المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء عربي 09/06/2014



Haneen
2014-07-17, 10:35 AM
اقلام عربي 09/06/2014


في هــــــــــــــــــــــذا الملف:

تعنت إسرائيلي… ومرونة فلسطينية في غير محلها
بقلم: هشام منور عن القدس العربي
المصالحة الفلسطينية في خطر
بقلم: محمد صالح المسفر عن العربي الجديد
الخامس من حزيران المطرود من الذاكرة
بقلم: محمد الريماوي عن الخليج الاماراتية
صلاة استسقاء من أجل السلام
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
تنازلات حماس
بقلم: هيثم الصادق عن الوطن القطرية
هل تعود إسرائيل العدو الأول؟
بقلم: الياس سحاب عن السفير البيروتية
مصر والعرب... وقطر و«الإخوان»
بقلم: محمد صلاح عن الحياة اللندنية
اسرائيل ما زالت تخشى من الجيش السوري ومن ينتقدوا انتخابات سورية عليهم ان ينظروا الى انتخاباتهم اولا
بقلم: زهير أندراوس عن رأي اليوم
الحق على العلمانيين.. فقط
بقلم: مشاري الذايدي عن الشرق الأوسط

تعنت إسرائيلي… ومرونة فلسطينية في غير محلها
بقلم: هشام منور عن القدس العربي
مع وصول مسار التفاوض بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية إلى طريق مسدود، كما جرت العادة، وانتهاء مهلة التفاوض من دون نجاح وزير الخارجــــية الأمريكي جون كيري في تحقيق أي انفراج ملموس، تبدو آفاق أي محاولات لاجتراح أساليب جديدة لاستئناف هذه المفاوضات التي تحولت إلى عقيمة، بائسة وشبه ميؤوس منها.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس قدم اخيراً مقترحاً جديداً للعودة إلى طاولة المفاوضات مع «إسرائيل» برعاية أمريكية، بعد انقضاء المدة السابقة وعودة الخلافات، يقوم على مبادرة الحكومة الإسرائيلية بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، كخطوة أولى فقط، تتبعها عملية تجميد الاستيطان بشكل كامل لمدة ثلاثة شهور، بعد أن حملت واشنطن علنا الطرفين مسؤولية انهيار الجولات السابقة من المفاوضات.
قال الرئيس عباس في مقابلة أجرتها فضائية «العودة» وجرى بثها على عدة فضائيات فلسطينية، «الآن يريدون أن تُستأنف المفاوضات نحن لا مانع لدينا»، مضيفا، «إذا أرادت (إسرائيل) أن تعود إلى المفاوضات عليها أولا أن تطلق سراح الـ 30 أسيرا ثم نذهب إلى المفاوضات لمدة 9 أشهر».
الرئيس الفلسطيني يريد أن يتم خلال الشهور الثلاثة الأولى عملية ترسيم الحدود، لكي يعرف كل طرف حدوده. وتابع «عند ذلك ننتقل أو في هذه الأثناء نكون قد ركزنا على باقي قضايا المرحلة النهائية»، لكنه قال إنه لغاية اللحظة لم يتلق أي جواب من الإدارة الأمريكية أو «إسرائيل».
توقفت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية يوم 29 نيسان/ أبريل الفائت، بعد انقضاء المدة المحددة لها من قبل الراعي الأمريكي بتسعة شهور، بدون أن يجري أي تقدم في حل الملفات العالقة. بعد رفض «إسرائيل» قبل شهر من انتهاء المفاوضات إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى القدامى، وعددهم 30 أسيرا وجميعهم اعتقلوا قبل اتفاق «أوسلو»، وفق ما جرى التفاهم عليه معها قبل انطلاق المفاوضات. ورد الجانب الفلسطيني بطلب الانضمام لـ15 معاهدة دولية، وهو ما أثار غضب «إسرائيل» التي اتخذت سلسلة عقوبات ضد الفلسطينيين، بينها تجميد عوائد الضرائب.
تصريحات عباس تزامنت مع تحميل الإدارة الأمريكية للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مسؤولية فشل جولة المفاوضات السابقة. ونقل عن مارتن انديك المبعوث الأمريكي لعملية السلام، القول إن الزعماء الإسرائيليين والفلسطينيين «غير مستعدين لتقديم تنازلات مؤلمة»، لزمة للسلام، وأن الجانبين يتحملان المسؤولية». في المقابل، قدم معهد بحوث الامن القومي الاسرائيلي برئاسة اللواء الاحتياط عاموس يادلين مقترحاً للخروج من أزمة فشل المفاوضات بين «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية، يقوم على تقديم الطرفين تنازلات تاريخية، وفق تعبيره. وبيّن المسؤول الإسرائيلي، ان على «إسرائيل» التسليم بإقامة الدولة الفلسطينية، والعودة الى حدود عام 1967، والموافقة على تقسيم القدس، مشيراً الى أن نتنياهو وافق مبدئياً على مطلبين ورفض الثالث. بالمقابل، يجب على الفلسطينيين، حسب الاقتراح، الموافقة على انهاء الصراع بدون مطالب أخرى، وأن يكون حق العودة إلى حدود دولتهم فقط، وتلبية حاجيات «إسرائيل» الأمنية في الضفة، موضحاً أن عباس يرفض هذه التنازلات الثلاثة.
يادلين قال انه يمكن تقسيم فشل المفاوضات بنسبة 40 بالمئة لكلا الطرفين، موضحاً أن 20٪ يتحملها جون كيري وزير الخارجية الامريكي، و40٪ لعباس لرفضه مبادئ كيري كليا، وقبلها نتنياهو بتحفظات، ومضى يجري إلى المنظمات الدولية وإلى حماس. ووفقاً له ، تتحمل «إسرائيل» 40٪ من فشل المفاوضات، مضيفاً: «اخطأ جانبنا من البداية حينما فضل الافراج عن (قتلة) على تجميد البناء في المستوطنات، واستُقبل (القتلة) مثل ابطال في رام الله فلم يزد ذلك الاسرائيليين ثقة بالمسيرة». وقال يادلين: «الزعم الامريكي بأن معظم الذنب ملقى على «اسرائيل» غير عادل، فللوسيط ميل طبيعي الى اتهام الطرف القوي». وأضاف: «يقول الرئيس الامريكي باراك اوباما إن (إسرائيل) أمامها خياران فقط، إما الاتفاق وإما دولة ذات شعبين، واستنتاجه هو أن «إسرائيل» محتاجة الى اتفاق بكل ثمن، ونقول نحن إنه يوجد خيار ثالث وهو وجود واقع دولتين بدل اتفاق على دولتين». «نريد أن نوصل الى حل يعطي أكبر قدر من دولة ديمقراطية وأكبر قدر من يهودية وأكبر قدر من الامن وأكبر قدر من الشرعية». على حد زعمه، مؤكداً ان الانفصال عن غزة كان عملاً صحيحاً، ولكن وقعت اخطاء، «فقد اخطأنا حينما تركنا ممراً مفتوحاً لتهريب السلاح في سيناء؛ وأخطأنا حينما لم نسبق الانفصال بتفاوض؛ واخطأنا حينما خرجنا من 100٪ من الارض، فلم يهب ذلك للفلسطينيين حافزا الى تليين مواقفهم».
