تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 29/05/2014



Haneen
2014-07-17, 10:26 AM
اقلام واراء عربي 29/5/2014

في هــــــــــــــــــــــذا الملف:
افتتاحية الخليج: استعادة الوحدة الفلسطينية
بقلم: أسرة التحرير عن الخليج الاماراتية
المصالحة الفلسطينية عهد جديد من المقاومة
بقلم: منح الصلح عن الرياض السعودية
المنظمة بعد خمسين عاماً على تأسيسها
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
التوريث السياسي وأمراض الشيخوخة في القيادة الفلسطينية
بقلم: سنان شقديح عن رأي اليوم
رأي القدس: مصر: ضعف التصويت «صفعة على وجه النظام»
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
البحث عن بديل بالتزامن مع إعادة انتخاب الأسد
بقلم: عبد الوهاب بدرخان عن الحياة اللندنية
هل تبرّر انتكاسة «الإخوان» مظلوميتهم؟
بقلم: هالة ابو حمدان عن السفير البيروتية
هل تغير أوباما؟
بقلم: عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
افتتاحية الخليج: استعادة الوحدة الفلسطينية
بقلم: أسرة التحرير عن الخليج الاماراتية
المصالحة الفلسطينية تمضي قدماً، ويبدو أن الطرفين الفلسطينيين المعنيين (فتح وحماس) حسما أمرهما وباتا على قناعة بأن المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية هما الخيمة التي توفر الأمن والأمان للقضية، وتحميها من محاولات الغدر والتآمر والضياع والتصفية .
سبع سنوات من الانقسام السياسي تكفي كي تكون درساً للجميع بأن ما حلّ بالقضية خلال هذه الفترة، وما أنجزه العدو من مكاسب على طريق تحقيق أهدافه التوسعية التهويدية، قد جعل من الوحدة الوطنية حاجة لابد منها لاستعادة روح النضال واسترداد عافية كادت تتلاشى .
تدرك كل القوى والفصائل الفلسطينية أن القضية تمر بمفترق مصيري حاسم، من جراء إصرار العدو على المضي قدماً في تنفيذ مخططاته، وإفشال كل جهود التسوية، والسعي لفرض شروط تلغي الثوابت الوطنية والقومية التي تقوم عليها الحقوق الفلسطينية . كما تدرك هذه القوى والفصائل أن تجربة أكثر من عشرين عاماً من المفاوضات العلنية والسرية مع العدو الصهيوني وبرعاية أمريكية لم تأت إلا بالكوارث، وأن الراعي الأمريكي غير مؤتمن على دور نزيه من المفترض أن يقوم به، لأنه شريك للعدو في الأهداف ويتقاسم معه المصالح .
ثم إن الغياب العربي عن الصراع مع العدو الصهيوني، وتراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وانشغال العرب بأزماتهم وهمومهم الداخلية، أثر سلباً في الإداء الفلسطيني، وبدا وكأن الشعب الفلسطيني بات مكشوفاً من دون سند أو ظهير قومي .
لعل عودة الوحدة الوطنية الفلسطينية وإنهاء حالة الانقسام بشكل فعلي ودائم تشكلان منطلقاً لوضع استراتيجية نضالية جديدة توفر للشعب الفلسطيني قاعدة أساسية لمواصلة كفاحه واستثمار إمكاناته وقدراته في الاتجاه
الصحيح بما يكبح جماح العدو، ويحقق الأهداف الوطنية .

المصالحة الفلسطينية عهد جديد من المقاومة
بقلم: منح الصلح عن الرياض السعودية
لا دلالة على نجاح الاتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية و"حماس" أبلغ من الموقفين الاسرائيلي والاميركي الرافضين بالموقف والسلاح للاتفاق قبل بدء العمل ببنوده. انه زمن غزة ورام الله يولد من جديد. وسواء سميت هذا الزمن زمن فتح أو زمن حماس أو عصر كليهما معا فانّه يبقى احد النضالات الألمع والأشرف والأقوى التي عرفتها الانسانية في العصر الحديث في الدفاع عن الذات الوطنية الفلسطينية العربية في وجه الهجمة الصهيونية المتغطرسة الاشد ظلامية وعدوانية في التاريخ الحديث.
الاتفاق الفلسطيني - الفلسطيني ليس وليد ساعته، يعود العمل عليه الى أيام الشهيدين المؤسسين ياسر عرفات واحمد ياسين، ووضعت أساساته الصلبة في مكة برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قبل أعوام.
تشبه الحرب على فلسطين في الشهرة والنوعية والاهتمام الانساني بها الحرب العالمية الثانية التي خاضتها شعوب أوروبا ضد هتلر ولكنها تبقى في تاريخ حركات التحرر تحتل مرتبة رفيعة جدا، إذ هي واحدة من الاصفى والأرقى على لائحة انتفاضات الشعوب في وجه الطغيان الاستعماري الموجه ضد شعوب آسيا وأفريقيا حيث
مرة جديدة بعد مرات قديمة موغلة في القدم يقوم هذا الجانب الشرقي والجنوبي من المتوسط الذي اسمه فلسطين وجوارها ليعطي البشرية ذلك السلم السحري سلم المبادئ والقيم تتمسك به وتصعد عليه النفوس والضمائر المنحازة للحق
كان العرب الفلسطينيون لعشرات السنين الشعب الاكثر صلابة في وجه اشنع وأقسى مشروع استعماري عرفه التاريخ هو الصهيوينة اليهودية العاملة على مصادرة فلسطين من أهلها العرب مسيحيين ومسلمين.
انّها فلسطين العربية القضية التي تحولت الى كتاب عظيم في أنظار أحرار العالم تثبت الايام أكثر فأكثر استحالة إغلاقه.
وكان رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة في قطاع غزة إسماعيل هنية قد زفَّ إلى الشعب الفلسطيني، أمس، نبأ إنهاء الانقسام بعد توقيع وفدي منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس على اتفاق بهذا الشأن. وينص الاتفاق على تنفيذ ما سبق واتفق الطرفان على تنفيذه في القاهرة وفي مكة وفي الدوحة خلال السنوات الأخيرة. وباركت حركة فتح الاتفاق كما باقي الفصائل الفلسطينية.
