Haneen
2014-08-10, 12:30 PM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي الاثنيـــن 14/07/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
وساطة عباس
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
الموت للعرب
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
عملية برية في غزة
لا يستطيع الجيش الإسرائيلي أن يحل مشكلة الصواريخ من غزة دون أن يحتل القطاع
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
ضوء في نهاية النفق
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
تحويل الشجاعية إلى الضاحية
بقلم:بن كاسبيت،عن معاريف
</tbody>
وساطة عباس
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
لا يقل الحوار الخفي الذي يجري في هذه الايام بين اسرائيل وحماس أهمية بل قد يزيد أهمية على تبادل القذائف والصواريخ بينهما.
ويتحدثون في الجانب الاسرائيلي في الحقيقة بصوت جهير عن عقاب حماس والقضاء على «البنية التحتية للارهاب» وعن «سير حتى النهاية»، لكن يغيب عن هذا الخطاب اقتراح القضاء على قيادة حماس. بالعكس. يبدو أن اسرائيل معنية بأن تبقي القيادة على حالها فهي محتاجة الى أن يوجد من يتحمل المسؤولية عن تنفيذ التفاهمات التي ستُحرز بعد انتهاء العملية، والى من يستمر على محاربة المنظمات العاصية كالجهاد الاسلامي وسرايا القدس التابعة له أو اللجان الشعبية أو المنظمات السلفية.
وتُسمع حماس بلا توقف دعوى أصلية على اسرائيل. «نكثت اسرائيل كل تفاهمات 2012»، يتهمها اسماعيل هنية في تناوله للتفاهمات التي أحرزت بعد عملية «عمود السحاب». وهذه دعوى مهمة لأنها تشهد بأن حماس لم تعد عندها مشكلة في أن تعترف بوجود قاعدة اتفاق بينها وبين اسرائيل كأنهما دولتان. وهذا تجديد اسرائيل غير مستعدة حتى للاعتراف به. وأصبحت هذه التفاهمات الآن ميناءً داخليا تسعى اسرائيل وحماس ايضا الى بلوغه. أما اسرائيل فبعد عملية عقاب شديدة وأما حماس فتريد فقط أن تقلل أضرارها.
على هذا الأساس بدأت عمليات وساطة تشارك فيها الولايات المتحدة والامم المتحدة وقطر ومصر. وتحدث الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون في مساء يوم السبت الى حاكم قطر الامير تميم بن حمد؛ وتحدث وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى نظيره القطري، ويتحدث الجميع الى رئيس مصر عبد الفتاح السيسي.
وكان يفترض أن يدعو السيسي بحسب نبأ لم يُحقق بعد الى لقاء مع حاكم قطر ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان، وخالد مشعل ومحمود عباس لمحاولة احراز مخطط لوقف اطلاق النار. ويُظهر نبأ تمت المصادقة عليه أن مصر استجابت لمبادرة الكويت الى عقد مؤتمر لوزراء خارجية الجامعة العربية في يوم الاثنين، على عجل. وجاء عن جهات في حماس أن المنظمة تشترط شرطين للعودة الى تفاهمات 2012. فهي تطلب ضمانات دولية لحفظها وتطلب الافراج عن أسرى صفقة شليط الذين أُعيد اعتقالهم بعد اختطاف الفتية الثلاثة.
ما زال موقف مصر غامضا، ولم يتضح هل السيسي معني بأن تكون مصر وحدها في جهود الوساطة أم يسعى الى اتفاق عربي أوسع – ولا سيما بعد فشل الجهود السابقة – ليطرح عن نفسه المسؤولية عن فشل الوساطة.
تملك مصر في الحقيقة وسيلة الضغط الرئيسة على حماس – لسيطرتها على معبر رفح ولأن حماس تطمح الى تحسين علاقاتها بها – لكن السيسي يخضع لضغوط من الداخل ايضا ولا سيما بسبب استراتيجيته السياسية التي جعلت في مقدمة اهتماماتها نضالها للاخوان المسلمين.
وتصغي اسرائيل من جهتها جيدا للقاهرة لا في سياق العملية في غزة فقط. فقد أحدث التعاون بين الدولتين على مكافحة الارهاب في سيناء، وسيطرة مصر على طول حدود غزة، تلاقي مصالح مهما قد يتطور بعد ايضا الى اتجاهات اقتصادية تتعلق ببيع الغاز الاسرائيلي. واذا استقر رأي اسرائيل على أنه حان الوقت لتنفيذ التفاهمات مع حماس، أو اذا ثارت الشوارع في مصر ردا على العملية في غزة فتستطيع مصر واسرائيل التوصل الى اتفاق ووقف اطلاق النار بالشروط التي حُددت بعد عملية «عمود السحاب».
وفي الوقت نفسه قد تُبين تفاهمات مع حماس حتى لو أُحرزت بوساطة مصر، دون إشراك محمود عباس، ازدواج سياسة اسرائيل مرة اخرى. فعلى أثر المصالحة بين فتح وحماس ألقت اسرائيل على الرئيس الفلسطيني المسؤولية عما يجري في غزة ايضا برغم أنها الآن مسؤولية جوفاء. وما زالت في مقابلة ذلك ترى أن حماس هي المسؤولة وحدها عما يجري في غزة، وقد أحبطت مسؤولية عباس حينما بينت أنها لن تسمح بتحويل اموال لدفع رواتب موظفي حماس بواسطة البنوك الفلسطينية. ومن الواضح في الوقت نفسه أن كل اتفاق على وقف اطلاق النار يعني حوارا مع حماس وإن لم يكن مباشرا.
وعلى ذلك فان جهود الوساطة خاصة تتيح فرصة مهمة لتقوية مكانة عباس اذا أصبح الوسيط المفوض لوقف اطلاق النار بدعم من اسرائيل ومصر. وبدل أن يحظى خالد مشعل ونائبه موسى أبو مرزوق بانجاز، يمكن أن يقوي عباس مكانته بصفته يستطيع «أن ينقذ» غزة، والمشكلة الاسرائيلية هي أن دعم عباس في المجال الذي طمحت فيه اسرائيل دائما الى الفصل بين غزة والضفة، قد يبدو اعترافا بالمصالحة الفلسطينية ويناقض بذلك موقف اسرائيل المبدئي الرافض لها. ويبدو لذلك أن اسرائيل تفضل برغم تناقض ذلك، اتفاقات مع المنظمة على اتفاقات مع سلطة فلسطينية موحدة.
تنطوي الوساطة والتفاهمات على فرصة لانجازات سياسية ولا سيما حينما تكون الاهداف العسكرية وتعريف النصر غامضين. لكن في الوقت الذي تشتغل فيه اسرائيل وحماس باحصاء الهجمات والصواريخ لن يكون للانجازات السياسية الممكنة أية فرصة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الموت للعرب
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
إن هدف عملية «الجرف الصامد» اعادة الهدوء، والوسيلة الى ذلك قتل مدنيين. فاسرائيل تؤمن جدا بأنها اذا قتلت مئات الفلسطينيين في غزة فسيُحرز الهدوء. والقضاء على سلاح حماس غير مأمول، فقد برهنت من قبل على أنها تعرف كيف تتسلح مرة اخرى؛ واسقاط سلطة حماس هدف غير واقعي (وغير شرعي) لا تريده اسرائيل: فهي تعلم أن البديل سيكون اسوأ كثيرا. وهكذا بقينا مع هدف واحد هو مع هتاف الجمهور. وقد أصبح عند الجيش الاسرائيلي «خريطة ألم»، وهي اختراع شيطاني جديد حل محل «بنك الاهداف» الذي لا يقل عنها شيطانية، وأخذت هذه الخريطة تتسع في سرعة مخيفة.
شاهدوا محطة «الجزيرة» باللغة الانجليزية، وهي محطة مهنية متزنة (بخلاف أختها «العربية»)، وانظروا الى مقدار النجاح. فلن تروه في المنتديات الاسرائيلية «المفتوحة» التي هي مفتوحة كالعادة للضحية الاسرائيلي فقط تقريبا – لكنكم سترون في «الجزيرة» الحقيقة الكاملة بل قد تُزعزعون. فقد أخذت الجثث في غزة تتراكم. وهي قائمة يأس لقتل جماعي يجدد كل لحظة وتفخر اسرائيل به، أصبحت تشمل عشرات المدنيين القتلى وفيهم 24 ولدا الى ظهر أمس؛ ومئات الجرحى ودمار ورعب وخراب، وقصف مستشفى ومدرسة ايضا. إن الهدف هو الهجوم على بيوت سكن، ولن يساعد أي نفاق، فالحديث عن جريمة حرب حتى لو كان الجيش الاسرائيلي يسميها «مواقع قيادة» أو «غرف جلسات». صحيح أنه توجد هجمات أقسى كثيرا من الهجوم الاسرائيلي لكنه لا يوجد حتى لاجئون في هذه الحرب التي ليست هي سوى هجوم متبادل على مدنيين – الفيل في مواجهة الذبابة. وليس للسكان في غزة بخلاف سوريا والعراق، ترف الفرار نجاة بأنفسهم لأنه لا يوجد مكان يُهرب اليه في قفص.
