Haneen
2014-11-04, 01:54 PM
اتفاقية وادي عربة: صعود وهبوط
بقلم: إيال زيسر ،عن اسرائيل اليوم
يُصادف اليوم (أمس) مرور عشرين عاما على اتفاق السلام بين اسرائيل والاردن، ولم تكن العلاقات في أي وقت من الاوقات جيدة كما هي الآن. وفي نفس الوقت لم تكن العلاقات بين الدولتين متردية كما هي الآن، لا، ليس هذا خطأ مطبعيا أو تناقضا داخليا. الحديث هنا عن الشرق الاوسط وسلام شرق اوسطي، حيث أن اتفاق السلام الاسرائيلي الاردني يشكل مثالا ونموذجا.
تم التوقيع على اتفاق السلام في أيام اخرى وعلى يد قادة آخرين، كانت تلك ايام اوسلو الشجاعة، ايام أمل بتشكيل «شرق اوسط جديد» وتحقيق سلام اسرائيلي عربي. وليس غريبا أنه عندما تم التوقيع على الاتفاق تعهد الملك الاردني الحسين شريك اسحق رابين بأن يكون السلام بين اسرائيل وبين المملكة سلام دافيء، سلام حقيقي بين الشعوب، وليس سلاما باردا تنقصه الروح مثل السلام الاسرائيلي المصري.
مكّن اتفاق السلام الدولتين من الخروج من مخبأ السرية التي كانت تميز التعاون الامني والمعلوماتي، الذي بدأ قبل قيام الدولة. هذا التعاون كان راسخا بقناعة زعماء الاردن واسرائيل على مر السنين لأن الواقع الاستراتيجي يلزمهم بالتعاون حتى وإن كان ذلك سريا – سواء عارض ذلك المفتي في سنوات الاربعينيات أو عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات أو م.ت.ف في السبعينيات.
منذ التوقيع على اتفاق السلام قبل عشرين عاما اتسع التعاون الامني بين الدولتين، وتعمق التعاون الاستراتيجي في مجالات اخرى مثل المياه والطاقة، فاسرائيل تعطي اليوم الجزء الاكبر من المياه للمملكة، وبدون المياه الاسرائيلية ستجف الصنابير في العاصمة الاردنية، حتى في منازل اولئك الذين يتظاهرون ضد اسرائيل. وفي المستقبل ستعطي اسرائيل للاردن الغاز الذي لا يوجد للاردن أي بديل له.
ولكن التعلق الامني والاقتصادي الآخذ في الازدياد للاردن باسرائيل لم يغير من حقيقة الاحساس المناهض لاسرائيل في المملكة. فلا يوجد جمهور في العالم العربي يتظاهر بطريقة فظة ويعبر عن الكراهية لاسرائيل مثل الجمهور الاردني. وأمام مظاهر الكراهية هذه تقف السلطة الاردنية عاجزة، بل احيانا تصب الزيت على النار كما حدث في الآونة الاخيرة حينما أعلن الملك عبد الله عن ضرورة كبح الاعتداءات الصهيونية في القدس.
إن الرد الاردني المتردد لهذا العداء لاسرائيل ينبع من حقيقة أنه ليس آمنا في المملكة التي يسيطر عليها. فقط واحد من كل اربعة مواطنين ينتمي الى القبائل البدوية التي على أساسها أنشيء الاردن، وربع آخر هو من الفلسطينيين أما النصف الباقي فهم لاجئون من سوريا والعراق. في وضع كهذا وفي ظل وجود تنظيم داعش على الأبواب، وفي ظل الصلة بين الفلسطينيين على ضفتي النهر، يشعر قادة المملكة بضرورة اعطاء الجمهور فرصة التنفيس.
ولكن بالنسبة لاسرائيل يعتبر الاردن جدارا واقيا من الشرق. الاردن – الملك والجيش والاجهزة الامنية – هم من يفصل بين اسرائيل وبين تنظيم «الدولة الاسلامية».
إن الدولتين تحتاجان بعضهما البعض وستستمران في تعميق التعاون بينهما. وحاجة الاردن الاقتصادية من اسرائيل ستزداد، لكن الحب بين الشعبين سينتظر أياما اخرى، وبمفاهيم الشرق الاوسط فان اتفاق السلام الاسرائيلي الاردني هو قصة نجاح.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
مساكن جديدة للعرب
لأول مرة منذ قيام الدولة يفترض أن تقام مدينة عربية في الجليل
بقلم: تسفرير رينات ،عن هآرتس
لأول مرة منذ قيام الدولة ستقدم هذا الاسبوع خطة للمصادقة على بناء مدينة جديدة للعرب من قبل المجلس الاقليمي للتخطيط والبناء. وستكون المدينة قريبة من بلدة الجديدة – المكر في الجليل الغربي، ومن المتوقع أن يسكن فيها 40 ألف ساكن.
