المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء محلي 13/08/2014



Haneen
2014-09-17, 08:49 AM
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الاربعاء 13/8/2014



</tbody>
في هذا الملـــــف:
&#253; تحديات ما بعد التهدئة المؤقتة
بقلم: محمد السعيد إدريس – القدس
&#253; ما بعد الحرب على غزة
بقلم: ناجى صادق شراب – القدس
&#253; مع نهاية الحرب: الجيش الإسرائيلي يخوض حرب التحقيقات والميزانيات!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
&#253; لماذا أصبح دحر الاحتلال إمكانية واقعية؟
بقلم: علي جرادات – الايام
&#253; حياتنا - أصل الحصار
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
&#253; علامات على الطريق - إنذار بيئي خطير جداً
بقلم: يحيى رباح – الحياة
&#253; نبض الحياة - حدود التفاوض للهدنة
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة



تحديات ما بعد التهدئة المؤقتة
بقلم: محمد السعيد إدريس – القدس
صدمتان إسرائيليتان لن تمرا بسلام على قادة اسرائيل من سياسيين وعسكريين، الصدمة الأولى وقعت في اللحظة ذاتها التي جرى التوصل فيها إلى اتفاق التهدئة المؤقتة في القاهرة ولمدة ثلاثة أيام ابتداء من صباح الخامس من آب الجاري . ففي تلك اللحظات التي كان يروج فيها قادة ااسرائيل لانتصار مزعوم حققوه في قطاع غزة شهدت القدس المحتلة عمليتين جريئتين من جانب مواطنين فلسطينيين استهدفتا عناصر إسرائيلية تعبيراً عن تواصل الدم بين القدس والضفة وغزة، وأن القدس هي من تحمل إشارة المواجهة عندما تتوقف أو تصمت المدافع والصواريخ مؤقتاً في غزة، في العملية الأولى التي قام بها قائد جرافة فلسطيني دهس بها تجمعاً لإسرائيليين قتل أحدهم وجرح خمسة واستشهد الشاب الفلسطيني قائد الجرافة، وفي العملية الثانية جرح ضابط إسرائيلي في إشارة عميقة الدلالة مفادها أن ما حدث من جرائم إسرائيلية ضد قطاع غزة استهدف فرصة السلام الإسرائيلي بكل غطرسته على الشعب الفلسطيني ظناً من المحتلين أنهم أخضعوا الضفة وهوّدوا القدس ولم يتبق غير قطاع غزة القادر على رفع صوت الرفض لهذا السلام، وأنهم بعدوانهم على القطاع سوف يجعلون منه كياناً عاجزاً غير قادر على تهديد الأمن الإسرائيلي فجاءهم الرد من القدس ليقول إن القدس عربية وستبقى عربية ولن تهوّد ولن ترضخ أو تستسلم، وأن هروب الإسرائيليين من خطر تصعيد المواجهة في القدس، بعد جريمتهم مع الفتى محمد أبو خضير الذي أحرقوه حياً ومثلوا بجثته، إلى قطاع غزة ليدفع القطاع ثمن اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين في مدينة الخليل بالضفة الغربية، لن يثني القدس عن الثأر، ليس للشهيد محمد أبو خضير فقط، بل وكل شهداء فلسطين وعلى رأسهم شهداء وجرحى ومصابو قطاع غزة .
الصدمة الثانية جاءت في أعقاب انقضاء زمن التهدئة المؤقتة التي جرى التوصل إليها في القاهرة عندما انطلقت الدفعات الأولى من صواريخ المقاومة في تمام الثامنة من صباح يوم الجمعة الفائت (8 آب الجاري) عقب انقضاء مهلة الـ72 ساعة بعد فشل مفاوضات القاهرة غير المباشرة، بين وفد التفاوض الفلسطيني والوفد الإسرائيلي بوساطة مصرية في التوصل إلى اتفاق يرضى عنه الفلسطينيون كأساس لتهدئة طويلة تصلح أساساً لتجديد مشروع التسوية المجمدة .
استهدفت الدفعة الأولى من صواريخ المقاومة ما يوصف بـ "غلاف غزة" أي المناطق الإسرائيلية القريبة من الحدود مع قطاع غزة، في إعلان صريح لانتهاء الهدنة، ثم أعقبتها موجات أخرى من قصف صواريخ المقاومة إلى مدى أبعد استهدف اسدود وعسقلان، البعض اعتبر أن هذه الصواريخ وما ترتب عليها من قصف إسرائيلي وغارات جوية إسرائيلية كانت بمثابة استكمال للمفاوضات التي تجرى في القاهرة لكن بعيداً عن طاولة المفاوضات وبأدوات ووسائل أكثر حسماً، لكن القراءة الدقيقة تقول إن المقاومة أرادت أن تصدم وعي الشارع الإسرائيلي وأن تكشف زيف ما روجه قادة اسرائيل من أكاذيب عن انتصارات وهمية وقضاء على كل مصادر تهديد إسرائيل من قطاع غزة، فقد روج القادة السياسيون والعسكريون لأكاذيب تقول إنهم حققوا ردعاً سيمنع المقاومة وحماس من كسر هدوء الإسرائيليين لسنوات مقبلة، على نحو ما جاء على لسان رئيس الأركان بين غانتس بقوله: "إننا حرمنا "حماس" من قدرات استراتيجية في مجال الصواريخ والأنفاق ومقار القيادة والسيطرة وانتاج وتطوير وسائل القتال، لقد تكبدت حماس خسائر فادحة جداً، ولن نتردد في استخدام القوة كلما تطلب الأمر لضمان أمن المواطن . لقد اجتزنا المعركة جيداً، ومثلما كان الهدوء سارياً في الماضي سيسود هنا هدوء أكبر بعد الآن"، أما بنيامين نتنياهو فكان قد أعلن في مؤتمر صحفي كلاماً مشابهاً قال فيه: "إن الوضع الأمني لسكان الجنوب بات أفضل وأشد أمناً مما كان قبل العملية" .
مبادرة المقاومة بقصف المناطق المجاورة لقطاع غزة بددت كل أوهام الأمن والتهدئة، لكن وفضلاً عن ذلك أعادت ترتيب أجندة مفاوضات القاهرة من جديد، وأنهت محاولة إملاء الشروط وتعمد الهروب من دفع ثمن العدوان من جانب الوفد الإسرائيلي، وأكدت أن المقاومة جادة هذه المرة في أمرين، أولهما وحدتها النضالية، وثانيهما المطالب المشروعة والعادلة التي جاءت بها وأن المعتدي يجب أن يدفع ثمن جريمته، وأن التهدئة والأمن لن يكونا أبداً لإسرائيل على حساب أمن ومستقبل الشعب الفلسطيني، وأن على الإسرائيليين أن يكونوا واعين بأن الأمن يجب أن يكون للجميع وليس لإسرائيل فقط، وأن التهدئة يجب أن تكون حقاً للجميع وليست للإسرائيليين من دون غيرهم .
