Haneen
2014-11-04, 01:50 PM
الفلسطينيون يريدون القضاء على الدولة اليهودية
بقلم: شلومو تسيزنا،عن اسرائيل اليوم
يصعب أن نعتقد أنه يوجد من يحسد وزير الدفاع موشيه (بوغي) يعلون. فهذا الشخص الموجود في قمة الهرم الامني في اسرائيل هو الذي يُجيز خطط عمليات، ويعرف من قريب التهديدات في جميع الجبهات ويضطر في مقابل ذلك الى مواجهة مطالب تقليص الميزانية الامنية ولقاءات مؤلمة مع العائلات الثكلى ومع الجرحى. وبعد انقضاء عملية «الجرف الصامد» بشهر ونصف يتفرغ يعلون لاول مقابلة صحافية شاملة.
»أنا راض من جهة اخلاقية عما استقر رأينا عليه»، يقول وزير الدفاع مُبينا المعضلات الاخلاقية التي واجهته. كانت المهمة المس بالمخربين لكن تم المس في غزة في واقع الامر بمدنيين كثيرين هم فلسطينيون غير مقاتلين.
«حينما أنظر في الحاجة الى استعمال قوة على الطرف الآخر أضع لنفسي ثلاثة اختبارات: الاختبار الاول هو قدرتي على النظر في المرآة بعد اطلاق النار أو بعد أن أُجيز عملية. وبعد ذلك أختبر الامور من وجهة نظرنا القانونية وبحسب القانون الدولي.
ولو شارك الجميع في مباحثات اجازة عملية عسكرية لتبين لهم أنه توجد معضلات غير بسيطة مثل معضلات متى نطلق النار، ومعضلات لا تقتل باعتبار قداسة الحياة وبين مبدأ «من استيقظ لقتلك فبكر بقتله». اجل، إنني راض عما استقر رأينا عليه خلال عملية الجرف الصامد.
»نحن نُقدر التناسب والاخلاق وقداسة الحياة عند الاطراف جميعا، لكن يوجد في الجانب الآخر عدو لا يعمل لا بحسب القانون الدولي ولا بحسب اخلاق قداسة حياة الانسان حتى ولا نحو ناسه ومواطنيه الذين يوجههم الى مقدمة الجبهة، والمعضلات غير بسيطة. وبعد ذلك يأتون من الامم المتحدة ويطلبون تفحصنا. واضح أنه يوجد هنا نفاق؛ فليتفحصوا حماس. لكن انتقادنا والهجوم علينا أسهل ويوجد هنا تأليف بين النفاق ومعاداة السامية وربما اشياء اخرى».
٭محمد ضيف ـ هل هو حي أم ميت؟
٭ «إما حي وإما ميت».
٭أكان من الصواب طرح قذيفة على البيت وقد علموا أن زوجته وابنته هناك؟
٭ «هذا بالضبط من نوع المعضلات التي قلت إنني اسأل هل استطيع أن أنظر لنفسي في المرآة بعد اجازة العملية، وكانت هذه العملية من الصواب».
٭ في عملية «الجرف الصامد» عمل رئيس الوزراء وأنت ورئيس هيئة الاركان مثل ثلاثة في قمة القيادة واستقر رأيكم على ألا تسقطوا حكم حماس، فهل تستطيع أن تفسر لماذا؟
٭«لم نصل الى عملية الجرف الصامد فجأة. فقد كان المجلس الوزاري المصغر الحالي منذ كانت ولاية هذه الحكومة متأهبا. وكانت مباحثات سابقة تتعلق بقطاع غزة وجبهات اخرى اذا ما اضطررنا الى العمل في لبنان وسوريا واماكن أبعد ايضا، لهذا أجرينا مباحثات عميقة، وأُثيرت امكانات كثيرة وعُرضت فيها خطط عمليات تشمل امكانية أن ندخل غزة ونحتلها ونعمل في تطهيرها. وفي تقديرات الكلفة – الفائدة خلصنا الى استنتاج أن ليس من الصحيح في هذا الوقت أن ننفذ عملا من هذا النوع. وأدركنا أنه لا يوجد من يحل محلنا بعد أن نحتل ونطهر: لا أبو مازن ولا المصريون ولا الجامعة العربية ولا الامم المتحدة أي أننا اذا دخلنا الى هناك فسنعلق هناك».
٭ لماذا لا نحتل ونطهر ونخرج؟
٭ «وماذا يكون بعد ذلك، وماذا نكون فعلنا بذلك؟ أليسوا يقولون إنكم قمتم بحملة السور الواقي في يهودا والسامرة في بداية القرن الواحد والعشرين فلماذا لا تنفذون سورا واقيا في غزة. وأُذكرهم بأننا في السور الواقي احتجنا الى نحو من ثلاث سنين لنصل الى تطهير يهودا والسامرة من بنية الارهاب التحتية وقد كان هناك بضع مئات من المخربين فقط، والحديث في غزة عن عشرات الآلاف. وفي المعركة الشهيرة في جنين خسرنا 23 مقاتلا، وكان هذا في غزة حكاية شارع واحد في حي جباليا. وفي قطاع غزة توجد النصيرات والشبورة والشاطيء والبرج وغيرها والوضع هناك أكثر تعقيدا، فهناك مناطق مبنية وأبنية متعددة الطوابق، ومثل هذا المبنى يعني أن ندخل كتيبة لنطهره. وتوجد ايضا مدينة انفاق تحت الارض. وأقول مرة اخرى إن الجيش يعرف فعل هذه الاشياء لكن كل ذلك مسألة كلفة وما الذي نحرزه.
«لم يكن في عملية السور الواقي في يهودا والسامرة مدافع «آر.بي.جي» وكنا نركب سيارات جيب مدرعة. وفي قطاع غزة مدافع «آر.بي.جي» وصواريخ «كورنت» والتهديد أكبر، وفي الدخول الى هناك نستعمل دبابات المركباه من الطراز الرابع ومنظومة «معطف الريح» وناقلات جنود «النمر» ونستخدم أفضل القوات.
وفي السور الواقي أنهوا العمل في غضون ثلاث سنوات لكن الامر سيستغرق هنا زمنا أطول ولا يوجد مانع في اثناء هذا الزمن من أن تستمر حماس على اطلاق القذائف الصاروخية على اسرائيل مفرقة هنا وهناك. وأن تقتنص القوات وتوقع القتلى. ولا ينتهي الامر بالسيطرة مدة عشرة ايام بل يحتاج الى عدة سنوات تطهير. ولست على يقين من أن هذه الحكومة تستطيع أن تجتاز هذا الوضع لأن الشعب لو حدث ذلك لسأل: تمهلوا، ما الذي نبحث عنه هناك؟ ولماذا دخلنا وخرجنا؟ واذا لم نوقف اطلاق الصواريخ فلماذا دخلنا؟ ولهذا من المؤكد في هذا الشأن صحة قول إن الفعل ينبغي أن يسبقه التفكير».
«إختاروا القذائف الصاروخية بدل التوت»
لا يذكر وزير الدفاع أسماءً، لكنه ينتقد تعريضا الوزيرين افيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت وآخرين هاجموا تدبيراته في اثناء العملية: «يؤسفني أن كلاما خرج من داخل المجلس الوزاري المصغر بسلوك غير مناسب. حدث قتال وكان هناك وزراء اشتغلوا بالسياسة في الخارج في تهييج واطلاق شعارات وكأنهم يؤيدون القضاء على حماس في حين يعارضه غيرهم، ولهذا كان هنا سلوك غير مناسب اضطررنا الى التطرق إليه خلال العملية وأدى بنا ذلك الى اماكن غير طيبة فيما يتعلق بسلوك المجلس الوزاري المصغر في العملية».
٭ جرى الحديث كثيرا عن الاكتئاب وربما كان ذلك لأنهم أدركوا أنه لا يمكن قهر غزة ولا يمكن الانتصار كما ينبغي، بسبب الكلفة التي ذكرتها بالضبط.
«السؤال قبل كل شيء هو ما هو الحسم العسكري؟ إننا نتوق الى الحسم العسكري في الايام الستة، وقد كان هناك نصر لامع بيقين من جهة عسكرية حيث تم القضاء على جيوش الدول العربية المجاورة. لكن بعد كم بدأت حرب الاستنزاف؟ بعد زمن قصير جدا. ولهذا فان مسألة الحسم العسكري تثير الاهتمام وتقتضي فحصها. وأزعم أن الحسم العسكري هو القدرة على تأدية الطرف الآخر الى هدنة بحسب شروطك. وهكذا رأينا المعادلة قبل العملية وبعدها ايضا. اجل أدينا بحماس الى هدنة بخلاف مطامحها وهذا انجاز دون أي شك. ويوجد حسم عسكري على الارض بسبب الثمن الباهظ الذي دفعه القطاع. وأُقدر أن يفكروا مرتين قبل أن يتجهوا الى التصعيد العسكري مرة اخرى. بعد عملية عمود السحاب استمر الردع سنة ونصفا، ودفعوا ثمنا عن ثمانية ايام قتال، لكن من المؤكد أن الثمن أبهظ كثيرا هنا وستنبئنا الايام بالردع الذي أحرزناه بعد العملية».
