Haneen
2014-09-17, 08:43 AM
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الأحد 03/08/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
إسرائيل والتهدئة بدون التزام تتطلب منا ردا واضحا
حديث القدس
عتابنا لمصر الكبيرة على قاعدة محبتنا لها!!
محمد خضر قرش-ج.القدس
اسرائيل خسرت عسكريا وسياسيا ... والتهدئة قريبة
ابراهيم دعيبس-ج.القدس
نهاية الحرب من جانب واحد.. وبداية الحرب على نتنياهو!!
هاني حبيب-ج.الأيام
أتذكرون مقولة "دعوا الجيش ينتصر"؟ ...!
أكرم عطا الله -ج.الأيام
رسالة مفتوحة إلى كي مون: ماذا أنت فاعل لغزة..؟
ريما كتانة نزال- ج.الأيام
نبض الحياة - اهداف إسرائيل المتدحرجة
عمر حلمي الغول-ج.الحياة
سؤال عالماشي - " البورصة " في محكمة الجنايات الدولية
موفق مطر-ج.الحياة
علامات على الطريق - غزة تفضح الجميع
يحيى رباح-ج.الحياة
لماذا غاب الجنرال؟
منتصر حمدان-وكالة معا
برقية مفخخة من رام الله الى غزة
عيسى قراقع-وكالة معا-PNN
"جنون" نتنياهو وبانكي واوباما... وبعض اعلاميي مصر
جهاد حربPNN-
إسرائيل والتهدئة بدون التزام تتطلب منا ردا واضحا ومحددا !!
حديث القدس
بدأت اسرائيل مساء أمس، بالانسحاب من قطاع غزة وشوهدت دباباتها تغادر، بينما عقد رئيس الوزراء ووزير الدفاع مؤتمرا صحفيا حول الوضع وكان واضحا من كلام نتانياهو انه يريد تهدئة بدون التزام وانسحابا من طرف واحد بدون اتفاق، والاعلان ان المهمة المعلنة وهي تدمير الانفاق قد استكملت وان اسرائيل لم ولن توقف العمليات ضد غزة كلما تطلب الامر ذلك وكلما استدعت ما اسماها بالاحتياجات الامنية القيام بعمليات ومواصلة الهجوم والعدوان على القطاع. ويجيء هذا الموقف بعد ان اعلنت اسرائيل رفضها المشاركة في المفاوضات التي كانت مقترحة في القاهرة بين وفدها ووفد فلسطين، برعاية مصرية لتحقيق وقف لاطلاق النار وبحث المطالب الفلسطينية بعد ذلك وفي مقدمتها رفع الحصار عن القطاع، ويبدو ان هذه الخطوة الاسرائيلية من جانب واحد تستهدف عدم التجاوب مع المتطلبات الفلسطينية هذه، إلا انها تظل خطوة نحو التهدئة وقف العدوان والمجازر وذبح المدنيين والاطفال في غزة.
كما ان نتانياهو في هذه الحالة يلقي الكرة في الملعب الفلسطيني، وخاصة القيادات والمقاومة في غزة التي عليها مواجهة هذا الموقف الاسرائيلي وبحث تداعياته وكيفية الرد عليه، ويشكل وجود ممثلين عن القوى الوطنية والاسلامية في القاهرة المناسبة المثلى لبحث هذا الوضع.
المطلوب اولا، في تقديرنا، وكما تطالب القيادة الفلسطينية وتقترح المبادرة المصرية، هو وقف العدوان ووقف سيل الدماء والمعاناة لابناء شعبنا في القطاع، وهذا يتطلب اعلانا واضحا وموقفا محددا من هذه القضية، اي الالتزام بوقف النار ما التزمت اسرائيل به، حتى لا نبدو وكأننا نحن الذين نبادر الى اشعال النيران ونخرق اتفاقات التهدئة، وهو الامر الذي تسعى اليه اسرائيل دائما لتقول انها قبلت بالتهدئة ونحن رفضنا ويحملنا المجتمع الدولي، بالتالي، المسؤولية ويقدم المبررات لتواصل اسرائيل عدوانها.
النقطة الهامة الثانية تتعلق بالاخوة في مصر لاستكمال المحادثات ولو بصورة ثنائية مع اسرائيل، بهدف تحقيق المطالب الفلسطينية وبصورة خاصة رفع الحصار، كما ان الاخوة في مصر في هذه الحالة، عليهم مراجعة قضية معبر رفح وفتحه بصورة دائمة، ونحن واثقون انهم سيتخذون الخطوة المناسبة بما يتفق مع دور مصر العظيم في دعم الشعب والقضية الوطنية.
ان الموقف الاسرائيلي رغم ميوعته وخبثه السياسي، يشكل تراجعا جديا من جانبهم بعد ان تحدثوا طويلا عن توسع العملية العسكرية وقد تكبدوا خسائر بشرية وسياسية واقتصادية كبيرة، كما انه يشكل مدخلا للتهدئة العامة ووقف العدوان على غزة، وهذا ما نأمل ان يتحقق.
عتابنا لمصر الكبيرة على قاعدة محبتنا لها!!
محمد خضر قرش-ج.القدس
لا توجد دولة عربية تتبوأ أو تستأثر بمكانة خاصة في عقل وضمير وفؤاد كل فلسطيني وعربي كما تتبوأه وتتصدره مصر. واكاد أجزم بأن الاغلبية الساحقة من الفلسطينيين تحب مصر بنفس حبها لفلسطين إن لم يكن أكثر. وقد تكرس هذا الحب والاحترام والتقدير واتسع بشكل ملموس منذ ثورة تموز عام 1952 التي قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
ولم تأت هذه المكانة عبثا أو فجاة أو بسبب القوة الناعمة لمصر فهي سبقته بسنوات. لقد ادرك الفلسطينيون مبكرا جدا بأن مصر ليست كأي دولة عربية وانما هي قائدة وقلعة للنضال القومي والعربي وكسند يتكىء عليه ويستعين به كل الوطنيين الساعين للتحرر والتخلص من الاستعمار وهي بحكم موقعها الجغرافي والاستراتيجي مؤهلة ليس فقط لكي تقود وانما لتضع أجندة ورزنامة العمل العربي والبرنامج النضالي وأولوياته.
وهناك نقطة أخرى هامة تخص فلسطين وهي ان الفلسطينيين أدركوا مبكرا بأنه لا يمكن تحرير أرضهم من الاحتلال الاسرائيلي بدون مصر أو مساندتها ودعهما.وحينما أُلحق قطاع غزة بالإدارة المصرية بعد نكبة 1948 لم يشعر الفلسطينيون قط بأنهم محكومين من قبل غرباء على الرغم من عدم وجود برامج للتنمية وفقدان الازدهار والتطور الاقتصادي والذي بقي محدودا ولم يحقق نسبا يعتد بها.
السبب الرئيس كان القناعة التامة بان مصر دون غيرها هي القادرة على المساهمة في تحرير أو استرجاع فلسطين فبدون مصر لا أمل يرتجى. ومقابل هذا لم يُعر الفلسطينيون إهتماما لإدارة الحكم العسكري غير الديمقراطي الذي ساد القطاع وقد أرجعوا ذلك وعللوه بالظروف الصعبة التي تواجه مصر وتأكد ذلك لهم في وقت مبكر جدا بعد نحو 8 سنوات من النكبة حينما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 حيث كان الفلسطينيون يمثلون خط الدفاع الأول عنها.فالأمن القومي المصري مرتبط بقطاع غزة وباستقرار حدودها الشرقية وبالمناسبة ما زال هذا يمثل العقيدة العسكرية المصرية التي تبنى عليها الخطط. فالأخطار الكبيرة كانت دائما تأتي لمصر من الشرق .
وعلى الجانب الاخر من الجزء المتبقي من فلسطين (الضفة الغربية) لم يكن الفلسطينيون على وئام وانسجام تام مع إدارة الحكم الاردني لذا فقد ظلت العلاقة متوترة وعدائية ورافضة طيلة اكثر من عقد ونصف حتى عدوان حزيران عام 1967. ولم يفتر أو يضعف حب وتقدير الفلسطينيين لمصر حتى بعد رحيل جمال عبد الناصر عام 1970 ووثوب السادات ومن بعده مبارك إلى سدة الحكم ،لأنهم انطلقوا من ضرورة التمييز بين مصر الدولة والتاريخ والشخص الحاكم، لذا فقد بقيت علاقة شعب فلسطين بمصر وشعبها قوية ومتينة لم تزعزعها أوتضعف منها سياسات الرئيسين السادات ومبارك.لذا فقد استبشر الفلسطينيون والعرب خيرا برحيلهما وإنهاء حكمهما.
فالسادات أخرج مصر من الصراع بتوقيعه اتفاقية كامب ديفيد والثاني أجهض كل النضالات وجمد حركة النهوض الوطني والقومي العربي وحول مصر إلى دولة مستباحة للصغير والكبير على حد سواء وأضعف تأثيرها وقوتها الإقليمية حتى قوتها الناعمة.لذا لم يكن مستغربا أن يفرح الفلسطينيون لرحيل مبارك وسقوطه كفرح شعب مصر إن لم يكن أكثر.وقبل ان نلج إلى الملاحظات النقدية لمواقف مصر الحالية لا بد ان نبين موقف حركة حماس من مصر، فالموضوعية ضرورية هنا لكونها تمثل الصورة الأخرى لموقف مصر الحالي.
موقف حركة "حماس"
لم يخف الشعب الفلسطيني فرحته ومعه معظم الشعوب العربية بثورة يناير 2011 وخروج نحو 30 مليون مصري في 30 حزيران/ 2013 والتي اعتبرت تفويضا من شعب مصر لمؤسستهم العسكرية الوطنية بعزل الرئيس مرسي وإنهاء حكم الإخوان رسميا في 3 تموز 2013. ولأن شعب فلسطين يحب مصر ويؤمن بدورها القيادي بل والإستراتيجي في المنطقة فإنه يعلم تماما بل ويستوعب ويتفهم ان مصر تمر بفترة انتقالية صعبة وحرجة ودقيقة تتقاطع وتختلط وتتداخل فيها التكتيكات والسياسات والسلوكيات والمواقف بحيث تبدو وكأن مصرلم تحسم امرها بعد وأنها مرتبطة بهذا الدولة (المجموعة) أو تلك.
فالشعب الفلسطيني حاله كحال القوى الثورية والوطنية والديمقراطية المصرية يدرك بأنه من المبكر جدا تصنيف موقع مصر أو الطلب منها في هذا الوقت ان تعلن مواقف معينة ترضي القوى الوطنية في فلسطين والوطن العربي. فالظروف والتطورات الميدانية والإقليمية والدولية متسارعة وتحتاج إلى فترة زمنية لتتمكن مصر خلالها من إعادة توجيه بوصلة اتجاهها وأولوياتها وخاصة وأن اقتصادها منهك وتحتاج إلى أموال ومساعدات مباشرة وغير المباشرة من بعض الدول العربية الخليجية النفطية التي ترتبط بعلاقات وثيقة الصلة بالولايات المتحدة الأميركية (الصديقة الوفية لإسرائيل) والتي طالما قدمت لها الطاعة والولاء بأكثر من ولائها لدينها وعروبتها وقوميتها.
لقد حذر شعب فلسطين وقواه الحية من خطورة إلصاق أو إلحاق نضالاته ومقاومته لصالح حركة الإخوان المسلمين ومن ثم فرزه أو تصنيفه ضمن التحالف أو المحور القطري التركي والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وخاصة في قطاع غزة بحكم سيطرة حماس على الحكم هناك.
وقد كُتبت مقالات وعقدت ندوات كثيرة تحذر من الإرتماء بإحضان التحالف المشار إليه. نعم لقد أخطات حماس في سرعة وقوفها وتأييدها غير المبرر فلسطينيا ووطنيا إلى جانب الرئيس مرسي والإخوان المسلمين في مصر معتقدة بان حكمهم سيسود ويستمر ل500 عام كما صرح مرسي وغيره من قادة الإخوان للعديد من الشخصيات التي التقته واجتمعت به في العام الأول والأخير له كرئيس لمصر.لقد غاب عن حركة حماس انها تنظيم فلسطيني أُسس وشكل لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وليس ليكون ضمن منظومة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. كان عليها أن تدرك مبكرا خطورة ما أقدمت عليه وما فعلته على مستقبل القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. كما كان يتوجب على حماس ان تترك مسافات كبيرة بينها وبين حركة الإخوان المسلمين في مصر باعتبارها حركة مقاومة فلسطينية اولا مما يتوجب ان تبقى بعيدة عن التجاذبات والتحالفات والمحاور السياسية الاقليمية. فلا يحق لحركة حماس أن تربط نضالات الشعب الفلسطيني في القطاع تحديدا مع الإخوان المسلمين ولا أن تزج به في التحالفات والصراعات الإقليمية وخاصة مع الدول الحليفة الدائمة والصديقة المخلصة للولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي في المنطقة كتركيا وقطر.
حركة حماس ملزمة وبعد وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ،أن تصارح الشعب الفلسطيني بما جنته من إنحيازها وإرتمائها في احضان التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ، وعليها ان تقدم كشفا بالمكاسب التي جنتها والمخاطر التي سببتها لفلسطين بقرارها الإنتماء للمحورالقطري التركي ومن ثم عليها ان تقدم كشفا بما جناه شعب فلسطين ومقاومته من هذا التحالف غير الشريف وغير الوطني. فكل الإسلحة والذخائر والصواريخ التي تجمعت والموجودة مع حماس والمقاومة الفلسطينية حاليا في غزة لم يكن مصدرها تركيا ولا قطر ولا التنظيم الدولي للإخوان المسلمين،حتى الأموال كانت بمعظمها من إيران وليس من قطر.
اما تركيا المتباكية والمنتمية لحلف شمال الاطلسي المجرم والمعادي للعروبة والاسلام والتي تدين بالولاء له ولإسرائيل فهي لم تنتظر سريان الوقف الانساني لإطلاق النار الذي بدأ يوم السبت 26/7 حتى أعادت تسيير رحلاتها إلى مطار اللد.كان يجب على حركة حماس أن تبقي كتائب عز الدين القسام كحركة مقاومة وفصيل فدائي بعيدا عن حركة الاخوان المسلمين.لكننا وبالرغم من كل ما سبق، سنقف مع حركة حماس وكتائب عز الدين القسام مادام العدوان الهمجي والوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة قائما .هذا هو الموقف الوطني الأصيل الذي تتبناه كل القوى الوطنية والديمقراطية الشريفة، وبعدها سنجلس ونقيَم ماذا حقق أو استفاد شعب فلسطين من التحالف مع المحور القطري التركي والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين والوقوف مع محمد مرسي وتأييد الاعتصام في ميدان رابعة العدوية بحجة دعم ما أطلق عليه الشرعية.
الموقف المصري الحالي
وحتى تكون ملاحظاتنا النقدية لمصر الكبيرة تتميز بالمهنية والموضوعية فإنه من المفيد ان نسرد بعض الأمثلة من المواقف التاريخية غير البعيدة والمماثلة أوالمشابهة إلى حد كبير لعلاقة مصر بفلسطين والعرب ونقارنه بما يجري حاليا.وعلى الجميع ان يدرك بأن العتاب والملاحظات النقدية التي سنأتي عليها ستكون على قدر المحبة فعشمنا بمصر كبير جدا.
1- في وقت مبكر من عام 1970 انتقدت معظم الفصائل الفلسطينية بشدة قيام الزعيم جمال عبد الناصر بقبول مبادرة روجرز، وأصدرت بيانات استنكار وشجب ضد قبوله للمبادره وبعضها كان قاسيا جدا. قام على أثرها عبد الناصر رحمه الله وبالأدق وافق على إتخاذ إجراءات بترحيل عشرات الطلبة الفلسطينيين الذين كانوا يدرسون في الجامعات المصرية معظمهم كان بلباس النوم ورحلوا عبر مطار القاهرة وكان من بينهم طالبات، وقد وضعوا على القائمة السوداء التي تحظر عليهم دخول مصر ومن الطريف ان اغلبيتهم ما زالوا حتى اليوم ممنوعين من دخول مصر مع ان عمر أصغرهم حاليا 67 عاما.
ومن بين هؤلاء طالبة كانت في السنة الرابعة في كلية العلوم جامعة القاهرة عمرها الان شارف على ال70 عاما وتركت العمل السياسي وباتت جدة ولها 15 حفيدا وما زالت ممنوعة من دخول مصر. لكنه أبقى على إذاعة صوت فلسطين بكل طواقمها تبث من القاهرة. ليس هذا فحسب بل ومنع وسائل الإعلام المصرية من تناول الخبر او نشره أو التعليق عليه او حتى مهاجمة الفلسطينيين.
وما أن وقعت الواقعة في 17 ايلول عام 1970 بين الجيش الأردني والفصائل تحرك الزعيم جمال عبد الناصر رحمه الله وطوى الصفحة وسارع لوقف القتال بين الجيش الأردني والفلسطينيين ونجح في ذلك وقال "إن اتخاذ إجراء ضد بعض المنتمين للفصائل شيئ والموقف من المقاومة الفلسطينية التي وجدت لتبقى شيئ مختلف تماما".وقد علمنا فيما بعد بانه كان بحاجة لوقف إطلاق النار أثناء حرب الاستنزاف لتمكينه من بناء حائط الصواريخ الذي كان له مفعول كبير في حرب اكتوبر عام 1973.فلا يمكن ان يقدم على هذا العمل الا الكبار والقادة والزعماء عبر تغليبهم التناقضات الرئيسة على الثانوية والصغيرة وخاصة حينما يكون على الطرف الأخر إسرائيل .
2- لم تكن علاقة مصر مع حزب البعث الحاكم في سوريا في أحسن أحوالها عام 1967،وحينما هددت إسرائيل سوريا نسي الزعيم عبد الناصر الخلافات الثانوية ووقف الى جانب سوريا وكان ما كان.
3- كانت تربط القيادة المصرية بزعامة جمال عبد الناصر علاقات قوية ووثيقة مع جبهة جنوب اليمن المحتل بقيادة عبد القوي مكاوي ولم تكن لها علاقة مع الجبهة القومية التي كانت تنتمي لحركة القوميين العرب والتي اصبحت يسارية فيما بعد .وحينما حسمت الثانية الموقف عسكريا لصالحها وتم طرد الاحتلال البريطاني من جنوب اليمن ،لم يتوان الزعيم جمال عبد الناصر من التعامل مع الجبهة القومية بقيادة قحطان الشعبي في ذلك الوقت ،ولم يشكل ذلك له أي حساسية له. لأن الطرف المقابل كان الاحتلال البريطاني.
4- ورغم عدم تجانسه وتوافقه مع حكام الكويت عام 1962 ،إلا أنه وقف معها حينما هدد عبد الكريم قاسم باحتلالها واعلن استعداده لإرسال الجيش المصري للدفاع عنها.
5- وهناك أمثلة من طبيعة اخرى تعكس انه في الوقت الذي كانت فيه مصر تضعف امام الدول العربية النفطية ويتم إتخاذ قرارات من جامعة الدول العربية دون اعتراض من مصر تكون من نتيجته استحضار القوات الاجنبية بما فيها حلف شمال الأطلسي، إلى أرض العرب فتخسر مصر ويخسر الفلسطينيون ويدفعا الثمن معا بالدرجة الأولى.وهذا ما حصل في العراق وليبيا وسوريا.فحدود الأمن القومي المصري يمتد إلى بلاد الشام ومن ضمنها فلسطين.
6- لم تكن تجرؤ أي دولة على منازلة الفلسطينيين ومحاربتهم بهذه الطريقة الوحشية عندما تكون علاقة فلسطين قوية مع مصر.لقد استفاد أعداء الشعب الفلسطيني دائما من توتر العلاقة بين فلسطين ومصر وشنوا عدوانهم على المقاومة الفلسطينية في لبنان وغيره .وقد برز هذا وظهر بشكل واضح للعيان بالإنكفاء التدريجي لمصر داخل حدودها بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.
