تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء محلي 04/09/2014



Haneen
2014-09-17, 09:01 AM
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الخميس 4/9/2014



</tbody>


<tbody>




</tbody>
في هذا الملـــــف:
الانتقادات غير كافية لوقف التدمير الاسرائيلي لاحتمالات السلام
حديث القدس– عن صحيفة القدس
الفرصة الأخيرة وإلاّ ...
طلال عوكل – صحيفة الأيام
"فتح": "التشبيب " بعد "التوطين"؟
حسن البطل أطراف النهار – الأيام
مدارات - السعي الى خير العمل
عدلي صادق – الحياة الجديدة
نبض الحياة - الرد الواقعي على نتنياهو
عمر حلمي الغول – الحياة الجديدة
المبادرة السياسية الجديدة : الخلفية والآفاق
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن صحيفة الأيام
علامات على الطريق - غزة ليست مكسر عصا للتجاذبات!
يحيى رباح – عن الحياة الجديدة
أيـــــن "حمــــــاس" ؟
بقلم: حمادة فراعنة – عن صحيفة الأيام
انتباهة - مصر وقطاع غزة (3 من 3)
حسن الكاشف – الحياة الجديدة
حياتنا - الوعي العربي
حافظ البرغوثي – عن الحياة الجديدة
تغريدة الصباح- موعد مع الحياة
سما الحسن – الحياة الجديدة
الانتقادات غير كافية لوقف التدمير الاسرائيلي لاحتمالات السلام
حديث القدس– عن صحيفة القدس
صادرت اسرائيل، قبل ايام قليلة، نحو اربعة آلاف دونم من اراضي محافظتي الخليل وبيت لحم، في اكبر هجمة من نوعها منذ نحو عشرين عاما، واعتبرتها اراضي دولة اي من الممكن بل والمؤكد استخدامها لاعمال الاستيطان وحرمان اصحابها الاصليين والحقيقيين منها، وهي بهذا تضع مرة اخرى، نحو اربعة آلاف لغم في طريق ما تبقى من احتمالات التسوية والتوصل الى السلام الذي تطمح اليه شعوب المنطقة وشعبنا بالمقدمة.
وقد بادرت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي الى الاعراب عن القلق الشديد من هذه الخطوة وانتقدا اسرائيل وطالباها بالتراجع عن قرارها. وقالت واشنطن ان هذه الخطوة تتناقض مع هدف اسرائيل المعلن وهو التفاوض للوصول الى اتفاق سلام. وكان الاتحاد الاوروبي اكثر وضوحا حين قال انه لا يعترف باية تغييرات على حدود 1967 بما في ذلك القدس باستثناء ما يتفق عليها الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي.
واذا كانت واشنطن ترى ان موقف اسرائيل يتناقض مع هدف التوصل الى اتفاق سلام بالتفاوض واذا كان الاتحاد الاوروبي لا يعترف باية تغييرات غير متفق عليها على حدود حزيران 1967، فما هي الخطوات العملية الت يينبغي على الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي اتخاذها لوقف هذه الممارسات الاسرائيلية والتوصل الى اتفاق سلام يحقق الاستقرار بالمنطقة ؟ وهل تكفي الانتقادات والاعراب عن القلق ؟ لقد ملأت اسرائيل الضفة الغربية بالمستوطنات وغيرت كثيرا من الطابع الجغرافي لمدينة القدس وتمارس يوميا سياسة الاستيطان والتهويد والتهجير وهدم المنازل وتقطيع اوصال الضفة والقضاء على اية احتمالات لتحقيق السلام باقامة الدولة الفلسطينية وفق حدود 67 مع تغييرات جغرافية متفق عليها، كما نسمع باستمرار مثل هذه الانتقادات والادانات دون ان تلقى اي اهتمام او تجاوب من اسرائيل. وفي ارض الواقع تبدو الصورة متناقضة كليا مع المواقف المعلنة، حيث تدعم واشنطن السياسة الاسرائيلية بكل الوسائل المادية والعسكرية والسياسية والقانونية وتستخدم او تهدد باستخدام الفيتو ضد اي قرار يدين اسرائيل في مجلس الامن. وكذلك فان الاتحاد الاوربي رسميا يقف مؤيدا لاسرائيل ولا يتخذ اية خطوات عملية لوقف ممارساتها المرفوضة.
من الواضح ان شعبنا، والعالم كله، يدرك الانحياز الاميركي الاعمى لاسرائيل ودعم ممارساتها عمليا، وهذا في النهاية لا يخدم المنطقة ولا السلام ولا الولايات المتحدة ولا حتى اسرائيل، لانه يخلق اجواء مشحونة بالتوتر والعداء لكل السياسة الاميركية ويزيد التوتر والعنف وعدم الاستقرار بالمنطقة ويجعل القوى الاكثر تطرفا وما يسمونه ارهابا، ذات الكلمة العليا بالضرورة، كما نشاهد امثلة كثيرة حولنا ابتداء من افغانستان سابقا وانتهاء بالعراق حاليا.
يجب ان تدرك واشنطن ومن خلفها الاتحاد الاوروبي، ان الكلام والانتقادات اللفظية اصبحت بضاعة فاقدة الصلاحية ولا بد من اتخاذ خطوات عملية جادة لتحقيق السلام الذي نطمح اليه وتدعو له كل شعوب المنطقة، ولعل وفدنا الى واشنطن يسمع جديدا من وزير الخارجية الاميركية ....!!
الفرصة الأخيرة وإلاّ ...
طلال عوكل – صحيفة الأيام
بعد أن توقف العدوان على قطاع غزة، وعاد كل طرف من الأطراف المنخرطة في هذا الصراع، أو التي توفرت لديها الدوافع والأهداف سواء المباشرة منها أو غير المباشرة، القريبة من الميدان والبعيدة عنه، نقول بعد أن عاد الجميع لحساباته العامة والخاصة، وإلى فحص النتائج والتداعيات، المنظورة وغير المنظورة، من الأرجح أن تندرج هذه الحرب العدوانية الإسرائيلية في إطار المغامرات العبثية.
أطراف عديدة، وجدت لها مصلحة، أو مصالح، في أن تنشأ مجابهة، بين إسرائيل والمقاومة في قطاع غزة، بغض النظر عن الطرف المسؤول عن إشعال الفتيل، ذلك أن المسؤولين عن إشعال الفتيل لا تبدل مواقف الأطراف المؤيدة لإسرائيل والمؤيدة للمقاومة وللفلسطينيين بصفة عامة.
باستثناء إسرائيل من ناحية و"حماس" من ناحية ثانية، فإن بقية الأطراف الإقليمية والدولية، صاحبة المصلحة والدافعية في تفجير الأوضاع، كانت ترغب في أن ترى إسرائيل وقد أصبحت أقل تطرفاً وأكثر استعداداً للعودة إلى مفاوضات التسوية، وأقل قدرة على تعطيلها فيما لو قررت الإدارة الأميركية دعوة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للعودة إليها.
الأطراف ذاتها، كانت ترغب في أن ترى الطرف الفلسطيني، أيضاً، وهو أكثر مرونة، وأكثر استعداداً للعودة إلى طاولة المفاوضات، وأكثر قدرة على اتخاذ القرار مع وجود معارضة ضعيفة، يكون العدوان، قد أدى إلى تحجيمها، وإضعاف قدرتها على تعطيل التسوية.
