Haneen
2014-08-10, 01:11 PM
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الخميس 17/7/2014
</tbody>
في هذا الملـــــف:
مبادرة التهدئة ووقف القتال لم تعد مصرية وإنما عربية !!
حديث القدس
حماس وإسرائيل: مفهومان للحضيض والذروة !
أطراف النهار عن الأيام للكاتب حسن البطل
حسابات السياسة تحتوي حسابات البيدر
طلال عوكل عن الأيام
وقف المجزرة أولاً
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن الأيام
"حماس" لن تموت
بقلم: حمادة فراعنة عن الأيام
شاهد عيان - قبل فوات الاوان
بقلم محمود ابو الهيجاء عم الحياة الجديدة
حياتنا – حماس ومطالب الاستقلال
بقلم حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
مدارات - الدم ينزف والسجال يتلوّى
بقلم عدلي صادق عن الحياة الجديدة
نبض الحياة - بشارة يقلب الحقائق
عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
مبادرة التهدئة ووقف القتال لم تعد مصرية وإنما عربية !!
حديث القدس
وافقت اسرائيل على المبادرة المصرية المتعلقة بوقف إطلاق النار كليا والبدء فورا بمحادثات حول الأمور المتعلقة بالقضية كلها، وبادرت القوى في قطاع غزة وفي المقدمة حركتا حماس والجهاد الاسلامي، الى رفضها لأسباب كثيرة من أهمها ان أحدا لم يشاور هذه القوى حول الاتفاق المقترح.
وأية نظرة موضوعية الى هذا الأمر تؤكد ان للقوى في غزة مبرراتها وأسبابها للرفض، وهي كثيرة، وقد قدمت عدة متطلبات لوقف القتال وتطوير المبادرة المصرية أو على الأقل استجابتها لهذه المتطلبات التي تبدو في معظمها منطقية وواقعية، إلا ان الأمور أخذت تنحو باتجاه معاكس تماما ... فقد بدت اسرائيل متجاوبة مع وقف النار والقوى في غزة معارضة وهكذا بدأ الرأي العام الدولي يميل الى تصديق الرواية الاسرائيلية وتحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية الكاملة عن استمرار القتال والمعاناة وأخذ قادة اسرائيل وفي المقدمة نتانياهو، يؤكدون في كل مناسبة انهم "مسالمون ولا يؤيدون القتال" وان الذي يفعل ذلك هو حماس والجهاد الاسلامي. وقد زاد الطين بلة ان السلطة الوطنية وافقت على المبادرة المصرية التي رفضوها في غزة مما زاد في تعميق الانقسام وصرنا، رغم اتفاق المصالحة وحكومة التوافق، جسمين منفصلين ولا رابط بينهما، وهذا يزيد من الاساءة لموقفنا الوطني العام داخليا وعربيا ودوليا.
إزاء هذا الوضع المؤسف والمؤلم، وإزاء المعاناة الشديدة التي يواجهها شعبنا في القطاع، لابد من تدارك الأمر والعمل بمنطق وموضوعية مع الأحداث والتطورات. ويجيء في هذا السياق اللقاء الذي تم أمس في القاهرة بين الرئيس ابو مازن والقيادي الحمساوي البارز موسى أبو مرزوق، وكذلك اللقاءات التي عقدها الرئيس مع كبار المسؤولين المصريين. كلنا يعرف عمق الخلافات بين القيادة الحالية في مصر وحركة حماس على خلفية العلاقات القوية التي كانت قائمة في عهد الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي والاتهامات التي وجهتها مصر الى حماس والإخوان في غزة ... وكلنا يعرف عمق الانقسامات بين بعض الدول إسلامية التوجه او التي تدعم الاخوان وبين قيادة مصر برئاسة السيسي.
وهذا كله يوثر في الموقف من المبادرة المصرية، الا ان المصلحة الوطنية الفلسطينية يجب ان تعلو فوق كل شيء وفوق أية مصالح فئوية او انقسامات سياسية، وهذا ما نأمل ان يتحقق في اللقاءات الفلسطينية - الفلسطينية في القاهرة وغيرها.
تجدر الاشارة الى ملاحظة هامة وهي ان المبادرة المصرية لم تعد مصرية وإنما أصبحت عربية بعد ان باركها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم يوم الاثنين الماضي بالقاهرة ويجب التعامل مع المبادرة على هذا الأساس، وإخراجها من نطاقها المصري الضيق.
حماس وإسرائيل: مفهومان للحضيض والذروة !
أطراف النهار عن الأيام للكاتب حسن البطل
المبادرة المصرية هي نسيج دولي وصياغة مصرية، وتأكد النسيج الدولي بدعم المبادرة، التي نالت دعماً لاحقاً عربياً.. وصف كيري رفض حماس لها بـ "الوقح".
يبدو أن شروط حماس المعلنة أول أيام الحرب كانت استناداً إلى توقع إنجازات عسكرية تسوغ شروطها الواسعة من فك الحصار وتحرير المعابر، وإعادة تحرير زهاء 56 من صفقة شاليت، اعتقلتهم إسرائيل قبل الحرب، رداً على اختطاف المستوطنين.
لكن باستثناء توسيع مديات الصواريخ، لا يبدو هذا إنجازا عسكريا للمقاومة يبرر لها شروطها الواسعة. إنه إنجاز تكتيكي توقعته إسرائيل قبل الحرب، برفع فاعلية أداء منظومة "القبة الحديدية" ووفرة ملاجئ الحماية، بحيث سقط قتيل إسرائيل واحد، ولكن في اليوم الثامن من الحرب، وبعد إعلان المبادرة المصرية.
مسارعة نتنياهو الفورية لقبول صيغة المبادرة المصرية، استفزت على ما يبدو الجناح الحربي لحماس "الكتائب" التي رفضت المبادرة جملة وتفصيلاً، ووصفتها "بالركوع والخنوع" و"وعد بلفور جديد"، علماً أن جناح كتائب عز الدين القسام هو من أعلن شروط هدنة هي في حقيقتها شروط حل مديد.
إذا لم يكن رفض الكتائب توزيع أدوار بين حماس ـ السياسية، وحماس العسكرية، فإن الأمر مؤشر سيئ على خلاف بين الرأس السياسية وما يفترض أن يكون ذراعها العسكرية.
الرفض من الذراع العسكرية يعني أن حماس السياسية هي الطرف الذي سيواجه عزلة مصرية ودولية وعربية.. وفلسطينية لاحقاً ربما.
من المشكوك فيه أن تتحمل حماس مضاعفات مثل هذه العزلة، إلاّ إذا جرّت إسرائيل إلى المرحلة البرية من الحرب، وكانت خسائرها فيها تسوغ لحماس فشلها الكبير في الحرب الصاروخية.
تفهم إسرائيل وتتصرف، أيضاً، عن قناعة أن حماس هي في الحضيض السياسي والعسكري، فعلى الأقل فشلت منظومة الأنفاق ـ حتى الآن ـ في تكرار قصة أسر غلعاد شاليت، رغم تطويرها المعقد وتوظيف موارد مالية كبيرة للأنفاق على إنشائها.
حماس تفهم الأمر على نحو آخر وهو أنها في الذروة عسكرياً، لأن مفهوم المقاومة العسكري مستمد من الصمود، والقدرة على تحمُّل خسائر الحروب من القتلى والخراب، مع تطوير وسائل المقاومة.
في إسرائيل، كما هو العادة في دولة ديمقراطية (ولو يهودية) فإن الحكومة هي التي تقرر، وغالباً وفق قرار رئيسها، لكن في "حكومة مقاومة" أو المقاومة هو مبرر حكمها فإن الجناح العسكري صار، شيئاً فشيئاً، هو المقرر، ولن تجرؤ "حكومة المقاومة" على عدم مسايرة قرار كتائب القسام في رفض المبادرة المصرية، على الأقل في مدى الأيام، وربما الأسابيع المقبلة.
سارع نتنياهو إلى القبول الفوري للمبادرة المصرية عن تقدير بأن "حماس" وذراعها العسكرية سوف ترفضها، وهو ما يعطي نوعاً من "الشرعية" الدولية لإسرائيل لمواصلة الحرب ورفع وتيرتها، فإن كان تصعيدها عسكرياً يفرض على المقاومة الرضوخ، وهذا مستبعد، فإن الحرب البرية لن تتأخر كثيراً، ولكنها ستكون محسوبة.
قلت إن شروط حماس المبدئية لإنهاء الحرب كانت على ما يبدو عن تقدير بالغ لآثار توسيع مديات صواريخها، بحيث أنها شروط حل سياسي لهدوء مديد يستمر سنوات.. هذا لم يتحقق.
المفاجأة الفنية الأخرى، وقد توقعتها إسرائيل، هي الطائرة بلا طيار من نوع أبابيل (لاحظوا فخامة الاسم وضخامته ومعناه الديني) وقد اصطادتها الدفاعات الجوية الإسرائيلية بسهولة.
المقاومة تواجه مشقة وصعوبة إسقاط "الزنانة" الإسرائيلية، ولو ربما لأن غزة قطاع ضيق، لكن تجهيزات الطائرات بلا طيار الإلكترونية الإسرائيلية، جعلتها دولة رائدة عالمية في تصديرها.
مفهوم إسرائيل التقليدي لحروبها هو "الحسم" ولم يعد هناك حسم منذ حرب 1967 مع الجيوش العربية، ولا مع حركات المقاومة؛ ومفهوم هذه الحركات هو الصمود وعدم الانكسار.
المفارقة المؤلمة أن تفشيل إسرائيل لمهمة كيري صار يدفعها إلى "عزلة دولية" لكن عناد حماس أو ذراعها العسكري، قد يدفع "حكومة مقاومة" إلى عزلة دولية وعربية.
الله أعلم على ماذا تراهن الذراع العسكرية لحماس في رفض المبادرة المصرية. "سيأتيك بالأخبار من لم تزوّد".
حسابات السياسة تحتوي حسابات البيدر
طلال عوكل عن الأيام
من الصعب عزل العدوان الإسرائيلي على الضفة، وقطاع غزة، عن الأفق السياسي الذي ينبغي أن يتوّج الحرب بكل مجرياتها وتداعياتها وتفاصيلها، وآلامها، في ظاهر الأحداث التي اندلعت قبل أحد عشر يوماً، ضد قطاع غزة، تبدو الأمور وكأنها محكومة لحسابات الطرفين الإسرائيلي، الذي بدأ العدوان أو تورط فيه، وفصائل المقاومة التي استعدت جيداً للتصدي والمجابهة على قدر من الكفاءة لم يحصل من قبل.