خطة المدينة الجديدة تبلورت في السنوات الاربع الاخيرة من قبل مركز تخطيط برئاسة المهندس عيران مابل. وقد تم تبنيها من قبل سلطة اراضي اسرائيل، وزارة البناء والاسكان وادارة التخطيط في وزارة الداخلية. كل هذا بناءً على قرار حكومي من العام 2008.
وبعد أن تتم المصادقة على الخطة من قبل المجلس الاقليمي سيتم نقلها لوضع الملاحظات عليها من لجنة تخطيط قطرية. ولم يتضح بعد متى سيبدأ البناء فعليا.
الارض التي سيتم البناء عليها تبلغ 2700 دونم، وهي موجودة على تلة الطنطور، قريبا من بلدة الجديدة – المكر. مكانتها البلدية لم تتحدد بعد، ولكن مجلس الجديدة – المكر يدعي أن المدينة يجب أن تكون تابعة له.
منذ قيام الدولة لم تتم اقامة بلدات جديدة للسكان العرب، باستثناء بلدات للسكان البدو التي لم يكن مكانها قد تحدد في اماكن دائمة.
في التقرير الذي أعده مخططو المدينة الجديدة أشاروا الى الحاجة الى خلق مناطق خارج الاطار القائم للبلدات التابعة لعدد من الحمائل، ليتم اعطاء جواب لمن لا يملكون الاراضي. البلدة الجديدة ستكون من اجل الطبقة الوسطى وستركز جزءً من النخبة الاجتماعية العربية في شمال البلاد.
«اقامة البلدة هي رسالة للسكان العرب بأنه لا تقام بلدات جديدة لليهود فقط وانما ايضا للعرب، كجزء من التمييز لصالح العرب وزيادة التعاون معهم في تخطيط المكان الخاص بالجمهور»، كما جاء في التقرير.
خلال النقاشات حول الخطة في لجنة ثانوية للمجلس الاقليمي للتخطيط والبناء، أوضح البروفيسور راسم خمايسة، وهو عضو في لجنة المخططين، الحاجة الى اقامة المدينة الجديدة. «على مسافة ليست كبيرة من الارض التي يدور الحديث عنها يوجد ضغط واكتظاظ عالٍ بين السكان العرب. القرويون العرب يمرون في مرحلة التمدن في حين لا يحصلون على الفرصة الكافية»، قال.
«في عام 2020 ستكون هناك زيادة تبلغ 700 ألف شخص للسكان، وبكونهم لن يجدوا الحل في كرمئيل أو نهاريا أو مناطق اخرى، فهناك حاجة لطرح آخر يعتبر موضوع المدن جزءً منه».
طاقم التخطيط يقترح الدمج بين الحاجة الى التخطيط البلدية وطريقة البناء العربية المحافظة، مثلا بالامكان عمل حدائق خاصة وبساتين مشتركة لسكان البناية، وتجميع عدة حدائق في مكان واحد مثلما هي الحال في القرية العربية المحافظة.
على طريق بلورة الخطة يخططون للالتقاء مع طواقم التخطيط ورؤساء المجالس وكُتاب ورجال فكر من القرى العربية.
الى جانب التأييد الذي يبديه عدد من المشاركين في اللقاء هناك من يطرحون التخوفات والتشكك.
بعض المتواجدين قاموا بالاعتراض على الخطوة وادعوا أن المدن يجب أن تكون مفتوحة مسبقا لجميع أنواع السكان. آخرون أبدوا تخوفهم من أن تستدرج المدينة الجديدة سكان أقوياء فيسيطرون عليها. وأشار آخرون أن هناك اشكالية كون البناء سيتم على ارض مصادرة في السابق من مواطنين يسكنون الآن في الجديدة – المكر.
من المفترض أن تتواصل المدينة الجديدة مع خط القطار المتوقع انشاؤه والذي يربط بين عكا وكرمئيل. وحسب التخطيط يتوقع أن يُقام متنزه بلدي ومباني مكتظة بارتفاع ست طبقات وأكثر.
