Haneen
2014-09-17, 08:59 AM
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الثلاثاء 2/9/2014
</tbody>
في هذا الملـــــف:
ý التعليم في القدس .. واقع مؤلم .. ومستقبل مظلم
بقلم: حديث القدس – القدس
ý من يحكم غزة وكيف؟
بقلم: نبيل عمرو – القدس
ý حكومة الظل: عقبة كأداء تعترض إنهاء الانقسام
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
ý كيّ الوعي كبديل لميثاق الأمم!
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
ý حياتنا – نصف قرن من المذابح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
ý نبض الحياة - العرب والمسؤولية القومية
بقلم: عمر حلمي الغو – الحياة
التعليم في القدس .. واقع مؤلم .. ومستقبل مظلم
بقلم: حديث القدس – القدس
لا خلاف ولا نقاش حول اهمية التعليم ودوره في تطوير وتنمية المجتمع وبناء المستقبل، وقد نوقش هذا الامر مرارا وتكرارا واعدت بشأنه الدراسات الكثيرة نظرا لما يمثله هذا المجال من خطورة بالغة وقد اتفق الجميع على التأكيد أن لا مستقبل ولا تطوير ولا تقدم بدون تعليم حقيقي بانواعه المتعددة واشكاله المختلفة خاصة في ظل التطورات العلمية والتكنولوجية البالغة التعقيد والتقدم في كل المجالات. وتحاول المؤسسات التعليمية في بلادنا متابعة هذا التطور وتحسين الخدمات والتخصصات، وهي بحاجة الى المزيد بالتأكيد، الا ان ما يهمنا في هذا المال هو واقع ومستقبل التعليم في القدس التي تتعرض الى اقسى هجمة استيطان وتهويد وتهجير ضد الارض والبشر والمقدسات وذلك بمناسبة بدء العام الدراسي.
يتعرض التعليم في القدس الى مخططات خطيرة مبرمجة ضد الطالب والطالبة المقدسيين تتخلص في مجملها اما بمحاولة تهويد التفكير او بتدمير العملية التعليمية. محاولات التهويد تتخلص في فرض المناهج الاسرائيلية التي تروج للمفاهيم وتاول تشويه المفاهيم الفلسطينية. وقد اصبح اكثر من 50٪ من طلاب وطالبات القدس يتلقون تعليمهم في المدارس التابعة لبلدية القدس او وزارة المعارف الاسرائيلية. كما ان العاملين في هذه المدارس يتلقون رواتب تبلغ ضعفي واحيانا ثلاثة اضعاف ما يتلقاه العاملون في المدارس الاخرى مما يجعلهم اسرى الوظيفة بصورة عامة.
وفي القدس نقص كبير في عدد المدارس الموجودة او التي ستقام ويقدر البعض هذا النقص بما يقرب من 2000 غرفة صفيية كما ان الكثير من المدارس الموجودة لا تتوفر فيها الاجواء والخدمات التربية المطلوبة وكثير منها عبارة عن مبان مستأجرة تستنزف بأجرتها الكثير من الميزانيات وتتعرض في حالات عديدة الى مضايقات المالكين، ولا تخطط المؤسسات الاسرائيلية المعنية لمعالجة هذه القضايا بما تستحقه من متابعة واصلاح. ويجد نحو 2000 طالب صعوبة في الوصول الى مدارسهم إما لسكناهم خارج الجدار او لبعد منازلهم.
وفي القدس كما في كثير من المدن، يوجد تعدد للمرجعيات التربوية فكثير من مدارس المدنية اما تابع لمؤسسات خاصة مختفة او للوكالة او الاوقاف والتربية والتعليم، وهذا يتسبب في ايجاد اشكاليات احيانا.
ما تقدم كله قضايا هامة تحتاج معالجة وجهودا جبارة لمواجهة تبعاتها وتداعياتها على المجتمع الفلسطيني ككل والمقدسي بصورة خاصة، الا ان القضية الاكثر خطورة والتي قد تكون نتيجة طبيعية لكل ما سبق، هي نسبة التسرب العالمية جدا في المدارس. وجاء في تقرير لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية في السنة الدراسة 2011 - 2012 اعدته رئيسة وحدة شؤون القدس السيدة ديمة السمان انه في العام الدراسي 1997 - 1998 دخل الصف الاول في المدارس التابعة لاسرائيل 2686 وفي العالم 2009 - 2010، اي عام التخرج وصل الى الصف الثاني عشر 1901 طالب فقط اي اي ان نسبة التسرب بلغت درجة عالية جدا. وفي المدارس الاخرى يبلغ التسرب في مجموعة نحو في المرحلتين الاساسية والثانوية نحو 9٪ سنويا من مجمل الطلاب من مجموع ما يقرب من نحو 100 الف طالب وطالبة بالقدس. ويلاحظ هنا ايضا ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات بين الشباب في القدس بين 14 - 25 عاما وتقدرها بعض المصادر بنحو 25 الف متعاط للمخدرات منهم نحو 6 آلاف مدمن.
أخيرا ، غني عن القول ان القدس رغم كل ما تواجهه من اخطار ومخططات ستظل قوية صامدة وسيظل ابناؤها في المقدسة وان كانت قضاياها كثيرة والتعليم من اهمها بحاجة الى معالجة جادة وسريعة.
من يحكم غزة وكيف؟
بقلم: نبيل عمرو – القدس
لا احد يعرف على وجه الدقة، أي اتفاق سوف ينجز خلال شهر الهدنة، ذلك ان الذي تم التوصل اليه حتى الآن لا يرقى الى مستوى اتفاق، بل هو في حقيقة الامر "فسحة انسانية" لوقف نزيف الدم والدمار، وفتح المعابر لدخول مواد اغاثة مع بعض مواد يمكن ان تنسب لإعادة الاعمار.
وفق المقدمات التي بدأت بالظهور، فان ما يبدو ان اجماعا يتبلور حوله.. هو عودة السلطة الشرعية ، "سلطة رام الله" الى غزة، تحت يافطة حكومة الوفاق الوطني، كي تتولى تطبيق الاتفاق الذي سينجز، خصوصا في الامور التي تتصل بعلاقات اطراف عديدة، سيكون لها دور في معالجة ملف غزة، مثل مصر واسرائيل والولايات المتحدة وغيرها، وفي مرحلة الشروع في تنفيذ الاتفاق المرتقب، سوف يخضع الفلسطينيون الى اختبار دقيق وحاسم، فاما ان ينجزوا ملف غزة وفق المواصفات الاقليمية والدولية التي ستطرح كشروط وضوابط، واما ان يدب الخلاف في صفوفهم وهذا يؤدي الى تعطيل إن لم أقل تقويض الاتفاق، واغراق غزة في دوامة جديدة، يدفع ثمنها كل من يوجد على أرضها من بشر وسلطات ومؤسسات.
وهنا يجدر وضع النقاط على الحروف، قبل ان يبدأ تنفيذ أي اتفاق سوف يبرم، ويستحسن ان يتم التفاهم التفصيلي المسبق على وضع السلطة في غزة، وان يوثق هذا التفاهم باتفاق موقع من كل الاطراف وملزم للجميع، كي لا نجد انفسنا في اليوم التالي، امام مشكلات تعيد العجلة الى الوراء، وتعفي العالم من مسؤولياته تجاه غزة، تلك المسؤوليات التي يستحيل الوفاء بها اذا ما نشأ خلاف فلسطيني ـ فلسطيني.
لهذا ... ينبغي اولا، عدم استنساخ تجربة الوفد المشترك لتطبيقها على حكم غزة، وقيادة العمل الاغاثي والتنموي فيها.
فلا يصح والعالم يراقب عن كثب، ان تتحول غزة الى مناطق نفوذ للأمر الواقع، بمعنى ان تشاهد السلطة الشرعية التي هي سلطة حكومة الوفاق فعالة في جزء، وقليلة الفاعلية في جزء آخر، او ان تكون كالوفد المشترك، مجرد اطار أملته الضرورة المؤقتة ، بحيث لم يصدق أحد بأن الوفد كان موحدا او فعالا.
وبوسعنا اعتبار عدم فاعلية الوفد ، عنصرا يمكن التغاضي عنه، نظرا لعدم توحد الاطار السياسي الذي يمثله ، فكان الوفد وهذا يحسب له صدى للميدان، ووسيطا بين المقاتلين والمصريين وعلى نحو ما الاسرائيليين، وفي هذه الحالة يكون الوفد مجرد مسهل للامور، وهذا ما لا تصح رؤيته حين نجيب عن سؤال من سيحكم غزة؟
اذا لا مناص من ان يكون لغزة عنوان واحد لا لبس في صلاحياته وشرعيته، وينبغي ان لا يكون هذا العنوان رمزيا، بل قائدا فعليا لكل امر في غزة، تماما مثلما هي الحكومات الشرعية التي لا تتوقف صلاحياتها عند حد معين.
كذلك فان العالم الذي سئم حروب غزة ، وسوف يلقي بثقله لعدم تكرارها، يرغب في رؤية معادلة انسجام سياسي جديدة بين منظمة التحرير وحركة حماس، ومعنى الانسجام السياسي ان تؤكد حماس التزامها بما التزمت به منظمة التحرير، دون ان تمنع عن نفسها حق المعارضة والنقد، وينبغي ان يكون لها في سنة حكم الاخوان لمصر ما يغطي التزامها بالمنظمة وبرامجها، فلا يصح ان يمارس كل فصيل برنامجه على هواه وما ينطبق في هذه الحالة على حماس ينطبق حكما على فتح واخواتها.
ربما لا يكون للوضع في غزة، صلة مباشرة وشرطية في هذا الامر، الا ان سعينا كفلسطينيين للبناء على ما حدث يحتم هذا الانسجام السياسي، بل سوف يكون شرطا جديا لاحراز أي تقدم فعلي على صعيد القضية الفلسطينية وهدف الحرية والاستقلال.