فقط إسرائيل تعاملت مع الأمر بالنار عبر قصفها لمقاومين أثناء تلاوة بيان المصالحة. وحمل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على المصالحة وعلى الرئيس محمود عباس، مشيرا إلى أنه "بدل أن يتقدم في مفاوضات السلام مع إسرائيل تقدم للسلام مع حماس". وشدد وزير الخارجية الإسرائيلي افغيدور ليبرمان على أن اتفاقية المصالحة الفلسطينية تشكل "إنهاء لعملية السلام في المنطقة". كما قال نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زئيف الكين "تكشف إقامة حكومة وحدة بين (الرئيس محمود عباس) ابو مازن وحماس مرة أخرى وحدة الأهداف بين مخرّبي حماس وقيادة فتح المتمثلة بتدمير دولة إسرائيل".
أما واشنطن وبحسب ما تناقلته الصحف، فأبدت تذمّرها من اتفاق المصالحة حيث قال مسؤول رفيع المستوى في الادارة الاميركية إن الولايات المتحدة ستعترف بحكومة الوحدة التي ستنشأ في السلطة الفلسطينية فقط إذا اعترفت بإسرائيل، وتنكرت للعنف.
اتفاق المصالحة واستمرار المقاومة الفلسطينية بشقيها السلمي الدبلوماسي والمسلح أكد ان الزمن الذي كان ممكنا فيه طمس صورة الشعوب المدافعة عن نفسها قد مضى، وصمد الفلسطينيون بالجهاد لليل الطمس الطويل لقضيتهم حتى بان النهار وجاءت معه صورة الفلسطيني المدافع عن ذاته بسخاء النفس والروح وذكاء العقل والتدبير وها ان غزة المطموسة صورتها حتى أمس القريب تتوهج على حساب المقولة الاستعمارية القديمة القائلة الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا. وها ان وسائل الاعلام العالمي بل والغربي تحديدا تتحدث عن ضرورة ارتفاع العقل السياسي الغربي الى مستوى الصمود الفلسطيني المقاتل في غزة والضفة. فكل يوم يمر يحمل جديدا عن تحولات داخل العقل الغربي خجولة بخياراته والمستشرف لغته السابقة واضحة وصريحة في فهم الحق العربي لا سيما الفلسطيني المؤمن بنفسه والمستشرف لغلبة الحق على المديين القصير والطويل.
لكأن أصدقاء العرب من مفكري وساسة الغرب أصبحوا في نظر أبناء هذا الغرب رواداً تفتخر بهم بلدانهم وكاشفين لوقائع الحاضر وحقائق المستقبل. بل ان جددا من هؤلاء قد ظهروا في الساحة الدولية ملتزمين يرون في نصرة العرب وتفهم قضاياهم امارة الفهم السليم للتحولات الجارية داخل الصمود العربي لا سيما الفلسطيني.
لم تستطع النخب والمجتمعات الغربية في أوروبا واميركا الا التسليم بالمستوى الانساني الرفيع للشعب المقاوم في فلسطين، فكل ما ظهر منه يدل على تفوق الفلسطينية كهوية نضالية على ذاتها في ما راكمته هذه الذات من معرفة وخبرة وادراك نوعي لأسرار الكفاح والنصر وحتى من الكتب الدينية الاسلامية والمسيحية بل واليهودية نجحوا في أن يستلوا عدّة المقاومة والغلبة. وقد وجد قادتهم في تراث اليهودية نفسها ما يستقوون به من ارشادات وأساليب وعدة ضرورية للنصر.
منذ الثلاثينيات من القرن الفائت والنضال الفلسطيني لم يهدأ، بل ان التاريخ يروي أنّه في عصر السلطان عبدالحميد الثاني وقبل اندلاع الحرب العالمية الأولى كان المبعوث اللبناني الى اسطنبول والوزير في الحكومة العثمانية مترجم الالياذة الى العربية سليمان البستاني قد أدلى أمام السلطان العثماني عبدالحميد الثاني بمداخلة مطولة شرح فيها الأطماع الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المقدسة. ويقول التاريخ هنا إنّه في أحد اجتماعات مجلس النظار أي المجلس الوزاري بدأ السلطان عبدالحميد بالحديث عن نشاط يقوم به يهود أوروبيون في القدس وفلسطين معقبا أنّهم قد يكونون قادرين على تأمين قروض مالية تحتاجها السلطنة. فأخذ الكلام بعده الوزير العثماني سليمان البستاني شارحا بالتفصيل مطامع اليهودية الصهيونية في فلسطين، وكانت مداخلة البستاني من العمق وسعة المعلومات الميدانية عما يجري في سوريا الجنوبية (أي فلسطين)، بحيث اقتنع السلطان باخطار اليهودية المتصهينة على الكيان الشرقي الاسلامي والمسيحي على البلدان الاسلامية كافة.
ودخل الوعي على الخط الصهيوني في كافة أطراف الدولة العثمانية بفضل تأثر السلطان عبدالحميد بمرافعة الوزير العثماني ابن دير القمر سليمان البستاني. كان السلطان في تلك الايام معتبرا خليفة للمسلمين وليس ملكا فقط، وكان الفضل في دق ناقوس الخطر على الاسلام والمسيحية الشرقية لوزير المعارف في ذلك الزمن ابن دير القمر في جبل لبنان. وتعتبر مداخلة وزير المعارف اللبناني هذه في اسطنبول احدى دقات ناقوس الخطر الأولى على البلاد العربية والاسلامية لا يعادلها في التأثير على الوعي العربي الا كتاب جورج انطونيوس الذي صدر في زمن الانتداب الانكليزي على مصر.
ولقد لعبت ظاهرة العولمة المقدمة الى الناس عادة على أنهّا مفهوم اقتصادي بالدرجة الأولى ولا صلة لها بالوطنية والسياسة النضالية دورا ايجابيا في خدمة القضية الفلسطينية. انّه الحج السياسي الى فلسطين يقوم به المثاليون والأطهار المنحازون لقضايا الحق من البلدان الاكثر تقدما في العالم.
مرة جديدة بعد مرات قديمة موغلة في القدم يقوم هذا الجانب الشرقي والجنوبي من المتوسط الذي اسمه فلسطين وجوارها ليعطي البشرية ذلك السلم السحري سلم المبادئ والقيم تتمسك به وتصعد عليه النفوس والضمائر المنحازة للحق بريطانية كانت أو فرنسية أو أوروبية أو حتى أميركية داعمة مواقف البطولة والانحياز للحق العربي والفلسطيني التي صنعها ببسالة بطولية غير مسبوقة أهل غزة وفدائيوها وقادتها.

