Haneen
2014-07-14, 12:10 PM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي الاثنيـــن 30/06/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
هل سنشهد معجزة تعيد المخطوفين إلى أهلهم سالمين؟
تجربة الماضي المتعلقة بأعمال خطف في الضفة الغربية لا تبشر بخير كلما طال الوقت
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
شرق أوسط جديد
بعد التهديد الشيعي من لبنان وايران على إسرائيل يأتي التهديد السني من سوريا والعراق
بقلم:أبيرام زينو،عن معاريف الاسبوع
الأسد أفضل لأوباما
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
</tbody>
هل سنشهد معجزة تعيد المخطوفين إلى أهلهم سالمين؟
تجربة الماضي المتعلقة بأعمال خطف في الضفة الغربية لا تبشر بخير كلما طال الوقت
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
بسبب قيود الرقابة توصف المنطقة المحصورة التي تنحصر فيها اعمال البحث كأنها «منطقة شمالي الخليل». وهذا الوصف صحيح لكنه لا يقول الكثير. فلا يعلم أحد «ماذا وأين» سوى مليون فلسطيني هم سكان محافظة الخليل.
حينما وصلتُ الى هناك في صباح يوم الثلاثاء كانت قوات كبيرة منتشرة في المنطقة وجاءت قوات اخرى في الحافلات. وكان الجو حارا. وتمدد جنود في ظلال اشجار التين يحاولون أن يتعرضوا لنسيم بارد من الغرب من قبل الخط الاخضر. ورأوا عن يمينهم أقاصي بيوت مدينة فلسطينية وهي ما يسميها أحد ضباط الجيش الاسرائيلي «توسيع البلدة». ثم بيوت اغنياء مع باحات حسنة أمامها، ومنحدرات صخرية ضخمة وراءها. ويُذكر أحد البيوت بوسائل حمايته بضيعة لرئيس عائلة جريمة مسلح محمي من كل عدو.
ورأوا عن يسارهم قرية فلسطينية كبرت وهي تلامس المدينة الآن. ويوجد بين البلدتين وادٍ ينحدر شمالا وغربا ويتسع في خلال ذلك ويُفتح لمباني سكنية بجوارها بساتين صغيرة ومناطق صخرية. والمنطقة مُنمرة بعشرات آبار الماء، وهي حفريات مشيدة بالاسمنت يبلغ عمقها على نحو عام من خمسة أمتار الى عشرة. وعلى فم البئر غطاء من الحديد يُفتح بصورتين – فتحة ضيقة لانزال حبل ودلو وفتحة واسعة تُمكن شخصا بالغا من النزول الى أسفل. وبرغم أن الشتاء هذا العام كان قليل المطر ما زال يوجد ماء في الآبار. وفي الاحواض الاسمنتية الصغيرة التي تبنى قرب فم البئر ماء على نحو عام. ويُعلم الجنود بعلامة «في» كبيرة سوداء كل بئر فُحصت ثم ينتقلون الى البئر التالية.
وتجري الحياة حولهم كالعادة؛ كالعادة في ظاهر الامر. وفي الطرق الضيقة المعوجة واكثرها طرق ترابية تسافر سيارات فلسطينية في خضم تضييق الجيش الاسرائيلي. والحوانيت مفتوحة للتجارة. ولا يوجد عمل حقيقي لقوات الحراسة التي وضعت في المكان. والذي اعتقل اعتقل والذي لم يعتقل يقلل من ظهوره، فليس هذا هو الزمان والمكان لمواجهة الجيش الاسرائيلي.
في ساحة صغيرة في وسط منطقة البحث نصبت خيمة قيادة. وجاء قائد منطقة الوسط نتسان الون الى هناك وكذلك قائد فرقة يهودا والسامر تمير يادلين ورئيس «الشباك» يورام كوهين. وقد أُتم رسم خريطة مفصلة للمنطقة لكن لا توجد بشائر. والوقت الذي مر منذ كانت ليلة الاختطاف يجعل التقدير المتفائل صعبا وكذلك ذكرى الاختطافات الماضية: اذا نحينا جانبا للحظة قضية جلعاد شليط الذي أُسر واحتجز سرا في قطاع غزة، فان كل حالات الخطف في الماضي قد انتهت الى قتل ومنها الحالة الاخيرة للجندي تومر حزان في كانون الثاني من هذا العام. في حالة واحدة فقط هي حالة نحشون فاكسمان احتجز الخاطفون المخطوف حيا. وحينما أدركوا أنهم عثروا على مكانهم سارعوا الى قتل ضحيتهم.
كانت توقعات الشارع الاسرائيلي حلا سريعا للغز إن لم توجد معجزة تعيد الفتيان أصحاء سالمين الى عائلاتهم، فليكن على الأقل ايجاد الخاطفين أو سجنهم أو القضاء عليهم. ولم يحدث هذا للاسف الشديد حتى كتابة هذه السطور. وفي هذا الشأن ايضا لا يشجع الماضي على تقدير متفائل، فقد مرت سنوات الى أن أغلقت ملفات خطف الجنديين ايلان سعدون وآفي ساسبورتس. واستمر البحث عن الجندي شارون أدري سبعة اشهر. صحيح أن الجيش الاسرائيلي مطلق الحرية أو هو كذلك تقريبا في كل مكان في الضفة؛ وصحيح أن له سيطرة استخبارية ومساعدة فاعلة من اجهزة السلطة ايضا في هذه الحال، لكن لا يوجد الى الآن شق طريق وخيبة الأمل كبيرة.
يبذل الجيش الاسرائيلي و»الشباك» في اعمال البحث كل ما يملكون فهناك ثلاثة ألوية مشاة والكثير من الوحدات الخاصة ومعدات مُحكمة ومعدات هندسية وكلاب مدربة وبنية تحتية استخبارية. وتبذل وحدة الشرطة الخاصة وحرس الحدود، ويبذل جهاز الاطفاء خبرته بالعثور على مفقودين. وللقادة يد حرة في استعمال القوة البشرية فلا أحد يضغط عليهم الى الآن لاجلاء القوات.
لكن كلما مر الوقت دون بشرى حقيقية زاد الخوف من السير في المكان نفسه. وسيعلن الجنود الذين هبوا لتأدية المهمة بحماسة، بعد قليل في الواتس آب بأنهم ضاقوا ذرعا وبأنهم يضيعون الوقت عبثا تحت الشمس الحارقة. وقد كاد لواء المظليين النظامي الذي حصر عنايته في عمليات على البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية لحماس في الخليل، كاد يستنفد المهمة تماما. وقد فُرض على مقاتلي اللواء في خلال الاسبوع أن يشاركوا في اعمال تمشيط في مدينة الخليل. إن رمضان على الابواب ولذلك معنى عظيم. وقد بذل اللواء يوآف (بولي) مردخاي، منسق العمليات في المناطق أمس مقابلة صحفية لصحيفة «القدس» بين فيها للسكان الفلسطينيين أن التسهيلات التي بذلت في السنوات الاخيرة بسبب رمضان لن تُبذل هذه السنة أو لن تُبذل بنفس القدر بيقين. إن كل من يشغل نفسه بالمناطق يعلم أن أهم كلمة يتوقع الفلسطيني سماعها من ضابط اسرائيلي ليست هي «مرحبا» بل «تسهيلات». والخطف يلقي بظله على «التسهيلات».
في سنوات خلت سُمح لعدد يبلغ ربع مليون مصلي بدخول المسجد الاقصى كل يوم جمعة، ولنحو من 100 ألف في الايام العادية؛ وفتحت المعابر الى اسرائيل وسافر عشرات الآلاف الى البحر. وسؤال كيف ستكون السياسة هذا العام مُلح ولا سيما بالنسبة لمحافظة الخليل. إن عشرين ألف فلسطيني يملكون تصاريح عمل في اسرائيل لا يستطيعون الخروج للعمل؛ ولا يستطيعون الخروج عن طريق جسر اللنبي الى الخارج؛ ورمضان يجعل القيود عبئا ثقيلا، والعبء يستدعي الغليان والارهاب.
في كل يوم تجري مباحثات محمومة في مستويات مختلفة. وقد اتخذت أمس قرارات اولى وستوجد قيود لم تكن في سنوات خلت على دخول فلسطينيين في أعمار مخصوصة الى جبل الهيكل؛ وستفرض على محافظة الخليل قيود اخرى لكن قوات الجيش الاسرائيلي ستبذل جهدا كي لا تمس بوجبات الافطار كل ليلة. وستتخذ القرارات المتعلقة بدخول اسرائيل قبيل عيد الفطر.
