Haneen
2014-06-03, 01:03 PM
في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
رئيس لفلسطين وآخر لإسرائيل
جهاد الخازن (http://alhayat.com/Opinion/Jihad-El-Khazen.aspx)–الحياة اللندنية
لماذا تنهار عملية السلام في الشرق الأوسط؟
ديفيد إغناتيوس-الشرق الأوسط
انتفاضة تحريكية.. !
عودة عودة-الرأي الأردنية
عن المصالحة والتقاء البرامج والمفاوضات
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
مصالحة صحف ومساكن!
عبدالرحمن الراشد-الشرق الأوسط
النكبة والتطهير العرقي
يونس السيد-الخليج الإماراتية
مسارات العنصرية "الإسرائيلية"
الحسين الزاوي-الخليج الإماراتية
رئيس لفلسطين وآخر لإسرائيل
جهاد الخازن (http://alhayat.com/Opinion/Jihad-El-Khazen.aspx)–الحياة اللندنية
كنت قبل أيام ضيفاً على تلفزيون باللغة العربية يحمل اسم شبكة غربية عالمية، وكانت المناسبة الذكرى السادسة والستين للنكبة فبدأ مقدم نشرة الأخبار عناوين الأخبار بها قبل أن يكمل بأخبار مهمة أخرى عربية وعالمية.
عندما عاد المذيع إلى النكبة وجدته يهاجم إسرائيل بأقسى العبارات، ويتحدث عن غزو فلسطين وارتكاب مجازر وتشريد أهلها، واضطهاد من بقي فيها. المذيع قال الحقيقة غير أنني فوجئت بحدته واغتنمت الفرصة لأشنّ هجوماً على إسرائيل من عندي، من دون أن أنسى جماعات السلام الإسرائيلية، وأشرت تحديداً إلى ميكو بيليد، ابن ماتي بيليد، أحد جنرالات إسرائيل في حرب 1967 الذي أصبح بعد ذلك داعية سلام. كنت سمعت ميكو السنة الماضية يقول في مجلس العموم البريطاني أن النكبة لم تقع قبل 65 سنة، وانما بدأت قبل 65 سنة ولا تزال مستمرة. وهي الآن 66 سنة، وقد أرحل عن هذا العالم وأنا لا أزال أحصي السنين.
يوم احياء النكبة مرّ أبو مازن في لندن، واجتمع مع رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كامرون الذي أكّد له أن السياسة البريطانيّة تؤيد قيام دولتين، فلسطين وإسرائيل، تعيشان بسلام جنباً إلى جنب.
أبو مازن قابل بعد ذلك وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يحاول احياء عملية السلام. وكيري صرّح بعد ذلك بأن مصير السلام في أيدي الفلسطينيين والإسرائيليين من دون أن يقول إن بلاده تؤيد إسرائيل بالمال والسلاح والفيتو في مجلس الأمن ما يشجعها على استمرار الاحتلال والقتل والتدمير وما يجعل السلام مستحيلاً.
حاولت أن أتصل بالرئيس محمود عباس في اليوم التالي إلا أنه كان يصعد الطائرة متوجهاً إلى فنزويلا، وتحدثت مع بعض مساعديه، ولم أجد كلاماً مشجعاً عن الجلسة مع كيري.
أبو مازن صرّح مرّة بعد مرّة بأنه زاهد في الحكم، وأقول على أساس معرفتي الشخصيّة به أنه صادق، ولا استبعد إذا بقيت الأبواب مغلقة أن يحلّ السلطة الوطنيّة ويستقيل ويترك لإسرائيل مسؤوليّة إدارة الضفة.
لو استقال أبو مازن لكان المرشح الأفضل لخلافته مروان البرغوثي إلا أن هذا أسير لدى إسرائيل وعليه خمسة أحكام بالسجن المؤبد. أكثر رموز القيادة التاريخيّة لفتح سبقوا أبو عمّار إلى العالم الآخر أو تبعوه، والأخ أحمد قريع (أبو العلاء) شبه متقاعد والقيادات الشابّة لا تستطيع أن تجمع المواطنين حولها. لعل محمد دحلان ينتظر أن يحين دوره إلا أنه أحرق جسوره كلها مع السلطة، وهو متهم ولا قاعدة شعبيّة له إطلاقاً في القطاع أو الضفة.
عجزت عن الطلوع بخليفة للرئيس الفلسطيني غير مروان البرغوثي ثم قررت أن قرار أبو مازن مؤجل إلى ما بعد المصالحة لأنه مضطر أن يرأس حكومة توافق وطني أعضاؤها من التكنوقراط. وكانت أميركا استاءت من المصالحة، ومجرم الحرب بنيامين نتانياهو قال إن على أبو مازن أن يختار بين حماس وعملية السلام. قطعاً لا سلام مع حكومة مجرمي الحرب، ثم أن السلام مستحيل مع نصف الفلسطينيين من دون النصف الآخر.
عدت إلى صحف إسرائيل في ذكرى النكبة وفوجئت بخبر عنوانه: البحث بعيداً، مطلوب مرشّح رئيس. الخبر كان عن اختيار خلف لشمعون بيريز في رئاسة إسرائيل، ويبدو أن نتانياهو لا يريد النائب روبين ريفلين رئيساً لذلك حاول تأجيل الانتخابات وعارضه يائير لابيد وتزيبي ليفني، رئيسا حزبي ييش أتيد وهاتونا في الإئتلاف الحكومي. وقد عاد نتانياهو الآن من زيارة اليابان ويحاول من جديد تأجيل انتخاب رئيس.
أي فلسطيني يخلف أبو مازن سيكون مناضلاً في سبيل الحرية، وأي إسرائيلي يخلف بيريز سيكون مستوطناً محتلاً قاتلاً لا حق له بالوجود في أرض فلسطين.
لماذا تنهار عملية السلام في الشرق الأوسط؟
ديفيد إغناتيوس-الشرق الأوسط
في بعض الأحيان يكون من الواجب أن تسوء الأمور قبل أن تتحسن. في أحيان أخرى تسوء فقط. سوف نعرف قريبا أيا من الوصفين ينطبق على عملية السلام المنهارة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
كانت المفاوضات محاولة عازمة بذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومستشاره الخاص مارتن إنديك من أجل إقامة دولتين؛ فلسطينية ويهودية. ولكن على الرغم من حماسة جون كيري العالية، إلا أن الطرفين لم يتقاربا مطلقا في الواقع، بل أصبحا في الوقت الحالي أبعد مما كانا عندما بدأت عملية المفاوضات، في ظل مزيد من الشكوك.
طلب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خريطة للأراضي التي ستقوم عليها دولة فلسطينية. وكان ذلك طلبه عندما بدأت المباحثات في يوليو (تموز) العام الماضي، وظل يكرره حتى شهر أبريل (نيسان) الماضي عندما انهارت المباحثات، في حين كانت الولايات المتحدة تدعو إلى تسعة أشهر أخرى من المفاوضات في «إطار (أميركي) متفق عليه». ولكن لم يقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخريطة مطلقا، ربما لأنه أراد تجنب المعركة السياسية التي ستنشأ مع المستوطنين الذين سيصبحون خارج حدود إسرائيل المستقبلية.
شعر المفاوضون الإسرائيليون بالإهانة بسبب مسألة المستوطنات الإسرائيلية، التي أضرت بالمباحثات، وذلك وفقا لتصريحات فريق المفاوضين الأميركيين. عندما أعلنت إسرائيل إقامة 700 مستوطنة جديدة في مطلع أبريل، قبل الموعد النهائي المحدد للمفاوضات في 29 أبريل، وصفها كيري أمام لجنة في مجلس الشيوخ قائلا: «كانت هذه هي لحظة النهاية نوعا ما». حذر إنديك أمام جمع في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قائلا: «نشاط بناء المستوطنات العدائي - لا سيما في منتصف المفاوضات – لم يقوض فقط ثقة الفلسطينيين في الغرض من المفاوضات؛ بل يمكن أيضا أن يعرقل مستقبل إسرائيل اليهودي».
من جانب آخر، تسبب عباس في خيبة أمل كبيرة. فلقد توقف عن التفاوض في منتصف المباحثات، سواء ردا على عناد نتنياهو أو بسبب عدم رغبته الخاصة في تقديم تنازلات. وربما تكون أفضل المراحل التي وصل إليها عباس أثناء بداية العملية، عندما استجاب للخطة الأمنية التي وضعها الجنرال جون ألن، القائد الأميركي المتقاعد في كابل، والذي طلب من كيري اقتراح ترتيبات يمكنها أن تحمي إسرائيل إذا أقيمت دولة فلسطينية.
صرح إنديك في معهد واشنطن بأن عباس كان «على استعداد لوضع أمن دولته في أيدي الأميركين». كما قبل الرئيس الفلسطيني بأن يكون مستقبل بلاده منزوع السلاح، ولكنه قال في السابق إنه بعد أن تنسحب إسرائيل من وادي الأردن – مثلا بعد خمسة أعوام – يجب أن يُمنح تأمين الحدود لقوات الناتو (وهو الحل الذي عارضته إسرائيل التي لا تثق في الأوروبيين). حاليا قرر عباس أن الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، تستطيع أن تتولى السيطرة على الدخول إلى مجاله الجوي وأراضيه في المستقبل. ورأى المفاوضون الأميركيون أن ذلك تنازل كبير، ولكن عارضته إسرائيل أيضا.
