تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 06/05/2014



Haneen
2014-06-03, 12:57 PM
هـــــــــــــــــــذا الملف:
المصالحة الفلسطينية وثورات الربيع العربي
مصطفى الفقي (كاتب مصري) عن صحيفة الحياة اللندنية
مصالحة فئوية أم وحدة وطنية فلسطينية؟
ماجد الشيخ (كاتب فلسطيني) عن صحيفة الحياة اللندنية
المصالحة الفلسطينية بين التوقعات والعقبات
تقديم وترجمة: حلمي موسى عن صحيفة السفير اللبنانية
"النهار" تنشر رسالة المالكي إلى باسيل: تمسّك فلسطيني بحق عودة اللاجئين
خليل فليحان (http://www.annahar.com/author/62-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%84-%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%AD%D8%A7 %D9%86-) عن صحيفة النهار اللبنانيةأتنجح مناورة حكومة التكنوقراط الفلسطينية؟
إبراهيم البحراوي عن صحيفة المصري اليوم
الولايات المتحدة بين فوضى العرب وأمن “إسرائيل”
د . حسين حافظ عن الخليج الإماراتية
هذا ما قاله الغنوشي عن «إخـوان» مصر
صالح القلاب عن صحيفة الرأي الأردنية

المصالحة الفلسطينية وثورات الربيع العربي
مصطفى الفقي (كاتب مصري) عن صحيفة الحياة اللندنية
ستبقى القضية الفلسطينية هي القضية العربية الإسلامية الأولى، لا تطغى عليها أحداثٌ عابرة أو مواقف طارئة، إذ يجب أن نتذكر أن «إسرائيل» مسؤولة تاريخياً عن كثير من مشاكل المنطقة وأزماتها، بل إنني أظن أننا لو وجدنا مأساة عربية جديدة، أو كارثة قومية طارئة فمن الضروري أن نقول (فتش عن إسرائيل) وحتى الانقسام الفلسطيني الذي أضر بالقضية ضرراً بالغاً في السنوات الأخيرة هو نتاج لتدخلات إسرائيلية وألاعيب صهيونية لن تتوقف أبداً، بل إن التشجيع الإسرائيلي لحركة المقاومة الإسلامية عند ميلادها في الانتفاضة الأولى لم يكن حباً فيها ولكن رغبة في إيجاد قيادةٍ بديلة يؤدي ظهورها إلى انقسام الفلسطينيين وتشتيت وحدتهم، لذلك كانت «إسرائيل» هي الرابح الأول من ذلك الانقسام، وهي التي استفادت منه وحاربت كل محاولات المصالحة من خلال تسريبات واختراقاتٍ لا تخفى على أحد، وحين أقدم الرئيس «محمود عباس» (أبو مازن) على الدخول في المراحل النهائية للمصالحة مع حركة «حماس» عطَّل الجانب الإسرائيلي المفاوضات السلمية، على رغم أن «محمود عباس» أعلن أن الحكومة الفلسطينية المشتركة المقبلة تتبنى في شكل واضح الاعتراف «بإسرائيل» والتعامل المباشر مع الدولة «العبرية»، ولكن ذلك لا يكفي لإنهاء النهم الإسرائيلي بأخذ كل شيء وعدم ترك أي شيء، ويهمنا في هذا المقام أن نعرض لمؤثرات الربيع العربي على القضية الفلسطينية وتوابعها، خصوصاً موضوع المصالحة، وذلك من خلال النقاط الثلاث الآتية:
أولاً: في غمرة أحداث المنطقة العربية ومشكلاتها المتعددة جرى تطور كبير يمس القضية العربية الأولى وهي «القضية الفلسطينية»، وذلك بالتقارب الذي حدث بين الفصيلين الكبيرين وهما حركتا «فتح» و «حماس» أخيراً، والذي يفتح الأبواب أمام وحدة الصف الفلسطيني، وإنهاء الانقسام الذي استمر لأكثر من سبع سنوات وترك آثاره السلبية على وحدة ذلك الشعب المناضل، كما أدى إلى تأثير سلبي في الشخصية الفلسطينية دولياً، بل وفي المفاوض الفلسطيني أيضاً في كل الاتجاهات، وسمح «لإسرائيل» بمزيد من العربدة والمضي في سياسة العزل والإقصاء والتنكيل حتى امتلأت السجون الإسرائيلية بالأسرى الفلسطينيين كما أسرعت الدولة «العبرية» الخطى في محاولة العبث بالأقصى الشريف والدفع بالدعاوى الزائفة والأفكار الخاطئة والبراهين المفبركة لكي تتمكن من «تهويد القدس» في شكلٍ كامل، كما غامرت «إسرائيل» أيضاً في مناسبات دولية متعددة بالحديث الرافض حل الدولتين، والعودة أحياناً إلى المربع الأول في مسار التسوية للمشكلة العربية الإسلامية الأولى وهي «القضية الفلسطينية»، وجدير بالذكر أن هناك عوامل أثرت في هذا التقارب بين جناحي المقاومة الفلسطينية «فتح» و «حماس» تحت مظلة «منظمة التحرير الفلسطينية». ويجب أن نتذكر أن جهوداً عربية ضخمة قد بذلت من أجل الوصول إلى ما نراه اليوم، فقد حاولت «مصر» و «السعودية» و «قطر» و «الأردن» وغيرها من الدول العربية الشقيقة دفع الفلسطينيين نحو المصالحة، بل إننا نتذكر اليوم أسماء كثيرة في هذا السياق في مقدمها الراحل عمر سليمان، ثم اللواء مراد موافي وغيرهما، كما نتذكر مؤتمر «مكة المكرمة» في رعاية خادم الحرمين الشريفين، ولا شك في أن هناك عوامل أساسية دفعت نحو هذه التسوية في مقدمها «الأزمة السورية» و «الثورة المصرية».