في الواقع فإن الحسابات المحلية، والأهداف المرسومة من قبل الطرفين، تخضع في نهاية الأمر، للحسابات الإقليمية والدولية، وتوازنات القوى، التي تصبُّ في اتجاه إنضاج المنطقة، للدخول في كادر السياسة التي ترسمها، وتسعى إليها الولايات المتحدة أساساً والاتحاد الأوروبي، بما أنه القوة الشريكة والرديفة للجهد السياسي الأميركي.
بإمكان الأطراف أن تذهب إلى المدى الذي تستطيع في خوض هذا الصراع الدامي، ولكن عليها في نهاية الأمر أن تنضبط تحت سقف السياسة والحدود التي ترسمها الولايات المتحدة.
صحيح أن الإدارة الأميركية أجازت مؤخراً لإسرائيل أن تفعل ما تشاء ضمن منطق الدفاع عن مواطنيها، وباعتبار ذلك حقا لها بحسب تقاليد السياسة الأميركية، لكن إسرائيل تفهم أن لتصرفها حدودا لا ينبغي تجاوزها وبأن عليها أن تدفع لاحقاً ثمن ما تقوم به بناء على هذا التفويض. وعملياً فإن إسرائيل تقيد نفسها بنفسها، إذ عليها أن تحسب حساب ومآلات سلوكها، الذي لا ينبغي أن يتجاوز سقف الهدف الإسرائيلي الذي يرى ضرورة الاحتفاظ بمعادلة إدامة الانقسام، وإفشال المصالحة. هذه المعادلة التي تفترض وتستدعي بقاء حماس قوية في قطاع غزة، وإضعافها إلى أبعد حد في الضفة، وبقاء السلطة وفتح قوية في الضفة وضعيفة إلى أبعد حد في قطاع غزة.
هذه المعادلة التي تحكم وتائر العدوان الإسرائيلي ضد القطاع، وتمنع إسرائيل من إعادة احتلال القطاع، أو اجتياحه بعملية برية شاملة تستهدف القضاء على حركة حماس، هذه المعادلة، تقف في الضد تماماً من الرؤية الأميركية والأوروبية، التي تسعى من أجل تطبيق رؤية الدولتين.
الانقسام الفلسطيني الذي تعمل إسرائيل على تعميقه وتأييده، يشكل خطراً على رؤية الدولتين، ولذلك كان الموقفان الأميركي والأوروبي، مؤيدين بحذر المصالحة الفلسطينية، ولحكومة الوفاق الوطني، التي يفترض أن تكون إحدى مهامها غير المعلنة وغير المباشرة، تطويع حركة حماس وحركات المقاومة لجهة تسهيل انخراط السلطة في مفاوضات، يمكن أن تؤدي إلى تسوية.
اليوم تبدو الأمور واضحة أكثر من أي وقت مضى، حين أخذت الأوضاع، تنضج باتجاه تحقيق اتفاق تهدئة، تريده إسرائيل طويل المدى لضمان عزل قطاع غزة عن كل ما يجري في الضفة الغربية والقدس، وتريده المقاومة وحركة حماس، سبيلاً، لتحقيق إنجازات تتصل برفع الحصار، وفتح المعابر وإعادة تأكيد حضورها بقوة في المشهد السياسي الفلسطيني والإقليمي، ومحاولة تعديل ميزان القوى الفلسطيني، في إطار المصالحة.
التحرك المصري الذي اتخذ شكل مبادرة لوقف إطلاق النار، جاء تتويجاً لتحركات دولية وعربية وإقليمية، جاءت لتؤكد الدور المركزي لمصر، وربما الدور الحصري في القيام بدور كهذا، لا يمكن أن تنافسها عليها أية دولة أخرى لا قطر ولا تركيا ولا غيرها.
ينبغي أن يكون واضحاً لكل من يعمل في السياسة، أن البحث عن طرف آخر غير مصر، سيفهم على أنه محاولة للتحرش السلبي بمصر، وشكل من أشكال الاحتجاج غير المحمودة عواقبه.
مهما كانت التحفظات على المبادرة المصرية، وقد ساقت فصائل المقاومة في قطاع غزة، بعض هذه التحفظات، فإن هذه التحفظات ستزيد الأمر سوءاً إن ذهبت باتجاه البحث عن بدائل سواء برفض المبادرة ومواصلة إطلاق النار، أو بالبحث عن دول أخرى للتوسط بأمل تحقيق بعض الإنصاف، التي ترى فصائل المقاومة غيابه عن المبادرة المصرية.
المبادرة المصرية، تحظى بتبني ودعم المجموعة العربية، التي اجتمع وزراء خارجيتها في القاهرة، بعد إطلاق المبادرة، وتحظى بدعم وغطاء دولي، فضلاً عن أن حكومة الوفاق الفلسطينية أعلنت تأييدها لها.
هذا يعني أن الموقف الذي اتخذته الفصائل التي رفضت المبادرة وأعلنت أسبابها لذلك، هذا الموقف في وضع صعب، ويكاد يكون معزولاً، إلاّ من دعم بعض الأطراف الثانوية في اطار القدرة على التأثير في مجريات الحدث.
إسرائيل التي استقبلت المبادرة المصرية بالموافقة، كانت تسعى لقلب الطاولة في وجه فصائل المقاومة، والتمهيد، لتصعيد لاحق، يتوفر لديها الغطاء الدولي له، ذلك أنها أمام الرأي العام العالمي، وافقت على المبادرة، لكنها عملياً، لم تتوقف عن توجيه أشدّ الضربات.
خلال اليوم الثاني للمبادرة، حيث كان يفترض حسب المبادرة وقف إطلاق النار على الساعة التاسعة صباحاً يوم الثلاثاء، قامت إسرائيل بتدمير أكثر من ثلاثين منزلاً منها منازل لقيادات سياسية من "حماس" و"الجهاد" بما في ذلك منازل الدكتور محمود الزهار، ووزير الداخلية السابق فتحي حماد، وعضو المجلس التشريعي إسماعيل الأشقر.
كما استهدفت الضربات الإسرائيلية نحو خمسة عشر مناضلاً، وعشرات الجرحى، رغم ما يمكن اعتباره هدوءاً نسبياً بالقياس لوتائر العدوان والقصف خلال الأيام التي سبقت.
على كل حال ثمة وقت أمام الجهود الرامية، لتحقيق وقف إطلاق النار بسبب محدودية الخيارات، ولكن ثمة حرصا أيضاً ممن يمسكون بخيوط العملية السياسية، على أن لا يخرج طرف منتصراً. المقاومة قد تشعر بالغبن، وعدم الإنصاف، أما إسرائيل، فإن مرحلة ما بعد التهدئة ستظهر مدى عمق الأزمة التي تعاني منها حكومة نتنياهو، وكان أول مؤشراتها إقدام رئيس الحكومة على إقالة نائب وزير الدفاع، رئيس اللجنة المركزية في حزب الليكود، داني دانون، ومن غير المستبعد أن يكون نتنياهو أحد أبرز ضحاياها.
وقف المجزرة أولاً
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن الأيام
سنرتكبُ خطأً قاتلاً إذا اعتقدنا أن الحرب التي يشنها علينا نتنياهو قد انتهت عند حدود المناورات والمساومات المطلوبة لتثبيت وقف إطلاق النار.
وسنرتكبُ خطأً قاتلاً آخر إذا اعتقدنا أن حدود المناورات الداخلية الفلسطينية الفلسطينية هي حدود هذه الحرب والأبعاد التي تنطوي عليها.
وقد نرتكب الخطايا الأكبر في هذه المرحلة إذا اعتقدنا أن لدى مصر أية أغراض خاصة سوى وقف المذبحة التي تعدّ لنا على "مهل" في الدوائر الإسرائيلية الأمنية والعسكرية والسياسية على حدٍ سواء.
إذا مرت الأيام القليلة دون أن نصل إلى صيغة "ما" للموافقة المشروطة على وقف لإطلاق النار، وإذا لم نحسن التصرف بانتقال المعركة من دائرة القصف إلى دائرة شروط وترتيبات وقف إطلاق النار فإن الخارطة الحالية في إسرائيل ليس أمامها سوى الذهاب إلى معركة فاصلة يكون فيها اللحم الفلسطيني هو سيّد المشهد.
وإذا ما حشر نتنياهو ووضع في موقف الاختيار ما بين خسارة دوره ومكانته وما بين ارتكاب أكبر مجزرة في قطاع غزة فإن خيار نتنياهو محسوم سلفاً ومعروف ولا يحتاج إلى ذكاء خاص لاستنتاجه.
وإذا ما "أصرّت" فصائل المقاومة وخصوصاً حركة حماس على تقديم (دورها) على الأولوية الوطنية المطلقة بمنع المجزرة فإن الثمن سيكون باهظاً على الكل الفلسطيني وأكبر من حدود التصور المرئي حالياً.
بكل صراحة وبساطة ووضوح أقول إنني أشتم رائحة المعركة الداخلية على التمثيل وعلى السيطرة وعلى التحكم أكثر بكثير مما أشتم رائحة معركة مقاومة للاحتلال ومشاريعه.
وبصراحة ووضوح أقول إنني بت أخشى على نظامنا السياسي بكل مكوناته وعلى مشروعنا الوطني في أهم مفاصله من محاولات تشتيته لصالح الدور الإيراني والتركي والقطري ولصالح جماعات الإسلام السياسي التي هزمت على أعتاب القاهرة وترى أن الفرصة سانحة للعودة إلى دور ما أو أدوارٍ ما عبر البوابة الفلسطينية حتى ولو كان الدم الفلسطيني هو الثمن والأضحية المطلوبة.
وأخشى أن يكون نتنياهو قد قرأ هذه المعادلة قراءة دقيقة وألحقها بقراءاته الخاصة حول هذه الفرصة من موقع هشاشة الوضع الداخلي الفلسطيني ودمار وتفكك الوضع العربي وعدم جاهزية الوضع الدولي "بعد" للتصدي له وإرغامه على حل سياسي متوازن.
ولذلك بصراحة ووضوح أرى أن ما يروج حول أن إسرائيل "تغرق" في دمها ومرعوبة على مستقبلها وأنها لن تصمد طويلاً في ظل الخسائر الاقتصادية التي تتكبدها وأن قبتها الحديدية ليست إلا "خدعة" إعلامية أو غيرها من "الوعي" الشعبوي الذي يسود هذه الأيام في الأوساط الإعلامية المحسوبة على تيارات الإسلام السياسي وبعض القوى الملحقة بها... إن ما يروج بهذا الصدد على الرغم من أن شيئاً منه على درجة من الأهمية ودرجة من الصحة، أيضاً، هو بمثابة خداع للنفس قد ندفع ثمنه غالياً إذا لم نحسن استخدامه في وقف المجزرة بدلاً من تسليح نتنياهو للإمعان فيها وإعطاء الحكومة الإسرائيلية المبررات الكافية للإقدام على فصولها القادمة بغطاء كامل.
