المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اقلام واراء اسرائيلي 25/10/2014



Haneen
2014-11-04, 01:53 PM
<tbody>
أقــلام وآراء إسرائيلي السبـــت 25/10/2014 م



</tbody>

<tbody>




</tbody>



<tbody>
في هــــــذا الملف

ما الذي يؤجج حرب القدس
بقلم:نير حسون وعاموس هرئيل ،عن معاريف

قطار المدينة
حوار سريع بين المسافرين بعد عملية الدهس
بقلم:كارني الداد،عن معاريف

القدس تضطرب
لا تحتاج المنطقة كلها إلا إلى إحراق بساط في الأقصى لكي تشتعل... لكن إسرائيل في سبات عميق
بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت

في مثل هذا الاسبوع قبل عشرين سنة اختار الملك حسين أن يوقع على اتفاق سلام وأن يكشف عن علاقاته الحارة بقادة اسرائيل
بقلم: يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم






</tbody>



ما الذي يؤجج حرب القدس

بقلم:نير حسون وعاموس هرئيل ،عن معاريف

إليكم تسلسل الاحداث التي حدثت في القدس أول أمس، قبل أن يقتل المخرب عبد الرحمن الشلودي بعملية الدهس البنت الرضيعة حايه زيسل براون: في الساعات المبكرة من الصباح رمى فلسطيني حافلة في شارع عوزي نركيس بحجر. فتم تهشيم واجهتها ولم يُصب أحد؛ وفي الساعة نفسها رمى ولد فلسطيني صغير زوارا يهودا في جبل الهيكل بحجر وتم توقيف الصغير؛ وفي الظهر، وفي شارع عوزي نركيس مرة اخرى ضبط كمين من محققي شرطة القدس خمسة فتية فلسطينيين كانوا يوشكون أن يرموا سيارات بحجارة؛ وبعد ذلك بوقت قصير، وفي جبل الهيكل مرة اخرى، تم توقيف امرأة فلسطينية للتحقيق بعد أن شتمت زوارا يهودا؛ وفي الساعة الثانية بعد الظهر أوقف شرطيو حرس الحدود وشرطة اسرائيل ولدا في الـ 12.5 من عمره بعد أن رمى سيارة اسرائيلية بحجر في حي الطور.
وفي خلال ذلك وفي اثناء الصباح كان يجري في مكتب قائد منطقة القدس الجديد، اللواء موشيه (تشيكو) أدري، اجتماع بمشاركة القائد العام للشرطة، الفريق يوحنان دنينو. وعرض أدري على قائده لوح عرض فيه خطة جديدة لعلاج الاخلال بالنظام في المدينة، وتشمل الخطة ادخال قوات اخرى تُنقل من مناطق اخرى، وتعزيز نقاط الاحتكاك – ولا سيما حول الشوارع الرئيسة والمستوطنات اليهودية في قلب الأحياء الفلسطينية، واستعمال وسائل تقنية أساسها وسائل مراقبة يفترض أن تنذر بأعمال مريبة لراشقي حجارة.
وما زلنا في يوم الاربعاء قبل العملية – كانت ساعات ما بعد الظهر آنذاك هادئة نسبيا. وآنذاك فرغت أمانة سر اللجنة الداخلية في الكنيست برئاسة النائبة ميري ريغف (الليكود) لارسال دعوات الى اجتماع يتم في يوم الاثنين القريب. ومن الامور التي سيُبحث فيها، كما كانت الحال في جزء كبير من اجتماعات اللجنة في السنة الاخيرة – جبل الهيكل. ومن المدعوين رئيس البلدية نير بركات، وحركة «اذا شئتم»، وجمعية «عطيرت كوهانيم» وجمعية «مدينة الشعوب» (عير عاميم). وبدأت ترد قبيل المساء تقارير عن مصابين بسيارة بالقرب من القطار الخفيف في محطة «جفعات هتحموشت».
اذا استثنينا عملية الدهس لم يكن ذلك اليوم يوما شاذا في المدينة في الاشهر الثلاثة الاخيرة، لأن حوادث الرشق بالحجارة واطلاق المفرقعات ورمي الزجاجات الحارقة أصبحت جزءً من الواقع اليومي في القدس منذ بداية تموز. وكذلك اصبح الاحتكاك الدائم بسبب جبل الهيكل في المثلث بين الفلسطينيين واليهود والشرطة، أصبح جزءً من الحياة العادية منذ زمن. بل إن تصريحات الشرطة عن خطط جديدة ووحدات جديدة للقضاء على العنف لم تعد أمرا جديدا وكذلك ايضا الاشتغال السياسي والعام الذي يزداد قوة في محاولة لتغيير الوضع الراهن في جبل الهيكل والتمكين من صلاة اليهود في الجبل.
والسؤال الذي بقي بلا جواب هو هل يمكن اذا ربطنا بين كل تلك النقاط – واذا أخذنا في الحسبان المدة التي مرت منذ بدأت موجة العنف – هل يمكن أن نُعرف تسلسل الاحداث في القدس بأنه انتفاضة؟.