منذ كانت حرب لبنان الاولى، أي منذ أكثر من ثلاثين سنة، أصبح قتل العرب هو الوسيلة المركزية في الاستراتيجية الاسرائيلية، فلم يعد الجيش الاسرائيلي يحارب جيوشا وصار هدفه الرئيس السكان المدنيين. فقد ولد العرب فقط كي يقتلوا ويُقتلوا – كما يعلم الجميع – وليس لهم هدف آخر في حياتهم واسرائيل تقتلهم. يجب بالطبع أن نشمئز من طريقة عمل حماس، فهي لا توجه فقط صواريخها على أهداف مدنية في اسرائيل ولم تقم قواعدها بين السكان المدنيين فقط – ونشك في أن يكون عندها بديل في القطاع المزدحم – بل أسلمت ايضا سكان غزة للقصف الاسرائيلي الوحشي دون أن تهتم بمجال آمن واحد أو بملجأ أو بصافرة انذار. وهذه جريمة. لكن هجمات سلاح الجو الاسرائيلي لا تقل عن ذلك إثما بسبب النتيجة وبسبب القصد لأنه لا يوجد منزل في غزة لا يسكنه عشرات النساء والاولاد، ولهذا لا يستطيع الجيش الاسرائيلي أن يزعم أنه لا يقصد اصابة الأبرياء. واذا كان هدم بيت مخرب في الضفة قد أثار شيئا من الجدل الضعيف فانهم يهدمون الآن عشرات البيوت على ساكنيها. ويتنافس جنرالات احتياط ومحللون في الجيش النظامي فيمن يثير اقتراحا أكثر تغولا: «اذا قتلنا عائلاتهم فسيخيفهم ذلك» بين اللواء أورن شاحور دون أن يطرف له جفن؛ «يجب أن نُحدث وضعا بحيث لا يعرفون غزة حينما يخرجون من مكامنهم»، بين الآخرون، دون خجل ودون سؤال الى أن يكون تقرير غولدستون التالي.
إن الحرب دون هدف واضح هي من أقبح الحروب؛ والاصابة المتعمدة للمدنيين من أكثر الوسائل اجراما. يوجد الآن خوف في اسرائيل لكن نشك في أن يوجد اسرائيلي واحد يمكن أن يتخيل ما الذي يجري الآن على 1.8 مليون هم سكان غزة أصبحت حياتهم البائسة مرة اخرى حياة رعب. ليست غزة «جحر أفاعي» بل هي منطقة يأس لبشر. وليست حماس جيشا فهي بعيدة عن ذلك برغم كل التخويف: واذا كانت قد بنت حقا نظام أنفاق جد متطور في غزة فلماذا لا تبني قطار تل ابيب تحت الارض؟.
بعد قليل ستكون قد نفذت ألف طلعة جوية وألقي ألف طن من المتفجرات واسرائيل تنتظر «صورة النصر» التي قد أحرزت وهي .
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
عملية برية في غزة
لا يستطيع الجيش الإسرائيلي أن يحل مشكلة الصواريخ من غزة دون أن يحتل القطاع
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
أعلن الجيش الاسرائيلي أمس بخطوة مهمة استعدادا لاحتمال دخول بري الى قطاع غزة. فالجيش ينوي أن يبدأ الطلب الى سكان فلسطينيين في الاحياء القريبة من جدار الحدود المحيط بالقطاع أن يخلوا بيوتهم. وسيبدأ الجيش الاسرائيلي بعد التحذيرات التي ستُبلغ بمنشورات وبمكالمات هاتفية، سيبدأ قصف هذه الاحياء – ويكون ذلك في البدء باطلاق نار تحذيري وبعد ذلك باطلاق متعمد. والتفسير الاسرائيلي الرسمي لذلك هو أنه سيوجد هنا «اجلاء سكان لحمايتهم». لكن هذه الخطوة الجديدة لها هدفان في واقع الامر هما ردع الرأي العام في القطاع بسبب النتائج المتوقعة لاستمرار اطلاق حماس للصواريخ، والمس بنظام المنظمة الدفاعي قبيل الدخول البري.
وما زال يلاحظ الى الآن برغم صفوف الدبابات التي تتجه الى الجنوب وألوية المشاة التي تتأهب حول القطاع، أن اسرائيل لا تسارع الى الخروج الى المرحلة البرية من العملية. فالتوجيه الى القوات يتأخر ويبدو أن ذلك عن محاولة لاستنفاد الاتصالات السياسية. وقد كثرت منذ ظهر أمس الانباء عن صوغ مخطط سياسي ممكن. وقد بدأ المجتمع الدولي يستيقظ في الحقيقة – ويتوقع وصول قطار جوي يحمل وزراء الخارجية الى المنطقة من منتصف هذا الاسبوع – لكن قد تمر بضعة ايام اخرى على الأقل قبل أن يمكن التوصل الى تسوية.
هذه هي المرحلة التي يدخل فيها الوسطاء المختلفون في الصورة كما كان الامر في العمليتين الاخيرتين في غزة وفي حرب لبنان الثانية. وهم يعملون في الاكثر في قنوات متوازية ومتنافسة ويتبين في النهاية فقط من الذي يأتي بصيغة الخلاص. وتوجد الآن ايضا أنباء منشورة عن جهود الولايات المتحدة والرباعية وقطر والسلطة الفلسطينية لم يتضح أيها سينضج. وزار أمس مبعوث الرباعية طوني بلير مصر والتقى رئيسها عبد الفتاح السيسي. وكانت الشروط التي ذكرت في الحديث بينهم بحسب تقارير اخبارية ليست رسمية تماما: وقفا تاما لاطلاق النار وللاعمال العدائية عن جانبي الحدود (والعمليات بواسطة الانفاق ايضا على نحو ضمني) وتسهيل مرور السلع والناس. وتتعلق المادة الثانية بمصر أكثر من تعلقها باسرائيل لأن حماس كانت تطلب منذ زمن طويل من القاهرة أن تُمكّن من تسهيل الحركة في معبر رفح. وقد يكون هذا آخر الامر هو المشجب الذي يُعلق عليه الاتفاق الذي ينهي القتال.
ينبع الاهتمام العالمي المتزايد بما يجري في غزة من مناظر الدمار والخسائر التي بُثت من هناك في نهاية الاسبوع. وتأمل اسرائيل أن تقنع تلك الصور حماس آخر الامر بأنها دفعت ثمنا باهظا جدا ولم تحرز شيئا. وهي تُقصر الآن حبل العمليات الذي يتيحه المجتمع الدولي لاسرائيل. فعلى حسب قول الامم المتحدة أُحصي في غزة 135 قتيلا حتى خروج يوم السبت، 70 بالمئة منهم في تقديرها مدنيون. وهذا في الحقيقة متوسط عدد القتلى في يوم قتال واحد في الحرب الاهلية في سوريا، لكن العالم ما زال يلاحظ في غزة قدرة على التدخل ووقف اطلاق النار.
بقيت حماس في نهاية الاسبوع ايضا مع القليل جدا من الانجازات في العمليات الحربية. وفي يوم السبت قل كثيرا عدد اطلاقات الصواريخ لكنه ورد آنذاك نبأ عظيم الوقع في الثامنة مساءً عن رشقة متوقعة على غوش دان بعد ساعة. وأحرزت حماس في الحقيقة أكبر قدر من انتباه وسائل الاعلام الاسرائيلية لكنها لم تحرز صورة الذعر الوطني ولا أضرارا ايضا. وقد اعترضت القبة الحديدية رشقة الصواريخ كما حدث في مرات سابقة. ويبدو الى الآن أن المنظمة تتميز في الأساس بألاعيب العلاقات العامة، من قصف بحسب اعلان مسبق الى اختراق مواقع انترنت اسرائيلية. وإن القبة الحديدية والاستعداد المدهش لكل سلطات الطواريء في الجبهة الداخلية يحافظان الى الآن على عدد قليل جدا من المصابين برغم أن الميزان قد يتغير بعد.
برغم نتائج اعتراض الصواريخ الممتازة (نصبت في نهاية الاسبوع بطارية ثامنة من القبة الحديدية)، يظهر تأييد متزايد من الجمهور الاسرائيلي لتوسيع العملية الى عملية برية. وقد يحدث هذا آخر الامر تحت الضغط السياسي الذي تخضع له الحكومة لعرض انجازات في العملية، لكن يحسن كف التوقعات، فالجيش الاسرائيلي لا يستطيع أن يحل بمرة واحدة والى الأبد مشكلة الصواريخ دون أن يحتل ارض القطاع كلها ويجري فيها اعمال تمشيط واسعة مدة اشهر. والنتيجة المطلقة آنذاك ايضا غير مضمونة ولا يوجد في اليمين أصلا تأييد حقيقي لهذا الاجراء. وحتى لو كانت التقديرات الاستخبارية دقيقة وأن الجيش الاسرائيلي نجح في القضاء على ألفي قذيفة صاروخية فلسطينية (تضاف الى نحو من 700 قذيفة أطلقت من غزة) فما زال يوجد في القطاع ما يكفي ويزيد من القذائف الصاروخية للاستمرار في الجولة الحالية: يبلغ عددها نحو من 8 آلاف منها 200 على الأقل ذات مدى متوسط تستطيع أن تصيب من المنطقة شمالي أسدود حتى ظاهر حيفا.
والاستنتاج هو أنه لا يمكن الحديث عن بدء انجاز بالقضاء على اطلاق النار دون مداورة برية واسعة في عمق القطاع. ويبدو أن معضلة الحكومة تنحصر الآن في أهداف أكثر تواضعا. والى ذلك لنفرض لحظة أن العملية انتهت الى نجاح لامع وأن السلطة الصديقة الحالية في مصر بعد عملية «الجرف الصامد» بخلاف ما كان في «عمود السحاب»، واصلت اغلاق الانفاق في رفح ومنْع تهريب سلاح جديد. إن اكثر القذائف الصاروخية ذات المدى المتوسط التي تطلق في هذه الايام من غزة من صنع محلي، أي أن المواد والعلم المطلوبة لصنعها موجودان في القطاع وسيصعب على اسرائيل أن تمنع تجديد المسار. إن أملها الرئيس أن ترجع الفلسطينيين الى الوراء، الى نقطة بداية أدنى (من جهة عدد الصواريخ والقدرة على الصنع) في التسلح استعدادا لجولة قتال في المستقبل.
