Haneen
2014-06-03, 12:47 PM
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
المصالحة الفلسطينية… ورقة تكتيكية أم تحول استراتيجي؟
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
أبعد من المصالحة.. المطلوب بداية فلسطينية جديدة؟!
بقلم: بكر عويضة عن الشرق الأوسط
اتفاق مخيم الشاطئ.. وماذا بعده
بقلم: سفيان أبو زايدة عن رأي اليوم
افتتاحية الخليج: لأن العدو يخاف من المصالحة
بقلم: أسرة التحرير عن الخليج الاماراتية
عن اجتماع المجلس المركزي
بقلم: عوني صادق عن الخليج الاماراتية
العودة إلى منظمة التحرير!
بقلم: طارق مصاروة عن الرأي الأردنية
فلسطينيو لبنان وأسئلة اللحظة..؟
بقلم: علي بدوان عن الوطن القطرية
في تفكيك العنصرية الإخوانية
بقلم: سعد القرش عن العرب اللندنية
وقف الصراعات الخليجية
بقلم: عبيدلي العبيدلي عن الأيام البحرينية
البرهان في دفاع أمريكا عن الإخوان !
بقلم: تركي الدخيل عن الرياض السعودية
هكذا يبدو موسم الانتخابات العربية عام 2014
بقلم: مارك لينش عن المصري اليوم نقلا عن واشنطن بوست
المصالحة الفلسطينية… ورقة تكتيكية أم تحول استراتيجي؟
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
اعلنت حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر صحافي مشترك عقد في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة امس الاربعاء الاتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني برئاسة الرئيس محمود عباس خلال خمسة اسابيع.
واطلق الاعلان عن الاتفاق احتفالات في شوارع غزة، مصدرها الامل في ان تكون المصالحة قابلة للتنفيذ هذه المرة، وان تفتح الباب امام انهاء الحالة المأساوية التي يعيشها القطاع. ولا يملك المراقب العربي الا ان يتمنى ان تكون هذه المصالحة ‘مختلفة حقا عن سابقاتها’، وان يكون الدافع اليها هو تحول استراتيجي مشترك نحو الالتزام بالمصلحة الوطنية العليا، وليس اللعب بها كـ ‘ورقة تكتيكة ‘ لتحقيق اهداف سياسية ضيقة، سواء على صعيد المفاوضات التي وصلت الى نهاية الطريق المسدود مع اسرائيل، او الوضع السياسي لحركة حماس في ضوء علاقاتها المعقدة مع القاهرة. فهذه ليست المرة الاولى التي يخرج فيها الفرقاء الفلسطينيون ليعلنوا انهاء الانقسام، ويلتقطوا الصور للمصافحات وتوقيع الاتفاقات، قبل ان يكتشف الجميع ان ما حدث لا يتعدى ‘مسرحية اعلامية’، اصبحت بالنسبة لكثيرين ‘مثيرة للملل’ على اقل تقدير.
وحتى اذا توافرت النوايا الحسنة لدى الطرفين، قد لا يعدم المراقب ان يجد من الاسباب الجدية والمنطقية للتشكيك في امكانية تنفيذ هذه المصالحة، وهي التي يكاد ينطبق عليها القول ‘مضطر اخاك لا بطل’ بعد ان تأخرت لسنوات طويلة. وحسب المثل الفلسطيني فان ‘الملدوغ يخاف من جرة الحبل’.
الا ان الانصاف يحتم استحضار ان الاختلاف الكبير في المعطيات السياسية هذه المرة، قد يكون كافيا لتبرير الامل في ان تكون بداية ممكنة لنهاية هذا الانقسام المشين. فالرئيس محمود عباس يمكن ان يجد في المصالحة مع حماس ‘حبل نجاة’ لانقاذ مصداقيته، بعد ان وصل مجددا الى النتيجة المحتومة نفسها في المفاوضات الماراثونية مع اسرائيل دون ان يكون قادرا على تقديم بديل حقيقي لشعبه، ما زاد من الضغوط عليه للتهديد باعلان حل السلطة، وتسليم مفاتيحها الى الامم المتحدة.
وربما القى نتنياهو اليه بهذا الحبل عندما هدده بأن عليه ‘ان يختار بين السلام مع إسرائيل أو الحركة الإسلامية المعادية لإسرائيل’، وهي تهديدات تستحق ان يرد عليها الرئيس الفلسطيني ببرقية شكر، اذ انها تسهل عليه اتخاذ القرار الصحيح للمرة الاولى منذ زمن بعيد. فالذي ينتظره الفلسطينيون من رئيسهم، مصالحة على اساس المقاومة المشروعة للاحتلال بكافة السبل، تفعيلا لمعاهدات القانون الدولي التي وقع عليها مؤخرا، وليست ‘مصالحة للتسويف او المهادنة او التعايش’ مع الاحتلال.
اما حركة حماس، فقد اصبح تفاقم الاوضاع المتردية في قطاع غزة يمثل تحديا حقيقيا لسلطتها، سواء من حيث شرعيتها او قدرتها على البقاء. واصبح واجبا عليها من جهة المسؤولية الوطنية ان تعيد الامانة الى صاحبها الاصيل اي الشعب الفلسطيني، عبر انتخابات شاملة، بغض النظر عن اي تصنيفات على اسس سياسية او ايديولوجية او جغرافية، ليقرر ان يفعل بها ما يشاء.
وليس سرا ان العلاقة بين حماس وحكومة القاهرة وصلت مؤخرا الى مرحلة غير مسبوقة من المواجهة ان لم يكن العداء، وسط اجواء مسمومة من الحرب الاعلامية، والقطيعة السياسية، والتوتر الامني.
ومن اللافت ان اسماعيل هنية ومسؤولين اخرين في حماس اشادوا بدور مصر في اتمام المصالحة واكدوا دعمهم لها. فهل ستكون المصالحة الفلسطينية مناسبة لفتح صفحة جديدة مع القاهرة؟ ولا يمكن النظر الى المصالحة الفلسطينية بمنأى عن تحولات اقليمية متسارعة، اصبح معها استمرار الانقسام الفلسطيني نوعا من الاصرار على الانتحار السياسي الجماعي، ناهيك عن الحاق ضرر تاريخي بالقضية الفلسطينية لا يمكن الا ان يقارن مع النكبة نفسها.
وفي المقابل فان القاهرة مطالبة بمباركة هذه المصالحة ليس ببيان دبلوماسي اجوف، لكن باتخاذ مبادرة لانهاء معاناة اهل غزة، بفتح المعبر بشكل قانوني ما يحفظ الامن للجانبين، لكن لا يقصر الحالات الانسانية على المعتمرين، وكأن المرضى والعائلات المشتتة وغيرهم ليسوا كذلك.
وبغض النظرعن حقيقة هذا المشروع الجديد للمصالحة الفلسطينية ومستقبله، فانه مناسبة اخرى يظهر فيها جليا ان ادارة الصراعات السياسية المتحولة بحكم طبيعتها، تتطلب قدرا كبيرا من ضبط النفس والبراغماتية وعدم الايغال في العداء، حيث انه في النهاية لا يصح الا الصحيح.
أبعد من المصالحة.. المطلوب بداية فلسطينية جديدة؟!
بقلم: بكر عويضة عن الشرق الأوسط
على ماذا اختلف ساسة الفلسطينيين وقيادات مختلف التنظيمات والأحزاب، قبل تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية (1964) وبعدها؟ حب فلسطين والانتماء لأرضها؟ كلا. استعادة حقوق شعبها؟ كلا. أن يمارس الفلسطينيون في دولة مستقلة فوق أرضهم حياة عادية كغيرهم من شعوب العالم؟ كلا أيضا.
علام الخلاف إذن؟ الوسائل والأساليب؟ نعم. حسنا، أيعقل أن يركل المختلفون على أساليب حب بلدهم، قضية شعبهم وراء ظهور أجنداتهم الفصائلية، كما يتقاذف اللاعبون الكرة بين أقدامهم بغية تسديد الأهداف في شباك الخصم؟ بالتأكيد كلا. لكن، بأسف مؤلم وصراحة تجرح، ذلك هو ما حصل منذ عقود طالت، ولا يزال هو الحاصل في أراضي ملاعب قيادات أساءت التصرف، فتراجعت قضية الأرض، وتهمشت منظمة التحرير الفلسطينية لصالح مكاسب منظمات.
صحيح أن صراع فصائل الكفاح الفلسطيني المسلح ضد بعضها بعضا، سياسيا وعسكريا مر بفصول عدة، وشهد بعض أفظع مآسيه على غير أرض، لكن الأخطر بينها هو الذي وقع بين حركتي «حماس» و«فتح» فوق أرض فلسطين. ليس الأمر مجرد تسطير كلمات، بل الواقع يقول بهذا، والأرجح أن الأغلبية بين الفلسطينيين، وغيرهم من المعنيين بقضيتهم، تتفق مع ذلك القول. باختصار، الصراع الناشب بين حركة «حماس» وحركة «فتح»، قبل انتخابات ربيع 2006 وبعدها، وصولا لما اعتبر «انقلاب» يونيو (حزيران)، هو الأخطر لأنه فرق قوتين يشكل التوافق بينهما العمود الفقري لتحقيق دولة فلسطين المستقلة.
من هو الطرف المسؤول عن ذلك؟ لندع تحديد اللوم جانبا، إنما لعل من المفيد التذكير بمفاصل تاريخية. عند تفجر انتفاضة الحجر الفلسطيني ديسمبر (كانون الأول) 1987 كان مر على الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عشرون عاما، أوجعت المقاومة خلالها الاحتلال، لا شك، لكنها لم تقصم ظهر آلته العسكرية، ولا أحرجت موقف تل أبيب السياسي في عواصم العالم المتحضر قاطبة. أكف فتية مدن فلسطين وقراها أنجزت الأمرين معا.
ماذا تفعل الدبابات وسيارات الجيب المدرعة، أو طائرات الهليكوبتر، في مواجهة جحافل شبان قرروا نسيان مرح سنوات المراهقة، وفتح معركة الحجر ضد من يحتل أرضهم؟ لا شيء، ولئن أسالت قسوة التعامل العسكري الدم الفلسطيني وأوقعت القتل، فإنها أيضا لفتت أنظار العالم إلى صبي يواجه بالحجر رشاش جندي احتلال. في تلك الأثناء، كان معظم آباء المقاومة الفلسطينية يقيمون في مدن آمنة، من تونس إلى دمشق وبيروت. حجارة مراهقي الضفة الغربية وغزة، ودماؤهم، أمّنت للقادة الفلسطينيين فرصة اهتمام عالمي بقضية شعبهم غير مسبوقة، ومن ثم فتحت أمامهم أبوابا دولية كانت موصدة لم يكن ليفتحها لا اختطاف طائرات، ولا خطف رهائن.
فجأة، سمع العالم أن جنرالا يحتل موقع رئيس حكومة إسرائيل (إسحق رابين) يتمنى لو استيقظ فإذا «البحر ابتلع غزة»، لمجرد أن فتيانها يقاومون احتلال جنوده لأرضهم، وهو العالم ذاته الذي اعتاد على مقولة تزعم أن العرب هم من يريدون «إلقاء إسرائيل في البحر». اختلفت الصورة.
مع تراكم صور قسوة المواجهات في قطاع غزة والضفة الغربية، ظلت صورة الموقف الدولي، وبضمنه الرأي العام الإسرائيلي، ماضية في التغير تلح على ضرورة وضع حد للمعاناة الفلسطينية. عندما انعقد المجلس الوطني الفلسطيني بعد عام من انتفاضة أنضجت أجواء دولية أمكن معها صدور إعلان قيام الدولة الفلسطينية (الجزائر/ 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1988)، الذي شكلت بنوده حجر أساس لمشروع دستور، والذي تضمن بوضوح هدف التعايش السلمي بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ومن ثم مهد لما تبعه من خطوات عملية، في مقدمها تعديل ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية بحذف ما يتناقض من بنود مع حل الدولتين. في نهاية الأمر، انتفاضة الحجر هي أيضا التي أوصلت إلى اعتراف إسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني، وهي التي فتحت أبواب مؤتمر مدريد، وأوصلت إلى مفاوضات أوسلو السرية، ثم قادت رابين نفسه مع شيمون بيريز وياسر عرفات ومحمود عباس إلى واشنطن ليشهد العالم معهم لحظة تاريخية بدت آنذاك (13/ 9 / 1993) كما لو أنها استحالة تتجسد واقعا.
على هذه الأرضية بدأ وضع حجر الأساس العملي للدولة الفلسطينية، وبدأ معه مسار مختلف للعمل السياسي الفلسطيني فتح الأبواب أمام إمكانية التقاء مختلف الحركات والجبهات باختلاف توجهاتها، على أرض فلسطين نفسها، والعمل معا للنهوض بمشروع الدولة المستقلة. حركة «حماس» دخلت المعترك السياسي من هذا الباب ذاته، ما الخلل إذن؟ بصراحة لن تروق لكثيرين، الخلل هو في غياب وضوح الرؤية، أو - إن شئتم - تغييبه إذا لزم الأمر.
بمعنى، كان على «حماس»، وكل تنظيم فلسطيني غير ملتزم باتفاق أوسلو، الإحجام عن المشاركة في اللعبة السياسية. وكان على السلطة الفلسطينية أن تفرض سلطتها فتلزم غير الملتزمين بالعملية السلمية بالاحترام العملي، وليس اللفظي فقط، لإرادة أغلبية فلسطينية قررت تجريب الكفاح السلمي، بعد سنوات المسلح، وصولا لتحرير أرض محتلة واسترجاع حقوق مسلوبة.
لكن الذي حصل، كما في أغلب الحالات العربية، هو القفز على أكثر من حبل، والمشي بين خطوط متعرجة (zig zag) لا توصل إلى هدف واضح ومحدد. إذا استمر الحال الفلسطيني على هذا المنوال، لن يتيسر التوصل لبداية فلسطينية جديدة تمضي أبعد من مصالحات مظهرية، بل تستند إلى ثبات هدف ووضوح رؤية يلزمان الأطراف كافة، بدل ادعاء التعايش بين الرؤى المتصادمة. ما جرى الاتفاق عليه بين حركة حماس ووفد رام الله في غزة أمس خطوة مهمة، بلا جدال، لعلها تكون انطلاقة على طريق البداية الجديدة المطلوبة.
اتفاق مخيم الشاطئ.. وماذا بعده
بقلم: سفيان أبو زايدة عن رأي اليوم
بعيدا عن التفاصيل التي يستتر خلفها الكثير من الشياطين، لا اعتقد ان هناك وطني فلسطيني يمكن ان يعارض اويتحفظ على اتفاق مخيم الشاطئ كما اسماه اخي وصديقي الصحفي زكريا التلمس.
هذا الاتفاق الجديد الذي يأمل كل انسان شريف ان يلقي بالانقسام خلف ظهورنا وان لا يكون مصيره كمصير من سبقه من اتفاقات.
لا شك ان هناك الكثير من العوامل المحليه والاقليمية التي تساعد في انجاح اوتعطيل هذا الاتفاق. هذا الامر لا يتوقف فقط على النوايا الحسنه لدى كافة الاطراف والتي من المطلوب توفرها في كل الظروف والاحوال. هناك ايضا مؤثرات، خاصه اسرائيلية لن يروق لها هذا الاتفاق، ولذلك لم يمكن مفاجأة ان تكون اول ردة فعل صادرة من جهة اسرائيلية وعلى لسان وزير خارجيتها المستوطن ليبرمان الذي هاجم الاتفاق، والاهم من ذلك وقبل ان ينهي الاستاذ اسماعيل هنية كلمته كانت الطائرات الحربية تقصف في شمال بيت لاهيا، اي على بعد سبعة كيلومترات فقط من مكان الاجتماع.
ربما سيكون الجزء الاسهل في تطبيق هذا الاتفاق هوتشكيل حكومة الوفاق الوطني خلال فترة الخمس اسابيع، وكذلك اصدار مرسوم بتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية وكذلك المجلس الوطني. هذا لا يعني بالضرورة ان الانقسام قد انتهى لان مشكلة الشعب الفلسطيني هي ليست السلطه وليست الانتخابات حيث تسمع التهديدات ليل نهار بحلها اوتفكيكها اواعادة مفاتيحها للاحتلال. على الرغم ان اتفاق الشاطئ سيضع حدا ولوبشكل مؤقت عن الحديث حول هذا الامر حيث لا يعقل توقيع الاتفاق اليوم على تشكيل حكومه والذهاب الى انتخابات وفي نفس الوقت نهدد الاسرائيليين بأننا سنعيد مفاتيح السلطة لهم على اعتبار ان الاحتلال هو صاحب السيادة الفعلية على الارض.