تحول عباس من السكون إلى العدوانية. كان كيري قد حاول إقناع وزراء الخارجية العرب بتأييد الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وهو مطلب نتنياهو الأساسي. فذهب عباس إلى العرب طلب منهم ألا يتبنوا موقف وزير الخارجية الأميركي. عندما بدأت الولايات المتحدة في إرساء إطار العمل المتفق عليه، مع تقديم «مقترحات تقريبية» لتقليل الفجوات في معظم القضايا النهائية المثيرة للنزاع، مثل اللاجئين والقدس، لم يستجب عباس مطلقا، بل وبدلا من قبول الإطار مع بعض «التحفظات»، كما هو مخطط، توقف عباس.
وشعر المسؤولون الأميركيون بأن عباس في حالة اكتئاب عميق تجاه «ذاك الرجل» كما وصف نتنياهو في حديث خاص، والذي يريده أن يخرج من المباحثات. شبه أري شافيت، الكاتب الإسرائيلي البارز في صحيفة «هآرتس» عملية السلام بالمسرحية الوجودية الكئيبة «في انتظار جودو».
هاجم كل من الإسرائيليين والفلسطينيين كيري أثناء عملية المفاوضات. وكانت أسوأ مرحلة تلك التي وصف فيها وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون وزير الخارجية الأميركي بـ«المهووس». أما نتنياهو الذي احتفظ بعلاقات ودية مع كيري وأحيانا ما كان يدخن السيجار الكبير أثناء مقابلات تستغرق ما يزيد على خمس ساعات في القدس، فأبدى إشارات بالمرونة في مرحلة متأخرة من العملية، مقترحا التحرك في بعض القضايا الرئيسية. ولكن في ذلك الحين كان الوقت تأخر للغاية.
السؤال هو: ما التالي، بعد فشل هذه المساعي الأميركية الحثيثة. يهدد الفلسطينيون بتحميل إسرائيل المسؤولية بموجب معاهدات جنيف التي تحمي المدنيين في الأراضي المحتلة. ربما ترد إسرائيل بمنع الأموال عن حكومة عباس والإعلان عن مستوطنات جديدة. إذا حدث ذلك، يقول عباس إنه سيحل السلطة الفلسطينية – ويصر على أن تتحمل إسرائيل تكاليف قيمتها ثلاثة مليارات دولار وأعباء لا تنتهي بحكم 2.5 مليون فلسطيني. ولا يظن المسؤولون الأميركيون أنه يمارس خدعة.
انتفاضة تحريكية.. !
عودة عودة-الرأي الأردنية
ما أشبه اليوم بالبارحة.. مثلما نصح هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الرئيس المصري أنور السادات في مطلع السبعينات بالقيام «بحرب تحريكية» مع إسرائيل.. ها هي واشنطن نفسها تنصح الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقيام «بإنتفاضة تحريكية»..!
في الأخبار.. رأى موظفون أميريكيون كبار رفضوا الكشف عن أسمائهم في حديث مع صحيفة ( أديعوت أحرونوت ) الإسرائيلية: «إن الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة المقبلة ستكون ضرورية لإيجاد «ظروف أخرى» من شأنها ( تحريك ) المسيرة السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين» (الأخبار اللبنانية 2014/5/1)
حتى كتابة هذه السطور لم نقرأ أي رد للرئيس الفلسطيني أبو مازن على ( النصيحة ) الأمريكية هذه، فهو لا يستطيع الضرب على الطاولة كنتنياهو المسنود من واشنطن وأخواتها إضافة إلى أنه لا يستطيع الإعتماد على أشقائه العرب الذين هم في وضع لا يحسدون عليه.. وإن كان يستند على نحو 4 ملايين فلسطيني على أرضهم في الجليل والضفة الغربية وقطاع غزة..
إسرائيل من جانبها أخذت إمكانية إنطلاقة الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة محمل الجد.. فمنذ العام 2011 وبمناسبة ذكرى النكبة عبر فلسطينيون يعيشون في سورية حدود الجولان أستشهد من أستشهد وجرح من جرح إلا أن عدداً منهم وصلوا مدنهم وقراهم الأصلية في فلسطين المحتلة.. كل هذا دفع إسرائيل إلى تكثيف الإستعدادت (لإنتفاضة فلسطينية ثالثة).. فقد قامت وزارة الدفاع برصد 75 مليون شيكل لشراء أسلحة ( غير قاتلة ) لتفريق المظاهرات المتوقعة في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر أي فلسطين المحتلة العام 1948..
كما جاء في صحيفة ( أديعوت أحرونوت ) الإسرائيلية أن اللواء إحتياط ( أوري شني ) مدير عام وزارة الدفاع بادر بتخصيص الميزانيات من المساعدات الخارجية لشراء أسلحة ومعدات قتالية بـ (35) مليون دولار وقد وصلت هذه الأسلحة إلى إسرائيل فعلاً ووزعت على الجيش والشرطة.. !
ومن بين هذه الأسلحة الإسرائيلية الجديدة قنابل غاز مسيل للدموع.. ومدفع متعدد الفوهات لإطلاق كمية كبيرة من قنابل الغاز المسيل للدموع وصهاريج مياه سعة ( 2500 ) لتر من المياه عليها مدافع مائية قوية لتفريق المظاهرات ومسددسات كهربائية لإستخدامها ضد اللاجئين الفلسطينيين، وكمية كبيرة من قنابل الغاز والخوذ والدروع، وقد اشترت وزارة الدفاع الإسرائيلية جهازا يشل حركة من يقف قبالته ولو على مساحة 100 م وقد تم بناء أكثر من جدار إسرائيلي في هضبة الجولان ونهر الأردن والحدود المصرية ولنفس الهدف والغاية... ستكون هناك مفاجآت إسرائيلية كبيرة.. كما تكون هناك مفاجآت فلسطينية كبرى إذا انطلقت هذه الإنتفاضة الفلسطينية التحريكية.. !!
نتمنى أن لا تكون نتائج هذه الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة كنتيجة الحرب التحريكية التي قام بها السادات العام 1973.. ونتمنى أن لا تكون هذه الإنتفاضة التحريكية التي تنصح بها واشنطن هدفها تفريق ما أمكن من الفلسطينيين في الأرض المحتلة وهجرتهم إلى الخارج وهذا يهدف إلى ما تخشاه إسرائيل من القنبلة الديمغرافية للشعب الفلسطيني..
عن المصالحة والتقاء البرامج والمفاوضات
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
باتت المصالحة الوطنية الفلسطينية أمراً واقعاً من منظور المجتمع الدولي، مع أنها لم تخطُ خطواتٍ عملية ذات مغزى بعد، وما زالت تعترضها عوائق و”حسابات”، قد تطيح بها، الآن أو في مراحل لاحقة ... الاتحاد الأوروبي يبدو أكثر ارتياحاً للخطوة، وواشنطن تجنح للتعامل مع الأمر الواقع الجديد، شريطة ألا يصطدم مع معايير الرباعية وشروطها ... وحدها إسرائيل، المستفيد الأكبر من الانقسام، تسعى في إدامته، وتضع العراقيل على طريق الوحدة الوطنية الفلسطينية الشائك.
يُظهر هذا الأمر حقيقة أن كثير مما اعتبرناه واعتبره غيرنا، “فيتوات” خارجية تحول دون استكمال المصالحة وإتمام الوحدة، ليست في واقع الأمر إلا من نسيج خيالنا، أو ربما كانت “مبررات” نختلقها لتفسير وتبرير غياب الإرادة الوطنية بالتوجه إلى المصالحة، وأن الفلسطينيين إن أرادوا التوحد، فليس بمقدور أحدٍ على سطح هذا الكوكب، أن يفسد إرادتهم ... الكرة في ملعبهم، كانت كذلك من قبل، وهي كذلك اليوم ومن بعد.
ومن أجل تمرير “قرار المصالحة”، بل وانسجاماً مع فلسفته السياسية، حرص الرئيس الفلسطيني محمود عباس على التأكيد بأن حكومة الوحدة الوطنية هي “حكومته”، تلتزم برنامجه، تعترف بإسرائيل وتنبذ العنف وتقبل بالاتفاقات المبرمة ... واختار اجتماعاً استثنائياً للمجلس المركزي لمنظمة التحرير للتأكيد على هذا الموقف ... والغريب، أن حماس، رأت في ذاك الخطاب جوانب إيجابية عديدة، رحبت به وبها، ولم تتوقف عند”مواصفات ومقاييس” الحكومة الجديدة، بل ولم تتأثر المساعي لتشكيلها، والتي يقال، إنها قطعت شوطاً كبيراً، جراء تصريحات الرئيس.
يُظهر هذا الأمر بدوره، حقيقة أن الخلافات العميقة بين جناحي العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني، تقع في مكان آخر، غير السياسة والبرامج، كما ظل يحلو لحماس أن تقول وتردد، من دون كلل أو ملل، وإلا لرأينا رد فعل مغايرا من الحركة، على تصريحات الرئيس عباس التي تندرج في سياق “نهج التسوية والمفاوضات”، لا في إطار “نهج المقاومة والممانعة” ... الخلافات، كما قلنا وقال آخرون، تقع أساساً، في قلب لعبة توزيع السلطة والنفوذ والتنافس عليهما، من دون أن ينفي ذلك وجود اختلافات سياسية وبرامجية من النوع القابل للسيطرة والاحتواء.