إن الشيء المطروح للبحث مع استمرار المعركة الجوية هو عمل بري لزيادة الضغط على حماس. والفرض هو أنه يمكن به اصابة أملاك المنظمة (مخازن قذائف صاروخية اخرى ومواقع اطلاق؛ ومسلحين يُقتلون وهم يحاولون أن يصدوا تقدم قوات الجيش الاسرائيلي) وأن تعالَج في الفرصة نفسها عدة أخطار تكتيكية لاحباط خطط حماس لاحداث مفاجآت في العمليات. وقد نجح الجيش الاسرائيلي و»الشباك» في الايام التي سبقت بدء العملية الحالية في احباط محاولة حماس تنفيذ عملية طموحة بصورة مميزة بواسطة انفاق في منطقة كرم أبو سالم. وهم في جهاز الامن يعتقدون أن حماس حفرت نحوا من ثلاثين نفق هجوم قرب الجدار ابتغاء استعمالها للعمليات حينما يحين الوقت، كما ورد في صحيفة «هآرتس» في بداية السنة.
إن دخول الجيش الاسرائيلي البري الى قطاع غزة سيلاقي جهدا دفاعيا من حماس التي ستستعمل الصواريخ المضادة للدبابات والمتفجرات ونظاما دفاعيا من انفاق تحت الارض. ويتوقع أن تزيد في الوقت نفسه محاولات اطلاق القذائف الصاروخية على المراكز السكنية في اسرائيل، وستضطر الحكومة المصغرة الى أن تفكر في أنه هل يوجد قدر كاف من المعلومات الاستخبارية الدقيقة، وهل توجد اهداف يمكن احرازها بعملية برية محدودة قبل الموافقة عليها. وستكون حيرة الوزراء بين الخشية من أن يبدوا مستعدين لانهاء المعركة بتعادل مع حماس (التي ستعرض التعادل على أنه انتصار كبير) وبين الخشية من التورط واصابات في قوات الجيش الاسرائيلي. وقد اصبحت الساعة السياسية تتكتك في الخلف.
يبدو بحسب الرسائل التي تصدر عن الجيش الاسرائيلي أنه يهمه أن يُبين أن تأخير الموافقة على عملية برية لا ينبع منه بل من المستوى السياسي. لكن يبدو في واقع الامر اذا استثنينا بعض الاصوات الشاذة القليلة نسبيا أن القيادتين العليين السياسية والامنية مجمعتان على أنه لا ينبغي تعجل عملية في عمق القطاع. ومن المثير للاهتمام أن الجنرال (احتياط) يوآف غالنت الذي تولى قيادة عملية «الرصاص المصبوب» وضغط في تلك الفترة لتوسيع العملية البرية أكثر مما وافقت عليه الحكومة المصغرة (وهو موقف لم يُقبل) يعتقد هذه المرة أن العملية الحالية استنفدت نفسها ويجب وقفها قبل ارسال القوات الى الداخل.
إن حسابات الحكومة المصغرة بريئة هذه المرة نسبيا من حسابات الانتقام لأن نسبة الاعتراضات العالية للقبة الحديدية الى الآن قللت الى أدنى قدر عدد المصابين في الجانب الاسرائيلي. والذي يشتكي من أن النسبة بين القوتين تسد آذان الاسرائيليين عن صرخات المعاناة التي تُسمع في غزة، يحذف من المعادلة نقطة حرجة وهي أنه لولا نجاحات القبة الحديدية لبلغ عدد القتلى الاسرائيليين عددا ذا منزلتين بيقين. ولو كان هذا المعطى لزاد الضغط على الجيش الاسرائيلي ليهاجم من الجو بصورة غير تناسبية وليرسل قوات برية، أي أنه كان سيزيد جدا في عدد القتلى في الجانب الاسرائيلي وفي الجانب الفلسطيني.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ضوء في نهاية النفق
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
في الجيش لم يعودوا يتحدثون بمفاهيم الطواقم اللوائية القتالية المنتشرة على حدود القطاع قبيل عملية برية محدودة – اليوم تقف على خط الانطلاق بحجم كبير يلمح بقدرة عسكرية لاحتلال كل قطاع غزة وانهيار حماس.
ما يعرفونه في الجيش فهموه أيضا في المجلس الوزاري: لا يمكن ابقاء قوة عسكرية بمثل هذا الحجم في حالة تحفز على مدى زمن طويل. وعلى القرار أن يتخذ اليوم او غدا. ومن غير المستبعد أن يكون هذا الحشد الهائل – الذي اضيف له 8 الاف رجل احتياط آخرين في اليوم الاخير – قد دفع كل اللاعبين في الشرق الاوسط، وبالاساس حماس الى الفهم بان اسرائيل تعتزم تغيير كل قواعد اللعب في الملعب الغزي. ووحده وقف فوري للنار سيوقف الخطوة.
في نهاية الاسبوع ظهرت اشارة اولى لل – عندما أصدرت حماس في ساعات الصباح من يوم أمس لاول مرة اشارة ايجابية على الاقتراح المصري بوقف النار. اما في اسرائيل فلا يخفضون حاليا مستوى الضغط، والخطط الحربية تواصل التدحرج.
سلاح الجو ينتقل منذ اليوم الى المرحلة الثانية من الخطة الجوية، التي تتضمن عشرات ومئات اخرى من الاهداف في المناطق المأهولة التي اتخذت اسرائيل حتى اليوم جانب الحذر من المس بها. وابتداء من يوم امس ليلا نقل الى السكان الفلسطينيين في تلك الاحياء والمباني بان الجيش الاسرائيلي يعتزم الهجوم وحذرهم كي يغادروا المنازل في غضون ساعات – ولا يزال- رغم التحذيرات، معقول جدا الافتراض بان التغيير في حجم المصابين في أوساط السكان غير المقاتلين سيتسع.
حتى الان تم تدمير اكثر من 2000 صاروخ، وفي الليالي الاخيرة يتركز الجهد على ضرب الاشخاص الذين يستخدمون المنصات ايضا – بينما صفي ليلة أول أمس 14 منهم. يحتمل ان يكون الانخفاض في حجم اطلاق الصواريخ يرتبط بذلك. ومع ذلك، في الجيش يقولون انه لا يمكن الاكتفاء بالنار من الجو لانهاء المعركة بالانجاز اللازم، ومطلوبة طاقة جديدة في شكل مناورة برية.
حاليا تقف التقارير عند 130 قتيلا في غزة: نصفهم نشطاء عسكريون، 30 – 40 في المئة منهم هم مدنيون غير مشاركين قتلوا بالخطأ، والباقون اصيبوا لانهم لم يستجيبوا لدعوات الجيش الاسرائيلي الخروج من المباني. هذا التقسيم لم يجد قبولا له بالتأكيد في العالم، وذلك لان الحديث يدور ايضا عن نساء وأطفال.
الادعاء بان قادة حماس منقطعون هو نوع من الاسطورة المدينية. ففي حملة «عمود السحاب» وفي الحملات السابقة، جلس ذات القادة في أقبية مستشفى الشفاء، ومعقول الافتراض بانهم اليوم ايضا يمكثون في منشأة مشابهة. لو كان بوسع الجيش احتلال الشفاء، لحقق سيطرة ايضا على الحفرة التي توجد فيها حكومة هنية وهيئة اركان حماس.
في العالم، بعد اسبوع من النوم، بدأت تتصاعد رافعات الضغط على اسرائيل. فقد اصدر مجلس الامن أمس نداء للطرفين بوقف النار، وعقد وزير الخارجية الامريكي كيري اجتماعا مع وزراء الخارجية العرب للبحث في الموضوع. اضافة الى ذلك، ستجتمع غدا الجامعة العربية ومن المعقول الافتراض بان القطريين سيساعدون مصر على تليين موقف حماس، بمعونة اقتصادية سخية. اما الاتراك الذين توجه اليهم مشعل بطلب للتوسط، فغير واردين. فالقرار في اسرائيل هو عدم السماح للاتراك باي موطىء قدم في المسألة – وليشتم اردوغان قدر ما يشاء.
تبدو نقطة البدء نحو الاتفاق في هذه اللحظة بعيدة. فاسرائيل تتحدث عن عودة الى تفاهمات «عمود السحاب»، بينما يرغب الذراع العسكري لحماس بان يضيف الى ذلك تحرير سجناء حماس من حملة «عودوا ايها الاخوة»، فتح معبر رفح ونقل المال لدفع الرواتب. ويقول الموقف الاسرائيلي انه محظور أن تخرج حماس بانجازات غير أن قرار المجلس الوزاري من هذا النوع هو موضوع مرن. فتطور غير متوقع في القتال، مثل خطأ اسرائيلي ومس بعشرات الفلسطينيين يمكن ان يلين موقفها.
قبل تسعة ايام اقترح المصريون على حماس وقف الصواريخ والعودة الى تفاهمات «عمود السحاب». وحسب الاقتراح، فان كل باقي مطالب حماس، ستبحث في مرحلة لاحقة، ودون صلة بوقف النار. وكان الاقتراح المصري مقبولا من اسرائيل، ولكن حماس رفضته بوقاحة. وبعد ان تصاعد حوار النار بين اسرائيل وحماس، فيما يحوم تهديد الدخول البري في الجو، تراجعت حماس – وأطلق الناطقون بلسانها أقوالا غامضة في صيغة «يوجد ما يمكن الحديث فيه».