ثانيًا: إن تأثير ما جرى في «سورية» في «القضية الفلسطينية» يتجاوز بكثير حدود التصور، لأن «سورية» دولة مركزية محورية في «الصراع العربي - الإسرائيلي» حتى وإن لم تشتبك في قتالٍ مباشر مع الدولة العبرية منذ عام 1973، فهي تبقى دولة ذات مسؤوليةٍ كبيرة تجاه الفلسطينيين، إذ يجب ألا ننسى أن «سورية الكبرى» تضم تاريخياً «فلسطين» و «الأردن» و «لبنان» تحت المسمى التاريخي «بلاد الشام»، ولعل ما جرى في «سورية» في الأعوام الثلاثة الأخيرة إنما يجسد مأساة كارثية لواحد من أهم شعوب المنطقة وأكثرها اعتزازاً وإباء ومكانة «فعز الشرق أوله دمشق» كما قال أمير الشعراء «شوقي»، كما أن الحركة القومية العربية هي «شامية» المولد والنشأة سواء في بلد الأصل، أو في المهجر لذلك كان طبيعياً - والحال كذلك - أن يتأثر المسار الفلسطيني بما جرى في «سورية» في الأعوام الأخيرة، بل إننا نظن أن جزءاً من اتجاه «حماس» للتهدئة والمضي نحو المصالحة مع الجناح الآخر للمقاومة في حركة «فتح» إنما جاء نتيجة الشعور بغياب الظهير السوري، وأحسب أن موقف الزعيم الفلسطيني «خالد مشعل» رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» هو تجسيد لرد فعل ما نتحدث عنه مثلما هو الأمر بالنسبة لحركة «فتح» التي تأثرت هي الأخرى بالثورة المصرية على نحو ما سنبسطه لاحقاً، ولكن ذلك لا يعني في الوقت ذاته أن حركة «حماس» تأثرت بالثورة المصرية كما تأثرت حركة «فتح» بالمأساة السورية، فالتأثيرات متداخلة لأحداث المنطقة في الفلسطينيين، خصوصاً من دول الجوار المباشر، فالقضية في النهاية ليست فلسطينية فقط ولكنها أيضاً عربية إسلامية ذات أبعاد إنسانية ومؤثرات إقليمية.
ثالثًا: عندما نستقبل الأخبار الأخيرة عن تقدم الفلسطينيين في «فتح» و «حماس» نحو المصالحة الوطنية الشاملة، فإننا نتذكر الجهد المصري في هذا السبيل، وكيف كانت «مصر» دائماً داعمة تلك المصالحة، وساعية لها قبل ثورة 25 يناير وبعدها، ففي عهد الرئيس الأسبق مبارك حاولت «مصر» بقيادة عمر سليمان رئيس الاستخبارات وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية حينذاك القيام بدور فاعل في هذا السياق، ولقد سألت السيد عمر سليمان ذات مرة عام 2009، هل «حماس» هي المعوق للمصالحة؟ فأجابني (إن عبء التأخير يقع على «فتح» و «حماس» معاً وليس على إحداهما فقط) وبعد ثورة 25 يناير دفعت «مصر» بقيادة اللواء مراد موافي رئيس الاستخبارات حينذاك بجهد ملموس أدى إلى توقيع اتفاق مبدئي بالمصالحة، وعندما وصل «الإخوان» إلى الحكم كان التنسيق المصري مع «حماس» قوياً بينما تميز التعامل مع «أبو مازن» وحركة «فتح» بالفتور، ولكن الأمور تحوّلت في اتجاه عكسي عندما وقعت انتفاضة 30 يونيو التي أطاحت حكم «الإخوان» وفتحت جسوراً للتواصل أكثر مع حركة «فتح»، بينما توترت العلاقات مع حركة «حماس» باعتبارها فصيلاً عسكرياً من «الإخوان المسلمين»، ولقد حافظت «مصر» على «شعرة معاوية» من التواصل القومي مع حركتي «فتح» و «حماس» معاً في محاولة مخلصة للتوافق الفلسطيني - الفلسطيني الذي أدى غيابه إلى آثار سلبية حادة على القضية برمتها. وإذا كنا قد ذكرنا من قبل أن تدهور الوضع في «سورية» كان عاملاً ضاغطاً على حركة «حماس»، والمناضل «خالد مشعل»، تحديداً للتوجه نحو المظلة التاريخية «لمنظمة التحرير الفلسطينية»، فإن المشهد المصري وتطوراته هو عامل رئيس في توجيه الحركتين معاً نحو المصالحة الوطنية.
... إننا إذ نكتب عن المصالحة الفلسطينية إنما نضع في اعتبارنا خلفية ما جرى في هذا السياق عبر العقود الأخيرة، حيث إن الأمر يتجاوز كثيراً موجة التفاؤل الطارئة التي ترددت في بعض المحافل العربية والدولية، ذلك أننا مررنا بمواقف مشابهة في السنوات الأخيرة وكنّا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق «المصالحة الفلسطينية الشاملة»، ولعلنا نتذكر جهد الاستخبارات «المصرية» والدولة «السعودية» في هذا الشأن، فما أكثر التوقيعات التي جرت والإعلانات التي تمت وكان يبدو دائماً لنا أن كلا الطرفين «فتح» و «حماس» غير راغبٍ في إتمام المصالحة لإحساس منفصل لدى كلٍ منهما بالهوية الذاتية، فضلاً عن الخلافات الأيديولوجية المعروفة بينهما. لذلك، فإننا ما زلنا نترقب ما يجري بتفاؤل مشوب بالحذر، خصوصاً أن هناك بعض التصريحات الفردية التي تتناثر وتعطي إيحاء بأن بعض النفوس في الطرفين ما زالت غير خالصة! والشيء الوحيد الذي نؤكده هو أن كلاً من «حماس» و «فتح» قد اتفقتا ضد محمد دحلان «أبو فادي» وأعوانه في «غزة»، إن المسألة أكبر بكثير مما تبدو على السطح ولها في أعماق «القضية الفلسطينية»، جذورٌ لا يمكن اقتلاعها إلا بالنوايا الخالصة والمصالح المشتركة، وهنا يجب أن نعترف بأن ثورات الربيع العربي كانت في مجملها خصماً من مسيرة المصالحة الفلسطينية، إن لم نقل خصماً من المركز التفاوضي للجانب العربي في القضية الفلسطينية، فإسرائيل لاعب رئيسي في المنطقة تنتهز الفرص وتتحين الأوقات وتستثمر الظروف لتصفية القضية الفلسطينية، وتمديد الصراع نحو أبدية تستمتع فيها «إسرائيل» بدور من يدير الموقف من دون أن يعطي الشعبَ الفلسطيني حقوقه المشروعة في أرضه المحتلة ودولته المستقلة وعاصمتها «القدس الشريف».


