Haneen
2014-09-17, 08:52 AM
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الاثنين 18/8/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
ý ساعات حاسمة !
بقلم: حديث القدس – القدس
ý إعادة فلسطين الى رأس الأجندة الدولية
بقلم: خالد الحروب – القدس
ý عندما تلتقي أفراح وأحزان محافظة رام الله على "دوار المنارة"
بقلم: حسن عبد الله – القدس
ý إسرائيل الجريحة خطر على نفسها ...
بقلم: طلال عوكل – الايام
ý ما بعد الهدنة !
بقلم: سميح شبيب – الايام
ý حياتنا – شيطنة الدين
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
ý علامات على الطريق - وحدة وشرعية وقرار مستقل
بقلم: يحيى رباح – الحياة
ý الصهيونية وداعش.. مقاربات أولية
بقلم: رامي مهداوي – معا
ساعات حاسمة !
بقلم: حديث القدس – القدس
المفاوضات الماراثونية غير المباشرة التي استؤنفت أمس في القاهرة بين الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي بوساطة مصرية مع اقتراب انتهاء مهلة وقف النار منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء لا شك انها مفاوضات هامة وسيكون لنتائجها آثار ايجابية في حال النجاح وتداعيات سلبية في حال الفشل تؤثر على الأمن والاستقرار ومستقبل عملية السلام في المنطقة والسؤال الذي يطرح الآن بعد جلسات المفاوضات السابقة وفترات وقف النار التي لم تسفر عن التوصل الى اتفاق يلبي المطالب الفلسطينية العادلة وينسجم مع حجم التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني، بفعل التعنت الاسرائيلي وإصرار حكومة نتنياهو على التدخل في الشأن الفلسطيني والتنكر للحقوق الفلسطينية هو : كيف يمكن ضمان تحقيق المطالب الفلسطينية والحفاظ على نوع من الاستقرار يتيح التفرغ للمهام الجسام التالية سواء مهمة إعادة إعمار قطاع غزة او المهمة المركزية بإنهاء الاحتلال وتجسيد قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس؟!
إن ما يجب ان يقال هنا أولا ان كل ما طرح من مطالب فلسطينية في مفاوضات القاهرة هو حقوق فلسطينية غير قابلة للمساومة ولا تمتلك اسرائيل أي حق بتقييدها او رفضها، ولهذا فان المتوقع فلسطينيا ان يمسك الوفد الفلسطيني بهذه المطالب كشرط للتوصل الى أي اتفاق، وتتحمل اسرائيل مسؤولية أية تداعيات ناجمة عن رفضها لهذه المطالبة. ولا يعقل بعد أن سقط أكثر من ألفي شهيد وأكثر من عشرة آلاف جريح وهذا الدمار الهائل بفعل العدوان الاسرائيلي، ان تأتي اسرائيل وتواصل التنكر للحقوق الفلسطينية وتواصل حصار قطاع غزة بأشكال مختلفة او تحاول فرض املاءات وشروط ليس من حقها حتى طرحها.
وعلى ضوء المواقف الاسرائيلية المتعنتة في مفاوضات القاهرة فإن المطلوب الآن من المجتمع الدولي ممارسة أقصى درجات الضغط على الحكومة الاسرائيلية المتشددة للتجاوب مع المطالب الفلسطينية.
كما ان المطلوب عربيا أيضا دعم الوفد الفلسطيني المفاوض وتوجيه رسائل واضحة لاسرائيل والولايات المتحدة مفادها ان الجانب العربي يقف الى جانب الوفد الفلسطيني ومطالبه وأن من الأجدر الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة وعدم التدخل بإنشاء مطار وميناء فلسطينيين، فهذا شأن فلسطيني وحق فلسطيني، عدا عن ضرورة إطلاق سراح الأسرى وضمان عدم إقدام اسرائيل على ارتكاب عدوان جديد او انتهاكات في قطاع غزة سواء براً او بحراً او جواً وضرورة تمتع صيادي غزة بالعمل في أجواء طبيعية وفي المساحة الاقليمية المتعارف عليها دوليا.
كما ان ما يجب ان يقال هنا ان أي اتفاق جديد مع اسرائيل يجب الّا يمس حق الجانب الفلسطيني في التوجه الى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة ومحاكمة الاحتلال الاسرائيلي على ما اقترفه في قطاع غزة خلال هذا العدوان، وحق فلسطين الدولة المعترف بها في الامم المتحدة بالانضمام الى كافة المنظمات الدولية.
وخلاصة القول فإننا نأمل أن تسفر الجهود المبذولة حاليا عن اتفاق يلبي الحقوق الفلسطينية ولا يقدم أية مكافأة للاحتلال على عدوانه وعلى ما ارتكبه في قطاع غزة، وهي مسؤولية فلسطينية - عربية عدا عن كونها مسؤولية المجتمع الدولي الذي يجب عليه ان يجسد ما تضمنه ميثاق الأمم المتحدة من مبادىء وأن يعمل على إنهاء هذا الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي في الحرية والاستقلال.
إعادة فلسطين الى رأس الأجندة الدولية
بقلم: خالد الحروب – القدس
صمود غزة ومقاومتها على رغم الاكلاف الغالية أفشل اهداف إسرائيل بشكل فادح وأربك سياسييها، والأهم انه فاجأ الجميع بإعادة فلسطين الى رأس اجندة القضايا الاقليمية والدولية، بعد ان أُزيحت جانباً. الملفات والقضايا المفتوحة والنازفة في المنطقة في السنوات الاخيرة همّشت فلسطين والفلسطينيين وقضيتهم، ولا تحتاج الى تعداد او توصيف. بيد ان ما يحتاج الى إعادة تذكير هو الكيفية التي آلت بها فلسطين لأن تصبح «واحدة من القضايا» الكثيرة اقليمياً بعدما كانت القضية الاولى، وكيف أُزيحت عن جدول اولويات الشأن الدولي. بل وربما الاكثر لفتاً للنظر كيف تضاءلت حتى على الاجندة الاسرائيلية لتنزلق من قضية ملحّة على مستوى السياسة والاستراتيجية الاسرائيلية العامة، إلى مجرد قضية من قضايا التنافس السياسي والمزايدة الانتهازية بين الاحزاب المتصارعة على السلطة. خلال اكثر من عشرين سنة منذ اتفاق اوسلو تحقق لإسرائيل ما لم تكن تحلم به من تهميش خارجي للقضية الفلسطينية، وتحويلها من مسألة احتلال عسكري واستعماري، إلى نزاع بين كيانين سياسيين (اسرائيل والسلطة الفلسطينية) تتكفل بحلّه «عملية سلام» مفتوحة إلى الابد! وداخلياً تمكنت من شطب الكفاح المسلح من اجندة قطاع عريض من حركة النضال الوطني الفلسطيني. تعاضد الوضع العربي الذي التصق في منحنى انهيار متدحرج منذ اتفاق كامب ديفيد، ثم حرب الخليج الاولى، وتسارع في الانهيار مع غزو صدام حسين للكويت، وبقي تسارعه حتى الآن. في العقدين العجاف المذكورين راهن الفلسطينيون على مسار المفاوضات بعد ان قدموا تنازلات تاريخية لم يتوقعها احد، كل ذلك ضمن «حاضنة» من التنازلات العربية والتأكيدات على ان المفاوضات هي الاستراتيجية العربية الوحيدة لحل الصراع مع اسرائيل. وقدمت الدول العربية مجتمعة عرضاً لم يحلم به قادة اسرائيل منذ تأسست اسرائيل وتمثل في المبادرة العربية، والتي دعت إلى اعتراف وتطبيع كاملين مع اسرائيل مقابل تطبيق حل الدولتين. اسرائيل رفضت كل ذلك، إذ كانت ولا تزال تسكرها نشوة التفوق العسكري على العرب، وتعتاش على ضعفهم المتواصل ضعفاً. وكان حظ الفلسطينيين من ذلك الضعف نصيب الأسد وتكرس بالانقسام بين «فتح» و «حماس»، والضفة وقطاع غزة منذ عام 2007.
بالتوازي مع ذلك، استمر مشروع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس وتعاظمت «دولة المستوطنين» ونفوذهم واستعر نفوذ اليمين الاسرائيلي وقوى التطرف الديني، وتآكلت القناعات الاسرائيلية الهشة اصلاً بفكرة «حل الدولتين». عملياً، لم يكن هناك اي ضاغط حقيقي على اسرائيل كدولة ومجتمع سياسيين وحزبيين للنظر جدياً في «المسألة الفلسطينية»، ذلك ان كل الشؤون الاسرائيلية الحياتية مستمرة، والاقتصاد مزدهر، والشواطئ مزدحمة بالمصطافين! تحولت القضية الفلسطينية والفلسطينيون بسبب ذلك من مسألة جوهرية متعلقة بمصير الوجود اليهودي في ارض فلسطين، الى مجرد كرة سياسية في الملعب الحزبي الاسرائيلي، وعادة ما تستخدم انتهازياً بهدف تجميع الاصوات الاكثر تطرفاً. بمعنى ما، تحولت فلسطين والفلسطينيون الى اداة وظيفية للتظاهر والتنافس الحزبي حيث يزعم المتنافسون أن كلاً منهم اكثر حرصاً على «امن اسرائيل» من الآخرين. وقد تفاقمت هذه الآلية في السنوات الاخيرة، كما تفاقم شعار «امن اسرائيل» وهو الذي تم تضخيمه اصلاً لغايات انتخابية وغدا وكأنه وحش حقيقي. صارت اسرائيل وهي القوة الاكبر في المنطقة هي الاكثر خوفاً وتوجساً على وجودها، وفي خضم تفاقم الخوف المصطنع، والتنافسات الحزبية، صارت تطرح شرطاً اضافياً على الفلسطينيين وهو «يهودية الدولة».
جاءت سلسلة الحروب على قطاع غزة (2009، 20012، 2014) في السياق المذكور، التباهي بمن يستطيع توجيه ضربة اكبر الى الفلسطينيين وكسر ارادتهم، والعزف على وتر «امن اسرائيل». من منظور اوسع، جاءت تلك الحروب لإنهاء آخر معاقل الكفاح الوطني الفلسطيني المسلح، و «قص العشب» كما كان يكرر السياسيون الاسرائيليون. كلما انخفضت شعبية الائتلاف الحاكم في اسرائيل، او تردّت صورة رئيس الوزراء، يلتفت حوله فلا يجد سوى قطاع غزة ليوجه اليه ضربة عسكرية تحسن من وضعه الانتخابي - مرة اخرى تقليص الفلسطينيين الى مجرد اداة في التنافس الحزبي.
في الحرب الاخيرة، انقلب السحر على الساحر وتلاحقت مفاجآت لم تكن مُنتظرة، وعلى عكس ما هو متوقع تماماً. فهنا توقع نتانياهو ان يخوض حرباً من ايام عدة تكون نزهة حقيقية بالمقارنة مع مغامراته السابقة. فهذه المرة كانت كل الظروف مشجعة: العرب في أسوأ اوضاعهم التشتتية، ومصر ناقمة على قطاع غزة و «حماس» التي تقوده، و «حماس» نفسها محاصرة ومختنقة سياسياً ومالياً، والسلطة الفلسطينية في الضفة حائرة بين ضياع البوصلة وفشل رهانها على المفاوضات، والازمة المالية المتواصلة، وتآكل رأسمالها السياسي والوطني... وكل ذلك على خلفية الانقسام الفلسطيني والعزل الجغرافي والسياسي والوظيفي المتواصل لقطاع غزة وفصمه عن الوطن الفلسطيني.
نتيجة الحرب فاجأت نتانياهو وإسرائيل برمتها، وحققت حتى الآن عكس ما هدفت اليه وربما اكثر. فمن ناحية اولى وأساسية اعادت هذه الحرب قضية فلسطين والفلسطينيين إلى واجهة الحدث العالمي، ونفضت الغبار عن مركزيتها، سواء الاقليمية او الدولية. انطلق الغرور العسكري الاسرائيلي الى ابعد مدى بسبب توتره الشديد نتيجة انعدام «النزهة العسكرية» التي أملها في قطاع غزة، وجرّه ذلك الى مواجهة الرأي العام العالمي الذي ذُهل لما تقوم به «الدولة الديموقراطية الوحيدة» في الشرق الاوسط. ففي قصفها وتدميرها للمدارس والمستشفيات وألوف بيوت المدنيين كانت اسرائيل تقدم نسختها «الداعشية» او «الاسدية» الخاصة بها. وبفضل الاعلام العادي والاجتماعي المعولم، اتسع نطاق التأييد للفلسطينيين وعادت الروح الى قضيتهم من جديد.