إسرائيل لم تكن في هذا الوارد، وفيما هي تدرك ما الذي يريده المجتمع الدولي الفاعل (أميركا والاتحاد الأوروبي) فإنها أرادت تعطيل عملية العودة للمفاوضات، وإن حصل واضطرت للعودة تحت ضغط حليفها الأميركي فإنها ستفعل ذلك وفق شروطها، وبعد أن يبدي الطرف الفلسطيني استعداده للرضوخ.
أرادت إسرائيل أن تضعف طرفي المعادلة الفلسطينية، حيث قامت باجتياح الضفة الغربية، وتهشيم هيبة السلطة، إثر اختفاء المستوطنين الثلاثة، ثم قامت بشن عدوانها الهمجي على قطاع غزة، لإضعاف حماس والمقاومة. وأرادت إسرائيل أيضاً، أن تدمر المصالحة الفلسطينية وأن ترغم الفلسطينيين على حل حكومة الوفاق الوطني، تحت ضغط التداعيات التي ستنجم عن عدوانها ولإبقاء وتعميق الانقسام الفلسطيني الذي يخدم بقاؤه مصالحها الاستراتيجية.
وبعيداً عن المزايدة، أو الاستخدام التوظيفي للدم الفلسطيني، الذي لا يهون على أي فلسطيني، فقد أرادت حركة حماس، أن تخوض معركة بطولية حضرت لها جيداً، لتأكيد مدى التزامها ببرنامج المقاومة، ولتأكيد أولويتها الوطنية، ولتحسين قدرتها على مواجهة الأزمات والمشكلات الناجمة عن مرحلة المصالحة الفلسطينية، التي اعتقد البعض أن حماس جاءت إليها، من موقع الضعيف، المضطر للمسايرة، وتقديم التنازلات.
وعلى نحو غير مباشر، كانت المجابهة القوية في الميدان للعدوان الإسرائيلي ستخدم تعزيز سيطرة الحركة على الحكم بعد أن غادرت الحكومة. أطراف أخرى فلسطينية وإقليمية لم تكن بعيدة عن هذه الحسابات سواء لأسباب خاصة بها، أو لأسباب تتصل ببوصلة المجتمع الدولي.
وفق الحد الأدنى لكل هذه الحسابات، فإن العدوان على قطاع غزة وقبله على الضفة الغربية، يفترض أن يشكل المرحلة التحضيرية لانطلاق عملية التسوية من جديد، وفق معطيات جديدة، وانزياحات جديدة. والآن بالنظر لوقائع العدوان، وما بعده، وما أسفر ويمكن أن يسفر عنه من نتائج، يتضح أن هذا العدوان كان عبثياً بامتياز، ولم يخلف حتى الآن سوى، كم هائل من الشهداء والجرحى، ومن الدمار الذي أصاب سكان قطاع غزة، وكم كبير من الشواهد على ارتكاب إسرائيل المزيد من جرائم الحرب، فضلاً عن خلل في المربعين الإسرائيلي والفلسطيني.
في المربع الإسرائيلي، اندلعت الانتقادات، والتحقيقات، والاتهامات للمؤسسة العسكرية والسياسية والأمنية، ولكن اليمين المتطرف بما في ذلك الليكود حقق تقدماً في شعبيته وفق آخر استطلاعات للرأي.
لا يشمل هذا التقدم رئيس الحكومة، الذي هبطت شعبيته على نحو كبير، ولذلك فإنه راح يبحث عن كيفية استعادة شعبيته المفقودة ومكانته المتراجعة، سعياً وراء ذلك، ولتعزيز سياسة التطرف، والمزايدة على أقرانه المتطرفين، يسمح نتنياهو بمصادرة أربعة آلاف دونم من اراضي الضفة، وللجماعات اليهودية المتطرفة بأن تشدد وتجدول اعتداءاتها على المسجد الأقصى، ثم يتخذ قراراً بعدم عودة الوفد الإسرائيلي إلى مفاوضات القاهرة بناء على اتفاق وقف إطلاق النار.
رغم ما أصابها، إسرائيل بقيت تعتلي شجرة التطرف، وربما تبدأ باتخاذ إجراءات استفزازية، لاستدراج ردود فعل فلسطينية تفتح الطريق أمام عودة العدوان. لقد بدأت إسرائيل بخرق اتفاقية وقف النار، حيث تفتح القطع الحربية البحرية نيرانها على الصيادين في عرض البحر، وقامت باعتقال اثنين منهم.
في المربع الفلسطيني، اندلعت الحرب الكلامية وحرب التصريحات والاتهامات بين حركتي فتح وحماس، والمصالحة لا تزال معطلة، وتعطلت لأسباب أخرى عملية إعادة الإعمار، وتم تأجيل المؤتمر الدولي الذي كان من المفترض انعقاده في القاهرة بداية هذا الشهر.
لم يتغير الوضع في قطاع غزة، فالمعابر على حالها، والحصار على حاله، وعلى حالهم الناس، الذين يرفضون التدخلات الإنسانية فقط لتأمين الطعام وبعض الدواء، ومبالغ ضئيلة لتأمين خروجهم من المدارس، وأماكن الإيواء التي لجؤوا إليها. الناس في قطاع غزة، قلقون من إمكانية تعرضهم مرة أخرى لعدوان إسرائيلي آخر قريب، هو قلق لا تبرره التجربة الطويلة مع الاحتلال، وإنما يدل على قراءة فطرية وحدس عميق لمحصلة العدوان الأخير ونتائجه وأهدافه. في كل الأحوال فإن كان المجتمع الدولي متحمساً لإعادة تفعيل عملية التسوية، فلا سبيل سوى أن يتدخل هذا المجتمع بطريقة جراحية لتأمين الطريق أمام عودة الطرفين إلى المفاوضات وإلاّ فإنها وفق كل المعطيات، الفرصة الأخيرة، للبحث عن السلام، وما لم يتم استثمارها فالأوضاع ذاهبة نحو صراع مفتوح.
"فتح": "التشبيب " بعد "التوطين"؟
حسن البطل أطراف النهار – الأيام
أقترح توزيع شهادة قائد كتيبة (الجرمق) الطلابية الفتحاوية، معين الطاهر، على أعضاء مؤتمر إقليم جنين الحركي، الذي ستجري به انتخابات لاحقة لانتخابات إقليم فتح ـ رام الله والبيرة.
يقول القائد، في حوار معه أجراه الكاتب والأديب إلياس خوري، لمجلة "الدراسات الفلسطينية": "كنّا نسلّط مكبّرات الصوت الخاصة بالجامعة [جامعة بيروت العربية] في اتجاه مكتب أبو عمار، الذي كان يبعد 50 متراً، ونظلّ ننتقد ليلاً ونهاراً النقاط العشر ومشروع السلطة الوطنية، ومشروع الدولة الفلسطينية.. وفي آخر الليل يدعونا أبو عمار إلى الاجتماع، فنتكلم ونختلف ونتفق، وينام أبو عمار بحراسة بنادق الذين يعارضون البرنامج أو المشروع السياسي الذي طرحه. واستمرت القيادة الفلسطينية تنام بحراسة بنادق السريّة الطلابية من سنة 1973 حتى 1982".
بعد انتخابات إقليم فتح ـ رام الله، ستجري انتخابات إقليم جنين.. وبعدها يفترض ان يعقد المؤتمر العام السابع حيث انتخابات المجلس الثوري واللجنة المركزية في بيت لحم، التي عُقد فيها المؤتمر العام السادس.
