المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 10/05/2014



Haneen
2014-06-03, 12:59 PM
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:

نتنياهو يقونن "يهودية الدولة"
فايز رشيد- الخليج الإماراتية
استحقاقات المصالحة
معتصم حمادة-النهار اللبنانية
في المشهد الفلسطيني
يونس السيد-الخليج الإماراتية
في ذكرى النكبة
عودة عودة-الرأي الأردنية
الإضراب متواصل
محمد عبيد-الخليج الإماراتية
الفلسطيني في سرديات ماركيز
سمير عطا الله-الشرق الأوسط
آن لبان كي مون أن يغضب كثيراً
راغدة درغام (http://alhayat.com/Opinion/Raghida-Dergham.aspx)–الحياة اللندنية
من «داعش» إلى «بوكو حرام» ... أيـن الإسلام المعتدل؟!
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
نتنياهو يقونن "يهودية الدولة"
فأيز رشيد- الخليج الإماراتية
أعلن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو (الخميس الأول من مايو/ أيار الحالي) عزمه طرح مشروع قانون "دولة القومية اليهودية" على الكنيست في دورتها الحالية . هذا القانون إن تم إقراره فسيكون "قانون أساس"، وسيكون القانون الأكثر عنصرية في تاريخ "إسرائيل" . يُذكر أن هذه هي المحاولة الثانية لتشريع القانون، فقد سبق في الدورة الماضية للكنيست أن حاولت الأحزاب المتطرفة طرحه على جدول الأعمال، والتف من حوله نواب من الائتلاف الحاكم والمعارضة، إلا أن مستشاري الحكومة والكنيست القضائيين منعا مرحلياً (وليس بشكل دائم) طرح القانون . ينص مشروع القانون على أن "إسرائيل" هي "دولة الشعب اليهودي"، بمعنى هي لأبناء الديانة اليهودية في العالم . مشروع القانون يتحدث أيضاً عما يسمى "أرض "إسرائيل" الكاملة" وهي التي تعني بالمفهوم الصهيوني "أرض فلسطين التاريخية من النهر إلى البحر" . وهذا يتقاطع مع مشروع قانونٍ آخر جرى طرحه على الكنيست في الدورة الماضية، وهو بانتظار بحثه وإقراره بالقراءة الأولى . وهو "أرض "إسرائيل" هي أرض فلسطين التاريخية" ربما يكون هذا مقدمة مستقبلاً وفي ظروف مواتية لمشروع "دولة "إسرائيل" الكبرى" .
مشروع نتنياهو إذا ما تم إقراره (وهناك عوامل مساعدة على الإقرار هي أصوات الائتلاف الحكومي الحالي) يعني إعطاء الحكومة الإذن الرسمي القانوني لإجراء ترانسفير مستقبلي لكل فلسطينيي منطقة ،1948 وسيمنح اليهود الأولوية في مجالات الحياة كافة، في التعليم، والسكن، وامتلاك الأرض والبيوت، وسيلغي المكانة الرسمية للغة العربية، وبالطبع هذا سيؤثر في الثقافة والتاريخ العربيين، اللذين يحرص أهلنا في فلسطين المحتلة عام 1948 على حفظهما لأن الكيان الصهيوني عمل جاهداً، ولا يزال على تذويبهما .
في حالة إقرار المشروع فإن ذلك يلغي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، وتصبح المرجعية في كل شيء بما في ذلك القضاء، القيم اليهودية وليست القوانين والقيم الديمقراطية (هذا مع نسبية هذا المفهوم في دولة الكيان لأن ديمقراطيتها مزيفة) . القانون يعطي الأفضلية لليهود في المجالات كافة من دون ذكر أهل البلاد الأصليين من الفلسطينيين .
نتنياهو حاول أن يعطي تبريراته لسن هذا القانون من خلال كلمة ألقاها في زيارة للقاعة التي أعلن فيها دافيد بن غوريون في 15 مايو/ أيار 1948 قيام "إسرائيل" -بكل ما تحمله هذه الزيارة من رمزية-فهو يقول: "هناك من لا يعترف بهذا الحق الطبيعي (الدولة اليهودية) وهذه الأطراف تريد أن تتحدى الأسباب التاريخية والأخلاقية والقانونية لوجود دولة "إسرائيل"، بصفتها الدولة القومية لشعبنا" . ثم يستطرد قائلاً: "من المستغرب بنظري بأنه يوجد بين أولئك الذين يطالبون تنازلات في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) من يعارضون تعريف دولة "إسرائيل" كالدولة القومية للشعب اليهودي . لا يمكن أن تكون هناك مناشدة لإقامة دولة قومية فلسطينية وفي نفس الوقت يتم رفض الاعتراف بالدولة القومية اليهودية .
هذا يمس على المدى البعيد حق دولة "إسرائيل" في الوجود" . يقارن نتنياهو بين الدولة الفلسطينية العتيدة باعتبارها "دولة قومية فلسطينية" ناسياً أو متناسياً أن ليس هناك "قومية فلسطينية" وإنما "شعب فلسطيني" قوميته عربية، وهكذا في الدول العربية كافة التي تجمعها البوتقة القومية العربية . ينسى نتنياهو أن التعايش بين الأديان والإثنيات هو في أوجه في الدول العربية، وأن ما يحصل من أحداث مؤخراً على هذا الصعيد هو نتيجة التدخل الاستعماري الذي يحاول إتلاف وتخريب النسيج الاجتماعي في الدول العربية . وينسى نتنياهو، أو يتناسى أن اليهودية هي دين وليست "قومية" وأن العربية هي قومية أساسية مزروعة في التاريخ .