٭ ما هو الحل في غزة من جهة سياسية؟
٭ «خرجنا من غزة، واختار الغزيون حماس التي اختارت لهم صنع القذائف الصاروخية بدل تصدير التوت الارضي وهم يدفعون ثمنا عن ذلك. ويبدو أن هذا ليس حلا وليس شيئا مستقرا ثابتا، لكن يجب أن نتحدث عن «ادارة الازمة» فيما يتعلق بغزة وما يتعلق بيهودا والسامرة على نحو يخدم مصالحنا. وعلى حسب تصور الجدار الحديدي سيدركون أننا باقون هنا أبدا، أو بحسب تصور الدكتور موشيه بلنسون الذي كان نائب محرر صحيفة «دافار» منذ بدأت الاحداث في 1936، حينما سألوه الى متى فقال: الى أن يدرك آخر أعدائنا أننا هنا الى الأبد. ولا يوجد اختصار للطريق. وقد فشلت محاولتنا اختصار الطريق في العقدين الاخيرين – من اوسلو الى اليوم، ونعرف كيف نُعايش ذلك. من المؤكد أنه لا حاجة الى السيطرة عليهم بل الى تمكينهم من استقرار سياسي كما هي الحال اليوم».
٭ أما زال أبو مازن شريكا؟
٭ «لم يقل أبو مازن قط إنه سيعترف بدولتنا أنها الدولة القومية للشعب اليهودي، ولم يقل قط ايضا إنه اذا وجد اتفاق تصالح حتى بحسب طريقته في خطوط 1967 فسيكون نهاية الصراع وانهاءً للمطالب. ولم يقل قط إنه تخلى عن حقوق اللاجئين فالى أين يمكن الوصول معه اذا؟ إنه شريك في الحوار وشريك في ادارة الصراع وأنا لا أبحث عن الحل بل أبحث عن طريقة لادارة الصراع وادارة العلاقات على نحو يقوي مصالحنا. ويجب أن نتحرر من تصور أن كل شيء يدخل في اطار يسمى دولة. ومن جهتي فليسموها اذا شاءوا الامبراطورية الفلسطينية، ماذا يهمني؟ إنها في الحقيقة منطقة حكم ذاتي اذا اصبحت آخر الامر منطقة منزوعة السلاح. وليس ذلك وضعا راهنا بل هو إحداث تسوية مؤقتة محتملة تخدم مصالحنا».
٭ هل تفكر بفكرة الدولتين؟
٭ «سمي ذلك كما شئت. إن الانفصال السياسي قد تم من قبل، وحسن أن كان ذلك، ونحن لا ندير الحياة لا في غزة ولا في يهودا والسامرة، وهذا الانفصال مهم. وأنا أشجع وأعزز القدرة على الحكم والاقتصاد وقدرة المواطن على العيش هناك في كرامة ورفاه، لكن لا ينبغي أن نشتق من ذلك فورا الاسود أو الابيض أو الدولة أو اللادولة، تعال نترك المصطلحات».
٭ هل يكون لهم أو لا يكون اتصال بين المناطق ليُكوّن مفهوم دولة؟
٭ أقول أولا إنه سيكون من الممكن الربط بين نابلس وجنين ورام الله اذا كانت هذه هي المشكلة، والسؤال هنا هو ما هي مطامح الأمد البعيد. اذا كنا نبحث عن السلام والأمن وعن العيش في هدوء وسكينة فهذا شيء واحد. لكن الطرف الآخر لا يعتقد أن خطوط 1967 هي نهاية الامر وهم لم يقولوا قط إنها نهاية الامر بل يرون أنها مرحلة، والذي يشغلهم في الحقيقة ليس انشاء دولة بل القضاء على الدولة اليهودية وعدم تمكين وجودها. فيوجد هنا اذا عدم تناسب في غير مصلحتنا ويجب أن نعرف كيف ندير هذا الصراع دون أوهام».
«المصالح فوق الاختلافات»
أثار يعلون عاصفة حينما اقتُبس من كلامه أنه نبز وزير الخارجية الامريكي جون كيري بأنه «مسيحاني وهاذٍ». وبرغم ذلك يرفض ما يُدعى عليه أنه لا يعامل وزير خارجية أكثر الدول صداقة لاسرائيل باحترام.
«هل سمعتني أقول ذلك؟ وهل قال أحد ما إنني قلته»، يقول، «إن منظومة العلاقات بيننا وبين الولايات المتحدة هي منظومة مهمة جدا لنا أولا؛ وآمل أن تكون كذلك للولايات المتحدة ايضا. والعلاقات الامنية بين الطرفين ممتازة، وكذلك العلاقة الشخصية بيني وبين وزير الدفاع تشاك هيغل وبين وزارة الدفاع ووزارة الدفاع الامريكية وبين الجيش الاسرائيلي وجيش الولايات المتحدة، ولا يعني ذلك أنه لا يوجد جدل، فالجدل موجود حتى بين الاصدقاء، ولا يعني أن الجدل يجب أن يخرج على نحو ما.
«أجل يوجد جدل بيننا، فنحن نتجادل في كيفية علاج المشروع الذري الايراني وفي مسألة فيمَ يُباحثون الايرانيين. فهل يُباحثونهم في الارهاب والصواريخ أو يُباحثونهم في اجهزة الطرد المركزي فقط.
وسبق جدل في كيفية تدبير الامور مع مصر مع مبارك ومع الاخوان المسلمين وفي علاقة الامريكيين بالسيسي. كان جدل ورأينا الامور على أنحاء مختلفة، والاختلافات مشروعة في داخل الغرف المغلقة، ومفهوم أنه توجد ايضا خلافات في الشأن الاسرائيلي الفلسطيني فيما يتعلق بمبلغ مركزيته بوضع الشرق الاوسط، وهل هو مصدر عدم الاستقرار في المنطقة أو أن مصدره غيره. أعتقد أنه لا يوجد اليوم زعيم عربي يزعم مثلا أن القضية الفلسطينية هي لب المشكلات في الشرق الاوسط، فالذي يشغلهم تهديدات ايران وداعش والاخوان المسلمين.
«لنا مع الولايات المتحدة مصالح مشتركة كثيرة تغلب الاختلافات. ومن المؤكد أنه توجد قيم مشتركة تدبر الدولتان أمورهما على أساسها. وتنبع الاختلافات من فروق في التصور ووجهة النظر، فما يرونه من هناك نراه من هنا بصورة مختلفة، والاختلاف مباح، وعندنا ايضا اختلافات في تحليل الامور والتشخيص ووصف العلاج».
٭ ألم تشعر بحاجة الى الاعتذار الى كيري؟
«قلت ما كان يجب أن أقول، ويكثرون من الحديث عن أن كيري سمع مني مباشرة بصورة شخصية أنه من المؤكد أنني لم أقل ما اقتُبس في تلك الصحيفة، ولا يسمعونني هنا في البلاد أتحدث بهذه الطريقة عن اشخاص لا في الكنيست ولا في مقابلات صحافية ولا في اماكن اخرى، ولهذا لم تكن الصورة التي خرج الكلام عليها الى الخارج، لم تكن مناسبة.
«الولايات المتحدة هي القوة العظمى الاولى في العالم وما زالت القوة العظمى الاولى حتى لو تحدثنا عن عالم متعدد الاقطاب وعن صعود قوى اخرى وربما عن تهاوي مكانة الولايات المتحدة. ولها تأثير كبير جدا في كل المجالات وهي تقود الحلفين على داعش في العراق وسوريا، وهي تجري مفاوضات مع الايرانيين في الشأن الذري، وهي القائدة في منظمات دولية وفي الامم المتحدة، ويوجد مجلس النواب ايضا الذي يملك قوة قائمة في حد ذاتها. فمجلس النواب الامريكي هو الذي قاد مسار العقوبات على ايران، وهو الذي جعل خامنئي يخلص الى استنتاج أنه يجب عليه للبقاء أن يفاوض. ويوجد فوق كل ذلك ايضا الشعب الامريكي الذي لنا معه قيم مشتركة».
٭ من الخلافات الكبيرة مع الولايات المتحدة مسألة البناء وراء الخط الاخضر، ويوجد قادة مستوطنين يتهمونك بتجميد البناء ويتهمونك في مقابل ذلك باجازة متسرعة للبناء.
٭ «لا يوجد تجميد بناء، بل يوجد تأخير اعلانات بمسارات التخطيط بسبب الحساسية. ويجب من هذه الجهة السلوك بحكمة وألا نجلب علينا قرارات دولية صعبة نأسف بعد ذلك لأننا وصلنا الى تلك الزوايا».