ان ما سيحدث في غزة بعد الاتفاق العتيد ، لن يكون مجرد انتقال سلس من حرب مدمرة ، الى اعادة اعمار سهلة، كما لن يكون اغلاق ملف غزة مقنعا اذا لم يقدم الفلسطينيون اثبات جدارة ليس فقط في حكم غزة، وانما في تسويق واقع جديد يشجع العالم على الرهان علينا، كأناس جديرين بالدعم وتبني اهدافنا الوطنية العادلة.
ان تعظيم النفوذ الفصائلي ، تحت يافطة وحدة هشة او مظهرية او وحدة امر واقع على غرار وحدة الوفد، سيؤدي حتما الى الرجوع كثيرا الى الوراء وفي هذه المرة لن نجد من يرحمنا ويمد يد العون لنا.. ليس فقط في امر اعادة الاعمار بل في أي مواجهة محتملة ربما تقع بيننا وبين الاسرائيليين.
الامر يحتاج الى مغالبة الذات والاقلاع عن العادات الذميمة التي فرضها وكرسها الانقسام والصراع على النفوذ ، واذا كان هذا الامر شرطا اساسيا لخدمة قضيتنا ، فبعد حرب غزة صار شرطا حتميا لبقائنا.
حكومة الظل: عقبة كأداء تعترض إنهاء الانقسام
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
رغم أن طرفي الصراع السياسي الداخلي، حركة فتح والسلطة من جهة وحركة حماس من جهة مقابلة، طويا فصل الجدل الأخير، المتعلق بوجود سلطة لحماس على الأرض، في غزة، أشار إليها الرئيس محمود عباس، قبل أيام، مشيراً - بحق - إلى أنها تحول دون إنجاز فعلي وحقيقي، وربما فوري للمصالحة ولإنهاء الانقسام، إلا أن التصرف الدبلوماسي، خاصة في ظرف خرجت منه غزة لتوها من "مجزرة" دموية، ومن كارثة دمار قامت بها إسرائيل التي ما زالت تسعى للإبقاء على الانقسام، لا ينفي وجود ظاهرة الحكم الفعلي على الأرض لحركة حماس في غزة، وما يمثله ذلك من عقبة حقيقية وكأداء تعترض طريق إنهاء الانقسام، وإتمام المصالحة.
تواصل حركة حماس اجترار الوهم وملاحقة السراب، حيث ما زالت تعتقد بأنه يمكنها أن تمضي قدماً في سياستها المتفردة، وفي شق طريق تخريب المشروع الوطني الفلسطيني حتى تقيم على أنقاضه مشروعها السياسي / الإخواني، رغم الحقائق التاريخية، البعيدة والقريبة التي تقول باستحالة ذلك، ومنها أن وجود الأخوان مضت عليه أكثر من ثمانية عقود دون أن يتحقق، وقد تأكد ذلك بما لا يدع مجالاً للشك، حين سقط الإخوان سقوطاً مدوياً بعد وصولهم لحكم مصر، ورغم الدعم الإقليمي (قطر وتركيا) والدولي المتمثل بأميركا والتنظيم العالمي، كذلك تجربة حماس نفسها في الحكم، والتي تعتبر تجربة بائسة بكل معنى الكلمة، فهي لم تستثمر بشكل جيد أو طبيعي، فرصة فوزها بانتخابات عام 2006، فقط، حيت تعاكست مع النظامين الإقليمي والدولي، وحتى مع النظام الفلسطيني نفسه، وذهبت إلى حد الانقلاب على السلطة والنظام، الذي دخلت إليه لتوها، لأنها تفكر في إقامة نظام بديل، لكنها قادت غزة خلال سبع سنوات إلى "الحضيض" حيث تسببت في فرض حصار متواصل عليها، لم يتحقق خلالها أي وهم حمساوي بقدرة قطر وتركيا وفعاليات التنظيم العالمي بفك الحصار، وعانى القطاع من ثلاث حروب جلبت الويلات على القطاع الفقير والمضغوط والمعزول أصلاً.
وما أن تلوح لها دولة هنا أو دولة هناك بكيس من الدعم حتى تهرول إليها وتضع بيضها في سلتها، فمن تحالف مع محور الممانعة، إلى الانخراط في المحور التركي/ القطري، وكل هذا يدل على سذاجة سياسية لا حدود لها، تؤكد استحالة أن يكون بمقدور مثل هذه الحركة السياسية أن تقود الشعب الفلسطيني في يوم من الأيام، لذا فحماس تتقن القيام بدور المعارض أو بمعنى أدق المعترض، وحالها مثل حال الإخوان/ التنظيم الأم، تتقن التخريب أكثر مما تتقن الأعمار، ولا تنجح أبداً في القيام بدور القيادة المسؤول، وهي لم تستطع حتى أن توفر رواتب نحو أربعين ألف من محاربيها الذين يشكلون أدوات حكم الظل الخاص بها، والذين لم ينبسوا ببنت شفة، حين كانت حكومتهم تعجز عن توفير رواتبهم، لكنهم بين ليلة وضحاها، وبإيعاز حركي شكلوا "نقابة" خاصة بهم، وهي بالمناسبة أمامها أحد خيارين: إما أن تنضوي ضمن نقابة العاملين في مؤسسات السلطة أو تعلن عن حل نفسها، لأنها بهذا الشكل، تمثل مظهراً انقسامياً، كما لم تقم خلال سبع سنوات ببناء مدرسة أو مستشفى أو تعبيد طريق ولا حتى بحل مشكلة الكهرباء.
المهم في الأمر أن "حماس" وعلى لسان إسماعيل هنية نفسه، أكدت منذ لحظة التوقيع على إعلان الشاطئ أنها تغادر الحكومة ولا تغادر الحكم، وهذا اعتراف صريح بحرصها على بقاء حكمها في الظل، وهي هذه المرة وكأنما تعيد كرة 2006 للسلطة، حين استلمت الحكم في ظل وجود أجهزة أمن منحازة لحركة فتح، ومؤسسات سلطة هي اقرب لفتح أيضا، ورغم ذهابها لحكومة الوحدة الوطنية لتجاوز الرفض الدولي الذي حال دون الدعم المالي الذي يوفر رواتب الموظفين العموميين، إلا أنها ادعت أن وجود "حكم فتح" في الظل، أي عدم ولاء أجهزة الأمن لقرار حكومتها هو ما دفعها أولا لتشكيل "القوة التنفيذية" ومن ثم إلى الانقلاب.
هل يعني هذا أن التاريخ يعيد نفسه، وان عودة السلطة إلى غزة بحاجة لانقلاب مضاد، أم أن الأمر يحتاج على الأقل، إلى وقت أطول مما يعتقد الكثيرون، كذلك إلى إجراءات عديدة مثل اتخاذ قرار بضم كل الجماعات المسلحة التي كانت أداة إجهاض الديمقراطية الداخلية وشن الحرب الداخلية، لأجهزة الأمن الثلاثة: الأمن الوطني، الأمن الداخلي، والمخابرات، وفق القانون العام المتفق عليه سابقاً، ولأن غزة بالذات ارض محررة من الاحتلال، لذا يجب رفع شعار: كل المقاومة في الضفة والقدس، كذلك إخضاع الأحزاب السياسية والفصائل أولها - في غزة، لقانون الأحزاب، حتى تخرج من دائرة عدم المساءلة الشعبية، ومعرفة مصادر تمويلها، وقطع أيادي العبث الخارجية في الداخل الفلسطيني.
أما ما يخص هو ما تصر حماس على إثارته، بما يتعلق بقضية رواتب موظفيها في غزة، فلا مفر من تكرار ما سبق وقلناه سابقا من التعامل مع هذه المسألة كقضية أفراد مواطنين، ليسوا موظفين أبدا، خاصة العسكريين منهم، فلا يعقل أن تقر أولا بتعيينات عشوائية، ثم أن تصرف لمن لا يحتكم بأمرك، والأهم، هو الإصرار على نزع قرار الحرب والسلم من بين يدي طرف سياسي، فمثل هذا القرار إنما هو قرار سيادي، وكانت تجربة أيام البحث عن وقف النار خير دليل على ذلك، فلا يعقل وجود رئيس، لا يملك سلطة قرار وقف النار، فضلاً عن سلطة إطلاقه بالطبع، ثم المطالبة بعد ذلك بأن يتحمل كل أعباء ما تجره القرارات السياسية الحمقاء من أعباء وتبعات طالت أحوال مئات الألوف من أبناء الشعب الفلسطيني، ومشروعهم الوطني الذي ما زال وسيبقى يتعرض للخطر الدائم، ما دام الضعف والتعب الداخلي مشكلاً على صورة قوة سياسة اسمها: حماس.
كيّ الوعي كبديل لميثاق الأمم!
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
بعد أن قتلت 2145 مواطناً ومواطنة في غزة ودمرت البنية التحتية، تعود حكومة نتنياهو لتواصل استباحة الضفة فتصادر أربعة آلاف دونم من أراضي بيت لحم والخليل رداً على اختطاف ومقتل المستوطنين الثلاثة. ما حدث في غزة من قتل للأطفال والأبرياء ومن تدمير للمنازل والمدارس والمستشفيات يعد جرائم حرب بمقياس القانون الدولي وهي تعتبر جرائم بحق الإنسانية. وما حدث ويحدث اليوم في الضفة يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة التي هي بمستوى جرائم حرب تمر مر الكرام. وقضم وتحويل الضفة الغربية ومدينة القدس يمر بسلام ايضا. يقول المفكر الإسرائيلي إلان بابيه: لا يوجد رد فعل دولي كبير على استخدام الأسلحة الأكثر شراسة وفتكا التي أدت الى المجازر والدمار الوحشي في غزة". كان الاعتراض الدولي الرسمي عالي الصوت عندما قتل طفل إسرائيلي واحد لكن موت 600 طفل فلسطيني قوبل باحتجاج لفظي خافت الصوت، الاحتجاج الدولي على أسر ضابط إسرائيلي اثناء المعارك كان مرتفع الصوت. لكن رد الفعل الدولي الرسمي على فصل جديد من حرب الإبادة والدمار والخنق الذي يمارس على الشعب الفلسطيني ينطوي على تأييد للرواية والأهداف الإسرائيلية، كما يقول المفكر الإسرائيلي بابيه، والأخطر من ذلك هو تشجيع إسرائيل على استئناف حرب التدمير واستمرار الحصار والسيطرة على مقومات حياة شعب بأكمله.