السؤال الآن هو: وماذا بعد التصعيد؟ وكيف سيؤثر في مسار ومستقبل المفاوضات التي تجرى في القاهرة؟
فقبيل انقضاء موعد التهدئة المؤقتة، كانت المفاوضات متعثرة في القاهرة حسب ما أوضح سامي أبوزهري المتحدث باسم حركة "حماس" الذي أعلن أن "الوسيط المصري قدم ورقة خالية من الإجابة عن المطالب الفلسطينية، بما يعني رفض الاحتلال موضوع المطار والميناء والإفراج عن المعتقلين، فيما سمح بالصيد فقط ضمن نطاق 6 أميال، وبقاء الشريط الأمني العازل" . كما أوضح أبوزهري أن الاحتلال ما زال يتحكم في نوعية البضائع التي يمكن أن يسمح بدخولها للقطاع عبر المعابر، وهذا كله يعني أن إسرائيل تتهرب من القبول بأية مطالب للمقاومة .
هذا الرفض الإسرائيلي يرتكز على مجموعة من الرهانات أولها، أن ما هو موجود الآن من تماسك في مواقف وفد المقاومة المفاوض في القاهرة سوف ينهار عاجلاً أم آجلاً بحكم ما يتصوره من خلافات مصالح عميقة بين السلطة ومن ورائها حركة "فتح"، وبين حركة "حماس"، لكن هذا الرهان ثبت فشله، على الأقل حتى الآن، وما جاء على لسان عزام الأحمد القيادي البارز في حركة "فتح" رئيس وفد فصائل المقاومة في مفاوضات القاهرة يؤكد ذلك حيث إن "المطالب الفلسطينية لوقف إطلاق نار دائم واضحة، ولايمكن التنازل عنها، خاصة ما يتعلق بتشغيل ميناء ومطار غزة"، وقال: "نحن لم نطلب أي جديد إطلاقاً، وبالتالي ليس من حق إسرائيل أن تقول هذا مسموح وهذا غير مسموح كما أننا نقدم مطالب تتعلق بوقف الحرب"، ونوه بأنه كان هناك مطار في غزة يعمل وطائرات تحط فيه بموافقة الحكومة الإسرائيلية وفق اتفاق أوسلو للسلام المرحلي، كما نوه بأن الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك زار غزة عام 1999 حيث شارك في قص شريط بدء العمل في ميناء غزة، وتساءل الأحمد عن سبب منع إسرائيل تشغيل ميناء غزة حتى اليوم وهو متفق عليه منذ نهاية عام 1999؟ لكن لم يكتف بهذا التفنيد بل قال بوضوح وصراحة: نحن لا نرغب في التصعيد لكن من حقنا أن ندافع عن أنفسنا" .
ليس هناك دليل أوضح من ذلك على فشل المراهنة الإسرائيلية على تفكك صمود وحدة الفلسطينيين أمام هذا العدوان، رئيس الوفد أوضح بالدليل القاطع أمرين أولهما: إن مطالب وفد المقاومة مشروعة وليست بدعة بل هي نصوص متفق عليها مع الإسرائيليين يريدون التهرب منها وطمسها، ثانيها: الإصرار على الدفاع عن الحقوق، وبالتالي فإن المفاوضات من جانب الوفد الفلسطيني في القاهرة لن تكون بمثابة إعلان بانتصار العدوان والتفريط في الحقوق والاستسلام لهزيمة لم تحدث .
أما الرهان الثاني الذي فشل أيضاً، فهو رهان كسب الردع القوي ضد قطاع غزة والترويج به لانتصار مزعوم يبرر العدوان، فمبادرة المقاومة بالرد وضعت نهاية مبكرة لهذا الرهان ونجحت في تعرية فشل القيادة الإسرائيلية في الاجابة عن السؤال: لماذا كانت الحرب على قطاع غزة؟ وماذا تحقق من نتائج؟
فقبل القبول بخيار التهدئة المؤقتة كان أمام الإسرائيليين خيارات محدودة لإنهاء حرب وصلوا إلى قناعة بأنها "حرب فاشلة" كان في مقدمتها خيار إنهاء الحملة من طرف واحد على نحو إنهاء حملة "الرصاص المصبوب" عام ،2009 أو الوصول إلى وقف نار متفق عليه والوصول إلى ترتيب على نحو ما حدث بالنسبة لعدوان "عمود السحاب" عام ،2012 وكان هناك خيار ثالث نظري هو تعميق التوغل البشري في عمق القطاع لكسر خيار المقاومة، أما الخيار الأخير فكان التورط في احتلال قطاع غزة، ولم يجدوا غير خيار الانسحاب من طرف واحد تحت زعم أنه يحمي من دفع أثمان لا يريدونها، وهذا ما يحاولونه الآن في مفاوضات القاهرة .
ارتكبوا الجريمة ويريدون الهروب، لكن تماسك الوفد الفلسطيني وجدية المقاومة سوف يضاعفان الأثمان، فصراعاتهم الداخلية أثمانها باهظة وتفوق بكثير ما يمكن أن يدفعوه للعرب من أثمان، والحرب النفسية التي يقوم بها الإعلام الإسرائيلي الآن لتزييف الحقائق المُرّة للعدوان وتصوير الهزيمة انتصاراً بددتها صواريخ المقاومة، ويبددها صمود المفاوض الفلسطيني، لكن هذا كله ما زال في حاجة ماسة إلى الحاضنة العربية القادرة على رعاية هذا الصمود وتطويره إلى مقاومة تجدد خيار المواجهة مع ااسرائيل في ضوء تجربة غزة البطولية في الصمود والمقاومة وتجديد أمل التحرير الموعود .
ما بعد الحرب على غزة
بقلم: ناجى صادق شراب – القدس
الحرب على غزة ليست كأي حرب بين دولة وأخرى ، فهي حرب لها إمتدادات وتداعيات سياسية تتجاوز الحدود الجغرافية الصغيرة لغزة ، هي حرب سياسية منذ بداياتها لنهايتها ، وتنطبق عليها مقولة الضعيف لن يهزم ، والقوى لن يكسب ، ويقصد بذلك أن إسرائيل ورغم ما تملكه من قوة متفوقة تستطيع أن تدمر غزة بالكامل ولمرات متعددة الا انها لا تستطيع الانتصار لإعتبارات كثيرة إقليمية ودولية ، وإعتبارات تتعلق بالمقاومة وقوة وصمود شعب كامل في غزة يقارب المليونيين ، ومن ناحية أخرى المقاومة وما تملك من قدرات محدودة في غزة لا تستطيع اسرائيل أن تلحق هزيمة كاملة بإسرائيل ، بل قد لا تستطيع أن تتقدم أكثر من حدود غزة نفسها .