عسكرة الصراع مع نتنياهو وتخويف الإسرائيليين ليست السياسة الأكثر حكمة على الإطلاق.
اليمين المتطرف هو القادر الوحيد على استثمار هذه العناصر للبطش بنا والفتك بأهلنا في قطاع غزة.
إن ما يحتاجه شعبنا هو وقف هذه المجزرة أولاً، وسحب الغطاء من نتنياهو ثانياً، والعودة إلى حوار استراتيجي فلسطيني شامل لتقييم المرحلة الجديدة ودفع أسس جديدة لإعادة بناء كامل النظام السياسي قبل فوات الأوان إلاّ إذا كان البعض يرى أن ما يهدف إليه هو القضاء على هذا النظام والقضاء على كل المشروع الوطني لحساب مشاريع أخرى.
"حماس" لن تموت
بقلم: حمادة فراعنة عن الأيام
لم يصب أي من قيادات حركة حماس، أو قيادات الفصائل الجهادية الأخرى بأي أذى، حصيلة عملية "الجرف الصامد" الإجرامية، بينما في "الرصاص المصبوب" العام 2008 خسرت حماس عددا من الشهداء في طليعتهم أبرز قياداتها سعيد صيام ونزار ريان، وفي عملية "عمود السحاب" في 2012، خسرت أبرز قياداتها العسكرية الشهيد أحمد الجعبري، ومع ذلك، لم تضعف حماس لا نتيجة الرصاص المصبوب، ولا حصيلة عمود السحاب، رغم خسارتها لأبرز قياداتها، فكيف ستدفع ثمن "الجرف الصامد" في تموز 2014، وهي لم تخسر أيا من قياداتها، كما تمنت أجهزة العدو الإسرائيلي العسكرية والأمنية، وكما سعت وخططت، بينما الذي دفع الثمن هم البسطاء من أبناء شعبنا العربي الفلسطيني الذين فقدوا أكثر من 190 شهيداً و1400 جريح، ودمرت مئات البيوت، الذين لن يُعيد أحد حياة من فقدوا، ولن يُعوضهم أحد عن ممتلكاتهم.
معركة المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في مواجهة المشروع الاستعماري العنصري الإسرائيلي، معركة طويلة الأمد، معركة الشعب الضعيف، ضد العدو القوي، بين عدالة تطلعات الشعب المعذب، وغطرسة العدو الظالم، معركة طويلة تستهدف استنزاف العدو، وجعل مشروعه وبرنامجه واحتلاله وتوسعه مكلفاً، لا أن تكون المعادلة معكوسة، على حساب شعبنا الذي ينزف ويُستنزف، وهو الذي يدفع الثمن، والخسائر الباهظة، بينما يتمتع العدو بحالة من الطمأنينة والاستقرار، وإذا أصيب، فتقتصر خسائره المعنوية على حالات الهلع، وخسائر مادية طفيفة يُعوضها ثري من أثرياء نيويورك أو لندن أو كندا، وشعبنا يزداد فقراً وتخلفاً وتتوزع أوجاعه لتشمل قطاعات أوسع، بلا أمل منظور، أو رهان قريب أو مشروع قادم.
الشعب الفلسطيني، مرة أخرى وعاشرة ومئة يحتاج لثلاثة عوامل حتى يستطيع مواجهة عدوه المتفوق، وينتصر عليه:
أولها: برنامج وطني يشكل القاسم المشترك بين 1- الفصائل الحزبية التنظيمية ، و2- الشخصيات المستقلة، و3- المؤسسات المهنية والاتحادات الشعبية والفعاليات الاجتماعية.
وثانيها: مؤسسة تمثيلية موحدة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية.
وثالثها: أدوات كفاحية متفق عليها بين الفصائل، تستنزف العدو الإسرائيلي، وتجعل احتلاله مكلفاً، لا أن يكون استعمالها مكلفاً على الشعب الفلسطيني وعلى حساب قضيته.
كلفة الاحتلال، لا تعني فقط، المس بقدرات العدو العسكرية، أو القتالية، أو مؤسساته الأمنية، بل الكلفة تعني حصاره سياسياً، وعزلته، وانحدار مكانته الأخلاقية أمام المجتمع الدولي، كما حصل في الانتفاضة الشعبية الأولى العام 1987، التي دفعت رابين للتسليم والإقرار والاعتراف لأول مرة بالعناوين الثلاثة : 1- الشعب الفلسطيني ، و 2- منظمة التحرير الفلسطينية، و3- الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، ولذلك قيادات الشعب الفلسطيني وفصائله الفاعلة بحاجة للقرارات والقواسم والأدوات المشتركة، حتى يتحمل الجميع مسؤولية العمل، لا أن ينفرد فصيل حزبي، بتوريط الشعب الفلسطيني بأعمال مؤذية، تُفقده التعاطف الدولي، وتدفع نحو الانحياز الدولي ضد العدو الإسرائيلي، لا أن توفر للعدو الإسرائيلي أية ذرة من المكاسب الدولية لصالحه.
إقامة المشروع الاستعماري الصهيوني اليهودي الإسرائيلي على أرض فلسطين، تمت بفعل عاملين هما: أولاً - مبادرات الحركة الصهيونية نفسها، وثانياً - الدعم الدولي وخاصة الأوروبي ومن ثم الأميركي لها، ولذلك حتى يستطيع المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني تحقيق الانتصار، وهزيمة المشروع الاستعماري الصهيوني بحاجة لتكامل وقوة وتماسك ووحدة العامل الذاتي الفلسطيني نفسه وفق المعادلة الثلاثية: 1- وحدة البرنامج، 2- وحدة المؤسسة، 3- واختيار الأدوات الكفاحية المتفق عليها، وبعد ذلك يحتاج لدعم وإسناد وتعاطف المجتمع الدولي، وانحيازه لعدالة المطالب الفلسطينية، ومشروعية نضالها وقانونية أدواتها بما ينسجم والقانون الدولي، وشرعة حقوق الإنسان.
إذا كان العدو متطرفا، متغطرسا، عنصريا، فاشيا ووسائله إجرامية، تتنافى مع معايير حقوق الإنسان، فيجب أن تبقى وسائلنا الكفاحية نظيفة، وتطلعاتنا مشروعة، وأهدافنا نبيلة، لأننا على حق وقضيتنا عادلة، ولذلك، وعلى هذا سننتصر.
شاهد عيان - قبل فوات الاوان
بقلم محمود ابو الهيجاء عم الحياة الجديدة
لم يعد خافيا على احد ان حركة حماس باتت تنطوي على تيارات متصارعة، وابرز دليل على ذلك الموقف من المبادرة المصرية، حيث رفضتها حماس غزة، بينما نائب رئيس المكتب السياسي موسى ابو مرزوق ترك الباب مواربا من القاهرة حينما اعلن ان المبادرة موضع مراجعة لاعلان موقف بشانها...!! ناهيكم عن ان ابو مرزوق قد استنكر الاعتداء الاثم على وزير الصحة جواد عواد، وقد بات معروفا ان عناصر من حماس هي التي نفذت هذا الاعتداء بتدبير مبيت، قيل انه جرى في بيت فتحي حماد الذي كان وزيرا للداخلية في زمن الانقسام البغيض.
وسمعت قبل يومين من مصدر موثوق ان رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل كان قد اتصل مع الرئيس ابو مازن في اليوم الاول من العدوان الاسرائيلي على غزة، ليؤكد له ان حماس مع اي تحرك سياسي لرأس الشرعية الفلسطينية، من اجل وقف العدوان الاسرائيلي باسرع وقت ممكن، لكن الاعلام الحمساوي خاصة في مواقعه الالكترونية وناطقين حمساويين ايضا قالوا ويقولون كلاما مغايرا حتى ان بعض هذا الكلام خال من الكياسة واللياقة والادب وخال من السياسية ايضا من حيث انه لا يخدم قضية وقف العدوان ولا بأي حال من الاحوال، بل العكس تماما حين ترى اسرائيل كل هذا التناحر في الساحة الفلسطينية لتواصل عدوانها الوحشي دون خشية من وحدة الصف الفلسطيني التي بوسعها ان توقف العدوان بقوة ردع الموقف الموحد.
الناطقون هؤلاء بمواقعهم الالكترونية وبمثل هذه اللغة المعيبة انما يغمزون في الاساس من قناة رئيس مكتبهم السياسي، اكثر مما يحاولون النيل من تحركات الرئيس ابومازن لردع العدوان الاسرائيلي ووقف نزيف الدم الفلسطيني الذي تريد اسرائيل سفكه بلا هوادة في اطار حرب ابادة تنهي القضية الفلسطينية ومشروعها للتحرر والاستقلال. والسؤال الان الا يرى هؤلاء المتصارعون داخل حماس ان صراعهم هذا ما زال يكلف الناس في غزة مزيدا من الدم، فلعلهم اذا خلصت النوايا ورأوا ذلك قبلوا بالمبادرة المصرية قبل ان ينتهي اوانها.
حياتنا – حماس ومطالب الاستقلال
بقلم حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
يبدو أن المصالحة هي الضحية الأولى للعدوان على غزة, اذ أن الرفض الحمساوي لمساعي الرئيس قبل ان يعلنها لوقف المذبحة في شعبنا في غزة وبالاشارة الى ما نضح من مطالب حماس فان الاخيرة تطالب بما يشبه الاستقلال عن الضفة وتحويل غزة الى امارة مستقلة. فمصر هي الدولة الراعية للمصالحة وكذلك لاتفاقات التهدئة ولا يمكن اجبارها على تقديم تنازلات لحماس طالما ان الاخيرة ما زالت تتقاعس عن تصحيح العلاقات معها ولا تزال تحت عباءة جماعة الاخوان. وما اثار حماس اكثر ان مصر لا تتصل بها مباشرة بل تتصل بالسلطة الشرعية، وكأن حماس تريد ان تكون ندا لمصر وبديلا عن السلطة المعترف بها دوليا . بل انها تريد اقحام قطر وتركيا في المساعي وكأنها تريد لمصر ان تتجرع جرعة كبيرة من السم ذلك ان تركيا وقطر متهمتان من مصر بدعم وتسليح وتخطيط الارهاب على ارضها، فكيف يمكن اخراج الترياق من هذا الخليط غير المتجانس!