يركبون سيارات عارضة
يمتد الشارع 35 من الشرق الى الغرب، من حلحول الى ترقوميا ومن هناك الى اسرائيل. وعند مدخل الشارع في ظاهر حلحول يحاول فتيان أن يجدا سيارة عارضة. أحدهما طويل الشعر يعتمر قبعة دينية منسوجة. والثاني وهو أقصر قامة حلق رأسه كحلقة لاعب كرة القدم البرازيلي نيمار. إن الحصول على سيارة عارضة هو الرياضة المحبوبة الى الفتيان في المنطقة، وهناك من يعرضونها على أنها ضرورة لا عيب فيها؛ وهناك من يرفعونها الى درجة ايديولوجية. وفي الظروف التي نشأت كان في وقوفهم شيء ما متحدٍ ومتحرش، فهم يشبهون من يصر على ركوب مزلجة أمام مضخات ربينغ بعد يوم من مقتل أب وابنته هناك.
وقفت سيارة شرطة على مسافة 40 مترا منهما. ولم يظهر رجال الشرطة اهتماما. وتقدمت منهما وسألتهما كم تبلغان من العمر. فتولى الفتى الطويل الشعر دور المتحدث وقال: «16». وسألتهما: من أين؟ فقال «أنا من بني – درون، وهو من بئر السبع. جئنا لزيارة صديق ونحن الآن مسافران الى البحر». ألم تسمعا بالاختطاف؟ سألت. «بلى»، أجاب في عدم اهتمام «قالوا لنا إنه يوجد طوق امني هنا».
كان الفتى من بئر السبع يلبس حذاء إصبع فسألته: هل تعتقد أنك تستطيع الجري عند الحاجة بهذا الحذاء؟ فاختار أن يبقى ساكتا.
هل يُهدم أم لا يُهدم
أُرسل زياد عوض رجل حماس الى السجن بعد أن أُدين بقتل عميل لاسرائيل وأُفرج عنه بعد 11 سنة سجن في صفقة شليط. وفي 14 نيسان من هذا العام كمن لسيارة اسرائيلية في الشارع 35. وقتل باطلاق ناره المقدم باروخ مزراحي. وفي 7 أيار اعتقل عوض وابنه عز الدين الذي جعل أباه يفر من ميدان الحادثة.
نشر اعلان حل لغز قضية القتل هذا الاسبوع فقط. وقد نبع التأخير رسميا من تقديرات قضائية، فقد اعترف الابن أولا لكن الوالد رفض. وانتظروا الى أن يتم تقديم لائحة الاتهام، وقد كان للتأخير سبب آخر سياسي لأن حقيقة أن عاد مفرج عنه في صفقة شليط الى القتل قد أحرجت رئيس الوزراء.
إن نشر الخبر هذا الاسبوع له صلة بخطف الفتيان. وقد كان «الشباك» يطلب منذ زمن تجديد اجراء هدم بيوت المخربين. «فالشباك» يزعم أن هدم البيت عامل رادع؛ وكان الآباء الذين يخشون هدم بيوتهم يُدلون بمعلومات عن نوايا أبنائهم المشاركة في عمليات ارهاب. وتختلف الآراء في الجيش الاسرائيلي في جدوى هذه الخطوة. وعارضوا في النيابة العامة لأن هدم البيوت يخالف القانون الدولي ولا يقبله قضاة المحكمة العليا، وصوره التي تلتقط له قاسية ايضا مع بكاء النساء والاولاد وخيمة الصليب الاحمر البائسة فوق الانقاض. ولم تُدمر بيوت منذ 2005.
وكان مؤيدو هدم البيوت ينتظرون فرصة. لم يقنع قتل تومر حزان المستشار القانوني للحكومة بتغيير الموقف، فقد كانت الخلفية قومية لكن الظروف كانت مريبة. وآنئذ نشأ تأليف أقنع فينشتاين وهو قتل المقدم مزراحي وخطف الفتيان.
إن دولة اسرائيل هي دولة قانون، وحينما يريدون هدم بيت قاتل يجب أن ينشر اسمه وافعاله، وهكذا بدأ الجدل في صفقة شليط مجددا.
اشتغل رئيسا وزراء بمصير جلعاد شليط هما اولمرت ونتنياهو، وقد تمت في مكتبهما عشرات المباحثات في الصفقات التي اقترحت. وتمت جميعا في ظل الاخفاق الكبير، اخفاق الاذرع الامنية، في العثور على مكان أسره.
على حسب كل ما كان نتنياهو يدعو اليه مدة حياته المهنية منذ 1976، كان يفترض أن يرفض الصفقة رفضا باتا، ووجد في مكتبه اشخاص توقعوا أن يفعل ذلك. وبرغم ذلك قبل إملاء حماس آخر الامر.
اعتقد زميلي شمعون شيفر أنه اخطأ واعتقدت أنا أنه كان على حق، بسبب الوقت. وكتبت أن على الدولة مسؤولية عن حياة جنودها. واذا لم تجد في مدة خمس سنوات ونصف حلا يُخلص شليط من الأسر فيجب أن تقبل الحل الوحيد الموجود وهو حل لعين وخطير لكن لا مناص منه.
تحدثت الى نتنياهو في الفترة بين القرار وبين الافراج الفعلي. وسألته كيف ينوي استقبال شليط. وقال إنه لا ينوي ألبتة أن يحتفل لأن الحديث عن قرار قاس يشمل الافراج عن قتلة وقتلة كبار كثيرين جدا. سيدعو الأب وابنه صبيحة الاطلاق عنه الى مكتبه ويهنئهما ويصغي اليهما وبذلك ينتهي الامر.
وغير رأيه في أقل من 24 ساعة، فقد تحول الهبوط في تل نوف الى مراسم لا يوجد احتفال أكبر منها والى مهرجان. وأُبعد مصورو وحدة الجيش الاسرائيلي ليخلوا المكان لمصوري مكتب الصحافة الحكومي. كان يمكن أن نعتقد بحسب عناق نتنياهو للجندي العائد أنه خُلص بعملية سرية لدورية هيئة القيادة العامة.
بعد ذلك قال نتنياهو إن زوجته هي التي غيرت رأيه. ربما. ولم يقل من الذي أقنعه بأن يروج للصفقة كما روج لها. لم يتحدث إلينا آنذاك نتنياهو الزعيم بل نتنياهو الخبير بالتسويق. فقد كان يملك شيئا بخسا روج له على أنه شيء نفيس.
وهكذا أضيعت فرصة اجراء حوار حقيقي مع الاسرائيليين. وهكذا تضاع الفرصة مرة اخرى الآن. حينما عرض نتنياهو على الوزراء أمر اعتقال عوض نسي أن يقول متى ولماذا أُفرج عنه (ونقول بالمناسبة إن عوض لم يعتبر في اوراق الاذرع الامنية سجينا ثقيلا بل كان قاتلا صغيرا لعملاء.)
عرف تشرتشل معبود رئيس وزرائنا كيف يجري حوارا مع شعبه في أشد ايام الحرب العالمية قسوة. أما نتنياهو فيرسل بأوراق دعاية الى الفيس بوك.
باب مغلق
إن روبرت سري ابن الرابعة والستين، دبلوماسي هولندي، وهو منسق اعمال الامم المتحدة من اجل مسيرة السلام في الشرق الاوسط. ولم توجد مسيرة سلام في أكثر مدة ولايته التي بلغت سبع سنوات، لكن احتيج الى تنسيق. وإن شريك سري الرئيس في اسرائيل هو مكتب منسق العمليات في المناطق.
في يوم الاحد نشرت القناة 2 نبأ قال إن وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ينوي اعلان أن سري شخص غير مرغوب فيه وأن يطرده من البلاد. وكان الادعاء أن سري وظف نفسه لخدمة حماس، فقد توجه الى السلطة الفلسطينية والى اسرائيل وحاول اقناعهما بتمكين قطر من أن تنقل الى قطاع غزة المساعدة التي تمنحها لحماس وهي 20 مليون دولار كل شهر.
اذا كان ليبرمان قصد أن يطرد سري من البلاد فقد تراجع عن ذلك، فهو يكتفي الآن باغلاق ابواب وزارة الخارجية ومجلس الامن القومي في وجه مبعوث الامم المتحدة. لكن انتقاده لسري ما زال على حاله. وبرغم أن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أصدر اعلان دعم لا لبس فيه لسري، أشار أحد كبار مسؤولي الامم المتحدة في نيويورك الى الاسرائيليين بأنهم ليسوا سعداء بالرجل هناك ايضا وسينهي مدة ولايته في كانون الاول.
