Haneen
2014-11-04, 01:27 PM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي الاربعاء 01/10/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
نتنياهو فنان الأوهام
بقلم: بن كسبيت،عن معاريف الاسبوع
ما بعد السلام بلا سلام
لا مناص من حل الدولتين للشعبين مهما قيل عن حلول أخرى كحل الدولة الواحدة ثنائية القومية
بقلم: كارولينا لندسمان،عن يديعوت
ماذا نريد
يجب على القوى غير اليمينية في إسرائيل أن تحرر نفسها وتصورها من خطاب اليمين
بقلم: سافي رخلفسكي،عن هآرتس
هل بدأ اوباما يدرك أننا كنا على حق؟
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد الأهم في نظرة الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط
بقلم: زلمان شوفال،عن إسرائيل اليوم
شرق أوسط يشتعل
الاشتعال الحالي في الشرق الأوسط يخلق فرصا يتعين على إسرائيل أن تستغلها لعقد تحالفات جديدة
بقلم: ايلي فوده استاذ في دائرة دراسات الاسلام والشرق الاوسط في الجامعة العبرية ،عن هآرتس
</tbody>
نتنياهو فنان الأوهام
بقلم: بن كسبيت،عن معاريف الاسبوع
ليس عندي كلمة سيئة على ما قاله أمس بنيامين نتنياهو في الامم المتحدة. فأن يخطب هو يعرف. رئيس الوزراء هو فنان الكلمة المكتوبة والمنطوقة. وهو يعرف كيف ينطق اللغة (ولا سيما بالانجليزية)، ويعرف كيف يخلق الصور. فهو شارح بارع، رجل تسويق كفؤ (مع تجربة). وخطابه أمس ايضا وفر البضاعة وعرض بتواتر قضيتنا هنا في الشرق الاوسط. كان هذا «خطاب دفاع» في المحكمة العامة الجارية ضد اسرائيل. أو، إن شئتم، يمكن لهذا أن يكون عرض بداية للدفاع في الجلسة الاولى للجنة شباس، تلك الهيئة التهريجية التي شكلها مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة للبحث في جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل في غزة.
مشكلتي مع خطاب نتنياهو أمس لم تكن مع ما يوجد فيه، بل مع ما لا يوجد له – الجمهور. تصوروا أن ارئيل شارون، ايهود اولمرت، او اسحق رابين كانوا سيلقون هذا الخطاب أمس في الجمعية العمومية للامم المتحدة. في مثل هذه الحالة، كان احد ما أيضا سيأخذ اقوالهم بجدية. رابين، بفضل الثقة الدولية الهائلة التي تمتع بها على مدى كل ولايته التي لم يتمكن من اكمالها. شارون، كما اسلفنا. اولمرت، بفضل اقتراح السلام اياه على ابو مازن والعلاقات الشخصية التي نسجها مع معظم زعماء الغرب، ولا سيما الرئيس الامريكي.
عندما يقول نتنياهو الامور أحد في العالم لا يتأثر. هنا فقط عندنا، في الوطن، الكل يتأثر. بيبي هو محامينا. هو ألن درشوفيتس الخاص بنا. تسع مرات وصل حتى الان الى الامم المتحدة وألقى امام الجمعية نبوءات الغضب السنوية. تسع مرات، وشيء لم يحصل. لم يقع اي تغيير. ايران قريبة من القنبلة أكثر من اي وقت مضى. الفلسطينيون يقتربون من الدولة، رغم أنفنا.
مكانة اسرائيل الدولية لم يسبق لها أن كانت في درك اسفل من ذلك. والاسوأ – ليس في العالم المتنور احد يصدق كلمة واحدة تخرج من فم رئيس وزراء اسرائيل.
هذا هو السبب الذي يجعل خطابات نتنياهو في الامم المتحدة تستهدف في واقع الامر اولئك الذين بقوا وراءه، في الوطن. كخطاب انتخابات هذا ممتاز. كخطاب يغير شيئا من واقعنا البشع في الاسرة الدولية؟ «نادا» (لا شيء بالروسية). هناك، في الساحة الدولية، توجد حاجة الى الافعال ايضا. وليس الاقوال.
لا، لا سببا للانسحاب من المناطق الان كي نحظى بعطف العالم. نعم، من حولنا تدور رحى عاصفة وينبغي ان نكون أكثر حذرا من اي وقت مضى. من جهة اخرى، يوجد الكثير جدا من مجال المناورة. يمكن قول «نعم، ولكن» لمبادرة السلام العربية. هكذا، في خطوة مدوية وتاريخية واحدة، ليس في جانبها أي ثمن فوري أو تنازل جوهري، يمكن قلب الجرة رأسا على عقب. يمكن استغلال النفور المشترك من داعش ومن شقيقاتها التي تؤم عواصم المنطقة واخراج السعوديين، المصريين، الخليجيين والمزيد من الدول من الخزانة.
بدلا من ذلك، هذر نتنياهو أمس بشيء ما عن «مسيرة اقليمية» بدلا من المفاوضات مع الفلسطينيين. ويبدو أنه استمع الى ليبرمان. مسيرة اقليمية، يعرف نتنياهو، لن تتاح قبل أن يعرب عن موافقة مبدئية للبحث في مبادرة السلام العربية. اذا أعطى، فسيأخذ. واذا لم يعطِ فلن يأخذ.
فلماذا لم يفعل ذلك؟ لان يريف لفين وزئيف الكين قد يغضبا. لان «قاعدته» قد تتنكر له. وهو لم يذكر امس اصطلاح «الدولة الفلسطينية»، وكأن حقيقة انه يتجاهل هذا المفهوم ستكنسه تحت البساط. حل نعامة كلاسيكي. بدلا من استباق المرض بالوقاية (توجه ابو مازن للحصول على اعتراف بالدولة في الامم المتحدة «من فوق رؤوسنا»)، نتنياهو ببساطة يتجاهل المرض. ولكنه سيأتي.
لقد فقدت ايران شيئا ما من لمعانها التاريخي أمس. فنتنياهو لم يبدأ خطابه بالنووي الايراني وكرس له، برأيي، حجما أصغر مما كرسه في الخطابات السابقة. كل ما قاله صحيح. بما في ذلك التشبيه بين داعش وحماس، بما في ذلك التشبيه بين تخصيب اليورانيوم في نتناز وتخصيب اليورانيوم في داعش. ما نسي بيبي ان يرويه لنا هو أن اليوم ليس لديه لمن يبيع هذه البضاعة. ففي البيت الابيض يجلس عدو لدود له. لقد جعل اوباما عدوا، له ولنا ايضا. هو، الذي راهن على ميت رومني، بالهام من شيلدون ادلسون؛ الذي بعث الى واشنطن بسفير جمهوري؛ الذي فعل كل شيء كي يجعل اوباما يكرهه، الى أن نجح. نتنياهو لم يهاجم ايران وان كان هدد. ولم ينجح في حمل الامريكيين على مهاجمة ايران، وان كان حاول. وبدلا من كل هذا، الحق ضررا استراتيجيا هائلا بالحلف بين القدس وواشنطن وفقد، خط الائتمان الدولي والثقة التي بدونها لا يمكن لزعيم اسرائيلي ان يؤدي مهامه بين الامم.