مقترحات يادلين المتشددة التي لا تختلف كثيراً عن مطالب وشروط حكومته، لا تهدف إلى استئناف التفاوض بقدر ما تعني تبرير الممارسات الإسرائيلية ومواقفها الرافضة لمطالب الفلسطينيين، إذ كشف تقرير جديد، صدر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة «أوتشا»، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، هدمت 237 مبنى فلسطينياً.
فشل التفاوض وجمود مساره يظل في واقع الحال أفضل من أي مبادرات فلسطينية قد تقدم للطرف الإسرائيلي غير المعني باستئناف التفاوض إلا بالشكل الذي يحقق كامل مطالبه وشروطه الإذعانية، وإلى ان تتغير شروط المعادلة ومواصفاتها أعتقد بقاء الامر على ما هو عليه الآن، والاتجاه نحو استكمال عملية المصالحة الفلسطينية، يظل أفضل الخيارات المتوفرة أو أقلها سوءاً بطبيعة الحال.

المصالحة الفلسطينية في خطر
بقلم: محمد صالح المسفر عن العربي الجديد
استبشرنا خيراً عندما تم الإعلان عن مصالحة بين حركتي فتح وحماس، وإعلان تشكيل حكومة توافقية من التكنوقراط، وسعدنا بمواقف "حماس" التي فضلت الوحدة على الانفصال، وقدمت تنازلات جوهرية، وأصبحنا نهتف تحيا فلسطين، وكنا ننتظر الخطوة التي تتوج هذه المصالحة، بانتقال الرئيس محمود عباس فوراً إلى غزة، إعلاناً أن صفحة جديدة فتحت بين قيادتي الحركتين، لكن عباس لم يفعل ما كان واجباً أن يبادر إليه تجاه الشعب الفلسطيني عامة، وأهل غزة خصوصاً، لم يفت الوقت بعد لننتظر تلك الخطوة الرئاسية تجاه غزة.
( 2 )
لم يجف حبر المصالحة المعنية، حتى تناقلت وكالات الأنباء العربية والأجنبية وقوع اشتباكات على أبواب البنوك في غزة، لأن حكومة رام الله السابقة (فتح) كانت تصرف مرتبات شهرية لموظفي السلطة الوطنية في غزة، من دون أن يؤدوا أعمالاً نظير تلك المرتبات طوال زمن القطيعة بين قيادتي "حماس" و"فتح"، ولما كان موظفون في قطاع غزة قد منعوا من أداء مهامهم الوظيفية (أطباء، مهندسون، معلمون، قضاة، قوات أمن، موظفو خدمات بلدية.... إلخ، بموجب أوامر صدرت من الرئيس محمود عباس بأن يستمروا في استلام مخصصاتهم الشهرية. كان على حكومة إسماعيل هنية المكلفة من الرئيس عباس، لأن "حزب حماس" فاز في الانتخابات، فطبقت القواعد السياسية، أن على الحزب الفائز في الانتخابات أن بشكل حكومة، وهذا ما جرى. لكن محمود عباس ورهطه لم يقبلوا تلك النتيجة، وكان على حكومة هنية توظيف كوادر لإدارة القطاع، وهذا ما فعلوه. ويفاجأ الجميع، بعد توقيع المصالحة، بأقل من عشرة أيام، بأن رام الله تصرف مرتبات الموظفين التابعين لها، ولم يكونوا يؤدون أي مهام في غزة، والامتناع عن صرفها للموظفين العاملين في غزة تحت إدارة إسماعيل هنية. هنا، حدث ما حدث من اشتباكات على أبواب البنوك، ولهذا أغلقت البنوك أبوابها، لكيلا تتوسع تلك الاشتباكات.
" أين الدول العربية، وخصوصاً الخليجية القادرة على مساعدة حكومة التوافق الجديدة، ومدها بالمال، لتخرج من أزمتها المالية، وإيجاد طريقة عملية تكفي حكومة التوافق الوطني الفلسطيني التسول والاستجداء، على مدار العام؟ أين أغنياء العرب الذين أنعم الله عليهم بالمال الوفير عن مدد إخوانهم الفلسطينيين مالياً، كما يفعل أغنياء اليهود لإسرائيل عبر العالم"
(3)
المعروف في علم السياسة أنه إذا اتحدت دولتان، فإن على الدولة الاتحادية الجديدة أن تتحمل جميع ما كان طرفاها ملتزمين به تجاه الداخل والخارج، بما في ذلك الديون، وتنفيذ الاتفاقيات والمعاهدات التي كانت سارية قبل الاتحاد، والأمثلة على ذلك كثيرة. إذن، ما جرى في غزة ليس بين دولتين، وإنما بين تنظيمين سياسيين، اختلفا واتفقا، "حماس" و"فتح"، فواجب الحكومة الجديدة أن تتحمل أعباء موظفي وخدمات قطاع غزة من دون تباطؤ.
مهمة حكومة المصالحة، في أولى خطواتها، توحيد المؤسسات، لا تكريس القطيعة والانقسام. ويجب أن يدرك، كل من له رأي، في هذا الشأن، وكل حريص على الوحدة الوطنية الفلسطينية، أن حكومة التوافق الوطني، برئاسة رامي الحمد الله، هي حكومة بديلة عن حكومتي رام الله وغزة قبل المصالحة، وليست استمراراً لحكومة رام الله. وأي مصالحة بين الأطراف الفلسطينية المختلفة لا تمس المواطن الفلسطيني بالخير، وتؤكد له أنها تشكلت من أجل المحافظة على أمنه واستقراره، وتحقيق العدالة الاجتماعية بلا تمييز بين مواطني غزة والضفة الغربية، لا نفع فيها، وزوالها خير من استمرارها.
( 4 )
يؤسفني القول إن المتحدث باسم الأجهزة الامنية في الضفة الغربية، اللواء عدنان الضميري، لم يكن موفقاً في مؤتمره الصحفي عن الأحداث التي وقعت في قطاع غزة في الأمس القريب. كلماته التي استخدمها في المؤتمر تشبه كلمات المتحدث الصهيوني عندما يتحدث عن الفلسطينيين. إن قول اللواء المذكور "عصابات البلطجية في حماس يمنعون الموظفين من استلام مرتباتهم " قول منكر، ولماذا، يا سيادة اللواء، لا تقول الحقيقة، وتنتقد حكومة التوافق الوطني، برئاسة الحمد الله الذي ميز بين الموظفين في غزة، أي أنه ما برح يعيش في زمن الانقسام، ولماذا لا تدعو الحكومة في رام الله بسرعة إلى دفع مرتبات من ورثتهم من الموظفين، ولهم حقوق على الحكومة في غزة. لا يجوز لفلسطيني، أياً كانت درجته، أن ينعت الفلسطينيين، وخصوصاً الذين منهم تحت السلاح من أجل الوطن، "بالبلطجية". يا سيادة اللواء عدنان، ما قلته يعد جريمة وطنية كبرى، يعاقب عليها القانون. قل خيراً يا أخي، أو اصمت.