لماذا تحرك النظام الدولي وحشد قواته للرد على اعتداءات داعش في العراق وسورية ولم يتحرك النظام الدولي لمنع إراقة الدم الفلسطيني بوقف العدوان الإسرائيلي، لماذا لم يتم تأمين الحماية بأبسط أشكالها للشعب السوري الذي كان نصيبه من الخسائر والانتهاكات والدمار والتهجير الشيء الذي يفوق التقدير والوصف. ما أكدته هذه الحرب ان الشعب الفلسطيني بدون حماية منذ ان تعرض لعملية التطهير العرقي عام 1948 وحتى اليوم. منذ ذلك التاريخ وجد الشعب الفلسطيني نفسه تحت رحمة هيئة أمم متحدة تجاهلت كل قواعد القانون الدولي المنصوص عليها في ميثاقها والتي تسمح بتأمين الحماية لشعب يتعرض لتطهير عرقي. فضلا عن ذلك جرى تجاهل ما جرى كليا على الأرض، والأسوأ تم اقتلاع التطهير من الذاكرة العالمية الجماعية ومحوه من ضمير العالم. وبفعل ذلك ما زلنا نشهد فصولاً إضافية من تلك العملية في قطاع غزة، وما زلنا نشهد فصولا في القدس والضفة الغربية التي جرى اقتطاع 4 آلاف دونم من أراضيها بجرة قلم. ما زال التجاهل الدولي ساري المفعول، باستثناء محاولات بائسة. يكفي الإعلان الإسرائيلي سواء عبر جنرالات العسكر أم عبر جنرالات الإعلام ان هدف العدوان "كي الوعي الفلسطيني" والمقصود هنا وضع الفلسطيني أمام خيار الموت والتشرد وسرقة الأرض والموارد أو القبول بالعبودية الجديدة والعنصرية الجديدة. كيف تتجرأ دولة في القرن الـ 21 على العمل بمنطق شريعة الغاب وبمنطق الدوس على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة دون ان تتعرض للمساءلة.
إذا كان ضعف العامل الفلسطيني كان له دور في نجاح الخطط الصهيونية عام 1948، من زاوية الضعف والتفكك وفقدان الاتجاه اثناء حرب التطهير العرقي، فهل يستمر ضعف العامل الفلسطيني في تمرير وإنجاح حلقات جديدة من المسلسل. علينا ان نتفحص العامل الفلسطيني ونحن نعيش فصولا جديدة من حرب الإقصاء وتدمير المشروع الوطني.
كان أداء المقاومة المسلحة في الحرب مميزاً من زاوية الإرادة الصلبة والتخطيط والمبادرة والشجاعة والقدرة على الاستمرار، ما أدى الى إرباك وحدات النخبة الإسرائيلية، والى تفوق إرادة المقاوم الفلسطيني على إرادة الجندي الاسرائيلي. وهذا يعود الى الفارق الجوهري بين مقاتل يناضل من اجل الحرية ويدافع عن شعبه وبين جندي معتدٍ يدافع عن أهداف كولونيالية وسياسة عنصرية.
مقابل ذلك، كان أداء المستوى السياسي للمعركة (قيادة حماس وبمستوى اقل الجهاد) مرتبكاً. كيف؟ إن أي مقارنة بين بنود اتفاق وقف إطلاق النار الأخير والمبادرة المصرية الأولى، ستقول انه لا يوجد فرق ذو مغزى بين الصيغتين. الفرق كان في حجم الخسائر التي لحقت بالمواطنين وبالبنية التحتية. وهذا يطرح سوء تقدير للموقف السياسي الذي انبنى على احتمال رضوخ دولة الاحتلال لشروط المقاومة التي تعني قبولها بهزيمة سياسية وعسكرية جزئية. ثمة فرق بين إفشال أهداف العدوان وطرح المطالب والأهداف الفلسطينية المشروعة وبين إرغام دولة العدوان على التسليم بالشروط استناداً لأداء المقاومة وقدرتها على مواصلة المعركة. فهذا يحتاج الى ميزان قوى سياسي وعسكري واقتصادي لمصلحة المقاومة وهذا غير قائم ومن الصعب تحققه في الشروط القائمة مهما كانت شجاعة المقاومين. فالنظام الدولي كما شاهدنا العدوان وأهدافه، والنظام العربي الرسمي لم يمارس اي شكل من أشكال الضغط السياسي. للأسف، لم يقرأ المستوى السياسي هذا الوضع ولم يتأثر به وهو يتخذ القرارات. ما أدى به الى التراجع والقبول بوقف إطلاق النار قبل ان تتحقق الشروط التي سيتم التفاوض حولها خلال شهر من وقف الحرب واثناء حالة الهدوء وليس قبل ان تتوقف الحرب كما كان يشترط المستوى السياسي. لقد وعد نتنياهو جمهوره بأنه لن يوافق على الشروط الفلسطينية. بل ان مشروع قرار مجلس الأمن الذي يجري إعداده سيطرح سلاح المقاومة على بساط البحث. وهذا يطرح سؤالا مفاده، عندما ترفض إسرائيل الشروط الفلسطينية خلال التفاوض، وعندما يصدر قرار من مجلس الأمن يمس سلاح المقاومة هل ستستأنف المقاومة الحرب؟.
إن رفض المبادرة المصرية والبحث عن مبادرة قطرية تركية بديلة، أدى الى ضياع الوقت وخسر الشعب في كل يوم وكل لحظة المزيد. وكان على المستوى السياسي أن يدرك بأن مكانة مصر بحكم جوارها لقطاع غزة ووزنها الإقليمي لا يمكن شطبها او استبدالها، مصر وبقطع النظر عن طبيعة النظام حقيقة موضوعية ينبغي الحرص دائماً على العلاقة معها كشعب أولاً وكدولة ثانياً. كان سبب هذا التقدير الخاطئ هو وضع هدف سياسي آخر لمعركة غزة من قبل المركز المعتمد من قبل حركة حماس هو استعادة مكانة الإخوان المسلمين في المنطقة وفي مصر. ولم تكن الشروط الواقعية الفلسطينية تحتمل فتح معركة سياسية إقليمية بهذا الوزن الثقيل اثناء الهجوم الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة. لقد أدى هذا التشتت الى فقدان زمام المبادرة السياسية والسماح لدولة العدوان بانتزاعها، والى مفاقمة الخسائر السياسية والبشرية والمادية الفلسطينية.
تراجع دور المستوى السياسي الرسمي الذي تمثله قيادة المنظمة والسلطة، الى مستوى الوسيط الذي ليس له علاقة بقرار الحرب ووقفها. صحيح انه شكل غطاء سياسياً للمقاومة. إلا أن المركز السياسي للمنظمة والسلطة بدأ يتردد في طرح جرائم الحرب بعد وقف إطلاق النار، ويتردد في البحث عن مسار بديل للمفاوضات وللإشراف الأميركي، بفعل الضغوط والتهديدات من جهة وبفعل الوعود التي تتحدث عن عودة المفاوضات من جهة أخرى. لا بديل عن انتزاع زمام المبادرة السياسية انطلاقاً من معركة غزة.
حياتنا – نصف قرن من المذابح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
توقع المتآمرون الأميركيون الذين خططوا لما يسمى الفوضى الخلاقة أن تستمر القلاقل في الأقطار العربية لفترة طويلة، واستندوا الى أن تحالفهم مع الاخوان المسلمين واطلاق يدهم في البلاد العربية من شأنه أن يدخل البلاد العربية في حالة عدم استقرار واقتتال لمدة لا تقل عن نصف قرن اي نصف قرن من المذابح تكون الادارة الأميركية خلالها قد وضعت خططاً لمرحلة مقبلة حسب ظروف العالم. ومن يظن أن مشروع الاخوان قد سقط في المنطقة فهو واهم لأن الهدف ليس تسليم المنطقة للاخوان بل ضرب الاخوان بالجماعات الأخرى والأنظمة أي ضرب كله بكله كما يقال، لأن المطلوب الاقتتال وعدم الاستقرار فقط، ولو استقر حكم اخواني لاختلقوا له مصاعب لاحقة. ولو كان هناك حزب علماني او وثني او سكرجي او كندرجي له فروع في الاقطار العربية لتحالف معه الاميركيون لأن هدفهم اثارة عدم الاستقرار فقط مقابل الحفاظ على مصالحهم.
ذات سنة في التسعينيات التقى العاهل الأردني الراحل الملك حسين الرئيس الراحل ياسر عرفات في قصره في عمان بعد أوسلو بفترة.. وكان عرفات يريد الاستفسار من الملك حول السياسة الأميركية وهل بالامكان الوثوق بهم لأنه حديث العهد في التعامل معهم، فنظر الملك الى الطيب عبد الرحيم وكان برفقة أبو عمار وقال هات سيجارة يا طيب.. وأشعلها ونفث دخانها.. وقال لأبو عمار: هناك ثابتان في السياسة الأميركية حسب تجربتي خلال 40 سنة وهما اسرائيل والنفط. وما بين هذا وذاك لا يهمهم أي شيء.. لا شعوب ولا أنظمة.