الحقيقة أن الهوة كانت واسعة جداً بين برنامجي التسوية والمقاومة، أقله في طبعتيهما الأصليتين ... لكن ما حصل في السنوات القليلة الفائتة، قلص من حجم هذه الفجوة، جراء ابتعاد كل فريق خطوة أو أكثر للوراء عن برنامجه ... المفاوضات بلغت طريقاً مسدوداً؛ ما دفع بفتح إلى التفكير بتبني أساليب وأدوات أقرب للمقاومة منها إلى “التسوية”، حتى وإن كانت ذات طبيعة سلمية وشعبية غير عنفيه ... أما أزمة حماس في غزة، او أزمة غزة مع حماس، واستتباعاً، مع ما تواجهه الحركة من تداعيات تنقلاتها السريعة والخفيفة بين المحاور والعواصم، فقد ترتب عليها حلول برنامج “الهدنة طويلة الأمد” محل برنامج المقاومة ... والمسافة كما يتضح بين برنامج الهدنة المفتوحة وبرنامج المقاومة الشعبية السلمية، تبدو محدودة للغاية، وتسمح بالالتقاء والتلاقي ... وتسقط كل ادعاء عن صدام برامجي، وتعيد الاعتبار لنظرية صراع المصالح والنفوذ، الصراع على السلطة، حتى وإن كانت بلا سلطة.
يقودنا ذلك كله للافتراض، أن حكومة كفاءات وطنية، تحت مسمى حكومة وحدة وطنية، برئاسة “أبو مازن”، سترى النور قريباً، وستكون حكومة الرئيس وبرنامجه بصفة عامة ... والمرجح أن تنجح هذه الحكومة في التغلب على “الفيتوات” الإسرائيلية، وستبقي جسور الدعم والاعتراف الدولية ممدودة مع السلطة والمنظمة والدولة ... أما المفاوضات وفرص استئنافها، فتلكم حكاية أخرى، تتصل بإسرائيل ومدى استعدادها لذلك، أكثر من اتصالها بالترتيبات الفلسطينية الجديدة.
وفي ظني أن واشنطن ليست بصدد استئناف سريع لجهود كيري ومبادرته، مع أنها لن تتوقف عن مساعيها لإبقاء جذوة خيار التفاوض والعملية السياسية، مشتعلة ... الأرجح أن إدارة أوباما، من الآن وحتى الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، ستكون منشغلة بهموم الداخل، وبالقضايا الكثيرة الأهمية على الساحة الدولية، بدءاً بإطفاء الحريق الأوكراني المشتعل والذي يهدد بالانتشار على مساحات جافة أخرى للعلاقات الروسية الأميركية ... وانتهاءً ببرنامج إيران النووي، الذي يعكف المفاوضون على صياغة الجمل الأخيرة من مسوّدته النهائية.
إن كان هناك من حيّزٍ لفلسطين والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على الأجندة الأميركية، فالأرجح أن يترك العمل به للنصف الثاني من الولاية الثانية للرئيس أوباما ... وإلى أن يحصل ذلك، فثمة مساحات واسعة أمام الأطراف لفرض حقائق جديدة على الأرض: إسرائيل بالتوسع الاستيطاني، وفلسطين باستكمال عضويتها في المؤسسات والمعاهدات الدولية وبناء عناصر الصمود والاقتدار الذاتي، لخوض غمار المواجهة مع آخر احتلال على سطح الكرة الأرضية.
مصالحة صحف ومساكن!
عبدالرحمن الراشد-الشرق الأوسط
صحف الضفة الغربية، المحكومة من السلطة الفلسطينية، سمح لها أن تباع في غزة، وحكومة حماس قامت أيضا بتسليم بيتين كانت تحتلهما؛ واحد لمحمود عباس، وكذلك فيلا الرئيس الراحل ياسر عرفات، إلى حكومة رام الله، ضمن المصالحة بين الطرفين. وكلنا سعداء بالمصالحة التي اتفق عليها الفريقان الفلسطينيان، السلطة وحماس، وعسى أن تكون أكثر من مجرد بيع جرائد وإعادة منزلين منهوبين إلى أصحابهما. نخشى في زواج المصالحة أنه زواج لا ينجب؛ فالاثنان نظامان مختلفان، وليسا حزبين متنافسين في نظام واحد. وعبارات فخمة كـ«حكومة الوحدة الوطنية»، هي مثل أصباغ المكياج، لا تلبث أن تزول ما دام أن الطرفين لم يصفيا النية أولا، قبل التوافق. حماس في جوع مادي، وتحتاج إلى أن تقوم السلطة بدفع مرتبات منسوبيها وتسديد فواتيرها من الكهرباء والماء، نتيجة فقدانها معظم مداخيلها الخارجية ومحاصرتها بسبب خطئها الشنيع بالتورط في صراع الحكم في مصر. فالنظام المصري الحالي يعد حماس طرفا في صراع الحكم في القاهرة، لذا قطع سيناء على أفرادها، ودفن أنفاقها. حتى الرئيس المعزول حسني مبارك كان يغض النظر عن أنفاق حماس وتمويلاتها ضمن سياسته بمسك العصا من الوسط، يوازن بها العلاقة مع سلطة رام الله وكذلك مع إسرائيل. بالنسبة للسلطة الفلسطينية فهي تحتاج للمصالحة لأنها تفاوض، ومقبلة على حل سياسي مع إسرائيل يحتاج إلى غطاء، بمهادنة حماس تكون شريكة في المشروع. إلا أن حماس لن تتنازل عن سلطتها في غزة مهما قالت ووعدت بالقبول بحكومة تكنوقراطية، ستظل تدير الشرطة، وتجبي أموال المعابر، وستترك لحكومة عباس جمع القمامة في الشوارع. والحال مماثل في رام الله، حيث سيبقى رجال حكومة محمود عباس يمسكون بحقيبتي الأمن والمالية.
لهذا فهو زواج بلا إنجاب، وستستمر العلاقة حتى ينتهي الحب المؤقت، وحتى يحسم أحدهما الحكم لصالحه، أو تكرس حماس فصل غزة نهائيا عن الضفة الغربية، وهي منفصلة في الواقع. ما يدعو للسخرية المرة أن الحديث عن إقامة دولتين على أرض فلسطين، إسرائيل وفلسطين، تقزم وصار دولتين فلسطينيتين، السلطة وحماس. ويبدو أنه سيبقى الوضع هكذا إلى زمن طويل.
أما سبب التشكيك في قدرة الطرفين على المصالحة الحقيقية، والعودة إلى جسد السلطة الفلسطينية الذي كان موجودا، أنه لم يكن موجودا في الأصل. غزة، منذ أن أصبحت تحت إدارة حكومة حماس، في ظل توليها رئاسة الحكومة بدأت الاستقلال تدريجيا حتى جاء ذلك اليوم المظلم قبل سبع سنوات عندما قامت ميليشياتها بالاستيلاء على مراكز الشرطة وبقية الأجهزة الأمنية، ورأينا كيف ألقوا بأفراد شرطة فتح من أسطح العمارات ليلقوا حتفهم. بذلك الانقلاب انقسمت فلسطين الصغيرة وتشرذمت. وكل المحاولات التي جرت لتجسير الهوة، وإصلاح خلاف العائلة، جوبهت بأفعال بشعة، ومن ذا الذي ينسى ذلك المشهد المعيب عندما قام رجال أمن حماس بتعرية أسرى من أمن السلطة الفلسطينية ورميهم داخل حدود إسرائيل، أمام شماتة العدو. فعل مشين لم يفعله حتى الإسرائيليون. وكان هؤلاء الذين شنع بهم محظوظين، لأن البقية ظلت قابعة في سجون حماس.
طبعا، هذا صار تاريخا، لكن الفاعلين لا يزالون أحياء، ويمارسون عملهم اليومي في غزة دون حياء أو اعتذار. ولن تنجح حكومة الوحدة الوطنية لأنها مشروع انتهازي للطرفين، إلا إذا قرر الطرفان الحديث عن كل الخلافات وليس القفز فوقها، وإجراء مصالحة تعترف بالأخطاء الماضية وتضع نظاما شاملا يسلم الطرفان بموجبه الصلاحيات الرئيسة لمؤسسة الدولة، ماليا وأمنيا.
ولأنه توافق مؤقت، نقول عسى أن تطول أيامه حتى ينجز كل فريق ما يريده من الآخر، المال من فتح والصمت من حماس. مؤسف أن القيادات الفلسطينية بعد ست وستين سنة من قيام إسرائيل على أرضهم عاجزة حتى عن إقامة نظام واحد تتفق عليه، فكيف تستطيع إقناع العالم ومواجهة الدولة اليهودية؟ لم تتعلم من النموذج الإسرائيلي الذي يضم كل الألوان والنحل، الشيوعيين والدينيين، تحت نظام سياسي ديمقراطي واحد، يخضعون له مهما كانت آراؤهم أو مواقفهم. نظام من الثبات أنه أدخل رئيس الوزراء السابق أولمرت الحبس بأمر قضائي سبع سنوات، لأنه تورط في الرشوة.
النكبة والتطهير العرقي
يونس السيد-الخليج الإماراتية
على مدار سنوات النكبة الـ 66 ظل الفلسطيني يصرّ على تجاوز حالة الانكسار وانسداد الأفق، ويحاول لملمة أحلامه المبعثرة، على طريق العودة إلى أرض الآباء والأجداد، وإقامة وطن الحرية والاستقلال . وبالمقابل لم يتوقف الكيان الصهيوني لحظة واحدة عن جرائم الإبادة، وسياسات التطهير العرقي ونشر المستوطنين والمستوطنات فوق كل الأرض الفلسطينية، ضارباً عرض الحائط بكل الأعراف والشرائع والقوانين الدولية .