( 5 )
شكراً قطر، شعباً وقيادة، على ما تفعلون تجاه الشعب الفلسطيني من خير، سياسياً ومالياً. سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ما أن سمع بأزمة موظفي قطاع غزة بعدم تسلم مرتباتهم الشهرية من حكومة التوافق الوطني، ولما كان سموه قائد المصالحة، كما يقول الشرفاء من الفلسطينيين، سارع بالاتصال بالقيادات الفلسطينية، معلناً عزمه على حل تلك الأزمة فوراً، وعدم العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل المصالحة.
السؤال المثار اليوم هو، أين الدول العربية، وخصوصاً الخليجية القادرة على مساعدة حكومة التوافق الجديدة، ومدّها بالمال، لتخرج من أزمتها المالية، وإيجاد طريقة عملية تكفي حكومة التوافق الوطني الفلسطيني التسول والاستجداء، على مدار العام؟ أين أغنياء العرب الذين أنعم الله عليهم بالمال الوفير عن مدد إخوانهم الفلسطينيين مالياً، كما يفعل أغنياء اليهود لإسرائيل عبر العالم.
آخر القول: على السلطة الفلسطينية القضاء على الفساد والمفسدين، وتخفيض مخصصات القيادات العليا الفلسطينية، لصالح الوطن والمواطن.

الخامس من حزيران المطرود من الذاكرة
بقلم: محمد الريماوي عن الخليج الاماراتية
يبلغ الوضع العربي بما فيه الفلسطيني درجة من السوء لا يعود معه يثير المشاعر والاهتمام بحدث تاريخي مثل هزيمة حزيران/ يونيو 1967 التي خسرنا فيها أرضاً عربية عزيزة . لقد مضت 47 عاماً على هذا الحدث الذي لم يعد أحد، من الساسة خصوصاً، يتوقف عنده، ربما لأنه قد تقادم العهد على المناسبة ولم تعد صالحة ل"الاحتفال" بها، فيما الأوروبيون والأمريكيون والروس يحتفون هذه الأيام بالذكرى السبعين لإنزال نورماندي في شمال فرنسا، وهو الحدث الذي مهد لانتصار الحلفاء بعد عام من ذلك التاريخ على النازية . العرب الذين يقال عنهم إنهم لا ينسون الماضي وإنهم "يجترّونه"، ها هم يتجاهلون هذا الحدث الذي ما زال متواصلاً، وداء التجاهل يتسع عاماً بعد عام، وليس من تفسير لذلك سوى لكونهم يعزفون عن مواجهة أنفسهم بالوقائع والحقائق متى كانت هذه قاسية ومريرة . إنه حال من يهرب من نفسه ومن واقعه .
ليس المقصود هنا التأسف على عدم قيام مهرجانات خطابية توصف بأنها جماهيرية، أو غياب احتفالات يتنافس فيها شعراء منبريون بقصائد عصماء تُنكر الهزيمة وتُلوّح بنصرٍ يختبىء في ثنايا الغيب، أو افتقاد بيانات طنّانة رنانة تُصدرها أحزاب وتنظيمات تنسب الوطنية والتقدمية ل "نفسها" من دون غيرها، كما كان يجري على قدم وساق في غابر الأيام في غير عاصمة وحاضرة عربية . المقصود خلاف ذلك هو غياب الوقوف الموضوعي المتبصر أمام هذا الحدث المتوالي فصولاً بمناسبة ذكرى وقوعه، والتعريف بشواهد التغيّرات ووجهاتها التي وقعت منذ ذلك التاريخ، ومحاولة الإجابة عن سؤال كبير فحواه: هل تقدم العرب والفلسطينيون على طريق محو الهزيمة واستعادة الأراضي والحقوق المسلوبة، أم أن مفاعيل الهزيمة وحلقاتها ما انفكت تتوالى وتفعل فعلها، مع ما يتصل بذلك من عقد مقارنات واجبة بين واقعنا، وواقع عدوّنا سالب الأرض ومغتصب الحقوق؟
في القناعة أن هذا التجاهل الذي يمتد إلى المجتمعات، يجد جذره في أمور عدة منها التغير الذي طرأ على الأجندات السياسية والفكرية في عالمنا العربي، وخاصة في دول المشرق ومجتمعاتها، الذي لم تعد فيه مواجهة الكيان الصهيوني تحتل الأولوية أو حتى موقعاً متقدماً في الاهتمامات الفعلية، فضلاً عن الرؤى التي يذهب أصحابها إلى أنه ما دام قد تم عقد اتفاقيات سلام من قبل أطراف عربية، فإن منحى التطورات يؤشر على عقد المزيد من هذه الاتفاقيات مستقبلاً، وأننا على الجُملة في مرحلة سلام لا في حقبة مواجهة، برغم أي ملاحظات على الحالة السلمية ! . علماً بأن من وقعّوا الاتفاقيات في مصر والأردن لطالما شددّوا على أن السلام يظل ناقصاً ما لم تُستعَد كامل الأراضي والحقوق العربية، وتجد القضية الفلسطينية حلاً عادلاً وفق قرارات الشرعية الدولية . والحال أن هذا لم يتحقق، والعدو ما زال يُطبق على الأرض، ويشدّد على أن الهدف هو السلام . . وبالذات المفاوضات المفتوحة بغير شروط مسبقة، لا إعادة الأراضي، أو الاعتراف بحقوق وطنية وسياسية للفلسطينيين! .
ومن بين الأمور الأخرى التي ألقت بظلالها الثقيلة على الواقع العربي وأسهمت في تغير الأولويات اندلاع حروب وصراعات دموية داخل الكيان العربي، منها الحرب الأهلية في الأردن 1970 والحرب الأهلية/ الإقليمية في لبنان 1975 - ،1989 ومن بينها الحرب العراقية الإيرانية الطويلة على امتداد ثمانينات القرن الماضي، ثم حرب اجتياح الكويت من طرف النظام العراقي السابق وما تلاها من حرب عاصفة الصحراء الدولية/ العربية التي تم فيها تحرير الكويت، إلى الحملة العسكرية الأمريكية/ الغربية على العراق في العام 2003 التي انتهت باحتلاله وبإسقاط النظام، وما أعقب ذلك من أعمال مقاومة اختلطت بصراعات طائفية ونزاع أهلي في هذا البلد مما نشهده حتى أيامنا هذه فصولاً متتالية منه .