وبالعودة إلى تداعيات مشروع قانون نتنياهو فإنه في حالة الإقرار فسيقضي نهائياً على حل الدولتين، وعلى حل الدولة الديمقراطية الواحدة، وعلى حل الدولة الثنائية القومية، وعلى حل الدولة لكل مواطنيها والذي يطرحه البعض من الفلسطينيين . بالنسبة لمعارضة طرح مشروع القانون على الكنيست فهي معارضة ضعيفة، إن جاز التعبير، فقد عارضته وزيرة القضاء "الإسرائيلي" تسيبي ليفني رغم تمسكها بتعريف "دولة يهودية وديمقراطية" وقالت في تصريح لها "إنها لن تسمح مطلقاً بأن يتم إخضاع القيم الديمقراطية للقيم اليهودية"، لكن النائبة الليكودية ميري ريغف انتقدت ليفني بشدة واعتبرت "أن تمرير القانون لن يضر ب"إسرائيل" على الساحة الدولية لأن الكل يعرف أن "إسرائيل" هي الدولة القومية للشعب اليهودي" . من المعارضة أيضاً نواب من كتلة "هناك مستقبل" ونواب من حركة ميريتس، ورئيس المعارضة إسحق هيرتزوغ .
معارضة هؤلاء ليست جذرية بل توفيقية مثلما بينّا، فهم يريدون الجمع بين "اليهودية والديمقراطية" في وقت يستحيل بمكان الجمع بينهما، فإما دولة يهودية أو دولة ديمقراطية .
بالطبع أهلنا في فلسطين المحتلة يعارضون تشريع هذا القانون، وقال النائب في الكنيست محمد بركة رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة "من الواضح أن الأغلبية الساحقة من بنود هذا القانون مطبقة على أرض الواقع منذ عشرات السنين مع بعض الاستثناءات، ولكن القانون المقترح هو عملية لتثبيت هذه السياسة وجعلها إلزامية . ليدرك نتنياهو ولتدرك "إسرائيل" أننا كعرب لسنا عابرين في وطننا ولسنا ضيوفاً عليه أو ضيوفاً لدى نتنياهو . مهما فعلوا فإننا منغرسون في وطننا" . وفي السياق نفسه جاء تصريح النائب أحمد الطيبي .
يبقى القول: إنه ليس سهواً أن يأتي مشروع سن هذا القانون في الذكرى ال66 للنكبة، في إطار عملية مدروسة لتأكيد الأساطير والأضاليل الصهيونية وأولاها "أن فلسطين التاريخية هي وطن القومية اليهودية" . هؤلاء هم أعداؤنا فهل بقي أحد يراهن على إقامة السلام معهم؟ سؤال نطرحه برسم أمثال هؤلاء .

استحقاقات المصالحة
معتصم حمادة-النهار اللبنانية
رغم مرور حوالى اسبوعين على توقيعه، فإن اتفاق غزة للمصالحة الفلسطينية ما زال موضع شك لدى شرائح واسعة من الرأي العام. فالاتفاق تم على يدي اسماعيل هنية من "حماس"، وعزام الأحمد من "فتح"، وهما المسؤولان الفلسطينيان، اللذان انفجرت على ايديهما الاوضاع في غزة في العام 2007 يوم كان هنية رئيساً للحكومة والأحمد نائبه.
كما ان الاتفاق صيغ بعبارات عامة، حاولت ان تتجاوز نقاط الخلاف، عبر تجاهلها، مما جعل منه حمال اوجه منذ اللحظة الأولى لولادته. فمقابل وضع رامي الحمدالله استقالة حكومته، في رام الله، بين يدي الرئيس عباس، لتسهيل مهمته في تشكيل حكومة التوافق الوطني، رأت "حماس" في تصريح لاحد الناطقين باسمها في أية دعوة لهنية ليقوم بالخطوة ذاتها تشويشا على الاتفاق، وسوء نية في تفسيره بدعوى أنه لم ينص على استقالة حكومات بل على تشكيل حكومة توافق وطني، وبالتالي فإن استقالة حكومة هنية رهن بالإتفاق مع عباس على تشكيل الحكومة المقبلة، وهو ما يشكل الاستحقاق الأول في تنفيذ الاتفاق، وما سيجعل منه عند الدخول في التفاصيل، وطرح الأسماء وتوزيع الحقائب، موضوعاً تفجيرياً محتملاً.
الاستحقاق الثاني الذي ينتظر تنفيذ الاتفاق هو توفير حل لحوالى 53 ألف موظف، عيّنتهم حكومة "حماس" إبان توليها السلطة في القطاع، وما زالت حكومة رام الله تعتبرهم غير شرعيين. ونعتقد ان الجانب السياسي في هذه القضية سيتغلب بالضرورة على الجانب المالي، لأن تكريس توظيف 53 ألف موظف في غزة، كلهم ينتمون الى "حماس"، ومعظمهم يعملون في الاجهزة الأمنية أمر سيلوّن الاجهزة بألوان سياسية حزبية، تعيدنا الى الحكاية ذاتها والقضايا ذاتها التي فجرت الأوضاع في حزيران 2007، حين تغلبت الألوان والانتماءات الحزبية للأجهزة الامنية على الجانب الحرفي والمهني في دورها، فتحولت ادوات صراع بدلا من أن تكون اداة لحفظ أمن المواطن ومناطق السلطة.