فيما يتعلق باغلاق الابواب فان الحال في اسرائيل كالحال فيها. إن وزير الدفاع بوغي يعلون الذي هو رب عمل منسق العمليات في المناطق لا يتابع وزير الخارجية الى الآن. وقد قال لي أمس مستشاره الاعلامي في جواب عن اسئلتي إنه لا يوجد «توجيه لقطع الاتصال مع روبرت سري. والتعامل معه موضوعي». وبعبارة اخرى نقول إن مبعوث الامم المتحدة سيصبح منذ الآن غير مرغوب فيه في مكان لا يمضي اليه وسيصبح مرغوبا فيه في مكان يعمل معه. وهذا ترتيب يمكن معايشته.
حاولت أن أستوضح مع كل الجهات ذات الشأن عما حدث في الحقيقة بين سري واسرائيل. يبدو أن الحقائق غير مختلف فيها. إن حماس لم تدفع منذ اشهر رواتب الى 40 ألفا من عامليها في غزة. وبينهم مُطلقو صواريخ ومخربون لكن فيهم ايضا معلمون واطباء. في الماضي في مدة حكم مرسي كانت قطر تنقل المال عن طريق مصر لكن الفريق السيسي عزل مرسي وأصبح يرى حماس عدوا فأغلق أنبوب المال.
زار سري قطر هذا الشهر وطلب اليه القطريون أن يساعدهم على تحويل المال فتوجه سري الى أبو مازن واقترح أن تكون السلطة الفلسطينية هي القناة. وتعليل ذلك أنه منذ اللحظة التي تقرر فيها انشاء حكومة وحدة فلا مانع من أن تنقل السلطة المال الى عمال حماس. ورفض أبو مازن وقال إنه مستعد لانشاء لجنة تفحص عن كل رجل من حماس هل يستحق الحصول على راتب أم لا.
ونقول بعبارة اخرى إن أبو مازن يعرف جيدا من هم أعداؤه. وهو قوي من جهة سياسية كما لم يكن منذ سنين، فلن يهب الآن لانقاذ حماس.
وتوجه سري الى منسق العمليات في المناطق اللواء مردخاي واقترح أن تُمكن اسرائيل قطر من تحويل المال فكان الجواب قاطعا لا لبس فيه: لا.
وعمل سري علنا لا خفية وكانت تعليلاته انسانية. ويزعم اشخاص في الامم المتحدة أنه لو أعطي الفرصة لاقترح طرقا لمنع تحويل المال الى جهات ارهابية لكنه لم يُعط فرصة.
لا يمكن أن نقول إن اجراءه كان حكيما لأن مبعوث الامم المتحدة لا يفترض أن يعمل من اجل منظمة ارهاب حتى لو كان اطباء يعملون في خدمتها، ولا سيما في فترة تقوم فيها اسرائيل بهجوم واسع على حماس ويريد فيها أبو مازن أن يضعف حماس ويشلها بطريقته. ومن جهة اخرى أصيب ليبرمان برد زائد على الحاجة لأنه لم أُبعد كل دبلوماسي يقترح اقتراحات باطلة لخلت كل السفارات من العاملين فيها.
طعام ورؤيا
ولد قانون تغذية السجناء المضربين عن الطعام قسرا ومات على نحو سخيف. في ايرلندة أضرب سجناء سياسيون حتى الموت. أما في اسرائيل فالاضراب عن الطعام مختلف، فالسجناء يبلعون ما يكفي من الادوية والسوائل كي لا يعرضوا حياتهم للخطر. وفي الحالات الطارئة يمكن جمع لجنة اخلاقية توافق على تغذية المريض بالقوة. وينظم القانون الموجود، وهو قانون حقوق المريض، ذلك الاجراء.
كان الاضراب الاخير للمعتقلين الاداريين محكوما عليه بالفشل لا بسببهم بل بسبب خطف الفتيان وبسبب العاب كأس العالم. وحينما تبين لهم أن الرأي العام لا يتأثر باضرابهم لا في الضفة ولا في العالم بحثوا عن سلم ينزلون عليه. ومن الجيد أن وزير الامن الداخلي أعطاهم السلم.
برغم ذلك كانت الكنيست توشك أن تُجيز القانون باجراء سريع يجلب شيئا من العار على الدولة وكأنه لا يكفي ما يوجد الآن. وأقنعت عضو الكنيست يفعات كريف من حزب يوجد مستقبل زعيمها للذهاب الى نتنياهو وتأجيل الاقتراع. والمصالحة التي تم احرازها تجعل قانونا لا حاجة اليه قانونا عقيما لمصلحة الجميع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
شرق أوسط جديد
بعد التهديد الشيعي من لبنان وايران على إسرائيل يأتي التهديد السني من سوريا والعراق
بقلم:أبيرام زينو،عن معاريف الاسبوع
لم يفاجيء اعتقال 15 نشيطا من داعش في شمال سيناء أول أمس جهاز الامن الذي يتابع بقلق نشاط المنظمة في المنطقة. فالتغييرات في العالم العربي كفيلة بان تغير تماما خريطة التهديدات على اسرائيل. ثمة محوران مركزيان: الشيعي بما في ذلك ايران وحكومة الدمى في العراق، سوريا وحزب الله. السني بما في ذلك داعش، القاعدة، السعودية وامارات الخليج ومصر. في هذان المحوران يوجد متطرفون وخطرون، ويوجد معتدلون. سوريا هي الحالة التمثيلية الصغرى للصراعات الخالدة في العالم العربي. فالثورة في سوريا، مثلما في الدول العربية الاخرى، بدأت من داخل الشعب، من المطالبة بالحقوق، ولا سيما الاقتصادية والرفاه.
«في الوقت الذي اعتقد فيه العالم بان الليبراليين يقودون الثورات في العالم العربي، يتبين أنهم مجرد استلقوا على الجدار ليركب آخرون عليهم للاستيلاء على مواقع القوة»، قال لي مسؤول كبير في جهاز الامن. «هكذا يحصل في سوريا وفي العراق. منظمة داعش تستولي على مكانها في هاتين الدولتين مع هدف معلن: من حلب وحتى النقب».
داعش هي الاحرف الاولى للدولة الاسلامية في العراق والشام. والشام هي الارض التي تقع فيها سوريا، لبنان، الاردن وشرق نهر الاردن، اسرائيل واجزاء اخرى في المنطقة (او ما يسمى «الهلال الخصيب»). والهدف واضح: اقامة خلافة اسلامية في المنطقة.
انشق رجال داعش عن القاعدة بعد تصفية بن لادن بسبب خلافات رأي بين قادة المنظمة. ابو مصعب الزرقاوي كان هو الذي اقامها، حتى صفي في 2006. ومنذئذ تبدل عدد من قادة المنظمة الذين صفاهم الامريكيون، واليوم يترأسها ابو بكر البغدادي. وهو يعتبر في الولايات المتحدة «الرجل الاخطر في العالم». وتحت إمرته انضمت المنظمة للقتال في سوريا، الى جانب منظمات متطرفة اخرى. واتهم الاسد غير مرة الثوار بانهم «متطرفون اسلاميون». في نظر رجال داعش يعتبر الاسد العلوي كافرا.
ان تعزز داعش والمنظمات المتطرفة، الشيعية والسنية، سيغير خريطة التهديدات. في سوريا يستقبل الثوار المنظمات المتطرفة بمشاعر مختلطة: الفرح بالمساعدة في القتال ضد الاسد والخوف من اليوم التالي أيضا. فمواطنو سوريا لا يريدون دولة اسلامية متطرفة. وفي الوقت الذي تعمل فيه التغييرات في الشمال وفي الشرق في غير صالح اسرائيل، فان التغييرات في مصر ما بعد الاخوان المسلمين تبشر بالعودة الى عهد مبارك. وقد استخدم الكاتب المصري نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة سابقة له مثال الحاخام والعنزة. حكاية اليهودي الذي ذهب الى الحاخام وبكى له مصيره. واعطاه له الحاخام عنزة تسكن مع عائلته. وبعد اسبوعين عاد اليهودي واشتكى بان الحال أصبح اصعب علي. فأخذ منه الحاخام العنزة وسأله بعد يومين عن حاله فقال له اليهودي ان الحال الان افضل بكثير.