خلال الايام القليلة القادمة سيتضح اذا كان هذا الاتفاق الجديد هو بالفعل الاتفاق الاخير على طريق انهاء الانقسام ام سيلاقي نفس مصير من سبقة من اتفاقات في مكة والقاهرة والدوحة. الامر يعتمد على العديد من التطورات التي قد تعكس نفسها وقد تؤثر على آليات ورتم تنفيذ هذا الاتفاق. من هذه القضايا على سبيل مثال:
اولا: تمديد المفاوضات من عدمها:
نهاية هذا الشهر هل سيكون هناك تمديد للمفاوضات وبالتالي ابقاء الوضع كما هوعليه في كل ما يتعلق باعلاقة ما بين السلطة واسرائيل. اذا تم تمديد المفاوضات دون اي التزامات اسرائيلية عملية لن يكون هناك موقف اسرائيلي سلبي حقيقي اوعملي تجاه تشكيل حكومة الوفاق الوطني وكذلك اجراء الانتخابات في الضفة الغربية والاصرار مع احتمال منع اجراء الانتخابات في القدس.
المنطق الاسرائيلي سيكون ضعيف في معارضة المصالحة الفلسطينية طالما هناك مفاوضات نحن كفلسطينيين قبل غيرنا نعتبرها عبثية.
اما اذا كان هناك موقف فلسطيني يترجم ما قررته اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية بعدم التجديد الا وفق شروط محددة اهمها الوقف الكامل للاستيطان فأن اسرائيل ستعتبر ان السبب في عدم التمديد ليس بلطجتها هي بل المتهم هم الفلسطينيين حيث اختارت السلطة المصالحة مع حماس بدل المصالحة مع اسرائيل كما قال نتنياهوواعضاء حكومته في اكثر من مناسبة.
ثانيا: اطلاق سراح المعتقلين واعادة فتح المؤسسات واطلاق سراح الحريات العامة:
لا يهم اسرائيل اذا كان هناك اطلاق سراح للمعتقلين في غزة ولكنه يهمها اذا كان هذا الاتفاق سيؤدي الى تغيير جذري في عمل الاجهزة الامنية في الضفة الغربية ، خاصة تجاه حماس. وعلى اعتبار ان اطلاق سراح المعتقلين ووقف الملاحقات والاستدعاءات واعادة فتح المؤسسات هوجزء اساسي من الاتفاق. يمكن للمرء ان يتخيل ردة الفعل الاسرائيلية اذا ما تم احداث تغيير في قواعد اللعبة الامنية. التذكير بهذا الامر هوفقط للتنبيه لمدى الصعوبات والعقبات التي قد تقف عائق امام تنفيذ الاتفاقات.
دون اطلاق سراح المعتقلين ووقف الاستدعاءات والملاحقات والاعتقالات واطلاق سراح الحريات العامه لن يكون هناك مصالحه حقيقية وسيكون ما حدث من اتفاق مجرد تفكيك ازمات لقيادات ولتنظيمات اكثر منه انهاء للانقسام.
ثالثا: استيعاب موظفي حماس ودمج الوزارات:
الاتفاق سينهي حكومتي غزة والضفة وتشكيل حكومة وفاق وطني، السؤال الذي لا مفر منه، وعلى اعتبار ان اهم عمل تقوم به الحكومة هوتوفير رواتب موظفيها، هل هناك ضمانات لتوفير رواتب الموظفين؟ وبشكل اكثر تحديدا هل الحكومة القادمة ستوفر رواتب لكل الموظفين بما في ذلك موظفي حماس الذين يتجاوز عددهم الثلاثين الف موظف ام ان هناك تفاهمات جانبية وحلول خلاقة المواطن البسيط لا يعرفها؟
هل من الممكن ان يتم ذلك خلال الفترة الانتقالية؟ الايام والاسابيع القادمة ستكشف للمواطن الفلسطيني ما اذا كانت هناك حلول خلاقة لحل هذة المشكلة والاهم من ذلك سيراقب الجميع كيف ستكون آلية دمج الوزارات والدوائر المختلفة.
رابعا: فك الحصار عن غزة:
ان اهم فائدة قد تعود على حماس بشكل خاص والمواطنين الفلسطينين في غزة هو ان يؤدي هذا الاتفاق على انهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، واهم ركيزة من ركائز هذا الحصار هومعبر رفح. فتح المعبر بشكل دائم من خلال تولي حكومة الوفاق المسؤولية عليه مما سيريح الاخوة المصريين سيشكل رافعه مهمة على طريق تنفيذ هذا الاتفاق . سماح الاخوة المصريين للدكتور موسى ابومرزوق بالدخول الى غزة والمساهمة في دفع عجلة الاتفاق هي رسالة مهمة تؤكد على الدعم المصري لهذا الجهد وهذا من المفترض ان ينعكس على مواقفهم تجاه اعادة فتح معبر رفح على اقل تقدير.
هذا فقط جزء من الاسئلة التي تحتاج الى اجابات توضيحية مع الاخذ بعين الاعتبار ان الاطراف التفاوضية قد تكون تطرقت الى هذة القضايا وقضايا اخرى ولكن فضلت ترحيلها الى مراحل متقدمة.
على اية حال، وجع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والشتات ليس حكومة وانتخابات، في غزة انهكهم الحصار والفقر والبطالة ومياة الشرب الملوثة، وفي الضفة انهكهم الاستيطان وعربدة المستوطنين واستفزازاتهم، هذا ما يبحث عنه الناس.
افتتاحية الخليج: لأن العدو يخاف من المصالحة
بقلم: أسرة التحرير عن الخليج الاماراتية
عندما يخيّر رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو السلطة الفلسطينية بين "السلام" مع "إسرائيل" والمصالحة مع "حماس"، إنما يريد أن يقول إن الانقسام الفلسطيني هو هدف استراتيجي للكيان الذي يعتبر الوحدة الوطنية بين كافة الفصائل والمنظمات والقوى الفلسطينية خطراً جدياً، ويعتبرها عاملاً أساسياً في التصدي لمخططات التوسع والتهويد، ورافعة لقيام مشروع وطني فلسطيني نضالي يعيد تصويب البوصلة باتجاه الثوابت الوطنية والقومية، ويحدد وسائل المجابهة باتجاه العدو الحقيقي .
ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها نتنياهو إلى تهديد وابتزاز السلطة الفلسطينية . لقد فعلها أكثر من مرة من قبل، لأنه يرى في أي جهد لإعادة اللحمة إلى الجسد الفلسطيني المنقسم بين الضفة والقطاع محاولة لإعادة الروح إلى المسيرة النضالية التاريخية، والتخلي عن أساليب المفاوضات العقيمة التي لم يجن منها الشعب الفلسطيني إلا المزيد من الاعتداء على حقوقه ومصادرة أرضه، وتوسيع الاستيطان، إضافة إلى مسلسلات العدوان التي لم تنقطع على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع .
. . وبما أن المصالحة الفلسطينية تشكل أرقاً للعدو، وخطراً على مسيرة الخداع والتضليل المتواصلة منذ اتفاق أوسلو، وبما أن الاجتماعات القائمة بين فتح وحماس انتهت إلى اتفاق نهائي يضع حداً للانقسام ويجعل من الوحدة الوطنية هدفاً وحيداً تهون عنده كل التضحيات وتسقط أمامه كل الأعذار والتبريرات، ومعها العصبية الحزبية والمصالح الشخصية والحزبية، فإن السلطة الفلسطينية اختارت المكان الصحيح رغم تهديدات نتنياهو .
القضية الفلسطينية لم تعد تحتمل هذا الانقسام الذي يجزئ الشعب والأهداف والحقوق، ويضعف إرادة الشعب الفلسطيني، ويعزز مواقف العدو الذي لا يخفي خوفه من الوحدة الوطنية .
لعلها فرصة جديدة تشكل حالة من الوعي لدى الأطراف الفلسطينية المتصارعة، بأنها كلها خاسرة إذا ما استمر الانقسام، وكلها رابحة إذا ما استعاد الشعب الفلسطيني قراره وعرف أين يضع خطواته في مسيرة النضال الطويلة . ونأمل أن يكون الاتفاق هذه المرة نهائياً .
عن اجتماع المجلس المركزي
بقلم: عوني صادق عن الخليج الاماراتية
بات من المقرر أن يجتمع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية يوم 26 إبريل/ نيسان الجاري بعد غد، ويتوقع أن يتواصل ليومين . ومعروف أن المجلس هو الحلقة الوسيطة بين المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وله صلاحيات اتخاذ القرارات في حال غياب أو عدم انعقاد المجلس الوطني، الذي يفترض أنه أعلى سلطة في النظام السياسي الفلسطيني . وجدير بالذكر أن آخر مرة عقد فيها المجلس المركزي اجتماعاً كان في العام ،2011 علماً بأنه يفترض أن ينعقد مرة كل ثلاثة أشهر . أما المجلس الوطني فكان آخر انعقاد له في عمان العام 1996 وأما اللجنة التنفيذية فقد مضى على انتخابها 18 عاماً، بينما المجلس التشريعي الفلسطيني معطل منذ أحداث غزة في يوليو/ تموز العام 2007 .
يستفاد مما سبق ذكره، أن ما يسمى "النظام السياسي الفلسطيني" برمته غير شرعي . وعليه، قد لا يكون من حقه اتخاذ أية قرارات قبل أن يتم إصلاحه وإعادة الاعتبار والشرعية لكل مؤسساته، وهذه قصة طويلة . ولكن لأن "هذا هو الموجود"، وهو الذي "سيقرر" ما سيكون، فلا مفر من التغاضي مؤقتاً عن هذا "الوضع القائم"، والبحث في معنى انعقاد المجلس المركزي وما يمكن أن ينجم عنه، لعل في الإمكان إنقاذ ما يمكن إنقاذه!
بداية لا بد من القول، إن هذا الاجتماع يأتي بعد أن سدت كل أبواب ما يسمى "العملية السياسية"، وبعد أن ظهر عقمها وعقم الأسلوب المتبع في خوضها وهو "أسلوب المفاوضات كخيار وحيد"، بعد تقديم الجانب الفلسطيني كل ما يمكن من التنازلات، حتى كاد ألا يظل ما يمكن التفاوض حوله . وقد تأكد كل ذلك بشهادة "شهود من أهلها" بأن حكومة نتنياهو (التي لم تختلف عن غيرها من الحكومات "الإسرائيلية" المتعاقبة، وإن كانت أكثرها تطرفاً) كانت تقصد منذ اليوم الأول لاستئناف المفاوضات أمرين: كسب الوقت وإفشال المفاوضات . وحتى المحاولات التي ما زالت جارية لتمديد المفاوضات لا تتعدى أهداف الحكومة "الإسرائيلية" والإدارة الأمريكية ذينك الأمرين، ما يجعل المسألة تختصر في "تأجيل إعلان فشل المفاوضات"، كما أجمعت الصحف "الإسرائيلية" .
بعد ذلك، يطرح سؤال: ما هي الملفات الأكثر راهنية وإلحاحاً، والمطلوب من المجلس المركزي اتخاذ قرارات عاجلة بشأنها، خصوصاً أنه سينهي اجتماعاته قبل يومين من أنتهاء المهلة المعطاة للمفاوضات الجارية؟ أظن أن كثيرين سيوافقون على أن هذه الملفات لا تزيد على ثلاثة عاجلة: الموقف من المفاوضات، والموقف من سلطة أوسلو، والمعركة الدبلوماسية . وهناك، بعدها، ثلاثة أخرى تحتاج لوقت أطول، ويمكن أن يصبح تناولها أسهل في حال اتخاذ المواقف الصحيحة من الثلاثة الأولى، هي: المصالحة، وعقد المجلس الوطني، وإصلاح النظام السياسي وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير .
وفي الظروف المحلية والإقليمية والدولية الحالية التي ينعقد فيها المجلس المركزي، وفي وقت مطلوب منه أن يتخذ قرارات لم يكن قادراً على أخذها في ظروف أفضل، هل يمكن لأحد أن يتوقع ماذا يمكن أن يسفر عنه هذا الاجتماع؟!
هناك من يرى أن على المجلس أن يرفض العودة للمفاوضات أو التمديد لها، حتى لو أطلقت السلطات "الإسرائيلية" الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى، لأن المفاوضات ساعتئذ ستكون إنجازاً لنتنياهو بكسب مزيد من الوقت لتنفيذ مخططاته الاستيطانية والتهويدية، وتمديد للعبث وتعظيم للخسائر الفلسطينية، بل أن يقرر وقف المفاوضات نهائياً ومتابعة المعركة الدبلوماسية في الأمم المتحدة، بالانضمام إلى محكمتي لاهاي والجنائية الدولية . لكن هذه المطالب تعني في الحقيقة إلغاء الجانب الفلسطيني "اتفاق أوسلو" رسمياً، وبالتالي حل "سلطة أوسلو" . والمعروف أن الرئيس محمود عباس، وبالرغم من تلميحاته الأخيرة حول "حل السلطة"، إلا أن أحداً لا يأخذ تلميحاته على محمل الجد .
وهناك من يرى أن المجلس سيتخذ "قرارات جوهرية"، وسيعتمد "استراتيجية جديدة" تقوم على "تغيير قواعد الاشتباك" مع سلطات الاحتلال! لكن توقعات مثل هذه، لا بد أن تقوم على ما سبقت الإشارة إليه، من تخل عن المفاوضات وإلغاء لاتفاق أوسلو، إضافة إلى أنه يعني فتح الباب أمام المقاومة بكل أشكالها، وهو ما ترفضه السلطة جملة وتفصيلاً . لذلك لا نعرف على أية أسس جاءت، وما هي المعطيات التي قامت عليها هذه التوقعات!
إن من يأخذ الوقائع على الأرض، والواقع السياسي الراهن معياراً، لا يتوقع أن يتخذ المجلس المركزي قراراً واحداً يخرج عن السياسة التي تعتمدها "سلطة أوسلو"، تلك السياسة التي تتمسك بالمفاوضات خياراً وحيداً، وبالولايات المتحدة راعياً وحيداً، و "عملية السلام" استراتيجية وحيدة! أما التلميحات عن إلغاء "اتفاق أوسلو" و"حل السلطة" والتوغل في "المعركة الدبلوماسية"، فليست أكثر من أدوات للمناورة، ربما لإعطاء نتنياهو ما يدافع به عن قبوله إطلاق الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى . وهذا التصور الذي نقول به يكشفه التناقض في تصريحات رموز السلطة وحركة (فتح) ممن يهتمون بشؤون التسريبات! وعلى سبيل المثال لا الحصر، يقال حيناً إن العودة والتمديد للمفاوضات لا يحتاج أكثر من إطلاق سراح الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى، ويقال حيناً، إن للسلطة "شروطاً" من أجل العودة للمفاوضات، وهي شروط من العيار الثقيل مثل: وقف الاستيطان بشكل نهائي في فترة المفاوضات، والموافقة على حدود ،1967 على أن تكون الشهور الثلاثة الأولى مخصصة لترسيم الحدود . . إلى ما هنالك .
فلا تتفاءلوا كثيراً!!
العودة إلى منظمة التحرير!
بقلم: طارق مصاروة عن الرأي الأردنية
.. قبل وحدة المنظمات الفلسطينية. وقبل اتفاقات القاهرة والدوحة. قبل الوزارات والانتخابات. وقبل مهرجانات الفرح في مخيم الشاطئ! فهناك حتمية أساس يجب توفيرها هي: امتلاك الإرادة الوطنية الفلسطينية. وحرية القرار الفلسطيني. ودون ذلك نعود الى الولاءات الخارجية!!. ولاء لسوريا الأسد. وولاء لاخوان مصر، وولاء لطهران. وولاء للوهم الأميركي الأوروبي!
المهم امتلاك الإرادة الوطنية. أما وحدة التنظيمات فأداة لتحقيق الأهداف.. ولا يصح اعتبار التنظيم صنماً نعبده!
لقد واجه النضال التحرري الفلسطيني، منذ بداية المؤامرة الكبرى، قضية تشتت الإرادة الوطنية. وتوزع الولاءات الوطنية بين قوى عربية لم تكن تملك حريتها بعد، وقوى دولية كانت تتاجر بالقضايا الجزئية في حروبها: الحرب الكونية الأولى، والثانية.. والحرب الباردة بعد ذلك!
ومع الأسف لم يتعلم الفلسطينيون من كوارثهم الواحدة بعد الأخرى حتى احتلال الوطن.. كل الوطن!
ومع ذلك ففتح وحماس وبقية التنظيمات لن تبدأ من الصفر إذا وصل الجميع إلى القناعة بامتلاك الإرادة الوطنية. وحرية القرار الفلسطيني. فمنظمة التحرير كيان نضالي اعترفت فيه كل أمم الأرض ما عدا إسرائيل ومايكرونيزيا. وقد بقيت تنظيمات خارج المنظمة. وكانت تطرح نفسها بديلاً لها وكانت تجلس على شجرة الأكثرية في المجلس التشريعي، وهي تعرف أن المنظمة وحدها هي الوعاء الذي يتسع لفلسطيني الشتات، وهم نصف الفلسطينيين أو يزيد. وهؤلاء يجب حشدهم وإعدادهم ليواجهوا الصهيونية العالمية أولاً، وليكسبوا الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها.
السيناريو الذي تشارك به فتح وحماس والجهاد والبقية يتلخص في وحدة العمل الوطني وذلك:
- بإعطاء محمود عباس فرصة تشكيل حكومة حيادية تشرف على الانتخابات التشريعية في الضفة وغزة والقدس - إن أمكن -.
- بإعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية بحيث تشمل الجميع، ويشارك الجميع في مجلسها الوطني، ولجنتها التنفيذية، وكافة اطاراتها الأخرى. ولا نظن ان من الصعب إجراء انتخابات في الدول العربية التي يعيش فيها لاجئون فلسطينيون للمجلس الوطني الفلسطيني!
أما التفاوض، واشكال التفاوض، وجدوى التفاوض وعدم جدواه، فهذا تقرره المؤسسة النضالية، فالتفاوض ليس خيانة طالما أن الجزائريين فاوضوا وطالما أن عبدالناصر فاوض من أجل جلاء القوات البريطانية من القنال. وطالما ان ثوار فيتنام فاوضوا. لكن الفرق هو حجم القوى المتفاوضة وقوتها، وحدود مطالبها.
ليس المهم ان يبدأ الفلسطينيون بهذه اللعبة اللئيمة التي صنعتها واشنطن لضرب حلم الدولة الحرّة المستقلة على أرض فلسطين. فلنترك الموضوع ريثما تتكامل مؤسسات منظمة التحرير المنتخبة ولا نقول المجلس الوزاري التشريعي للسلطة الوطنية. فهذه الصيغة، بحد ذاتها، لم تعد في مستوى وحدة النضال الفلسطيني.,,, نعود إلى منظمة التحرير أولاً..
فلسطينيو لبنان وأسئلة اللحظة..؟
بقلم: علي بدوان عن الوطن القطرية
برزت في الفترات الأخيرة وبشكلٍ صارخ المخاوف الكُبرى من اندلاع هزات دموية عنيفة داخل وعلى محيط المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض اللبنانية، خصوصاً في منطقة صيدا حيث يقع مخيما «عين الحلوة» و«المية مية». مخيم عين الحلوة، هو المخيم الفلسطيني الأكبر في لبنان من ناحية عدد السكان، إذ يقطنه نحو «70» ألف لاجئ فلسطيني ومعهم بضعة آلاف من فلسطينيي سوريا الذين وصلوا إلى مخيم عين الحلوة قبل أكثر من عام مضى.
المخاوف ماثلة للعيان ومُباشرة، وما وقع الأسبوع قبل الماضي نذير شؤم، حيث وقعت اشتباكات دموية مؤسفة اندلعت شراراتها لحسابات لاعلاقة لها بالحسابات الوطنية الفلسطينية، وسقط فيها نحو تسعة شهداء وأعداد مضاعفة من الجرحى، كان منهم المُسعف والعامل في الحقل الاجتماعي الشهيد طارق الصفدي الذي قُتِلَ خلال تأديته واجبه الإنساني في مخيم «المية مية» حيث كان يقوم بتأمين مساعدات إنسانية للنازحين الفلسطينيين من سوريا، فأضيئت الشموع في مستشفى «النداء الإنساني» في مخيم عين الحلوة، تحية لروحه ولروح جميع الضحايا الأبرياء.
الاشتباكات وقعت بين جهتين، الأولى تسمي نفسها «أنصار الله» بقيادة الفلسطيني اللبناني جمال سليمان، والثانية تسمي نفسها بـ «كتائب العودة» بقيادة الفلسطيني السوري أحمد عدوان رشيد، وتلك الجهتان محسوبتان على الفلسطينيين بالرغم من عدم وجود أي علاقة لأيٍ منهما مع أيٍ من فصائل العمل الوطني الفلسطيني المعروفة والمُعترف بها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل قوى التحالف المعارضة، فهما حالتان مفروضتان بحكم الواقع ولايتعدى حضورهما حدود منطقة ضيقة بين مخيمي «عين الحلوة» و«المية مية».
الأحداث المؤسفة جرت، فيما كانت عموم القوى الفلسطينية ودون استثناء قد تقدمت وبمبادرة من حركتي حماس وفتح بخطوة جديدة من خلال إطلاق «المبادرة الفلسطينية الموحدة» في الثامن والعشرين من مارس 2014، والهادفة لتجنيب الفلسطينيين في لبنان من مزالق طفرات التدهور في الوضع الداخلي اللبناني على مستوياته السياسية والأمنية، حيث أكدت تلك المبادرة التي تبنتها سائر القوى الفلسطينية دون استثناء، أكدت «حرصها على السِلم الأهلي في لبنان وعلى تحييد المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وأن الفلسطينيين في لبنان لن يكونوا إلا عامل استقرار في هذا البلد»، ورفض «استخدام المخيمات والتجمعات والحالة الفلسطينية في سوق الاستثمار المحلي من قبل أي طرف آخر، لضرب السلم الأهلي في لبنان والعبث بأمن لبنان وبأمن المخيمات وبأمن اللبنانيين والفلسطينيين». وبالتالي في تأكيد موقف الإجماع الوطني الفلسطيني الذي يقول بحيادية الفلسطينيين تجاه كل القضايا الداخلية اللبنانية واحترامهم حرمة القانون اللبناني.
وعليه، جاءت تلك الأحداث الدموية والتي جرى تطويقها، لتطرح العديد من الأسئلة عن الجهات التي أطلقت أو التي ساهمت بإطلاق شراراتها، وهي جهات غير مسؤولة ولايهمها المصير الذي سيقود الحالة العامة للفلسطينيين في لبنان إذا ما استمرت تلك الأمور على المنوال ذاته.
ولانحيد عن الحقيقة حين نقول بأن هناك مُحاولات حثيثة تبذل من وقتٍ ليس بالقصير من قبل بعض الأطراف، وقد تم توثيقها، وتهدِفُ بالأصل لجر الفلسطينيين وتحديدًا أبناء مخيمي «عين الحلوة» و«المية مية» في منطقة صيدا للدخول في مستنقع حالة الفلتان الأمني والعسكري في مدينة صيدا وجوارها والالتحام بظواهر مُتطرفة غير فلسطينية باتت ترى في مخيم عين الحلوة ملجأ لها. وهي جهات أمنية لايهمها الاستقرار، بل تشجع الانفلات وتريد مخيم «عين الحلوة» بؤرة أمنية تنفيذاً لأجندات محلية وخارجية في نفس الوقت، وهي أجندات تتاجر بالفلسطينيين ولاتريد الخير لهم، بل وتريد استخدامهم في مستنقع الأزمات السياسية التي تضرب لبنان منذ فترات طويلة.
في هذا السياق، علينا أن نقول أيضاً وبكل صراحة ووضوح بأن حالة التهميش والحرمان التي يعاني منها فلسطينيو لبنان، حيث الوضع الإنساني الصعب الذي ما زال يكابده هذا الجزء العزيز من أبناء فلسطين بفعل الإجراءات والتشريعات اللبنانية المجحفة والمتقادمة أصلاً منذ العام 1948 تساعد على جعل تلك المخيمات والتجمعات بؤراً للتوتر، ومدخلاً لولوج المجموعات المتطرفة الآتية من جهات مُختلفة وغالبيتها غير فلسطينية، كما وقع في قصة تنظيم «فتح الإسلام» عام 2007 في مخيم نهر البارد شمال لبنان، حين تبيّنَ بأن مُعظم جسم هذ التنظيم لم يكن فلسطينياً على الإطلاق وأن تلطى براية فلسطينية. إن حال فلسطينيي لبنان يرثى لها، فلا صوت في لبنان يعلو فوق أصوات المزايدات التي تُطلق حين انبعاث أي صوت لبناني على مستوى الحكومة أو أي من الأحزاب اللبنانية يطالب بإنصاف هذا التجمع الفلسطيني وإعادة النظر بسلسلة الإجراءات والقوانين المُجحفة بحق فلسطينيي لبنان، خصوصًا بالنسبة للعمل والسكن والتملك. فأصوات المزايدات تنطلق في معزوفة استخدامية عنوانها «بعبع التوطين» والحفاظ على حق العودة للفلسطينيين، وتحت مفردات تلك المعزوفة وقعت حالات الهجرة الواسعة لفلسطينيي لبنان نحو أصقاع المعمورة الأربعة، فهناك نحو «400» ألف فلسطيني لبناني لم يعد لهم من مكان ولا حتى قيود رسمية في لبنان بعد هجرتهم الطويلة التي تسلسلت بعد العام 1982، ولم يعد في لبنان حاليًّا أكثر من «220» ألف فلسطيني، كان من المفترض أن تكون أعدادهم قد قاربت نحو «700» ألف مواطن طبقًا لحسابات النمو السكاني، حيث دخل إلى لبنان عام النكبة نحو «120» ألف فلسطيني جرى بين عامي «1949 - 1950» تجنيس نحو «30» ألفا منهم، كانت غالبيتهم من مسيحيي فلسطين وتحديدًا من قرى الجليل الأعلى والغربي شمال فلسطين «البصة، الكابري، البعنة، أقرت، كفر برعم، عيلبون، ترشيحا،...» ومدن طبريا وعكا وصفد وحيفا ويافا.
إن أصحاب معزوفة «بعبع التوطين» يريدون أن تبقى حال فلسطينيي لبنان على ما هي عليه: تجمعات ومخيمات بائسة يفترِشُها الحرمان، مع النظر إليها باعتبارها جزراً أمنية عصية على الدولة، بالرغم من دعوة منظمة التحرير الفلسطينية وعموم القوى الفلسطينية المتكررة للجهات اللبنانية لفرض وبسط السيطرة الأمنية على كامل التجمعات والمخيمات الفلسطينية أسوة بكل المناطق اللبنانية. وعليه، إن أسئلة اللحظة تطرح على الجميع ضرورة الحكمة والعقل، وروح المسؤولية التي تفترض بجميع القوى الفلسطينية، وخصوصاً منها القوى المسؤولة ذات الحضور والنفوذ بين الناس أن تُبادر لاستكمال مابدأت به من أجل الحفاظ على أمن وأمان المُجتمع الفلسطيني في لبنان، ودرء المخاطر التي قد تستهدفه. فيكفي الفلسطينيين ماوقع بهم من مصائب في أكثر من مكان.
في تفكيك العنصرية الإخوانية
بقلم: سعد القرش عن العرب اللندنية
لم يخجل صديقي، وهو كاتب سلفي أو إخواني أو كلاهما، من عنصريته. كنا في مدينة الأقصر، قبل عرض فيلم “عرق البلح”، لرضوان الكاشف، وقال إنه لا يعرفه، فاقترحت عليه أن يشاهد الفيلم، ولم يفعل.
كان ذلك في بداية عام 2012، بعد معارك كلامية طاحنة، استهلكت فيها أطنان الأحبار والأوراق وساعات من الهراء الفضائي التلفزيوني، ولم يهد الله أطرافها إلى سواء السبيل. فبعد ثورة شعارها الحرية، كانت القضية المصيرية التي يرى من منحوا أنفسهم حق الكلام باسم الله، هي عدم جواز تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد. سألت صديقي: كيف تفسر هذا الهراء الذي يدعو إليه «أصحابك»؟
إلا أنه فاجأني بأن «أصحابه» على الحق المبين؛ فكيف نهنّئ «الضالين» بعيدهم؟ هذا إقرار بسلامة عقيدتهم. سألته: لو أن زوجتك مسيحية، فكيف تتسق مع نفسك حين تكون معها ليلا في الفراش، ثم تستكثر أن تقول لها حين تصحو: «صباح الخير»، أو ترفض تهنئها بعيد الميلاد؟ فانشرح صدره بهذه الإشارة الفحولية، وقال: «في هذه الحالة فقط أقول لها: صباح الخير ونص».
المعضلة العنصرية هي ما يجب أن نكرس الجهد والوقت لتفكيكه، والانتهاء منه، وقد سبقتنا إلى ذلك أمم لم تتقدم إلا حين غادرت هذه المحطة. عنصرية الدين وعنصرية العرق. خرجت أوروبا من العصور الوسطى بإنهاء الكهانة وتجاوز عنصرية الدين، وتخلصت ألمانيا من روح العدوان بعد تفكيك عنصرية العرق وتجريم النازية.
ونحن نعاني عنصرية مركّبة، أحد وجوهها عرقي ديني يدعو السلفي والإخواني للتعالي على المسيحي المصري، وحرمانه حقوق المواطنة، لأنه “عظمة زرقاء”. والوجه الآخر طائفي بتعالي السني على الشيعي، لأنه “رافضي كافر”، ثم استعلاء السني الإخواني على السني غير الإخواني بالتقوى التي محلها القلب.
ما قاله صديقي، وهو كاتب سلفي أو إخواني أو كلاهما، هو ما وقر في القلب، وصدقه القول؛ ففي نهاية 2012، أثلج القيـادي السلفـي ياسـر برهـامي- نائب رئيس الدعوة السلفية في مصر- قلوب مريديه بفتوى عنصرية.
ياسر برهامي طبيب له أكثر من 25 كتابا تعيد مضغ أفكار شبعت هضما، وكان عضو لجنة كتابة الدستور الإخواني الطائفي في 2012. ومن موقعه كداعية لدين يؤمن به مريدوه، استطاع برهامي أن يجد حلا لأزمة زواج المسلم من الكتابية، بأن يظل على كراهيته لها، فالمسلم “مأمور بـأن يبغضها على دينها مع بقائه في معاشرتهـا، هـذا أمـر معتـاد جـدا.
(هل) كل من يغتصب امرأة بيحبها؟! أم يعاشرها فقط؟ يعاشرها من أجل جسدها فقط ولا يحبها في الحقيقة.. (المسلم) مأمور هو كما ذكرنا بأن يبغضها.. يقول لها أنه يبغض دينها بلا شك.. يبغضها من أجل أنها كافرة.. لو دخل البيت لا يبدأها بالسلام، لو له أولاد مسلمين يقول: السلام عليكم، وهو يقصد المسلمين. لا يبدأها بالسلام”.
لا تقتصر العنصرية على السلفيين، وإنما هي بذرة في أصل الشجرة الإخوانية، وإن أنكر الإخوان ذلك، في لحظات الاستضعاف، من باب التقية السياسية.أعود إلى ما أحتفظ به من أعداد مجلة «الدعوة»، فأجد في عدد أبريل 1979 صفحة خصصت لمأثورات حسن البنا عن أهل الكتاب الذين “ترخص الإسلام في أمرهم وأجاز الاكتفاء بأخذ الجزية منهم، فمتى تعهدوا بأدائها ورضوا بها فقد وجب أن يرفع عنهم السيف”، ولا مكان في خطاب الإخوان لقضية المواطنة أو حقوق الإنسان، أو الوطن.
وفي 3 أبريل 1997 نشر خالد داود في “الأهرام ويكلي” على لسان المرشد العام للإخوان آنذاك مصطفى مشهور أنـه “لا يجـوز دخول الأقباط إلى الجيش لأنه سيكـون مشكوكا في ولائهم وأنه بدلا من ذلك يجب أن نلزمهم بسداد الجزية”. فقام المحامي نجيب نصيف برفع جنحة قذف في حق مشهور. ولإثناء نصيف جرت محاولات للصلح تبناها مختار نوح الذي قابل مصطفى مشهور في حضور ثروت الخرباوي وبعض قيادات الإخوان، للاتفاق على بعض التفاصيل مع مشهور الذي قال: “قولوا في الصلح ما تشاؤون، ولكن هذا لا يغير من الأمر شيئا، فالنصارى يجب أن يدفعوا الجزية، ولا يجوز إدخالهم الجيش، فكيف يدخلون الجيش ويدافعون عن مشروعنا الإسـلامي وهـم لا يؤمنـون بالإسـلام، الجزية رحمة بهـم، وهذا تشريـع اللـه، هل نغير تشريع الله.. لا يجـوز أن نلقـي عليهم السلام”. (ثروت الخرباوي: سر المعبد)
تفكيك الفكرة، هذه العقيدة العنصرية، مهمة شاقة طويلة المدى وتستحق العناء، وبغيرها يظل العفريت العنصري ينتظر فرصة الخروج من الفانوس، لكي ينتقم.
التفكيك يمكن أن يبدأ بخطـاب العنصريـين أنفسهم، وتذكيرهم بالآيات القرآنية “لا نفـرق بين أحـد مـن رسلـه”، “كل نفس بما كسبت رهينـة”، لكي نصل إلى أنـه ليس من مهمة نظام الحكم أن يسوق الناس إلى الجنة، وإنما لتيسير حركة الحياة، وتحقيق العـدل والكرامـة للبشـر الذيـن كرمهـم الله وفضلهم على كثير ممن خلق، وبغير الخير والعـدل والكرامـة لـن توجـد دولة تقام فيها شعائر الدين، أي دين.
تفكيك العنصرية عمل نظري عقلاني يجب أن يسبق أي إجراء آخر، وأن يكون بعيدا عن أي طرح أمني، فالاعتقال والعنف والمطاردة تمنح الإخواني شعورا زائفا بالتفوق، ولا تنقصه هذه العقدة، سيتأكد له أنه صاحب رسالة، ومن أجلها يختبر الله قوة إيمانه بالاضطهاد، وهذا الوهم يشبعه نفسيا، فيرى نفسه على صراط الله المستقيم، وأنه سيصل ولو بقتل الذين عطلوه، أو تهاونوا في نصرته.