السطر الاخير؟ خطاب ممتاز. كان فخارا، كان انتصابا للقامة، كان شرفا وطنيا. ولكن كيف سيسجل هذا في التاريخ؟ هكذا – تحت بنيامين نتنياهو، في الربع الاخير من العام 2014 ايران الاقرب الى القنبلة بأكبر قدر ممكن، فلسطين الاقرب الى الدولة باكبر قدر ممكن، واسرائيل الاكثر عزلة باكبر قدر ممكن. بنيامين نتنياهو اقتبس أمس يشعياهو، نبي السلام. اما هو نفسه فسيدخل التاريخ كنبي الغضب المطلق. نبي مهني للمصائب والكوارث التي من شأنها ان تأتي في زمننا. في النهاية سيتبين أنه كان محقا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ما بعد السلام بلا سلام
لا مناص من حل الدولتين للشعبين مهما قيل عن حلول أخرى كحل الدولة الواحدة ثنائية القومية
بقلم: كارولينا لندسمان،عن يديعوت
كما كان ما بعد الحداثة بعد الحداثة، وكما كان ما بعد الصهيونية بعد الصهيونية – أهلا وسهلا الى عصر ما بعد السلام. مع فرق ضئيل واحد هو أنه لم يسبقه سلام. فقد اصبح الجميع يودعون السلام وفكرة الدولتين واحدا بعد آخر. واصبح من الصعب أن نتذكر من الذي قاد الركب. أربما هو اليتسور؟ أو ايلان بابيه؟ أو موشيه آرنس؟ أو روبي ريفلين؟ أو يهودا شنهاف؟ أو بنيامين نتنياهو؟ أو آري شبيط؟ أو نفتالي بينيت؟ أفهذه فكرة أصيلة يمينية أخذها نخبويون يساريون لكن مع قلبها رأسا على عقب، أعني فكرة ارض اسرائيل الكاملة التي تم تحويلها الى الكنعانية الجديدة؟ أم الحديث عن فكرة يسارية شديدة التطرف لمن يحاولون الظهور بمظهر من هم اكثر فلسطينية من الفلسطينيين من أسرى وعي كاذب، وتبناها يمينيون باسلوبهم المعروف وهو «أعطونا كلماتكم وسنفرغها من المعنى». واذا استمرت تسيبي حوطوبلي على الحديث عن «عدالة التوزيع» واستمر بنيامين نتنياهو على الحديث عن «أفق سياسي» وبينيت عن «الاخلاق» فستستجدي الكتب بعد ذلك أن يحرقوها.
إن عصر ما بعد السلام نعمة على اليمين الذي يبدو أنه رضي عن نفسه فهو لم يعد محتاجا آخر الامر الى التنكر بزي الباحث عن السلام. واصبحت السماء هي الحد تحت المبدأ الجديد، بل اصبح يمكنه أن يتحدث عن حقوق المواطن، بمعنى «أممي من السكان» بالطبع.
وبدأ اليسار ايضا ينظم مفاهيمه بحيث تلائم العصر الجديد. وقد كان في ذلك الموضع بايمانه بـ «دولتين للشعبين»، قبل الجميع لكنه صحا منذ ذلك الحين أو تطور منذ ذلك الحين اذا شئنا الدقة. وحينما اصبحت فكرة الدولتين فكرة التيار الرئيس بقدر أكبر، شعر فجأة بمثل شعور لقاء اسرائيليين في الخارج، وأدرك آنذاك أن حل الدولتين مع اتفاقات اوسلو وكل مبادرات اسرائيل السلمية صور منظمة للاضطهاد وتأسيس للعنصرية فقط. وليس مؤيدو حل الدولتين سوى عنصريين متنكرين يريدون فقط التخلص من الفلسطينيين وترحيلهم الى دولة لهم. فاليسار الحقيقي يعني دولة ذات شعبين ويعني أكل الحمص من الصحن نفسه.
بدأ آخرون من اليسار فجأة يدركون أن السلام يبدأ من اسفل لا من اعلى، أي أنه لا يبدأ في الحقيقة بل ينتهي؛ وهناك من انتشوا بالربيع العربي وعصف برؤوسهم شبق الدولة الاسلامية ولا يفكرون الآن إلا بمفاهيم اقليمية. هل ذكرتم الصراع الاسرائيلي الفلسطيني؟ لقد أضحكتموهم، فهذا الصراع محلي جدا، راجع جدا الى القرن العشرين.
كف كثيرون عن الايمان بالتفاوض المباشر سبيلا لحل يقوم على مبدأ الدولتين إما لليأس وإما لصحوة تتسامى في ظاهر الامر فوق قِدم مذهب القرن العشرين. واصبح حاملو فكرة تقسيم البلاد التي هي الوحيدة التي يمكنها أن تحقق مطامح الشعبين القومية لا مطامح واحد على حساب الآخر – اصبحوا فجأة يشبهون الديناصورات في متحف العلوم الطبيعية. ويدرك هؤلاء جيدا أن كل امكانات الدولة الواحدة ليست سوى تنويعات قانونية للوضع الراهن. وليكن ما كان اقتراح الدولة الواحدة، ودونما أية صلة بحقوق مواطنة الفلسطينيين فيها، تتجاهل كل الاقتراحات الطموح القومي الفلسطيني الذي هو بعيد عن الخفوت كما بين محمود عباس للعالم كله.
ليس الطموح القومي بدعة عابرة. وليقولوا ما قالوا من اليمين واليسار، فلن يكون مناص آخر الامر من حل صهيوني وحداثي مصوغ بمنطق القرن العشرين ويحمل آلامه، فلتكن اسرائيل وفلسطين دولتين للشعبين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ماذا نريد
يجب على القوى غير اليمينية في إسرائيل أن تحرر نفسها وتصورها من خطاب اليمين
بقلم: سافي رخلفسكي،عن هآرتس
إن رد بنيامين نتنياهو على خطبة أبو مازن في الامم المتحدة جزء مهم من سيره نحو انقلاب في اسرائيل، وهو استمرار لمشهد الهوية في حملة «الدولة اليهودية» الدعائية.
كانت خلاصة الابداع الصهيوني محاولة اخرى لتخليص هوية اليهود من قبضة غير اليهود الأعداء، وجعلها في أيديهم هم. فما الذي نريده، من هذه الجهة؟ إن مسار نتنياهو يفعل عكس ذلك تماما، فهو لا يستعمل «فقط» ولا حتى في الاساس التخويف ليعيد اليهود الى المحبس الذي رسمته عنصرية غير اليهود. إن نتنياهو بحصره عنايته المطلقة في «الكشف» عن مقاصد الآخرين، ينقض عرى الهوية الاسرائيلية المستقلة والاختيار الاسرائيلي. وقد غاب سؤال « ؟». كما تم تغييب تقريبا اسحق رابين الذي كان من مبدعيه مع اختيار ترتيب أولوياته.
يوجد شيء رمزي في تركيز نتنياهو على الامم المتحدة واللغة الانجليزية لفعل ذلك. فلم تعد توجد افكار يهودية كونية عن أسرة الشعوب، ولا بن غوريونية عبرية عن «الامم المتحدة الخاوية»، ولا «لا يهم ما يقوله الاغيار فالمهم ما يفعله اليهود»، بل العكس: توجد هوية يمليها الآخرون وتُعرض على أنها عملية رد لا نهاية لها في المسار الرئيس الذي هو الكشف عن العنصرية غير اليهودية، ويكمن وراء كل ذلك خداع كبير. فلا يوجد نجاح كبير لنتنياهو اذا سئل «ماذا يريد؟»، سوى أن يُقال إنه لا يريد سوى الحكم. والحقيقة تختلف اختلافا تاما. لأن مشروع الاستيطان وهو مشروع الحاخام دوف ليئور ونفتالي بينيت هو كله اختيار اسرائيلي. وهو من جهتهم اختيار يهودي. اختيار مسيحاني عنصري مغرور بـ «الشعب المختار». لكن لما كان هذا الاختيار في مجتمع يهودي عنصري مسيحاني وفي مجتمع عدم مساواة متطرف، ومجتمع بلا حدود ومجتمع استيطان لا يقبله اكثر الاسرائيليين الى الآن، يفضل نتنياهو أن يخفيه تكتيكيا وأن يعرض افعاله على أنها رد مستمر، رد الضحية اليهودية الأبدي على عداء لليهود مستمر.