والعنزة هي الاخوان المسلمون، والشعب المصري هو اليهودي المشتكي. فالسيسي يمثل الحياة في زمن مبارك، وبعد التجربة المريرة مع الاخوان المسلمين، يفهم المصريون كم كان افضل لهم العيش مع مبارك. لاسرائيل هذا جيد. لو كان الاخوان المسلمون بقوا في الحكم، لما كان ممكن أن نعرف كيف سينتهي هذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الأسد أفضل لأوباما
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
أوضح الرئيس الامريكي براك اوباما في مقابلة مع شبكة «سي.بي.إس» خلاصة غياب سياسة له في سوريا: «فكرة أن بوسع المعارضة أن تسقط ليس فقط نظام الاسد بل أن تقاتل ضد الجهاديين المتوحشين والمدربين جيدا، فقط لو بعثنا لها ببعض السلاح، هي فكرة مغرقة في الخيال». وعلى ما يبدو أن اوباما محق – فارسال «بعض السلاح» لـ «المعارضة المعتدلة» ما كان ليجدي نفعا، ولكن هذا لم يكن طلب المعارضة.
في هذه الاثناء تدور حرب اقليمية، ليست حربا تخوفت منها الادارة ولكن لعلها ضروس بقدر لا يقل. العراق، وليس سوريا، يعتبر التهديد الاستراتيجي بسبب الاحتلال السريع للمناطق السنية غربي الدولة من قوات مشتركة للقبائل السنية ونشطاء داعش.
لقد طلبت المعارضة في سوريا سلاحا نوعيا، صواريخ مضادة للدبابات ومضادة للطائرات. وقد طلبت قبل سنتين ونصف تدخلا عسكريا أو على الاقل اقامة مناطق حظر طيران حماية للاجئين وللمناطق التي احتلتها. وطلبت من اوباما فقط أن ينفذ تهديده في الهجوم على النظام اذا تبين أن الاسد يستخدم سلاحا كيميائيا.
ولكن هذه المطالب تزحلقت على زجاج مبنى الامم المتحدة حيث سيطرت بيد عليا روسيا والصين، واصطدمت بجدران البيت الابيض حيث ثار خلاف شديد بين وزارة الخارجية التي أيدت التدخل العسكري والبنتاغون الذي عارضه. بين من كان قلقا من الحرب الاقليمية، التي من شأن ايران أن تكون شريكا فيها، وبين من رأى أمام ناظريه قتل الشعب الفظيع الذي حصد حتى الآن حياة أكثر من 160 ألف شخصا ونثر الى مهب الريح بأكثر من 3 ملايين لاجيء ونازح.
واذا كانت الولايات المتحدة انشغلت قبل بضعة اسابيع في أن تختار من أصل نحو دزينتين من المليشيات في سوريا، «المنظمات المعتدلة»، التي يمكن أن تعقد معها الصفقات، فلا معنى الآن لهذه الصفقات. فالاختيار آخذ في التقلص.
في الحالة السورية هذا اختيار بين تأييد جارف للاسد واللامبالاة. في الحالة العراقية، الاختيار هو بين ضغط عديم الجدوى على نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية، كي يشكل حكومة وحدة تمنح السنة نصيبا مناسبا في الحكم، والتصريحات العليلة ضد داعش. هجوم أول أمس من سلاح الجو السوري في العراق وقتل 57 مواطنا، يوضح جيدا الى أين يتجه الاسد. فهو يرغب في أن يثبت للغرب، وبالاساس للولايات المتحدة، بأنه هو الزعيم الوحيد الذي يستطيع العمل ضد المتطرفين. ومقابل الغرب، فانه ليس مقيدا بقيود سياسية حيث أن ايران والعراق يتطلعان الى سحق داعش، ومقابل الاسد فهما لا يرغبان في أن يعلقا أو يثيرا حربا طائفية. ومع أن ايران بعثت بعدة وحدات صغيرة الى العراق لكنها ستمتنع عن حرب جبهوية ضد السكان السنة. لقد سبق للعراق أن أثبت ضعفه، وهو سيكتفي في المرحلة التالية بقيادة بغداد والمحافظات الشيعية في الجنوب. وأوضح المالكي أمس: «لم ندعُ الهجوم (السوري)، ولكننا راضون عنه». الاسد بصفته «رسول مكلف» هو بالتالي حل معقول، حتى من ناحية الولايات المتحدة. وهكذا يجري تعاون غير رسمي مع ايران، دون أن تضطر واشنطن الى التبشير عن تغيير في سياستها.
على الارض ينشأ ظاهرا واقع مفزع تبدو فيه داعش كمن تحتل دولا عربية وتصب منذ الآن أساسات لدولة بلا حدود. ولكن الواقع مختلف قليلا. في سوريا تسيطر داعش على اجزاء في شرق سوريا، وهذا الاسبوع استكملت المنظمة سيطرتها على معبر الحدود بين العراق وسوريا قرب مدينة البو كمال، وهكذا انتقلت اليها كل نقاط العبور بين الدولتين.
وخلافا للعراق، تتعاون داعش في سوريا مع النظام بل وتبيعه النفط من حقول النفط قرب دير الزور. تقاتل داعش السورية ضد مليشيات اسلامية اخرى في سوريا، تلك التي يصعب على الاسد القضاء عليها، مثل جبهة النصرة التي هي «رسميا» تتفرع عن القاعدة.
لقد أدارت داعش حتى نهاية أيار معركة ضروس ضد جبهة النصرة، وكل محاولة للمصالحة بين المنظمتين فشلت. وعُلم هذا الاسبوع بأن جناح الجبهة في البو كمال أقسم الولاء لداعش في هذه المدينة واتفق الطرفان على أن تسيطر داعش في الجانب العراقي، وجبهة النصرة – في الجانب السوري. ولكن، لا يوجد يقين في أن هذه المصالحة تمثل كل الجبهة، وذلك لأنه في الاراضي السورية لا تزال المنظمتين تتقاتلان.
وهذا فقط مثال واحد على الفوضى في المليشيات الاسلامية التي يتعاون بعضها مع الجيش السوري الحر الذي وإن كان ثبت نفسه في عدة مواقع، إلا أنه لا ينجح في العثور على مليشيا واحدة ذات مغزى يمكنها أن تدفع الى الامام التطلع الى اسقاط الاسد.
في المعارضة السياسية ايضا، التي تعمل خارج سوريا، الامور صعبة وتقف على شفا الانفجار. ففي نهاية الشهر سينهي رئيس «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة» احمد الجربا، ولايته. وأنتجت النزاعات الداخلية على الخليفة تبادل علني للاتهامات بين مندوبي الحركات التي تشكل الائتلاف. «الاخوان المسلمون» السوريون، العنصر الكبير في المعارضة، غاضبون من الجربا، لأنه تمنى النجاح للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة انتخابه. السيسي العدو اللدود للاخوان المسلمين، ولا يحتمل، كما يعتقد زملاؤهم السوريون، أن تهنئه المعارضة. وحقيقة أن السيسي يسمح للمعارضة بالعمل في مصر لا تعتبر في نظرهم سببا كافيا لتأييده. وفي نفس الوقت، أعلن معاذ الخطيب، رئيس المعارضة قبل الجربا، بأن ارسال السلاح للثوار سيزيد فقط سفك الدماء ولن يؤدي الى حل، في الوقت الذي يواصل فيه الجربا جهوده لاقناع الولايات المتحدة بارسال سلاح نوعي.
في واشنطن تنطلق اصوات تدعو الى اقامة ائتلاف سياسي بين الولايات المتحدة، ايران، العراق، سوريا وروسيا ضد داعش، التي أصبحت الآن العدو اللدود. وحسب تقارير مختلفة، يوجد منذ الآن تعاون استخباري بين ايران والولايات المتحدة، رغم أن ايران تعارض التدخل العسكري في العراق، بينما المعركة في سوريا بدأت تبدو هامشية، وأقل خطرا من المعركة في العراق. ولكن في العراق بالذات أوضح بعض من رؤساء القبائل السنة بأنهم مستعدون لمقاتلة داعش والقضاء عليهم اذا قامت حكومة جديدة.
المعارك بين أبناء القبائل في شمال محافظة الانبار وقوات داعش بدأت منذ الآن تحتدم في اليومين الاخيرين، وحسب تقارير من العراق نجح أبناء القبائل في قتل قائد داعش في المنطقة. ويُعد تنكرهم لداعش الأمل الذي تعول عليه الولايات المتحدة في خطواتها السياسية للي ذراع المالكي نحو اقامة حكومته في بداية تموز.
