Haneen
2014-06-03, 12:45 PM
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
العودة إلى الاحتلال
طارق مصاروة/الرأي الأردنية
»الأقصى« في قلب مؤامرات الاحتلال
رأي البيان الإماراتية
أوقفوا المفاوضات مع إسرائيل!
كلوفيس مقصود/السفير
نهاية حل الدولتين
محمد أيوب/الخليج
الحل هو "الحل"
أمجد عرار/الخليج
استئناف مفاوضات الذئب والحمل
إبراهيم البحراوي/المصري اليوم
«الإخوان المسلمون» الصمّ البُكم
حازم صاغية/الحياة اللندنية
العودة إلى الاحتلال
طارق مصاروة/الرأي الأردنية
لم تعطِ اتفاقية أوسلو أيّة مرحلية للدولة الفلسطينية الكاملة. وهذا يعرفه الرئيس عباس، لأنه القيادي الذي تابع المفاوضات السرية، وهو الذي تولى اقناع عرفات، ومركزية فتح في اجتماع مشهود قال فيه أبو مازن: هذه الاتفاقية إما أن توصلنا إلى الدولة أو إلى الكارثة!
أوسلو تحدثت عن «سلطة الحكم الذاتي الإداري» وقسّمت الضفة إلى مناطق أ وهي تُدار بسيطرة إدارية وأمنية. وب وهي تدار بسيطرة إدارية ويبقى الأمن بيد إسرائيل. ومنطقة ج، وتكون إدارتها وأمنها بيد إسرائيل. وهي المنطقة الأوسع، والأقل سكاناً.
لقد حدّدت أوسلو مدة الحكم الذاتي الإداري مدة خمس سنوات. يتقرّر بعدها مستقبل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس.. ويتقرّر بالتوافق! وبمساعدة الولايات المتحدة الأميركية التي وقعت كشاهد ولم توقع كضامن، كما كان الحال في كامب ديفيد ووادي عربة!
المهم أن السيد عرفات أول رئيس للسلطة غيّر الاسم للسلطة الوطنية. وأكثر من السجاد في مطار غزة، ومن فرق الاستقبال والوداع له بمراسم عسكرية. وكان رحمه الله يركز على النشيد والعلم.. والرئيس ليقنع الشعب بأن القادم هو الدولة لكنه بهذا لم يقنع الإسرائيليين الذين أرادوا منذ البداية ابقاء الحكم الذاتي الإداري.. وجعل المفاوضات لا تنتهي. وحين تم الهجوم على السلطة ومؤسساتها وقيادتها. كان الهدف من ذلك، ومن الحصار الذي احتجزه فيه الرئيس عرفات هو اقناع القيادة الفلسطينية بأن الدولة تحتاج إلى حكم ذاتي.. طويل!
الآن، يهدّد الرئيس محمود عباس بـ»تسليم المفاتيح» لسلطات الاحتلال، لأن الاستمرار في لعبة التفاوض أصبحت مملّة إلى حد لا يُطاق!
وتسليم المفاتيح معناه إعادة المنطقة إلى الاحتلال: إدارة، وأمناً.. وانتفاضات! ومثل هذا التهديد يجب أن يُنظر إليه نتنياهو (وأوباما) نظرة جادة جداً. فأبو مازن يذكرنا بخطاب الرئيس مصطفى النحاس حين ألغى في خطاب بمجلس النواب معاهدة عام 1936 مع بريطانيا بقوله:
لقد وقعت اتفاقية 36 من أجل مصر، وأنا ألغُيها الآن (عام 1951) باسم مصر. فمحمود عباس هو الذي كان وراء اتفاقية أوسلو.. وهو قادر على إلغائها. فالثائر القديم يستطيع أن يقوم بالدور.. دور رئيس السلطة بكل ما يترتب على هذه المسؤولية. لكنه قادر على فك ربطة العنق وإلقائها.. والعودة إلى القيادة السريّة!!.
الرجل له قدرة على الصبر، فهو يناور ويرفض ويعود يقبل. لكن صبره ليس دائماً! فهو يريد أن يصل بإسرائيل إلى فضيحة إسرائيل باحتلال عسكري يجعلها الوحيدة التي تمارس الاحتلال في هذا العالم، والوحيدة التي تحكم شعباً بالاباريتيهايت!
»الأقصى« في قلب مؤامرات الاحتلال
رأي البيان الإماراتية
يواصل المستوطنون الإسرائيليون وعناصر شرطة الاحتلال عمليات اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى المبارك، التي بدأوها خلال الايام الماضية بمناسبة ما يسمى «عيد الفصح» اليهودي.
فيما يؤمّن الاحتلال غطاء لتلك الانتهاكات بالاعتداء على المصلين والمرابطين في المسجد، وشن حملة اعتقالات واسعة في صفوفهم، ما يدق ناقوس خطر جديد بأن المسجد الأقصى بات أكثر فأكثر في قلب مؤامرات الاحتلال غير المنتهية.
ورغم تحذير أوساط إسرائيلية وغير إسرائيلية من خطورة تدهور الوضع الميداني في الأراضي الفلسطينية، لاسيما في المدينة المقدسة وفي مسجدها المبارك، الذي يرافقه انسداد شبه تام في أفق مفاوضات التسوية التي ترعاها الولايات المتحدة، إلا أن حكومة الاحتلال التي يقودها اليمين المتطرف تواصل دعمها لتحركات المستوطنين الاستفزازية.
بل إنها هي من تقودها في أغلب الأحيان، باقتحامات متكررة يتقدمها قادة اليمين، ومن بينهم نائب رئيس الكنيست المتطرف موشيه فيغلين، وكذلك بسعيها المتواصل من خلال نوابها في الكنيست إلى تمرير مشاريع قوانين تؤمن غطاء تاما لتلك الانتهاكات، وتضع حجر أساس متيناً في تنفيذ مخطط تقسيم المسجد المبارك زمانيا ومكانيا، الذي سيشعل حرباً دينية في المنطقة لا تحمد عقباها.
تلك الانتهاكات الصارخة بحق أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين تتطلب وقفة وحراكا عربيا إسلاميا جادا من أجل مواجهة المؤامرات التي تحاك ضد المسجد، ومن أجل الوقوف في وجه سياسة تهويده وتهويد المدينة المقدسة، حيث بدأت السلطات الإسرائيلية منذ وقت بعيد تنفيذ مخططها في الحرم القدسي الشريف تدريجيا.
أولاً من خلال توفير غطاء أمني لقطعان المستوطنين والمتطرفين لاقتحامه وإقامة صلواتهم التلمودية في باحاته، دون أدنى اعتبار لحرمة وقدسية هذا الرمز الديني والحضاري، ثم من خلال تغوّل جيش الاحتلال على المصلّين والمرابطين وطلاب العلم، ومنع موظفي وزارة الأوقاف الفلسطينية من التواجد في ساحاته، فضلا عن المطالب المتكررة بفرض السيادة اليهودية عليه بدلاً من الأردنية.
أوقفوا المفاوضات مع إسرائيل!
كلوفيس مقصود/السفير
في الوقت الذي لا تزال فيه «المفاوضات» بين «منظّمة التحرير الفلسطينيّة» وإسرائيل متعثّرة في ظل غياب دلائل على نتيجة عادلة وموثوقة في المستقبل القريب، نشرت مجموعة أميركيّين بارزين، هم زبيغنيو بريجينسكي وفرانك كارلوتسي وتيم هاميلتون وكارلا أ. هيلز وتوماس بيكيرينغ وهنري سيغمان، مقالاً في 8 نيسان/أبريل على موقع «بوليتيكو» الإلكترونيّ الإخباريّ بعنوان «اثبت على موقفكَ، جون كيري». وأشارت المجموعة في مقالها، في ما يتعلّق بالمستوطنات، إلى أنّ «تعليق العمليّة الديبلوماسيّة في تاريخ محدّد إلى أن تمتثل إسرائيل للقانون الدوليّ والاتّفاقات السابقة، من شأنه أن يساعد على وقف هذا النشاط وأن يبرّر قرار هذا التعليق».
ماذا يعني ذلك؟ فيما تعارض الولايات المتّحدة الأميركيّة المستوطنات وتعتبر توسيعها «غير شرعيّ» و«غير مساعِد»، اعتبر كاتبو المقال أنّ موقفها هذا «لا يحدّد بأيّ شكل من الأشكال طبيعة هذا النشاط التدميريّة، ولا يبدّد الانطباع بأنّنا وافقنا عليه في نهاية المطاف برغم اعتراضنا الشفهيّ عليه».