من المعلوم أن كل عمل نتنياهو في الواقع متعمد ومخطط له، من الدعم المطلق لمشروع الاستيطان، الى تهويد اسرائيل، والى الدعم بأكثر من الغمز للتحريض على العرب واليسار، وتحطيم الاعلام الحر، وتسويد رأسمالية متطرفة تفضي الى اكبر قدر من عدم المساواة. لكن ما تزال حاجة الى التغطية على ذلك لتطرفه وأن يعرضه على انه عمل رد مستمر. واذا كان من نتيجة ذلك ان يصاب اساس الهوية العبرية – الهوية المستقلة الواثقة التي كان لصهيونية حركة العمل اسهام مركزي في خلقها، فما افضل ذلك.
يتضح من هنا احد التغييرات التي يحسن ان يقوم بها غير اليمين في اسرائيل لمنع تغليب الخطاب اليميني المضلل. فعليه بدل أن يتعلق بـ «السلام» وأن يساعد نتنياهو بذلك على أن يبني الخطاب المعادي للصهيونية، خطاب «من هم الاغيار؟»، و»ماذا يريدون أن يفعلوا بنا؟» و»هل يمكن الاعتماد عليهم؟» – مع كل الاجوبة العنصرية – عليه أن يعود الى السؤال الصهيوني الاساسي وهو .
على هذا النحو بيقين بنيت الهوية اليهودية الحديثة التي تلقفت وعود الثورة الفرنسية لتخلص نفسها من هوية يستولي عليها آخرون، الى هوية تُبنى عن اختيار حر.
يستطيع غير اليمين أن يعود الى الطريق الذي اقام استقلال اسرائيل. الطريق الذي انشأ اعلان استقلالها. والطريق الذي يسأل: ماذا تريد اسرائيل؟ وما الذي تحتاج اليه اسرائيل؟ وتكون الاجوبة الجوهرية عن ذلك أنها تريد مجتمعا اكثر مساواة وحرا وغير متدين عنصري وواثقا بنفسه. ومجتمعا مع حدود. مجتمعا لا ينشيء «منطقة استيطان» جديدة خارج حدوده يكون فيها اليهود مواطنين ولا يكون جيرانهم غير اليهود كذلك. مجتمعا لا يغرق نفسه بصورة موسوسة بالكشف عن «شر الاغيار» بل في انشاء قوة اسرائيل وحريتها وروحها وثقتها بنفسها وعدلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هل بدأ اوباما يدرك أننا كنا على حق؟
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد الأهم في نظرة الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط
بقلم: زلمان شوفال،عن إسرائيل اليوم
كان واضحا أن خطبة الرئيس اوباما في الجمعية العمومية في الاسبوع الماضي لن تكون عادية ولن تكرر المواقف المقبولة المعلومة بشأن مكانة الولايات المتحدة ودورها في أسرة الشعوب. ومن اسباب ذلك الازمة في اوكرانيا لكن وفي الاساس تقدم داعش في سوريا والعراق والخطوات المضادة التي خطاها الرئيس كما قال «لاذلالها وتدميرها». وبرغم أن العملية العسكرية برئاسة الولايات المتحدة وبمشاركة حلف دولي ما زالت محدودة جدا فانها من جهة اوباما وصدوده المعروف عن مشاركة امريكية زائدة في الصراعات الدولية مفترق طرق مهم ولا سيما اذا قيست بشعار «القيادة من الخلف» الذي كان يؤيده في الماضي.
وحينما بلغ اوباما في خطبته الى الصراع الاسرائيلي الفلسطيني كان يبدو في البدء أنه سيكتفي مرة اخرى بتكرار الشعارات المعروفة مثل «لا يمكن أن يثبت الوضع الراهن زمنا طويلا»، و»ستستمر امريكا على جهودها للاتيان بالسلام» وغير ذلك. وقد زعم اوباما أن «العنف في المنطقة جعل اسرائيليين كثيرين ييأسون»، لأن العالم سيكون «مكانا اكثر عدلا اذا تحقق حل الدولتين». لكنه فاجأ واسمع كلاما لم يوافق أي رئيس امريكي قبله على أن يقوله ولا سيما على هذا النحو الصريح إذ قال إن «الوضع في العراق وسوريا وليبيا يجب أن يشفي الجميع من وهم أن هذا الصراع (الاسرائيلي الفلسطيني) هو مصدر المشكلات في المنطقة. كان (الصراع) يستخدم زمنا طويلا وسيلة لصرف انتباه الناس عن المشكلات».
حينما قرأت هذا الكلام في الصيغة الرسمية الكاملة للخطبة، لم استطع أن اصدق ما رأته عيناي. لأن جهود دولة اسرائيل الدعائية والسياسية كانت موجهة منذ سنين كثيرة، دون نجاح كبير، لتحطيم الدعوى الكاذبة وهي أن الصراع مع الفلسطينيين جذر كل المشكلات في الشرق الاوسط ولا سيما مشكلات الولايات المتحدة مع العالم العربي، وهنا جاء اوباما لا غيره وقال بفم ملآن وبتأكيد لكلام معناه الوحيد الواضح أننا كنا على حق. فلم تعد توجد مثل مقولة «الطريق الى بغداد يمر بالقدس» التي قال بها زبجنييف بججنسكي، مستشار الرئيس جيمي كارتر للامن القومي؛ ولا «تعريض حياة الجنود الامريكيين في العراق وافغانستان للخطر بسبب عدم تسوية المشكلة الفلسطينية» التي قالت بها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والجنرال باتريوس؛ ولم تعد توجد كل تلك الاشارات الخفية الآثمة المتعمدة الى اسرائيل لمسؤوليتها الرئيسة بل الوحيدة احيانا عن كل الاشياء السيئة التي حدثت وتحدث في هذا الجزء من العالم.
قد يكون بعض بواعث اوباما على قول ذلك الكلام نفعيا وسياسيا، فانتخابات نصف الولاية على الباب، هذا الى أن فرضية أن كل مشكلات الشرق الاوسط اصلها الصراع الاسرائيلي الفلسطيني تبرز عدم نجاح الولايات المتحدة في حله في نظر بعض المراقبين على الاقل، وقد يكون الرئيس ومستشاروه خلصوا ببساطة الى الاستنتاج المنطقي المطلوب وهو أن الفوضى التي أخذت تنتشر في الشرق الاوسط وقد تنتقل الى اوروبا والولايات المتحدة نفسها ايضا أشد وأخطر من أن يتم الاستمرار على تغطيتها بتعليل الرئيس الفلسطيني.
ومهما يكن السبب فان هذا على كل حال نجاح مهم لسياسة اسرائيل ودعايتها. ولا يجوز لنا في الحقيقة أن نوهم أنفسنا وأن نعتقد أنه لن يوجد من يحاولون اعادة موضوع ذنب الصراع أو ذنب اسرائيل في الصراع اذا شئنا الدقة، الى الخطاب السياسي، لكن حتى لو حدث ذلك فلن يكون من السهل محو تأثير تصريح اوباما.