المدينة ستكون ذات معايير متطورة من ناحية الاهتمام بالقمامة وستقام مراكز لاعادة تصنيع القمامة. في القرية القائمة، الجديدة – المكر، توجد اليوم مشكلة كبيرة حيث يحيطها الكثير من مواقع القمامة الغير قانونية. وفي السنوات الاخيرة ايضا كانت هناك صعوبات ومشكلات حول موضوع الصرف الصحي.
على هامش المدينة ستُقام منطقة صناعية. المشهد المفتوح القريب من الحديقة سيبقى على حاله مع فتح قناة لمرور مياه الامطار كي لا تحدث فياضانات أو انجرافا للتربة.
المخططون يقترحون ايضا خلق حزام من الاشجار في الشوارع الرئيسية لأجل تخفيف تأثيرات التلوث البيئي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
في الباص الى اريئيل الكل يخاف من الكل
صعود الركاب العرب الحافلة يجعل الخوف الشديد يسيطر على الركاب اليهود
بقلم: روعي تشيكي أراد ،عن هآرتس
رغم التوتر حول قرار وزير الدفاع بعدم تمكين الفلسطينيين من السفر في الباصات في يهودا والسامرة، الخط 286 الى اريئيل الذي سيبقى مشتركا حتى شهر كانون الاول، هو أحد الخطوط الهادئة في البلاد. أمس بعد الظهر، كان معظم المسافرين فلسطينيين متعبين من العمل. المستوطنون ايضا أو الطلبة من جامعة اريئيل حافظوا على مستوى منخفض نسبيا، وكانوا يستمعون للموسيقى بسماعات الأذن. أنا أنتظر مع العمال الفلسطينيين في تقاطع تحت جسر «غيهه»، معظمهم يعملون في ترميم البيوت مع آثار الدهان على ملابسهم. السائق عربي ويُدخل الجميع. عندما يوجد مكان يجلس اليهود الى جانب اليهود والعرب الى جانب العرب. أنا أجلس بجانب سمير من عزون المجاورة لقلقيلية. سمير لم يسمع عن بشائر يعلون الاخيرة، ولكنه يعرف أن وضع الفلسطينيين في هذا الخط فيه مشكلة. «يقولون إننا نحتل مكان في الباص، ولكننا لا نسافر بدون مقابل». ويضيف «لا توجد عندي مشكلة، فليعطونا باصا خاصا، وهذا يُظهر قيمة الديمقراطية لديكم، ديمقراطية لليهود». سمير هو أب لستة اولاد، يعمل في الترميم، وخصوصا الدهان والجص. «صدقني أننا نستطيع معا عمل سلام وبهذا يكون الشرق الاوسط أفضل من امريكا، ولكن من اجل ذلك يجب التفكير بشكل عقلاني».
وراء سمير يجلس ضرار من نابلس، أب لاربعة أولاد. اسأله اذا كان يفهم أن هناك من يعتبره خطيرا. «منذ سنوات ونحن نصعد الى الباص ولم تسمع عن عمل تفجيري». ويضيف «ذات مرة نعتوني وقالوا عمال نتنين، قلت ما العمل، نحن نعمل من اجلكم وليس من اجل شخص آخر. اذا لم يكن الجلوس بجانبي يناسبك فاذهب، أنا انسان مثلك وأدفع مثلك.
الروس يتعاملون معي بشكل جيد، ولكن نحن نخاف من المتدينين، الذين ينظرون إلينا وكأننا لسنا بشرا، وفي نهاية الامر نحن هنا من اجل مصدر الرزق».
في البداية جميع الاسرائيليين لم يرغبوا في الحديث، ولكن بعد أن نزل العرب قال لي شاب يعتمر القبعة كان يجلس بجانب السائق «هذا خطر على الحياة، خوف، أنا أخاف من الصعود الى الباص وأمتنع عن ذلك بسبب الفلسطينيين». وأقول له إن كل من تحدثت معه كان ودودا. «أنت تضحك، الاغلبية جيدة، ولكن ماذا سأفعل اذا كان واحدا غير جيد وينفذ عملية تفجيرية؟». قلت له إن أحدا لم يقم بعمل كهذا. «لا أريد أن أكون الاول».