كانت اجابة الملك كافية ووافية وهي الحقيقة التي غابت عن ذهن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وأدركها متأخراً وقال : المتغطي بالأميركان عريان.. ولعل كثيراً من الزعماء العرب في الخليج وغيره اكتشفوا حقيقة أن واشنطن تضحي بأنظمة وشخوص لكنها لا تضحي باسرائيل وبالنفط. ولهذا فان الربيع العربي الذي أوجدته واشنطن وحلفاؤها لم يمس بالنفط ولا باسرائيل لأنهما مقدسان ويعرف كل حيوان أتت به واشنطن أو دعمته أو سلحته ان كان نظاما او حزبا او جماعة أن اسرائيل والنفط خط أحمر.ولهذا نشهد احيانا سقوط قذائف بالخطأ على الجولان المحتل في الاقتتال بين الجماعات هناك فترد اسرائيل بقصف الطرفين ويضع كل طرف صرماية قديمة في فمه ويخرس ويعتذر لاسرائيل.
ومضة - اقتصاد عاطل عن الحياة!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
ما إن استعرت نيران الحرب الماحقة التي شنتها إسرائيل على شعبنا الفلسطيني في الضفة وغزة وما تمخض عنها من محرقة نفذت بحق أطفالنا ونسائنا وأهلنا في غزة حتى انتفض الشعب الفلسطيني للدفاع عن شرفه وعرضه بإعلان الحرب على المنتجات الاسرائيلية منذراً بولادة انتفاضة اقتصادية فلسطينية شاملة.
محال تجارية تتلوها محال ومؤسسات تعقبها مؤسسات انطلقت جميعها نحو الامل المنشود باستهداف الاقتصاد الاسرائيلي. حملات شعبية وجامعات ونقابات وفصائل انضمت إلى هذه الانتفاضة داعية الجميع لتعزيز سلاح المقاطعة. منشورات وملصقات وملابس حملت جميعها دعواتٍ متسارعة لوقف التداول بالمنتج الإسرائيلي.
وفي خضم هذا الجهد كانت قنوات التلفزة الاسرائيلية تستعرض أرقام البورصة والتراجع الحاد في تعامل الفلسطينيين مع المنتجات الإسرائيلية وتبعات ذلك على اقتصاد المحتل. لكن تلك القنوات كانت تتسابق لطمأنة جمهورها بأن الفلسطينيين عاطفيون سيعودون إلى التداول بالمنتج الاسرائيلي حال زوال الحرب وأن هبة الفلسطينيين ما هي إلا "فورة" وطفرة تنتهي بانتهاء الأسباب.
ولذا علينا أن نذكر الجميع خاصة من بدأ الفتور يعتلي خفقات قلبه بأن هذه الجريمة التي ارتكبت في غزة يجب ألا يكون ثمنها إلا الاستقلال والخلاص من المحتل وأن ذلك لن يتم إلا بمجمل ضغوط واضحة ومتصاعدة أهمها الانتفاضة الاقتصادية الفلسطينية وإلا فإن آهات نسائنا وأطفالنا وشيوخنا ستذهب سدى.
اليوم معركة الخلاص والثورة الأهم نحو مسيرة الاستقلال والتي لن يعززها سوى الوحدة الوطنية وتماسكنا داخليا وتمسكنا بخطوات عدة ليس أقلها إيلام المحتل في عقر اقتصاده.
لقد حاولت دولة الاحتلال ان تعيدنا إلى العصر الحجري بكل السبل وصولاً إلى الحفاظ على اقتصادٍ فلسطيني عاطلٍ عن الحياة. فهل نقابل بتراجع مد المقاطعة وانكفائه؟
خلاصنا هو يوم تخلصنا من منتجات المحتل وتعزيز المبادرات الشعبية التحريرية القادمة، لذا لا بد أن يتآلف الجميع في خطوات مصيرية صابرة ومكابرة ومصرة إلى حين الخلاص والاستقلال.
اليوم يجب أن نقف موقف عزة فإما أن نكون أو وداعاً لهويتنا وبقائنا وحريتنا المنشودة. فدعم المنتج الوطني كرافد فعلي لحملة المقاطعة الشاملة وتمكين المنتج الوطني يجب أن يكونا في صلب المقاطعة.
لقد حاربت الشعوب محتليها وصولاً إلى استقلالها وانتفضت لمقتل العشرات من أبنائها فهل يهون علينا دمنا وقد قتل منا الآلاف! اقتصاد عاطل عن الحياة يجب ان يقابله احتلال ممنوع من الحياة!
نبض الحياة - العرب والمسؤولية القومية
بقلم: عمر حلمي الغو – الحياة
العالم العربي يعيش مخاضا عسيرا، ولحظة من اللحظات الاستثنائية في تاريخ العرب الحديث، حيث تتكالب القوى الامبريالية والصهيونية العالمية وقاعدتها الارتكازية إسرائيل وادواتهم الدينية والطائفية والمذهبية والاثنية بهدف تفتيت النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي لشعوب الامة العربية شعبا شعبا، وتمزيق أواصر الاخوة العربية، ونفي الثقافة القومية الجامعة من خلال تعميم ثقافات صفراء فاسدة، متناقضة ومعادية لراهن ومستقبل الشعوب ودولها والامة.
والسبب ليس قوة الغرب الرأسمالي ولا دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، بل ضعف القوى الوطنية والقومية والديمقراطية، وتماهيها أو صمتها عن الظواهر الخطيرة، التي تنتشر كانتشار النار في الهشيم باسم الدين والطائفية والمذهبية والاثنية. وهذا ناتج عن خواء وإضمحلال تلك القوى، الامر الذي فتح الابواب العربية على مصاريعها لكل القوى العبثية. وساهم في تعزيز دورها وقيام النظام العربي بارتكاب ابشع الجرائم بحق نفسه، وبحق شعوب الامة ومستقبلها من خلال التوافق مع الغرب الامبريالي واسرائيل بالاسهام في نشوء ودعم القوى الظلامية كـ تنظيم «القاعدة» او ما يسمى بـ «داعش» و«النصرة» « كتائب بيت المقدس» و«جيش الامة» وغيرها من الاسماء القبيحة والبشعة. ومازال بعض أهل النظام العربي يقوم بتقديم كل اشكال الدعم بشكل مباشر وغير مباشر لتصفية حساب مع الانظمة الشقيقة كما تفعل قطر وغيرها من دول الخليج.
ولعبت جماعة الاخوان المسلمين دورا رئيسيا في إنتاج وتفريخ تلك الجماعات، لانها شكلت بسياساتها الفئوية، واجنداتها الغربية والاسلاموية المتطرفة البيئة الخصبة لما تشهده شعوب الأمة العربية عموما وفلسطين من بينها.
وللأسف وجدت تلك الجماعات أرضا مشاعا أمامها، ما دفع الشباب من الجنسين للالتحاق بها، واعتبارها نموذجه «الايجابي»، لانها لم تجد القوى الوطنية والقومية الديمقراطية، وان وجدتها، فوجدتها في حالة يرثى لها، لا تقوى على الوقوف على اقدامها، وان كانت هناك قوى واقفة، فالسبب لا يعود لقدرتها على الوقوف، انما لانها مازالت تمسك برقبة النظام السياسي هنا او هناك، لكنها تعاني من كم هائل من الازمات والصراعات الداخلية والخارجية. ولا تملك القدرة على الدفاع عن نفسها في حال رفعت عنها الحماية الغربية والاسرائيلية.
هذه الحالة السرطانية، التي تضرب كل ملمح وطني او قومي ايجابي، تستدعي من القوى الوطنية والقومية واليسارية الديمقراطية اولا: انتشال ذاتها من ازماتها الداخلية والخارجية في النطاقين الوطني والقومي،وتطهير الذات من مثالب الضعف والوهن ؛ ثانيا: الشروع بمواجهة نقاط الضعف خطوة خطوة، وايضا تعزيز وتطوير عوامل النهوض بالتصدي للقوى التفتيتية ولتبدأ بتطهير المجتمع هنا وهناك من القوى الدينية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين وتفرعاتها امثال «القاعدة» و«داعش» و«النصرة»...... إلخ من الاسماء؛ ثالثا: التصدي الشجاع لمظاهر الصراعات الدينية والطائفية والمذهبية دون تردد وبحزم لقطع الطريق على مخطط الغرب الرأسمالي، الذي يعمل دون كلل لتفتيت وحدة شعوب الامة؛ رابعا: خلق الاطر القومية الديمقراطية لتعزيز الاسناد بين القوى والشعوب؛ خامسا: التخلص من الاطر والمنظمات القومية، التي فرختها وانتجتها الانظمة العربية، وقطع الصلة معها؛ سادسا: التصدي لمنظمات الـ NGO,s المسوقة للثقافة والمخططات الرأسمالية، المعادية لتطور ونهوض شعوب الامة. دون الغرق في سياسة التعميم، لاسيما ان هناك منظمات مجتمع مدني تعمل وفق السياسات الوطنية والقومية، ولكنها قليلة؛ سابعا: تعميم ثقافة الندية والتكافؤ مع كل القوى الدولية بما فيها الولايات المتحدة، ومحاربة سياسة التبعية والخنوع، التي ارتضتها الانظمة العربية تاريخيا وراهنا؛ ثامنا: تعزيز سياسة التخطيط والتنمية المستدامة؛ تاسعا: تعميق الديمقراطية الحقة لا الكاذبة والشكلية، ومنح مساحة واسعة من حرية الرأي والتعبير والتنظيم والتظاهر والاعتصام؛ عاشرا: تعزيز مكانة المرأة على المستويات كافة، وترسيم ذلك من خلال الدساتير بفرض مبادىء المساواة بين الرجل والمرأة.
على العرب مسؤولية عالية جدا, تجاه انفسهم آن الآوان للنهوض من السبات والصمت والخوف والضياع. وهذه مسؤولية قوى التغيير من كل ألوان الطيف السياسي الوطنية والقومية واليسارية الديمقراطية، وليست مسؤولية فريق بعينه.