إن أبو مازن خاصة هو الذي لم تفرحه خطبة اوباما، لأنه لا يضيع أية فرصة ليصرخ قائلا إن مشكلات داعش قد تنسي العالم المشكلة الفلسطينية. حتى إنه يمكن أن تكون خطبته التشهيرية لها صلة بغضبه على الرئيس اوباما، فبرغم أن اوباما أوضح كما قلنا آنفا أن الشأن الفلسطيني لا يُطرح من جدول الاعمال قد تكون تلك القطعة المهمة من خطبته اشارة الى أن واشنطن استقر رأيها على أن ترى الامور بتناسب، وأشار الى أنها لا تنوي أن تؤيد خطة أبو مازن السلمية «الجديدة» واجراءاته المخطط لها في مجلس الامن. وعلى كل حال يمكن أن نرى ايضا أن تنديد وزارة الخارجية الامريكية الشديد بخطة أبو مازن التحريضية في الجمعية العمومية تصديق لهذا التخمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
شرق أوسط يشتعل
الاشتعال الحالي في الشرق الأوسط يخلق فرصا يتعين على إسرائيل أن تستغلها لعقد تحالفات جديدة
بقلم: ايلي فوده استاذ في دائرة دراسات الاسلام والشرق الاوسط في الجامعة العبرية ،عن هآرتس
الخبراء في الشرق الاوسط، السياسيون والناس البسطاء يتفقون في الرأي على أن الشرق الاوسط يشتعل. فليس بسيطا تغطية كل المسائل المشتعلة في الشرق الاوسط، ولكن قائمة جزئية ستتضمن الحروب الاهلية في سوريا وفي ليبيا؛ تفكك العراق؛ صعود تهديد تنظيم «الدولة الاسلامية»؛ تهديد الاستقرار في مصر، في تونس وفي الاردن؛ حزب الله في لبنان؛ التهديد النووي الايراني؛ ارهاب القاعدة او المحافل المتماثلة معها. فهل نسينا شيئا. آه، نعم – النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني والخوف من حماس في غزة ومن انتفاضة فلسطينية في المناطق. وباستثناء ذلك، كل شيء على ما يرام.
الاشتعال في الشرق الاوسط هو نتيجة عدة سياقات نضجت في السنوات الاخيرة: أولا، آثار الاحتلال الامريكي للعراق في 2003. من جهة اصلح الخطأ التاريخي للبريطانيين، والاغلبية الشيعية رفعت الى الحكم. ولكن هذا «الاصلاح» تم بثمن الاقصاء والاساءة للاقلية السنية، التي ردت بالعنف. وخلقت الفوضى فراغا دخلت اليه قوى ارهابية اسلامية في شكل القاعدة وداعش.
ثانيا، تعاظم الصراع بين الاسلام والغرب، على نمط حرب الحضارات مثلما وصفها صموئيل هنتنغتون، وان كان خلافا للفهم السائد، فان هذا الصراع محصور بالمنظمات والافراد الذين يرون في الغرب منطقة كفار الحرب ضدها ضرورية وشرعية.
ثالثا، الصراع داخل الاسلام على الطريق «الصحيح» . هذا صراع مزدوج؛ بين الشيعة والسنة – أمثلة بارزة على ذلك هي صراع الدول العربية السنية (مثل مصر، السعودية، الاردن والمغرب) ضد ايران، حزب الله وبقدر ما العراق؛ وصراع داخل السنة انفسهم – محافل سنية تقاتل ضد الاخوان المسلمين، حماس، القاعدة وداعش. والاخير: الربيع العربي الذي خلق الفوضى في سوريا، في ليبيا وفي اليمن، وهز الاستقرار في مصر وتونس وكذا في دول ملكية لم تجتاز ثورة.
في أعقاب كل اشتعال في الشرق الاوسط – وكان كثير كهذا على مدى القرن العشرين – يسارع الناس في اسرائيل الى القول، «اذا كان يشتعل (الشرق الاوسط) – فما هو المشتعل (بمعنى المُلح)؟» أي في ضوء الاحداث في المنطقة، من الافضل الجلوس بصمت وعدم المبادرة الى خطوات سياسية. ولكن الحقيقة هي أنه حتى عندما لم يشتعل شيء لم تبادر اسرائيل بخطوات سلمية، وفضلت الالتصاق بالوضع الراهن الذي يسمح لها بمواصلة سياسة الاستيطان، وعرقلة قسما كبيرا من المبادرات التي اقترحها طرف ثالث أو الطرف الثاني في النزاع.
وهكذا مثلا، في مقابلة عشية العيد، قال بنيامين نتنياهو لـ «الجيروزاليم بوست» ان المبادرة السعودية لم تعد ذات صلة في الشرق الاوسط المتغير. وعلى حد نهجه، عندما عرضت المبادرة في 2002، لم تكن حماس تسيطر بعد على غزة، وداعش لم يكن يسيطر بعد على سوريا والعراق، وايران لم تكن سرعت برنامجها النووي. ولكن مبادرة السلام (العربية، لا السعودية) لم تكن أبدا ذات صلة في نظر اسرائيل، وبالتأكيد ليس في نظر نتنياهو، بحيث أن الاشتعال الحالي لا يشكل أكثر من ذريعة، ورقة تين لتغطية العورات السياسية.
عمليا، بالذات الاشتعال الحالي يخلق فرصة لاحداث تغيير ودفع مبادرات الى الامام. فنتنياهو نفسه يعترف في ذات المقابلة بان ما تغير هو ان قسما من دول المنطقة لم تعد ترى في اسرائيل عدوا بل حليفا ممكنا في الصراع ضد تهديدات مشتركة. هذا الاعتراف هام، ولكن يجب أن يترافق وسياسة مناسبة.
التاريخ العالمي، وتاريخ الشرق الاوسط بخاصة، يدل على أن الحروب والثورات خلقت فرصا للاتفاقات، دفع مبادرات سياسية الى الامام وبناء تحالفات اقليمية جديدة. هذا الفهم، المدعوم من خبراء كثيرين في مجال الشرق الاوسط، يتعارض والموقف السياسي والايديولوجي لنتنياهو وآخرين، ولهذا فهو لا يحظى بالتأييد. ولكن بالذات لان العالم العربي منشغل الان بمشاكله ومنقسم على خلفية دينية، عرقية وقبلية، يمكن لاسرائيل أن تستغل الفرصة، مثلا كي تخلق تحالفا مع دول ومحافل شبه دول (مثل الاكراد) يعمل ضد تهديدات مشتركة. مثل هذا التحالف نشأ بشكل جزئي منذ الان مع قرار الرئيس براك اوباما القتال ضد داعش بتعاون من جزء من دول المنطقة.