المنظمة بعد خمسين عاماً على تأسيسها
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
باستثناء بيان ومقالة موجزة هناك، فإن الذكري الخمسين لتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، تكون قد مرت بسلام، لا احتفالات ولا ضجيج، لا مراجعة ولا تقييم، لا حديث عن المنجزات، ولا استقراء لآفاق المستقبل، لكأننا أمام حدثٍ بسيط، في يومياتنا المزدحمة، علماً بأن أي فصيلٍ فلسطيني، بمن فيها تلك التي لا تحتفظ في صفوفها بعددٍ من العناصر والمؤيدين، يكفي لملء حمولة حافلة واحدة، يملأ الدنيا ضجيجاً وبيانات، في الذكرى السنوية لانطلاقته “المجيدة”، فهل بلغ “اليُتم” بالمنظمة، هذا الدرك؟ ... أليس لها من بواكي أو من محتفلين بعيد ميلادها؟
مرور الذكرى على هذا النحو الصامت، يعكس المكانة التي آلت إليه منظمة التحرير في المنظومة “المؤسسية” الفلسطينية ... كما تعكس “حيرة” الطبقة السياسية الفلسطينية في تحديد موقع المنظمة ومكانتها في هذه المنظومة ... لقد أتى زمن، كادت فيه “السلطة” أن تبتلع المنظمة، ومع انسداد آفاق تحوّل السلطة إلى دولة، راهنّا وراهن كثيرون، على فرص إحياء المنظمة واستعادة دورها ومكانتها، لكن وضعية “الدولة غير العضو”، تحت الاحتلال، التي حصلت عليها فلسطين في الأمم المتحدة، أعادتنا إلى مربع الإرباك الأول، سيما حين يتعلق الأمر بسؤال الأولويات، وأيهما “التعبير الرسمي” عن وحدة الشعب الفلسطيني وهويته، المنظمة الشائخة أم الدولة غير العضو، الذي يسعى في استكمال شروط عضويته في المجتمع الدولي.
من يمثل الشعب الفلسطيني، كل الشعب الفلسطيني: المنظمة أم الدولة غير العضو؟ ... هل يمكن لشعب واحد، أن يتمثل بكيانين، دولة ومنظمة؟ ... هل يمكن لدولة لم تتحدد بعد ولايتها الجغرافية، لكنها وفقاً لأفضل السيناريوهات، لن تتخطى حدود الرابع من حزيران، أن تمد ولايتها الديموغرافية على امتداد خريطة الشتات والمنافي الفلسطينية، داخل الخط الأخضر وخارجه، داخل الوطن المحتل والمحاصر وخارجه؟ ... هل يمكن الركون إلى “دولة غير عضو”، ما زالت قيد الاعتراف والقبول الدوليين، لتكون هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، هل سيتعرف المجتمع الدولي بدولة كهذه، بهويتها وولايتها هذه؟ ... في حالة كهذه، هل يمكن الاستغناء عن “الممثل الشرعي الوحيد”، هل أنجز هذا “الممثل” وظيفته بعد خمسين عاماً على تأسيسه؟ ... أم أن وظائف أخرى تنتظر المنظمة، وما هي؟
هل يمكن التفكير بصيغة ووظيفة للمنظمة، على شاكلة وطراز “الوكالة اليهودية”، التي ما أن نجحت في إنشاء دولة الاحتلال والاستيطان والعنصرية، حتى تفرغت لتنشيط قضايا الهجرة والسيطرة على الأراضي من أصحابها الأصليين؟ ... ما الذي يمكن للمنظمة أن تقوم به من وظائف، في معركة الشعب الفلسطيني المفتوحة من أجل الحرية والاستقلال؟
قبل قيام السلطة، وبالأخص بعدها، كانت المنظمة، وليس السلطة، هي حاملة “الختم” و”التوقيع” الفلسطينيين، وليس السلطة، باسمها أبرمت كافة الاتفاقات، وباسمها جرى تبادل الاعتراف مع إسرائيل ... وباسمها وتحت رعايتها، نشأت سلطة الحكم الذاتي المحدود، المؤقتة والانتقالية ... وبرغم غيابها عن مسرح العمل السياسي والنضالي في مختلف ميادينه، إلا أن المنظمة كانت تُستدعى دائماً، وفي كل مرة احتاج فيها الفلسطينيون للتوقيع على اتفاق أو وثيقة، هل سيستمر هذا الوضع، بعد حصول فلسطين على مكانة “الدولة غير العضو”؟ ... وهل يصح بالذات، إن قررت”الدولة غير العضو”، المضي في طلب عضوية المؤسسات والمعاهدات الدولية ذات الصلة؟
ثمة اتجاه فلسطيني عام، يؤشر للتوافق الوطني حول “المتروك”، والمتروك هنا، هو السلطة بما أسبغ عليها من مكانة وأهمية وأدوار تتخطى حدود صلاحيتها واحتمالها، هذا لا يعني حل السلطة، وإنما إعادة تعريف لوظائفها ... لكن من الصعب القول إن الفلسطينيين، متحدين أو متوافقين حول “المرغوب” به، والمطلوب تدعيمه في قادمات الأيام والسنين ... هل نُنمي المنظمة ونفعّلها ونعيد هيكلتها ونبني مؤسساتها من جديد، أم أن المطلوب، السعي لبناء مؤسسات “الدولة غير العضو”، واستكمال عضويتها وتمثيلها ... هل ما زلنا نفكر بإجراء انتخابات السلطة أم أنها ستجير للدولة، وماذا عن مؤسسات المنظمة؟
أسئلة وتساؤلات، يحمل كل منها دلالات وأبعادا، ويرتب مسؤوليات ونتائج وعواقب، سياسية وقانونية ونضالية، لا أحسب أن حواراً مجتمعياً فلسطينياً عميقاً يجري حولها ... لكننا في الذكرى الخمسين لتأسيس المنظمة، نجد حاجة للقول، بأنها كانت خلال هذه العشريات الخمس، بمثابة وطن معنوي للفلسطينيين وهوية وعنوان، وهي نجحت في ترسيم وجودهم على جغرافيا المنطقة، بعد أن تعرضوا للغياب والتغييب والمصادرة والتبديد ... واليوم، أكثر من أي وقت مضى، تبدو الحاجة ماسة، لإعادة النظر في قراءة وتحليل “المنظومة المؤسسية” أو النظام السياسي الفلسطيني، وكلما كان ذلك أسرع وأعمق وأشمل، كلما كان ذلك أفضل من منظور مستقبل كفاح شعب فلسطين من أجل حريته واستقلاله.