جملة هذه الحروب والصراعات علاوة على ما أورثته من خسائر هائلة في الأرواح وأضرار فادحة في الثروات، فإنها أثقلت العقل العربي والوجدان العام، وأشاعت بلبلة عميقة، وأثارت تشككات حول اتجاه البوصلة الحقيقية، هذا رغم أن العدو في الفترة نفسها لم يكف عن ارتكاب أعمال العدوان وشن الحروب كما في الحرب على لبنان عام 1978 ثم العام ،1982 ثم تكرار العدوان على هذا البلد في العام 2006 وتلته حرب صهيونية على قطاع غزة 2007 - 2008 . لقد اختلطت للأسف الشديد صورة العدو القومي والتاريخي، بالمحاذير الشديدة من الجار والشقيق وحتى من أبناء الأوطان أنفسهم كما حدث في النزاعات الأهلية في لبنان والعراق، وخاصة مع انفتاح الشهية على توجيه النيران في كل اتجاه ما عدا الطرف المحتل للأرض .
أما السنوات الأخيرة التي شهدت موجة "الربيع العربي"، في مشرق العالم ومغربه فما زالت حلقاتها تتوالى والأعين تتجه إلى بلدان مثل اليمن وليبيا وسوريا . . وحسب المرء أن يقوم بتقدير مدى ضراوة المواجهات الدامية على الأرض السورية وحجم النيران التي أطلقت، والذخيرة التي استهلكت في هذا البلد المحتل جزءاً من أرضه على مبعدة أقل من 50 كيلومتراً من العاصمة، عدا الأرواح التي أزهقت والتي لا تُقدّر بثمن، كي يدرك أين تتجه البوصلة الفعلية، ولماذا يغدو حدثٌ تاريخي ومفصلي مثل الخامس من حزيران نسياً منسيا.

صلاة استسقاء من أجل السلام
بقلم: عريب الرنتاوي عن الدستور الأردنية
هي خطوة رمزية، بدأها قداسة البابا من بيت لحم، استكمالاً لسلسلة الرسائل التي أطلقها من هناك: فلسطين المستقلة التي دخلها من أبوابها، وليس من البوابة الإسرائيلية ... إدانة جدار الفصل العنصري والصلاة من “خارج النص البرتوكولي” على نيّة إنهاء معاناة الفلسطينيين ... فضلاً عن رمزية ارتداء الكوفية الفلسطينية التي تلفع بها السيد المسيح طفلاً كما ظهر في الجدارية التي زيّنت الاحتفال الرئيس لقداسة البابا، وتماهي النشيد الوطني الفلسطيني، بالتراتيل والصلوات الكنسية التي صاحبت الحبر الأعظم ورافقته طوال المحطة الفلسطينية من جولته.
لا أثر سياسياً للزيارة، فالبابا أرادها “استراحة المحاربين” ... لا وساطة ولا توسط ... لا تفاوض ولا مبادرات ... كل ما في الأمر، أن قداسته رأى انهيار العملية التفاوضية، فآثر ان يعطيها دفعة معنوية رمزية لا أكثر ... ولأنها كذلك، لم يجد طرفا الصراع بُدّا من الاستجابة للدعوة البابوية ... حضر عباس وجاء بيريز ... وسيُرفع الآذان ويُتلى القرآن في الصرح البابوي، ولأول مرة في تاريخه.
على أن المبادرة البابوية، ليست قليلة الأهمية، فهي تعيد تذكير العالم بالملف المنسي، ملف القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، الذي يكاد يطويه النسيان، بعد أن تقدمت عليه مختلف ملفات المنطقة وأزماتها ... وبعد أن تعرض للترك والإهمال، في ضوء ما يواجه شعوب الأمة العربية ومجتمعاتها، من أولويات ضاغطة في لقمة العيش والأمن والاستقرار والعدالة والكرامة، وفي ظل ما يجتاح مجتمعاتنا من “تسونامي” العنف والتطرف والإرهاب والانقسامات الجهوية والمذهبية والدينية والقومية.
إنها “صلاة استسقاء” للسلام، والاستسقاء عادة ما يأتي بعد “المحل” والجفاف ... والسلام في فلسطين، يبدو بعيد المنال، وهو يفر من بين الأيادي الكثيرة التي تعبث به ... فلا سلام مع استمرار الاحتلال، لا سلام مع الاستيطان، لا سلام فيما ستة ملايين لاجئ فلسطيني، ما زالوا يهيمون على وجوههم في دنيا المنافي والشتات ... زعيم الكنيسة الكاثوليكية الأوسع انتشاراً في العالم، يدرك هذه الحقائق، ويريد أن يلفت أنظار العالم لها، وهو يفعل ذلك بالأدوات والوسائل الوحيدة المتوفرة لديه، كمرجع روحي لا سياسي، وأهمها على الإطلاق “الصلاة” على نيّة عودة السلام لأرض السلام والأنبياء.
ومن دون أن يقصد ذلك أو يخطط له، فإن توقيت إقامة الصلاة المشتركة، متعددة الأديان والطقوس والشعائر، يأتي في توقيت هام للفلسطينيين، الذين يواجهون اليوم، حملة إسرائيلية شعواء تستهدف “شيطنتهم” وعزلهم عن مجتمعهم الدولي، بعد أن نجحوا في “لملمة” شملهم، وإعادة ترتيب بيتهم الداخلي، وتشكيل أول حكومة وفاق وطني، بعد سنوات سبع عجاف من الانقسام والتراشق والتنابذ ... لكأن البابا وفاتيكانه، أرادا أن يبعثا برسالة للعالم: السلطة ورئيسها وحكومتها، كيان شرعي مائة بالمائة، وهم شركاء في التفاوض وصنع السلام على حد سواء، وبخلاف ذلك، تخريف في تخريف.
وبهذا المعنى، يعلن البابا، فشل حملة نتنياهو وأركان حكومته، في عزل السلطة والحكومة والرئيس ... ويكرس بدلاً عن ذلك، عزلة نتنياهو وحكومته، وهي عزلة تبلغ ذروتها، حين نرى أن الحليف الاستراتيجي الأوثق لدولة الاحتلال والاستيطان، يرفض مزاعمه وادعاءاته، فتعلن واشنطن أنها ستواصل دعم السلطة وستتعامل مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، أما الاتحاد الأوروبي، فقد ذهب أبعد من ذلك، إذ واصل تعاونه مع السلطة، من دون التفات إلى المزاعم الإسرائيلية، ومن دون أن يبذل أي جهد في التوقف عندها أو الرد عليها.