يبدو أنه بازاء ما يجري في القدس في الاشهر الاخيرة، أصبحت الحيرة الاسرائيلية الطويلة – هل هي انتفاضة ثالثة، أحقا ومتى؟ – بلا داع تقريبا. ومنذ الصيف تجري هناك انتفاضة مدنية بالمعنى الأصلي لهذه الكلمة: فهناك نضال شعبي جماعي مصدره الشارع في الأساس يقوده شباب وفتيان، ويعبر عنه في الاساس استعمال وسائل عنيفة دون استعمال السلاح الحي وهي الرشق بالحجارة ورمي الزجاجات الحارقة وعمليات دهس بسيارات. ولم تلِدها الجهات السياسية، أعني السلطة الفلسطينية وحماس، لكنها تحاول منذ زمن أن تركب الموجة، حتى إن متحدثين رسميين للسلطة الفلسطينية أصبحوا يصفون النضال في القدس بأنه «مقاومة شعبية بطرق سلمية»، كما عرضوا الاحتجاج على بناء جدار الفصل ايضا، أي أنها ظاهرة شعبية في أساسها ومشروعة وأن مقدار العنف فيها قليل. ويصعب أن نفترض أن هذه التفسيرات تقنع سكان الأحياء اليهودية في شرق المدينة وشمالها، الذين كانوا يواجهون منذ الصيف تعرضات يومية للقطار الخفيف وسير السيارات الخاصة.
إن هجوم رئيس السلطة محمود عباس الشديد على سلوك اسرائيل في القدس في نهاية الاسبوع الماضي كان بعيدا عن أن يكون عرضيا، وقد دعا عباس الى حماية الاقصى من المستوطنين ووصف الشباب الذين يخدمون في نوبات حراسة في جبل الهيكل للتحذير من مجيء مصلين يهود (بنفقة مشتركة بين السلطة الفلسطينية والجناح الشمالي من الحركة الاسلامية) بأنهم «مرابطون». ويندمج ذلك في التوجه العام لقيادة السلطة في هذه الايام، فالعنف والاحتجاج الشعبي في القدس يخدمان أهدافا أكبر لعباس ومن معه وأعني النضال السياسي في الامم المتحدة ومحاولات تجنيد المجتمع الدولي على اسرائيل بعد فشل مبادرة السلام الامريكية التي قادها جون كيري.
إن القدس بعامة وجبل الهيكل بخاصة هما قاسم مشترك مريح للحركات الفلسطينية المختلفة. ويمكن أن تصبح ساحة النضال لاسرائيل هناك أساسا لوحدة وطنية ووحدة دينية في المعسكر الفلسطيني المنقسم، وهي وسيلة ايضا لحشد العطف والدعم الاقتصادي من العالم العربي في المنطقة. وينتقل المركز الى القدس في وقت علقت فيه اجراءات التصالح بين السلطة وحماس، ولا يوجد تقدم حقيقي لتوسيع ترتيبات الهدنة مع اسرائيل في غزة، ولم يطأ أي شرطي من السلطة الفلسطينية بعد المعابر الحدودية في القطاع. إن المواجهة في القدس تُمكن السلطة الفلسطينية من أن تظهر بمظهر المناضلة والوطنية في حين تهاجَم من الداخل بسبب المساعدة التي بذلتها اجهزتها الأمنية في الضفة لقمع المظاهرات العنيفة على اسرائيل في الضفة الغربية في النصف الثاني من الحرب في غزة. في الشهر الماضي اتهمت نساء عائلة القواسمي الاجهزة بالتعاون مع اسرائيل بعد قتل المخربين اللذين قتلا الفتية المخطوفين الثلاثة على أيدي وحدات الشرطة الخاصة في الخليل. وتستطيع السلطة الفلسطينية أن تحرف النقاش العام في المناطق عن هذه الادعاءات بحصر العناية في القدس مجددا.
أسهمت اسرائيل من جهتها في تأجيج الحريق بالنشاط الذي لا يتوقف لمنظمات دينية ولساسة من اليمين لتغيير الوضع الراهن في جبل الهيكل. «ما يحدث اليوم في القدس يوحد الفصائل كلها»، يقول شخص أمني رفيع المستوى تحدثت إليه. «إن حماس وفتح والجبهة الشعبية وحزب التحرير تتحدث جميعا معنا عن جبل الهيكل». ويرون في جهاز الأمن صلة مباشرة بين الاشتغال الاسرائيلي في شأن جبل الهيكل وتغيير الوضع الراهن وبين العنف، وصلة مباشرة ايضا بين العنف في الجبل والاخلال بالنظام في أحياء شرق القدس كلها، وقد أصبحوا في الشرطة يعرفون أن كل مدونة لعضو كنيست في الفيس بوك تتحدث عن حج مخطط له الى جبل الهيكل، وكل تباحث ضاج في لجنة الداخلية سيتم الرد عليه بمطر من الحجارة واطلاق مفرقعات نارية في الجبل. ولاحظ الصحافي ميرون ربابورت الصلة ايضا في صفحة المخرب الشلودي في الفيس بوك، فقد نشر الشلودي قبل اسبوعين صورة المسجدين في جبل الهيكل محاطين باللهب وحولهما تحذير: «الاقصى في خطر».
إن ما يجري في الجبل، كما كُتب هنا من قبل، ليس شأن الحالمين أو اعضاء الكنيست من الحواشي المتطرفة في اليمين فقط، لأن اعضاءً مركزيين في الليكود (وأبرزهم ريغف وموشيه فايغلين وزئيف الكين وداني دنون) والبيت اليهودي، وفيهم وزراء مثل أوري اريئيل، يمنحون ذلك تأييدا سافرا. إن الاشتغال الواسع بذلك ومعه موجة اشاعات في الجانب الفلسطيني يتعلق باجراءات اسرائيلية لم تتحقق بالفعل، يرفعان مستوى العصبية في السلطة والاردن ايضا الحساسة لكل تغيير في الاماكن المقدسة.
