المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء محلي 26/08/2014



Haneen
2014-09-17, 08:55 AM
حديث القدس ... نحن بحاجة الى حل غير تقليدي .. فعلا !!
بقلم: أسرة التحرير عن جريدة القدس
تتسلط الاضواء في هذه المرحلة على الوضع في غزة والعدوان الاسرائيلي المستمر منذ خمسين يوما من جهة والحصار القاتل المستمر منذ سنوات من جهة اخرى. ويبدو هذا الاهتمام منطقيا بسبب ارتفاع عدد الشهداء والجرحى الى الالاف والدمار الهائل في المباني والمؤسسات ودور العبادة وتشرط مئات الالاف داخل القطاع الممتليء اساسا باللاجئين والمشردين اكثر من مرة، وتلقى مساعي التهدئة اولوية قصوى لوقف العدوان والبحث عن سبل لانهاء الحصار والمعاناة.
إلا ان الامر لا يتوقف عند المأزق في غزة لان القطاع هو جزء من القضية الاساسية وهي الاحتلال المدمر للضفة ومخططات التهويد بالقدس والاستيطان وتهجير المواطنين والاسوأ فوق كل هذا هو هذا التزمت الاسرائيلي ورفض التجاوب مع ابسط شروط ومتطلبات السلام والقبول بمرجعية حدود 1967 مع تبادل متساو ومحدود للاراضي وقد اجهضت اسرائيل كل محاولات التوصل الى تسوية وكل المقترحات الدولية المختلفة واوصلت المفاوضات الى الطريق المسدود الذي توقفت عنده بسبب هذه الغطرسة الاسرائيلية والاطماع التوسعية التي لا تتوقف.
وفي الايام القليلة الماضية، اجرى الرئيس ابو مازن اتصالات متعددة عربية ودولية بالاضافة الى اتصالاته الموسعة مع كل القوى والفصائل الفلسطينية. وكان لهذه الاتصالات هدفان هما ضمان التوصل الى تهدئة في غزة وبعد ذلك البحث عن حل سياسي شامل للقضية الفلسطينية.
وفي تصريحات هامة مع فضائية مصرية بعد لقاءاته مع كيان المسؤولين المصريين بمن فيهم الرئيس السيسي نفسه، قال الرئيس انه بصدد طرح حل غير تقليدي للقضية ويعتبر مفاجأة ويلقي هذتا الحل المقترح، تأييدا عربيا واوروبيا شاملا، لكن ابو مازن قال انه لا يتوقع قبول الولايات المتحدة بهذا الحل مما خلق نوعا من البلبلة والتساؤلات. فاذا كان هذا المقترح سيلقي رفضا اميركيا فانه بالتأكيد سيلقي رفضا اسرائيليا. وبالتالي فان مقترحا كهذا سيفقد اهميته وتصبح احتمالات تحوله الى حل حقيقي اقرب الى الامنيات وسيوضع على الرف كغيره من المقترحات. الا ان لهذا التحرك الضروري والمطلوب جانبا آخرا، وهو توجه السلطة الوطنية الى المؤسسات الدولية وفي مقدمتهها محكمة الجنايات خاصة بعد توقيع حماس وغالبية القوى الفلسطينية على وثيقة طلبها الرئيس كمقدمة وشرط لاي توجه الى هذه المؤسسات.
واذا صحت التوقعات بان الرئيس سيقترح وضع المناطق الفلسطينية تحت اشراف دولي وبان الدول العربية والاوروبية تؤيد هذا الطرح، فان لهذا الطلب رغم الرفض الاميريك والاسرائيلي المتوقع ستكون له اهمية سياسية واسعة وسيزيد الدعم الشعبي والدولي للقضية وسيعمق التفهم لعدالة المطالبة الفلسطينية.
على اية حال، فان المطلوب في هذه المرحلة اعادة التركيز على القضية ككل وليس على قطاع غزة منفردا.

مفاجـــــأة الرئيـــس
بقلم: هاني المصري عن جريدة الايام
أعلن الرئيس أبو مازن أنه سيطرح مفاجأة سياسيّة ديبلوماسيّة غير تقليديّة أثناء لقائه بوزير الخارجيّة الأميركيّة جون كيري خلال زيارته إلى المنطقة نهاية الأسبوع الجاري.
