Haneen
2014-07-14, 11:57 AM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي الجمعة 30/05/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
زيارة البابا الطيبة والبائسة والحزينة
بقلم: نيفا لنبر،عن هآرتس
نعود الى الحرم
بقلم: كارني الداد،عن معاريف
اطلق الرصاص على المتظاهرين
الجنود الذين يضمون إلى الجيش دون تدريب هم نقطة ضعفه
بقلم: عاموس هرئيل،عن هأرتس
ليس هذا هو وقت المخاطرة الأمنية
يجب أن يبني خبراء من خارج الجهاز الامني الاسرائيلي تصورا أمنيا عاما وتحديدا للميزانية الامنية
بقلم: غابي افيطال،عن اسرائيل اليوم
أوروبا ونحن
بقلم: آري شبيط،عن هآرتس
</tbody>
زيارة البابا الطيبة والبائسة والحزينة
بقلم: نيفا لنبر،عن هآرتس
إنقسمت زيارة البابا فرنسيس للارض المقدسة وعاصمتها «التي وُحدت الى أبد الآبدين»، كما قال الجميع معا، مثل كل عملية للجيش الاسرائيلي الى ثلاثة أقسام: الطيب والبائس والحزين. ولنبدأ بالجزء الطيب وهو الدّعة. وقد مر يومان بلا انتخابات رئاسية، أفليس ذلك حسنٌ؟ أولم يطب لكم إسكان محركات مجموعة آبا (الكين – بينيت – اريئيل) وسكوت عضو الكنيست أوريت ستروك لحظة واحدة؟ واذا أردنا تتبع الامور الصغيرة ايضا قلنا ألم تكن بشرى التواضع بحسب رؤية فرنسيس حسنة؟.
جهدت وسائل الاعلام وحفرت في بحث أمر جهده – مسكنه وعباءته غير الموشاة بخيوط الذهب، وخاتمه المموه بالفضة وسيارته القديمة («فهل كنت تقبل شراء هذه السيارة حتى من البابا؟»). لكن الشيء الاساسي كان ما لا يوجد للبابا، فلا توجد له طائرة (الفاتيكان رقم 1)، وفي الطائرة التي ليست له لا يوجد سرير للراحة والنوم في الليل، ولا يوجد حمام ايضا في الطائرة غير الموجودة. حسنٌ، ولا توجد له امرأة تُحفظ بالصوف الصخري، وهو ينزل درج الطائرة ويصعد فيه غير ممسك بيد الزوجة غير الموجودة، ولا حاجة ايضا لأن يُعد للزوجة غير الموجودة مسارا خاصا لزيارتها للقدس. لكن هذه قضية لاهوتية لا حل لها ستُبحث على حدة.
لكن من بين كل صور زهده استرعت الانتباه صورة سيره على البساط الاحمر الى الطائرة ممسكا بيد حقيبة جلد بالية تقريبا، إنحنت قامته لثقل وزنها. وهكذا ودعنا دون مساعد أو حمال أمتعة يعفيه من واجب حملها، وهو ما يؤدي بنا الى الجزء الثاني من رحلته وهو جزؤها البائس. وهو أن مسار الزيارة اشتمل على الحائط الغربي وجبل هرتسل و»يد واسم». حسنٌ أليس ذلك ضروريا؟ لكن ذلك جعله يحظى بطلعات عجيبة لدراسة اليهودية والتاريخ والارهاب.
تعلمون أن بنيامين نتنياهو لا يضيع فرصة. واذا كان براك اوباما قد حظي بأن علمه فصلا فهل يفلت البابا من ذلك؟ وهكذا حظي فرنسيس بدرس من المعلم نتنياهو في مسألة «هذا ما يُفعل بشخص يعطف على الفلسطينيين». ومن المؤسف جدا أن نتنياهو لم يكن وحده فقد خطب ثلاثة حاخامين في حضرة البابا – الحاخامان الرئيسان وحاخام حائط المبكى – ولم يضبطوا هم ايضا أنفسهم. أما أحد الثلاثة فلا يعرف العد ولغته غير فصيحة. ويبدو أن الثاني مقطوع عما يجري، وأما الثالث الذي اجتهد في تجنيد البابا لخدمة الدعاية الاسرائيلية سيُتذكر سخف حاله. ويحسن ألا نكرر كلامه بل أن ننبه فقط الى أن حاخاما واحدا أفضل من اثنين لاحداث إحراج.
وماذا ايضا؟ آه. السلام. إن قول فرنسيس إن «حل الدولتين يجب أن يصبح واقعا وألا يبقى حلما»، وصلاة السلام التي سيؤديها البابا والرئيس بيرس والرئيس عباس في الفاتيكان برهان آخر على أن مسيرة السلام تحتاج الى رحمة السماء. إن الصلاة في الفاتيكان ستكون في 6 حزيران بحسب أنباء أولية. ويا له من موعد! إنه يوم الـ «د داي» واليوم الاول من ايام حرب لبنان الاولى، وسيصبح منذ الآن يوم «صلاة السلام» وسيكون هدية وداع لشمعون بيرس لرئاسته.
يؤسفني لكن يبدو أنها ستكون صلاة دفن للسلام. لماذا؟ إن الجواب هو في سؤال البابا «كيف أيها الانسان؟». لا في سؤال من يريد السلام بل في سؤال من يصنع السلام. أهو نتنياهو؟ لكن الاخبار تقول إن «الحكومة بدأت تقدم سرا جزءً من توصيات لجنة ليفي وستجعل من الصعب على الفلسطينيين إبعاد المستوطنين عن ارضهم» («هآرتس» 27/5). فلماذا اذا بعد أن يعترف الفلسطينيون بأن اسرائيل دولة اليهود لا نطلب اليهم بأن يعترفوا بفلسطين اليهودية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
نعود الى الحرم
بقلم: كارني الداد،عن معاريف
شيء ما بدأ يثور في موضوع الحرم. شيء ما في القلوب يبدأ في التطلع اليه حقا، وليس فقط في الصلاة من الفم الى الخارج. ثمة من يريدون ان يستأنفوا فيه الصلاة، ثمة من يريدون سيادة كاملة اسرائيلية وليس اردنية، ثمة من يريدون ان تتوقف اهانة اليهود في المكان الاكثر قدسية لهم في العالم.