اقليمياً، عادت القضية الفلسطينية لتقضّ مضاجع العرب الذين ارادوا دوماً الاتكاء على وسائد التراخي والتخلي المتُمثلة في إحالة الموضوع كله إلى الفلسطينيين والرضى بما يرضون، وتركهم يخوضون معاركهم في السياسة والحرب وحدهم. انكشف وضع الانظمة العربية واحترق كثير من سياسييها أمام الإحراج المتراكم، ويدفع ذلك كله في الوقت الراهن إلى تحريك الكتلة العربية الساكنة ولو في الحد الأدنى. واستطاعت اسرائيل من خلال الحرب ان تجمع ضدها ولو موقتاً مواقف دول عربية وإقليمية متناقضة، من ايران وتركيا، الى مصر ودول الخليج، وصار لزاماً على كل من هذه الدول ان تظهر موقفاً افضل من الاخرى تجاه فلسطين.
فلسطينياً، حققت اسرائيل وعلى عكس ما استهدفت تماماً تعزيزاً شبه فريد للموقف الفلسطيني لم تشهده الساحة الفلسطينية منذ الانقسام عام 2007. فعوض ان تكرس الانقسام الفلسطيني وتقضي على حكومة التوافق الفلسطيني وتزيد من عزل «حماس»، رسخت هذه الحكومة، واضطرت السلطة لأن تتجه نحو مربع «حماس» والمقاومة. وما برز حتى الآن من اداء جماعي في الموقف الفلسطيني وتفويت الفرص على اسرائيل للعب على التناقضات الفلسطينية يعتبر انجازاً كبيراً، ومحرجاً لإسرائيل. وبسبب هذا الموقف الجماعي، فإن المطالب التي قدمتها «حماس» والمقاومة على طاولة المفاوضات في القاهرة اصبحت هي المطالب الفلسطينية الجماعية، وعلى رأسها فك الحصار.
المهم في المسألة الآن هو ألا تُعاد القضية الى أدراج النسيان، وأن يستمر الموقف الفلسطيني موحداً الى ما بعد مفاوضات التهدئة. ليس الهدف الوطني الفلسطيني اسقاط نتانياهو ولا الانخراط في اللعبة السياسية الاسرائيلية، بل إجبار كل الاسرائيليين على إعادة موضعة القضية في جوهر وجودهم ونقاشاتهم، وليس كأداة انتخابية. كما ان ما سيتحقق في القاهرة حتى لو كان جزئياً بالنسبة الى قطاع غزة يجب ان يكون البداية في استراتيجية هجومية جديدة تقودها حكومة التوافق، ويكون احد اهم اسلحتها جر اسرائيل الى المحكمة الجنائية الدولية، ثم مواصلة الضغط واستثمار المناخ الذي ولّدته حرب غزة وصمودها.
عندما تلتقي أفراح وأحزان محافظة رام الله على "دوار المنارة"
بقلم: حسن عبد الله – القدس
لكل مدينة قلب كما الانسان، وقلب المدينة مركزها التجاري الحيوي، فيه تتجمع المؤسسات والمرافق المهمة، ومنه واليه تتدفق الحركة وتنبض المدينة بالحياة.
لكن " دوار المنارة" قلب رام الله، إضافة إلى ما ذكر ، ففي محيطه تكثف المدينة ذاتها في مساحة لها دلالاتها الجغرافية والإجتماعية.
فالذي يعيش في رام الله، لا بد ان يتوج يومه بالتجوال في منطقة المنارة، والذي يزورها لا يشعر ان زيارته قد حققت أهدافها الا بالوصول الى "المنارة". أجل فحول الدوار المذكور يلتقي المتواعدون ليتفرعوا بعد ذلك الى شوارع وأحياء أخرى. وبالقرب من الدوار المحروس بتجسيدات حجرية لاسود رام الله التي ترمز لعائلات المدينة الأصلية، يتابع الناس سريان الحياة في شرايين القلب. ومن "الدوار" تنطلق النشاطات والفعاليات الوطنية وتطوف مواكب جنازات الشهداء، أما بهجة الأعراس فتصل ذروتها في مواكب السيارات التي تطلق أبواقها وهي تطوف حول "الدوار".
وفي المناسبات الدينية للمسيحيين والمسلمين تقرع طبول الكشافة وتلهب أحذية الفتيات والشباب المنضوين في هذه الفرق الشوارع دقًا واحتكاكًا، فيما يتموضع الباعة المتجولون في الأماكن البارزة يعرضون بضاعتهم، وتفرش الفلاحات اللواتي لوحت الشمس وجوههن وسواعدهن خضرواتهن وفواكههن ويمطرن المشترين بالدعاء والبركة، فمن يأكل من ثمار أرض اية واحدة منهن كأنه زار حقلها- بيتها.
في محيط الدوار تسمع مزيجًا غريبا من الاغاني الوطنية وتسجيلات في المقابل لاغان هابطة، فتختلط الأصوات في فوضى موسيقية لافتة ويتداخل الغث والسمين في مفارقة فنية عجيبة.
" دوار المنارة" شاهد قديم جديد على نقاشات جادة في السياسة، ونقاشات في اللاسياسية. والمساحة رغم محدوديتها تتسع للجديين والمتسكعين والبائعين والمشترين والمتسولين والباحثين عن شيء محدد والباحثين عن لا شيء.
"الدوار" لا يفرق بين الناس لا في اللون ولا البلد الأصلي، ويستوعب الأغنياء والكادحين، السيارات الفارهة والعربات التي تجرها البغال والحمير، يستوعب المترفين أصحاب الكروش والفقراء الذين بالكاد أن تلامس جيوبهم القروش.
"دوار المنار" ملتقى العشاق الصغار الذين يلتقون باستحياء يسترقون لحظات من الزمن في بحر مضطرب من الناس. وعلى "الدوار" تستعرض امرأة متبرجة ما تبقى من جمال، تتمايل وهي تحاول لملمة ترهل السنوات، قبل أن يغدر بها الجسد وتخذلها الروح.. وحول " الدوار" يتجول أسير محرر حلم على مدى خمسة عشر عاما في الأسر بلحظات حرية حول "الدوار". وعندما جاءت الفرصة أصيب بدوار على "الدوار".
هناك سر عميق عتيق في هذا "الدوار"، وكل يوم أسأل نفسي: لماذا نحن أبناء هذه المدينة لا نصدق أن يومنا ابتدأ الا بالمرور بقربه، ولا نصدق ان يومنا انتهى الا باطلاق صفارة النهاية في محيطه.
إنها رام الله المدينة التي تتنفس" دوار المنار" ويتنفسها، تنهض المدينة من بين ذراعيه صباحا، وتنام في حضنه ليلا، بعد ان يتعبها الصخب والضجيج وأقدام المارة وعجلات السيارات وسلال التين والعنب وحاويات الزبالة ورنين الهواتف الجوالة.
تنام رام الله في حضن "الدوار" أو ينام في حضنها لا فرق ، لكنهما كل ليلة يحلمان برام الله المتحررة من الحواجز التي تخنقها والمستوطنات التي تنيخ على جبالها تحشر أنفاسها، فلا يسمع حشرجات أنينها الا "دوار المنارة" ، الذي لا يكف بدوره عن الأنين.
إسرائيل الجريحة خطر على نفسها ...
بقلم: طلال عوكل – الايام
عودة الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني إلى القاهرة بداية الأسبوع، قد لا تنطوي على أهمية ترقى إلى مستوى إنهاء العملية التفاوضية الطويلة والمعقدة باتفاق واضح، يحدد ويضبط ملامح المرحلة المقبلة.
بعض الصحافيين، والمراقبين يرغبون عمداً في إساءة قراءة بعض التصريحات التي تصدر عن مسؤولين فلسطينيين، حين يتحدثون عن أن المفاوضات، والاقتراحات المقدمة حتى الآن لا تلبي الطلبات الفلسطينية، وهو أمر صحيح بالمطلق، وإلاّ لماذا تعود الوفود إلى التفاوض؟ لو كان ما تضمنته الورقة المصرية، كتتويج نهائي للقضايا التي يتم التفاوض عليها، مما يقتضي الإجابة عليها بنعم أو لا لكان الأمر مختلفاً، أما وانها مشروع اتفاق مفتوح على التعديلات من قبل الطرفين، فإن الأمر لا يزال غير مقضي.
وحتى في حال تمت الموافقة على الورقة المصرية، بتعديلات أو دون تعديلات فإنها ستظل غير قادرة على الإجابة الوافية عن الطلبات الفلسطينية المحقة، ولا هي أو أكثر منها يمكن أن ترتقي إلى مستوى التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب الفلسطيني في مواجهة عدوان إسرائيلي غير مسبوق من حيث مدته ووحشيته وشراسته.
في كل الأحوال، ثمة ما يدعو للاعتقاد، بأن العقبة التي تحول دون التوصل إلى اتفاق معقول، هي إسرائيل التي يصل وفدها إلى القاهرة دون قرار واضح وربما دون صلاحيات، سوى العمل من أجل تعطيل إمكانية تحقيق اتفاق، ولصرف المزيد من الوقت، وربما لطلب تمديد التهدئة التي تنتهي منتصف هذه الليلة.
لم ينجح بنيامين نتنياهو أو ربما كان لا يريد أن ينجح في الحصول على قرار من الكابينت الإسرائيلي يفوض الوفد بالتوصل إلى اتفاق. لقد جمع الكابينت مرتين، وأجرى مشاورات جانبية مع رؤساء الكتل لكنه لم يصل إلى قرار.
يشير ذلك إلى أن نتنياهو رجل ضعيف بعكس وصف الرئيس باراك أوباما له على أنه رجل قوي، أو انه رجل مراوغ وكاذب ومضلل، فهو من طينة سياسية وأيديولوجية لا تختلف عن حلفائه من الذين يرفضون التوقيع مبدئياً على اتفاق.
يفضل بعض ممثلي هذا التحالف، ومعهم بعض آخرون ممن لا يحسبون على خانة التطرف، أن تتخذ إسرائيل قراراً من جانب واحد بوقف إطلاق النار وفتح المعابر، وأن يظل الجيش مستعداً للرد بقوة على أي خرق فلسطيني لإطلاق النار.
من وجهة نظر هؤلاء، وآخرين في الوسط الثقافي والإعلامي، فإن توقيع اتفاق يلبي ولو بحدود معينة معظم الطلبات الفلسطينية، يجعل إسرائيل تبدو مهزومة، وضعيفة، وعلى أنها رضخت للضغوط، ورضخت لأداء المقاومة الفلسطينية في الميدان.
هذا يعني أن لغة الخطاب المتداول، وينطوي على الكثير من التناقضات والاتهامات المتبادلة، هي لغة تخلو تماماً من مفردات الانتصار وهي لغة أقرب إلى الهزيمة.
الطريق لا يزال في بداياته، لاندلاع النقاش الحاد والاتهامات المتبادلة، والملاومة، فالمعركة لم تنته بعد، وحتى لو جرى التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن التداعيات اللاحقة، والملاحقات القانونية، التي ستجرى في أكثر من مكان في هذا العالم، لإسرائيل ومسؤوليها مما يجعل كل إسرائيلي يشعر بالهزيمة المرة.
في إسرائيل بدأت المظاهرات الاحتجاجية على سياسة الحكومة، والتي تطالبها بوقف العدوان، ورحيل بنيامين نتنياهو، فيما تستمر انتقادات وشكاوى المستوطنين في المناطق القريبة من قطاع غزة، من أنهم لا ينعمون بالهدوء والاستقرار، وهذه مسؤولية الحكومة والجيش الذي لم يعد قادراً على قهر الفلسطينيين.
ودون تطيّر أو مراهنات مبالغ بها، ينبغي النظر بأهمية للقرارات الأميركية والبريطانية التي أوقفت وهددت بوقف تزويد إسرائيل ببعض أنواع الأسلحة والذخائر، فمثل هذه السابقة لم تحصل من قبل وهي تشير إلى غضب من المجتمع الدولي إزاء السياسة الإسرائيلية.
ما تقوم به وترتكبه إسرائيل من جرائم حرب، واستهتار بالقوانين الدولية مخجل ومحرج لكل من يتحالف مع اسرائيل ويدعمها، وما تقوم به الدولة التي تدعي انتماءها للعالم الديمقراطي زوراً وبهتاناً يضرب المنظومة الأخلاقية والقيمية، التي تدعي الدول الرأسمالية أنها وطنها وحاميتها، وعلى أساس هذا الادعاء تشن حروبها الاستعمارية على الدول والشعوب الأخرى لتحقيق مصالحها واستراتيجياتها.
إذا المفاوضات في القاهرة أقرب إلى المناورات، التي لا نظن أن لديها المزيد من الوقت والفرص، فإما تحقيق اتفاق خلال التهدئة الجارية وإما فإن تهدئة أخرى لا تفيد في غياب مؤشرات الجدية والإيجابية من طرف الجانب الإسرائيلي.
فيما يتعلق بالطرف الفلسطيني، نعتقد بأن الأداء حتى الآن جيد وموحد، ولم يصدر عن أي مسؤول فلسطيني من الوفد أو من خارجه، ما يشير إلى أن ثمة مخاوف من انقسام الوفد.
الوفد الوطني الفلسطيني متمسك، بالمبادرة المصرية، التي لا غيرها، يمكن أن تنفع، وغيرها ستحتاج إلى صرف المزيد من الوقت، وهو شيء غير محمود على الإطلاق.