مصالحة فئوية أم وحدة وطنية فلسطينية؟
ماجد الشيخ (كاتب فلسطيني) عن صحيفة الحياة اللندنية
ما تحتاجه الحركة الوطنية الفلسطينية الآن في قطوعها الخلافي الراهن، أكثر من مصالحة فئوية (قبائلية) على طريقة عرب أيام زمان: «بوس اللحى وإقامة المناسف». فالمسائل السياسية لا يمكن اختصارها، أو اختزالها إلى مثل ما نراه اليوم من لقاءات شكلانية، تلعب الصورة فيها العامل الحاسم لحدوث شيء ما، ليس جوهرياً بالضرورة، حيث الخضوع للشكل هو الأهم، في نظر بعض أصحاب العلاقة من الطرفين. نظراً إلى حاجة أحدهما أو الاثنين معاً للخروج من أزمة أو مأزق ما يواجهانه من مهام لحظوية تكتيكية، أو استراتيجية أبعد مدى.
المصالحة بهذا المعنى مهمة لحظوية لطرفيها، فهي لم تعد حاجة وضرورة سياسية ابتعد زمانها وتباعد، حتى غدت لزوم ما لا لزوم له في أزمنة لاحقة، فماذا عدا مما بدا حتى صارت المصالحة اليوم أمراً محموداً ومطلوباً ومرغوباً، لولا أزمة المفاوضات والعلاقة التي باتت تخضع للتأزيم على خلفية التباينات والتعارضات القائمة، بين الأهداف الفلسطينية وتلك الإسرائيلية – الأميركية. ولولا أزمة العلاقات السياسية والتمويلية التي باتت تخضع لها حركة «حماس» مع الوضع الإقليمي ومن قبله الدولي. حتى لم يعد باستطاعة الحركة تصريف أمورها في ظل تأزم العلاقة المتزايدة مع مصر، ومن قبل مع سورية وإيران، على رغم حُسن علاقتها مع التنظيم الدولي لـ «الإخوان المسلمين».
الوضع الوطني الفلسطيني، أكثر احتياجاً اليوم، إلى أبعد من مصالحة بالمفهوم القبلي الفصائلي أو الفئوي، ذلك أن الوطنية الفلسطينية المنقسمة جغرافياً وسياسياً، هي الخاسر الأكبر مما وقع في غزة طوال السنوات السبع العجاف، التي رافقت انقساماً وشرخاً كاد يودي ويطيح الأهداف الوطنية الفلسطينية العليا، وقد جرى استغلالها من جانب الإسرائيليين والأميركيين باللعب على وتر الانقسام (اقتراح دولة موقتة في غزة، ومفاوضات تدور حول اقتراح دولة حكم ذاتي في بعض الضفة الغربية، وبمزيد من الاستيطان الهادف لقطع التواصل الجغرافي بين الدويلتين).
إن عودة التئام الوضع الوطني بالمعنى السياسي المباشر وغير المباشر، تحتم ليس استعادة وحدة النظام السياسي الفلسطيني تحت سقف أوسلو أو بما يتجاوزه، بل استعادة قدرة البرنامج السياسي على تحقيق الأهداف الوطنية العامة تكتيكياً، ومن ثم الانطلاق نحو الأهداف الوطنية الاستراتيجية، وهذا هو مبرر وجود الحركة الوطنية الفلسطينية كحركة تحرر وطني، لها أهدافها وغاياتها العامة التي تخص كل الشعب الفلسطيني في كامل مناطق وجوده. وبما أن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب والوطنية الفلسطينية، فالمطلوب منها هي لا غيرها، تحديد سقف هذا البرنامج والسهر على رعايته وتنفيذه وتطبيقه، وصولاً إلى تحقيق المآلات النهائية المنوطة بالوطنية الفلسطينية أرضاً وشعباً وهوية.
لقد خلفت سنوات الانقسام جروحاً لن تندمل بسهولة. لذلك، فإن من أوجب واجبات إعادة المياه إلى مجاريها، إعادة الاعتبار إلى العلاقات الكفاحية بين الأفراد والنخب والفصائل، وبما يتجاوز التحالفات الآنية أو الوقتية، فالتحالفات البرنامجية تقتضي تصليب عود القوى الثورية المكافحة، على قاعدة التزام البرنامج السياسي المتفق عليه، واحترام الأطر التنظيمية والتعددية بروح الديموقراطية، وعدم الاستئثار وإقصاء الكفاءات والمواهب كونها لا تنتمي تنظيمياً إلى تنظيم السلطة.
وبمعنى أوضح المطلوب شراكة وطنية حقيقية بين فصائل العمل الوطني، شراكة تتجاوز قطوع الانقسام وسنواته العجاف التي أفقرت العمل السياسي والتنظيمي والعسكري، ووضعت كل ذلك على الهامش، ولهول ما أسفرت عنه تلك السنوات، أنها لم تفلح على صعيد المقاومة، كما هي لم تفلح على صعيد المفاوضات، بالتالي لا الانقسام أفاد المقاومة، ولا حرية حركة المفاوض الفلسطيني أفادت مفاوضاته مع جبهة الأعداء، المتراصة على هدف إفقاد الوضع الوطني الفلسطيني مجموع أهدافه العامة، وصولاً إلى دولة فلسطينية مستقلة، وضح للمفاوض الفلسطيني ولغيره أن الأهداف الأميركية – الإسرائيلية، لم تكن لتستهدف سوى تفريغ «حل الدولتين» من مضمونه الجوهري بالاحتفاظ بالدولة الإسرائيلية وإكسابها طابع «الدولة اليهودية»، وفي الوقت ذاته إفقاد الدولة الفلسطينية طابعها السيادي المستقل، مجاراة وتطبيقاً لهدف إفقاد الفلسطينيين كشعب هويتهم الوطنية، وهو الهدف الذي سعت إليه الحركة الصهيونية منذ عام 1948، ولم تستطع تحقيقه على رغم مرور ستة وستين عاماً، من محاولات التهويد و «التطوير» والتشريد والترانسفير والتطهير العرقي والأبارتهايد والعنصرية... إلخ من أساليب وفنون الفاشية وتلك التي تعلمتها من قرينتها الحركة النازية.