وفى إطار هذا السياق تكمن المعادلة الصعبة ، وهى أن غزة تقع في قلب الدائرة ألأولى لأمن إسرائيل ، ولذلك فان اي تطور في قدرات المقاومة يشكل تهديدا لأمن إسرائيل ، والمقاومة وبفعل خيار المقاومة الذي تستمد منه شرعيتها ولا يمكن أن تتخلى عنه وإلا فقدت مصداقيتها ، وهذا ما تحاول أن تفرضه في شكل تهدئة بينها وبين حركة حماس والمقاومة وليس تسوية ، وإذا ما نجحت في ذلك ستفقد المقاومة مصداقيتها السياسية وشرعيتها .
هي في النهاية حرب ومقاومة من أجل تهدئة يحاول كل طرف أن يفرض شروطه ليؤكد انتصاره . وعليه ستترك هذه الحرب آثارا سياسية مباشرة من خلال توظيف كل طرف الحرب لصالحه ، الحكومة الإسرائيلية بزعامة نتانياهو وتحالفه اليميني سيستثمران هذه الحرب ، وتقديم التهدئة للناخب الإسرائيلي على أنها ستجلب له الهدوء ، وأنها فرضت شروطا على المقاومة وبأنها لن يكون بمقدورها العودة ثانية لإطلاق الصواريخ ، وأنها سلبت المقاومة قدراتها الردعية بتقليص القدرات الصاروخية ، وتدمير معظم الأنفاق.
والمقاومة من جانبها ستحاول أيضا استثمار التهدئة ، وتقدمها للمواطن الفلسطيني على أنها انتصار كبير لها ، وأنها كانت الوحيدة القادرة على الوصول إلى قلب إسرائيل وضربها تل ابيب مقر السفارات الدبلوماسية ، ومركزها السياحي والمالي وفرضت حصارا جويا ولو مؤقتا ، وانها نجحت في خلق حالة من الردع المتبادل ، وتوازن الرعب ، وانها بذلك قد غيرت من قواعد لعبة القوة لصالحها، وأنها نجحت في رف الحصار وفتح المعابر انتظارا لمعركة الفصل والتحرير الكاملة.
هذا هو منطق المقاومة.، ولكن يبقى لهذه الحرب أبعاد سياسية مهمة على كل جانب ، فعلى الجانب الفلسطيني قد تذهب حماس بعيدا في الاستفادة من هذه الحرب ، بتأكيد قوتها ، ومصداقيتها ،وأنها ألأجدر في تمثيل الفلسطينيين ، مما قد ينعكس على بنية وتركيبة منظمة التحرير ، وقد تذهب بعيدا بغزة بفك الحصار وفتح معبر رفح كاملا ، واعتباره معبرا مصريا فلسطينيا. وقد تنعكس هذه الحرب علي إعطاء دور سياسي أكبر لحماس ، من خلال الانتقال من فاعل رئيس إلى فاعل اكثر شرعية إقليميا ودوليا ، وهذا قد يدفع بحركة حماس إلى التركيز على العمل السياسي التفاوضي من خلال القبول بخيار الأمم المتحدة ، والعمل في إطار اكتماله .
هذا السيناريو على المستوى الفلسطيني قوي واحتمالاته كبيرة ، ومن خلال ذلك السيناريو قد تكتمل المصالحة ، بمعنى الأخذ بالاعتبار الدور الجديد لحركة حماس، وعلى المستوى الإسرائيلي قد تظهر نتائج وتداعيات هذه الحرب السياسية على مستوى الخارطة السياسية الجديدة لإسرائيل ، واحتمالات خسارة نتانياهو والليكود كبيرة ، لكن هذا لا يعنى خسارة معسكر اليمين في إسرائيل الذي له امتداه في الولايات المتحدة ولا بد من المحافظة عليه ، ولذلك قد يكون نتانياهو أول الخاسرين. وخصوصا إن هذه الحرب قد قوت من معسكري التشدد في الجانبين . وإقليميا على المستوى العربي فقد كشفت هذه الحرب هشاشة النظام ألإقليمي العربي ، وزيادة دور القوى الإقليمية الجارة مثل تركيا ، وحتى إيران .
ولقد أدى إدراك الدول العربية إن استمرار هذه الحرب أو تحولها إلى حرب برية شاملة قد يؤدى إلى زعزعة نظم حكم ودول قائمة فهذه الحرب جاءت في ظل تحولات ربية لا تشكل بيئة صالحة لها، وخصوصا بعد سقوط حكم الأخوان في مصر واعتباره منظمة إرهابية ، مما كان له تأثير مباشر على مستقبل حركة حماس.وعلاقتها بمصر، ومحاولة إيجاد بديل للدور المصري ومنفذ رفح، وهو ما يضع حماس أمام خيارات محددة لا مجال فيها للاختيار والمقارنة.
وحتى على المستوى الدولي امتدت التداعيات السياسية إلى تخوف من تورط امريكي وتهديد مباشر لمصالحها، في ظل توسع لحركة داعش في العراق وتهديدها لعدد من الدول العربية ، مما يجمع أكثر من دولة حول التصدي للتشدد ألإسلامي وهذا ما قد يفسر لنا الموقف الروسي الداعم لإسرائيل في هذه الحرب. . ولعل مصر هي الدولة الوحيدة التي تأثرت بهذه الحرب ، والتي ستترك أبعادا ومحددات سياسية جديدة في دور مصر وعلاقتها بغزة .
ويبدو أن من أهم نتائج هذه الحرب سياسيا إن غزة باتت تشكل مسألة وقضية في حد ذاتها ، وكأن القضية الفلسطينية قد أختزلت في غزة فقط . فمنذ أن سيطرت حماس على غزة ، واندلاع الحرب ألأولى قبل ست سنوات ، وهذه الحرب وغزة باتت تشكل قلقا ووجعا لكافة الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية على كافة مستوياتها المحلية والإقليمية والدولية، ، وهو ما قد يفرض توجها وتعاملا جديدا مع غزة يقوم على الحيلولة دون أن تشكل غزة مصدرا للتهديد ، ومع حركة حماس ، فلا بد من التفكير في كيفية حل مسألة غزة ، وهنا يبرز اكثر من سيناريو ، سيناريو رفع الحصار عن غزة ، وسيناريو إعادة بناء السلطة الفلسطينية والاعتراف بحكومة وحدة وطنية فلسطينية تشارك فيها حماس كمدخل للاعتراف بها إقليميا ودوليا وزيادة دور هذه الحكومة ، وهو ما شكله الوفد الموحد لمنظمة التحرير للتفاوض مع إسرائيل ، وسيناريو الاعتراف بحماس مقابل انغماسها في العملية السياسة وإعطائها دورا أكبر في حفظ التهدئة ، ووضع حد لكل الفصائل ألأخرى التي قد تخرج عن صيغة التهدئة .