هل أقول إن المؤتمر السادس الذي عقد في بيت لحم (آب 2009)، بعد 20 عاماً من المؤتمر الخامس ـ تونس، شهد نقلة حركية نحو "توطين" الإطارات الحركية العليا (المجلس الثوري، واللجنة المركزية)، وأن مؤتمر إقليم فتح ـ رام الله شهد "تشبيب" قيادة الإقليم؟
صحيح، أن قسماً قيادياً من حركة فتح ـ التاريخية، جاء من الأرض المحتلة، ومنهم أربعة قياديين من الصف الأول جاؤوا من غزة، وآخرون من الضفة، وغيرهم من فلسطينيي اللجوء والشتات.. لكن، المقصود بـ "التوطين" هو تغليب عناصر القيادات المحلية في البلاد.
"الحرس القديم" يسلّم الراية والتجربة الثّرية إلى "الحرس الجديد"، وفي المؤتمر السادس أحرزت المناضلة آمنة جبريل، من إقليم لبنان، أعلى الأصوات في انتخابات المجلس الثوري الـ 81 عضواً، وهي مساعدة قائد السريّة الطلابية (الجرمق) الشهيد علي أبو طوق.
في حصار مخيمي صبرا وشاتيلا، و"حرب المخيمات" بعد خروج قوات المنظمة من بيروت، خاطب القائد العام قائد المخيم، بشيء من شعر المتنبي: "وسوى الروم خلف ظهرك روم.. فعلى أي جانبيك تميل".
في مؤتمر إقليم رام الله، أحرز المناضل في الانتفاضة الثانية ـ "كتائب شهداء الأقصى"، ربيع حامد أعلى الأصوات في الانتخابات الرابعة للإقليم، علماً أنه أصيب بأربع رصاصات إسرائيلية، أمّا الثاني فهو أسرار سمرين الذي أمضى 22 سنة في سجون الاحتلال.
جميع الفائزين في انتخابات الإقليم هم من القيادات الشابة المحلية، وربما ستكون انتخابات إقليم جنين على هذا المنوال، ومن ثم ستجري انتخابات المجلس الثوري واللجنة المركزية.
على الأغلب، سينعقد المؤتمر السابع في رام الله، الذي تأخّر عن موعده المضروب في آب المنصرم لانشغال قيادة الحركة والسلطة بالمفاوضات وحكومة الوفاق وحرب غزة، وبعدما صار لرام الله عدد كافٍ من الفنادق.
بذلك، تكون "فتح" قد استعدت للانتخابات الوطنية بجيل "موطّن" و"شاب".. وأيضاً، بوحدة حركية تتلافى فوضى الترشيحات الفتحاوية في انتخابات 2006، حيث تنافست القوائم والكوادر الفتحاوية، ولم تتوحّد قائمتا "فتح" إلاّ في الساعة صفر قبل إغلاق باب الترشيحات؟! بينما قدمت "حماس" مرشحيها بالمسطرة!
عادة، يُشار إلى "فتح" بوصفها الفصيل الأكبر، أو قائدة ومفجّرة الثورة، أو مؤسسة السلطة الوطنية.. لكنها، أيضاً، الفصيل الأكثر ديمقراطية بين الفصائل، وهي "جبهة" وطنية في مسمّى "حركة" وطنية.
هناك شيء كثير من "المماهاة" بين الحركة والسلطة، ويُحسب على الحركة ما يُحسب على السلطة، رغم أن اللجنة التنفيذية للمنظمة و"القيادة الفلسطينية" تحوي اتجاهات مختلفة، فصائلية أو شخصيات مستقلة تنظيمياً.
لكن، إذا كانت م.ت.ف هي الممثل الشرعي للشعب، فيجب أن تضم في إطارها حركة "حماس" وربما "الجهاد الإسلامي" ولهما قواعد شعبية كبيرة ومنافسة لـ "فتح".
يُشير آخر استطلاع للرأي نُشر، أمس، إلى أن "حماس" انتعشت شعبيتها بعد صمودها في الحرب الأخيرة التي يراها معظم الجمهور "نصراً"، والمقاومة طريقاً، والمثير للانتباه أن شعبية "فتح" تتقدم، عموماً، على شعبية "حماس" في الضفة، بينما تتحسّن شعبية "فتح" في غزة.
هذه النتيجة رهن التطورات اللاحقة، ومنها نجاح وصوابية سياسة السلطة و"فتح" في خطها السياسي والحركي الجديد، ونجاح أو إخفاق حكومة الوفاق، ودور السلطة في إعادة إعمار قطاع غزة.
مدارات - السعي الى خير العمل
عدلي صادق – الحياة الجديدة
مقبلون نحن على مرحلة صعبة. لدينا رُكامان هائلان: دمار غزة ودمار العملية السلمية. والركامان يتطلبان وفاقاً وطنياً لا تُقية فيه ولا شيء مخبوءاً، ولا ثغرة ينفذ منها المحتلون لدق الأسافين بعد أن أخربوها وقعدوا على قلبنا وعلى تلها. فقد تحدثنا قبل أيام بصراحة عن الاستحقاق السياسي والكياني الوطني، لعملية إعادة بناء غزة وتعويض الناس الذين انتكبوا، في بيوتهم وأرزاقهم وأرواح أبنائهم. ونأمل أن يكون الجميع على قناعة، بأن اختيار العزف المنفرد لن يرفع ركاماً ولن يُغني ورقة سياسية تقاوم نكوص الاحتلال ومراوغته وغروره، وتنصله من العملية السلمية التي نتوخى لها خاتمة معقولة ومتوازنة، تضمن لنا الاستقلال في الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، على قاعدة ثوابت معتمدة هي الحد الأدنى الذي لا "نزول" بعده.
في مسألة المصالحة، جرت العادة أن يتركز الحديث على الجوانب الإجرائية. لكن ظروفنا اليوم لا تحتمل أية صيغة فضفاضة لذا فإننا ملزمون بإدارة حوار استراتيجي يناقش الخيارات كلها والمفاهيم، لأن المفاهيم والخيارات، عند طرفي الخصومة باتت في حاجة الى إعادة نظر، لكي نمارس السياسة بروح المقاومة، ونمارس المقاومة بمنطق الخرائط ومؤشرات ميزان القوى ومصالح الناس وحياتها.
على هذا الصعيد، بادرت "فتح" الى خطوة تُمأسس العمل التفاوضي الفلسطيني وتطوي صيغة المقاولة، التي اعتُمدت في عجالة الظمآن الذي يظن السراب ماءً، وتُمأسس العمل التصالحي الوطني، فتعد له السيناريوهات وتضع كل الافتراضات وتجهز الأجوبة عليها.
في "حماس" لا مؤشرات على وجود حوار داخلي معمق حول الخيارات في كل مرحلة وعلى المفاهيم. وللأمانة الحوار غائب فلسطينياً وبشكل عام. فليس لدينا تجربة حوار داخلي حقيقي، على الصعيد العام أو على صعيد أي فصيل. ويكاد واحدنا يجزم أننا لم نعرف الحوار الداخلي الاستراتيجي في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة. فما كنا نسميه حواراً ينتهى الى وفاق؛ كان مجرد لقاءات تصدر عنها بيانات لتطويق أزمة أو لمواجهة عدوان، ثم يعود كل طرف الى مواويله بعد انقشاع الغيوم.