في المآل الأخير، لسنا أمام مغنم أو مغرم، طالما أن الهدف الأساس الذي يجب السعي إليه، هو تحقيق الوحدة الوطنية بأسطع ما يكون الوضوح، لا السعي نحو مصالحة قبلية أو عشائرية، فما تبلغه القضية الوطنية الفلسطينية اليوم، يحتم بلوغ الوحدة الوطنية من دون لف أو دوران، على عكس المرات السابقة التي سمح خلالها لانتصار التوجهات النخبوية والزبائنية ذات المنشأ والنزعات السلطوية الانقسامية.

المصالحة الفلسطينية بين التوقعات والعقبات
تقديم وترجمة: حلمي موسى عن صحيفة السفير اللبنانية
خلق اتفاق المصالحة الذي أعلن في غزة قبل فترة حالة انتظار وترقب في الساحة الفلسطينية. ورغم الشكوك الكبيرة التي راودت الكثيرين بسبب تكرار إعلان الاتفاقات وعدم تنفيذها فإن الآمال كانت كبيرة بأن يكون الوضع مختلفا هذه المرة. صحيح أن النفوس الفاعلة بقيت كما هي من دون أي تغيير فعلي عليها ولكن الظروف باتت من الحدة بحيث تدفع الناس للتأمل بأن تكون حافزا أشد للتنفيذ. فالوضع في قطاع غزة بات من الضيق بمكان بحيث صار الانفجار واردا وكذا الحال في الضفة الغربية في ظل تعاظم العربدة الإسرائيلية وانسداد أفق التسوية.
وأمام هذا الحال ينظر كثيرون في كل اتجاه بحثا عن إشارات تبين أن الوضع قد تغير. والواقع أن التغييرات على هذا الصعيد تكاد تكون معدومة إلا في مستوى الآمال. فقد انتظر الكثيرون في قطاع غزة وربما في الضفة الغربية أن تبدأ خطوات فعلية مثل حرية انتقال الصحف الفلسطينية من الضفة إلى القطاع وبالعكس. ولكن هذا لم يحدث. كما انتظر آخرون أن تبدأ خطوات فعلية تظهر استعدادات ما للتغيير الفعلي المنتظر من قبيل إعطاء إشارات لموظفين بالتأهب للعودة إلى أعمالهم أو حتى أحاديث عن مشاورات بشأن تشكيل حكومة التكنوقراط المتفق عليها.
قد تكون هناك تحت الطاولة اتصالات لا يعلم بها الناس ولا تسري أنباء عنها في وسائل الإعلام. وقد تكون هناك نيات جدية لدى الطرفين الفلسطينيين لتجاوز الواقع الراهن وتحقيق المصالحة رغم كل المصاعب. لكن حتى الآن يصعب الحديث عن خطوات ملموسة في هذا الشأن سوى التفاؤل الذي يبديه البعض، خصوصا من جانب أنصار السلطة الفلسطينية في رام الله. وقد يكون هذا التفاؤل نابعا من إدراك لمصاعب تواجه حركة حماس في قطاع غزة أكثر مما ينبع من معرفة بمعطيات جديدة.
وفي كل الأحوال فإن التفاؤل يخلق بيئة مناسبة تستفز إسرائيل وتثير قلقها وهو ما سبق أن ناقشه العديد من المعلقين الإسرائيليين ممن يؤمنون بأن مجرد وجود أجواء المصالحة يضعف شعور إسرائيل بالأمن. فهذه الأجواء تعني أن العداء الذي راهنت عليه إسرائيل بين فتح وحماس في طريقه إلى الزوال وهو ما يقلص حدة تعامل السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية مع نشطاء حركة حماس. وبأشكال مختلفة فإن هذا يضعف أيضا المعنى الحقيقي لمبادئ التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل إن لم نقل ان هذه الأجواء تضع علامة استفهام كبيرة أمام استمرار هذا التنسيق.
ومن الجائز أن الاحتفالات بذكرى شهداء حماس في رام الله مؤخرا والتي أظهر فيها أنصار حركة حماس وجودهم بينت للإسرائيليين بالصوت والصورة ما معنى الأجواء الجديدة وخطورتها. وكتبت الصحف الإسرائيلية أن الرايات الخضراء التي ترمز لحركة حماس ملأت رام الله التي انطلقت فيها هتافات «اضرب، اضرب تل أبيب» من دون عراقيل.
لكن من المؤكد أن هذه الأجواء الإيجابية ذاتها لا تعني أن التغيير قد حدث أو أنه مضمون الحدوث. فهناك من يشيرون، على وجه الخصوص، إلى غياب الرعاية العربية الواضحة لهذه المصالحة. وما طلب الفلسطينيين من جامعة الدول العربية توفير شبكة أمان مالية إلا مجرد جانب من الصورة. حيث ان الفلسطينيين بحاجة أيضا إلى شبكة أمان سياسية ترعى المصالحة وتعينها على تجاوز العقبات. ومن المؤكد أن أكثر هذه العقبات ذو طابع سياسي يتصل بالعلاقة بأميركا وإسرائيل.