سألت بعض المسؤولين والمطلعين عن المفاجأة، فكانوا يضربون أخماسًا بأسداس حول ما ستحمله المفاجأة، وكانت إجاباتهم: إما أنهم لا يعرفون، أو تكهنوا في فحوى المفاجأة المنتظرة.
هناك من يعتقد بأن الرئيس سيستقيل بالترافق مع تسليم مفاتيح السلطة إلى الحكومة الإسرائيليّة حتى تتحمل مسؤولياتها إزاء الاحتلال، مستندين إلى تهديدات سابقة بهذا الخصوص أطلقها الرئيس وعدد من قيادات السلطة والمنظمة، ولكن هذا الاحتمال مستبعد لأن التهديدات كانت لفظيّة، ومن لم ينفذها في ذروة العدوان الغاشم لن يفعل ذلك مع اقتراب نهاية الحرب. فضلًا عن أن المطلوب ليس حل السلطة وإنما إعادة النظر في شكلها ودورها ووظائفها والتزاماتها وعلاقتها بالمنظمة، بحيث تكون أداة من أدواتها تخدم تحقيق البرنامج الوطني، وليس غاية بحد ذاتها بعد أن تحوّلت إلى وكيل أمني للاحتلال وليس أداة لإنهائه وإقامة الدولة.
وهناك من توقع بأن الرئيس سيقوم بتوقيع الاتفاقات الدوليّة والانضمام للوكالات الدوليّة التي لم يتم التوقيع عليها أو تلك التي لم تنضم إليها الدولة الفلسطينيّة، واستند في ذلك إلى توقيع مختلف الفصائل وأعضاء اللجنة التنفيذيّة للمنظمة والمركزيّة لفتح على رسالة تطالب الرئيس بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة، وخصوصًا بعد توقيع "حماس" على الرسالة بعد امتناع وتردد استمر أكثر من أسبوعين، فالآن لم يعد للرئيس حجة أو عذر لعدم التوقيع في ظل استمرار الجرائم والمجازر الإسرائيليّة ضد شعبنا في غزة. وهذا الاحتمال مستبعد لأن الرئيس في تصريحاته الأخيرة لمّح إلى أن الأمر مطروح ولكنه بحاجة إلى المزيد من الدراسة والتشاور مع الأشقاء العرب وغيرهم، والسبب المخفي وراء ذلك أن هناك تهديدات أميركيّة متلاحقة، استمرت طوال العدوان، من مغبة الانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة وتحذيرات أوروبيّة لم تنقطع.
كما توقع البعض بأن يوقف الرئيس العمل بالالتزامات المترتبة على "اتفاق أوسلو"، خصوصًا التنسيق الأمني، في ضوء ازدياد المطالبة السياسيّة والشعبيّة بذلك، وبعد حصول الدولة الفلسطينيّة على العضويّة المراقبة، وبعد تجاوز إسرائيل لأوسلو كليًا وإفشالها للمفاوضات الثنائيّة وجميع الجهود والمبادرات للتوصل إلى تسوية التي كانت آخرها "مبادرة كيري". وفي نفس السياق يمكن أن يجدد الرئيس المطالبة الفلسطينيّة بالحماية الدوليّة ويلجأ إلى الأمم المتحدة لوضعها أمام مسؤولياتها إزاء إنهاء الاحتلال. وهذا الاحتمال مستبعد هو الآخر، لأنه سيقود فورًا إلى مجابهة شاملة لا تبدو قيادة عباس مستعدة لها وراغبة بها.
إن المفاجأة يمكن أن تكون دعوة الإدارة الأميركيّة وحدها أو بالاشتراك مع بقيّة أطراف اللجنة الرباعيّة الدوليّة لاستئناف المفاوضات الثنائيّة على أساس هدف واضح وهو إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينيّة على أساس حدود 67 مع تبادل أراضٍ، ضمن جدول زمني قصير متفق عليه منذ البداية. وإذا لم توافق الإدارة الأميركيّة - كما توقع الرئيس - فسيقوم بالتوجه للأمم المتحدة ومطالبتها بإنهاء الاحتلال وتمكين الدولة الفلسطينيّة المعترف بها دوليًّا من ممارسة سيادتها ضمن جدول زمني قصير.