عباس في حاضرة الفاتيكان، يستكمل ما بدأه قداسة البابا في بيت لحم ... ورسائل الشعب الفلسطيني، تطوف العالم وتجول في أرجائه الأربع، وإسرائيل تعاني العزلة والنبذ، بخلاف ما كان عليه الحال في معظم الجولات السابقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، معرفة كيف يمكن استثمار هذه العزلة وتعميقها، بهدف فضح دولة الاحتلال والعنصرية والاستيطان، ونزع الشرعية والغطاء الدوليين عنها ... فهل نحن فاعلون؟

تنازلات حماس
بقلم: هيثم الصادق عن الوطن القطرية
أفق جديد للتفاؤل الفلسطيني أشرق مع إعلان حكومة التوافق، لكنه أفق مازال ملبدا بالكثير من العقبات أبرزها التنسيق الأمني بين أجهزة السلطة والكيان الصهيوني في ملاحقة أنصار حماس، وغياب العدالة في توزيع الرواتب بين موظفي الضفة والقطاع. وهما إشكالان يرتبط حلهما بمدى قدرة السلطة على تكريس استقلالية القرار الفلسطيني سياسيا وأمنيا واقتصاديا.
لقد قدمت حماس تنازلات ملموسة لإعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية، وتعاملت بثقافة التسامح التي تستمدها من الدين الإسلامي الحنيف ومن حرصها على الوحدة الوطنية في تجاوز عقبة توزير رياض المالكي رغم عدائيته لها خلال سنوات الانقسام، وتقليله من دورها الإنساني في تمكين فئات اجتماعية يسعى الاحتلال لإفقارهم وحرمانهم حتى من الحصول على مساعدات إنسانية، وذلك حين قال «ان قرار حل لجان الزكاة في الضفة الغربية جاء من أجل وقف الفساد، وإنهاء الامبرطوريات المالية لحماس».
وإدراكا منها أنه ليس من حق أي فصيل فلسطيني أو أي حكومة أن تفرط بحقوق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، فهم عنوان كرامة وشموخ الشعب الفلسطيني. وإلغاء وزارة الأسرى يعني تخلي حكومة التوافق عن أحد مقومات هويتها الوطنية، لذا فقد تصدت حماس لمحاولات إلغاء هذه الوزارة ولكنها قبلت في إطار الحرص على التوافق أن تكون هذه الوزارة بيد رئيس الوزراء الحمدالله.
تنازلات حماس توجب على السلطة وقف الملاحقات الأمنية لأنصار الحركة، وفك التنسيق الأمني مع الاحتلال، والعدالة في توزيع الرواتب وموارد ميزانية السلطة دون رضوخ للشروط الصهيونية.



هل تعود إسرائيل العدو الأول؟
بقلم: الياس سحاب عن السفير البيروتية
يبدو أن ظروفا قدرية تجمع بين علاقة دول الخليج العربي بإيران من جهة، وعلاقتها بإسرائيل من جهة ثانية. ذلك أن تزامناً غريباً قد جمع بين ظهور مؤشرات هامة في الاتجاه الأول، والاتجاه الثاني:
1- ففي مجال العلاقات بين دول الخليج وايران، بدأت تتراكم مؤشرات إيجابية، من الواضح أنها مرشحة لتسجيل علامات تقدم إيجابي كبير في هذا المجال، ومن هذه المؤشرات، بروز احتمالات قيام وزير الخارجية الايراني بزيارة قريبة الى المملكة العربية السعودية، بناء على دعوة رسمية وعلنية.
وثاني هذه المؤشرات، وأهمها، قيام أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الاحمد الصباح، بزيارة تاريخية لطهران، غرضها المعلن هو إحداث تطورات إيجابية بين الدولتين، اولا، تمهيدا لتطوير علاقات ايران بدول الخليج، وفي مقدمتها الرياض.
2- أما من جهة العلاقات القائمة والخفية والصامتة، بين دول الخليج من جهة واسرائيل من جهة ثانية، فقد نطقت هذه العلاقات بصوت شديد الارتفاع وشديد الصراحة، على لسان وزير خارجية اسرائيل الوقح افيغدور ليبرمان، الذي أعلن في إحدى محاضراته العلنية انه سئم من العلاقات السرية بين اسرائيل وبعض «الدول العربية المعتدلة». وان هذه الدول تعامل اسرائيل معاملة العشيقة، التي يتمتع بها الجميع، ولا يعترف بالعلاقة بها أحد.
أبرز ما في التزامن الغريب بين هذه المؤشرات انها كاملة التناقض، وان أي تقدم إيجابي يسجله أحدها، سيؤدي الى تراجع سلبي مؤكد في الثاني. والعكس صحيح.
لنتوقف أولا أمام المؤشرات التي نتمنى ان تكون لها الغلبة، وفي وقت قريب: مسألة احتمالات تطور علاقات الدول الخليجية بطهران.
ان أخطر ما في مشاعر العداء التي تسيطر على هذه العلاقات منذ سنوات طويلة، أنها أصبحت تتلازم مع تخفيف مشاعر العداء مع اسرائيل. الى درجة أن العدو الأول لدول الخليج العربي عموما، لم تعد اسرائيل، بل ايران. مع ما يسجله هذا الواقع من خطر داخلي على الدول العربية، من محيطها الى خليجها، لأنه يشكل سببا واضحا في الاستمرار بإذكاء نيران الفتنة السنية ـ الشيعية المفتعلة في صميم داخل المنطقة العربية برمّتها، مع ما تحمله هذه الفتنة من بذور التناحر الداخلي الى درجة التفكك.
لا تتسع هذه العجالة الصحافية القصيرة لفتح الملفات العالقة بين بعض الدول العربية من جهة، وايران من جهة ثانية. وليس المطلوب هو الوصول السريع الى حل كامل لكل هذه الملفات دفعة واحدة. بل المطلوب هدف أبسط من ذلك بكثير، وأسهل وأقرب منالا: المطلوب هو إعادة العلاقات بين كل الدول العربية (وخاصة الخليجية) وإيران، الى علاقات ثابتة مع قوة إقليمية صديقة، من المؤكد أن مجالات المصالح المشتركة بين العرب وبينها، أوسع بكثير من مجالات المصالح المتناقضة الى درجة العداء.
وايران قبل كل شيء، وبعد كل شيء، هي دولة طبيعية في المنطقة منذ أقدم العصور، وجارة للعرب منذ أقدم العصور، أما اسرائيل فهي كيان مصطنع منذ سنوات قليلة، في مشروع استعماري صريح لتفكيك الوطن العربي، وضرب كل احتمالات تقدمه وتماسكه.
المطلوب أن تعود اسرائيل الى موقع العدو الاول، بل العدو الاوحد للعرب جميعا، وفي مقدمتهم دول الخليج العربي، وهو أمر سنكتشف عندما يتم أنه سيعيد التوازن والازدهار الى العلاقات الخارجية للدول العربية كلها، وفي مقدمتها دول الخليج العربي.