وتجد هذه الامنية تعبيرها بأشكال مختلفة: نواب يزورونه أكثر من الماضي، وكنتيجة لهذه الزيارات يقترحون اقتراحات على جدول الاعمال ومشاريع قوانين في شأنه. يهود يحجون الى الحرم اكثر من الماضي وأكثر من اولئك الذين يحجون بالفعل يوجد من يريدون ان يحجوا ويحجوا. مهندسون معماريون يخططون للهيكل، محلات ومصاعد اليه. حاخامون يسمحون بالسير والصلاة في الاماكن التي يخافوا السماح فيها حتى الان. توجد يقظة كبيرة حول الحرم وهي آخذة في التعاظم.
يوم الاحد عقدت في الكنيست ندوة بمشاركة نواب وشخصيات عامة في موضوع السيادة على الحرم. المنظمون، «دائرة البروفيسوريين للحصانة السياسية والاقتصادية» ونائب رئيس الكنيست النائب موشيه فايغلين، ذهلوا كم هي السرعة التي سجل فيها 400 شخص الذين يمكن أن تحويهم القاعة، وبضعة الوف ارادوا المشاركة.
وتناولت الخطابات – كل من زاوية نظره – مسألة السيادة في الحرم، واحدى المحاضرات عنيت بتقرير (سري) لمراقب الدولة عن الحفريات في الحرم.
ولم يسمح بالنشر سوى ملخص موجز، ولكن قبل بضعة اشهر نشرت في موقع اخباري يهودي في نيويورك وثيقة زعم فيها انها التقرير السري. أحد في مكتب المراقب لم يعترف بان هذا هو التقرير بالفعل، ولكنهم رفعوا طلبا عاجلا الى المستشار القانوني للحكومة كي يحقق في التسريب. وبالفعل، حسب مصادر أجنبية، يوجد لاسرائيل سلاح نووي، وحسب مصادر اجنبية (اخرى)، في التقرير كشف عن جملة حقائق مخجلة تدل كيف تنازلت دولة اسرائيل عن السيادة في الحرم في صالح الاردن، مصر والسلطة الفلسطينية، الاوقاف، الجناح الشمالي من الحركة الاسلامية، الجمعية العربية لنفي وجود الهيكل والجمعية الاسلامية لمنع الحمضيات. أو باختصار – لكل من اندفع باستثناء اليهود.
وكيف عبر عن نفسه التنازل عن السيادة، ولماذا فرضت حصانة على هذا التقرير الهام؟
حسب ما يفهم من الموقع، فان المستشار القانوني للحكومة يوسف حريف وجه في العام 1988 الشرطة، بلدية القدس وسلطة الاثار الى عدم فرض القانون في الحرم حين يصطدمون بخرقات للقانون بل تبليغه فقط وانتظار تعليماته. هكذا كان يمكن للمستشار القانوني أن يطمس تقارير عن خروقات للقانون والا يتخذ اي أعمال لانفاذه في المكان الذي يعرف بانه «برميل متفجر».
المستشار القانوني الذي جاء بعده، مزوز، اتخذ نهجا مشابها بل وأكثر تشددا. في عهده لم تصدر أي تعليمات للسلطات رغم توجهاتها العاجلة لان تتلقى كهذه، والغيت مداولات عاجلة تقررت لديه بل وامتنع عن ارشاد السلطات متى ينبغي لها أن تتوجه اليه ومتى يمكنها أن تعمل دون تشاور. اما رؤساء الوزراء الذين رفعت لهم استجوابات عن الحرم فقد امتنعوا بشكل عام عن اتخاذ القرارات او أنهم أحالوا المسؤولية الى الاوقاف.
ليس بعد اليوم. ندوات كهذه وغيرها، استجوابات متكررة من النواب، اضرابات عن الطعام بسبب الابعاد عن الحرم وبالاساس حجيج المواطنين «العاديين» – كل هذا يستدعي من الحكومة أن تفرض القانون الاسرائيلي في المكان الاكثر قدسية وأهمية لنا. وقريبا جدا ستضطر الحكومة الى اتخاذ اعمال تنفيذية وتغير الوضع لاول مرة منذ الايام الستة في صالح اليهود.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اطلق الرصاص على المتظاهرين
الجنود الذين يضمون إلى الجيش دون تدريب هم نقطة ضعفه
بقلم: عاموس هرئيل،عن هأرتس
إن الكشف عن حقيقة أن جنديا ليس مقاتلا في عمله، ضُم الى قوة حرس الحدود في بيتونيا، أطلق رصاصا مطاطيا وقت المظاهرة قبل اسبوعين – لا يساعد الآن ألبتة في حل السؤال الرئيس في التحقيق في الحادثة، وهو من الذي قتل الشابين الفلسطينيين وكيف حدث ذلك؟.
ما زال الجيش الاسرائيلي الآن ايضا يبحث في الظلام. ولا يعرف القائمون بالتحقيقات العملياتية ولا فريق الشرطة العسكرية السرية تفسير كيف قُتل الشابان. فجنود الجيش الاسرائيلي، ورجال الشرطة من حرس الحدود وقادة القوتين ينكرون أن تكون أُطلقت نار حية زمن الحادثة. وفي مقابل ذلك فان المسافة الكبيرة بين المتظاهرين ورجال الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود تنفي تماما تقريبا امكانية أن يكون الاثنان قُتلا برصاص مطاطي (قد يكون قاتلا عن مسافة 20 مترا في الاكثر فقط). ولا تسارع السلطة الفلسطينية برغم تصريحاتها الى المساعدة في الكشف عن الحقيقة. فبعد اسبوعين لم تنجح اجهزة الامن الفلسطينية الى الآن في أن تنقل الى الجيش الاسرائيلي الرصاص الذي تم اخراجه من جثتي الشابين في المستشفى في رام الله.
ومع ذلك كله فان اطلاق الرصاص المطاطي الذي عُلقت خدمة الجندي بسببه، يُعلم بضعة اشياء عن سلوك الجيش وقت المواجهات العنيفة مع المتظاهرين. عُلقت خدمة الجندي وبدأ تحقيق الشرطة العسكرية السرية في شأنه لأن اطلاق الرصاص المطاطي لم يكن جزءاً من مهماته وقت المظاهرة. وقد جرى عليه في الحقيقة اعداد مقاتل لكن كان عمله اتصاليا في أساسه (وقد حظرت المحكمة العسكرية أمس نشره بصورة دقيقة لسبب ما). وكان رجال الشرطة والجنود الآخرون الذين أطلقوا رصاصا مطاطيا وقت المظاهرة مخولين بفعل ذلك أما الجندي فلا. وتحول تعليق عمله الذي لو حدث في ظروف عادية لما أثار أي اهتمام، الى قصة اعلامية لأنه حدث على إثر حادثة وثقت عدسات تصوير حراسة وعدسات تصوير تلفاز جزءً كبيرا منها. ولو كان الحديث عن جنود قتلوا فلسطينيين غير مسلحين في وقائع لم يتم توثيقها، ومثل ذلك يجري في الضفة الغربية كل شهر تقريبا، فانه يُشك في أن القرار كان سيحظى بصدى ما في الصحف.