ما كنا نتوقعه من مصر
ما فعله تنظيم الإخوان المسلمين والمنظمات المرتبطة بهم في مصر خطير جدا ولا يمكن السكوت عليه. فحق مصر في الدفاع عن قوميتها وعروبتها وأمنها الداخلي غير خاضع للنقاش أوالمساومة ، من هنا وقف شعب فلسطين والعديد من الشعوب العربية إلى جانب إجراءات مصر التي إتخذتها ضد الإخوان المسلمين. لكن مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كنا نتوقع من مصر الكبيرة أن تفرق بين شعب فلسطين والإخوان المسلمين ،وأن تُغلب التناقضات الرئيسة مع إسرائيل على الثانوية والصغيرة مع حماس في غزة .كما كنا نتوقع من قائد مصر عبد الفتاح السيسي أن يعقد مؤتمرا صحفيا يتحدث فيه عن مخاطر استمرار العدوان الهمجي على الأمن القومي المصري وكنا نتوقع أيضا من مصر الكبيرة أن تبادر فور وقوع العدوان الإسرائيلي إلى فتح معبر رفح بشكل كامل وتسهيل وصول المساعدات بكل اشكالها وفي مقدمتها العسكرية.
وكنا نتأمل أن تبادر مصر لإتخاذ موقف صلب وقوي ضد الاعتداءات الإسرائيلية وان تعلن بوضوح رفضها لمواصلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وشعب فلسطين ككل.وكنا نتوقع من مصر الكبيرة أن لا تسمح لبعض المحطات المأجورة والاقلام المسمومة ان يصل بها حد الوقاحة لأن تقول لنتنياهو شكرا !!!!على جرائمه بحق شعب فلسطين. وكنا نتوقع من مصر أن تدعو لعقد إجتماع طارئ للقمة العربية كما فعل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1970 لإتخاذ موقف يتوافق مع الجريمة الكبرى الإسرائيلية. وكنا نتوقع من مصر ان تسحب سفيرها من تل ابيب وتطلب من السفير الإسرائيلي مغادرة أرض قاهرة المعز. كما كنا نتوقع من مصر ان ترسل الطواقم الطبية لمعالجة جرحى العدوان.
وان تبادر بتقديم طلب رسمي لمجلس الأمن الدولي لإتخاذ قرار واضح بإدانة العدوان الإسرائيلي وان تستثمر تأثيرها لصالح شعب فلسطين ومقاومته الباسلة وان تذهب نيابة عن الفلسطينيين لتقديم لوائح اتهام بحق قتلة اطفال فلسطين ونسائها وان تقدم الدعم السياسي والمعنوي للمقاومة الفلسطينية.
كنا نتوقع من مصر أن تتفهم بأن صمود المقاومة هو انتصار تحققه ضد إسرائيل وهو بنفس الوقت انتصار لمصر والعرب وليس لحماس والإخوان.وكنا نتوقع من مصر ان لا تسمح لإسرائيل باستباحة الأرض العربية والفلسطينية كما تفعل حاليا .
مصر كبيرة وعليها أن تتصرف إنطلاقا من ذلك .عتابنا على مصر يأتي على قاعدة محبتنا واحترامنا لها ونتطلع ان لا يصاحب أو يرافق المواقف المصرية اية حساسية لكون حماس تستبسل في رد العدوان عن غزة .فالنصر الذي سيتحقق هو لفلسطين ولمصر والعرب. إن كسر شوكة الاحتلال الإسرائيلي هو الهدف والمؤشر الحقيقي للبوصلة الوطنية المصرية تمهيدا لاستعادة دورها في المنطقة ككل وليس في فلسطين فحسب. وهذا ما كنا وما زلنا نتوقعه من مصر الكبيرة.
إسرائيل خسرت عسكريا وسياسيا ... والتهدئة قريبة
ابراهيم دعيبس-ج.القدس
اسرائيل تريد احتلال الضفة واقامة المستوطنات وتهويد القدس ومحاصرة غزة وان تكون قوة عسكرية هائلة لا يقترب احد منها ولا يهددها باي شكل .. واي شيء يخالف ذلك يعتبر «عدوانا» لا يمكن السكوت عليه.
ان يعطلوا المفاوضات ويقتلوا احتمالات السلام ويحاصروا السلطة في زاوية ضيقة صغيرة ليس مشكلة ولا تهديدا للسلام ولا اعاقة للاستقرار في المنطقة. اما ان تتزود حماس وغيرها بالصواريخ وتحفر الانفاق فهذا جريمة حرب لا يمكن السكوت عليها. ان يتعمق الانقسام فهذا مطلوب وايجابي اما تحقيق المصالحة الوطنية برئاسة المفاوضين والمسالمين فهذا عمل غير مقبول ويجب القضاء عليه.
خطف ثلاثة مستوطنين وقتلهم جريمة الجرائم اما خطف الطفل محمد ابو خضير وحرقه حيا فهذه حادثة خاصة قام بها اشخاص متخلفون نفسيا وتجري محاكمتهم بدون هدم منازلهم او اعتقال اقاربهم كما فعلوا معنا.
وخطف او أسر جندي امر لا يطاق ويستدعي تدخل اوباما والمجتمع الدولي. اما قتل مئات الاشخاص غالبيتهم من الاطفال والمدنيين يومياً فهذا ليس جريمة ولا مشكلة...وهدم مئات المباني والعمارات وتشريد مئات الالاف للمرة العشرين وتحول غزة الى منطقة منكوبة...امر عادي.
وبدأت اسرائيل عدوانها ضد غزة واعتمدت استراتيجيتها المعروفة وهي الضرب والتدمير بقوة وشراسة لخلق نوع من الرعب في النفوس ورفع الرايات البيضاء، لكنها فوجئت بالعكس تماما، فلقد سار العدوان في اتجاهين الاول ضد المواطنين الابرياء والثاني ضد رجال المقاومة، وبدون شك فان الحرب ضد المقاومة كانت خسارة كبرى لاسرائيل من حيث الاختراقات المتكررة والمواجهات المفاجئة وايقاع خسائر عسكرية كثيرة بين افراد الجيش الاسرائيلي وكذلك اسر جندي واحد كما تؤكد المقاومة او اثنين كما تقول اسرائيل بالاضافة الى القصف الصاروخي على عدد من المدن. وقد ادى طول فترة العدوان الى خسائر اقتصادية كبيرة في اسرائيل.
اسرائيل فقدت اعصابها ووجدت نفسها في مأزق لا تجد له مخرجا، حسب تقديرها، الا بضرب القطاعات المدنية في القطاع، وبدأت ذلك فعلا. لم تترك مدرسة ولا مستشفى ولا مسجدا ولا عمارة ولا حيا ولا سيارة اسعاف ولا صحافيا ولا محطة كهرباء .. وتساقط الضحايا من الاطفال والمدنيين في الشوارع وتحت الانقاض او داخل المدارس او شاطىء البحر...وكانت صور تدمي القلوب وتدمع العيون. حتى ان ممثل وكالة الغوث بكى امام الكاميرات ومباشرة ولم يتمالك كثيرون انفسهم من البكاء في حالات كثيرة..لقد كان القصف عشوائياً وجنونياً.
انه المنطق المقلوب وعالم المصالح العائب...وانه عجز العالم العربي الذي فقد الارادة ورهن حكامه انفسهم للحفاظ على مصالحهم حتى اننا نجد مواقف في اميركا اللاتينية اكثر حسماً وتضامناً من دول عربية كثيرة، وتظاهرات في دول غربية اكبر مما يجري في مدن عربية. صحيح ان عدة دول عربية فيها انقسامات وحروب داخلية ولكن ماذا عن الدول العربية الاخرى المستقرة نسبياً حيث لا نرى ردود فعل جادة ولا مواقف حاسمة واضحة.
اسرائيل في ورطة من جميع النواحي. هي لم تستطع حسم المعركة عسكرياً ولا وقف اطلاق الصواريخ ومفاجئات المقاومة عبر الانفاق وغيرها...ولا تبدو قادرة على ذلك، وحكاية الانفاق صارت قصة ممجوجة لانها انفاق كثيرة ومن بناها يستطيع بناء غيرها لاحقاً ما دامت تتوفر لديه الارادة.
وعلى المستوى غير العسكري خسرت اسرائيل خسارة اخلاقية وانسانية فادحة واثارت ضدها تظاهرات في كل انحاء العالم حتى من بين اصدقائها ومؤيديها وصار كثيرون يشبهون جرائمها ضد الابرياء وبالشكل العام الذي تجري به بأعمال النازية..وتعالت الاصوات في منظمات حقوق الانسان رسمياً وعلناً ضد اسرائيل وسياساتها الاجرامية هذه، وتكوّن رأي عام دولي واسع ضدها وضد ممارساتها.
لهذه الأسباب فمن المرجح التوصل الى اتفاق تهدئة خلال الايام القليلة القادمة وان الوفد الفلسطيني الموحد الى القاهرة قد لا يعود الا بالتوصل الى التهدئة المنشودة وقد تراكمت الضغوط على كل الاطراف لوقف هذه المذابح وهذه الزلازل الانسانية والاخلاقية التي تجري منذ نحو شهر في القطاع الصامد والمنكوب بلا ماء ولا غذاء ولا دواء ولا كهرباء ولا أمن ولا أمان ولا حاضر ولا مستقبل.
اسرائيل في ورطة من جميع النواحي. هي لم تستطع حسم المعركة عسكرياً ولا وقف اطلاق الصواريخ ومفاجئات المقاومة عبر الانفاق وغيرها... وعلى المستوى غير العسكري خسرت اسرائيل خسارة اخلاقية وانسانية فادحة واثارت ضدها تظاهرات في كل انحاء العالم حتى من بين اصدقائها ومؤيديها، وتكوّن رأي عام دولي واسع ضدها وضد ممارساتها.
نهاية الحرب من جانب واحد.. وبداية الحرب على نتنياهو!!
هاني حبيب-ج.الأيام
لا يعرف رئيس الحكومة الإسرائيلية كيف يبرر إخفاقاته ومجازفاته ومغامراته، حتى أنه وفي آخر إبداعاته فاجأ الجميع بالاتصال بالسفير الأميركي في تل أبيب، محمّلاً إدارة اوباما سبب هذا الفشل وهذا الإخفاق، سياسياً وأمنياً، نقول إنه فاجأ الجميع، لأن هذا الاتصال بعد أن فاجأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري الجميع، عندما حمل حركة حماس مسؤولية خرق اتفاق التهدئة الإنسانية فجر الجمعة الماضي، متبنياً تماماً الموقف الإسرائيلي بهذا الصدد، وبعد خطاب الرئيس الأميركي اوباما، والذي جاء في نفس السياق بالتأكيد على الدعم الأميركي المتجدد لإسرائيل محملاً المقاومة الفلسطينية مسؤولية خرق الهدنة.
نتنياهو يريد أن يلقي تبعة أخطاء سياساته أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لأي "آخر" تهرباً من تلمس الأسباب الحقيقية وراء فشله ومجازفاته، فهو يعلم ـ أو بات يعلم في الواقع ـ أن هذا الفشل يعود بدرجة أساسية إلى سياساته المغرورة والمتغولة، سواء لجهة التوسع الاستيطاني أو وضع العقبات أمام الجهود الأميركية للتوصل إلى تسوية سياسية من شأنها أن تفتح المجال أمام قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، هذه السياسة التي لم تترك مجالاً أمام المقاومة الفلسطينية إلاّ العمل على الاخلال بالتوازن في ميزان القوى على الصعيد العسكري، فاتحة المجال أمام إبداع فلسطيني مفاجئ لكثيرين، بمن فيهم الفلسطينيون أنفسهم، الأمر الذي أربك كافة أدوات الدمار الشامل الإسرائيلي في تحقيق الأهداف التي أعلنتها إسرائيل عندما بدأت هذه الحرب، ظناً منها، أن تجربة الحربين السابقتين عامي 2008 و2012 ستتكرر في الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، المفاجأة التي أربكت نتنياهو وأطقمه السياسية والأمنية إلى درجة زرعت الفوضى في صفوف قوات الاحتلال، وكذلك المجلس السياسي والأمني المصغر ـ الكابينيت ـ الذي ظل منعقداً طوال قرابة شهر من دون أن يستقيم إلى موقف محدد خاصة في الأسبوعين الأخيرين، ولعلّ انجرار نتنياهو وراء ضغوط مناوئيه في اطار حكومته وحزبه، إلى الحرب البرية، هو الدليل الأوضح على فشل تعاطي الكابينيت مع المفاجآت الفلسطينية، ظناً منه من أن القدرة الهائلة للتدمير والقتل لدى الجيش الأكبر في المنطقة كافية لتحقيق الأهداف المطلوبة من هذه الحرب.
في العلن، لا يبحث نتنياهو عن أسباب فشله إلاّ خارج اطاره الداخلي، لكن ووفقاً لما تسرب لوسائل الإعلام الإسرائيلية، ان معظم الوقت الذي أمضاه الكابينيت في الاجتماعات كان ينصب على توجيه الاتهامات المتبادلة، وهو ما أدى إلى صعوبة اتخاذ قرارات ناضجة وموحدة، رغم أن استطلاعات الرأي في إسرائيل كانت تشير إلى أن الجمهور الإسرائيلي يدعم توجه الجيش الإسرائيلي لمواصلة الحرب وحتى إعادة احتلال قطاع غزة، هذا الجمهور المتوحش والمتحمس للحرب، لا يدرك أن جيشه لم يعد قادراً على احتلال الشريط الحدودي، قشرة قطاع غزة وغلافه الأرضي، والبقاء فيه بعد كل الخسائر التي تكبدها نتيجة للمواجهات المباشرة مع قوى المقاومة. عادة ما تتخذ القرارات في إسرائيل على ضوء استطلاعات الرأي، كموقف شعبوي واضح له علاقة دائمة بالانتخابات لكن هذه المرة، لم يكن بوسع أحد، أخذ هذه الشعبوية بعين الاعتبار، يعود ذلك أساساً إلى أن أحداً لا يستطيع تحمل النتائج التي باتت أكثر وضوحاً لاستمرار الحرب أو توسيعها أو إعادة احتلال قطاع غزة، إذ ان ميزان القوى على الأرض لا يسمح بمثل هذه المغامرة على الإطلاق.
ولا شك أن هناك خيارات عديدة أمام نتنياهو، غير أن أياً من هذه الخيارات لن تؤدي إلى إنقاذه من السقوط، مستقبله السياسي بات على المحك، ليس فقط فقدانه ثقة حزب الليكود برئاسته، ولا سقوطه في انتخابات قادمة، بل ان استمرار نتنياهو في العمل السياسي، بات أمراً مشكوكاً فيه، بصرف النظر عن الكيفية التي ستنتهي بها الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة.
أميركا لم تخذل إسرائيل ونتنياهو، اليمين الإسرائيلي المتطرف، الليبرالي منه بقيادة ليبرمان، أو الديني بقيادة وزير الاقتصاد بينيت، إضافة إلى قيادات بارزة في حزب الليكود المتطلعة إلى منصب نتنياهو، كل هؤلاء خذلوا نتنياهو، الذي بدوره لم يتمكن من صد الهجمات عليه، بل انجرف تحت ضغط هؤلاء ليقامر بجيشه وبسمعته وأخلاقيات جيشه المزعومة.
أخطر ما جرى في هذه الحرب، على المستوى الإسرائيلي، لم يحدث بعد، علينا الانتظار حتى نهاية هذه الحرب على قطاع غزة، لكي نشهد حرباً داخلية ضروسا في عمق الخريطة السياسية والأمنية والحزبية في إسرائيل، إطالة أمد الحرب على غزة، تؤخر الحرب الإسرائيلية المعلنة بعض الوقت.. ولكن إلى متى؟!
أتذكرون مقولة "دعوا الجيش ينتصر"؟ ...!
أكرم عطا الله- ج.الأيام
في ساعة متأخرة من ليلة السبت كان أحد مذيعي القناة الثانية في الإذاعة الإسرائيلية يتحدث بكلمات إنشائية لم أسمعها سابقا في وسائل الإعلام الإسرائيلية كان يقول: "أمتنا متماسكة .. إن الصواريخ لن تهزمنا ولن تجعل الأمة اليهودية تغادر وطنها .. إننا باقون"، ونادرا ما يستعمل مصطلح الأمة في وسائل الإعلام بالإشارة إلى وصف اليهود أو الإسرائيليين ولكن هذه المرة الأمر مختلف فإسرائيل تبدو كأنها فقدت ثقتها بنفسها ولم أشهدها تهتز سابقا كما الآن.
"إذا لم نستطع استعمال جيشنا الآن، متى سنستعمله" ؟ هكذا كان يسأل رئيس بلدية إسدروت السابق القريبة من قطاع غزة وهو يرى أقدام جيشه تتكسر على مداخل غزة ويحصي أرقام القتلى والجرحى من القوات البرية التي حاولت عبثا التقدم، ويحصي أيضا عدد القوات التي تجندت للهجوم على القطاع الصغير والذي تبلغ مسافة ضلعيه المشتركين مع إسرائيل خمسين كيلو مترا وبلغ تعدادها 86 ألف جندي أي أكثر من ألف وخمسمائة جندي لكل ألف متر، ومع ذلك لم يتوقف النيل من هذه القوات فلا يمر يوم إلا وتعلن وسائل الإعلام الإسرائيلية عن جنازات القتلى وأسماء المقابر.
لم ينتصر جيش إسرائيل المدجج ..لم يعد حاملا أكاليل الغار ولن تلقى عليه عجائز إسرائيل الملح والياسمين بل ستبكي تلك العجائز طويلا على أحفادهن الذين يعودون في توابيت من أرض المعركة، وأن هذه المعركة لن ترمز أيا من جنرالات إسرائيل الذين اعتدنا على تسميتهم باسم معارك سابقة كأبطال حكموا إسرائيل انتهى ذلك الزمن فلا أوسمة في هذه الحرب ولا أبطال للجيش.
يبدو أن إسرائيل تصر على أن تتوقف عند زمن كانت تختطف فيه النصر في الساعات والأيام الأولى وتتلو بيان القوة في أرض الآخر حيث طوتها الدبابات، قصفت غزة بكل الأسلحة هدمت البيوت على رؤوس ساكنيها ودمرتها حيث تبدو المناطق الشرقية فيها كآثار قديمة تشبه ما تبقى من الحرب العالمية الثانية ولكن غزة بقيت صامدة وصادمة للعقل اليهودي المغرور، وكما قال أرنست همنغواي: "تستطيع أن تحطم الإنسان ولكنك لا تستطيع أن تهزمه" هكذا كان... إسرائيل حطمت غزة ولكنها لم تستطع هزيمتها.
إسرائيل تريد من غزة أن تخرج منها وقد انسحبت حتى تتخلص من منطقة أصابتها بصداع مزمن وفي القلب، تمنى رابين أن يصحو من نومه فيجد أن البحر ابتلعها ثم سلمها للسلطة حتى تنشغل بها، وشارون صاحب نظرية التوسع هو من قام بسحب جيشه بعد أن اعتبر أن نتساريم مثل تل أبيب ولدهشة المشهد هذه المرة فان المقاومة هي من اعتبر أن نتساريم مثل تل أبيب، أرادوا أن يفصلوا غزة عن المشروع الوطني أن تخرج غزة نهائيا من دائرة الصراع فإذا بغزة تعود في قلب عاصمتهم وتأبى كعادتها إلا أن تكون رافعة المشروع ودفيئته الحية ومنتجة بطولاته وسيدة معاركه.