الامتثال للقانون الدوليّ؟ فلتعترف إسرائيل وتقرّ بأنّها، بحسب تعريف القانون الدوليّ، تحتلّ الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة وغزّة. لم تحصل أيّ إدارة أميركيّة حتّى اليوم على هذا الاعتراف من إسرائيل، ما يفسّر فشل «المحادثات» المتعدّدة التي جرت قبل أوسلو ومنذ أوسلو، بما في ذلك المحادثات الجارية حاليّاً بناء على مبادرة كيري.
يلحظ القانون الدوليّ أن تكون إسرائيل خاضعة لشروط اتّفاقية جنيف الرابعة، لكنّها ليست كذلك. وليست المفاوضات رحلة صيد يستكشف فيها الفلسطينيّون ما إذا كان لديهم الحقّ في تقرير مصيرهم وإنشاء دولة مستقلّة. فالمفاوضات تعني، مبدئيّاً، التوافق على النتيجة. وفي هذه الحال، النتيجة هي حلّ الدولتين مع إعلان القدس الشرقيّة عاصمة لفلسطين. وعندما يتحقّق ذلك، تصبح المفاوضات موجّهة نحو النتيجة بما يتماشى مع القانون الدوليّ وقرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة.
يتطرّق المقال الذي نٌشر على موقع «بوليتيكو» إلى الكثير من المسائل التي تجعل المحادثات، أي المفاوضات المزعومة، عقيمة، واحتمال التوصّل إلى نتيجة موثوقة معدوماً. وفيما يشيد المقال بجهود وزير الخارجيّة جون كيري، يذكّرنا بادّعاءات إسرائيل بأنّ الضفّة الغربيّة هي «أرض متنازع عليها»، بدلاً من أرض محتلّة.
ألا يتعيّن على المكتب القانونيّ التابع لوزارة الخارجيّة الأميركيّة أن يوضح هذا الموقف بطريقة تحفظ مصداقيّة الحكومة الأميركيّة في ما يتعلّق بالتزامها التوصّل إلى نتيجة مقبولة من الطرفين؟ أتساءل إن أجرى هذا المكتب يوماً دراسة جديّة لتوجيه الجهود الأميركيّة في هذه العمليّة ولتزويد وزارات الخارجيّة الأميركيّة بتحليل مهمّ لقرار محكمة العدل الدوليّة المتعلّق بجدار الفصل المبنيّ في داخل حدود الضفّة الغربيّة وعلى طولها. إذا كان المكتب قد أجرى هذه الدراسة بالفعل ولم تلتزم وزارات الخارجيّة بها، فإنّ ذلك يشكّل للأسف تعبيراً واضحاً عن فشل عمليّات السلام التي تديرها الولايات المتّحدة حصريّاً وهو فشل سمح بتلك الانتهاكات الواضحة للقانون الدوليّ.
إنّ هذا النداء الموجّه إلى الفلسطينيّين أُطلق في وقت مناسب، وإن كان متأخّراً. وللرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس أقول، أوقِف محادثات السلام إلى أن تمتثل إسرائيل للقانون الدوليّ.
نهاية حل الدولتين
محمد أيوب/الخليج
يبدو أن الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإنقاذ عملية السلام "الإسرائيلية" الفلسطينية على وشك أن تنتهي بالفشل . ورغم أن التوصل إلى تسوية حقيقية كان دوماً أضغاث أحلام، فإن خيبة الأمل الأخيرة هذه تجعل الولايات المتحدة عاجزة عن الحفاظ حتى على وهم "عملية السلام" التي كانت كلها عملية فقط من دون سلام . بيد أن هذا قد لا يكون أمراً سيئاً للغاية .
الواقع أن المفاوضات تبوء بالفشل لأسباب عدة، بدءاً باستمرار الاستعمار "الإسرائيلي" للأراضي المحتلة عام 1967 على الرغم من معارضة المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة . بل إن "إسرائيل" عَجلَت بوتيرة بناء المستوطنات منذ بدأت أحدث جولة من المحادثات، في حين صَعدَت مطالبها، خاصة فيما يتعلق بتمركز القوات "الإسرائيلية" في وادي الأردن . ومن الواضح أن الإفراج عن بضع عشرات من السجناء الفلسطينيين ليس بديلاً عن تنازلات حقيقية بشأن هذه القضايا الخلافية .
وما يزيد الطين بلة أن الولايات المتحدة امتنعت بشكل متواصل عن استخدام نفوذها الكبير لإجبار "إسرائيل" على تغيير مسارها، نظراً للقوة السياسية التي يتمتع بها اللوبي المؤيد ل"إسرائيل" داخل الولايات المتحدة، خاصة لجنة الشؤون العامة الأمريكية - "الإسرائيلية" (أيباك) . ومن اللافت للنظر أن كيري عَين مارتن إنديك وهو مواطن أسترالي بريطاني المولد بدأ حياته السياسية في الولايات المتحدة بالعمل لدى (أيباك) في أوائل ثمانينات القرن العشرين مديراً للتسهيلات .
وهناك عقبة أخرى تحول دون التوصل إلى اتفاق سلام، وتتمثل في الانقسام بين غزة التي تسيطر عليها حركة حماس والضفة الغربية التي تسيطر عليها منظمة فتح . وتمتد جذور هذا الانقسام أيضاً إلى التعنت الأمريكي و"الإسرائيلي" وعلى وجه التحديد رفضهما قبول فوز حماس في انتخابات 2006 والاعتراف بها ممثلة شرعية لفلسطين . وقد شجعت هذه السياسة فتح على عدم التنازل عن السلطة لحماس في الضفة الغربية، الأمر الذي أدى إلى توليد الانقسام في فلسطين المحتلة .
بيد أن هذا الانقسام لم يكن يشكل عقبة كبيرة في أحدث جولة من المفاوضات، لأن حماس تنحت جانباً، فلم تشارك ولم تسع إلى القيام بدور المفسد . ولعل هذا القرار كان نابعاً من افتراض مفاده أن المحادثات سوف تنهار لا محالة، وهذا من شأنه بالتالي أن يضعف مكانة السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها فتح . وأياً كان الأمر فلا أحد يستطيع أن يعزو الانقسام بين الفلسطينيين إلى فشل المحادثات هذه المرة .
ويعيدنا هذا إلى الاستعمار "الإسرائيلي" المستمر للأراضي الفلسطينية، والذي يستبعد إمكانية تفعيل حل الدولتين . أضف إلى هذا إصرار اليمين "الإسرائيلي" على استحالة تقديم أي تنازلات في القضايا المتعلقة بالأراضي أو القدس أو حق العودة للفلسطينيين، ومن والواضح أن كيري لم يحظ حقاً بأية فرصة .
ولعل الإشارة الأكثر وضوحاً لعناد "إسرائيل" وتصلبها جاءت على لسان وزير اقتصادها نافتالي بينيت في يوليو/ تموز الماضي، عندما أعلن: "لقد وصلت فكرة وجوب إنشاء دولة فلسطينية داخل أراضي "إسرائيل" إلى طريق مسدود . والأمر الأكثر أهمية بالنسبة لأرض "إسرائيل" هو البناء ثم البناء ثم بناء (المستوطنات اليهودية)" .
ومن عجيب المفارقات هنا أن أي مراقب فلسطيني فَطِن قد يشعر بالارتياح إزاء فشل أمريكا في منع "إسرائيل" من توسيع مستوطناتها (وبالتالي ضم حصة متزايدة من الأراضي الفلسطينية فعلياً)، لأن فشلها هذا ينهي التمثيلية الهزلية التي قامت عليها عملية السلام حتى الآن . وتتلخص النتيجة الأكثر ترجيحاً الآن في إقامة دولة منفردة موحدة داخل حدود الانتداب البريطاني على فلسطين في عام ،1922 بما في ذلك كل "إسرائيل" القائمة في الوقت الحاضر والأراضي المحتلة .
بعبارة أخرى، تتجه "إسرائيل" وفلسطين بخطى ثابتة لا هوادة فيها نحو إقامة دولة ثنائية القومية بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط . وسوف تستند مثل هذه الدولة إلى واحد من مبدأين متضادين: المساواة في الحقوق لجميع سكانها أو شكل ما من أشكال الفصل العنصري، الذي يتسم بالسيطرة اليهودية والتبعية الفلسطينية .
والمشكلة بالنسبة للفلسطينيين هي أن "الإسرائيليين" اليهود سوف يتمتعون بنفوذ أكبر في إدارة عملية تنمية هذه الدولة الموحدة، ومن غير المرجح أن يختاروا المساواة من تلقاء أنفسهم . ذلك أن منح جميع المواطنين الحقوق السياسية والمدنية المتساوية يعني الانتقاص من الطابع اليهودي القسري للبلاد، والنكوص على الأهداف والإنجازات الصهيونية وهي النتيجة التي لن تكون مقبولة لدى أغلب السكان اليهود في "إسرائيل" . ولن يكون احتفاظ هذه الدولة باسم "إسرائيل" كافياً للتخفيف من هذه المقاومة .