إننا نواجه اليوم تحدياً وجودياً. لم نعد نملك ترف السباحة في الأوهام من أي نوع. المرحلة تتطلب مصارحة وشجاعة أدبية وإحساسا عاليا بالمسؤولية. فإن تحقق لنا ذلك، ستكون "فتح" قادرة على المجاهرة بقناعتها أن التسوية مع هكذا صهيونية، باتت مستحيلة ولا تجوز العودة الى التجريب، وسيكون الإقلاع عن أشباه الباطل في الخطاب السياسي اليومي فضيلة وطنية. في الوقت نفسه، ستكون "حماس" قادرة على المجاهرة بقناعتها أن المحتلين يتعمدون جرنا الى مربع الحرب، لأن الغلبة تنعقد لهم فيها، وأن واجبنا يحتم علينا أن نتحاشاها، من حيث هي حرب كلاسيكية مثل تلك التي تندلع بين الدول والجيوش. وستكون "حماس" قادرة أيضاً على المصارحة بقناعتها بمحددات العملية السلمية التي يستشيط المحتلون غضباً من مفرداتها.
وَهْم السلم ووهم الحرب، أوقع واحدهما من الآخر أذى وأفدح. إن الخيار الحصيف المدروس من كل جوانبه، سلماً وحرباً، هو بديل الوهم وضمانة الصحو على الحقائق. وعند الصحو، يبدأ الكائن الحي سعيه الى خير العمل!



نبض الحياة - الرد الواقعي على نتنياهو
عمر حلمي الغول – الحياة الجديدة
اعلنت الحكومة الاسرائيلية عن قرار بمصادرة (3811) دونما من اراضي محافظتي بيت لحم والخليل، وإضافتها لمستوطنة غوش عتصيون يوم الاحد الموافق 31/ آب الماضي، الامر الذي اثار ردود فعل فلسطينية وإسرائيلية وعربية ودولية واسعة، لا سيما ان الخطوة تأتي في ظرف سياسي دقيق، حيث تعمل القوى المختلفة بما في ذلك الحكومة الاسرائيلية على تخفيف حدة التوتر، وتعزيز التهدئة، التي تم التوافق عليها بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي.
لكن رئيس وزراء إسرائيل، نتنياهو ووزير حربه الخارجين من حرب "الجرف الصامد" والجناح الاكثر تطرفا في الحكومة بينيت وليبرمان على حد سواء، مع الفارق بين خلفيات كل طرف، ليس لديهما مخرج من عنق الزجاجة ألا بالغرق أكثر فأكثر في مستنقع الاستيطان، لتطويق التداعيات الناجمة عن الحرب المسعورة على محافظات القطاع، ولتفادي العزل، وللتأكيد لقطعان المستوطنين وباقي فسيفساء إسرائيل اليمينية، ان نتنياهو ويعالون أكثر حرصا على خيار الاستيطان، وانهما ما زالا في خنادقه، وامناء لتبديد خيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.
وارفق نتنياهو اعلانه عن مصادرة الاربعة الاف دونم بخطوة متناقضة مع موافقته على التهدئة، التي يفترض ان تتبع بمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي برعاية الشقيقة مصر المحروسة. ليقول للقاصي والداني، انه لن يمنح الفلسطينيين اي مطلب من المطالب، التي هي بالاساس جزء اساسي من حقوقهم الحياتية المشروعة، والتي كانت قائمة وموجودة على الارض كالمطار والميناء والمعابر ورفع الحصار والافراج عن اسرى الحرية... وغيرها.
غير ان بنيامين نتنياهو، لن يفلت من التحقيق والعزل على حد سواء، حتى لو ذهب لأبعد مما اعلن من الاجراءات والانتهاكات اليمينية المتطرفة الخطيرة ضد مصالح الشعب العربي الفلسطيني. لأن القوى المتناقضة معه اولا لن تتركه يهرب من استحقاقات المحاكمة على الفشل المريع؛ وثانيا لانها معنية بوضع الاسفين تلو الآخر في مسيرته، تمهيدا لعزله ليخلو موقع رئاسة الحكومة لكل طامح منهما فيه. ثالثا كما ان هناك قوى اخرى امثال لبيد وتسيبي ليفني وهرتسوغ، جميعهم من الائتلاف والمعارضة على حد سواء، لهم مصلحة في إخراج نتنياهو من مركز القرار، ووضعه في فريزر التجميد والعزل. ولعل انتقاداتهم للسيطرة على الاربعة الاف دونم (وليس لرفض الاستيطان من حيث المبدأ) يشير لرغبة كل منهم في تصفية الحساب مع الكاذب والفاشل الكبير.
مع ذلك، ردود الفعل الاميركية والاوروبية والاممية والعربية والفلسطينية والاسرائيلية، لا اهمية لها إن لم تقرن بتشكيل لوبي من كل القوى على مختلف مشاربهم واتجهاتهم السياسية للضغط على الحكومة الحالية لتحقيق اكثر من هدف، اولا إسقاط قرار الضم والتهويد النتنياهوي للاراضي الفلسطينية؛ ثانيا لالزامه بدفع استحقاق خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967؛ وهو ما يعني الاعلان الصريح عن ترسيم حدود الدولتين الفلسطينية والاسرائيلية؛ واعلان الانسحاب من اراضي الدولة الفلسطينية وفق جدول زمني محدد، وتمهيد الارض لاقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السادة، وايجاد حل عادل للاجئين على اساس القرار الدولي 194.
دون هذا التوجه، ستبقى ردود الفعل عبارة عن فقاقيع صابون غير ذات جدوى او معنى. وستكون مجرد رد فعل للاستهلاك والتضليل والضحك على ذقون الفلسطينيين.
المبادرة السياسية الجديدة : الخلفية والآفاق
بقلم: د. عبد المجيد سويلم عن صحيفة الأيام
قبل عدة شهور كان واضحاً أننا وإسرائيل ذاهبون إلى مواجهة لا محالة بعد انسحاب نتنياهو من المفاوضات ورفضه الإفراج عن الدفعة الرابعة، في محاولة منه ـ اتضح الآن أنها محاولة يائسة وبائسة أيضاً ـ للهروب إلى الأمام وافتعال كل ما من شأنه أن يؤدي إلى إنهاء العملية السياسية واستحضار الأجواء المناسبة للانقلاب على كامل المسيرة السياسية.
كان نتنياهو يدرك أن مسار العملية السياسية سيؤدي إلى عزلة إسرائيل وتشديد الخناق عليها إن هي استمرت في المراوغة والتنصل من الإجابة المباشرة على سؤالي الأمن والحدود، وإن هي أمعنت في سياسة الاستيطان.
وبما أن سياسة نتنياهو الحقيقية هي بالضبط المراوغة والتنصل والإمعان في الاستيطان فقد بدأ مسيرة إفشال العملية السياسية بالشروط التعجيزية، وخصوصاً "الدولة اليهودية" في محاولة عرقلة المسار السياسي، وعندما فشل في ذلك ولم يجد من يؤيده في ذلك كشرط من شروط المسار السياسي، وعندما تراجعت الإدارة الأميركية في تأييدها ليهودية الدولة كاستحقاق مباشر وشرط مسبق للمسار السياسي، وعندما تحول الخطاب الأوروبي في إدانة الاستيطان من مجرد بيانات ومواقف إلى بدايات من الأفعال الحقيقية (المقاطعة) أدرك نتنياهو أن لا سبيل للخروج من هذا المأزق إلاّ بلعبة يجري من خلالها خلط كامل أوراق اللعبة، لم يكن أمامه والحالة هذه إلاّ أن يبادر إلى الهجوم لعل ذلك يخلصه من الضغوط الداخلية، وخصوصاً اليمينية المتطرفة منها دون الضغوط الخارجية بما فيها الأميركية نفسها وتلك الأوروبية والإقليمية.