التاريخ يسير للأمام في حركة وحيدة وباتجاه واحد، أعطت ما يكفي من الدروس لأن تفهم دولة الجنون أن حركة التاريخ معاكسة لها، كان يمكن أن تفهم حين كسرت قدم أول جندي حاول الدخول لقرية عيتا الشعب ومارون الراس في الجنوب اللبناني قبل ثماني سنوات، كان يجب أن تفهم أن أسطورة الجيش الذي لا يقهر ديست أمام مجموعة صغيرة من المقاتلين، كان يجب أن تفهم أن قوة المقهور أكبر كثيرا من قوة المحتل وها هو الدرس يتكرر على بوابات غزة ورمالها التي تعيد دفن الأسطورة من جديد هل تفهم ؟
هذا الاهتزاز والعصبية والصخب الذي نسمعه من المعلقين والمحللين في إسرائيل هو انعكاس لفشل مركب لدولة إسرائيل ولجيشها الذي نزلت به المقاومة من غرور القوة إلى دهشة الميدان من قتل وأسر لجنودها وهم يحاولون جاهدين تنفيذ نظرية كي الوعي الفلسطيني لتكون النتيجة معاكسة في حدث يجب أن يكوي الوعي الإسرائيلي المتخم بنظريات سابقة عن القوة والمجد والنياشين، وظني أن نبرة الصوت فيما يصدر عن المتحدثين والمعلقين والمراسلين والمسؤولين تشي بارتداد المسألة وكي الوعي في إسرائيل.
فقد فشلت إسرائيل في مسألتين ظهرتا بشكل واضح في حروبها الأخيرة يجب أن يستوقفا العقل الذي تحدث عنه موشي يعالون قبل بداية المعركة، فقد فشلت إسرائيل في الدفاع وفشلت في الهجوم، الدفاع عن المدن والبلدات التي بدت مكشوفة أمام ضربات المقاومة الفلسطينية بكامل أذرعها وهي تقود معركتها بثقة كاملة وإصرار على كسر أنف الإسرائيلي وقد نجحت، وفشلت في الهجوم عندما قررت بعد أن ترددت طويلا في الاجتياح البري وحين قررت اكتشفت أن المسألة ليست نزهة برية بل حفلات من الجنازات والمشيعين والبكاء والعويل، صحيح أن إسرائيل ضربت غزة، أرادت أن تسحقها أن تمحوها عن الوجود، أبادت أحياء كاملة، صحيح أن كثيرا من الثكالى واليتامى والدم والدموع في غزة ولكن إسرائيل هذه المرة تعيش الحالة، لم تعد غزة تتلقى الضربات وحدها فهي تضرب وتضرب في العقل والقلب والخاصرة، تضرب في كل المدن ولكن الضربة الأكبر لقوة الردع التي كانت وسيلة البقاء الأبرز منذ نشأة الدولة، قوة الردع التي تعني أن أعداء إسرائيل كانوا يخافون من التحرش فيها بمجرد التفكير في قوتها، أي نوعا من كي الوعي، لم تعد قوى صغيرة بالحسابات العسكرية تخاف من إسرائيل.
قال صديقي من خارج غزة أن وعيا عربيا يعاد تشكيله بعد هذه المعركة، فقد انكشفت إسرائيل، واكتشف العرب أن إسرائيل أضعف كثيرا من الصورة المرسومة، وأن جيشها العائد بالتوابيت أضعف مما كان يعتقد.
ماذا يعني ذلك على المدى البعيد ؟ سؤال لن يضيء الأضواء الحمر في تل أبيب الآن لكن ربما في معركة قادمة على حدود الشمال، فالسؤال المطروح الآن بقوة إذا كانت غزة الفقيرة والبسيطة حفرت كل هذه الأنفاق، أين وصلت أنفاق حزب الله التي بدأها منذ ثماني سنوات ؟ يرد أحد المحللين مواسيا نفسه: التربة في الشمال مختلفة عنها على حدود غزة ويتلقى إجابة بأن القوة هناك والعتاد الإيراني مختلف .. على إسرائيل أن تدرك أن الزمن تغير وأن ليس أمامها سوى الحل على الطاولة فقد غادرنا الزمن الذي كان فيه الجيش ينتصر .. أتذكرون المقولة التي راجت ذات مرة في إسرائيل "دعوا الجيش ينتصر" ؟
رسالة مفتوحة إلى كي مون: ماذا أنت فاعل لغزة..؟
ريما كتانة نزال -ج.الأيام
حضرة السيد "بان كي مون" المحترم
لا أعرف الصورة التي تكون قد تشكلت في ذهنك عن المرأة الفلسطينية، لكنني أجزم، أنه ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها مع بعض الرتوش الرئيسية، تفاصيل وخصوصيات الجغرافيا والتاريخ. وربما لديك أحكام عليها، تتأسس على الصورة القصدية التي يجهد الاحتلال في صنعها، صورة لامرأة جامدة القلب تزغرد في جنازة ابنها، أو ربما تذكرك في الأرقام الصماء، أو الموازنات والمخصصات المادية، الخيام والمعلَّبات والطحين.
لقد أصبح لدينا شكوك حول معرفتكم بتفاصيل الحرب على غزة. وبأن صور الشاشة لديك، ملتبسة ومهزوزة، وبأن الأخبار التي تطالعها زائفة وغير حقيقية وعن مكان آخر من الأرض.. فبماذا يمكننا تفسير إدانتكم المتسرعة للفلسطينيين الذين ينتظرون وقف المحرقة، بينما يراوغ الاحتلال على المصطلحات مستمرا في إشعال الحرائق، وما الذي يمكن أن يساق لتفسير الاحجام، سوى التغطية على عمليات الانتقام من الشعب الفلسطيني في إطار حرب الإبادة الهمجية لغزة وأهلها.
نتساءل عن اطلاعكم على التقرير الصادر عن وكالة غوث اللاجئين، والذي يتوصل إلى أن قطاع غزة سيصبح منطقة لا تصلح للحياة في العام 2020.. فكيف برأيكم ما سيكون عليه الحال مع متوالية الحروب الشيطانية، التي جعلت الأحياء في حكم الأموات.. وما هي توقعاتكم عن الحياة في غزة بعد ارتكاب سبع وسبعين مجزرة راحت ضحيتها عائلات كاملة، منهم مائتان وخمسون امرأة وأكثر من خمسمائة طفل، وماذا سيصبح عليه الحال مع تحول ثلاجات الخضار إلى ثلاجات لحفظ الموتى، وفي ظل استهداف وقصف القبور ومحطات الكهرباء المياه ..
نتساءل إن كنت تعرف بأن الطفلة الخداج "شيماء"، قد لحقت بأمها "شيماء" التي خصها الاحتلال بصاروخ كامل.. وهل أبلغك أحد مستشاريك بأن الطفلة "أمل" البالغ وزنها خمسة كيلوغرامات، قد قتلها صاروخ يزن طنا واحدا فقط.. هل تعلم أنها لم تشعر بشيء سوى أنها حلّقت نحو السماء، فالصاروخ الرحيم كان كفؤا في تعطيل مراكز الشعور إلى الصفر، وهل أُبلغت عن الولادات في مراكز الإيواء وفي الشوارع وتحت الشجر..
وهل تحدث أحدهم معك عن المجازر وعن عدد العائلات التي تم محوها، وهل تعلم أن عدد المجازر المرتكبة قد بلغ سبعا وسبعين مجزرة أبادت عائلات كاملة وشطبتها من سجلات السكان، وغزة لا يمكنها أن تملأ رئتيها بالهواء كما تشاء، ولا يتسع شريطها الضيق أن تتثاءب براحة كثافتها السكانية.
ألا تتساءل عن الهستيريا التي أصابت الاحتلال وانفلات سلاحهم، إن أردت ذلك، فلا بد لك من البحث في عنصريتهم المجسدة في ممارساتهم وتصريحات قياداتهم ونخبهم التي تدعو، سراً وعلانية، إلى قتل واغتصاب النساء الفلسطينيات..!
ماذا أنت فاعل للمرأة الفلسطينية في غزة، ماذا انت فاعل اتجاه الروتين الاحتلالي المتكرر كل لحظة، وماذا انت فاعل للجيش الذي يقصف في كل يوم ذات الأماكن، البيوت والمدارس والجوامع والمستشفيات. ويعود ليقتل ذات الأهداف، الأطفال والنساء والمدنيين.. يدمر ما دمّر ويضيف، ويقتل ذات العائلات ويضيف، ويدمر ذات المنازل ويضيف، ويخرب ما خرّب ويضيف.
إنها الدماء نفسها التي تفيض دون أن تتوفر المياه لغسلها، والأرواح نفسها التي تغادر ولا يكف عن اللحاق بعظامها في قبورها. ماذا انتم فاعلون، وأنتم ترون أن كل القتل والدمار والدماء تلتقي دائما عند الاحتلال.
حضرة الأمين العام المحترم
خاطبناكم أكثر من مرة بخصوص حالة المرأة تحت الاحتلال، وطلبنا الحماية الدولية للنساء بموجب القرار 1325 الصادر عن الهيئة التي تتولى أمانتها.
نحن نعرف أن القرار لم يصدر من أجل سواد عيوننا. كما أن من صدر القرار لأجلهم، الدول التي شهدت صراعات مسلحة على خلفيات دينية وعرقية وطائفية، بهدف حماية أجساد النساء المستخدمة كإحدى وسائل الثأر والانتقام بين المتحاربين.
وقد وجدت، المرأة الفلسطينية، في القرار، منفذا ووجاهة وإمكانية الاستفادة من نصوصه للمطالبة بالحماية والمساءلة وفقا لنصوصه.
لكن يبدو أننا لا نقع في دائرة القرار ونطاقه الجغرافي والموضوعي، ما دامت ازدواجية المعايير في الهيئة الدولية ومجلس أمنها سياسة متبعة.. وعليه، فإننا نسامحك، حضرة الأمين العام بالقرار، وندعوك إلى وقف العمل به حتى يتم وقف استلاب المؤسسة الدولية والهيمنة على آلياتها والهيمنة على قرارها، لأن لا مكان محتلا آخر على الأرض لتطبيقه، وغزة فضحت غياب التوازن عن تعاملكم مع الشعوب، ولا تملك ترف الانتظار.
نبض الحياة - اهداف إسرائيل المتدحرجة
عمر حلمي الغول-ج.الحياة
المراقب لتطور الموقف الاسرائيلي من الحرب الاجرامية، التي ينفذها جيش الاحتلال ضد محافظات قطاع غزة، يلحظ ان الحكومة الاسرائيلية تعيش حالة إرباك، رغم ان الثابت في رزمة اهدافها السياسية والعسكرية، هو، مواصلة الحرب المسعورة، لا سيما وانها، لم تتمكن من تحقيق أي من اهدافها السياسية او العسكرية المعلنة؛ اضف الى ان خسائرها في الارواح (الضباط والجنود في تصاعد وباعداد لم تكن تتوقعها) والعتاد والخسائر المادية والمالية والمعنوية، فاقت سيناريوهاتها الافتراضية للحرب؛ ومازالت فصائل المقاومة واذرعها العسكرية في الميدان، ولم ترفع راية الاستسلام (بغض النظر عن رأي المرء في اداء وسياسات القائمين عليها)، رغم الخسائر الفادحة في الارواح من الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ ورجال المقاومة (الذين لم يعرف بالضبط عددهم، لأن هناك اعداد من الذين استشهدوا مازالو ا تحت الانقاض) والمنازل والبنى التحتية في المحافظات الجنوبية؛ بالاضافة إلى توقف دورة الحياة الاقتصادية في القطاع بشكل شبه كامل.
حكومة إسرائيل، اعلنت من البداية، انها تريد اولا "ضرب" قوة حركة حماس، التي اعتبرتها المسؤولة عن عملية "خطف" المستوطنين الثلاثة في 12 حزيران الماضي (التي تبين لاحقا انها عملية جنائية). وللتضليل والتلميع في آن، شاءت ان تفصل بين حماس وابناء الشعب الفلسطيني في المحافظات الجنوبية، ومن جهة ثانية ارادت ان تضخم من قوة فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين (حماس)، للايهام بانها تخوض معركة "متكافئة" !؟ ثانيا تخريب المصالحة الوطنية الفلسطينية، ووضعها في تناقض مع التسوية السياسية؛ ثالثا كي الوعي الفلسطيني من خلال رفع تكاليف الحرب الاجرامية في اوساط المدنيين العزل في المنازل والبنى التحتية، التي فاقت كل وصف، لقبول المنطق الاسرائيلي، وايضا لتعميق الهوة بين المواطنين وفصائل المقاومة؛ رابعا ربط الحرب الدائرة مع التحولات الجارية في الاقليم. وهذا من الاهداف غير المعلنة، لكنه جلي وواضح منذ البداية، ويتمثل في اعادة الاعتبار لدور جماعة الاخوان المسلمين، وللدور التركي والقطري على حساب الدور المصري، خامسا سحب البساط من تحت القيادة الشرعية لمنظمة التحرير من خلال توسيع دائرة الحرب، وتعميق الشرخ بينها وبين المواطنين، ولابراز دور حماس على حسابها، ومن ثم المضي في خيار "دولة غزة الكبرى" الواصلة للعريش، من خلال ارغام مصر بقبول ما قبله المخلوع مرسي.
غير ان التطورات في الميدان، لم تسر وفق مشيئة حكومة نتنياهو، ولا حسب ما ارادت تلك القوى الاقليمية ومن يقف خلفهما. فاسرائيل عادت وحصرت اهدافها فقط في: تدمير الانفاق المحاذية للحدود. لكنها حتى الآن لم تتمكن، لذا طلبت من جون كيري ووزراء خارجية اوروبا، مهلة زمنية او هدنة انسانية دون إنسحابها من المواقع المتواجدة فيها داخل القطاع، لتواصل تدمير ما تصل اليه قواتها من انفاق، اي انها رفضت عمليا الهدنة ووقف الحرب، لأن هكذا موقف، سيكون له تداعيات خطرة على الائتلاف الاسرائيلي الحاكم، وسيكون رئيس الحكومة نتنياهو وحزبه الخاسر الاكبر، كما سيهدد الائتلاف الحاكم بالانفراط، وبالتالي يبكر الانتخابات البرلمانية.
إذاً القيادة الاسرائيلية حتى الآن، تعيش حالة من التعثر والارباك السياسي والامني، خاصة وان استطلاعات الرأي الاخيرة تشير إلى ان 86% من الاسرائيليين مع تصعيد نطاق الحرب على قطاع غزة، كما ان حكومة نتنياهو غير قادرة على النزول عن شجرة الاهداف، التي وضعتها. غير انها، من خلال مضاعفة حجم الخسائر في اوساط الفلسطينيين الابرياء وفي المنازل والبنى التحتية قد تجد ما يذر الرماد في عيون المجتمع الاسرائيلي، ويهدئ خواطره العنصرية والفاشية، ويفتح لها الافق للقبول بهدنة كيفما كان، والخروج من اوحال غزة.
سؤال عالماشي - " البورصة " في محكمة الجنايات الدولية
موفق مطر-ج.الحياة
يخطئ كل من يعتقد بقدرته على رفع رصيده السياسي لدى الجماهير الفلسطينية بالخداع، ولي عنق الحقائق، او تحريفها، او اعفاء نفسه من المسؤولية باعتباره " قائدا" او امينا عاما او ممن يعرفهم الجمهور بهذا النوع من المسميات. فالقيادة حكمة وتعقل، وقرارات استراتيجية مدروسة حتى يأتي حصادها وفيرا وناضجا الى بيدر المصالح العليا للشعب الفلسطيني، اما العزف على اعصاب الجماهير في ذروة انفعالاتها، وانفجار غضبها، وإنشاد المواقف، والاستعراض الكلامي والخطاب الحماسي، فانه عمل لا يليق بمستوى تضحيات الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ناهيك عن كونه خروجا فظا على قواعد وأخلاقيات القيادة. فالقائد مثل القاضي لا تحتمل قراراته انفعالا شخصيا ولا رغبات سلطوية، وإنما هي وليدة ايمانه بأن الحق والعدالة يجب ان يتجليا بمضمون وشكل القرار.
يستغل بعض الذين ظنوا أنهم بحصانتهم بعيدون عن المساءلة والملاحقة، حالة الغضب لدى الشعب الفلسطيني من جرائم جيش دولة الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة ويروجون - وهم يعلمون انهم يخدعون عامة الناس - أن الرئيس ابو مازن يرفض التوقيع على اتفاقية روما والانضمام الى محكمة الجنايات الدولية، فيظهرون امام الجماهير بمثابة " الفدائي " المدافع عن دماء الفلسطينيين، فيما اكثرهم لا يعرف عن العمل الفدائي والكفاح المسلح الفلسطيني إلا ما طالعه في الكتب والجرائد !!.
نجحت القيادة والدبلوماسية الفلسطينية قبل ايام بعقد جلسة لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، وصدر قرار بتشكيل لجنة تحقيق في جرائم جيش دولة الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة، ويتيح القرار للجنة برفع نتائج تحقيقاتها الى محكمة الجنايات الدولية، ما يعني أننا نستطيع كفلسطينيين ايصال قادة حكومة وجيش الاحتلال ومجرمي الحرب منهم الى قفص المحكمة الدولية، دون أي انعكاس علينا قد يحدث فيما لو انضمت فلسطين في هذه اللحظة الى اتفاقية روما..
رغم توفر ارادة سياسية فلسطينية تفضي الى الانضمام في نهاية المطاف، بعد دراسة ومناقشة كافة المحاذير، ذلك ان لاتفاقية روما التزامات وحقوق وواجبات، ونظام، ولا بد لفلسطين كدولة عضو في الامم المتحدة من الاستجابة لاستحقاقات العضوية، وهنا يبرز السؤال الأهم:
هل ناقشنا بجدية وهدوء ان واحدا أو اكثر من رعايا دولة فلسطين لن يكون مطلوبا للمحكمة عندما نصبح عضوا متعاقدا؟!
هل حصل الرئيس ابو مازن على موافقة كل الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتي حماس والجهاد الاسلامي قبل اتخاذ مثل هذا القرار؟!
هل أدرك هؤلاء أن تبعات القرار وتداعياته لن تؤثر على قيادات منظمة التحرير وحماس والجهاد وحسب، بل على شرعية حركة التحرر الفلسطينية وأشكال كفاح مسلح مارستها فصائل فلسطينية، وان قرارا متسرعا – رغم قناعتنا وإيماننا بشرعية مقاومة الاحتلال – سيؤدي الى محاكمة مرحلة من تاريخنا الكفاحي قبل تبني خيار المقاومة الشعبية السلمية ؟!.
ان احسنا توقيت اتخاذ القرار والتوافق عليه الى حشر اسرائيل كدولة احتلال في الزاوية، وتجريدها من سمعة الدولة الديمقراطية، لتظهر أمام العالم على حقيقتها كدولة مارست "ارهاب الدولة" والجرائم ضد الانسانية لضمان سيطرتها واستيلائها على ارضنا، وقتلت شعبنا بدافع عنصري.
الحكمة والصدق والعقلانية أهم أسرار القيادة، لا يفقهها ولا يدركها الذين تأخذهم (الأنا) الدنيا والدنيوية الى مربع الاستثمار بالدم الفلسطيني، وكأنه اسهم رابحة للتداول في بورصة السياسة الملعونة!.