وخيار سيناريو التسوية السياسية بقبول فلسطين في الأمم المتحدة كدولة كاملة بإنهاء الاحتلال ومن ثم نزع سلاح المقاومة ، وقبول حماس بهذا الخيار كمدخل لدخولها في عملية تفاوضية جديدة تكتمل من خلالها الدولة الفلسطينية الكاملة. والذي يدعم من هذه الخيارات محاولات الدول العربية التحرر من التزامات القضية الفلسطينية سياسيا ، مع الالتزام بدعم التسوية السياسية ، وتحمل الفلسطينيين دورهم في تقرير مستقبلهم السياسي من خلال نظام حكم تشارك في صياغته وبنائه. كل هذه التصورات والخيارات تأتى في سياقين للتسوية أولا على مستوى قطاع غزة إن لم يكن نزع سلاح المقاومة وهو خيار صعب طالما هناك إحتلال فبتقليص قدرات المقاومة الإستراتيجية ، والمستوى الثاني التوجه نحو منهاج جديد للسلام يتعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإيجاد حل نهائي يتجسد بقيام دولة فلسطينية كاملة ، وبداية هذه التسوية هي غزة، هذه هي اهم نتائج حرب غزة السياسية ، ويبقى السؤال كيف سيتعامل الفلسطينيين هذه النتائج؟ بخيار الإنقسام ؟ هذا هو أكبر التحديات السياسية فلسطينيا.
مع نهاية الحرب: الجيش الإسرائيلي يخوض حرب التحقيقات والميزانيات!!
بقلم: هاني حبيب – الايام
بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي إعداد ملفاته، لما بعد التوصل إلى هدنة طويلة مع الجانب الفلسطيني، أهم هذه الملفات، ملفان مترابطان أحدهما يتعلق بالتحقيقات التي من المرجح أن تعقد للنظر في أسباب فشله في المواجهات مع المقاومة الفلسطينية، وثانيهما يتعلق بملف الابتزاز، أي ملف المطالبة بزيادة ميزانيات جيش الاحتلال، الملفان مترابطان، كون ملف الميزانية، سيشكل أحد أهم أركان ردود جيش الاحتلال على الاتهام بالفشل بالقول إنه لم يتمكن من تحسين أدائه، بالتدريب وبالتسليح بسبب عدم الموافقة على الميزانيات التي طلبها، معركة الميزانية هي إحدى أهم المعارك على ملف "التقصير والفشل".
كان جيش الاحتلال الإسرائيلي، ووفقاً لما نشرته وسائل الإعلام، قد قام بإعداد سيناريوهات مسبقة للحروب القادمة التي من الممكن أن يديرها، ومن بين هذه التدريبات وفقاً لهذه السيناريوهات، اضطرار جيش الاحتلال لخوض حرب على جبهتين في وقت واحد، لقطاع غزة وجنوب لبنان مثلا، أو إيران وجنوب لبنان، لكن حربه الأخيرة على قطاع غزة، أثبتت فشله فشلاً تاماً، على جبهة واحدة فقط، رغم كل استعداداته وتدريباته وزيادة قدراته التسليحية.
بعد حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، تذرع الجيش الإسرائيلي بميزانيته المحدودة لتبرير فشله في حسم الحرب تماماً لصالحه، ومنذ ذلك الوقت، تزايدت قيمة ميزانيات جيش الاحتلال كل عام، على حساب ميزانيات التعليم والصحة والبنية التحتية، باستثناء البناء الاستيطاني، كما أوقف الجيش الإسرائيلي المناقشات التي بدأت في الكنيست بهدف تقصير فترة الخدمة العسكرية للاحتياط، والآن بعد الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، بات من المؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيطالب بميزانية كبيرة، لسد نفقات هذه الحرب من ناحية، وللاستعداد لحروب قادمة.
استنزفت الحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة، القدرة النارية الهائلة التي حظي بها، نظراً لافتقاره إلى المعلومات الاستخبارية الدقيقة المتعلقة "ببنك الأهداف" الأمر الذي فرض نفسه على أن يبعثر نيرانه على غير هدى وبشكل مكثف "عسى ولعلّ" أن تصيب بعض القذائف، بهدف حقيقي، غير أن الضحايا من المدنيين الذين سقطوا بسبب القصف العشوائي، أشار إلى أن الجيش الإسرائيلي رغم هذه الخطة الجهنمية، لم يفلح في ضرب الأهداف الحقيقية للمقاومة الفلسطينية، وبالإضافة إلى أن ذلك يشكل خللاً في المعلومات الاستخبارية، فإنه أيضاً فضح مدى تمتع جيش الاحتلال بأخلاقيات الحرب المتعارف عليها.
الكاتب عاموس هرئيل، يكشف في مقالة له في "هآرتس" (12/8/2014) أن الجيش الإسرائيلي اضطر إلى الطلب بفتح مخازن الطوارئ الأميركية الموجودة في إسرائيل لكي يستخدمها في حربه هذه، فإذا كان الجيش الإسرائيلي مستعداً لخوض حربين في وقت واحد، فإن حرباً واحدة لم تنته بعد، أفرغت مخازنه من الأسلحة والذخائر، وهو دليل على جموح عملية القصف البري والبحري والجوي بدون حساب وبدون أخلاق، الأمر الذي أدى إلى هذا العدد الهائل من الشهداء والجرحى والنازحين في الجانب الفلسطيني من دون أن يتمكن جيش الاحتلال من حسم المعركة لصالحه كما بات مؤكداً حتى الآن؟!
ومن المتوقع أن يطالب جيش الاحتلال بميزانية إنقاذ تبلغ 18 مليار شيكل سبعة منها لتغطية حربه الثالثة على قطاع غزة، والباقي في إطار ميزانية العام القادم 2015، هذه الميزانية وجدت اعتراضات مبكرة من قبل مستويات عديدة، أشارت إلى أن جيش الاحتلال يحاول مجدداً ابتزاز الحكومة لمزيد من الميزانيات، إحدى هذه الاعتراضات أشارت إلى أن رئيس الأركان أشار إلى أن التهديدات باتت أقل، بعد "نجاح" جيش الاحتلال بتقليصها، ودعواه بأن المقاومة الفلسطينية قد خسرت الكثير من قدراتها العملياتية، في الأفراد كما في السلاح، والسؤال حسب هؤلاء، إذا كان الأمر كذلك فإننا لن نواجه تهديدات حقيقية تستوجب الاستجابة لطلب هذه الميزانية الهائلة، علماً أن الميزانية الحالية تبلغ 60 مليار شيكل وإذا أضيف لها 11 مليار شيكل، فإن ذلك سيكون على حساب بنود البنية التحتية والرفاه، علماً أن الميزانية الحالية هي أكبر من ميزانيات الدول العربية المحيطة بإسرائيل مجتمعة!!