يؤكد وزير الدفاع أن اسرائيل مستعدة لكل امكان، في كل جبهة. ويقول فيما يتعلق بالجبهة الشمالية: «لا نرى الآن أن حزب الله متجه الى تصعيد عسكري، فالحدود في مزارع شبعا محددة، حينما استصوب حزب الله أن يرد على عمليات نسبها إلينا. عند حزب الله 001 ألف قذيفة صاروخية وصاروخ ـ من ايران وسوريا خاصة. وهذه المنظمة متعلقة بايران التي هي مصدر المشكلة.
«نحن نستعد لامكان تصعيد عسكري من كل جبهة لا من الجبهة اللبنانية فقط. وقد أصبح كل من يهددنا بالصواريخ يدرك قبل عملية الجرف الصامد وبعدها أننا سنجبي منه ثمنا باهظا جدا، واذا كان دُمر في ضاحية بيروت 70 مبنى فقد تحدثوا عن تدمير 7 آلاف مبنى في غزة تدميرا كاملا. والاستنتاج واضح وهو أنهم يدفعون آخر الامر ثمنا باهظا اذا وجهوا عملهم علينا. واذا صعّد حزب الله فسيدفع ثمنا باهظا وستدفع لبنان ثمنا باهظا. فالهجوم اليوم ايضا هو أفضل الدفاع. ومع ذلك فان دولة اسرائيل في نهاية المطاف ومن جهة تهديد القذائف الصاروخية هي آمن مكان في العالم بفضل دفاع متعدد الطبقات ـ من القبة الحديدية الى منظومة حيتس».
يضمن يعلون أن تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف الذي يقلق العالم الآن لا يهدد اسرائيل، ويقول: «الدولة الاسلامية بعيدة عنا الآن، وكانت تستطيع أن تهدد لو احتلت سوريا من الغرب وباتجاهنا، لكن الوضع اليوم ليس كذلك».
أصبح يُثار للنقاش العام في الاسابيع الاخيرة في الغرب سؤال هل ينبغي اخراج تركيا من عضويتها في منظمة حلف شمال الاطلسي. ويفضل يعلون ألا يتطرق الى ذلك مباشرة لكنه يُبين قائلا: «اذا كانت توجد دولة هي عضو في الامم المتحدة وحلف شمال الاطلسي وتؤيد حماس في نفس الوقت ـ التي هي بلا شك منظمة ارهاب توجه عملها على مواطني دولة اسرائيل ـ فان المتوقع أن تُدعى الى الانضباط».
٭ العلاقات مع مصر طيبة لكنها غير معلنة كالعلاقات بدول عربية معتدلة اخرى.
«نعم، يؤسفني أن دولة اسرائيل ما زالت تعتبر نبتة غريبة في المنطقة ولهذا يصعب التوصل الى تطبيع، وأقول إن العلاقات تحتاج الى المصالح قبل كل شيء، فحينما يُسأل اسرائيلي من الاوساط عن السلام يسأل ثلاثة اسئلة على نحو آلي: ما هي الارض التي يجب التخلي عنها من اجل السلام، وهذا سؤال أكفر به.
والسؤال الثاني هو متى سنأكل الحمص في رام الله ودمشق وبيروت وهلم جرا. وليس ذلك يكون لكنني أكتفي بحمصنا. والسؤال الثالث وهو الاكثر اشكالية ـ اذا وجد سلام فأين المحامون الذين يصوغون الاتفاق المفصل الذي سنوقع عليه في مراسم ما في اوسلو والبيت الابيض؟ وأزعم أن اتفاقا بلا مصالح لا يساوي الورقة التي يوقع عليها. والمصالح لا تقتضي اتفاقات أو مراسم.
«يوجد سلام مع الاردن ومع مصر أصبح يقوى في السنوات الاخيرة بسبب المصالح. ويمكن أن نرى جيدا كما قال رئيس الوزراء نتنياهو في الجمعية العمومية أن الأفق السياسي لا يمر برام الله بل بعواصم عربية اخرى دون مراسم واتفاقات وعلى أساس مصالح مشتركة. وما أفضل أنه يوجد لنا وللدول السنية أعداء مشتركون كايران والاخوان المسلمين والمحور الشيعي وعناصر الجهاد العالمي والقاعدة».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
المحبطون يذهبون إلى داعش
الشاب العربي في إسرائيل صورته الرجولية محطمة مقارنة بالشاب الإسرائيلي
بقلم: ران أدلست،عن معاريف/ الاسبوع
داعش في داخلنا! في وسائل الاعلام قيل عن بضع عشرات من العرب الاسرائيليين الذين يقاتلون في صفوف التنظيم. وعثر على اعلام داعش قرب الناصرة. وشاب عربي اسرائيلي ملثم يشرح لماذا دولة الخلافة الاسلامية هي فكرة هامة. النجدة!
إذن قبل كل شيء – اهدأوا. ليس كل شاب عربي هو يغئال عمير او باروخ غولدشتاين. وداعش ليس هنا بعد. بل وليس قريبا حتى. وحتى لو اطلقت غدا الى الجولان بضع قذائف من عصابات داعش قرب الحدود، فليس هذا حتى ولا طرف احتكاك عنيف مع داعش كقوة عسكرية. بضع عشرات من العرب الاسرائيليين ممن وصلوا وسيصلون الى داعش لا يهددون دولة اسرائيل. بالحد الاقصى يهددون أنفسهم وعائلاتهم. وربما حتى ينجحون في ان يزرعوا هناك بضع عملاء ناجعين يجلبون اخيرا بعض المعلومات النوعية. وكما يذكر، فان اسرائيل الرسمية لا تتدخل عندما يقتل العرب عربا. يسافرون دون اذون الى دولة عدو؟ عندما يعودوا (اذا بقوا على قيد الحياة)، سيقدمون الى المحاكمة، حسب القانون.
السؤال المثير للفضول هو لماذا يتجندون، والجواب هو لان داعش هو صمام تنفيس لاحباطاتهم. كما أنه موضع مغامرة يمكن الانطلاق عليه وكذا مجال مجد مليء بالانفعالات. والشرف، بالطبع. فشاب عربي متوسط يعيش في دولة منعت افقه للعمل، حطمت له ولذويه الهوية الوطنية والاجتماعية، وحتى المخرج الهرموني لديه مسدود بالتقاليد. هذا شاب صورته الرجولية محطمة مقارنة بالشاب الاسرائيلي في عمره الذي يخدم في الجيش، وتقاليد الاسلام والعروبة لديه مقموعة في كل العالم ولا سيما في وطنه، في اسرائيل. عندما يصل الى داعش، تكون لديه بندقية خاصة به.
من الصعب على اليهود أن يفهموا، ولكن هذا العقاب – البندقية هذه (99.99 في المئة من البنادق والمسدسات في الجيش الاسرائيلي لا تطلق النار الى غاية) وعشرات سنوات الخدمة الدائمة والاحتياط – هي موضع الامل المحظور والمنشود للعديد من الشباب في الوسط العربي. ليس بالذات من اجل القتل، ولكن بقدر اكبر من أجل النزعة الرجولية والمعنى الامني الذي تمنحه.
السكان العرب في اسرائيل هم اكثر بقليل من 20 في المئة من سكان الدولة. اكثر من 60 في المئة من السكان العرب في اسرائيل هم ابناء 15 حتى 35. ويطلع هؤلاء الشباب على العالم الذي يعيشون فيه. هوية وحرية الفرد لرفاقهم في العمر في معظم البلدان هما موضوع عادي، اما هنا، في وطنهم، فهو امتياز للشباب اليهودي. هذا لا يعني انهم سيتجندون لداعش. العكس تماما. حركات الشباب المحبطين اليوم، مثل «ارفض شعبك بحميك» أو «خيرك» تدير صراعها داخل المجتمع الاسرائيلي. هذا هو ميدان قتالهم. العنف؟ هذا منوط فقط بالحكومة التي ستتصرف حيالهم، ضدهم أو معهم.
ان الانباء عن المتجندين لداعش تغذي مخاوف الجمهور الذي تنقل من ايفات ليبرمان الى باروخ مارزيل، ومن «الظل» الى ميري ريغف. من القلق الى الشك والى الضياع الطريق قصير مثل الطريق من «تفوح» الى القرية المجاورة. من اجل الاستخفاف حيال المسجد الذي احرق لا حاجة حتى للنهوض من الكرسي. اذا لم نعرف كيف نعالج السمكة الفاسدة هذه من الرأس وحتى الذيل، سيصبح تهديد داعش حلما لذيذا في مواجهة المشادة التي ستقع داخل الوطن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
مُغضب لكن يحسن الإصغاء
يجب الحديث إلى بريطانيا بشكل يليق بمكانتها العالمية السامية وأن يسمع ما يُقال هناك
بقلم: دان مرغليت،عن إسرائيل اليوم
بعد 97 سنة من تسليم وزير الخارجية البريطاني المحافظ آرثر جيمس بلفور الى ليونيل روتشيلد تصريحا من 79 كلمة «بترجمة الى العبرية»، بأن بريطانيا ستعمل على انشاء وطن قومي للشعب اليهودي في ارض اسرائيل، عُقد البرلمان في لندن وأعلن تأييده لانشاء فلسطين في نفس المساحة من الارض.