وسوف يستجيب المجتمع الدولي لقيام دولة فصل عنصري في الأرجح بازدراء "إسرائيل" ونبذها، بصرف النظر عن الاحتجاجات الأمريكية . وعلاوة على ذلك، من المحتم أن يمتد الصراع داخل مثل هذه الدولة إلى خارج حدودها، وربما يشعل شرارة نزاع إقليمي عظيم . وهذا من شأنه أن يفرض عواقب خطرة على الولايات المتحدة وغيرها من أنصار "إسرائيل" المخلصين في الغرب والذين تدفعهم مصالح استراتيجية واقتصادية كبرى في المنطقة .
وعلى هذا فقد حان الوقت لكي تعيد الولايات المتحدة النظر في سياستها تجاه الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني . وبدلاً من ملاحقة سراب حل الدولتين، ينبغي لها أن تستخدم نفوذها في المنطقة لتمهيد الطريق لنشوء دولة ديمقراطية ثنائية القومية تضمن المساواة السياسية والمدنية الكاملة لجميع سكانها . وقد لا يكون هذا حلاً مثالياً لأي من أطراف الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني، ولكنه أفضل كثيراً من البديل: دولة الفصل العنصري التي من المرجح أن تزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وأن تؤدي إلى حلقة مفرغة لا نهاية لها من الصراع في المنطقة .
الحل هو "الحل"
أمجد عرار/الخليج
مع كل جولة مفاوضات فاشلة يصدر تهديد عن مسؤولين فلسطينيين بحل السلطة، وإعادة العهدة القانونية للاحتلال في تولي شؤون الفلسطينيين كشعب تحت الاحتلال . ومع كل تهديد كهذا تنشط التكهنات ويجد المحللون فرصة للاستعراض على الفضائيات، منهم من يكمل لهجة التهديد ويدور في فلكه التكتيكي، ومنهم من يحذّر من خطورة هكذا خطوة وكأن الجبن السياسي قدراً يريدون فرضه على شعب مناضل . وهناك من طالب قبل خمسة عشر عاماً بحل السلطة بعدما تبيّن انها السقف الأعلى الذي حدّدته "إسرائيل" للتسوية السياسية، بل إن هناك من رفض الحل السياسي بمجمله الذي أفضى إلى إنشاء السلطة، باعتبار أن الصيغة السياسية بطبعتها الأمريكية المتمثّلة باتفاقات أوسلو، لم تكن حلاً بقدر ما كانت مخرجاً للاحتلال الذي جنى الثمن انفتاحاً على دول كانت تغلق أبواب العلاقات أو التطبيع في وجهه، في حين تغيّر شكل الاحتلال مع إيلاء بعض المهمات الخدماتية للسلطة الفلسطينية، علماً بأن الخدمات المنقولة كانت عبئاً على "إسرائيل"، وسقطت عن كاهلها .
القضية الفلسطينية بالأساس قضية وطنية سياسية، قضية وجودية لشعب اقتلع من أرضه في واحدة من أبشع النكبات في تاريخ الشعوب، وليست قضية خدماتية يمكن حلها بتولي ملفات التعليم والصحة وتنظيف الشوارع، وكل ذلك على جزء من الأرض ومن دون سيادة حقيقية أو حتى شبه حقيقية . القضية في جوهرها بدأت تتمثّل في تحويل أغلبية الشعب الفلسطيني إلى لاجئين في أصقاع الأرض، الملايين منهم يتجاورون مع القوارض والذباب في مخيمات لا تصلح لمرور البشر منها، فما بالكم بالإقامة . وللتذكير، فإن القضية الفلسطينية بدأت وحملت هذا الاسم بعد نكبة عام ،1948 وليس بعد احتلال الضفة وغزة وشرق القدس عام ،1967 وحتى لو سلّمنا بمشروع الإجماع الفلسطيني حول الحل المرحلي المتمثّل بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ال67 وعاصمتها القدس، فإن حق العودة وفق القرار الدولي 194 هو جزء من الحل المرحلي، فأين قضية اللاجئين وحق العودة من المفاوضات والصيغ التي وقّعت في أوسلو والقاهرة وطابا، وأنشئت السلطة بموجبها؟ . وقبل ذلك، القدس أخرجتها "إسرائيل" من التداول، والدولة لم تعد سوى ديباجة خطابات ومقررات قمم ومجالس، والأرض لا يسمع أحد صرخاتها بفعل هدير الجرافات الاستيطانية . حتى الأسرى ما زال منهم خمسة آلاف خلف القضبان، وما زال الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين كل ليلة في مدن الضفة وقراها ومخيماتها، وما زال يقصف غزة ويجتاح أطرافها بين الحين والآخر، بل ويرسل طائرات من دون طيار لاغتيال الفلسطينيين في عمق غزة .
كل هذا الواقع ما زال محفوراً في كبد الشعب الفلسطيني بعد إحدى وعشرين سنة من توقيع اتفاق أوسلو، وما زال هناك من الفلسطينيين من يضع فشل المفاوضات في صيغة شرطية ليقول لنا كلّما دق الكوز بالجرة "إذا فشلت المفاوضات" . ما هي معايير ومحددات الفشل إذن؟، هل يتجلى الفشل بوصول الجرافات إلى الطاولة التي يجلس عليها المفاوضون الفلسطينيون كي يتذكروا أن هذه الجرافات ومعها الدبابات والطائرات بلا طيار هي مَن يترجم المعاني الكامنة في اتفاقات تحمل زوراً عنوان السلام؟ . مع ذلك، فليرح المحللون أنفسهم، لأن الحل الأولي الوحيد الذي يبدأ بحل السلطة، لن يبدأ .
استئناف مفاوضات الذئب والحمل
إبراهيم البحراوي/المصري اليوم
أعتقد أن أفضل تشبيه للمفاوضات الحالية الجارية تحت إشراف الراعى الرسمى للأطماع الإسرائيلية هو تشبيه مفاوضات الذئب والحمل. لقد تم سوق الحمل الفلسطينى إلى مذبح هذه المفاوضات قسراً، ونزعوا عنه ورقة التوت التى كان يستر هشاشته بها، وهى شرط تجميد الاستيطان الإسرائيلى لاستئناف المفاوضات.
حدد الذئب الإسرائيلى إملاءاته للدخول فى المفاوضات، وأهمها لا لتكميم أنياب الاستيطان أثناء التفاوض، ولا شروط مسبقة من جانب الفلسطينيين، وهذا يعنى إلغاء مرجعية الأرض مقابل السلام وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، ليتمكن من طرح أطماعه دون قيود.
ولكى يوفر الراعى الأمريكى ستراً للموقف الرسمى الفلسطينى أمام شعبه، أقنع إسرائيل بإطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين على عدة دفعات.
وعندما اقترب موعد إطلاق الدفعة الأخيرة امتنع الإسرائيليون عن التنفيذ إلا إذا تحققت لهم مطالب جديدة، أهمها مواصلة المفاوضات بعد موعد انتهائها آخر شهر إبريل لتتواصل عملية نهش الضفة تحت ستارها. لقد تلقيت نداء صادرا من جماعة من الأكاديميين الفلسطينيين موجهاً إلى الرئيس محمود عباس عن طريق مركز مسارات، وهو المركز الفلسطينى لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية.
اسمحوا لنا فى مصر أن نطالع جزءاً من نص هذا النداء، لنتعرف على طبيعة المأزق الذى تعانيه الحقوق الفلسطينية. يقول الأكاديميون مخاطبين عباس: «لقد أصبح جلياً لنا ولعدد كبير من المراقبين أنك ومعك القيادة الفلسطينية تواجهان خطر الوقوع فى فخ يصعب الخروج منه، ويتوجب التصرف بسرعة لاتقاء هذا الوضع المستحيل. نطالبك بالمبادرة وبسرعة بدل انتظار اللحظة الحتمية التى سيتم فيها تقديم مشروع لك يتناقض تماماً مع الحقوق الأساسية للشعب الفلسطينى، ويقدم للعالم على أنه مشروع أمريكى محايد، بينما هو وبدون أى شك قد تم التوصل إليه بالتشاور مع الحكومة الإسرائيلية.
فى هذه الحالة لن يكون أمامك خيار سوى رفض هذا المشروع، مما يتيح للولايات المتحدة وإسرائيل مرة أخرى الادعاء بأنك والشعب الفلسطينى عقبة فى طريق السلام. بدلاً من الانتظار ندعوك، وبشكل وقائى وقبل إعلان جون كيرى مشروع الإطار الأمريكى، إلى الإعلان عن بيان مبادئ واضح يلتزم بمعادلة سلام قائمة على حقوق وحاجات الشعب الفلسطينى المعترف بها دولياً».