وبديهي أن إسرائيل التي تستشعر أن المصالحة الفلسطينية تفقدها احدى أهم أوراقها التي تعرقل تقدم العملية السياسية نحو اتفاق سلام تحاول جهد استطاعتها منع تسهيل حدوث هذه المصالحة. وهذا سيسري على حركة الحكومة الجديدة وتنقلات رجالاتها وسياستهم. وليس صعبا أن تحاول إسرائيل شق الصف الفلسطيني من خلال خلق أزمات متزايدة على خلفية التنسيق الأمني في الضفة أو التعامل بشكل حاد مع التوترات المحتملة على الحدود مع قطاع غزة.
ورغم أن الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي تعاملا مع المصالحة بشكل يختلف بعض الشيء عن الوجهة الإسرائيلية إلا ان ذلك لا يعني تسليمهما التام بها. فالمسألة في نظر الأميركيين والأوروبيين موضع اختبار وهم يريدون رؤية مدى التزام الحكومة الجديدة بشروط الرباعية الدولية. ورغم أن حركة حماس تشدد على أن موقف الحكومة شيء وموقف حركة حماس شيء آخر إلا ان المانحين سوف يحاولون اثبات أنهم أفلحوا في أن ينتزعوا من الحكومة التي قبلت بها حماس «تنازلات» أكثر من تلك التي طلبوها من الحكومات التي أنشأتها حركة فتح.
ومهما يكن الحال فإن الأسابيع القليلة المقبلة سوف تبين للجميع إن كانت المصالحة مجرد إعلان أم أنها خطوة فلسطينية جريئة باتجاه توحيد الصفوف وبناء سياسة جديدة. كما أن الاتصالات الجارية حاليا سوف تظهر مقدار التوافق على التعامل مع المبادرة الأميركية المقبلة التي ستأتي خلال أسابيع بعد انتهاء مهلة «الإجازة» الممنوحة للمفاوضين. فأميركا أكثر من يشعر بأن استمرار الوضع الراهن ليس سوى وصفة سحرية للانفجار المقبل.
ولهذا السبب يبدو أن الانتظار والترقب ليسا سيد الموقف فقط لدى الفلسطينيين وإنما لدى قوى أخرى إقليمية ودولية.


"النهار" تنشر رسالة المالكي إلى باسيل: تمسّك فلسطيني بحق عودة اللاجئين

خليل فليحان (http://www.annahar.com/author/62-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%84-%D9%81%D9%84%D9%8A%D8%AD%D8%A7 %D9%86-) عن صحيفة النهار اللبنانيةأكد وزير خارجية فلسطين رياض المالكي لنظيره اللبناني جبران باسيل أن القيادة الفلسطينية لن توافق على أي اتفاق سلام لا يتضمن حلاً لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار 194 ولا يضمن حقهم في العودة، و"سنرفض بشكل قاطع أي صيغة تتعارض مع ذلك الحق، وبالتنسيق مع الأشقاء العرب وخاصة الأشقاء في لبنان".
جاء هذا التأكيد خلال رسالة خطية تلقاها باسيل من المالكي وحصلت "النهار" على نسخة منها وتتضمن أمثلة عن تطمينات أبلغها مسؤولون في القيادة الفلسطينية الى مسؤولين لبنانيين ومن بينهم باسيل في أكثر من مناسبة، منها خلال اشتراكه في اجتماع وزراء الخارجية العرب غير العادي الذي كان ترأسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قصر بيان على هامش القمة العربية الاخيرة التي كانت قد عقدت في قصر بيان في الكويت.
واستهل المالكي رسالته بشكر لبنان رئيساً وحكومة وشعباً على "المواقف الاخوية المشرّفة التي تتمسكون بها دفعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرّف، والتي تشاركون فيها شعبنا محنته ومأساة احتلال أرضه وتهجيرهم. وفي هذا الاطار نجدد التشديد على عمق العلاقات الفلسطينية – اللبنانية التي نفتخر بها ونعتز".
وثمّن المالكي الاهتمام اللبناني بقضايا الشعب الفلسطيني وبـ"حقوقه الوطنية المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ونتفق معكم على أهمية التركيز المتواصل على قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة الى ديارهم التي شرّدوا منها.
وهنا نودّ الاشارة الى ان دولة فلسطين تؤكد دوماً في المحافل كافة هذا الحق، ونتمسك به وفقاً للقرار 194، ومبادرة السلام العربية التي تطالب بحق عادل ومتفق عليه لهذه القضية، ولن تقبل هذه القيادة الفلسطينية وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس أي حل أو اتفاق سلام مع الجانب الاسرائيلي لا يحقق هذا الموقف".
وأعطى المالكي أمثلة من مؤتمرات عربية شارك فيها وزراء خارجية ومن بينهم باسيل، تؤكد أن مواقف هؤلاء من حق العودة مؤيدة للموقف الفلسطيني كما حصل في اجتماعات مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري في دورته غير العادية في 9 نيسان 2014، وان ما خلصت اليه هذه الدورة هو نتاج مداخلات الزملاء وزراء الخارجية العرب، وكانت هناك ملاحظات من الوزراء الذين ارتأوا أهمية التركيز على الجلسة الطارئة لمجلس الجامعة، اي العملية السياسية التفاوضية وما آلت اليه. وقد جاء ذكر قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة في ديباجة مشروع القرار، باعتبار أن الموقف من تلك القضية متفق عليه وثابت وغير قابل للنقاش كما عبّرنا عنه. وأن ما تم الأخذ به من التطرّق الى قضية اللاجئين الفلسطينيين في ديباجة مشروع القرار جاء بناء على اقتراح الرئاسة المغربية الشقيقة للدورة الحالية والذي استمعتم اليه، باعتبار أن الديباجة جزء لا يتجزّأ من مشروع القرار".
وخلص المالكي في رسالته الى التذكير بأن "موقفنا الرسمي الذي تم الإعلان عنه مراراً وتكراراً من السيد الرئيس محمود عباس، سواء خلال زيارته الاخيرة للجمهورية اللبنانية الشقيقة، أو من خلال مقابلاته الصحافية والاعلامية، أو من خلال لقائه مع فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، على هامش القمة العربية التي عقدت في الكويت وفي حضور معاليكم وحتى أثناء لقائه معاليكم أخيراً، حيث أكد التمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين ورفض مبدأ التوطين (...)".