التوريث السياسي وأمراض الشيخوخة في القيادة الفلسطينية
بقلم: سنان شقديح عن رأي اليوم
ثمة حاجة شديدة لأفتتاح عيادة تعنى بأمراض الشيخوخة, في كل مقرات القيادة الفلسطينية بشكل عام وفي مقر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بشكل خاص على ان يكون لهذه العيادات أفرع في كافة مقار قيادة الفصائل الفلسطينية بمختلف مشاربها المالية قبل العقائدية ومن اصغرها: وهو الحزب الشيوعي الثوري الفلسطيني, ومجمل اعضائه نفران هما الأمين العام وزوجته وحتى اكبرها وهي حركة فتح.
وربما هناك ضرورة لأضافة بند مصروفات جديد تحت قسم المتفرقات في الموازنة العامة للبدء بشراء مستلزمات مخصصة للكبار لضمان استمرار اجتماعات القيادة دون ان يعكر صفوها حوادث عرضية يمكن تجاوزها ببعض الفطنة الصحية والأستعداد المسبق.
وما سبق ليس “تنميرا” سياسيا والعياذ بالله, او محاولة للغمز من كبر سن قادة الشعب الفلسطيني “أطال الله اعمارهم” او تعريضا بطول فترة قيادتهم, انما من باب الحرص على شيخوخة مريحة, ليواصلوا حكم شعبهم الى ما شاء الله كونه -أي الله تعالى- هو وحده عامل التغيير الوحيد في القيادة الفلسطينية, عبر ملاكه عزرائيل وليس عن طريق المؤتمرات التنظيمية, التي تعيد انتخاب القائد الرمز, الضرورة, اياه ووحده وبذات مصطلحاته وأفكاره الحكيمة الباتعة التي أوصلتنا تحت قيادته الملهمة الى ما نحن عليه الأن.
ومن باب تيسير اعمال المؤتمرات التنظيمية, اقترح ان يتم انتخاب الأمين العام, الرئيس, اعضاء اللجنة المركزية او المكتب السياسي مدى الحياة, وان يصار الى انتخابهم بالبيعة بدل الأنتخاب, وربما في مراحل لاحقة توريث المناصب لذريتهم الطاهرة, فهناك السابقة السورية من حافظ الأسد لأبنه, والكورية كيم ايل سونغ وحتى الأميركية بوش الأب للأبن.
وكخيار أخر هناك الطريقة الأخوانية, وللأسف أوٌقف العمل بها قبل بضع سنين, وتسمى ببيعة القبور حيث يتم اختيار المرشد الجديد خلال تشييع سابقه, وعبر الهتاف بأسم الجديد خلال تشييع المتوفي.
وهناك ايضا خيارات أخرى عديدة مشابهة, تستطيع عقول فطاحلة الأنظمة الداخلية للفصائل اجتراحها -“على الحارك”-, وتتراوح بين تلك المستنبطة من الدين كالشورى, والأخرى الخارجة من كتب النظرية الماركسية كالديمقراطية المركزية, وحتى في الليبرالية هناك حلول منها ما فعله الرئيس الروسي بوتين للعودة للحكم. وما دام هناك اسبقيات قانونية للتوريث السياسي, وللقائد الأبدي -الأسد للأبد- فلماذا نلف وندور خجلا حول ذات الساقية فلنُعلن ولنُثبت ذلك مكتوبا في الأنظمة الداخلية بما ينص على بقاء الرئيس, الزعيم, الرمز او الأمين العام ابديا وتوريث أبنه من بعده وبغير ذلك لن يستقيم الحال فمثلا هل يستطيع أي فلسطيني أن يتخيل الجبهة الديمقراطية بدون “ابو النوف”, امينها العام منذ تأسيسها قبل أربعة عقود ونصف, فالرجل فلتة تنظير, وهو الوحيد القادر فلسطينيا على استنباط دبس الواقعية السياسية من خلفية نمس النظرية الماركسيز
وهل يمكن ان نتخيل “حماس″ بدون مشعل الذي ادخل فيل شعارات تحرير كل فلسطين في خرم أبرة معاهدة التهدئة المصرية مع اسرائيل… وقبل مشعل و”ابوالنوف” فهل تستقيم المفاوضات دون كبيرها صائب او كبيره الرئيس محمود عباس وتوجيهاته بالتفاوض الأبدي وقدرة طاقمه على اقناعنا بتحقيق انتصارات كبرى ان صبرنا عاما استيطانيا جديدا. وما اين سنجد قيادات بحجم “ابو العلاء”, ملوح, ابو اسماعيل وعبد ربه والأخير فريد من نوعه عالميا….الخ. هؤلاء القادة لا يمكن تصنيعهم في الصين او تجميعهم في ماليزيا…هم لن يتكرروا ونساء فلسطين لم ولن تنجب مثلهم بعد اليوم او ابدا ومن هذه الحقيقة أقترح تحنيطهم منذ الأن واعتبارهم من المعالم التراثية للنكبة الفلسطينية

رأي القدس: مصر: ضعف التصويت «صفعة على وجه النظام»
بقلم: أسرة التحرير عن القدس العربي
فشلت كافة الاجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية خلال الايام الثلاثة الماضية في اقناع اغلبية الناخبين المصريين بالتصويت لاختيار الرئيس المقبل، في مفاجأة ربكت حسابات النظام.
و شملت تلك الاجراءات كافة اشكال «الترغيب» عبر ابتزاز المشاعر الوطنية، في حملة اعلامية شرسة عمادها الاغاني المرتبطة بانتصارات وتحولات تاريخية، وحشد المعلقين السياسيين والعسكريين في البرامج الحوارية لربط الامتناع عن التصويت بـ «الخيانة» وعدم الانتماء، وبالتالي «سقوط الحق في المطالبة بالحريات او الوظائف او التنمية(..)» كما قال احدهم.