ويصد المالكي الضغط حاليا، ولكن يحتمل أن يستجيب للمطالب مع ضغط ايراني. والسؤال هو اذا كانت الولايات المتحدة ترغب وتستطيع تغيير الاستراتيجية، وبدلا من تعليق آمالها على المعارضة في سوريا و»المنظمات المعتدلة»، تتجه الى حوار متجدد مع الانظمة في سوريا، في العراق وفي ايران.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي الاثنيـــن 30/06/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
هل سنشهد معجزة تعيد المخطوفين إلى أهلهم سالمين؟
تجربة الماضي المتعلقة بأعمال خطف في الضفة الغربية لا تبشر بخير كلما طال الوقت
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
شرق أوسط جديد
بعد التهديد الشيعي من لبنان وايران على إسرائيل يأتي التهديد السني من سوريا والعراق
بقلم:أبيرام زينو،عن معاريف الاسبوع
الأسد أفضل لأوباما
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
</tbody>
هل سنشهد معجزة تعيد المخطوفين إلى أهلهم سالمين؟
تجربة الماضي المتعلقة بأعمال خطف في الضفة الغربية لا تبشر بخير كلما طال الوقت
بقلم:ناحوم برنياع،عن يديعوت
بسبب قيود الرقابة توصف المنطقة المحصورة التي تنحصر فيها اعمال البحث كأنها «منطقة شمالي الخليل». وهذا الوصف صحيح لكنه لا يقول الكثير. فلا يعلم أحد «ماذا وأين» سوى مليون فلسطيني هم سكان محافظة الخليل.
حينما وصلتُ الى هناك في صباح يوم الثلاثاء كانت قوات كبيرة منتشرة في المنطقة وجاءت قوات اخرى في الحافلات. وكان الجو حارا. وتمدد جنود في ظلال اشجار التين يحاولون أن يتعرضوا لنسيم بارد من الغرب من قبل الخط الاخضر. ورأوا عن يمينهم أقاصي بيوت مدينة فلسطينية وهي ما يسميها أحد ضباط الجيش الاسرائيلي «توسيع البلدة». ثم بيوت اغنياء مع باحات حسنة أمامها، ومنحدرات صخرية ضخمة وراءها. ويُذكر أحد البيوت بوسائل حمايته بضيعة لرئيس عائلة جريمة مسلح محمي من كل عدو.
ورأوا عن يسارهم قرية فلسطينية كبرت وهي تلامس المدينة الآن. ويوجد بين البلدتين وادٍ ينحدر شمالا وغربا ويتسع في خلال ذلك ويُفتح لمباني سكنية بجوارها بساتين صغيرة ومناطق صخرية. والمنطقة مُنمرة بعشرات آبار الماء، وهي حفريات مشيدة بالاسمنت يبلغ عمقها على نحو عام من خمسة أمتار الى عشرة. وعلى فم البئر غطاء من الحديد يُفتح بصورتين – فتحة ضيقة لانزال حبل ودلو وفتحة واسعة تُمكن شخصا بالغا من النزول الى أسفل. وبرغم أن الشتاء هذا العام كان قليل المطر ما زال يوجد ماء في الآبار. وفي الاحواض الاسمنتية الصغيرة التي تبنى قرب فم البئر ماء على نحو عام. ويُعلم الجنود بعلامة «في» كبيرة سوداء كل بئر فُحصت ثم ينتقلون الى البئر التالية.
وتجري الحياة حولهم كالعادة؛ كالعادة في ظاهر الامر. وفي الطرق الضيقة المعوجة واكثرها طرق ترابية تسافر سيارات فلسطينية في خضم تضييق الجيش الاسرائيلي. والحوانيت مفتوحة للتجارة. ولا يوجد عمل حقيقي لقوات الحراسة التي وضعت في المكان. والذي اعتقل اعتقل والذي لم يعتقل يقلل من ظهوره، فليس هذا هو الزمان والمكان لمواجهة الجيش الاسرائيلي.
في ساحة صغيرة في وسط منطقة البحث نصبت خيمة قيادة. وجاء قائد منطقة الوسط نتسان الون الى هناك وكذلك قائد فرقة يهودا والسامر تمير يادلين ورئيس «الشباك» يورام كوهين. وقد أُتم رسم خريطة مفصلة للمنطقة لكن لا توجد بشائر. والوقت الذي مر منذ كانت ليلة الاختطاف يجعل التقدير المتفائل صعبا وكذلك ذكرى الاختطافات الماضية: اذا نحينا جانبا للحظة قضية جلعاد شليط الذي أُسر واحتجز سرا في قطاع غزة، فان كل حالات الخطف في الماضي قد انتهت الى قتل ومنها الحالة الاخيرة للجندي تومر حزان في كانون الثاني من هذا العام. في حالة واحدة فقط هي حالة نحشون فاكسمان احتجز الخاطفون المخطوف حيا. وحينما أدركوا أنهم عثروا على مكانهم سارعوا الى قتل ضحيتهم.
كانت توقعات الشارع الاسرائيلي حلا سريعا للغز إن لم توجد معجزة تعيد الفتيان أصحاء سالمين الى عائلاتهم، فليكن على الأقل ايجاد الخاطفين أو سجنهم أو القضاء عليهم. ولم يحدث هذا للاسف الشديد حتى كتابة هذه السطور. وفي هذا الشأن ايضا لا يشجع الماضي على تقدير متفائل، فقد مرت سنوات الى أن أغلقت ملفات خطف الجنديين ايلان سعدون وآفي ساسبورتس. واستمر البحث عن الجندي شارون أدري سبعة اشهر. صحيح أن الجيش الاسرائيلي مطلق الحرية أو هو كذلك تقريبا في كل مكان في الضفة؛ وصحيح أن له سيطرة استخبارية ومساعدة فاعلة من اجهزة السلطة ايضا في هذه الحال، لكن لا يوجد الى الآن شق طريق وخيبة الأمل كبيرة.
يبذل الجيش الاسرائيلي و»الشباك» في اعمال البحث كل ما يملكون فهناك ثلاثة ألوية مشاة والكثير من الوحدات الخاصة ومعدات مُحكمة ومعدات هندسية وكلاب مدربة وبنية تحتية استخبارية. وتبذل وحدة الشرطة الخاصة وحرس الحدود، ويبذل جهاز الاطفاء خبرته بالعثور على مفقودين. وللقادة يد حرة في استعمال القوة البشرية فلا أحد يضغط عليهم الى الآن لاجلاء القوات.
لكن كلما مر الوقت دون بشرى حقيقية زاد الخوف من السير في المكان نفسه. وسيعلن الجنود الذين هبوا لتأدية المهمة بحماسة، بعد قليل في الواتس آب بأنهم ضاقوا ذرعا وبأنهم يضيعون الوقت عبثا تحت الشمس الحارقة. وقد كاد لواء المظليين النظامي الذي حصر عنايته في عمليات على البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية لحماس في الخليل، كاد يستنفد المهمة تماما. وقد فُرض على مقاتلي اللواء في خلال الاسبوع أن يشاركوا في اعمال تمشيط في مدينة الخليل. إن رمضان على الابواب ولذلك معنى عظيم. وقد بذل اللواء يوآف (بولي) مردخاي، منسق العمليات في المناطق أمس مقابلة صحفية لصحيفة «القدس» بين فيها للسكان الفلسطينيين أن التسهيلات التي بذلت في السنوات الاخيرة بسبب رمضان لن تُبذل هذه السنة أو لن تُبذل بنفس القدر بيقين. إن كل من يشغل نفسه بالمناطق يعلم أن أهم كلمة يتوقع الفلسطيني سماعها من ضابط اسرائيلي ليست هي «مرحبا» بل «تسهيلات». والخطف يلقي بظله على «التسهيلات».
في سنوات خلت سُمح لعدد يبلغ ربع مليون مصلي بدخول المسجد الاقصى كل يوم جمعة، ولنحو من 100 ألف في الايام العادية؛ وفتحت المعابر الى اسرائيل وسافر عشرات الآلاف الى البحر. وسؤال كيف ستكون السياسة هذا العام مُلح ولا سيما بالنسبة لمحافظة الخليل. إن عشرين ألف فلسطيني يملكون تصاريح عمل في اسرائيل لا يستطيعون الخروج للعمل؛ ولا يستطيعون الخروج عن طريق جسر اللنبي الى الخارج؛ ورمضان يجعل القيود عبئا ثقيلا، والعبء يستدعي الغليان والارهاب.
في كل يوم تجري مباحثات محمومة في مستويات مختلفة. وقد اتخذت أمس قرارات اولى وستوجد قيود لم تكن في سنوات خلت على دخول فلسطينيين في أعمار مخصوصة الى جبل الهيكل؛ وستفرض على محافظة الخليل قيود اخرى لكن قوات الجيش الاسرائيلي ستبذل جهدا كي لا تمس بوجبات الافطار كل ليلة. وستتخذ القرارات المتعلقة بدخول اسرائيل قبيل عيد الفطر.