ان السلطة وحدها قادرة على ان تكون موضع ثقة مصرية ودولية بما فيها ثقة قطر وتركيا وهي المعترف بها لادارة معبر رفح وحدودها مع مصر، وان توهمت حماس بأنها قادرة على فرض املاءاتها على الآخرين فان الآخرين ليسوا في عجالة من امرهم لأن الدم الذي يسفك في غزة ليس دمهم ولديهم حساباتهم الامنية والسيادية التي لا تتقاطع مع حساباتنا. فهم بالتالي ليسوا موضع اتهام الا اذا اردنا الايهام بذلك لانفسنا فقط.السلطة فقط قادرة على اقناع مصر, ومصر فقط قادرة على اقناع اسرائيل، ولا يجوز ان نقصف في الشرق ونقدم مطالب في الغرب فالمعادلة غير مجدية. بتنفيذ اتفاق المصالحة فقط يمكننا انقاذ غزة وانقاذ قضيتنا ككل، وليس بتحويل الانقسام الى انفصال واستقلال.
مدارات - الدم ينزف والسجال يتلوّى
بقلم عدلي صادق عن الحياة الجديدة
أكثر ما كان جارحاً، في ردود الأفعال على المبادرة المصرية لإبرام هدنة؛ هو المواقف الكيدية بين محورين في الإقليم العربي. أحدهما يقول، إن المبادرة كافية شافية لحقن الدماء ووقف آلة الحرب، والثاني يقول إنها غير كافية ولم يتم التشاور حولها ولم يؤخذ رأي المقاومين فيها. والطرفان، بالطبع، مستريحان، ويريد واحدهما تسجيل النقاط على الآخر، في سياق سجال عام، يتعلق بتطورات السنوات الأخيرة في المشرق العربي.
موضع الألم هنا، في كون التخرصات تدور، وتتعارض المواقف، بينما الدم الفلسطيني ينزف والعمائر تُقصف وكثيرها يُقصف ويُدمر على رؤوس ساكنيه. أما العدو الذي لم تفلح قبته الحديدية، ولم يستطع ضبط منصات الإطلاق في لحظات الإطلاق؛ فإنه يدك قباب الدور الفلسطينية الاسمنتية غيظاً من فشل قبته الحديدية، ويدك الأسر الفلسطينية التي انجبت المقاومين، في واحد من فصول الأعمال الخسيسة والجبانة، التي تُسجل في تاريخ المشروع الصهيوني الاستعماري الهمجي!
كنا نتمنى، لو أن محور الخلاف العربي حول المبادرة المصرية، كان يدور حول خرائط العمليات وعلى خطط التحرك العسكري ضد هذا العدوان السافل، أو حول أيهما الذي سيُمنح شرف توفير المعدات الأحدث والأكثر، والألوية العسكرية النخبوية الأفضل تسليحاً. فكل هؤلاء الذين يتعاطون مع مبادرات الهدنة، على طرفي الخلاف، يمتلكون جيوشاً يقولون إنها جرارة ورادعة وماحقة، تجعلنا نرى في تقصير جانبي الخلاف وذرائعهما، ما يُخزي تاريخ هذه الأمة، لا سيما أن إسرائيل لم تكن تحتاج الى حرب فعلية، بقدر ما تحتاج الى رؤية العين الحمراء، ونتنياهو تحديداً أجبن من أن يفتح أزمة إقليمية.
الطرف الذي يشجع "حماس" و"الجهاد" على رفض المبادرة المصرية، لا يشحذ سكيناً، بينما أصغر الدول من هذا الطرف، تبتاع أحدث أسلحة الجو والبر والبحر، وأكبرها من ذوي الجيوش الجرارة وأحدها أطلسي. أما المتحمسون للمبادرة المصرية، فإنهم غير معنيين بعنصر النقص فيها. لو أن فيها نقطة عاجلة تتحدث عن آليات رفع الحصار مع وقف النار، واطلاق المعتقلين من الضفة، واستدعاء لجنة دولية لحصر المدنيين الأبرياء الذين قتلوا وتقديم التعويضات لذويهم ولمن دمرت بيوتهم ظلما؛ لقلنا إن المبادرة تنم عن ثقل المتقدمين بها وعن جدارتهم في الدور الذي يليق ببلدهم. أما القول بأن وقف الحرب يكون بالتهدئة مقابل التهدئة، فهذا معيب، ويتجاهل أن المحتل هو المعتدي، بل إنه هو الذي يمثل منظومة اعتداءات وجرائم وسفالات في كل ثانية.
هناك، في المبادرة المصرية، من يمكن أن يوحي بفتح المجال لتحقيق نقاط إيجابية للطرف الفلسطيني من خلال مباحثات غير مباشرة. هنا نؤكد أن نتنياهو وحكومته ينتحرون إن وجدوا أنفسهم مضطرين لأن يصدقوا. فلا عهد لهم ولا ميثاق. إن لم تكن المسائل مطروحة كنقاط ملزمة، فلا تحاكم النصوص إلا وفق الملزم والمحدد منها.
نحن في هذا السياق، لا نذم أحداً بقدر ما نؤكد أن الأطراف العربية والإقليمية كلها قد تركت غزة تنزف. وأن أداء هذه الأنظمة، حيال حروب إسرائيل الهمجية على شعب فلسطين، لن يكون مبعث فخر لشعوبها حاضراً ومستقبلاً!
نبض الحياة - بشارة يقلب الحقائق
عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
كان المرء يتمنى على الدكتور عزمي بشارة، ان يلزم الصمت، وألا يدلي بدلوه في موضوع الهدنة المصرية، لا سيما وانه سيجانب الصواب، كونه مستشارا للامير تميم، امير قطر، وايضا لانه وضع نفسه في خندق الدفاع عن جماعة الاخوان المسلمين.
لكنه ملزم بالدفاع عن منطق ولي نعمته، لذا انبرى يوم الثلاثاء الماضي في لقاء مع فضائية الجزيرة القطرية في حملة تشويه مقصودة ومتعمدة للمبادرة المصرية، مسيئا لموقف القيادة المصرية، قالبا الحقائق رأسا على عقب. ولتوضيح الحقيقة، واماطة اللثام عن مثالب الدكتور عزمي، يمكن العودة لما ذكره من مواقف لا تمت للحقيقة بصلة، ومنها:
اشار بشارة إلى ان المبادرة المصرية بالهدنة "فجأة"!؟ والحقيقة، ان القيادة المصرية اجرت الاتصالات بصمت مع القيادة الفلسطينية، وعرضت مشروع مبادرتها على حركة حماس من خلال تسليم المبادرة لموسى ابو مرزوق، وايضا ناقشت الموضوع مع الدكتور رمضان شلح، الذي زار مصر سرا يوم الثاني عشر من تموز الجاري، وكانت الهدنة المقترحة لاربعين ساعة، تناقش خلالها المواقف والنقاط بين الطرفين. وبالتالي لم تكن المبادرة المصرية مفاجئة، وانما معلومة لدى الاطراف كلها.
لكن الذي جرى ان التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ومعلمي بشارة في الدوحة وانقرة طلبوا من حماس ان ترفض المبادرة من حيث المبدأ. لا سيما وان رئيس جهاز المخابرات القطرية كان موجودا في اسرائيل لاجراء محاثات حول الهدنة، المرتكزة لهدنة تشرين الثاني 2012؛ وايضا لابتزاز مصر، وتحقيق مكاسب تعزز منطق الامارة على حساب المصالحة الوطنية؛ والالتفاف على انجازات ثورة الثلاثين من يونيو 2013؛ ولمحاولة إعادة الامور لما كانت عليه قبل ثورة يونيو.
ثم يشير الدكتور بشارة، إلى وجود اتصالات وجهود دولية مكثفة متقدمة لابرام التهدئة، تضمنت" تلبية شروط المقاومة"، ويضيف "لكن تغير الامر مساء الاثنين، وتفاجأنا بالمبادرة المصرية"، معتبرا ان الدور المصري جاء تأكيدا للمطالب الاسرائيلية؟! سقط بشارة في مستنقع التزوير، وافتضح هدفه باتهام القيادة المصرية بما ليس فيها، وهو يعلم ان ما ذكره، يعود على اسياده واولياء نعمته، الذين كانوا موجودين في اسرائيل.
اما مصر كما اشير آنفا، فكانت على تماس مع الاطراف جميعا قيادة شرعية وفصائل واسرائيل، وكان هدفها، وهو هدف القيادة الشرعية: وقف الحرب فورا، وانقاذ رأس الشعب الفلسطيني في محافظات الجنوب من مقصلة حرب الابادة الاسرائيلية. وقد نجحت مصر من خلال طرح مبادرتها للتهدئة في إيقاف توسيع دائرة الحرب الاسرائيلية، والحؤول دون شن الحرب البرية على القطاع.
مصر بالتأكيد ليست بحاجة لمن يدافع عنها، لأن مواقف قيادتها الوطنية والقومية واضحة وجلية منذ لحظة انطلاقتها في الثلاثين من يونيو 2013، ولكن من الواجب والموضوعية إنصافها، ونشر الحقائق دون تزوير، مصر لم تتوافق مع إسرائيل، بل استجابت لاهداف الشعب العربي الفلسطيني، وكان همها وقف المجزرة الاسرائيلية.
كما ان الرئيس السيسي رفض المنطق الاميركي، الذي طرحه جون كيري، وزير خارجية اميركا على سامح شكري، وزير الخارجية المصري، بعقد لقاء ثلاثي (مصري، تركي وقطري بحضور كيري) عشية انعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب، وذلك بهدف سحب البساط من تحت اقدام المبادرة المصرية المستقلة، وإعطائها صبغة مشتركة، لكن مصر رفضت ذلك جملة وتفصيلا، واصرت على ان تبقى مبادرة التهدئة تحمل الصفة المصرية الخالصة، ما استدعى كيري، ان يلغي زيارته للقاهرة.
اما عن الجهود الدولية، التي كانت تعمل على تهدئة تستجيب لمطالب المقاومة، فأين تلك الجهود؟ ومن يقف وراءها؟ وهل تسمح الظروف وموازين القوى بتلبية مطالب المقاومة؟ أوليست المقاومة الحقة، هي المعنية بالدفاع عن مصالح شعبها، وانقاذ رأسه من حرب الابادة الاسرائيلية؟ ام ان منطق بشارة القطري التركي والاخواني، الداعي للاتجار بدم الشعب الفلسطيني خدمة لمآرب أداتهم الحمساوية، خاصة وانه اعلن في مقابلته، ان من حق المقاومة ان تختفي، وان على الشعب ان يتحمل التضحيات، اي انه اراد بكل وقاحة، ان تتاجر حماس بدماء الشعب الفلسطيني لتحقيق مآربها واهدافها الخاصة والاخوانية على حساب الدم الفلسطيني المستباح.
يا حبذا لو يعود الدكتور بشارة للحقيقة، ويستعيد عافيته الفكرية والسياسية، ويتذكر ان حبل الكذب والتزوير قصير جدا جدا. والباقي عنده ليقرر ما يشاء بشأن موقعه وموقفه.