لقد بدأت حرب المجازر والتشريد والتهجير على يد العصابات الصهيونية قبل عام ،1948 فكانت مجازر قبية وكفر قاسم وديرياسين والدوايمة . . وغيرها، شواهد حية على جرائم تلك العصابات، فضلاً عن تدمير نحو 800 قرية وبلدة فلسطينية بينها 528 قرية تم تدميرها بالكامل، واقتلاع مئات آلاف الفلسطينيين من ديارهم قبل أن يتضاعف عددهم أكثر من ثماني مرات وزعوا على 58 مخيماً في الضفة الغربية وقطاع غزة ودول الجوار في الأردن وسوريا ولبنان بشكل أساسي . وبعد عام ،1948 تواصلت سياسة التطهير العرقي فقامت سلطات الاحتلال بتغير معالم الجغرافيا الفلسطينية واقتلاع سكان مناطق بكاملها وتهويدها وإعطائها أسماء عبرية جديدة، لطمس كل أثر فلسطيني أو أي معلم من معالم الحضارة العربية والاسلامية . أما ما تبقى من الفلسطينيين، فقد تكفلت رئاسة وزراء الكيان المائتة غولدا مائير بالإجابة عن مصيرهم بالقول "الكبار سيموتون أما الصغار فسينسون"، ولم يدر في خلدها آنذاك أن الصغار سيكبرون وأنهم سيقفون عند قبرها ليقولوا لها "ها نحن قد عدنا يا غولدا مائير" .
أهم ما أنجزته الثورة الفلسطينية التي انطلقت منتصف ستينات القرن الماضي، أنها نقلت حلم الفلسطينيين في الحرية والاستقلال من الإمكانية التاريخية إلى الإمكانية الواقعية . لكن ثمة فرق شاسع بين الحلم وإمكانية تحقيقه على الأرض، ومع ذلك عندما ضاقت مساحة الحلم، واشتد الخناق على الثورة، وحتى قبل أن تتحول الى مشروع للسلطة، كانت الأجيال الفلسطينية تفجر انتفاضتيها الأولى والثانية، وربما هي تقترب من انتفاضتها الثالثة لإعادة الأمور إلى نصابها وتقريب الحلم من جديد .
يبحث الفلسطينيون الآن، وهم يستحضرون ذكرى نكبتهم ال 66 عن تثبيت أنفسهم فوق خريطة الصراع، باعتبار ذلك منطلقاً لتغيير المعادلة القائمة، في ظل سقوط الرهان على عملية التسوية، وفي ظل تداعيات انهيار المحيط الإقليمي، واختلال موازين القوى على الساحة الدولية .
ربما تكمن البداية، في لملمة شتات الشعب المقسم والأرض المجزأة واستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة مواجهة المشروع الصهيوني العنصري، لا التعايش معه أو القبول بإملاءاته، حتى لا نفقد البوصلة من جديد، وتصبح حالة النكبة أبدية . . أو ربما نكبات، بعدما شهدنا بوادرها في إفرازات المحيط الإقليمي على غرار ما حدث في مخيمات اللجوء في سوريا، أو ما قد نشهده من نكبة أخرى يلوح شبحها في الأفق، وهذه المرة، في فلسطين المحتلة عام 1948 بالذات .
مسارات العنصرية "الإسرائيلية"
الحسين الزاوي-الخليج الإماراتية
بدأت العنصرية الصهيونية في تل أبيب تتخذ مسارات جديدة مقلقة وخطيرة، نتيجة للإخفاقات المتعددة التي مُنيت بها محاولات المجموعة الدولية من أجل إيجاد حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية، وبخاصة في هذا الظرف الدولي والإقليمي الذي يتميز ببروز معادلات قوة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، تسمح لهذا الكيان العنصري بالمحافظة على الوضع القائم، والعمل من ثمة على تدعيم وترسيخ أركانه من دون أن يؤدي ذلك إلى تبعات سياسية أو قانونية . حيث تفيد تقارير المنظمات الحقوقية الدولية أن "إسرائيل" ضاعفت بشكل غير مسبوق من حملاتها القمعية ضد الشعب الفلسطيني، وشرعت أجهزتها الإجرامية في تطبيق خطط تهدف إلى وأد كل نشاط سياسي أو حقوقي في الضفة والقطاع وأراضي ما يسمى "الخط الأخضر"؛ ولم تعد ممارساتها القمعية تقتصر على الكبار، فقد بدأ الأطفال الفلسطينيون يتعرضون لممارسات غير إنسانية تتعارض مع المواثيق والأعراف الدولية . والجديد في كل ذلك هو أن الكيان الصهيوني، شرع في تكثيف حملاته القمعية بجرأة غير معهودة في ظل صمت مريب من طرف الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة .
وإذا كانت العنصرية في تعريفها العام والضيق، تعتبر أيديولوجيا إقصائية تدعو إلى عدم المساواة ما بين الأعراق، فإن العنصرية الصهيونية هي أكثر من مجرد إيديولوجيا كونها شديدة الالتصاق بالعقيدة الصهيونية، وهي فضلاً عن ذلك تتجاوز حدود عدم المساواة بين الأعراق إلى الحد الذي تنظر فيه إلى خصومها كمخلوقات لا تربطهم صلة بالجنس البشري . وعليه فإن العنصرية الصهيونية ليست بأي حال من الأحوال، عنصرية عادية تتعلق بأفراد يسعون إلى المبالغة في تقدير ذواتهم في مواجهة الآخرين، إنها عنصرية تاريخية متأصلة داخل اللاوعي الجمعي الصهيوني، وتجعل من شبه المستحيل أن يندمج الإنسان الصهيوني في مجتمع آخر غير مجتمعه الأصلي القائم على النظر إلى بقية البشر على أنهم ليسوا بأكثر من "بهائم" أو كما قال أحد حاخامات الصهيونية، "حيوانات تمشي على رجلين" . هكذا تتجاوز العنصرية الصهيونية الأمراض النفسية المرتبطة بالسلوك البشري والناجمة عن الصراع الطبيعي بين الطبقات والشعوب والأعراق المختلفة، لتعبر عن نفسها كعقيدة قبيحة مكتملة الأركان والزوايا، ومستعدة في السياق نفسه من أجل تطبيق أجنداتها، لتصل في نهاية المطاف إلى ممارسة أكثر الأعمال شراسة وبربرية .
لقد انبرت النخب الصهيونية مؤخراً، من أجل مواجهة تسريبات إعلامية يحذّر فيها جون كيري "إسرائيل" من التحوّل إلى نظام فصل عنصري، رغم أن ما قاله وزير الخارجية الأمريكي يمثل وصفاً في غاية اللباقة والتهذيب؛ فقد مارست الصهيونية في فلسطين ما لم يمارسه البيض قي جنوب إفريقيا . حيث إنه وفي مقابل منديلا الإفريقي هناك آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين صنعوا بمقاومتهم ملاحم ليست أقل قوة وصلابة من ملحمة منديلا، لكن الإعلام العالمي الذي تسيره أياد صهيونية من وراء حجاب، يرفض أن يتعامل مع تضحيات الشعب الفلسطيني كما تعامل مع تضحيات الشعوب الأخرى المستضعفة في باقي أصقاع العالم، لأن صورة الضحية التي تروج لها الصهيونية العالمية ترفض أن تقبل بوجود ضحية ثانية غير ضحية المحرقة النازية .
من الواضح أن "إسرائيل" هي الكيان الوحيد الذي لا يفرق في قمعه ما بين البالغين والأطفال القصّر، فهي تعمد بحسب التقارير الأممية إلى تعذيب الأطفال الفلسطينيين نفسياً وجسدياً، وتلجأ إلى عزلهم في زنزانات انفرادية في مخالفة فاضحة لكل القوانين الدولية المعتمدة والمطبقة حتى في الدول والأنظمة التي تملك سجلات سوداء في مجال حقوق الإنسان . ولأن العنصرية الصهيونية لا تستهدف المسلمين فقط، فقد أمعن في الآونة الأخيرة، بعض اليهود المحسوبين على ما يسمى بأقصى اليمين المتطرف، في استهداف المسيحيين من خلال القيام بأعمال تخريبية ضد الأفراد والممتلكات وحتى الأماكن المقدسة، وذلك قبل أيام قليلة من الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها البابا فرانسوا الأول إلى القدس المحتلة .
نعتقد في هذه العجالة وبناءً على ما تقدم، أن المجتمع الذي يُبنى على الحقد والكراهية لا يمكنه أن يتعايش لا مع جيرانه ولا حتى مع مواطنيه العرب، لأنه يرفض في الأساس فكرة التعايش ويرى فيها مساساً وتهديداً لهويته القائمة على رفض الآخر المختلف؛ وذلك بالرغم من أن المفكرين اليهود في الغرب ملأوا الدنيا وشغلوا الناس بأفكارهم عن الغيرية والاختلاف، من أجل تقويض المجتمعات الغربية المتماسكة عرقياً وحضارياً، وبهدف السماح ،من ثمة، للأقليات اليهودية بالقيام بدور محوري، مؤثر وفعال داخل مجتمعات غربية مفككة ومتعددة الأعراق والأجناس .