إن الخوف الفلسطيني الرئيس هو من أن تحاول اسرائيل أن تستعيد في جبل الهيكل التغيير الذي أملته في الحرم الابراهيمي في الخليل وهو توسيع تدريجي لحقوق اليهود في الصلاة على حساب المكانة التي تمتع بها المسلمون وحدهم في الماضي.
طلب الاردن الذي وثق جدا التنسيق الأمني والاقتصادي الخفي مع اسرائيل بسبب الزلازل في العراق وسوريا، طلب هذا الاسبوع توضيحات للتغييرات في جبل الهيكل. ويصعب على الاردنيين أن يقبلوا تفسيرات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن اعضاء الكنيست من حزبه يعملون صدورا عن آرائهم الخاصة لا بتنسيق معه. ويبدو الى الآن على الاقل أن مقرري السياسة في الجانب الاسرائيلي – ولا سيما نتنياهو والوزراء يعلون وليبرمان واهارونوفيتش – يدركون الخطر الكامن في تغيير الوضع الراهن ويحذرون من اجراءات قد تشعل حريقا في المنطقة وتوترا مجددا مع الاردن. ويضاف الى ذلك القلق الذي أصبح يعبر عنه ضباط كبار في الجيش الاسرائيلي علنا، من امكانية أن يشعل ما يجري في القدس حريقا مجددا في الضفة الغربية ايضا. وتوجد شرطة اسرائيل في الوسط.
شملت نظرية الشرطة القتالية في أحداث الشغب منذ الصيف، غايتين – صد العنف ليبقى في داخل الأحياء الفلسطينية ومنع وقوع اصابات شديدة أو قتلى. وأملت هاتان الغايتان توجها وصف احيانا بأنه «سياسة احتواء»، لأن القوات اشتغلت في الاكثر بتقييد المشاغبين الفلسطينيين قبل أن يصلوا الى الشوارع الرئيسة أو بيوت اليهود ولم تشتغل بتفريقهم. لكن الشرطة في مقابل ذلك استعملت سياسة اعتقالات صارمة شملت اعمال مداهمة ليلية واعتقال مئات الشباب والأحداث الفلسطينيين.
إستتبع سلوك الشرطة في مواجهة المشاغبين الفلسطينيين ردودا شديدة من قبل اليمين الذي اتهمها واتهم وزير الأمن الداخلي بالضعف. لكن هذا التوجه أثبت نفسه اذا أُخذ في الحسبان الغضب الطاغي بسبب الحرب في غزة وقتل محمد أبو خضير. وبرغم موجة العنف التي لم يسبق لها مثيل قتل متظاهر فلسطيني واحد فقط هو محمد سنقرط ولم يصب أحد اصابات شديدة من الطرفين. ونقول لاجل المقارنة إنه قتل في الضفة الغربية برصاص الجيش الاسرائيلي أكثر من عشرين فلسطينيا في مظاهرات وقت الحرب في القطاع.
سُجل في شهر ايلول انخفاض عدد الأحداث وقوتها. لكن الشرطة فشلت في قمع استمرار رمي القطار اليومي بالحجارة، والاضطرابات العنيفة جدا احيانا حول مساكن اليهود في الأحياء الفلسطينية. «في شعفاط يمر القطار 300 مرة كل يوم، وقد خفضنا المعدل الى أقل من حجر واحد كل يوم، وهذا أمر لا ينبغي أن يكون، لكن الجمهور يعيش مع شعور بأننا ما زلنا في تموز وآب وليس الوضع كذلك»، يقول مصدر شرطي في القدس. إن العملية أول أمس برغم أنها تمت على يد مخرب فرد حسب التقديرات دون أن يوجد تنظيم منظم من ورائه، بل ربما تم ذلك بقرار لحظي – لم تدع احتمال وجود تفسيرات عند الشرطة. إن الضغط من اليمين ومن رئيس البلدية نير بركات على الشرطة لتغيير توجهها ولتكون أكثر فاعلية أصبح طوفانا. في الاجتماع الذي تم أمس برئاسة نتنياهو أُجيزت للشرطة زيادة قوات كبيرة للقدس تصاحبها معاملة أعنف لما يجري في داخل الاحياء الفلسطينية. وفي الاسبوع القريب بعد أن توضع الوسائل التقنية وتُنشر سرايا حرس الحدود التي استُدعيت الى المدينة، سيتم فحص جدوى السياسة الجديدة ويُفحص ايضا مسألة استمرار الانتفاضة في القدس. هل سيستمر الجمهور الفلسطيني في المدينة على انتفاضته الشعبية تحت الضغط المتزايد ايضا أم تعود الامور الى الحال المعتاد الذي كان قبل التصعيد. وكانت تلك فترة لم يغب عنها التوتر.
بدا مصدر رفيع المستوى تحدثنا اليه أمس شديد الشك في القدرة على تسكين الحال ولا سيما حول قضية جبل الهيكل. وقال مفسرا: «لا يمكن تجفيف هذا المستنقع بل يُحتاج لاجل ذلك الى مستوى سياسي».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
قطار المدينة
حوار سريع بين المسافرين بعد عملية الدهس