اقــلام وأراء محلي الخميس 17/7/2014
</tbody>
في هذا الملـــــف:
مبادرة التهدئة ووقف القتال لم تعد مصرية وإنما عربية !!
حديث القدس
حماس وإسرائيل: مفهومان للحضيض والذروة !
أطراف النهار عن الأيام للكاتب حسن البطل
حسابات السياسة تحتوي حسابات البيدر
طلال عوكل عن الأيام
وقف المجزرة أولاً
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن الأيام
"حماس" لن تموت
بقلم: حمادة فراعنة عن الأيام
شاهد عيان - قبل فوات الاوان
بقلم محمود ابو الهيجاء عم الحياة الجديدة
حياتنا – حماس ومطالب الاستقلال
بقلم حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
مدارات - الدم ينزف والسجال يتلوّى
بقلم عدلي صادق عن الحياة الجديدة
نبض الحياة - بشارة يقلب الحقائق
عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
مبادرة التهدئة ووقف القتال لم تعد مصرية وإنما عربية !!
حديث القدس
وافقت اسرائيل على المبادرة المصرية المتعلقة بوقف إطلاق النار كليا والبدء فورا بمحادثات حول الأمور المتعلقة بالقضية كلها، وبادرت القوى في قطاع غزة وفي المقدمة حركتا حماس والجهاد الاسلامي، الى رفضها لأسباب كثيرة من أهمها ان أحدا لم يشاور هذه القوى حول الاتفاق المقترح.
وأية نظرة موضوعية الى هذا الأمر تؤكد ان للقوى في غزة مبرراتها وأسبابها للرفض، وهي كثيرة، وقد قدمت عدة متطلبات لوقف القتال وتطوير المبادرة المصرية أو على الأقل استجابتها لهذه المتطلبات التي تبدو في معظمها منطقية وواقعية، إلا ان الأمور أخذت تنحو باتجاه معاكس تماما ... فقد بدت اسرائيل متجاوبة مع وقف النار والقوى في غزة معارضة وهكذا بدأ الرأي العام الدولي يميل الى تصديق الرواية الاسرائيلية وتحميل الجانب الفلسطيني المسؤولية الكاملة عن استمرار القتال والمعاناة وأخذ قادة اسرائيل وفي المقدمة نتانياهو، يؤكدون في كل مناسبة انهم "مسالمون ولا يؤيدون القتال" وان الذي يفعل ذلك هو حماس والجهاد الاسلامي. وقد زاد الطين بلة ان السلطة الوطنية وافقت على المبادرة المصرية التي رفضوها في غزة مما زاد في تعميق الانقسام وصرنا، رغم اتفاق المصالحة وحكومة التوافق، جسمين منفصلين ولا رابط بينهما، وهذا يزيد من الاساءة لموقفنا الوطني العام داخليا وعربيا ودوليا.
إزاء هذا الوضع المؤسف والمؤلم، وإزاء المعاناة الشديدة التي يواجهها شعبنا في القطاع، لابد من تدارك الأمر والعمل بمنطق وموضوعية مع الأحداث والتطورات. ويجيء في هذا السياق اللقاء الذي تم أمس في القاهرة بين الرئيس ابو مازن والقيادي الحمساوي البارز موسى أبو مرزوق، وكذلك اللقاءات التي عقدها الرئيس مع كبار المسؤولين المصريين. كلنا يعرف عمق الخلافات بين القيادة الحالية في مصر وحركة حماس على خلفية العلاقات القوية التي كانت قائمة في عهد الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي والاتهامات التي وجهتها مصر الى حماس والإخوان في غزة ... وكلنا يعرف عمق الانقسامات بين بعض الدول إسلامية التوجه او التي تدعم الاخوان وبين قيادة مصر برئاسة السيسي.
وهذا كله يوثر في الموقف من المبادرة المصرية، الا ان المصلحة الوطنية الفلسطينية يجب ان تعلو فوق كل شيء وفوق أية مصالح فئوية او انقسامات سياسية، وهذا ما نأمل ان يتحقق في اللقاءات الفلسطينية - الفلسطينية في القاهرة وغيرها.
تجدر الاشارة الى ملاحظة هامة وهي ان المبادرة المصرية لم تعد مصرية وإنما أصبحت عربية بعد ان باركها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم يوم الاثنين الماضي بالقاهرة ويجب التعامل مع المبادرة على هذا الأساس، وإخراجها من نطاقها المصري الضيق.
حماس وإسرائيل: مفهومان للحضيض والذروة !
أطراف النهار عن الأيام للكاتب حسن البطل
المبادرة المصرية هي نسيج دولي وصياغة مصرية، وتأكد النسيج الدولي بدعم المبادرة، التي نالت دعماً لاحقاً عربياً.. وصف كيري رفض حماس لها بـ "الوقح".
يبدو أن شروط حماس المعلنة أول أيام الحرب كانت استناداً إلى توقع إنجازات عسكرية تسوغ شروطها الواسعة من فك الحصار وتحرير المعابر، وإعادة تحرير زهاء 56 من صفقة شاليت، اعتقلتهم إسرائيل قبل الحرب، رداً على اختطاف المستوطنين.
لكن باستثناء توسيع مديات الصواريخ، لا يبدو هذا إنجازا عسكريا للمقاومة يبرر لها شروطها الواسعة. إنه إنجاز تكتيكي توقعته إسرائيل قبل الحرب، برفع فاعلية أداء منظومة "القبة الحديدية" ووفرة ملاجئ الحماية، بحيث سقط قتيل إسرائيل واحد، ولكن في اليوم الثامن من الحرب، وبعد إعلان المبادرة المصرية.
مسارعة نتنياهو الفورية لقبول صيغة المبادرة المصرية، استفزت على ما يبدو الجناح الحربي لحماس "الكتائب" التي رفضت المبادرة جملة وتفصيلاً، ووصفتها "بالركوع والخنوع" و"وعد بلفور جديد"، علماً أن جناح كتائب عز الدين القسام هو من أعلن شروط هدنة هي في حقيقتها شروط حل مديد.
إذا لم يكن رفض الكتائب توزيع أدوار بين حماس ـ السياسية، وحماس العسكرية، فإن الأمر مؤشر سيئ على خلاف بين الرأس السياسية وما يفترض أن يكون ذراعها العسكرية.
الرفض من الذراع العسكرية يعني أن حماس السياسية هي الطرف الذي سيواجه عزلة مصرية ودولية وعربية.. وفلسطينية لاحقاً ربما.
من المشكوك فيه أن تتحمل حماس مضاعفات مثل هذه العزلة، إلاّ إذا جرّت إسرائيل إلى المرحلة البرية من الحرب، وكانت خسائرها فيها تسوغ لحماس فشلها الكبير في الحرب الصاروخية.
تفهم إسرائيل وتتصرف، أيضاً، عن قناعة أن حماس هي في الحضيض السياسي والعسكري، فعلى الأقل فشلت منظومة الأنفاق ـ حتى الآن ـ في تكرار قصة أسر غلعاد شاليت، رغم تطويرها المعقد وتوظيف موارد مالية كبيرة للأنفاق على إنشائها.
حماس تفهم الأمر على نحو آخر وهو أنها في الذروة عسكرياً، لأن مفهوم المقاومة العسكري مستمد من الصمود، والقدرة على تحمُّل خسائر الحروب من القتلى والخراب، مع تطوير وسائل المقاومة.
في إسرائيل، كما هو العادة في دولة ديمقراطية (ولو يهودية) فإن الحكومة هي التي تقرر، وغالباً وفق قرار رئيسها، لكن في "حكومة مقاومة" أو المقاومة هو مبرر حكمها فإن الجناح العسكري صار، شيئاً فشيئاً، هو المقرر، ولن تجرؤ "حكومة المقاومة" على عدم مسايرة قرار كتائب القسام في رفض المبادرة المصرية، على الأقل في مدى الأيام، وربما الأسابيع المقبلة.
سارع نتنياهو إلى القبول الفوري للمبادرة المصرية عن تقدير بأن "حماس" وذراعها العسكرية سوف ترفضها، وهو ما يعطي نوعاً من "الشرعية" الدولية لإسرائيل لمواصلة الحرب ورفع وتيرتها، فإن كان تصعيدها عسكرياً يفرض على المقاومة الرضوخ، وهذا مستبعد، فإن الحرب البرية لن تتأخر كثيراً، ولكنها ستكون محسوبة.
قلت إن شروط حماس المبدئية لإنهاء الحرب كانت على ما يبدو عن تقدير بالغ لآثار توسيع مديات صواريخها، بحيث أنها شروط حل سياسي لهدوء مديد يستمر سنوات.. هذا لم يتحقق.
المفاجأة الفنية الأخرى، وقد توقعتها إسرائيل، هي الطائرة بلا طيار من نوع أبابيل (لاحظوا فخامة الاسم وضخامته ومعناه الديني) وقد اصطادتها الدفاعات الجوية الإسرائيلية بسهولة.
المقاومة تواجه مشقة وصعوبة إسقاط "الزنانة" الإسرائيلية، ولو ربما لأن غزة قطاع ضيق، لكن تجهيزات الطائرات بلا طيار الإلكترونية الإسرائيلية، جعلتها دولة رائدة عالمية في تصديرها.
مفهوم إسرائيل التقليدي لحروبها هو "الحسم" ولم يعد هناك حسم منذ حرب 1967 مع الجيوش العربية، ولا مع حركات المقاومة؛ ومفهوم هذه الحركات هو الصمود وعدم الانكسار.
المفارقة المؤلمة أن تفشيل إسرائيل لمهمة كيري صار يدفعها إلى "عزلة دولية" لكن عناد حماس أو ذراعها العسكري، قد يدفع "حكومة مقاومة" إلى عزلة دولية وعربية.
الله أعلم على ماذا تراهن الذراع العسكرية لحماس في رفض المبادرة المصرية. "سيأتيك بالأخبار من لم تزوّد".
حسابات السياسة تحتوي حسابات البيدر
طلال عوكل عن الأيام
من الصعب عزل العدوان الإسرائيلي على الضفة، وقطاع غزة، عن الأفق السياسي الذي ينبغي أن يتوّج الحرب بكل مجرياتها وتداعياتها وتفاصيلها، وآلامها، في ظاهر الأحداث التي اندلعت قبل أحد عشر يوماً، ضد قطاع غزة، تبدو الأمور وكأنها محكومة لحسابات الطرفين الإسرائيلي، الذي بدأ العدوان أو تورط فيه، وفصائل المقاومة التي استعدت جيداً للتصدي والمجابهة على قدر من الكفاءة لم يحصل من قبل.