لتنظيم الإخوان، الذي نشأ برعاية وتمويل بريطاني صريح، جناح عسكري. ميليشيا ليس لها ضحايا من الاستعمار البريطاني، ولم يكن مطلوبا منها أن تمارس عنفا تجاه أولياء النعم، منشئي الجماعة لشق صف الجماعة الوطنية.
وقد صمت حسن البنا عن جرائم التنظيم السري، وتبعه سيد قطب الذي تفوق على البنا، حين قاد بنفسه “العمليات”.كان علي عشماوي مسؤولا عن شؤون تسليح وتدريب أعضاء التنظيم السري في الستينات، وسجل تجربته في كتابه “التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين”، وفي هذا الكتاب حظي سيد قطب بإكبار وتبجيل.
ويذكـر عشمـاوي أن قطـب استهدف اغتيال جمال عبد الناصر، وإنهاء نظامه، ويروي أن “سفيرة سيد قطب” الحاجة زينب الغزالي أبلغته أن حميدة قطـب تريد أن تراه. ثم أخبرتـه حميدة قطـب أنهـا تحمل لـه رسالـة من أخيها سيد يقول فيها: “أنـا لا أريـد زوبعـة في فنجـان، إذا كنتـم قادريـن على تنفيذ عمل ضخم يهز أركان البلد فافعلوا، وإن لم تكونوا على مقـدرة بذلـك فالغـوا جميـع الأوامـر والخطط المتفـق عليها”.
ويسعى الإخوان، منذ أربعين عاما، إلى «تنفيذ عمل ضخم يهز أركان البلد»، ولن يقف في طريق الفكرة/ العقيدة شيء، إلا أن يتم تفكيكها، تمهيدا لأن يكون الوطن غايتهم. ثم يلي ذلك إعلان وطني من ثلاث كلمات: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.
وقف الصراعات الخليجية
بقلم: عبيدلي العبيدلي عن الأيام البحرينية
عقد في مدينة الرياض اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، صدر عنه بيان جاء فيه «انطلاقاً مما يربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الوشائج والروابط التاريخية والمصير الواحد، والحرص على دفع المسيرة المشتركة لدول المجلس، فقد عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون اجتماعاً يوم الخميس 17/4/2014. تم خلاله إجراء مراجعة شاملة للإجراءات المعمول بها فيما يتعلق بإقرار السياسات الخارجية والأمنية، وتم الاتفاق على تبني الآليات التي تكفل السير في إطار جماعي، ولئلا تؤثر سياسات أي من دول المجلس على مصالح وأمن واستقرار دوله ودون المساس بسيادة أي من دوله. كما توصلت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين التي كانت استدعت سفراءها من قطر، إلى اتفاق يتيح إنهاء النزاع مع الدوحة».
تلك كانت مقتطفات مختصرة من البيان الكامل الصادر عن مؤتمر الرياض. وبعيدا عن أية تحليلات هامشية يمكن أن تغرقنا في رمال القضايا الثانوية المتحركة، لا بد لنا من التأكيد على أن محصلة ذلك اللقاء جاءت إيجابية، عند النظر إليها من زاوية من الالتزام بقضايانا الاستراتيجية المستمدة من خلفياتنا القومية التي تحصر تلك الإيجابيات في النقاط المركزية التالية:
1. يعمل هذا الاتفاق، بشكل موضوعي، على تقليص، وربما في بعض الحالات، وضع حد للاختراقات الخارجية، إقليمية كانت تلك الاختراقات أم عالمية. فمن المتفق عليه في علم السياسة، أن محاولات الاختراق الخارجي تعتمد أساسا على الثغرات التي تفتحها، بوعي أو بدون وعي النزاعات الداخلية، سواء على مستوى القطر المنفرد، أو على صعيد التكتلات الإقليمية من نمط مجلس التعاون الخليجي. وكلما تقلصت مثل تلك الخلافات كلما ضاقت تلك الثغرات وازداد تماسك ذلك البناء الداخلي للجسد المعني. لذا يأتي هذا الاتفاق المبدئي كي يرغم، وفي حدوده الدنيا يحرج، هذه الدولة من دول مجلس التعاون أو تلك على تحاشي الانخراط، بإرادتها أو بفعل الضغوط الخارجية عليها، في مشروعات دولية أو إقليمية من شأنها تشكيل أي نوع من التهديد للمصلحة الخليجية الاستراتيجية العليا.
2. يساعد هذا الاتفاق على إبطاء وتيرة تكديس السلاح المنطلق من احتمالات اندلاع صدامات داخلية، وهو – أي افتعال مثل تلك الصدامات - ما تحرص على الترويج لأوهامه شركات صناعة السلاح التي لها مصلحة مباشرة في اشعال أو إذكاء نيران مثل تلك الخلافات المفتعلة، لكونها العنصر الأكثر فعالية في زيادة موازنات الإنفاق على اقتناء المعدات العسكرية بما فيها تلك البالية المتكدسة في مخازن تلك الشركات. ويأمل المواطن الخليجي تخصيص ما يتم توفيره هنا، في الإنفاق على برامج التنمية.
3. يدعو هذا الاتفاق إلى وقف النزيف الإعلامي المنحرف عن الاتجاه الصحيح، فما أن تبدأ الخلافات الداخلية حتى تشرع كل دولة، كما شاهدنا وسمعنا إثر انفجار «أزمة سحب سفراء الدول الخليجية الثلاث من دولة مجلس التعاون الرابعة الدوحة»، في إشهار سيوفها الإعلامية. عندها، وبدلا من استمرار الإعلام الخليجي المشترك في كشف المزيد من خطط التسلل الخارجية والتصدي لها، وجدناه ينكفئ نحو الداخل، وتبدأ كل دولة في سوق التبريرات التي «تفسر» موقفها، حتى وإن أتى ذلك على حساب المصلحة المشتركة. وعلى نحو مواز نشطت شركات العلاقات العامة في ابراز مفاتنها كي تغري عواصم البلدان المتخاصمة في الاستفادة من خدماتها ضد بعضها البعض. ولم نستغرب عرض شركة معينة للخدمات ذاتها لطرفي ذلك الصراع المفتعل.
كان ذلك رصد للمخاطر الخارجية، أما على المستوى الداخلي الصرف، فيمكن الإشارة إلى أن الاتفاق يتصدى للمحاذير التالية:
1. قبر مسارعة بعض الفئات المعارضة في دولة معينة للاستعانة بدولة أخرى، إما في المجال الإعلامي، وفي أحيان أخرى للحصول على الدعمين السياسي والمالي. استمرار مثل هذه الحالة تقود في نهاية الأمر إلى تمزيق نسيج برامج التنسيق، أو التكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تمت حياكتها على امتداد فترة زمنية تجاوزت الربع قرن.
2. تشويه الاستقرار الاجتماعي الذي بنيت أعمدته على مدى سنوات من ذلك الاستقرار بين هذه الدول الذي لم تهده أقسى مراحل الاضطرابات السياسية التي عرفتها، بشكل متفاوت دول مجلس التعاون، منذ تأسيس معالم الدول الحديثة في اعقاب الحرب العالمية الثانية. وبقدر ما يحتاج الشفاء من جروح الأزمات السياسية فترات قصيرة، يتطلب الخروج من مآزق التشويهات الاجتماعية فترات أطول وجهود أشد.
بعد رصد تلك المخاطر الخارجية والمحاذير الداخلية، لا بد من الاستدراك هنا والإشارة إلى أن البيان على أهميته والحاجة الملحة له، يبقى أسير الأوراق التي دون عليها، ومحصورا في غرف الاجتماعات التي تمخض عنها، ما لم ينتقل إلى خطوة مؤثرة. ربما آن الأوان كي يضع قادة مجلس التعاون خلافاتهم الثانوية التكتيكية جانبا، والعمل بجد من أجل تقليص تلك الخلافات حتى تصل إلى الحدود الدنيا التي لا تستطيع ان تشكل عقبة أمام أي مشروع خليجي استراتيجي، ليس بالضرورة محصورا في الجانب السياسي، أو محدودا بسياج التعاون الاقتصادي. فهناك الكثير من المساحات المشتركة التي بوسعها، متى ما التفت إليها ونفذت بشكلها الصحيح، أن تشكل خطوات راسخة مدروسة على طريق التكامل الخليجي، الذي يعتبر حجر الأساس في أي مشروع وحدوي خليجي.
الدعوة إلى وقف الصراعات الخليجية التي خرج بها لقاء الرياض خطوة متقدمة، وفي غاية الأهمية، لكنها تبقى ناقصة وفي أمس الحاجة إلى أخرى تعززها مثل تسريع تنفيذ مشروعات: الربط الكهربائي، وخط السكة الحديد، وفوق هذا وذاك البرامج التعليمية، والمشروعات الاجتماعية.
وفي نهاية الأمر، ينبغي أن ينعكس هذا القرار بشكل سريع وواضح على منظمات المجتمع الخليجي التي ما تزال في انتظار من يبعث الحياة في أجسادها كي يتسنى لها الخروج من غرف العناية القصوى التي وضعت فيها.
البرهان في دفاع أمريكا عن الإخوان !
بقلم: تركي الدخيل عن الرياض السعودية
ليس سرا أن الوزير والديبلوماسي السابق في نظام حسني مبارك، أحمد أبو الغيط، له شوط طويل في الديبلوماسية المصرية، بل قضى جل عمره فيها، موظفا في الخارجية، وصولا إلى تسلمه منصبها. وعاش جميع ظروف مصر تقريبا، وربما كان من أوضح من تحدث عن العلاقة الأمريكية بالإخوان هو في مذكراته: «شهادتي»، وفي لقاءاته مع «روسيا اليوم»، وآخر إطلالاته كانت مع الزميل طاهر بركة في برنامج: «الذاكرة السياسية» حلقات غنية وثرية، هي امتداد لما تحدث عنه في مذكراته، لكن زاد في التفصيل وسرد الأحداث. أغرب ما تحدث به تلك المشاحنات بين حسني مبارك وبوش الابن، وبين أبو الغيط وكوندليزا رايس.
ذكر الوزير أبو الغيط أن بوش الابن قال لمبارك ولجمعٍ من حاشيته: لا بد من التقارب مع الإخوان المسلمين، فهم جزء من الجسم السياسي المصري، وعليكم أن تفتحوا صفحاتٍ جديدةٍ معهم، يضيف بوش: «أعلم أن الإخوان قاموا بعمليات إرهابية بمصر، وأدرك تاريخ هذه الجماعة، لكن لا بد من التصالح معها وإتاحة المجال السياسي لهم». يتعجب أبو الغيط من هذا الإصرار، وحين جاءت كوندليزا رايس إلى مصر في وقت التوتر بين مصر وأمريكا طلبت أن تلقي محاضرة وحقق لها هذا، لكن مبارك أراد أن يصعب عليها المهمة فلم يفسح لها الطريق، فدخلت مع موكبها بالزحام واستغرق طريقها لموقع المحاضرة قرابة الساعة!
هذه الأحداث يسردها أبو الغيط لا عن أناسٍ أموات، بل عن أحياء: «مبارك، بوش الابن، كوندليزا رايس»، وهؤلاء بإمكانهم الاستدراك على شهادة أبي الغيط والتذاكر حولها أو نقدها حتى إن لزمت المسألة، الخلاصة أن الإخوان الذين وصموا غيرهم بأنهم عملاء للغرب، وأن أمريكا تحميهم، وأن التيارات الأخرى هم «زوار السفارات» بان مع أفول ما سمي بـ«الربيع العربي» وانتهاء تلك المسرحية، بانت حقيقة الإخوان المدعومة المدفوعة من أمريكا التي تعلم تاريخهم الإرهابي.
لا مزيد على ما ذكره الوزير في شهادته، وهو المحنك والحصيف، وعلى من يشكك بهذه المعلومات أن يستدرك، وبوش الابن الذي يحترف الرسم الآن بالتأكيد لديه الوقت ليستمع إلى ما قيل عن دعمه لهذه الجماعة الإرهابية.
هكذا يبدو موسم الانتخابات العربية عام 2014
بقلم: مارك لينش عن المصري اليوم نقلا عن واشنطن بوست
تجرى الديمقراطية العربية على قدم وساق، على الأقل على الورق. فالجزائريون انتخبوا مجدداً الرئيس المريض عبدالعزيز بوتفليقة، 77 عاما، لولاية رابعة، بينما تستعد العراق لانتخابات برلمانية محورية فى 30 إبريل المقبل، وسط تصاعد لأعمال العنف وذعر سياسى.
وتشهد مصر انتخابات رئاسية يومى 26، 27 مايو المقبل، بين المشير عبدالفتاح السيسى، الذى حالفه الحظ بوجود منافس واحد على الأقل، كى يتجنب أن يبدو الأمر كأنه استفتاء شعبى عليه. أما سوريا، التى مزقتها الحرب، فهناك خطط لعقد انتخابات رئاسية، تحظى بسخرية الجميع على نطاق واسع، فى 3 يونيو المقبل.
ولا يعول كثيرون على أهمية هذه الانتخابات المتوقع عقدها فى هذه الدول الأربع السابقة، وتستهدف نحو 183 مليون شخص، أى ما يعادل تقريبا 50% من سكان العالم العربى. فالانتخابات البرلمانية فى العراق وحدها ستسفر عن نتائج غير معروفة مسبقاً.
أما مصر، وسوريا، والجزائر، فلديها أقل بكثير من الحد الأدنى للديمقراطية، والذى يتطلب أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة نسبياً فى مؤسسات السلطة الفعلية، مع عدم اليقين المؤكد بنتائجها.
ففى مصر، ستجرى الانتخابات وسط مناخ قمعى واسع من الترهيب، والاعتقال، والتحيز المؤسسى، بينما ستكون فى سوريا كأنها حلقة هزلية فى ظل الحرب الأهلية المروعة والوحشية الطائفية.
وهنا علينا أن نتحمل عناء طرح السؤال الآتى: إلى أى مدى زادت الانتفاضات العربية من آمال حدوث شىء أكثر مما كان سابقا، فعلى مدى العقود الماضية، صوتت الدول العربية طوال الوقت ولم يكن هناك من يتوقع أى نتائج جديدة.
فمن يستطيع أن ينسى الانتخابات الرئاسية فى مصر عام 2005، عندما فاز الرئيس السابق حسنى مبارك بـ88.6% أو عندما حاز الحزب الوطنى الحاكم حينها على 95% من مقاعد البرلمان فى انتخابات 2010. وفى تونس، فاز الرئيس السابق زين العابدين بن على فى انتخابات 2009 بنسبة 89.6%.
فالانتخابات، فى بعض الأحيان، ربما تكون أكثر انفتاحا وتنافسية، مثلما حدث فى الانتخابات البرلمانية فى مصر عام 2005، وفى الأردن عام 1989، لكنها دائما ما تكون ضمن حدود محددة.
وبعد 2011، كان هناك سبب للأمل فى أن تحمل الانتخابات العربية شيئاً جديداً، وبأن تكون هناك ولو بدرجات متفاوتة انتخابات تنافسية ومدهشة وحرة ونزيهة إلى حد معقول، وذات مغزى فى تونس وليبيا ومصر. فلقد أنتجت هذه الانتخابات برلمانات ورؤساء كافحوا من أجل تعزيز شرعيتهم وسط حالة من الغموض المؤسسى، وتعبئة مستمرة للخلافات، واستقطاب سياسى
فلقد كانت أصوات الناخبين هذه المرة مختلفة بالفعل عن عشرات الانتخابات السابقة التى جرت فى جميع أنحاء المنطقة، وقدمت إمكانية مستقبلية فى تعزيز مساءلة الحكومة والتداول السلمى للسلطة. أما الآن فلقد ضاع فى الأغلب كل شىء، حتى فكرة الشرعية الديمقراطية أصيبت بجروح قاتلة، فقليل من هذه الجولات الانتخابات الحالية لديها الكثير لتفعله مع أى من هذه الأشياء.
وتشير أدبيات ما قبل الانتفاضات العربية إلى أن إحدى الوظائف الرئيسية للانتخابات الرئاسية السورية والمصرية تتمثل فى العودة إلى الحياة الطبيعية بعد فترة من الاضطرابات. فالانتخابات فى الدولتين تبدو استفتاء شعبيا رسميا مصحوبا بمعارضة رمزية من أجل المظاهر.
فالانتخابات فى البلدين من المرجح أن تكون عودة للحياة الطبيعية وإغلاق الباب على 3 سنوات من الاضطرابات فى إطار من الإجراءات الدستورية. وعلى الرغم من أنه من غير المحتمل نجاح ذلك، لاستمرار إراقة الدماء فى سوريا، وتصاعد العنف فى مصر، فإن الأنظمة ستحاول تركيز اهتمام الجمهور على سباق الانتخابات، لصرف انتباههم عن القضايا الصعبة الأخرى مثل السجناء السياسيين أو العنف المستمر. وهناك غرض رئيسى آخر من هذه الانتخابات فى مصر وسوريا يتمثل فى إعادة تأسيس شرعية فى الخارج.
المصالحة الفلسطينية… ورقة تكتيكية أم تحول استراتيجي؟
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
أبعد من المصالحة.. المطلوب بداية فلسطينية جديدة؟!