مصر والعرب... وقطر و«الإخوان»
بقلم: محمد صلاح عن الحياة اللندنية
سيواجه الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي تحديات كبيرة بينها بالطبع إعادة الأمن وإدارة المعركة مع الإرهاب والنهوض بمصر وتحقيق التنمية والعيش الكريم لفئات الشعب، إضافة إلى العمل على إعادة مصر إلى المشهد الدولي والإقليمي بالدرجة التي تستحقها بعدما تحول البلد على مدى أكثر من ثلاث سنوات إلى ساحة لأجهزة استخبارات العالم.
وبين السيسي وفئة من الشبان، يطلقون على أنفسهم «شباب الثورة»، خلافات حادة أحد أسبابها قانون التظاهر الذي أقر في عهد الرئيس الموقت عدلي منصور وحُبس بسببه بعض النشطاء. إلا أن الخلاف يمكن تجاوزه إذا أقدم السيسي على تغيير بنود قانون التظاهر أو على الأقل أحال الأمر على البرلمان المقبل أو استخدم صلاحياته الدستورية وأصدر عفواً عن المدانين. وإذا ما أثبت على أرض الواقع بسياساته وإجراءاته وقراراته أنه ليس معادياً لثورة 25 يناير وأنه مقتنع بها وأنه كان جاداً عندما تحدث في خطابه الأول بعد الإعلان الرسمي عن نتيجة الانتخابات الرئاسية ودعا المصريين إلى «البدء في صفحة جديد للعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية»، مكرراً شعار تلك الثورة عندها ستزول التناقضات تدريجياً، وسيجد الراغبون في الصيد في الماء العكر صعوبات في زيادة الفجوة بين الحكم الجديد وقطاع من المصريين ربما تنقصه الخبرة، أوصلته الحماسة حد الرعونة.
أما ما بين السيسي وجماعة «الإخوان المسلمين» وتنظيمها الدولي، فقضية أخرى تتجاوز التناقضات الشكلية أو الجوهرية أو حتى حرب تكسير العظام وتصل إلى حد صراع الوجود. وكما ظل عبد الناصر العدو الأول لـ «الإخوان» حتى بعد وفاته، فطاردوا تاريخه وحاربوا أفكاره وكرهوا محبيه سيبقى السيسي بالنسبة اليهم عدواً يدركون أن لا مجال لعودتهم مرة أخرى إلى المشهد من دون التخلص منه والانتقام من فعلته ورد اعتبار الجماعة التي حكمت مصر سنة كاملة ثم رحلت.
في المقابل فإن السيسي الذي انتخب بإرادة شعبية كاسحة لا يمكنه العفو عن قادة «الإخوان» الذين يحاكمون أمام القضاء ولا يستطيع التسامح في دماء الذين سقطوا بفعل عنف الجماعة ومناصريها من التنظيمات الراديكالية كـ «أنصار بيت المقدس» أو «جند الله». وهو بالأساس يدرك أن شعبيته نالها من قطاع عريض من الشعب المصري لكونه خلّص مصر من حكم «الإخوان» وأنقذ الدولة من سيطرتهم.
أقصى ما يمكن للسيسي أن يفعله أن يفتح نوافذ ويسمح بمسارات سياسية يمكن لأعضاء «الإخوان» غير المتورطين في العنف السير فيها من دون أن يتم ذلك تحت لافتة الجماعة أو شعاراتها.
على الجانب الآخر فوّت «الإخوان» كل الفرص للعودة إلى صورة المشهد السياسي. نجح «الإخوان» سابقاً في بناء قاعدة شعبية وإدارة اتسعت في عهد مبارك واستثمروا ضغوط العهد الناصري عليهم كمظالم ونجحوا في ترويجها، فنالوا تعاطفاً من قوى سياسية مخالفة لهم. وكذلك نجحوا في أن ركبوا ثورة 25 يناير واستغلوا الغضب الشعبي ضد رجال مبارك في تشويه وحرق رموز لم تكن ضمن حاشية الحكم أو منافقي السلطة واستدرجوا شباب الثورة ودفعوهم في اتجاه العداوة للمجلس العسكري والجيش ولعبوا على كل التناقضات حتى اكتسحوا الانتخابات البرلمانية واقتنصوا مقعد الرئيس. لكنهم حققوا فشلاً مذهلاً في الحكم ودخلوا في صراعات مع كل القوى الأخرى حتى تلك التي أيدتهم واصطدموا بمؤسسات الدولة التي سموها «العميقة» وسقطوا في اختبار الحكم. وهم استمروا في الفشل وأصروا على السقوط بعد عزل محمد مرسي وأضاعوا الفرصة تلو الأخرى رغم أن حساباتهم في الاعتماد على التدخل الخارجي أو الدعم الدولي كانت تخطىء في كل مرة.
والمؤكد أن إتمام الانتخابات الرئاسية من دون التأثر بصخب «الإخوان» وقناة «الجزيرة» القطرية ومن دون حادث إرهابي يعطلها ثم تلك المشاهد الراقية والمتقنة لوقائع التنصيب السياسي وتسلم السلطة بالأمس التي جرت بدقة ملفتة، فدليل جديد على فشل رهان «الإخوان» وخسارة الجماعة. كما أن الحضور العربي الرفيع المستوى في حفلة التنصيب يعكس صورة المشهد العربي الجديد وفي القلب منه مصر. أما المشاركة القطرية ببرقية التهنئة من أمير قطر إلى الرئيس الجديد فإنها لم تلفت الانتباه إلا كسلوك بروتوكولي، لكنها جعلت بعضهم يتساءل عن تناول «الجزيرة» خبر البرقية التي أرسلها الأمير القطري إلى الرجل الذي ظلت القناة طوال سنة كاملة تسميه «قائد الانقلاب»!

اسرائيل ما زالت تخشى من الجيش السوري ومن ينتقدوا انتخابات سورية عليهم ان ينظروا الى انتخاباتهم اولا
بقلم: زهير أندراوس عن رأي اليوم
لا يوجد لدينا أدنى شك بأنّ الأزمة السوريّة أسقطت الأقنعة عن الكثيرين في العالم العربيّ، وأكدّت بشكلٍ غير قابلٍ للتأويل، بأنّ الغرب الاستعماريّ يكّن العداء المُزمن لأمّة الناطقين بالضاد، ولا يتورّع، مباشرةً أوْ عبر أدواته في الشرق الأوسط، من وأد كلّ محاولة تحمل راية القوميّة العربيّة، مُجيّرًا جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة من أجل تحقيق أهدافه، القاضية بإذلال العرب وإفقارهم واستباحتهم واستدخال الهزيمة إلى عقولهم وقلوبهم، لكي يتسنّى له مواصلة سلب ونهب الموارد الطبيعيّة من المحيط إلى الخليج، وفي هذا السياق، لا بدّ من التأكيد على نقطة نراها في بالغ الأهميّة، وهي سوريّة. فبعيدًا عن المهاترات، أيْ القول الذي ينقُضَ بعْضه بعضًا، والترهّات والمزايدات على هذا البلد العربيّ، لا يُمكن لكائنٍ مَنْ كان، أنْ يُنكر بأنّ النظام السوريّ، على عوراته، لم يعترف حتى اليوم بالدولة العبريّة، مضافًا إلى ذلك، على الرغم من الضغوط الهائلة والمُفزعة التي مورست عليه، وحملات الترهيب والتهديد والترغيب ضدّه، بقي هذا البلد شامخًا كشموخ قاسيون، ورفض اللف الدوران في فلك رأس حربة الإمبرياليّة العالميّة، الولايات المتحدّة الأمريكيّة، ووكلائها في المنطقة، وبالتالي نفصل ونجزم أنّ المؤامرة الكونيّة ضدّ بلاد الشام، نابعةٌ من ألفها حتى يائها من هذين المنطلقين ليس إلا: أيْ التصدّي بحزمٍ للإمبرياليّة وربيبتها الصهيونيّة.