بقلم:كارني الداد،عن معاريف

العاشرة صباحا، القدس. بعد يوم من عملية الدهس في القطار الخفيف والتي قتلت فيها رضيعة ابنة ثلاثة اشهر، القطار شبه فارغ. «أثر الـ 24 ساعة»، يسمون هذا. في اليوم التالي للعملية الناس يقلون من الخروج، يبتعدون عن المواصلات العامة.
في محطة القطار في غربي المدينة أب وطفلة. الطفلة تطير فقاعات صابون. الاب لا يخاف الصعود الى القطار مع ابنته. يوجد فارق كبير بين غربي المدينة وبين شرقيها. هنا، في الغرب، هذه قدس اخرى. هادئة أكثر، قابلة للاصابة أقل. قدس فقاعات الصابون. «ما كنت لاصعد الى القطار معها لو كنت أخاف»، يقول الاب.
توجد قطيعة مادية وحسية بين شطري المدينة. احساس بان الطرف الاخر يوجد «هناك». خلف جبال الظلام. «اذا خفنا أن يرشقونا بالحجارة في شارع يافا – فالويل لنا. لن نتمكن من العيش»، يقول افيغدور، من سكان المدينة.
شاب ابن 40 من سكان القدس هو أيضا، يقول انه يصعد الى القطار في خوف رهيب. هو يتذكر انفجارات الباصات في الانتفاضة الاخيرة. «أخاف ان ينفجر القطار. انتظري، سترين بان العمليات في القطار بعد قليل ستكون أمرا تافها». وهو يوجه انتباهي لحقيقة أنه لا يوجد حراس في المقطورات حتى في اليوم التالي للعملية. «مثلما يوجد حارس في مدخل المجمع التجاري، ينبغي أن يكون ايضا في القطار». القطار يسير فوق جسر الاوتار. كتابات بالانجليزية، بالعربية وبالعبرية تبشر الى أين نسافر. المقطورات مليئة حتى النصف، كل المسافرين يهود، ومع أنه يوم الخميس، وبعد قليل السبت، وبعد قليل محطة محنيه يهودا، يفضل الناس أن يتدبروا أمرهم مع ما لديهم في البيت، والتنازل هذه المرة عن زيارة السوق.
ومع أن القطار يمر في مركز حي شعفاط – فلا تفاعل بين اليهود والعرب. لم يطرأ ازدهار في خطوط القطار، اليهود لا ينزلون لاجراء المشتريات باسعار زهيدة في المحلات في شارع السهل.
من محطة شارع يافا – تبدأ مكبرات الصوت التي تعلن عن اسماء المحطات بالحديث بالعربية ايضا. وتتغير الاجواء. «القطار الخفيف فارغ اليوم بعد أمس»، تقول امرأة لصديقتها في الهاتف، «الجميع يخافون السفر».
شمس خريفية تخترق السحب وتشرق على أسوار البلدة القديمة. عجوز يدخن على المقعد في ساحة العشب، نساء يسرن لمشترياتهن في باب العمود. العالم كعادته يسير. القطار في الطريق الى شمال شرق المدينة.
«لا يوجد حارس؟»، أسأل موظف بطاقات السفر. «لماذا؟»، يجيبني بسؤال، «حصل شيء؟ امس هو امس». موظف البطاقات يشرح بانه لا يوجد حراس في القطارات في غربي المدينة، وهم لا يحرسون الا المحطات. في شرقي المدينة يصعد حارس ويرافق القطار من جفعات همفتار وحتى بيت حنينا. في بسغات زئيف ينزل. الحراس يتواجدون في كل المقطورات في الوقت الذي يمر فيه القطار في الاحياء العربية.
لا ذكر لساحة الجريمة. فقط حارس في المكان. حارس واحد يصعد الى المقطورة، وهو مسؤول عن أمن المسافرين حتى بسغات زئيف. وهو يروي ان القطار محصن من اطلاق النار، إذ منذ البداية بنوه على هذا النحو.
في طريق العودة يقول رئيس البلدية نير بركات في صوت الجيش ان الشرطة تعرف ما ينبغي عمله، ولكنها لا تعمل الحد الاقصى. انتفاضة 2014 تبدو في القدس على النحو التالي: رشق حجارة، زجاجات حارقة والعاب نارية، يقتلون اليهود، والشرطة تحتوي.
أربعة شبان عرب يصعدون الى المقطورة. عندما أسألهم اذا كانوا يخافون السفر بعد يوم من العملية، يسألون باستخفاف «لماذا، ممَ ينبغي لنا أن نخاف؟! من سيفعل لنا شيئا؟».
مسافرة واحدة، قبل لحظة من انتهاء الرحلة، تروي بان قبل عشر سنوات خاف الناس من الصعود الى الباصات. كان رهان، قد يتفجر هذا، ولعلني انتظر الباص التالي. اما اليوم فهذا هو القطار.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
القدس تضطرب
لا تحتاج المنطقة كلها إلا إلى إحراق بساط في الأقصى لكي تشتعل... لكن إسرائيل في سبات عميق