اقــلام وأراء محلي الثلاثاء 2/9/2014
</tbody>
في هذا الملـــــف:
ý التعليم في القدس .. واقع مؤلم .. ومستقبل مظلم
بقلم: حديث القدس – القدس
ý من يحكم غزة وكيف؟
بقلم: نبيل عمرو – القدس
ý حكومة الظل: عقبة كأداء تعترض إنهاء الانقسام
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
ý كيّ الوعي كبديل لميثاق الأمم!
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
ý حياتنا – نصف قرن من المذابح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
ý نبض الحياة - العرب والمسؤولية القومية
بقلم: عمر حلمي الغو – الحياة
التعليم في القدس .. واقع مؤلم .. ومستقبل مظلم
بقلم: حديث القدس – القدس
لا خلاف ولا نقاش حول اهمية التعليم ودوره في تطوير وتنمية المجتمع وبناء المستقبل، وقد نوقش هذا الامر مرارا وتكرارا واعدت بشأنه الدراسات الكثيرة نظرا لما يمثله هذا المجال من خطورة بالغة وقد اتفق الجميع على التأكيد أن لا مستقبل ولا تطوير ولا تقدم بدون تعليم حقيقي بانواعه المتعددة واشكاله المختلفة خاصة في ظل التطورات العلمية والتكنولوجية البالغة التعقيد والتقدم في كل المجالات. وتحاول المؤسسات التعليمية في بلادنا متابعة هذا التطور وتحسين الخدمات والتخصصات، وهي بحاجة الى المزيد بالتأكيد، الا ان ما يهمنا في هذا المال هو واقع ومستقبل التعليم في القدس التي تتعرض الى اقسى هجمة استيطان وتهويد وتهجير ضد الارض والبشر والمقدسات وذلك بمناسبة بدء العام الدراسي.
يتعرض التعليم في القدس الى مخططات خطيرة مبرمجة ضد الطالب والطالبة المقدسيين تتخلص في مجملها اما بمحاولة تهويد التفكير او بتدمير العملية التعليمية. محاولات التهويد تتخلص في فرض المناهج الاسرائيلية التي تروج للمفاهيم وتاول تشويه المفاهيم الفلسطينية. وقد اصبح اكثر من 50٪ من طلاب وطالبات القدس يتلقون تعليمهم في المدارس التابعة لبلدية القدس او وزارة المعارف الاسرائيلية. كما ان العاملين في هذه المدارس يتلقون رواتب تبلغ ضعفي واحيانا ثلاثة اضعاف ما يتلقاه العاملون في المدارس الاخرى مما يجعلهم اسرى الوظيفة بصورة عامة.
وفي القدس نقص كبير في عدد المدارس الموجودة او التي ستقام ويقدر البعض هذا النقص بما يقرب من 2000 غرفة صفيية كما ان الكثير من المدارس الموجودة لا تتوفر فيها الاجواء والخدمات التربية المطلوبة وكثير منها عبارة عن مبان مستأجرة تستنزف بأجرتها الكثير من الميزانيات وتتعرض في حالات عديدة الى مضايقات المالكين، ولا تخطط المؤسسات الاسرائيلية المعنية لمعالجة هذه القضايا بما تستحقه من متابعة واصلاح. ويجد نحو 2000 طالب صعوبة في الوصول الى مدارسهم إما لسكناهم خارج الجدار او لبعد منازلهم.
وفي القدس كما في كثير من المدن، يوجد تعدد للمرجعيات التربوية فكثير من مدارس المدنية اما تابع لمؤسسات خاصة مختفة او للوكالة او الاوقاف والتربية والتعليم، وهذا يتسبب في ايجاد اشكاليات احيانا.
ما تقدم كله قضايا هامة تحتاج معالجة وجهودا جبارة لمواجهة تبعاتها وتداعياتها على المجتمع الفلسطيني ككل والمقدسي بصورة خاصة، الا ان القضية الاكثر خطورة والتي قد تكون نتيجة طبيعية لكل ما سبق، هي نسبة التسرب العالمية جدا في المدارس. وجاء في تقرير لوزارة التربية والتعليم الفلسطينية في السنة الدراسة 2011 - 2012 اعدته رئيسة وحدة شؤون القدس السيدة ديمة السمان انه في العام الدراسي 1997 - 1998 دخل الصف الاول في المدارس التابعة لاسرائيل 2686 وفي العالم 2009 - 2010، اي عام التخرج وصل الى الصف الثاني عشر 1901 طالب فقط اي اي ان نسبة التسرب بلغت درجة عالية جدا. وفي المدارس الاخرى يبلغ التسرب في مجموعة نحو في المرحلتين الاساسية والثانوية نحو 9٪ سنويا من مجمل الطلاب من مجموع ما يقرب من نحو 100 الف طالب وطالبة بالقدس. ويلاحظ هنا ايضا ارتفاع نسبة تعاطي المخدرات بين الشباب في القدس بين 14 - 25 عاما وتقدرها بعض المصادر بنحو 25 الف متعاط للمخدرات منهم نحو 6 آلاف مدمن.
أخيرا ، غني عن القول ان القدس رغم كل ما تواجهه من اخطار ومخططات ستظل قوية صامدة وسيظل ابناؤها في المقدسة وان كانت قضاياها كثيرة والتعليم من اهمها بحاجة الى معالجة جادة وسريعة.
من يحكم غزة وكيف؟
بقلم: نبيل عمرو – القدس
لا احد يعرف على وجه الدقة، أي اتفاق سوف ينجز خلال شهر الهدنة، ذلك ان الذي تم التوصل اليه حتى الآن لا يرقى الى مستوى اتفاق، بل هو في حقيقة الامر "فسحة انسانية" لوقف نزيف الدم والدمار، وفتح المعابر لدخول مواد اغاثة مع بعض مواد يمكن ان تنسب لإعادة الاعمار.
وفق المقدمات التي بدأت بالظهور، فان ما يبدو ان اجماعا يتبلور حوله.. هو عودة السلطة الشرعية ، "سلطة رام الله" الى غزة، تحت يافطة حكومة الوفاق الوطني، كي تتولى تطبيق الاتفاق الذي سينجز، خصوصا في الامور التي تتصل بعلاقات اطراف عديدة، سيكون لها دور في معالجة ملف غزة، مثل مصر واسرائيل والولايات المتحدة وغيرها، وفي مرحلة الشروع في تنفيذ الاتفاق المرتقب، سوف يخضع الفلسطينيون الى اختبار دقيق وحاسم، فاما ان ينجزوا ملف غزة وفق المواصفات الاقليمية والدولية التي ستطرح كشروط وضوابط، واما ان يدب الخلاف في صفوفهم وهذا يؤدي الى تعطيل إن لم أقل تقويض الاتفاق، واغراق غزة في دوامة جديدة، يدفع ثمنها كل من يوجد على أرضها من بشر وسلطات ومؤسسات.
وهنا يجدر وضع النقاط على الحروف، قبل ان يبدأ تنفيذ أي اتفاق سوف يبرم، ويستحسن ان يتم التفاهم التفصيلي المسبق على وضع السلطة في غزة، وان يوثق هذا التفاهم باتفاق موقع من كل الاطراف وملزم للجميع، كي لا نجد انفسنا في اليوم التالي، امام مشكلات تعيد العجلة الى الوراء، وتعفي العالم من مسؤولياته تجاه غزة، تلك المسؤوليات التي يستحيل الوفاء بها اذا ما نشأ خلاف فلسطيني ـ فلسطيني.
لهذا ... ينبغي اولا، عدم استنساخ تجربة الوفد المشترك لتطبيقها على حكم غزة، وقيادة العمل الاغاثي والتنموي فيها.
فلا يصح والعالم يراقب عن كثب، ان تتحول غزة الى مناطق نفوذ للأمر الواقع، بمعنى ان تشاهد السلطة الشرعية التي هي سلطة حكومة الوفاق فعالة في جزء، وقليلة الفاعلية في جزء آخر، او ان تكون كالوفد المشترك، مجرد اطار أملته الضرورة المؤقتة ، بحيث لم يصدق أحد بأن الوفد كان موحدا او فعالا.
وبوسعنا اعتبار عدم فاعلية الوفد ، عنصرا يمكن التغاضي عنه، نظرا لعدم توحد الاطار السياسي الذي يمثله ، فكان الوفد وهذا يحسب له صدى للميدان، ووسيطا بين المقاتلين والمصريين وعلى نحو ما الاسرائيليين، وفي هذه الحالة يكون الوفد مجرد مسهل للامور، وهذا ما لا تصح رؤيته حين نجيب عن سؤال من سيحكم غزة؟
اذا لا مناص من ان يكون لغزة عنوان واحد لا لبس في صلاحياته وشرعيته، وينبغي ان لا يكون هذا العنوان رمزيا، بل قائدا فعليا لكل امر في غزة، تماما مثلما هي الحكومات الشرعية التي لا تتوقف صلاحياتها عند حد معين.
كذلك فان العالم الذي سئم حروب غزة ، وسوف يلقي بثقله لعدم تكرارها، يرغب في رؤية معادلة انسجام سياسي جديدة بين منظمة التحرير وحركة حماس، ومعنى الانسجام السياسي ان تؤكد حماس التزامها بما التزمت به منظمة التحرير، دون ان تمنع عن نفسها حق المعارضة والنقد، وينبغي ان يكون لها في سنة حكم الاخوان لمصر ما يغطي التزامها بالمنظمة وبرامجها، فلا يصح ان يمارس كل فصيل برنامجه على هواه وما ينطبق في هذه الحالة على حماس ينطبق حكما على فتح واخواتها.
ربما لا يكون للوضع في غزة، صلة مباشرة وشرطية في هذا الامر، الا ان سعينا كفلسطينيين للبناء على ما حدث يحتم هذا الانسجام السياسي، بل سوف يكون شرطا جديا لاحراز أي تقدم فعلي على صعيد القضية الفلسطينية وهدف الحرية والاستقلال.