رئيس لفلسطين وآخر لإسرائيل
جهاد الخازن (http://alhayat.com/Opinion/Jihad-El-Khazen.aspx)–الحياة اللندنية
لماذا تنهار عملية السلام في الشرق الأوسط؟
ديفيد إغناتيوس-الشرق الأوسط
انتفاضة تحريكية.. !
عودة عودة-الرأي الأردنية
عن المصالحة والتقاء البرامج والمفاوضات
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
مصالحة صحف ومساكن!
عبدالرحمن الراشد-الشرق الأوسط
النكبة والتطهير العرقي
يونس السيد-الخليج الإماراتية
مسارات العنصرية "الإسرائيلية"
الحسين الزاوي-الخليج الإماراتية
رئيس لفلسطين وآخر لإسرائيل
جهاد الخازن (http://alhayat.com/Opinion/Jihad-El-Khazen.aspx)–الحياة اللندنية
كنت قبل أيام ضيفاً على تلفزيون باللغة العربية يحمل اسم شبكة غربية عالمية، وكانت المناسبة الذكرى السادسة والستين للنكبة فبدأ مقدم نشرة الأخبار عناوين الأخبار بها قبل أن يكمل بأخبار مهمة أخرى عربية وعالمية.
عندما عاد المذيع إلى النكبة وجدته يهاجم إسرائيل بأقسى العبارات، ويتحدث عن غزو فلسطين وارتكاب مجازر وتشريد أهلها، واضطهاد من بقي فيها. المذيع قال الحقيقة غير أنني فوجئت بحدته واغتنمت الفرصة لأشنّ هجوماً على إسرائيل من عندي، من دون أن أنسى جماعات السلام الإسرائيلية، وأشرت تحديداً إلى ميكو بيليد، ابن ماتي بيليد، أحد جنرالات إسرائيل في حرب 1967 الذي أصبح بعد ذلك داعية سلام. كنت سمعت ميكو السنة الماضية يقول في مجلس العموم البريطاني أن النكبة لم تقع قبل 65 سنة، وانما بدأت قبل 65 سنة ولا تزال مستمرة. وهي الآن 66 سنة، وقد أرحل عن هذا العالم وأنا لا أزال أحصي السنين.
يوم احياء النكبة مرّ أبو مازن في لندن، واجتمع مع رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كامرون الذي أكّد له أن السياسة البريطانيّة تؤيد قيام دولتين، فلسطين وإسرائيل، تعيشان بسلام جنباً إلى جنب.
أبو مازن قابل بعد ذلك وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي يحاول احياء عملية السلام. وكيري صرّح بعد ذلك بأن مصير السلام في أيدي الفلسطينيين والإسرائيليين من دون أن يقول إن بلاده تؤيد إسرائيل بالمال والسلاح والفيتو في مجلس الأمن ما يشجعها على استمرار الاحتلال والقتل والتدمير وما يجعل السلام مستحيلاً.
حاولت أن أتصل بالرئيس محمود عباس في اليوم التالي إلا أنه كان يصعد الطائرة متوجهاً إلى فنزويلا، وتحدثت مع بعض مساعديه، ولم أجد كلاماً مشجعاً عن الجلسة مع كيري.
أبو مازن صرّح مرّة بعد مرّة بأنه زاهد في الحكم، وأقول على أساس معرفتي الشخصيّة به أنه صادق، ولا استبعد إذا بقيت الأبواب مغلقة أن يحلّ السلطة الوطنيّة ويستقيل ويترك لإسرائيل مسؤوليّة إدارة الضفة.
لو استقال أبو مازن لكان المرشح الأفضل لخلافته مروان البرغوثي إلا أن هذا أسير لدى إسرائيل وعليه خمسة أحكام بالسجن المؤبد. أكثر رموز القيادة التاريخيّة لفتح سبقوا أبو عمّار إلى العالم الآخر أو تبعوه، والأخ أحمد قريع (أبو العلاء) شبه متقاعد والقيادات الشابّة لا تستطيع أن تجمع المواطنين حولها. لعل محمد دحلان ينتظر أن يحين دوره إلا أنه أحرق جسوره كلها مع السلطة، وهو متهم ولا قاعدة شعبيّة له إطلاقاً في القطاع أو الضفة.
عجزت عن الطلوع بخليفة للرئيس الفلسطيني غير مروان البرغوثي ثم قررت أن قرار أبو مازن مؤجل إلى ما بعد المصالحة لأنه مضطر أن يرأس حكومة توافق وطني أعضاؤها من التكنوقراط. وكانت أميركا استاءت من المصالحة، ومجرم الحرب بنيامين نتانياهو قال إن على أبو مازن أن يختار بين حماس وعملية السلام. قطعاً لا سلام مع حكومة مجرمي الحرب، ثم أن السلام مستحيل مع نصف الفلسطينيين من دون النصف الآخر.
عدت إلى صحف إسرائيل في ذكرى النكبة وفوجئت بخبر عنوانه: البحث بعيداً، مطلوب مرشّح رئيس. الخبر كان عن اختيار خلف لشمعون بيريز في رئاسة إسرائيل، ويبدو أن نتانياهو لا يريد النائب روبين ريفلين رئيساً لذلك حاول تأجيل الانتخابات وعارضه يائير لابيد وتزيبي ليفني، رئيسا حزبي ييش أتيد وهاتونا في الإئتلاف الحكومي. وقد عاد نتانياهو الآن من زيارة اليابان ويحاول من جديد تأجيل انتخاب رئيس.
أي فلسطيني يخلف أبو مازن سيكون مناضلاً في سبيل الحرية، وأي إسرائيلي يخلف بيريز سيكون مستوطناً محتلاً قاتلاً لا حق له بالوجود في أرض فلسطين.
لماذا تنهار عملية السلام في الشرق الأوسط؟
ديفيد إغناتيوس-الشرق الأوسط
في بعض الأحيان يكون من الواجب أن تسوء الأمور قبل أن تتحسن. في أحيان أخرى تسوء فقط. سوف نعرف قريبا أيا من الوصفين ينطبق على عملية السلام المنهارة بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
كانت المفاوضات محاولة عازمة بذلها وزير الخارجية الأميركي جون كيري ومستشاره الخاص مارتن إنديك من أجل إقامة دولتين؛ فلسطينية ويهودية. ولكن على الرغم من حماسة جون كيري العالية، إلا أن الطرفين لم يتقاربا مطلقا في الواقع، بل أصبحا في الوقت الحالي أبعد مما كانا عندما بدأت عملية المفاوضات، في ظل مزيد من الشكوك.
طلب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خريطة للأراضي التي ستقوم عليها دولة فلسطينية. وكان ذلك طلبه عندما بدأت المباحثات في يوليو (تموز) العام الماضي، وظل يكرره حتى شهر أبريل (نيسان) الماضي عندما انهارت المباحثات، في حين كانت الولايات المتحدة تدعو إلى تسعة أشهر أخرى من المفاوضات في «إطار (أميركي) متفق عليه». ولكن لم يقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخريطة مطلقا، ربما لأنه أراد تجنب المعركة السياسية التي ستنشأ مع المستوطنين الذين سيصبحون خارج حدود إسرائيل المستقبلية.
شعر المفاوضون الإسرائيليون بالإهانة بسبب مسألة المستوطنات الإسرائيلية، التي أضرت بالمباحثات، وذلك وفقا لتصريحات فريق المفاوضين الأميركيين. عندما أعلنت إسرائيل إقامة 700 مستوطنة جديدة في مطلع أبريل، قبل الموعد النهائي المحدد للمفاوضات في 29 أبريل، وصفها كيري أمام لجنة في مجلس الشيوخ قائلا: «كانت هذه هي لحظة النهاية نوعا ما». حذر إنديك أمام جمع في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى قائلا: «نشاط بناء المستوطنات العدائي - لا سيما في منتصف المفاوضات – لم يقوض فقط ثقة الفلسطينيين في الغرض من المفاوضات؛ بل يمكن أيضا أن يعرقل مستقبل إسرائيل اليهودي».
من جانب آخر، تسبب عباس في خيبة أمل كبيرة. فلقد توقف عن التفاوض في منتصف المباحثات، سواء ردا على عناد نتنياهو أو بسبب عدم رغبته الخاصة في تقديم تنازلات. وربما تكون أفضل المراحل التي وصل إليها عباس أثناء بداية العملية، عندما استجاب للخطة الأمنية التي وضعها الجنرال جون ألن، القائد الأميركي المتقاعد في كابل، والذي طلب من كيري اقتراح ترتيبات يمكنها أن تحمي إسرائيل إذا أقيمت دولة فلسطينية.
صرح إنديك في معهد واشنطن بأن عباس كان «على استعداد لوضع أمن دولته في أيدي الأميركين». كما قبل الرئيس الفلسطيني بأن يكون مستقبل بلاده منزوع السلاح، ولكنه قال في السابق إنه بعد أن تنسحب إسرائيل من وادي الأردن – مثلا بعد خمسة أعوام – يجب أن يُمنح تأمين الحدود لقوات الناتو (وهو الحل الذي عارضته إسرائيل التي لا تثق في الأوروبيين). حاليا قرر عباس أن الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل، تستطيع أن تتولى السيطرة على الدخول إلى مجاله الجوي وأراضيه في المستقبل. ورأى المفاوضون الأميركيون أن ذلك تنازل كبير، ولكن عارضته إسرائيل أيضا.