في حينه وعندما تمت عملية اختطاف وقتل المستوطنين الثلاثة قلنا إن هذه العملية قد سقطت عليه من السماء وبالعموم تشكك الجو الشعبي الفلسطيني في صحة الرواية الإسرائيلية وكانت الأغلبية الساحقة من الناس تعتقد أن هذه العملية ربما تكون مفبركة كونها تخدم نتنياهو بصورة مباشرة.
(الطامة الكبرى ـ وهذا مجرد قوس ـ أن أحد الأجنحة في حركة حماس تبنّى العملية بصورة علنية ورسمية وتم إعادة تبنّي العملية بصورة مراوغة من أعلى المستويات في هذه الحركة). استثمر نتنياهو الهدية التي سقطت عليه من السماء لذلك الهجوم وقام باجتياح الخليل وحصارها وقام باجتياحات جزئية لكل أنحاء الضفة بما فيها القدس الشرقية ولولا إحراق الشهيد محمد أبو خضير حياً لاستكمل هذا الاجتياح على غرار ما كان قد فعله شارون في عملية "السور الواقي".
تراجع نتنياهو مؤقتاً عن اجتياح الضفة تحت ضغط الأجواء التي أعقبت إحراق الفتى الفلسطيني واتجه فوراً إلى قطاع غزة واستثمر هذه المرّة في قراءته للواقع الذي نجم عن الإعلان في مطلع تموز عن حكومة التوافق الوطني باعتبار أن هذه الحكومة هي حكومة "إرهابية" وباعتبار أن حركة حماس قد وافقت على هذه الحكومة لأسباب تتعلق بعزلتها الإقليمية والأزمات المالية التي بدأت تمرّ بها، وباعتبار أن التصعيد العسكري سيؤدي إلى إعادة وضعها في المشهد السياسي الفلسطيني كقوة معارضة وليس كقوة حكم أو كقوة حكم فعلي ومعارضة شكلية، وكقوة مقاومة وليس كسلطة سياسية مباشرة.
كان نتنياهو يعرف كل هذه الملابسات وقد راهن عليها من أجل عسكرة الصراع وإعادة طرح مفهوم الأمن وفق منطق التحكم والقوة والسيطرة والإخضاع.
وكان نتنياهو يعرف بدقة مدى حاجة حركة حماس لحرب من هذا النوع لإعادة وضع جماعة الإخوان المسلمين على جدول أعمال المنطقة بعدما تم هزيمتهم بصورة ساحقة وماحقة في مصر، وبعد أن هزموا بالكامل في المعادلة السورية والعراقية بحيث أصبحوا قوىً هامشية بالمقارنة مع "النصرة" و"داعش" وبالمقارنة مع ميليشيات الطوائف في العراق، وبعد هزائم الإخوان في ليبيا وتونس واليمن أيضاً. ذهب نتنياهو للعدوان على القطاع وهو يدرك كل ذلك ويراهن عليه.
خسر نتنياهو فرصة الحسم العسكري وعجز عن تحقيق أهدافه عبر المفاوضات غير المباشرة، ولم يستطع إقناع الشعب الإسرائيلي بالنصر، وبدلاً من أن تساعده معركة غزة على حسم الصراع في الضفة يستعد الشعب الفلسطيني لخوض معركة ضارية من أجل إنهاء الاحتلال في إطار خطة وطنية شاملة ومتدرجة لتحويل التحدي الذي فرضه نتنياهو على قطاع غزة إلى فرصة للانقضاض عليه سياسياً.
وكما أراد نتنياهو من خلال إعادة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى المربع الأول إنهاء الصراع عند حده والمطامح الإسرائيلية، فقد جاء الرد الفلسطيني لإعادة الأمور إلى جذرها الأول وهو الاحتلال، وبذلك يكون نتنياهو قد خسر الحرب على غزة فعلاً، إذا ما تحولت المبادرة الفلسطينية إلى خطة وطنية للكفاح الوطني الشامل.
نجاح الخطة الفلسطينية مرهون بعدم إعطاء الولايات المتحدة فرصة إعادة التحكم والتفرد برعاية المفاوضات (إن تمّت) وهو مرهون كذلك بعدم إعطاء إسرائيل فرصة المماطلة والتسويف في فك الحصار عن قطاع غزة وإعادة إعمارها بأسرع الوتائر الممكنة.
كما أن نجاح الخطة الوطنية مرهون قبل أي شيء آخر بالوصول إلى علاقات وطنية جديدة قائمة على تحديد ملموس لأسس وآليات وإجراءات متوافق عليها وملتزم بها للشراكة الوطنية، وبما يعيد بناء كامل النظام السياسي الفلسطيني وبما يكرس وحدة القرار السياسي والكفاحي والأمني على حدٍ سواء، وبما ينهي نظام الكوتا العاجز ونظام الاحتكار السياسي، وكذلك التفرد بالقرارات المصيرية ومنع التلاعب باستقلال القرار الوطني ورهنه للتجاذبات الإقليمية إن كان على مستوى الدول أو المنظمات أو الجماعات.
على القيادة الفلسطينية كما تبادر للهجوم السياسي الجديد على المستوى السياسي والدبلوماسي وفي كافة مؤسسات القانون الدولي، أن تبادر إلى هجوم آخر لتصحيح مسار العلاقات الوطنية ودفع الجميع دون استثناء أمام مسؤولياته التاريخية، وعلينا أن ننهي إلى الأبد مرحلة الدهلزة السياسية، وعلينا أن نكشف أمام الشعب عن كل من تسوّل له نفسه تحويل القضية الوطنية إلى سلعة سياسية في بازار الصراع الإقليمي.
لقد انتهت "أوسلو" وماتت وانتهت المفاوضات (على الطريقة الإسرائيلية) وانتهى عصر الاحتلال المريح، وانتهى عصر الصواريخ أو في الطريق المحتوم إلى ذلك. إنها مرحلة جديدة تكاد تصفى فيها كل معالم المرحلة السابقة. نحن أمام مرحلة المراجعات، وعلى جديتها سيتوقف مصيرنا الوطني.
علامات على الطريق - غزة ليست مكسر عصا للتجاذبات!
يحيى رباح – عن الحياة الجديدة
غزة ارض كل البدايات الوطنية، لا يليق بها سوى ان تكون قلب المشروع الوطني وهو الاستقلال وانهاء الاحتلال عبر دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
من خلال الاعتراض الاسرائيلي بالنيران المكثفة، وبحجم هائل من القتل والتدمير فان اسرائيل لم تكتف بذلك، بل انها عبر تكتيكات لم تعد تخفى على احد استنفرت التجاذبات الاقليمية لتكون هي في مأمن من الحاح مشروعنا الوطني، واستنفرت الطموحات غير المشروعة لبعض الاطراف المحلية التي اتيح لها فرصة ثمينة لان تكون تحت حماية الخيمة الوطنية، وان تكون شريكة في المشروع الوطني الفلسطيني !!! ولكن الجشع وطغيان الانكفاء الفصائلي والارتهان الى مشاريع الوهم السائدة الآن في الصراع والتجاذبات الاقليمية فان حماس عادت الى ممارسة التجاوزات، والتفلت من ضرورات المشروع الوطني، بل التفلت من كل ما تم الاتفاق عليه حين التوقيع على اتفاق تنفيذ المصالحة في الثالث والعشرين من نيسان الماضي وهو الاتفاق المعروف باتفاق مخيم الشاطئ الذي تشكلت بموجبه حكومة التوافق الوطني التي لم تعط منذ تشكلها حتى الآن ادنى فرصة للعمل رغم كثرة المجاملات، مع ان هذه الحكومة كانت هي المبادرة، وكانت مؤهلة لقيادة عملية اعادة الاعمار بعد هذا العدوان الغاشم الذي استمر واحدا وخمسين يوما وما تركه من دمار يفوق الوصف، فظلت حماس تتصرف بأحادية ضيقة الافق في التعامل مع المساعدات الاغاثية، ومنع المحافظين من العمل، واخضاع المئات من الفتحاويين وابناء بعض الفصائل الاخرى للاقامة الجبرية، ومواجهة كل من يقول كلمة حق بالاتهامات والاعتذارات، والعودة من البعض الى لغة الانقسام، الى حد ان البعض يبدو مصدوما وفاقدا لوعيه حين يتم الحديث عن المصالحة وضرورة تجسيدها والحفاظ عليها.