علامات على الطريق - غزة تفضح الجميع
يحيى رباح-ج.الحياة
سواء كان "أسر" أو اختطاف الضابط أو الجندي الاسرائيلي في رفح من قبل المقاومة البطلة –ان صحت هذه الرواية من الأساس- تم قبل أو بعد سريان الهدنة الانسانية المقررة في الثامنة من صباح الجمعة، فإن عملية الأسر هي حق مكفول بكل القوانين والأعراف الدولية، وهي عملية مبررة بكل القوانين والتقاليد العسكرية، لأنها عملية أسر تمت وقت الحرب، في الميدان، في ذروة الاشتباك، لضابط أو جندي – لا يهم – في وضعية العدوان الغاشم! كما أنني أريد أن أذكر الجميع بأن الهدنة الانسانية التي اقترحها بان كي مون، وجون كيري، ووافقت عليها والتزمت بها كل الفصائل، جاءت وسط إصرار إسرائيلي عبر عنه نتنياهو نفسه بأن قواته الغازية لقطاع غزة ستبقى مكانها، موجودة على الأرض وتسيطر بالنيران على نصف مساحة قطاع غزة، وأن هذه القوات لن تتوقف حتى خلال تهدئة الثلاثة أيام عن مواصلة التفتيش عن الآنفاق وتدميرها، والتفتيش عن منصات الصواريخ وتدميرها، فهل أسر الضابط أو الجندي حتى لو تم بعد سريان التهدئة يعتبر اختراقاً، بينما قصف البيوت والمساجد والمدارس بدعوى البحث عن الأنفاق هو عمل سلمي وليس اختراقاً للتهدئة؟
العدوان الإسرائيلي الغاشم والظالم والمعربد على قطاع غزة منذ قرابة شهر، والمخطط له بعد إفشال المفاوضات في نهاية نيسان الماضي، والذي استعدت له إسرائيل بميزانية ضخمة، أكبر من خمسة مليارات شيقل إضافية، وتلقت فيه أحدث مبتكرات تكنولوجيا السلاح في مخازن البنتاجون، وحشدت فيه حملة علاقات عامة دولية جعلت الكبار في مجلس الأمن يلومون الضحية ويبررون الجلاء، وجعلت مجلس الأمن الدولي أشبه بفرقة مسرح هزلية، وجعلت الأمم المتحدة عاجزة عن حماية من يلجأون إلى مقراتها! هذه الحرب أثبتت من جديد أن إسرائيل دولة مصنوعة مئة في المئة، لا جذر تاريخي ولا جذر أخلاقي لها، خرافة من صنع الموجة الاستيطانية، لا يمكنها أن تعيش بطريقة طبيعية، وأنها ما دامت موجودة فلن تنتج إلا كل ما هو معادي للانسانية، وما دام احتلالها مستمراً فلن ينتج عنه سوى المجازر وراء المجازر والأكاذيب والإدعاءات والأفتراءات.
العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة هو اعتداء على فلسطين، وعلى عدالة القضية، وعلى وحدة الشعب، وعلى المشروع الوطني، وهذه المفردات التي هي عدالة القضية الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني ليس في غزة والضفة والقدس فقط بل في كل مكان، والمشروع الوطني مشروع الاستقلال والدولة، هو أكبر ألف مرة من اسرائيل، وهذه هي بالضبط صدمة نتنياهو وتحالفه الحكومي، وأن غزة النموذج في الصمود والمقاومة والوحدة يمكن أن تنتشر في المنظومة العربية رغم هزالها الحالي، وفي المنظومة الاسلامية رغم ضعفها الحالي، غزة تراهن على المستقبل وإسرائيل تراهن على الماضي، والماضي المتزلزل الآن، الفاشل والعاجز الآن، يمثله النظام الدولي القائم، النظام أحادي القطبية، الذي تحملت فيه أميركا مسؤولية قيادة العالم، بينما هي محكومة في إدارتها، وفي الكونغرس، وفي دورها في مجلس الأمن، وفي إدارة العلاقات الدولية بالخرافة الصهيونية.
أعرف أني أتحدث من قلب الجرح الغائر، من قلب ساحة الموت والدماء، من تحت الأنقاض حيث جثث الشهداء لا يستطيع أحد حتى الآن احصاءها، وأن أكوام الحطام والدمار تحوي تحت أنقاضها ربما أكثر من الأرقام المعلنة، وتتضاعف الأرقام كثيراً في كل لحظة، ولكن فلسطينياً لدينا ما نحافظ عليه، ولدينا ما نعتز به، ولدينا ما نبني على أساسه، وهو ما لا تملكه إسرائيل، لدينا وحدتنا، هل هناك وحدة أغلى من وحدتنا التي يناصبها العدو العداء علناً، ويخوض هذا العدوان الغاشم لإسقاطها، هل هناك ما هو أثمن من هذه الوحدة؟
و لدينا مشروعنا الوطني، إنهاء الاحتلال، وقيام فلسطين بقيام الدولة الفلسطينية، فحين يكتمل قيام دولة فلسطين، فإن دولتنا ستوكل إليها كل حقوقنا، كل شبر من أرضنا، كل ميراثنا المقدس، كل حقوقنا ما ظهر منها وما بطن، وهذا هو كابوس إسرائيل الذي ذهب زعماؤها الكبار بسببه إلى الكآبة والغيبوبة والموت، ابتداء من أعظمهم بن جوريون، إلى من كان يعتبر نفسه ملكاً لإسرائيل مناحيم بيجن، إلى الرجل الذي بنى شهرته على قتل الأطفال وتدبير المذابح لهم شارون، وآخرهم هذا المقبل من نطفة نازية بنيامين نتنياهو، الذي يعبد نهج هتلر، فيقلد هتلر في كل المحارق التي ارتكبتها يداه.
لدينا ما نحافظ عليه، ولدينا ما نتوحد حوله، ولدينا ما نستشهد من أجله ولدينا ما ننتصر وفاء له، وحدتنا الوطنية، ومشروعنا الوطني، وقدرتنا على المنازلة والابداع والمطاولة والصبر! مع أننا نعلم أن كل ما نتمناه ونسعى إليه ليس سهلاً، لأن هذا العدو قد تكرر انتحار المتسادا التاريخي، وأن حلفاء هذا العدو قد يكشفون عن وجوههم القبيحة بلا تحفظ، وأن الضعفاء المسحوقين في هذه المنطقة قد يحاولون أن يحتشدوا حول أشلاء أطفالنا مثل أبناء آوى والثعالب والذئاب علهم ينهشونها مجاناً، ولكن الوطنية الفلسطينية بلغت سن الرشد، وتجاوزت الطوق، وسوف تنتصر، وحتماً ستنتصر.
لماذا غاب الجنرال؟
منتصر حمدان-وكالة معا
على مدار 26 يوما من ايام الحرب على غزة تنافس الجنرالات العسكريين في الحديث والتحليل والتفحيص والتشخيص والاجتهاد، فلكل وجهة نظره فيما يجري ، لكن الجنرال الحقيقي كان يطل على الفلسطينيين عند الساعة التاسعة طيلة ايام رمضان، والساعة الثامنة من كل مساء بعد ختام الشهر الفضيل.
هذا الجنرال الشعبي الذي أسر جموع الفلسطينيين باسلوبه وطريقة عرضه للمواقف الاسرائيلي من اليسار الى اليمين تجاه الحرب الاجرامية على غزة، بترجمته الرائعة من اللغة العبرية الى العربية وتقديمها كوجبة دسمة من المعلومات اخفقت اغلبية المؤسسات الاعلامية في تقديمها للجمهور الفلسطيني المتعطش لسماع المعلومات بعد ان اثقله السياسيون والمحللون بالاراء المتنوعة والمتعددة والمشتتة في الكثير من الاحيان.
لكن في اوج الانتظار والترقب لما يجري في قطاع غزة من تصريحات المتضاربة بخصوص الانسحاب الاسرائيلي احادي الجانب من المعركة في غزة، غاب الجنرال؟، واستبدلت فقرته بنشرة اخبارية ، دون ان يفقد المشاهدين امل ظهور الجنرال مجددا حتي تنبهت ادارة الفضائية باهمية الاعتذار للمشاهدين عن غياب الجنرال بسبب سفره لدولة مصر الشقيقة برفقة الوفد الفلسطيني، حيث اطل على المشاهدين من القاهرة ليعطي معلومات صحافية حول نيه رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الانسحاب من قطاع غزة ، وهذا ما حدث فعلا في مؤتمر صحفي عقده الاخير .
جنرال الترجمة والكلمة لا يجب عليه التورط في مهام غير مهامه مثله مثل جنرالات الحرب والعسكر حينما يتورطون بادوار السياسية ودهاليسها، نحن بحاجة لوجود جنرال ترجمة للغة العبرية الى العربي لان هذا ملعبه الذي يتقنه فنون ممارستها بابداع وتطور لافت للنظر وحقق اعلى نسب مشاهدة ومتابعة من قبل الجمهور الفلسطيني ان لم يكن على مستوى المنطقة، ما يحتم علينا كمشاهدين منع تورط الجنرال في مهام وادوار غير الترجمة ، ومنعه اية محاولات السياسيين جره لمناصب خارج ملعبه لان نجاحهم في ذلك يلحق خسارة فادحة به وبجمهور واسع من المشاهدين!.
حماية الجنرالات والابداعات واجب وطني لا يقل اهمية عن دعم واسناد جنرالات العسكر في المعارك، وبالتالي لضمان حماية جنرالنا اقترح انشاء وزارة للترجمة ان لم يكن منحه منصب رئيس لاول كلية فلسطينية للترجمة في فلسطين .
برقية مفخخة من رام الله الى غزة
عيسى قراقع-وكالة معا-PNN
وبعد أن انتهت الليالي العشر الأواخر ورحل شهر رمضان شهيدا صائما مغسولا بالدم والفاجعة، ومضى عيد الفطر السعيد ليس سعيدا، لا زالت غزة تجلس فوق دمها وجثث شهدائها وحيدة محاصرة، يتيمة وصابرة، معثرة وممزقة، عطشى وجائعة.
هل رأيتم ما رأيت، هي ليست ليلة القدر ولا تباشير يوم القيامة، الشهداء يتظاهرون في رام الله، خرجوا من التوابيت العديدة، وصلوا حاجز قلنديا العسكري، جاؤوا من القرية والمخيم والمدينة، براق الأغاني الحميمة، القدس تتقدم نحوهم: أرشدوني الى بلدي، خذو بيدي، أرشدوني الى جسدي ومسجدي، من يرد رياح الجحيم عن القيامة والأقصى والصلاة الحزينة؟.
رام الله تخرج بمسيرة ال 48 ألف وتهتف لغزة، الأطفال والنساء، الجرحى والمعاقون، الشباب والعمال والمزارعون والأطباء والمهندسون، الصيادون والمسعفون والطلاب والتجار والباعة، الشيوخ والرهبان والصحفيون والمحَرَرون، المعلمون والأمهات والحوامل والعشائر والفصائل، الأرامل واليتامى والأموات والأحياء، الملح والنار والهواء، الخبز والحب والجمال، الفرق الفنية والكشافة وصهيل الأغاني الشعبية.
من رام الله برقية مفخخة الى غزة: الأصابع تخرج من أكفها، النعناع من الجروح العميقة، الأحلام من كابوسها، الألفاظ من قاموسها، الأعلام والأشجار والأشعار والأفكار، الأسماء والألقاب والأشياء والأديان والشرائع، الناس تخرج للساحات والشوارع فيضا من النور، سدا من الإرادة والروح العنيدة.
برقية مفخخة من رام الله الى الشجاعية وبيت حانون وخزاعة وخانيونس ورفح وجباليا والشاطئ وحي الزيتون، تقول الأن كلامها الأخير لألة الموت ولدبابة الهمج الإسرائيلية: لسنا وسطاء بين دمنا ودمنا، لا فتح معبر يشبعنا، ولا صيد سمك في بحر لم يعد أزرق، يفيض بنا وبأولادنا في قيعانه الدامية.
الخيول تصهل الأن في الشوارع والحارات، وفي الجثث الباقية، الناس ظماى الى فضاء سياسي أعلى، كلما صرخت غزة ونهضت للذبح في الجولة الثانية.
رام الله تعرفهم وتعرف لعبة الموت عندهم، وتعلم أنهم قتلوا السلام والمصور والمفاوض ورجل الإسعاف والبائع الفقير والحقيقة والطفلة النائمة.
رام الله متخمة بالجراح وبالطلقات: راس غزة المقطوع بين يديها، عين أسد قلعها مستوطن في المنارة، حقل تفاح وتوت وقرية وذكريات الحجارة، جدار وسياج وبرج ودم وغاز ورصاص ومقاومة.
لا ترى رام الله موتا في غزة، بل ترى شبق وتوحش غير عادي للحياة، الناس يدفنون موتاهم صباحا ويستعدون للموت في الليلة القادمة.
لا يمر يوم الا وهناك مجزرة، لا يرتاح اللون الأحمر في غزة، يتحول من حزن الى فرح، ومن فرح الى حزن، لهذا يخشى الأعداء من طقسها ومن رملها وطبيعتها المتحولة.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة: لحم الناس، طفلة تضيئ شمعة في كنيسة المهد، تدخل في لوحة البشارة لليسوع وتطير كملاك.
ولد يوزع القهوة في دوار مدينة نابلس صباح العيد، في جيبه حجر ومقلاع وتمرة من هناك.
رام الله ليست العمارات الشاهقة ولا المتنزهات الهادئة، ولا المؤسسات والمطاعم الفارهة، وليست رام الله الوزارات والمسميات والسيارات والحوارات العابثة، ليست الجميلة المطمورة بأموال التنمية ومشاريع تجميل الإحتلال، رام الله غاضبة... لا تراها، لكنها تراك.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة، هي لا تسأل عن أسماء الشهداء، فهم واضحون واضحون، بل تسأل عن أسماء القتلة، ترفض أن يبقى القتيل هو الواضح والمتغير، بينما القاتل هو الغامض والثابت والمتملص من الحساب والعقاب في الدنيا والآخرة.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة: سيكون القصاص، وتكون الأغنية، سنرفع عاليا موتانا شموساً لفجر عيدنا وعيدِك، كلنا سنكون أمام المحكمة الدولية والولاية القضائية العالمية، منا جثثنا ودمنا، صوت الفزع فينا، قيودنا، شهودا من شهودِك.
سيكون القصاص يا غزة، لا تجزعي من المحللين والسياسيين وتفاصيل الأخبار المريبة، لا تجزعي ممن يحمل وطنه في حقيبة، لقد ماتت الهزيمة، وانكسرت قيود الغزاة فوق قيودِك.
الحرب على غزة، حرب على القدس والحلم والتاريخ الوطني الفلسطيني، حرب على كل شريف وحر وجميل في الحياة، حرب على الحرية والعدالة الكونية، ومن حق غزة ان تدافع عن نفسها وتكسر حصارها، وتتقدم بلحمها المر وارادتها، وتسكب دمها وبرتقالها وترد الغزاة.
ومن حق غزة بعد ان احرقوا الارض والسماء من فوقها ، ان تحفر تحتها، وتستبدل شرايينها وامعائها بنسغ نباتها وجذورها، تتنفس عميقا في بطن الارض: رئتان من تراب احمر، قدمان من نخل عتيق، قلب من صخر وبرق وصوان، يدان من القاع الى الأعلى اشجاراً تقاوم الطغاة.
لن ننتظر يا غزة المسيح المنتظر، لا أمريكا ستغيثنا ولا هؤلاء المستسلمين للقدر، هنا عناق دموي وفاتحة للحقيقة، تبتدأ الأن من غزة الخليقة، شرق القمر والبحر من الخليل حتى الناصرة، القبور متشابكة، الأموات يتصافحون من وراء السياج، هدموا المسجد، لكننا نسمع الأذان من محراب الكنيسة.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة، لا نريد من العالم أموالا ولا صناديق اغاثة، الشهداء قد رحلوا ولن يتمتعوا بإعادة البناء أو بشاطئ وميناء، كانت جريمة ابادة، والشهداء لا يرودن سوى ان نواصل الحياة بعدهم موحدين في الموقف والارادة.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة، تصفيق الى غزة وتحية، بلا تأويل ولا تورية سياسية، شهداؤنا الذين قادنا دمهم الى هنا، هم ازهارنا السماوية الباقية هناك، صوت محمود درويش عندما كسر الصمت في كل الجهات
أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف - ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى- ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا
وعلينا ، نحن ، أن نحرس ورد الشهداء
و علينا ، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء
"جنون" نتنياهو وبانكي واوباما... وبعض اعلاميي مصر
جهاد حربPNN-
(1) "جنون" بنيامين نتنياهو
جن جنون رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو على اثر اختفاء الضابط في جيش الاحتلال الاسرائيلي صباح الجمعة لعدة اسباب منها؛ فشله في تحقيق أيا من الاهداف التي رسمها لعدوانه الهمجي على قطاع غزة فلا ضعفت حماس ولا أوقفت الصواريخ، وبزوخ مؤشرات على قرب انتهاء حياته السياسية اثر هذه الحرب. لكن السبب الاهم هو أسر جنديين في قطاع غزة في "معركته" البرية، واسر وقتل ثلاثة مستوطنين في الضفة الغربية، وهي واقعه مؤلمة على أي رئيس حكومة في اسرائيل تتعلق بتوفير الامن الشخصي "لمواطنيه"، وهي أيضا لم تحدث مع أي رئيس حكومة قبله في شهريين متواليين.
(2) "جنون" بانكي دون moon وانحيازه
تصريحات سكرتير هيئة الامم المتحدة، المطالبة بالإفراج عن الجندي الاسرائيلي فورا، تشير بوضوح بفقدانه الرؤية لوظيفته المنصوص عليها في ميثاق هيئة الامم المتحدة من جهة، والكيل بمكيالين في التعامل مع الاسرى الفلسطينيين "مناضلو الحرية" الساعين لتحرر من الاستعمار الاسرائيلي واسر جندي اسرائيلي يرتكب أو يشتبه بأنه يرتكب جرائم حرب من جهة ثانية، وانحيازه الواضح لجانب العدوان على غزة في تصريحات السابقة القاضية "بحق اسرائيل بالدفع عن نفسها" وكأنه يجيز مبدأ جديدا في القانون الدولي يقضي بمنح الاستعمار حق الدفاع عن نفسه.
(3) "جنون" اوباما صاحب جائزة نوبل للسلام
تصريحات رئيس الولايات المتحدة وإدارته وسفيره في تل ابيب المطالبة بالإفراج عن الضابط الاسرائيلي "الاسير" في قطاع غزة لا تشير الى غطرسة القوة التي تتمتع بها الولايات الامريكية المتحدة، ولا الى الانحياز الكامل لإسرائيل بل أيضا الى سقوط اخلاقي لرئيس الولايات الامريكية المتحدة.
كما أن تحميل حماس مسؤولية تخريب الهدنة الانسانية اراد منه رئيس الولايات المتحدة منح الحكومة الاسرائيلية ارتكاب المزيد من المجازر في مدينة رفح ليس فقط باستخدام القوة المفرطة أو غير المتكافئة بل أيضا بالقصف العشوائي على المدينة أي بمعنى أخر منح غطاء لجرائم حرب ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة.
وفي الوقت نفسه ضربة قوية لمن هلل من العرب عند انتخابه باعتباره مُخلصا، ولمن منحه جائزة نوبل للسلام وهو بحق يستحق بجدارة جائزة مشجعي جرائم الحرب في القرن الحادي والعشرين.
(4) "جنون" بعض اعلامي مصر
منذ بداية العدوان على قطاع غزة، اطل على شاشات قنوات تلفزيونية مصرية بعض قادة الرأي من مقدمي برامج وإعلاميين يباركون العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وأهلها في اطار تصفية حسابات ضيقة مع حركة حماس غير مدركين لطبيعة العدوان الاسرائيلي على القطاع من ناحية، وغياب فهم الأولويات بتغليب الصراع الثانوي على الصراع الرئيسي " أي رفع الصراع مع حركة حماس إلى مثابة صراع رئيسي" من ناحية ثانية، ومحاولة القفز عن الأهداف الوطنية والقومية لجمهورية مصر العربية ومحددات السلوك السيادي للجمهورية المصرية باعتباره دولة عريقة صاحبة مؤسسات لها دور محوري في الساحتين الاقليمية والدولية.
هذا الكلام بالتأكيد لا يشمل إلا قلة قلية من اعلاميين ومقدمي برامج فقدوا بصيرتهم في معالجتهم للكثير من القضايا بما فيها القضايا المصرية المحلية. وفي هذا المقال لا بد من كلمة حق وشكر لجموع الصحفيين والإعلاميين المصريين ومقدمي البرامج التلفزية الاخبارية منها وغير الاخبارية وكتاب الرأي الذين تعاملوا بمهنية على المستوى الصحفي، ومسؤولية وطنية، وبشعور قومي عالي مع الحدث في قطاع غزة.
اقــلام وأراء محلي الأحد 03/08/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
إسرائيل والتهدئة بدون التزام تتطلب منا ردا واضحا
حديث القدس
عتابنا لمصر الكبيرة على قاعدة محبتنا لها!!
محمد خضر قرش-ج.القدس
اسرائيل خسرت عسكريا وسياسيا ... والتهدئة قريبة
ابراهيم دعيبس-ج.القدس
نهاية الحرب من جانب واحد.. وبداية الحرب على نتنياهو!!