ومن ثم اضطرت الحكومة الى اللجوء الى «الترهيب» بالتلويح بفرض غرامة قدرها خمسمئة جنيه (نحو سبعين دولارا) على المقاطعين، وهو مبلغ كبير بالنسبة للكثيرين، ما دفع البعض وخاصة من كبار السن الى الذهاب مضطرا الى اللجان مساء الثلاثاء، خوفا من ان تخصم الحكومة الغرامة من معاشاتهم. اما الشباب فاما واصلوا مقاطعتهم غير مبالين بالغرامة، او ذهبوا الى اللجان وابطلوا اصواتهم.
وعلى اي حال فان مشاهد اللجان الخاوية على عروشها اكدت استمرار ضعف المشاركة حتى بعد التهديدات بالغرامة التي قد تكون «قانونية» الا انها في حقيقتها «غير اخلاقية» وتدخل في اطار «تزييف ارادة الناخبين»، وتدل بوضوح على مدى انزعاج النظام وحرجه بعد ان تلقى «صفعة سياسية على وجهه» ادت الى فضح الخطاب الاعلامي الزائف والمزيف لحقيقة موقف الرأي العام في مصر تجاه كثير من التطورات الدراماتيكية التي شهدتها مصر منذ الثلاثين من حزيران/يونيو الماضي، وليس الانتخابات الرئاسية فقط.
وبعد ان خرجت بعض وسائل الاعلام المؤيدة للنظام في اليوم الاول من التصويت تتحدث عن «ثورة ثالثة في صندوق الاقتراع»، جاءت صور اللجان الخاوية لتكشف كذب الماكينة الدعائية التي لم تتوقف عن الحديث على «اقبال كثيف» حتى بعد قرار الحكومة بجعل ثاني ايام التصويت اجازة رسمية، في اعتراف ضمني بضعف الاقبال.
وسيكون على النظام ان يواجه اسئلة صعبة بشأن احجام اغلب المصريين عن المشاركة في الانتخابات في الوقت الذي كان بنى فيه «شرعيته» على «خروج الملايين» في الثلاثين من حزيران/ يونيو والثالث من تموز/يوليو ثم السادس والعشرين من تموز/يوليو. فما الذي حدث لهذه «الشعبية» التي استخدمها كمبرر لاطاحة رئيس منتخب؟
وفي الواقع لا يصح لاي حزب او جماعة او تيار بعينه ان يعتبر ضعف الاقبال انجازا له، في ضوء تنوع الاسباب والشكوك والهواجس التي تقف وراء قرار عشرات الملايين من الناخبين بالامتناع عن التصويت، رغم كافة وسائل الترغيب والترهيب التي مارسها النظام.
ويستطيع المراقب على الارض ان يلمس هذا التنوع بين مختلف فئات وشرائح المجتمع، ويمكن تلخيصها فيما يلي:
٭ اولا: يشعر كثير من الذين شاركوا في التظاهرات ضد حكم الاخوان في الثلاثين من حزيران/يونيو ان الثورة تعرضت للسرقة مجددا على ايدي «فلول مبارك» الذين سارعوا الى الترويج لحكم المؤسسة العسكرية باعتباره «قارب النجاة» لهم، مع تصوير الامر للجماهير عبر الماكينة الاعلامية الضخمة على انه «قارب النجاة للبلاد». ومع انخداع كثيرين بمن فيهم بعض من يسمون بـ «المثقفين»، الا ان القاعدة الشعبية رفضت بحسها الوطني فطريا الانجرار الى هذا الفخ، بغض النظر عن استمرار كثيرين منهم في انتقاد جماعة «الاخوان» او التعاطف معها.
٭ ثانيا: وقع النظام خلال الشهور الماضية في اخطاء وخطايا كبيرة جعلت الكثيرين يحجمون عن تأييد استمراره، حتى وهم يقرون بعدم وجود بديل جاهز. وبكلمات اخرى قرروا منحه فرصة قد لا تزيد عن عام لتحقيق انجازات على الارض بشأن عودة الامن وحل مشاكل البطالة ووقف التدهور في الخدمات الحيوية بشكل خاص، ثم تكون هناك وقفة للحساب معه.
٭ ثالثا: كشف ضعف الاقبال على التصويت عن تماسك تيار الاسلام السياسي رغم كل ما تعرض له من ضربات، اذ فشلت القيادات السلفية في اقناع القواعد بالمحافظات في النزول الى اللجان الانتخابية، رغم الجهود الكبيرة التي بذلوها وشملت تنظيم المسيرات والمؤتمرات وتوفير الحافلات لنقل الناخبين مجانا، والتي اعتبرها مراقبون اكبر من جهود الحملة الرسمية للمشير السيسي نفسها في الانتخابات. ويكشف هذا الموقف عن تضامن قواعد السلفيين مع جماعة الاخوان فيما تعرضت له من ظلم، كما يدل على زيف ادعاءات بعض القيادات السلفية بشأن تمثيلها وسيطرتها على قواعد الدعوة السلفية الذين يقدرون بنحو خمسة ملايين شخص.
واخيرا فان النظام يقف امام خيارين ردا على «صفعة الانتخابات»، اولهما الا يفعل شيئا، وعندئذ سيخاطر بتحول هذه «المقاطعة» تدريجيا الى خانة التحرك والاحتجاجات، او ان يبدأ فورا مراجعة شاملة لخطابه السياسي والاعلامي، احتراما لرأي الاغلبية الشعبية التي امتنعت عن «تفويضه» في صندوق الاجتماع، وهذا امر يتطلب كثيرا من الشجاعة والحكمة والقرارات الصعبة.
فهل يفعلها؟



البحث عن بديل بالتزامن مع إعادة انتخاب الأسد
بقلم: عبد الوهاب بدرخان عن الحياة اللندنية
الرسالة التي تلقتها روسيا وإيران والنظام السوري لم تتضمّن تهديداً بعمل عسكري غربي في سورية، كما تكهّن رئيس هيئة الأركان في القوات الروسية فاليري غيراسيموف، بل كانت واضحة في أن الدول الغربية لم تقبل الانتخابات الرئاسية في ظل القتل والقتال ولن تأخذ بنتيجتها كأمر واقع، وبالتالي فإن أي حل سياسي لا يمكن أن يبنى عليها، ومتى وجد هذا الحل فإن بشار الأسد لن يكون جزءاً منه.