في الواقع فإن الحسابات المحلية، والأهداف المرسومة من قبل الطرفين، تخضع في نهاية الأمر، للحسابات الإقليمية والدولية، وتوازنات القوى، التي تصبُّ في اتجاه إنضاج المنطقة، للدخول في كادر السياسة التي ترسمها، وتسعى إليها الولايات المتحدة أساساً والاتحاد الأوروبي، بما أنه القوة الشريكة والرديفة للجهد السياسي الأميركي.
بإمكان الأطراف أن تذهب إلى المدى الذي تستطيع في خوض هذا الصراع الدامي، ولكن عليها في نهاية الأمر أن تنضبط تحت سقف السياسة والحدود التي ترسمها الولايات المتحدة.
صحيح أن الإدارة الأميركية أجازت مؤخراً لإسرائيل أن تفعل ما تشاء ضمن منطق الدفاع عن مواطنيها، وباعتبار ذلك حقا لها بحسب تقاليد السياسة الأميركية، لكن إسرائيل تفهم أن لتصرفها حدودا لا ينبغي تجاوزها وبأن عليها أن تدفع لاحقاً ثمن ما تقوم به بناء على هذا التفويض. وعملياً فإن إسرائيل تقيد نفسها بنفسها، إذ عليها أن تحسب حساب ومآلات سلوكها، الذي لا ينبغي أن يتجاوز سقف الهدف الإسرائيلي الذي يرى ضرورة الاحتفاظ بمعادلة إدامة الانقسام، وإفشال المصالحة. هذه المعادلة التي تفترض وتستدعي بقاء حماس قوية في قطاع غزة، وإضعافها إلى أبعد حد في الضفة، وبقاء السلطة وفتح قوية في الضفة وضعيفة إلى أبعد حد في قطاع غزة.
هذه المعادلة التي تحكم وتائر العدوان الإسرائيلي ضد القطاع، وتمنع إسرائيل من إعادة احتلال القطاع، أو اجتياحه بعملية برية شاملة تستهدف القضاء على حركة حماس، هذه المعادلة، تقف في الضد تماماً من الرؤية الأميركية والأوروبية، التي تسعى من أجل تطبيق رؤية الدولتين.
الانقسام الفلسطيني الذي تعمل إسرائيل على تعميقه وتأييده، يشكل خطراً على رؤية الدولتين، ولذلك كان الموقفان الأميركي والأوروبي، مؤيدين بحذر المصالحة الفلسطينية، ولحكومة الوفاق الوطني، التي يفترض أن تكون إحدى مهامها غير المعلنة وغير المباشرة، تطويع حركة حماس وحركات المقاومة لجهة تسهيل انخراط السلطة في مفاوضات، يمكن أن تؤدي إلى تسوية.
اليوم تبدو الأمور واضحة أكثر من أي وقت مضى، حين أخذت الأوضاع، تنضج باتجاه تحقيق اتفاق تهدئة، تريده إسرائيل طويل المدى لضمان عزل قطاع غزة عن كل ما يجري في الضفة الغربية والقدس، وتريده المقاومة وحركة حماس، سبيلاً، لتحقيق إنجازات تتصل برفع الحصار، وفتح المعابر وإعادة تأكيد حضورها بقوة في المشهد السياسي الفلسطيني والإقليمي، ومحاولة تعديل ميزان القوى الفلسطيني، في إطار المصالحة.
التحرك المصري الذي اتخذ شكل مبادرة لوقف إطلاق النار، جاء تتويجاً لتحركات دولية وعربية وإقليمية، جاءت لتؤكد الدور المركزي لمصر، وربما الدور الحصري في القيام بدور كهذا، لا يمكن أن تنافسها عليها أية دولة أخرى لا قطر ولا تركيا ولا غيرها.
ينبغي أن يكون واضحاً لكل من يعمل في السياسة، أن البحث عن طرف آخر غير مصر، سيفهم على أنه محاولة للتحرش السلبي بمصر، وشكل من أشكال الاحتجاج غير المحمودة عواقبه.
مهما كانت التحفظات على المبادرة المصرية، وقد ساقت فصائل المقاومة في قطاع غزة، بعض هذه التحفظات، فإن هذه التحفظات ستزيد الأمر سوءاً إن ذهبت باتجاه البحث عن بدائل سواء برفض المبادرة ومواصلة إطلاق النار، أو بالبحث عن دول أخرى للتوسط بأمل تحقيق بعض الإنصاف، التي ترى فصائل المقاومة غيابه عن المبادرة المصرية.
المبادرة المصرية، تحظى بتبني ودعم المجموعة العربية، التي اجتمع وزراء خارجيتها في القاهرة، بعد إطلاق المبادرة، وتحظى بدعم وغطاء دولي، فضلاً عن أن حكومة الوفاق الفلسطينية أعلنت تأييدها لها.
هذا يعني أن الموقف الذي اتخذته الفصائل التي رفضت المبادرة وأعلنت أسبابها لذلك، هذا الموقف في وضع صعب، ويكاد يكون معزولاً، إلاّ من دعم بعض الأطراف الثانوية في اطار القدرة على التأثير في مجريات الحدث.
إسرائيل التي استقبلت المبادرة المصرية بالموافقة، كانت تسعى لقلب الطاولة في وجه فصائل المقاومة، والتمهيد، لتصعيد لاحق، يتوفر لديها الغطاء الدولي له، ذلك أنها أمام الرأي العام العالمي، وافقت على المبادرة، لكنها عملياً، لم تتوقف عن توجيه أشدّ الضربات.
خلال اليوم الثاني للمبادرة، حيث كان يفترض حسب المبادرة وقف إطلاق النار على الساعة التاسعة صباحاً يوم الثلاثاء، قامت إسرائيل بتدمير أكثر من ثلاثين منزلاً منها منازل لقيادات سياسية من "حماس" و"الجهاد" بما في ذلك منازل الدكتور محمود الزهار، ووزير الداخلية السابق فتحي حماد، وعضو المجلس التشريعي إسماعيل الأشقر.
كما استهدفت الضربات الإسرائيلية نحو خمسة عشر مناضلاً، وعشرات الجرحى، رغم ما يمكن اعتباره هدوءاً نسبياً بالقياس لوتائر العدوان والقصف خلال الأيام التي سبقت.
على كل حال ثمة وقت أمام الجهود الرامية، لتحقيق وقف إطلاق النار بسبب محدودية الخيارات، ولكن ثمة حرصا أيضاً ممن يمسكون بخيوط العملية السياسية، على أن لا يخرج طرف منتصراً. المقاومة قد تشعر بالغبن، وعدم الإنصاف، أما إسرائيل، فإن مرحلة ما بعد التهدئة ستظهر مدى عمق الأزمة التي تعاني منها حكومة نتنياهو، وكان أول مؤشراتها إقدام رئيس الحكومة على إقالة نائب وزير الدفاع، رئيس اللجنة المركزية في حزب الليكود، داني دانون، ومن غير المستبعد أن يكون نتنياهو أحد أبرز ضحاياها.
وقف المجزرة أولاً
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن الأيام
سنرتكبُ خطأً قاتلاً إذا اعتقدنا أن الحرب التي يشنها علينا نتنياهو قد انتهت عند حدود المناورات والمساومات المطلوبة لتثبيت وقف إطلاق النار.
وسنرتكبُ خطأً قاتلاً آخر إذا اعتقدنا أن حدود المناورات الداخلية الفلسطينية الفلسطينية هي حدود هذه الحرب والأبعاد التي تنطوي عليها.
وقد نرتكب الخطايا الأكبر في هذه المرحلة إذا اعتقدنا أن لدى مصر أية أغراض خاصة سوى وقف المذبحة التي تعدّ لنا على "مهل" في الدوائر الإسرائيلية الأمنية والعسكرية والسياسية على حدٍ سواء.
إذا مرت الأيام القليلة دون أن نصل إلى صيغة "ما" للموافقة المشروطة على وقف لإطلاق النار، وإذا لم نحسن التصرف بانتقال المعركة من دائرة القصف إلى دائرة شروط وترتيبات وقف إطلاق النار فإن الخارطة الحالية في إسرائيل ليس أمامها سوى الذهاب إلى معركة فاصلة يكون فيها اللحم الفلسطيني هو سيّد المشهد.
وإذا ما حشر نتنياهو ووضع في موقف الاختيار ما بين خسارة دوره ومكانته وما بين ارتكاب أكبر مجزرة في قطاع غزة فإن خيار نتنياهو محسوم سلفاً ومعروف ولا يحتاج إلى ذكاء خاص لاستنتاجه.
وإذا ما "أصرّت" فصائل المقاومة وخصوصاً حركة حماس على تقديم (دورها) على الأولوية الوطنية المطلقة بمنع المجزرة فإن الثمن سيكون باهظاً على الكل الفلسطيني وأكبر من حدود التصور المرئي حالياً.
بكل صراحة وبساطة ووضوح أقول إنني أشتم رائحة المعركة الداخلية على التمثيل وعلى السيطرة وعلى التحكم أكثر بكثير مما أشتم رائحة معركة مقاومة للاحتلال ومشاريعه.
وبصراحة ووضوح أقول إنني بت أخشى على نظامنا السياسي بكل مكوناته وعلى مشروعنا الوطني في أهم مفاصله من محاولات تشتيته لصالح الدور الإيراني والتركي والقطري ولصالح جماعات الإسلام السياسي التي هزمت على أعتاب القاهرة وترى أن الفرصة سانحة للعودة إلى دور ما أو أدوارٍ ما عبر البوابة الفلسطينية حتى ولو كان الدم الفلسطيني هو الثمن والأضحية المطلوبة.
وأخشى أن يكون نتنياهو قد قرأ هذه المعادلة قراءة دقيقة وألحقها بقراءاته الخاصة حول هذه الفرصة من موقع هشاشة الوضع الداخلي الفلسطيني ودمار وتفكك الوضع العربي وعدم جاهزية الوضع الدولي "بعد" للتصدي له وإرغامه على حل سياسي متوازن.
ولذلك بصراحة ووضوح أرى أن ما يروج حول أن إسرائيل "تغرق" في دمها ومرعوبة على مستقبلها وأنها لن تصمد طويلاً في ظل الخسائر الاقتصادية التي تتكبدها وأن قبتها الحديدية ليست إلا "خدعة" إعلامية أو غيرها من "الوعي" الشعبوي الذي يسود هذه الأيام في الأوساط الإعلامية المحسوبة على تيارات الإسلام السياسي وبعض القوى الملحقة بها... إن ما يروج بهذا الصدد على الرغم من أن شيئاً منه على درجة من الأهمية ودرجة من الصحة، أيضاً، هو بمثابة خداع للنفس قد ندفع ثمنه غالياً إذا لم نحسن استخدامه في وقف المجزرة بدلاً من تسليح نتنياهو للإمعان فيها وإعطاء الحكومة الإسرائيلية المبررات الكافية للإقدام على فصولها القادمة بغطاء كامل.