لكن الجندي ليس شاذا كثيرا. والحقيقة التي لا يكثرون الحديث عنها هي أن غير قليل من الجنود الذين يشاركون في فض المظاهرات ينظرون الى ذلك على أنه تجربة «فيلم حركة» – فثمة تجربة اطلاق النار (بوسائل غير قاتلة في الاكثر) في خضم الجلبة وارتفاع مستوى الادرينالين في الصدام. ومن المنطق أن نفرض أن الجندي بحث عن تجربة قوية، أو عن ملاذ من الملل وأن رجال شرطة حرس الحدود استجابوا لطلبه أن يُمكنوه من اطلاق رصاص مطاطي على المظاهرة. إن أكثر المواجهات بين الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود والمتظاهرين الفلسطينيين تحدث في السنوات الاخيرة في مواعيد واماكن حددها الطرفان قبل ذلك وهي التي يسميها الجيش «مراكز احتكاك». وبرغم أن اللقاء يتكرر في كل اسبوع احيانا، لا تكون سيطرة القادة على الجنود كاملة فانه يوجد دائما امكان أن يُخل جندي بتوجيهات اطلاق النار دون أن يعلم قادته بالضبط بما يفعله في المظاهرة.
ويزيد احتمال الضرر حينما يكون مُطلق النار جنديا ضُم الى القوة وليس جزءاً من وحدة عضوية. وفي الجيش الاسرائيلي مؤدو أدوار كثيرون كهؤلاء – سائقون وموجهو كلاب واستخباريون وغيرهم – يتجولون بين الوحدات وينضمون الى مهماتها بضع ساعات أو بضعة أيام. وهذا مجال يحتمل الشغب لأن الجندي ليس جزءً من سلسلة القيادة العادية. ولا يعرفه قائد العمليات على الارض قبل أن يتولى فريقه المهمة، أما قادته من الوحدة في الساق فليسوا في الميدان لمراقبته والتحقق من أنه يعمل في اطار التعليمات.
في مدة سنوات الانتفاضة الثانية حدثت عدة وقائع ورط فيها جنود مضمومون دُفعوا الى خط المواجهة، الوحدة التي ضُموا اليها إما باطلاق النار التي لا رقابة عليها على مدنيين وإما بأخطاء في العمليات (بل باطلاق النار خطأ على جنود آخرين). وهذه نقطة ضعف تستدعي الاخطاء تقريبا برغم أن الجندي من وحدة الاتصالات لا صلة له هو نفسه بقتل المتظاهرين كما بين التحقيق الى الآن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ليس هذا هو وقت المخاطرة الأمنية
يجب أن يبني خبراء من خارج الجهاز الامني الاسرائيلي تصورا أمنيا عاما وتحديدا للميزانية الامنية
بقلم: غابي افيطال،عن اسرائيل اليوم
في مثل هذا الاسبوع قبل 47 سنة تم اجراء عسكري كانت فيه مخاطرة من أكبر المخاطرات مما يمكن أن يخطر بالبال وقت التخطيط للخروج للحرب. فقد خرج أكثر من 200 طائرة للجيش الاسرائيلي في عملية لتحييد القدرة الجوية للجيوش العربية. وبقيت 12 طائرة فقط على الارض للدعم. وكانت نتائج عملية «موكيد» (مركز) مدهشة وبقيت سماء الدولة مدة ثلاث ساعات دون طائرات للعدو تقريبا. وقد تدربنا سنين طويلة استعدادا لهذه العملية. ورُبط طيارون ومخططون وفرق ارضية وموارد مالية بهذه المهمة التي أمكن بعد انتهائها الانتصار في الحرب في ستة أيام.
هل يمكن أن نجند هذا المثال الآسر لدعم مؤيدي تقليصات واسعة في ميزانية الأمن لأن وضعنا أفضل من وضع جيوش سوريا ومصر والاردن؟ أم يكون العكس بحيث يأتي قادة الجهاز الامني مُدعين أنه يصعب جدا الثبات لذلك: فهل تريدون نجاحا 100 بالمئة في حماية سماء البلاد، ومنع الحرب البرية؟ هاتوا اذا مالا ووسائل وناسا جيدين في الأساس. إن قادة جهاز الامن والجيش لا ينتظرون حسما للقرار بل استقر رأيهم على تعطيل تدريبات الطيران منذ الاسبوع القادم.
يجب ألا يُستخف بأية دعوى، بيد أن الفرق بين التوجهين ينبع من تصور عام أخذ يسيطر على أجزاء واسعة في البلاد. يقول وزير الخزينة العامة إنه يجب أن تكون ميزانية الدولة «ميزانية مدنية» لا «ميزانية أمنية». وبعبارة اخرى نقول إن الحوار الاجتماعي الذي يجري بكامل قوته ليس سوى إسم آخر لتصور اجتماعي اقتصادي واثق تماما بأن مصلحة المواطن ووجود جهاز أمن ضخم هما شيئان متناقضان.
كيف يتم مواجهة الدعاوى ثقيلة الوزن لجهاز الامن؟ ومن ذا يضمن أقل من 100 بالمئة من النجاح في مواجهة تهديد جوي أو ارضي أو نشاط ارهابي ويبقى في عمله؟ لأن دولة يوجد في برنامج عملها العام كلام لا نهاية له على الحاجة الى تقليص ميزاني واسع لصالح «دولة رفاه»، قد تجد نفسها غير مستعدة للحرب. فيجب أن يكون هذا الاستعداد دائما بالتدريب وشراء المعدات وفهم نوايا العدو في الأساس. وما لم تغرق أية دولة في العالم الدبابات في البحر أو تذيبها في تنانير فولاذ، وكذلك الطائرات وسائر وسائل الحرب، فانه لا توجد حكمة زائدة في تعجل اغلاق فرق عسكرية وأن نكون أول من يُضعف القوة الوطنية. ومع كل ذلك ينبغي أن نعاود الفحص جيدا عن ترتيب الافضليات في داخل جهاز الامن حقا. هل توجد حاجة عملياتية مثلا توجب تدريبات على معارك جوية كثيرة الحيل في حين لا يبدو هذا التهديد في الأفق، وفي حين كانت آخر معركة جوية قد وقعت فوق البقاع اللبناني قبل اكثر من ثلاثين سنة؟ وهل يجب على جهاز الامن أن يقرر وحده شراء طائرات حربية بكلفة تستعبد جزءاً كبيرا من الميزانية الامنية وتكون فائدتها مشكوكا فيها؟ وهذان مثالان فقط.