وفي حدود ما بات معروفاً من تطورات الأزمة الأوكرانية، فإن ديبلوماسية التأزيم التي اتّبعها فلاديمير بوتين لم تتمكّن من فرض منطق التقسيم. كانت مجدية طالما أن هناك من هو مستعد للمساومة معه، أما وقد وجد نفسه وسط قطيعة غربية، فإن المساومة توقفت بدورها، ولم يعد لديه سوى تحريك جيشه لتحصيل ما يريده بالقوة. لا يزال هذا الخيار متاحاً أمامه، غير أنه يورّطه في أزمة ليس أكيداً حتى الآن أنه يسعى إليها. كيف يمكن أن تؤثر نتائج أوكرانيا في سورية؟ هذا ما سيتضح أكثر خلال المرحلة المقبلة، فقد تكون المكان الذي تثأر فيه روسيا بدفع النظام إلى التصعيد، أو ربما يحصل العكس بالتشجيع على العودة إلى مسار جنيف مع بعض التعديلات. لكن، هل حسابات روسيا ستتطابق دائماً مع حسابات إيران الغارقة في المفاوضات النووية وفي عدَّين عكسيَين: أولهما إيجابي لرفع العقوبات، والآخر سلبي للموافقة على محدودية برنامجها النووي؟
ماذا يعني التصعيد في حال ترجيحه؟ أن تضاعف إيران القوات التي تستقدمها من هنا وهناك لخوض معارك واسعة واسترجاع كل المناطق السورية. لكن موسكو وطهران مدركتان أنه لا يمكن فرض «حل سياسي» بالقوة، وأن النظام لم يعد مؤهلاً في حد ذاته للاستمرار، وبالتالي فإن «الانتصارات» التي حققها له الإيرانيون وأتباعهم وفّرت لهما أوراقاً للمساومة، غير أنهما لا يجدان حالياً شركاء لهذه المساومة. نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أبلغ أخيراً أعضاء قياديين في «الائتلاف» السوري المعارض التقاهم على هامش القمة العربية في الكويت، أن موسكو ترغب في أن تُستأنَف مفاوضات جنيف، لكن واشنطن لم تعد تردّ على رسائلها، وبدا أنه يحضّ «الائتلافيين» على إثارة الموضوع خلال زيارة وفدهم واشنطن، وإذ لم يمانعوا فإنهم سألوه عن مصير الانتخابات الرئاسية وعن «ضمانات» مسبقة بأن النظام بات موافقاً على البحث في «هيئة انتقالية» للحكم.
وفيما تُمَهّد السبل للشروع في التفاوض الإيراني - السعودي تكثر التساؤلات أولاً عن كيفية إحراز تقدّم فيه إذا كانت إيران تنوي استكمال السيطرة العسكرية في سورية، وأيضاً عما يمكن أن تقدمه وعن الثمن الذي تطلبه في المقابل... وأين تريده، في لبنان أم في العراق أم في الخليج؟ انبرت طهران مجدداً إلى تذكير الأطراف الدولية بضرورة التحدّث معها في شأن سورية، إذ أثار رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، في لقاء مع السفراء العرب والأجانب، نقطتين: الانتخابات الرئاسية التي قال إنها من «العوامل الفاعلة والمؤثرة في إعادة الأمن والاستقرار»، وضرورة تضافر كل الجهود «لمواجهة الإرهاب». واعتبرت الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم أن «تنظيم الانتخابات سيلعب دوراً كبيراً من أجل حل الأزمة سياسياً»، وأنه «فرصة لاستعادة الاستقرار» في سورية.
حتى النظام لا يروّج لانتخاباته باعتبارها وسيلةً لـ «الاستقرار»، وإنما عنواناً لبقائه، فيما يتفق خصومه جميعاً على أن الحرب لن توقف ما دام الأسد في الحكم. أما طهران فلا تشرح كيف سيستعاد «الاستقرار» لكنها تلوّح بأنها تملك الطريقة. فمن النقاط التي يتجدّد طرحها، وتحظى بنوع من عدم الممانعة أميركياً، أن يُعتمد مبدأ القبول باستمرار النظام في مرحلة أولى «من دون الأسد» لكن بوجود بديل «عَلوي» قادر على طمأنة الطائفة من جهة وإيران من جهة أخرى فضلاً عن روسيا. صحيح أن الفكرة قديمة، لكن اللافت أن إصرار الأسد على الانتخابات هو ما أعاد إطلاقها، أي أن «إعادة انتخابه» تتزامن عملياً مع «البحث عن بدائل» مع التسليم بأن إيران لا روسيا هي الجهة التي تستطيع صنع هذا «الحل» على أن يبدأ بتقديم التنازل الذي يرضي المعارضة ثم يُستكمل بترتيبات العملية الانتقالية.
طُرح هذا «التنازل» في بعض الدوائر ولا يزال افتراضياً، لأن التفاوض لم يبدأ فعلياً بعد، لكن ما ساهم في إبرازه أن الطرفين (النظام وحلفاؤه، والمعارضة مع «أصدقائها») بلغا نقطة اللاعودة، فانهيار مساعي الحل السياسي وتقدّم النظام ميدانياً وضعا الأميركيين وحلفاءهم أمام ضرورة إعادة تأهيل النظام والاستعداد للتعاون معه، وهذا خيار لم يعد ممكناً ويرفضونه تماماً، لذلك أعادوا حساباتهم على أساس أن الحرب هي الخيار الوحيد وتحتّم عليهم إجراء تغيير جذري في الطريقة التي أداروا بها الأزمة حتى الآن. لذلك، أُعيد النظر في مسألة التسليح، وحُسم الجدل حول «ضوابطه»، وطُلب من الدول الإقليمية كافة أن تعالج خلافاتها وتناقضاتها ليكون التنسيق في ما بينها أكثر فاعلية وأكثر شفافيةً على الأرض. وقد انعكس ذلك في تحركات مفاجئة للفصائل الإسلامية التي تواصل السعي إلى توحيد صفوفها، وصولاً إلى دمجها، بعدما أُحيط قادتها علماً بألا يعوّلوا بعد الآن على الانسياب نفسه للتمويل والتسليح. وبموازاة هذا التحرك استشعرت «جبهة النصرة» مزيداً من الضغوط عليها كي تحسم وجهتها بعدما تأكد تناقضها مع تنظيم «داعش» أما انتماؤها لـ «القاعدة» فسيضطر فصائل المعارضة الأخرى لعدم التعاون معها في المرحلة المقبلة.