هاني حبيب-ج.الأيام
أتذكرون مقولة "دعوا الجيش ينتصر"؟ ...!
أكرم عطا الله -ج.الأيام
رسالة مفتوحة إلى كي مون: ماذا أنت فاعل لغزة..؟
ريما كتانة نزال- ج.الأيام
نبض الحياة - اهداف إسرائيل المتدحرجة
عمر حلمي الغول-ج.الحياة
سؤال عالماشي - " البورصة " في محكمة الجنايات الدولية
موفق مطر-ج.الحياة
علامات على الطريق - غزة تفضح الجميع
يحيى رباح-ج.الحياة
لماذا غاب الجنرال؟
منتصر حمدان-وكالة معا
برقية مفخخة من رام الله الى غزة
عيسى قراقع-وكالة معا-PNN
"جنون" نتنياهو وبانكي واوباما... وبعض اعلاميي مصر
جهاد حربPNN-
إسرائيل والتهدئة بدون التزام تتطلب منا ردا واضحا ومحددا !!
حديث القدس
بدأت اسرائيل مساء أمس، بالانسحاب من قطاع غزة وشوهدت دباباتها تغادر، بينما عقد رئيس الوزراء ووزير الدفاع مؤتمرا صحفيا حول الوضع وكان واضحا من كلام نتانياهو انه يريد تهدئة بدون التزام وانسحابا من طرف واحد بدون اتفاق، والاعلان ان المهمة المعلنة وهي تدمير الانفاق قد استكملت وان اسرائيل لم ولن توقف العمليات ضد غزة كلما تطلب الامر ذلك وكلما استدعت ما اسماها بالاحتياجات الامنية القيام بعمليات ومواصلة الهجوم والعدوان على القطاع. ويجيء هذا الموقف بعد ان اعلنت اسرائيل رفضها المشاركة في المفاوضات التي كانت مقترحة في القاهرة بين وفدها ووفد فلسطين، برعاية مصرية لتحقيق وقف لاطلاق النار وبحث المطالب الفلسطينية بعد ذلك وفي مقدمتها رفع الحصار عن القطاع، ويبدو ان هذه الخطوة الاسرائيلية من جانب واحد تستهدف عدم التجاوب مع المتطلبات الفلسطينية هذه، إلا انها تظل خطوة نحو التهدئة وقف العدوان والمجازر وذبح المدنيين والاطفال في غزة.
كما ان نتانياهو في هذه الحالة يلقي الكرة في الملعب الفلسطيني، وخاصة القيادات والمقاومة في غزة التي عليها مواجهة هذا الموقف الاسرائيلي وبحث تداعياته وكيفية الرد عليه، ويشكل وجود ممثلين عن القوى الوطنية والاسلامية في القاهرة المناسبة المثلى لبحث هذا الوضع.
المطلوب اولا، في تقديرنا، وكما تطالب القيادة الفلسطينية وتقترح المبادرة المصرية، هو وقف العدوان ووقف سيل الدماء والمعاناة لابناء شعبنا في القطاع، وهذا يتطلب اعلانا واضحا وموقفا محددا من هذه القضية، اي الالتزام بوقف النار ما التزمت اسرائيل به، حتى لا نبدو وكأننا نحن الذين نبادر الى اشعال النيران ونخرق اتفاقات التهدئة، وهو الامر الذي تسعى اليه اسرائيل دائما لتقول انها قبلت بالتهدئة ونحن رفضنا ويحملنا المجتمع الدولي، بالتالي، المسؤولية ويقدم المبررات لتواصل اسرائيل عدوانها.
النقطة الهامة الثانية تتعلق بالاخوة في مصر لاستكمال المحادثات ولو بصورة ثنائية مع اسرائيل، بهدف تحقيق المطالب الفلسطينية وبصورة خاصة رفع الحصار، كما ان الاخوة في مصر في هذه الحالة، عليهم مراجعة قضية معبر رفح وفتحه بصورة دائمة، ونحن واثقون انهم سيتخذون الخطوة المناسبة بما يتفق مع دور مصر العظيم في دعم الشعب والقضية الوطنية.
ان الموقف الاسرائيلي رغم ميوعته وخبثه السياسي، يشكل تراجعا جديا من جانبهم بعد ان تحدثوا طويلا عن توسع العملية العسكرية وقد تكبدوا خسائر بشرية وسياسية واقتصادية كبيرة، كما انه يشكل مدخلا للتهدئة العامة ووقف العدوان على غزة، وهذا ما نأمل ان يتحقق.
عتابنا لمصر الكبيرة على قاعدة محبتنا لها!!
محمد خضر قرش-ج.القدس
لا توجد دولة عربية تتبوأ أو تستأثر بمكانة خاصة في عقل وضمير وفؤاد كل فلسطيني وعربي كما تتبوأه وتتصدره مصر. واكاد أجزم بأن الاغلبية الساحقة من الفلسطينيين تحب مصر بنفس حبها لفلسطين إن لم يكن أكثر. وقد تكرس هذا الحب والاحترام والتقدير واتسع بشكل ملموس منذ ثورة تموز عام 1952 التي قادها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
ولم تأت هذه المكانة عبثا أو فجاة أو بسبب القوة الناعمة لمصر فهي سبقته بسنوات. لقد ادرك الفلسطينيون مبكرا جدا بأن مصر ليست كأي دولة عربية وانما هي قائدة وقلعة للنضال القومي والعربي وكسند يتكىء عليه ويستعين به كل الوطنيين الساعين للتحرر والتخلص من الاستعمار وهي بحكم موقعها الجغرافي والاستراتيجي مؤهلة ليس فقط لكي تقود وانما لتضع أجندة ورزنامة العمل العربي والبرنامج النضالي وأولوياته.
وهناك نقطة أخرى هامة تخص فلسطين وهي ان الفلسطينيين أدركوا مبكرا بأنه لا يمكن تحرير أرضهم من الاحتلال الاسرائيلي بدون مصر أو مساندتها ودعهما.وحينما أُلحق قطاع غزة بالإدارة المصرية بعد نكبة 1948 لم يشعر الفلسطينيون قط بأنهم محكومين من قبل غرباء على الرغم من عدم وجود برامج للتنمية وفقدان الازدهار والتطور الاقتصادي والذي بقي محدودا ولم يحقق نسبا يعتد بها.
السبب الرئيس كان القناعة التامة بان مصر دون غيرها هي القادرة على المساهمة في تحرير أو استرجاع فلسطين فبدون مصر لا أمل يرتجى. ومقابل هذا لم يُعر الفلسطينيون إهتماما لإدارة الحكم العسكري غير الديمقراطي الذي ساد القطاع وقد أرجعوا ذلك وعللوه بالظروف الصعبة التي تواجه مصر وتأكد ذلك لهم في وقت مبكر جدا بعد نحو 8 سنوات من النكبة حينما وقع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 حيث كان الفلسطينيون يمثلون خط الدفاع الأول عنها.فالأمن القومي المصري مرتبط بقطاع غزة وباستقرار حدودها الشرقية وبالمناسبة ما زال هذا يمثل العقيدة العسكرية المصرية التي تبنى عليها الخطط. فالأخطار الكبيرة كانت دائما تأتي لمصر من الشرق .
وعلى الجانب الاخر من الجزء المتبقي من فلسطين (الضفة الغربية) لم يكن الفلسطينيون على وئام وانسجام تام مع إدارة الحكم الاردني لذا فقد ظلت العلاقة متوترة وعدائية ورافضة طيلة اكثر من عقد ونصف حتى عدوان حزيران عام 1967. ولم يفتر أو يضعف حب وتقدير الفلسطينيين لمصر حتى بعد رحيل جمال عبد الناصر عام 1970 ووثوب السادات ومن بعده مبارك إلى سدة الحكم ،لأنهم انطلقوا من ضرورة التمييز بين مصر الدولة والتاريخ والشخص الحاكم، لذا فقد بقيت علاقة شعب فلسطين بمصر وشعبها قوية ومتينة لم تزعزعها أوتضعف منها سياسات الرئيسين السادات ومبارك.لذا فقد استبشر الفلسطينيون والعرب خيرا برحيلهما وإنهاء حكمهما.
فالسادات أخرج مصر من الصراع بتوقيعه اتفاقية كامب ديفيد والثاني أجهض كل النضالات وجمد حركة النهوض الوطني والقومي العربي وحول مصر إلى دولة مستباحة للصغير والكبير على حد سواء وأضعف تأثيرها وقوتها الإقليمية حتى قوتها الناعمة.لذا لم يكن مستغربا أن يفرح الفلسطينيون لرحيل مبارك وسقوطه كفرح شعب مصر إن لم يكن أكثر.وقبل ان نلج إلى الملاحظات النقدية لمواقف مصر الحالية لا بد ان نبين موقف حركة حماس من مصر، فالموضوعية ضرورية هنا لكونها تمثل الصورة الأخرى لموقف مصر الحالي.
موقف حركة "حماس"
لم يخف الشعب الفلسطيني فرحته ومعه معظم الشعوب العربية بثورة يناير 2011 وخروج نحو 30 مليون مصري في 30 حزيران/ 2013 والتي اعتبرت تفويضا من شعب مصر لمؤسستهم العسكرية الوطنية بعزل الرئيس مرسي وإنهاء حكم الإخوان رسميا في 3 تموز 2013. ولأن شعب فلسطين يحب مصر ويؤمن بدورها القيادي بل والإستراتيجي في المنطقة فإنه يعلم تماما بل ويستوعب ويتفهم ان مصر تمر بفترة انتقالية صعبة وحرجة ودقيقة تتقاطع وتختلط وتتداخل فيها التكتيكات والسياسات والسلوكيات والمواقف بحيث تبدو وكأن مصرلم تحسم امرها بعد وأنها مرتبطة بهذا الدولة (المجموعة) أو تلك.
فالشعب الفلسطيني حاله كحال القوى الثورية والوطنية والديمقراطية المصرية يدرك بأنه من المبكر جدا تصنيف موقع مصر أو الطلب منها في هذا الوقت ان تعلن مواقف معينة ترضي القوى الوطنية في فلسطين والوطن العربي. فالظروف والتطورات الميدانية والإقليمية والدولية متسارعة وتحتاج إلى فترة زمنية لتتمكن مصر خلالها من إعادة توجيه بوصلة اتجاهها وأولوياتها وخاصة وأن اقتصادها منهك وتحتاج إلى أموال ومساعدات مباشرة وغير المباشرة من بعض الدول العربية الخليجية النفطية التي ترتبط بعلاقات وثيقة الصلة بالولايات المتحدة الأميركية (الصديقة الوفية لإسرائيل) والتي طالما قدمت لها الطاعة والولاء بأكثر من ولائها لدينها وعروبتها وقوميتها.
لقد حذر شعب فلسطين وقواه الحية من خطورة إلصاق أو إلحاق نضالاته ومقاومته لصالح حركة الإخوان المسلمين ومن ثم فرزه أو تصنيفه ضمن التحالف أو المحور القطري التركي والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين وخاصة في قطاع غزة بحكم سيطرة حماس على الحكم هناك.
وقد كُتبت مقالات وعقدت ندوات كثيرة تحذر من الإرتماء بإحضان التحالف المشار إليه. نعم لقد أخطات حماس في سرعة وقوفها وتأييدها غير المبرر فلسطينيا ووطنيا إلى جانب الرئيس مرسي والإخوان المسلمين في مصر معتقدة بان حكمهم سيسود ويستمر ل500 عام كما صرح مرسي وغيره من قادة الإخوان للعديد من الشخصيات التي التقته واجتمعت به في العام الأول والأخير له كرئيس لمصر.لقد غاب عن حركة حماس انها تنظيم فلسطيني أُسس وشكل لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي وليس ليكون ضمن منظومة التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. كان عليها أن تدرك مبكرا خطورة ما أقدمت عليه وما فعلته على مستقبل القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. كما كان يتوجب على حماس ان تترك مسافات كبيرة بينها وبين حركة الإخوان المسلمين في مصر باعتبارها حركة مقاومة فلسطينية اولا مما يتوجب ان تبقى بعيدة عن التجاذبات والتحالفات والمحاور السياسية الاقليمية. فلا يحق لحركة حماس أن تربط نضالات الشعب الفلسطيني في القطاع تحديدا مع الإخوان المسلمين ولا أن تزج به في التحالفات والصراعات الإقليمية وخاصة مع الدول الحليفة الدائمة والصديقة المخلصة للولايات المتحدة الأميركية وحلف شمال الأطلسي في المنطقة كتركيا وقطر.
حركة حماس ملزمة وبعد وقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ،أن تصارح الشعب الفلسطيني بما جنته من إنحيازها وإرتمائها في احضان التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ، وعليها ان تقدم كشفا بالمكاسب التي جنتها والمخاطر التي سببتها لفلسطين بقرارها الإنتماء للمحورالقطري التركي ومن ثم عليها ان تقدم كشفا بما جناه شعب فلسطين ومقاومته من هذا التحالف غير الشريف وغير الوطني. فكل الإسلحة والذخائر والصواريخ التي تجمعت والموجودة مع حماس والمقاومة الفلسطينية حاليا في غزة لم يكن مصدرها تركيا ولا قطر ولا التنظيم الدولي للإخوان المسلمين،حتى الأموال كانت بمعظمها من إيران وليس من قطر.
اما تركيا المتباكية والمنتمية لحلف شمال الاطلسي المجرم والمعادي للعروبة والاسلام والتي تدين بالولاء له ولإسرائيل فهي لم تنتظر سريان الوقف الانساني لإطلاق النار الذي بدأ يوم السبت 26/7 حتى أعادت تسيير رحلاتها إلى مطار اللد.كان يجب على حركة حماس أن تبقي كتائب عز الدين القسام كحركة مقاومة وفصيل فدائي بعيدا عن حركة الاخوان المسلمين.لكننا وبالرغم من كل ما سبق، سنقف مع حركة حماس وكتائب عز الدين القسام مادام العدوان الهمجي والوحشي الإسرائيلي على قطاع غزة قائما .هذا هو الموقف الوطني الأصيل الذي تتبناه كل القوى الوطنية والديمقراطية الشريفة، وبعدها سنجلس ونقيَم ماذا حقق أو استفاد شعب فلسطين من التحالف مع المحور القطري التركي والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين والوقوف مع محمد مرسي وتأييد الاعتصام في ميدان رابعة العدوية بحجة دعم ما أطلق عليه الشرعية.
الموقف المصري الحالي
وحتى تكون ملاحظاتنا النقدية لمصر الكبيرة تتميز بالمهنية والموضوعية فإنه من المفيد ان نسرد بعض الأمثلة من المواقف التاريخية غير البعيدة والمماثلة أوالمشابهة إلى حد كبير لعلاقة مصر بفلسطين والعرب ونقارنه بما يجري حاليا.وعلى الجميع ان يدرك بأن العتاب والملاحظات النقدية التي سنأتي عليها ستكون على قدر المحبة فعشمنا بمصر كبير جدا.
1- في وقت مبكر من عام 1970 انتقدت معظم الفصائل الفلسطينية بشدة قيام الزعيم جمال عبد الناصر بقبول مبادرة روجرز، وأصدرت بيانات استنكار وشجب ضد قبوله للمبادره وبعضها كان قاسيا جدا. قام على أثرها عبد الناصر رحمه الله وبالأدق وافق على إتخاذ إجراءات بترحيل عشرات الطلبة الفلسطينيين الذين كانوا يدرسون في الجامعات المصرية معظمهم كان بلباس النوم ورحلوا عبر مطار القاهرة وكان من بينهم طالبات، وقد وضعوا على القائمة السوداء التي تحظر عليهم دخول مصر ومن الطريف ان اغلبيتهم ما زالوا حتى اليوم ممنوعين من دخول مصر مع ان عمر أصغرهم حاليا 67 عاما.
ومن بين هؤلاء طالبة كانت في السنة الرابعة في كلية العلوم جامعة القاهرة عمرها الان شارف على ال70 عاما وتركت العمل السياسي وباتت جدة ولها 15 حفيدا وما زالت ممنوعة من دخول مصر. لكنه أبقى على إذاعة صوت فلسطين بكل طواقمها تبث من القاهرة. ليس هذا فحسب بل ومنع وسائل الإعلام المصرية من تناول الخبر او نشره أو التعليق عليه او حتى مهاجمة الفلسطينيين.
وما أن وقعت الواقعة في 17 ايلول عام 1970 بين الجيش الأردني والفصائل تحرك الزعيم جمال عبد الناصر رحمه الله وطوى الصفحة وسارع لوقف القتال بين الجيش الأردني والفلسطينيين ونجح في ذلك وقال "إن اتخاذ إجراء ضد بعض المنتمين للفصائل شيئ والموقف من المقاومة الفلسطينية التي وجدت لتبقى شيئ مختلف تماما".وقد علمنا فيما بعد بانه كان بحاجة لوقف إطلاق النار أثناء حرب الاستنزاف لتمكينه من بناء حائط الصواريخ الذي كان له مفعول كبير في حرب اكتوبر عام 1973.فلا يمكن ان يقدم على هذا العمل الا الكبار والقادة والزعماء عبر تغليبهم التناقضات الرئيسة على الثانوية والصغيرة وخاصة حينما يكون على الطرف الأخر إسرائيل .
2- لم تكن علاقة مصر مع حزب البعث الحاكم في سوريا في أحسن أحوالها عام 1967،وحينما هددت إسرائيل سوريا نسي الزعيم عبد الناصر الخلافات الثانوية ووقف الى جانب سوريا وكان ما كان.
3- كانت تربط القيادة المصرية بزعامة جمال عبد الناصر علاقات قوية ووثيقة مع جبهة جنوب اليمن المحتل بقيادة عبد القوي مكاوي ولم تكن لها علاقة مع الجبهة القومية التي كانت تنتمي لحركة القوميين العرب والتي اصبحت يسارية فيما بعد .وحينما حسمت الثانية الموقف عسكريا لصالحها وتم طرد الاحتلال البريطاني من جنوب اليمن ،لم يتوان الزعيم جمال عبد الناصر من التعامل مع الجبهة القومية بقيادة قحطان الشعبي في ذلك الوقت ،ولم يشكل ذلك له أي حساسية له. لأن الطرف المقابل كان الاحتلال البريطاني.
4- ورغم عدم تجانسه وتوافقه مع حكام الكويت عام 1962 ،إلا أنه وقف معها حينما هدد عبد الكريم قاسم باحتلالها واعلن استعداده لإرسال الجيش المصري للدفاع عنها.
5- وهناك أمثلة من طبيعة اخرى تعكس انه في الوقت الذي كانت فيه مصر تضعف امام الدول العربية النفطية ويتم إتخاذ قرارات من جامعة الدول العربية دون اعتراض من مصر تكون من نتيجته استحضار القوات الاجنبية بما فيها حلف شمال الأطلسي، إلى أرض العرب فتخسر مصر ويخسر الفلسطينيون ويدفعا الثمن معا بالدرجة الأولى.وهذا ما حصل في العراق وليبيا وسوريا.فحدود الأمن القومي المصري يمتد إلى بلاد الشام ومن ضمنها فلسطين.
6- لم تكن تجرؤ أي دولة على منازلة الفلسطينيين ومحاربتهم بهذه الطريقة الوحشية عندما تكون علاقة فلسطين قوية مع مصر.لقد استفاد أعداء الشعب الفلسطيني دائما من توتر العلاقة بين فلسطين ومصر وشنوا عدوانهم على المقاومة الفلسطينية في لبنان وغيره .وقد برز هذا وظهر بشكل واضح للعيان بالإنكفاء التدريجي لمصر داخل حدودها بعد وفاة الزعيم جمال عبد الناصر.