يجب أن يبني خبراء يأتي جزء منهم على الاقل من خارج جهاز الامن تصورا أمنيا عاما وطلبا للميزانية. من اولئك الذين يشيرون الى عيوب في التخطيط لميزانية سنوية ومتعددة السنوات، واولئك الذين يسألون لماذا تُشترى منظومة السلاح هذه أو تلك والذين يقولون بصراحة إنه لا حاجة الى الكثير جدا من الجهات الاستخبارية التي تفشل في احيان كثيرة في تقدير الوضع. ولا يمكن أن يكون وزير الخزينة العامة بين هؤلاء الخبراء بل يفترض أن يحصل على المال المطلوب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أوروبا ونحن
بقلم: آري شبيط،عن هآرتس
كان الاسبوع الاخير اسبوعا اوروبيا، فقد عادت زيارة البابا وانتخابات البرلمان الاوروبي وقتل يهود في عاصمة اوروبية هي بروكسل فأثارت اسئلة عميقة تتعلق بمنظومة العلاقات المعقدة بين اوروبا ودولة اسرائيل. فاوروبا برغم كل الاحترام لحليفتنا الكبرى امريكا، هي أقرب قارة إلينا. وإن نحوا من نصف الاسرائيليين هم من أبناء وبنات الناجين من الكارثة التي حدثت فيها. واوروبا برغم كل الاحترام لمالكي «تنوفا» الجدد هي الجهة الدولية غير البعيدة التي سيصعب علينا دون صلة وثيقة بها أن نبقى وتزهر حالنا في الشرق الاوسط.
تشغل اوروبا جزءً كبيرا من عالم مرجعيتنا السياسية والاقتصادية والقيمية والثقافية سواء كان ذلك خيرا أم شرا. والقصة الاوروبية الاسرائيلية هي قصة حب/ كراهية تحتاج الى اصلاح، سواء كان ذلك خيرا أم شرا.
إن الشر ظاهر معلوم، فقد كان اليهود مدة أكثر من ألف سنة هم «الآخر» الواضح عند اوروبا المسيحية، والضحية المطلقة لاوروبا الحديثة. وهكذا فان اوروبا المتحدة اليوم تتحمل مسؤولية تاريخية عما فعله اوروبيون كثيرون جدا بيهود كثيرين جدا في الماضي. من حقها أن تنتقدنا ومن الواجب عليها أن تندد بأفعال لنا معيبة، لكن يجب عليها دائما أن تتذكر السياق التاريخي الواسع. فكما تغض امريكا البيضاء نظرها حينما تنظر الى امريكا السوداء، يجب على اوروبا أن تحني رأسها حينما تنظر الى الشعب اليهودي والدولة اليهودية.
لكن الخير غلب الشر: فان المشروع الاوروبي الكبير بعد الكارثة كان يرمي الى مواجهة خطايا اوروبا واخفاقاتها. والاتحاد الاوروبي محاولة جريئة لاعطاء رد شامل على الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية واوشفيتس. والرسالة التي تقوم في أساسه هي عدم قبول القومية بعد، وعدم قبول العنصرية والعنف بعد. وهكذا فان جزءً كبيرا من التحفظ الاوروبي الحالي من اسرائيل لا ينبع فقط من مشاعر معادية لليهود بل من حقيقة أن الاوروبيين واليهود استنتجوا استنتاجات متناقضة من الكارثة. ففي حين عاد الشعب اليهودي الى التاريخ، والى السيادة والى القوة والى الوجود القومي، أصبح الاتحاد الاوروبي يحاول أن يتجاهل التاريخ وأن يعيد تعريف السيادة. وأن يُهذب القوة وأن ينشيء وجودا فوق قومي.
من السخرية الشديدة أن محاولة الاوروبيين أن يشفوا أنفسهم من امراض الماضي ومحاولة اليهود التغلب على ضعف الماضي جعلتا الطرفين يسيران في مسار صدام. فأصبح الذين أوقعوا الضحايا ينظرون الى من كانوا ضحاياهم نظرتهم الى مُسببي ضحايا جدد اسلوب سلوكهم قديم وغير مفهوم.
إن انتخابات البرلمان الاوروبي تغير الصورة دفعة واحدة فقد تبين فجأة أن اوروبا القديمة ما زالت تغلي تحت سطح اوروبا الجديدة. وتبين فجأة أنه تكفي ازمة اقتصادية وموجة هجرة لاعادة اوروبيين كثيرين الى كراهية الاجانب. وتخرج دول اوروبية كثيرة عن اتزانها حينما تتجه الى مواجهة تحديات أكثر تواضعا من التحديات التي تواجهها اسرائيل. وهي تنتخب قادة لا تقل قوميتهم عن قومية قادة القومية الاسرائيلية.