***
نعم، نقولها بفم مليء وبأعلى الصوت: سوريّة لم تُحارب إسرائيل منذ العام 1973، نعم، سوريّة لم تُطلق حتى رصاصة واحدة على دولة الاحتلال، ولكن بالمُقابل نسأل: هل سمعتم عن دولةٍ عربيّةٍ خاضت الحروب ضدّ الدولة العبريّة؟ هل نما إلى مسامعكم أنّ دولة عربيّة، سوى سوريّة، قدّمت الغالي والنفيس لدعم المقاومة اللبنانيّة، الممثلة بحزب الله، ودعم المقاومة الفلسطينيّة الممثّلة بحركة المقاومة الإسلاميّة (حماس)، التي قامت بطعن هذا البلد العربيّ من الخلف.
وفي هذا السياق، لا بدّ من التذكير، هذا إنْ نفعت الذكرى، بأنّ دمشق أجرت مفاوضات علنيّة مع إسرائيل لاستعادة الجولان العربيّ السوريّ المحتّل. حقيقة، وأنا أتتبع الشأن الإسرائيليّ، بحكم عملي، لم أقرأ تصريحًا لمسؤول من تل أبيب يقول فيه إنّ السوريين قاموا بإجراء مفاوضات أوْ اتصالات سريّة مع “واحة الديمقراطيّة في الصحراء العربيّة القاحطة”، ولا غضاضة في هذه العُجالة التنويه إلى أنّه ليس سرًا أنّ الدولة العبريّة تُقيم علاقات سريّة مع دولٍ عربيّةٍ وإسلاميّة، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسيّة بين الطرفين. الظريف في الأمر، أنّ صنّاع القرار في تل أبيب، ومن منطلق عنجهيتهم وشعورهم بالفوقيّة، مقابل دونيّة العرب والمسلمين، يتباهون بهذه العلاقات، ولا يتورّعوا، بمناسبة أوْ بغيرها، عن التصريح حول هذه العلاقات لوسائل الإعلام العبريّة والغربيّة، فيما تُحافظ الدول المقصودة على صمت أهل الكهف. فها هو على سبيل الذكر لا الحصر، رئيس الدبلوماسيّة الإسرائيليّة، العنصريّ المأفون، أفيغدور ليبرمان، يقول وهو يتمايل كالطاووس، في محاضرة ألقاها بداية هذا الأسبوع في المركز المُتعدد المجالات بهرتسليا، إنّه شبع من العلاقات السريّة مع الدول العربيّة، لافتًا إلى من أسماها بالدول العربيّة المُعتدلة يجب أنْ تجتاز الحاجز النفسيّ وتعمل على بناء علاقات علنيّة مع تل أبيب، لأنّ في ذلك مصلحة لها، مؤكّدًا على أنّه بعد الاجتماعات السريّة تلتقي بالزعماء أنفسهم، ولأنّ الأمر في العلن فإنّهم يتصرّفون كأعداء. وكرر مقولة رئيس جهاز الموساد السابق، مائير داغان، إنّ دولة الاحتلال مثل العشيقة في الشرق الأوسط، الجميع يستمتعون بالعلاقة معها، ولكنّهم لا يعترفون بذلك.
ليبرمان شدّدّ على الدول الـ”مُعتدلة”، وأكدّ أيضًا على أنّ رأس الأفعى في الشرق الأوسط هي إيران وحليفاتها سوريّة وحزب الله، وتابع قائلاً إنّه عندما نتحدّث عن تسوية إقليميّة، فهذا يعني علاقات دبلوماسيّة كاملة مع قطر وعُمان والكويت والمملكة السعوديّة، وعلاقات تجاريّة مع دول العالم العربي المعتدلة، وفي حال خروج هذا الأمر إلى حيّز التنفيذ، أوضح هذا المأفون، فإنّه سيكون واقعّا مختلفًا، حقيقة أنْ نطير مباشرة من تل أبيب إلى الدوحة ونعقد صفقات تجاريّة معهم، هذه الحقيقة هي بمثابة إيجاد الواقع المُغاير تمامًا، على حدّ تعبيره. وأقوال ليبرمان المذكورة تؤكّد لكلّ عاقلٍ على أنّ سوريّة لا تنتمي إلى معسكر المعتدلين العرب، الذي يرون في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة العدو، مع أل التعريف.
***
علاوة على ذلك، من الأهميّة بمكان الإشارة إلى أنّ مسؤولاً إسرائيليًا وصفته صحيفة (هآرتس) العبريّة، صرّح مؤخرًا أنّه في حال اندلاع مواجهة جديدة، ونأمل بأنْ لا تندلع، بين الدولة العبريّة وبين حزب الله، فإنّ سوريّة، نعم سوريّة، بحسب المسؤول، ستنضّم إلى الحرب، ويرى الكثير من المحللين الإسرائيليين، وبعضهم ممن تولوا مناصب عليا في المؤسسة الاستخباراتية مثل: الجنرال في الاحتياط عاموس يادلين، والجنرال غابى أشكنازي رئيس الأركان السابق، ومائير داغان رئيس الموساد السابق، أنهم لا يستبعدون بالمرّة أنْ تتدّخل سوريّة في الحرب، كما أنّ قائد سلاح المدرعات في جيش الاحتلال الإسرائيليّ الجنرال شموئيل أولنسكي رأي أنّه من السابق لأوانه نعي القوات المدرعة السوريّة، التي باتت أكثر تدريبًا بسبب حالة القتال التي تعيشها منذ حوالي ثلاثة أعوام، لافتًا في السياق ذاته إلى أنها ما زالت لاعبًا مهمًا جدا في الشرق الأوسط، وذلك على الرغم من التآكل الذي يسببه القتال في قوتها، على حد تعبيره. وطالب من القادة العسكريين والأمنيين الكف عن طمأنة الجمهور عبر نعي قدرة الجيش السوريّ المدرعة نتيجة الأزمة في بلاد الشام. (موقع “Israel defense” المتخصص في الشؤون الأمنية والعسكرية، 17.02.2014). ممّا ذُكر أنفًا نستطيع القول إنّ الجيش العربيّ السوريّ ما زال يقضّ مضاجع المستويين الأمنيّ والسياسيّ في دولة الاحتلال، خصوصًا إذا أخذنا بعين الاعتبار أنّ المحاولات الإسرائيليّة الحثيثة لإقناع روسيا بالتوقّف عن تزويد دمشق بالأسلحة المتقدّمة والمتطورّة باءت بالفشل الذريع والمُعيب. ذلك أنّ موسكو، خلافًا لواشنطن، أثبتت في الفترة الأخيرة أنّها لا تترك الأصدقاء كالأيتام على موائد اللئام، صحيح أنّ لها مصالح في سوريّة، ولكن العلاقة بين الدولتين قائمة على النديّة، وليس على التبعيّة المُطلقة، كباقي الدول العربيّة، التي لا تجرؤ على مًعارضة إملاءات أمريكا، بل أنّها باتت كاثوليكيّة أكثر من البابا وصهيونيّة أكثر من هرتسل.