في حال التوصل إلى هدنة حقيقية، فإن الجيش الإسرائيلي وبدعم من وزارة الحرب، سيخوض معارك طاحنة للحصول على ميزانيات إضافية، ليس فقط لسد الفجوة بين احتياجاته وقدراته الحالية، ولكن في سبيل تبرير هزيمته وعدم قدرته على حسم الحرب ونتائجها لصالحه، معركة ابتزاز جديدة، كانت دائماً موضع شكوك لدى المستويات السياسية والحزبية في إسرائيل، إلاّ أن هذا الجيش المدلل، سيحصل في الغالب على معظم طلباته، فالدولة العبرية ما هي إلاّ أداة من أدواته، جيش له دولة وليست دولة لها جيش، مع أن الحرب الثالثة على قطاع غزة، من المفترض أن تنسف كل الثوابت الإسرائيلية، بما فيها هذه المقولة!!
لماذا أصبح دحر الاحتلال إمكانية واقعية؟
بقلم: علي جرادات – الايام
لتفادي الغرق في تفاصيل تحجب جوهر الهدف الفعلي لحرب المجازر الصهيونية الدائرة على قطاع غزة يجدر التذكير ببديهية أن ضرب عوامل القوة الفلسطينية عموماً، وشقها العسكري الدفاعي خصوصا، بند ثابت في أجندة سياسة إسرائيل بوسائلها "الناعمة" و"العنيفة"، لخدمة هدف صهيوني إستراتيجي ثابت المضامين متغير الأشكال، جوهره: تصفية القضية الفلسطينية.
والحرب الهمجية الدائرة على قطاع غزة هي حرب لتحسين شروط تكريس الاحتلال وسلخ القدس واقتطاع معظم أراضي الضفة وفصلها عن قطاع غزة، بعدما تعذر تمرير ذلك بالمفاوضات برعاية أميركية.
والشعب الفلسطيني بخبرته النضالية الغنية وذاكرته الجمعية وحسه الوطني المرهف يدرك أن مجزرة العصر في قطاع غزة تستهدف قضيته وحقوقه الوطنية برمتها، وليس ضرب فصيل فلسطيني بعينه لمصلحة تقوية غيره من الفصائل، حتى وإن بدا الأمر ظاهراً كذلك، ما يفسر التفاف هذا الشعب على اختلاف مشاربه الفكرية والسياسية وفئاته العمرية والمجتمعية وأماكن وجوده حول مقاومته التي قاتلت ببسالة أربكت حسابات العدو وكبدته خسائر بشرية واقتصادية ومعنوية وأخلاقية، وأفشلت أهداف حربه البربرية، وأولها إجهاض مقدمات استعادة الوحدة الوطنية التي حولها شلال دماء أطفال قطاع غزة إلى إنجاز واقعي على القيادات الفلسطينية بشقيها الرسمي والشعبي تطويره وتحويله إلى خيار سياسي مقاوم قادر على صنع الإنجازات الوطنية وصولاً إلى دحر الاحتلال عن الضفة والقدس وقطاع غزة، كمهمة وطنية مباشرة نرى أن تحقيقها بلا شرط أو قيد، وبما لا يغلق باب مواصلة النضال لتحقيق بقية مهمات المشروع الوطني الفلسطيني، إمكانية واقعية. أما لماذا؟
"إسرائيل لا تحتمل هزيمة عسكرية واحدة" قال بن غوريون، ما اقتضى إقامة وتطوير نظام أمني صهيوني عماده بناء جيش نظامي محترف برديف احتياطي وذراع جوية متفوقة وجهاز استخباري متميز وترسانة نووية رادعة يبادر إلى شن حروب استباقية خاطفة على "أرض العدو" لتفادي حروب الاستنزاف الطويلة والمساس بجبهته الداخلية.
بذلك، وبما توافر له، ولا يزال، من دعم سياسي وعسكري وتقني ومالي إمبريالي غربي، أميركي خصوصاً، غير محدود، حقق الجيش الصهيوني انتصارات عدة، أهمها انتصار العام 1967 الخاطف المبهر، لكنه تعرض لإخفاقات واقعية كثيرة أفقدته كثيرا من قوة الردع والحسم المتخيلة، خاصة عندما واجه انتفاضات شعبية أو قوى مقاومة مسلحة يحتضنها الشعب، ويتوافر لها ولو القليل من الدعم العسكري والمالي، وتمتلك إرادة القتال، وتتجرأ على ضرب جبهة العدو الداخلية، وتعتمد نظام السرية لإخفاء إمكاناتها عن أجهزته الاستخبارية، وتواظب على ابتكار طرائق ووسائل وتكتيكات قتالية قادرة على مفاجأته.
والحقيقة أن إخفاقات الجيش الصهيوني لم تبدأ مع فشله في تحقيق نصر واضح وحاسم في حرب المجازر الأخيرة على قطاع غزة، بل مع انطلاق العمل الفدائي الفلسطيني بالتزامن مع حرب الاستنزاف البطولية على الجبهة المصرية بعد هزيمة العام 1967.
فمن إقرار قادة العدو آنذاك بحقيقة أنهم "يحكمون غزة نهاراً بينما يحكمها الفدائيون ليلاً"، إلى اضطرارهم في العام 1981 إلى إبرام أول اتفاق لوقف إطلاق النار مع قيادة الثورة الفلسطينية في لبنان لتفادي إطلاق صواريخ الكاتيوشا وقذائف المدفعية على مدن الشمال، إلى اضطرارهم إلى إخراج جيشهم من وسط "عش الدبابير"، أي التجمعات السكانية الأساسية في الضفة والقطاع، بعد عجزه عن إخماد الانتفاضة الشعبية الكبرى، إلى اضطرارهم إلى إبرام اتفاق عدم التعرض للمدنيين من الطرفين مع المقاومة الوطنية اللبنانية، إلى فرار جيشهم دون قيد أو شرط من الجنوب اللبناني، إلى احجامهم عن شن اجتياح شامل كامل على قطاع غزة على غرار اجتياح الضفة بعد انتفاضة الأقصى، إلى فك الارتباط العسكري والاستيطاني الأحادي مع غزة، وصولاً إلى تعرض جيشهم، باعترافهم، إلى هزيمة مدوية على يد المقاومة الوطنية اللبنانية في العام 2006.
بعد تلك الهزيمة تبجح قادة العدو بالقول: "سنعيد إعداد الجيش بحيث يكون نصره في الحرب القادمة نصراً واضحاً لا لبس فيه".
وظناً منهم بأن قطاع غزة المثقل بالحصار وعدوانين سابقين، (2008 و2012)، هو "مكسر العصا" الذي يمكن بشن حرب ثالثة عليه استعادة قوة ردعهم المتآكلة.