لا يوجد شر دون خير. فبعد صدمة هذا الاسبوع يجب على الاوروبيين والاسرائيليين أن يعودوا الى التحادث دون استعلاء أحدهما على الآخر. سيكون الماضي المؤلم موضوعا بيننا دائما لكن المحاولات المدهشة للتغلب عليه ستكون كذلك ايضا. ولهذا لا مكان لاستكبار مغترب من جهة ولا مكان لعقدة الاضطهاد من جهة اخرى. ولا تستطيع اوروبا أن تبيح لنفسها أن تدير ظهرها لدولة اليهود. ولا تستطيع دولة اليهود أن تبقى دون دعم اوروبا القريب. وحينما يُقدر الاسرائيليون صورة مواجهة الاوروبيين لماضيهم، ويفهم الاوروبيون صورة مواجهة الاسرائيليين لماضيهم، سيمكن آخر الامر بناء مستقبل اوروبي اسرائيلي مشترك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي الجمعة 30/05/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
زيارة البابا الطيبة والبائسة والحزينة
بقلم: نيفا لنبر،عن هآرتس
نعود الى الحرم
بقلم: كارني الداد،عن معاريف
اطلق الرصاص على المتظاهرين
الجنود الذين يضمون إلى الجيش دون تدريب هم نقطة ضعفه
بقلم: عاموس هرئيل،عن هأرتس
ليس هذا هو وقت المخاطرة الأمنية
يجب أن يبني خبراء من خارج الجهاز الامني الاسرائيلي تصورا أمنيا عاما وتحديدا للميزانية الامنية
بقلم: غابي افيطال،عن اسرائيل اليوم
أوروبا ونحن
بقلم: آري شبيط،عن هآرتس
</tbody>
زيارة البابا الطيبة والبائسة والحزينة
بقلم: نيفا لنبر،عن هآرتس
إنقسمت زيارة البابا فرنسيس للارض المقدسة وعاصمتها «التي وُحدت الى أبد الآبدين»، كما قال الجميع معا، مثل كل عملية للجيش الاسرائيلي الى ثلاثة أقسام: الطيب والبائس والحزين. ولنبدأ بالجزء الطيب وهو الدّعة. وقد مر يومان بلا انتخابات رئاسية، أفليس ذلك حسنٌ؟ أولم يطب لكم إسكان محركات مجموعة آبا (الكين – بينيت – اريئيل) وسكوت عضو الكنيست أوريت ستروك لحظة واحدة؟ واذا أردنا تتبع الامور الصغيرة ايضا قلنا ألم تكن بشرى التواضع بحسب رؤية فرنسيس حسنة؟.
جهدت وسائل الاعلام وحفرت في بحث أمر جهده – مسكنه وعباءته غير الموشاة بخيوط الذهب، وخاتمه المموه بالفضة وسيارته القديمة («فهل كنت تقبل شراء هذه السيارة حتى من البابا؟»). لكن الشيء الاساسي كان ما لا يوجد للبابا، فلا توجد له طائرة (الفاتيكان رقم 1)، وفي الطائرة التي ليست له لا يوجد سرير للراحة والنوم في الليل، ولا يوجد حمام ايضا في الطائرة غير الموجودة. حسنٌ، ولا توجد له امرأة تُحفظ بالصوف الصخري، وهو ينزل درج الطائرة ويصعد فيه غير ممسك بيد الزوجة غير الموجودة، ولا حاجة ايضا لأن يُعد للزوجة غير الموجودة مسارا خاصا لزيارتها للقدس. لكن هذه قضية لاهوتية لا حل لها ستُبحث على حدة.
لكن من بين كل صور زهده استرعت الانتباه صورة سيره على البساط الاحمر الى الطائرة ممسكا بيد حقيبة جلد بالية تقريبا، إنحنت قامته لثقل وزنها. وهكذا ودعنا دون مساعد أو حمال أمتعة يعفيه من واجب حملها، وهو ما يؤدي بنا الى الجزء الثاني من رحلته وهو جزؤها البائس. وهو أن مسار الزيارة اشتمل على الحائط الغربي وجبل هرتسل و»يد واسم». حسنٌ أليس ذلك ضروريا؟ لكن ذلك جعله يحظى بطلعات عجيبة لدراسة اليهودية والتاريخ والارهاب.
تعلمون أن بنيامين نتنياهو لا يضيع فرصة. واذا كان براك اوباما قد حظي بأن علمه فصلا فهل يفلت البابا من ذلك؟ وهكذا حظي فرنسيس بدرس من المعلم نتنياهو في مسألة «هذا ما يُفعل بشخص يعطف على الفلسطينيين». ومن المؤسف جدا أن نتنياهو لم يكن وحده فقد خطب ثلاثة حاخامين في حضرة البابا – الحاخامان الرئيسان وحاخام حائط المبكى – ولم يضبطوا هم ايضا أنفسهم. أما أحد الثلاثة فلا يعرف العد ولغته غير فصيحة. ويبدو أن الثاني مقطوع عما يجري، وأما الثالث الذي اجتهد في تجنيد البابا لخدمة الدعاية الاسرائيلية سيُتذكر سخف حاله. ويحسن ألا نكرر كلامه بل أن ننبه فقط الى أن حاخاما واحدا أفضل من اثنين لاحداث إحراج.
وماذا ايضا؟ آه. السلام. إن قول فرنسيس إن «حل الدولتين يجب أن يصبح واقعا وألا يبقى حلما»، وصلاة السلام التي سيؤديها البابا والرئيس بيرس والرئيس عباس في الفاتيكان برهان آخر على أن مسيرة السلام تحتاج الى رحمة السماء. إن الصلاة في الفاتيكان ستكون في 6 حزيران بحسب أنباء أولية. ويا له من موعد! إنه يوم الـ «د داي» واليوم الاول من ايام حرب لبنان الاولى، وسيصبح منذ الآن يوم «صلاة السلام» وسيكون هدية وداع لشمعون بيرس لرئاسته.
يؤسفني لكن يبدو أنها ستكون صلاة دفن للسلام. لماذا؟ إن الجواب هو في سؤال البابا «كيف أيها الانسان؟». لا في سؤال من يريد السلام بل في سؤال من يصنع السلام. أهو نتنياهو؟ لكن الاخبار تقول إن «الحكومة بدأت تقدم سرا جزءً من توصيات لجنة ليفي وستجعل من الصعب على الفلسطينيين إبعاد المستوطنين عن ارضهم» («هآرتس» 27/5). فلماذا اذا بعد أن يعترف الفلسطينيون بأن اسرائيل دولة اليهود لا نطلب اليهم بأن يعترفوا بفلسطين اليهودية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
نعود الى الحرم
بقلم: كارني الداد،عن معاريف
شيء ما بدأ يثور في موضوع الحرم. شيء ما في القلوب يبدأ في التطلع اليه حقا، وليس فقط في الصلاة من الفم الى الخارج. ثمة من يريدون ان يستأنفوا فيه الصلاة، ثمة من يريدون سيادة كاملة اسرائيلية وليس اردنية، ثمة من يريدون ان تتوقف اهانة اليهود في المكان الاكثر قدسية لهم في العالم.