بطبيعة الحال سينعكس التغيير الحاصل على «الائتلاف» الذي سينتخب قيادة جديدة مطلع تموز (يوليو) المقبل، وللمرة الأولى لا يُتوقّع تنافس بين «مجموعة السعودية» و «مجموعة قطر»، لأن التناقض هنا حُسم أيضاً لمصلحة تنسيق تديره السعودية. وفيما تُجرى مداولات لاختيار رئيس «الائتلاف»، يلاحظ أن الدول الكبرى الداعمة تريد حالياً رفع درجة الاعتماد على «الحكومة الموقتة» وزيادة مواردها كمؤشر من جهة إلى الاستعداد لأزمة طويلة.
ومن جهة أخرى إلى رغبة هذه الدول في تعزيز الاتصال المباشر مع الداخل. لكن العمل الأهم في الأسابيع المقبلة سينصبّ على إعادة تشكيل هيئة أركان «الجيش الحر» وتمتين ارتباط المجالس العسكرية بها، فضلاً عن تنظيم العلاقة وتوضيحها بين هذا الجيش و «الائتلاف». ولعل احتدام المعارك في الكثير من الجبهات يشير إلى استشعار النظام وحلفائه بضرورة استباق التطورات الجارية قبل اكتمال عناصرها، إذ جرى أخيراً تنشيط جبهتي حلب ودرعا وسجّل فيهما ظهور مقاتلين من أتباع إيران، كما أوعز إلى عناصر «داعش» تكثيف الضغط على دير الزور وإلى عناصر «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» تأكيد سيطرته على القامشلي ومنع الأحزاب الأخرى من الحراك، وفي الوقت نفسه زيد التصعيد في الغوطة كما في إدلب وحماة...
يستكمل النظام الاستعدادات للانتخابات الرئاسية ظناً منه أنها تتويج لـ «انتصاراته» فيما يكتشف أنها قد تكون الغلطة التي من شأنها تغيير مجرى الأزمة. لم يكن في حاجة إلى مَن يشرح له أن الانتصار يكون حقيقياً لو نجح في إعادة مهجّر واحد إلى أي بلدة استعاد السيطرة عليها، ثم إن أحداً لا ينظّم انتخابات بعد أن عمل على تشريد نصف الشعب وتسبّب بكل هذا الدمار.

هل تبرّر انتكاسة «الإخوان» مظلوميتهم؟
بقلم: هالة ابو حمدان عن السفير البيروتية
مع انطلاق ما سمّي بثورات الربيع العربي، لم يكن غريبا ولا مفاجئا بروز الحركات الإسلامية كقوى صاعدة في هذا المشهد الانتقالي، إلا أن ما استحدثه هذا الحضور القوي من إشكاليات، افترض مزيدا من تأمل آثار الانتقال على الحركية الإسلامية، وقدرتها على الاستجابة لمقتضيات المرحلة التي تمر بها المنطقة.
لقد كانت تباشير هذه «الصحوة الإسلامية»، التي بدأت منذ أوائل الثمانينيات، تعبّر عن نفسها بمشاركة سياسية واسعة. وصعدت الحركات الإسلامية بعد الثورات العربية، صعوداً غير مسبوق. حركة «الاخوان» في جمهورية مصر العربية وحزب «النهضة» في الجمهورية التونسية وحزب «العدالة والتنمية» في المملكة المغربية. وليس هناك ما يبعث على المفاجأة في جاذبية الأحزاب الدينية، مع تراجع الخطاب القومي العربي، خصوصاً في وقت يسود فيه كثير من اللبس السياسي. والقول بسرقة الثورة والتسلق عليها وركوبها يفتقد إلى الدقة. فهم، أي الإسلاميون، جزء من مجتمعهم وبالتالي هم شركاء في تلك الثورات. وقد لجأ الناس الى الإسلام السياسي كتعبير عن احتجاجهم على وضعهم الاجتماعي. وكان طبيعياً بالتالي، أن يلفظوه حين يغدو في الموقع السلطوي المضاد.
فمع اندلاع الحراك العربي، وجد الإسلاميون، وتحديداً في مصر، أنفسهم فجأة أمام فرصة للحكم والسلطة دونما استعداد أو تأهل لها. وبسبب حرصهم المفرط على الوصول إلى الحكم، قبلوا بتولي السلطة، وشغلوا بالتمكين لأنفسهم والانتقام من خصومهم ومنافسيهم، ولم يبادروا الى حل ّ القضايا المحركة والمنشئة للربيع. كما بقي أدبهم النظري يدور حول «النموذج المثالي» للدولة، الموروث عن المنظومة التراثية المرجعية دون تطوير عملي يلائم المفاهيم السياسية المتغيرة في عالمنا المعاصر شديد التعقيد.
إن النماذج الإسلامية في الحكم ليست واحدة. فهي مثلا بالنسبة لحزب «العدالة والتنمية» في تركيا دولة مسلمين وليست دولة إسلامية. فقد تراجعت لديه فكرة الدولة الاسلامية الخالصة. ونذكر هنا نصيحة اردوغان الشهيرة لإخوان مصر أن «اقبلوا العلمانية ولا تكونوا علمانيين». بالتأكيد، لم يحقق أردوغان وحزبه هذه الانتصارات لمجرد العاطفة الاسلامية عند الناخب التركي، بل لتحقيقه نجاحا اقتصاديا باهرا أكسبه تأييدا واسعاً. وقد احتاجت تركيا الى سنين من الجدل والصراع حتى طوّرت صيغة جديدة معقولة للعمل السياسي تلائم التدين السائد في تركيا وعلاقته مع العلمانية.
في إيران، تختلف التجربة عن غيرها. نجح الاسلام السياسي، اذا صح التعبير، في إقامة ما يمكن تسميته دولة إسلامية في إطار خاص هو إطار «ولاية الفقيه». على الأقل، استطاع هذا النموذج الصمود في وجه الهجوم المتعدّد الأوجه والمصادر. أسباب نجاح الجمهورية الاسلامية في إيران عديدة. أهمها موضوع مواجهة المشروع الأميركي الصهيوني، وفي مواجهة ضرورية لإضفاء المشروعية على أي نظام إسلامي، مع وجود قضية مركزية للعالمين العربي والاسلامي، عنيت بها القضية الفلسطينية.