إذا كانت هذه هي المفاجأة فهي لن تكون مفاجئة لأنها تعكس استمرار الرهان على الإدارة الأميركيّة. هذا الرهان المستمر منذ عشرات السنين وأدى إلى ما نحن فيه من كارثة. فخطورة هذه المفاجأة أنها تعتمد على التزام أميركي غير مضمون حصوله أو تطبيقه أو الاستمرار به، ويمكن أن يتبخر كما تبخرت وعود أميركيّة سابقة، خصوصًا أنه لن يقترن بالتزام إسرائيلي مقابل إنهاء الاحتلال، ما يفتح الطريق لعودة دوامة المفاوضات العقيمة - هذا إذا وافقت الإدارة الأميركيّة على ذلك – ويقوم بإحياء "عمليّة السلام" الميتة في الوقت الضائع عشيّة الانتخابات النصفيّة للكونغرس، وفي ظل الحديث عن إمكانيّة إجراء انتخابات إسرائيليّة مبكرة.
إن إعادة إنتاج الموافقة الفلسطينيّة على مبدأ "تبادل الأراضي" الذي يشرعن الاستيطان، ويضرب مبدأ عدم جواز احتلال الأرض بالقوة ومبدأ وحدة أراضي الضفة الغربيّة وقطاع غزة من دون التزام إسرائيلي؛ يضرب وحدة الموقف الفلسطيني ويضعفه ويشكل فرصة لجرجرة المفاوض الفلسطيني لجولة جديدة من المفاوضات، تتمكن إسرائيل من خلالها تجنب دفع أثمان عدوانها وجرائمها غير المسبوقة، التي أدت إلى عودة القضيّة الفلسطينيّة إلى الصدارة وازدياد حركة التضامن معها، لدرجة أن المظاهرات الحاشدة عمّت العالم كله، وازدادت حركة المقاطعة الفلسطينيّة والعربيّة والدوليّة إلى مستويات غير مسبوقة، وفق توقعات ومؤشرات تبشر بتصاعد هائل لحركة مقاطعة إسرائيل ومعاقبتها على جرائمها وفرض العزلة عليها.
إذا لم توافق الإدارة الأميركيّة على المبادرة الفلسطينيّة المدعومة عربيًا فهذا يعني الذهاب إلى الأمم المتحدة، الذي سيعني من دون أن يقترن بمقاربة جديدة شاملة تكسر قواعد اللعبة القديمة وتضع قواعد جديدة لأي عمليّة سياسيّة قادمة إضاعة المزيد من الوقت الثمين، ووضع رقبة القضيّة الفلسطينيّة بالكامل تحت رحمة الأمم المتحدة، المشلولة إرادتها بحكم الفيتو الأميركي، والتواطؤ الدولي، خاصة الأوروبي، مع الاحتلال الإسرائيلي، وإضاعة الفرصة التي تلوح في الأفق جراء العدوان الإسرائيلي رغم كل ما ترتب عليه من جرائم ونكبة جديدة بحق الفلسطينيين.
السؤال: كيف نحوّل هذا العدوان والتحديات التي تواجه القضيّة الفلسطينيّة إلى فرصة لإنجازها وعدم حصر البحث في رفع الحصار والإعمار المهدد بعدوان إسرائيلي قادم لا محالة إذا لم يتم معالجة الصراع جذريًا بإنهاء الاحتلال؟
من الخطأ إضاعة الفرصة التي وفرها العدوان الإسرائيلي الغاشم وملحمة الصمود والمقاومة الفلسطينيّة ضده. ويجب الامتناع عن تقديم خشبة الخلاص لإسرائيل عبر الدخول في عمليّة سياسيّة زائفة تمنع معاقبة إسرائيل على جرائمها وتبعد أو تحيّد أوراق القوة الفلسطينيّة (المقاومة والمقاطعة والخطاب القانوني والتفوق الأخلاقي والتضامن الدولي والوحدة الفلسطينيّة) بدلًا من مراكمة الإنجازات وتشديد النضال وتركيز الضغط والحصار على إسرائيل، حتى تصل إلى وضع لا تستطيع فيه أن تحتفظ بالاحتلال والأمن والأرباح الاقتصاديّة ومكانة الدولة المدللة التي تجعلها الحماية الأميركيّة دولة فوق القانون الدولي.