الاستحقاق الثالث الذي ينتظر تنفيذ الاتفاق هو تنظيم الانتخابات التشريعية لإعادة تشكيل المجلس التشريعي الثالث، في ظل خلاف حاد حول قانون الانتخابات ففي الوقت الذي تُجمع فيه فصائل منظمة التحرير الفلسطينية (ومن بينها "فتح") على اعتماد قانون التمثيل النسبي الكامل، تصر حركة "حماس" على النظام المختلط (75% نسبية، 25% مقاعد فردية) ادراكاً منها ان النظام الاول لايخدم مصالحها، وان النظام الثاني هو الافضل لها بحسب تجربتها في انتخابات التشريعي الثاني، حيث اكتسحت مقاعد الدوائر الفردية، وتساوت بفارق مقعد واحد، مع "فتح" في التمثيل النسبي.
وقد فشلت كل جولات الحوار الجماعي التي ادارتها القيادة الفلسطينية مع "حماس"، في الوصول الى اتفاق على هذه القضية التي ما زالت معلقة حتى الآن.
طبعاً، هناك قضايا اخرى تحتاج الى معالجات سياسية، هي كيفية التعامل مع الولايات المتحدة واسرائيل اللتين تريان في "حماس" حركة ارهابية، وتعترضان على مشاركتها في الحكم، كذلك الامر نفسه مع مصر التي تتهم "حماس" بالانخراط في الاعمال الارهابية في سيناء وغيرها، وهو ماسيطرح على الرئيس عباس مسؤوليات اضافية لتقديم الحالة الفلسطينية بصيغتها الجديدة الى الحالة العربية في الوقت الذي تعيش فيه العملية التفاوضية واحدة من اكثر استعصاءاتها تعقيداً.


في المشهد الفلسطيني

يونس السيد-الخليج الإماراتية
هل نضجت حركتا "فتح" و"حماس" ومعهما السلطة الفلسطينية بما فيه الكفاية لإدراك أهمية المصالحة الوطنية في ظل كل هذه المخاطر والتحديات التي باتت تتهدد الشعب الفلسطيني وقضيته التي كانت يوماً ما القضية المركزية للأمة العربية؟ أم إن كل طرف ذهب يبحث عن اتفاق الضرورة، ليتم توظيفه فيما بعد، وفق أجندته الخاصة؟
شكوك وأسئلة كثيرة بات يطرحها الشارع الفلسطيني، الذي رحب بحذر بمثل هذا الاتفاق، وإن تأخر كثيراً، أو ربما جاء في الوقت الضائع، بعدما أوغلت الجروح في جسده المثخن، وتعمق الانقسام إلى هذا الحد، وأصبح شفاؤه مرهوناً بنوايا وأهداف هذا الطرف أو ذاك .
لا شك في أن مياهاً كثيرة جرت منذ أن حدث الانقسام عام ،2006 محلياً وإقليمياً ودولياً، غيرت الكثير من المعادلات والتوازنات وحتى التحالفات، قبل أن تتوجها ما اصطلح على تسميته "الثورات العربية" ومفاعيلها التي لا تزال ماثلة للعيان .
مشكلة المصالحة الفلسطينية أنها جاءت مفتوحة على فضاءات غير محددة، وتحمل في طياتها شتى التناقضات التي تجعلها عرضة للانهيار عند أول منعطف، في وقت كان يؤمل ان تكون هذه المصالحة منطلقاً للتغيير الشامل، خصوصاً في السياسات القائمة على برامج متناقضة إلى حد التصادم، فلا مجال للجمع بين مشروع الدولة ومشروع المقاومة إلا إذا تنازل أحدهما للآخر، وهنا مكمن الخطورة، فالسلطة الفلسطينية وعمودها الفقري حركة فتح غادرتا منذ زمن بعيد مشروع الثورة إلى مشروع بناء دولة عن طريق المفاوضات وحدها، مسقطة بذلك خيار البندقية والكفاح المسلح، وهو خيار عليه ما عليه وله ما بعده، فيما ظلت حركة حماس متمسكة بفكرة المقاومة، وإن تحولت في أحيان كثيرة إلى البرغماتية وأقتربت كثيراً من مشروع فتح والسلطة .
من الواضح أن فتح والسلطة ليستا بصدد العودة إلى خيار المقاومة، بمنطق المصالح ولأسباب كثيرة يطول شرحها، فيما تبدو برغماتية حماس هي الأقرب لترجيح كفة المصالحة، خصوصاً بعد أن فقدت نظام حليفها الأهم جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وأصبح ينظر إليها في كثير من العواصم العربية والعالمية بعين الريبة، على أنها جزء من التنظيم الدولي للإخوان أكثر من كونها حركة مقاومة . وربما نجد في المقاربة التي أطلقها قبل يومين الأمين العام للجامعة العربية السابق عمرو موسى، بدعوة حماس إلى الاعتراف بالمبادرة العربية والاعتراف ب"إسرائيل"، ما يؤشر إلى أين تتجه الأمور .
حسناً فعلت السلطة وفتح وحماس حينما وضعت حداً للتشرذم والانقسام، واتجهت إلى لملمة جناحي الوطن في الضفة الغربية وقطاع غزة، رغم غياب الوطن الأم فلسطين المحتلة عام 1948 لأسباب لا أحد يجهلها، لكن المصالحة الوطنية ظل ينقصها التوافق على برنامج سياسي مقاوم يستند إلى حكومة وحدة وطنية حقيقية ومجلس تشريعي منتخب بشفافية ونزاهة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن يغرق الوطن الفلسطيني برمته بالمستوطنين والمستوطنات، ويتمكن الاحتلال من إنجاز عملية التهويد وطمس أي أثر أو معلم حضاري فلسطيني أو عربي، وقبل هذا وذاك حتى لا نفاجأ بنكبة جديدة يجري الإعداد لها منذ زمن عنوانها "ترحيل فلسطينيي ال 48" .