ولد التصريح في 1917 بجهد سياسي طويل، وحينما سأل بلفور الدكتور حاييم وايزمن هل يمكن انشاء سيادة يهودية في بلد آخر أجابه الزعيم الصهيوني بقوله: «هبني اقترحت عليك باريس بدل لندن، فهل توافق؟»، فانتفض بلفور وقال: «لكن لندن لنا». فانتفض وايزمن أكثر وقال: «كانت القدس لنا حينما كانت لندن ما تزال مستنقعا».
لكن في اليوم الذي أعطي فيه التصريح لروتشيلد ووايزمن وللهستدروت الصهيونية لم يهتم به أحد ولم يتناوله تناولا جديا. ومرت سنين فبعث على اعتراف «قانون الشعوب» (وهذا مصطلح كان يكثر ثيودور هرتسل من ترديده) بالحق اليهودي بدولة في ارض اسرائيل.
ينبغي ألا نبالغ في الحقيقة في وزن قرارات من اجل فلسطين من النوع الذي اتخذه البرلمان البريطاني وتلاه أمس السفير ماثيو غولد في اذاعة الجيش الاسرائيلي. لأن أهميته تتعلق باستمرار العمل السياسي اليومي.
يوجد حساب تاريخي طويل بين بريطانيا العظمى واسرائيل التي ولدت في كل السنين التي مرت منذ ذلك الحين، فيه حلف دموي وحساب دموي ايضا، لكن بريطانيا كانت دائما مهمة في نظر اليهود حتى في السنوات التي أحدث فيها دافيد بن غوريون تحولا تاريخيا حاسما بنقله ثقل وزن السياسة الصهيونية الى الولايات المتحدة، وفي نظر قادة قاتلوها من الجبهة السرية مع إجلالها مثل مناحيم بيغن.
لا تحتاج أهميتها الى تفسيرات فهي ليست دولة ضئيلة الشأن في امريكا اللاتينية تناكف اسرائيل، وهي ليست السويد ايضا ذات الأهمية المتوسطة بل هي أكثر من ذلك بكثير. ولهذا تكفي خطوة انجليزية معتدلة لاضاءة مصابيح التحذير في اسرائيل. وقد بادر حزب العمال، وهو ضد لاسرائيل دائما، الى القرار الذي لا داعي إليه لتأييد فلسطين، أما رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كامرون الذي تحفظ من ذلك الاجراء فلم يصوت معترضا واكتفى بالامتناع عن التصويت، ولا يقل هذا أهمية عن الاكثرية الدراماتية التي أيدت التصريح.
نقترح على اسرائيل ألا تهتاج وألا تتجاهل، وألا تنسب ذلك الى تكاثر السكان المسلمين في بريطانيا برغم صحة ذلك. وينبغي ألا يتم الحديث باستخفاف عن أول برلمان في العالم لدولة عرفت علاقتها باسرائيل ارتفاعا وانخفاضا، لكن الفائدة من العلاقات بها ملحوظة وبارزة.
ينبغي الحديث الى بريطانيا بتهذيب بريطاني. وينبغي ألا ندعي فقط بل أن نستمع لما قيل في المبنى الذي يبشر قرع «بغ بن» في قمته احيانا بتحول تاريخي، وينبغي ألا نحاربها سياسيا بل أن نحارب عنها، ويحسن غدا خلال العيد أن ننظر في كتاب الرئيس الاول «النظرية والفعل». فقد عرف هو وزئيف جابوتنسكي بريطانيا أفضل من كل زعيم صهيوني الى هذا اليوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
بالون برلين
لماذا أصبح الإسرائيليون يتوقون للهجرة إلى برلين والاستقرار فيها
بقلم: اسحق ليئور،عن هآرتس
في فترة المانيا الغربية كانت برلينها جيبا في داخل المانيا الشيوعية، وبقي فيها على نحو عام برغم مركز المشتريات البراق، بقي فيها سكانها الاصليون وفيهم كثير من الشيوخ والفقراء، الذين لم ينجحوا في الهجرة الى الغرب، الى مناطق «المعجزة الاقتصادية». ومن جهة اخرى وبفضل مكانتها القانونية الخاصة تدفق عليها جموع من الالمان الغربيين من اليسار، «للابتعاد عن المانيا» وكي لا يخدموا في الجيش. واستعان استيعابهم باموال حولت الى الجيب الحصين من بون وواشنطن، البغيضة الى الشباب المعادين للاستعمار. وكان مهرجان برلين مثالا على قلعة يسارية بتمويل غربي. وكانت قائمة عروض «بيت ثقافات الشعوب» يسارية برغم أنه أنشيء بمال امريكي، وقد نقش على حجر في واجهة المبنى قول مقتبس من وزير الخارجية الامريكي السيء الذكر (عند اليسار) جون فوستر دالاس.
وأغدقت على المدينة اموال دعم لفروع الثقافة اعتاش منها «السكان البديلون»، من العمل في المناسبات الى منح سخية في «الجامعة الحرة». وكانت احداث الشغب العنيفة في الغرب في تمرد 1968 في برلين. وكنت تستطيع في بداية سبعينيات القرن الماضي أن ترى مظاهرات تأييد حتى لمنظمة «بادر ماينهوف». وفي ضمن السور كان في غرب المدينة شيء من البهجة الثورية، وهذا شيء من مزاياها. فما الذي بقي من ذلك بعد الوحدة؟ توجد هنا كما هي الحال في المانيا اتحادات مهنية قوية (ولا توجد دولة رفاه من غير اتحادات قوية)؛ واسعار السكن في المدينة نفسها مرتفعة جدا؛ ويوجد من جهة اخرى تأثير واسع للمواطنين في سياسة المدينة. وتحول يسار تلك الايام الذي كان مؤيدا للفلسطينيين في اكثره الى يسار يسمى «ضد الماني» أي أنه مؤيد لاسرائيل.
إن ازدواج معنى الحرية الغنية لم يزُل من المدينة حتى بعد أن استولت على الجانب الشرقي ودفعت بالتدريج مواطني الشرق عن أحيائهم المركزية الجميلة وعن الجامعات وعن ادارة المسارح والمتاحف، في مسار شبه استعماري شارك فيه ايضا يساريون من الغرب.
وتحولت النظرة الكونية القديمة الى ارض مريحة للسياحة. ولم تكن المانيا لتنجح مدة سنين في الترويج لمناظرها الطبيعية، لكن في برلين وحدها جاءت الى المدينة بالتدريج سياحة حقيقية وأضيفت متاحف ومسارح اخرى (تشمل عروضا مترجمة للانجليزية). وما زالت المدينة الاستعمارية الجديدة تجذب المهاجرين. ومن المتاح للمثقفين الشباب وبيئتهم اليسارية العيش المناسب كما كانت الحال في الماضي وبقيت في المدينة «غريزة» من ايام الحرب الباردة تدعو الى الاختلاف عن المانيا. ويهم هذه من جهتها الوجه الليبرالي لبرلين، وقد أضيف نصب تذكاري للكارثة، ويُظهر شارع بن غوريون وشارع حنا آرنت المجاوران تسامحا مع الصهيونية وما بعد الصهيونية. ويوجد اسرائيليون يتوقون الى الاستقرار فيها أو الى العيش فيها في الحاضر، وهذا شأنهم الخاص. واكثرهم مشحون جدا بالوعي الذاتي الاسرائيلي وهذا شأن اجتماعي ينتظر البحث، وهناك شأن آخر هو الصورة التي تبدو عليها برلين في البلاد. إن لاسرائيل عقلية كيبوتس بخلاف كامل لالمانيا، والرقابة الاجتماعية فيها هي صورة الوجود، ويوجد الآن قطيع نمام ضخم يفرقع بألسنته في المدونات في الشبكة على صوت الناي الاعلامي. وحينما كانت «الهجرة من البلاد» أمرا محظورا خلّوا حتى الطائفة اليهودية الضخمة في نيويورك وشأنها، وفرقع المجموع بألسنته وصمت. وانقضى عهد الحظر، ولا يجوز أن يقال أي شيء حقيقي لأنه يجوز أن يقال كل شيء، واختفى ايضا الحظر الالماني ولهذا اصبح يوجد شيء من «ذعر برلين». إن الطعام رخيص هناك حقا بيد ان الامر في هذا البلد يشبه بالون احتجاج ثخينا آخر محطما للحظر – مخففا. وفيه الكثير من الاستمناء في الشبكة وهناك «احتجاج مخفف برعاية قناة الدولة».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
بقلم: شلومو تسيزنا،عن اسرائيل اليوم
يصعب أن نعتقد أنه يوجد من يحسد وزير الدفاع موشيه (بوغي) يعلون. فهذا الشخص الموجود في قمة الهرم الامني في اسرائيل هو الذي يُجيز خطط عمليات، ويعرف من قريب التهديدات في جميع الجبهات ويضطر في مقابل ذلك الى مواجهة مطالب تقليص الميزانية الامنية ولقاءات مؤلمة مع العائلات الثكلى ومع الجرحى. وبعد انقضاء عملية «الجرف الصامد» بشهر ونصف يتفرغ يعلون لاول مقابلة صحافية شاملة.