تحول عباس من السكون إلى العدوانية. كان كيري قد حاول إقناع وزراء الخارجية العرب بتأييد الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية، وهو مطلب نتنياهو الأساسي. فذهب عباس إلى العرب طلب منهم ألا يتبنوا موقف وزير الخارجية الأميركي. عندما بدأت الولايات المتحدة في إرساء إطار العمل المتفق عليه، مع تقديم «مقترحات تقريبية» لتقليل الفجوات في معظم القضايا النهائية المثيرة للنزاع، مثل اللاجئين والقدس، لم يستجب عباس مطلقا، بل وبدلا من قبول الإطار مع بعض «التحفظات»، كما هو مخطط، توقف عباس.
وشعر المسؤولون الأميركيون بأن عباس في حالة اكتئاب عميق تجاه «ذاك الرجل» كما وصف نتنياهو في حديث خاص، والذي يريده أن يخرج من المباحثات. شبه أري شافيت، الكاتب الإسرائيلي البارز في صحيفة «هآرتس» عملية السلام بالمسرحية الوجودية الكئيبة «في انتظار جودو».
هاجم كل من الإسرائيليين والفلسطينيين كيري أثناء عملية المفاوضات. وكانت أسوأ مرحلة تلك التي وصف فيها وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون وزير الخارجية الأميركي بـ«المهووس». أما نتنياهو الذي احتفظ بعلاقات ودية مع كيري وأحيانا ما كان يدخن السيجار الكبير أثناء مقابلات تستغرق ما يزيد على خمس ساعات في القدس، فأبدى إشارات بالمرونة في مرحلة متأخرة من العملية، مقترحا التحرك في بعض القضايا الرئيسية. ولكن في ذلك الحين كان الوقت تأخر للغاية.
السؤال هو: ما التالي، بعد فشل هذه المساعي الأميركية الحثيثة. يهدد الفلسطينيون بتحميل إسرائيل المسؤولية بموجب معاهدات جنيف التي تحمي المدنيين في الأراضي المحتلة. ربما ترد إسرائيل بمنع الأموال عن حكومة عباس والإعلان عن مستوطنات جديدة. إذا حدث ذلك، يقول عباس إنه سيحل السلطة الفلسطينية – ويصر على أن تتحمل إسرائيل تكاليف قيمتها ثلاثة مليارات دولار وأعباء لا تنتهي بحكم 2.5 مليون فلسطيني. ولا يظن المسؤولون الأميركيون أنه يمارس خدعة.
انتفاضة تحريكية.. !
عودة عودة-الرأي الأردنية
ما أشبه اليوم بالبارحة.. مثلما نصح هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الرئيس المصري أنور السادات في مطلع السبعينات بالقيام «بحرب تحريكية» مع إسرائيل.. ها هي واشنطن نفسها تنصح الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالقيام «بإنتفاضة تحريكية»..!
في الأخبار.. رأى موظفون أميريكيون كبار رفضوا الكشف عن أسمائهم في حديث مع صحيفة ( أديعوت أحرونوت ) الإسرائيلية: «إن الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة المقبلة ستكون ضرورية لإيجاد «ظروف أخرى» من شأنها ( تحريك ) المسيرة السياسية بين الفلسطينيين والإسرائيليين» (الأخبار اللبنانية 2014/5/1)
حتى كتابة هذه السطور لم نقرأ أي رد للرئيس الفلسطيني أبو مازن على ( النصيحة ) الأمريكية هذه، فهو لا يستطيع الضرب على الطاولة كنتنياهو المسنود من واشنطن وأخواتها إضافة إلى أنه لا يستطيع الإعتماد على أشقائه العرب الذين هم في وضع لا يحسدون عليه.. وإن كان يستند على نحو 4 ملايين فلسطيني على أرضهم في الجليل والضفة الغربية وقطاع غزة..
إسرائيل من جانبها أخذت إمكانية إنطلاقة الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة محمل الجد.. فمنذ العام 2011 وبمناسبة ذكرى النكبة عبر فلسطينيون يعيشون في سورية حدود الجولان أستشهد من أستشهد وجرح من جرح إلا أن عدداً منهم وصلوا مدنهم وقراهم الأصلية في فلسطين المحتلة.. كل هذا دفع إسرائيل إلى تكثيف الإستعدادت (لإنتفاضة فلسطينية ثالثة).. فقد قامت وزارة الدفاع برصد 75 مليون شيكل لشراء أسلحة ( غير قاتلة ) لتفريق المظاهرات المتوقعة في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر أي فلسطين المحتلة العام 1948..
كما جاء في صحيفة ( أديعوت أحرونوت ) الإسرائيلية أن اللواء إحتياط ( أوري شني ) مدير عام وزارة الدفاع بادر بتخصيص الميزانيات من المساعدات الخارجية لشراء أسلحة ومعدات قتالية بـ (35) مليون دولار وقد وصلت هذه الأسلحة إلى إسرائيل فعلاً ووزعت على الجيش والشرطة.. !
ومن بين هذه الأسلحة الإسرائيلية الجديدة قنابل غاز مسيل للدموع.. ومدفع متعدد الفوهات لإطلاق كمية كبيرة من قنابل الغاز المسيل للدموع وصهاريج مياه سعة ( 2500 ) لتر من المياه عليها مدافع مائية قوية لتفريق المظاهرات ومسددسات كهربائية لإستخدامها ضد اللاجئين الفلسطينيين، وكمية كبيرة من قنابل الغاز والخوذ والدروع، وقد اشترت وزارة الدفاع الإسرائيلية جهازا يشل حركة من يقف قبالته ولو على مساحة 100 م وقد تم بناء أكثر من جدار إسرائيلي في هضبة الجولان ونهر الأردن والحدود المصرية ولنفس الهدف والغاية... ستكون هناك مفاجآت إسرائيلية كبيرة.. كما تكون هناك مفاجآت فلسطينية كبرى إذا انطلقت هذه الإنتفاضة الفلسطينية التحريكية.. !!
نتمنى أن لا تكون نتائج هذه الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة كنتيجة الحرب التحريكية التي قام بها السادات العام 1973.. ونتمنى أن لا تكون هذه الإنتفاضة التحريكية التي تنصح بها واشنطن هدفها تفريق ما أمكن من الفلسطينيين في الأرض المحتلة وهجرتهم إلى الخارج وهذا يهدف إلى ما تخشاه إسرائيل من القنبلة الديمغرافية للشعب الفلسطيني..
عن المصالحة والتقاء البرامج والمفاوضات
عريب الرنتاوي-الدستور الأردنية
باتت المصالحة الوطنية الفلسطينية أمراً واقعاً من منظور المجتمع الدولي، مع أنها لم تخطُ خطواتٍ عملية ذات مغزى بعد، وما زالت تعترضها عوائق و”حسابات”، قد تطيح بها، الآن أو في مراحل لاحقة ... الاتحاد الأوروبي يبدو أكثر ارتياحاً للخطوة، وواشنطن تجنح للتعامل مع الأمر الواقع الجديد، شريطة ألا يصطدم مع معايير الرباعية وشروطها ... وحدها إسرائيل، المستفيد الأكبر من الانقسام، تسعى في إدامته، وتضع العراقيل على طريق الوحدة الوطنية الفلسطينية الشائك.
يُظهر هذا الأمر حقيقة أن كثير مما اعتبرناه واعتبره غيرنا، “فيتوات” خارجية تحول دون استكمال المصالحة وإتمام الوحدة، ليست في واقع الأمر إلا من نسيج خيالنا، أو ربما كانت “مبررات” نختلقها لتفسير وتبرير غياب الإرادة الوطنية بالتوجه إلى المصالحة، وأن الفلسطينيين إن أرادوا التوحد، فليس بمقدور أحدٍ على سطح هذا الكوكب، أن يفسد إرادتهم ... الكرة في ملعبهم، كانت كذلك من قبل، وهي كذلك اليوم ومن بعد.
ومن أجل تمرير “قرار المصالحة”، بل وانسجاماً مع فلسفته السياسية، حرص الرئيس الفلسطيني محمود عباس على التأكيد بأن حكومة الوحدة الوطنية هي “حكومته”، تلتزم برنامجه، تعترف بإسرائيل وتنبذ العنف وتقبل بالاتفاقات المبرمة ... واختار اجتماعاً استثنائياً للمجلس المركزي لمنظمة التحرير للتأكيد على هذا الموقف ... والغريب، أن حماس، رأت في ذاك الخطاب جوانب إيجابية عديدة، رحبت به وبها، ولم تتوقف عند”مواصفات ومقاييس” الحكومة الجديدة، بل ولم تتأثر المساعي لتشكيلها، والتي يقال، إنها قطعت شوطاً كبيراً، جراء تصريحات الرئيس.
يُظهر هذا الأمر بدوره، حقيقة أن الخلافات العميقة بين جناحي العمل الوطني والإسلامي الفلسطيني، تقع في مكان آخر، غير السياسة والبرامج، كما ظل يحلو لحماس أن تقول وتردد، من دون كلل أو ملل، وإلا لرأينا رد فعل مغايرا من الحركة، على تصريحات الرئيس عباس التي تندرج في سياق “نهج التسوية والمفاوضات”، لا في إطار “نهج المقاومة والممانعة” ... الخلافات، كما قلنا وقال آخرون، تقع أساساً، في قلب لعبة توزيع السلطة والنفوذ والتنافس عليهما، من دون أن ينفي ذلك وجود اختلافات سياسية وبرامجية من النوع القابل للسيطرة والاحتواء.