ان ما سيحدث في غزة بعد الاتفاق العتيد ، لن يكون مجرد انتقال سلس من حرب مدمرة ، الى اعادة اعمار سهلة، كما لن يكون اغلاق ملف غزة مقنعا اذا لم يقدم الفلسطينيون اثبات جدارة ليس فقط في حكم غزة، وانما في تسويق واقع جديد يشجع العالم على الرهان علينا، كأناس جديرين بالدعم وتبني اهدافنا الوطنية العادلة.
ان تعظيم النفوذ الفصائلي ، تحت يافطة وحدة هشة او مظهرية او وحدة امر واقع على غرار وحدة الوفد، سيؤدي حتما الى الرجوع كثيرا الى الوراء وفي هذه المرة لن نجد من يرحمنا ويمد يد العون لنا.. ليس فقط في امر اعادة الاعمار بل في أي مواجهة محتملة ربما تقع بيننا وبين الاسرائيليين.
الامر يحتاج الى مغالبة الذات والاقلاع عن العادات الذميمة التي فرضها وكرسها الانقسام والصراع على النفوذ ، واذا كان هذا الامر شرطا اساسيا لخدمة قضيتنا ، فبعد حرب غزة صار شرطا حتميا لبقائنا.
حكومة الظل: عقبة كأداء تعترض إنهاء الانقسام
بقلم: رجب ابو سرية – الايام
رغم أن طرفي الصراع السياسي الداخلي، حركة فتح والسلطة من جهة وحركة حماس من جهة مقابلة، طويا فصل الجدل الأخير، المتعلق بوجود سلطة لحماس على الأرض، في غزة، أشار إليها الرئيس محمود عباس، قبل أيام، مشيراً - بحق - إلى أنها تحول دون إنجاز فعلي وحقيقي، وربما فوري للمصالحة ولإنهاء الانقسام، إلا أن التصرف الدبلوماسي، خاصة في ظرف خرجت منه غزة لتوها من "مجزرة" دموية، ومن كارثة دمار قامت بها إسرائيل التي ما زالت تسعى للإبقاء على الانقسام، لا ينفي وجود ظاهرة الحكم الفعلي على الأرض لحركة حماس في غزة، وما يمثله ذلك من عقبة حقيقية وكأداء تعترض طريق إنهاء الانقسام، وإتمام المصالحة.
تواصل حركة حماس اجترار الوهم وملاحقة السراب، حيث ما زالت تعتقد بأنه يمكنها أن تمضي قدماً في سياستها المتفردة، وفي شق طريق تخريب المشروع الوطني الفلسطيني حتى تقيم على أنقاضه مشروعها السياسي / الإخواني، رغم الحقائق التاريخية، البعيدة والقريبة التي تقول باستحالة ذلك، ومنها أن وجود الأخوان مضت عليه أكثر من ثمانية عقود دون أن يتحقق، وقد تأكد ذلك بما لا يدع مجالاً للشك، حين سقط الإخوان سقوطاً مدوياً بعد وصولهم لحكم مصر، ورغم الدعم الإقليمي (قطر وتركيا) والدولي المتمثل بأميركا والتنظيم العالمي، كذلك تجربة حماس نفسها في الحكم، والتي تعتبر تجربة بائسة بكل معنى الكلمة، فهي لم تستثمر بشكل جيد أو طبيعي، فرصة فوزها بانتخابات عام 2006، فقط، حيت تعاكست مع النظامين الإقليمي والدولي، وحتى مع النظام الفلسطيني نفسه، وذهبت إلى حد الانقلاب على السلطة والنظام، الذي دخلت إليه لتوها، لأنها تفكر في إقامة نظام بديل، لكنها قادت غزة خلال سبع سنوات إلى "الحضيض" حيث تسببت في فرض حصار متواصل عليها، لم يتحقق خلالها أي وهم حمساوي بقدرة قطر وتركيا وفعاليات التنظيم العالمي بفك الحصار، وعانى القطاع من ثلاث حروب جلبت الويلات على القطاع الفقير والمضغوط والمعزول أصلاً.
وما أن تلوح لها دولة هنا أو دولة هناك بكيس من الدعم حتى تهرول إليها وتضع بيضها في سلتها، فمن تحالف مع محور الممانعة، إلى الانخراط في المحور التركي/ القطري، وكل هذا يدل على سذاجة سياسية لا حدود لها، تؤكد استحالة أن يكون بمقدور مثل هذه الحركة السياسية أن تقود الشعب الفلسطيني في يوم من الأيام، لذا فحماس تتقن القيام بدور المعارض أو بمعنى أدق المعترض، وحالها مثل حال الإخوان/ التنظيم الأم، تتقن التخريب أكثر مما تتقن الأعمار، ولا تنجح أبداً في القيام بدور القيادة المسؤول، وهي لم تستطع حتى أن توفر رواتب نحو أربعين ألف من محاربيها الذين يشكلون أدوات حكم الظل الخاص بها، والذين لم ينبسوا ببنت شفة، حين كانت حكومتهم تعجز عن توفير رواتبهم، لكنهم بين ليلة وضحاها، وبإيعاز حركي شكلوا "نقابة" خاصة بهم، وهي بالمناسبة أمامها أحد خيارين: إما أن تنضوي ضمن نقابة العاملين في مؤسسات السلطة أو تعلن عن حل نفسها، لأنها بهذا الشكل، تمثل مظهراً انقسامياً، كما لم تقم خلال سبع سنوات ببناء مدرسة أو مستشفى أو تعبيد طريق ولا حتى بحل مشكلة الكهرباء.
المهم في الأمر أن "حماس" وعلى لسان إسماعيل هنية نفسه، أكدت منذ لحظة التوقيع على إعلان الشاطئ أنها تغادر الحكومة ولا تغادر الحكم، وهذا اعتراف صريح بحرصها على بقاء حكمها في الظل، وهي هذه المرة وكأنما تعيد كرة 2006 للسلطة، حين استلمت الحكم في ظل وجود أجهزة أمن منحازة لحركة فتح، ومؤسسات سلطة هي اقرب لفتح أيضا، ورغم ذهابها لحكومة الوحدة الوطنية لتجاوز الرفض الدولي الذي حال دون الدعم المالي الذي يوفر رواتب الموظفين العموميين، إلا أنها ادعت أن وجود "حكم فتح" في الظل، أي عدم ولاء أجهزة الأمن لقرار حكومتها هو ما دفعها أولا لتشكيل "القوة التنفيذية" ومن ثم إلى الانقلاب.
هل يعني هذا أن التاريخ يعيد نفسه، وان عودة السلطة إلى غزة بحاجة لانقلاب مضاد، أم أن الأمر يحتاج على الأقل، إلى وقت أطول مما يعتقد الكثيرون، كذلك إلى إجراءات عديدة مثل اتخاذ قرار بضم كل الجماعات المسلحة التي كانت أداة إجهاض الديمقراطية الداخلية وشن الحرب الداخلية، لأجهزة الأمن الثلاثة: الأمن الوطني، الأمن الداخلي، والمخابرات، وفق القانون العام المتفق عليه سابقاً، ولأن غزة بالذات ارض محررة من الاحتلال، لذا يجب رفع شعار: كل المقاومة في الضفة والقدس، كذلك إخضاع الأحزاب السياسية والفصائل أولها - في غزة، لقانون الأحزاب، حتى تخرج من دائرة عدم المساءلة الشعبية، ومعرفة مصادر تمويلها، وقطع أيادي العبث الخارجية في الداخل الفلسطيني.
أما ما يخص هو ما تصر حماس على إثارته، بما يتعلق بقضية رواتب موظفيها في غزة، فلا مفر من تكرار ما سبق وقلناه سابقا من التعامل مع هذه المسألة كقضية أفراد مواطنين، ليسوا موظفين أبدا، خاصة العسكريين منهم، فلا يعقل أن تقر أولا بتعيينات عشوائية، ثم أن تصرف لمن لا يحتكم بأمرك، والأهم، هو الإصرار على نزع قرار الحرب والسلم من بين يدي طرف سياسي، فمثل هذا القرار إنما هو قرار سيادي، وكانت تجربة أيام البحث عن وقف النار خير دليل على ذلك، فلا يعقل وجود رئيس، لا يملك سلطة قرار وقف النار، فضلاً عن سلطة إطلاقه بالطبع، ثم المطالبة بعد ذلك بأن يتحمل كل أعباء ما تجره القرارات السياسية الحمقاء من أعباء وتبعات طالت أحوال مئات الألوف من أبناء الشعب الفلسطيني، ومشروعهم الوطني الذي ما زال وسيبقى يتعرض للخطر الدائم، ما دام الضعف والتعب الداخلي مشكلاً على صورة قوة سياسة اسمها: حماس.
كيّ الوعي كبديل لميثاق الأمم!
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
بعد أن قتلت 2145 مواطناً ومواطنة في غزة ودمرت البنية التحتية، تعود حكومة نتنياهو لتواصل استباحة الضفة فتصادر أربعة آلاف دونم من أراضي بيت لحم والخليل رداً على اختطاف ومقتل المستوطنين الثلاثة. ما حدث في غزة من قتل للأطفال والأبرياء ومن تدمير للمنازل والمدارس والمستشفيات يعد جرائم حرب بمقياس القانون الدولي وهي تعتبر جرائم بحق الإنسانية. وما حدث ويحدث اليوم في الضفة يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي. الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة التي هي بمستوى جرائم حرب تمر مر الكرام. وقضم وتحويل الضفة الغربية ومدينة القدس يمر بسلام ايضا. يقول المفكر الإسرائيلي إلان بابيه: لا يوجد رد فعل دولي كبير على استخدام الأسلحة الأكثر شراسة وفتكا التي أدت الى المجازر والدمار الوحشي في غزة". كان الاعتراض الدولي الرسمي عالي الصوت عندما قتل طفل إسرائيلي واحد لكن موت 600 طفل فلسطيني قوبل باحتجاج لفظي خافت الصوت، الاحتجاج الدولي على أسر ضابط إسرائيلي اثناء المعارك كان مرتفع الصوت. لكن رد الفعل الدولي الرسمي على فصل جديد من حرب الإبادة والدمار والخنق الذي يمارس على الشعب الفلسطيني ينطوي على تأييد للرواية والأهداف الإسرائيلية، كما يقول المفكر الإسرائيلي بابيه، والأخطر من ذلك هو تشجيع إسرائيل على استئناف حرب التدمير واستمرار الحصار والسيطرة على مقومات حياة شعب بأكمله.