لقد جاء دخول مصر الى الوساطة ليخدم حاجة مصرية حيوية: التخوف هناك هو من تصعيد في غزة ينتقل الى سيناء، ومن هياج في الشارع المصري في اعقاب الصور القاسية التي تصل من القطاع. كما ان هذه هي الفرصة للرئيس الجديد السيسي ليثبت للامريكيين قوته في المنطقة، وربما ايضا تحقيق خير لاسرائيل التي وقفت الى جانبه أمام الحظر الذي فرضته عليه واشنطن.
لم يتضمن الحديث الذي اجراه نتنياهو مع اوباما في نهاية الاسبوع اقتراح وساطة عملي. فقد أجرى الرئيس الامريكي الاتصال كي يؤشر لاسرائيل بان الزمن السياسي الذي لها للحملة آخذ في النفاد. اما اسرائيل من جهتها فقد دخلت في وضعية «امسكوني» – قبل أن أفقد السيطرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تحويل الشجاعية إلى الضاحية
بقلم:بن كاسبيت،عن معاريف
المرحلة التالية ستكون تحويل حي الشجاعية في غزة الى ما كانت عليه الضاحية في بيروت في حرب لبنان الثانية. هذه الرسالة نقلها أمس بعض كبار رجالات الجيش الاسرائيلي في تصريحاتهم العلنية.
اصدر الجيش الاسرائيلي أمس بلاغات لبعض الاحياء في غزة دعا فيها السكان الى اخلائها في أقرب وقت ممكن. وحدد الجيش الاسرائيلي الشجاعية بانه الحي الذي تصدر منه معظم الصواريخ نحو اسرائيل وقرر اذا واصلت حماس التصعيد، فان الجيش سيدمر الحي حتى الاساس ويبسطه مع الارض مثلما فعل بالضاحية، معقل حزب الله في بيروت، قبل ثماني سنوات بالضبط.
في هذه الاثناء لا يوجد وسيط حقا. فقد اقترح الاتراك انفسهم ورفضوا. والقطريون اشكاليون. اما مصر فغير مستعدة لان تعمل معهم لانهم يعتبرون اسياد حماس. الامريكيون في الصورة وكذا الفلسطينيون، من الجانب الاسرائيلي يعمل على الوساطة مبعوث نتنياهو المحامي اسحق مولخو، الوزيرة تسيبي لفني وآخرون. الرجل الاكثر ملاءمة للوساطة هو ابو مازن. اسرائيل في هذه الاثناء لا تريد أن تعطيه الشرف. فهذا قد يعززه على حساب المتطرفين. وحماس تطالب بمطالب متنوعة لوقف النار. اما ابو مازن فلا يقترح الا امر بسيط واحد: وقف النار الان. فورا. وبعد ذلك نرى اما اسرائيل فترفض.
وعد في لحظة ذروة
وقت البحث في منتهى السبت حطم كل الارقام القياسية في العبث، بوتيرة مجنونة. فقط أعلنت حماس في الثامنة مساء، بالعبرية، بانها تعتزم ان تطلق في التاسعة مساء صواريخ جديدة نحو تل أبيب تحمل اسم احمد الجعبري. ويفترض أن تكون أثقل مما اطلقته حتى الان. وقبلت القنوات التلفزيونية الاسرائيلية التحدي ودخلت جميعها الى انتظار شبه متوتر، شبه متسلي. في تلفزيون حماس وضعوا ساعة عد تنازلي وتبلوها بالاناشيد التي تبشر بخراب الصهيونية، دمار الدولة و»هز احساس الاسرائيليين بالامن».
أما عندنا بالمقابل فواصل الناس يتجولون ويقضون وقت فراغهم في ميناء تل أبيب. والحقيقة هي أن حماس التزمت بالمواعيد. في التاسعة وخمسة دقائق انطلق السنونو الاول الى دربه، واعترض فوق تل أبيب، وفي اعقابه اطلقت صلية من عشرة صواريخ اخرى، في كل اتجاه ممكن. وهي الاخرى اعترضت. وفي ميناء تل أبيب صفق الناس، وكذا المتجمعون حول القبة الحديدية وكأن هذا هبوط اضطراري ناجح لطائرة ال عال.
تخلق القبة الحديدية هنا احساسا رائعا بالامن. دولة كاملة تتلقى وابلا من الصواريخ، على مدى خمسة ايام على التوالي، وكف الناس عن التأثر. ينبغي الامل الا ينتهي هذا بالبكاء. فدوما سيكون صاروخ عاق اياه يفلت من الاعتراض، حيث سيصل من زاوية مفاجئة، او يعثر عليه بتأخر أو يقع خلل في أحد صواريخ الاعتراض أو شيء ما. مثل هذا الصاروخ الذي يسقط على جمهور غير مكترث، يمكن ان يلحق مصيبة. والاحصاءات يمكنها أن تكذب دوما. 90 في المئة نجاح، لا يكفي عندما يدور الحديث عن ارواح البشر. يجب أن نتذكر ذلك.
مطلوب وسيط
بدأت «الجرف الصامد» تستنفد نفسها. والطرفان يسرهما النزول عن الشجرة التي تمترسا عليها في قلب الغابة، ولكن لا توجد سلالم. الوسيط الطبيعي والتقليدي، مصر، غير معنية جدا بالتعاون. والجنرال السيسي يتمتع شخصيا من كل بيت لمسؤول من حماس يصبح موجة حجارة في غزة. والامريكيون هم الوحيدون الذين يمكنهم أن يخلقوا الالية التي تنهي الامر. المكالمة الهاتفية بين نتنياهو واوباما يوم الخميس كانت مكالمة تأسيسية. اسرائيل هي التي طلبت من الولايات المتحدة الدخول الى الصورة.
التسوية، في نهاية المطاف، ينبغي أن تعطي الجميع احساسا بانجاز ما. اسرائيل «ستعيد الردع» وتلقن حماس درسا، حماس ستستعيد علاقتها بالعالم، وتحصل ربما على الفرصة للصمود من ناحية اقتصادية. قطر ملزمة بان تكون جزءا من مثل هذا الاتفاق لانها ستوفر المال. اما ابو مازن فيفترض أن يثبت مكانته بصفته الزعيم الوحيد للشعب الفلسطيني، اذا ما تمكن الامريكيون من جعله كبير السن المسؤول.
كل ما كتب حتى هنا يمكن أن يتصاعد بالدخان اذا ما وعندما يصيب صاروخ ما، في مكان لا يفترض به أن يقع فيه، او كبديل اذا ما سقطت قذيفة طن من سلاح الجو بالخطأ على مدرسة فلسطينية مأهولة.
في هذه المرحلة، عندما لا تكون مثل هذه الامور قد حصلت، يكون واضحا للجميع بان «الجرف الصامد» توجد ما وراء ذروتها. نتنياهو ويعلون لن يسارعا في الدخول الى غزة، واذا ما دخلا، فسيكون هذا نشاطا موضعا لا يبقي قوات على الارض اكثر من بضع ساعات أو ايام. لقد سلم نتنياهو بحقيقة أنه خلافا لما وعد، ليست لديه القدرة على دفع حكم حماس الى الانهيار. هو ايضا، مثل اسلافه، سيلعب من السبت الى السبت، اي من حملة الى حملة، من ترميم الردع الى اعادة ترميمه. لا يوجد لاحد اوراق اخرى في هذه اللحظة.
لا بد سنشتاق لحماس
الفارق بين هذه الحملة وسابقاتها واضح: حتى وقت قصير مضى كان هدف اسرائيل انهيار حكم حماس. وظهور لاعبين مثل داعش، جبهة النصرة، بيت المقدس وباقي مجانين الجهاد والقاعدة، أوضح لاسرائيل ان حماس هي اليوم شبه الشريك المثالي. لا ينبغي انهيارها لاننا بعد ذلك سنشتاق اليها. يجب السعي الى وضع تكون فيه مردوعة حقا، وترسانة تهديداتها على الجبهة الاسرائيلية الداخلية محدودة. اما الاحاديث عن تسوية «على نمط سوريا» في اطارها تتخلى حماس عن صواريخها فغير واردة. حماس لن تتخلى عن صواريخها ابدا.
لقد فشلت هذه المنظمة، حتى هذه اللحظة، في كل محاولات ضربها لاسرائيل. كل أسلحة «يوم الدين» التي اعدتها فشلت. الاجتياح لزيكيم ، النفق في كرم سالم، الصواريخ على تل أبيب، ديمونا.
شيء واحد في حماس لم يتضرر: الروح القتالية بقيت كما كانت. في منظمة ايديولوجية دينية – متطرفة كحماس، لا ينبغي توقع تغيير الخطاب، حتى في اللحظات الصعبة. مثل هذه المنظمات لا تخضع الا عندما تقع على الارضية، تنزف ولا تكون لها خيارات. نحن لسنا هناك، وعلى ما يبدو لن نكون هناك قريبا.