بقلم:اليكس فيشمان،عن يديعوت

كم كنا قريبين في الاسبوع الماضي من حريق حقيقي في المسجد الاقصى خلال أحداث الشغب في جبل الهيكل؟ هل يهم ذلك أحدا عندنا أصلا؟ لا في الحقيقة. ما أحلى سنة شتائنا.
رمى المرابطون – وهم بضعة عشرات من الفلسطينيين بعضهم عرب اسرائيليون من أفراد الحركة الاسلامية، جعلوا أنفسهم حُراسا بأجور لجبل الهيكل مما يسمونه «السيطرة اليهودية» – رموا بزجاجات حارقة من داخل المسجد. وأطلقت شرطة اسرائيل ردا على ذلك وسائل تفريق مظاهرات الى داخل المسجد، وتطايرت المفرقعات النارية في كل اتجاه. وما كان ينقصنا سوى أن يشتعل السجاد ويحترق المسجد لينسى العالم الاسلامي كله – شيعة وسنيون معا – الخلاف بينهم ويهبوا الى هنا.
وهم عندنا يُسكنون النفوس ويقولون لنا إن الاضطرابات في جبل الهيكل الى خفوت. كان في عيد العرش حج يهود الى القدس فزاد التوتر هناك شيئا ما، وهذا كل شيء، ولأنه جاء الى القدس في العيد عدد أكبر من اليهود قضت الشرطة بألا يوجد المسلمون تحت سن الخمسين هناك في ساعات زيارة اليهود. صحيح أنه جاء الى هناك ايضا المخلصون لجبل الهيكل ووقع شيء من التحرش، وعدد من اعضاء الكنيست وأنشدوا نشيد الأمل «هتكفاه» بالقرب من المسجد لكن الوضع الراهن محفوظ.

نخدع أنفسنا

كل شيء موهِم. ونحن نخدع أنفسنا. فهذا «الوضع الراهن» الذي يتحرك بطيئا طول الوقت كي لا يغضب اليمين المتطرف قد لا ينشيء مظاهرات في القدس فقط بل قد يطرد الملك الاردني عن عرشه ايضا، ولهذا يغضب على حكومة اسرائيل التي تلعب بالنار في جبل الهيكل لكنها تتظاهر بأن كل شيء تحت السيطرة.
رد نتنياهو أول أمس على الملك الاردني بأن اسرائيل لم تُحدث أي تغيير في جبل الهيكل. وهذا صحيح. فقد صد نتنياهو كل الضغوط المستعملة عليه من اعضاء كنيست ووزراء من اليمين في ائتلافه الحكومي. لكن قضم الوضع الراهن ينشأ من أسفل «ببطء». فقد طلب اليمين المتطرف مثلا أن يُفتح باب آخر الى جبل الهيكل خلال عيد العرش. ورفضت الشرطة هذا الطلب لكن كانت تكفي إشاعة أن اليهود يوشكون أن يفتحوا «باب القطانين» كي يعتقد الشارع الفلسطيني أن فرق أوري اريئيل وموشيه فايغلين العسكرية قد أصبحت تسيطر على جبل الهيكل. وجمع المرابطون زجاجات حارقة وحجارة واستعدوا للسيطرة اليهودية. واستقر رأي الشرطة، وبحق من وجهة نظرها على نقض هذا التنظيم الخطير فدخلت جبل الهيكل في ساعات المساء حينما لم يكن اليهود هناك كي تصنع نظاما. وكان صنع النظام ذاك قد ينتهي الى اشعال الشرق الاوسط.
اذا كانت البؤرة المركزية للانتفاضة المصغرة في القدس هي منطقة جبل الهيكل، فان البؤرة الثانية هي سلسلة جبال شعفاط، في مسار القطار الخفيف، مع تسرب الاضطرابات الى قرى وأحياء في غلاف القدس، وقد بدأت هذه المنطقة تشتعل بعد قتل الفتى محمد أبو خضير. وخلال عملية «الجرف الصامد» كلها أجج رجال حماس النار محاولين فتح جبهة ثانية في مواجهة اسرائيل كي تزيل شيئا من الضغط عن القطاع. وبعد أن انتهت العملية عادت الضفة الى هدوء نسبي لكن منطقة القدس بقيت تشتعل. والشرطة التي حاولت أن تحشد الجهد زادت في الاحتكاك فقط، ففي حي العيسوية وحده اعتُقل في الشهر ونصف الشهر الاخيرين 120 شخصا وأخذ يزداد عنف الشوارع. وأصبح إفساد الممتلكات أمرا يوميا، وليس الحديث فقط عن محطات القطار الخفيف بل عن محطة وقود التلة الفرنسية التي أُحرقت مع عشرات الاحداث الاخرى للاحتكاك الدائم مع أذرع الأمن.
ومن خضم هذه الفوضى ينمو ايضا منفذو عمليات أفراد كالقاتل من سلوان الذي دهس أول أمس تسعة مواطنين نزلوا من القطار الخفيف في القدس وقتل حايه – زيسل وهي رضيعة عمرها ثلاثة أشهر. فهل تأثر منفذ العملية الفرد ذاك أم لم يتأثر بدعوات تحريض حماس في القطاع التي تشجع انتفاضة كاملة في الضفة لحماية جبل الهيكل؟ قد يكون هذا سؤالا اكاديميا مهما. لكن في جو جد ساخن لا يعوزنا متطوعون لعمليات من هذا النوع.