»أنا راض من جهة اخلاقية عما استقر رأينا عليه»، يقول وزير الدفاع مُبينا المعضلات الاخلاقية التي واجهته. كانت المهمة المس بالمخربين لكن تم المس في غزة في واقع الامر بمدنيين كثيرين هم فلسطينيون غير مقاتلين.
«حينما أنظر في الحاجة الى استعمال قوة على الطرف الآخر أضع لنفسي ثلاثة اختبارات: الاختبار الاول هو قدرتي على النظر في المرآة بعد اطلاق النار أو بعد أن أُجيز عملية. وبعد ذلك أختبر الامور من وجهة نظرنا القانونية وبحسب القانون الدولي.
ولو شارك الجميع في مباحثات اجازة عملية عسكرية لتبين لهم أنه توجد معضلات غير بسيطة مثل معضلات متى نطلق النار، ومعضلات لا تقتل باعتبار قداسة الحياة وبين مبدأ «من استيقظ لقتلك فبكر بقتله». اجل، إنني راض عما استقر رأينا عليه خلال عملية الجرف الصامد.
»نحن نُقدر التناسب والاخلاق وقداسة الحياة عند الاطراف جميعا، لكن يوجد في الجانب الآخر عدو لا يعمل لا بحسب القانون الدولي ولا بحسب اخلاق قداسة حياة الانسان حتى ولا نحو ناسه ومواطنيه الذين يوجههم الى مقدمة الجبهة، والمعضلات غير بسيطة. وبعد ذلك يأتون من الامم المتحدة ويطلبون تفحصنا. واضح أنه يوجد هنا نفاق؛ فليتفحصوا حماس. لكن انتقادنا والهجوم علينا أسهل ويوجد هنا تأليف بين النفاق ومعاداة السامية وربما اشياء اخرى».
٭محمد ضيف ـ هل هو حي أم ميت؟
٭ «إما حي وإما ميت».
٭أكان من الصواب طرح قذيفة على البيت وقد علموا أن زوجته وابنته هناك؟
٭ «هذا بالضبط من نوع المعضلات التي قلت إنني اسأل هل استطيع أن أنظر لنفسي في المرآة بعد اجازة العملية، وكانت هذه العملية من الصواب».
٭ في عملية «الجرف الصامد» عمل رئيس الوزراء وأنت ورئيس هيئة الاركان مثل ثلاثة في قمة القيادة واستقر رأيكم على ألا تسقطوا حكم حماس، فهل تستطيع أن تفسر لماذا؟
٭«لم نصل الى عملية الجرف الصامد فجأة. فقد كان المجلس الوزاري المصغر الحالي منذ كانت ولاية هذه الحكومة متأهبا. وكانت مباحثات سابقة تتعلق بقطاع غزة وجبهات اخرى اذا ما اضطررنا الى العمل في لبنان وسوريا واماكن أبعد ايضا، لهذا أجرينا مباحثات عميقة، وأُثيرت امكانات كثيرة وعُرضت فيها خطط عمليات تشمل امكانية أن ندخل غزة ونحتلها ونعمل في تطهيرها. وفي تقديرات الكلفة – الفائدة خلصنا الى استنتاج أن ليس من الصحيح في هذا الوقت أن ننفذ عملا من هذا النوع. وأدركنا أنه لا يوجد من يحل محلنا بعد أن نحتل ونطهر: لا أبو مازن ولا المصريون ولا الجامعة العربية ولا الامم المتحدة أي أننا اذا دخلنا الى هناك فسنعلق هناك».
٭ لماذا لا نحتل ونطهر ونخرج؟
٭ «وماذا يكون بعد ذلك، وماذا نكون فعلنا بذلك؟ أليسوا يقولون إنكم قمتم بحملة السور الواقي في يهودا والسامرة في بداية القرن الواحد والعشرين فلماذا لا تنفذون سورا واقيا في غزة. وأُذكرهم بأننا في السور الواقي احتجنا الى نحو من ثلاث سنين لنصل الى تطهير يهودا والسامرة من بنية الارهاب التحتية وقد كان هناك بضع مئات من المخربين فقط، والحديث في غزة عن عشرات الآلاف. وفي المعركة الشهيرة في جنين خسرنا 23 مقاتلا، وكان هذا في غزة حكاية شارع واحد في حي جباليا. وفي قطاع غزة توجد النصيرات والشبورة والشاطيء والبرج وغيرها والوضع هناك أكثر تعقيدا، فهناك مناطق مبنية وأبنية متعددة الطوابق، ومثل هذا المبنى يعني أن ندخل كتيبة لنطهره. وتوجد ايضا مدينة انفاق تحت الارض. وأقول مرة اخرى إن الجيش يعرف فعل هذه الاشياء لكن كل ذلك مسألة كلفة وما الذي نحرزه.
«لم يكن في عملية السور الواقي في يهودا والسامرة مدافع «آر.بي.جي» وكنا نركب سيارات جيب مدرعة. وفي قطاع غزة مدافع «آر.بي.جي» وصواريخ «كورنت» والتهديد أكبر، وفي الدخول الى هناك نستعمل دبابات المركباه من الطراز الرابع ومنظومة «معطف الريح» وناقلات جنود «النمر» ونستخدم أفضل القوات.
وفي السور الواقي أنهوا العمل في غضون ثلاث سنوات لكن الامر سيستغرق هنا زمنا أطول ولا يوجد مانع في اثناء هذا الزمن من أن تستمر حماس على اطلاق القذائف الصاروخية على اسرائيل مفرقة هنا وهناك. وأن تقتنص القوات وتوقع القتلى. ولا ينتهي الامر بالسيطرة مدة عشرة ايام بل يحتاج الى عدة سنوات تطهير. ولست على يقين من أن هذه الحكومة تستطيع أن تجتاز هذا الوضع لأن الشعب لو حدث ذلك لسأل: تمهلوا، ما الذي نبحث عنه هناك؟ ولماذا دخلنا وخرجنا؟ واذا لم نوقف اطلاق الصواريخ فلماذا دخلنا؟ ولهذا من المؤكد في هذا الشأن صحة قول إن الفعل ينبغي أن يسبقه التفكير».
«إختاروا القذائف الصاروخية بدل التوت»
لا يذكر وزير الدفاع أسماءً، لكنه ينتقد تعريضا الوزيرين افيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت وآخرين هاجموا تدبيراته في اثناء العملية: «يؤسفني أن كلاما خرج من داخل المجلس الوزاري المصغر بسلوك غير مناسب. حدث قتال وكان هناك وزراء اشتغلوا بالسياسة في الخارج في تهييج واطلاق شعارات وكأنهم يؤيدون القضاء على حماس في حين يعارضه غيرهم، ولهذا كان هنا سلوك غير مناسب اضطررنا الى التطرق إليه خلال العملية وأدى بنا ذلك الى اماكن غير طيبة فيما يتعلق بسلوك المجلس الوزاري المصغر في العملية».
٭ جرى الحديث كثيرا عن الاكتئاب وربما كان ذلك لأنهم أدركوا أنه لا يمكن قهر غزة ولا يمكن الانتصار كما ينبغي، بسبب الكلفة التي ذكرتها بالضبط.
«السؤال قبل كل شيء هو ما هو الحسم العسكري؟ إننا نتوق الى الحسم العسكري في الايام الستة، وقد كان هناك نصر لامع بيقين من جهة عسكرية حيث تم القضاء على جيوش الدول العربية المجاورة. لكن بعد كم بدأت حرب الاستنزاف؟ بعد زمن قصير جدا. ولهذا فان مسألة الحسم العسكري تثير الاهتمام وتقتضي فحصها. وأزعم أن الحسم العسكري هو القدرة على تأدية الطرف الآخر الى هدنة بحسب شروطك. وهكذا رأينا المعادلة قبل العملية وبعدها ايضا. اجل أدينا بحماس الى هدنة بخلاف مطامحها وهذا انجاز دون أي شك. ويوجد حسم عسكري على الارض بسبب الثمن الباهظ الذي دفعه القطاع. وأُقدر أن يفكروا مرتين قبل أن يتجهوا الى التصعيد العسكري مرة اخرى. بعد عملية عمود السحاب استمر الردع سنة ونصفا، ودفعوا ثمنا عن ثمانية ايام قتال، لكن من المؤكد أن الثمن أبهظ كثيرا هنا وستنبئنا الايام بالردع الذي أحرزناه بعد العملية».