إن هذه النصيحة من الأكاديميين الفلسطينيين تعكس المأزق المركب. فما قيمة هذا البيان المطلوب من الرئيس الفلسطينى؟ وما وزن المبادئ التى سيطرحها ما بقى ميزان القوى التفاوضى مائلاً لصالح الذئب وراعيه الرسمى؟! على أى حال دعونا نواصل التعرف على أفكار هؤلاء الأكاديميين الفلسطينيين. إنهم ينتقدون فى فقرة تالية الأسس التى تقوم عليها المفاوضات الحالية، وكأن محمود عباس هو الذى وضعها برضاه، ولم تمل عليه تحت الضغوط الأمريكية والتهديدات بقطع المعونات الاقتصادية الأوروبية والأمريكية، بل قطع مستحقات السلطة لدى إسرائيل من أموال الجمارك.
يصف الأكاديميون بحق هذه المفاوضات بأنها مثل كل المفاوضات السابقة، تستبعد، وتتجاهل الحق الفلسطينى الأساسى فى تقرير المصير والانسحاب الإسرائيلى لحدود ما قبل عام 1967، دون تغيير أو تعديل وإزالة كل المستعمرات والمستوطنين المستعمرين من الضفة والقدس، والاعتراف بالسيادة الفلسطينية على كامل القدس الشرقية وحق السيطرة والسيادة الفلسطينية على الحدود والأجواء والمياه والمصادر الطبيعية الأخرى. فما يتم نقاشه على طاولة المفاوضات ليس دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة حتى فيما تبقى من فلسطين التاريخية من أجزاء مقطعة الأوصال يجرى تفاوض شكلى حول مستقبلها. على العكس من ذلك، ما يتم البحث فيه هو هيكل لكيان زائف يتعارض كلياً حتى مع أبسط حقوق وحاجات الأقلية من الشعب الفلسطينى التى تقطن الأراضى المحتلة عام 1967.
لا أحد يجادل هؤلاء الأكاديميين الفلسطينيين فيما يقولون فهو رصد ووصف لواقع أصبح معلوماً للكافة، وبالتالى، فالسؤال هو: ما البديل الذى يطرحه هؤلاء على الرئيس عباس؟! البديل هو إعلان القطع النهائى مرة وللأبد مع نهج مفاوضات بلا بداية والتى تم التأسيس لها فى أوسلو، ثم البدء بحوار وطنى جديد بين الفلسطينيين حول مستقبل وأهداف النضال الفلسطينى. وأخيراً مطالبة عباس بالعمل فوراً على عقد المجلس الوطنى الفلسطينى، بعد أن تتم إعادة تشكيله ديمقراطياً، ويعهد إليه الإشراف على صياغة مسار جديد لسلام عادل ودائم.
إن الباحث هانى المصرى من مركز مسارات يطلب أن يتزامن بدء الحوار الوطنى مع جعل لجنة تفعيل منظمة التحرير إطاراً قياديا مؤقتاً، لتكون ممثلة للفلسطينيين أينما كانوا.
إن هذا الطرح لا يتناقض مع القرارات التى أصدرها المجلس الوطنى الفلسطينى تباعاً منذ عام 1974، والتى تراجعت عن شعار «التحرير من النهر إلى البحر» والاكتفاء بإقامة دولة فلسطينية فى الضفة وغزة.
لكنه بالتأكيد يمنح محمود عباس قوة إضافية نابعة من مجلس وطنى جديد ممثل لكل الفلسطينيين. إن هناك جماعة فلسطينية أخرى تقترح على عباس قطع المفاوضات والتوجه للأمم المتحدة، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة، وتهدد السلطة بعقوبات فى حالة الإقدام عليه، وهناك جماعة ثالثة تطالب بإعلان حل السلطة والتخلى عن الأبهة الفارغة لتحميل إسرائيل مسؤوليتها عن رعاية الضفة وشعبها كسلطة احتلال وإطلاق حرية الشعب فى المقاومة، وهو أمر يخشاه عباس فى ضوء النتائج المريرة لانتفاضة الأقصى، فهل يفرز العقل الفلسطينى حلا مختلفاً مثمراً؟!
«الإخوان المسلمون» الصمّ البُكم
حازم صاغية/الحياة اللندنية
لا ينسى ذوو الإلفة مع تاريخ الحركات الشيوعية وسجالاتها، ذاك الضجيجَ الذي أحدثه المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي في 1956، حين قال بإمكان الطريقين السلمي البرلماني و«اللارأسمالي» إلى الاشتراكية، ذاك أن فرضية كهذه تستبطن أن جهاز الدولة قابل لأن يكون حيادياً حيال صراع الطبقات، وهو ما يناقض جوهرياً فكرة لينين عن الدولة كأداة في يد الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج. آنذاك كانت الصين الماوية رأس رمح الهجوم على عالم ما بعد ستالين السوفياتي وما رأت فيه من تفريط وانحراف.
بعد 17 سنة تجدد النقاش إياه، ففي 1973 حين أطاح انقلاب عسكري حكومة اشتراكية منتخبة ديموقراطياً في تشيلي، وجد الماويون وباقي نقاد الموقف السوفياتي ضالتهم وثأرهم: ألم نقل لكم إن الدولة جهاز طبقي منحاز لا يذعن بهذه السهولة لما يقرره البرلمان؟!
السجالان اللذان أعقبا 1956 و1973 ألّفا مكتبة ضخمة لم تقتصر أعمالها على التأويل النظري والتعقيب السياسي، فإلى ذلك عبّر السجالان عن السعي إلى فهم المحنة التي تطاول الشيوعيين وحلفاءهم وإلى استيعابها تمهيداً للرد عليها، فقبل أن يُلم بيساريي تشيلي «البرلمانيين» ما ألمَّ، كان عبد الناصر «اللارأسمالي» قد أعمل سيفه برقاب الشيوعيين المصريين والسوريين.
يُستشهد بتلك التجربة للمقارنة بالمحنة التي يعيشها راهناً «الإخوان المسلمون»، والتي بدأت تتعدى مصر وبعض البلدان العربية إلى... بريطانيا! مع ذلك لا يبدو أن ثمة ميلاً،لدى «الإخوان» للتفاعل مع محنتهم يفوق ما أبدوه في التفاعل مع محنهم السابقة والتعلم منها،
ففي الماضي لم تكفِ كتب المذكرات وكتب الهجاء والسب للحكام «الطواغيت»، ناهيك عن الأعمال المطولة التي «تفضح» المؤامرات الشيطانية على المسلمين، واليوم -وبالمعنى نفسه- لا يكفي الصمت المقرون بعدم الاستماع إلى ما يجري خارج البيئة «الإخوانية»، فالتوكيد على معارضة الحكم «الانقلابي» وعلى امتلاك الشرعية، مصحوباً بإبداء النيات السلمية المتعففة عن العنف، لا يزن شيئاً قياساً بما تزنه محنة «الإخوان» الراهنة، فأين النقاش لتجربتهم في السلطة في غير دولة، ولمدى صلاحية الأفكار التي رافقتهم ولا زالت ترافقهم، فعبدت لهم طريق الحكم السهل قبل أن تعبد لهم طريق المحكومية الصعبة. ألا يستحق القمع القاسي، قتلاً وسجناً ومصادرة للأموال، تناولاً معمقاً لكيفية فهمهم السياسة وللتحديات المطروحة على فهمهم هذا؟ ألن تظهر أصوات «إخوانية» تراجع تجاربهم مع ثورات «الربيع العربي» وترسم الخطوط الفاصلة بينهم وبين القوى الإسلامية الأشد راديكالية؟
وهذا مطلب مُلح ليس فقط لأن «الإخوان المسلمين» طرف فاعل وبارز في شؤون المنطقة ووجهتها، بل أيضاً لأن ترك السياسة محكومة بثنائية الاستبداد العسكري والإرهاب التكفيري خطر على الجميع. وكم كانت الحمولة الرمزية مثقلة بالدلالات حين تزامن إعلان الفوز «الكاسح» لعبد العزيز بوتفليقة رئيساً جزائرياً للمرة الرابعة وشن الإرهابيين الجهاديين هجوماً في تيزي أوزو أودى بأحد عشر جندياً وأصاب آخرين؟
لكن الجسم «الإخواني»، على عكس الجسم الشيوعي ما بين 1956 و1973، لا يناقش تجاربه بما قد يجنبه المحن، ولا يسمع ما يقال، لأنه ممتلئ بقوله العتيق عتق الحرفة البائدة في زمن صناعي. إنه أبكم وأصم، وعلى من تقرأ مزاميرك يا داوود؟
العودة إلى الاحتلال
طارق مصاروة/الرأي الأردنية
»الأقصى« في قلب مؤامرات الاحتلال
رأي البيان الإماراتية
أوقفوا المفاوضات مع إسرائيل!