والوفد الفلسطيني متفق على المطالب الفلسطينية، وكله يعمل بكل جدية من أجل، تحسين الاتفاق، وكل أعضائه مسؤولون عن النجاح، أو الفشل.
إسرائيل تعاني، وستعاني أكثر، وثمة من سيدفع الثمن بما في ذلك رئيس الحكومة ورأس التطرف، ولذلك على الفلسطينيين أن يحثوا الخطى أكثر فأكثر نحو تعزيز المصالحة، وتعميق الوحدة، وتحقيق التكامل في الأدوار والأداء بما يؤسس لاستراتيجية جديدة، ستتضح معالمها بعد قليل من الوقت، ريثما يتضح السلوك الدولي إزاء تحريك المفاوضات السياسية.
ومرة أخرى وأخرى، نؤكد أن الشعب الفلسطيني جاهز ومستعد لكل الخيارات بما في ذلك لو أرادت إسرائيل اجتياح قطاع غزة، فسكانه لم يعد لديهم ما يخسرونه وسيظل دمهم يلاحق إسرائيل.
ما بعد الهدنة !
بقلم: سميح شبيب – الايام
ظهر جلياً، عبر جولات تفاوضية غير مباشرة متعددة في القاهرة، بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي، برعاية مصرية، بأن فرص التوصل إلى اتفاق تهدئة، هي مساوية لفرص انهيار التهدئة المؤقتة. صحيح أن لا مصلحة لأي طرف في انهيارها، وعودة العنف والحرب، ولكل سببه في ذلك، لكن اعتبارات كبرى، تقف وراء القبول، ببنود تهدئة قادمة. إسرائيل من جهتها، ترى في بنود أية تهدئة قادمة، فرصة للتأكيد للشارع الإسرائيلي، بأن جيشها حارب وقاتل، وخرج بنتائج ملموسة. المقاومة الفلسطينية ترى في أي اتفاق قادم، فرصة للتأكيد، على أن خط المقاومة، دون سواها، هو الذي يحقق أهداف شعبنا، السلطة الوطنية الفلسطينية، ترى بأن أي اتفاق قادم، قادر على الصمود والبقاء، يجب ألاّ يكون اتفاقاً مذلاً أو مهيناً، وبالتالي يجب أن يتضمن فكاً لحصار غزة، ووقفاً للحرب، وضماناً لوضع الأسس اللازمة، للشروع في فتح المطار والميناء. الجميع حريص على الاتفاق حول بنود التهدئة، ولكن لكل اعتباراته، أضف إلى ذلك، بأن الإسرائيليين من داخلهم، يتعرضون لضغوط لا يستهان بها، وبأن الاتجاه العام، هو الاتجاه الأشد يمينية وتطرفاً. هناك مخاطر حقيقية، لوصول الهدنة القائمة، إلى الانهيار، وهنالك مخاطر حقيقية لعودة الحرب والاستنزاف. الاحتمالات لا تزال مفتوحة، ولا يزال المناخ العام، معبئاً بغيوم متفرقة، ماذا لو انهارت المفاوضات، وعادت الحرب؟! سؤال يطرحه سكان غزة، كما يطرحه الفلسطينيون جميعاً، وكما يطرحه الإقليم والعالم! بات في الأفق ما يشير بوضوح، إلى أن بروز هذا لاحتمال، وعودة الحرب، من شأنه أن يفتح الأبواب، أمام تحرك إقليمي ودولي، قوي وضاغط، نحو مجلس الأمن الدولي، ودفعه لإصدار قرار دولي، ملزم، بوقف تلك الحرب الدموية المدمرة، وحماية المدنيين الفلسطينيين من أتون حرب لا ترحم. مثل هذا القرار، سيكون ملزماً للجميع دون استثناء، وستكون له بنوده وأجندته الزمنية، كيف سيصاغ قرار كهذا، وما هي اعتباراته واحتياجاته. التفكير في ذلك، يحمل في طياته مخاوف شتى... ويدعو للمقارنة، ما بين بنود تهدئة قادمة، تأخذ في الاعتبارات، احتياجات الأطراف جميعاً، وبين قرار يصدر عن مجلس الأمن. لعلّ مقارنة سريعة كهذه، من شأنها، أن تقول، إنها تهدئة قادمة، وبرعاية مصرية مباشرة، ستكون الأفضل لنا، كفلسطينيين، وبالتالي على الأطراف جميعاً، وقبل الخوض الجدي في بنود التهدئة القادمة، أن يضعوا المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا، في سلم الأولويات، وهي وقف نهائي وقاطع للعدوان الإسرائيلي، والتفكير جدياً في إعادة إعمار غزة، حفاظاً على الشعب والقضية والوطن.
حياتنا – شيطنة الدين
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
اعترف أحد قادة جبهة النصرة بحصوله على دعم إسرائيلي وزيارته إسرائيل عشر مرات وحصوله على دعم بالمال والسلاح، والمثير أن هذا العميل يقود كتيبة «الحرمين».. حيث تسمى بأشرف مسجدين ومع ذلك تعامل مع إسرائيل وتحول إلى جيش لحد جديد.
والخبر الثاني هو منع شرطة دبي أحد الألمان من دخول أراضيها لأنه جاء لإقامة طقوس عبادة الشيطان، وإعادته إلى تركيا من حيث جاء. ويذكر أن هذا الألماني يشغل منصب رئيس منظمة عبدة الشيطان في العالم.. وفي أثناء ذلك هبت الولايات المتحدة لمساعدة الأقلية الأيزيدية في العراق التي تعرضت لهجمات داعش باعتبارهم من عبدة الشيطان. وهذه النقطة الأخيرة ما زالت موضع جدل حيث ينفي الأيزيديون أنهم يعبدون الشيطان بل يعتبرونه أحد الملائكة وإن عصى أمر الله لكنه لم يعص الأمر إلا بمشيئة الهية حسب زعمهم فهو في نظرهم يظل أحد الملائكة ولا يجوز لعنه، ويرفض الأيزيديون الافصاح عن معتقداتهم لغيرهم فهم منغلقون على أنفسهم.
ثمة شيطان وشياطين في هذه الأخبار المتلازمة، فالشيطان الأكبر أي الولايات المتحدة كما كانت توصف في إيران صارت تنسق مع إيران في العراق ويقوم الطيران الايراني هو الآخر بقصف مواقع داعش مع الطيران الاميركي.
عبدة الشيطان الغربيون صارت لهم امتدادات شيطانية في العالم الاسلامي حيث ارتفع عدد الملحدين في مصر والجزائر وغيرهما بعد ظهور التيارات والجماعات الارهابية الإسلامية وممارساتها في الجزائر ومصر وليبيا وسوريا والعراق.. لأن وظيفة هذه الجماعات هي شيطنة الدين الاسلامي خدمة للسياسات الغربية الماسونية والفرنجية «الصليبية». فكل ما تمارسه هذه الجماعات من قتل وسحل ونهب واغتصاب يتم باسم الدين، ووصل الامر بأبي بكر البغدادي الى القول ان جنوده معصومون من الخطأ وهو هنا يرفعهم الى مرتبة الانبياء والعياذ بالله. إننا نعيش الآن الحقبة الشيطانية حيث يستخدم الدين في كل الممارسات السمجة التي نهى عنها. مؤلم جدا ان يتخلص المسلم من عبادة الأنظمة والحكام الطواغيت الى عبادة الجماعات والتيارات الارهابة الشيطانية.
نبض الحياة - ازمة إسرائيل
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
حرب "الجرف الصامد" المتواصلة منذ قرابة الاربعين يوما ضد قطاع غزة أماطت اللثام عن عمق ازمة الدولة الاسرائيلية؛ وأظهرت هشاشة ركائزها ومكوناتها السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وقبل تسليط الضوء على مفاصل الازمة الاسرائيلية، يفترض بالمراقب، وهو يقرأها، ان لا ينسى بان موازين القوى ما زالت تميل بشكل شبه مطلق لصالحها؛ وان الولايات المتحدة والغرب عموما ما زالوا يمدونها بكل مقومات العدوان على الشعب الفلسطيني؛ كما ان اهل النظام العربي، لم يتمكنوا حتى اللحظة من امتلاك قرارهم السياسي والاقتصادي، ويواصلون التخندق في دائرة المحوطة والتبعية للغرب وخاصة اميركا، ويرتبطون باتفاقيات وعلاقات سياسية ودبلوماسية وتجارية مع إسرائيل، وهو ما يمدها بالمزيد من عوامل القوة، وادارة الظهر للحقوق الوطنية.
مع ذلك فإن دولة التطهير العرقي الاسرائيلية انكشف ظهرها امام اي مراقب، ومن مظاهر الازمة: اولا فشل الحكومة في تحقيق اهداف حربها المعلنة السياسية والعسكرية، ولا يعود السبب في عدم وضوح وتحديد الاهداف المرادة من الحرب المسعورة، وانما السبب في عدم تمكن المؤسسة العسكرية من تحقيق تلك الاهداف، ما ادخلها ( الاهداف) في دائرة الالتباس والضبابية والاضمحلال. وهذا يعني في المعادلات العلمية هزيمة بكل المعايير امام قوة اذرع المقاومة، التي واصلت الدفاع عن ذاتها وشعبها في المحافظات الجنوبية من الوطن الفلسطيني حتى الآن (اي كانت الملاحظات على النتائج والتضحيات الجسام، التي قدمها ابناء فلسطين في قطاع غزة)، واعلنت جاهزيتها لمواصلة القتال؛ ثانيا افتضاح قدرات جيشها الضعيفة بشكل عميق، حيث فشل بكل اسلحته الجوية والبرية والبحرية من تحقيق اهداف الحرب المتواصلة، وترافق ذلك مع فشل قدرة اجهزتها الاستخبارية. نجم عن ذلك عدم تقدم الجيش في محافظات القطاع بسبب ضعف وتراجع بنية القدرات العسكرية للجيش. وهنا يفترض بالمراقب أن يلاحظ، انه كلما زاد اعتماد الجندي والضابط على مشتقات ثورة الاتصالات والمعلومات، وزاد اعتمادهم على الانترنت واجهزة الحاسوب، كلما تراجعت قدرات الجيش القتالية، وبات اسيراً لها، وتخلى عن لياقته العملياتية. هذا العامل يحتاج الى مزيد من التدقيق والمراقبة؛ ثالثا هشاشة البنية الاجتماعية والمعنوية الاسرائيلية. حيث كشفت الحرب عن رعب في اوساط الاسرائيليين ليس فقط في المستوطنات المقامة في غلاف القطاع، بل في اوساط كل المجتمع الاسرائيلي داخل تل ابيب وحيفا وداخل المستوطنات المقامة على الاراضي المحتلة عام 1967. والتظاهرة التي خرجت مساء الخميس في اسرائيل كشفت عن عمق الهوة بين جاهزية المجتمع الاسرائيلي وبين الاهداف السياسية والعسكرية لأية حروب تشنها اي حكومة على الفلسطينيين او اللبنانيين او اي من العرب في حال توفرت ارادة الدفاع والصمود؛ رابعا الخسائر الاقتصادية العالية، التي حملت موازنة الحكومة راهنا والعام المقبل عبئا ثقيلا، سينجم عنها عجز جلي. ويمكن التقدير بان حجم الخسائر في مجالات الحياة المختلفة بلغ قرابة الاربعة مليارات دولار اميركي. وهذا ايضا يكشف عن انتفاء التناسب بين الخسائر الاقتصادية والاهداف السياسية والعسكرية، لا بل ان الخسائر على كل الصعد والمجالات؛ خامسا فقدان اي دعم دولي، وانكشاف الوجه الفاشي لدولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، وتصاعد عملية العزلة الاممية لها، والملاحقة القضائية لقادة اسرائيل السياسيين والعسكريين. وايضا تنامي الدعم للشعب العربي الفلسطيني وقضيته؛ سادسا كشفت الحرب الاخيرة عن عامل مهم جدا جدا، ان دولة التطهير العرقي الاسرائيلية لا تستطيع العيش بسلام ودون حروب، الامر الذي يضع علامة سؤال كبيرة على مستقبل بقائها في المنطقة، ومدى انسجامها وانخراطها في نسيج الجيوبوليتك للامة العربية وشعوبها. وايا كانت تحالفاتها والقوى الداعمة لها دوليا، فإنها تؤكد انها دولة خارجة على القانون، وزائدة عن الحاجة في جغرافيتها وديمغرافيتها.
يمكن لقادة اميركا والعالم وإسرائيل ان يتحدثوا ما شاءوا عن قدراتها النووية والتسليحية وتطورها البحثي والعلمي، غير ان كل هذا التطور لا يؤمن لها التعايش والبقاء في المنطقة، لأنها ترفض خيار السلام والتعايش، وتريد ان تبقى دولة مارقة وخارجة على القانون، وهو ما لا يمكن للشعب العربي الفلسطيني وللشعوب العربية القبول به مهما ارتضت القيادات العربية الرسمية هذا الواقع البائس والمذل.