إن هذا يتطلب اعتماد مقاربة جديدة تسعى لتغيير ميزان القوى المائل بشدة لصالح إسرائيل، على أساس وحدة وطنيّة حقيقيّة وقيادة واحدة وشراكة سياسيّة كاملة في المنظمة والسلطة وقواسم سياسيّة مشتركة، عبر إرساء إستراتيجيات جديدة تجمع ما بين المقاومة بكل أشكالها والمقاطعة والانضمام إلى كل الوكالات الدوليّة، وخصوصًا محكمة الجنايات الدوليّة، المستندة إلى مرجعيّة واحدة والتحرك السياسي والديبلوماسي والقانوني، للوصول إلى أزمة كبرى تهدد بتداعيات وخيمة على المنطقة والعالم بما يفرض وجود عمليّة سياسيّة جادّة في إطار مؤتمر دولي مستمر وكامل الصلاحيات مهمته إنهاء الاحتلال، وليس التفاوض من أجل التفاوض وتمكين إسرائيل من استكمال تطبيق مخططاتها الاستعماريّة والاحتلاليّة والاستيطانيّة والعنصريّة، التي لا مكان فيها لأي حل يستجيب للحد الأدنى من الحقوق الفلسطينيّة، بما فيها إقامة الدولة على حدود 67.

نبض الحياة - آفاق الهدنة الطويلة
بقلم: عمر حلمي الغول عن الحياة الجديدة
سيعود الوفدان الفلسطيني والاسرائيلي الى القاهرة للمفاوضات غير المباشرة عبر الشقيقة الكبرى، مصر المحروسة، ووفق ما أعلن الرئيس ابو مازن في مؤتمره الصحفي، بعد لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي انهما اتفقا على: أولاً تثبيت الهدنة لوقف نزيف الدم الفلسطيني، وثانياً الشروع بادخال المساعدات الانسانية من الاشقاء والاصدقاء لسد حاجات المواطنين، وأيضا لادخال مواد البناء للشروع باعادة بناء ما دمرته الحرب الاسرائيلية المسعورة على قطاع غزة خلال الخمسين يوما الماضية. وبعد ذلك تبدأ مفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي على المطالب الفلسطينية، التي باتت معروفة, ولكن السؤال المطروح على بساط البحث، هل اسرائيل جاهزة للاستجابة للمطالب الفلسطينية المشروعة، والتي كانت موجودة، فضلا ان اتفاقيات أوسلو، وقوانين ومواثيق وأعراف الأمم المتحدة كفلتها؟ وهل اسرائيل مستعدة لتهدئة طويلة تضمن الاستقرار والهدوء في أراضي دولة فلسطين المحتلة كلها وليس فقط في محافظات الجنوب؟ وهل هناك ارادة عربية ودولية لالزام اسرائيل بالمضي قدماً نحو خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؟
المراقب الموضوعي يعلم ان اسرائيل ليست جاهزة، ولا مستعدة للتقدم خطوة ايجابية وجدية للوصول لتهدئة حقيقية، رغم انها فضلت الوساطة المصرية على أية وساطة أخرى، لانها لا تريد اصدار قرار من مجلس الأمن أو أي منبر دولي آخر يتطرق للحل السياسي، مع ان مشروع القرار الاوروبي، الذي يجري التداول بشأنه بين الاقطاب الدولية ومع الأمم المتحدة، يركز على نزع سلاح المقاومة. وبالتالي فان العودة للمفاوضات غير المباشرة تحتاج الى: أولاً تمسك الوفد الفلسطيني بالمطالب المعلنة، وفي ذات الوقت، المرونة لاحداث اختراق جدي في جدار الرفض والمماطلة الاسرائيلية، وثانيا العمل بكل الوسائل لوقف نزيف الدم الفلسطيني، واخراج الرأس الفلسطينية من مقصلة الحرب الاسرائيلية، وهذا جل ما ركز عليه الرئيس عباس والرئيس السيسي، وكل القيادة الفلسطينية، وثالثاً استدراج القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لدعم المبادرة المصرية، والتوقف عن سياسة الالتفاف عليها، والعمل على اخراجها بقرار من مجلس الأمن، لتأخذ الصبغة الالزامية، وفي السياق الضغط على دولة الحرب والعدوان والاحتلال الاسرائيلية.