كلوفيس مقصود/السفير
نهاية حل الدولتين
محمد أيوب/الخليج
الحل هو "الحل"
أمجد عرار/الخليج
استئناف مفاوضات الذئب والحمل
إبراهيم البحراوي/المصري اليوم
«الإخوان المسلمون» الصمّ البُكم
حازم صاغية/الحياة اللندنية
العودة إلى الاحتلال
طارق مصاروة/الرأي الأردنية
لم تعطِ اتفاقية أوسلو أيّة مرحلية للدولة الفلسطينية الكاملة. وهذا يعرفه الرئيس عباس، لأنه القيادي الذي تابع المفاوضات السرية، وهو الذي تولى اقناع عرفات، ومركزية فتح في اجتماع مشهود قال فيه أبو مازن: هذه الاتفاقية إما أن توصلنا إلى الدولة أو إلى الكارثة!
أوسلو تحدثت عن «سلطة الحكم الذاتي الإداري» وقسّمت الضفة إلى مناطق أ وهي تُدار بسيطرة إدارية وأمنية. وب وهي تدار بسيطرة إدارية ويبقى الأمن بيد إسرائيل. ومنطقة ج، وتكون إدارتها وأمنها بيد إسرائيل. وهي المنطقة الأوسع، والأقل سكاناً.
لقد حدّدت أوسلو مدة الحكم الذاتي الإداري مدة خمس سنوات. يتقرّر بعدها مستقبل الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والقدس.. ويتقرّر بالتوافق! وبمساعدة الولايات المتحدة الأميركية التي وقعت كشاهد ولم توقع كضامن، كما كان الحال في كامب ديفيد ووادي عربة!
المهم أن السيد عرفات أول رئيس للسلطة غيّر الاسم للسلطة الوطنية. وأكثر من السجاد في مطار غزة، ومن فرق الاستقبال والوداع له بمراسم عسكرية. وكان رحمه الله يركز على النشيد والعلم.. والرئيس ليقنع الشعب بأن القادم هو الدولة لكنه بهذا لم يقنع الإسرائيليين الذين أرادوا منذ البداية ابقاء الحكم الذاتي الإداري.. وجعل المفاوضات لا تنتهي. وحين تم الهجوم على السلطة ومؤسساتها وقيادتها. كان الهدف من ذلك، ومن الحصار الذي احتجزه فيه الرئيس عرفات هو اقناع القيادة الفلسطينية بأن الدولة تحتاج إلى حكم ذاتي.. طويل!
الآن، يهدّد الرئيس محمود عباس بـ»تسليم المفاتيح» لسلطات الاحتلال، لأن الاستمرار في لعبة التفاوض أصبحت مملّة إلى حد لا يُطاق!
وتسليم المفاتيح معناه إعادة المنطقة إلى الاحتلال: إدارة، وأمناً.. وانتفاضات! ومثل هذا التهديد يجب أن يُنظر إليه نتنياهو (وأوباما) نظرة جادة جداً. فأبو مازن يذكرنا بخطاب الرئيس مصطفى النحاس حين ألغى في خطاب بمجلس النواب معاهدة عام 1936 مع بريطانيا بقوله:
لقد وقعت اتفاقية 36 من أجل مصر، وأنا ألغُيها الآن (عام 1951) باسم مصر. فمحمود عباس هو الذي كان وراء اتفاقية أوسلو.. وهو قادر على إلغائها. فالثائر القديم يستطيع أن يقوم بالدور.. دور رئيس السلطة بكل ما يترتب على هذه المسؤولية. لكنه قادر على فك ربطة العنق وإلقائها.. والعودة إلى القيادة السريّة!!.
الرجل له قدرة على الصبر، فهو يناور ويرفض ويعود يقبل. لكن صبره ليس دائماً! فهو يريد أن يصل بإسرائيل إلى فضيحة إسرائيل باحتلال عسكري يجعلها الوحيدة التي تمارس الاحتلال في هذا العالم، والوحيدة التي تحكم شعباً بالاباريتيهايت!
»الأقصى« في قلب مؤامرات الاحتلال
رأي البيان الإماراتية
يواصل المستوطنون الإسرائيليون وعناصر شرطة الاحتلال عمليات اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى المبارك، التي بدأوها خلال الايام الماضية بمناسبة ما يسمى «عيد الفصح» اليهودي.
فيما يؤمّن الاحتلال غطاء لتلك الانتهاكات بالاعتداء على المصلين والمرابطين في المسجد، وشن حملة اعتقالات واسعة في صفوفهم، ما يدق ناقوس خطر جديد بأن المسجد الأقصى بات أكثر فأكثر في قلب مؤامرات الاحتلال غير المنتهية.
ورغم تحذير أوساط إسرائيلية وغير إسرائيلية من خطورة تدهور الوضع الميداني في الأراضي الفلسطينية، لاسيما في المدينة المقدسة وفي مسجدها المبارك، الذي يرافقه انسداد شبه تام في أفق مفاوضات التسوية التي ترعاها الولايات المتحدة، إلا أن حكومة الاحتلال التي يقودها اليمين المتطرف تواصل دعمها لتحركات المستوطنين الاستفزازية.
بل إنها هي من تقودها في أغلب الأحيان، باقتحامات متكررة يتقدمها قادة اليمين، ومن بينهم نائب رئيس الكنيست المتطرف موشيه فيغلين، وكذلك بسعيها المتواصل من خلال نوابها في الكنيست إلى تمرير مشاريع قوانين تؤمن غطاء تاما لتلك الانتهاكات، وتضع حجر أساس متيناً في تنفيذ مخطط تقسيم المسجد المبارك زمانيا ومكانيا، الذي سيشعل حرباً دينية في المنطقة لا تحمد عقباها.
تلك الانتهاكات الصارخة بحق أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين تتطلب وقفة وحراكا عربيا إسلاميا جادا من أجل مواجهة المؤامرات التي تحاك ضد المسجد، ومن أجل الوقوف في وجه سياسة تهويده وتهويد المدينة المقدسة، حيث بدأت السلطات الإسرائيلية منذ وقت بعيد تنفيذ مخططها في الحرم القدسي الشريف تدريجيا.
أولاً من خلال توفير غطاء أمني لقطعان المستوطنين والمتطرفين لاقتحامه وإقامة صلواتهم التلمودية في باحاته، دون أدنى اعتبار لحرمة وقدسية هذا الرمز الديني والحضاري، ثم من خلال تغوّل جيش الاحتلال على المصلّين والمرابطين وطلاب العلم، ومنع موظفي وزارة الأوقاف الفلسطينية من التواجد في ساحاته، فضلا عن المطالب المتكررة بفرض السيادة اليهودية عليه بدلاً من الأردنية.
أوقفوا المفاوضات مع إسرائيل!
كلوفيس مقصود/السفير
في الوقت الذي لا تزال فيه «المفاوضات» بين «منظّمة التحرير الفلسطينيّة» وإسرائيل متعثّرة في ظل غياب دلائل على نتيجة عادلة وموثوقة في المستقبل القريب، نشرت مجموعة أميركيّين بارزين، هم زبيغنيو بريجينسكي وفرانك كارلوتسي وتيم هاميلتون وكارلا أ. هيلز وتوماس بيكيرينغ وهنري سيغمان، مقالاً في 8 نيسان/أبريل على موقع «بوليتيكو» الإلكترونيّ الإخباريّ بعنوان «اثبت على موقفكَ، جون كيري». وأشارت المجموعة في مقالها، في ما يتعلّق بالمستوطنات، إلى أنّ «تعليق العمليّة الديبلوماسيّة في تاريخ محدّد إلى أن تمتثل إسرائيل للقانون الدوليّ والاتّفاقات السابقة، من شأنه أن يساعد على وقف هذا النشاط وأن يبرّر قرار هذا التعليق».
ماذا يعني ذلك؟ فيما تعارض الولايات المتّحدة الأميركيّة المستوطنات وتعتبر توسيعها «غير شرعيّ» و«غير مساعِد»، اعتبر كاتبو المقال أنّ موقفها هذا «لا يحدّد بأيّ شكل من الأشكال طبيعة هذا النشاط التدميريّة، ولا يبدّد الانطباع بأنّنا وافقنا عليه في نهاية المطاف برغم اعتراضنا الشفهيّ عليه».
الامتثال للقانون الدوليّ؟ فلتعترف إسرائيل وتقرّ بأنّها، بحسب تعريف القانون الدوليّ، تحتلّ الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة وغزّة. لم تحصل أيّ إدارة أميركيّة حتّى اليوم على هذا الاعتراف من إسرائيل، ما يفسّر فشل «المحادثات» المتعدّدة التي جرت قبل أوسلو ومنذ أوسلو، بما في ذلك المحادثات الجارية حاليّاً بناء على مبادرة كيري.