علامات على الطريق - وحدة وشرعية وقرار مستقل
بقلم: يحيى رباح – الحياة
حتى منتصف ليل الاثنين يتوجب على الوفد الفلسطيني الموحد ان يوازن بين خيارات صعبة وصيغ متباينة, وان يختار في نهاية المطاف ما هو افضل لمصلحة الشعب الفلسطيني. واعتقد ان الرئيس ابو مازن اوضح بشكل مكثف ما هي الاولويات, وذلك في كلمته التي افتتح بها اجتماع القيادة الفلسطينية مساء السبت, وهو الاجتماع الذي استمعت فيه القيادة الى تقرير مفصل قدمه الاخ عزام الاحمد رئيس الوفد الفلسطيني الموحد في المفاوضات غير المباشرة التي تمت مع الوفد الاسرائيلي بوساطة ورعاية مصرية في القاهرة, فقد اكد الرئيس ابو مازن ان الاولوية هي لوقف العدوان, والاولوية لاستمرار الوساطة المصرية التي وصفها بانها شريك معنا, واننا لن نقبل عن الدور المصري بديلا.
لو دققنا بصدق فيما يجري معنا ومن حولنا طيلة فترة هذا العدوان الغاشم الذي شنته اسرائيل ضد شعبنا ابتداء من الثاني عشر من حزيران الماضي في عموم الضفة والقدس اولا, ثم في قطاع غزة ثانيا, ثم العودة الى الضفة الغربية وخصوصا القدس الان, ثم احتمالات الوضع في قطاع غزة فيما لو فشلت هذه المفاوضات, فسوف نكتشف بوضوح كامل ان هذا العدوان الاسرائيلي هو بمثابة اعتراض بالنيران, اعتراض مبالغ فيه جدا, وبقوة التدمير, وبمساحة صادمة من القتل, ضد مشروعنا الوطني وما حققناه من تقدم على صعيد هذا المشروع ابتداء من قرار الامم المتحدة في نهاية عام 2012 باعتبار فلسطين دولة مراقب في الامم المتحدة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية, ثم نجاحنا في ان تتمحور المفاوضات السابقة مع اسرائيل برعاية اميركية حول الموضوع الجوهري وهو انهاء الاحتلال الاسرائيلي لاراضي دولتنا التي عززتها قرارات الشرعية الدولية !!! كما نجحنا داخليا اولا ثم دوليا في الذهاب الى منصات القضاء الدولي لمحاسبة اسرائيل على كل جرائمها ضد شعبنا, ثم نجاحنا في المصالحة وتشكيل حكومة التوافق الوطني.
اسرائيل شنت هذا العدوان الغاشم وخططت له مستفيدة من غياب الحضور العربي وقصور النظام الدولي, لكي تعيدنا الى نقطة الصفر من جديد, ولكي تحول القضية الى تفاصيل مجتزأة هنا وهناك مثل تلطيف صورة الاحتلال, وتخفيف الحصار, والحديث عن بعض المطالب مثل الميناء والمطار كما لو انها مطالب مستحدثة بينما هي نصوص واضحة ورئيسية في اتفاقات اوسلو وكانت محققة بالفعل على ارض الواقع.
معركة المفاوضات خلال اليومين الاخيرين صعبة للغاية, والمطلوب من وفدنا المفاوض ان يتمترس حول ما هو جوهري وليس حول التفاصيل المجتزأة من سياقها التي تريدها اسرائيل, فما هي هذه المطالب الجوهرية؟
انها تتلخص في تعزيز المصالحة والوحدة الوطنية والتقدم اكثر واكثر في هذا الاتجاه, لكي تصبح الوحدة الوطنية حقيقة راسخة, وان نجعل اسرائيل تذعن لفكرة ان الانقسام الذي صنعته بيديها واستغلته ابشع استغلال لن يعود الى الوجود مرة اخرى, وان وحدتنا الوطنية عمدها شعبنا بدمائه الغالية وصموده الخارق وابدعات مقاومته الباسلة, وان اي شكل من اشكال الرهان على الانقسام واوهامه ومآسيه لن يعود مرة اخرى.
وفي تعزيزنا لوحدتنا الوطنية ندرك ايضا ان شرعيتنا الوطنية هي الركن الثاني من الثالوث الفلسطيني المقدس, فنحن شعب واحد ولدينا مرجعية وطنية واحدة وشرعية وطنية واحدة وان هذه الشرعية التي ثبت للقاصي والداني انها الحريصة والامينة على حقوق شعبنا يجب ان يتضاعف الانضواء الفلسطيني تحت لوائها, وان نسارع في تعزيز وتصليب اطارات هذه الشرعية الفلسطينية مثل اعادة صياغة منظمة التحرير الفلسطينية ومشاركة الجميع فيها وتفعيل قدراتها الى اقصى مدى ممكن.
اما الركن الثالث فهو الحفاظ على قرارنا الوطني الفلسطيني المستقل, وان نخوض معاركنا الحالية والقادمة لنيل استقلالنا الكامل, وليس لتوزيع دماء شعبنا واشلاء اطفالنا على موائد القوى الاقليمية المتصارعة من اجل ان يكون لها دور اي دور تتباهى به ولا يخدمنا بشيء على الاطلاق.
المعركة صعبة جدا, وتزداد صعوبة كلما ادرك الاسرائيليون كما هم الان انه لا امن لهم بقوة السلاح الفتاك الذي يستخدمونه دون اي جدار اخلاقي على الاطلاق وانما الامن والسلام له معنى واحد وهو حقوقنا الفلسطينية وحقوقنا تعني دولتنا المستقلة في حدود الرابع من حزيران عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها, وقد ثبت لاسرائيل وللعالم ان الاجراءات احادية الجانب مثل الانسحاب الاحادي من قطاع غزة 2005 قد سببت الويلات وان ما تفكر به اسرائيل الآن من احتمال وقف اطلاق النار من جانب واحد دون اتفاق مع الشرعية الفلسطينية سيكون كارثة, وان الرهان الاسرائيلي على امكانية اعادة الانقسام الفلسطيني من خلال بعض التلويحات هو الفشل بعينه.
ضمن هذه الرؤية, وبالحفاظ على دور الوسيط المصري دون منغصات ولا منغصين, يمكن الوصول الى تهدئة مستقرة تفتح الطريق امام انهاء الاحتلال.
الصهيونية وداعش.. مقاربات أولية
بقلم: رامي مهداوي – معا
ما بين التاريخ والحاضر هناك العديد من الأحداث التي تكرر ذاتها، لكن بثوب مختلف بسبب التطور الحضاري والفكري الذي لا ينعكس بالضرورة على مفهوم الأخلاق واحترام الإنسانية، عند قراءة التاريخ بفترات مختلفة تجد بأن هناك مسميات مختلفة تحمل فكر_أيديولوجية_ ما بأدوات مختلفة تهدف الى السيطرة الشمولية على الأرض والإنسان.
وقبل الدخول الى جوهر الموضوع، وحتى لا يتم اتهامي بمعاداة السامية_ على الرغم بانتمائي وانتماء كل العرب الى العرق السامي_ فإن ما قامت به النازية ضد اليهود هو لا إنساني، وبالتالي فإن ما تقوم به إسرائيل ضد أبناء شعبي هو لا إنساني أيضاً بل هو أخطر من ذلك لعدد من الأسباب أهمها بأن ما تقوم به إسرائيل هو محو شعب كامل عن الوجود بمعنى الكلمة، كل ذلك بصمت دولي وتحت مظلة الأمم المتحدة التي تهدف الى ضمان السلم والأمن الدوليين!!
ما أشاهده بشكل يومي من عمليات قتل وإبادة جماعية على يد داعش لا يستوعبه العقل البشري، ومع تلك الإبادة هناك إبادة بثوب مختلف وهو ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي من حفل اعدام جماعي وببث حي ومباشر من قطاع غزة، وما تقوم به قطعان المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي بالضفة الغربية من قتل وتنكيل على ذات الشعب أيضاً لا يقبله العقل البشري.
وعلى الرغم من أن كل جهة لها هدف مختلف تنفذه بأدوات وأساليب مختلفة، إلا أنني أقول ان داعش عبارة عن أداة تخدم الاحتلال الإمبريالي للمنطقة وبالتالي هي ذراع أساسي لتنفيذ حلم الصهيونية في اعادة ترتيب خرائط المنطقة بما يخدم وجود اسرائيل ولسنوات طويلة قادمة، على الرغم من تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، والمرشحة المحتملة لانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، هيلاري كيلنتون لموقع موقع (The Atlantic) الأمريكي "المرونة والتوسع التي يتمتع بها الإرهابيون الإسلاميون توجب على الولايات المتحدة أن تقوم بتطوير إستراتيجيتها الشاملة لمواجهتهم، مشيرة إلى أن الصراع مع الإرهابيين يشبه الصراع مع الشيوعية في الاتحاد السوفييتي" وتضيف كلينتون "المجموعات الجهادية تحكم بعض المناطق، وهم لن يبقوا هناك، إنهم ذاهبون للتوسع بالاحتواء والردع وهزيمة هؤلاء."
وبذات المقابلة دافعت كلينتون بقوة عن إسرائيل وعن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وقالت تعقيباً على الحرب ضد غزة "إن نتنياهو فعل ما كان يجب عليه أن يفعله رداً على الصواريخ، ولدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وخطوات حماس بإطلاق الصواريخ وبناء شبكة أنفاق في مناطق مدنية، والسيطرة على العديد من المنشآت، هذا كله جعل الرد الإسرائيلي صعباً".
على الرغم من هذه التصريحات التي تأتي من أميركا أو الغرب بشكل عام، إلا أن الحقيقة تفرض ذاتها بذاتها على داعش والصهيونية، فداعش عبارة عن الصهيونية قبل العولمة، والصهيونية هي داعش ما بعد الحداثة. وبتجرد من اعتباراتي الفلسطينية والعربية والإسلامية فإن ما تقوم به الصهيونية وداعش لهو أكبر جريمة إنسانية تنفذ في التاريخ المعاصر، والأخطر من هذا كله هو تشويه الإسلام بأعمال داعش، وتبرير الجرائم الصهيونية مع أن هذه الجرائم الماضية والحالية طالب بها ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة وهو صاحب فكرة إقامة الوطن اليهودى فى فلسطين بكتابه "الدولة اليهودية" بقوله: "إن نجح اليهود فى خلق دولتهم سيرحلون إليها فى هجرة تدريجية و عليهم أن يدركوا أنهم سوف يغادرون إلى دولة بها وحوش مفترسة لا ينفع لمواجهتها حمل الرمح و الحربة أو الذهاب فرادى إلى هناك لمطارده الدب الذي فى الانتظار، بل على اليهود أن يذهبوا إلى هناك فى جماعات كبيرة قادرة على سوق هذه الحيوانات أمامها و أن يقذفوا بقنابل شديدة الانفجار وسط جموعها من وقت لآخر لإرهابها".
وفي الفلسفة الداعشية – السلفية الجهادية التكفيرية- يظهر امامنا فكر استعلائي على العالم وابناء الملة والدين، فكل المجتمعات هم اغيار( كفرة، مرتدين، عصاة) ينبغي ان يستتابوا كي يقبلوا في النسخة الخاصة من الدين، وقد مارست داعش في الموصل فكرة الاستتابة الجماعية، اذا افتتحت 58 مركزا في المساجد كي يستتاب الادنى درجة دينيا بشهادة فردا فردا، بماذا تختلف هذه الفكرة العنصرية عن الممارسة الصهيونية الاولى بالقتل مع الترويع، ومشهد قطع الرؤوس ودحرجتها في الساحات مقرونة بالأهازيج الاحتفالية.
ما بين النظرية والتطبيق تضيع القيم والأخلاق، ليذهب ضحيتها أولاً وأخيراً الإنسان بهويته المختلفة العراقية، السورية، أهل السنة، الفلسطينية، الايزيديين، أهل الشعية، اللبنانيين، المسيحيين، الأكراد. ما يحدث في المنطقة هو تطهير عرقي بمعنى الكلمة تقوم به اسرائيل وداعش، فكيف يتم تفسير المعلومات المتوفّرة لدى "بتسيلم" وهي:"قُتل داخل 70 بيتًا سكنيًّا قُصفت بالمدفعيّة أو بالطائرات، أكثر من ثلاثة أفراد لعائلة واحدة. وتصل حصيلة الأفراد القتلى جراء عمليات القصف هذه إلى 542 شخصًا، غالبيّتهم من القاصرين والنساء: 242 قاصرًا، 126 مرأة حتى سنّ 60، 25 شخصًا فوق سنّ الستين. كيف يتم تفسير إبادة قبائل كاملة عند الأكراد والايزيديين؟
واذا كانت الصهيونية هي اداة المرحلة الاستعمارية في اعلى مراحلها لتفتيت واحتلال ونهب المنطقة، فان داعش في طبعتها المعاصرة هي اداة تفتيت للمنطقة دولا ومجتمعات، سنحمل اثارها المدمرة لسنوات طوال .
اقــلام وأراء محلي الاثنين 18/8/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
ý ساعات حاسمة !