الاجماع الوطني تحت سقف الشرعية الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس ابو مازن يريد ان تستثمر الدماء الطاهرة والتضحيات الكبرى بما يليق به، أي انهاء الاحتلال وانجاز الاستقلال، وليس استثمار الدماء والشهداء في تفاصيل صغيرة محدودة، او صرفها برعونة في بورصة التجاذبات الاقليمية.
غزة ليست مكسر عصا في يد أحد لأن دماء غزة هي الاعلى، وتضحيات غزة هي الأقدس، وليس هناك من طرف في هذا الاقليم بمستوى ان يحرق الدم الفلسطيني في مواقده، فقيامة فلسطين هي قيامة هذا الاقليم كله، وجعله يضع اقدامه على طريق الحقيقة وليس ان يظل هاربا الى الاوهام.
غزة ليست مكسر عصا، بل هي قلب القضية وقلب المشروع الوطني الفلسطيني، الذي بتحقيقه يعيد الاعتبار الى النظام الاقليمي العربي، ويعيد الاعتبار الى المنطقة بأسرها، ولذلك فاننا نقول لكل من يواصلون التجاذبات، ويحاولون اسقاط المصالحة والعودة الى حيثيات الانقسام من جديد، لا تتبعوا شياطينكم، وعودوا الى عقولكم والى شعبكم، فالمصالحة قدرنا الفلسطيني، والمصالحة سيفنا الذي لا ينكسر، اما نظرية التعطيل التي يختبئ وراءها البعض فهذه نظرية فاسدة لن تمر، ولن تنطلي على شعبنا العظيم.
أيـــــن "حمــــــاس" ؟
بقلم: حمادة فراعنة – عن صحيفة الأيام
رغم كل الملاحظات الجوهرية، التي يمكن أن تُسجل على حركة حماس "الإخوانية"، بدءاً من رفض مرجعيتها الحزبية تشكيل منظمة التحرير 1964، كإطار جبهوي جامع لمكونات الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، والتشكيك في تمثيلها لشعبها الفلسطيني، لأنها أحد أدوات عبد الناصر، وصنيعته، ورفضها لخيار الكفاح المسلح مع بدايات انطلاق الثورة الفلسطينية العام 1965، حتى معركة الكرامة 1968، والنظر إلى شهداء الثورة على أنهم غير شهداء، ورفض الهوية الوطنية المستقلة، برفضهم لقرار فك ارتباط الضفة الفلسطينية مع المملكة الأردنية الهاشمية، وعلى خلفية عدم اعترافهم بمنظمة التحرير، عمل الإخوان المسلمون على إقرار أن تكون "حماس" بديلاً عن منظمة التحرير عند تشكيلها العام 1987، وضد فكرة الدولة المستقلة، ورفضوا أوسلو ونتائجه، ودمروا آثاره ومظاهره الإيجابية، بسبب سلبياته وما أكثرها، قبل أن يتراجعوا، ويشاركوا في أبرز مظاهر أوسلو، انتخابات التشريعي العام 2006 بعد أن قاطعوها في 1996، وقادوا المجلس التشريعي وحكومة هنية الحزبية، واختاروا الحسم الدموي العسكري، لفرض الانفراد والهيمنة الأحادية على قطاع غزة منذ حزيران 2007، ولكنهم لم يفلحوا، لا في تقديم نموذج أفضل في إدارة القطاع، عن إدارة الضفة الفلسطينية الائتلافية بقيادة حركة فتح، ولا حققوا كفاحاً موجعاً ضد الاحتلال تجعله يعود عن مخططاته التوسعية، أو تفرض عليه فك الحصار عن أهل القطاع الموجوعين، بعد أن رحل الإسرائيليون عن غزة العام 2005.
ومع ذلك، لا فرار من التعامل والتحالف والشراكة من قبل الكل الفلسطيني مع حركة حماس، فقد حققت لنفسها حضوراً محترماً بفعل عاملين: الأول إسهاماتها الكفاحية ضد الاحتلال، وتقديمها التضحيات من خيرة كوادرها، بدءاً من مؤسسها القائد الفلسطيني أحمد ياسين، وغيره العشرات من المناضلين الأفذاذ، والثاني نجاحها في الانتخابات البلدية العام 2005، والتشريعية في 2006، ما يدلل على انحياز قطاعات وازنة من الشعب الفلسطيني في مناطق الاحتلال الثانية العام 1967 لصالحها، مثلما دفعت أثماناً باهظة في حروب العدو الإسرائيلي الثلاث على قطاع غزة 2008 و2012 و2014.
حركة حماس اليوم أمام مفترق طرق: سياسي حزبي تنظيمي، كي تحدد أولوياتها، هل هي تنظيم فلسطيني، هوية وخياراً وبرنامجاً مثلها في ذلك مثل الشيوعيين والبعثيين الذين لهم خلفيات حزبية وتنظيمية وفكرية عابرة للحدود ولكن أولوياتهم فلسطين، أو أن الأولوية لها هي أنها فصيل لحركة الإخوان المسلمين، له الأولوية في التصدي لأنظمة الحكم في مصر وسورية والأردن واليمن والخليج؟؟ أم تلتزم بالحكمة والنتيجة والخيار الأصعب والأصح، وهو عدم التدخل بالشؤون الداخلية للبلدان العربية، وعدم السماح للبلدان العربية من مصر مروراً بالأردن وانتهاء بقطر وحتى تركيا، بعدم التدخل بالشؤون الداخلية للشؤون الفلسطينية واحترام الأولويات الفلسطينية وخيارات المصلحة العليا للشعب العربي الفلسطيني، الذي تفرض وتستدعي عدم التصادم مع أي بلد عربي، وخاصة بلدان الجوار الفلسطيني: لبنان وسورية والأردن ومصر.