٭ ما هو الحل في غزة من جهة سياسية؟
٭ «خرجنا من غزة، واختار الغزيون حماس التي اختارت لهم صنع القذائف الصاروخية بدل تصدير التوت الارضي وهم يدفعون ثمنا عن ذلك. ويبدو أن هذا ليس حلا وليس شيئا مستقرا ثابتا، لكن يجب أن نتحدث عن «ادارة الازمة» فيما يتعلق بغزة وما يتعلق بيهودا والسامرة على نحو يخدم مصالحنا. وعلى حسب تصور الجدار الحديدي سيدركون أننا باقون هنا أبدا، أو بحسب تصور الدكتور موشيه بلنسون الذي كان نائب محرر صحيفة «دافار» منذ بدأت الاحداث في 1936، حينما سألوه الى متى فقال: الى أن يدرك آخر أعدائنا أننا هنا الى الأبد. ولا يوجد اختصار للطريق. وقد فشلت محاولتنا اختصار الطريق في العقدين الاخيرين – من اوسلو الى اليوم، ونعرف كيف نُعايش ذلك. من المؤكد أنه لا حاجة الى السيطرة عليهم بل الى تمكينهم من استقرار سياسي كما هي الحال اليوم».
٭ أما زال أبو مازن شريكا؟
٭ «لم يقل أبو مازن قط إنه سيعترف بدولتنا أنها الدولة القومية للشعب اليهودي، ولم يقل قط ايضا إنه اذا وجد اتفاق تصالح حتى بحسب طريقته في خطوط 1967 فسيكون نهاية الصراع وانهاءً للمطالب. ولم يقل قط إنه تخلى عن حقوق اللاجئين فالى أين يمكن الوصول معه اذا؟ إنه شريك في الحوار وشريك في ادارة الصراع وأنا لا أبحث عن الحل بل أبحث عن طريقة لادارة الصراع وادارة العلاقات على نحو يقوي مصالحنا. ويجب أن نتحرر من تصور أن كل شيء يدخل في اطار يسمى دولة. ومن جهتي فليسموها اذا شاءوا الامبراطورية الفلسطينية، ماذا يهمني؟ إنها في الحقيقة منطقة حكم ذاتي اذا اصبحت آخر الامر منطقة منزوعة السلاح. وليس ذلك وضعا راهنا بل هو إحداث تسوية مؤقتة محتملة تخدم مصالحنا».
٭ هل تفكر بفكرة الدولتين؟
٭ «سمي ذلك كما شئت. إن الانفصال السياسي قد تم من قبل، وحسن أن كان ذلك، ونحن لا ندير الحياة لا في غزة ولا في يهودا والسامرة، وهذا الانفصال مهم. وأنا أشجع وأعزز القدرة على الحكم والاقتصاد وقدرة المواطن على العيش هناك في كرامة ورفاه، لكن لا ينبغي أن نشتق من ذلك فورا الاسود أو الابيض أو الدولة أو اللادولة، تعال نترك المصطلحات».
٭ هل يكون لهم أو لا يكون اتصال بين المناطق ليُكوّن مفهوم دولة؟
٭ أقول أولا إنه سيكون من الممكن الربط بين نابلس وجنين ورام الله اذا كانت هذه هي المشكلة، والسؤال هنا هو ما هي مطامح الأمد البعيد. اذا كنا نبحث عن السلام والأمن وعن العيش في هدوء وسكينة فهذا شيء واحد. لكن الطرف الآخر لا يعتقد أن خطوط 1967 هي نهاية الامر وهم لم يقولوا قط إنها نهاية الامر بل يرون أنها مرحلة، والذي يشغلهم في الحقيقة ليس انشاء دولة بل القضاء على الدولة اليهودية وعدم تمكين وجودها. فيوجد هنا اذا عدم تناسب في غير مصلحتنا ويجب أن نعرف كيف ندير هذا الصراع دون أوهام».
«المصالح فوق الاختلافات»
أثار يعلون عاصفة حينما اقتُبس من كلامه أنه نبز وزير الخارجية الامريكي جون كيري بأنه «مسيحاني وهاذٍ». وبرغم ذلك يرفض ما يُدعى عليه أنه لا يعامل وزير خارجية أكثر الدول صداقة لاسرائيل باحترام.
«هل سمعتني أقول ذلك؟ وهل قال أحد ما إنني قلته»، يقول، «إن منظومة العلاقات بيننا وبين الولايات المتحدة هي منظومة مهمة جدا لنا أولا؛ وآمل أن تكون كذلك للولايات المتحدة ايضا. والعلاقات الامنية بين الطرفين ممتازة، وكذلك العلاقة الشخصية بيني وبين وزير الدفاع تشاك هيغل وبين وزارة الدفاع ووزارة الدفاع الامريكية وبين الجيش الاسرائيلي وجيش الولايات المتحدة، ولا يعني ذلك أنه لا يوجد جدل، فالجدل موجود حتى بين الاصدقاء، ولا يعني أن الجدل يجب أن يخرج على نحو ما.
«أجل يوجد جدل بيننا، فنحن نتجادل في كيفية علاج المشروع الذري الايراني وفي مسألة فيمَ يُباحثون الايرانيين. فهل يُباحثونهم في الارهاب والصواريخ أو يُباحثونهم في اجهزة الطرد المركزي فقط.
وسبق جدل في كيفية تدبير الامور مع مصر مع مبارك ومع الاخوان المسلمين وفي علاقة الامريكيين بالسيسي. كان جدل ورأينا الامور على أنحاء مختلفة، والاختلافات مشروعة في داخل الغرف المغلقة، ومفهوم أنه توجد ايضا خلافات في الشأن الاسرائيلي الفلسطيني فيما يتعلق بمبلغ مركزيته بوضع الشرق الاوسط، وهل هو مصدر عدم الاستقرار في المنطقة أو أن مصدره غيره. أعتقد أنه لا يوجد اليوم زعيم عربي يزعم مثلا أن القضية الفلسطينية هي لب المشكلات في الشرق الاوسط، فالذي يشغلهم تهديدات ايران وداعش والاخوان المسلمين.
«لنا مع الولايات المتحدة مصالح مشتركة كثيرة تغلب الاختلافات. ومن المؤكد أنه توجد قيم مشتركة تدبر الدولتان أمورهما على أساسها. وتنبع الاختلافات من فروق في التصور ووجهة النظر، فما يرونه من هناك نراه من هنا بصورة مختلفة، والاختلاف مباح، وعندنا ايضا اختلافات في تحليل الامور والتشخيص ووصف العلاج».
٭ ألم تشعر بحاجة الى الاعتذار الى كيري؟
«قلت ما كان يجب أن أقول، ويكثرون من الحديث عن أن كيري سمع مني مباشرة بصورة شخصية أنه من المؤكد أنني لم أقل ما اقتُبس في تلك الصحيفة، ولا يسمعونني هنا في البلاد أتحدث بهذه الطريقة عن اشخاص لا في الكنيست ولا في مقابلات صحافية ولا في اماكن اخرى، ولهذا لم تكن الصورة التي خرج الكلام عليها الى الخارج، لم تكن مناسبة.
«الولايات المتحدة هي القوة العظمى الاولى في العالم وما زالت القوة العظمى الاولى حتى لو تحدثنا عن عالم متعدد الاقطاب وعن صعود قوى اخرى وربما عن تهاوي مكانة الولايات المتحدة. ولها تأثير كبير جدا في كل المجالات وهي تقود الحلفين على داعش في العراق وسوريا، وهي تجري مفاوضات مع الايرانيين في الشأن الذري، وهي القائدة في منظمات دولية وفي الامم المتحدة، ويوجد مجلس النواب ايضا الذي يملك قوة قائمة في حد ذاتها. فمجلس النواب الامريكي هو الذي قاد مسار العقوبات على ايران، وهو الذي جعل خامنئي يخلص الى استنتاج أنه يجب عليه للبقاء أن يفاوض. ويوجد فوق كل ذلك ايضا الشعب الامريكي الذي لنا معه قيم مشتركة».
٭ من الخلافات الكبيرة مع الولايات المتحدة مسألة البناء وراء الخط الاخضر، ويوجد قادة مستوطنين يتهمونك بتجميد البناء ويتهمونك في مقابل ذلك باجازة متسرعة للبناء.
٭ «لا يوجد تجميد بناء، بل يوجد تأخير اعلانات بمسارات التخطيط بسبب الحساسية. ويجب من هذه الجهة السلوك بحكمة وألا نجلب علينا قرارات دولية صعبة نأسف بعد ذلك لأننا وصلنا الى تلك الزوايا».