بقلم: حديث القدس – القدس
ý إعادة فلسطين الى رأس الأجندة الدولية
بقلم: خالد الحروب – القدس
ý عندما تلتقي أفراح وأحزان محافظة رام الله على "دوار المنارة"
بقلم: حسن عبد الله – القدس
ý إسرائيل الجريحة خطر على نفسها ...
بقلم: طلال عوكل – الايام
ý ما بعد الهدنة !
بقلم: سميح شبيب – الايام
ý حياتنا – شيطنة الدين
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
ý علامات على الطريق - وحدة وشرعية وقرار مستقل
بقلم: يحيى رباح – الحياة
ý الصهيونية وداعش.. مقاربات أولية
بقلم: رامي مهداوي – معا
ساعات حاسمة !
بقلم: حديث القدس – القدس
المفاوضات الماراثونية غير المباشرة التي استؤنفت أمس في القاهرة بين الوفدين الفلسطيني والاسرائيلي بوساطة مصرية مع اقتراب انتهاء مهلة وقف النار منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء لا شك انها مفاوضات هامة وسيكون لنتائجها آثار ايجابية في حال النجاح وتداعيات سلبية في حال الفشل تؤثر على الأمن والاستقرار ومستقبل عملية السلام في المنطقة والسؤال الذي يطرح الآن بعد جلسات المفاوضات السابقة وفترات وقف النار التي لم تسفر عن التوصل الى اتفاق يلبي المطالب الفلسطينية العادلة وينسجم مع حجم التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الفلسطيني، بفعل التعنت الاسرائيلي وإصرار حكومة نتنياهو على التدخل في الشأن الفلسطيني والتنكر للحقوق الفلسطينية هو : كيف يمكن ضمان تحقيق المطالب الفلسطينية والحفاظ على نوع من الاستقرار يتيح التفرغ للمهام الجسام التالية سواء مهمة إعادة إعمار قطاع غزة او المهمة المركزية بإنهاء الاحتلال وتجسيد قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس؟!
إن ما يجب ان يقال هنا أولا ان كل ما طرح من مطالب فلسطينية في مفاوضات القاهرة هو حقوق فلسطينية غير قابلة للمساومة ولا تمتلك اسرائيل أي حق بتقييدها او رفضها، ولهذا فان المتوقع فلسطينيا ان يمسك الوفد الفلسطيني بهذه المطالب كشرط للتوصل الى أي اتفاق، وتتحمل اسرائيل مسؤولية أية تداعيات ناجمة عن رفضها لهذه المطالبة. ولا يعقل بعد أن سقط أكثر من ألفي شهيد وأكثر من عشرة آلاف جريح وهذا الدمار الهائل بفعل العدوان الاسرائيلي، ان تأتي اسرائيل وتواصل التنكر للحقوق الفلسطينية وتواصل حصار قطاع غزة بأشكال مختلفة او تحاول فرض املاءات وشروط ليس من حقها حتى طرحها.
وعلى ضوء المواقف الاسرائيلية المتعنتة في مفاوضات القاهرة فإن المطلوب الآن من المجتمع الدولي ممارسة أقصى درجات الضغط على الحكومة الاسرائيلية المتشددة للتجاوب مع المطالب الفلسطينية.
كما ان المطلوب عربيا أيضا دعم الوفد الفلسطيني المفاوض وتوجيه رسائل واضحة لاسرائيل والولايات المتحدة مفادها ان الجانب العربي يقف الى جانب الوفد الفلسطيني ومطالبه وأن من الأجدر الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ورفع الحصار الظالم عن قطاع غزة وعدم التدخل بإنشاء مطار وميناء فلسطينيين، فهذا شأن فلسطيني وحق فلسطيني، عدا عن ضرورة إطلاق سراح الأسرى وضمان عدم إقدام اسرائيل على ارتكاب عدوان جديد او انتهاكات في قطاع غزة سواء براً او بحراً او جواً وضرورة تمتع صيادي غزة بالعمل في أجواء طبيعية وفي المساحة الاقليمية المتعارف عليها دوليا.
كما ان ما يجب ان يقال هنا ان أي اتفاق جديد مع اسرائيل يجب الّا يمس حق الجانب الفلسطيني في التوجه الى محكمة الجنايات الدولية لمحاسبة ومحاكمة الاحتلال الاسرائيلي على ما اقترفه في قطاع غزة خلال هذا العدوان، وحق فلسطين الدولة المعترف بها في الامم المتحدة بالانضمام الى كافة المنظمات الدولية.
وخلاصة القول فإننا نأمل أن تسفر الجهود المبذولة حاليا عن اتفاق يلبي الحقوق الفلسطينية ولا يقدم أية مكافأة للاحتلال على عدوانه وعلى ما ارتكبه في قطاع غزة، وهي مسؤولية فلسطينية - عربية عدا عن كونها مسؤولية المجتمع الدولي الذي يجب عليه ان يجسد ما تضمنه ميثاق الأمم المتحدة من مبادىء وأن يعمل على إنهاء هذا الاحتلال وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه الطبيعي في الحرية والاستقلال.
إعادة فلسطين الى رأس الأجندة الدولية
بقلم: خالد الحروب – القدس
صمود غزة ومقاومتها على رغم الاكلاف الغالية أفشل اهداف إسرائيل بشكل فادح وأربك سياسييها، والأهم انه فاجأ الجميع بإعادة فلسطين الى رأس اجندة القضايا الاقليمية والدولية، بعد ان أُزيحت جانباً. الملفات والقضايا المفتوحة والنازفة في المنطقة في السنوات الاخيرة همّشت فلسطين والفلسطينيين وقضيتهم، ولا تحتاج الى تعداد او توصيف. بيد ان ما يحتاج الى إعادة تذكير هو الكيفية التي آلت بها فلسطين لأن تصبح «واحدة من القضايا» الكثيرة اقليمياً بعدما كانت القضية الاولى، وكيف أُزيحت عن جدول اولويات الشأن الدولي. بل وربما الاكثر لفتاً للنظر كيف تضاءلت حتى على الاجندة الاسرائيلية لتنزلق من قضية ملحّة على مستوى السياسة والاستراتيجية الاسرائيلية العامة، إلى مجرد قضية من قضايا التنافس السياسي والمزايدة الانتهازية بين الاحزاب المتصارعة على السلطة. خلال اكثر من عشرين سنة منذ اتفاق اوسلو تحقق لإسرائيل ما لم تكن تحلم به من تهميش خارجي للقضية الفلسطينية، وتحويلها من مسألة احتلال عسكري واستعماري، إلى نزاع بين كيانين سياسيين (اسرائيل والسلطة الفلسطينية) تتكفل بحلّه «عملية سلام» مفتوحة إلى الابد! وداخلياً تمكنت من شطب الكفاح المسلح من اجندة قطاع عريض من حركة النضال الوطني الفلسطيني. تعاضد الوضع العربي الذي التصق في منحنى انهيار متدحرج منذ اتفاق كامب ديفيد، ثم حرب الخليج الاولى، وتسارع في الانهيار مع غزو صدام حسين للكويت، وبقي تسارعه حتى الآن. في العقدين العجاف المذكورين راهن الفلسطينيون على مسار المفاوضات بعد ان قدموا تنازلات تاريخية لم يتوقعها احد، كل ذلك ضمن «حاضنة» من التنازلات العربية والتأكيدات على ان المفاوضات هي الاستراتيجية العربية الوحيدة لحل الصراع مع اسرائيل. وقدمت الدول العربية مجتمعة عرضاً لم يحلم به قادة اسرائيل منذ تأسست اسرائيل وتمثل في المبادرة العربية، والتي دعت إلى اعتراف وتطبيع كاملين مع اسرائيل مقابل تطبيق حل الدولتين. اسرائيل رفضت كل ذلك، إذ كانت ولا تزال تسكرها نشوة التفوق العسكري على العرب، وتعتاش على ضعفهم المتواصل ضعفاً. وكان حظ الفلسطينيين من ذلك الضعف نصيب الأسد وتكرس بالانقسام بين «فتح» و «حماس»، والضفة وقطاع غزة منذ عام 2007.
بالتوازي مع ذلك، استمر مشروع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس وتعاظمت «دولة المستوطنين» ونفوذهم واستعر نفوذ اليمين الاسرائيلي وقوى التطرف الديني، وتآكلت القناعات الاسرائيلية الهشة اصلاً بفكرة «حل الدولتين». عملياً، لم يكن هناك اي ضاغط حقيقي على اسرائيل كدولة ومجتمع سياسيين وحزبيين للنظر جدياً في «المسألة الفلسطينية»، ذلك ان كل الشؤون الاسرائيلية الحياتية مستمرة، والاقتصاد مزدهر، والشواطئ مزدحمة بالمصطافين! تحولت القضية الفلسطينية والفلسطينيون بسبب ذلك من مسألة جوهرية متعلقة بمصير الوجود اليهودي في ارض فلسطين، الى مجرد كرة سياسية في الملعب الحزبي الاسرائيلي، وعادة ما تستخدم انتهازياً بهدف تجميع الاصوات الاكثر تطرفاً. بمعنى ما، تحولت فلسطين والفلسطينيون الى اداة وظيفية للتظاهر والتنافس الحزبي حيث يزعم المتنافسون أن كلاً منهم اكثر حرصاً على «امن اسرائيل» من الآخرين. وقد تفاقمت هذه الآلية في السنوات الاخيرة، كما تفاقم شعار «امن اسرائيل» وهو الذي تم تضخيمه اصلاً لغايات انتخابية وغدا وكأنه وحش حقيقي. صارت اسرائيل وهي القوة الاكبر في المنطقة هي الاكثر خوفاً وتوجساً على وجودها، وفي خضم تفاقم الخوف المصطنع، والتنافسات الحزبية، صارت تطرح شرطاً اضافياً على الفلسطينيين وهو «يهودية الدولة».
جاءت سلسلة الحروب على قطاع غزة (2009، 20012، 2014) في السياق المذكور، التباهي بمن يستطيع توجيه ضربة اكبر الى الفلسطينيين وكسر ارادتهم، والعزف على وتر «امن اسرائيل». من منظور اوسع، جاءت تلك الحروب لإنهاء آخر معاقل الكفاح الوطني الفلسطيني المسلح، و «قص العشب» كما كان يكرر السياسيون الاسرائيليون. كلما انخفضت شعبية الائتلاف الحاكم في اسرائيل، او تردّت صورة رئيس الوزراء، يلتفت حوله فلا يجد سوى قطاع غزة ليوجه اليه ضربة عسكرية تحسن من وضعه الانتخابي - مرة اخرى تقليص الفلسطينيين الى مجرد اداة في التنافس الحزبي.
في الحرب الاخيرة، انقلب السحر على الساحر وتلاحقت مفاجآت لم تكن مُنتظرة، وعلى عكس ما هو متوقع تماماً. فهنا توقع نتانياهو ان يخوض حرباً من ايام عدة تكون نزهة حقيقية بالمقارنة مع مغامراته السابقة. فهذه المرة كانت كل الظروف مشجعة: العرب في أسوأ اوضاعهم التشتتية، ومصر ناقمة على قطاع غزة و «حماس» التي تقوده، و «حماس» نفسها محاصرة ومختنقة سياسياً ومالياً، والسلطة الفلسطينية في الضفة حائرة بين ضياع البوصلة وفشل رهانها على المفاوضات، والازمة المالية المتواصلة، وتآكل رأسمالها السياسي والوطني... وكل ذلك على خلفية الانقسام الفلسطيني والعزل الجغرافي والسياسي والوظيفي المتواصل لقطاع غزة وفصمه عن الوطن الفلسطيني.
نتيجة الحرب فاجأت نتانياهو وإسرائيل برمتها، وحققت حتى الآن عكس ما هدفت اليه وربما اكثر. فمن ناحية اولى وأساسية اعادت هذه الحرب قضية فلسطين والفلسطينيين إلى واجهة الحدث العالمي، ونفضت الغبار عن مركزيتها، سواء الاقليمية او الدولية. انطلق الغرور العسكري الاسرائيلي الى ابعد مدى بسبب توتره الشديد نتيجة انعدام «النزهة العسكرية» التي أملها في قطاع غزة، وجرّه ذلك الى مواجهة الرأي العام العالمي الذي ذُهل لما تقوم به «الدولة الديموقراطية الوحيدة» في الشرق الاوسط. ففي قصفها وتدميرها للمدارس والمستشفيات وألوف بيوت المدنيين كانت اسرائيل تقدم نسختها «الداعشية» او «الاسدية» الخاصة بها. وبفضل الاعلام العادي والاجتماعي المعولم، اتسع نطاق التأييد للفلسطينيين وعادت الروح الى قضيتهم من جديد.