يركبون سيارات عارضة
يمتد الشارع 35 من الشرق الى الغرب، من حلحول الى ترقوميا ومن هناك الى اسرائيل. وعند مدخل الشارع في ظاهر حلحول يحاول فتيان أن يجدا سيارة عارضة. أحدهما طويل الشعر يعتمر قبعة دينية منسوجة. والثاني وهو أقصر قامة حلق رأسه كحلقة لاعب كرة القدم البرازيلي نيمار. إن الحصول على سيارة عارضة هو الرياضة المحبوبة الى الفتيان في المنطقة، وهناك من يعرضونها على أنها ضرورة لا عيب فيها؛ وهناك من يرفعونها الى درجة ايديولوجية. وفي الظروف التي نشأت كان في وقوفهم شيء ما متحدٍ ومتحرش، فهم يشبهون من يصر على ركوب مزلجة أمام مضخات ربينغ بعد يوم من مقتل أب وابنته هناك.
وقفت سيارة شرطة على مسافة 40 مترا منهما. ولم يظهر رجال الشرطة اهتماما. وتقدمت منهما وسألتهما كم تبلغان من العمر. فتولى الفتى الطويل الشعر دور المتحدث وقال: «16». وسألتهما: من أين؟ فقال «أنا من بني – درون، وهو من بئر السبع. جئنا لزيارة صديق ونحن الآن مسافران الى البحر». ألم تسمعا بالاختطاف؟ سألت. «بلى»، أجاب في عدم اهتمام «قالوا لنا إنه يوجد طوق امني هنا».
كان الفتى من بئر السبع يلبس حذاء إصبع فسألته: هل تعتقد أنك تستطيع الجري عند الحاجة بهذا الحذاء؟ فاختار أن يبقى ساكتا.
هل يُهدم أم لا يُهدم
أُرسل زياد عوض رجل حماس الى السجن بعد أن أُدين بقتل عميل لاسرائيل وأُفرج عنه بعد 11 سنة سجن في صفقة شليط. وفي 14 نيسان من هذا العام كمن لسيارة اسرائيلية في الشارع 35. وقتل باطلاق ناره المقدم باروخ مزراحي. وفي 7 أيار اعتقل عوض وابنه عز الدين الذي جعل أباه يفر من ميدان الحادثة.
نشر اعلان حل لغز قضية القتل هذا الاسبوع فقط. وقد نبع التأخير رسميا من تقديرات قضائية، فقد اعترف الابن أولا لكن الوالد رفض. وانتظروا الى أن يتم تقديم لائحة الاتهام، وقد كان للتأخير سبب آخر سياسي لأن حقيقة أن عاد مفرج عنه في صفقة شليط الى القتل قد أحرجت رئيس الوزراء.
إن نشر الخبر هذا الاسبوع له صلة بخطف الفتيان. وقد كان «الشباك» يطلب منذ زمن تجديد اجراء هدم بيوت المخربين. «فالشباك» يزعم أن هدم البيت عامل رادع؛ وكان الآباء الذين يخشون هدم بيوتهم يُدلون بمعلومات عن نوايا أبنائهم المشاركة في عمليات ارهاب. وتختلف الآراء في الجيش الاسرائيلي في جدوى هذه الخطوة. وعارضوا في النيابة العامة لأن هدم البيوت يخالف القانون الدولي ولا يقبله قضاة المحكمة العليا، وصوره التي تلتقط له قاسية ايضا مع بكاء النساء والاولاد وخيمة الصليب الاحمر البائسة فوق الانقاض. ولم تُدمر بيوت منذ 2005.
وكان مؤيدو هدم البيوت ينتظرون فرصة. لم يقنع قتل تومر حزان المستشار القانوني للحكومة بتغيير الموقف، فقد كانت الخلفية قومية لكن الظروف كانت مريبة. وآنئذ نشأ تأليف أقنع فينشتاين وهو قتل المقدم مزراحي وخطف الفتيان.
إن دولة اسرائيل هي دولة قانون، وحينما يريدون هدم بيت قاتل يجب أن ينشر اسمه وافعاله، وهكذا بدأ الجدل في صفقة شليط مجددا.
اشتغل رئيسا وزراء بمصير جلعاد شليط هما اولمرت ونتنياهو، وقد تمت في مكتبهما عشرات المباحثات في الصفقات التي اقترحت. وتمت جميعا في ظل الاخفاق الكبير، اخفاق الاذرع الامنية، في العثور على مكان أسره.
على حسب كل ما كان نتنياهو يدعو اليه مدة حياته المهنية منذ 1976، كان يفترض أن يرفض الصفقة رفضا باتا، ووجد في مكتبه اشخاص توقعوا أن يفعل ذلك. وبرغم ذلك قبل إملاء حماس آخر الامر.
اعتقد زميلي شمعون شيفر أنه اخطأ واعتقدت أنا أنه كان على حق، بسبب الوقت. وكتبت أن على الدولة مسؤولية عن حياة جنودها. واذا لم تجد في مدة خمس سنوات ونصف حلا يُخلص شليط من الأسر فيجب أن تقبل الحل الوحيد الموجود وهو حل لعين وخطير لكن لا مناص منه.
تحدثت الى نتنياهو في الفترة بين القرار وبين الافراج الفعلي. وسألته كيف ينوي استقبال شليط. وقال إنه لا ينوي ألبتة أن يحتفل لأن الحديث عن قرار قاس يشمل الافراج عن قتلة وقتلة كبار كثيرين جدا. سيدعو الأب وابنه صبيحة الاطلاق عنه الى مكتبه ويهنئهما ويصغي اليهما وبذلك ينتهي الامر.
وغير رأيه في أقل من 24 ساعة، فقد تحول الهبوط في تل نوف الى مراسم لا يوجد احتفال أكبر منها والى مهرجان. وأُبعد مصورو وحدة الجيش الاسرائيلي ليخلوا المكان لمصوري مكتب الصحافة الحكومي. كان يمكن أن نعتقد بحسب عناق نتنياهو للجندي العائد أنه خُلص بعملية سرية لدورية هيئة القيادة العامة.
بعد ذلك قال نتنياهو إن زوجته هي التي غيرت رأيه. ربما. ولم يقل من الذي أقنعه بأن يروج للصفقة كما روج لها. لم يتحدث إلينا آنذاك نتنياهو الزعيم بل نتنياهو الخبير بالتسويق. فقد كان يملك شيئا بخسا روج له على أنه شيء نفيس.
وهكذا أضيعت فرصة اجراء حوار حقيقي مع الاسرائيليين. وهكذا تضاع الفرصة مرة اخرى الآن. حينما عرض نتنياهو على الوزراء أمر اعتقال عوض نسي أن يقول متى ولماذا أُفرج عنه (ونقول بالمناسبة إن عوض لم يعتبر في اوراق الاذرع الامنية سجينا ثقيلا بل كان قاتلا صغيرا لعملاء.)
عرف تشرتشل معبود رئيس وزرائنا كيف يجري حوارا مع شعبه في أشد ايام الحرب العالمية قسوة. أما نتنياهو فيرسل بأوراق دعاية الى الفيس بوك.
باب مغلق
إن روبرت سري ابن الرابعة والستين، دبلوماسي هولندي، وهو منسق اعمال الامم المتحدة من اجل مسيرة السلام في الشرق الاوسط. ولم توجد مسيرة سلام في أكثر مدة ولايته التي بلغت سبع سنوات، لكن احتيج الى تنسيق. وإن شريك سري الرئيس في اسرائيل هو مكتب منسق العمليات في المناطق.
في يوم الاحد نشرت القناة 2 نبأ قال إن وزير الخارجية افيغدور ليبرمان ينوي اعلان أن سري شخص غير مرغوب فيه وأن يطرده من البلاد. وكان الادعاء أن سري وظف نفسه لخدمة حماس، فقد توجه الى السلطة الفلسطينية والى اسرائيل وحاول اقناعهما بتمكين قطر من أن تنقل الى قطاع غزة المساعدة التي تمنحها لحماس وهي 20 مليون دولار كل شهر.
اذا كان ليبرمان قصد أن يطرد سري من البلاد فقد تراجع عن ذلك، فهو يكتفي الآن باغلاق ابواب وزارة الخارجية ومجلس الامن القومي في وجه مبعوث الامم المتحدة. لكن انتقاده لسري ما زال على حاله. وبرغم أن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون أصدر اعلان دعم لا لبس فيه لسري، أشار أحد كبار مسؤولي الامم المتحدة في نيويورك الى الاسرائيليين بأنهم ليسوا سعداء بالرجل هناك ايضا وسينهي مدة ولايته في كانون الاول.