بقلم: بكر عويضة عن الشرق الأوسط
اتفاق مخيم الشاطئ.. وماذا بعده
بقلم: سفيان أبو زايدة عن رأي اليوم
افتتاحية الخليج: لأن العدو يخاف من المصالحة
بقلم: أسرة التحرير عن الخليج الاماراتية
عن اجتماع المجلس المركزي
بقلم: عوني صادق عن الخليج الاماراتية
العودة إلى منظمة التحرير!
بقلم: طارق مصاروة عن الرأي الأردنية
فلسطينيو لبنان وأسئلة اللحظة..؟
بقلم: علي بدوان عن الوطن القطرية
في تفكيك العنصرية الإخوانية
بقلم: سعد القرش عن العرب اللندنية
وقف الصراعات الخليجية
بقلم: عبيدلي العبيدلي عن الأيام البحرينية
البرهان في دفاع أمريكا عن الإخوان !
بقلم: تركي الدخيل عن الرياض السعودية
هكذا يبدو موسم الانتخابات العربية عام 2014
بقلم: مارك لينش عن المصري اليوم نقلا عن واشنطن بوست
المصالحة الفلسطينية… ورقة تكتيكية أم تحول استراتيجي؟
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
اعلنت حركة حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر صحافي مشترك عقد في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة امس الاربعاء الاتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني برئاسة الرئيس محمود عباس خلال خمسة اسابيع.
واطلق الاعلان عن الاتفاق احتفالات في شوارع غزة، مصدرها الامل في ان تكون المصالحة قابلة للتنفيذ هذه المرة، وان تفتح الباب امام انهاء الحالة المأساوية التي يعيشها القطاع. ولا يملك المراقب العربي الا ان يتمنى ان تكون هذه المصالحة ‘مختلفة حقا عن سابقاتها’، وان يكون الدافع اليها هو تحول استراتيجي مشترك نحو الالتزام بالمصلحة الوطنية العليا، وليس اللعب بها كـ ‘ورقة تكتيكة ‘ لتحقيق اهداف سياسية ضيقة، سواء على صعيد المفاوضات التي وصلت الى نهاية الطريق المسدود مع اسرائيل، او الوضع السياسي لحركة حماس في ضوء علاقاتها المعقدة مع القاهرة. فهذه ليست المرة الاولى التي يخرج فيها الفرقاء الفلسطينيون ليعلنوا انهاء الانقسام، ويلتقطوا الصور للمصافحات وتوقيع الاتفاقات، قبل ان يكتشف الجميع ان ما حدث لا يتعدى ‘مسرحية اعلامية’، اصبحت بالنسبة لكثيرين ‘مثيرة للملل’ على اقل تقدير.
وحتى اذا توافرت النوايا الحسنة لدى الطرفين، قد لا يعدم المراقب ان يجد من الاسباب الجدية والمنطقية للتشكيك في امكانية تنفيذ هذه المصالحة، وهي التي يكاد ينطبق عليها القول ‘مضطر اخاك لا بطل’ بعد ان تأخرت لسنوات طويلة. وحسب المثل الفلسطيني فان ‘الملدوغ يخاف من جرة الحبل’.
الا ان الانصاف يحتم استحضار ان الاختلاف الكبير في المعطيات السياسية هذه المرة، قد يكون كافيا لتبرير الامل في ان تكون بداية ممكنة لنهاية هذا الانقسام المشين. فالرئيس محمود عباس يمكن ان يجد في المصالحة مع حماس ‘حبل نجاة’ لانقاذ مصداقيته، بعد ان وصل مجددا الى النتيجة المحتومة نفسها في المفاوضات الماراثونية مع اسرائيل دون ان يكون قادرا على تقديم بديل حقيقي لشعبه، ما زاد من الضغوط عليه للتهديد باعلان حل السلطة، وتسليم مفاتيحها الى الامم المتحدة.
وربما القى نتنياهو اليه بهذا الحبل عندما هدده بأن عليه ‘ان يختار بين السلام مع إسرائيل أو الحركة الإسلامية المعادية لإسرائيل’، وهي تهديدات تستحق ان يرد عليها الرئيس الفلسطيني ببرقية شكر، اذ انها تسهل عليه اتخاذ القرار الصحيح للمرة الاولى منذ زمن بعيد. فالذي ينتظره الفلسطينيون من رئيسهم، مصالحة على اساس المقاومة المشروعة للاحتلال بكافة السبل، تفعيلا لمعاهدات القانون الدولي التي وقع عليها مؤخرا، وليست ‘مصالحة للتسويف او المهادنة او التعايش’ مع الاحتلال.
اما حركة حماس، فقد اصبح تفاقم الاوضاع المتردية في قطاع غزة يمثل تحديا حقيقيا لسلطتها، سواء من حيث شرعيتها او قدرتها على البقاء. واصبح واجبا عليها من جهة المسؤولية الوطنية ان تعيد الامانة الى صاحبها الاصيل اي الشعب الفلسطيني، عبر انتخابات شاملة، بغض النظر عن اي تصنيفات على اسس سياسية او ايديولوجية او جغرافية، ليقرر ان يفعل بها ما يشاء.
وليس سرا ان العلاقة بين حماس وحكومة القاهرة وصلت مؤخرا الى مرحلة غير مسبوقة من المواجهة ان لم يكن العداء، وسط اجواء مسمومة من الحرب الاعلامية، والقطيعة السياسية، والتوتر الامني.
ومن اللافت ان اسماعيل هنية ومسؤولين اخرين في حماس اشادوا بدور مصر في اتمام المصالحة واكدوا دعمهم لها. فهل ستكون المصالحة الفلسطينية مناسبة لفتح صفحة جديدة مع القاهرة؟ ولا يمكن النظر الى المصالحة الفلسطينية بمنأى عن تحولات اقليمية متسارعة، اصبح معها استمرار الانقسام الفلسطيني نوعا من الاصرار على الانتحار السياسي الجماعي، ناهيك عن الحاق ضرر تاريخي بالقضية الفلسطينية لا يمكن الا ان يقارن مع النكبة نفسها.
وفي المقابل فان القاهرة مطالبة بمباركة هذه المصالحة ليس ببيان دبلوماسي اجوف، لكن باتخاذ مبادرة لانهاء معاناة اهل غزة، بفتح المعبر بشكل قانوني ما يحفظ الامن للجانبين، لكن لا يقصر الحالات الانسانية على المعتمرين، وكأن المرضى والعائلات المشتتة وغيرهم ليسوا كذلك.
وبغض النظرعن حقيقة هذا المشروع الجديد للمصالحة الفلسطينية ومستقبله، فانه مناسبة اخرى يظهر فيها جليا ان ادارة الصراعات السياسية المتحولة بحكم طبيعتها، تتطلب قدرا كبيرا من ضبط النفس والبراغماتية وعدم الايغال في العداء، حيث انه في النهاية لا يصح الا الصحيح.
أبعد من المصالحة.. المطلوب بداية فلسطينية جديدة؟!
بقلم: بكر عويضة عن الشرق الأوسط
على ماذا اختلف ساسة الفلسطينيين وقيادات مختلف التنظيمات والأحزاب، قبل تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية (1964) وبعدها؟ حب فلسطين والانتماء لأرضها؟ كلا. استعادة حقوق شعبها؟ كلا. أن يمارس الفلسطينيون في دولة مستقلة فوق أرضهم حياة عادية كغيرهم من شعوب العالم؟ كلا أيضا.
علام الخلاف إذن؟ الوسائل والأساليب؟ نعم. حسنا، أيعقل أن يركل المختلفون على أساليب حب بلدهم، قضية شعبهم وراء ظهور أجنداتهم الفصائلية، كما يتقاذف اللاعبون الكرة بين أقدامهم بغية تسديد الأهداف في شباك الخصم؟ بالتأكيد كلا. لكن، بأسف مؤلم وصراحة تجرح، ذلك هو ما حصل منذ عقود طالت، ولا يزال هو الحاصل في أراضي ملاعب قيادات أساءت التصرف، فتراجعت قضية الأرض، وتهمشت منظمة التحرير الفلسطينية لصالح مكاسب منظمات.
صحيح أن صراع فصائل الكفاح الفلسطيني المسلح ضد بعضها بعضا، سياسيا وعسكريا مر بفصول عدة، وشهد بعض أفظع مآسيه على غير أرض، لكن الأخطر بينها هو الذي وقع بين حركتي «حماس» و«فتح» فوق أرض فلسطين. ليس الأمر مجرد تسطير كلمات، بل الواقع يقول بهذا، والأرجح أن الأغلبية بين الفلسطينيين، وغيرهم من المعنيين بقضيتهم، تتفق مع ذلك القول. باختصار، الصراع الناشب بين حركة «حماس» وحركة «فتح»، قبل انتخابات ربيع 2006 وبعدها، وصولا لما اعتبر «انقلاب» يونيو (حزيران)، هو الأخطر لأنه فرق قوتين يشكل التوافق بينهما العمود الفقري لتحقيق دولة فلسطين المستقلة.
من هو الطرف المسؤول عن ذلك؟ لندع تحديد اللوم جانبا، إنما لعل من المفيد التذكير بمفاصل تاريخية. عند تفجر انتفاضة الحجر الفلسطيني ديسمبر (كانون الأول) 1987 كان مر على الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عشرون عاما، أوجعت المقاومة خلالها الاحتلال، لا شك، لكنها لم تقصم ظهر آلته العسكرية، ولا أحرجت موقف تل أبيب السياسي في عواصم العالم المتحضر قاطبة. أكف فتية مدن فلسطين وقراها أنجزت الأمرين معا.
ماذا تفعل الدبابات وسيارات الجيب المدرعة، أو طائرات الهليكوبتر، في مواجهة جحافل شبان قرروا نسيان مرح سنوات المراهقة، وفتح معركة الحجر ضد من يحتل أرضهم؟ لا شيء، ولئن أسالت قسوة التعامل العسكري الدم الفلسطيني وأوقعت القتل، فإنها أيضا لفتت أنظار العالم إلى صبي يواجه بالحجر رشاش جندي احتلال. في تلك الأثناء، كان معظم آباء المقاومة الفلسطينية يقيمون في مدن آمنة، من تونس إلى دمشق وبيروت. حجارة مراهقي الضفة الغربية وغزة، ودماؤهم، أمّنت للقادة الفلسطينيين فرصة اهتمام عالمي بقضية شعبهم غير مسبوقة، ومن ثم فتحت أمامهم أبوابا دولية كانت موصدة لم يكن ليفتحها لا اختطاف طائرات، ولا خطف رهائن.
فجأة، سمع العالم أن جنرالا يحتل موقع رئيس حكومة إسرائيل (إسحق رابين) يتمنى لو استيقظ فإذا «البحر ابتلع غزة»، لمجرد أن فتيانها يقاومون احتلال جنوده لأرضهم، وهو العالم ذاته الذي اعتاد على مقولة تزعم أن العرب هم من يريدون «إلقاء إسرائيل في البحر». اختلفت الصورة.
مع تراكم صور قسوة المواجهات في قطاع غزة والضفة الغربية، ظلت صورة الموقف الدولي، وبضمنه الرأي العام الإسرائيلي، ماضية في التغير تلح على ضرورة وضع حد للمعاناة الفلسطينية. عندما انعقد المجلس الوطني الفلسطيني بعد عام من انتفاضة أنضجت أجواء دولية أمكن معها صدور إعلان قيام الدولة الفلسطينية (الجزائر/ 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1988)، الذي شكلت بنوده حجر أساس لمشروع دستور، والذي تضمن بوضوح هدف التعايش السلمي بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، ومن ثم مهد لما تبعه من خطوات عملية، في مقدمها تعديل ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية بحذف ما يتناقض من بنود مع حل الدولتين. في نهاية الأمر، انتفاضة الحجر هي أيضا التي أوصلت إلى اعتراف إسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني، وهي التي فتحت أبواب مؤتمر مدريد، وأوصلت إلى مفاوضات أوسلو السرية، ثم قادت رابين نفسه مع شيمون بيريز وياسر عرفات ومحمود عباس إلى واشنطن ليشهد العالم معهم لحظة تاريخية بدت آنذاك (13/ 9 / 1993) كما لو أنها استحالة تتجسد واقعا.
على هذه الأرضية بدأ وضع حجر الأساس العملي للدولة الفلسطينية، وبدأ معه مسار مختلف للعمل السياسي الفلسطيني فتح الأبواب أمام إمكانية التقاء مختلف الحركات والجبهات باختلاف توجهاتها، على أرض فلسطين نفسها، والعمل معا للنهوض بمشروع الدولة المستقلة. حركة «حماس» دخلت المعترك السياسي من هذا الباب ذاته، ما الخلل إذن؟ بصراحة لن تروق لكثيرين، الخلل هو في غياب وضوح الرؤية، أو - إن شئتم - تغييبه إذا لزم الأمر.
بمعنى، كان على «حماس»، وكل تنظيم فلسطيني غير ملتزم باتفاق أوسلو، الإحجام عن المشاركة في اللعبة السياسية. وكان على السلطة الفلسطينية أن تفرض سلطتها فتلزم غير الملتزمين بالعملية السلمية بالاحترام العملي، وليس اللفظي فقط، لإرادة أغلبية فلسطينية قررت تجريب الكفاح السلمي، بعد سنوات المسلح، وصولا لتحرير أرض محتلة واسترجاع حقوق مسلوبة.
لكن الذي حصل، كما في أغلب الحالات العربية، هو القفز على أكثر من حبل، والمشي بين خطوط متعرجة (zig zag) لا توصل إلى هدف واضح ومحدد. إذا استمر الحال الفلسطيني على هذا المنوال، لن يتيسر التوصل لبداية فلسطينية جديدة تمضي أبعد من مصالحات مظهرية، بل تستند إلى ثبات هدف ووضوح رؤية يلزمان الأطراف كافة، بدل ادعاء التعايش بين الرؤى المتصادمة. ما جرى الاتفاق عليه بين حركة حماس ووفد رام الله في غزة أمس خطوة مهمة، بلا جدال، لعلها تكون انطلاقة على طريق البداية الجديدة المطلوبة.
اتفاق مخيم الشاطئ.. وماذا بعده
بقلم: سفيان أبو زايدة عن رأي اليوم
بعيدا عن التفاصيل التي يستتر خلفها الكثير من الشياطين، لا اعتقد ان هناك وطني فلسطيني يمكن ان يعارض اويتحفظ على اتفاق مخيم الشاطئ كما اسماه اخي وصديقي الصحفي زكريا التلمس.
هذا الاتفاق الجديد الذي يأمل كل انسان شريف ان يلقي بالانقسام خلف ظهورنا وان لا يكون مصيره كمصير من سبقه من اتفاقات.
لا شك ان هناك الكثير من العوامل المحليه والاقليمية التي تساعد في انجاح اوتعطيل هذا الاتفاق. هذا الامر لا يتوقف فقط على النوايا الحسنه لدى كافة الاطراف والتي من المطلوب توفرها في كل الظروف والاحوال. هناك ايضا مؤثرات، خاصه اسرائيلية لن يروق لها هذا الاتفاق، ولذلك لم يمكن مفاجأة ان تكون اول ردة فعل صادرة من جهة اسرائيلية وعلى لسان وزير خارجيتها المستوطن ليبرمان الذي هاجم الاتفاق، والاهم من ذلك وقبل ان ينهي الاستاذ اسماعيل هنية كلمته كانت الطائرات الحربية تقصف في شمال بيت لاهيا، اي على بعد سبعة كيلومترات فقط من مكان الاجتماع.
ربما سيكون الجزء الاسهل في تطبيق هذا الاتفاق هوتشكيل حكومة الوفاق الوطني خلال فترة الخمس اسابيع، وكذلك اصدار مرسوم بتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية وكذلك المجلس الوطني. هذا لا يعني بالضرورة ان الانقسام قد انتهى لان مشكلة الشعب الفلسطيني هي ليست السلطه وليست الانتخابات حيث تسمع التهديدات ليل نهار بحلها اوتفكيكها اواعادة مفاتيحها للاحتلال. على الرغم ان اتفاق الشاطئ سيضع حدا ولوبشكل مؤقت عن الحديث حول هذا الامر حيث لا يعقل توقيع الاتفاق اليوم على تشكيل حكومه والذهاب الى انتخابات وفي نفس الوقت نهدد الاسرائيليين بأننا سنعيد مفاتيح السلطة لهم على اعتبار ان الاحتلال هو صاحب السيادة الفعلية على الارض.
خلال الايام القليلة القادمة سيتضح اذا كان هذا الاتفاق الجديد هو بالفعل الاتفاق الاخير على طريق انهاء الانقسام ام سيلاقي نفس مصير من سبقة من اتفاقات في مكة والقاهرة والدوحة. الامر يعتمد على العديد من التطورات التي قد تعكس نفسها وقد تؤثر على آليات ورتم تنفيذ هذا الاتفاق. من هذه القضايا على سبيل مثال:
اولا: تمديد المفاوضات من عدمها:
نهاية هذا الشهر هل سيكون هناك تمديد للمفاوضات وبالتالي ابقاء الوضع كما هوعليه في كل ما يتعلق باعلاقة ما بين السلطة واسرائيل. اذا تم تمديد المفاوضات دون اي التزامات اسرائيلية عملية لن يكون هناك موقف اسرائيلي سلبي حقيقي اوعملي تجاه تشكيل حكومة الوفاق الوطني وكذلك اجراء الانتخابات في الضفة الغربية والاصرار مع احتمال منع اجراء الانتخابات في القدس.