الحقيقة أن الهوة كانت واسعة جداً بين برنامجي التسوية والمقاومة، أقله في طبعتيهما الأصليتين ... لكن ما حصل في السنوات القليلة الفائتة، قلص من حجم هذه الفجوة، جراء ابتعاد كل فريق خطوة أو أكثر للوراء عن برنامجه ... المفاوضات بلغت طريقاً مسدوداً؛ ما دفع بفتح إلى التفكير بتبني أساليب وأدوات أقرب للمقاومة منها إلى “التسوية”، حتى وإن كانت ذات طبيعة سلمية وشعبية غير عنفيه ... أما أزمة حماس في غزة، او أزمة غزة مع حماس، واستتباعاً، مع ما تواجهه الحركة من تداعيات تنقلاتها السريعة والخفيفة بين المحاور والعواصم، فقد ترتب عليها حلول برنامج “الهدنة طويلة الأمد” محل برنامج المقاومة ... والمسافة كما يتضح بين برنامج الهدنة المفتوحة وبرنامج المقاومة الشعبية السلمية، تبدو محدودة للغاية، وتسمح بالالتقاء والتلاقي ... وتسقط كل ادعاء عن صدام برامجي، وتعيد الاعتبار لنظرية صراع المصالح والنفوذ، الصراع على السلطة، حتى وإن كانت بلا سلطة.
يقودنا ذلك كله للافتراض، أن حكومة كفاءات وطنية، تحت مسمى حكومة وحدة وطنية، برئاسة “أبو مازن”، سترى النور قريباً، وستكون حكومة الرئيس وبرنامجه بصفة عامة ... والمرجح أن تنجح هذه الحكومة في التغلب على “الفيتوات” الإسرائيلية، وستبقي جسور الدعم والاعتراف الدولية ممدودة مع السلطة والمنظمة والدولة ... أما المفاوضات وفرص استئنافها، فتلكم حكاية أخرى، تتصل بإسرائيل ومدى استعدادها لذلك، أكثر من اتصالها بالترتيبات الفلسطينية الجديدة.
وفي ظني أن واشنطن ليست بصدد استئناف سريع لجهود كيري ومبادرته، مع أنها لن تتوقف عن مساعيها لإبقاء جذوة خيار التفاوض والعملية السياسية، مشتعلة ... الأرجح أن إدارة أوباما، من الآن وحتى الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي، ستكون منشغلة بهموم الداخل، وبالقضايا الكثيرة الأهمية على الساحة الدولية، بدءاً بإطفاء الحريق الأوكراني المشتعل والذي يهدد بالانتشار على مساحات جافة أخرى للعلاقات الروسية الأميركية ... وانتهاءً ببرنامج إيران النووي، الذي يعكف المفاوضون على صياغة الجمل الأخيرة من مسوّدته النهائية.
إن كان هناك من حيّزٍ لفلسطين والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على الأجندة الأميركية، فالأرجح أن يترك العمل به للنصف الثاني من الولاية الثانية للرئيس أوباما ... وإلى أن يحصل ذلك، فثمة مساحات واسعة أمام الأطراف لفرض حقائق جديدة على الأرض: إسرائيل بالتوسع الاستيطاني، وفلسطين باستكمال عضويتها في المؤسسات والمعاهدات الدولية وبناء عناصر الصمود والاقتدار الذاتي، لخوض غمار المواجهة مع آخر احتلال على سطح الكرة الأرضية.
مصالحة صحف ومساكن!
عبدالرحمن الراشد-الشرق الأوسط
صحف الضفة الغربية، المحكومة من السلطة الفلسطينية، سمح لها أن تباع في غزة، وحكومة حماس قامت أيضا بتسليم بيتين كانت تحتلهما؛ واحد لمحمود عباس، وكذلك فيلا الرئيس الراحل ياسر عرفات، إلى حكومة رام الله، ضمن المصالحة بين الطرفين. وكلنا سعداء بالمصالحة التي اتفق عليها الفريقان الفلسطينيان، السلطة وحماس، وعسى أن تكون أكثر من مجرد بيع جرائد وإعادة منزلين منهوبين إلى أصحابهما. نخشى في زواج المصالحة أنه زواج لا ينجب؛ فالاثنان نظامان مختلفان، وليسا حزبين متنافسين في نظام واحد. وعبارات فخمة كـ«حكومة الوحدة الوطنية»، هي مثل أصباغ المكياج، لا تلبث أن تزول ما دام أن الطرفين لم يصفيا النية أولا، قبل التوافق. حماس في جوع مادي، وتحتاج إلى أن تقوم السلطة بدفع مرتبات منسوبيها وتسديد فواتيرها من الكهرباء والماء، نتيجة فقدانها معظم مداخيلها الخارجية ومحاصرتها بسبب خطئها الشنيع بالتورط في صراع الحكم في مصر. فالنظام المصري الحالي يعد حماس طرفا في صراع الحكم في القاهرة، لذا قطع سيناء على أفرادها، ودفن أنفاقها. حتى الرئيس المعزول حسني مبارك كان يغض النظر عن أنفاق حماس وتمويلاتها ضمن سياسته بمسك العصا من الوسط، يوازن بها العلاقة مع سلطة رام الله وكذلك مع إسرائيل. بالنسبة للسلطة الفلسطينية فهي تحتاج للمصالحة لأنها تفاوض، ومقبلة على حل سياسي مع إسرائيل يحتاج إلى غطاء، بمهادنة حماس تكون شريكة في المشروع. إلا أن حماس لن تتنازل عن سلطتها في غزة مهما قالت ووعدت بالقبول بحكومة تكنوقراطية، ستظل تدير الشرطة، وتجبي أموال المعابر، وستترك لحكومة عباس جمع القمامة في الشوارع. والحال مماثل في رام الله، حيث سيبقى رجال حكومة محمود عباس يمسكون بحقيبتي الأمن والمالية.
لهذا فهو زواج بلا إنجاب، وستستمر العلاقة حتى ينتهي الحب المؤقت، وحتى يحسم أحدهما الحكم لصالحه، أو تكرس حماس فصل غزة نهائيا عن الضفة الغربية، وهي منفصلة في الواقع. ما يدعو للسخرية المرة أن الحديث عن إقامة دولتين على أرض فلسطين، إسرائيل وفلسطين، تقزم وصار دولتين فلسطينيتين، السلطة وحماس. ويبدو أنه سيبقى الوضع هكذا إلى زمن طويل.
أما سبب التشكيك في قدرة الطرفين على المصالحة الحقيقية، والعودة إلى جسد السلطة الفلسطينية الذي كان موجودا، أنه لم يكن موجودا في الأصل. غزة، منذ أن أصبحت تحت إدارة حكومة حماس، في ظل توليها رئاسة الحكومة بدأت الاستقلال تدريجيا حتى جاء ذلك اليوم المظلم قبل سبع سنوات عندما قامت ميليشياتها بالاستيلاء على مراكز الشرطة وبقية الأجهزة الأمنية، ورأينا كيف ألقوا بأفراد شرطة فتح من أسطح العمارات ليلقوا حتفهم. بذلك الانقلاب انقسمت فلسطين الصغيرة وتشرذمت. وكل المحاولات التي جرت لتجسير الهوة، وإصلاح خلاف العائلة، جوبهت بأفعال بشعة، ومن ذا الذي ينسى ذلك المشهد المعيب عندما قام رجال أمن حماس بتعرية أسرى من أمن السلطة الفلسطينية ورميهم داخل حدود إسرائيل، أمام شماتة العدو. فعل مشين لم يفعله حتى الإسرائيليون. وكان هؤلاء الذين شنع بهم محظوظين، لأن البقية ظلت قابعة في سجون حماس.
طبعا، هذا صار تاريخا، لكن الفاعلين لا يزالون أحياء، ويمارسون عملهم اليومي في غزة دون حياء أو اعتذار. ولن تنجح حكومة الوحدة الوطنية لأنها مشروع انتهازي للطرفين، إلا إذا قرر الطرفان الحديث عن كل الخلافات وليس القفز فوقها، وإجراء مصالحة تعترف بالأخطاء الماضية وتضع نظاما شاملا يسلم الطرفان بموجبه الصلاحيات الرئيسة لمؤسسة الدولة، ماليا وأمنيا.
ولأنه توافق مؤقت، نقول عسى أن تطول أيامه حتى ينجز كل فريق ما يريده من الآخر، المال من فتح والصمت من حماس. مؤسف أن القيادات الفلسطينية بعد ست وستين سنة من قيام إسرائيل على أرضهم عاجزة حتى عن إقامة نظام واحد تتفق عليه، فكيف تستطيع إقناع العالم ومواجهة الدولة اليهودية؟ لم تتعلم من النموذج الإسرائيلي الذي يضم كل الألوان والنحل، الشيوعيين والدينيين، تحت نظام سياسي ديمقراطي واحد، يخضعون له مهما كانت آراؤهم أو مواقفهم. نظام من الثبات أنه أدخل رئيس الوزراء السابق أولمرت الحبس بأمر قضائي سبع سنوات، لأنه تورط في الرشوة.
النكبة والتطهير العرقي
يونس السيد-الخليج الإماراتية
على مدار سنوات النكبة الـ 66 ظل الفلسطيني يصرّ على تجاوز حالة الانكسار وانسداد الأفق، ويحاول لملمة أحلامه المبعثرة، على طريق العودة إلى أرض الآباء والأجداد، وإقامة وطن الحرية والاستقلال . وبالمقابل لم يتوقف الكيان الصهيوني لحظة واحدة عن جرائم الإبادة، وسياسات التطهير العرقي ونشر المستوطنين والمستوطنات فوق كل الأرض الفلسطينية، ضارباً عرض الحائط بكل الأعراف والشرائع والقوانين الدولية .