وتجد هذه الامنية تعبيرها بأشكال مختلفة: نواب يزورونه أكثر من الماضي، وكنتيجة لهذه الزيارات يقترحون اقتراحات على جدول الاعمال ومشاريع قوانين في شأنه. يهود يحجون الى الحرم اكثر من الماضي وأكثر من اولئك الذين يحجون بالفعل يوجد من يريدون ان يحجوا ويحجوا. مهندسون معماريون يخططون للهيكل، محلات ومصاعد اليه. حاخامون يسمحون بالسير والصلاة في الاماكن التي يخافوا السماح فيها حتى الان. توجد يقظة كبيرة حول الحرم وهي آخذة في التعاظم.
يوم الاحد عقدت في الكنيست ندوة بمشاركة نواب وشخصيات عامة في موضوع السيادة على الحرم. المنظمون، «دائرة البروفيسوريين للحصانة السياسية والاقتصادية» ونائب رئيس الكنيست النائب موشيه فايغلين، ذهلوا كم هي السرعة التي سجل فيها 400 شخص الذين يمكن أن تحويهم القاعة، وبضعة الوف ارادوا المشاركة.
وتناولت الخطابات – كل من زاوية نظره – مسألة السيادة في الحرم، واحدى المحاضرات عنيت بتقرير (سري) لمراقب الدولة عن الحفريات في الحرم.
ولم يسمح بالنشر سوى ملخص موجز، ولكن قبل بضعة اشهر نشرت في موقع اخباري يهودي في نيويورك وثيقة زعم فيها انها التقرير السري. أحد في مكتب المراقب لم يعترف بان هذا هو التقرير بالفعل، ولكنهم رفعوا طلبا عاجلا الى المستشار القانوني للحكومة كي يحقق في التسريب. وبالفعل، حسب مصادر أجنبية، يوجد لاسرائيل سلاح نووي، وحسب مصادر اجنبية (اخرى)، في التقرير كشف عن جملة حقائق مخجلة تدل كيف تنازلت دولة اسرائيل عن السيادة في الحرم في صالح الاردن، مصر والسلطة الفلسطينية، الاوقاف، الجناح الشمالي من الحركة الاسلامية، الجمعية العربية لنفي وجود الهيكل والجمعية الاسلامية لمنع الحمضيات. أو باختصار – لكل من اندفع باستثناء اليهود.
وكيف عبر عن نفسه التنازل عن السيادة، ولماذا فرضت حصانة على هذا التقرير الهام؟
حسب ما يفهم من الموقع، فان المستشار القانوني للحكومة يوسف حريف وجه في العام 1988 الشرطة، بلدية القدس وسلطة الاثار الى عدم فرض القانون في الحرم حين يصطدمون بخرقات للقانون بل تبليغه فقط وانتظار تعليماته. هكذا كان يمكن للمستشار القانوني أن يطمس تقارير عن خروقات للقانون والا يتخذ اي أعمال لانفاذه في المكان الذي يعرف بانه «برميل متفجر».
المستشار القانوني الذي جاء بعده، مزوز، اتخذ نهجا مشابها بل وأكثر تشددا. في عهده لم تصدر أي تعليمات للسلطات رغم توجهاتها العاجلة لان تتلقى كهذه، والغيت مداولات عاجلة تقررت لديه بل وامتنع عن ارشاد السلطات متى ينبغي لها أن تتوجه اليه ومتى يمكنها أن تعمل دون تشاور. اما رؤساء الوزراء الذين رفعت لهم استجوابات عن الحرم فقد امتنعوا بشكل عام عن اتخاذ القرارات او أنهم أحالوا المسؤولية الى الاوقاف.
ليس بعد اليوم. ندوات كهذه وغيرها، استجوابات متكررة من النواب، اضرابات عن الطعام بسبب الابعاد عن الحرم وبالاساس حجيج المواطنين «العاديين» – كل هذا يستدعي من الحكومة أن تفرض القانون الاسرائيلي في المكان الاكثر قدسية وأهمية لنا. وقريبا جدا ستضطر الحكومة الى اتخاذ اعمال تنفيذية وتغير الوضع لاول مرة منذ الايام الستة في صالح اليهود.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
اطلق الرصاص على المتظاهرين
الجنود الذين يضمون إلى الجيش دون تدريب هم نقطة ضعفه
بقلم: عاموس هرئيل،عن هأرتس
إن الكشف عن حقيقة أن جنديا ليس مقاتلا في عمله، ضُم الى قوة حرس الحدود في بيتونيا، أطلق رصاصا مطاطيا وقت المظاهرة قبل اسبوعين – لا يساعد الآن ألبتة في حل السؤال الرئيس في التحقيق في الحادثة، وهو من الذي قتل الشابين الفلسطينيين وكيف حدث ذلك؟.
ما زال الجيش الاسرائيلي الآن ايضا يبحث في الظلام. ولا يعرف القائمون بالتحقيقات العملياتية ولا فريق الشرطة العسكرية السرية تفسير كيف قُتل الشابان. فجنود الجيش الاسرائيلي، ورجال الشرطة من حرس الحدود وقادة القوتين ينكرون أن تكون أُطلقت نار حية زمن الحادثة. وفي مقابل ذلك فان المسافة الكبيرة بين المتظاهرين ورجال الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود تنفي تماما تقريبا امكانية أن يكون الاثنان قُتلا برصاص مطاطي (قد يكون قاتلا عن مسافة 20 مترا في الاكثر فقط). ولا تسارع السلطة الفلسطينية برغم تصريحاتها الى المساعدة في الكشف عن الحقيقة. فبعد اسبوعين لم تنجح اجهزة الامن الفلسطينية الى الآن في أن تنقل الى الجيش الاسرائيلي الرصاص الذي تم اخراجه من جثتي الشابين في المستشفى في رام الله.
ومع ذلك كله فان اطلاق الرصاص المطاطي الذي عُلقت خدمة الجندي بسببه، يُعلم بضعة اشياء عن سلوك الجيش وقت المواجهات العنيفة مع المتظاهرين. عُلقت خدمة الجندي وبدأ تحقيق الشرطة العسكرية السرية في شأنه لأن اطلاق الرصاص المطاطي لم يكن جزءاً من مهماته وقت المظاهرة. وقد جرى عليه في الحقيقة اعداد مقاتل لكن كان عمله اتصاليا في أساسه (وقد حظرت المحكمة العسكرية أمس نشره بصورة دقيقة لسبب ما). وكان رجال الشرطة والجنود الآخرون الذين أطلقوا رصاصا مطاطيا وقت المظاهرة مخولين بفعل ذلك أما الجندي فلا. وتحول تعليق عمله الذي لو حدث في ظروف عادية لما أثار أي اهتمام، الى قصة اعلامية لأنه حدث على إثر حادثة وثقت عدسات تصوير حراسة وعدسات تصوير تلفاز جزءً كبيرا منها. ولو كان الحديث عن جنود قتلوا فلسطينيين غير مسلحين في وقائع لم يتم توثيقها، ومثل ذلك يجري في الضفة الغربية كل شهر تقريبا، فانه يُشك في أن القرار كان سيحظى بصدى ما في الصحف.