يلحظ القانون الدوليّ أن تكون إسرائيل خاضعة لشروط اتّفاقية جنيف الرابعة، لكنّها ليست كذلك. وليست المفاوضات رحلة صيد يستكشف فيها الفلسطينيّون ما إذا كان لديهم الحقّ في تقرير مصيرهم وإنشاء دولة مستقلّة. فالمفاوضات تعني، مبدئيّاً، التوافق على النتيجة. وفي هذه الحال، النتيجة هي حلّ الدولتين مع إعلان القدس الشرقيّة عاصمة لفلسطين. وعندما يتحقّق ذلك، تصبح المفاوضات موجّهة نحو النتيجة بما يتماشى مع القانون الدوليّ وقرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة.
يتطرّق المقال الذي نٌشر على موقع «بوليتيكو» إلى الكثير من المسائل التي تجعل المحادثات، أي المفاوضات المزعومة، عقيمة، واحتمال التوصّل إلى نتيجة موثوقة معدوماً. وفيما يشيد المقال بجهود وزير الخارجيّة جون كيري، يذكّرنا بادّعاءات إسرائيل بأنّ الضفّة الغربيّة هي «أرض متنازع عليها»، بدلاً من أرض محتلّة.
ألا يتعيّن على المكتب القانونيّ التابع لوزارة الخارجيّة الأميركيّة أن يوضح هذا الموقف بطريقة تحفظ مصداقيّة الحكومة الأميركيّة في ما يتعلّق بالتزامها التوصّل إلى نتيجة مقبولة من الطرفين؟ أتساءل إن أجرى هذا المكتب يوماً دراسة جديّة لتوجيه الجهود الأميركيّة في هذه العمليّة ولتزويد وزارات الخارجيّة الأميركيّة بتحليل مهمّ لقرار محكمة العدل الدوليّة المتعلّق بجدار الفصل المبنيّ في داخل حدود الضفّة الغربيّة وعلى طولها. إذا كان المكتب قد أجرى هذه الدراسة بالفعل ولم تلتزم وزارات الخارجيّة بها، فإنّ ذلك يشكّل للأسف تعبيراً واضحاً عن فشل عمليّات السلام التي تديرها الولايات المتّحدة حصريّاً وهو فشل سمح بتلك الانتهاكات الواضحة للقانون الدوليّ.
إنّ هذا النداء الموجّه إلى الفلسطينيّين أُطلق في وقت مناسب، وإن كان متأخّراً. وللرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس أقول، أوقِف محادثات السلام إلى أن تمتثل إسرائيل للقانون الدوليّ.
نهاية حل الدولتين
محمد أيوب/الخليج
يبدو أن الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإنقاذ عملية السلام "الإسرائيلية" الفلسطينية على وشك أن تنتهي بالفشل . ورغم أن التوصل إلى تسوية حقيقية كان دوماً أضغاث أحلام، فإن خيبة الأمل الأخيرة هذه تجعل الولايات المتحدة عاجزة عن الحفاظ حتى على وهم "عملية السلام" التي كانت كلها عملية فقط من دون سلام . بيد أن هذا قد لا يكون أمراً سيئاً للغاية .
الواقع أن المفاوضات تبوء بالفشل لأسباب عدة، بدءاً باستمرار الاستعمار "الإسرائيلي" للأراضي المحتلة عام 1967 على الرغم من معارضة المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة . بل إن "إسرائيل" عَجلَت بوتيرة بناء المستوطنات منذ بدأت أحدث جولة من المحادثات، في حين صَعدَت مطالبها، خاصة فيما يتعلق بتمركز القوات "الإسرائيلية" في وادي الأردن . ومن الواضح أن الإفراج عن بضع عشرات من السجناء الفلسطينيين ليس بديلاً عن تنازلات حقيقية بشأن هذه القضايا الخلافية .
وما يزيد الطين بلة أن الولايات المتحدة امتنعت بشكل متواصل عن استخدام نفوذها الكبير لإجبار "إسرائيل" على تغيير مسارها، نظراً للقوة السياسية التي يتمتع بها اللوبي المؤيد ل"إسرائيل" داخل الولايات المتحدة، خاصة لجنة الشؤون العامة الأمريكية - "الإسرائيلية" (أيباك) . ومن اللافت للنظر أن كيري عَين مارتن إنديك وهو مواطن أسترالي بريطاني المولد بدأ حياته السياسية في الولايات المتحدة بالعمل لدى (أيباك) في أوائل ثمانينات القرن العشرين مديراً للتسهيلات .
وهناك عقبة أخرى تحول دون التوصل إلى اتفاق سلام، وتتمثل في الانقسام بين غزة التي تسيطر عليها حركة حماس والضفة الغربية التي تسيطر عليها منظمة فتح . وتمتد جذور هذا الانقسام أيضاً إلى التعنت الأمريكي و"الإسرائيلي" وعلى وجه التحديد رفضهما قبول فوز حماس في انتخابات 2006 والاعتراف بها ممثلة شرعية لفلسطين . وقد شجعت هذه السياسة فتح على عدم التنازل عن السلطة لحماس في الضفة الغربية، الأمر الذي أدى إلى توليد الانقسام في فلسطين المحتلة .
بيد أن هذا الانقسام لم يكن يشكل عقبة كبيرة في أحدث جولة من المفاوضات، لأن حماس تنحت جانباً، فلم تشارك ولم تسع إلى القيام بدور المفسد . ولعل هذا القرار كان نابعاً من افتراض مفاده أن المحادثات سوف تنهار لا محالة، وهذا من شأنه بالتالي أن يضعف مكانة السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها فتح . وأياً كان الأمر فلا أحد يستطيع أن يعزو الانقسام بين الفلسطينيين إلى فشل المحادثات هذه المرة .
ويعيدنا هذا إلى الاستعمار "الإسرائيلي" المستمر للأراضي الفلسطينية، والذي يستبعد إمكانية تفعيل حل الدولتين . أضف إلى هذا إصرار اليمين "الإسرائيلي" على استحالة تقديم أي تنازلات في القضايا المتعلقة بالأراضي أو القدس أو حق العودة للفلسطينيين، ومن والواضح أن كيري لم يحظ حقاً بأية فرصة .
ولعل الإشارة الأكثر وضوحاً لعناد "إسرائيل" وتصلبها جاءت على لسان وزير اقتصادها نافتالي بينيت في يوليو/ تموز الماضي، عندما أعلن: "لقد وصلت فكرة وجوب إنشاء دولة فلسطينية داخل أراضي "إسرائيل" إلى طريق مسدود . والأمر الأكثر أهمية بالنسبة لأرض "إسرائيل" هو البناء ثم البناء ثم بناء (المستوطنات اليهودية)" .
ومن عجيب المفارقات هنا أن أي مراقب فلسطيني فَطِن قد يشعر بالارتياح إزاء فشل أمريكا في منع "إسرائيل" من توسيع مستوطناتها (وبالتالي ضم حصة متزايدة من الأراضي الفلسطينية فعلياً)، لأن فشلها هذا ينهي التمثيلية الهزلية التي قامت عليها عملية السلام حتى الآن . وتتلخص النتيجة الأكثر ترجيحاً الآن في إقامة دولة منفردة موحدة داخل حدود الانتداب البريطاني على فلسطين في عام ،1922 بما في ذلك كل "إسرائيل" القائمة في الوقت الحاضر والأراضي المحتلة .
بعبارة أخرى، تتجه "إسرائيل" وفلسطين بخطى ثابتة لا هوادة فيها نحو إقامة دولة ثنائية القومية بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط . وسوف تستند مثل هذه الدولة إلى واحد من مبدأين متضادين: المساواة في الحقوق لجميع سكانها أو شكل ما من أشكال الفصل العنصري، الذي يتسم بالسيطرة اليهودية والتبعية الفلسطينية .
والمشكلة بالنسبة للفلسطينيين هي أن "الإسرائيليين" اليهود سوف يتمتعون بنفوذ أكبر في إدارة عملية تنمية هذه الدولة الموحدة، ومن غير المرجح أن يختاروا المساواة من تلقاء أنفسهم . ذلك أن منح جميع المواطنين الحقوق السياسية والمدنية المتساوية يعني الانتقاص من الطابع اليهودي القسري للبلاد، والنكوص على الأهداف والإنجازات الصهيونية وهي النتيجة التي لن تكون مقبولة لدى أغلب السكان اليهود في "إسرائيل" . ولن يكون احتفاظ هذه الدولة باسم "إسرائيل" كافياً للتخفيف من هذه المقاومة .