لقد بدأت حرب المجازر والتشريد والتهجير على يد العصابات الصهيونية قبل عام ،1948 فكانت مجازر قبية وكفر قاسم وديرياسين والدوايمة . . وغيرها، شواهد حية على جرائم تلك العصابات، فضلاً عن تدمير نحو 800 قرية وبلدة فلسطينية بينها 528 قرية تم تدميرها بالكامل، واقتلاع مئات آلاف الفلسطينيين من ديارهم قبل أن يتضاعف عددهم أكثر من ثماني مرات وزعوا على 58 مخيماً في الضفة الغربية وقطاع غزة ودول الجوار في الأردن وسوريا ولبنان بشكل أساسي . وبعد عام ،1948 تواصلت سياسة التطهير العرقي فقامت سلطات الاحتلال بتغير معالم الجغرافيا الفلسطينية واقتلاع سكان مناطق بكاملها وتهويدها وإعطائها أسماء عبرية جديدة، لطمس كل أثر فلسطيني أو أي معلم من معالم الحضارة العربية والاسلامية . أما ما تبقى من الفلسطينيين، فقد تكفلت رئاسة وزراء الكيان المائتة غولدا مائير بالإجابة عن مصيرهم بالقول "الكبار سيموتون أما الصغار فسينسون"، ولم يدر في خلدها آنذاك أن الصغار سيكبرون وأنهم سيقفون عند قبرها ليقولوا لها "ها نحن قد عدنا يا غولدا مائير" .
أهم ما أنجزته الثورة الفلسطينية التي انطلقت منتصف ستينات القرن الماضي، أنها نقلت حلم الفلسطينيين في الحرية والاستقلال من الإمكانية التاريخية إلى الإمكانية الواقعية . لكن ثمة فرق شاسع بين الحلم وإمكانية تحقيقه على الأرض، ومع ذلك عندما ضاقت مساحة الحلم، واشتد الخناق على الثورة، وحتى قبل أن تتحول الى مشروع للسلطة، كانت الأجيال الفلسطينية تفجر انتفاضتيها الأولى والثانية، وربما هي تقترب من انتفاضتها الثالثة لإعادة الأمور إلى نصابها وتقريب الحلم من جديد .
يبحث الفلسطينيون الآن، وهم يستحضرون ذكرى نكبتهم ال 66 عن تثبيت أنفسهم فوق خريطة الصراع، باعتبار ذلك منطلقاً لتغيير المعادلة القائمة، في ظل سقوط الرهان على عملية التسوية، وفي ظل تداعيات انهيار المحيط الإقليمي، واختلال موازين القوى على الساحة الدولية .
ربما تكمن البداية، في لملمة شتات الشعب المقسم والأرض المجزأة واستعادة الوحدة الوطنية على قاعدة مواجهة المشروع الصهيوني العنصري، لا التعايش معه أو القبول بإملاءاته، حتى لا نفقد البوصلة من جديد، وتصبح حالة النكبة أبدية . . أو ربما نكبات، بعدما شهدنا بوادرها في إفرازات المحيط الإقليمي على غرار ما حدث في مخيمات اللجوء في سوريا، أو ما قد نشهده من نكبة أخرى يلوح شبحها في الأفق، وهذه المرة، في فلسطين المحتلة عام 1948 بالذات .
مسارات العنصرية "الإسرائيلية"
الحسين الزاوي-الخليج الإماراتية
بدأت العنصرية الصهيونية في تل أبيب تتخذ مسارات جديدة مقلقة وخطيرة، نتيجة للإخفاقات المتعددة التي مُنيت بها محاولات المجموعة الدولية من أجل إيجاد حل عادل ونهائي للقضية الفلسطينية، وبخاصة في هذا الظرف الدولي والإقليمي الذي يتميز ببروز معادلات قوة جديدة في منطقة الشرق الأوسط، تسمح لهذا الكيان العنصري بالمحافظة على الوضع القائم، والعمل من ثمة على تدعيم وترسيخ أركانه من دون أن يؤدي ذلك إلى تبعات سياسية أو قانونية . حيث تفيد تقارير المنظمات الحقوقية الدولية أن "إسرائيل" ضاعفت بشكل غير مسبوق من حملاتها القمعية ضد الشعب الفلسطيني، وشرعت أجهزتها الإجرامية في تطبيق خطط تهدف إلى وأد كل نشاط سياسي أو حقوقي في الضفة والقطاع وأراضي ما يسمى "الخط الأخضر"؛ ولم تعد ممارساتها القمعية تقتصر على الكبار، فقد بدأ الأطفال الفلسطينيون يتعرضون لممارسات غير إنسانية تتعارض مع المواثيق والأعراف الدولية . والجديد في كل ذلك هو أن الكيان الصهيوني، شرع في تكثيف حملاته القمعية بجرأة غير معهودة في ظل صمت مريب من طرف الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة .
وإذا كانت العنصرية في تعريفها العام والضيق، تعتبر أيديولوجيا إقصائية تدعو إلى عدم المساواة ما بين الأعراق، فإن العنصرية الصهيونية هي أكثر من مجرد إيديولوجيا كونها شديدة الالتصاق بالعقيدة الصهيونية، وهي فضلاً عن ذلك تتجاوز حدود عدم المساواة بين الأعراق إلى الحد الذي تنظر فيه إلى خصومها كمخلوقات لا تربطهم صلة بالجنس البشري . وعليه فإن العنصرية الصهيونية ليست بأي حال من الأحوال، عنصرية عادية تتعلق بأفراد يسعون إلى المبالغة في تقدير ذواتهم في مواجهة الآخرين، إنها عنصرية تاريخية متأصلة داخل اللاوعي الجمعي الصهيوني، وتجعل من شبه المستحيل أن يندمج الإنسان الصهيوني في مجتمع آخر غير مجتمعه الأصلي القائم على النظر إلى بقية البشر على أنهم ليسوا بأكثر من "بهائم" أو كما قال أحد حاخامات الصهيونية، "حيوانات تمشي على رجلين" . هكذا تتجاوز العنصرية الصهيونية الأمراض النفسية المرتبطة بالسلوك البشري والناجمة عن الصراع الطبيعي بين الطبقات والشعوب والأعراق المختلفة، لتعبر عن نفسها كعقيدة قبيحة مكتملة الأركان والزوايا، ومستعدة في السياق نفسه من أجل تطبيق أجنداتها، لتصل في نهاية المطاف إلى ممارسة أكثر الأعمال شراسة وبربرية .
لقد انبرت النخب الصهيونية مؤخراً، من أجل مواجهة تسريبات إعلامية يحذّر فيها جون كيري "إسرائيل" من التحوّل إلى نظام فصل عنصري، رغم أن ما قاله وزير الخارجية الأمريكي يمثل وصفاً في غاية اللباقة والتهذيب؛ فقد مارست الصهيونية في فلسطين ما لم يمارسه البيض قي جنوب إفريقيا . حيث إنه وفي مقابل منديلا الإفريقي هناك آلاف الأسرى الفلسطينيين الذين صنعوا بمقاومتهم ملاحم ليست أقل قوة وصلابة من ملحمة منديلا، لكن الإعلام العالمي الذي تسيره أياد صهيونية من وراء حجاب، يرفض أن يتعامل مع تضحيات الشعب الفلسطيني كما تعامل مع تضحيات الشعوب الأخرى المستضعفة في باقي أصقاع العالم، لأن صورة الضحية التي تروج لها الصهيونية العالمية ترفض أن تقبل بوجود ضحية ثانية غير ضحية المحرقة النازية .
من الواضح أن "إسرائيل" هي الكيان الوحيد الذي لا يفرق في قمعه ما بين البالغين والأطفال القصّر، فهي تعمد بحسب التقارير الأممية إلى تعذيب الأطفال الفلسطينيين نفسياً وجسدياً، وتلجأ إلى عزلهم في زنزانات انفرادية في مخالفة فاضحة لكل القوانين الدولية المعتمدة والمطبقة حتى في الدول والأنظمة التي تملك سجلات سوداء في مجال حقوق الإنسان . ولأن العنصرية الصهيونية لا تستهدف المسلمين فقط، فقد أمعن في الآونة الأخيرة، بعض اليهود المحسوبين على ما يسمى بأقصى اليمين المتطرف، في استهداف المسيحيين من خلال القيام بأعمال تخريبية ضد الأفراد والممتلكات وحتى الأماكن المقدسة، وذلك قبل أيام قليلة من الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها البابا فرانسوا الأول إلى القدس المحتلة .
نعتقد في هذه العجالة وبناءً على ما تقدم، أن المجتمع الذي يُبنى على الحقد والكراهية لا يمكنه أن يتعايش لا مع جيرانه ولا حتى مع مواطنيه العرب، لأنه يرفض في الأساس فكرة التعايش ويرى فيها مساساً وتهديداً لهويته القائمة على رفض الآخر المختلف؛ وذلك بالرغم من أن المفكرين اليهود في الغرب ملأوا الدنيا وشغلوا الناس بأفكارهم عن الغيرية والاختلاف، من أجل تقويض المجتمعات الغربية المتماسكة عرقياً وحضارياً، وبهدف السماح ،من ثمة، للأقليات اليهودية بالقيام بدور محوري، مؤثر وفعال داخل مجتمعات غربية مفككة ومتعددة الأعراق والأجناس .