المنطق الاسرائيلي سيكون ضعيف في معارضة المصالحة الفلسطينية طالما هناك مفاوضات نحن كفلسطينيين قبل غيرنا نعتبرها عبثية.
اما اذا كان هناك موقف فلسطيني يترجم ما قررته اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية بعدم التجديد الا وفق شروط محددة اهمها الوقف الكامل للاستيطان فأن اسرائيل ستعتبر ان السبب في عدم التمديد ليس بلطجتها هي بل المتهم هم الفلسطينيين حيث اختارت السلطة المصالحة مع حماس بدل المصالحة مع اسرائيل كما قال نتنياهوواعضاء حكومته في اكثر من مناسبة.
ثانيا: اطلاق سراح المعتقلين واعادة فتح المؤسسات واطلاق سراح الحريات العامة:
لا يهم اسرائيل اذا كان هناك اطلاق سراح للمعتقلين في غزة ولكنه يهمها اذا كان هذا الاتفاق سيؤدي الى تغيير جذري في عمل الاجهزة الامنية في الضفة الغربية ، خاصة تجاه حماس. وعلى اعتبار ان اطلاق سراح المعتقلين ووقف الملاحقات والاستدعاءات واعادة فتح المؤسسات هوجزء اساسي من الاتفاق. يمكن للمرء ان يتخيل ردة الفعل الاسرائيلية اذا ما تم احداث تغيير في قواعد اللعبة الامنية. التذكير بهذا الامر هوفقط للتنبيه لمدى الصعوبات والعقبات التي قد تقف عائق امام تنفيذ الاتفاقات.
دون اطلاق سراح المعتقلين ووقف الاستدعاءات والملاحقات والاعتقالات واطلاق سراح الحريات العامه لن يكون هناك مصالحه حقيقية وسيكون ما حدث من اتفاق مجرد تفكيك ازمات لقيادات ولتنظيمات اكثر منه انهاء للانقسام.
ثالثا: استيعاب موظفي حماس ودمج الوزارات:
الاتفاق سينهي حكومتي غزة والضفة وتشكيل حكومة وفاق وطني، السؤال الذي لا مفر منه، وعلى اعتبار ان اهم عمل تقوم به الحكومة هوتوفير رواتب موظفيها، هل هناك ضمانات لتوفير رواتب الموظفين؟ وبشكل اكثر تحديدا هل الحكومة القادمة ستوفر رواتب لكل الموظفين بما في ذلك موظفي حماس الذين يتجاوز عددهم الثلاثين الف موظف ام ان هناك تفاهمات جانبية وحلول خلاقة المواطن البسيط لا يعرفها؟
هل من الممكن ان يتم ذلك خلال الفترة الانتقالية؟ الايام والاسابيع القادمة ستكشف للمواطن الفلسطيني ما اذا كانت هناك حلول خلاقة لحل هذة المشكلة والاهم من ذلك سيراقب الجميع كيف ستكون آلية دمج الوزارات والدوائر المختلفة.
رابعا: فك الحصار عن غزة:
ان اهم فائدة قد تعود على حماس بشكل خاص والمواطنين الفلسطينين في غزة هو ان يؤدي هذا الاتفاق على انهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، واهم ركيزة من ركائز هذا الحصار هومعبر رفح. فتح المعبر بشكل دائم من خلال تولي حكومة الوفاق المسؤولية عليه مما سيريح الاخوة المصريين سيشكل رافعه مهمة على طريق تنفيذ هذا الاتفاق . سماح الاخوة المصريين للدكتور موسى ابومرزوق بالدخول الى غزة والمساهمة في دفع عجلة الاتفاق هي رسالة مهمة تؤكد على الدعم المصري لهذا الجهد وهذا من المفترض ان ينعكس على مواقفهم تجاه اعادة فتح معبر رفح على اقل تقدير.
هذا فقط جزء من الاسئلة التي تحتاج الى اجابات توضيحية مع الاخذ بعين الاعتبار ان الاطراف التفاوضية قد تكون تطرقت الى هذة القضايا وقضايا اخرى ولكن فضلت ترحيلها الى مراحل متقدمة.
على اية حال، وجع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة والشتات ليس حكومة وانتخابات، في غزة انهكهم الحصار والفقر والبطالة ومياة الشرب الملوثة، وفي الضفة انهكهم الاستيطان وعربدة المستوطنين واستفزازاتهم، هذا ما يبحث عنه الناس.
افتتاحية الخليج: لأن العدو يخاف من المصالحة
بقلم: أسرة التحرير عن الخليج الاماراتية
عندما يخيّر رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو السلطة الفلسطينية بين "السلام" مع "إسرائيل" والمصالحة مع "حماس"، إنما يريد أن يقول إن الانقسام الفلسطيني هو هدف استراتيجي للكيان الذي يعتبر الوحدة الوطنية بين كافة الفصائل والمنظمات والقوى الفلسطينية خطراً جدياً، ويعتبرها عاملاً أساسياً في التصدي لمخططات التوسع والتهويد، ورافعة لقيام مشروع وطني فلسطيني نضالي يعيد تصويب البوصلة باتجاه الثوابت الوطنية والقومية، ويحدد وسائل المجابهة باتجاه العدو الحقيقي .
ليست المرة الأولى التي يلجأ فيها نتنياهو إلى تهديد وابتزاز السلطة الفلسطينية . لقد فعلها أكثر من مرة من قبل، لأنه يرى في أي جهد لإعادة اللحمة إلى الجسد الفلسطيني المنقسم بين الضفة والقطاع محاولة لإعادة الروح إلى المسيرة النضالية التاريخية، والتخلي عن أساليب المفاوضات العقيمة التي لم يجن منها الشعب الفلسطيني إلا المزيد من الاعتداء على حقوقه ومصادرة أرضه، وتوسيع الاستيطان، إضافة إلى مسلسلات العدوان التي لم تنقطع على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع .
. . وبما أن المصالحة الفلسطينية تشكل أرقاً للعدو، وخطراً على مسيرة الخداع والتضليل المتواصلة منذ اتفاق أوسلو، وبما أن الاجتماعات القائمة بين فتح وحماس انتهت إلى اتفاق نهائي يضع حداً للانقسام ويجعل من الوحدة الوطنية هدفاً وحيداً تهون عنده كل التضحيات وتسقط أمامه كل الأعذار والتبريرات، ومعها العصبية الحزبية والمصالح الشخصية والحزبية، فإن السلطة الفلسطينية اختارت المكان الصحيح رغم تهديدات نتنياهو .
القضية الفلسطينية لم تعد تحتمل هذا الانقسام الذي يجزئ الشعب والأهداف والحقوق، ويضعف إرادة الشعب الفلسطيني، ويعزز مواقف العدو الذي لا يخفي خوفه من الوحدة الوطنية .
لعلها فرصة جديدة تشكل حالة من الوعي لدى الأطراف الفلسطينية المتصارعة، بأنها كلها خاسرة إذا ما استمر الانقسام، وكلها رابحة إذا ما استعاد الشعب الفلسطيني قراره وعرف أين يضع خطواته في مسيرة النضال الطويلة . ونأمل أن يكون الاتفاق هذه المرة نهائياً .
عن اجتماع المجلس المركزي
بقلم: عوني صادق عن الخليج الاماراتية
بات من المقرر أن يجتمع المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية يوم 26 إبريل/ نيسان الجاري بعد غد، ويتوقع أن يتواصل ليومين . ومعروف أن المجلس هو الحلقة الوسيطة بين المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وله صلاحيات اتخاذ القرارات في حال غياب أو عدم انعقاد المجلس الوطني، الذي يفترض أنه أعلى سلطة في النظام السياسي الفلسطيني . وجدير بالذكر أن آخر مرة عقد فيها المجلس المركزي اجتماعاً كان في العام ،2011 علماً بأنه يفترض أن ينعقد مرة كل ثلاثة أشهر . أما المجلس الوطني فكان آخر انعقاد له في عمان العام 1996 وأما اللجنة التنفيذية فقد مضى على انتخابها 18 عاماً، بينما المجلس التشريعي الفلسطيني معطل منذ أحداث غزة في يوليو/ تموز العام 2007 .
يستفاد مما سبق ذكره، أن ما يسمى "النظام السياسي الفلسطيني" برمته غير شرعي . وعليه، قد لا يكون من حقه اتخاذ أية قرارات قبل أن يتم إصلاحه وإعادة الاعتبار والشرعية لكل مؤسساته، وهذه قصة طويلة . ولكن لأن "هذا هو الموجود"، وهو الذي "سيقرر" ما سيكون، فلا مفر من التغاضي مؤقتاً عن هذا "الوضع القائم"، والبحث في معنى انعقاد المجلس المركزي وما يمكن أن ينجم عنه، لعل في الإمكان إنقاذ ما يمكن إنقاذه!
بداية لا بد من القول، إن هذا الاجتماع يأتي بعد أن سدت كل أبواب ما يسمى "العملية السياسية"، وبعد أن ظهر عقمها وعقم الأسلوب المتبع في خوضها وهو "أسلوب المفاوضات كخيار وحيد"، بعد تقديم الجانب الفلسطيني كل ما يمكن من التنازلات، حتى كاد ألا يظل ما يمكن التفاوض حوله . وقد تأكد كل ذلك بشهادة "شهود من أهلها" بأن حكومة نتنياهو (التي لم تختلف عن غيرها من الحكومات "الإسرائيلية" المتعاقبة، وإن كانت أكثرها تطرفاً) كانت تقصد منذ اليوم الأول لاستئناف المفاوضات أمرين: كسب الوقت وإفشال المفاوضات . وحتى المحاولات التي ما زالت جارية لتمديد المفاوضات لا تتعدى أهداف الحكومة "الإسرائيلية" والإدارة الأمريكية ذينك الأمرين، ما يجعل المسألة تختصر في "تأجيل إعلان فشل المفاوضات"، كما أجمعت الصحف "الإسرائيلية" .
بعد ذلك، يطرح سؤال: ما هي الملفات الأكثر راهنية وإلحاحاً، والمطلوب من المجلس المركزي اتخاذ قرارات عاجلة بشأنها، خصوصاً أنه سينهي اجتماعاته قبل يومين من أنتهاء المهلة المعطاة للمفاوضات الجارية؟ أظن أن كثيرين سيوافقون على أن هذه الملفات لا تزيد على ثلاثة عاجلة: الموقف من المفاوضات، والموقف من سلطة أوسلو، والمعركة الدبلوماسية . وهناك، بعدها، ثلاثة أخرى تحتاج لوقت أطول، ويمكن أن يصبح تناولها أسهل في حال اتخاذ المواقف الصحيحة من الثلاثة الأولى، هي: المصالحة، وعقد المجلس الوطني، وإصلاح النظام السياسي وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير .
وفي الظروف المحلية والإقليمية والدولية الحالية التي ينعقد فيها المجلس المركزي، وفي وقت مطلوب منه أن يتخذ قرارات لم يكن قادراً على أخذها في ظروف أفضل، هل يمكن لأحد أن يتوقع ماذا يمكن أن يسفر عنه هذا الاجتماع؟!
هناك من يرى أن على المجلس أن يرفض العودة للمفاوضات أو التمديد لها، حتى لو أطلقت السلطات "الإسرائيلية" الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى، لأن المفاوضات ساعتئذ ستكون إنجازاً لنتنياهو بكسب مزيد من الوقت لتنفيذ مخططاته الاستيطانية والتهويدية، وتمديد للعبث وتعظيم للخسائر الفلسطينية، بل أن يقرر وقف المفاوضات نهائياً ومتابعة المعركة الدبلوماسية في الأمم المتحدة، بالانضمام إلى محكمتي لاهاي والجنائية الدولية . لكن هذه المطالب تعني في الحقيقة إلغاء الجانب الفلسطيني "اتفاق أوسلو" رسمياً، وبالتالي حل "سلطة أوسلو" . والمعروف أن الرئيس محمود عباس، وبالرغم من تلميحاته الأخيرة حول "حل السلطة"، إلا أن أحداً لا يأخذ تلميحاته على محمل الجد .
وهناك من يرى أن المجلس سيتخذ "قرارات جوهرية"، وسيعتمد "استراتيجية جديدة" تقوم على "تغيير قواعد الاشتباك" مع سلطات الاحتلال! لكن توقعات مثل هذه، لا بد أن تقوم على ما سبقت الإشارة إليه، من تخل عن المفاوضات وإلغاء لاتفاق أوسلو، إضافة إلى أنه يعني فتح الباب أمام المقاومة بكل أشكالها، وهو ما ترفضه السلطة جملة وتفصيلاً . لذلك لا نعرف على أية أسس جاءت، وما هي المعطيات التي قامت عليها هذه التوقعات!
إن من يأخذ الوقائع على الأرض، والواقع السياسي الراهن معياراً، لا يتوقع أن يتخذ المجلس المركزي قراراً واحداً يخرج عن السياسة التي تعتمدها "سلطة أوسلو"، تلك السياسة التي تتمسك بالمفاوضات خياراً وحيداً، وبالولايات المتحدة راعياً وحيداً، و "عملية السلام" استراتيجية وحيدة! أما التلميحات عن إلغاء "اتفاق أوسلو" و"حل السلطة" والتوغل في "المعركة الدبلوماسية"، فليست أكثر من أدوات للمناورة، ربما لإعطاء نتنياهو ما يدافع به عن قبوله إطلاق الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى . وهذا التصور الذي نقول به يكشفه التناقض في تصريحات رموز السلطة وحركة (فتح) ممن يهتمون بشؤون التسريبات! وعلى سبيل المثال لا الحصر، يقال حيناً إن العودة والتمديد للمفاوضات لا يحتاج أكثر من إطلاق سراح الدفعة الرابعة من قدامى الأسرى، ويقال حيناً، إن للسلطة "شروطاً" من أجل العودة للمفاوضات، وهي شروط من العيار الثقيل مثل: وقف الاستيطان بشكل نهائي في فترة المفاوضات، والموافقة على حدود ،1967 على أن تكون الشهور الثلاثة الأولى مخصصة لترسيم الحدود . . إلى ما هنالك .
فلا تتفاءلوا كثيراً!!
العودة إلى منظمة التحرير!
بقلم: طارق مصاروة عن الرأي الأردنية
.. قبل وحدة المنظمات الفلسطينية. وقبل اتفاقات القاهرة والدوحة. قبل الوزارات والانتخابات. وقبل مهرجانات الفرح في مخيم الشاطئ! فهناك حتمية أساس يجب توفيرها هي: امتلاك الإرادة الوطنية الفلسطينية. وحرية القرار الفلسطيني. ودون ذلك نعود الى الولاءات الخارجية!!. ولاء لسوريا الأسد. وولاء لاخوان مصر، وولاء لطهران. وولاء للوهم الأميركي الأوروبي!
المهم امتلاك الإرادة الوطنية. أما وحدة التنظيمات فأداة لتحقيق الأهداف.. ولا يصح اعتبار التنظيم صنماً نعبده!
لقد واجه النضال التحرري الفلسطيني، منذ بداية المؤامرة الكبرى، قضية تشتت الإرادة الوطنية. وتوزع الولاءات الوطنية بين قوى عربية لم تكن تملك حريتها بعد، وقوى دولية كانت تتاجر بالقضايا الجزئية في حروبها: الحرب الكونية الأولى، والثانية.. والحرب الباردة بعد ذلك!
ومع الأسف لم يتعلم الفلسطينيون من كوارثهم الواحدة بعد الأخرى حتى احتلال الوطن.. كل الوطن!
ومع ذلك ففتح وحماس وبقية التنظيمات لن تبدأ من الصفر إذا وصل الجميع إلى القناعة بامتلاك الإرادة الوطنية. وحرية القرار الفلسطيني. فمنظمة التحرير كيان نضالي اعترفت فيه كل أمم الأرض ما عدا إسرائيل ومايكرونيزيا. وقد بقيت تنظيمات خارج المنظمة. وكانت تطرح نفسها بديلاً لها وكانت تجلس على شجرة الأكثرية في المجلس التشريعي، وهي تعرف أن المنظمة وحدها هي الوعاء الذي يتسع لفلسطيني الشتات، وهم نصف الفلسطينيين أو يزيد. وهؤلاء يجب حشدهم وإعدادهم ليواجهوا الصهيونية العالمية أولاً، وليكسبوا الشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها.
السيناريو الذي تشارك به فتح وحماس والجهاد والبقية يتلخص في وحدة العمل الوطني وذلك:
- بإعطاء محمود عباس فرصة تشكيل حكومة حيادية تشرف على الانتخابات التشريعية في الضفة وغزة والقدس - إن أمكن -.