لماذا تحرك النظام الدولي وحشد قواته للرد على اعتداءات داعش في العراق وسورية ولم يتحرك النظام الدولي لمنع إراقة الدم الفلسطيني بوقف العدوان الإسرائيلي، لماذا لم يتم تأمين الحماية بأبسط أشكالها للشعب السوري الذي كان نصيبه من الخسائر والانتهاكات والدمار والتهجير الشيء الذي يفوق التقدير والوصف. ما أكدته هذه الحرب ان الشعب الفلسطيني بدون حماية منذ ان تعرض لعملية التطهير العرقي عام 1948 وحتى اليوم. منذ ذلك التاريخ وجد الشعب الفلسطيني نفسه تحت رحمة هيئة أمم متحدة تجاهلت كل قواعد القانون الدولي المنصوص عليها في ميثاقها والتي تسمح بتأمين الحماية لشعب يتعرض لتطهير عرقي. فضلا عن ذلك جرى تجاهل ما جرى كليا على الأرض، والأسوأ تم اقتلاع التطهير من الذاكرة العالمية الجماعية ومحوه من ضمير العالم. وبفعل ذلك ما زلنا نشهد فصولاً إضافية من تلك العملية في قطاع غزة، وما زلنا نشهد فصولا في القدس والضفة الغربية التي جرى اقتطاع 4 آلاف دونم من أراضيها بجرة قلم. ما زال التجاهل الدولي ساري المفعول، باستثناء محاولات بائسة. يكفي الإعلان الإسرائيلي سواء عبر جنرالات العسكر أم عبر جنرالات الإعلام ان هدف العدوان "كي الوعي الفلسطيني" والمقصود هنا وضع الفلسطيني أمام خيار الموت والتشرد وسرقة الأرض والموارد أو القبول بالعبودية الجديدة والعنصرية الجديدة. كيف تتجرأ دولة في القرن الـ 21 على العمل بمنطق شريعة الغاب وبمنطق الدوس على القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة دون ان تتعرض للمساءلة.
إذا كان ضعف العامل الفلسطيني كان له دور في نجاح الخطط الصهيونية عام 1948، من زاوية الضعف والتفكك وفقدان الاتجاه اثناء حرب التطهير العرقي، فهل يستمر ضعف العامل الفلسطيني في تمرير وإنجاح حلقات جديدة من المسلسل. علينا ان نتفحص العامل الفلسطيني ونحن نعيش فصولا جديدة من حرب الإقصاء وتدمير المشروع الوطني.
كان أداء المقاومة المسلحة في الحرب مميزاً من زاوية الإرادة الصلبة والتخطيط والمبادرة والشجاعة والقدرة على الاستمرار، ما أدى الى إرباك وحدات النخبة الإسرائيلية، والى تفوق إرادة المقاوم الفلسطيني على إرادة الجندي الاسرائيلي. وهذا يعود الى الفارق الجوهري بين مقاتل يناضل من اجل الحرية ويدافع عن شعبه وبين جندي معتدٍ يدافع عن أهداف كولونيالية وسياسة عنصرية.
مقابل ذلك، كان أداء المستوى السياسي للمعركة (قيادة حماس وبمستوى اقل الجهاد) مرتبكاً. كيف؟ إن أي مقارنة بين بنود اتفاق وقف إطلاق النار الأخير والمبادرة المصرية الأولى، ستقول انه لا يوجد فرق ذو مغزى بين الصيغتين. الفرق كان في حجم الخسائر التي لحقت بالمواطنين وبالبنية التحتية. وهذا يطرح سوء تقدير للموقف السياسي الذي انبنى على احتمال رضوخ دولة الاحتلال لشروط المقاومة التي تعني قبولها بهزيمة سياسية وعسكرية جزئية. ثمة فرق بين إفشال أهداف العدوان وطرح المطالب والأهداف الفلسطينية المشروعة وبين إرغام دولة العدوان على التسليم بالشروط استناداً لأداء المقاومة وقدرتها على مواصلة المعركة. فهذا يحتاج الى ميزان قوى سياسي وعسكري واقتصادي لمصلحة المقاومة وهذا غير قائم ومن الصعب تحققه في الشروط القائمة مهما كانت شجاعة المقاومين. فالنظام الدولي كما شاهدنا العدوان وأهدافه، والنظام العربي الرسمي لم يمارس اي شكل من أشكال الضغط السياسي. للأسف، لم يقرأ المستوى السياسي هذا الوضع ولم يتأثر به وهو يتخذ القرارات. ما أدى به الى التراجع والقبول بوقف إطلاق النار قبل ان تتحقق الشروط التي سيتم التفاوض حولها خلال شهر من وقف الحرب واثناء حالة الهدوء وليس قبل ان تتوقف الحرب كما كان يشترط المستوى السياسي. لقد وعد نتنياهو جمهوره بأنه لن يوافق على الشروط الفلسطينية. بل ان مشروع قرار مجلس الأمن الذي يجري إعداده سيطرح سلاح المقاومة على بساط البحث. وهذا يطرح سؤالا مفاده، عندما ترفض إسرائيل الشروط الفلسطينية خلال التفاوض، وعندما يصدر قرار من مجلس الأمن يمس سلاح المقاومة هل ستستأنف المقاومة الحرب؟.
إن رفض المبادرة المصرية والبحث عن مبادرة قطرية تركية بديلة، أدى الى ضياع الوقت وخسر الشعب في كل يوم وكل لحظة المزيد. وكان على المستوى السياسي أن يدرك بأن مكانة مصر بحكم جوارها لقطاع غزة ووزنها الإقليمي لا يمكن شطبها او استبدالها، مصر وبقطع النظر عن طبيعة النظام حقيقة موضوعية ينبغي الحرص دائماً على العلاقة معها كشعب أولاً وكدولة ثانياً. كان سبب هذا التقدير الخاطئ هو وضع هدف سياسي آخر لمعركة غزة من قبل المركز المعتمد من قبل حركة حماس هو استعادة مكانة الإخوان المسلمين في المنطقة وفي مصر. ولم تكن الشروط الواقعية الفلسطينية تحتمل فتح معركة سياسية إقليمية بهذا الوزن الثقيل اثناء الهجوم الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة. لقد أدى هذا التشتت الى فقدان زمام المبادرة السياسية والسماح لدولة العدوان بانتزاعها، والى مفاقمة الخسائر السياسية والبشرية والمادية الفلسطينية.
تراجع دور المستوى السياسي الرسمي الذي تمثله قيادة المنظمة والسلطة، الى مستوى الوسيط الذي ليس له علاقة بقرار الحرب ووقفها. صحيح انه شكل غطاء سياسياً للمقاومة. إلا أن المركز السياسي للمنظمة والسلطة بدأ يتردد في طرح جرائم الحرب بعد وقف إطلاق النار، ويتردد في البحث عن مسار بديل للمفاوضات وللإشراف الأميركي، بفعل الضغوط والتهديدات من جهة وبفعل الوعود التي تتحدث عن عودة المفاوضات من جهة أخرى. لا بديل عن انتزاع زمام المبادرة السياسية انطلاقاً من معركة غزة.
حياتنا – نصف قرن من المذابح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
توقع المتآمرون الأميركيون الذين خططوا لما يسمى الفوضى الخلاقة أن تستمر القلاقل في الأقطار العربية لفترة طويلة، واستندوا الى أن تحالفهم مع الاخوان المسلمين واطلاق يدهم في البلاد العربية من شأنه أن يدخل البلاد العربية في حالة عدم استقرار واقتتال لمدة لا تقل عن نصف قرن اي نصف قرن من المذابح تكون الادارة الأميركية خلالها قد وضعت خططاً لمرحلة مقبلة حسب ظروف العالم. ومن يظن أن مشروع الاخوان قد سقط في المنطقة فهو واهم لأن الهدف ليس تسليم المنطقة للاخوان بل ضرب الاخوان بالجماعات الأخرى والأنظمة أي ضرب كله بكله كما يقال، لأن المطلوب الاقتتال وعدم الاستقرار فقط، ولو استقر حكم اخواني لاختلقوا له مصاعب لاحقة. ولو كان هناك حزب علماني او وثني او سكرجي او كندرجي له فروع في الاقطار العربية لتحالف معه الاميركيون لأن هدفهم اثارة عدم الاستقرار فقط مقابل الحفاظ على مصالحهم.
ذات سنة في التسعينيات التقى العاهل الأردني الراحل الملك حسين الرئيس الراحل ياسر عرفات في قصره في عمان بعد أوسلو بفترة.. وكان عرفات يريد الاستفسار من الملك حول السياسة الأميركية وهل بالامكان الوثوق بهم لأنه حديث العهد في التعامل معهم، فنظر الملك الى الطيب عبد الرحيم وكان برفقة أبو عمار وقال هات سيجارة يا طيب.. وأشعلها ونفث دخانها.. وقال لأبو عمار: هناك ثابتان في السياسة الأميركية حسب تجربتي خلال 40 سنة وهما اسرائيل والنفط. وما بين هذا وذاك لا يهمهم أي شيء.. لا شعوب ولا أنظمة.