لكن الجندي ليس شاذا كثيرا. والحقيقة التي لا يكثرون الحديث عنها هي أن غير قليل من الجنود الذين يشاركون في فض المظاهرات ينظرون الى ذلك على أنه تجربة «فيلم حركة» – فثمة تجربة اطلاق النار (بوسائل غير قاتلة في الاكثر) في خضم الجلبة وارتفاع مستوى الادرينالين في الصدام. ومن المنطق أن نفرض أن الجندي بحث عن تجربة قوية، أو عن ملاذ من الملل وأن رجال شرطة حرس الحدود استجابوا لطلبه أن يُمكنوه من اطلاق رصاص مطاطي على المظاهرة. إن أكثر المواجهات بين الجيش الاسرائيلي وحرس الحدود والمتظاهرين الفلسطينيين تحدث في السنوات الاخيرة في مواعيد واماكن حددها الطرفان قبل ذلك وهي التي يسميها الجيش «مراكز احتكاك». وبرغم أن اللقاء يتكرر في كل اسبوع احيانا، لا تكون سيطرة القادة على الجنود كاملة فانه يوجد دائما امكان أن يُخل جندي بتوجيهات اطلاق النار دون أن يعلم قادته بالضبط بما يفعله في المظاهرة.
ويزيد احتمال الضرر حينما يكون مُطلق النار جنديا ضُم الى القوة وليس جزءاً من وحدة عضوية. وفي الجيش الاسرائيلي مؤدو أدوار كثيرون كهؤلاء – سائقون وموجهو كلاب واستخباريون وغيرهم – يتجولون بين الوحدات وينضمون الى مهماتها بضع ساعات أو بضعة أيام. وهذا مجال يحتمل الشغب لأن الجندي ليس جزءً من سلسلة القيادة العادية. ولا يعرفه قائد العمليات على الارض قبل أن يتولى فريقه المهمة، أما قادته من الوحدة في الساق فليسوا في الميدان لمراقبته والتحقق من أنه يعمل في اطار التعليمات.
في مدة سنوات الانتفاضة الثانية حدثت عدة وقائع ورط فيها جنود مضمومون دُفعوا الى خط المواجهة، الوحدة التي ضُموا اليها إما باطلاق النار التي لا رقابة عليها على مدنيين وإما بأخطاء في العمليات (بل باطلاق النار خطأ على جنود آخرين). وهذه نقطة ضعف تستدعي الاخطاء تقريبا برغم أن الجندي من وحدة الاتصالات لا صلة له هو نفسه بقتل المتظاهرين كما بين التحقيق الى الآن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ليس هذا هو وقت المخاطرة الأمنية
يجب أن يبني خبراء من خارج الجهاز الامني الاسرائيلي تصورا أمنيا عاما وتحديدا للميزانية الامنية
بقلم: غابي افيطال،عن اسرائيل اليوم
في مثل هذا الاسبوع قبل 47 سنة تم اجراء عسكري كانت فيه مخاطرة من أكبر المخاطرات مما يمكن أن يخطر بالبال وقت التخطيط للخروج للحرب. فقد خرج أكثر من 200 طائرة للجيش الاسرائيلي في عملية لتحييد القدرة الجوية للجيوش العربية. وبقيت 12 طائرة فقط على الارض للدعم. وكانت نتائج عملية «موكيد» (مركز) مدهشة وبقيت سماء الدولة مدة ثلاث ساعات دون طائرات للعدو تقريبا. وقد تدربنا سنين طويلة استعدادا لهذه العملية. ورُبط طيارون ومخططون وفرق ارضية وموارد مالية بهذه المهمة التي أمكن بعد انتهائها الانتصار في الحرب في ستة أيام.
هل يمكن أن نجند هذا المثال الآسر لدعم مؤيدي تقليصات واسعة في ميزانية الأمن لأن وضعنا أفضل من وضع جيوش سوريا ومصر والاردن؟ أم يكون العكس بحيث يأتي قادة الجهاز الامني مُدعين أنه يصعب جدا الثبات لذلك: فهل تريدون نجاحا 100 بالمئة في حماية سماء البلاد، ومنع الحرب البرية؟ هاتوا اذا مالا ووسائل وناسا جيدين في الأساس. إن قادة جهاز الامن والجيش لا ينتظرون حسما للقرار بل استقر رأيهم على تعطيل تدريبات الطيران منذ الاسبوع القادم.
يجب ألا يُستخف بأية دعوى، بيد أن الفرق بين التوجهين ينبع من تصور عام أخذ يسيطر على أجزاء واسعة في البلاد. يقول وزير الخزينة العامة إنه يجب أن تكون ميزانية الدولة «ميزانية مدنية» لا «ميزانية أمنية». وبعبارة اخرى نقول إن الحوار الاجتماعي الذي يجري بكامل قوته ليس سوى إسم آخر لتصور اجتماعي اقتصادي واثق تماما بأن مصلحة المواطن ووجود جهاز أمن ضخم هما شيئان متناقضان.
كيف يتم مواجهة الدعاوى ثقيلة الوزن لجهاز الامن؟ ومن ذا يضمن أقل من 100 بالمئة من النجاح في مواجهة تهديد جوي أو ارضي أو نشاط ارهابي ويبقى في عمله؟ لأن دولة يوجد في برنامج عملها العام كلام لا نهاية له على الحاجة الى تقليص ميزاني واسع لصالح «دولة رفاه»، قد تجد نفسها غير مستعدة للحرب. فيجب أن يكون هذا الاستعداد دائما بالتدريب وشراء المعدات وفهم نوايا العدو في الأساس. وما لم تغرق أية دولة في العالم الدبابات في البحر أو تذيبها في تنانير فولاذ، وكذلك الطائرات وسائر وسائل الحرب، فانه لا توجد حكمة زائدة في تعجل اغلاق فرق عسكرية وأن نكون أول من يُضعف القوة الوطنية. ومع كل ذلك ينبغي أن نعاود الفحص جيدا عن ترتيب الافضليات في داخل جهاز الامن حقا. هل توجد حاجة عملياتية مثلا توجب تدريبات على معارك جوية كثيرة الحيل في حين لا يبدو هذا التهديد في الأفق، وفي حين كانت آخر معركة جوية قد وقعت فوق البقاع اللبناني قبل اكثر من ثلاثين سنة؟ وهل يجب على جهاز الامن أن يقرر وحده شراء طائرات حربية بكلفة تستعبد جزءاً كبيرا من الميزانية الامنية وتكون فائدتها مشكوكا فيها؟ وهذان مثالان فقط.