هذا المساء نهائي المونديال. اذا ما استمرت الامور بهذه الوتيرة، من الصعب الافتراض ان تكون في غزة كهرباء في الساعة العاشرة مساء. السؤال هل يمكن مشاهدة المباراة في تل أبيب في هدوء دون صافرات. صحيح حتى هذه اللحظة يبدو أن لا، ولكن كل شيء مفتوح.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي الاثنيـــن 14/07/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
وساطة عباس
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
الموت للعرب
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
عملية برية في غزة
لا يستطيع الجيش الإسرائيلي أن يحل مشكلة الصواريخ من غزة دون أن يحتل القطاع
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
ضوء في نهاية النفق
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
تحويل الشجاعية إلى الضاحية
بقلم:بن كاسبيت،عن معاريف
</tbody>
وساطة عباس
بقلم:تسفي برئيل،عن هآرتس
لا يقل الحوار الخفي الذي يجري في هذه الايام بين اسرائيل وحماس أهمية بل قد يزيد أهمية على تبادل القذائف والصواريخ بينهما.
ويتحدثون في الجانب الاسرائيلي في الحقيقة بصوت جهير عن عقاب حماس والقضاء على «البنية التحتية للارهاب» وعن «سير حتى النهاية»، لكن يغيب عن هذا الخطاب اقتراح القضاء على قيادة حماس. بالعكس. يبدو أن اسرائيل معنية بأن تبقي القيادة على حالها فهي محتاجة الى أن يوجد من يتحمل المسؤولية عن تنفيذ التفاهمات التي ستُحرز بعد انتهاء العملية، والى من يستمر على محاربة المنظمات العاصية كالجهاد الاسلامي وسرايا القدس التابعة له أو اللجان الشعبية أو المنظمات السلفية.
وتُسمع حماس بلا توقف دعوى أصلية على اسرائيل. «نكثت اسرائيل كل تفاهمات 2012»، يتهمها اسماعيل هنية في تناوله للتفاهمات التي أحرزت بعد عملية «عمود السحاب». وهذه دعوى مهمة لأنها تشهد بأن حماس لم تعد عندها مشكلة في أن تعترف بوجود قاعدة اتفاق بينها وبين اسرائيل كأنهما دولتان. وهذا تجديد اسرائيل غير مستعدة حتى للاعتراف به. وأصبحت هذه التفاهمات الآن ميناءً داخليا تسعى اسرائيل وحماس ايضا الى بلوغه. أما اسرائيل فبعد عملية عقاب شديدة وأما حماس فتريد فقط أن تقلل أضرارها.
على هذا الأساس بدأت عمليات وساطة تشارك فيها الولايات المتحدة والامم المتحدة وقطر ومصر. وتحدث الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون في مساء يوم السبت الى حاكم قطر الامير تميم بن حمد؛ وتحدث وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى نظيره القطري، ويتحدث الجميع الى رئيس مصر عبد الفتاح السيسي.
وكان يفترض أن يدعو السيسي بحسب نبأ لم يُحقق بعد الى لقاء مع حاكم قطر ورئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان، وخالد مشعل ومحمود عباس لمحاولة احراز مخطط لوقف اطلاق النار. ويُظهر نبأ تمت المصادقة عليه أن مصر استجابت لمبادرة الكويت الى عقد مؤتمر لوزراء خارجية الجامعة العربية في يوم الاثنين، على عجل. وجاء عن جهات في حماس أن المنظمة تشترط شرطين للعودة الى تفاهمات 2012. فهي تطلب ضمانات دولية لحفظها وتطلب الافراج عن أسرى صفقة شليط الذين أُعيد اعتقالهم بعد اختطاف الفتية الثلاثة.
ما زال موقف مصر غامضا، ولم يتضح هل السيسي معني بأن تكون مصر وحدها في جهود الوساطة أم يسعى الى اتفاق عربي أوسع – ولا سيما بعد فشل الجهود السابقة – ليطرح عن نفسه المسؤولية عن فشل الوساطة.
تملك مصر في الحقيقة وسيلة الضغط الرئيسة على حماس – لسيطرتها على معبر رفح ولأن حماس تطمح الى تحسين علاقاتها بها – لكن السيسي يخضع لضغوط من الداخل ايضا ولا سيما بسبب استراتيجيته السياسية التي جعلت في مقدمة اهتماماتها نضالها للاخوان المسلمين.
وتصغي اسرائيل من جهتها جيدا للقاهرة لا في سياق العملية في غزة فقط. فقد أحدث التعاون بين الدولتين على مكافحة الارهاب في سيناء، وسيطرة مصر على طول حدود غزة، تلاقي مصالح مهما قد يتطور بعد ايضا الى اتجاهات اقتصادية تتعلق ببيع الغاز الاسرائيلي. واذا استقر رأي اسرائيل على أنه حان الوقت لتنفيذ التفاهمات مع حماس، أو اذا ثارت الشوارع في مصر ردا على العملية في غزة فتستطيع مصر واسرائيل التوصل الى اتفاق ووقف اطلاق النار بالشروط التي حُددت بعد عملية «عمود السحاب».
وفي الوقت نفسه قد تُبين تفاهمات مع حماس حتى لو أُحرزت بوساطة مصر، دون إشراك محمود عباس، ازدواج سياسة اسرائيل مرة اخرى. فعلى أثر المصالحة بين فتح وحماس ألقت اسرائيل على الرئيس الفلسطيني المسؤولية عما يجري في غزة ايضا برغم أنها الآن مسؤولية جوفاء. وما زالت في مقابلة ذلك ترى أن حماس هي المسؤولة وحدها عما يجري في غزة، وقد أحبطت مسؤولية عباس حينما بينت أنها لن تسمح بتحويل اموال لدفع رواتب موظفي حماس بواسطة البنوك الفلسطينية. ومن الواضح في الوقت نفسه أن كل اتفاق على وقف اطلاق النار يعني حوارا مع حماس وإن لم يكن مباشرا.
وعلى ذلك فان جهود الوساطة خاصة تتيح فرصة مهمة لتقوية مكانة عباس اذا أصبح الوسيط المفوض لوقف اطلاق النار بدعم من اسرائيل ومصر. وبدل أن يحظى خالد مشعل ونائبه موسى أبو مرزوق بانجاز، يمكن أن يقوي عباس مكانته بصفته يستطيع «أن ينقذ» غزة، والمشكلة الاسرائيلية هي أن دعم عباس في المجال الذي طمحت فيه اسرائيل دائما الى الفصل بين غزة والضفة، قد يبدو اعترافا بالمصالحة الفلسطينية ويناقض بذلك موقف اسرائيل المبدئي الرافض لها. ويبدو لذلك أن اسرائيل تفضل برغم تناقض ذلك، اتفاقات مع المنظمة على اتفاقات مع سلطة فلسطينية موحدة.
تنطوي الوساطة والتفاهمات على فرصة لانجازات سياسية ولا سيما حينما تكون الاهداف العسكرية وتعريف النصر غامضين. لكن في الوقت الذي تشتغل فيه اسرائيل وحماس باحصاء الهجمات والصواريخ لن يكون للانجازات السياسية الممكنة أية فرصة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
الموت للعرب
بقلم:جدعون ليفي،عن هآرتس
إن هدف عملية «الجرف الصامد» اعادة الهدوء، والوسيلة الى ذلك قتل مدنيين. فاسرائيل تؤمن جدا بأنها اذا قتلت مئات الفلسطينيين في غزة فسيُحرز الهدوء. والقضاء على سلاح حماس غير مأمول، فقد برهنت من قبل على أنها تعرف كيف تتسلح مرة اخرى؛ واسقاط سلطة حماس هدف غير واقعي (وغير شرعي) لا تريده اسرائيل: فهي تعلم أن البديل سيكون اسوأ كثيرا. وهكذا بقينا مع هدف واحد هو مع هتاف الجمهور. وقد أصبح عند الجيش الاسرائيلي «خريطة ألم»، وهي اختراع شيطاني جديد حل محل «بنك الاهداف» الذي لا يقل عنها شيطانية، وأخذت هذه الخريطة تتسع في سرعة مخيفة.
شاهدوا محطة «الجزيرة» باللغة الانجليزية، وهي محطة مهنية متزنة (بخلاف أختها «العربية»)، وانظروا الى مقدار النجاح. فلن تروه في المنتديات الاسرائيلية «المفتوحة» التي هي مفتوحة كالعادة للضحية الاسرائيلي فقط تقريبا – لكنكم سترون في «الجزيرة» الحقيقة الكاملة بل قد تُزعزعون. فقد أخذت الجثث في غزة تتراكم. وهي قائمة يأس لقتل جماعي يجدد كل لحظة وتفخر اسرائيل به، أصبحت تشمل عشرات المدنيين القتلى وفيهم 24 ولدا الى ظهر أمس؛ ومئات الجرحى ودمار ورعب وخراب، وقصف مستشفى ومدرسة ايضا. إن الهدف هو الهجوم على بيوت سكن، ولن يساعد أي نفاق، فالحديث عن جريمة حرب حتى لو كان الجيش الاسرائيلي يسميها «مواقع قيادة» أو «غرف جلسات». صحيح أنه توجد هجمات أقسى كثيرا من الهجوم الاسرائيلي لكنه لا يوجد حتى لاجئون في هذه الحرب التي ليست هي سوى هجوم متبادل على مدنيين – الفيل في مواجهة الذبابة. وليس للسكان في غزة بخلاف سوريا والعراق، ترف الفرار نجاة بأنفسهم لأنه لا يوجد مكان يُهرب اليه في قفص.