وسوف يستجيب المجتمع الدولي لقيام دولة فصل عنصري في الأرجح بازدراء "إسرائيل" ونبذها، بصرف النظر عن الاحتجاجات الأمريكية . وعلاوة على ذلك، من المحتم أن يمتد الصراع داخل مثل هذه الدولة إلى خارج حدودها، وربما يشعل شرارة نزاع إقليمي عظيم . وهذا من شأنه أن يفرض عواقب خطرة على الولايات المتحدة وغيرها من أنصار "إسرائيل" المخلصين في الغرب والذين تدفعهم مصالح استراتيجية واقتصادية كبرى في المنطقة .
وعلى هذا فقد حان الوقت لكي تعيد الولايات المتحدة النظر في سياستها تجاه الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني . وبدلاً من ملاحقة سراب حل الدولتين، ينبغي لها أن تستخدم نفوذها في المنطقة لتمهيد الطريق لنشوء دولة ديمقراطية ثنائية القومية تضمن المساواة السياسية والمدنية الكاملة لجميع سكانها . وقد لا يكون هذا حلاً مثالياً لأي من أطراف الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني، ولكنه أفضل كثيراً من البديل: دولة الفصل العنصري التي من المرجح أن تزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وأن تؤدي إلى حلقة مفرغة لا نهاية لها من الصراع في المنطقة .
الحل هو "الحل"
أمجد عرار/الخليج
مع كل جولة مفاوضات فاشلة يصدر تهديد عن مسؤولين فلسطينيين بحل السلطة، وإعادة العهدة القانونية للاحتلال في تولي شؤون الفلسطينيين كشعب تحت الاحتلال . ومع كل تهديد كهذا تنشط التكهنات ويجد المحللون فرصة للاستعراض على الفضائيات، منهم من يكمل لهجة التهديد ويدور في فلكه التكتيكي، ومنهم من يحذّر من خطورة هكذا خطوة وكأن الجبن السياسي قدراً يريدون فرضه على شعب مناضل . وهناك من طالب قبل خمسة عشر عاماً بحل السلطة بعدما تبيّن انها السقف الأعلى الذي حدّدته "إسرائيل" للتسوية السياسية، بل إن هناك من رفض الحل السياسي بمجمله الذي أفضى إلى إنشاء السلطة، باعتبار أن الصيغة السياسية بطبعتها الأمريكية المتمثّلة باتفاقات أوسلو، لم تكن حلاً بقدر ما كانت مخرجاً للاحتلال الذي جنى الثمن انفتاحاً على دول كانت تغلق أبواب العلاقات أو التطبيع في وجهه، في حين تغيّر شكل الاحتلال مع إيلاء بعض المهمات الخدماتية للسلطة الفلسطينية، علماً بأن الخدمات المنقولة كانت عبئاً على "إسرائيل"، وسقطت عن كاهلها .
القضية الفلسطينية بالأساس قضية وطنية سياسية، قضية وجودية لشعب اقتلع من أرضه في واحدة من أبشع النكبات في تاريخ الشعوب، وليست قضية خدماتية يمكن حلها بتولي ملفات التعليم والصحة وتنظيف الشوارع، وكل ذلك على جزء من الأرض ومن دون سيادة حقيقية أو حتى شبه حقيقية . القضية في جوهرها بدأت تتمثّل في تحويل أغلبية الشعب الفلسطيني إلى لاجئين في أصقاع الأرض، الملايين منهم يتجاورون مع القوارض والذباب في مخيمات لا تصلح لمرور البشر منها، فما بالكم بالإقامة . وللتذكير، فإن القضية الفلسطينية بدأت وحملت هذا الاسم بعد نكبة عام ،1948 وليس بعد احتلال الضفة وغزة وشرق القدس عام ،1967 وحتى لو سلّمنا بمشروع الإجماع الفلسطيني حول الحل المرحلي المتمثّل بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود ال67 وعاصمتها القدس، فإن حق العودة وفق القرار الدولي 194 هو جزء من الحل المرحلي، فأين قضية اللاجئين وحق العودة من المفاوضات والصيغ التي وقّعت في أوسلو والقاهرة وطابا، وأنشئت السلطة بموجبها؟ . وقبل ذلك، القدس أخرجتها "إسرائيل" من التداول، والدولة لم تعد سوى ديباجة خطابات ومقررات قمم ومجالس، والأرض لا يسمع أحد صرخاتها بفعل هدير الجرافات الاستيطانية . حتى الأسرى ما زال منهم خمسة آلاف خلف القضبان، وما زال الاحتلال يعتقل عشرات الفلسطينيين كل ليلة في مدن الضفة وقراها ومخيماتها، وما زال يقصف غزة ويجتاح أطرافها بين الحين والآخر، بل ويرسل طائرات من دون طيار لاغتيال الفلسطينيين في عمق غزة .
كل هذا الواقع ما زال محفوراً في كبد الشعب الفلسطيني بعد إحدى وعشرين سنة من توقيع اتفاق أوسلو، وما زال هناك من الفلسطينيين من يضع فشل المفاوضات في صيغة شرطية ليقول لنا كلّما دق الكوز بالجرة "إذا فشلت المفاوضات" . ما هي معايير ومحددات الفشل إذن؟، هل يتجلى الفشل بوصول الجرافات إلى الطاولة التي يجلس عليها المفاوضون الفلسطينيون كي يتذكروا أن هذه الجرافات ومعها الدبابات والطائرات بلا طيار هي مَن يترجم المعاني الكامنة في اتفاقات تحمل زوراً عنوان السلام؟ . مع ذلك، فليرح المحللون أنفسهم، لأن الحل الأولي الوحيد الذي يبدأ بحل السلطة، لن يبدأ .
استئناف مفاوضات الذئب والحمل
إبراهيم البحراوي/المصري اليوم
أعتقد أن أفضل تشبيه للمفاوضات الحالية الجارية تحت إشراف الراعى الرسمى للأطماع الإسرائيلية هو تشبيه مفاوضات الذئب والحمل. لقد تم سوق الحمل الفلسطينى إلى مذبح هذه المفاوضات قسراً، ونزعوا عنه ورقة التوت التى كان يستر هشاشته بها، وهى شرط تجميد الاستيطان الإسرائيلى لاستئناف المفاوضات.
حدد الذئب الإسرائيلى إملاءاته للدخول فى المفاوضات، وأهمها لا لتكميم أنياب الاستيطان أثناء التفاوض، ولا شروط مسبقة من جانب الفلسطينيين، وهذا يعنى إلغاء مرجعية الأرض مقابل السلام وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، ليتمكن من طرح أطماعه دون قيود.
ولكى يوفر الراعى الأمريكى ستراً للموقف الرسمى الفلسطينى أمام شعبه، أقنع إسرائيل بإطلاق عدد من الأسرى الفلسطينيين على عدة دفعات.
وعندما اقترب موعد إطلاق الدفعة الأخيرة امتنع الإسرائيليون عن التنفيذ إلا إذا تحققت لهم مطالب جديدة، أهمها مواصلة المفاوضات بعد موعد انتهائها آخر شهر إبريل لتتواصل عملية نهش الضفة تحت ستارها. لقد تلقيت نداء صادرا من جماعة من الأكاديميين الفلسطينيين موجهاً إلى الرئيس محمود عباس عن طريق مركز مسارات، وهو المركز الفلسطينى لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية.
اسمحوا لنا فى مصر أن نطالع جزءاً من نص هذا النداء، لنتعرف على طبيعة المأزق الذى تعانيه الحقوق الفلسطينية. يقول الأكاديميون مخاطبين عباس: «لقد أصبح جلياً لنا ولعدد كبير من المراقبين أنك ومعك القيادة الفلسطينية تواجهان خطر الوقوع فى فخ يصعب الخروج منه، ويتوجب التصرف بسرعة لاتقاء هذا الوضع المستحيل. نطالبك بالمبادرة وبسرعة بدل انتظار اللحظة الحتمية التى سيتم فيها تقديم مشروع لك يتناقض تماماً مع الحقوق الأساسية للشعب الفلسطينى، ويقدم للعالم على أنه مشروع أمريكى محايد، بينما هو وبدون أى شك قد تم التوصل إليه بالتشاور مع الحكومة الإسرائيلية.
فى هذه الحالة لن يكون أمامك خيار سوى رفض هذا المشروع، مما يتيح للولايات المتحدة وإسرائيل مرة أخرى الادعاء بأنك والشعب الفلسطينى عقبة فى طريق السلام. بدلاً من الانتظار ندعوك، وبشكل وقائى وقبل إعلان جون كيرى مشروع الإطار الأمريكى، إلى الإعلان عن بيان مبادئ واضح يلتزم بمعادلة سلام قائمة على حقوق وحاجات الشعب الفلسطينى المعترف بها دولياً».