وتجدر الإشارة الى أن تأكيدات المالكي في رسالته الى باسيل أن قيادته ترفض توطين اللاجئين في الدول التي تستضيفهم، وهي ليست بجديدة، وسبقه الى ذلك عباس منذ سنوات، لكن المهم في نظر المسؤولين توقيت العودة، وإذا كانت مرتبطة بالحل النهائي فيجب الانتظار فترة أطول ربما قد تتجاوز النصف قرن.

أتنجح مناورة حكومة التكنوقراط الفلسطينية؟
إبراهيم البحراوي عن صحيفة المصري اليوم
لم يمض من الوقت أكثر من أسبوعين منذ توقيع اتفاق المصالحة بين حماس وفتح فى 23/4/2014 حتى وقع التحول فى الموقف الإسرائيلى. فى البداية انتعشت أجهزة الدعاية السياسية الإسرائيلية ووجدت فى الاتفاق فرصتها الذهبية لإعلان وقف المفاوضات، على أساس أن إسرائيل لا تستطيع التفاوض مع حكومة تضم حركة حماس التى ترفض الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف.
فى المرحلة التالية شعر الساسة الإسرائيليون أنهم أمام قدرة كبيرة على المناورة السياسية من جانب كل من فتح وحماس على حد سواء. ذلك أن الرئيس محمود عباس أبلغ مارتن إنديك المبعوث الأمريكى فى عملية المفاوضات أن حكومته الجديدة ستكون حكومة تكنوقراط وليست حكومة تمثل فيها الفصائل الفلسطينية وتحمل بصمات الفصائل سياسياً.
لقد نص اتفاق المصالحة على بندين: الأول تشكيل حكومة توافق وطنى، والثانى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وبالتالى راحت الأجهزة الإسرائيلية تروج فى أوروبا والولايات المتحدة أن الحكومة الفلسطينية الجديدة ستضم عناصر رافضة أصلاً لعملية السلام والمفاوضات. كذلك استثمرت إسرائيل تصريحات قادة حماس التى أكدت أن إنشاء حكومة توافق لا يعنى اعتراف الحركة بإسرائيل، لتأكيد خطورة الحكومة الجديدة على عملية السلام.
لقد بدا الأمر كما لو كان الرئيس عباس، زعيم حركة فتح، المؤمن بالمفاوضات باعتبارها السبيل لإقامة دولة فلسطينية، قد أهدى إسرائيل ورقة دعائية كبرى، غير أن الصورة تغيرت بعد خطابه أمام المجلس المركزى الفلسطينى، فقد أعلن بالنص «أن حكومة التوافق الوطنى التى سيشكلها، بعد توقيع اتفاق المصالحة مع حماس، ستعترف بإسرائيل وبالاتفاقات الدولية وتنبذ العنف». هكذا نجح عباس فى إيجاد صيغة حكومة تجمع بين أمرين متناقضين: الأول أنها حكومة توافق بين فتح وحماس من ناحية، والثانى: أنها حكومة ملتزمة بعملية التفاوض وتعترف بإسرائيل، من ناحية ثانية. أما حماس من جانبها فقد ساهمت فى محاولة إنجاح مناورة عباس بتشكيل حكومة تكنوقراط تلتزم سياسته تجاه إسرائيل، وذلك بصمت القيادات العليا عن التعليق على خطاب عباس أو تكذيب ما قاله، وإن كانت فى الوقت نفسه قد منعت ممثلى حماس من حضور اجتماع المجلس المركزى. إن هدف مقاطعة الاجتماع هو احتفاظ حماس بقدرتها على القول فى المستقبل إنها لم تكن موافقة على ما قاله عباس، وهو ما يشى صمتها الآن بعكسه.
السؤال الآن، بعد هذا النجاح فى الجزء الأول من المناورة، هو: هل ينجح الجزء الثانى الممثل فى قبول الولايات المتحدة لحكومة التكنوقراط الفلسطينية والتعامل معها، بعد أن كانت قد أعلنت أنها تعتبر حماس حركة إرهابية، ولن تقبل الاتصال بأى حكومة تشارك فيها؟
إن بعض المحللين الإسرائيليين يرون أن هناك احتمالاً كبيراً لنجاح عباس فى مهمة تشكيل حكومة تكنوقراط غير حزبيين، وهو أمر يمكن أن تقبله الولايات المتحدة وأوروبا، وبالتالى تضغط على إسرائيل لكى تعترف بهذه الحكومة وتتعامل معها. إن هذا الاحتمال أصبح يشكل مصدر إزعاج لنتنياهو ووزرائه، وقد دفعها إلى البدء فى حملة مكثفة داخل أروقة الكونجرس الأمريكى لإقناع أصدقائها بممارسة ضغوط متعددة على محمود عباس، ليتراجع عن تشكيل حكومة التوافق ويعود صاغراً إلى طاولة المفاوضات نزولاً على الشروط الإسرائيلية. من الملاحظ أن هذه الحملة قد نشطت فى أعقاب التصريحات التى أطلقها جون كيرى، فى اجتماع مغلق، مع بعض قيادات يهود الولايات المتحدة للحديث عن الصورة التى يتوقعها إذا فشلت عملية المفاوضات.
لقد قال كيرى إنه يتوقع أن تصبح إسرائيل دولة فصل عنصرى «أبارتهايد» إذا فشل حل الدولتين وتغلب حل الدولة الواحدة، حيث سيصبح العرب فيها مواطنين من الدرجة الثانية.