في ذكرى النكبة
عودة عودة-الرأي الأردنية
للمرة السادسة والستين نعيش ذكرى النكبة الفلسطينية، هذه النكبة التي كانت وراءها الإمبراطورية البريطانية والعديد من الدول الأوروبية التي قامت بدفع يهود أوروبا إلى فلسطين ليسرقوا أرضها من أهلها العرب تحت شعارات وخرافات وأساطير وأكاذيب ليس لها أثر في التاريخ أي تاريخ، والحقيقة أن هذه الحملة الإستعمارية كانت تسعى إلى إنشاء ( دولة وظيفية ) يهودية قوية لتقسيم وطننا العربي والوقوف في طريق وحدته وتقدمه ونهب ثرواته وخيراته الكثيرة..
بعد حوالي ثلاثين عاماً من وعد بلفور لإنشاء وطن لليهود في فلسطين تحقق هذا الوعد وقامت دولة إسرائيل العام 1948، دولة اغتصاب لأرض فلسطين، وما كان يجب أن تقوم أصلاً، إلا أنها قامت بالقوة واستمرت بالقوة، وإذا تحرك أصحاب الأرض الفلسطينيون والعرب لتحرير أرضهم أو جزء منها فهم إرهابيون وأن جيش الإغتصاب الصهيوني هو الجيش الأخلاقي الوحيد في هذا العالم الواسع..
لكن... وبعد 66 عاماً من قيام دولة الإغتصاب هذه يبدو أن التأييد الدولي لإنشائها وفي المقدمة بريطانيا والولايات المتحدة قد أصبح من الماضي، فصورة إسرائيل اليوم في العالم كله دولة أبارتهايد (عنصرية)، فبريطانيا صاحبة وعد بلفور المشؤوم هي الدولة الوحيدة التي طردت مؤخراً دبلوماسياً إسرائيلياً في قضية الجوازات الأوروبية المزورة التي أستخدمت في إغتيال الشهيد محمود المبحوح..
حتى الإدارة الأمريكية وأول من إعترفت بإسرائيل بعد 11 دقيقة من قيامها في عهد الرئيس هاري ترومان بدأت تتراجع عن تلك العلاقة بين واشنطن وتل أبيب التي دمرت سمعة أمريكا حول العالم وأضرت بمصالحها في وطننا العربي وخارجه، وهذا التراجع في العلاقة الحميمة الإسرائيلية الأمريكية إزداد بعد شهادة الجنرال ديفيد بيتريوس قائد القوات المركزية الأمريكية أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ والذي قال بيتريوس فيه: «إن إنهاء النزاع بين إسرائيل وبعض جيرانها يمثل تحدياً واضحاً لقدرتنا على تحقيق مصالحنا»..
التوترات الإسرائيلية الفلسطينية أحياناً تنفجر عنفاً ومواجهات مسلحة واسعة المدى، وهذه التوترات تغذي شعوراً معادياً للأمريكيين لأن هناك إنطباعاً بإنحياز الولايات المتحدة لإسرائيل، والغضب العربي بسبب القضية الفلسطينية يحد من قوة وعمق شراكة الولايات المتحدة مع حكومات في المنطقة ويضعف شرعية الأنظمة المعتدلة في العالم العربي..
فهل تعتبر الإدارة الأمريكية وكذلك الرئيس أوباما نفسه الذي أعلن مؤخراً (وعداً) جديداً لإسرائيل بعد وعدي بلفور وبوش الابن.. قال أوباما: ( إن أرض فلسطين التاريخية هي أرض إسرائيل) ؟!
الإضراب متواصل
محمد عبيد-الخليج الإماراتية
لن يكسر الأسرى الإداريون الفلسطينيون إضرابهم حتى تلبية مطالبهم العادلة، التي تنصلت منها إدارة معتقلات الاحتلال "الإسرائيلي" على مدى السنوات الماضية، ونقضت تعهداتها، وآخرها عندما اتفقت مع ممثلي 1500 أسير، بوساطة مصرية، في 14 مايو/أيار ،2012 على وقف إضرابهم، مقابل تحسين ظروفهم، بما يتضمن إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، وممارسات العزل الانفرادي .
عامان كاملان مرّا على الاتفاق الأخير، ولم تغيّر سلطات الاحتلال سياساتها الإجرامية بحق الأسرى بشكل عام، والمعتقلين الإداريين منهم بشكل خاص، بل على العكس تصاعدت الهجمة المجنونة على الأسرى، واستمر تمديد واعتقال الفلسطينيين إدارياً، وبات قرابة 200 أسير مهددين الآن بخطر الاستشهاد جوعاً وإجهاداً مع إنهائهم 16 يوماً من إضرابهم المفتوح عن الطعام .
سلطات الاحتلال، كما درجت العادة، حاولت مساومة المعتقلين، وأطلقت جملة من الوعود الفضفاضة والغامضة، التي رفضها الأسرى جملة وتفصيلاً، ذلك أن سوابقها في نقض الاتفاقات المفصّلة، والوعود الواضحة، تنفي أي إمكانية لالتزامها أو تنفيذها أياً من هذه الوعود المعوّمة، والأكيد أن المعتقلين الإداريين سيستمرون في معركة الدفاع عن حقوقهم وكرامتهم الإنسانية، حتى ينتصروا على صلف الجلاد، ويسطروا صفحة جديدة في سجل النضال والعزة والكرامة .
لا تمر مناسبة فلسطينية، أو محطة تفاوضية من دون تأكيد أولوية عدد من القضايا، على رأسها القدس وحق العودة وتحرير الأسرى، لكن هذا لا ولن يمنع "إسرائيل" من المضي في مشاريع التوسع والضم والتهويد، والاستمرار في أسر آلاف الفلسطينيين، ومئات منهم من دون توجيه اتهامات، وتحت مزاعم وذرائع متعلقة بما يسمى "أمن" الكيان، والمنتظر حالياً في ظل الفشل الذريع الذي وصلت إليه مسيرة التسوية، أن يتم إسناد نضال الأسرى، وحمل قضيتهم إلى المحافل الدولية، والانضمام سريعاً إلى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة الكيان ومجرميه أمامها، على جرائمهم بحق الإنسانية الفلسطينية .