غير ان المؤشرات جميعها تشير الى ان امكانية احداث مثل هذا التحول الايجابي في المواقف الدولية أمر غير وارد، ولا تبشر المعطيات والمداولات الجارية في الاوساط المختلفة بتفادي وتجاوز كل المطبات والعراقيل الاسرائيلية والدولية على حد سواء.
والارجح ان تصل جهود الوسيط "الشريك" المصري الى طريق مسدود، لان حكومة اسرائيل المأزومة ليست مستعدة لتقديم أي حلول واقعية، رغم ان الوفد الفلسطيني قدم فعلاً مرونة عالية عشية انهيار الهدنة وانسحاب الوفد الاسرائيلي من المفاوضات الاسبوع الماضي. والتقدير ان تفرض اسرائيل هدنة مقابل هدنة دون أية التزامات، كي تبقى يدها طويلة في اختراق الهدنة تحت حجج وذرائع وهمية لا تمت للواقع بصلة. الامر الذي يفرض على القيادة الفلسطينية وبالتنسيق مع الاشقاء العرب تقديم رؤية وآليات عمل ابداعية مختلفة عما هو معمول به راهنا، لعل مفاجأة الرئيس ابو مازن تحمل الجواب على هذه المعضلة.

أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال
بقلم: عيسى قراقع عن وكالة معا
لو تمعنت جيدا في الأربع والعشرين ساعة التي تعيشها تحت الاحتلال، لاكتشفت انك خارج النص البشري، خارج الحياة المألوفة، وأنك في صراع وتوتر وصدمات متتالية، وانك قد تسقط في أي لحظة، أو تتغير في أي لحظة، وأنك بحاجة إلى صراخ أو غضب.
في الأربع والعشرين ساعة الماضية، طفح رأسي وعقلي بالأحداث والأخبار، وكلها دامية وقاسية، مفجعة، لا مجال للأسئلة ولا للأجوبة، مجهول على شكل وحش أمامك، لا رؤية ولا قرار، ولا موعد يلتزم معك في الساعة القادمة.
قالوا لي: نحن تحت الاحتلال، والحياة في ظل الاحتلال لها لونها ورائحتها وطقوسها وسلوكها المختلف، وعليك أن تكون مختلفا، متقشفا وحذرا، ومتواضعا قليلا، تستوعب أن للحرية ثمنا غاليا، والثمن أرواح وشهداء وأسرى وجرحى، هدم منازل، وشم الغاز، ورؤية المقموعين والمضروبين والملاحقين من المستوطنين وجهاز الشاباك والوحدات الخاصة والجواسيس.
وعليك في ظل الاحتلال أن تعتاد على رؤية الدم الغزير، والجثث المكومة فوق بعضها في غزة، الأجساد المتناثرة والممزقة، صوت الثكالى والنازحين والضائعين الهائمين المرعوبين من الأطفال والنساء، أن ترى بلدك يحترق، أشجارك وأحلامك وأمنياتك، وان تنصب خيمة فوق ركام بيتك المهدم، وأن تتعود ايضا وبشكل مقلق على سماع أصوات الصواريخ والانفجارات ودوي القنابل في نومك ويقظتك وتؤجل النعاس، وأن تميز بشكل جيد بين صاروخ إنذاري وصاروخ حقيقي، بين صوت الطائرة الرنانة وصوت أل ف 16، بين قذيفة المدفعية وبين قذيفة البارجة الحربية.