يؤكد وزير الدفاع أن اسرائيل مستعدة لكل امكان، في كل جبهة. ويقول فيما يتعلق بالجبهة الشمالية: «لا نرى الآن أن حزب الله متجه الى تصعيد عسكري، فالحدود في مزارع شبعا محددة، حينما استصوب حزب الله أن يرد على عمليات نسبها إلينا. عند حزب الله 001 ألف قذيفة صاروخية وصاروخ ـ من ايران وسوريا خاصة. وهذه المنظمة متعلقة بايران التي هي مصدر المشكلة.
«نحن نستعد لامكان تصعيد عسكري من كل جبهة لا من الجبهة اللبنانية فقط. وقد أصبح كل من يهددنا بالصواريخ يدرك قبل عملية الجرف الصامد وبعدها أننا سنجبي منه ثمنا باهظا جدا، واذا كان دُمر في ضاحية بيروت 70 مبنى فقد تحدثوا عن تدمير 7 آلاف مبنى في غزة تدميرا كاملا. والاستنتاج واضح وهو أنهم يدفعون آخر الامر ثمنا باهظا اذا وجهوا عملهم علينا. واذا صعّد حزب الله فسيدفع ثمنا باهظا وستدفع لبنان ثمنا باهظا. فالهجوم اليوم ايضا هو أفضل الدفاع. ومع ذلك فان دولة اسرائيل في نهاية المطاف ومن جهة تهديد القذائف الصاروخية هي آمن مكان في العالم بفضل دفاع متعدد الطبقات ـ من القبة الحديدية الى منظومة حيتس».
يضمن يعلون أن تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف الذي يقلق العالم الآن لا يهدد اسرائيل، ويقول: «الدولة الاسلامية بعيدة عنا الآن، وكانت تستطيع أن تهدد لو احتلت سوريا من الغرب وباتجاهنا، لكن الوضع اليوم ليس كذلك».
أصبح يُثار للنقاش العام في الاسابيع الاخيرة في الغرب سؤال هل ينبغي اخراج تركيا من عضويتها في منظمة حلف شمال الاطلسي. ويفضل يعلون ألا يتطرق الى ذلك مباشرة لكنه يُبين قائلا: «اذا كانت توجد دولة هي عضو في الامم المتحدة وحلف شمال الاطلسي وتؤيد حماس في نفس الوقت ـ التي هي بلا شك منظمة ارهاب توجه عملها على مواطني دولة اسرائيل ـ فان المتوقع أن تُدعى الى الانضباط».
٭ العلاقات مع مصر طيبة لكنها غير معلنة كالعلاقات بدول عربية معتدلة اخرى.
«نعم، يؤسفني أن دولة اسرائيل ما زالت تعتبر نبتة غريبة في المنطقة ولهذا يصعب التوصل الى تطبيع، وأقول إن العلاقات تحتاج الى المصالح قبل كل شيء، فحينما يُسأل اسرائيلي من الاوساط عن السلام يسأل ثلاثة اسئلة على نحو آلي: ما هي الارض التي يجب التخلي عنها من اجل السلام، وهذا سؤال أكفر به.
والسؤال الثاني هو متى سنأكل الحمص في رام الله ودمشق وبيروت وهلم جرا. وليس ذلك يكون لكنني أكتفي بحمصنا. والسؤال الثالث وهو الاكثر اشكالية ـ اذا وجد سلام فأين المحامون الذين يصوغون الاتفاق المفصل الذي سنوقع عليه في مراسم ما في اوسلو والبيت الابيض؟ وأزعم أن اتفاقا بلا مصالح لا يساوي الورقة التي يوقع عليها. والمصالح لا تقتضي اتفاقات أو مراسم.
«يوجد سلام مع الاردن ومع مصر أصبح يقوى في السنوات الاخيرة بسبب المصالح. ويمكن أن نرى جيدا كما قال رئيس الوزراء نتنياهو في الجمعية العمومية أن الأفق السياسي لا يمر برام الله بل بعواصم عربية اخرى دون مراسم واتفاقات وعلى أساس مصالح مشتركة. وما أفضل أنه يوجد لنا وللدول السنية أعداء مشتركون كايران والاخوان المسلمين والمحور الشيعي وعناصر الجهاد العالمي والقاعدة».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
المحبطون يذهبون إلى داعش
الشاب العربي في إسرائيل صورته الرجولية محطمة مقارنة بالشاب الإسرائيلي
بقلم: ران أدلست،عن معاريف/ الاسبوع
داعش في داخلنا! في وسائل الاعلام قيل عن بضع عشرات من العرب الاسرائيليين الذين يقاتلون في صفوف التنظيم. وعثر على اعلام داعش قرب الناصرة. وشاب عربي اسرائيلي ملثم يشرح لماذا دولة الخلافة الاسلامية هي فكرة هامة. النجدة!
إذن قبل كل شيء – اهدأوا. ليس كل شاب عربي هو يغئال عمير او باروخ غولدشتاين. وداعش ليس هنا بعد. بل وليس قريبا حتى. وحتى لو اطلقت غدا الى الجولان بضع قذائف من عصابات داعش قرب الحدود، فليس هذا حتى ولا طرف احتكاك عنيف مع داعش كقوة عسكرية. بضع عشرات من العرب الاسرائيليين ممن وصلوا وسيصلون الى داعش لا يهددون دولة اسرائيل. بالحد الاقصى يهددون أنفسهم وعائلاتهم. وربما حتى ينجحون في ان يزرعوا هناك بضع عملاء ناجعين يجلبون اخيرا بعض المعلومات النوعية. وكما يذكر، فان اسرائيل الرسمية لا تتدخل عندما يقتل العرب عربا. يسافرون دون اذون الى دولة عدو؟ عندما يعودوا (اذا بقوا على قيد الحياة)، سيقدمون الى المحاكمة، حسب القانون.
السؤال المثير للفضول هو لماذا يتجندون، والجواب هو لان داعش هو صمام تنفيس لاحباطاتهم. كما أنه موضع مغامرة يمكن الانطلاق عليه وكذا مجال مجد مليء بالانفعالات. والشرف، بالطبع. فشاب عربي متوسط يعيش في دولة منعت افقه للعمل، حطمت له ولذويه الهوية الوطنية والاجتماعية، وحتى المخرج الهرموني لديه مسدود بالتقاليد. هذا شاب صورته الرجولية محطمة مقارنة بالشاب الاسرائيلي في عمره الذي يخدم في الجيش، وتقاليد الاسلام والعروبة لديه مقموعة في كل العالم ولا سيما في وطنه، في اسرائيل. عندما يصل الى داعش، تكون لديه بندقية خاصة به.
من الصعب على اليهود أن يفهموا، ولكن هذا العقاب – البندقية هذه (99.99 في المئة من البنادق والمسدسات في الجيش الاسرائيلي لا تطلق النار الى غاية) وعشرات سنوات الخدمة الدائمة والاحتياط – هي موضع الامل المحظور والمنشود للعديد من الشباب في الوسط العربي. ليس بالذات من اجل القتل، ولكن بقدر اكبر من أجل النزعة الرجولية والمعنى الامني الذي تمنحه.
السكان العرب في اسرائيل هم اكثر بقليل من 20 في المئة من سكان الدولة. اكثر من 60 في المئة من السكان العرب في اسرائيل هم ابناء 15 حتى 35. ويطلع هؤلاء الشباب على العالم الذي يعيشون فيه. هوية وحرية الفرد لرفاقهم في العمر في معظم البلدان هما موضوع عادي، اما هنا، في وطنهم، فهو امتياز للشباب اليهودي. هذا لا يعني انهم سيتجندون لداعش. العكس تماما. حركات الشباب المحبطين اليوم، مثل «ارفض شعبك بحميك» أو «خيرك» تدير صراعها داخل المجتمع الاسرائيلي. هذا هو ميدان قتالهم. العنف؟ هذا منوط فقط بالحكومة التي ستتصرف حيالهم، ضدهم أو معهم.
ان الانباء عن المتجندين لداعش تغذي مخاوف الجمهور الذي تنقل من ايفات ليبرمان الى باروخ مارزيل، ومن «الظل» الى ميري ريغف. من القلق الى الشك والى الضياع الطريق قصير مثل الطريق من «تفوح» الى القرية المجاورة. من اجل الاستخفاف حيال المسجد الذي احرق لا حاجة حتى للنهوض من الكرسي. اذا لم نعرف كيف نعالج السمكة الفاسدة هذه من الرأس وحتى الذيل، سيصبح تهديد داعش حلما لذيذا في مواجهة المشادة التي ستقع داخل الوطن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
مُغضب لكن يحسن الإصغاء
يجب الحديث إلى بريطانيا بشكل يليق بمكانتها العالمية السامية وأن يسمع ما يُقال هناك
بقلم: دان مرغليت،عن إسرائيل اليوم
بعد 97 سنة من تسليم وزير الخارجية البريطاني المحافظ آرثر جيمس بلفور الى ليونيل روتشيلد تصريحا من 79 كلمة «بترجمة الى العبرية»، بأن بريطانيا ستعمل على انشاء وطن قومي للشعب اليهودي في ارض اسرائيل، عُقد البرلمان في لندن وأعلن تأييده لانشاء فلسطين في نفس المساحة من الارض.