- بإعادة تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية بحيث تشمل الجميع، ويشارك الجميع في مجلسها الوطني، ولجنتها التنفيذية، وكافة اطاراتها الأخرى. ولا نظن ان من الصعب إجراء انتخابات في الدول العربية التي يعيش فيها لاجئون فلسطينيون للمجلس الوطني الفلسطيني!
أما التفاوض، واشكال التفاوض، وجدوى التفاوض وعدم جدواه، فهذا تقرره المؤسسة النضالية، فالتفاوض ليس خيانة طالما أن الجزائريين فاوضوا وطالما أن عبدالناصر فاوض من أجل جلاء القوات البريطانية من القنال. وطالما ان ثوار فيتنام فاوضوا. لكن الفرق هو حجم القوى المتفاوضة وقوتها، وحدود مطالبها.
ليس المهم ان يبدأ الفلسطينيون بهذه اللعبة اللئيمة التي صنعتها واشنطن لضرب حلم الدولة الحرّة المستقلة على أرض فلسطين. فلنترك الموضوع ريثما تتكامل مؤسسات منظمة التحرير المنتخبة ولا نقول المجلس الوزاري التشريعي للسلطة الوطنية. فهذه الصيغة، بحد ذاتها، لم تعد في مستوى وحدة النضال الفلسطيني.,,, نعود إلى منظمة التحرير أولاً..
فلسطينيو لبنان وأسئلة اللحظة..؟
بقلم: علي بدوان عن الوطن القطرية
برزت في الفترات الأخيرة وبشكلٍ صارخ المخاوف الكُبرى من اندلاع هزات دموية عنيفة داخل وعلى محيط المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأرض اللبنانية، خصوصاً في منطقة صيدا حيث يقع مخيما «عين الحلوة» و«المية مية». مخيم عين الحلوة، هو المخيم الفلسطيني الأكبر في لبنان من ناحية عدد السكان، إذ يقطنه نحو «70» ألف لاجئ فلسطيني ومعهم بضعة آلاف من فلسطينيي سوريا الذين وصلوا إلى مخيم عين الحلوة قبل أكثر من عام مضى.
المخاوف ماثلة للعيان ومُباشرة، وما وقع الأسبوع قبل الماضي نذير شؤم، حيث وقعت اشتباكات دموية مؤسفة اندلعت شراراتها لحسابات لاعلاقة لها بالحسابات الوطنية الفلسطينية، وسقط فيها نحو تسعة شهداء وأعداد مضاعفة من الجرحى، كان منهم المُسعف والعامل في الحقل الاجتماعي الشهيد طارق الصفدي الذي قُتِلَ خلال تأديته واجبه الإنساني في مخيم «المية مية» حيث كان يقوم بتأمين مساعدات إنسانية للنازحين الفلسطينيين من سوريا، فأضيئت الشموع في مستشفى «النداء الإنساني» في مخيم عين الحلوة، تحية لروحه ولروح جميع الضحايا الأبرياء.
الاشتباكات وقعت بين جهتين، الأولى تسمي نفسها «أنصار الله» بقيادة الفلسطيني اللبناني جمال سليمان، والثانية تسمي نفسها بـ «كتائب العودة» بقيادة الفلسطيني السوري أحمد عدوان رشيد، وتلك الجهتان محسوبتان على الفلسطينيين بالرغم من عدم وجود أي علاقة لأيٍ منهما مع أيٍ من فصائل العمل الوطني الفلسطيني المعروفة والمُعترف بها في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وفصائل قوى التحالف المعارضة، فهما حالتان مفروضتان بحكم الواقع ولايتعدى حضورهما حدود منطقة ضيقة بين مخيمي «عين الحلوة» و«المية مية».
الأحداث المؤسفة جرت، فيما كانت عموم القوى الفلسطينية ودون استثناء قد تقدمت وبمبادرة من حركتي حماس وفتح بخطوة جديدة من خلال إطلاق «المبادرة الفلسطينية الموحدة» في الثامن والعشرين من مارس 2014، والهادفة لتجنيب الفلسطينيين في لبنان من مزالق طفرات التدهور في الوضع الداخلي اللبناني على مستوياته السياسية والأمنية، حيث أكدت تلك المبادرة التي تبنتها سائر القوى الفلسطينية دون استثناء، أكدت «حرصها على السِلم الأهلي في لبنان وعلى تحييد المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وأن الفلسطينيين في لبنان لن يكونوا إلا عامل استقرار في هذا البلد»، ورفض «استخدام المخيمات والتجمعات والحالة الفلسطينية في سوق الاستثمار المحلي من قبل أي طرف آخر، لضرب السلم الأهلي في لبنان والعبث بأمن لبنان وبأمن المخيمات وبأمن اللبنانيين والفلسطينيين». وبالتالي في تأكيد موقف الإجماع الوطني الفلسطيني الذي يقول بحيادية الفلسطينيين تجاه كل القضايا الداخلية اللبنانية واحترامهم حرمة القانون اللبناني.
وعليه، جاءت تلك الأحداث الدموية والتي جرى تطويقها، لتطرح العديد من الأسئلة عن الجهات التي أطلقت أو التي ساهمت بإطلاق شراراتها، وهي جهات غير مسؤولة ولايهمها المصير الذي سيقود الحالة العامة للفلسطينيين في لبنان إذا ما استمرت تلك الأمور على المنوال ذاته.
ولانحيد عن الحقيقة حين نقول بأن هناك مُحاولات حثيثة تبذل من وقتٍ ليس بالقصير من قبل بعض الأطراف، وقد تم توثيقها، وتهدِفُ بالأصل لجر الفلسطينيين وتحديدًا أبناء مخيمي «عين الحلوة» و«المية مية» في منطقة صيدا للدخول في مستنقع حالة الفلتان الأمني والعسكري في مدينة صيدا وجوارها والالتحام بظواهر مُتطرفة غير فلسطينية باتت ترى في مخيم عين الحلوة ملجأ لها. وهي جهات أمنية لايهمها الاستقرار، بل تشجع الانفلات وتريد مخيم «عين الحلوة» بؤرة أمنية تنفيذاً لأجندات محلية وخارجية في نفس الوقت، وهي أجندات تتاجر بالفلسطينيين ولاتريد الخير لهم، بل وتريد استخدامهم في مستنقع الأزمات السياسية التي تضرب لبنان منذ فترات طويلة.
في هذا السياق، علينا أن نقول أيضاً وبكل صراحة ووضوح بأن حالة التهميش والحرمان التي يعاني منها فلسطينيو لبنان، حيث الوضع الإنساني الصعب الذي ما زال يكابده هذا الجزء العزيز من أبناء فلسطين بفعل الإجراءات والتشريعات اللبنانية المجحفة والمتقادمة أصلاً منذ العام 1948 تساعد على جعل تلك المخيمات والتجمعات بؤراً للتوتر، ومدخلاً لولوج المجموعات المتطرفة الآتية من جهات مُختلفة وغالبيتها غير فلسطينية، كما وقع في قصة تنظيم «فتح الإسلام» عام 2007 في مخيم نهر البارد شمال لبنان، حين تبيّنَ بأن مُعظم جسم هذ التنظيم لم يكن فلسطينياً على الإطلاق وأن تلطى براية فلسطينية. إن حال فلسطينيي لبنان يرثى لها، فلا صوت في لبنان يعلو فوق أصوات المزايدات التي تُطلق حين انبعاث أي صوت لبناني على مستوى الحكومة أو أي من الأحزاب اللبنانية يطالب بإنصاف هذا التجمع الفلسطيني وإعادة النظر بسلسلة الإجراءات والقوانين المُجحفة بحق فلسطينيي لبنان، خصوصًا بالنسبة للعمل والسكن والتملك. فأصوات المزايدات تنطلق في معزوفة استخدامية عنوانها «بعبع التوطين» والحفاظ على حق العودة للفلسطينيين، وتحت مفردات تلك المعزوفة وقعت حالات الهجرة الواسعة لفلسطينيي لبنان نحو أصقاع المعمورة الأربعة، فهناك نحو «400» ألف فلسطيني لبناني لم يعد لهم من مكان ولا حتى قيود رسمية في لبنان بعد هجرتهم الطويلة التي تسلسلت بعد العام 1982، ولم يعد في لبنان حاليًّا أكثر من «220» ألف فلسطيني، كان من المفترض أن تكون أعدادهم قد قاربت نحو «700» ألف مواطن طبقًا لحسابات النمو السكاني، حيث دخل إلى لبنان عام النكبة نحو «120» ألف فلسطيني جرى بين عامي «1949 - 1950» تجنيس نحو «30» ألفا منهم، كانت غالبيتهم من مسيحيي فلسطين وتحديدًا من قرى الجليل الأعلى والغربي شمال فلسطين «البصة، الكابري، البعنة، أقرت، كفر برعم، عيلبون، ترشيحا،...» ومدن طبريا وعكا وصفد وحيفا ويافا.
إن أصحاب معزوفة «بعبع التوطين» يريدون أن تبقى حال فلسطينيي لبنان على ما هي عليه: تجمعات ومخيمات بائسة يفترِشُها الحرمان، مع النظر إليها باعتبارها جزراً أمنية عصية على الدولة، بالرغم من دعوة منظمة التحرير الفلسطينية وعموم القوى الفلسطينية المتكررة للجهات اللبنانية لفرض وبسط السيطرة الأمنية على كامل التجمعات والمخيمات الفلسطينية أسوة بكل المناطق اللبنانية. وعليه، إن أسئلة اللحظة تطرح على الجميع ضرورة الحكمة والعقل، وروح المسؤولية التي تفترض بجميع القوى الفلسطينية، وخصوصاً منها القوى المسؤولة ذات الحضور والنفوذ بين الناس أن تُبادر لاستكمال مابدأت به من أجل الحفاظ على أمن وأمان المُجتمع الفلسطيني في لبنان، ودرء المخاطر التي قد تستهدفه. فيكفي الفلسطينيين ماوقع بهم من مصائب في أكثر من مكان.
في تفكيك العنصرية الإخوانية
بقلم: سعد القرش عن العرب اللندنية
لم يخجل صديقي، وهو كاتب سلفي أو إخواني أو كلاهما، من عنصريته. كنا في مدينة الأقصر، قبل عرض فيلم “عرق البلح”، لرضوان الكاشف، وقال إنه لا يعرفه، فاقترحت عليه أن يشاهد الفيلم، ولم يفعل.
كان ذلك في بداية عام 2012، بعد معارك كلامية طاحنة، استهلكت فيها أطنان الأحبار والأوراق وساعات من الهراء الفضائي التلفزيوني، ولم يهد الله أطرافها إلى سواء السبيل. فبعد ثورة شعارها الحرية، كانت القضية المصيرية التي يرى من منحوا أنفسهم حق الكلام باسم الله، هي عدم جواز تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد. سألت صديقي: كيف تفسر هذا الهراء الذي يدعو إليه «أصحابك»؟
إلا أنه فاجأني بأن «أصحابه» على الحق المبين؛ فكيف نهنّئ «الضالين» بعيدهم؟ هذا إقرار بسلامة عقيدتهم. سألته: لو أن زوجتك مسيحية، فكيف تتسق مع نفسك حين تكون معها ليلا في الفراش، ثم تستكثر أن تقول لها حين تصحو: «صباح الخير»، أو ترفض تهنئها بعيد الميلاد؟ فانشرح صدره بهذه الإشارة الفحولية، وقال: «في هذه الحالة فقط أقول لها: صباح الخير ونص».
المعضلة العنصرية هي ما يجب أن نكرس الجهد والوقت لتفكيكه، والانتهاء منه، وقد سبقتنا إلى ذلك أمم لم تتقدم إلا حين غادرت هذه المحطة. عنصرية الدين وعنصرية العرق. خرجت أوروبا من العصور الوسطى بإنهاء الكهانة وتجاوز عنصرية الدين، وتخلصت ألمانيا من روح العدوان بعد تفكيك عنصرية العرق وتجريم النازية.
ونحن نعاني عنصرية مركّبة، أحد وجوهها عرقي ديني يدعو السلفي والإخواني للتعالي على المسيحي المصري، وحرمانه حقوق المواطنة، لأنه “عظمة زرقاء”. والوجه الآخر طائفي بتعالي السني على الشيعي، لأنه “رافضي كافر”، ثم استعلاء السني الإخواني على السني غير الإخواني بالتقوى التي محلها القلب.
ما قاله صديقي، وهو كاتب سلفي أو إخواني أو كلاهما، هو ما وقر في القلب، وصدقه القول؛ ففي نهاية 2012، أثلج القيـادي السلفـي ياسـر برهـامي- نائب رئيس الدعوة السلفية في مصر- قلوب مريديه بفتوى عنصرية.
ياسر برهامي طبيب له أكثر من 25 كتابا تعيد مضغ أفكار شبعت هضما، وكان عضو لجنة كتابة الدستور الإخواني الطائفي في 2012. ومن موقعه كداعية لدين يؤمن به مريدوه، استطاع برهامي أن يجد حلا لأزمة زواج المسلم من الكتابية، بأن يظل على كراهيته لها، فالمسلم “مأمور بـأن يبغضها على دينها مع بقائه في معاشرتهـا، هـذا أمـر معتـاد جـدا.
(هل) كل من يغتصب امرأة بيحبها؟! أم يعاشرها فقط؟ يعاشرها من أجل جسدها فقط ولا يحبها في الحقيقة.. (المسلم) مأمور هو كما ذكرنا بأن يبغضها.. يقول لها أنه يبغض دينها بلا شك.. يبغضها من أجل أنها كافرة.. لو دخل البيت لا يبدأها بالسلام، لو له أولاد مسلمين يقول: السلام عليكم، وهو يقصد المسلمين. لا يبدأها بالسلام”.
لا تقتصر العنصرية على السلفيين، وإنما هي بذرة في أصل الشجرة الإخوانية، وإن أنكر الإخوان ذلك، في لحظات الاستضعاف، من باب التقية السياسية.أعود إلى ما أحتفظ به من أعداد مجلة «الدعوة»، فأجد في عدد أبريل 1979 صفحة خصصت لمأثورات حسن البنا عن أهل الكتاب الذين “ترخص الإسلام في أمرهم وأجاز الاكتفاء بأخذ الجزية منهم، فمتى تعهدوا بأدائها ورضوا بها فقد وجب أن يرفع عنهم السيف”، ولا مكان في خطاب الإخوان لقضية المواطنة أو حقوق الإنسان، أو الوطن.
وفي 3 أبريل 1997 نشر خالد داود في “الأهرام ويكلي” على لسان المرشد العام للإخوان آنذاك مصطفى مشهور أنـه “لا يجـوز دخول الأقباط إلى الجيش لأنه سيكـون مشكوكا في ولائهم وأنه بدلا من ذلك يجب أن نلزمهم بسداد الجزية”. فقام المحامي نجيب نصيف برفع جنحة قذف في حق مشهور. ولإثناء نصيف جرت محاولات للصلح تبناها مختار نوح الذي قابل مصطفى مشهور في حضور ثروت الخرباوي وبعض قيادات الإخوان، للاتفاق على بعض التفاصيل مع مشهور الذي قال: “قولوا في الصلح ما تشاؤون، ولكن هذا لا يغير من الأمر شيئا، فالنصارى يجب أن يدفعوا الجزية، ولا يجوز إدخالهم الجيش، فكيف يدخلون الجيش ويدافعون عن مشروعنا الإسـلامي وهـم لا يؤمنـون بالإسـلام، الجزية رحمة بهـم، وهذا تشريـع اللـه، هل نغير تشريع الله.. لا يجـوز أن نلقـي عليهم السلام”. (ثروت الخرباوي: سر المعبد)
تفكيك الفكرة، هذه العقيدة العنصرية، مهمة شاقة طويلة المدى وتستحق العناء، وبغيرها يظل العفريت العنصري ينتظر فرصة الخروج من الفانوس، لكي ينتقم.
التفكيك يمكن أن يبدأ بخطـاب العنصريـين أنفسهم، وتذكيرهم بالآيات القرآنية “لا نفـرق بين أحـد مـن رسلـه”، “كل نفس بما كسبت رهينـة”، لكي نصل إلى أنـه ليس من مهمة نظام الحكم أن يسوق الناس إلى الجنة، وإنما لتيسير حركة الحياة، وتحقيق العـدل والكرامـة للبشـر الذيـن كرمهـم الله وفضلهم على كثير ممن خلق، وبغير الخير والعـدل والكرامـة لـن توجـد دولة تقام فيها شعائر الدين، أي دين.
تفكيك العنصرية عمل نظري عقلاني يجب أن يسبق أي إجراء آخر، وأن يكون بعيدا عن أي طرح أمني، فالاعتقال والعنف والمطاردة تمنح الإخواني شعورا زائفا بالتفوق، ولا تنقصه هذه العقدة، سيتأكد له أنه صاحب رسالة، ومن أجلها يختبر الله قوة إيمانه بالاضطهاد، وهذا الوهم يشبعه نفسيا، فيرى نفسه على صراط الله المستقيم، وأنه سيصل ولو بقتل الذين عطلوه، أو تهاونوا في نصرته.