يقول السائق إنه لم يحدث أن كانت هناك مشكلة من قبل العرب. «جاءوا للعمل وليس لاضاعة الوقت، وسيفعلون أي شيء للحفاظ على التصريح». واسأل السائق كيف لا يتدخل عندما يشتمون عربيا على خلفية عنصرية. «هذا المكان يعود للدولة وفي النهاية أنا أعمل حسب التوجيهات»، يقول السائق. واسأله لماذا يخاف الاسرائيليون. «هناك من يخافون حتى لو رأوا الذهب»، يقول. ولكن عندما يصعد المزيد من الركاب يخاف السائق من الاستمرار في الحديث.
في طريق العودة الى المركز في خط 186 ليس هناك فلسطينيون. «بسببهم لا يوجد مكان»، تقول لي سيدة مُسنة. «من بين مليون شخص لو قام واحدا بادخال شيء، فهذا خطير. فلا يمكن الاعتماد عليهم. وصعبة جدا الرائحة والفوضى اللتين يصدرانهما». وتقول إنهم ليسوا مضطرين للصعود الى الباص، لكنهم يفعلون ذلك كي يستمتعوا. «هنا مريح لهم»، تقول وتضيف «توجد لهم خطوط اخرى، ولكنهم يقولون إنهم يأتون الى هذا الخط لأن هناك فتيات في الحافلة».
فتاة إسمها كاتيا من بيتح تكفا وتتعلم الحاسوب في الجامعة قالت لي: «لم يفعلوا أي شيء، ولكن ما يسبب التوتر هو أنهم قادرون على فعل أي شيء». وحينما سألتها اذا ما كانت تؤيد خطوطا مشتركة أجابت «اذا كان بالامكان فنعم»، قالت. «اذا كان ذلك يعني أن لا يكون لهم باص، فالجواب لا، لأنهم يحتاجون الوصول الى العمل. ولكن في ايام الخميس عند عودتهم الى عائلاتهم، فلا يوجد مكان للجلوس، فهم يحتلون الباص».
الامر الأكثر رمزية كان الحوار مع يوسي، وهو شاب من أصل اثيوبي يتعلم في الجامعة. قال لي إنه يؤيد خطوطا منفردة، رغم أنه يعتقد أن هذا يشجع العمليات التفجيرية. وحينما أقول له إنهم سيشعرون بأن هذه خطوط تمييز عنصري يقول «نحن ندفع الضرائب عن هذه الباصات وعن الطرق، ليصبحوا اذا مواطني الدولة». وفي سياق الحديث تصعد مجندة في الحاجز وتفحص اذا كان يوجد فلسطينيون، لذلك تقوم باختبار لهجة يوسي وشخص آخر يضع القبعة السوداء، وقد اضطر لاخراج بطاقة الهوية. وتجاهلتني، وتجاهلت الشقراء بجانبي والنساء الاسرائيليات. أقول له إن امر الباصات سيبدأ بالفلسطينيين وسينتهي به، لكنه قال «حتى عن ذلك يجب المحاربة» ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
محظور أن تخسر إسرائيل
لا يجب السماح لأي مظهر من مظاهر الإخلال بالنظام من قبل العرب في القدس
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
لا توجد نهاية للوقاحة، حيث اهتمت عائلة المخرب القاتل عبد الرحمن الشلودي بالجدال مع الشرطة حول ترتيبات جنازته، بدلا من الاعتذار والندم كونه قد دهس وقتل بشكل متعمد الطفلة حايه زيسل بارون. حينما قتل زعران يهود شابا فلسطينيا بريئا وقف عدد من قادة اسرائيل في بيت العزاء عند والديه، أما هم فلم يأتوا إلينا.
ما شأننا في الحديث عنهم، وليس هناك حاجة لتقديم نصائح اخلاقية. الاخلاق لن تنبت في صحراء حماس القاحلة.
بقي اذا النقاش العملي. ليس على مستوى بنيامين نتنياهو وأبو مازن الذي من شأنه حل العلاقة بين الشعبين، وإنما على مستوى السلوك اليومي منذ الفجر الى الفجر، وهنا يوجد لدى اسرائيل رسائل لتقولها على خلفية ارتفاع مستوى اللهب.
الأمر الأساسي هو ادارة الحياة والأمن الشخصي. لتعرف كل أم عربية في اسرائيل السيادية وفي يهودا والسامرة أن إبنها الملثم الذي يرمي حجرا على اليهود أنه هدف (في اطار القانون) لحرس الحدود والشرطة. لا يوجد تساهل في الحرم ولا في قرية سلوان ولا في محطات القطار الخفيف في القدس. هذا هو المبدأ الاساسي والمهم. المزيد من الشرطة، المزيد من غرف الاعتقال. في هذه المعركة لا يمكن لاسرائيل أن تسمح لنفسها بأن تخسر.