لقد تسببت هذه التصريحات التى سجلها أحد الحاضرين بالموبايل وأذاعها فى صدمة كبيرة للحكومة الإسرائيلية، التى كانت مطمئنة إلى أن الإدارة الأمريكية ستساندها فى موقفها تجاه حكومة التوافق الفلسطينية. إن هذا التطور فى حد ذاته يقدم مؤشراً على احتمال نجاح الجزء الثانى من مناورة حكومة التكنوقراط غير الحزبية وقبولها دولياً. صحيح أن كيرى قد تعرض لحملة هجوم ونقد لاذع فى الولايات المتحدة من جانب منظمة إيباك(مجموعة العلاقات الأمريكية الإسرائيلية)، وفى إسرائيل من جانب الحكومة، وصحيح أنه اضطر إلى إصدار بيان اعتذار عن وصفه إسرائيل بدولة فصل عنصرى محتملة، إلا أن الأمر فى مجمله يمثل أمراً مقلقاً للإسرائيليين.
إننى أنتظر مع القراء الأعزاء عدة أسابيع لنتأكد أن حكومة التوافق ستشكل بالفعل، وأن المسألة لن تتوقف عند حد المناورة السياسية بإعلان المصالحة، ولنعرف ما إذا كانت حكومة التكنوقراط، إذا ما تشكلت، ستحظى بالقبول الدولى أم لا؟

الولايات المتحدة بين فوضى العرب وأمن “إسرائيل”
د . حسين حافظ عن الخليج الإماراتية
لم يعد حتى في الخيال قبول فكرة أن تعيش دويلة لقيطة عدوانية استيطانية توسعية بسلام في وسط إقليمي يهتاج بالفوضى وعدم الاستقرار في كل شيء .
وكيف نستطيع هضم فكرة أن "إسرائيل" آمنة وفي جوفها الملايين من القادرين على إنهاء وجودها في فترة زمنية فارقة انطلاقاً من فكرة "الجهاد الإسلامي الأمريكي" الذي يعبث في مصائر دول وشعوب المنطقة العربية والعالم؟
وكيف يمكن أن تستقيم فكرة استجلاب "الجهاديين" الانتحاريين من كل حدب وصوب ليعيثوا فساداً بأمن العرب وتبقى "إسرائيل" آمنة؟
هذه الأسئلة أو سواها تعيدنا إلى مناقشة موضوع دور الولايات المتحدة في كل ما حصل ويحصل، ليس في العالم العربي فحسب بل في العالم أيضاً، وكيف أسهمت في إرساء أمن "إسرائيل" مقابل الفوضى التي وصفتها كوندليزا رايس بالخلاقة في الوطن العربي؟
وكيف تستقيم فكرة "الجهاد" ضد المشركين مع وجود دولة مشركة ليس في المعنى الديني وإنما الإنساني والأخلاقي .
الأخطاء الاستراتيجية التي عودتنا عليها الولايات المتحدة هي أنها تترك الأشياء سائبة في نهاياتها، ولا يبدو أن هذا السلوك قد تنبهت له أو تعلمت منه في مجمل القضايا الدولية، فعلى سبيل المثال كان اشتراك الولايات المتحدة في نهاية الحرب العالمية الأولى قد حسم الأمر لمصلحة الغرب ولكنها لم تشترك في ترتيبات ما بعد الحرب بل إنها انكفأت إلى الداخل دون أن يكون لها دور في رسم جغرافية العالم بعد الحرب، وتحديد معالمه حينذاك، وهي اليوم تعاني خطأ ترتيبات سايكس بيكو بوصف المخطط الاستراتيجي الأمريكي رالف بيترز وتطرح فكرة الشرق الأوسط الكبير والجديد على هواها، وتسعى إلى خارطة جديدة للشرق الأوسط لتلافي أخطاء ما بعد الحرب العالمية الأولى . وحينما انتصرت في الحرب العالمية الثانية تركت الأمور على هوى الأقدار وتبنت فكرة مارشال في إعادة بناء أوروبا الغربية ولكنها أهملت أيضاً أساسيات بناء النظام الدولي فتشكلت منظومتان أرعبتا العالم حتى نهايات القرن العشرين .
وحين حصل انهيار الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية تخلت عن دورها في ترتيب أطر النظام العالمي الجديد في احتواء الروس كقوة عالمية تقليدية وتحويلهم إلى الحاضنة الغربية مثلما فعلت مع دول أوروبية شرقية ليست ذات قيمة اعتبارية في إطار الأمن والسلم الدوليين .
ولعلنا نتصور كيف يمكن أن يصبح العالم لو انضوت روسيا بكل إمكاناتها المادية والتقنية والفكرية إلى المنظومة الغربية؟ واليوم تعاني الولايات المتحدة سلوك روسيا في أوكرانيا وأذربيجان والشرق الأوسط على حد سواء .
وفي منطقة الشرق الأوسط دعونا نتخيل لو تم بناء العراق وفق متبنيات رؤية بوش الابن بتحويله إلى سنغافورة الشرق الأوسط انسجاماً مع إمكاناته المادية القائمة على أسس واقعية ومن دون أن يُترك لهوى اللاعبين المحليين والإقليميين .
كيف يمكن أن نفهم النفاق الأمريكي في هضم حقوق العرب والفلسطينيين والتمادي في فوضوية النظم العربية مع بقاء "إسرائيل" آمنة ومطمئنة؟
ولعل من سخرية القدر أن نرى أن "إسرائيل" تتمادى في بناها التحتية في الأراضي الفلسطينية بتصاعدية معروفة مقارنة بتحطم البنى التحتية العربية على يد "بناة الجهادية الإسلامية الأمريكية المفتعلة" .
إن جوهر التناقض بين ما يحصل من فوضوية فاضحة في الوطن العربي، وبين أمن واستقرار "إسرائيلي" راسخ قد غذته الولايات المتحدة أو على الأقل قد سكتت عنه وهي في مبتغاها لا تتجاوز إلا أن تزيد الطين بلة في الشعور العربي والإسلامي للكراهية الأمريكية .
إن الجهادية الأمريكية في الوطن العربي تؤكد ذاتها من خلال العبث بأمن دول المنطقة وإرساء دعائم الاستقرار في "إسرائيل" وتلك مفارقة كبيرة لا بد من فك طلاسمها ومعرفة نتائجها ونهاياتها كي نتعرف إلى المشاركة الأمريكية الفاعلة في الفارق بين فوضى الدول العربية وأمن واستقرار "إسرائيل" .