***
نكتب هذه السطور ونحن “نُحيي” ذكرى نكسة عدوان حزيران (يونيو) من العام 1967، التي انتصرت فيها إسرائيل واحتلّت ما تبقّى أرضٍ فلسطينيّة، ومع كلّ الألم الذي يعتصر قلوبنا في هذه الذكرى العصيبة في تاريخ الأمّة العربيّة، إلا أنّ الشعب العربيّ السوريّ، الذي قال كلمته في الانتخابات الرئاسيّة، وصوّت بسواده الأعظم للرئيس، د. بشّار الأسد، وجّه رسالة حادّة كالموس إلى العالم برمتّه: سوريّة عصيّة على المؤامرات، سوريّة، ترفض أنْ تكون دولة فاشلة وتابعة للاستعمار الغربيّ والتركيّ أيضًا. أمّا لجوقة المُحرضّين المُغرضين من الناطقين بالضاد، الذي يعتبرون الانتخابات السوريّة مهزلة، فنقول: السيسي في مصر حصل على أكثر من 96 بالمائة من أصوات الناخبين، فهل الانتخابات في بلاد النيل أيضًا مسخرة؟ وثانيًا: هناك، بون شاسع بين النقد وبين الجلد الذاتيّ، وثالثًا، عندما تسمح أنظمة الحكم لدى الأعراب في الخليج العربيّ للمواطنين بانتخاب لجنة أولياء أمور في المدارس الابتدائيّة، سيكون لكلّ حادثٍ حديث، ذلك لأنّ مَنْ بيته من زُجاج لا يُلقي الحجارة على منازل الآخرين.

الحق على العلمانيين.. فقط
بقلم: مشاري الذايدي عن الشرق الأوسط
هناك مقولة تنسب للإمام أحمد بن حنبل، وهي: «إنما خطأ الناس من الإجمال». وهي مقولة حكيمة ودقيقة. حينما تطلق حكما عاما شاملا مانعا جامعا ساحقا ماحقا، كما نشاهد - كثيرا - وليس في كل ما يقال في الفضاء العربي العام، فإنك تطلق رصاصة في قلب الموضوعية واستقامة التفكير الصحيح. مع توفر وكثرة المنصات الإعلامية في الإنترنت، لدرجة الفوضى العارمة، يصبح ترويج مثل هذه الأحكام، خاصة المحرضة على الكراهية، خطيرا، ويمسي الوهم هنا قاتلا، وليس مجرد ثرثرة من جاهل لجوج في مجلس أنس ما.
تتضاعف المأساة إذا كان هذا الوهم يحمل طابعا دينيا، أو يتلحف بالدين وقداسة الغيب، هنا تمتزج الآراء الشخصية بالقيم المتعالية المطلقة، تصير «استمزاجات» فلان أو علان، أو خلاصته المبتسرة من مطالعته، هي صميم رؤية المقدس نفسه، وليس رأي فلان «الإنسان» الذي يعتريه النقص والعجز، كما الهوى والانفعال، من غضب أو رضا، وعين الرضا كما نعلم كريمة في المدح والثناء، كما عين السخط سخية في الثلب والهجاء.
الحكم على التاريخ والدول والحقب يتداخل مع هذه العلة التي ذكرنا، ومن ذلك أني قرأت هذه الأيام خبرا في موقع إخباري فلسطيني هو «دنيا الوطن» يقول إن الشيخ الدكتور نادر التميمي شن أخيرا «هجوما لاذعا على الأنظمة والعلمانيين في المنطقة، واتهم بعض المجموعات في سوريا بتشكيل (صحوات) لإحباط الثورة فيها وقيام دولة إسلامية». ويتابع الخبر أن الشيخ التميمي، وهو ابن الشيخ أسعد بن أحمد بيوض التميمي خطيب وإمام المسجد الأقصى الذي كان أحد أبرز المقربين لمفتي القدس الحاج أمين الحسيني، أكد أن «كل هزائمنا في عصرنا لم تكن في ظل دولة إسلامية أو حكم إسلامي، بل كانت في ظل قوانين وضعية وعلمانية كافرة أباحت ما حرم الله وجعلت الأمة تهزم في ساعات».
هذا كلام انفعالي حماسي يحتاج لفهمه أولا، ثم نقاشه ثانيا، إلى منابر ومحارب ربما نفنى ويفنى الشيخ ولم نشف الغليل منها.
ما هو تعريف كلمة دولة إسلامية؟ وما هو تعريف العلمانية؟ وما هو فهمه للهزائم والانتصارات؟ وهل لو سلمنا بفهمه لطبيعة الانتصار والهزيمة، وشكل الدولة الإسلامية والعلمانية التي يريد، سنسلم له بالخلاصة التي وصل إليها عن حصر الهزائم فقط في ظل الدولة العلمانية، حسب فهمه؟
من المؤكد أنه يرى السلطان عبد الحميد الثاني رمزا للدولة الإسلامية التي يتغنى بها، مثل بقية أتباع الإخوانية ومشتقاتها، فهل كان عهد عبد الحميد عهد انتصارات أم هزائم؟ عمر البشير ورفاقه في السودان، ولا نظن الشيخ يشك في مدى إخلاصهم لرفاق الحركة الإسلامية، ألم يشهد السودان في عهدهم التمزق والانفصال والحروب الداخلية وضعف الحال والهوان؟
أفغانستان بعهدة طالبان، كيف حالها؟
نذكر أنفسنا، والشيخ، بما قاله الإمام ابن حنبل، وليس نيتشه وبقية «الإفرنج».. إنما خطأ الناس من الإجمال.