فيما يتعلق باغلاق الابواب فان الحال في اسرائيل كالحال فيها. إن وزير الدفاع بوغي يعلون الذي هو رب عمل منسق العمليات في المناطق لا يتابع وزير الخارجية الى الآن. وقد قال لي أمس مستشاره الاعلامي في جواب عن اسئلتي إنه لا يوجد «توجيه لقطع الاتصال مع روبرت سري. والتعامل معه موضوعي». وبعبارة اخرى نقول إن مبعوث الامم المتحدة سيصبح منذ الآن غير مرغوب فيه في مكان لا يمضي اليه وسيصبح مرغوبا فيه في مكان يعمل معه. وهذا ترتيب يمكن معايشته.
حاولت أن أستوضح مع كل الجهات ذات الشأن عما حدث في الحقيقة بين سري واسرائيل. يبدو أن الحقائق غير مختلف فيها. إن حماس لم تدفع منذ اشهر رواتب الى 40 ألفا من عامليها في غزة. وبينهم مُطلقو صواريخ ومخربون لكن فيهم ايضا معلمون واطباء. في الماضي في مدة حكم مرسي كانت قطر تنقل المال عن طريق مصر لكن الفريق السيسي عزل مرسي وأصبح يرى حماس عدوا فأغلق أنبوب المال.
زار سري قطر هذا الشهر وطلب اليه القطريون أن يساعدهم على تحويل المال فتوجه سري الى أبو مازن واقترح أن تكون السلطة الفلسطينية هي القناة. وتعليل ذلك أنه منذ اللحظة التي تقرر فيها انشاء حكومة وحدة فلا مانع من أن تنقل السلطة المال الى عمال حماس. ورفض أبو مازن وقال إنه مستعد لانشاء لجنة تفحص عن كل رجل من حماس هل يستحق الحصول على راتب أم لا.
ونقول بعبارة اخرى إن أبو مازن يعرف جيدا من هم أعداؤه. وهو قوي من جهة سياسية كما لم يكن منذ سنين، فلن يهب الآن لانقاذ حماس.
وتوجه سري الى منسق العمليات في المناطق اللواء مردخاي واقترح أن تُمكن اسرائيل قطر من تحويل المال فكان الجواب قاطعا لا لبس فيه: لا.
وعمل سري علنا لا خفية وكانت تعليلاته انسانية. ويزعم اشخاص في الامم المتحدة أنه لو أعطي الفرصة لاقترح طرقا لمنع تحويل المال الى جهات ارهابية لكنه لم يُعط فرصة.
لا يمكن أن نقول إن اجراءه كان حكيما لأن مبعوث الامم المتحدة لا يفترض أن يعمل من اجل منظمة ارهاب حتى لو كان اطباء يعملون في خدمتها، ولا سيما في فترة تقوم فيها اسرائيل بهجوم واسع على حماس ويريد فيها أبو مازن أن يضعف حماس ويشلها بطريقته. ومن جهة اخرى أصيب ليبرمان برد زائد على الحاجة لأنه لم أُبعد كل دبلوماسي يقترح اقتراحات باطلة لخلت كل السفارات من العاملين فيها.
طعام ورؤيا
ولد قانون تغذية السجناء المضربين عن الطعام قسرا ومات على نحو سخيف. في ايرلندة أضرب سجناء سياسيون حتى الموت. أما في اسرائيل فالاضراب عن الطعام مختلف، فالسجناء يبلعون ما يكفي من الادوية والسوائل كي لا يعرضوا حياتهم للخطر. وفي الحالات الطارئة يمكن جمع لجنة اخلاقية توافق على تغذية المريض بالقوة. وينظم القانون الموجود، وهو قانون حقوق المريض، ذلك الاجراء.
كان الاضراب الاخير للمعتقلين الاداريين محكوما عليه بالفشل لا بسببهم بل بسبب خطف الفتيان وبسبب العاب كأس العالم. وحينما تبين لهم أن الرأي العام لا يتأثر باضرابهم لا في الضفة ولا في العالم بحثوا عن سلم ينزلون عليه. ومن الجيد أن وزير الامن الداخلي أعطاهم السلم.
برغم ذلك كانت الكنيست توشك أن تُجيز القانون باجراء سريع يجلب شيئا من العار على الدولة وكأنه لا يكفي ما يوجد الآن. وأقنعت عضو الكنيست يفعات كريف من حزب يوجد مستقبل زعيمها للذهاب الى نتنياهو وتأجيل الاقتراع. والمصالحة التي تم احرازها تجعل قانونا لا حاجة اليه قانونا عقيما لمصلحة الجميع.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
شرق أوسط جديد
بعد التهديد الشيعي من لبنان وايران على إسرائيل يأتي التهديد السني من سوريا والعراق
بقلم:أبيرام زينو،عن معاريف الاسبوع
لم يفاجيء اعتقال 15 نشيطا من داعش في شمال سيناء أول أمس جهاز الامن الذي يتابع بقلق نشاط المنظمة في المنطقة. فالتغييرات في العالم العربي كفيلة بان تغير تماما خريطة التهديدات على اسرائيل. ثمة محوران مركزيان: الشيعي بما في ذلك ايران وحكومة الدمى في العراق، سوريا وحزب الله. السني بما في ذلك داعش، القاعدة، السعودية وامارات الخليج ومصر. في هذان المحوران يوجد متطرفون وخطرون، ويوجد معتدلون. سوريا هي الحالة التمثيلية الصغرى للصراعات الخالدة في العالم العربي. فالثورة في سوريا، مثلما في الدول العربية الاخرى، بدأت من داخل الشعب، من المطالبة بالحقوق، ولا سيما الاقتصادية والرفاه.
«في الوقت الذي اعتقد فيه العالم بان الليبراليين يقودون الثورات في العالم العربي، يتبين أنهم مجرد استلقوا على الجدار ليركب آخرون عليهم للاستيلاء على مواقع القوة»، قال لي مسؤول كبير في جهاز الامن. «هكذا يحصل في سوريا وفي العراق. منظمة داعش تستولي على مكانها في هاتين الدولتين مع هدف معلن: من حلب وحتى النقب».
داعش هي الاحرف الاولى للدولة الاسلامية في العراق والشام. والشام هي الارض التي تقع فيها سوريا، لبنان، الاردن وشرق نهر الاردن، اسرائيل واجزاء اخرى في المنطقة (او ما يسمى «الهلال الخصيب»). والهدف واضح: اقامة خلافة اسلامية في المنطقة.
انشق رجال داعش عن القاعدة بعد تصفية بن لادن بسبب خلافات رأي بين قادة المنظمة. ابو مصعب الزرقاوي كان هو الذي اقامها، حتى صفي في 2006. ومنذئذ تبدل عدد من قادة المنظمة الذين صفاهم الامريكيون، واليوم يترأسها ابو بكر البغدادي. وهو يعتبر في الولايات المتحدة «الرجل الاخطر في العالم». وتحت إمرته انضمت المنظمة للقتال في سوريا، الى جانب منظمات متطرفة اخرى. واتهم الاسد غير مرة الثوار بانهم «متطرفون اسلاميون». في نظر رجال داعش يعتبر الاسد العلوي كافرا.
ان تعزز داعش والمنظمات المتطرفة، الشيعية والسنية، سيغير خريطة التهديدات. في سوريا يستقبل الثوار المنظمات المتطرفة بمشاعر مختلطة: الفرح بالمساعدة في القتال ضد الاسد والخوف من اليوم التالي أيضا. فمواطنو سوريا لا يريدون دولة اسلامية متطرفة. وفي الوقت الذي تعمل فيه التغييرات في الشمال وفي الشرق في غير صالح اسرائيل، فان التغييرات في مصر ما بعد الاخوان المسلمين تبشر بالعودة الى عهد مبارك. وقد استخدم الكاتب المصري نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل، في مقابلة سابقة له مثال الحاخام والعنزة. حكاية اليهودي الذي ذهب الى الحاخام وبكى له مصيره. واعطاه له الحاخام عنزة تسكن مع عائلته. وبعد اسبوعين عاد اليهودي واشتكى بان الحال أصبح اصعب علي. فأخذ منه الحاخام العنزة وسأله بعد يومين عن حاله فقال له اليهودي ان الحال الان افضل بكثير.