الوقت ليس في مصلحة الأسرى، خصوصاً من هم مضربون منذ مدة طويلة، وهما الأسيران اللذان أطلقا شرارة هذه المعركة، أيمن اطبيش الذي تخطى 71 يوماً من الإضراب، ودخل مرحلة الخطر المحدق بحياته، وعدنان شنايطة المضرب منذ 49 يوماً رفضاً لاعتقاله الإداري، وسلطات الاحتلال غير عابئة بما ستسفر عنه هذه المعركة في نهاية المطاف، لأنها اعتادت على أن تعامل ككيان فوق القانون الدولي، وعلى أن تفلت من المحاسبة والعقاب .
السوابق تضع سيناريو واقعياً للمستقبل القريب، عناصره الأساسية تتمثل في انتصار الأسرى المضربين، وتمريغ وجه الاحتلال البشع في الوحل مجدداً، وبالتأكيد أن ذلك سيكون انتصارهم وحدهم، لأنها المعركة المفتوحة التي أعلنوها وحدهم، وخاضوها من دون دعم خارجي، وواجهوا فيها عزّلاً من كل شيء إلا الإيمان بالحق والدفاع عن الكرامة، سياسات إجرامية لا يكف الاحتلال عن استخدامها ضدهم .
هذه الحرب المفتوحة لن تنتهي بالتأكيد بانتصار الأسرى في معركتهم الحالية، كونها ليست إلا جولة واحدة في سلسلة طويلة من المواجهات المباشرة مع سلطات الاحتلال، والتي ستصل في نهاية المطاف إلى تحرير جميع الأسرى، وعودتهم منتصرين لذويهم، وهذا لن يتحقق ما بين يوم وليلة، ولن يكون بالمجان، لكن المطلوب ألا يكون الثمن من حساب الأسرى وحدهم .
الفلسطيني في سرديات ماركيز
سمير عطا الله-الشرق الأوسط
من أعمال غابرييل غارسيا ماركيز غير الذائعة مثل سواها، مؤلف بعنوان «سرا في التشيلي». في هذا الكتاب يعود ماركيز صحافيا ليروي ما سمعه من أشهر مخرج سينمائي تشيلياني، ميغيل ليتين، عن مغامرة بشرية مذهلة. فقد قرر ليتين، بعد 12 عاما من المنفى، العودة متخفيا إلى بلاده لتصوير فيلم عن الحياة فيها في ظل الديكتاتور أغوستو بينوشيه.
من أجل ذلك، كان عليه أن ينتحل شخصية رجل أعمال من الأوروغواي. وقد أمضى ستة أشهر يتدرب على تقمص الشخصية الجديدة ويغير في معالم وجهه. دخل سانتياغو قادما من الأوروغواي بجواز سفر مزور. وكان قد سبقه إليها ثلاثة فرق تصوير لا يعرف أحدها بشأن الآخر. كل فرقة لها مهمة. وكل مسؤول فيها يتلقى تعليماته من ليتين.
كل لحظة كانت لحظة رعب من انكشاف الأمر. خلال ستة أسابيع تنقل ليتين من فندق إلى آخر لكي لا يثير شكوك إحدى أعتى المخابرات. منع نفسه من لقاء أصدقائه القدامى، وحتى من رؤية والديه. وذات مرة التقى في أحد الشوارع والدة زوجته وشقيقتها وجها لوجه، فارتعد. لكنهما مرتا به من دون التعرف إليه.
حول غارسيا ماركيز الحكاية المثيرة إلى سرد مثير ورواية مشوقة. تعمد أن يرويها بلسان بطلها الذي سجل له 18 ساعة من التفاصيل: مخرج لاتيني بارع، يفرغ جعبته عند كاتب لاتيني شديد البراعة. اثنان من مقاتلي الحرية في القارة يتجمعان ضد أسوأ ديكتاتور في تاريخها الحديث.
لكن ميغيل ليتين يذهل وهو يطأ أرض سانتياغو بعد غياب 12 عاما. كل معالمها تغيرت إلى الأفضل في ظل الديكتاتور. من المطار إلى الجادات المليئة أضواء. لكن خلف الأضواء عشرات آلاف القتلى والمفقودين الذين كان يمكن أن يكون بينهم يوم هاجم جيش بينوشيه مقر السينما الوطنية التي يرأس إدارتها. لكن فيما كان الجنود يطلقون النار كيفما اتفق، تعرف إليه أحدهم وتركه يمضي في سبيله.
حدثت القصة عام 1985. وقد كان الكثيرون من أبطاله لبنانيي الأصل. أما ميغيل ليتين، فهو من أب فلسطيني وينتمي إلى أكبر جالية فلسطينية خارج العالم العربي. نحو نصف مليون على الأقل. وهناك نحو نصف مليون آخر في القارة اللاتينية، برز منهم سياسيون كثيرون.