يجب أن يبني خبراء يأتي جزء منهم على الاقل من خارج جهاز الامن تصورا أمنيا عاما وطلبا للميزانية. من اولئك الذين يشيرون الى عيوب في التخطيط لميزانية سنوية ومتعددة السنوات، واولئك الذين يسألون لماذا تُشترى منظومة السلاح هذه أو تلك والذين يقولون بصراحة إنه لا حاجة الى الكثير جدا من الجهات الاستخبارية التي تفشل في احيان كثيرة في تقدير الوضع. ولا يمكن أن يكون وزير الخزينة العامة بين هؤلاء الخبراء بل يفترض أن يحصل على المال المطلوب.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
أوروبا ونحن
بقلم: آري شبيط،عن هآرتس
كان الاسبوع الاخير اسبوعا اوروبيا، فقد عادت زيارة البابا وانتخابات البرلمان الاوروبي وقتل يهود في عاصمة اوروبية هي بروكسل فأثارت اسئلة عميقة تتعلق بمنظومة العلاقات المعقدة بين اوروبا ودولة اسرائيل. فاوروبا برغم كل الاحترام لحليفتنا الكبرى امريكا، هي أقرب قارة إلينا. وإن نحوا من نصف الاسرائيليين هم من أبناء وبنات الناجين من الكارثة التي حدثت فيها. واوروبا برغم كل الاحترام لمالكي «تنوفا» الجدد هي الجهة الدولية غير البعيدة التي سيصعب علينا دون صلة وثيقة بها أن نبقى وتزهر حالنا في الشرق الاوسط.
تشغل اوروبا جزءً كبيرا من عالم مرجعيتنا السياسية والاقتصادية والقيمية والثقافية سواء كان ذلك خيرا أم شرا. والقصة الاوروبية الاسرائيلية هي قصة حب/ كراهية تحتاج الى اصلاح، سواء كان ذلك خيرا أم شرا.
إن الشر ظاهر معلوم، فقد كان اليهود مدة أكثر من ألف سنة هم «الآخر» الواضح عند اوروبا المسيحية، والضحية المطلقة لاوروبا الحديثة. وهكذا فان اوروبا المتحدة اليوم تتحمل مسؤولية تاريخية عما فعله اوروبيون كثيرون جدا بيهود كثيرين جدا في الماضي. من حقها أن تنتقدنا ومن الواجب عليها أن تندد بأفعال لنا معيبة، لكن يجب عليها دائما أن تتذكر السياق التاريخي الواسع. فكما تغض امريكا البيضاء نظرها حينما تنظر الى امريكا السوداء، يجب على اوروبا أن تحني رأسها حينما تنظر الى الشعب اليهودي والدولة اليهودية.
لكن الخير غلب الشر: فان المشروع الاوروبي الكبير بعد الكارثة كان يرمي الى مواجهة خطايا اوروبا واخفاقاتها. والاتحاد الاوروبي محاولة جريئة لاعطاء رد شامل على الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية واوشفيتس. والرسالة التي تقوم في أساسه هي عدم قبول القومية بعد، وعدم قبول العنصرية والعنف بعد. وهكذا فان جزءً كبيرا من التحفظ الاوروبي الحالي من اسرائيل لا ينبع فقط من مشاعر معادية لليهود بل من حقيقة أن الاوروبيين واليهود استنتجوا استنتاجات متناقضة من الكارثة. ففي حين عاد الشعب اليهودي الى التاريخ، والى السيادة والى القوة والى الوجود القومي، أصبح الاتحاد الاوروبي يحاول أن يتجاهل التاريخ وأن يعيد تعريف السيادة. وأن يُهذب القوة وأن ينشيء وجودا فوق قومي.
من السخرية الشديدة أن محاولة الاوروبيين أن يشفوا أنفسهم من امراض الماضي ومحاولة اليهود التغلب على ضعف الماضي جعلتا الطرفين يسيران في مسار صدام. فأصبح الذين أوقعوا الضحايا ينظرون الى من كانوا ضحاياهم نظرتهم الى مُسببي ضحايا جدد اسلوب سلوكهم قديم وغير مفهوم.
إن انتخابات البرلمان الاوروبي تغير الصورة دفعة واحدة فقد تبين فجأة أن اوروبا القديمة ما زالت تغلي تحت سطح اوروبا الجديدة. وتبين فجأة أنه تكفي ازمة اقتصادية وموجة هجرة لاعادة اوروبيين كثيرين الى كراهية الاجانب. وتخرج دول اوروبية كثيرة عن اتزانها حينما تتجه الى مواجهة تحديات أكثر تواضعا من التحديات التي تواجهها اسرائيل. وهي تنتخب قادة لا تقل قوميتهم عن قومية قادة القومية الاسرائيلية.
لا يوجد شر دون خير. فبعد صدمة هذا الاسبوع يجب على الاوروبيين والاسرائيليين أن يعودوا الى التحادث دون استعلاء أحدهما على الآخر. سيكون الماضي المؤلم موضوعا بيننا دائما لكن المحاولات المدهشة للتغلب عليه ستكون كذلك ايضا. ولهذا لا مكان لاستكبار مغترب من جهة ولا مكان لعقدة الاضطهاد من جهة اخرى. ولا تستطيع اوروبا أن تبيح لنفسها أن تدير ظهرها لدولة اليهود. ولا تستطيع دولة اليهود أن تبقى دون دعم اوروبا القريب. وحينما يُقدر الاسرائيليون صورة مواجهة الاوروبيين لماضيهم، ويفهم الاوروبيون صورة مواجهة الاسرائيليين لماضيهم، سيمكن آخر الامر بناء مستقبل اوروبي اسرائيلي مشترك.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