ولأنك تحت الاحتلال فمن الطبيعي أن يقتحم جيش الاحتلال كل البيوت ليلا ونهارا، أن يدخلوا رام الله ونابلس والخليل وجنين، لا حصانة لأحد حتى النائبة خالدة جرار وحسن يوسف ومروان البرغوثي وأحمد سعدات و36 نائبا تم زجهم بالسجن، وأن تتوقع أن يسقط شهداء في المسيرات والمظاهرات حتى لو كانت سلمية جدا، لا رحمة للأطفال في ظل الاحتلال، لا رحمة لمخيم عايدة الذي أغرقوه بالمياه العادمة القذرة، لا رحمة لبيت أمر والعروب وقلنديا وحوارة وقلقيلية والأمعري وبيت فوريك.
ولأنك تحت الاحتلال فأنت عضو في حركة تحرر وطني تقاوم من اجل الحرية والاستقلال والعودة، لهذا عليك تدريب عينيك على رؤية الحواجز العسكرية الثابتة والمتحركة، وان تؤجل أحلامك الكبرى، ومشاريعك الحياتية التي تحتاج إلى هدوء واستقرار وسلام وراحة بال، أن تعتاد على منعك من السفر، و العبث في جسدك عميقا في التفتيشات، وتبلع الاهانة والمسبة، وذل النساء الملغومات بالاحجيات والحكايات، يخشاهن جيش الاحتلال.
يسألني صديقي: هل انتم شعب تحت الاحتلال؟ قلت: نعم! فنظر إلى وجهي وحولي ورآني جميلا متبلدا، اقرأ الأحداث كأنها بعيدة عني، أعداد الشهداء التي فاقت الألفين في غزة، وأعداد النازحين التي زادت عن نصف مليون، وأعداد الجرحى التي تخطت العشرة آلاف، وأعداد الاسرى التي زادت عن السبعة آلاف، أعداد المستوطنين التي زادت عن أل 500 ألف في الضفة، مصادرة الأراضي المحمومة وارتفاع مباني المستوطنات الزاحفة، والتي وصلت إلى غرف نومنا، ويبدو كل ذلك طبيعيا ومألوفا ومتعايشا معه، ما دمنا نحارب بالشعار والنرفزة والتفوق في التحليل والنقاش، وبقليل جدا من التكلفة: المراهنة على أمريكا، وكسل في المشي فوق الأرض.
أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال، قلت لصديقي: يبدو أني مصهور في هذه الحالة، ذبت في سيولة الوجع إلى درجة لم اعد أتوجع، مخدر من فائض الإبر الاحتلالية المؤلمة حتى زال الألم، نسيت شوارع القدس التي ضاعت فيها الجغرافيا والتاريخ والعبادة والملامح ، اعرفها من السور والصور والذاكرة، وقصص صلاح الدين وصفرونيوس في المدرسة.
قلت: لم نعد عبئا على المحتلين، لنا حكومة ووزراء وبرلمان ونشيد وعلم، ورواتب وسيارات وعلاقات عامة إقليمية ودولية ، ومئات القرارات المناصرة لنا، ولنا فضائية ومئات المحطات المحلية، يأتينا الماء في المواسير مسروقا ومنهوبا، وتأتينا الكهرباء مرتفعة الأسعار، وتأتينا الجلطات اليومية وارتفاع السكري، لا نستطيع دفع أقساط الجامعة، نقع كثيرا في الأخطاء الطبية ونسامح، نستوعب رويدا رويدا أن نكون مكبا للمنتوجات الإسرائيلية التي يتنافس كبارنا على وكالاتها، ترتفع أسعار سجائر الفقراء الطفرانين، وتنهال الضرائب، ونصطف طوابير أمام الإدارة المدنية العسكرية لأجل تصاريح للسفر أو العلاج أو الخروج من مناطق ألف إلى c ومن خارج الفضاء والجدار والدائرة ، وأن رفضت طلباتنا نهرب أجسادنا وأحلامنا، ونتحايل على الواقع بخيالنا الفلسطيني الذي لم يعد يصدقنا.
أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال، وغزة تموت ثم تموت، الوطن يخرج من الحقيقية والروح ويرمى في العبث، لم نعد نحمله حتى في حقيبة إن أردنا، ولم نعد نحمله في الموقف الذي أثقل تشابك المصالح المتعددة، والتي ترى أن العدوان على غزة منفصل عن العدوان على الضفة، وأن الضفة فيها استقرار ومؤسسات وعقارات وسوق ومقدمة للدولة، كما يقول البنك الدولي وهو يحتجز الناس في الصراف الآلي كل آخر شهر، أو كما يقول حاجز قلنديا للمسافرين ساعة الظهيرة.
أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال، جلست في مقهى أمام مخيم الدهيشة، رأيت جنود الاحتلال يهاجمون البيوت والأولاد، ورأيت مكبات الزبالة ورائحتها تملأ أنوف البشر، رأيت شبانا بعمر الورد عاطلين عن العمل يتسكعون ويتشاجرون ويسهرون ويقهرون شبابهم، ورأيت موكبا لأحد المسؤولين يمر بسرعة وقد أغلق شبابيك سيارته، ورأيت بنايات شاهقة تطل من مدينة الخضر وارطاس، تتقدم نحوي، قالوا: هي مستوطنات إسرائيلية، وهي القدس الكبرى.
نظرت إلى مدينة بيت جالا، رأيتها قفصا مغلقا، لا زيتون ولا مشمش ولا أودية، تقف فوق جبالها مستوطنة "جيلو" كضبع مفترس ، ورأيت المسيح في بيت لحم يعود مشيا حافيا مقيدا إلى خشبة الصليب، دمه يملأ كؤوس الآخرين، لا تعرفه المدينة، يتوه، أين المذود ؟! أين العذراء وشجرة الميلاد؟! وأين البئر والخبز والعسل، والصلاة في الليلة الاخيرة؟؟
على مقهى في مخيم الدهيشة دخنت كل سجائري، شربت قهوتي، سمعت صافرات تدوي، نظرت إلى غزة، والى يافطات على جدران المخيم من صور أسرى وشهداء وشعارات عن حق العودة، شعرت أني ميت أو سأموت، أو انا حي وميت، لا أدري.
على مقهى في مخيم الدهيشة، ذكروني بالحكايات القديمة، قالوا: كانت قرية فلسطينية صار اسمها أفرات، كانت قرية فلسطينية، صار اسمها معاليه ادوميم، كان فيها كوشان وأسماء، وطابون ورائحة بشرية.
واسهبوا: ويوما بذات الخليل، ويوما بذات الجليل، ويوما بيافا وحيفا، ويوما في اللد وعكا والولجة، ويوما بدير ياسين والدوايمة والمجدل والمسمية ، ويوما هنا أمام هذا المخيم، بلا شكل وبلا ظل وتحت سماء منخفضة.
على مقهى في مخيم الدهيشة، رأيت الاحتفالات العديدة، مهرجانات التأبين للشهداء، أفراح الإفراجات عن الاسرى، الموت والزواج، الأناشيد الفصائلية العديدة، الفقراء الغاضبين على انقطاع المياه، والدة الأسير محمود ابو سرور محمولة على نعش إلى المقبرة، قتلوها بعد 30 عاما من الانتظار، ولم يفرجوا عن ابنها في الدفعة الرابعة.
أربع وعشرون ساعة تحت الاحتلال، تحت ضغط الدم وتوالي الشهداء كل لحظة في غزة والضفة، وتحت ضغط الاكتئاب السياسي على الأرض، حالات انتحار تتصاعد ، قتل نساء باسم الشرف والقبيلة، أطفال يتسربون من المدارس إلى الورش والشوارع، طابور عمال منذ ساعات الفجر أمام حاجز إسرائيلي ، ينتظرون العبور بإشارة من إصبع جندي أو طلقة بندقية، استنكارات دولية لإعدام طفلين أمام سجن عوفر على يد جنود الاحتلال ، وهناك انفجرت الشرايين والكاميرات والصور، شهادات أطفال القدس في غرفة التحقيق رقم (4) بالمسكوبية، تعذيب وتنكيل وصراخ أولاد سلوان والعيسوية، تصاعد الاعتداء على يد عصابات (دفع الثمن) للمستوطنين الحاقدين، خطف وحرق الطفل محمد ابو خضير حيا، عاد هتلر وغابت العدالة الدولية.