منذ كانت حرب لبنان الاولى، أي منذ أكثر من ثلاثين سنة، أصبح قتل العرب هو الوسيلة المركزية في الاستراتيجية الاسرائيلية، فلم يعد الجيش الاسرائيلي يحارب جيوشا وصار هدفه الرئيس السكان المدنيين. فقد ولد العرب فقط كي يقتلوا ويُقتلوا – كما يعلم الجميع – وليس لهم هدف آخر في حياتهم واسرائيل تقتلهم. يجب بالطبع أن نشمئز من طريقة عمل حماس، فهي لا توجه فقط صواريخها على أهداف مدنية في اسرائيل ولم تقم قواعدها بين السكان المدنيين فقط – ونشك في أن يكون عندها بديل في القطاع المزدحم – بل أسلمت ايضا سكان غزة للقصف الاسرائيلي الوحشي دون أن تهتم بمجال آمن واحد أو بملجأ أو بصافرة انذار. وهذه جريمة. لكن هجمات سلاح الجو الاسرائيلي لا تقل عن ذلك إثما بسبب النتيجة وبسبب القصد لأنه لا يوجد منزل في غزة لا يسكنه عشرات النساء والاولاد، ولهذا لا يستطيع الجيش الاسرائيلي أن يزعم أنه لا يقصد اصابة الأبرياء. واذا كان هدم بيت مخرب في الضفة قد أثار شيئا من الجدل الضعيف فانهم يهدمون الآن عشرات البيوت على ساكنيها. ويتنافس جنرالات احتياط ومحللون في الجيش النظامي فيمن يثير اقتراحا أكثر تغولا: «اذا قتلنا عائلاتهم فسيخيفهم ذلك» بين اللواء أورن شاحور دون أن يطرف له جفن؛ «يجب أن نُحدث وضعا بحيث لا يعرفون غزة حينما يخرجون من مكامنهم»، بين الآخرون، دون خجل ودون سؤال الى أن يكون تقرير غولدستون التالي.
إن الحرب دون هدف واضح هي من أقبح الحروب؛ والاصابة المتعمدة للمدنيين من أكثر الوسائل اجراما. يوجد الآن خوف في اسرائيل لكن نشك في أن يوجد اسرائيلي واحد يمكن أن يتخيل ما الذي يجري الآن على 1.8 مليون هم سكان غزة أصبحت حياتهم البائسة مرة اخرى حياة رعب. ليست غزة «جحر أفاعي» بل هي منطقة يأس لبشر. وليست حماس جيشا فهي بعيدة عن ذلك برغم كل التخويف: واذا كانت قد بنت حقا نظام أنفاق جد متطور في غزة فلماذا لا تبني قطار تل ابيب تحت الارض؟.
بعد قليل ستكون قد نفذت ألف طلعة جوية وألقي ألف طن من المتفجرات واسرائيل تنتظر «صورة النصر» التي قد أحرزت وهي .
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
عملية برية في غزة
لا يستطيع الجيش الإسرائيلي أن يحل مشكلة الصواريخ من غزة دون أن يحتل القطاع
بقلم:عاموس هرئيل،عن هآرتس
أعلن الجيش الاسرائيلي أمس بخطوة مهمة استعدادا لاحتمال دخول بري الى قطاع غزة. فالجيش ينوي أن يبدأ الطلب الى سكان فلسطينيين في الاحياء القريبة من جدار الحدود المحيط بالقطاع أن يخلوا بيوتهم. وسيبدأ الجيش الاسرائيلي بعد التحذيرات التي ستُبلغ بمنشورات وبمكالمات هاتفية، سيبدأ قصف هذه الاحياء – ويكون ذلك في البدء باطلاق نار تحذيري وبعد ذلك باطلاق متعمد. والتفسير الاسرائيلي الرسمي لذلك هو أنه سيوجد هنا «اجلاء سكان لحمايتهم». لكن هذه الخطوة الجديدة لها هدفان في واقع الامر هما ردع الرأي العام في القطاع بسبب النتائج المتوقعة لاستمرار اطلاق حماس للصواريخ، والمس بنظام المنظمة الدفاعي قبيل الدخول البري.
وما زال يلاحظ الى الآن برغم صفوف الدبابات التي تتجه الى الجنوب وألوية المشاة التي تتأهب حول القطاع، أن اسرائيل لا تسارع الى الخروج الى المرحلة البرية من العملية. فالتوجيه الى القوات يتأخر ويبدو أن ذلك عن محاولة لاستنفاد الاتصالات السياسية. وقد كثرت منذ ظهر أمس الانباء عن صوغ مخطط سياسي ممكن. وقد بدأ المجتمع الدولي يستيقظ في الحقيقة – ويتوقع وصول قطار جوي يحمل وزراء الخارجية الى المنطقة من منتصف هذا الاسبوع – لكن قد تمر بضعة ايام اخرى على الأقل قبل أن يمكن التوصل الى تسوية.
هذه هي المرحلة التي يدخل فيها الوسطاء المختلفون في الصورة كما كان الامر في العمليتين الاخيرتين في غزة وفي حرب لبنان الثانية. وهم يعملون في الاكثر في قنوات متوازية ومتنافسة ويتبين في النهاية فقط من الذي يأتي بصيغة الخلاص. وتوجد الآن ايضا أنباء منشورة عن جهود الولايات المتحدة والرباعية وقطر والسلطة الفلسطينية لم يتضح أيها سينضج. وزار أمس مبعوث الرباعية طوني بلير مصر والتقى رئيسها عبد الفتاح السيسي. وكانت الشروط التي ذكرت في الحديث بينهم بحسب تقارير اخبارية ليست رسمية تماما: وقفا تاما لاطلاق النار وللاعمال العدائية عن جانبي الحدود (والعمليات بواسطة الانفاق ايضا على نحو ضمني) وتسهيل مرور السلع والناس. وتتعلق المادة الثانية بمصر أكثر من تعلقها باسرائيل لأن حماس كانت تطلب منذ زمن طويل من القاهرة أن تُمكّن من تسهيل الحركة في معبر رفح. وقد يكون هذا آخر الامر هو المشجب الذي يُعلق عليه الاتفاق الذي ينهي القتال.
ينبع الاهتمام العالمي المتزايد بما يجري في غزة من مناظر الدمار والخسائر التي بُثت من هناك في نهاية الاسبوع. وتأمل اسرائيل أن تقنع تلك الصور حماس آخر الامر بأنها دفعت ثمنا باهظا جدا ولم تحرز شيئا. وهي تُقصر الآن حبل العمليات الذي يتيحه المجتمع الدولي لاسرائيل. فعلى حسب قول الامم المتحدة أُحصي في غزة 135 قتيلا حتى خروج يوم السبت، 70 بالمئة منهم في تقديرها مدنيون. وهذا في الحقيقة متوسط عدد القتلى في يوم قتال واحد في الحرب الاهلية في سوريا، لكن العالم ما زال يلاحظ في غزة قدرة على التدخل ووقف اطلاق النار.
بقيت حماس في نهاية الاسبوع ايضا مع القليل جدا من الانجازات في العمليات الحربية. وفي يوم السبت قل كثيرا عدد اطلاقات الصواريخ لكنه ورد آنذاك نبأ عظيم الوقع في الثامنة مساءً عن رشقة متوقعة على غوش دان بعد ساعة. وأحرزت حماس في الحقيقة أكبر قدر من انتباه وسائل الاعلام الاسرائيلية لكنها لم تحرز صورة الذعر الوطني ولا أضرارا ايضا. وقد اعترضت القبة الحديدية رشقة الصواريخ كما حدث في مرات سابقة. ويبدو الى الآن أن المنظمة تتميز في الأساس بألاعيب العلاقات العامة، من قصف بحسب اعلان مسبق الى اختراق مواقع انترنت اسرائيلية. وإن القبة الحديدية والاستعداد المدهش لكل سلطات الطواريء في الجبهة الداخلية يحافظان الى الآن على عدد قليل جدا من المصابين برغم أن الميزان قد يتغير بعد.
برغم نتائج اعتراض الصواريخ الممتازة (نصبت في نهاية الاسبوع بطارية ثامنة من القبة الحديدية)، يظهر تأييد متزايد من الجمهور الاسرائيلي لتوسيع العملية الى عملية برية. وقد يحدث هذا آخر الامر تحت الضغط السياسي الذي تخضع له الحكومة لعرض انجازات في العملية، لكن يحسن كف التوقعات، فالجيش الاسرائيلي لا يستطيع أن يحل بمرة واحدة والى الأبد مشكلة الصواريخ دون أن يحتل ارض القطاع كلها ويجري فيها اعمال تمشيط واسعة مدة اشهر. والنتيجة المطلقة آنذاك ايضا غير مضمونة ولا يوجد في اليمين أصلا تأييد حقيقي لهذا الاجراء. وحتى لو كانت التقديرات الاستخبارية دقيقة وأن الجيش الاسرائيلي نجح في القضاء على ألفي قذيفة صاروخية فلسطينية (تضاف الى نحو من 700 قذيفة أطلقت من غزة) فما زال يوجد في القطاع ما يكفي ويزيد من القذائف الصاروخية للاستمرار في الجولة الحالية: يبلغ عددها نحو من 8 آلاف منها 200 على الأقل ذات مدى متوسط تستطيع أن تصيب من المنطقة شمالي أسدود حتى ظاهر حيفا.
والاستنتاج هو أنه لا يمكن الحديث عن بدء انجاز بالقضاء على اطلاق النار دون مداورة برية واسعة في عمق القطاع. ويبدو أن معضلة الحكومة تنحصر الآن في أهداف أكثر تواضعا. والى ذلك لنفرض لحظة أن العملية انتهت الى نجاح لامع وأن السلطة الصديقة الحالية في مصر بعد عملية «الجرف الصامد» بخلاف ما كان في «عمود السحاب»، واصلت اغلاق الانفاق في رفح ومنْع تهريب سلاح جديد. إن اكثر القذائف الصاروخية ذات المدى المتوسط التي تطلق في هذه الايام من غزة من صنع محلي، أي أن المواد والعلم المطلوبة لصنعها موجودان في القطاع وسيصعب على اسرائيل أن تمنع تجديد المسار. إن أملها الرئيس أن ترجع الفلسطينيين الى الوراء، الى نقطة بداية أدنى (من جهة عدد الصواريخ والقدرة على الصنع) في التسلح استعدادا لجولة قتال في المستقبل.