ما كنا نتوقعه من مصر
ما فعله تنظيم الإخوان المسلمين والمنظمات المرتبطة بهم في مصر خطير جدا ولا يمكن السكوت عليه. فحق مصر في الدفاع عن قوميتها وعروبتها وأمنها الداخلي غير خاضع للنقاش أوالمساومة ، من هنا وقف شعب فلسطين والعديد من الشعوب العربية إلى جانب إجراءات مصر التي إتخذتها ضد الإخوان المسلمين. لكن مع بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة كنا نتوقع من مصر الكبيرة أن تفرق بين شعب فلسطين والإخوان المسلمين ،وأن تُغلب التناقضات الرئيسة مع إسرائيل على الثانوية والصغيرة مع حماس في غزة .كما كنا نتوقع من قائد مصر عبد الفتاح السيسي أن يعقد مؤتمرا صحفيا يتحدث فيه عن مخاطر استمرار العدوان الهمجي على الأمن القومي المصري وكنا نتوقع أيضا من مصر الكبيرة أن تبادر فور وقوع العدوان الإسرائيلي إلى فتح معبر رفح بشكل كامل وتسهيل وصول المساعدات بكل اشكالها وفي مقدمتها العسكرية.
وكنا نتأمل أن تبادر مصر لإتخاذ موقف صلب وقوي ضد الاعتداءات الإسرائيلية وان تعلن بوضوح رفضها لمواصلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وشعب فلسطين ككل.وكنا نتوقع من مصر الكبيرة أن لا تسمح لبعض المحطات المأجورة والاقلام المسمومة ان يصل بها حد الوقاحة لأن تقول لنتنياهو شكرا !!!!على جرائمه بحق شعب فلسطين. وكنا نتوقع من مصر أن تدعو لعقد إجتماع طارئ للقمة العربية كما فعل الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1970 لإتخاذ موقف يتوافق مع الجريمة الكبرى الإسرائيلية. وكنا نتوقع من مصر ان تسحب سفيرها من تل ابيب وتطلب من السفير الإسرائيلي مغادرة أرض قاهرة المعز. كما كنا نتوقع من مصر ان ترسل الطواقم الطبية لمعالجة جرحى العدوان.
وان تبادر بتقديم طلب رسمي لمجلس الأمن الدولي لإتخاذ قرار واضح بإدانة العدوان الإسرائيلي وان تستثمر تأثيرها لصالح شعب فلسطين ومقاومته الباسلة وان تذهب نيابة عن الفلسطينيين لتقديم لوائح اتهام بحق قتلة اطفال فلسطين ونسائها وان تقدم الدعم السياسي والمعنوي للمقاومة الفلسطينية.
كنا نتوقع من مصر أن تتفهم بأن صمود المقاومة هو انتصار تحققه ضد إسرائيل وهو بنفس الوقت انتصار لمصر والعرب وليس لحماس والإخوان.وكنا نتوقع من مصر ان لا تسمح لإسرائيل باستباحة الأرض العربية والفلسطينية كما تفعل حاليا .
مصر كبيرة وعليها أن تتصرف إنطلاقا من ذلك .عتابنا على مصر يأتي على قاعدة محبتنا واحترامنا لها ونتطلع ان لا يصاحب أو يرافق المواقف المصرية اية حساسية لكون حماس تستبسل في رد العدوان عن غزة .فالنصر الذي سيتحقق هو لفلسطين ولمصر والعرب. إن كسر شوكة الاحتلال الإسرائيلي هو الهدف والمؤشر الحقيقي للبوصلة الوطنية المصرية تمهيدا لاستعادة دورها في المنطقة ككل وليس في فلسطين فحسب. وهذا ما كنا وما زلنا نتوقعه من مصر الكبيرة.
إسرائيل خسرت عسكريا وسياسيا ... والتهدئة قريبة
ابراهيم دعيبس-ج.القدس
اسرائيل تريد احتلال الضفة واقامة المستوطنات وتهويد القدس ومحاصرة غزة وان تكون قوة عسكرية هائلة لا يقترب احد منها ولا يهددها باي شكل .. واي شيء يخالف ذلك يعتبر «عدوانا» لا يمكن السكوت عليه.
ان يعطلوا المفاوضات ويقتلوا احتمالات السلام ويحاصروا السلطة في زاوية ضيقة صغيرة ليس مشكلة ولا تهديدا للسلام ولا اعاقة للاستقرار في المنطقة. اما ان تتزود حماس وغيرها بالصواريخ وتحفر الانفاق فهذا جريمة حرب لا يمكن السكوت عليها. ان يتعمق الانقسام فهذا مطلوب وايجابي اما تحقيق المصالحة الوطنية برئاسة المفاوضين والمسالمين فهذا عمل غير مقبول ويجب القضاء عليه.
خطف ثلاثة مستوطنين وقتلهم جريمة الجرائم اما خطف الطفل محمد ابو خضير وحرقه حيا فهذه حادثة خاصة قام بها اشخاص متخلفون نفسيا وتجري محاكمتهم بدون هدم منازلهم او اعتقال اقاربهم كما فعلوا معنا.
وخطف او أسر جندي امر لا يطاق ويستدعي تدخل اوباما والمجتمع الدولي. اما قتل مئات الاشخاص غالبيتهم من الاطفال والمدنيين يومياً فهذا ليس جريمة ولا مشكلة...وهدم مئات المباني والعمارات وتشريد مئات الالاف للمرة العشرين وتحول غزة الى منطقة منكوبة...امر عادي.
وبدأت اسرائيل عدوانها ضد غزة واعتمدت استراتيجيتها المعروفة وهي الضرب والتدمير بقوة وشراسة لخلق نوع من الرعب في النفوس ورفع الرايات البيضاء، لكنها فوجئت بالعكس تماما، فلقد سار العدوان في اتجاهين الاول ضد المواطنين الابرياء والثاني ضد رجال المقاومة، وبدون شك فان الحرب ضد المقاومة كانت خسارة كبرى لاسرائيل من حيث الاختراقات المتكررة والمواجهات المفاجئة وايقاع خسائر عسكرية كثيرة بين افراد الجيش الاسرائيلي وكذلك اسر جندي واحد كما تؤكد المقاومة او اثنين كما تقول اسرائيل بالاضافة الى القصف الصاروخي على عدد من المدن. وقد ادى طول فترة العدوان الى خسائر اقتصادية كبيرة في اسرائيل.
اسرائيل فقدت اعصابها ووجدت نفسها في مأزق لا تجد له مخرجا، حسب تقديرها، الا بضرب القطاعات المدنية في القطاع، وبدأت ذلك فعلا. لم تترك مدرسة ولا مستشفى ولا مسجدا ولا عمارة ولا حيا ولا سيارة اسعاف ولا صحافيا ولا محطة كهرباء .. وتساقط الضحايا من الاطفال والمدنيين في الشوارع وتحت الانقاض او داخل المدارس او شاطىء البحر...وكانت صور تدمي القلوب وتدمع العيون. حتى ان ممثل وكالة الغوث بكى امام الكاميرات ومباشرة ولم يتمالك كثيرون انفسهم من البكاء في حالات كثيرة..لقد كان القصف عشوائياً وجنونياً.
انه المنطق المقلوب وعالم المصالح العائب...وانه عجز العالم العربي الذي فقد الارادة ورهن حكامه انفسهم للحفاظ على مصالحهم حتى اننا نجد مواقف في اميركا اللاتينية اكثر حسماً وتضامناً من دول عربية كثيرة، وتظاهرات في دول غربية اكبر مما يجري في مدن عربية. صحيح ان عدة دول عربية فيها انقسامات وحروب داخلية ولكن ماذا عن الدول العربية الاخرى المستقرة نسبياً حيث لا نرى ردود فعل جادة ولا مواقف حاسمة واضحة.
اسرائيل في ورطة من جميع النواحي. هي لم تستطع حسم المعركة عسكرياً ولا وقف اطلاق الصواريخ ومفاجئات المقاومة عبر الانفاق وغيرها...ولا تبدو قادرة على ذلك، وحكاية الانفاق صارت قصة ممجوجة لانها انفاق كثيرة ومن بناها يستطيع بناء غيرها لاحقاً ما دامت تتوفر لديه الارادة.
وعلى المستوى غير العسكري خسرت اسرائيل خسارة اخلاقية وانسانية فادحة واثارت ضدها تظاهرات في كل انحاء العالم حتى من بين اصدقائها ومؤيديها وصار كثيرون يشبهون جرائمها ضد الابرياء وبالشكل العام الذي تجري به بأعمال النازية..وتعالت الاصوات في منظمات حقوق الانسان رسمياً وعلناً ضد اسرائيل وسياساتها الاجرامية هذه، وتكوّن رأي عام دولي واسع ضدها وضد ممارساتها.
لهذه الأسباب فمن المرجح التوصل الى اتفاق تهدئة خلال الايام القليلة القادمة وان الوفد الفلسطيني الموحد الى القاهرة قد لا يعود الا بالتوصل الى التهدئة المنشودة وقد تراكمت الضغوط على كل الاطراف لوقف هذه المذابح وهذه الزلازل الانسانية والاخلاقية التي تجري منذ نحو شهر في القطاع الصامد والمنكوب بلا ماء ولا غذاء ولا دواء ولا كهرباء ولا أمن ولا أمان ولا حاضر ولا مستقبل.
اسرائيل في ورطة من جميع النواحي. هي لم تستطع حسم المعركة عسكرياً ولا وقف اطلاق الصواريخ ومفاجئات المقاومة عبر الانفاق وغيرها... وعلى المستوى غير العسكري خسرت اسرائيل خسارة اخلاقية وانسانية فادحة واثارت ضدها تظاهرات في كل انحاء العالم حتى من بين اصدقائها ومؤيديها، وتكوّن رأي عام دولي واسع ضدها وضد ممارساتها.
نهاية الحرب من جانب واحد.. وبداية الحرب على نتنياهو!!
هاني حبيب-ج.الأيام
لا يعرف رئيس الحكومة الإسرائيلية كيف يبرر إخفاقاته ومجازفاته ومغامراته، حتى أنه وفي آخر إبداعاته فاجأ الجميع بالاتصال بالسفير الأميركي في تل أبيب، محمّلاً إدارة اوباما سبب هذا الفشل وهذا الإخفاق، سياسياً وأمنياً، نقول إنه فاجأ الجميع، لأن هذا الاتصال بعد أن فاجأ وزير الخارجية الأميركي جون كيري الجميع، عندما حمل حركة حماس مسؤولية خرق اتفاق التهدئة الإنسانية فجر الجمعة الماضي، متبنياً تماماً الموقف الإسرائيلي بهذا الصدد، وبعد خطاب الرئيس الأميركي اوباما، والذي جاء في نفس السياق بالتأكيد على الدعم الأميركي المتجدد لإسرائيل محملاً المقاومة الفلسطينية مسؤولية خرق الهدنة.
نتنياهو يريد أن يلقي تبعة أخطاء سياساته أثناء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لأي "آخر" تهرباً من تلمس الأسباب الحقيقية وراء فشله ومجازفاته، فهو يعلم ـ أو بات يعلم في الواقع ـ أن هذا الفشل يعود بدرجة أساسية إلى سياساته المغرورة والمتغولة، سواء لجهة التوسع الاستيطاني أو وضع العقبات أمام الجهود الأميركية للتوصل إلى تسوية سياسية من شأنها أن تفتح المجال أمام قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، هذه السياسة التي لم تترك مجالاً أمام المقاومة الفلسطينية إلاّ العمل على الاخلال بالتوازن في ميزان القوى على الصعيد العسكري، فاتحة المجال أمام إبداع فلسطيني مفاجئ لكثيرين، بمن فيهم الفلسطينيون أنفسهم، الأمر الذي أربك كافة أدوات الدمار الشامل الإسرائيلي في تحقيق الأهداف التي أعلنتها إسرائيل عندما بدأت هذه الحرب، ظناً منها، أن تجربة الحربين السابقتين عامي 2008 و2012 ستتكرر في الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، المفاجأة التي أربكت نتنياهو وأطقمه السياسية والأمنية إلى درجة زرعت الفوضى في صفوف قوات الاحتلال، وكذلك المجلس السياسي والأمني المصغر ـ الكابينيت ـ الذي ظل منعقداً طوال قرابة شهر من دون أن يستقيم إلى موقف محدد خاصة في الأسبوعين الأخيرين، ولعلّ انجرار نتنياهو وراء ضغوط مناوئيه في اطار حكومته وحزبه، إلى الحرب البرية، هو الدليل الأوضح على فشل تعاطي الكابينيت مع المفاجآت الفلسطينية، ظناً منه من أن القدرة الهائلة للتدمير والقتل لدى الجيش الأكبر في المنطقة كافية لتحقيق الأهداف المطلوبة من هذه الحرب.
في العلن، لا يبحث نتنياهو عن أسباب فشله إلاّ خارج اطاره الداخلي، لكن ووفقاً لما تسرب لوسائل الإعلام الإسرائيلية، ان معظم الوقت الذي أمضاه الكابينيت في الاجتماعات كان ينصب على توجيه الاتهامات المتبادلة، وهو ما أدى إلى صعوبة اتخاذ قرارات ناضجة وموحدة، رغم أن استطلاعات الرأي في إسرائيل كانت تشير إلى أن الجمهور الإسرائيلي يدعم توجه الجيش الإسرائيلي لمواصلة الحرب وحتى إعادة احتلال قطاع غزة، هذا الجمهور المتوحش والمتحمس للحرب، لا يدرك أن جيشه لم يعد قادراً على احتلال الشريط الحدودي، قشرة قطاع غزة وغلافه الأرضي، والبقاء فيه بعد كل الخسائر التي تكبدها نتيجة للمواجهات المباشرة مع قوى المقاومة. عادة ما تتخذ القرارات في إسرائيل على ضوء استطلاعات الرأي، كموقف شعبوي واضح له علاقة دائمة بالانتخابات لكن هذه المرة، لم يكن بوسع أحد، أخذ هذه الشعبوية بعين الاعتبار، يعود ذلك أساساً إلى أن أحداً لا يستطيع تحمل النتائج التي باتت أكثر وضوحاً لاستمرار الحرب أو توسيعها أو إعادة احتلال قطاع غزة، إذ ان ميزان القوى على الأرض لا يسمح بمثل هذه المغامرة على الإطلاق.
ولا شك أن هناك خيارات عديدة أمام نتنياهو، غير أن أياً من هذه الخيارات لن تؤدي إلى إنقاذه من السقوط، مستقبله السياسي بات على المحك، ليس فقط فقدانه ثقة حزب الليكود برئاسته، ولا سقوطه في انتخابات قادمة، بل ان استمرار نتنياهو في العمل السياسي، بات أمراً مشكوكاً فيه، بصرف النظر عن الكيفية التي ستنتهي بها الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة.
أميركا لم تخذل إسرائيل ونتنياهو، اليمين الإسرائيلي المتطرف، الليبرالي منه بقيادة ليبرمان، أو الديني بقيادة وزير الاقتصاد بينيت، إضافة إلى قيادات بارزة في حزب الليكود المتطلعة إلى منصب نتنياهو، كل هؤلاء خذلوا نتنياهو، الذي بدوره لم يتمكن من صد الهجمات عليه، بل انجرف تحت ضغط هؤلاء ليقامر بجيشه وبسمعته وأخلاقيات جيشه المزعومة.
أخطر ما جرى في هذه الحرب، على المستوى الإسرائيلي، لم يحدث بعد، علينا الانتظار حتى نهاية هذه الحرب على قطاع غزة، لكي نشهد حرباً داخلية ضروسا في عمق الخريطة السياسية والأمنية والحزبية في إسرائيل، إطالة أمد الحرب على غزة، تؤخر الحرب الإسرائيلية المعلنة بعض الوقت.. ولكن إلى متى؟!
أتذكرون مقولة "دعوا الجيش ينتصر"؟ ...!
أكرم عطا الله- ج.الأيام
في ساعة متأخرة من ليلة السبت كان أحد مذيعي القناة الثانية في الإذاعة الإسرائيلية يتحدث بكلمات إنشائية لم أسمعها سابقا في وسائل الإعلام الإسرائيلية كان يقول: "أمتنا متماسكة .. إن الصواريخ لن تهزمنا ولن تجعل الأمة اليهودية تغادر وطنها .. إننا باقون"، ونادرا ما يستعمل مصطلح الأمة في وسائل الإعلام بالإشارة إلى وصف اليهود أو الإسرائيليين ولكن هذه المرة الأمر مختلف فإسرائيل تبدو كأنها فقدت ثقتها بنفسها ولم أشهدها تهتز سابقا كما الآن.
"إذا لم نستطع استعمال جيشنا الآن، متى سنستعمله" ؟ هكذا كان يسأل رئيس بلدية إسدروت السابق القريبة من قطاع غزة وهو يرى أقدام جيشه تتكسر على مداخل غزة ويحصي أرقام القتلى والجرحى من القوات البرية التي حاولت عبثا التقدم، ويحصي أيضا عدد القوات التي تجندت للهجوم على القطاع الصغير والذي تبلغ مسافة ضلعيه المشتركين مع إسرائيل خمسين كيلو مترا وبلغ تعدادها 86 ألف جندي أي أكثر من ألف وخمسمائة جندي لكل ألف متر، ومع ذلك لم يتوقف النيل من هذه القوات فلا يمر يوم إلا وتعلن وسائل الإعلام الإسرائيلية عن جنازات القتلى وأسماء المقابر.
لم ينتصر جيش إسرائيل المدجج ..لم يعد حاملا أكاليل الغار ولن تلقى عليه عجائز إسرائيل الملح والياسمين بل ستبكي تلك العجائز طويلا على أحفادهن الذين يعودون في توابيت من أرض المعركة، وأن هذه المعركة لن ترمز أيا من جنرالات إسرائيل الذين اعتدنا على تسميتهم باسم معارك سابقة كأبطال حكموا إسرائيل انتهى ذلك الزمن فلا أوسمة في هذه الحرب ولا أبطال للجيش.
يبدو أن إسرائيل تصر على أن تتوقف عند زمن كانت تختطف فيه النصر في الساعات والأيام الأولى وتتلو بيان القوة في أرض الآخر حيث طوتها الدبابات، قصفت غزة بكل الأسلحة هدمت البيوت على رؤوس ساكنيها ودمرتها حيث تبدو المناطق الشرقية فيها كآثار قديمة تشبه ما تبقى من الحرب العالمية الثانية ولكن غزة بقيت صامدة وصادمة للعقل اليهودي المغرور، وكما قال أرنست همنغواي: "تستطيع أن تحطم الإنسان ولكنك لا تستطيع أن تهزمه" هكذا كان... إسرائيل حطمت غزة ولكنها لم تستطع هزيمتها.
إسرائيل تريد من غزة أن تخرج منها وقد انسحبت حتى تتخلص من منطقة أصابتها بصداع مزمن وفي القلب، تمنى رابين أن يصحو من نومه فيجد أن البحر ابتلعها ثم سلمها للسلطة حتى تنشغل بها، وشارون صاحب نظرية التوسع هو من قام بسحب جيشه بعد أن اعتبر أن نتساريم مثل تل أبيب ولدهشة المشهد هذه المرة فان المقاومة هي من اعتبر أن نتساريم مثل تل أبيب، أرادوا أن يفصلوا غزة عن المشروع الوطني أن تخرج غزة نهائيا من دائرة الصراع فإذا بغزة تعود في قلب عاصمتهم وتأبى كعادتها إلا أن تكون رافعة المشروع ودفيئته الحية ومنتجة بطولاته وسيدة معاركه.
التاريخ يسير للأمام في حركة وحيدة وباتجاه واحد، أعطت ما يكفي من الدروس لأن تفهم دولة الجنون أن حركة التاريخ معاكسة لها، كان يمكن أن تفهم حين كسرت قدم أول جندي حاول الدخول لقرية عيتا الشعب ومارون الراس في الجنوب اللبناني قبل ثماني سنوات، كان يجب أن تفهم أن أسطورة الجيش الذي لا يقهر ديست أمام مجموعة صغيرة من المقاتلين، كان يجب أن تفهم أن قوة المقهور أكبر كثيرا من قوة المحتل وها هو الدرس يتكرر على بوابات غزة ورمالها التي تعيد دفن الأسطورة من جديد هل تفهم ؟
هذا الاهتزاز والعصبية والصخب الذي نسمعه من المعلقين والمحللين في إسرائيل هو انعكاس لفشل مركب لدولة إسرائيل ولجيشها الذي نزلت به المقاومة من غرور القوة إلى دهشة الميدان من قتل وأسر لجنودها وهم يحاولون جاهدين تنفيذ نظرية كي الوعي الفلسطيني لتكون النتيجة معاكسة في حدث يجب أن يكوي الوعي الإسرائيلي المتخم بنظريات سابقة عن القوة والمجد والنياشين، وظني أن نبرة الصوت فيما يصدر عن المتحدثين والمعلقين والمراسلين والمسؤولين تشي بارتداد المسألة وكي الوعي في إسرائيل.