في المقابل اسرائيل مخطئة في استيطانها وفي الفصل بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الباصات. صحيح أن الدافع ليس عنصريا والهدف هو أن يشعر اليهود العائدون الى البيت بالأمان. لكن في الوعي الغربي الديمقراطي فان معنى هذه الخطوة هو دحرجة مكانة اسرائيل لتكون مثل مكانة الالباما والمسيسيبي في السنوات المريرة من التمييز ضد السود.
هذه الصورة ستزعزع العالم الديمقراطي بشكل مبالغ فيه. ليس صدفة أن لا يدفع شخص مثل داني ديان باتجاه هذا الفصل في الحافلات بصفته رئيس مجلس «يشع». ولكن بعد ضغط البيت اليهودي اضطر موشيه يعلون الى الموافقة على الطلب، وكأنه لا يوجد له ما يكفي من المشكلات مع الولايات المتحدة.
علاقات اليهود والعرب بين البحر والاردن هي جرح نازف، ويجب التهدئة. الطريقة الصحيحة قُدمت أمس من قبل روبي ريفلين في كفر قاسم. فخر اسرائيل هو الحركة الصهيونية وميراث زئيف جابوتنسكي ومناحيم بيغن وبيت والده يوسف يوئيل ريفلين – مترجم القرآن للعبرية.
المجزرة في كفر قاسم اثناء حرب سيناء 1956 تركت جرحا لم يلتئم بعد، رغم أن القاضي بنيامين هليفي قال إن علما أسود ما زال مرفوعا – من الجدير التذكير من اجل الاجيال القادمة. وما قاله رئيس الدولة صحيح وهو أن العرب ليسوا في وضعية الطرد من البلاد.
وصحيح ايضا ما قاله إن هذه الارض هي ملك لآبائنا، وطننا، لا يوجد لنا مكان آخر، هذه حقائق ثابتة لا يفهمها كل من يشرب الميلكي. ريفلين تحدث، ليس أمام الكنيست في القدس وإنما في كفر قاسم. ومن الجيد أنه قام بايصال هاتين الرسالتين، ومن المؤسف أنه لا يوجد من يشبهه في الطرف الآخر ليقول اشياء مماثلة باللغة العربية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
السوط ثنائي القومية
اليسار الإسرائيلي يلعب دورا يخدم به سياسة اليمين بقتل وإبعاد فكرة الدولتين
بقلم: رامي لفني،عن هأرتس
إن من يستند الى مقالات صحيفة «هآرتس» يُكوّن انطباعا أنه في الاسابيع الاخيرة قد حدث أمرا تاريخيا: اسرائيل تحولت الى دولة ثنائية القومية، وحصل بشكل نهائي زوال حلم تقسيم البلاد. المعركة المستمرة منذ سنين من اجل حل الدولتين ضائعة. لقد انتصر اليمين، المستوطنات لن تُخلى أبدا، ولم يبق أمام الاسرائيليين الليبراليين سوى احتمالين سيئين: القتال من اجل اتفاق ثنائي القومية أكثر عدلا، أو اذا كانوا لا يريدون العيش في دولة ثنائية القومية فان عليهم مغادرة اسرائيل.
اسباب هذا التصعيد الكلامي تنبع من مرارة النفس للكُتاب وعدم الاحساس لدى الجمهور في ظل استمرار الاحتلال اللانهائي وسياسة الاستيطان لبنيامين نتنياهو. هذه الاسباب التي تعلن عن موت حل الدولتين. وهم عمليا يحاولون اعادة الصراع الى الغموض كما يريد اليمين: بنية واضحة من الثواب والعقاب وبُعد موضوعي للزمن.
يجب وضع ساعة متوقفة أمام أعيننا تتجه الى أسفل فأسفل وبعد لحظة ستصل، وعمليا هي وصلت الى نقطة الصفر. ألا تريدون؟ رفضتم؟ هذا هو اذا، اكتمل كل شيء، الدولة ثنائية القومية ستكون عقوبتكم.
