية المسعورة على المسجد الأقصى المبارك، والمناشدات المستمرة لتحرك عربي وإسلامي لإنقاذه، فإن الخطر بات يهدد وجود المسجد هذه المرة أكثر من أي وقت مضى، مع بدء سلطات الاحتلال تنفيذ مخطط تقسيمه زمانياً ومكانياً، في هذه الأيام التي تشهد تصاعداً كبيراً في وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية المتزامنة مع «الأعياد اليهودية».
المخطط الذي لم يعد سماع تحركات عن جعله أمراً واقعاً بخبر جديد، يبدو هذه المرة أكثر وضوحاً واستفزازاً، كونه تجاوز انتهاكات المستوطنين الفردية الاستفزازية إلى انتهاكات مدروسة، وممنهجة، تمارسها مؤسسة الاحتلال بكل أذرعها السياسية والتنفيذية والعسكرية.
وحتى التشريعية، ناهيك عن الاضطهاد الديني تجاه المصلين وطلاب العلم، الذين يعمرون «الأقصى» بصلواتهم ورباطهم، ما ينذر بحرب دينية، يحاول الاحتلال إشعالها وتأجيج نيرانها، مستغلاً الأوضاع المتوترة في عموم المنطقة، ودوران المفاوضات مع الفلسطينيين في حلقة مفرغة، وعدم استقرار ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، فضلاً عن انشغال العالم بملفات أخرى كالأزمتين الأوكرانية والسورية.
إن المسجد الأقصى المبارك يواجه اليوم زلزالاً استيطانياً خطراً، ويعيش أشد موجة انتهاكات واستباحات لساحاته الطاهرة، من قبل المستوطنين وقوات الاحتلال، كما يتعرض الصامدون المرابطون فيه لصد هذا الطغيان، إلى حملات قمع واعتقالات وتنكيل وإبعاد واسعة، وهو ما يهدد بخطر أكبر على المدينة المقدسة.
وهذا التهديد الخطر والمتصاعد للمسجد الأقصى وأهله، يستدعى تحركاً عربياً وإسلامياً فعلياً وحقيقياً هذه المرة، يتجاوز بيانات الشجب والإدانة والاستنكار، ويتجاوز كذلك الوعود الفضفاضة بتقديم الدعم السياسي والمادي لإنقاذه.
هذه الهجمة الاحتلالية، تتطلب من العرب والمسلمين جميعاً تسخير ترابطهم وقوتهم، وإمكاناتهم، لانتشاله من هاوية الاحتلال، كما أنها تستدعي شد الرحال إليه قدر المستطاع، وتكثيف الحراك الفلسطيني من قبل المصلين والمرابطين، وكل من يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك.
والتواجد في ساحاته لصد الاعتداءات السافرة عليه، ولإرسال رسالة واضحة لإسرائيل بأن المسجد الأقصى قبلة إسلامية عربية- فلسطينية، لا يمكن تهويدها أو انتهاك حرماتها من دون عواقب سريعة ورادعة.
الأقصى والهيكل .. والنفير العام!
بقلم: حبيب أبو محفوظ عن السبيل الأردنية
خطوة إثر الأخرى، وكأن الأمر يقرأ عن كتاب أسود، يسير تهويد المسجد الأقصى المبارك، وفق منهجية صهوينية تهويدية معقدة، وهو الأمر الذي يتم بالضرورة بعيداً عن أعين الفلسطينيين والعرب وتفكيرهم، وفيما يبدو فإن الأحداث الجارية حالياً ستعقبها مفاجآت على كافة الأصعدة أهمها أنها ستكون غير مسبوقة وتتجاوز كافة الأعراف الدولية، من خلال ما حدث مؤخراً ببناء مجسم للهيكل المزعوم الثالث بالقرب من المسجد القبلي.
في الخلفية، يراهن نتنياهو على التداعيات السيئة للأوضاع الفلسطينية والعربية، وانشغال المجتمع الدولي بملفات عربية أكثر سخونة من القضية الفلسطينية، كالملف السوري والمصري والعراقي، ما يعطي حكومة نتنياهو فرصة ذهبية لاستكمال تهويد القدس وإظهارها للعلن بشكلها النهائي، بل إن اليمين المتطرف ينادي صباح مساء بأن "إسرائيل" أمام فرصةٍ تاريخية لهدم المسجد الأقصى من الصعب تكرارها.
في الأثناء دعت الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948 المقدسيين وأبناء الشعب الفلسطيني وعموم الأمة العربية والإسلامية إلى النفير العام، وذلك نصرة وإسناداً للمسجد الأقصى في ظل ما يتعرض لها من اعتداءات يومية، خاصة أن هذه الخطوة ستكون رداً مباشراً على خطوة غير مسبوقة من قِبل الصهاينة بذبح قرابين بداخل المسجد الأقصى المبارك.
إن أخطر مظاهر التحرك الصهيوني لتهويد المسجد الأقصى تكمن في المبادرة التي يعكف عليها حالياً وزراء ونواب في الائتلاف الحاكم، والهادفة إلى تمرير مشروع قانون في الكنيست الصهيوني ينص على فرض السيادة اليهودية على المسجد الأقصى المبارك، دون إعطاء أدنى اهتمام للموقف الأردني صاحب السيادة والولاية الكلية على المقدسات في القدس الشريف!.
يتفق الجميع حتى قيادات تاريخية في حركة فتح، على أن الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق المسجد الأقصى لم تأتِ لولا وجود غطاء مباشر أو غير مباشر من خلال استمرار نهج المفاوضات المستمرة مع الاحتلال منذ عقدين من الزمان، بل إن السلوك الأمني للسلطة الفلسطينية ضد المقاومة في الضفة الغربية شجع الصهاينة لاتخاذ مزيد من الخطوات لتكريس إخراج قضية القدس من قائمة القضايا التي ستُبحث في المفاوضات، طالما تولدت القناعة لدى الاحتلال في أننا نفعل ما نريد متى نشاء دون حسيب أو رقيب!.
لا يختلف اثنان من الصهاينة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، على حقيقة بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى، وقضية بناء الهيكل المزعوم تعتبر كالراية في المعركة بالنسبة للصهاينة وبالتالي يجهد كل حزب سواء أكان في الحكم أو في المعارضة على تحقيق هذا الهدف مهما كلف ذلك من ثمن. فلسطينياً، من المؤمل أن يكون النفير العام، ومسيرات القدس العالمية شعلة لإنطلاقة فعلية لانتفاضة فلسطينية ثالثة، تبدأ في الضفة الغربية ولا تنتهي إلا بزوال الاحتلال بشكلٍ كامل عن تراب فلسطين، لتطيح بكل الأفكار السوداء، والأصابع المتآمرة كي تقطعها، وتبنى على أنقاضها صورة القدس دون رتوش.