في الطريق الى القاهرة

أفضت الانتفاضة المصغرة في اثناء ذلك الى تشكل كل المجموعات الفلسطينية التي تعمل في جبل الهيكل، من اعضاء الحركة الاسلامية الاسرائيلية الى نشطاء حماس في شرقي القدس ورجال «حزب التحرير» – وهو حزب اسلامي دعا الى انشاء خلافة اسلامية قبل تأسيس داعش بسنين كثيرة – ونشطاء فتح، ثم العاملين في الأوقاف. وأصبح جبل الهيكل هو المكان الوحيد الذي تتعاون فيه حماس وعرب اسرائيل وممثلو السلطة الفلسطينية معا في جانب المتراس نفسه.
لكنهم عندنا لا يتأثرون لأننا لا نرى أنه توجد على الارض علامات تشهد على ازمة أمنية كبيرة في الضفة القريبة جدا. يوجد في الحقيقة قطيعة سياسية مطلقة لكن يلاحظ تحسن في العلاقات الاقتصادية، بل يوجد تحسن في التنسيق مع اجهزة الأمن الفلسطينية وينتقل قدر أكبر من المعلومات من جانب الى آخر. وصحيح أن اسرائيل لم توافق لهم على زيادة سلاح خفيف كما طلبوا لكنها سمحت للاجهزة في مقابل ذلك بأن تتسلح بوسائل لتفريق المظاهرات. وتُمكن اسرائيل الاجهزة من العمل في مناطق مثل «إتش 2» في الخليل، وتسجل الاجهزة نجاحات في مجال وقف اموال الارهاب وتوقيف صانعي الوسائل القتالية، فلماذا نشتكي؟ بل إنهم نجحوا في صد تنظيمات حماس لمظاهرات بسبب الاحداث في القدس. وهكذا يقولون في جهاز الأمن إن الضفة بعد «الجرف الصامد» هادئة ما عدا القرى في غلاف القدس وأحياءً في القدس. وهي هادئة جدا حتى إن ذلك غير طبيعي.
ليس ذلك هدوءً بل هو يأس. فما عادوا في السلطة الفلسطينية يُصدقون أي شيء لا مبادرة كيري القديمة ولا الجديدة. وهم يتهمون اسرائيل والولايات المتحدة بالخداع. وأصبح أبو مازن ورجاله يتصرفون وكأنه لم يعد يوجد عندهم ما يخسرونه. سيخرجون في نهاية هذا الشهر الى القاهرة لمحادثات مع مصر ومع اسرائيل في التسوية الدائمة في قطاع غزة. ويعلم الوفد الفلسطيني مسبقا أنه لن يحصل من اسرائيل على أية موافقة خطية على أي مسار يمنح حماس ميزة ما. وقد استدخل من قبل أن اعمار غزة سيتم بحسب معايير حددتها اسرائيل دون التوقيع على أية ورقة ملزمة. ولا يوجد ما يتم الحديث فيه أصلا عن ميناء أو مطار. وقد اعتقدت السلطة الفلسطينية أن المصريين سيُدخلونها الى غزة من الباب الرئيس. واصبح واضحا لهم اليوم أنه حتى الشرطة الزرقاء في غزة لن تكون في ضمن مسؤولية رام الله. قد ينجحون في ادخال موظفين في مستوى متوسط الى مكاتب متفرقة في حكومة حماس. وتتباحث حماس وفتح اليوم في شروط وضع رجال السلطة في معبري كرم أبو سالم وإيرز، لكن حكومة الوحدة ليست أكثر من وهْم.
حيثما توجه أبو مازن ورجاله وجدوا الطريق مسدودا أمامهم. ولو كان عرفات حياً في هذه المرحلة لاتجه الى مواجهة مسلحة. إتخذ أبو مازن قرارا مختلفا واتجه الى نضال شامل في الساحة الدولية، في كل جبهة وفوق كل منصة ممكنة. وهو لا يعلم الى أين يفضي ذلك النضال، لكنه يحاول أن يزلزل اسرائيل الى أن تُلزم نفسها بالانسحاب الى حدود 1967. ونشك في أن يكون أبو مازن نفسه يؤمن بأنه سينجح. لكنه هو والعاملون معه يعلمون أن الجمهور في الضفة ينظر اليهم على أنهم يبيعون القضية الفلسطينية مقابل ملذات الحكم. واذا لم يفعلوا شيئا فان أجل السلطة محدود. ويقرأون في جهاز الأمن هذه الصورة قراءة جيدة لكنهم لا يفعلون مع ذلك أي شيء. ولا يهم أحدا تختفي السلطة أم تبقى. لكن حينما يحترق بساط في جبل الهيكل ونستيقظ من سبات الدب سيتبين لنا أن النظام في الاردن يتضعضع وأن السلطة الفلسطينية لم تعد موجودة لأننا محوناها، لكن ذلك سيكون متأخرا جدا. وربما آنذاك حينما ننظر الى الشرق ونرى الاسلام المتطرف بالقرب منا سندرك كم كنا وما نزال حمقى ومستكبرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
في مثل هذا الاسبوع قبل عشرين سنة اختار الملك حسين أن يوقع على اتفاق سلام وأن يكشف عن علاقاته الحارة بقادة اسرائيل