اقليمياً، عادت القضية الفلسطينية لتقضّ مضاجع العرب الذين ارادوا دوماً الاتكاء على وسائد التراخي والتخلي المتُمثلة في إحالة الموضوع كله إلى الفلسطينيين والرضى بما يرضون، وتركهم يخوضون معاركهم في السياسة والحرب وحدهم. انكشف وضع الانظمة العربية واحترق كثير من سياسييها أمام الإحراج المتراكم، ويدفع ذلك كله في الوقت الراهن إلى تحريك الكتلة العربية الساكنة ولو في الحد الأدنى. واستطاعت اسرائيل من خلال الحرب ان تجمع ضدها ولو موقتاً مواقف دول عربية وإقليمية متناقضة، من ايران وتركيا، الى مصر ودول الخليج، وصار لزاماً على كل من هذه الدول ان تظهر موقفاً افضل من الاخرى تجاه فلسطين.
فلسطينياً، حققت اسرائيل وعلى عكس ما استهدفت تماماً تعزيزاً شبه فريد للموقف الفلسطيني لم تشهده الساحة الفلسطينية منذ الانقسام عام 2007. فعوض ان تكرس الانقسام الفلسطيني وتقضي على حكومة التوافق الفلسطيني وتزيد من عزل «حماس»، رسخت هذه الحكومة، واضطرت السلطة لأن تتجه نحو مربع «حماس» والمقاومة. وما برز حتى الآن من اداء جماعي في الموقف الفلسطيني وتفويت الفرص على اسرائيل للعب على التناقضات الفلسطينية يعتبر انجازاً كبيراً، ومحرجاً لإسرائيل. وبسبب هذا الموقف الجماعي، فإن المطالب التي قدمتها «حماس» والمقاومة على طاولة المفاوضات في القاهرة اصبحت هي المطالب الفلسطينية الجماعية، وعلى رأسها فك الحصار.
المهم في المسألة الآن هو ألا تُعاد القضية الى أدراج النسيان، وأن يستمر الموقف الفلسطيني موحداً الى ما بعد مفاوضات التهدئة. ليس الهدف الوطني الفلسطيني اسقاط نتانياهو ولا الانخراط في اللعبة السياسية الاسرائيلية، بل إجبار كل الاسرائيليين على إعادة موضعة القضية في جوهر وجودهم ونقاشاتهم، وليس كأداة انتخابية. كما ان ما سيتحقق في القاهرة حتى لو كان جزئياً بالنسبة الى قطاع غزة يجب ان يكون البداية في استراتيجية هجومية جديدة تقودها حكومة التوافق، ويكون احد اهم اسلحتها جر اسرائيل الى المحكمة الجنائية الدولية، ثم مواصلة الضغط واستثمار المناخ الذي ولّدته حرب غزة وصمودها.
عندما تلتقي أفراح وأحزان محافظة رام الله على "دوار المنارة"
بقلم: حسن عبد الله – القدس
لكل مدينة قلب كما الانسان، وقلب المدينة مركزها التجاري الحيوي، فيه تتجمع المؤسسات والمرافق المهمة، ومنه واليه تتدفق الحركة وتنبض المدينة بالحياة.
لكن " دوار المنارة" قلب رام الله، إضافة إلى ما ذكر ، ففي محيطه تكثف المدينة ذاتها في مساحة لها دلالاتها الجغرافية والإجتماعية.
فالذي يعيش في رام الله، لا بد ان يتوج يومه بالتجوال في منطقة المنارة، والذي يزورها لا يشعر ان زيارته قد حققت أهدافها الا بالوصول الى "المنارة". أجل فحول الدوار المذكور يلتقي المتواعدون ليتفرعوا بعد ذلك الى شوارع وأحياء أخرى. وبالقرب من الدوار المحروس بتجسيدات حجرية لاسود رام الله التي ترمز لعائلات المدينة الأصلية، يتابع الناس سريان الحياة في شرايين القلب. ومن "الدوار" تنطلق النشاطات والفعاليات الوطنية وتطوف مواكب جنازات الشهداء، أما بهجة الأعراس فتصل ذروتها في مواكب السيارات التي تطلق أبواقها وهي تطوف حول "الدوار".
وفي المناسبات الدينية للمسيحيين والمسلمين تقرع طبول الكشافة وتلهب أحذية الفتيات والشباب المنضوين في هذه الفرق الشوارع دقًا واحتكاكًا، فيما يتموضع الباعة المتجولون في الأماكن البارزة يعرضون بضاعتهم، وتفرش الفلاحات اللواتي لوحت الشمس وجوههن وسواعدهن خضرواتهن وفواكههن ويمطرن المشترين بالدعاء والبركة، فمن يأكل من ثمار أرض اية واحدة منهن كأنه زار حقلها- بيتها.
في محيط الدوار تسمع مزيجًا غريبا من الاغاني الوطنية وتسجيلات في المقابل لاغان هابطة، فتختلط الأصوات في فوضى موسيقية لافتة ويتداخل الغث والسمين في مفارقة فنية عجيبة.
" دوار المنارة" شاهد قديم جديد على نقاشات جادة في السياسة، ونقاشات في اللاسياسية. والمساحة رغم محدوديتها تتسع للجديين والمتسكعين والبائعين والمشترين والمتسولين والباحثين عن شيء محدد والباحثين عن لا شيء.
"الدوار" لا يفرق بين الناس لا في اللون ولا البلد الأصلي، ويستوعب الأغنياء والكادحين، السيارات الفارهة والعربات التي تجرها البغال والحمير، يستوعب المترفين أصحاب الكروش والفقراء الذين بالكاد أن تلامس جيوبهم القروش.
"دوار المنار" ملتقى العشاق الصغار الذين يلتقون باستحياء يسترقون لحظات من الزمن في بحر مضطرب من الناس. وعلى "الدوار" تستعرض امرأة متبرجة ما تبقى من جمال، تتمايل وهي تحاول لملمة ترهل السنوات، قبل أن يغدر بها الجسد وتخذلها الروح.. وحول " الدوار" يتجول أسير محرر حلم على مدى خمسة عشر عاما في الأسر بلحظات حرية حول "الدوار". وعندما جاءت الفرصة أصيب بدوار على "الدوار".
هناك سر عميق عتيق في هذا "الدوار"، وكل يوم أسأل نفسي: لماذا نحن أبناء هذه المدينة لا نصدق أن يومنا ابتدأ الا بالمرور بقربه، ولا نصدق ان يومنا انتهى الا باطلاق صفارة النهاية في محيطه.
إنها رام الله المدينة التي تتنفس" دوار المنار" ويتنفسها، تنهض المدينة من بين ذراعيه صباحا، وتنام في حضنه ليلا، بعد ان يتعبها الصخب والضجيج وأقدام المارة وعجلات السيارات وسلال التين والعنب وحاويات الزبالة ورنين الهواتف الجوالة.
تنام رام الله في حضن "الدوار" أو ينام في حضنها لا فرق ، لكنهما كل ليلة يحلمان برام الله المتحررة من الحواجز التي تخنقها والمستوطنات التي تنيخ على جبالها تحشر أنفاسها، فلا يسمع حشرجات أنينها الا "دوار المنارة" ، الذي لا يكف بدوره عن الأنين.
إسرائيل الجريحة خطر على نفسها ...
بقلم: طلال عوكل – الايام
عودة الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني إلى القاهرة بداية الأسبوع، قد لا تنطوي على أهمية ترقى إلى مستوى إنهاء العملية التفاوضية الطويلة والمعقدة باتفاق واضح، يحدد ويضبط ملامح المرحلة المقبلة.
بعض الصحافيين، والمراقبين يرغبون عمداً في إساءة قراءة بعض التصريحات التي تصدر عن مسؤولين فلسطينيين، حين يتحدثون عن أن المفاوضات، والاقتراحات المقدمة حتى الآن لا تلبي الطلبات الفلسطينية، وهو أمر صحيح بالمطلق، وإلاّ لماذا تعود الوفود إلى التفاوض؟ لو كان ما تضمنته الورقة المصرية، كتتويج نهائي للقضايا التي يتم التفاوض عليها، مما يقتضي الإجابة عليها بنعم أو لا لكان الأمر مختلفاً، أما وانها مشروع اتفاق مفتوح على التعديلات من قبل الطرفين، فإن الأمر لا يزال غير مقضي.
وحتى في حال تمت الموافقة على الورقة المصرية، بتعديلات أو دون تعديلات فإنها ستظل غير قادرة على الإجابة الوافية عن الطلبات الفلسطينية المحقة، ولا هي أو أكثر منها يمكن أن ترتقي إلى مستوى التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب الفلسطيني في مواجهة عدوان إسرائيلي غير مسبوق من حيث مدته ووحشيته وشراسته.
في كل الأحوال، ثمة ما يدعو للاعتقاد، بأن العقبة التي تحول دون التوصل إلى اتفاق معقول، هي إسرائيل التي يصل وفدها إلى القاهرة دون قرار واضح وربما دون صلاحيات، سوى العمل من أجل تعطيل إمكانية تحقيق اتفاق، ولصرف المزيد من الوقت، وربما لطلب تمديد التهدئة التي تنتهي منتصف هذه الليلة.
لم ينجح بنيامين نتنياهو أو ربما كان لا يريد أن ينجح في الحصول على قرار من الكابينت الإسرائيلي يفوض الوفد بالتوصل إلى اتفاق. لقد جمع الكابينت مرتين، وأجرى مشاورات جانبية مع رؤساء الكتل لكنه لم يصل إلى قرار.
يشير ذلك إلى أن نتنياهو رجل ضعيف بعكس وصف الرئيس باراك أوباما له على أنه رجل قوي، أو انه رجل مراوغ وكاذب ومضلل، فهو من طينة سياسية وأيديولوجية لا تختلف عن حلفائه من الذين يرفضون التوقيع مبدئياً على اتفاق.
يفضل بعض ممثلي هذا التحالف، ومعهم بعض آخرون ممن لا يحسبون على خانة التطرف، أن تتخذ إسرائيل قراراً من جانب واحد بوقف إطلاق النار وفتح المعابر، وأن يظل الجيش مستعداً للرد بقوة على أي خرق فلسطيني لإطلاق النار.
من وجهة نظر هؤلاء، وآخرين في الوسط الثقافي والإعلامي، فإن توقيع اتفاق يلبي ولو بحدود معينة معظم الطلبات الفلسطينية، يجعل إسرائيل تبدو مهزومة، وضعيفة، وعلى أنها رضخت للضغوط، ورضخت لأداء المقاومة الفلسطينية في الميدان.
هذا يعني أن لغة الخطاب المتداول، وينطوي على الكثير من التناقضات والاتهامات المتبادلة، هي لغة تخلو تماماً من مفردات الانتصار وهي لغة أقرب إلى الهزيمة.
الطريق لا يزال في بداياته، لاندلاع النقاش الحاد والاتهامات المتبادلة، والملاومة، فالمعركة لم تنته بعد، وحتى لو جرى التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن التداعيات اللاحقة، والملاحقات القانونية، التي ستجرى في أكثر من مكان في هذا العالم، لإسرائيل ومسؤوليها مما يجعل كل إسرائيلي يشعر بالهزيمة المرة.
في إسرائيل بدأت المظاهرات الاحتجاجية على سياسة الحكومة، والتي تطالبها بوقف العدوان، ورحيل بنيامين نتنياهو، فيما تستمر انتقادات وشكاوى المستوطنين في المناطق القريبة من قطاع غزة، من أنهم لا ينعمون بالهدوء والاستقرار، وهذه مسؤولية الحكومة والجيش الذي لم يعد قادراً على قهر الفلسطينيين.
ودون تطيّر أو مراهنات مبالغ بها، ينبغي النظر بأهمية للقرارات الأميركية والبريطانية التي أوقفت وهددت بوقف تزويد إسرائيل ببعض أنواع الأسلحة والذخائر، فمثل هذه السابقة لم تحصل من قبل وهي تشير إلى غضب من المجتمع الدولي إزاء السياسة الإسرائيلية.
ما تقوم به وترتكبه إسرائيل من جرائم حرب، واستهتار بالقوانين الدولية مخجل ومحرج لكل من يتحالف مع اسرائيل ويدعمها، وما تقوم به الدولة التي تدعي انتماءها للعالم الديمقراطي زوراً وبهتاناً يضرب المنظومة الأخلاقية والقيمية، التي تدعي الدول الرأسمالية أنها وطنها وحاميتها، وعلى أساس هذا الادعاء تشن حروبها الاستعمارية على الدول والشعوب الأخرى لتحقيق مصالحها واستراتيجياتها.
إذا المفاوضات في القاهرة أقرب إلى المناورات، التي لا نظن أن لديها المزيد من الوقت والفرص، فإما تحقيق اتفاق خلال التهدئة الجارية وإما فإن تهدئة أخرى لا تفيد في غياب مؤشرات الجدية والإيجابية من طرف الجانب الإسرائيلي.
فيما يتعلق بالطرف الفلسطيني، نعتقد بأن الأداء حتى الآن جيد وموحد، ولم يصدر عن أي مسؤول فلسطيني من الوفد أو من خارجه، ما يشير إلى أن ثمة مخاوف من انقسام الوفد.
الوفد الوطني الفلسطيني متمسك، بالمبادرة المصرية، التي لا غيرها، يمكن أن تنفع، وغيرها ستحتاج إلى صرف المزيد من الوقت، وهو شيء غير محمود على الإطلاق.