ولد التصريح في 1917 بجهد سياسي طويل، وحينما سأل بلفور الدكتور حاييم وايزمن هل يمكن انشاء سيادة يهودية في بلد آخر أجابه الزعيم الصهيوني بقوله: «هبني اقترحت عليك باريس بدل لندن، فهل توافق؟»، فانتفض بلفور وقال: «لكن لندن لنا». فانتفض وايزمن أكثر وقال: «كانت القدس لنا حينما كانت لندن ما تزال مستنقعا».
لكن في اليوم الذي أعطي فيه التصريح لروتشيلد ووايزمن وللهستدروت الصهيونية لم يهتم به أحد ولم يتناوله تناولا جديا. ومرت سنين فبعث على اعتراف «قانون الشعوب» (وهذا مصطلح كان يكثر ثيودور هرتسل من ترديده) بالحق اليهودي بدولة في ارض اسرائيل.
ينبغي ألا نبالغ في الحقيقة في وزن قرارات من اجل فلسطين من النوع الذي اتخذه البرلمان البريطاني وتلاه أمس السفير ماثيو غولد في اذاعة الجيش الاسرائيلي. لأن أهميته تتعلق باستمرار العمل السياسي اليومي.
يوجد حساب تاريخي طويل بين بريطانيا العظمى واسرائيل التي ولدت في كل السنين التي مرت منذ ذلك الحين، فيه حلف دموي وحساب دموي ايضا، لكن بريطانيا كانت دائما مهمة في نظر اليهود حتى في السنوات التي أحدث فيها دافيد بن غوريون تحولا تاريخيا حاسما بنقله ثقل وزن السياسة الصهيونية الى الولايات المتحدة، وفي نظر قادة قاتلوها من الجبهة السرية مع إجلالها مثل مناحيم بيغن.
لا تحتاج أهميتها الى تفسيرات فهي ليست دولة ضئيلة الشأن في امريكا اللاتينية تناكف اسرائيل، وهي ليست السويد ايضا ذات الأهمية المتوسطة بل هي أكثر من ذلك بكثير. ولهذا تكفي خطوة انجليزية معتدلة لاضاءة مصابيح التحذير في اسرائيل. وقد بادر حزب العمال، وهو ضد لاسرائيل دائما، الى القرار الذي لا داعي إليه لتأييد فلسطين، أما رئيس الوزراء المحافظ ديفيد كامرون الذي تحفظ من ذلك الاجراء فلم يصوت معترضا واكتفى بالامتناع عن التصويت، ولا يقل هذا أهمية عن الاكثرية الدراماتية التي أيدت التصريح.
نقترح على اسرائيل ألا تهتاج وألا تتجاهل، وألا تنسب ذلك الى تكاثر السكان المسلمين في بريطانيا برغم صحة ذلك. وينبغي ألا يتم الحديث باستخفاف عن أول برلمان في العالم لدولة عرفت علاقتها باسرائيل ارتفاعا وانخفاضا، لكن الفائدة من العلاقات بها ملحوظة وبارزة.
ينبغي الحديث الى بريطانيا بتهذيب بريطاني. وينبغي ألا ندعي فقط بل أن نستمع لما قيل في المبنى الذي يبشر قرع «بغ بن» في قمته احيانا بتحول تاريخي، وينبغي ألا نحاربها سياسيا بل أن نحارب عنها، ويحسن غدا خلال العيد أن ننظر في كتاب الرئيس الاول «النظرية والفعل». فقد عرف هو وزئيف جابوتنسكي بريطانيا أفضل من كل زعيم صهيوني الى هذا اليوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
بالون برلين
لماذا أصبح الإسرائيليون يتوقون للهجرة إلى برلين والاستقرار فيها
بقلم: اسحق ليئور،عن هآرتس
في فترة المانيا الغربية كانت برلينها جيبا في داخل المانيا الشيوعية، وبقي فيها على نحو عام برغم مركز المشتريات البراق، بقي فيها سكانها الاصليون وفيهم كثير من الشيوخ والفقراء، الذين لم ينجحوا في الهجرة الى الغرب، الى مناطق «المعجزة الاقتصادية». ومن جهة اخرى وبفضل مكانتها القانونية الخاصة تدفق عليها جموع من الالمان الغربيين من اليسار، «للابتعاد عن المانيا» وكي لا يخدموا في الجيش. واستعان استيعابهم باموال حولت الى الجيب الحصين من بون وواشنطن، البغيضة الى الشباب المعادين للاستعمار. وكان مهرجان برلين مثالا على قلعة يسارية بتمويل غربي. وكانت قائمة عروض «بيت ثقافات الشعوب» يسارية برغم أنه أنشيء بمال امريكي، وقد نقش على حجر في واجهة المبنى قول مقتبس من وزير الخارجية الامريكي السيء الذكر (عند اليسار) جون فوستر دالاس.
وأغدقت على المدينة اموال دعم لفروع الثقافة اعتاش منها «السكان البديلون»، من العمل في المناسبات الى منح سخية في «الجامعة الحرة». وكانت احداث الشغب العنيفة في الغرب في تمرد 1968 في برلين. وكنت تستطيع في بداية سبعينيات القرن الماضي أن ترى مظاهرات تأييد حتى لمنظمة «بادر ماينهوف». وفي ضمن السور كان في غرب المدينة شيء من البهجة الثورية، وهذا شيء من مزاياها. فما الذي بقي من ذلك بعد الوحدة؟ توجد هنا كما هي الحال في المانيا اتحادات مهنية قوية (ولا توجد دولة رفاه من غير اتحادات قوية)؛ واسعار السكن في المدينة نفسها مرتفعة جدا؛ ويوجد من جهة اخرى تأثير واسع للمواطنين في سياسة المدينة. وتحول يسار تلك الايام الذي كان مؤيدا للفلسطينيين في اكثره الى يسار يسمى «ضد الماني» أي أنه مؤيد لاسرائيل.
إن ازدواج معنى الحرية الغنية لم يزُل من المدينة حتى بعد أن استولت على الجانب الشرقي ودفعت بالتدريج مواطني الشرق عن أحيائهم المركزية الجميلة وعن الجامعات وعن ادارة المسارح والمتاحف، في مسار شبه استعماري شارك فيه ايضا يساريون من الغرب.
وتحولت النظرة الكونية القديمة الى ارض مريحة للسياحة. ولم تكن المانيا لتنجح مدة سنين في الترويج لمناظرها الطبيعية، لكن في برلين وحدها جاءت الى المدينة بالتدريج سياحة حقيقية وأضيفت متاحف ومسارح اخرى (تشمل عروضا مترجمة للانجليزية). وما زالت المدينة الاستعمارية الجديدة تجذب المهاجرين. ومن المتاح للمثقفين الشباب وبيئتهم اليسارية العيش المناسب كما كانت الحال في الماضي وبقيت في المدينة «غريزة» من ايام الحرب الباردة تدعو الى الاختلاف عن المانيا. ويهم هذه من جهتها الوجه الليبرالي لبرلين، وقد أضيف نصب تذكاري للكارثة، ويُظهر شارع بن غوريون وشارع حنا آرنت المجاوران تسامحا مع الصهيونية وما بعد الصهيونية. ويوجد اسرائيليون يتوقون الى الاستقرار فيها أو الى العيش فيها في الحاضر، وهذا شأنهم الخاص. واكثرهم مشحون جدا بالوعي الذاتي الاسرائيلي وهذا شأن اجتماعي ينتظر البحث، وهناك شأن آخر هو الصورة التي تبدو عليها برلين في البلاد. إن لاسرائيل عقلية كيبوتس بخلاف كامل لالمانيا، والرقابة الاجتماعية فيها هي صورة الوجود، ويوجد الآن قطيع نمام ضخم يفرقع بألسنته في المدونات في الشبكة على صوت الناي الاعلامي. وحينما كانت «الهجرة من البلاد» أمرا محظورا خلّوا حتى الطائفة اليهودية الضخمة في نيويورك وشأنها، وفرقع المجموع بألسنته وصمت. وانقضى عهد الحظر، ولا يجوز أن يقال أي شيء حقيقي لأنه يجوز أن يقال كل شيء، واختفى ايضا الحظر الالماني ولهذا اصبح يوجد شيء من «ذعر برلين». إن الطعام رخيص هناك حقا بيد ان الامر في هذا البلد يشبه بالون احتجاج ثخينا آخر محطما للحظر – مخففا. وفيه الكثير من الاستمناء في الشبكة وهناك «احتجاج مخفف برعاية قناة الدولة».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