إن الشيء المطروح للبحث مع استمرار المعركة الجوية هو عمل بري لزيادة الضغط على حماس. والفرض هو أنه يمكن به اصابة أملاك المنظمة (مخازن قذائف صاروخية اخرى ومواقع اطلاق؛ ومسلحين يُقتلون وهم يحاولون أن يصدوا تقدم قوات الجيش الاسرائيلي) وأن تعالَج في الفرصة نفسها عدة أخطار تكتيكية لاحباط خطط حماس لاحداث مفاجآت في العمليات. وقد نجح الجيش الاسرائيلي و»الشباك» في الايام التي سبقت بدء العملية الحالية في احباط محاولة حماس تنفيذ عملية طموحة بصورة مميزة بواسطة انفاق في منطقة كرم أبو سالم. وهم في جهاز الامن يعتقدون أن حماس حفرت نحوا من ثلاثين نفق هجوم قرب الجدار ابتغاء استعمالها للعمليات حينما يحين الوقت، كما ورد في صحيفة «هآرتس» في بداية السنة.
إن دخول الجيش الاسرائيلي البري الى قطاع غزة سيلاقي جهدا دفاعيا من حماس التي ستستعمل الصواريخ المضادة للدبابات والمتفجرات ونظاما دفاعيا من انفاق تحت الارض. ويتوقع أن تزيد في الوقت نفسه محاولات اطلاق القذائف الصاروخية على المراكز السكنية في اسرائيل، وستضطر الحكومة المصغرة الى أن تفكر في أنه هل يوجد قدر كاف من المعلومات الاستخبارية الدقيقة، وهل توجد اهداف يمكن احرازها بعملية برية محدودة قبل الموافقة عليها. وستكون حيرة الوزراء بين الخشية من أن يبدوا مستعدين لانهاء المعركة بتعادل مع حماس (التي ستعرض التعادل على أنه انتصار كبير) وبين الخشية من التورط واصابات في قوات الجيش الاسرائيلي. وقد اصبحت الساعة السياسية تتكتك في الخلف.
يبدو بحسب الرسائل التي تصدر عن الجيش الاسرائيلي أنه يهمه أن يُبين أن تأخير الموافقة على عملية برية لا ينبع منه بل من المستوى السياسي. لكن يبدو في واقع الامر اذا استثنينا بعض الاصوات الشاذة القليلة نسبيا أن القيادتين العليين السياسية والامنية مجمعتان على أنه لا ينبغي تعجل عملية في عمق القطاع. ومن المثير للاهتمام أن الجنرال (احتياط) يوآف غالنت الذي تولى قيادة عملية «الرصاص المصبوب» وضغط في تلك الفترة لتوسيع العملية البرية أكثر مما وافقت عليه الحكومة المصغرة (وهو موقف لم يُقبل) يعتقد هذه المرة أن العملية الحالية استنفدت نفسها ويجب وقفها قبل ارسال القوات الى الداخل.
إن حسابات الحكومة المصغرة بريئة هذه المرة نسبيا من حسابات الانتقام لأن نسبة الاعتراضات العالية للقبة الحديدية الى الآن قللت الى أدنى قدر عدد المصابين في الجانب الاسرائيلي. والذي يشتكي من أن النسبة بين القوتين تسد آذان الاسرائيليين عن صرخات المعاناة التي تُسمع في غزة، يحذف من المعادلة نقطة حرجة وهي أنه لولا نجاحات القبة الحديدية لبلغ عدد القتلى الاسرائيليين عددا ذا منزلتين بيقين. ولو كان هذا المعطى لزاد الضغط على الجيش الاسرائيلي ليهاجم من الجو بصورة غير تناسبية وليرسل قوات برية، أي أنه كان سيزيد جدا في عدد القتلى في الجانب الاسرائيلي وفي الجانب الفلسطيني.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ضوء في نهاية النفق
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت
في الجيش لم يعودوا يتحدثون بمفاهيم الطواقم اللوائية القتالية المنتشرة على حدود القطاع قبيل عملية برية محدودة – اليوم تقف على خط الانطلاق بحجم كبير يلمح بقدرة عسكرية لاحتلال كل قطاع غزة وانهيار حماس.
ما يعرفونه في الجيش فهموه أيضا في المجلس الوزاري: لا يمكن ابقاء قوة عسكرية بمثل هذا الحجم في حالة تحفز على مدى زمن طويل. وعلى القرار أن يتخذ اليوم او غدا. ومن غير المستبعد أن يكون هذا الحشد الهائل – الذي اضيف له 8 الاف رجل احتياط آخرين في اليوم الاخير – قد دفع كل اللاعبين في الشرق الاوسط، وبالاساس حماس الى الفهم بان اسرائيل تعتزم تغيير كل قواعد اللعب في الملعب الغزي. ووحده وقف فوري للنار سيوقف الخطوة.
في نهاية الاسبوع ظهرت اشارة اولى لل – عندما أصدرت حماس في ساعات الصباح من يوم أمس لاول مرة اشارة ايجابية على الاقتراح المصري بوقف النار. اما في اسرائيل فلا يخفضون حاليا مستوى الضغط، والخطط الحربية تواصل التدحرج.
سلاح الجو ينتقل منذ اليوم الى المرحلة الثانية من الخطة الجوية، التي تتضمن عشرات ومئات اخرى من الاهداف في المناطق المأهولة التي اتخذت اسرائيل حتى اليوم جانب الحذر من المس بها. وابتداء من يوم امس ليلا نقل الى السكان الفلسطينيين في تلك الاحياء والمباني بان الجيش الاسرائيلي يعتزم الهجوم وحذرهم كي يغادروا المنازل في غضون ساعات – ولا يزال- رغم التحذيرات، معقول جدا الافتراض بان التغيير في حجم المصابين في أوساط السكان غير المقاتلين سيتسع.
حتى الان تم تدمير اكثر من 2000 صاروخ، وفي الليالي الاخيرة يتركز الجهد على ضرب الاشخاص الذين يستخدمون المنصات ايضا – بينما صفي ليلة أول أمس 14 منهم. يحتمل ان يكون الانخفاض في حجم اطلاق الصواريخ يرتبط بذلك. ومع ذلك، في الجيش يقولون انه لا يمكن الاكتفاء بالنار من الجو لانهاء المعركة بالانجاز اللازم، ومطلوبة طاقة جديدة في شكل مناورة برية.
حاليا تقف التقارير عند 130 قتيلا في غزة: نصفهم نشطاء عسكريون، 30 – 40 في المئة منهم هم مدنيون غير مشاركين قتلوا بالخطأ، والباقون اصيبوا لانهم لم يستجيبوا لدعوات الجيش الاسرائيلي الخروج من المباني. هذا التقسيم لم يجد قبولا له بالتأكيد في العالم، وذلك لان الحديث يدور ايضا عن نساء وأطفال.
الادعاء بان قادة حماس منقطعون هو نوع من الاسطورة المدينية. ففي حملة «عمود السحاب» وفي الحملات السابقة، جلس ذات القادة في أقبية مستشفى الشفاء، ومعقول الافتراض بانهم اليوم ايضا يمكثون في منشأة مشابهة. لو كان بوسع الجيش احتلال الشفاء، لحقق سيطرة ايضا على الحفرة التي توجد فيها حكومة هنية وهيئة اركان حماس.
في العالم، بعد اسبوع من النوم، بدأت تتصاعد رافعات الضغط على اسرائيل. فقد اصدر مجلس الامن أمس نداء للطرفين بوقف النار، وعقد وزير الخارجية الامريكي كيري اجتماعا مع وزراء الخارجية العرب للبحث في الموضوع. اضافة الى ذلك، ستجتمع غدا الجامعة العربية ومن المعقول الافتراض بان القطريين سيساعدون مصر على تليين موقف حماس، بمعونة اقتصادية سخية. اما الاتراك الذين توجه اليهم مشعل بطلب للتوسط، فغير واردين. فالقرار في اسرائيل هو عدم السماح للاتراك باي موطىء قدم في المسألة – وليشتم اردوغان قدر ما يشاء.
تبدو نقطة البدء نحو الاتفاق في هذه اللحظة بعيدة. فاسرائيل تتحدث عن عودة الى تفاهمات «عمود السحاب»، بينما يرغب الذراع العسكري لحماس بان يضيف الى ذلك تحرير سجناء حماس من حملة «عودوا ايها الاخوة»، فتح معبر رفح ونقل المال لدفع الرواتب. ويقول الموقف الاسرائيلي انه محظور أن تخرج حماس بانجازات غير أن قرار المجلس الوزاري من هذا النوع هو موضوع مرن. فتطور غير متوقع في القتال، مثل خطأ اسرائيلي ومس بعشرات الفلسطينيين يمكن ان يلين موقفها.
قبل تسعة ايام اقترح المصريون على حماس وقف الصواريخ والعودة الى تفاهمات «عمود السحاب». وحسب الاقتراح، فان كل باقي مطالب حماس، ستبحث في مرحلة لاحقة، ودون صلة بوقف النار. وكان الاقتراح المصري مقبولا من اسرائيل، ولكن حماس رفضته بوقاحة. وبعد ان تصاعد حوار النار بين اسرائيل وحماس، فيما يحوم تهديد الدخول البري في الجو، تراجعت حماس – وأطلق الناطقون بلسانها أقوالا غامضة في صيغة «يوجد ما يمكن الحديث فيه».