والوفد الفلسطيني متفق على المطالب الفلسطينية، وكله يعمل بكل جدية من أجل، تحسين الاتفاق، وكل أعضائه مسؤولون عن النجاح، أو الفشل.
إسرائيل تعاني، وستعاني أكثر، وثمة من سيدفع الثمن بما في ذلك رئيس الحكومة ورأس التطرف، ولذلك على الفلسطينيين أن يحثوا الخطى أكثر فأكثر نحو تعزيز المصالحة، وتعميق الوحدة، وتحقيق التكامل في الأدوار والأداء بما يؤسس لاستراتيجية جديدة، ستتضح معالمها بعد قليل من الوقت، ريثما يتضح السلوك الدولي إزاء تحريك المفاوضات السياسية.
ومرة أخرى وأخرى، نؤكد أن الشعب الفلسطيني جاهز ومستعد لكل الخيارات بما في ذلك لو أرادت إسرائيل اجتياح قطاع غزة، فسكانه لم يعد لديهم ما يخسرونه وسيظل دمهم يلاحق إسرائيل.
ما بعد الهدنة !
بقلم: سميح شبيب – الايام
ظهر جلياً، عبر جولات تفاوضية غير مباشرة متعددة في القاهرة، بين الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي، برعاية مصرية، بأن فرص التوصل إلى اتفاق تهدئة، هي مساوية لفرص انهيار التهدئة المؤقتة. صحيح أن لا مصلحة لأي طرف في انهيارها، وعودة العنف والحرب، ولكل سببه في ذلك، لكن اعتبارات كبرى، تقف وراء القبول، ببنود تهدئة قادمة. إسرائيل من جهتها، ترى في بنود أية تهدئة قادمة، فرصة للتأكيد للشارع الإسرائيلي، بأن جيشها حارب وقاتل، وخرج بنتائج ملموسة. المقاومة الفلسطينية ترى في أي اتفاق قادم، فرصة للتأكيد، على أن خط المقاومة، دون سواها، هو الذي يحقق أهداف شعبنا، السلطة الوطنية الفلسطينية، ترى بأن أي اتفاق قادم، قادر على الصمود والبقاء، يجب ألاّ يكون اتفاقاً مذلاً أو مهيناً، وبالتالي يجب أن يتضمن فكاً لحصار غزة، ووقفاً للحرب، وضماناً لوضع الأسس اللازمة، للشروع في فتح المطار والميناء. الجميع حريص على الاتفاق حول بنود التهدئة، ولكن لكل اعتباراته، أضف إلى ذلك، بأن الإسرائيليين من داخلهم، يتعرضون لضغوط لا يستهان بها، وبأن الاتجاه العام، هو الاتجاه الأشد يمينية وتطرفاً. هناك مخاطر حقيقية، لوصول الهدنة القائمة، إلى الانهيار، وهنالك مخاطر حقيقية لعودة الحرب والاستنزاف. الاحتمالات لا تزال مفتوحة، ولا يزال المناخ العام، معبئاً بغيوم متفرقة، ماذا لو انهارت المفاوضات، وعادت الحرب؟! سؤال يطرحه سكان غزة، كما يطرحه الفلسطينيون جميعاً، وكما يطرحه الإقليم والعالم! بات في الأفق ما يشير بوضوح، إلى أن بروز هذا لاحتمال، وعودة الحرب، من شأنه أن يفتح الأبواب، أمام تحرك إقليمي ودولي، قوي وضاغط، نحو مجلس الأمن الدولي، ودفعه لإصدار قرار دولي، ملزم، بوقف تلك الحرب الدموية المدمرة، وحماية المدنيين الفلسطينيين من أتون حرب لا ترحم. مثل هذا القرار، سيكون ملزماً للجميع دون استثناء، وستكون له بنوده وأجندته الزمنية، كيف سيصاغ قرار كهذا، وما هي اعتباراته واحتياجاته. التفكير في ذلك، يحمل في طياته مخاوف شتى... ويدعو للمقارنة، ما بين بنود تهدئة قادمة، تأخذ في الاعتبارات، احتياجات الأطراف جميعاً، وبين قرار يصدر عن مجلس الأمن. لعلّ مقارنة سريعة كهذه، من شأنها، أن تقول، إنها تهدئة قادمة، وبرعاية مصرية مباشرة، ستكون الأفضل لنا، كفلسطينيين، وبالتالي على الأطراف جميعاً، وقبل الخوض الجدي في بنود التهدئة القادمة، أن يضعوا المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا، في سلم الأولويات، وهي وقف نهائي وقاطع للعدوان الإسرائيلي، والتفكير جدياً في إعادة إعمار غزة، حفاظاً على الشعب والقضية والوطن.
حياتنا – شيطنة الدين
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
اعترف أحد قادة جبهة النصرة بحصوله على دعم إسرائيلي وزيارته إسرائيل عشر مرات وحصوله على دعم بالمال والسلاح، والمثير أن هذا العميل يقود كتيبة «الحرمين».. حيث تسمى بأشرف مسجدين ومع ذلك تعامل مع إسرائيل وتحول إلى جيش لحد جديد.
والخبر الثاني هو منع شرطة دبي أحد الألمان من دخول أراضيها لأنه جاء لإقامة طقوس عبادة الشيطان، وإعادته إلى تركيا من حيث جاء. ويذكر أن هذا الألماني يشغل منصب رئيس منظمة عبدة الشيطان في العالم.. وفي أثناء ذلك هبت الولايات المتحدة لمساعدة الأقلية الأيزيدية في العراق التي تعرضت لهجمات داعش باعتبارهم من عبدة الشيطان. وهذه النقطة الأخيرة ما زالت موضع جدل حيث ينفي الأيزيديون أنهم يعبدون الشيطان بل يعتبرونه أحد الملائكة وإن عصى أمر الله لكنه لم يعص الأمر إلا بمشيئة الهية حسب زعمهم فهو في نظرهم يظل أحد الملائكة ولا يجوز لعنه، ويرفض الأيزيديون الافصاح عن معتقداتهم لغيرهم فهم منغلقون على أنفسهم.
ثمة شيطان وشياطين في هذه الأخبار المتلازمة، فالشيطان الأكبر أي الولايات المتحدة كما كانت توصف في إيران صارت تنسق مع إيران في العراق ويقوم الطيران الايراني هو الآخر بقصف مواقع داعش مع الطيران الاميركي.
عبدة الشيطان الغربيون صارت لهم امتدادات شيطانية في العالم الاسلامي حيث ارتفع عدد الملحدين في مصر والجزائر وغيرهما بعد ظهور التيارات والجماعات الارهابية الإسلامية وممارساتها في الجزائر ومصر وليبيا وسوريا والعراق.. لأن وظيفة هذه الجماعات هي شيطنة الدين الاسلامي خدمة للسياسات الغربية الماسونية والفرنجية «الصليبية». فكل ما تمارسه هذه الجماعات من قتل وسحل ونهب واغتصاب يتم باسم الدين، ووصل الامر بأبي بكر البغدادي الى القول ان جنوده معصومون من الخطأ وهو هنا يرفعهم الى مرتبة الانبياء والعياذ بالله. إننا نعيش الآن الحقبة الشيطانية حيث يستخدم الدين في كل الممارسات السمجة التي نهى عنها. مؤلم جدا ان يتخلص المسلم من عبادة الأنظمة والحكام الطواغيت الى عبادة الجماعات والتيارات الارهابة الشيطانية.
نبض الحياة - ازمة إسرائيل
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
حرب "الجرف الصامد" المتواصلة منذ قرابة الاربعين يوما ضد قطاع غزة أماطت اللثام عن عمق ازمة الدولة الاسرائيلية؛ وأظهرت هشاشة ركائزها ومكوناتها السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
وقبل تسليط الضوء على مفاصل الازمة الاسرائيلية، يفترض بالمراقب، وهو يقرأها، ان لا ينسى بان موازين القوى ما زالت تميل بشكل شبه مطلق لصالحها؛ وان الولايات المتحدة والغرب عموما ما زالوا يمدونها بكل مقومات العدوان على الشعب الفلسطيني؛ كما ان اهل النظام العربي، لم يتمكنوا حتى اللحظة من امتلاك قرارهم السياسي والاقتصادي، ويواصلون التخندق في دائرة المحوطة والتبعية للغرب وخاصة اميركا، ويرتبطون باتفاقيات وعلاقات سياسية ودبلوماسية وتجارية مع إسرائيل، وهو ما يمدها بالمزيد من عوامل القوة، وادارة الظهر للحقوق الوطنية.
مع ذلك فإن دولة التطهير العرقي الاسرائيلية انكشف ظهرها امام اي مراقب، ومن مظاهر الازمة: اولا فشل الحكومة في تحقيق اهداف حربها المعلنة السياسية والعسكرية، ولا يعود السبب في عدم وضوح وتحديد الاهداف المرادة من الحرب المسعورة، وانما السبب في عدم تمكن المؤسسة العسكرية من تحقيق تلك الاهداف، ما ادخلها ( الاهداف) في دائرة الالتباس والضبابية والاضمحلال. وهذا يعني في المعادلات العلمية هزيمة بكل المعايير امام قوة اذرع المقاومة، التي واصلت الدفاع عن ذاتها وشعبها في المحافظات الجنوبية من الوطن الفلسطيني حتى الآن (اي كانت الملاحظات على النتائج والتضحيات الجسام، التي قدمها ابناء فلسطين في قطاع غزة)، واعلنت جاهزيتها لمواصلة القتال؛ ثانيا افتضاح قدرات جيشها الضعيفة بشكل عميق، حيث فشل بكل اسلحته الجوية والبرية والبحرية من تحقيق اهداف الحرب المتواصلة، وترافق ذلك مع فشل قدرة اجهزتها الاستخبارية. نجم عن ذلك عدم تقدم الجيش في محافظات القطاع بسبب ضعف وتراجع بنية القدرات العسكرية للجيش. وهنا يفترض بالمراقب أن يلاحظ، انه كلما زاد اعتماد الجندي والضابط على مشتقات ثورة الاتصالات والمعلومات، وزاد اعتمادهم على الانترنت واجهزة الحاسوب، كلما تراجعت قدرات الجيش القتالية، وبات اسيراً لها، وتخلى عن لياقته العملياتية. هذا العامل يحتاج الى مزيد من التدقيق والمراقبة؛ ثالثا هشاشة البنية الاجتماعية والمعنوية الاسرائيلية. حيث كشفت الحرب عن رعب في اوساط الاسرائيليين ليس فقط في المستوطنات المقامة في غلاف القطاع، بل في اوساط كل المجتمع الاسرائيلي داخل تل ابيب وحيفا وداخل المستوطنات المقامة على الاراضي المحتلة عام 1967. والتظاهرة التي خرجت مساء الخميس في اسرائيل كشفت عن عمق الهوة بين جاهزية المجتمع الاسرائيلي وبين الاهداف السياسية والعسكرية لأية حروب تشنها اي حكومة على الفلسطينيين او اللبنانيين او اي من العرب في حال توفرت ارادة الدفاع والصمود؛ رابعا الخسائر الاقتصادية العالية، التي حملت موازنة الحكومة راهنا والعام المقبل عبئا ثقيلا، سينجم عنها عجز جلي. ويمكن التقدير بان حجم الخسائر في مجالات الحياة المختلفة بلغ قرابة الاربعة مليارات دولار اميركي. وهذا ايضا يكشف عن انتفاء التناسب بين الخسائر الاقتصادية والاهداف السياسية والعسكرية، لا بل ان الخسائر على كل الصعد والمجالات؛ خامسا فقدان اي دعم دولي، وانكشاف الوجه الفاشي لدولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، وتصاعد عملية العزلة الاممية لها، والملاحقة القضائية لقادة اسرائيل السياسيين والعسكريين. وايضا تنامي الدعم للشعب العربي الفلسطيني وقضيته؛ سادسا كشفت الحرب الاخيرة عن عامل مهم جدا جدا، ان دولة التطهير العرقي الاسرائيلية لا تستطيع العيش بسلام ودون حروب، الامر الذي يضع علامة سؤال كبيرة على مستقبل بقائها في المنطقة، ومدى انسجامها وانخراطها في نسيج الجيوبوليتك للامة العربية وشعوبها. وايا كانت تحالفاتها والقوى الداعمة لها دوليا، فإنها تؤكد انها دولة خارجة على القانون، وزائدة عن الحاجة في جغرافيتها وديمغرافيتها.
يمكن لقادة اميركا والعالم وإسرائيل ان يتحدثوا ما شاءوا عن قدراتها النووية والتسليحية وتطورها البحثي والعلمي، غير ان كل هذا التطور لا يؤمن لها التعايش والبقاء في المنطقة، لأنها ترفض خيار السلام والتعايش، وتريد ان تبقى دولة مارقة وخارجة على القانون، وهو ما لا يمكن للشعب العربي الفلسطيني وللشعوب العربية القبول به مهما ارتضت القيادات العربية الرسمية هذا الواقع البائس والمذل.