يمكن لاسرائيل ايضا أن تحث حلا سياسيا مع الفلسطينيين، سواء مع محمود عباس – فتعزز بذلك السلطة الفلسطينية مقابل حماس – أم مع دول عربية، تحت مظلة «مبادرة السلام العربية». معقول الافتراض بان المصاعب في العالم العربي يكنها أن تساعد اسرائيل على تحقيق تسوية مريحة من ناحيتها. التسوية، كما ينبغي التشديد هي على اي حال مصلحة اسرائيلية في ضوء التغييرات الديمغرافية المرتقبة في الارض التي بين البحر (المتوسط) والنهر (الاردن). كما أن مثل هذه السياسة ستساعد على تحسين علاقات اسرائيل مع الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي ودول اخرى. اما اتخاذ سياسة «ما المشتعل؟» في ضوء كل ما هو مشتعل في الشرق الاوسط فهو تكتيك فيه الكثير من الجهل. ينبغي تغييره، وجميل مبكر قدر الامكان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
أقــلام وآراء إسرائيلي الاربعاء 01/10/2014 م
</tbody>
<tbody>
</tbody>
<tbody>
في هــــــذا الملف
نتنياهو فنان الأوهام
بقلم: بن كسبيت،عن معاريف الاسبوع
ما بعد السلام بلا سلام
لا مناص من حل الدولتين للشعبين مهما قيل عن حلول أخرى كحل الدولة الواحدة ثنائية القومية
بقلم: كارولينا لندسمان،عن يديعوت
ماذا نريد
يجب على القوى غير اليمينية في إسرائيل أن تحرر نفسها وتصورها من خطاب اليمين
بقلم: سافي رخلفسكي،عن هآرتس
هل بدأ اوباما يدرك أننا كنا على حق؟
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد الأهم في نظرة الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط
بقلم: زلمان شوفال،عن إسرائيل اليوم
شرق أوسط يشتعل
الاشتعال الحالي في الشرق الأوسط يخلق فرصا يتعين على إسرائيل أن تستغلها لعقد تحالفات جديدة
بقلم: ايلي فوده استاذ في دائرة دراسات الاسلام والشرق الاوسط في الجامعة العبرية ،عن هآرتس
</tbody>
نتنياهو فنان الأوهام
بقلم: بن كسبيت،عن معاريف الاسبوع
ليس عندي كلمة سيئة على ما قاله أمس بنيامين نتنياهو في الامم المتحدة. فأن يخطب هو يعرف. رئيس الوزراء هو فنان الكلمة المكتوبة والمنطوقة. وهو يعرف كيف ينطق اللغة (ولا سيما بالانجليزية)، ويعرف كيف يخلق الصور. فهو شارح بارع، رجل تسويق كفؤ (مع تجربة). وخطابه أمس ايضا وفر البضاعة وعرض بتواتر قضيتنا هنا في الشرق الاوسط. كان هذا «خطاب دفاع» في المحكمة العامة الجارية ضد اسرائيل. أو، إن شئتم، يمكن لهذا أن يكون عرض بداية للدفاع في الجلسة الاولى للجنة شباس، تلك الهيئة التهريجية التي شكلها مجلس حقوق الانسان في الامم المتحدة للبحث في جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل في غزة.
مشكلتي مع خطاب نتنياهو أمس لم تكن مع ما يوجد فيه، بل مع ما لا يوجد له – الجمهور. تصوروا أن ارئيل شارون، ايهود اولمرت، او اسحق رابين كانوا سيلقون هذا الخطاب أمس في الجمعية العمومية للامم المتحدة. في مثل هذه الحالة، كان احد ما أيضا سيأخذ اقوالهم بجدية. رابين، بفضل الثقة الدولية الهائلة التي تمتع بها على مدى كل ولايته التي لم يتمكن من اكمالها. شارون، كما اسلفنا. اولمرت، بفضل اقتراح السلام اياه على ابو مازن والعلاقات الشخصية التي نسجها مع معظم زعماء الغرب، ولا سيما الرئيس الامريكي.
عندما يقول نتنياهو الامور أحد في العالم لا يتأثر. هنا فقط عندنا، في الوطن، الكل يتأثر. بيبي هو محامينا. هو ألن درشوفيتس الخاص بنا. تسع مرات وصل حتى الان الى الامم المتحدة وألقى امام الجمعية نبوءات الغضب السنوية. تسع مرات، وشيء لم يحصل. لم يقع اي تغيير. ايران قريبة من القنبلة أكثر من اي وقت مضى. الفلسطينيون يقتربون من الدولة، رغم أنفنا.
مكانة اسرائيل الدولية لم يسبق لها أن كانت في درك اسفل من ذلك. والاسوأ – ليس في العالم المتنور احد يصدق كلمة واحدة تخرج من فم رئيس وزراء اسرائيل.
هذا هو السبب الذي يجعل خطابات نتنياهو في الامم المتحدة تستهدف في واقع الامر اولئك الذين بقوا وراءه، في الوطن. كخطاب انتخابات هذا ممتاز. كخطاب يغير شيئا من واقعنا البشع في الاسرة الدولية؟ «نادا» (لا شيء بالروسية). هناك، في الساحة الدولية، توجد حاجة الى الافعال ايضا. وليس الاقوال.
لا، لا سببا للانسحاب من المناطق الان كي نحظى بعطف العالم. نعم، من حولنا تدور رحى عاصفة وينبغي ان نكون أكثر حذرا من اي وقت مضى. من جهة اخرى، يوجد الكثير جدا من مجال المناورة. يمكن قول «نعم، ولكن» لمبادرة السلام العربية. هكذا، في خطوة مدوية وتاريخية واحدة، ليس في جانبها أي ثمن فوري أو تنازل جوهري، يمكن قلب الجرة رأسا على عقب. يمكن استغلال النفور المشترك من داعش ومن شقيقاتها التي تؤم عواصم المنطقة واخراج السعوديين، المصريين، الخليجيين والمزيد من الدول من الخزانة.
بدلا من ذلك، هذر نتنياهو أمس بشيء ما عن «مسيرة اقليمية» بدلا من المفاوضات مع الفلسطينيين. ويبدو أنه استمع الى ليبرمان. مسيرة اقليمية، يعرف نتنياهو، لن تتاح قبل أن يعرب عن موافقة مبدئية للبحث في مبادرة السلام العربية. اذا أعطى، فسيأخذ. واذا لم يعطِ فلن يأخذ.
فلماذا لم يفعل ذلك؟ لان يريف لفين وزئيف الكين قد يغضبا. لان «قاعدته» قد تتنكر له. وهو لم يذكر امس اصطلاح «الدولة الفلسطينية»، وكأن حقيقة انه يتجاهل هذا المفهوم ستكنسه تحت البساط. حل نعامة كلاسيكي. بدلا من استباق المرض بالوقاية (توجه ابو مازن للحصول على اعتراف بالدولة في الامم المتحدة «من فوق رؤوسنا»)، نتنياهو ببساطة يتجاهل المرض. ولكنه سيأتي.
لقد فقدت ايران شيئا ما من لمعانها التاريخي أمس. فنتنياهو لم يبدأ خطابه بالنووي الايراني وكرس له، برأيي، حجما أصغر مما كرسه في الخطابات السابقة. كل ما قاله صحيح. بما في ذلك التشبيه بين داعش وحماس، بما في ذلك التشبيه بين تخصيب اليورانيوم في نتناز وتخصيب اليورانيوم في داعش. ما نسي بيبي ان يرويه لنا هو أن اليوم ليس لديه لمن يبيع هذه البضاعة. ففي البيت الابيض يجلس عدو لدود له. لقد جعل اوباما عدوا، له ولنا ايضا. هو، الذي راهن على ميت رومني، بالهام من شيلدون ادلسون؛ الذي بعث الى واشنطن بسفير جمهوري؛ الذي فعل كل شيء كي يجعل اوباما يكرهه، الى أن نجح. نتنياهو لم يهاجم ايران وان كان هدد. ولم ينجح في حمل الامريكيين على مهاجمة ايران، وان كان حاول. وبدلا من كل هذا، الحق ضررا استراتيجيا هائلا بالحلف بين القدس وواشنطن وفقد، خط الائتمان الدولي والثقة التي بدونها لا يمكن لزعيم اسرائيلي ان يؤدي مهامه بين الامم.