حركة حماس مثلها مثل حركة الإخوان المسلمين، وما ينطبق على الثانية ينطبق على الأولى، وما ينطبق على الإخوان المسلمين ينطبق على اليساريين والقوميين، على أنهم ليسوا مجموعة من الملائكة، ولكنهم ليسوا مجموعة من الشياطين، فهم حزب سياسي، يبحث عن مصالحه الحزبية وتطويرها وتعزيزها وتعميق حضورها وسط شعبها، والوصول إلى مواقع صنع القرار بهدف إدارة الدولة، من وجهة نظر يسارية أو قومية أو إسلامية أو ليبرالية، ولهذا يجب التعامل معها والمبادرة نحوها، من قبل حركة فتح، ومن التيارين اليساري والقومي ومن المستقلين، لدفعها نحو اختيار فلسطينيتها، بدون التحرر من "إخوانيتها" على أن تكون أولوياتها وعلاقاتها مع البلدان العربية، وفق سياساتها الفلسطينية، وعدم زج الشعب الفلسطيني، سواء داخل الوطن الفلسطيني أو في مخيمات اللجوء في بلدان الشتات، في صراعات بينية مع الأشقاء وضد الأشقاء، لأن هذه السياسة، ثبتت مضارها، قبل أن ينتقل الراحل ياسر عرفات من المنفى إلى الوطن 1994، وينقل الموضوع الفلسطيني نفسه، بقيادته ومؤسساته وصراعه، من خارج فلسطين إلى داخل فلسطين، باستثناء قضية اللاجئين، ويصبح الصراع مقتصراً على التصادم مع المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، على أرض فلسطين، وليس خارجها.
حركة حماس إضافة نوعية للنضال الفلسطيني، باتجاهين: أولهما أنها تنظيم موجود وقوي وشريك في النضال والفعل الفلسطيني، سياسياً وعسكرياً، وثانيهما أنها امتداد لأكبر وأهم حركة سياسية عابرة للحدود في العالم العربي، حركة الإخوان المسلمين، ومشاركة "حماس" في مؤسسات منظمة التحرير وسلطتها الوطنية وحكومتها الائتلافية، سيوفر دعماً جماهيرياً وحزبياً، وفعلاً قوياً لصالح النضال الفلسطيني ومع منظمة التحرير، ويوفر لها مظلة تساعدها على المستوى الجماهيري العربي، لا أن تكون عبئاً عليها كما هو حاصل اليوم، حيث تخرج عبارات التنديد والتشكيك والتخوين من قبل فصائل وقيادات وأدوات حركة الإخوان المسلمين ضد سياسات منظمة التحرير وقياداتها، وهو فعل سلبي مؤثر على مجمل سياسات وقيادات منظمة التحرير.
الشعب الفلسطيني إمكاناته متواضعة في مواجهة عدوه المتفوق سياسياً واقتصادياً وعسكرياً واستخبارياً وتكنولوجياً، ولذلك حتى يستطيع الشعب الفلسطيني مواصلة طريقه الكفاحي وتحقيق إنجازات تراكمية على الطريق الطويل، من أجل الاستقلال وفق القرار 181 والعودة وفق القرار 194، يحتاج لروافع مساندة، وحركة الإخوان المسلمين قد تكون إحدى أهم هذه الروافع القومية العابرة للحدود، من هنا الأهمية المركبة أو المزدوجة لحركة حماس، فهل تدرك "حماس" أهميتها وتتواضع أمام "فتح" و"الجهاد" والتيارين اليساري والقومي ومع المستقلين وتقبل الشراكة على أساس القواسم المشتركة في إطار مؤسسات منظمة التحرير، وعلى قاعدة برنامج سياسي مشترك، واعتماداً على أدوات كفاحية متفق عليها، وتتحول التعددية التنظيمية إلى سلاح بيد الشعب الفلسطيني، بدلاً من التمزيق والتشتت والانفراد الذي ثبت فشله وضعفه، مهما بدا صاحبه قوياً أو متسلطاً أو مأخوذاً بحاله، ومعجباً بسياسته وسلوكه ضد الآخرين؟؟.
انتباهة - مصر وقطاع غزة (3 من 3)
حسن الكاشف – الحياة الجديدة
كل ما تذكرناه من حقائق الماضي القريب, وكل حقائق الماضي البعيد يؤكد ان العلاقة الايجابية هي الامر الطبيعي في علاقة مصر بقطاع غزة, فالتاريخ يشهد على ما قدمت مصر لقطاع غزة, وقد تذكرنا معا بعض الحقائق الكبيرة في القسمين السابقين من هذا المقال, حقائق التاريخ والجغرافيا وضرورات الواقع الراهن تقول ان الطبيعي الايجابي هو ما يجب ان يسود ويطبع ويحكم علاقة مصر بقطاع غزة.
ومعبر رفح الذي كان عبر التاريخ الجزء الواصل بين المشيمة المصرية وحبلها الممتد من وادي النيل عبر سيناء الى الشقيق الفلسطيني الاصغر (فلسطين), يمده بأسباب البقاء والصمود فلم يسجل التاريخ عبر آلاف السنوات تنصل مصر او تنكرها لواجبات الالتزام القومي, ولا تحتاج مصر الى شهادة بذلك.. يكفيها دم شهدائها في فلسطين ومن اجلها. اضافة الى ما قدمت ولا تزال.
نحن امام واقع جديد يحتاج الى اعادة صياغة وترسيم وتنظيم العلاقة المصرية الفلسطينية حول معبر رفح, فلا تشكو هذه العلاقة, باستثناء موضوع معبر رفح, من خلل أو سلبية أو فتور, على العكس فالعلاقة المصرية الفلسطينية الان (علاقة مصر بالسلطة والمنظمة) متينة وراسخة يسودها الوضوح والصدق.
نظريا تكون عودة الشرعية الفلسطينية الى معبر رفح والى خط الحدود المصرية الفلسطينية كجزء من عودة الضفة الى القطاع أو عودة القطاع الى الضفة تكون هذه العودة حلا كاملا لموضوع معبر رفح وعودة حركة البضائع والاشخاص الى طبيعتها, خصوصا بعد نهاية الحركة عبر الانفاق.
وعمليا تظل علاقة حركة حماس بمصر, وعلاقتها بالشرعية الفلسطينية, ونهاية حقبة الانقسام بكل ملفاتها, يظل هذا هو ما يحتاج الى كل الجهد الخلاق الجاد والصادق.
عودة قطاع غزة تحت مسؤولية ومظلة الشرعية الفلسطينية ونهاية حالة المماطلة والتذرع والتعطيل, هذه العودة وتلك النهاية تفتح كل الابواب امام الشرط الثاني والأخير للحل الشامل لموضوع معبر رفح, نقصد هنا علاقة حركة حماس بمصر.
يحضر هنا نموذج علاقة حركة الجهاد الاسلامي بمصر وبالشرعية الفلسطينية, وهو نموذج جاهز للاستفادة منه, وتستحق حركة الجهاد الاسلامي التقدير لانها, وهي حركة مقاومة وفصيل سياسي كبير له ثقله على الارض وفي الميدان, لم تنغمس في الصراع الداخلي الفلسطيني, مع ان لها رؤيتها وموقفها, كما انها تحافظ على علاقة ايجابية مستقرة بمصر رغم 30 يونيو مع انها فصيل اسلامي.
عدم انشغال حركة الجهاد نفسها بالحكم كان السبب الرئيسي في استقرار علاقتها بالشرعية الفلسطينية وبمصر. وهذا ليس حال حركة حماس, ورغم العلاقة الوثيقة لحركة الجهاد الاسلامي بأطراف اقليمية الا انها ظلت محافظة على استقلاليتها كما ظلت محافظة على علاقتها الاقليمية الوثيقة, وهذا واحد من دروس القائد التاريخي ياسر عرفات الذي حافظ على علاقات عربية وإقليمية ودولية رغم تناقضات كثيرة كانت سائدة بين تلك الاطراف العربية والإقليمية والدولية.
تستطيع حركة حماس بكل ثقلها السياسي وثقلها على الارض ان تعيد دراسة تجربة قائد فلسطين التاريخي ياسر عرفات وتجربة حركة الجهاد, ولحركة حماس امام كل الاطراف غير الفلسطينية مبرر هو الاقوى, فهي حركة فلسطينية, وفلسطين قضية العرب والمسلمين الاولى وهي قضية العصر الاولى, وهذه الخصوصية موضع اعتراف وتقدير كل الاطراف.