آن لبان كي مون أن يغضب كثيراً
راغدة درغام (http://alhayat.com/Opinion/Raghida-Dergham.aspx)–الحياة اللندنية
يتردد في كثير من المحافل الدولية ان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد يجد نفسه في سورية كما وجد سلفه كوفي أنان نفسه في رواندا عاجزاً عن ايقاف المجازر والكارثة الإنسانية لأنه – باعترافه – لم يقم هو ولا الأمم المتحدة بكل ما كان بوسعهما القيام به لمنع تفاقم الكارثة. بان كي مون ليس وحده المسؤول عن الفشل الذريع للأسرة الدولية في سورية لكنه ليس بريئاً كليّاً من ذلك الفشل مهما أراد تحويل اللوم على مجلس الأمن الدولي وبالذات الدول الخمس الدائمة العضوية وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا. أمام بان كي مون في ولايته الثانية فترة سنتين ليصيغ لنفسه تلك السيرة التاريخية legacy التي يريدها لنفسه بصفته الأمين العام الذي أنهى الإفلات من العقاب اثناء ولايته. فإما أن يتحلّى بان كي مون بالشجاعة والإقدام والرؤيوية وينسج لنفسه تلك السمعة التاريخية بالذات في سورية قبل أن تصبح «رواندته»، أو ينكمش ويتقلّص لترافقه سمعة الأمين العام البيروقراطي الذي يفتقد القيادة ببعديها الكاريزماتي والأخلاقي.
لا يكفي لبان كي مون ان يكون مخلصاً للفلسفة الكونفوشية التي تؤمن بالعمل الدؤوب وسيلة للحلول. فالعمل الدؤوب وحده – مع الاحترام لتلك الفلسفة – لا يقود الى حلول. الإدمان على استثمار ساعات طويلة في العمل ليس الوسيلة الى الرؤيوية الضرورية والشجاعة المطلوبة لإيجاد الحلول. بان كي مون أحاط نفسه بالمخلصين لفلسفته ليحكم عليه من خلال الساعات الطويلة المضنية في مقر العمل.
الكارثة السورية وصمة عار على جبين مجلس الأمن قبل أن تكون على جبين الأمانة العامة للأمم المتحدة لكن طأطأة الرأس أمام فشل مخجل لمجلس الأمن هي بدورها علامة ضعف ووهن في قيادة الأمانة العامة.
عندما كان كوفي أنان أميناً عاماً للأمم المتحدة سبق وقال مدافعاً عن مواقفه انه «خادم لمجلس الأمن» الدولي. كان كلامه خاطئاً ذلك ان ميثاق الأمم المتحدة وأصول توزيع الصلاحيات عند انشاء الأمم المتحدة نصّ على استقلالية الأجهزة عن بعضها البعض. فلكل جهاز صلاحيات مستقلة عن بعضها: مجلس الأمن أو الجمعية العامة، أو الأمانة العامة، أو المحكمة الدولية. كان يجب على بان كي مون ان يتبنى الدفع بالمسألة السورية الى مجلس الأمن أكثر من مرة قبل بدء سلسلة الفيتو المزدوجة لروسيا والصين، وأثناءها وبعدها. له الحق ان يطلب انعقاد مجلس الأمن أو الجمعية العامة بموجب المادة 99 من الميثاق وهدفها اعطاء الأمين العام أدوات القيادة الأخلاقية ولم يفعل.
حان لبان كي مون أن يكسر جدار الصمت وان يغضب ويغضب كثيراً. حان له أن يُقلِع عن تقاليد توحي بأنه يرتاح الى اللوم الذي يقع على مجلس الأمن لأنه يعفيه هو من اللوم. فعلى بعد سبعة كيلومترات عن دمشق يأكل الجياع من الأبرياء السوريين القطط والكلاب، وفي مخيمات الأونروا للفلسطينيين في اليرموك شهادة على تقوقع وتردد الأمانة العامة للأمم المتحدة بدلاً من رفضها القاطع وبصوت عالٍ تجويع اللاجئين الفلسطينيين عمداً كأداة من أدوات الحرب. وفي الجهد الذي قامت به منظمة «اليونيسيف» للأطفال بتوقيع مساعدات لسورية بقيمة 42 مليون دولار لتوزع عبر الحكومة السورية كانت تلك الحكومة نفسها تقصف المدارس في حلب وتقتل الأطفال. فنعم، حان لبان كي مون ان يغضب ويغضب كثيراً.
ولكن بان كي كون يرضخ، مرة أخرى، للتقاليد والرسميات. لذلك يرضى برأي لوكيله للشؤون القانونية يمنع وكالات الأمم المتحدة من عبور الحدود لتقديم المساعدات للسوريين الذين هم في أشد الحاجة للمساعدات في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. والحجة أو التبرير هو ان هذا يتطلب الموافقة المسبقة للحكومة السورية أو يتطلب قراراً صريحاً من مجلس الأمن.
السجال القانوني الذي وصفته كبيرة المسؤولين عن الوضع الإنساني فاليري آموس بأنه «مضيعة للوقت الثمين في سجالات نخبوية» انما هو سجال حول أخلاقية الأمانة العامة للأمم المتحدة.
بكلام آخر، ان بان كي مون وفاليري آموس يرضخان لتسييس المبادئ الإنسانية فيما عليهما ان يغضبا ويغضبا كثيراً ويصرّا على ايصال المساعدات الى أكثر من 3,5 مليون شخصاً. قرار مجلس الأمن الأخير 2139 الذي تم تبنيه بالإجماع يجيز لبان كي مون اتخاذ قرار عبور قوافل المساعدات عبر الحدود السورية من المعابر التي لا يسيطر عليها النظام، لو شاء التفكير بصورة تتماشى مع التحديات الكارثية بدلاً من التقوقع في أحضان قرار للجمعية العامة عمره 25 سنة. إذا لم يدق بان كي مون ناقوس الهلع ويحشد الدعم لمقاربة نوعية للأزمة السورية لن ينفعه الندم ولا لوم النفس لاحقاً.