بقلم: يوسي بيلين،عن اسرائيل اليوم

تم التوقيع على اتفاق السلام مع أنور السادات الذي كان مسؤولا مسؤولية مباشرة عن مقتل نحو من 2700 من جنودنا في حرب يوم الغفران. ووقعنا على اتفاق اوسلو مع منظمة كانت مسؤولة عن موت اسرائيليين كثيرين في عمليات ارهاب، وكان يرأسها ياسر عرفات رمز العداء لاسرائيل. وقد وقعنا الاتفاق مع الاردن مع صديق هو الملك حسين الذي حظي من القيادة الاسرائيلية باللقب الودي “يانوكا” (الرضيع الصغير) لأنه نُصب ملكا في سن الحداثة. وقد حطم ذلك الاتفاق المقولة الرائجة وهي أن السلام لا يصنع إلا مع الأعداء.
كان الملك حسين صديقا حقيقيا وإن يكن سريا. وقد دُفع بخلاف إرادته الى حرب الايام الستة التي دفع فيها ثمنا باهظا هو فقدان الضفة الغربية (التي احتللناها). وقد انشأ علاقات شخصية حارة بزعماء اسرائيل في 1970 حينما أنقذناه من السوريين وكافأنا عن ذلك بعد ثلاث سنوات حينما أنذر بالحرب.
كان بقاء الملك حسين منذ أصبح ملكا الى آخر أيامه، كان علامة سؤال كبيرة. فقد كانت تهديدات نظامه بلا انقطاع ولهذا سار بمهارة على الحبل الدقيق بين علمه بأن اسرائيل ضرورية لوجوده الأمني ووجود مملكته، وبين الحاجة الى التبرؤ من هذه الصلة الضرورية أمام العالم العربي.
واختارت اسرائيل ان تعامله باغتفار لمشاركته في حرب الايام الستة وانضمامه الى الاجماع العربي في مؤتمر اللاءات الثلاث في الخرطوم في آب 1967، ودعمه لصدام حسين في حرب الخليج الاولى في 1991. وقد فكرت قيادتنا وكثيرون آخرون في اسرائيل بصورة تبدو منطقية أن الواقع الاقليمي يفرض على الحسين أن يفضل وجود علاقات خاصة لكن سرية باسرائيل على التوقيع علنا على اتفاق سلام.
لكن هذا التفكير كان خاطئا، فقد كان الحسين مستعدا للتوصل الى سلام مع اسرائيل، لكنه لم يكن مستعدا لأن تضم اسرائيل جزءً من الارض التي احتلتها. ولم يلاحظ قادتنا وربما لم يدركوا الفرصة التي عرضت لهم، وحقيقتها أنه بمجرد التوصل الى سلام معه ينتقل عبء حل المشكلة الفلسطينية الى ملعب الملك الاردني.
إضاعة الفرصة الكبيرة
أُتيحت فرصة خاصة قبيل مؤتمر الرباط للجامعة العربية في تشرين الاول 1974. فقد عرض الحسين على رئيس وزراء اسرائيل، اسحق رابين، وعلى وزير الدفاع شمعون بيرس، وعلى وزير الخارجية يغئال ألون الانسحاب على طول الاردن مسافة 10 كم باعتبار ذلك خطوة اولى نحو اتفاق سلام. ورفض الثلاثة العرض.
وفي 6 آب خطب رابين في الكنيست وقال: “نشرت مصادر اجنبية أن الاردن يقترح الفصل بين القوات وأساسه انسحاب الجيش الاسرائيلي 10 كم من الغرب على طول غور الاردن كله. وسمعنا بهذا الاقتراح من الولايات المتحدة ايضا. ونحن لا نقبل هذا العرض، لكن اذا وُجدت اقتراحات اخرى فسنفحصها”.
وبعد مؤتمر الرباط فورا الذي قال فيه “نعم” (خلافا لارادته) بأن تكون م.ت.ف الممثلة الوحيدة للفلسطينيين، رد الحسين على رد القادة الاسرائيليين الثلاثة وقال: “إبحثوا الآن عن م.ت.ف”.
حينما جاء انقلاب 1977 توقفت اللقاءات بين الاردن واسرائيل في المستوى الاعلى. وكان التصور الذي سيطر على الليكود هو أن حل المشكلة الفلسطينية يجب أن يوجد في الاردن الذي كان أكثر سكانه فلسطينيين. وجُددت اللقاءات في المستوى الاعلى في 1984 فقط حينما أصبح بيرس رئيسا للوزراء.