السطر الاخير؟ خطاب ممتاز. كان فخارا، كان انتصابا للقامة، كان شرفا وطنيا. ولكن كيف سيسجل هذا في التاريخ؟ هكذا – تحت بنيامين نتنياهو، في الربع الاخير من العام 2014 ايران الاقرب الى القنبلة بأكبر قدر ممكن، فلسطين الاقرب الى الدولة باكبر قدر ممكن، واسرائيل الاكثر عزلة باكبر قدر ممكن. بنيامين نتنياهو اقتبس أمس يشعياهو، نبي السلام. اما هو نفسه فسيدخل التاريخ كنبي الغضب المطلق. نبي مهني للمصائب والكوارث التي من شأنها ان تأتي في زمننا. في النهاية سيتبين أنه كان محقا.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ما بعد السلام بلا سلام
لا مناص من حل الدولتين للشعبين مهما قيل عن حلول أخرى كحل الدولة الواحدة ثنائية القومية
بقلم: كارولينا لندسمان،عن يديعوت
كما كان ما بعد الحداثة بعد الحداثة، وكما كان ما بعد الصهيونية بعد الصهيونية – أهلا وسهلا الى عصر ما بعد السلام. مع فرق ضئيل واحد هو أنه لم يسبقه سلام. فقد اصبح الجميع يودعون السلام وفكرة الدولتين واحدا بعد آخر. واصبح من الصعب أن نتذكر من الذي قاد الركب. أربما هو اليتسور؟ أو ايلان بابيه؟ أو موشيه آرنس؟ أو روبي ريفلين؟ أو يهودا شنهاف؟ أو بنيامين نتنياهو؟ أو آري شبيط؟ أو نفتالي بينيت؟ أفهذه فكرة أصيلة يمينية أخذها نخبويون يساريون لكن مع قلبها رأسا على عقب، أعني فكرة ارض اسرائيل الكاملة التي تم تحويلها الى الكنعانية الجديدة؟ أم الحديث عن فكرة يسارية شديدة التطرف لمن يحاولون الظهور بمظهر من هم اكثر فلسطينية من الفلسطينيين من أسرى وعي كاذب، وتبناها يمينيون باسلوبهم المعروف وهو «أعطونا كلماتكم وسنفرغها من المعنى». واذا استمرت تسيبي حوطوبلي على الحديث عن «عدالة التوزيع» واستمر بنيامين نتنياهو على الحديث عن «أفق سياسي» وبينيت عن «الاخلاق» فستستجدي الكتب بعد ذلك أن يحرقوها.
إن عصر ما بعد السلام نعمة على اليمين الذي يبدو أنه رضي عن نفسه فهو لم يعد محتاجا آخر الامر الى التنكر بزي الباحث عن السلام. واصبحت السماء هي الحد تحت المبدأ الجديد، بل اصبح يمكنه أن يتحدث عن حقوق المواطن، بمعنى «أممي من السكان» بالطبع.
وبدأ اليسار ايضا ينظم مفاهيمه بحيث تلائم العصر الجديد. وقد كان في ذلك الموضع بايمانه بـ «دولتين للشعبين»، قبل الجميع لكنه صحا منذ ذلك الحين أو تطور منذ ذلك الحين اذا شئنا الدقة. وحينما اصبحت فكرة الدولتين فكرة التيار الرئيس بقدر أكبر، شعر فجأة بمثل شعور لقاء اسرائيليين في الخارج، وأدرك آنذاك أن حل الدولتين مع اتفاقات اوسلو وكل مبادرات اسرائيل السلمية صور منظمة للاضطهاد وتأسيس للعنصرية فقط. وليس مؤيدو حل الدولتين سوى عنصريين متنكرين يريدون فقط التخلص من الفلسطينيين وترحيلهم الى دولة لهم. فاليسار الحقيقي يعني دولة ذات شعبين ويعني أكل الحمص من الصحن نفسه.
بدأ آخرون من اليسار فجأة يدركون أن السلام يبدأ من اسفل لا من اعلى، أي أنه لا يبدأ في الحقيقة بل ينتهي؛ وهناك من انتشوا بالربيع العربي وعصف برؤوسهم شبق الدولة الاسلامية ولا يفكرون الآن إلا بمفاهيم اقليمية. هل ذكرتم الصراع الاسرائيلي الفلسطيني؟ لقد أضحكتموهم، فهذا الصراع محلي جدا، راجع جدا الى القرن العشرين.
كف كثيرون عن الايمان بالتفاوض المباشر سبيلا لحل يقوم على مبدأ الدولتين إما لليأس وإما لصحوة تتسامى في ظاهر الامر فوق قِدم مذهب القرن العشرين. واصبح حاملو فكرة تقسيم البلاد التي هي الوحيدة التي يمكنها أن تحقق مطامح الشعبين القومية لا مطامح واحد على حساب الآخر – اصبحوا فجأة يشبهون الديناصورات في متحف العلوم الطبيعية. ويدرك هؤلاء جيدا أن كل امكانات الدولة الواحدة ليست سوى تنويعات قانونية للوضع الراهن. وليكن ما كان اقتراح الدولة الواحدة، ودونما أية صلة بحقوق مواطنة الفلسطينيين فيها، تتجاهل كل الاقتراحات الطموح القومي الفلسطيني الذي هو بعيد عن الخفوت كما بين محمود عباس للعالم كله.
ليس الطموح القومي بدعة عابرة. وليقولوا ما قالوا من اليمين واليسار، فلن يكون مناص آخر الامر من حل صهيوني وحداثي مصوغ بمنطق القرن العشرين ويحمل آلامه، فلتكن اسرائيل وفلسطين دولتين للشعبين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
ماذا نريد
يجب على القوى غير اليمينية في إسرائيل أن تحرر نفسها وتصورها من خطاب اليمين
بقلم: سافي رخلفسكي،عن هآرتس
إن رد بنيامين نتنياهو على خطبة أبو مازن في الامم المتحدة جزء مهم من سيره نحو انقلاب في اسرائيل، وهو استمرار لمشهد الهوية في حملة «الدولة اليهودية» الدعائية.
كانت خلاصة الابداع الصهيوني محاولة اخرى لتخليص هوية اليهود من قبضة غير اليهود الأعداء، وجعلها في أيديهم هم. فما الذي نريده، من هذه الجهة؟ إن مسار نتنياهو يفعل عكس ذلك تماما، فهو لا يستعمل «فقط» ولا حتى في الاساس التخويف ليعيد اليهود الى المحبس الذي رسمته عنصرية غير اليهود. إن نتنياهو بحصره عنايته المطلقة في «الكشف» عن مقاصد الآخرين، ينقض عرى الهوية الاسرائيلية المستقلة والاختيار الاسرائيلي. وقد غاب سؤال « ؟». كما تم تغييب تقريبا اسحق رابين الذي كان من مبدعيه مع اختيار ترتيب أولوياته.
يوجد شيء رمزي في تركيز نتنياهو على الامم المتحدة واللغة الانجليزية لفعل ذلك. فلم تعد توجد افكار يهودية كونية عن أسرة الشعوب، ولا بن غوريونية عبرية عن «الامم المتحدة الخاوية»، ولا «لا يهم ما يقوله الاغيار فالمهم ما يفعله اليهود»، بل العكس: توجد هوية يمليها الآخرون وتُعرض على أنها عملية رد لا نهاية لها في المسار الرئيس الذي هو الكشف عن العنصرية غير اليهودية، ويكمن وراء كل ذلك خداع كبير. فلا يوجد نجاح كبير لنتنياهو اذا سئل «ماذا يريد؟»، سوى أن يُقال إنه لا يريد سوى الحكم. والحقيقة تختلف اختلافا تاما. لأن مشروع الاستيطان وهو مشروع الحاخام دوف ليئور ونفتالي بينيت هو كله اختيار اسرائيلي. وهو من جهتهم اختيار يهودي. اختيار مسيحاني عنصري مغرور بـ «الشعب المختار». لكن لما كان هذا الاختيار في مجتمع يهودي عنصري مسيحاني وفي مجتمع عدم مساواة متطرف، ومجتمع بلا حدود ومجتمع استيطان لا يقبله اكثر الاسرائيليين الى الآن، يفضل نتنياهو أن يخفيه تكتيكيا وأن يعرض افعاله على أنها رد مستمر، رد الضحية اليهودية الأبدي على عداء لليهود مستمر.