على مقهى في مخيم الدهيشة تذكرت سميح القاسم الذي قال لي:
علمني القاتل
أن انبش الجرائد اليومية
أن احصي القتلى على جدرانها السود
وان انتظر البقية.
فمتى يا أخي الشهيد سميح نطلق ما تبقى من موتنا عليهم ثم نموت؟

القانون الدولي يحمي المقدسات وعربياُ لا تحرك قانوني؟
بقلم: حنا عيسى عن وكالة pnn
كما هو معلوم الاماكن الدينية تنطبق عليها أحكام اتفاق لاهاي لعام 1899، و1907، كما تنطبق عليها أحكام اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949، والبروتوكولات التابعة لها، إضافةً إلى انطباق معاهدة لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاعات المسلحة لعام 1954 عليها.
فقد نصت المادة 27 (4) من الملحق الرابع من اتفاق لاهاي 1907، على وجوب أن تتخذ القوات العسكرية في حال حصارها «كل الوسائل لعدم المساس بالمباني المعدة للمعابد وللفنون والعلوم والأعمال الخيرية والآثار التاريخية». كما حظرت المادة 22 من الاتفاق ذاته «ارتكاب أية أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية، أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب».
ونصت المادة 56 من اتفاق لاهاي 1954 على تحريم «حجز أو تخريب المنشآت المخصصة للعبادة... والمباني التاريخية». كما نصت المادة 53 من البروتوكول الإضافي الأول والمادة 16 من البروتوكول الإضافي الثاني، لاتفاقية جنيف الرابعة 1949، على «حظر ارتكاب أي أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعب».
فقد نصت المادة 6 فقرة ب، من ميثاق محكمة نورمبرغ على أن «الاعتداءات على الآثار والمباني التاريخية من دون سبب تعد جريمة حرب». كما أن معاهدة لاهاي 1954، تلزم أي دولة احتلال بالحفاظ على الممتلكات الثقافية والدينية، وتعد الاعتداء عليها «جريمة حرب» واكدت المادة الثامنة الفقرة الرابعة من نظام روما لسنة 1998 بان" تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للارغراض الدينية" تعد جريمة حرب ايضا .
ولعل السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: إذا كانت كل هذه النصوص القانونية الدولية تعضد الموقف العربي والإسلامي ضد الانتهاكات السافرة والصارخة للاحتلال الإسرائيلي، فلماذا لا يرى للأمة العربية أو الإسلامية أي حراك قانوني دولي، سواء عبر المنظمات الدولية أو القضائية أو حتى السياسي؟.
فبإمكان هذه الدول العربية والإسلامية أن تطالب مجلس الأمن استناداً إلى قراراته السابقة بمنع إسرائيل من مواصلة اعتداءاتها المتواصلة على المقدسات الإسلامية، كما لهذه الدول أن تحرك الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ هي تملك الغالبية فيها، ولها عبر الدول التي نقضت إسرائيل معاهداتها الدولية معها أن ترفع قضية في محكمة العدل الدولية، كون الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات تمثل خرقاً لـ «معاهدة وادي عربة»، وكون الاعتدءات الإسرائيلية تمثل انتهاكات صارخة للقانون الدولي من شأنه تعريض السلم والأمن الدوليين للخطر.
إذ الواضح اليوم أنه ما لم تقم الدول العربية والإسلامية بواجبها في الدفاع عن مقدساتها، فقد يأتي الوقت الذي تكون فيه المطالبة متأخرة جداً! وللحق، فإن على منظمة التعاون الإسلامي عبئاً ثقيلاً يجب ألا تتخلى عنه. فمنظمة التعاون الإسلامي التي قامت في الأصل لحماية المسجد الأقصى من العبث اليهودي بعد محاولة حرقه في عام 1969، والتي تضم أكثر من 50 دولة في عضويتها، تستطيع بما أوتيت من قوة، أن تجيش المنظمات الدولية بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة، وتحرك العالم الغربي لحماية أعز ما تبقى من مقدساتها الإسلامية في القدس وباقي الاراضي الفلسطينية المحتلة .