إن هذه النصيحة من الأكاديميين الفلسطينيين تعكس المأزق المركب. فما قيمة هذا البيان المطلوب من الرئيس الفلسطينى؟ وما وزن المبادئ التى سيطرحها ما بقى ميزان القوى التفاوضى مائلاً لصالح الذئب وراعيه الرسمى؟! على أى حال دعونا نواصل التعرف على أفكار هؤلاء الأكاديميين الفلسطينيين. إنهم ينتقدون فى فقرة تالية الأسس التى تقوم عليها المفاوضات الحالية، وكأن محمود عباس هو الذى وضعها برضاه، ولم تمل عليه تحت الضغوط الأمريكية والتهديدات بقطع المعونات الاقتصادية الأوروبية والأمريكية، بل قطع مستحقات السلطة لدى إسرائيل من أموال الجمارك.
يصف الأكاديميون بحق هذه المفاوضات بأنها مثل كل المفاوضات السابقة، تستبعد، وتتجاهل الحق الفلسطينى الأساسى فى تقرير المصير والانسحاب الإسرائيلى لحدود ما قبل عام 1967، دون تغيير أو تعديل وإزالة كل المستعمرات والمستوطنين المستعمرين من الضفة والقدس، والاعتراف بالسيادة الفلسطينية على كامل القدس الشرقية وحق السيطرة والسيادة الفلسطينية على الحدود والأجواء والمياه والمصادر الطبيعية الأخرى. فما يتم نقاشه على طاولة المفاوضات ليس دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة حتى فيما تبقى من فلسطين التاريخية من أجزاء مقطعة الأوصال يجرى تفاوض شكلى حول مستقبلها. على العكس من ذلك، ما يتم البحث فيه هو هيكل لكيان زائف يتعارض كلياً حتى مع أبسط حقوق وحاجات الأقلية من الشعب الفلسطينى التى تقطن الأراضى المحتلة عام 1967.
لا أحد يجادل هؤلاء الأكاديميين الفلسطينيين فيما يقولون فهو رصد ووصف لواقع أصبح معلوماً للكافة، وبالتالى، فالسؤال هو: ما البديل الذى يطرحه هؤلاء على الرئيس عباس؟! البديل هو إعلان القطع النهائى مرة وللأبد مع نهج مفاوضات بلا بداية والتى تم التأسيس لها فى أوسلو، ثم البدء بحوار وطنى جديد بين الفلسطينيين حول مستقبل وأهداف النضال الفلسطينى. وأخيراً مطالبة عباس بالعمل فوراً على عقد المجلس الوطنى الفلسطينى، بعد أن تتم إعادة تشكيله ديمقراطياً، ويعهد إليه الإشراف على صياغة مسار جديد لسلام عادل ودائم.
إن الباحث هانى المصرى من مركز مسارات يطلب أن يتزامن بدء الحوار الوطنى مع جعل لجنة تفعيل منظمة التحرير إطاراً قياديا مؤقتاً، لتكون ممثلة للفلسطينيين أينما كانوا.
إن هذا الطرح لا يتناقض مع القرارات التى أصدرها المجلس الوطنى الفلسطينى تباعاً منذ عام 1974، والتى تراجعت عن شعار «التحرير من النهر إلى البحر» والاكتفاء بإقامة دولة فلسطينية فى الضفة وغزة.
لكنه بالتأكيد يمنح محمود عباس قوة إضافية نابعة من مجلس وطنى جديد ممثل لكل الفلسطينيين. إن هناك جماعة فلسطينية أخرى تقترح على عباس قطع المفاوضات والتوجه للأمم المتحدة، وهو أمر ترفضه الولايات المتحدة، وتهدد السلطة بعقوبات فى حالة الإقدام عليه، وهناك جماعة ثالثة تطالب بإعلان حل السلطة والتخلى عن الأبهة الفارغة لتحميل إسرائيل مسؤوليتها عن رعاية الضفة وشعبها كسلطة احتلال وإطلاق حرية الشعب فى المقاومة، وهو أمر يخشاه عباس فى ضوء النتائج المريرة لانتفاضة الأقصى، فهل يفرز العقل الفلسطينى حلا مختلفاً مثمراً؟!
«الإخوان المسلمون» الصمّ البُكم
حازم صاغية/الحياة اللندنية
لا ينسى ذوو الإلفة مع تاريخ الحركات الشيوعية وسجالاتها، ذاك الضجيجَ الذي أحدثه المؤتمر العشرون للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي في 1956، حين قال بإمكان الطريقين السلمي البرلماني و«اللارأسمالي» إلى الاشتراكية، ذاك أن فرضية كهذه تستبطن أن جهاز الدولة قابل لأن يكون حيادياً حيال صراع الطبقات، وهو ما يناقض جوهرياً فكرة لينين عن الدولة كأداة في يد الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج. آنذاك كانت الصين الماوية رأس رمح الهجوم على عالم ما بعد ستالين السوفياتي وما رأت فيه من تفريط وانحراف.
بعد 17 سنة تجدد النقاش إياه، ففي 1973 حين أطاح انقلاب عسكري حكومة اشتراكية منتخبة ديموقراطياً في تشيلي، وجد الماويون وباقي نقاد الموقف السوفياتي ضالتهم وثأرهم: ألم نقل لكم إن الدولة جهاز طبقي منحاز لا يذعن بهذه السهولة لما يقرره البرلمان؟!
السجالان اللذان أعقبا 1956 و1973 ألّفا مكتبة ضخمة لم تقتصر أعمالها على التأويل النظري والتعقيب السياسي، فإلى ذلك عبّر السجالان عن السعي إلى فهم المحنة التي تطاول الشيوعيين وحلفاءهم وإلى استيعابها تمهيداً للرد عليها، فقبل أن يُلم بيساريي تشيلي «البرلمانيين» ما ألمَّ، كان عبد الناصر «اللارأسمالي» قد أعمل سيفه برقاب الشيوعيين المصريين والسوريين.
يُستشهد بتلك التجربة للمقارنة بالمحنة التي يعيشها راهناً «الإخوان المسلمون»، والتي بدأت تتعدى مصر وبعض البلدان العربية إلى... بريطانيا! مع ذلك لا يبدو أن ثمة ميلاً،لدى «الإخوان» للتفاعل مع محنتهم يفوق ما أبدوه في التفاعل مع محنهم السابقة والتعلم منها،
ففي الماضي لم تكفِ كتب المذكرات وكتب الهجاء والسب للحكام «الطواغيت»، ناهيك عن الأعمال المطولة التي «تفضح» المؤامرات الشيطانية على المسلمين، واليوم -وبالمعنى نفسه- لا يكفي الصمت المقرون بعدم الاستماع إلى ما يجري خارج البيئة «الإخوانية»، فالتوكيد على معارضة الحكم «الانقلابي» وعلى امتلاك الشرعية، مصحوباً بإبداء النيات السلمية المتعففة عن العنف، لا يزن شيئاً قياساً بما تزنه محنة «الإخوان» الراهنة، فأين النقاش لتجربتهم في السلطة في غير دولة، ولمدى صلاحية الأفكار التي رافقتهم ولا زالت ترافقهم، فعبدت لهم طريق الحكم السهل قبل أن تعبد لهم طريق المحكومية الصعبة. ألا يستحق القمع القاسي، قتلاً وسجناً ومصادرة للأموال، تناولاً معمقاً لكيفية فهمهم السياسة وللتحديات المطروحة على فهمهم هذا؟ ألن تظهر أصوات «إخوانية» تراجع تجاربهم مع ثورات «الربيع العربي» وترسم الخطوط الفاصلة بينهم وبين القوى الإسلامية الأشد راديكالية؟
وهذا مطلب مُلح ليس فقط لأن «الإخوان المسلمين» طرف فاعل وبارز في شؤون المنطقة ووجهتها، بل أيضاً لأن ترك السياسة محكومة بثنائية الاستبداد العسكري والإرهاب التكفيري خطر على الجميع. وكم كانت الحمولة الرمزية مثقلة بالدلالات حين تزامن إعلان الفوز «الكاسح» لعبد العزيز بوتفليقة رئيساً جزائرياً للمرة الرابعة وشن الإرهابيين الجهاديين هجوماً في تيزي أوزو أودى بأحد عشر جندياً وأصاب آخرين؟
لكن الجسم «الإخواني»، على عكس الجسم الشيوعي ما بين 1956 و1973، لا يناقش تجاربه بما قد يجنبه المحن، ولا يسمع ما يقال، لأنه ممتلئ بقوله العتيق عتق الحرفة البائدة في زمن صناعي. إنه أبكم وأصم، وعلى من تقرأ مزاميرك يا داوود؟