من المعلوم أن كل عمل نتنياهو في الواقع متعمد ومخطط له، من الدعم المطلق لمشروع الاستيطان، الى تهويد اسرائيل، والى الدعم بأكثر من الغمز للتحريض على العرب واليسار، وتحطيم الاعلام الحر، وتسويد رأسمالية متطرفة تفضي الى اكبر قدر من عدم المساواة. لكن ما تزال حاجة الى التغطية على ذلك لتطرفه وأن يعرضه على انه عمل رد مستمر. واذا كان من نتيجة ذلك ان يصاب اساس الهوية العبرية – الهوية المستقلة الواثقة التي كان لصهيونية حركة العمل اسهام مركزي في خلقها، فما افضل ذلك.
يتضح من هنا احد التغييرات التي يحسن ان يقوم بها غير اليمين في اسرائيل لمنع تغليب الخطاب اليميني المضلل. فعليه بدل أن يتعلق بـ «السلام» وأن يساعد نتنياهو بذلك على أن يبني الخطاب المعادي للصهيونية، خطاب «من هم الاغيار؟»، و»ماذا يريدون أن يفعلوا بنا؟» و»هل يمكن الاعتماد عليهم؟» – مع كل الاجوبة العنصرية – عليه أن يعود الى السؤال الصهيوني الاساسي وهو .
على هذا النحو بيقين بنيت الهوية اليهودية الحديثة التي تلقفت وعود الثورة الفرنسية لتخلص نفسها من هوية يستولي عليها آخرون، الى هوية تُبنى عن اختيار حر.
يستطيع غير اليمين أن يعود الى الطريق الذي اقام استقلال اسرائيل. الطريق الذي انشأ اعلان استقلالها. والطريق الذي يسأل: ماذا تريد اسرائيل؟ وما الذي تحتاج اليه اسرائيل؟ وتكون الاجوبة الجوهرية عن ذلك أنها تريد مجتمعا اكثر مساواة وحرا وغير متدين عنصري وواثقا بنفسه. ومجتمعا مع حدود. مجتمعا لا ينشيء «منطقة استيطان» جديدة خارج حدوده يكون فيها اليهود مواطنين ولا يكون جيرانهم غير اليهود كذلك. مجتمعا لا يغرق نفسه بصورة موسوسة بالكشف عن «شر الاغيار» بل في انشاء قوة اسرائيل وحريتها وروحها وثقتها بنفسها وعدلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
هل بدأ اوباما يدرك أننا كنا على حق؟
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد الأهم في نظرة الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط
بقلم: زلمان شوفال،عن إسرائيل اليوم
كان واضحا أن خطبة الرئيس اوباما في الجمعية العمومية في الاسبوع الماضي لن تكون عادية ولن تكرر المواقف المقبولة المعلومة بشأن مكانة الولايات المتحدة ودورها في أسرة الشعوب. ومن اسباب ذلك الازمة في اوكرانيا لكن وفي الاساس تقدم داعش في سوريا والعراق والخطوات المضادة التي خطاها الرئيس كما قال «لاذلالها وتدميرها». وبرغم أن العملية العسكرية برئاسة الولايات المتحدة وبمشاركة حلف دولي ما زالت محدودة جدا فانها من جهة اوباما وصدوده المعروف عن مشاركة امريكية زائدة في الصراعات الدولية مفترق طرق مهم ولا سيما اذا قيست بشعار «القيادة من الخلف» الذي كان يؤيده في الماضي.
وحينما بلغ اوباما في خطبته الى الصراع الاسرائيلي الفلسطيني كان يبدو في البدء أنه سيكتفي مرة اخرى بتكرار الشعارات المعروفة مثل «لا يمكن أن يثبت الوضع الراهن زمنا طويلا»، و»ستستمر امريكا على جهودها للاتيان بالسلام» وغير ذلك. وقد زعم اوباما أن «العنف في المنطقة جعل اسرائيليين كثيرين ييأسون»، لأن العالم سيكون «مكانا اكثر عدلا اذا تحقق حل الدولتين». لكنه فاجأ واسمع كلاما لم يوافق أي رئيس امريكي قبله على أن يقوله ولا سيما على هذا النحو الصريح إذ قال إن «الوضع في العراق وسوريا وليبيا يجب أن يشفي الجميع من وهم أن هذا الصراع (الاسرائيلي الفلسطيني) هو مصدر المشكلات في المنطقة. كان (الصراع) يستخدم زمنا طويلا وسيلة لصرف انتباه الناس عن المشكلات».
حينما قرأت هذا الكلام في الصيغة الرسمية الكاملة للخطبة، لم استطع أن اصدق ما رأته عيناي. لأن جهود دولة اسرائيل الدعائية والسياسية كانت موجهة منذ سنين كثيرة، دون نجاح كبير، لتحطيم الدعوى الكاذبة وهي أن الصراع مع الفلسطينيين جذر كل المشكلات في الشرق الاوسط ولا سيما مشكلات الولايات المتحدة مع العالم العربي، وهنا جاء اوباما لا غيره وقال بفم ملآن وبتأكيد لكلام معناه الوحيد الواضح أننا كنا على حق. فلم تعد توجد مثل مقولة «الطريق الى بغداد يمر بالقدس» التي قال بها زبجنييف بججنسكي، مستشار الرئيس جيمي كارتر للامن القومي؛ ولا «تعريض حياة الجنود الامريكيين في العراق وافغانستان للخطر بسبب عدم تسوية المشكلة الفلسطينية» التي قالت بها وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون والجنرال باتريوس؛ ولم تعد توجد كل تلك الاشارات الخفية الآثمة المتعمدة الى اسرائيل لمسؤوليتها الرئيسة بل الوحيدة احيانا عن كل الاشياء السيئة التي حدثت وتحدث في هذا الجزء من العالم.
قد يكون بعض بواعث اوباما على قول ذلك الكلام نفعيا وسياسيا، فانتخابات نصف الولاية على الباب، هذا الى أن فرضية أن كل مشكلات الشرق الاوسط اصلها الصراع الاسرائيلي الفلسطيني تبرز عدم نجاح الولايات المتحدة في حله في نظر بعض المراقبين على الاقل، وقد يكون الرئيس ومستشاروه خلصوا ببساطة الى الاستنتاج المنطقي المطلوب وهو أن الفوضى التي أخذت تنتشر في الشرق الاوسط وقد تنتقل الى اوروبا والولايات المتحدة نفسها ايضا أشد وأخطر من أن يتم الاستمرار على تغطيتها بتعليل الرئيس الفلسطيني.
ومهما يكن السبب فان هذا على كل حال نجاح مهم لسياسة اسرائيل ودعايتها. ولا يجوز لنا في الحقيقة أن نوهم أنفسنا وأن نعتقد أنه لن يوجد من يحاولون اعادة موضوع ذنب الصراع أو ذنب اسرائيل في الصراع اذا شئنا الدقة، الى الخطاب السياسي، لكن حتى لو حدث ذلك فلن يكون من السهل محو تأثير تصريح اوباما.