نوعية الاستدراك الأمريكي لمتطلبات التحول في البيئة الدولية يشوبه الكثير من الخلل وعدم الوضوح والضبابية حتى ليبدو للكثير من المطلعين في شؤون الشرق الأوسط وكأن الولايات المتحدة لم تدرك بصورة جيدة (الوجود الزائف ل "إسرائيل") مقارنة بمصالحها الجوهرية في الوطن العربي، وهذه حقيقة بائنة للقاصي والداني في أية قراءة سليمة لفارق الدور الأمريكي في الشرق الأوسط .

هذا ما قاله الغنوشي عن «إخـوان» مصر
صالح القلاب عن صحيفة الرأي الأردنية
لا هو من جماعة «السيسي» ولا من الذين يرفضون «الإسلام السياسي» ويناهضونه ويعتبرونه «المفْرخة» التي خرج منها هذا الإرهاب الذي يضرب المنطقة ويهدد العالم بأسره بل هو الشيخ راشد الغنوشي الذي كان إرتد على الناصرية وتخلى عن قناعاته الإشتراكية في النصف الثاني من ستينات القرن الماضي ،بعد حرب حزيران (يونيو)مباشرة، وإتجه اتجاهاً «إسلامياً» وانتهى إلى الإخوان المسلمين بعد سنوات هجرة في بريطانيا قادته إلى الخرطوم حيث جمعته بالشيخ حسن الترابي قناعات ومنطلقات كثيرة.
كان الغنوشي قد واجه حصاراً إعلامياً من قبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لأنه وجه في إجتماع التنظيم العالمي للإخوان المسلمين الذي انعقد في اسطنبول إنتقادات شديدة لـ»الإخوان» المصريين وصفهم فيها بأنهم «تصرفوا بطريقة صبيانية جعلتهم يفقدون الحكم».
قال الغنوشي ،الذي تصرف بمنتهى الحكمة والمسؤولية لتجنيب تونس العنف والإقتتال وإيصالها إلى هذا «التعايش» الواعد، إن قيادة «الإخوان» في مصر قد إتبعت سياسة :»مرتبكة وإرتجالية ومتمردة وصبيانية.. وأنه كان من حظ المصريين أن تجربة الربيع العربي سبقتهم فكان لهم الوقت الكافي والمناسب لدراسة التجربة التونسية والتركيز عليها وإستخلاص العبر منها ليتجنبوا سلبيات هذه التجربة ويركزوا على الإيجابيات فيها لكنهم ،أي الإخوان في مصر، قد إنطلقوا وللأسف وكأن شيئاً لم يحدث في دولة شقيقة لهم بقيادة أشقاء وإخوانٍ يشاركونهم التجربة والنهج نفسه.. لكنهم لم يكلفوا (خاطرهم) بإستشارتنا.. لقد فرضنا أنفسنا عليهم وراسلناهم وخاطبناهم ووجهناهم وحذرناهم وشجعناهم في العديد من المواقف.. «ولكن لا حياة لمن تنادي».
وفي إطار إنتقادات شديدة مفعمة بالمرارة قال راشد الغنوشي :»إن أعين الإخوان كانت منذ البداية منصبة على المساومات والمفاوضات.. كانوا يساومون النظام على تغيير شكله وليس جوهره.. لقد جرت الإنتخابات وهيمنوا على الأغلبية هم وحلفاؤهم ثم إستفردوا بالمجلس وشكلوا لجانه وفق رغباتهم ومصالحهم.. لم يراعوا ولو للحظة باقي شرائح الشعب المصري التي صنعت الثورة.. فلم يرَ المواطن المصري فيما حصل سوى إستبدال الحزب الوطني المنحل بالإخوان.. هذا يعني أنهم لم يكونوا قريبين من نبض الشارع ولم يحققوا شيئاً مما ناضل المصريون من أجله.. غايتهم كانت السلطة والمناصب فاستأثروا عليها بطريقة أكثر فجاجة من طريقة مبارك ونظامه وسيطر عليهم الغرور».
وانتهى الغنوشي إلى القول :»إن «الإخوان» لا يعترفون بأن تجربتهم في إدارة الدولة محدودة إنْ لم تكن معدومة.. لم يأتمنوا أي طرف وعاشوا جو المؤامرة وتقوقعوا على أنفسهم وإنحصروا وتحاصروا وابتعدوا كثيراً عن الشارع الذي كان ينتظر منهم الكثير.. لكنهم للأسف إنشغلوا بأمور الدولة ليتمكنوا منها وابتعدوا عن الشعب فعزلهم.. كانت الصدمة الأكبر عندما أخذهم الغرور كثيراً فأرادوا أن يحكموا سيطرتهم على مفاصل الدولة بأدوات قاصرة وعلى كل الصعد فقرروا المشاركة في إنتخابات الرئاسة المصرية 2012.. لقد جاءني الخبر وكنت في إجتماع لمجلس الشورى في النهضة فقلت لنفسي وللمجتمعين الله يعوض عليكم في إخوانكم في مصر.. لقد قرروا بهذه الخطوة سرعة نهاية تجربتهم».
إن صاحب هذا الكلام هو راشد الغنوشي الذي يحتل موقعاً رئيسياً في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين والذي بعد هذا الذي قاله سيتعرض بالتأكيد لحملات التشويه والتشنيع المعروفة.. فهذه «الجماعة» ترفض المثل القائل :»صديقك من صَدَقك لا من صدَّقك».. فهي دائماً على حق ومن يعارضها حتى من داخلها ومن قادتها هو على باطل.. ولذلك ولأنها ترفض إنتقادات هذا الرجل ،الذي لا شك في أنه الأكثر ثقافة والأغنى تجربة في الحركة الإخوانية المعاصرة، والذي ستناصبه العداء بالتأكيد فإن هذا يعني أنه سيصيبها ما أصاب كل الأحزاب الإستبدادية وإن نهايتها ستكون قريبة ومأساوية بالتأكيد.