فماذا كانت النتيجة الميدانية؟ ثبت أن قطاع غزة بشعبه المكافح الصبور، وبمقاومته الباسلة، قد سبقهم بدرجة كبيرة إلى استخلاص الدروس من العدوانين السابقين، سواء لناحية تطوير وابتكار أساليب وتكتيكات قتالية لم تخطر ببال أحد، أو لناحية بناء قدرات قتالية نوعية فوق الأرض وتحت الأرض فاجأت بسريتها أجهزة أمن الاحتلال وعملاءه ووسائل مراقبته بأشكالها وتقنياتها فائقة التطور، أو لناحية بناء الكادر المقاتل الشجاع المستعد لتنفيذ عمليات فدائية على خطوط المواجهة الأولى وخلف خطوط العدو أيضاً.
بفضل ذلك، وأساساً بفضل توحد شعب فلسطين في المعركة، وصموده الأسطوري، ومخزونه الكفاحي الهائل، واستعداده منقطع النظير لتقديم التضحيات وتحمل عذابات حياة النزوح والتشريد، خاب ظن قادة العدو، وفشلت حربهم فشلا ذريعاً، هو بحسابات اختلال ميزان القوى هزيمة ميدانية مدوية لجيشهم الذي يحتل مرتبة الجيش الأول في المنطقة، ويعد أحد أقوى خمسة جيوش في العالم، وقيل عنه يوماً إنه "الجيش الذي لا يُقهر".
إخفاقات الجيش الصهيوني الميدانية المتلاحقة، وآخرها في قطاع غزة هي، وإن لم تتحول حتى الآن، لأسباب سياسية دولية وعربية معروفة، إلى هزائم تجبر قادة الكيان الصهيوني على التخلي عن نظامهم السياسي العنصري العدواني التوسعي الرافض للتسويات السياسية للصراع، إلا أنها كشفت مواطن ضعف نظامهم الأمني وتآكل قدرة جيشهم على الردع وحسم جولات المواجهة، خاصة مع قوى المقاومة الشعبية، ما دفعهم إلى رفع منسوب عنصريتهم إلى حدود الفاشية، حيث صارت كل حروبهم حروب مجازر ومحارق ومذابح وإبادة جماعية للمدنيين، وللأطفال والنساء والمسنين منهم خصوصاً، ظناً منهم بقدرة ذلك على استعادة قوة ردعهم المتآكلة، متناسين أن هذا لن يزيد الشعب الفلسطيني إلا التفافا حول قواه المقاومة أيا كانت مشاربها الفكرية والسياسية، وأن ارتكابات وفظاعات مجازر الإبادة الجماعية لن تفلح في ثني هذا الشعب عن مواصلة كفاحه الوطني الممتد على مدار قرن من الزمان، تماماً مثلما لم تفلح، (مثلاً)، مجازر الجيش الأميركي في ثني الشعب الفيتنامي العملاق الذي قدم مليون ونصف المليون شهيد، عدا تدمير عشرات المدن والقرى، عن مواصلة كفاحه الوطني حتى دحر أقوى جيوش العالم، وهربه ذليلاً دون قيد أو شرط، ولا في ثني الشعب الجزائري البطل عن مواصلة كفاحه الوطني ضد المحتلين الفرنسيين حتى طردهم بكلفة مليون ونصف المليون شهيد أيضاً. ماذا يعني هذا الكلام؟
لئن كان الجيش الصهيوني نشأ أصلا على ارتكاب جرائم التطهير العرقي المخطط، فإن فشل نظامه الأمني في ردع الانتفاضات وقوى المقاومة الفلسطينية والعربية الشعبية، قد نزع عنه ما تبقى له من صفات الجيش المقاتل، وحوله بالتمام والكمال إلى جيش قاتل للمدنيين حيث تجاوزت مجازره ومذابحه كل حدود المعقول، ما يوجب الإصرار على تقديم قادته السياسيين والعسكريين إلى محكمة الجنايات الدولية، لينالوا عقابهم كمجرمي حرب.
وحتى يكون ذلك، وتمهيداً له، وإلى جانب واجب تطوير خيار الوحدة والمقاومة المعمد بشلالات دماء أطفال قطاع غزة إلى خيار سياسي وطني لا رجعة عنه، فإن هنالك حاجة إلى عمل سياسي ودبلوماسي وإعلامي فلسطيني موحد جاد ومثابر لتطوير وتعميم الخطوة الشجاعة للرئيس البوليفي، موراليس، الذي أصاب كبد الحقيقة حين وضع إسرائيل على لائحة الدول الإرهابية، ومثلها الولايات المتحدة الراعية لكل جرائم برابرة العصر الصهاينة، وآخرها ما ارتكبوه من جرائم حرب موصوفة وإبادة جماعية ممنهجة بحق أطفال قطاع غزة ونسائه وشيوخه وأطبائه وممرضيه ومدارسه ومساجده وكنائسه ومنازله ومستشفياته ومقابره ومحطات مياهه ووقوده وكهربائه من بيت حانون شمالاً إلى رفح جنوباً.


حياتنا - أصل الحصار
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
منذ بداية الحرب على غزة قلنا ان حركة حماس لن تنتزع من الاحتلال إلا ما هو أكثر بقليل من تهدئة 2012، فكل المطالب الرنانة لن تجد صدى لدى إسرائيل التي لم تنفذها في اتفاق أوسلو فكيف تنفذها في تفاهم تهدئة جديد؟ وحاليا يبدو أن مجمل ما يجري البحث فيه هو تخفيف الحصار بدرجة يعود فيها الى ما كان عليه قبل أسر شاليط وليس قبل انقلاب حماس في غزة. فالحصار على غزة فرض مبدئيا منذ الانقلاب، ثم تم تشديده بعد أسر الجندي شاليط ولم تطالب حماس بفك الحصار في صفقة شاليط وتسرعت في عقد الصفقة لأسباب اعلامية دعائية فقط، فعدد من سقطوا شهداء منذ شاليط يوازي تحرير كل الأسرى، حيث فاق العدد الألفي شهيد. لسنا هنا في مجال مقارنات وحسابات حول قيمة الشهيد والأسير والجريح والمشرد، ولكننا في حساب أصل الحصار نجد أنه لا علاقة له لا بتحرير بيت المقدس وضواحي يافا، بل هو مجرد سعي من جانب حماس لفك الحصار عن نفسها وليس عن شعب غزة. أي أن الهدف يبقى حزبيا محضا.