ممثل الأمين العام في الملف السوري، الأخضر الإبراهيمي يستعد لإنهاء مهمته الشهر المقبل بلا تجديد لولايته التي تنتهي بعد اجراء الانتخابات الرئاسية في سورية رغم انف الأمم المتحدة واستثمارات الإبراهيمي وبان كي مون في جنيف – 2. فمنذ البداية كان واضحاً ان ايران وروسيا تراوغان في مسألة الحل السياسي عبر هيئة حكم انتقالي بديل عن حكم الأسد. طهران كانت أكثر صدقاً برفضها القبول بمرجعية مؤتمر جنيف – 2، أي تطبيق بيان جنيف – 1، وإنشاء الهيئة الانتقالية. موسكو خدعت عمداً وفي بالها منذ البداية التمسك بالأسد الذي تمده بالمعونات العسكرية ليس فقط الدعم السياسي وبالحماية من المحاسبة.
بعض الديبلوماسيين الغربيين بدأ يتحدث عن دور ايراني في العملية السياسية السورية يُقاس بنفوذ ايران «الذي بات أكبر من النفوذ الروسي في سورية» مع ازدياد شحنات الأسلحة ونظراً للدور الذي لعبته في المفاوضات على فك الحصار عن حمص لخروج المقاتلين. بريطانيا تريد اشراك ايران في أية عملية سياسية جديدة، وهناك من يؤيدها في ذلك، انما هناك مَن يعارضها أيضاً.
المملكة العربية السعودية مصرة على «عدم اضفاء الشرعية» على الدور الإيراني في مستقبل سورية. ويريد سفير مصر لدى الأمم المتحدة معتز خليل تفعيل مقترح مصر لمعالجة اقليمية للمسألة عبر لجنة تضم مصر والسعودية وإيران وتركيا. يفعل ذلك رداً على محاولات دولٍ غربية القفز على الدول العربية بتركيزها على محورية الدور الإيراني في مستقبل سورية ليقول: ليست ايران بمفردها، بل نحن أيضاً.
وعلى بان كي مون اختيار شخصية قوية لتحل مكان الإبراهيمي لا تتحكم بها المعطيات اللغوية فليس ضرورياًَ ان يكون الخلف عربياً بل الأفضل ألاّ يكون كي يتحرر من قيود العلاقات العربية – العربية. كمال مرجان الذي ذُكر اسمه كان مثقلاً بماضيه كوزير في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي. سعيد جينيت الجزائري الجنسية مثقل بكونه موظفاً دولياً يخلف رجلاً ذا سمعة دولية ضخمة بغض النظر عن كونه عربياً أم لا. المهمة تتطلب شخصاً كانت له مناصب كبيرة انما له أيضاً صفات الجرأة والرؤية والإقدام على مقاربة ضرورية جديدة لإيقاف التدهور الى الحضيض في سورية. ومن الأسماء التي تُذكر كل من رئيس الوزراء الاسترالي السابق كيفن رود، والوزير الإسباني السابق خافيير سولانا الذي تقدّم كثيراً في السن. رود يبدو مرشحاً منطقياً سيما إذا أحاط نفسه بمفاوضين مخضرمين يفهمان البيئة السورية السياسية والتاريخية، أحدهما بالتأكيد عربي.
والمبعوث الأول لسورية، كوفي أنان اعتمد على توافق الدول الخمس في مجلس الأمن كأساس لإنجاح مبادراته. الإبراهيمي اتخذ أساساً لجهوده التوافق الأميركي – الروسي. ربما على المبعوث أو الممثل الثالث أن يتخذ القرار 2139 باباً رئيسياً لمقاربة جديدة تبني على جنيف-1 وجينف-2. فهذا القرار يفتح الباب على معالجة انسانية/ أمنية عبر الحدود وهو أيضاً يفتح النافذة على محاسبة كل من يرتكب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية في سورية أمام المحكمة الجنائية الدولية، أو من خلال حفنة من الدول تقيم محكمة لهذا الهدف. بان كي مون قادر على تفعيل القرار 2139 بصورة استثنائية تدهش من افترض انه عاجز عن ذلك.
ومن المفيد ان يطلب بان كي مون من أحد الكبار في الأمانة العامة ان يتولى مهمة جانبية تمهيداً لدور مباشر للأمين العام في محاولة التقريب بين السعودية وإيران ليس في الملف السوري حصراً وإنما في الملفات المطروحة اقليمياً ودولياً. وهذا يتطلب استراتيجية خلاّقة غير مُثقلة بالماضي الشخصي. ويتطلب الثقة بالنفس والإقلاع عن الاختباء في ظل مجلس الأمن وأعضائه الخمس خصوصاً.
وهناك بين الدول الخمس من يغيّر مواقفه قليلاً أو شيئاً فشيء. الصين بالذات تبدو جاهزة أقله حالياً، للكف عن الالتصاق التلقائي بالموقف الروسي نحو سورية. لولاها لما تم تبني 2139. وعليه، هنا فرصة نادرة للعمل الهادئ مع الصين لمقاربة جديدة سيما وانها تبدو مُحرَجة أمام تفاقم الكارثة الإنسانية وإلصاق اسمها بتلك الكارثة، أقله في الرأي العام العربي.
هناك أكثر من اقتراح وفكرة، انما أولى الخطوات والمحطات هي في ادراك بان كي مون ان أمامه سنتين لصنع تاريخه. العبء الأخلاقي يقع عليه. أما عبء صنع سمعته، فهو المسؤول الوحيد عنه لأنه يملك خيارات عدة مهما تملّص منها. فشبح رواندا يتربص لبان كي مون في سورية.
من «داعش» إلى «بوكو حرام» ... أيـن الإسلام المعتدل؟!