عسكرة الصراع مع نتنياهو وتخويف الإسرائيليين ليست السياسة الأكثر حكمة على الإطلاق.
اليمين المتطرف هو القادر الوحيد على استثمار هذه العناصر للبطش بنا والفتك بأهلنا في قطاع غزة.
إن ما يحتاجه شعبنا هو وقف هذه المجزرة أولاً، وسحب الغطاء من نتنياهو ثانياً، والعودة إلى حوار استراتيجي فلسطيني شامل لتقييم المرحلة الجديدة ودفع أسس جديدة لإعادة بناء كامل النظام السياسي قبل فوات الأوان إلاّ إذا كان البعض يرى أن ما يهدف إليه هو القضاء على هذا النظام والقضاء على كل المشروع الوطني لحساب مشاريع أخرى.
"حماس" لن تموت
بقلم: حمادة فراعنة عن الأيام
لم يصب أي من قيادات حركة حماس، أو قيادات الفصائل الجهادية الأخرى بأي أذى، حصيلة عملية "الجرف الصامد" الإجرامية، بينما في "الرصاص المصبوب" العام 2008 خسرت حماس عددا من الشهداء في طليعتهم أبرز قياداتها سعيد صيام ونزار ريان، وفي عملية "عمود السحاب" في 2012، خسرت أبرز قياداتها العسكرية الشهيد أحمد الجعبري، ومع ذلك، لم تضعف حماس لا نتيجة الرصاص المصبوب، ولا حصيلة عمود السحاب، رغم خسارتها لأبرز قياداتها، فكيف ستدفع ثمن "الجرف الصامد" في تموز 2014، وهي لم تخسر أيا من قياداتها، كما تمنت أجهزة العدو الإسرائيلي العسكرية والأمنية، وكما سعت وخططت، بينما الذي دفع الثمن هم البسطاء من أبناء شعبنا العربي الفلسطيني الذين فقدوا أكثر من 190 شهيداً و1400 جريح، ودمرت مئات البيوت، الذين لن يُعيد أحد حياة من فقدوا، ولن يُعوضهم أحد عن ممتلكاتهم.
معركة المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، في مواجهة المشروع الاستعماري العنصري الإسرائيلي، معركة طويلة الأمد، معركة الشعب الضعيف، ضد العدو القوي، بين عدالة تطلعات الشعب المعذب، وغطرسة العدو الظالم، معركة طويلة تستهدف استنزاف العدو، وجعل مشروعه وبرنامجه واحتلاله وتوسعه مكلفاً، لا أن تكون المعادلة معكوسة، على حساب شعبنا الذي ينزف ويُستنزف، وهو الذي يدفع الثمن، والخسائر الباهظة، بينما يتمتع العدو بحالة من الطمأنينة والاستقرار، وإذا أصيب، فتقتصر خسائره المعنوية على حالات الهلع، وخسائر مادية طفيفة يُعوضها ثري من أثرياء نيويورك أو لندن أو كندا، وشعبنا يزداد فقراً وتخلفاً وتتوزع أوجاعه لتشمل قطاعات أوسع، بلا أمل منظور، أو رهان قريب أو مشروع قادم.
الشعب الفلسطيني، مرة أخرى وعاشرة ومئة يحتاج لثلاثة عوامل حتى يستطيع مواجهة عدوه المتفوق، وينتصر عليه:
أولها: برنامج وطني يشكل القاسم المشترك بين 1- الفصائل الحزبية التنظيمية ، و2- الشخصيات المستقلة، و3- المؤسسات المهنية والاتحادات الشعبية والفعاليات الاجتماعية.
وثانيها: مؤسسة تمثيلية موحدة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وسلطتها الوطنية.
وثالثها: أدوات كفاحية متفق عليها بين الفصائل، تستنزف العدو الإسرائيلي، وتجعل احتلاله مكلفاً، لا أن يكون استعمالها مكلفاً على الشعب الفلسطيني وعلى حساب قضيته.
كلفة الاحتلال، لا تعني فقط، المس بقدرات العدو العسكرية، أو القتالية، أو مؤسساته الأمنية، بل الكلفة تعني حصاره سياسياً، وعزلته، وانحدار مكانته الأخلاقية أمام المجتمع الدولي، كما حصل في الانتفاضة الشعبية الأولى العام 1987، التي دفعت رابين للتسليم والإقرار والاعتراف لأول مرة بالعناوين الثلاثة : 1- الشعب الفلسطيني ، و 2- منظمة التحرير الفلسطينية، و3- الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، ولذلك قيادات الشعب الفلسطيني وفصائله الفاعلة بحاجة للقرارات والقواسم والأدوات المشتركة، حتى يتحمل الجميع مسؤولية العمل، لا أن ينفرد فصيل حزبي، بتوريط الشعب الفلسطيني بأعمال مؤذية، تُفقده التعاطف الدولي، وتدفع نحو الانحياز الدولي ضد العدو الإسرائيلي، لا أن توفر للعدو الإسرائيلي أية ذرة من المكاسب الدولية لصالحه.
إقامة المشروع الاستعماري الصهيوني اليهودي الإسرائيلي على أرض فلسطين، تمت بفعل عاملين هما: أولاً - مبادرات الحركة الصهيونية نفسها، وثانياً - الدعم الدولي وخاصة الأوروبي ومن ثم الأميركي لها، ولذلك حتى يستطيع المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني تحقيق الانتصار، وهزيمة المشروع الاستعماري الصهيوني بحاجة لتكامل وقوة وتماسك ووحدة العامل الذاتي الفلسطيني نفسه وفق المعادلة الثلاثية: 1- وحدة البرنامج، 2- وحدة المؤسسة، 3- واختيار الأدوات الكفاحية المتفق عليها، وبعد ذلك يحتاج لدعم وإسناد وتعاطف المجتمع الدولي، وانحيازه لعدالة المطالب الفلسطينية، ومشروعية نضالها وقانونية أدواتها بما ينسجم والقانون الدولي، وشرعة حقوق الإنسان.
إذا كان العدو متطرفا، متغطرسا، عنصريا، فاشيا ووسائله إجرامية، تتنافى مع معايير حقوق الإنسان، فيجب أن تبقى وسائلنا الكفاحية نظيفة، وتطلعاتنا مشروعة، وأهدافنا نبيلة، لأننا على حق وقضيتنا عادلة، ولذلك، وعلى هذا سننتصر.
شاهد عيان - قبل فوات الاوان
بقلم محمود ابو الهيجاء عم الحياة الجديدة
لم يعد خافيا على احد ان حركة حماس باتت تنطوي على تيارات متصارعة، وابرز دليل على ذلك الموقف من المبادرة المصرية، حيث رفضتها حماس غزة، بينما نائب رئيس المكتب السياسي موسى ابو مرزوق ترك الباب مواربا من القاهرة حينما اعلن ان المبادرة موضع مراجعة لاعلان موقف بشانها...!! ناهيكم عن ان ابو مرزوق قد استنكر الاعتداء الاثم على وزير الصحة جواد عواد، وقد بات معروفا ان عناصر من حماس هي التي نفذت هذا الاعتداء بتدبير مبيت، قيل انه جرى في بيت فتحي حماد الذي كان وزيرا للداخلية في زمن الانقسام البغيض.
وسمعت قبل يومين من مصدر موثوق ان رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل كان قد اتصل مع الرئيس ابو مازن في اليوم الاول من العدوان الاسرائيلي على غزة، ليؤكد له ان حماس مع اي تحرك سياسي لرأس الشرعية الفلسطينية، من اجل وقف العدوان الاسرائيلي باسرع وقت ممكن، لكن الاعلام الحمساوي خاصة في مواقعه الالكترونية وناطقين حمساويين ايضا قالوا ويقولون كلاما مغايرا حتى ان بعض هذا الكلام خال من الكياسة واللياقة والادب وخال من السياسية ايضا من حيث انه لا يخدم قضية وقف العدوان ولا بأي حال من الاحوال، بل العكس تماما حين ترى اسرائيل كل هذا التناحر في الساحة الفلسطينية لتواصل عدوانها الوحشي دون خشية من وحدة الصف الفلسطيني التي بوسعها ان توقف العدوان بقوة ردع الموقف الموحد.
الناطقون هؤلاء بمواقعهم الالكترونية وبمثل هذه اللغة المعيبة انما يغمزون في الاساس من قناة رئيس مكتبهم السياسي، اكثر مما يحاولون النيل من تحركات الرئيس ابومازن لردع العدوان الاسرائيلي ووقف نزيف الدم الفلسطيني الذي تريد اسرائيل سفكه بلا هوادة في اطار حرب ابادة تنهي القضية الفلسطينية ومشروعها للتحرر والاستقلال. والسؤال الان الا يرى هؤلاء المتصارعون داخل حماس ان صراعهم هذا ما زال يكلف الناس في غزة مزيدا من الدم، فلعلهم اذا خلصت النوايا ورأوا ذلك قبلوا بالمبادرة المصرية قبل ان ينتهي اوانها.
حياتنا – حماس ومطالب الاستقلال
بقلم حافظ البرغوثي عن الحياة الجديدة
يبدو أن المصالحة هي الضحية الأولى للعدوان على غزة, اذ أن الرفض الحمساوي لمساعي الرئيس قبل ان يعلنها لوقف المذبحة في شعبنا في غزة وبالاشارة الى ما نضح من مطالب حماس فان الاخيرة تطالب بما يشبه الاستقلال عن الضفة وتحويل غزة الى امارة مستقلة. فمصر هي الدولة الراعية للمصالحة وكذلك لاتفاقات التهدئة ولا يمكن اجبارها على تقديم تنازلات لحماس طالما ان الاخيرة ما زالت تتقاعس عن تصحيح العلاقات معها ولا تزال تحت عباءة جماعة الاخوان. وما اثار حماس اكثر ان مصر لا تتصل بها مباشرة بل تتصل بالسلطة الشرعية، وكأن حماس تريد ان تكون ندا لمصر وبديلا عن السلطة المعترف بها دوليا . بل انها تريد اقحام قطر وتركيا في المساعي وكأنها تريد لمصر ان تتجرع جرعة كبيرة من السم ذلك ان تركيا وقطر متهمتان من مصر بدعم وتسليح وتخطيط الارهاب على ارضها، فكيف يمكن اخراج الترياق من هذا الخليط غير المتجانس!