هذا التكتيك لا ينجح، التهديد بدهورة الوضع باتجاه ثنائية القومية الذي من المفترض أن يشكل كابوسا للاسرائيليين، يتم قبوله بعدم ثقة ولامبالاة. من الصعب التمييز بمظاهر خوف وهلع في المدن من السيناريو الذي يقترب بسبب فقدان الصهيونية اذا لم تنسحب اسرائيل من المناطق. هذا التهديد هو مجرد وغير مقنع وغير معروف على أية حقائق جيوسياسية يستند طالما أن العالم، واسرائيل والفلسطينيين، يُصرون على حل الدولتين.
ليس واضحا كيف تم تشخيص أن الموعد النهائي الدراماتيكي قد حصل الآن، وليس قبل نصف عام مثلا أو بعد عامين. هذا المستوى الذي أمامنا وكأنه يعني أن حياتنا تستمر كالمعتاد وفجأة بعد ذلك تتحول اسرائيل الى شيء آخر – من الصعب تخيل ذلك.
ليس فقط أن استخدام غير مفيد بل ايضا هو يضر. نظرا لأنه يعزز جهود اليمين واقواله بأن موضوع تقسيم البلاد قد سقط، على عكس من روغل ألفر وجدعون ليفي، فان نفتالي بينيت واصدقاءه يظهرون ثقة مصطنعة بالنفس ولكن عمليا يخافون جدا من أن مستقبلهم المهني موجود على عرف الديك، وأن خيار الدولتين من شأنه أن يتحقق. وهم يعرفون أنهم لن ينجحوا في جلب جموع اليهود وتغيير الميزان الديمغرافي في المناطق ويعرفون ايضا أنهم فشلوا في محاولة استيطان القلوب. والوسط الديني فقط تقريبا هو من يؤيدهم ايديولوجيا.
إنهم يتذكرون باستنكار التأييد الجارف الذي كان في اسرائيل حول الخروج من قطاع غزة، ويفهمون أن المجتمع الدولي لن يقبل السيطرة على المناطق. وقد جاء الدعم من مصدر غير متوقع: اشخاص من اليسار يساعدون المستوطنين للاقناع بما هم غير مقتنعين به وهو أن الدولة الفلسطينية لن تقوم.
إن السيناريوهات الفظيعة والمبالغ فيها لانجازات اليمين ليست الطريق، وليست الحقيقة، فالحقيقة هي أن حل الدولتين كان وسيبقى اللاعب الوحيد في المدينة، الذي سيستمر ايضا في المستقبل المنظور. المستوطنون لم ينتصروا. في الاتفاق المستقبلي نحو 100 مستوطن خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة سيضطرون الى العودة لاسرائيل، وهذا الرقم لم يتغير كثيرا في السنوات الاخيرة. كل كرفان وكل شارع جديد لبؤرة استيطانية هي حقيقة مؤسفة، ولكنها لن تمنع الاتفاق. اذا كان هناك حسم سياسي نحو الخروج من المناطق فبالامكان اخلاء 100 ألف مستوطن. وكما حصل في الانفصال عن غزة فان معظمهم سيوافقون على الخروج مقابل التعويض.
لا شك في أن الوقت لا يعمل لصالح السلام، ولكن بالتأكيد يمكن تقسيم البلاد. هذا ما يجب العودة والتأكيد عليه بدلا من نبوءات السخط على ثنائية القومية واللارجعة.
بقلم: إيال زيسر ،عن اسرائيل اليوم
يُصادف اليوم (أمس) مرور عشرين عاما على اتفاق السلام بين اسرائيل والاردن، ولم تكن العلاقات في أي وقت من الاوقات جيدة كما هي الآن. وفي نفس الوقت لم تكن العلاقات بين الدولتين متردية كما هي الآن، لا، ليس هذا خطأ مطبعيا أو تناقضا داخليا. الحديث هنا عن الشرق الاوسط وسلام شرق اوسطي، حيث أن اتفاق السلام الاسرائيلي الاردني يشكل مثالا ونموذجا.
تم التوقيع على اتفاق السلام في أيام اخرى وعلى يد قادة آخرين، كانت تلك ايام اوسلو الشجاعة، ايام أمل بتشكيل «شرق اوسط جديد» وتحقيق سلام اسرائيلي عربي. وليس غريبا أنه عندما تم التوقيع على الاتفاق تعهد الملك الاردني الحسين شريك اسحق رابين بأن يكون السلام بين اسرائيل وبين المملكة سلام دافيء، سلام حقيقي بين الشعوب، وليس سلاما باردا تنقصه الروح مثل السلام الاسرائيلي المصري.