فقد فشلت إسرائيل في مسألتين ظهرتا بشكل واضح في حروبها الأخيرة يجب أن يستوقفا العقل الذي تحدث عنه موشي يعالون قبل بداية المعركة، فقد فشلت إسرائيل في الدفاع وفشلت في الهجوم، الدفاع عن المدن والبلدات التي بدت مكشوفة أمام ضربات المقاومة الفلسطينية بكامل أذرعها وهي تقود معركتها بثقة كاملة وإصرار على كسر أنف الإسرائيلي وقد نجحت، وفشلت في الهجوم عندما قررت بعد أن ترددت طويلا في الاجتياح البري وحين قررت اكتشفت أن المسألة ليست نزهة برية بل حفلات من الجنازات والمشيعين والبكاء والعويل، صحيح أن إسرائيل ضربت غزة، أرادت أن تسحقها أن تمحوها عن الوجود، أبادت أحياء كاملة، صحيح أن كثيرا من الثكالى واليتامى والدم والدموع في غزة ولكن إسرائيل هذه المرة تعيش الحالة، لم تعد غزة تتلقى الضربات وحدها فهي تضرب وتضرب في العقل والقلب والخاصرة، تضرب في كل المدن ولكن الضربة الأكبر لقوة الردع التي كانت وسيلة البقاء الأبرز منذ نشأة الدولة، قوة الردع التي تعني أن أعداء إسرائيل كانوا يخافون من التحرش فيها بمجرد التفكير في قوتها، أي نوعا من كي الوعي، لم تعد قوى صغيرة بالحسابات العسكرية تخاف من إسرائيل.
قال صديقي من خارج غزة أن وعيا عربيا يعاد تشكيله بعد هذه المعركة، فقد انكشفت إسرائيل، واكتشف العرب أن إسرائيل أضعف كثيرا من الصورة المرسومة، وأن جيشها العائد بالتوابيت أضعف مما كان يعتقد.
ماذا يعني ذلك على المدى البعيد ؟ سؤال لن يضيء الأضواء الحمر في تل أبيب الآن لكن ربما في معركة قادمة على حدود الشمال، فالسؤال المطروح الآن بقوة إذا كانت غزة الفقيرة والبسيطة حفرت كل هذه الأنفاق، أين وصلت أنفاق حزب الله التي بدأها منذ ثماني سنوات ؟ يرد أحد المحللين مواسيا نفسه: التربة في الشمال مختلفة عنها على حدود غزة ويتلقى إجابة بأن القوة هناك والعتاد الإيراني مختلف .. على إسرائيل أن تدرك أن الزمن تغير وأن ليس أمامها سوى الحل على الطاولة فقد غادرنا الزمن الذي كان فيه الجيش ينتصر .. أتذكرون المقولة التي راجت ذات مرة في إسرائيل "دعوا الجيش ينتصر" ؟
رسالة مفتوحة إلى كي مون: ماذا أنت فاعل لغزة..؟
ريما كتانة نزال -ج.الأيام
حضرة السيد "بان كي مون" المحترم
لا أعرف الصورة التي تكون قد تشكلت في ذهنك عن المرأة الفلسطينية، لكنني أجزم، أنه ينطبق عليها ما ينطبق على غيرها مع بعض الرتوش الرئيسية، تفاصيل وخصوصيات الجغرافيا والتاريخ. وربما لديك أحكام عليها، تتأسس على الصورة القصدية التي يجهد الاحتلال في صنعها، صورة لامرأة جامدة القلب تزغرد في جنازة ابنها، أو ربما تذكرك في الأرقام الصماء، أو الموازنات والمخصصات المادية، الخيام والمعلَّبات والطحين.
لقد أصبح لدينا شكوك حول معرفتكم بتفاصيل الحرب على غزة. وبأن صور الشاشة لديك، ملتبسة ومهزوزة، وبأن الأخبار التي تطالعها زائفة وغير حقيقية وعن مكان آخر من الأرض.. فبماذا يمكننا تفسير إدانتكم المتسرعة للفلسطينيين الذين ينتظرون وقف المحرقة، بينما يراوغ الاحتلال على المصطلحات مستمرا في إشعال الحرائق، وما الذي يمكن أن يساق لتفسير الاحجام، سوى التغطية على عمليات الانتقام من الشعب الفلسطيني في إطار حرب الإبادة الهمجية لغزة وأهلها.
نتساءل عن اطلاعكم على التقرير الصادر عن وكالة غوث اللاجئين، والذي يتوصل إلى أن قطاع غزة سيصبح منطقة لا تصلح للحياة في العام 2020.. فكيف برأيكم ما سيكون عليه الحال مع متوالية الحروب الشيطانية، التي جعلت الأحياء في حكم الأموات.. وما هي توقعاتكم عن الحياة في غزة بعد ارتكاب سبع وسبعين مجزرة راحت ضحيتها عائلات كاملة، منهم مائتان وخمسون امرأة وأكثر من خمسمائة طفل، وماذا سيصبح عليه الحال مع تحول ثلاجات الخضار إلى ثلاجات لحفظ الموتى، وفي ظل استهداف وقصف القبور ومحطات الكهرباء المياه ..
نتساءل إن كنت تعرف بأن الطفلة الخداج "شيماء"، قد لحقت بأمها "شيماء" التي خصها الاحتلال بصاروخ كامل.. وهل أبلغك أحد مستشاريك بأن الطفلة "أمل" البالغ وزنها خمسة كيلوغرامات، قد قتلها صاروخ يزن طنا واحدا فقط.. هل تعلم أنها لم تشعر بشيء سوى أنها حلّقت نحو السماء، فالصاروخ الرحيم كان كفؤا في تعطيل مراكز الشعور إلى الصفر، وهل أُبلغت عن الولادات في مراكز الإيواء وفي الشوارع وتحت الشجر..
وهل تحدث أحدهم معك عن المجازر وعن عدد العائلات التي تم محوها، وهل تعلم أن عدد المجازر المرتكبة قد بلغ سبعا وسبعين مجزرة أبادت عائلات كاملة وشطبتها من سجلات السكان، وغزة لا يمكنها أن تملأ رئتيها بالهواء كما تشاء، ولا يتسع شريطها الضيق أن تتثاءب براحة كثافتها السكانية.
ألا تتساءل عن الهستيريا التي أصابت الاحتلال وانفلات سلاحهم، إن أردت ذلك، فلا بد لك من البحث في عنصريتهم المجسدة في ممارساتهم وتصريحات قياداتهم ونخبهم التي تدعو، سراً وعلانية، إلى قتل واغتصاب النساء الفلسطينيات..!
ماذا أنت فاعل للمرأة الفلسطينية في غزة، ماذا انت فاعل اتجاه الروتين الاحتلالي المتكرر كل لحظة، وماذا انت فاعل للجيش الذي يقصف في كل يوم ذات الأماكن، البيوت والمدارس والجوامع والمستشفيات. ويعود ليقتل ذات الأهداف، الأطفال والنساء والمدنيين.. يدمر ما دمّر ويضيف، ويقتل ذات العائلات ويضيف، ويدمر ذات المنازل ويضيف، ويخرب ما خرّب ويضيف.
إنها الدماء نفسها التي تفيض دون أن تتوفر المياه لغسلها، والأرواح نفسها التي تغادر ولا يكف عن اللحاق بعظامها في قبورها. ماذا انتم فاعلون، وأنتم ترون أن كل القتل والدمار والدماء تلتقي دائما عند الاحتلال.
حضرة الأمين العام المحترم
خاطبناكم أكثر من مرة بخصوص حالة المرأة تحت الاحتلال، وطلبنا الحماية الدولية للنساء بموجب القرار 1325 الصادر عن الهيئة التي تتولى أمانتها.
نحن نعرف أن القرار لم يصدر من أجل سواد عيوننا. كما أن من صدر القرار لأجلهم، الدول التي شهدت صراعات مسلحة على خلفيات دينية وعرقية وطائفية، بهدف حماية أجساد النساء المستخدمة كإحدى وسائل الثأر والانتقام بين المتحاربين.
وقد وجدت، المرأة الفلسطينية، في القرار، منفذا ووجاهة وإمكانية الاستفادة من نصوصه للمطالبة بالحماية والمساءلة وفقا لنصوصه.
لكن يبدو أننا لا نقع في دائرة القرار ونطاقه الجغرافي والموضوعي، ما دامت ازدواجية المعايير في الهيئة الدولية ومجلس أمنها سياسة متبعة.. وعليه، فإننا نسامحك، حضرة الأمين العام بالقرار، وندعوك إلى وقف العمل به حتى يتم وقف استلاب المؤسسة الدولية والهيمنة على آلياتها والهيمنة على قرارها، لأن لا مكان محتلا آخر على الأرض لتطبيقه، وغزة فضحت غياب التوازن عن تعاملكم مع الشعوب، ولا تملك ترف الانتظار.
نبض الحياة - اهداف إسرائيل المتدحرجة
عمر حلمي الغول-ج.الحياة
المراقب لتطور الموقف الاسرائيلي من الحرب الاجرامية، التي ينفذها جيش الاحتلال ضد محافظات قطاع غزة، يلحظ ان الحكومة الاسرائيلية تعيش حالة إرباك، رغم ان الثابت في رزمة اهدافها السياسية والعسكرية، هو، مواصلة الحرب المسعورة، لا سيما وانها، لم تتمكن من تحقيق أي من اهدافها السياسية او العسكرية المعلنة؛ اضف الى ان خسائرها في الارواح (الضباط والجنود في تصاعد وباعداد لم تكن تتوقعها) والعتاد والخسائر المادية والمالية والمعنوية، فاقت سيناريوهاتها الافتراضية للحرب؛ ومازالت فصائل المقاومة واذرعها العسكرية في الميدان، ولم ترفع راية الاستسلام (بغض النظر عن رأي المرء في اداء وسياسات القائمين عليها)، رغم الخسائر الفادحة في الارواح من الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ ورجال المقاومة (الذين لم يعرف بالضبط عددهم، لأن هناك اعداد من الذين استشهدوا مازالو ا تحت الانقاض) والمنازل والبنى التحتية في المحافظات الجنوبية؛ بالاضافة إلى توقف دورة الحياة الاقتصادية في القطاع بشكل شبه كامل.
حكومة إسرائيل، اعلنت من البداية، انها تريد اولا "ضرب" قوة حركة حماس، التي اعتبرتها المسؤولة عن عملية "خطف" المستوطنين الثلاثة في 12 حزيران الماضي (التي تبين لاحقا انها عملية جنائية). وللتضليل والتلميع في آن، شاءت ان تفصل بين حماس وابناء الشعب الفلسطيني في المحافظات الجنوبية، ومن جهة ثانية ارادت ان تضخم من قوة فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين (حماس)، للايهام بانها تخوض معركة "متكافئة" !؟ ثانيا تخريب المصالحة الوطنية الفلسطينية، ووضعها في تناقض مع التسوية السياسية؛ ثالثا كي الوعي الفلسطيني من خلال رفع تكاليف الحرب الاجرامية في اوساط المدنيين العزل في المنازل والبنى التحتية، التي فاقت كل وصف، لقبول المنطق الاسرائيلي، وايضا لتعميق الهوة بين المواطنين وفصائل المقاومة؛ رابعا ربط الحرب الدائرة مع التحولات الجارية في الاقليم. وهذا من الاهداف غير المعلنة، لكنه جلي وواضح منذ البداية، ويتمثل في اعادة الاعتبار لدور جماعة الاخوان المسلمين، وللدور التركي والقطري على حساب الدور المصري، خامسا سحب البساط من تحت القيادة الشرعية لمنظمة التحرير من خلال توسيع دائرة الحرب، وتعميق الشرخ بينها وبين المواطنين، ولابراز دور حماس على حسابها، ومن ثم المضي في خيار "دولة غزة الكبرى" الواصلة للعريش، من خلال ارغام مصر بقبول ما قبله المخلوع مرسي.
غير ان التطورات في الميدان، لم تسر وفق مشيئة حكومة نتنياهو، ولا حسب ما ارادت تلك القوى الاقليمية ومن يقف خلفهما. فاسرائيل عادت وحصرت اهدافها فقط في: تدمير الانفاق المحاذية للحدود. لكنها حتى الآن لم تتمكن، لذا طلبت من جون كيري ووزراء خارجية اوروبا، مهلة زمنية او هدنة انسانية دون إنسحابها من المواقع المتواجدة فيها داخل القطاع، لتواصل تدمير ما تصل اليه قواتها من انفاق، اي انها رفضت عمليا الهدنة ووقف الحرب، لأن هكذا موقف، سيكون له تداعيات خطرة على الائتلاف الاسرائيلي الحاكم، وسيكون رئيس الحكومة نتنياهو وحزبه الخاسر الاكبر، كما سيهدد الائتلاف الحاكم بالانفراط، وبالتالي يبكر الانتخابات البرلمانية.
إذاً القيادة الاسرائيلية حتى الآن، تعيش حالة من التعثر والارباك السياسي والامني، خاصة وان استطلاعات الرأي الاخيرة تشير إلى ان 86% من الاسرائيليين مع تصعيد نطاق الحرب على قطاع غزة، كما ان حكومة نتنياهو غير قادرة على النزول عن شجرة الاهداف، التي وضعتها. غير انها، من خلال مضاعفة حجم الخسائر في اوساط الفلسطينيين الابرياء وفي المنازل والبنى التحتية قد تجد ما يذر الرماد في عيون المجتمع الاسرائيلي، ويهدئ خواطره العنصرية والفاشية، ويفتح لها الافق للقبول بهدنة كيفما كان، والخروج من اوحال غزة.
سؤال عالماشي - " البورصة " في محكمة الجنايات الدولية
موفق مطر-ج.الحياة
يخطئ كل من يعتقد بقدرته على رفع رصيده السياسي لدى الجماهير الفلسطينية بالخداع، ولي عنق الحقائق، او تحريفها، او اعفاء نفسه من المسؤولية باعتباره " قائدا" او امينا عاما او ممن يعرفهم الجمهور بهذا النوع من المسميات. فالقيادة حكمة وتعقل، وقرارات استراتيجية مدروسة حتى يأتي حصادها وفيرا وناضجا الى بيدر المصالح العليا للشعب الفلسطيني، اما العزف على اعصاب الجماهير في ذروة انفعالاتها، وانفجار غضبها، وإنشاد المواقف، والاستعراض الكلامي والخطاب الحماسي، فانه عمل لا يليق بمستوى تضحيات الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ناهيك عن كونه خروجا فظا على قواعد وأخلاقيات القيادة. فالقائد مثل القاضي لا تحتمل قراراته انفعالا شخصيا ولا رغبات سلطوية، وإنما هي وليدة ايمانه بأن الحق والعدالة يجب ان يتجليا بمضمون وشكل القرار.
يستغل بعض الذين ظنوا أنهم بحصانتهم بعيدون عن المساءلة والملاحقة، حالة الغضب لدى الشعب الفلسطيني من جرائم جيش دولة الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة ويروجون - وهم يعلمون انهم يخدعون عامة الناس - أن الرئيس ابو مازن يرفض التوقيع على اتفاقية روما والانضمام الى محكمة الجنايات الدولية، فيظهرون امام الجماهير بمثابة " الفدائي " المدافع عن دماء الفلسطينيين، فيما اكثرهم لا يعرف عن العمل الفدائي والكفاح المسلح الفلسطيني إلا ما طالعه في الكتب والجرائد !!.
نجحت القيادة والدبلوماسية الفلسطينية قبل ايام بعقد جلسة لمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة، وصدر قرار بتشكيل لجنة تحقيق في جرائم جيش دولة الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة، ويتيح القرار للجنة برفع نتائج تحقيقاتها الى محكمة الجنايات الدولية، ما يعني أننا نستطيع كفلسطينيين ايصال قادة حكومة وجيش الاحتلال ومجرمي الحرب منهم الى قفص المحكمة الدولية، دون أي انعكاس علينا قد يحدث فيما لو انضمت فلسطين في هذه اللحظة الى اتفاقية روما..
رغم توفر ارادة سياسية فلسطينية تفضي الى الانضمام في نهاية المطاف، بعد دراسة ومناقشة كافة المحاذير، ذلك ان لاتفاقية روما التزامات وحقوق وواجبات، ونظام، ولا بد لفلسطين كدولة عضو في الامم المتحدة من الاستجابة لاستحقاقات العضوية، وهنا يبرز السؤال الأهم:
هل ناقشنا بجدية وهدوء ان واحدا أو اكثر من رعايا دولة فلسطين لن يكون مطلوبا للمحكمة عندما نصبح عضوا متعاقدا؟!
هل حصل الرئيس ابو مازن على موافقة كل الفصائل الفلسطينية بما فيها حركتي حماس والجهاد الاسلامي قبل اتخاذ مثل هذا القرار؟!
هل أدرك هؤلاء أن تبعات القرار وتداعياته لن تؤثر على قيادات منظمة التحرير وحماس والجهاد وحسب، بل على شرعية حركة التحرر الفلسطينية وأشكال كفاح مسلح مارستها فصائل فلسطينية، وان قرارا متسرعا – رغم قناعتنا وإيماننا بشرعية مقاومة الاحتلال – سيؤدي الى محاكمة مرحلة من تاريخنا الكفاحي قبل تبني خيار المقاومة الشعبية السلمية ؟!.
ان احسنا توقيت اتخاذ القرار والتوافق عليه الى حشر اسرائيل كدولة احتلال في الزاوية، وتجريدها من سمعة الدولة الديمقراطية، لتظهر أمام العالم على حقيقتها كدولة مارست "ارهاب الدولة" والجرائم ضد الانسانية لضمان سيطرتها واستيلائها على ارضنا، وقتلت شعبنا بدافع عنصري.
الحكمة والصدق والعقلانية أهم أسرار القيادة، لا يفقهها ولا يدركها الذين تأخذهم (الأنا) الدنيا والدنيوية الى مربع الاستثمار بالدم الفلسطيني، وكأنه اسهم رابحة للتداول في بورصة السياسة الملعونة!.