بالمقابل، فشل «الإخوان المسلمون» في مصر في انتزاع هذه المشروعية لحكمهم، بعد عقود من منعهم من العمل السياسي. من الواضح انهم لم يستوعبوا مسألة الحكم أصالة أو شراكة ولم يستعدوا لها. فالصيغة الإخوانية المصرية بيّنت في ممارستها للسلطة عدم انسجام مع الخطاب الذي قدّمته حول التأصيل لمسألة الشورى والديموقراطية والمواطنة والتعددية وغيرها. ولم تبيّن قابليتها أو قدرتها على التحول إلى أحزاب ديموقراطية إسلامية تتعايش مع العلمانية، على غرار التجربة التركية، أو حتى التونسية، ولا إلى سلطة عقائدية قوية في مواجهة الغرب والصهيونية، على مثال الثورة الإيرانية التي نشبت بالأساس ضد السيطرة الأميركية على إيران وضد التبعية للغرب. بينما بدا المشروع الإخواني في الحكم مضطرب الخطى تجاه إسرائيل، وكان استيلاؤه على الحكم أو مشاركته فيه مرهونين بالسياق الأميركي. ما منع «الإخوان» من أية نزعات تحررية أو حتى مواجهة جدية مع العدو الإسرائيلي. وبسبب عجزهم الداخلي وافتقارهم الى رؤية وطنية اجتماعية مضادة، لم يعد أمامهم سوى التحشيد الطائفي والمذهبي.
لا بدّ من التشديد على ان فشل «الإخوان» في مصر لا يعني بأي حال فشل الإسلام السياسي برمّته، علماً أنه نجح في أماكن أخرى وبصور مختلفة في المشاركة في المشهد السياسي والحصول على قبول شعبي معقول، خصوصاً مع تطور لغة المشروع الإسلامي الحركي وتقدم خطابه نحو تبني شعارت ومقولات الحوار والتعددية والتسامح والانفتاح والدولة المدنية وحقوق الانسان والديموقراطية.
من المهم لكل الحركات السياسية الأخرى التعامل مع التيار الاسلامي كواقع اجتماعي سياسي شرعي له حق الوجود والعمل وحق الوصول الى السلطة بناء على حق الشعوب في تقرير مصيرها. والعملية الإقصائية التي يتعرّض لها «الإخوان» في مصر خصوصاً، ستعيد إنتاج «المظلومية السياسية» التي استفادوا منها للوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع. إن عرقلة المصالحات الوطنية التي تفتح باب المشاركة الحقيقية والمتساوية للجميع، لن تساعد على توليد تيارات مدنية وأكثر ديموقراطية داخل حركات الإسلام السياسي، بقدر ما ستؤول إلى العكس من ذلك.

هل تغير أوباما؟
بقلم: عبد الرحمن الراشد عن الشرق الأوسط
خطاب أمس يؤكد على أن الرئيس الأميركي باراك أوباما ينظر إلى العالم بعينين واسعتين وعقل واقعي، أكثر من ذي قبل. صحيح، كان يمكن اختصار سنوات من المعاناة، وتقليص فرص المخاطر، لو أن الحكومة الأميركية استوعبت التطورات على الأرض مبكرا. مع هذا، من المهم العمل مع الولايات المتحدة من جديد على تطويق الفوضى الإرهابية في المنطقة، ووقف المأساة في سوريا.
الرئيس أوباما اقترب كثيرا من القول إنه عازم على تغيير الوضع في سوريا، بقوله إنه يريد دعم المعارضة، بل وحشد الدعم لها. وإنه يرى بوضوح أن المعارضة السورية هي أفضل الخيارات، أي الخيار الثالث، كما دعا إليه رئيس الائتلاف أحمد الجربا في زيارته الماضية للبيت الأبيض. قال إن أمام العالم أن يختار بين نظام مجرم يحكم دمشق، هو اليوم مرفوض من غالبية شعبه، وبين تنظيمات إرهابية تعيث شرا هناك، أو المعارضة السورية المعتدلة التي تضم كل أطياف السوريين.
نعود للتساؤل، هل عدلت الحكومة الأميركية موقفها من سوريا وبقية قضايا المنطقة؟
استقبال الرئيس أوباما لرئيس الائتلاف السوري المعارض، ترافق مع إغلاق سفارة الأسد في واشنطن وقنصليتيه في ميتشيغان وتكساس، وأنباء عن موافقة أميركية على تسليم بعض المعارضة أسلحة نوعية لمواجهة أسلحة النظام الثقيلة. وقد أعاد اهتمام أوباما المستجد بالقضية السورية اهتمام أوروبا أيضا، وحرك قضايا الجرائم لعرضها على المحكمة الدولية، وانضم الأردن إلى مجموعة الدول المواجهة بطرده السفير السوري.
محاولة السيطرة على الوضع في سوريا لم تعد موضوعا يهم العشرين مليون سوري، الذين يعانون أسوأ كارثة عرفتها المنطقة منذ سنين، بل أصبحت قضية تمس أمن الجميع. فالتوسع الهائل لتنظيمات «القاعدة»، بانضمام آلاف الشباب والنساء للقتال إلى جانبها، وقدرتها على التموضع والاستيلاء على مناطق واسعة من سوريا، يجعلها خطرا حقيقيا خارج حدود سوريا. وهي جزء من خريطة واسعة للإرهاب في اليمن وليبيا والعراق وجنوب الصحراء.
نحن نتوقع أن الاهتمام الدولي بسوريا يعني أن الحلول كلها أصبحت جدية. فالحل السياسي، لن يصبح حقيقيا قبل استخدام الخيار العسكري، حيث إن تعزيز القدرات العسكرية للمعارضة المعتدلة سيحاصر قوات النظام ويدفع إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، من جديد.
وإذا أرادت الدولة الحليفة الرئيسة لنظام الأسد تحدي الوضع المقبل الجديد، فإن هذا سيكلفها أكثر، رجالا ومالا، ولن تستطيع مواجهة دخول قوى كبرى على خط دعم المعارضة. هذا كله مرهون بجدية الحكومة الأميركية، وصدق ما تحدث به أوباما أمس عن ضرورة وقف الإرهاب ودعم المعتدلين في المعارضة.