لقد جاء دخول مصر الى الوساطة ليخدم حاجة مصرية حيوية: التخوف هناك هو من تصعيد في غزة ينتقل الى سيناء، ومن هياج في الشارع المصري في اعقاب الصور القاسية التي تصل من القطاع. كما ان هذه هي الفرصة للرئيس الجديد السيسي ليثبت للامريكيين قوته في المنطقة، وربما ايضا تحقيق خير لاسرائيل التي وقفت الى جانبه أمام الحظر الذي فرضته عليه واشنطن.
لم يتضمن الحديث الذي اجراه نتنياهو مع اوباما في نهاية الاسبوع اقتراح وساطة عملي. فقد أجرى الرئيس الامريكي الاتصال كي يؤشر لاسرائيل بان الزمن السياسي الذي لها للحملة آخذ في النفاد. اما اسرائيل من جهتها فقد دخلت في وضعية «امسكوني» – قبل أن أفقد السيطرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تحويل الشجاعية إلى الضاحية
بقلم:بن كاسبيت،عن معاريف
المرحلة التالية ستكون تحويل حي الشجاعية في غزة الى ما كانت عليه الضاحية في بيروت في حرب لبنان الثانية. هذه الرسالة نقلها أمس بعض كبار رجالات الجيش الاسرائيلي في تصريحاتهم العلنية.
اصدر الجيش الاسرائيلي أمس بلاغات لبعض الاحياء في غزة دعا فيها السكان الى اخلائها في أقرب وقت ممكن. وحدد الجيش الاسرائيلي الشجاعية بانه الحي الذي تصدر منه معظم الصواريخ نحو اسرائيل وقرر اذا واصلت حماس التصعيد، فان الجيش سيدمر الحي حتى الاساس ويبسطه مع الارض مثلما فعل بالضاحية، معقل حزب الله في بيروت، قبل ثماني سنوات بالضبط.
في هذه الاثناء لا يوجد وسيط حقا. فقد اقترح الاتراك انفسهم ورفضوا. والقطريون اشكاليون. اما مصر فغير مستعدة لان تعمل معهم لانهم يعتبرون اسياد حماس. الامريكيون في الصورة وكذا الفلسطينيون، من الجانب الاسرائيلي يعمل على الوساطة مبعوث نتنياهو المحامي اسحق مولخو، الوزيرة تسيبي لفني وآخرون. الرجل الاكثر ملاءمة للوساطة هو ابو مازن. اسرائيل في هذه الاثناء لا تريد أن تعطيه الشرف. فهذا قد يعززه على حساب المتطرفين. وحماس تطالب بمطالب متنوعة لوقف النار. اما ابو مازن فلا يقترح الا امر بسيط واحد: وقف النار الان. فورا. وبعد ذلك نرى اما اسرائيل فترفض.
وعد في لحظة ذروة
وقت البحث في منتهى السبت حطم كل الارقام القياسية في العبث، بوتيرة مجنونة. فقط أعلنت حماس في الثامنة مساء، بالعبرية، بانها تعتزم ان تطلق في التاسعة مساء صواريخ جديدة نحو تل أبيب تحمل اسم احمد الجعبري. ويفترض أن تكون أثقل مما اطلقته حتى الان. وقبلت القنوات التلفزيونية الاسرائيلية التحدي ودخلت جميعها الى انتظار شبه متوتر، شبه متسلي. في تلفزيون حماس وضعوا ساعة عد تنازلي وتبلوها بالاناشيد التي تبشر بخراب الصهيونية، دمار الدولة و»هز احساس الاسرائيليين بالامن».
أما عندنا بالمقابل فواصل الناس يتجولون ويقضون وقت فراغهم في ميناء تل أبيب. والحقيقة هي أن حماس التزمت بالمواعيد. في التاسعة وخمسة دقائق انطلق السنونو الاول الى دربه، واعترض فوق تل أبيب، وفي اعقابه اطلقت صلية من عشرة صواريخ اخرى، في كل اتجاه ممكن. وهي الاخرى اعترضت. وفي ميناء تل أبيب صفق الناس، وكذا المتجمعون حول القبة الحديدية وكأن هذا هبوط اضطراري ناجح لطائرة ال عال.
تخلق القبة الحديدية هنا احساسا رائعا بالامن. دولة كاملة تتلقى وابلا من الصواريخ، على مدى خمسة ايام على التوالي، وكف الناس عن التأثر. ينبغي الامل الا ينتهي هذا بالبكاء. فدوما سيكون صاروخ عاق اياه يفلت من الاعتراض، حيث سيصل من زاوية مفاجئة، او يعثر عليه بتأخر أو يقع خلل في أحد صواريخ الاعتراض أو شيء ما. مثل هذا الصاروخ الذي يسقط على جمهور غير مكترث، يمكن ان يلحق مصيبة. والاحصاءات يمكنها أن تكذب دوما. 90 في المئة نجاح، لا يكفي عندما يدور الحديث عن ارواح البشر. يجب أن نتذكر ذلك.
مطلوب وسيط
بدأت «الجرف الصامد» تستنفد نفسها. والطرفان يسرهما النزول عن الشجرة التي تمترسا عليها في قلب الغابة، ولكن لا توجد سلالم. الوسيط الطبيعي والتقليدي، مصر، غير معنية جدا بالتعاون. والجنرال السيسي يتمتع شخصيا من كل بيت لمسؤول من حماس يصبح موجة حجارة في غزة. والامريكيون هم الوحيدون الذين يمكنهم أن يخلقوا الالية التي تنهي الامر. المكالمة الهاتفية بين نتنياهو واوباما يوم الخميس كانت مكالمة تأسيسية. اسرائيل هي التي طلبت من الولايات المتحدة الدخول الى الصورة.
التسوية، في نهاية المطاف، ينبغي أن تعطي الجميع احساسا بانجاز ما. اسرائيل «ستعيد الردع» وتلقن حماس درسا، حماس ستستعيد علاقتها بالعالم، وتحصل ربما على الفرصة للصمود من ناحية اقتصادية. قطر ملزمة بان تكون جزءا من مثل هذا الاتفاق لانها ستوفر المال. اما ابو مازن فيفترض أن يثبت مكانته بصفته الزعيم الوحيد للشعب الفلسطيني، اذا ما تمكن الامريكيون من جعله كبير السن المسؤول.
كل ما كتب حتى هنا يمكن أن يتصاعد بالدخان اذا ما وعندما يصيب صاروخ ما، في مكان لا يفترض به أن يقع فيه، او كبديل اذا ما سقطت قذيفة طن من سلاح الجو بالخطأ على مدرسة فلسطينية مأهولة.
في هذه المرحلة، عندما لا تكون مثل هذه الامور قد حصلت، يكون واضحا للجميع بان «الجرف الصامد» توجد ما وراء ذروتها. نتنياهو ويعلون لن يسارعا في الدخول الى غزة، واذا ما دخلا، فسيكون هذا نشاطا موضعا لا يبقي قوات على الارض اكثر من بضع ساعات أو ايام. لقد سلم نتنياهو بحقيقة أنه خلافا لما وعد، ليست لديه القدرة على دفع حكم حماس الى الانهيار. هو ايضا، مثل اسلافه، سيلعب من السبت الى السبت، اي من حملة الى حملة، من ترميم الردع الى اعادة ترميمه. لا يوجد لاحد اوراق اخرى في هذه اللحظة.
لا بد سنشتاق لحماس
الفارق بين هذه الحملة وسابقاتها واضح: حتى وقت قصير مضى كان هدف اسرائيل انهيار حكم حماس. وظهور لاعبين مثل داعش، جبهة النصرة، بيت المقدس وباقي مجانين الجهاد والقاعدة، أوضح لاسرائيل ان حماس هي اليوم شبه الشريك المثالي. لا ينبغي انهيارها لاننا بعد ذلك سنشتاق اليها. يجب السعي الى وضع تكون فيه مردوعة حقا، وترسانة تهديداتها على الجبهة الاسرائيلية الداخلية محدودة. اما الاحاديث عن تسوية «على نمط سوريا» في اطارها تتخلى حماس عن صواريخها فغير واردة. حماس لن تتخلى عن صواريخها ابدا.
لقد فشلت هذه المنظمة، حتى هذه اللحظة، في كل محاولات ضربها لاسرائيل. كل أسلحة «يوم الدين» التي اعدتها فشلت. الاجتياح لزيكيم ، النفق في كرم سالم، الصواريخ على تل أبيب، ديمونا.
شيء واحد في حماس لم يتضرر: الروح القتالية بقيت كما كانت. في منظمة ايديولوجية دينية – متطرفة كحماس، لا ينبغي توقع تغيير الخطاب، حتى في اللحظات الصعبة. مثل هذه المنظمات لا تخضع الا عندما تقع على الارضية، تنزف ولا تكون لها خيارات. نحن لسنا هناك، وعلى ما يبدو لن نكون هناك قريبا.
هذا المساء نهائي المونديال. اذا ما استمرت الامور بهذه الوتيرة، من الصعب الافتراض ان تكون في غزة كهرباء في الساعة العاشرة مساء. السؤال هل يمكن مشاهدة المباراة في تل أبيب في هدوء دون صافرات. صحيح حتى هذه اللحظة يبدو أن لا، ولكن كل شيء مفتوح.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