لتنظيم الإخوان، الذي نشأ برعاية وتمويل بريطاني صريح، جناح عسكري. ميليشيا ليس لها ضحايا من الاستعمار البريطاني، ولم يكن مطلوبا منها أن تمارس عنفا تجاه أولياء النعم، منشئي الجماعة لشق صف الجماعة الوطنية.
وقد صمت حسن البنا عن جرائم التنظيم السري، وتبعه سيد قطب الذي تفوق على البنا، حين قاد بنفسه “العمليات”.كان علي عشماوي مسؤولا عن شؤون تسليح وتدريب أعضاء التنظيم السري في الستينات، وسجل تجربته في كتابه “التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين”، وفي هذا الكتاب حظي سيد قطب بإكبار وتبجيل.
ويذكـر عشمـاوي أن قطـب استهدف اغتيال جمال عبد الناصر، وإنهاء نظامه، ويروي أن “سفيرة سيد قطب” الحاجة زينب الغزالي أبلغته أن حميدة قطـب تريد أن تراه. ثم أخبرتـه حميدة قطـب أنهـا تحمل لـه رسالـة من أخيها سيد يقول فيها: “أنـا لا أريـد زوبعـة في فنجـان، إذا كنتـم قادريـن على تنفيذ عمل ضخم يهز أركان البلد فافعلوا، وإن لم تكونوا على مقـدرة بذلـك فالغـوا جميـع الأوامـر والخطط المتفـق عليها”.
ويسعى الإخوان، منذ أربعين عاما، إلى «تنفيذ عمل ضخم يهز أركان البلد»، ولن يقف في طريق الفكرة/ العقيدة شيء، إلا أن يتم تفكيكها، تمهيدا لأن يكون الوطن غايتهم. ثم يلي ذلك إعلان وطني من ثلاث كلمات: “اذهبوا فأنتم الطلقاء”.
وقف الصراعات الخليجية
بقلم: عبيدلي العبيدلي عن الأيام البحرينية
عقد في مدينة الرياض اجتماع لوزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، صدر عنه بيان جاء فيه «انطلاقاً مما يربط دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من الوشائج والروابط التاريخية والمصير الواحد، والحرص على دفع المسيرة المشتركة لدول المجلس، فقد عقد وزراء خارجية دول مجلس التعاون اجتماعاً يوم الخميس 17/4/2014. تم خلاله إجراء مراجعة شاملة للإجراءات المعمول بها فيما يتعلق بإقرار السياسات الخارجية والأمنية، وتم الاتفاق على تبني الآليات التي تكفل السير في إطار جماعي، ولئلا تؤثر سياسات أي من دول المجلس على مصالح وأمن واستقرار دوله ودون المساس بسيادة أي من دوله. كما توصلت المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين التي كانت استدعت سفراءها من قطر، إلى اتفاق يتيح إنهاء النزاع مع الدوحة».
تلك كانت مقتطفات مختصرة من البيان الكامل الصادر عن مؤتمر الرياض. وبعيدا عن أية تحليلات هامشية يمكن أن تغرقنا في رمال القضايا الثانوية المتحركة، لا بد لنا من التأكيد على أن محصلة ذلك اللقاء جاءت إيجابية، عند النظر إليها من زاوية من الالتزام بقضايانا الاستراتيجية المستمدة من خلفياتنا القومية التي تحصر تلك الإيجابيات في النقاط المركزية التالية:
1. يعمل هذا الاتفاق، بشكل موضوعي، على تقليص، وربما في بعض الحالات، وضع حد للاختراقات الخارجية، إقليمية كانت تلك الاختراقات أم عالمية. فمن المتفق عليه في علم السياسة، أن محاولات الاختراق الخارجي تعتمد أساسا على الثغرات التي تفتحها، بوعي أو بدون وعي النزاعات الداخلية، سواء على مستوى القطر المنفرد، أو على صعيد التكتلات الإقليمية من نمط مجلس التعاون الخليجي. وكلما تقلصت مثل تلك الخلافات كلما ضاقت تلك الثغرات وازداد تماسك ذلك البناء الداخلي للجسد المعني. لذا يأتي هذا الاتفاق المبدئي كي يرغم، وفي حدوده الدنيا يحرج، هذه الدولة من دول مجلس التعاون أو تلك على تحاشي الانخراط، بإرادتها أو بفعل الضغوط الخارجية عليها، في مشروعات دولية أو إقليمية من شأنها تشكيل أي نوع من التهديد للمصلحة الخليجية الاستراتيجية العليا.
2. يساعد هذا الاتفاق على إبطاء وتيرة تكديس السلاح المنطلق من احتمالات اندلاع صدامات داخلية، وهو – أي افتعال مثل تلك الصدامات - ما تحرص على الترويج لأوهامه شركات صناعة السلاح التي لها مصلحة مباشرة في اشعال أو إذكاء نيران مثل تلك الخلافات المفتعلة، لكونها العنصر الأكثر فعالية في زيادة موازنات الإنفاق على اقتناء المعدات العسكرية بما فيها تلك البالية المتكدسة في مخازن تلك الشركات. ويأمل المواطن الخليجي تخصيص ما يتم توفيره هنا، في الإنفاق على برامج التنمية.
3. يدعو هذا الاتفاق إلى وقف النزيف الإعلامي المنحرف عن الاتجاه الصحيح، فما أن تبدأ الخلافات الداخلية حتى تشرع كل دولة، كما شاهدنا وسمعنا إثر انفجار «أزمة سحب سفراء الدول الخليجية الثلاث من دولة مجلس التعاون الرابعة الدوحة»، في إشهار سيوفها الإعلامية. عندها، وبدلا من استمرار الإعلام الخليجي المشترك في كشف المزيد من خطط التسلل الخارجية والتصدي لها، وجدناه ينكفئ نحو الداخل، وتبدأ كل دولة في سوق التبريرات التي «تفسر» موقفها، حتى وإن أتى ذلك على حساب المصلحة المشتركة. وعلى نحو مواز نشطت شركات العلاقات العامة في ابراز مفاتنها كي تغري عواصم البلدان المتخاصمة في الاستفادة من خدماتها ضد بعضها البعض. ولم نستغرب عرض شركة معينة للخدمات ذاتها لطرفي ذلك الصراع المفتعل.
كان ذلك رصد للمخاطر الخارجية، أما على المستوى الداخلي الصرف، فيمكن الإشارة إلى أن الاتفاق يتصدى للمحاذير التالية:
1. قبر مسارعة بعض الفئات المعارضة في دولة معينة للاستعانة بدولة أخرى، إما في المجال الإعلامي، وفي أحيان أخرى للحصول على الدعمين السياسي والمالي. استمرار مثل هذه الحالة تقود في نهاية الأمر إلى تمزيق نسيج برامج التنسيق، أو التكامل بين دول مجلس التعاون الخليجي التي تمت حياكتها على امتداد فترة زمنية تجاوزت الربع قرن.
2. تشويه الاستقرار الاجتماعي الذي بنيت أعمدته على مدى سنوات من ذلك الاستقرار بين هذه الدول الذي لم تهده أقسى مراحل الاضطرابات السياسية التي عرفتها، بشكل متفاوت دول مجلس التعاون، منذ تأسيس معالم الدول الحديثة في اعقاب الحرب العالمية الثانية. وبقدر ما يحتاج الشفاء من جروح الأزمات السياسية فترات قصيرة، يتطلب الخروج من مآزق التشويهات الاجتماعية فترات أطول وجهود أشد.
بعد رصد تلك المخاطر الخارجية والمحاذير الداخلية، لا بد من الاستدراك هنا والإشارة إلى أن البيان على أهميته والحاجة الملحة له، يبقى أسير الأوراق التي دون عليها، ومحصورا في غرف الاجتماعات التي تمخض عنها، ما لم ينتقل إلى خطوة مؤثرة. ربما آن الأوان كي يضع قادة مجلس التعاون خلافاتهم الثانوية التكتيكية جانبا، والعمل بجد من أجل تقليص تلك الخلافات حتى تصل إلى الحدود الدنيا التي لا تستطيع ان تشكل عقبة أمام أي مشروع خليجي استراتيجي، ليس بالضرورة محصورا في الجانب السياسي، أو محدودا بسياج التعاون الاقتصادي. فهناك الكثير من المساحات المشتركة التي بوسعها، متى ما التفت إليها ونفذت بشكلها الصحيح، أن تشكل خطوات راسخة مدروسة على طريق التكامل الخليجي، الذي يعتبر حجر الأساس في أي مشروع وحدوي خليجي.
الدعوة إلى وقف الصراعات الخليجية التي خرج بها لقاء الرياض خطوة متقدمة، وفي غاية الأهمية، لكنها تبقى ناقصة وفي أمس الحاجة إلى أخرى تعززها مثل تسريع تنفيذ مشروعات: الربط الكهربائي، وخط السكة الحديد، وفوق هذا وذاك البرامج التعليمية، والمشروعات الاجتماعية.
وفي نهاية الأمر، ينبغي أن ينعكس هذا القرار بشكل سريع وواضح على منظمات المجتمع الخليجي التي ما تزال في انتظار من يبعث الحياة في أجسادها كي يتسنى لها الخروج من غرف العناية القصوى التي وضعت فيها.
البرهان في دفاع أمريكا عن الإخوان !
بقلم: تركي الدخيل عن الرياض السعودية
ليس سرا أن الوزير والديبلوماسي السابق في نظام حسني مبارك، أحمد أبو الغيط، له شوط طويل في الديبلوماسية المصرية، بل قضى جل عمره فيها، موظفا في الخارجية، وصولا إلى تسلمه منصبها. وعاش جميع ظروف مصر تقريبا، وربما كان من أوضح من تحدث عن العلاقة الأمريكية بالإخوان هو في مذكراته: «شهادتي»، وفي لقاءاته مع «روسيا اليوم»، وآخر إطلالاته كانت مع الزميل طاهر بركة في برنامج: «الذاكرة السياسية» حلقات غنية وثرية، هي امتداد لما تحدث عنه في مذكراته، لكن زاد في التفصيل وسرد الأحداث. أغرب ما تحدث به تلك المشاحنات بين حسني مبارك وبوش الابن، وبين أبو الغيط وكوندليزا رايس.
ذكر الوزير أبو الغيط أن بوش الابن قال لمبارك ولجمعٍ من حاشيته: لا بد من التقارب مع الإخوان المسلمين، فهم جزء من الجسم السياسي المصري، وعليكم أن تفتحوا صفحاتٍ جديدةٍ معهم، يضيف بوش: «أعلم أن الإخوان قاموا بعمليات إرهابية بمصر، وأدرك تاريخ هذه الجماعة، لكن لا بد من التصالح معها وإتاحة المجال السياسي لهم». يتعجب أبو الغيط من هذا الإصرار، وحين جاءت كوندليزا رايس إلى مصر في وقت التوتر بين مصر وأمريكا طلبت أن تلقي محاضرة وحقق لها هذا، لكن مبارك أراد أن يصعب عليها المهمة فلم يفسح لها الطريق، فدخلت مع موكبها بالزحام واستغرق طريقها لموقع المحاضرة قرابة الساعة!
هذه الأحداث يسردها أبو الغيط لا عن أناسٍ أموات، بل عن أحياء: «مبارك، بوش الابن، كوندليزا رايس»، وهؤلاء بإمكانهم الاستدراك على شهادة أبي الغيط والتذاكر حولها أو نقدها حتى إن لزمت المسألة، الخلاصة أن الإخوان الذين وصموا غيرهم بأنهم عملاء للغرب، وأن أمريكا تحميهم، وأن التيارات الأخرى هم «زوار السفارات» بان مع أفول ما سمي بـ«الربيع العربي» وانتهاء تلك المسرحية، بانت حقيقة الإخوان المدعومة المدفوعة من أمريكا التي تعلم تاريخهم الإرهابي.
لا مزيد على ما ذكره الوزير في شهادته، وهو المحنك والحصيف، وعلى من يشكك بهذه المعلومات أن يستدرك، وبوش الابن الذي يحترف الرسم الآن بالتأكيد لديه الوقت ليستمع إلى ما قيل عن دعمه لهذه الجماعة الإرهابية.
هكذا يبدو موسم الانتخابات العربية عام 2014
بقلم: مارك لينش عن المصري اليوم نقلا عن واشنطن بوست
تجرى الديمقراطية العربية على قدم وساق، على الأقل على الورق. فالجزائريون انتخبوا مجدداً الرئيس المريض عبدالعزيز بوتفليقة، 77 عاما، لولاية رابعة، بينما تستعد العراق لانتخابات برلمانية محورية فى 30 إبريل المقبل، وسط تصاعد لأعمال العنف وذعر سياسى.
وتشهد مصر انتخابات رئاسية يومى 26، 27 مايو المقبل، بين المشير عبدالفتاح السيسى، الذى حالفه الحظ بوجود منافس واحد على الأقل، كى يتجنب أن يبدو الأمر كأنه استفتاء شعبى عليه. أما سوريا، التى مزقتها الحرب، فهناك خطط لعقد انتخابات رئاسية، تحظى بسخرية الجميع على نطاق واسع، فى 3 يونيو المقبل.
ولا يعول كثيرون على أهمية هذه الانتخابات المتوقع عقدها فى هذه الدول الأربع السابقة، وتستهدف نحو 183 مليون شخص، أى ما يعادل تقريبا 50% من سكان العالم العربى. فالانتخابات البرلمانية فى العراق وحدها ستسفر عن نتائج غير معروفة مسبقاً.
أما مصر، وسوريا، والجزائر، فلديها أقل بكثير من الحد الأدنى للديمقراطية، والذى يتطلب أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة نسبياً فى مؤسسات السلطة الفعلية، مع عدم اليقين المؤكد بنتائجها.
ففى مصر، ستجرى الانتخابات وسط مناخ قمعى واسع من الترهيب، والاعتقال، والتحيز المؤسسى، بينما ستكون فى سوريا كأنها حلقة هزلية فى ظل الحرب الأهلية المروعة والوحشية الطائفية.
وهنا علينا أن نتحمل عناء طرح السؤال الآتى: إلى أى مدى زادت الانتفاضات العربية من آمال حدوث شىء أكثر مما كان سابقا، فعلى مدى العقود الماضية، صوتت الدول العربية طوال الوقت ولم يكن هناك من يتوقع أى نتائج جديدة.
فمن يستطيع أن ينسى الانتخابات الرئاسية فى مصر عام 2005، عندما فاز الرئيس السابق حسنى مبارك بـ88.6% أو عندما حاز الحزب الوطنى الحاكم حينها على 95% من مقاعد البرلمان فى انتخابات 2010. وفى تونس، فاز الرئيس السابق زين العابدين بن على فى انتخابات 2009 بنسبة 89.6%.
فالانتخابات، فى بعض الأحيان، ربما تكون أكثر انفتاحا وتنافسية، مثلما حدث فى الانتخابات البرلمانية فى مصر عام 2005، وفى الأردن عام 1989، لكنها دائما ما تكون ضمن حدود محددة.
وبعد 2011، كان هناك سبب للأمل فى أن تحمل الانتخابات العربية شيئاً جديداً، وبأن تكون هناك ولو بدرجات متفاوتة انتخابات تنافسية ومدهشة وحرة ونزيهة إلى حد معقول، وذات مغزى فى تونس وليبيا ومصر. فلقد أنتجت هذه الانتخابات برلمانات ورؤساء كافحوا من أجل تعزيز شرعيتهم وسط حالة من الغموض المؤسسى، وتعبئة مستمرة للخلافات، واستقطاب سياسى
فلقد كانت أصوات الناخبين هذه المرة مختلفة بالفعل عن عشرات الانتخابات السابقة التى جرت فى جميع أنحاء المنطقة، وقدمت إمكانية مستقبلية فى تعزيز مساءلة الحكومة والتداول السلمى للسلطة. أما الآن فلقد ضاع فى الأغلب كل شىء، حتى فكرة الشرعية الديمقراطية أصيبت بجروح قاتلة، فقليل من هذه الجولات الانتخابات الحالية لديها الكثير لتفعله مع أى من هذه الأشياء.
وتشير أدبيات ما قبل الانتفاضات العربية إلى أن إحدى الوظائف الرئيسية للانتخابات الرئاسية السورية والمصرية تتمثل فى العودة إلى الحياة الطبيعية بعد فترة من الاضطرابات. فالانتخابات فى الدولتين تبدو استفتاء شعبيا رسميا مصحوبا بمعارضة رمزية من أجل المظاهر.
فالانتخابات فى البلدين من المرجح أن تكون عودة للحياة الطبيعية وإغلاق الباب على 3 سنوات من الاضطرابات فى إطار من الإجراءات الدستورية. وعلى الرغم من أنه من غير المحتمل نجاح ذلك، لاستمرار إراقة الدماء فى سوريا، وتصاعد العنف فى مصر، فإن الأنظمة ستحاول تركيز اهتمام الجمهور على سباق الانتخابات، لصرف انتباههم عن القضايا الصعبة الأخرى مثل السجناء السياسيين أو العنف المستمر. وهناك غرض رئيسى آخر من هذه الانتخابات فى مصر وسوريا يتمثل فى إعادة تأسيس شرعية فى الخارج.