فالصراع مع الاحتلال لم يكن في يوم من الأيام حول غزة التي انسحب منها طوعا بهدف ترسيم الحدود في الضفة وفقا للمزاج الاحتلالي وليس كما ادعى البعض أنه انسحب منها تحت ضربات المقاومة وبالتحديد ضربات حماس، وكأن حماس وحدها التي كانت في غزة منذ عام 1967، فالأرقام تقول إن الاحتلال فقد في غزة منذ عام 1967 حتى انسحابه عام 2005 ما يقارب 162 قتيلا بين جندي ومستوطن، وهذا الرقم على مدى تلك الفترة التي بلغت 38 سنة لا يبرر انسحابا أو القول انه تم تحت الضربات، فمن كان يسيطر على غزة عند الانسحاب هو السلطة الوطنية. في القاهرة اسقطت حماس الضفة الغربية من حساباتهم.. ولم تتحدث عن ممر آمن وعن ضرورة اطلاق سراح 600 معتقل جرى اعتقالهم بعد فقدان المستوطنين الثلاثة.. وجرى تجاهل حقيقة بسيطة وهي أن حل مشكلة الحصار وازالة آثار العدوان تكمن في وحدة وطنية حقيقية، بحيث تسيطر حكومة وفاقية أو فصائلية على كل المعابر وعلى كل مجريات الحياة في غزة باعتبارها سلطة شرعية، ولا ضرورة لفذلكات اضافية لأن كل معمعان يكلفنا مثل هذا الحجم من الدمار والدم لتخفيف الحصار وليس ازالته يبدو باهظا، بحيث انه عند ازالة آخر قيد في الحصار لن نجد من يفاوض عليه من أهلنا في غزة.
قول الحقيقة مؤلم وحجبها أكثر إيلاماً.
علامات على الطريق - إنذار بيئي خطير جداً
بقلم: يحيى رباح – الحياة
ممثل منظمة الصحة العالمية في الشرق الأوسط الذي التقاه الرئيس أبو مازن يوم أمس الأول في رام الله، كان قد زار قطاع غزة، واطلع على صورة الوضع الصحي، وأطلق إنذاراً كبيراً بخصوص الوضع البيئي، بأن قطاع غزة قد يعاني من أمراض خطيرة كان قد تخلص منها منذ زمن بعيد إذا لم تتوقف هذه الحرب، وبالتالي يتلقى القطاع من العالم المساعدات اللازمة على هذا الصعيد.
من خلال أحاديثي عبر الهاتف مع العديد من الأقارب والأصدقاء في قطاع غزة الذي تنشد إليه كل القلوب والعيون والعقول، فإن هؤلاء الأصدقاء وبعضهم في الأطر العليا من المسؤولية مثل الأخ العزيز إبراهيم أبو النجا أمين سر اللجنة القيادية العليا لحركة فتح في القطاع يؤكدون على خطورة الوضع البيئي، وأن هذا الموضوع يجب أن يوضع في أول قائمة الأولويات، لأن الخطر البيئي عادة يكون طويل المدى، وإذا تم تجاهله لصالح أولويات أخرى، أو لضيق ذات اليد وعدم توفر الامكانيات والآلات والمواد اللازمة، فقد يتحول إلى كارثة.
و أذكر أننا بعد النكبة مباشرة حين كانت مخيماتنا في قطاع غزة في حالة بائسة – أكواخا من الطين لسقوف من الأسبست – قد تعرضنا إلى أوضاع بيئية خطرة، فقد انتشر البق والقمل ومرض السل بشكل كبير, ولم تنفع معه المركبات الكيميائية التي كانت سائدة في ذلك الوقت مثل الـ «D.D.T» أو أخضر باريس أو الجاميكسان، ولكن وعي الناس الجمعي والروح التطوعية العالية، هي التي جعلتنا نتغلب على تلك الأوبئة. وقد ذكرني اللواء زكريا بعلوشة الذي تحول بيته في عزبة عبد ربه إلى أنقاض جراء القصف الاسرائيلي قبل أسبوعين – وهذا يكذب ادعاءات جيش الاحتلال بأنهم يدمرون بيوت (قادة الارهاب) أو البيوت التي تستخدم كمخازن للأسلحة - أقول ذكرني اللواء زكريا بعلوشة بالجهد الخارق الذي بذله سكان المخيمات، والوسائل والأساليب التي ابتكروها للخلاص من تلك الآفات والأوبئة، وهو يقترح بدء حملة تطوعية واسعة، واستخدام بعض المواد الأولية مثل الكيورسين وغيرها لمكافحة حجم التعفن الشديد تحت أنقاض البيوت، خاصة في المناطق التي أستهدفت بشكل مركز من قبل عدوان جيش الاحتلال مثل بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا والشجاعية وخزاعة وجحر الديك وشرق الزيتون وشرق رفح التي وقع فيها دمار هائل.
وأخبرني القيادي الفتحوي المعروف عبد الكريم أبو عودة المشهور باسم (عبد السلام الأشبال) أن عمل الجرافات في أيام التهدئة الماضية بالكاد وصل إلى فتح طرق للسير على الأقدام في المناطق الأشد قصفاً والأكثر ركاماً، وأن هذا الجهد والأمكانيات يجب أن تتضاعف فنحن في سباق مع الزمن.
في كل هدنة إنسانية سواءً كانت بضع ساعات أو ثلاثة أيام كالتي تنتهي منتصف ليل الأربعاء، فإن الآلاف يسارعون لتفقد بيوتهم وممتلكاتهم، وفي كل مرة يكتشفون أن الكارثة أكبر حجماً، وأن الدمار والخسائر أفدح مما كانوا يظنون! وهذا معناه أن المبالغة في حجم الدمار والتخريب والمبالغة حجم في القتل كان مقصوداً، وكان هو الأمر المركزي الصادر لقوات جيش الاحتلال بكل فروعها البرية والجوية والبحرية، أي أن إسرائيل تريد عن سابق إصرار وتعمد أن يظل قطاع غزة كسيحاً غير قادر على استعادة حياته والانطلاق بها إلى الأمام كجزء عضوي من المشروع الوطني والدولة الفلسطينية المستقلة.
بل إن إسرائيل تريد لقطاع غزة أن يظل مشكلة متفاقمة بحد ذاتها، مشكلة ثقيلة الوطئة، وثقيلة الوزن في انتظار الحرب التدميرية القادمة، وهكذا دواليك ولهذا السبب فإن المفاوضات التي يجريها الوفد الموحد بطريقة غير مباشرة في القاهرة مع الوفد الاسرائيلي بوساطة مصرية واعية جداً، وبمتابعة من كل الأطراف في العالم، هي مفاوضات صعبة جداً إلى حد التعقيد، وهي مفاوضات هدفها الفلسطيني الرئيسي هو كسر هذه المعادلة الاسرائيلية – بإقصاء قطاع غزة وراء السياج خارج الفضاء الفلسطيني – وجعل إسرائيل تسلم بشكل نهائي بأن قطاع غزة هو في قلب القضية وفي قلب الشعب وفي قلب الحل النهائي أي في قلب الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
في هذا الإطار: فإن المفاوضات ستكون صعبة ومضنية، وقد تفلت الأمور إلى موجات سريعة من العنف، ولكن وحدة الوفد الفلسطيني، ووحدة الموقف الفلسطيني، ووحدة الاطار الفلسطيني والبرنامج السياسي الفلسطيني تحت لواء الشرعية الفلسطينية، هي أدواتنا الأولى الأكثر أهمية للانتصار في هذه المفاوضات، وانتصارنا النهائي في الوصول إلى الهدف .