أقول باعتباري شاركت في تلك المحادثات إنها كانت تجربة مميزة لي لا بسبب التحليلات السياسية خاصة التي أُثيرت فيها. فقد سحرني أكثر عدد من المواضيع التي أُثيرت مما لا يشغل القادة أنفسهم بها على نحو عام مثل مشكلة الذباب على الحدود بين الاردن واسرائيل؛ والمصباح القوي في مطار ايلات الذي تزيغ له أبصار الطيارين الاردنيين في طريقهم الى العقبة؛ ومبالغ المال التي يجوز نقلها في جسور الاردن.
كان الملك حسين بريطانيا جدا في أدبه ولغته الانجليزية وفكاهته المميزة. واستطعنا أن نخمن أنه يشعر براحة أكبر في صحبتنا من راحته في صحبة نظرائه في الجامعة العربية.
في 1987 تمت محاولة جدية من بيرس للتوصل مع الملك الاردني الى تسوية تبدأ بمؤتمر دولي مراسمي، وكان بيرس وزير الخارجية ولم يُرد رئيس الوزراء اسحق شمير ذلك الاتفاق، ويبدو أن ذلك كان خطأ حياته.
لحظة تاريخية في العربة
بعد ذلك ببضعة أشهر نشبت الانتفاضة وخشي الحسين أن تنتقل الى بلاده. وفي 31 تموز 1988 أعلن تخليه عن الضفة الغربية للفلسطينيين وانفصل عنها في جوانب كثيرة. ووافق على أن يرسل الى مؤتمر مدريد وفدا مشتركا اردنيا فلسطينيا كان متكلفا وغير مهندم ولم يكن يستطيع أن يأتي بتسوية.
وقد غضب الحسين حينما عرف باتفاق اوسلو، فقد تم الامر بغير علم منه، ولهذا حرر نفسه من كل التزام للفلسطينيين وشعر آنذاك بأنه حُر أن يتوصل مع اسرائيل الى اتفاق منفرد. وبعد يوم من التوقيع على اتفاق اوسلو وقع الاردن مع اسرائيل على اتفاق مباديء، وبعد ذلك بسنة في 26 تشرين الاول 1994 وُقع في وادي العربة على اتفاق السلام بين الدولتين.
تشمل معاهدة السلام التي كان لـ اليكيم روبنشتاين (وهو اليوم قاض في المحكمة العليا) دور مركزي في اعدادها، تشمل اشياء لم تشتمل اتفاقات سابقة عليها. وأصبحت سابقة مهمة لاتفاقات في المستقبل ففيها تبادل اراض، وايجار منطقة مدة 25 سنة واتفاق صريح على كميات المياه التي تُنقل من دولة الى اخرى، وتطرق الى رؤيا شرق اوسط يُنزع منه سلاح الابادة الجماعية بل على قطعة من الحدود غير مُعلمة تنتظر الفلسطينيين في منطقة شمال البحر الميت.
طِرت لحضور مراسم التوقيع مع رابين من القدس الى العربة. وقد وزعوا على الركاب القلة قبعات باللونين الازرق والابيض وعليها رسم الحدَث والموعد، واعتمر رابين القبعة وهبط من الطائرة الى حرارة تشرين الاول الصحراوي والتقى هناك الحسين والرئيس الامريكي بيل كلينتون في خيمة كبيرة. وصعب على كثيرين آخرين كانوا هناك أن يصدقوا أن هذه اللحظة قد حانت وهم أحياء.
وقال رابين في خطبته المؤثرة: “أنا، ورقمي الشخصي 30743، الفريق اسحق رابين، جندي في جيش الدفاع الاسرائيلي وجندي في جيش السلام، وأنا الذي أرسلت طوابير الى النيران وجنودا الى موتهم، أقول لك يا ملك الاردن وأقول لكم أيها الاصدقاء الامريكيون: إننا نخرج الى حرب ليس فيها قتلى وجرحى ولا دم ولا معاناة، وهي الحرب الوحيدة التي يطيب لنا المشاركة فيها – الحرب عن السلام”.
وبعد ذلك بسنة قُتل رابين في هذه الحرب بنار قواتنا.

ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