علامات على الطريق - وحدة وشرعية وقرار مستقل
بقلم: يحيى رباح – الحياة
حتى منتصف ليل الاثنين يتوجب على الوفد الفلسطيني الموحد ان يوازن بين خيارات صعبة وصيغ متباينة, وان يختار في نهاية المطاف ما هو افضل لمصلحة الشعب الفلسطيني. واعتقد ان الرئيس ابو مازن اوضح بشكل مكثف ما هي الاولويات, وذلك في كلمته التي افتتح بها اجتماع القيادة الفلسطينية مساء السبت, وهو الاجتماع الذي استمعت فيه القيادة الى تقرير مفصل قدمه الاخ عزام الاحمد رئيس الوفد الفلسطيني الموحد في المفاوضات غير المباشرة التي تمت مع الوفد الاسرائيلي بوساطة ورعاية مصرية في القاهرة, فقد اكد الرئيس ابو مازن ان الاولوية هي لوقف العدوان, والاولوية لاستمرار الوساطة المصرية التي وصفها بانها شريك معنا, واننا لن نقبل عن الدور المصري بديلا.
لو دققنا بصدق فيما يجري معنا ومن حولنا طيلة فترة هذا العدوان الغاشم الذي شنته اسرائيل ضد شعبنا ابتداء من الثاني عشر من حزيران الماضي في عموم الضفة والقدس اولا, ثم في قطاع غزة ثانيا, ثم العودة الى الضفة الغربية وخصوصا القدس الان, ثم احتمالات الوضع في قطاع غزة فيما لو فشلت هذه المفاوضات, فسوف نكتشف بوضوح كامل ان هذا العدوان الاسرائيلي هو بمثابة اعتراض بالنيران, اعتراض مبالغ فيه جدا, وبقوة التدمير, وبمساحة صادمة من القتل, ضد مشروعنا الوطني وما حققناه من تقدم على صعيد هذا المشروع ابتداء من قرار الامم المتحدة في نهاية عام 2012 باعتبار فلسطين دولة مراقب في الامم المتحدة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشرقية, ثم نجاحنا في ان تتمحور المفاوضات السابقة مع اسرائيل برعاية اميركية حول الموضوع الجوهري وهو انهاء الاحتلال الاسرائيلي لاراضي دولتنا التي عززتها قرارات الشرعية الدولية !!! كما نجحنا داخليا اولا ثم دوليا في الذهاب الى منصات القضاء الدولي لمحاسبة اسرائيل على كل جرائمها ضد شعبنا, ثم نجاحنا في المصالحة وتشكيل حكومة التوافق الوطني.
اسرائيل شنت هذا العدوان الغاشم وخططت له مستفيدة من غياب الحضور العربي وقصور النظام الدولي, لكي تعيدنا الى نقطة الصفر من جديد, ولكي تحول القضية الى تفاصيل مجتزأة هنا وهناك مثل تلطيف صورة الاحتلال, وتخفيف الحصار, والحديث عن بعض المطالب مثل الميناء والمطار كما لو انها مطالب مستحدثة بينما هي نصوص واضحة ورئيسية في اتفاقات اوسلو وكانت محققة بالفعل على ارض الواقع.
معركة المفاوضات خلال اليومين الاخيرين صعبة للغاية, والمطلوب من وفدنا المفاوض ان يتمترس حول ما هو جوهري وليس حول التفاصيل المجتزأة من سياقها التي تريدها اسرائيل, فما هي هذه المطالب الجوهرية؟
انها تتلخص في تعزيز المصالحة والوحدة الوطنية والتقدم اكثر واكثر في هذا الاتجاه, لكي تصبح الوحدة الوطنية حقيقة راسخة, وان نجعل اسرائيل تذعن لفكرة ان الانقسام الذي صنعته بيديها واستغلته ابشع استغلال لن يعود الى الوجود مرة اخرى, وان وحدتنا الوطنية عمدها شعبنا بدمائه الغالية وصموده الخارق وابدعات مقاومته الباسلة, وان اي شكل من اشكال الرهان على الانقسام واوهامه ومآسيه لن يعود مرة اخرى.
وفي تعزيزنا لوحدتنا الوطنية ندرك ايضا ان شرعيتنا الوطنية هي الركن الثاني من الثالوث الفلسطيني المقدس, فنحن شعب واحد ولدينا مرجعية وطنية واحدة وشرعية وطنية واحدة وان هذه الشرعية التي ثبت للقاصي والداني انها الحريصة والامينة على حقوق شعبنا يجب ان يتضاعف الانضواء الفلسطيني تحت لوائها, وان نسارع في تعزيز وتصليب اطارات هذه الشرعية الفلسطينية مثل اعادة صياغة منظمة التحرير الفلسطينية ومشاركة الجميع فيها وتفعيل قدراتها الى اقصى مدى ممكن.
اما الركن الثالث فهو الحفاظ على قرارنا الوطني الفلسطيني المستقل, وان نخوض معاركنا الحالية والقادمة لنيل استقلالنا الكامل, وليس لتوزيع دماء شعبنا واشلاء اطفالنا على موائد القوى الاقليمية المتصارعة من اجل ان يكون لها دور اي دور تتباهى به ولا يخدمنا بشيء على الاطلاق.
المعركة صعبة جدا, وتزداد صعوبة كلما ادرك الاسرائيليون كما هم الان انه لا امن لهم بقوة السلاح الفتاك الذي يستخدمونه دون اي جدار اخلاقي على الاطلاق وانما الامن والسلام له معنى واحد وهو حقوقنا الفلسطينية وحقوقنا تعني دولتنا المستقلة في حدود الرابع من حزيران عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها, وقد ثبت لاسرائيل وللعالم ان الاجراءات احادية الجانب مثل الانسحاب الاحادي من قطاع غزة 2005 قد سببت الويلات وان ما تفكر به اسرائيل الآن من احتمال وقف اطلاق النار من جانب واحد دون اتفاق مع الشرعية الفلسطينية سيكون كارثة, وان الرهان الاسرائيلي على امكانية اعادة الانقسام الفلسطيني من خلال بعض التلويحات هو الفشل بعينه.
ضمن هذه الرؤية, وبالحفاظ على دور الوسيط المصري دون منغصات ولا منغصين, يمكن الوصول الى تهدئة مستقرة تفتح الطريق امام انهاء الاحتلال.
الصهيونية وداعش.. مقاربات أولية
بقلم: رامي مهداوي – معا
ما بين التاريخ والحاضر هناك العديد من الأحداث التي تكرر ذاتها، لكن بثوب مختلف بسبب التطور الحضاري والفكري الذي لا ينعكس بالضرورة على مفهوم الأخلاق واحترام الإنسانية، عند قراءة التاريخ بفترات مختلفة تجد بأن هناك مسميات مختلفة تحمل فكر_أيديولوجية_ ما بأدوات مختلفة تهدف الى السيطرة الشمولية على الأرض والإنسان.
وقبل الدخول الى جوهر الموضوع، وحتى لا يتم اتهامي بمعاداة السامية_ على الرغم بانتمائي وانتماء كل العرب الى العرق السامي_ فإن ما قامت به النازية ضد اليهود هو لا إنساني، وبالتالي فإن ما تقوم به إسرائيل ضد أبناء شعبي هو لا إنساني أيضاً بل هو أخطر من ذلك لعدد من الأسباب أهمها بأن ما تقوم به إسرائيل هو محو شعب كامل عن الوجود بمعنى الكلمة، كل ذلك بصمت دولي وتحت مظلة الأمم المتحدة التي تهدف الى ضمان السلم والأمن الدوليين!!
ما أشاهده بشكل يومي من عمليات قتل وإبادة جماعية على يد داعش لا يستوعبه العقل البشري، ومع تلك الإبادة هناك إبادة بثوب مختلف وهو ما يقوم به جيش الاحتلال الإسرائيلي من حفل اعدام جماعي وببث حي ومباشر من قطاع غزة، وما تقوم به قطعان المستوطنين وجيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي بالضفة الغربية من قتل وتنكيل على ذات الشعب أيضاً لا يقبله العقل البشري.
وعلى الرغم من أن كل جهة لها هدف مختلف تنفذه بأدوات وأساليب مختلفة، إلا أنني أقول ان داعش عبارة عن أداة تخدم الاحتلال الإمبريالي للمنطقة وبالتالي هي ذراع أساسي لتنفيذ حلم الصهيونية في اعادة ترتيب خرائط المنطقة بما يخدم وجود اسرائيل ولسنوات طويلة قادمة، على الرغم من تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، والمرشحة المحتملة لانتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، هيلاري كيلنتون لموقع موقع (The Atlantic) الأمريكي "المرونة والتوسع التي يتمتع بها الإرهابيون الإسلاميون توجب على الولايات المتحدة أن تقوم بتطوير إستراتيجيتها الشاملة لمواجهتهم، مشيرة إلى أن الصراع مع الإرهابيين يشبه الصراع مع الشيوعية في الاتحاد السوفييتي" وتضيف كلينتون "المجموعات الجهادية تحكم بعض المناطق، وهم لن يبقوا هناك، إنهم ذاهبون للتوسع بالاحتواء والردع وهزيمة هؤلاء."
وبذات المقابلة دافعت كلينتون بقوة عن إسرائيل وعن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، وقالت تعقيباً على الحرب ضد غزة "إن نتنياهو فعل ما كان يجب عليه أن يفعله رداً على الصواريخ، ولدى إسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، وخطوات حماس بإطلاق الصواريخ وبناء شبكة أنفاق في مناطق مدنية، والسيطرة على العديد من المنشآت، هذا كله جعل الرد الإسرائيلي صعباً".
على الرغم من هذه التصريحات التي تأتي من أميركا أو الغرب بشكل عام، إلا أن الحقيقة تفرض ذاتها بذاتها على داعش والصهيونية، فداعش عبارة عن الصهيونية قبل العولمة، والصهيونية هي داعش ما بعد الحداثة. وبتجرد من اعتباراتي الفلسطينية والعربية والإسلامية فإن ما تقوم به الصهيونية وداعش لهو أكبر جريمة إنسانية تنفذ في التاريخ المعاصر، والأخطر من هذا كله هو تشويه الإسلام بأعمال داعش، وتبرير الجرائم الصهيونية مع أن هذه الجرائم الماضية والحالية طالب بها ثيودور هرتزل مؤسس الحركة الصهيونية الحديثة وهو صاحب فكرة إقامة الوطن اليهودى فى فلسطين بكتابه "الدولة اليهودية" بقوله: "إن نجح اليهود فى خلق دولتهم سيرحلون إليها فى هجرة تدريجية و عليهم أن يدركوا أنهم سوف يغادرون إلى دولة بها وحوش مفترسة لا ينفع لمواجهتها حمل الرمح و الحربة أو الذهاب فرادى إلى هناك لمطارده الدب الذي فى الانتظار، بل على اليهود أن يذهبوا إلى هناك فى جماعات كبيرة قادرة على سوق هذه الحيوانات أمامها و أن يقذفوا بقنابل شديدة الانفجار وسط جموعها من وقت لآخر لإرهابها".
وفي الفلسفة الداعشية – السلفية الجهادية التكفيرية- يظهر امامنا فكر استعلائي على العالم وابناء الملة والدين، فكل المجتمعات هم اغيار( كفرة، مرتدين، عصاة) ينبغي ان يستتابوا كي يقبلوا في النسخة الخاصة من الدين، وقد مارست داعش في الموصل فكرة الاستتابة الجماعية، اذا افتتحت 58 مركزا في المساجد كي يستتاب الادنى درجة دينيا بشهادة فردا فردا، بماذا تختلف هذه الفكرة العنصرية عن الممارسة الصهيونية الاولى بالقتل مع الترويع، ومشهد قطع الرؤوس ودحرجتها في الساحات مقرونة بالأهازيج الاحتفالية.
ما بين النظرية والتطبيق تضيع القيم والأخلاق، ليذهب ضحيتها أولاً وأخيراً الإنسان بهويته المختلفة العراقية، السورية، أهل السنة، الفلسطينية، الايزيديين، أهل الشعية، اللبنانيين، المسيحيين، الأكراد. ما يحدث في المنطقة هو تطهير عرقي بمعنى الكلمة تقوم به اسرائيل وداعش، فكيف يتم تفسير المعلومات المتوفّرة لدى "بتسيلم" وهي:"قُتل داخل 70 بيتًا سكنيًّا قُصفت بالمدفعيّة أو بالطائرات، أكثر من ثلاثة أفراد لعائلة واحدة. وتصل حصيلة الأفراد القتلى جراء عمليات القصف هذه إلى 542 شخصًا، غالبيّتهم من القاصرين والنساء: 242 قاصرًا، 126 مرأة حتى سنّ 60، 25 شخصًا فوق سنّ الستين. كيف يتم تفسير إبادة قبائل كاملة عند الأكراد والايزيديين؟
واذا كانت الصهيونية هي اداة المرحلة الاستعمارية في اعلى مراحلها لتفتيت واحتلال ونهب المنطقة، فان داعش في طبعتها المعاصرة هي اداة تفتيت للمنطقة دولا ومجتمعات، سنحمل اثارها المدمرة لسنوات طوال .