كانت اجابة الملك كافية ووافية وهي الحقيقة التي غابت عن ذهن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك وأدركها متأخراً وقال : المتغطي بالأميركان عريان.. ولعل كثيراً من الزعماء العرب في الخليج وغيره اكتشفوا حقيقة أن واشنطن تضحي بأنظمة وشخوص لكنها لا تضحي باسرائيل وبالنفط. ولهذا فان الربيع العربي الذي أوجدته واشنطن وحلفاؤها لم يمس بالنفط ولا باسرائيل لأنهما مقدسان ويعرف كل حيوان أتت به واشنطن أو دعمته أو سلحته ان كان نظاما او حزبا او جماعة أن اسرائيل والنفط خط أحمر.ولهذا نشهد احيانا سقوط قذائف بالخطأ على الجولان المحتل في الاقتتال بين الجماعات هناك فترد اسرائيل بقصف الطرفين ويضع كل طرف صرماية قديمة في فمه ويخرس ويعتذر لاسرائيل.
ومضة - اقتصاد عاطل عن الحياة!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
ما إن استعرت نيران الحرب الماحقة التي شنتها إسرائيل على شعبنا الفلسطيني في الضفة وغزة وما تمخض عنها من محرقة نفذت بحق أطفالنا ونسائنا وأهلنا في غزة حتى انتفض الشعب الفلسطيني للدفاع عن شرفه وعرضه بإعلان الحرب على المنتجات الاسرائيلية منذراً بولادة انتفاضة اقتصادية فلسطينية شاملة.
محال تجارية تتلوها محال ومؤسسات تعقبها مؤسسات انطلقت جميعها نحو الامل المنشود باستهداف الاقتصاد الاسرائيلي. حملات شعبية وجامعات ونقابات وفصائل انضمت إلى هذه الانتفاضة داعية الجميع لتعزيز سلاح المقاطعة. منشورات وملصقات وملابس حملت جميعها دعواتٍ متسارعة لوقف التداول بالمنتج الإسرائيلي.
وفي خضم هذا الجهد كانت قنوات التلفزة الاسرائيلية تستعرض أرقام البورصة والتراجع الحاد في تعامل الفلسطينيين مع المنتجات الإسرائيلية وتبعات ذلك على اقتصاد المحتل. لكن تلك القنوات كانت تتسابق لطمأنة جمهورها بأن الفلسطينيين عاطفيون سيعودون إلى التداول بالمنتج الاسرائيلي حال زوال الحرب وأن هبة الفلسطينيين ما هي إلا "فورة" وطفرة تنتهي بانتهاء الأسباب.
ولذا علينا أن نذكر الجميع خاصة من بدأ الفتور يعتلي خفقات قلبه بأن هذه الجريمة التي ارتكبت في غزة يجب ألا يكون ثمنها إلا الاستقلال والخلاص من المحتل وأن ذلك لن يتم إلا بمجمل ضغوط واضحة ومتصاعدة أهمها الانتفاضة الاقتصادية الفلسطينية وإلا فإن آهات نسائنا وأطفالنا وشيوخنا ستذهب سدى.
اليوم معركة الخلاص والثورة الأهم نحو مسيرة الاستقلال والتي لن يعززها سوى الوحدة الوطنية وتماسكنا داخليا وتمسكنا بخطوات عدة ليس أقلها إيلام المحتل في عقر اقتصاده.
لقد حاولت دولة الاحتلال ان تعيدنا إلى العصر الحجري بكل السبل وصولاً إلى الحفاظ على اقتصادٍ فلسطيني عاطلٍ عن الحياة. فهل نقابل بتراجع مد المقاطعة وانكفائه؟
خلاصنا هو يوم تخلصنا من منتجات المحتل وتعزيز المبادرات الشعبية التحريرية القادمة، لذا لا بد أن يتآلف الجميع في خطوات مصيرية صابرة ومكابرة ومصرة إلى حين الخلاص والاستقلال.
اليوم يجب أن نقف موقف عزة فإما أن نكون أو وداعاً لهويتنا وبقائنا وحريتنا المنشودة. فدعم المنتج الوطني كرافد فعلي لحملة المقاطعة الشاملة وتمكين المنتج الوطني يجب أن يكونا في صلب المقاطعة.
لقد حاربت الشعوب محتليها وصولاً إلى استقلالها وانتفضت لمقتل العشرات من أبنائها فهل يهون علينا دمنا وقد قتل منا الآلاف! اقتصاد عاطل عن الحياة يجب ان يقابله احتلال ممنوع من الحياة!
نبض الحياة - العرب والمسؤولية القومية
بقلم: عمر حلمي الغو – الحياة
العالم العربي يعيش مخاضا عسيرا، ولحظة من اللحظات الاستثنائية في تاريخ العرب الحديث، حيث تتكالب القوى الامبريالية والصهيونية العالمية وقاعدتها الارتكازية إسرائيل وادواتهم الدينية والطائفية والمذهبية والاثنية بهدف تفتيت النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي لشعوب الامة العربية شعبا شعبا، وتمزيق أواصر الاخوة العربية، ونفي الثقافة القومية الجامعة من خلال تعميم ثقافات صفراء فاسدة، متناقضة ومعادية لراهن ومستقبل الشعوب ودولها والامة.
والسبب ليس قوة الغرب الرأسمالي ولا دولة التطهير العرقي الاسرائيلية، بل ضعف القوى الوطنية والقومية والديمقراطية، وتماهيها أو صمتها عن الظواهر الخطيرة، التي تنتشر كانتشار النار في الهشيم باسم الدين والطائفية والمذهبية والاثنية. وهذا ناتج عن خواء وإضمحلال تلك القوى، الامر الذي فتح الابواب العربية على مصاريعها لكل القوى العبثية. وساهم في تعزيز دورها وقيام النظام العربي بارتكاب ابشع الجرائم بحق نفسه، وبحق شعوب الامة ومستقبلها من خلال التوافق مع الغرب الامبريالي واسرائيل بالاسهام في نشوء ودعم القوى الظلامية كـ تنظيم «القاعدة» او ما يسمى بـ «داعش» و«النصرة» « كتائب بيت المقدس» و«جيش الامة» وغيرها من الاسماء القبيحة والبشعة. ومازال بعض أهل النظام العربي يقوم بتقديم كل اشكال الدعم بشكل مباشر وغير مباشر لتصفية حساب مع الانظمة الشقيقة كما تفعل قطر وغيرها من دول الخليج.
ولعبت جماعة الاخوان المسلمين دورا رئيسيا في إنتاج وتفريخ تلك الجماعات، لانها شكلت بسياساتها الفئوية، واجنداتها الغربية والاسلاموية المتطرفة البيئة الخصبة لما تشهده شعوب الأمة العربية عموما وفلسطين من بينها.
وللأسف وجدت تلك الجماعات أرضا مشاعا أمامها، ما دفع الشباب من الجنسين للالتحاق بها، واعتبارها نموذجه «الايجابي»، لانها لم تجد القوى الوطنية والقومية الديمقراطية، وان وجدتها، فوجدتها في حالة يرثى لها، لا تقوى على الوقوف على اقدامها، وان كانت هناك قوى واقفة، فالسبب لا يعود لقدرتها على الوقوف، انما لانها مازالت تمسك برقبة النظام السياسي هنا او هناك، لكنها تعاني من كم هائل من الازمات والصراعات الداخلية والخارجية. ولا تملك القدرة على الدفاع عن نفسها في حال رفعت عنها الحماية الغربية والاسرائيلية.
هذه الحالة السرطانية، التي تضرب كل ملمح وطني او قومي ايجابي، تستدعي من القوى الوطنية والقومية واليسارية الديمقراطية اولا: انتشال ذاتها من ازماتها الداخلية والخارجية في النطاقين الوطني والقومي،وتطهير الذات من مثالب الضعف والوهن ؛ ثانيا: الشروع بمواجهة نقاط الضعف خطوة خطوة، وايضا تعزيز وتطوير عوامل النهوض بالتصدي للقوى التفتيتية ولتبدأ بتطهير المجتمع هنا وهناك من القوى الدينية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين وتفرعاتها امثال «القاعدة» و«داعش» و«النصرة»...... إلخ من الاسماء؛ ثالثا: التصدي الشجاع لمظاهر الصراعات الدينية والطائفية والمذهبية دون تردد وبحزم لقطع الطريق على مخطط الغرب الرأسمالي، الذي يعمل دون كلل لتفتيت وحدة شعوب الامة؛ رابعا: خلق الاطر القومية الديمقراطية لتعزيز الاسناد بين القوى والشعوب؛ خامسا: التخلص من الاطر والمنظمات القومية، التي فرختها وانتجتها الانظمة العربية، وقطع الصلة معها؛ سادسا: التصدي لمنظمات الـ NGO,s المسوقة للثقافة والمخططات الرأسمالية، المعادية لتطور ونهوض شعوب الامة. دون الغرق في سياسة التعميم، لاسيما ان هناك منظمات مجتمع مدني تعمل وفق السياسات الوطنية والقومية، ولكنها قليلة؛ سابعا: تعميم ثقافة الندية والتكافؤ مع كل القوى الدولية بما فيها الولايات المتحدة، ومحاربة سياسة التبعية والخنوع، التي ارتضتها الانظمة العربية تاريخيا وراهنا؛ ثامنا: تعزيز سياسة التخطيط والتنمية المستدامة؛ تاسعا: تعميق الديمقراطية الحقة لا الكاذبة والشكلية، ومنح مساحة واسعة من حرية الرأي والتعبير والتنظيم والتظاهر والاعتصام؛ عاشرا: تعزيز مكانة المرأة على المستويات كافة، وترسيم ذلك من خلال الدساتير بفرض مبادىء المساواة بين الرجل والمرأة.
على العرب مسؤولية عالية جدا, تجاه انفسهم آن الآوان للنهوض من السبات والصمت والخوف والضياع. وهذه مسؤولية قوى التغيير من كل ألوان الطيف السياسي الوطنية والقومية واليسارية الديمقراطية، وليست مسؤولية فريق بعينه.