لا نقول هذا من باب اعطاء الدروس لا سمح الله, لكننا نستخدم حق كل مواطن فلسطيني في التفكير والانشغال بواقع حالنا. وما نقوله اجتهاد لنا عليه اجر واحد ان اخطأنا.
اخيرا لا بديل عن فتح حوار جدي شامل بين حركة حماس ومصر, وان يكون هدف الحوار الوصول الى صيغة تنهي ما يعتري علاقة الطرفين من سلبية وحذر, وهذا الحوار مطلوب وممكن, فالأشقاء في مصر اصحاب تجارب عديدة في اقامة علاقات مع اطراف تختلف معهم, ونقصد هنا الاخوة في جهاز المخابرات المصرية, والاخوة في حماس لهم تجاربهم في نسج علاقات مع اطراف لا تتفق معها.
تظل مصر العربية في مكانها وفي مكانتها ولا بديل لنا عنها ويجب ان نكون قادرين على تصحيح العلاقة.


حياتنا - الوعي العربي
حافظ البرغوثي – عن الحياة الجديدة
غاب التيار القومي العربي.. لم يعد أحد يستطيع المجاهرة بأنه عربي.. عمل الغرب الاستعماري على ضرب أي نظام قومي حقيقي مثلما حدث في مصر الناصرية. فأدخلوا عبد الناصر في دوامة منذ البدء ولم يكن يدور في خلده محاربة إسرائيل بل بناء مصر وتنميتها وبناء السد العالي.. منعوا عنه التمويل للسد إلا بشروط الخضوع.. وشنوا عليه العدوان الثلاثي عندما استعاد قناة السويس وجروه إلى حرب باليمن وشنوا عليه عدوان 1967 الذي تحمست له جماعة الاخوان آنذاك.
الآن مطلوب إعادة الوعي العربي بين الشباب فالمشروع الإسلامي السياسي الذي أطلقه الانجليز أيام الاستعمار لضرب التوجه القومي واستخدموه لضرب الناصرية وبقاياها أيام السادات أثبت أنه مشروع تدميري وليس مشروع بناء.. فأينما ظهرت الأحزاب والتيارات المدعية بالدين حلت الكوارث والفتن والمذابح، وآخرها داعش بنت أردوغان.
ليس هناك تضارب بين العروبة والإسلام فنحن أمة أعزها الله بالإسلام وإذا ذلت ذل الإسلام ولعل هذه الفتن المستشرية ناتجة أصلاً عن استقاء الكثيرين للدين من هوامش غير عربية مبتعدين عن النص الأصلي ومتبعين اجتهادات وضعية وكأن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك ديننا ناقصاً حتى يأتي أناس لإتمامه وتجاهلوا اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام دينا.
إعادة بث الوعي القومي العربي تجمع المجتمعات العربية ولا تفرقها ولا تثير الفتن والقلاقل. فهل استطبنا المذلة المقيمة والمذابح المحيطة والمؤامرات المتوالية؟
يجب إيجاد وسائل نشر وندوات وصحف ونقاشات لنشر الوعي العربي من جديد ليس بهدف التخرب بل بهدف التوعية الجماعية والفردية بعروبتنا ولغتنا وتراثنا فالذين باعونا الربيع العربي للقضاء على الفكرة القومية العربية هم أنفسهم الذين يسمسرون للأقليات في العالم العربي لتأخذ استقلالها وانفصالها.. فلماذا يحللون على غير العرب الاستقلال والانفصال ويحرمون على العرب الاستقلال والتوحد؟

تغريدة الصباح- موعد مع الحياة
سما الحسن – الحياة الجديدة
لا أصدق أن الكابوس الذي جثم فوق صدورنا لمدة واحد وخمسين يوما قد انزاح هكذا بقرار تحدد موعده، بقينا نعد الدقائق حتى بلغت الساعة السابعة مساء؛ لأسجد لله شكرا وهو أول عمل قمت به بعد دخول قرار وقف اطلاق النار حيز التنفيذ، سجدت لله أنه قد حفظ لي أبنائي ولم يفجعني في حبيب ولا صديق ولا قريب، رغم أن كل ما ألمّ بأبناء شعبي قد أوجعني، فقد كنت أشعر بهم وأتألّم لألمهم فمن لا يشعر بشعور المسلمين يخرج من ملتهم.
صاحت الصغيرة في تمام الساعة السابعة تماما: ماما بدي أتحمم.......
ضحكت كثيرا من منظرها وهي تتقافز فرحا، فطيلة أيام الحرب كانت تخشى أن تحدث غارة ونضطر للهروب إلى الطابق الأرضى وتكون هي في الحمام، ولذلك فقد كان الاستحمام بالنسبة لها مشكلة، وكانت تستغل الاعلان عن هدنة لساعات أو أيام لكي تحصل على حمامها دون خوف، وكنت أعلق على فعلها بقولي: اللي استحوا ماتوا، وأفسر لها المثل عن مجموعة من النساء دخلن حماما شعبيا فاندلع فيه حريق هائل، فخرج بعضهن عاريات دون خجل ونجون فيما احترقت في الداخل اللواتي خجلن من الخروج، وكنت أضرب لها هذا المثل وأضحك بمرارة، وكانت تستشيط غضبا ، ولكن مع اعلان وقف اطلاق النار طلبت مني السماح لها باستخدام البانيو الممتلئ بالماء، حيث كنت أجمع به الماء بواسطة الدلاء واحتفظ به بسبب شح الماء خلال الحرب.
أجبتها بأن عليها الاستمتاع بحمام في البانيو يعوضها عن كل ما سبق من حرمان من أقل حق طبيعي بالنسبة لانسان، وفيما كانت تدخل الحمام دون خوف وتطلق أغاني مرحة، كان باقي الأولاد يطلون من الشرفة لمشاهدة مظاهر الفرح في الحي، فزجرتهم وطلبت منهم الدخول خوفا من الرصاص الطائش الذي كان ينطلق كالمطر.
همست لنفسي: هل نحن موعودون بالرصاص المعادي والصديق؟ وصدق حدسي حين أعلن عن اصابات عدة في أنحاء القطاع، وقلت لأولادي ان عليهم السجود لله شكرا على كرمه، فقد كنا ندعوه دوما أن نموت سويا أو تكتب لنا الحياة سويا.
التف أولادي حولي وبدأوا يطالبونني بأن أفي بوعودي المؤجلة ، وكان كل واحد لديه قائمة من الطلبات، ووجدت نفسي مدينة لهم بالموافقة، وكنت سعيدة رغم أن خرقا كبيرا سيحدث في ميزانيتي، وطالبوني بالخروج إلى شاطئ البحر كأول مكان نخرج إليه بعد انتهاء العدوان، وبدأوا يعددون الأماكن الترفيهية القليلة في غزة التي تعرضت للدمار.
حسبما يذكر المهندسون الخبراء فإن اعمار غزة يحتاج لعشرين عاما قادمة، فالركام في كل مكان، وسيبقى شاهدا على ما ارتكب بحق ما يزيد على مليون وثمانمائة ألف مواطن ليس لهم حلم في الحياة سوى العيش بأمان، والظفر بأقل الحقوق التي أقرتها منظمات حقوق الانسان حول العالم، فهل يظفرون بها ؟