إن أبو مازن خاصة هو الذي لم تفرحه خطبة اوباما، لأنه لا يضيع أية فرصة ليصرخ قائلا إن مشكلات داعش قد تنسي العالم المشكلة الفلسطينية. حتى إنه يمكن أن تكون خطبته التشهيرية لها صلة بغضبه على الرئيس اوباما، فبرغم أن اوباما أوضح كما قلنا آنفا أن الشأن الفلسطيني لا يُطرح من جدول الاعمال قد تكون تلك القطعة المهمة من خطبته اشارة الى أن واشنطن استقر رأيها على أن ترى الامور بتناسب، وأشار الى أنها لا تنوي أن تؤيد خطة أبو مازن السلمية «الجديدة» واجراءاته المخطط لها في مجلس الامن. وعلى كل حال يمكن أن نرى ايضا أن تنديد وزارة الخارجية الامريكية الشديد بخطة أبو مازن التحريضية في الجمعية العمومية تصديق لهذا التخمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
شرق أوسط يشتعل
الاشتعال الحالي في الشرق الأوسط يخلق فرصا يتعين على إسرائيل أن تستغلها لعقد تحالفات جديدة
بقلم: ايلي فوده استاذ في دائرة دراسات الاسلام والشرق الاوسط في الجامعة العبرية ،عن هآرتس
الخبراء في الشرق الاوسط، السياسيون والناس البسطاء يتفقون في الرأي على أن الشرق الاوسط يشتعل. فليس بسيطا تغطية كل المسائل المشتعلة في الشرق الاوسط، ولكن قائمة جزئية ستتضمن الحروب الاهلية في سوريا وفي ليبيا؛ تفكك العراق؛ صعود تهديد تنظيم «الدولة الاسلامية»؛ تهديد الاستقرار في مصر، في تونس وفي الاردن؛ حزب الله في لبنان؛ التهديد النووي الايراني؛ ارهاب القاعدة او المحافل المتماثلة معها. فهل نسينا شيئا. آه، نعم – النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني والخوف من حماس في غزة ومن انتفاضة فلسطينية في المناطق. وباستثناء ذلك، كل شيء على ما يرام.
الاشتعال في الشرق الاوسط هو نتيجة عدة سياقات نضجت في السنوات الاخيرة: أولا، آثار الاحتلال الامريكي للعراق في 2003. من جهة اصلح الخطأ التاريخي للبريطانيين، والاغلبية الشيعية رفعت الى الحكم. ولكن هذا «الاصلاح» تم بثمن الاقصاء والاساءة للاقلية السنية، التي ردت بالعنف. وخلقت الفوضى فراغا دخلت اليه قوى ارهابية اسلامية في شكل القاعدة وداعش.
ثانيا، تعاظم الصراع بين الاسلام والغرب، على نمط حرب الحضارات مثلما وصفها صموئيل هنتنغتون، وان كان خلافا للفهم السائد، فان هذا الصراع محصور بالمنظمات والافراد الذين يرون في الغرب منطقة كفار الحرب ضدها ضرورية وشرعية.
ثالثا، الصراع داخل الاسلام على الطريق «الصحيح» . هذا صراع مزدوج؛ بين الشيعة والسنة – أمثلة بارزة على ذلك هي صراع الدول العربية السنية (مثل مصر، السعودية، الاردن والمغرب) ضد ايران، حزب الله وبقدر ما العراق؛ وصراع داخل السنة انفسهم – محافل سنية تقاتل ضد الاخوان المسلمين، حماس، القاعدة وداعش. والاخير: الربيع العربي الذي خلق الفوضى في سوريا، في ليبيا وفي اليمن، وهز الاستقرار في مصر وتونس وكذا في دول ملكية لم تجتاز ثورة.
في أعقاب كل اشتعال في الشرق الاوسط – وكان كثير كهذا على مدى القرن العشرين – يسارع الناس في اسرائيل الى القول، «اذا كان يشتعل (الشرق الاوسط) – فما هو المشتعل (بمعنى المُلح)؟» أي في ضوء الاحداث في المنطقة، من الافضل الجلوس بصمت وعدم المبادرة الى خطوات سياسية. ولكن الحقيقة هي أنه حتى عندما لم يشتعل شيء لم تبادر اسرائيل بخطوات سلمية، وفضلت الالتصاق بالوضع الراهن الذي يسمح لها بمواصلة سياسة الاستيطان، وعرقلة قسما كبيرا من المبادرات التي اقترحها طرف ثالث أو الطرف الثاني في النزاع.
وهكذا مثلا، في مقابلة عشية العيد، قال بنيامين نتنياهو لـ «الجيروزاليم بوست» ان المبادرة السعودية لم تعد ذات صلة في الشرق الاوسط المتغير. وعلى حد نهجه، عندما عرضت المبادرة في 2002، لم تكن حماس تسيطر بعد على غزة، وداعش لم يكن يسيطر بعد على سوريا والعراق، وايران لم تكن سرعت برنامجها النووي. ولكن مبادرة السلام (العربية، لا السعودية) لم تكن أبدا ذات صلة في نظر اسرائيل، وبالتأكيد ليس في نظر نتنياهو، بحيث أن الاشتعال الحالي لا يشكل أكثر من ذريعة، ورقة تين لتغطية العورات السياسية.
عمليا، بالذات الاشتعال الحالي يخلق فرصة لاحداث تغيير ودفع مبادرات الى الامام. فنتنياهو نفسه يعترف في ذات المقابلة بان ما تغير هو ان قسما من دول المنطقة لم تعد ترى في اسرائيل عدوا بل حليفا ممكنا في الصراع ضد تهديدات مشتركة. هذا الاعتراف هام، ولكن يجب أن يترافق وسياسة مناسبة.
التاريخ العالمي، وتاريخ الشرق الاوسط بخاصة، يدل على أن الحروب والثورات خلقت فرصا للاتفاقات، دفع مبادرات سياسية الى الامام وبناء تحالفات اقليمية جديدة. هذا الفهم، المدعوم من خبراء كثيرين في مجال الشرق الاوسط، يتعارض والموقف السياسي والايديولوجي لنتنياهو وآخرين، ولهذا فهو لا يحظى بالتأييد. ولكن بالذات لان العالم العربي منشغل الان بمشاكله ومنقسم على خلفية دينية، عرقية وقبلية، يمكن لاسرائيل أن تستغل الفرصة، مثلا كي تخلق تحالفا مع دول ومحافل شبه دول (مثل الاكراد) يعمل ضد تهديدات مشتركة. مثل هذا التحالف نشأ بشكل جزئي منذ الان مع قرار الرئيس براك اوباما القتال ضد داعش بتعاون من جزء من دول المنطقة.
يمكن لاسرائيل ايضا أن تحث حلا سياسيا مع الفلسطينيين، سواء مع محمود عباس – فتعزز بذلك السلطة الفلسطينية مقابل حماس – أم مع دول عربية، تحت مظلة «مبادرة السلام العربية». معقول الافتراض بان المصاعب في العالم العربي يكنها أن تساعد اسرائيل على تحقيق تسوية مريحة من ناحيتها. التسوية، كما ينبغي التشديد هي على اي حال مصلحة اسرائيلية في ضوء التغييرات الديمغرافية المرتقبة في الارض التي بين البحر (المتوسط) والنهر (الاردن). كما أن مثل هذه السياسة ستساعد على تحسين علاقات اسرائيل مع الولايات المتحدة، الاتحاد الاوروبي ودول اخرى. اما اتخاذ سياسة «ما المشتعل؟» في ضوء كل ما هو مشتعل في الشرق الاوسط فهو تكتيك فيه الكثير من الجهل. ينبغي تغييره، وجميل مبكر قدر الامكان.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