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
جريمة الاختطاف النكراء، التي قارفتها “بوكو حرام”، واشتملت على خطف أكثر من مائتي طفلة، لعرضهن في سوق النخاسة، ليست سوى فصلٍ بشع آخر، من الفصول الإجرامية التي اعتادت هذه الجماعة الإرهابية على اقترافها ... هذه المرة، العالم تحوّل صوب نيجيريا، لمساعدة الحكومة على استعادة هؤلاء الفتيات إلى بيوتهن آمنات.
البعض يصف بوكو حرام بـ “داعش أفريقيا”، ونحن نفضل وصف داعش بـ “بوكو حرام سوريا والعراق” ... طينة هذه من عجينة تلك، وهما المدرستان الأكثر غلواً وإمعاناً في القتل والتنكيل ... ولأنهما كذلك، فقد استدعيتا أوسع حملات الإدانة واستنكار، واستنهضتا أوسع جبهة من الخصوم والأعداء، والتي تبدأ بعشائر البيئة الحاضنة، ولا تنتهي بالولايات المتحدة، مروراً بمروحة واسعة من الدول والكيانات والمنظمات.
المؤسف حقاً، أن جرائم هذه المنظمات، وخطابها السياسي الفكري الشاذ، لم يستثر ردّات فعل كافية من قبل حركات الإسلام السياسي المعتدلة، فهذه، وإن كانت تنأى بنفسها عن خطاب بوكو حرام وممارساتها، إلا أنها لم تبذل ما يكفي من الجهد، في تفنيد هذا الخطاب وإدانة هذه الممارسات، حتى أننا بالكاد نعثر على بيان إدانة واحد، لممارسات هذه القوى وجرائمها، ولنا أن نتخيل كيف كانت ردات فعل هؤلاء لتكون، لو أن بوكو حرام، منظمة غير “إسلامية”، وضحاياها من الفتيات المسلمات؟!
لا يكفي أن نقول إن الإرهاب لا دين له، فضحايا الإرهاب كذلك، يستحقون كل الدعم والتعاطف، بصرف النظر عن خلفياتهم الدينية والقومية والعرقية، وهم يستحقون منا أوسع حملات التضامن والإسناد، أقله حتى لا نصاب بداء “ازدواجية المعايير” ومرض “الكيل بمكيالين”.
لقد وجدنا في بعض الأحيان، محاولات للتعبير عن “تفهم” الأسباب والدوافع التي تقود أمثال هذه المنظمات للقيام بما تقوم به من جرائم ... كأن يقال إن جرائم داعش هي من فعل النظام وتخطيطه، أو بسبب قسوته وجبروته ... أو أن يقال إن الإرهاب الذي يضرب مصر، هو بفعل “الانقلاب” وأحد تداعياته ... أو أن يُرد إجرام بوكو حرام إلى تمييز يتعرض له المسلمون في تلك البلاد ... مثل هذه المقاربات، ليست غير صحيحة فحسب، بل وتشكل تغطية مباشرة لجرائم هؤلاء، وتلقي بظلال من الشك حول قدرة ما يسمى “الإسلام المعتدل” على تمييز نفسه عن الجريمة التي تقترف بدثار إسلامي، بل وتعد اختباراً حاسماً لـ “اعتدال” هذه المدارس، وما إذا كان اعتدالها جذرياً وعميقاً، أم لحظياً و”انتهازياً”.
إن ساحة الحرب ضد بوكو حرام، هي واحدة من ساحات الحرب المفتوحة ضد الإرهاب المتدثر بلبوس الإسلام ... وهي حرب تتخذ شكل المواجهات العسكرية المفتوحة (لا الأمنية فحسب) ... فما يجري في اليمن، هي حرب يخوضها الجيش بكامل تشكيلاته الحربية وقواته المشتركة ... وما يجري في مصر، وتحديداً في سيناء، هي حرب بكل ما للكلمة من معانٍ وأبعاد ... وما يجري في العراق، هي حرب تستنفد طاقات الجيش العراقي بكافة أسلحته ... وما يجري في سوريا، هو التعبير الأكثر صخباً عن انتقال الحرب على الإرهاب، من المستوى الأمني إلى المستوى العسكري الاستراتيجي ... ومثل هذه المعارك، تجري الآن بقدر أقل إثارة، في كل من لبنان والجزائر وتونس وليبيا.
والأردن معني بهذه الحرب، رغم أنه تمكن من احتواء مخاطرها، بفعل اليقظة والمهنية العاليتين للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وبفعل يقظة الأردنيين ووعيهم ... لكن ذلك لا يعني للحظة واحدة، أن الخطر قد أزيح عن طريقنا، وأننا أمام مستقبل خالٍ من التهديدات الإرهابية، فالإرهاب يحيط بنا من جهاتنا الثلاث، وللإرهاب “موطئ قدم” في داخلنا ... والمطلوب من الأردنيين جميعاً، دولة ومجتمع، حكومة ومعارضة، العمل بروح الفريق الواحد للتصدي لهذه الآفة.
والمطلوب من الحركة الإسلامية الأردنية بمختلف مكوناتها، ألا تكتفي بعد الآن، بالقول إنها لا تنتمي لهذه المدرسة، وأن مدرستها هي عنوان للوسطية والاعتدال ... المطلوب منها أكثر من أي وقت مضى، أن تتصدى سياسياً وفكرياً وفقهياً لهذه المدارس الشاذة، وأن تبذل جهداً فكرياً في عزلها وتنحيتها، والبرهنة على أن الإسلام براء من خطابها وممارساتها ... المطلوب توجه فكري جاد، يبدد أية مساحات رمادية في خطاب هذه الحركات حيال هذه الجماعات، بدءاً بالتوقف عن “التفسير” و”التبرير” و”الشرح” و”التعليل”، والذي غالباً ما يؤول إلى فهم وتفهم مقلقين.