ان السلطة وحدها قادرة على ان تكون موضع ثقة مصرية ودولية بما فيها ثقة قطر وتركيا وهي المعترف بها لادارة معبر رفح وحدودها مع مصر، وان توهمت حماس بأنها قادرة على فرض املاءاتها على الآخرين فان الآخرين ليسوا في عجالة من امرهم لأن الدم الذي يسفك في غزة ليس دمهم ولديهم حساباتهم الامنية والسيادية التي لا تتقاطع مع حساباتنا. فهم بالتالي ليسوا موضع اتهام الا اذا اردنا الايهام بذلك لانفسنا فقط.السلطة فقط قادرة على اقناع مصر, ومصر فقط قادرة على اقناع اسرائيل، ولا يجوز ان نقصف في الشرق ونقدم مطالب في الغرب فالمعادلة غير مجدية. بتنفيذ اتفاق المصالحة فقط يمكننا انقاذ غزة وانقاذ قضيتنا ككل، وليس بتحويل الانقسام الى انفصال واستقلال.
مدارات - الدم ينزف والسجال يتلوّى
بقلم عدلي صادق عن الحياة الجديدة
أكثر ما كان جارحاً، في ردود الأفعال على المبادرة المصرية لإبرام هدنة؛ هو المواقف الكيدية بين محورين في الإقليم العربي. أحدهما يقول، إن المبادرة كافية شافية لحقن الدماء ووقف آلة الحرب، والثاني يقول إنها غير كافية ولم يتم التشاور حولها ولم يؤخذ رأي المقاومين فيها. والطرفان، بالطبع، مستريحان، ويريد واحدهما تسجيل النقاط على الآخر، في سياق سجال عام، يتعلق بتطورات السنوات الأخيرة في المشرق العربي.
موضع الألم هنا، في كون التخرصات تدور، وتتعارض المواقف، بينما الدم الفلسطيني ينزف والعمائر تُقصف وكثيرها يُقصف ويُدمر على رؤوس ساكنيه. أما العدو الذي لم تفلح قبته الحديدية، ولم يستطع ضبط منصات الإطلاق في لحظات الإطلاق؛ فإنه يدك قباب الدور الفلسطينية الاسمنتية غيظاً من فشل قبته الحديدية، ويدك الأسر الفلسطينية التي انجبت المقاومين، في واحد من فصول الأعمال الخسيسة والجبانة، التي تُسجل في تاريخ المشروع الصهيوني الاستعماري الهمجي!
كنا نتمنى، لو أن محور الخلاف العربي حول المبادرة المصرية، كان يدور حول خرائط العمليات وعلى خطط التحرك العسكري ضد هذا العدوان السافل، أو حول أيهما الذي سيُمنح شرف توفير المعدات الأحدث والأكثر، والألوية العسكرية النخبوية الأفضل تسليحاً. فكل هؤلاء الذين يتعاطون مع مبادرات الهدنة، على طرفي الخلاف، يمتلكون جيوشاً يقولون إنها جرارة ورادعة وماحقة، تجعلنا نرى في تقصير جانبي الخلاف وذرائعهما، ما يُخزي تاريخ هذه الأمة، لا سيما أن إسرائيل لم تكن تحتاج الى حرب فعلية، بقدر ما تحتاج الى رؤية العين الحمراء، ونتنياهو تحديداً أجبن من أن يفتح أزمة إقليمية.
الطرف الذي يشجع "حماس" و"الجهاد" على رفض المبادرة المصرية، لا يشحذ سكيناً، بينما أصغر الدول من هذا الطرف، تبتاع أحدث أسلحة الجو والبر والبحر، وأكبرها من ذوي الجيوش الجرارة وأحدها أطلسي. أما المتحمسون للمبادرة المصرية، فإنهم غير معنيين بعنصر النقص فيها. لو أن فيها نقطة عاجلة تتحدث عن آليات رفع الحصار مع وقف النار، واطلاق المعتقلين من الضفة، واستدعاء لجنة دولية لحصر المدنيين الأبرياء الذين قتلوا وتقديم التعويضات لذويهم ولمن دمرت بيوتهم ظلما؛ لقلنا إن المبادرة تنم عن ثقل المتقدمين بها وعن جدارتهم في الدور الذي يليق ببلدهم. أما القول بأن وقف الحرب يكون بالتهدئة مقابل التهدئة، فهذا معيب، ويتجاهل أن المحتل هو المعتدي، بل إنه هو الذي يمثل منظومة اعتداءات وجرائم وسفالات في كل ثانية.
هناك، في المبادرة المصرية، من يمكن أن يوحي بفتح المجال لتحقيق نقاط إيجابية للطرف الفلسطيني من خلال مباحثات غير مباشرة. هنا نؤكد أن نتنياهو وحكومته ينتحرون إن وجدوا أنفسهم مضطرين لأن يصدقوا. فلا عهد لهم ولا ميثاق. إن لم تكن المسائل مطروحة كنقاط ملزمة، فلا تحاكم النصوص إلا وفق الملزم والمحدد منها.
نحن في هذا السياق، لا نذم أحداً بقدر ما نؤكد أن الأطراف العربية والإقليمية كلها قد تركت غزة تنزف. وأن أداء هذه الأنظمة، حيال حروب إسرائيل الهمجية على شعب فلسطين، لن يكون مبعث فخر لشعوبها حاضراً ومستقبلاً!
نبض الحياة - بشارة يقلب الحقائق
عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
كان المرء يتمنى على الدكتور عزمي بشارة، ان يلزم الصمت، وألا يدلي بدلوه في موضوع الهدنة المصرية، لا سيما وانه سيجانب الصواب، كونه مستشارا للامير تميم، امير قطر، وايضا لانه وضع نفسه في خندق الدفاع عن جماعة الاخوان المسلمين.
لكنه ملزم بالدفاع عن منطق ولي نعمته، لذا انبرى يوم الثلاثاء الماضي في لقاء مع فضائية الجزيرة القطرية في حملة تشويه مقصودة ومتعمدة للمبادرة المصرية، مسيئا لموقف القيادة المصرية، قالبا الحقائق رأسا على عقب. ولتوضيح الحقيقة، واماطة اللثام عن مثالب الدكتور عزمي، يمكن العودة لما ذكره من مواقف لا تمت للحقيقة بصلة، ومنها:
اشار بشارة إلى ان المبادرة المصرية بالهدنة "فجأة"!؟ والحقيقة، ان القيادة المصرية اجرت الاتصالات بصمت مع القيادة الفلسطينية، وعرضت مشروع مبادرتها على حركة حماس من خلال تسليم المبادرة لموسى ابو مرزوق، وايضا ناقشت الموضوع مع الدكتور رمضان شلح، الذي زار مصر سرا يوم الثاني عشر من تموز الجاري، وكانت الهدنة المقترحة لاربعين ساعة، تناقش خلالها المواقف والنقاط بين الطرفين. وبالتالي لم تكن المبادرة المصرية مفاجئة، وانما معلومة لدى الاطراف كلها.
لكن الذي جرى ان التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ومعلمي بشارة في الدوحة وانقرة طلبوا من حماس ان ترفض المبادرة من حيث المبدأ. لا سيما وان رئيس جهاز المخابرات القطرية كان موجودا في اسرائيل لاجراء محاثات حول الهدنة، المرتكزة لهدنة تشرين الثاني 2012؛ وايضا لابتزاز مصر، وتحقيق مكاسب تعزز منطق الامارة على حساب المصالحة الوطنية؛ والالتفاف على انجازات ثورة الثلاثين من يونيو 2013؛ ولمحاولة إعادة الامور لما كانت عليه قبل ثورة يونيو.
ثم يشير الدكتور بشارة، إلى وجود اتصالات وجهود دولية مكثفة متقدمة لابرام التهدئة، تضمنت" تلبية شروط المقاومة"، ويضيف "لكن تغير الامر مساء الاثنين، وتفاجأنا بالمبادرة المصرية"، معتبرا ان الدور المصري جاء تأكيدا للمطالب الاسرائيلية؟! سقط بشارة في مستنقع التزوير، وافتضح هدفه باتهام القيادة المصرية بما ليس فيها، وهو يعلم ان ما ذكره، يعود على اسياده واولياء نعمته، الذين كانوا موجودين في اسرائيل.
اما مصر كما اشير آنفا، فكانت على تماس مع الاطراف جميعا قيادة شرعية وفصائل واسرائيل، وكان هدفها، وهو هدف القيادة الشرعية: وقف الحرب فورا، وانقاذ رأس الشعب الفلسطيني في محافظات الجنوب من مقصلة حرب الابادة الاسرائيلية. وقد نجحت مصر من خلال طرح مبادرتها للتهدئة في إيقاف توسيع دائرة الحرب الاسرائيلية، والحؤول دون شن الحرب البرية على القطاع.
مصر بالتأكيد ليست بحاجة لمن يدافع عنها، لأن مواقف قيادتها الوطنية والقومية واضحة وجلية منذ لحظة انطلاقتها في الثلاثين من يونيو 2013، ولكن من الواجب والموضوعية إنصافها، ونشر الحقائق دون تزوير، مصر لم تتوافق مع إسرائيل، بل استجابت لاهداف الشعب العربي الفلسطيني، وكان همها وقف المجزرة الاسرائيلية.
كما ان الرئيس السيسي رفض المنطق الاميركي، الذي طرحه جون كيري، وزير خارجية اميركا على سامح شكري، وزير الخارجية المصري، بعقد لقاء ثلاثي (مصري، تركي وقطري بحضور كيري) عشية انعقاد مجلس وزراء الخارجية العرب، وذلك بهدف سحب البساط من تحت اقدام المبادرة المصرية المستقلة، وإعطائها صبغة مشتركة، لكن مصر رفضت ذلك جملة وتفصيلا، واصرت على ان تبقى مبادرة التهدئة تحمل الصفة المصرية الخالصة، ما استدعى كيري، ان يلغي زيارته للقاهرة.
اما عن الجهود الدولية، التي كانت تعمل على تهدئة تستجيب لمطالب المقاومة، فأين تلك الجهود؟ ومن يقف وراءها؟ وهل تسمح الظروف وموازين القوى بتلبية مطالب المقاومة؟ أوليست المقاومة الحقة، هي المعنية بالدفاع عن مصالح شعبها، وانقاذ رأسه من حرب الابادة الاسرائيلية؟ ام ان منطق بشارة القطري التركي والاخواني، الداعي للاتجار بدم الشعب الفلسطيني خدمة لمآرب أداتهم الحمساوية، خاصة وانه اعلن في مقابلته، ان من حق المقاومة ان تختفي، وان على الشعب ان يتحمل التضحيات، اي انه اراد بكل وقاحة، ان تتاجر حماس بدماء الشعب الفلسطيني لتحقيق مآربها واهدافها الخاصة والاخوانية على حساب الدم الفلسطيني المستباح.
يا حبذا لو يعود الدكتور بشارة للحقيقة، ويستعيد عافيته الفكرية والسياسية، ويتذكر ان حبل الكذب والتزوير قصير جدا جدا. والباقي عنده ليقرر ما يشاء بشأن موقعه وموقفه.