علامات على الطريق - غزة تفضح الجميع
يحيى رباح-ج.الحياة
سواء كان "أسر" أو اختطاف الضابط أو الجندي الاسرائيلي في رفح من قبل المقاومة البطلة –ان صحت هذه الرواية من الأساس- تم قبل أو بعد سريان الهدنة الانسانية المقررة في الثامنة من صباح الجمعة، فإن عملية الأسر هي حق مكفول بكل القوانين والأعراف الدولية، وهي عملية مبررة بكل القوانين والتقاليد العسكرية، لأنها عملية أسر تمت وقت الحرب، في الميدان، في ذروة الاشتباك، لضابط أو جندي – لا يهم – في وضعية العدوان الغاشم! كما أنني أريد أن أذكر الجميع بأن الهدنة الانسانية التي اقترحها بان كي مون، وجون كيري، ووافقت عليها والتزمت بها كل الفصائل، جاءت وسط إصرار إسرائيلي عبر عنه نتنياهو نفسه بأن قواته الغازية لقطاع غزة ستبقى مكانها، موجودة على الأرض وتسيطر بالنيران على نصف مساحة قطاع غزة، وأن هذه القوات لن تتوقف حتى خلال تهدئة الثلاثة أيام عن مواصلة التفتيش عن الآنفاق وتدميرها، والتفتيش عن منصات الصواريخ وتدميرها، فهل أسر الضابط أو الجندي حتى لو تم بعد سريان التهدئة يعتبر اختراقاً، بينما قصف البيوت والمساجد والمدارس بدعوى البحث عن الأنفاق هو عمل سلمي وليس اختراقاً للتهدئة؟
العدوان الإسرائيلي الغاشم والظالم والمعربد على قطاع غزة منذ قرابة شهر، والمخطط له بعد إفشال المفاوضات في نهاية نيسان الماضي، والذي استعدت له إسرائيل بميزانية ضخمة، أكبر من خمسة مليارات شيقل إضافية، وتلقت فيه أحدث مبتكرات تكنولوجيا السلاح في مخازن البنتاجون، وحشدت فيه حملة علاقات عامة دولية جعلت الكبار في مجلس الأمن يلومون الضحية ويبررون الجلاء، وجعلت مجلس الأمن الدولي أشبه بفرقة مسرح هزلية، وجعلت الأمم المتحدة عاجزة عن حماية من يلجأون إلى مقراتها! هذه الحرب أثبتت من جديد أن إسرائيل دولة مصنوعة مئة في المئة، لا جذر تاريخي ولا جذر أخلاقي لها، خرافة من صنع الموجة الاستيطانية، لا يمكنها أن تعيش بطريقة طبيعية، وأنها ما دامت موجودة فلن تنتج إلا كل ما هو معادي للانسانية، وما دام احتلالها مستمراً فلن ينتج عنه سوى المجازر وراء المجازر والأكاذيب والإدعاءات والأفتراءات.
العدوان الاسرائيلي الغاشم على غزة هو اعتداء على فلسطين، وعلى عدالة القضية، وعلى وحدة الشعب، وعلى المشروع الوطني، وهذه المفردات التي هي عدالة القضية الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني ليس في غزة والضفة والقدس فقط بل في كل مكان، والمشروع الوطني مشروع الاستقلال والدولة، هو أكبر ألف مرة من اسرائيل، وهذه هي بالضبط صدمة نتنياهو وتحالفه الحكومي، وأن غزة النموذج في الصمود والمقاومة والوحدة يمكن أن تنتشر في المنظومة العربية رغم هزالها الحالي، وفي المنظومة الاسلامية رغم ضعفها الحالي، غزة تراهن على المستقبل وإسرائيل تراهن على الماضي، والماضي المتزلزل الآن، الفاشل والعاجز الآن، يمثله النظام الدولي القائم، النظام أحادي القطبية، الذي تحملت فيه أميركا مسؤولية قيادة العالم، بينما هي محكومة في إدارتها، وفي الكونغرس، وفي دورها في مجلس الأمن، وفي إدارة العلاقات الدولية بالخرافة الصهيونية.
أعرف أني أتحدث من قلب الجرح الغائر، من قلب ساحة الموت والدماء، من تحت الأنقاض حيث جثث الشهداء لا يستطيع أحد حتى الآن احصاءها، وأن أكوام الحطام والدمار تحوي تحت أنقاضها ربما أكثر من الأرقام المعلنة، وتتضاعف الأرقام كثيراً في كل لحظة، ولكن فلسطينياً لدينا ما نحافظ عليه، ولدينا ما نعتز به، ولدينا ما نبني على أساسه، وهو ما لا تملكه إسرائيل، لدينا وحدتنا، هل هناك وحدة أغلى من وحدتنا التي يناصبها العدو العداء علناً، ويخوض هذا العدوان الغاشم لإسقاطها، هل هناك ما هو أثمن من هذه الوحدة؟
و لدينا مشروعنا الوطني، إنهاء الاحتلال، وقيام فلسطين بقيام الدولة الفلسطينية، فحين يكتمل قيام دولة فلسطين، فإن دولتنا ستوكل إليها كل حقوقنا، كل شبر من أرضنا، كل ميراثنا المقدس، كل حقوقنا ما ظهر منها وما بطن، وهذا هو كابوس إسرائيل الذي ذهب زعماؤها الكبار بسببه إلى الكآبة والغيبوبة والموت، ابتداء من أعظمهم بن جوريون، إلى من كان يعتبر نفسه ملكاً لإسرائيل مناحيم بيجن، إلى الرجل الذي بنى شهرته على قتل الأطفال وتدبير المذابح لهم شارون، وآخرهم هذا المقبل من نطفة نازية بنيامين نتنياهو، الذي يعبد نهج هتلر، فيقلد هتلر في كل المحارق التي ارتكبتها يداه.
لدينا ما نحافظ عليه، ولدينا ما نتوحد حوله، ولدينا ما نستشهد من أجله ولدينا ما ننتصر وفاء له، وحدتنا الوطنية، ومشروعنا الوطني، وقدرتنا على المنازلة والابداع والمطاولة والصبر! مع أننا نعلم أن كل ما نتمناه ونسعى إليه ليس سهلاً، لأن هذا العدو قد تكرر انتحار المتسادا التاريخي، وأن حلفاء هذا العدو قد يكشفون عن وجوههم القبيحة بلا تحفظ، وأن الضعفاء المسحوقين في هذه المنطقة قد يحاولون أن يحتشدوا حول أشلاء أطفالنا مثل أبناء آوى والثعالب والذئاب علهم ينهشونها مجاناً، ولكن الوطنية الفلسطينية بلغت سن الرشد، وتجاوزت الطوق، وسوف تنتصر، وحتماً ستنتصر.
لماذا غاب الجنرال؟
منتصر حمدان-وكالة معا
على مدار 26 يوما من ايام الحرب على غزة تنافس الجنرالات العسكريين في الحديث والتحليل والتفحيص والتشخيص والاجتهاد، فلكل وجهة نظره فيما يجري ، لكن الجنرال الحقيقي كان يطل على الفلسطينيين عند الساعة التاسعة طيلة ايام رمضان، والساعة الثامنة من كل مساء بعد ختام الشهر الفضيل.
هذا الجنرال الشعبي الذي أسر جموع الفلسطينيين باسلوبه وطريقة عرضه للمواقف الاسرائيلي من اليسار الى اليمين تجاه الحرب الاجرامية على غزة، بترجمته الرائعة من اللغة العبرية الى العربية وتقديمها كوجبة دسمة من المعلومات اخفقت اغلبية المؤسسات الاعلامية في تقديمها للجمهور الفلسطيني المتعطش لسماع المعلومات بعد ان اثقله السياسيون والمحللون بالاراء المتنوعة والمتعددة والمشتتة في الكثير من الاحيان.
لكن في اوج الانتظار والترقب لما يجري في قطاع غزة من تصريحات المتضاربة بخصوص الانسحاب الاسرائيلي احادي الجانب من المعركة في غزة، غاب الجنرال؟، واستبدلت فقرته بنشرة اخبارية ، دون ان يفقد المشاهدين امل ظهور الجنرال مجددا حتي تنبهت ادارة الفضائية باهمية الاعتذار للمشاهدين عن غياب الجنرال بسبب سفره لدولة مصر الشقيقة برفقة الوفد الفلسطيني، حيث اطل على المشاهدين من القاهرة ليعطي معلومات صحافية حول نيه رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الانسحاب من قطاع غزة ، وهذا ما حدث فعلا في مؤتمر صحفي عقده الاخير .
جنرال الترجمة والكلمة لا يجب عليه التورط في مهام غير مهامه مثله مثل جنرالات الحرب والعسكر حينما يتورطون بادوار السياسية ودهاليسها، نحن بحاجة لوجود جنرال ترجمة للغة العبرية الى العربي لان هذا ملعبه الذي يتقنه فنون ممارستها بابداع وتطور لافت للنظر وحقق اعلى نسب مشاهدة ومتابعة من قبل الجمهور الفلسطيني ان لم يكن على مستوى المنطقة، ما يحتم علينا كمشاهدين منع تورط الجنرال في مهام وادوار غير الترجمة ، ومنعه اية محاولات السياسيين جره لمناصب خارج ملعبه لان نجاحهم في ذلك يلحق خسارة فادحة به وبجمهور واسع من المشاهدين!.
حماية الجنرالات والابداعات واجب وطني لا يقل اهمية عن دعم واسناد جنرالات العسكر في المعارك، وبالتالي لضمان حماية جنرالنا اقترح انشاء وزارة للترجمة ان لم يكن منحه منصب رئيس لاول كلية فلسطينية للترجمة في فلسطين .
برقية مفخخة من رام الله الى غزة
عيسى قراقع-وكالة معا-PNN
وبعد أن انتهت الليالي العشر الأواخر ورحل شهر رمضان شهيدا صائما مغسولا بالدم والفاجعة، ومضى عيد الفطر السعيد ليس سعيدا، لا زالت غزة تجلس فوق دمها وجثث شهدائها وحيدة محاصرة، يتيمة وصابرة، معثرة وممزقة، عطشى وجائعة.
هل رأيتم ما رأيت، هي ليست ليلة القدر ولا تباشير يوم القيامة، الشهداء يتظاهرون في رام الله، خرجوا من التوابيت العديدة، وصلوا حاجز قلنديا العسكري، جاؤوا من القرية والمخيم والمدينة، براق الأغاني الحميمة، القدس تتقدم نحوهم: أرشدوني الى بلدي، خذو بيدي، أرشدوني الى جسدي ومسجدي، من يرد رياح الجحيم عن القيامة والأقصى والصلاة الحزينة؟.
رام الله تخرج بمسيرة ال 48 ألف وتهتف لغزة، الأطفال والنساء، الجرحى والمعاقون، الشباب والعمال والمزارعون والأطباء والمهندسون، الصيادون والمسعفون والطلاب والتجار والباعة، الشيوخ والرهبان والصحفيون والمحَرَرون، المعلمون والأمهات والحوامل والعشائر والفصائل، الأرامل واليتامى والأموات والأحياء، الملح والنار والهواء، الخبز والحب والجمال، الفرق الفنية والكشافة وصهيل الأغاني الشعبية.
من رام الله برقية مفخخة الى غزة: الأصابع تخرج من أكفها، النعناع من الجروح العميقة، الأحلام من كابوسها، الألفاظ من قاموسها، الأعلام والأشجار والأشعار والأفكار، الأسماء والألقاب والأشياء والأديان والشرائع، الناس تخرج للساحات والشوارع فيضا من النور، سدا من الإرادة والروح العنيدة.
برقية مفخخة من رام الله الى الشجاعية وبيت حانون وخزاعة وخانيونس ورفح وجباليا والشاطئ وحي الزيتون، تقول الأن كلامها الأخير لألة الموت ولدبابة الهمج الإسرائيلية: لسنا وسطاء بين دمنا ودمنا، لا فتح معبر يشبعنا، ولا صيد سمك في بحر لم يعد أزرق، يفيض بنا وبأولادنا في قيعانه الدامية.
الخيول تصهل الأن في الشوارع والحارات، وفي الجثث الباقية، الناس ظماى الى فضاء سياسي أعلى، كلما صرخت غزة ونهضت للذبح في الجولة الثانية.
رام الله تعرفهم وتعرف لعبة الموت عندهم، وتعلم أنهم قتلوا السلام والمصور والمفاوض ورجل الإسعاف والبائع الفقير والحقيقة والطفلة النائمة.
رام الله متخمة بالجراح وبالطلقات: راس غزة المقطوع بين يديها، عين أسد قلعها مستوطن في المنارة، حقل تفاح وتوت وقرية وذكريات الحجارة، جدار وسياج وبرج ودم وغاز ورصاص ومقاومة.
لا ترى رام الله موتا في غزة، بل ترى شبق وتوحش غير عادي للحياة، الناس يدفنون موتاهم صباحا ويستعدون للموت في الليلة القادمة.
لا يمر يوم الا وهناك مجزرة، لا يرتاح اللون الأحمر في غزة، يتحول من حزن الى فرح، ومن فرح الى حزن، لهذا يخشى الأعداء من طقسها ومن رملها وطبيعتها المتحولة.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة: لحم الناس، طفلة تضيئ شمعة في كنيسة المهد، تدخل في لوحة البشارة لليسوع وتطير كملاك.
ولد يوزع القهوة في دوار مدينة نابلس صباح العيد، في جيبه حجر ومقلاع وتمرة من هناك.
رام الله ليست العمارات الشاهقة ولا المتنزهات الهادئة، ولا المؤسسات والمطاعم الفارهة، وليست رام الله الوزارات والمسميات والسيارات والحوارات العابثة، ليست الجميلة المطمورة بأموال التنمية ومشاريع تجميل الإحتلال، رام الله غاضبة... لا تراها، لكنها تراك.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة، هي لا تسأل عن أسماء الشهداء، فهم واضحون واضحون، بل تسأل عن أسماء القتلة، ترفض أن يبقى القتيل هو الواضح والمتغير، بينما القاتل هو الغامض والثابت والمتملص من الحساب والعقاب في الدنيا والآخرة.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة: سيكون القصاص، وتكون الأغنية، سنرفع عاليا موتانا شموساً لفجر عيدنا وعيدِك، كلنا سنكون أمام المحكمة الدولية والولاية القضائية العالمية، منا جثثنا ودمنا، صوت الفزع فينا، قيودنا، شهودا من شهودِك.
سيكون القصاص يا غزة، لا تجزعي من المحللين والسياسيين وتفاصيل الأخبار المريبة، لا تجزعي ممن يحمل وطنه في حقيبة، لقد ماتت الهزيمة، وانكسرت قيود الغزاة فوق قيودِك.
الحرب على غزة، حرب على القدس والحلم والتاريخ الوطني الفلسطيني، حرب على كل شريف وحر وجميل في الحياة، حرب على الحرية والعدالة الكونية، ومن حق غزة ان تدافع عن نفسها وتكسر حصارها، وتتقدم بلحمها المر وارادتها، وتسكب دمها وبرتقالها وترد الغزاة.
ومن حق غزة بعد ان احرقوا الارض والسماء من فوقها ، ان تحفر تحتها، وتستبدل شرايينها وامعائها بنسغ نباتها وجذورها، تتنفس عميقا في بطن الارض: رئتان من تراب احمر، قدمان من نخل عتيق، قلب من صخر وبرق وصوان، يدان من القاع الى الأعلى اشجاراً تقاوم الطغاة.
لن ننتظر يا غزة المسيح المنتظر، لا أمريكا ستغيثنا ولا هؤلاء المستسلمين للقدر، هنا عناق دموي وفاتحة للحقيقة، تبتدأ الأن من غزة الخليقة، شرق القمر والبحر من الخليل حتى الناصرة، القبور متشابكة، الأموات يتصافحون من وراء السياج، هدموا المسجد، لكننا نسمع الأذان من محراب الكنيسة.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة، لا نريد من العالم أموالا ولا صناديق اغاثة، الشهداء قد رحلوا ولن يتمتعوا بإعادة البناء أو بشاطئ وميناء، كانت جريمة ابادة، والشهداء لا يرودن سوى ان نواصل الحياة بعدهم موحدين في الموقف والارادة.
برقية مفخخة من رام الله الى غزة، تصفيق الى غزة وتحية، بلا تأويل ولا تورية سياسية، شهداؤنا الذين قادنا دمهم الى هنا، هم ازهارنا السماوية الباقية هناك، صوت محمود درويش عندما كسر الصمت في كل الجهات
أيها المارون بين الكلمات العابرة
منكم السيف - ومنا دمنا
منكم الفولاذ والنار- ومنا لحمنا
منكم دبابة أخرى- ومنا حجر
منكم قنبلة الغاز - ومنا المطر
وعلينا ما عليكم من سماء وهواء
فخذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا
وادخلوا حفل عشاء راقص .. و انصرفوا
وعلينا ، نحن ، أن نحرس ورد الشهداء
و علينا ، نحن، أن نحيا كما نحن نشاء
"جنون" نتنياهو وبانكي واوباما... وبعض اعلاميي مصر
جهاد حربPNN-
(1) "جنون" بنيامين نتنياهو
جن جنون رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو على اثر اختفاء الضابط في جيش الاحتلال الاسرائيلي صباح الجمعة لعدة اسباب منها؛ فشله في تحقيق أيا من الاهداف التي رسمها لعدوانه الهمجي على قطاع غزة فلا ضعفت حماس ولا أوقفت الصواريخ، وبزوخ مؤشرات على قرب انتهاء حياته السياسية اثر هذه الحرب. لكن السبب الاهم هو أسر جنديين في قطاع غزة في "معركته" البرية، واسر وقتل ثلاثة مستوطنين في الضفة الغربية، وهي واقعه مؤلمة على أي رئيس حكومة في اسرائيل تتعلق بتوفير الامن الشخصي "لمواطنيه"، وهي أيضا لم تحدث مع أي رئيس حكومة قبله في شهريين متواليين.
(2) "جنون" بانكي دون moon وانحيازه
تصريحات سكرتير هيئة الامم المتحدة، المطالبة بالإفراج عن الجندي الاسرائيلي فورا، تشير بوضوح بفقدانه الرؤية لوظيفته المنصوص عليها في ميثاق هيئة الامم المتحدة من جهة، والكيل بمكيالين في التعامل مع الاسرى الفلسطينيين "مناضلو الحرية" الساعين لتحرر من الاستعمار الاسرائيلي واسر جندي اسرائيلي يرتكب أو يشتبه بأنه يرتكب جرائم حرب من جهة ثانية، وانحيازه الواضح لجانب العدوان على غزة في تصريحات السابقة القاضية "بحق اسرائيل بالدفع عن نفسها" وكأنه يجيز مبدأ جديدا في القانون الدولي يقضي بمنح الاستعمار حق الدفاع عن نفسه.
(3) "جنون" اوباما صاحب جائزة نوبل للسلام
تصريحات رئيس الولايات المتحدة وإدارته وسفيره في تل ابيب المطالبة بالإفراج عن الضابط الاسرائيلي "الاسير" في قطاع غزة لا تشير الى غطرسة القوة التي تتمتع بها الولايات الامريكية المتحدة، ولا الى الانحياز الكامل لإسرائيل بل أيضا الى سقوط اخلاقي لرئيس الولايات الامريكية المتحدة.
كما أن تحميل حماس مسؤولية تخريب الهدنة الانسانية اراد منه رئيس الولايات المتحدة منح الحكومة الاسرائيلية ارتكاب المزيد من المجازر في مدينة رفح ليس فقط باستخدام القوة المفرطة أو غير المتكافئة بل أيضا بالقصف العشوائي على المدينة أي بمعنى أخر منح غطاء لجرائم حرب ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة.
وفي الوقت نفسه ضربة قوية لمن هلل من العرب عند انتخابه باعتباره مُخلصا، ولمن منحه جائزة نوبل للسلام وهو بحق يستحق بجدارة جائزة مشجعي جرائم الحرب في القرن الحادي والعشرين.
(4) "جنون" بعض اعلامي مصر
منذ بداية العدوان على قطاع غزة، اطل على شاشات قنوات تلفزيونية مصرية بعض قادة الرأي من مقدمي برامج وإعلاميين يباركون العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وأهلها في اطار تصفية حسابات ضيقة مع حركة حماس غير مدركين لطبيعة العدوان الاسرائيلي على القطاع من ناحية، وغياب فهم الأولويات بتغليب الصراع الثانوي على الصراع الرئيسي " أي رفع الصراع مع حركة حماس إلى مثابة صراع رئيسي" من ناحية ثانية، ومحاولة القفز عن الأهداف الوطنية والقومية لجمهورية مصر العربية ومحددات السلوك السيادي للجمهورية المصرية باعتباره دولة عريقة صاحبة مؤسسات لها دور محوري في الساحتين الاقليمية والدولية.
هذا الكلام بالتأكيد لا يشمل إلا قلة قلية من اعلاميين ومقدمي برامج فقدوا بصيرتهم في معالجتهم للكثير من القضايا بما فيها القضايا المصرية المحلية. وفي هذا المقال لا بد من كلمة حق وشكر لجموع الصحفيين والإعلاميين المصريين ومقدمي البرامج التلفزية الاخبارية منها وغير الاخبارية وكتاب الرأي الذين تعاملوا بمهنية على المستوى الصحفي، ومسؤولية وطنية، وبشعور قومي عالي مع الحدث في قطاع غزة.