والعنزة هي الاخوان المسلمون، والشعب المصري هو اليهودي المشتكي. فالسيسي يمثل الحياة في زمن مبارك، وبعد التجربة المريرة مع الاخوان المسلمين، يفهم المصريون كم كان افضل لهم العيش مع مبارك. لاسرائيل هذا جيد. لو كان الاخوان المسلمون بقوا في الحكم، لما كان ممكن أن نعرف كيف سينتهي هذا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الأسد أفضل لأوباما
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
أوضح الرئيس الامريكي براك اوباما في مقابلة مع شبكة «سي.بي.إس» خلاصة غياب سياسة له في سوريا: «فكرة أن بوسع المعارضة أن تسقط ليس فقط نظام الاسد بل أن تقاتل ضد الجهاديين المتوحشين والمدربين جيدا، فقط لو بعثنا لها ببعض السلاح، هي فكرة مغرقة في الخيال». وعلى ما يبدو أن اوباما محق – فارسال «بعض السلاح» لـ «المعارضة المعتدلة» ما كان ليجدي نفعا، ولكن هذا لم يكن طلب المعارضة.
في هذه الاثناء تدور حرب اقليمية، ليست حربا تخوفت منها الادارة ولكن لعلها ضروس بقدر لا يقل. العراق، وليس سوريا، يعتبر التهديد الاستراتيجي بسبب الاحتلال السريع للمناطق السنية غربي الدولة من قوات مشتركة للقبائل السنية ونشطاء داعش.
لقد طلبت المعارضة في سوريا سلاحا نوعيا، صواريخ مضادة للدبابات ومضادة للطائرات. وقد طلبت قبل سنتين ونصف تدخلا عسكريا أو على الاقل اقامة مناطق حظر طيران حماية للاجئين وللمناطق التي احتلتها. وطلبت من اوباما فقط أن ينفذ تهديده في الهجوم على النظام اذا تبين أن الاسد يستخدم سلاحا كيميائيا.
ولكن هذه المطالب تزحلقت على زجاج مبنى الامم المتحدة حيث سيطرت بيد عليا روسيا والصين، واصطدمت بجدران البيت الابيض حيث ثار خلاف شديد بين وزارة الخارجية التي أيدت التدخل العسكري والبنتاغون الذي عارضه. بين من كان قلقا من الحرب الاقليمية، التي من شأن ايران أن تكون شريكا فيها، وبين من رأى أمام ناظريه قتل الشعب الفظيع الذي حصد حتى الآن حياة أكثر من 160 ألف شخصا ونثر الى مهب الريح بأكثر من 3 ملايين لاجيء ونازح.
واذا كانت الولايات المتحدة انشغلت قبل بضعة اسابيع في أن تختار من أصل نحو دزينتين من المليشيات في سوريا، «المنظمات المعتدلة»، التي يمكن أن تعقد معها الصفقات، فلا معنى الآن لهذه الصفقات. فالاختيار آخذ في التقلص.
في الحالة السورية هذا اختيار بين تأييد جارف للاسد واللامبالاة. في الحالة العراقية، الاختيار هو بين ضغط عديم الجدوى على نوري المالكي، رئيس الحكومة العراقية، كي يشكل حكومة وحدة تمنح السنة نصيبا مناسبا في الحكم، والتصريحات العليلة ضد داعش. هجوم أول أمس من سلاح الجو السوري في العراق وقتل 57 مواطنا، يوضح جيدا الى أين يتجه الاسد. فهو يرغب في أن يثبت للغرب، وبالاساس للولايات المتحدة، بأنه هو الزعيم الوحيد الذي يستطيع العمل ضد المتطرفين. ومقابل الغرب، فانه ليس مقيدا بقيود سياسية حيث أن ايران والعراق يتطلعان الى سحق داعش، ومقابل الاسد فهما لا يرغبان في أن يعلقا أو يثيرا حربا طائفية. ومع أن ايران بعثت بعدة وحدات صغيرة الى العراق لكنها ستمتنع عن حرب جبهوية ضد السكان السنة. لقد سبق للعراق أن أثبت ضعفه، وهو سيكتفي في المرحلة التالية بقيادة بغداد والمحافظات الشيعية في الجنوب. وأوضح المالكي أمس: «لم ندعُ الهجوم (السوري)، ولكننا راضون عنه». الاسد بصفته «رسول مكلف» هو بالتالي حل معقول، حتى من ناحية الولايات المتحدة. وهكذا يجري تعاون غير رسمي مع ايران، دون أن تضطر واشنطن الى التبشير عن تغيير في سياستها.
على الارض ينشأ ظاهرا واقع مفزع تبدو فيه داعش كمن تحتل دولا عربية وتصب منذ الآن أساسات لدولة بلا حدود. ولكن الواقع مختلف قليلا. في سوريا تسيطر داعش على اجزاء في شرق سوريا، وهذا الاسبوع استكملت المنظمة سيطرتها على معبر الحدود بين العراق وسوريا قرب مدينة البو كمال، وهكذا انتقلت اليها كل نقاط العبور بين الدولتين.
وخلافا للعراق، تتعاون داعش في سوريا مع النظام بل وتبيعه النفط من حقول النفط قرب دير الزور. تقاتل داعش السورية ضد مليشيات اسلامية اخرى في سوريا، تلك التي يصعب على الاسد القضاء عليها، مثل جبهة النصرة التي هي «رسميا» تتفرع عن القاعدة.
لقد أدارت داعش حتى نهاية أيار معركة ضروس ضد جبهة النصرة، وكل محاولة للمصالحة بين المنظمتين فشلت. وعُلم هذا الاسبوع بأن جناح الجبهة في البو كمال أقسم الولاء لداعش في هذه المدينة واتفق الطرفان على أن تسيطر داعش في الجانب العراقي، وجبهة النصرة – في الجانب السوري. ولكن، لا يوجد يقين في أن هذه المصالحة تمثل كل الجبهة، وذلك لأنه في الاراضي السورية لا تزال المنظمتين تتقاتلان.
وهذا فقط مثال واحد على الفوضى في المليشيات الاسلامية التي يتعاون بعضها مع الجيش السوري الحر الذي وإن كان ثبت نفسه في عدة مواقع، إلا أنه لا ينجح في العثور على مليشيا واحدة ذات مغزى يمكنها أن تدفع الى الامام التطلع الى اسقاط الاسد.
في المعارضة السياسية ايضا، التي تعمل خارج سوريا، الامور صعبة وتقف على شفا الانفجار. ففي نهاية الشهر سينهي رئيس «الائتلاف الوطني لقوى المعارضة» احمد الجربا، ولايته. وأنتجت النزاعات الداخلية على الخليفة تبادل علني للاتهامات بين مندوبي الحركات التي تشكل الائتلاف. «الاخوان المسلمون» السوريون، العنصر الكبير في المعارضة، غاضبون من الجربا، لأنه تمنى النجاح للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمناسبة انتخابه. السيسي العدو اللدود للاخوان المسلمين، ولا يحتمل، كما يعتقد زملاؤهم السوريون، أن تهنئه المعارضة. وحقيقة أن السيسي يسمح للمعارضة بالعمل في مصر لا تعتبر في نظرهم سببا كافيا لتأييده. وفي نفس الوقت، أعلن معاذ الخطيب، رئيس المعارضة قبل الجربا، بأن ارسال السلاح للثوار سيزيد فقط سفك الدماء ولن يؤدي الى حل، في الوقت الذي يواصل فيه الجربا جهوده لاقناع الولايات المتحدة بارسال سلاح نوعي.
في واشنطن تنطلق اصوات تدعو الى اقامة ائتلاف سياسي بين الولايات المتحدة، ايران، العراق، سوريا وروسيا ضد داعش، التي أصبحت الآن العدو اللدود. وحسب تقارير مختلفة، يوجد منذ الآن تعاون استخباري بين ايران والولايات المتحدة، رغم أن ايران تعارض التدخل العسكري في العراق، بينما المعركة في سوريا بدأت تبدو هامشية، وأقل خطرا من المعركة في العراق. ولكن في العراق بالذات أوضح بعض من رؤساء القبائل السنة بأنهم مستعدون لمقاتلة داعش والقضاء عليهم اذا قامت حكومة جديدة.
المعارك بين أبناء القبائل في شمال محافظة الانبار وقوات داعش بدأت منذ الآن تحتدم في اليومين الاخيرين، وحسب تقارير من العراق نجح أبناء القبائل في قتل قائد داعش في المنطقة. ويُعد تنكرهم لداعش الأمل الذي تعول عليه الولايات المتحدة في خطواتها السياسية للي ذراع المالكي نحو اقامة حكومته في بداية تموز.
ويصد المالكي الضغط حاليا، ولكن يحتمل أن يستجيب للمطالب مع ضغط ايراني. والسؤال هو اذا كانت الولايات المتحدة ترغب وتستطيع تغيير الاستراتيجية، وبدلا من تعليق آمالها على المعارضة في سوريا و»المنظمات المعتدلة»، تتجه الى حوار متجدد مع الانظمة في سوريا، في العراق وفي ايران.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