قطاع غزة ومنذ اليوم الأول للنكبة حمل على كاهله طيلة سبعة وستين عاماً وبمساعدة مصرية ثابتة وخارقة، عبء بقاء واستمرار الهوية الوطنية الفلسطينية، وهو اليوم رغم جراحه النازفة إلى حد الكارثة يحمل البشرى للقيامة الفلسطينية من جديد.

نبض الحياة - حدود التفاوض للهدنة
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
الهدنتان من 5 إلى 8/8 ومن 11/8 إلى فجر 14/8 الحالي، مجموع ساعاتها 144 ساعة، لم تكن أكثر من استراحة محارب، لأنها لم تعنِ وقف الحرب الاسرائيلية المسعورة على محافظات الجنوب. ولأن بوابة الحرب الجهنمية ما زالت مفتوحة على مصراعيها، إن لم يتمكن الوفدان الفلسطيني والاسرائيلي من التوصل لاتفاق يضمن الحقوق الوطنية، وكون آلة الحرب الاسرائيلية لم توقف قصفها لقطاع غزة، بالامس، رغم سريان الهدنة الثانية، إلا ان الزوارق الاسرائيلية قصفت احد النوادي على ساحل مدينة غزة، كما ان الحرب تدار بوسائل أخرى من خلال الحصار وتعطيل حياة المواطنين، والحؤول دون لملمة أشلاء شهدائهم في المناطق المحاذية للحدود.. إلخ.
المراقب لتطور المفاوضات غير المباشرة بواسطة الشقيقة الكبرى، مصر المحروسة، يلحظ ان حكومة نتنياهو تمارس سياسة المماطلة والتسويف في الرد على المطالب الفلسطينية، والتي جميعها مطالب ذات صبغة انسانية، ولا تخرج عما كفلته اتفاقيات اوسلو بما في ذلك المطار (الذي دمرته طائرات الحرب الاسرائيلية بعد اختطاف جلعاد شاليط عام 2006) والميناء. وتحاول التهرب من الاجابة والرد الواضح على العناوين الـ(15)، وادخال الوسيط المصري في دوامة التفاصيل او وضع العصي في دواليب تحقيق المطالب من خلال اعطاء (اسرائيل) نفسها «حق النقض الفيتو» على ادخال السلع والمواد المتعلقة باعادة اعمار القطاع.
هذه السياسة الاسرائيلية ليست جديدة، ولم تعد مفاجئة للوفد الفلسطيني الموحد، لانها نهج ثابت في آليات عمل القيادات الاسرائيلية تاريخيا. ومن خلالها، تود تحقيق اكثر من هدف، اولا استنزاف طاقة الوفد الفلسطيني؛ ثانيا إحداث تشرذم في مكونات الوفد، من خلال تناغمها مع القوى الساعية لتعطيل دور الشرعية الوطنية والقيادة المصرية الجديدة، والاستفراد بالتفاوض بديلا عن الوفد المشترك. لا سيما ان هناك مصادر حمساوية اشارت عبر صحيفة الرسالة، الناطقة باسم حماس، إلى وجود قناة سرية ثنائية بين حركة حماس واسرائيل؛ ثالثا انتزاع اكبر قدر من التنازلات من الفلسطينيين، في حال لم تنجح في الشرذمة والتمزيق للوفد الموحد؛ رابعا ابقاء اليد الطولى لاسرائيل في فتح نيران حروبها اللاحقة وقتما تشاء؛ خامسا إطالة امد معاناة ابناء الشعب العربي الفلسطيني في محافظات الجنوب. سادسا تسعى حكومة نتنياهو للضغط على القيادة الشرعية والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية والعربية مع عدم تعريض القيادات الاسرائيلية، التي ارتكبت جرائم حرب للمساءلة امام المحاكم الاممية خاصة محكمة الجنايات الدولية.
رغم وضوح الاهداف الاسرائيلية، إلا ان الوسيط المصري، يحاول ايجاد صيغ تستجيب للحقوق الفلسطينية، من خلال تمرحل التطبيق الاسرائيلي لتلك المطالب. لكن الوفد الاسرائيلي، الذي يقوم بجولات مكوكية بين قيادته في تل ابيب ومبنى المخابرات المصرية في القاهرة، لم يتقدم نحو المطالب الفلسطينية، وما زالت ردوده سطحية وبعيدة عن تلك الحقوق المشروعة. الامر الذي يفرض على القيادة الشرعية خاصة الرئيس محمود عباس، الذي يشرف مباشرة على المفاوضات من خلال الاخ عزام الاحمد، رئيس الوفد، ان يحدد آلية عمل واضحة لرئيس واعضاء الوفد، منها: اولا التمسك بالمطالب الوطنية بشكل لا لبس فيه، ورفض اي تنازل لاسرائيل؛ ثانيا حماية وحدة الوفد المشترك، والطلب من خالد مشعل الكف عن لعب اي دور يسيء لوحدة الموقف الفلسطيني، واغلاق اية نوافذ اتصال مباشرة مع اسرائيل؛ ثالثا وضع روزنامة زمنية لالزام اسرائيل بالرد على المطالب الفلسطينية باسرع وقت ممكن، ووفق رؤية وطنية للزمن الافتراضي الممكن. وتحميلها المسؤولية امام العالم كله عن عدم الاستجابة للمطالب الفلسطينية، والتلويح بالتوجه لمنابر الامم المتحدة لالزامها بذلك، لان موعد العام الدارسي الجديد قد اقترب، كما ان اقتراب حلول فصل الشتاء يحتم العمل مباشرة لاعادة اعمار ما دمرته الحروب الاسرائيلية الثلاث لايواء المواطنين. رابعا الحرص كل الحرص على المسائل السيادية الفلسطينية، ووضع حد لتدخل اسرائيل فيها.
لا يجوز ان تجر اسرائيل الوفد المفاوض والقيادة الشرعية لمتاهة التفاوض من اجل التفاوض. الظرف والشرط مختلف، والمطالب الفلسطينية تنسجم وروح القانون الدولي واتفاقيات اوسلو، ولا يوجد فيها ما يتناقض وخيار السلام والتسوية السياسية، وعلى الوفد الفلسطيني التنسيق مع الاشقاء المصريين على الزمن الافتراضي للمفاوضات، بعد ذلك يتم غلق الباب على سياسة البلطجة الاسرائيلية.