مكّن اتفاق السلام الدولتين من الخروج من مخبأ السرية التي كانت تميز التعاون الامني والمعلوماتي، الذي بدأ قبل قيام الدولة. هذا التعاون كان راسخا بقناعة زعماء الاردن واسرائيل على مر السنين لأن الواقع الاستراتيجي يلزمهم بالتعاون حتى وإن كان ذلك سريا – سواء عارض ذلك المفتي في سنوات الاربعينيات أو عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات أو م.ت.ف في السبعينيات.
منذ التوقيع على اتفاق السلام قبل عشرين عاما اتسع التعاون الامني بين الدولتين، وتعمق التعاون الاستراتيجي في مجالات اخرى مثل المياه والطاقة، فاسرائيل تعطي اليوم الجزء الاكبر من المياه للمملكة، وبدون المياه الاسرائيلية ستجف الصنابير في العاصمة الاردنية، حتى في منازل اولئك الذين يتظاهرون ضد اسرائيل. وفي المستقبل ستعطي اسرائيل للاردن الغاز الذي لا يوجد للاردن أي بديل له.
ولكن التعلق الامني والاقتصادي الآخذ في الازدياد للاردن باسرائيل لم يغير من حقيقة الاحساس المناهض لاسرائيل في المملكة. فلا يوجد جمهور في العالم العربي يتظاهر بطريقة فظة ويعبر عن الكراهية لاسرائيل مثل الجمهور الاردني. وأمام مظاهر الكراهية هذه تقف السلطة الاردنية عاجزة، بل احيانا تصب الزيت على النار كما حدث في الآونة الاخيرة حينما أعلن الملك عبد الله عن ضرورة كبح الاعتداءات الصهيونية في القدس.
إن الرد الاردني المتردد لهذا العداء لاسرائيل ينبع من حقيقة أنه ليس آمنا في المملكة التي يسيطر عليها. فقط واحد من كل اربعة مواطنين ينتمي الى القبائل البدوية التي على أساسها أنشيء الاردن، وربع آخر هو من الفلسطينيين أما النصف الباقي فهم لاجئون من سوريا والعراق. في وضع كهذا وفي ظل وجود تنظيم داعش على الأبواب، وفي ظل الصلة بين الفلسطينيين على ضفتي النهر، يشعر قادة المملكة بضرورة اعطاء الجمهور فرصة التنفيس.
ولكن بالنسبة لاسرائيل يعتبر الاردن جدارا واقيا من الشرق. الاردن – الملك والجيش والاجهزة الامنية – هم من يفصل بين اسرائيل وبين تنظيم «الدولة الاسلامية».
إن الدولتين تحتاجان بعضهما البعض وستستمران في تعميق التعاون بينهما. وحاجة الاردن الاقتصادية من اسرائيل ستزداد، لكن الحب بين الشعبين سينتظر أياما اخرى، وبمفاهيم الشرق الاوسط فان اتفاق السلام الاسرائيلي الاردني هو قصة نجاح.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
مساكن جديدة للعرب
لأول مرة منذ قيام الدولة يفترض أن تقام مدينة عربية في الجليل
بقلم: تسفرير رينات ،عن هآرتس
لأول مرة منذ قيام الدولة ستقدم هذا الاسبوع خطة للمصادقة على بناء مدينة جديدة للعرب من قبل المجلس الاقليمي للتخطيط والبناء. وستكون المدينة قريبة من بلدة الجديدة – المكر في الجليل الغربي، ومن المتوقع أن يسكن فيها 40 ألف ساكن.
خطة المدينة الجديدة تبلورت في السنوات الاربع الاخيرة من قبل مركز تخطيط برئاسة المهندس عيران مابل. وقد تم تبنيها من قبل سلطة اراضي اسرائيل، وزارة البناء والاسكان وادارة التخطيط في وزارة الداخلية. كل هذا بناءً على قرار حكومي من العام 2008.
وبعد أن تتم المصادقة على الخطة من قبل المجلس الاقليمي سيتم نقلها لوضع الملاحظات عليها من لجنة تخطيط قطرية. ولم يتضح بعد متى سيبدأ البناء فعليا.
الارض التي سيتم البناء عليها تبلغ 2700 دونم، وهي موجودة على تلة الطنطور، قريبا من بلدة الجديدة – المكر. مكانتها البلدية لم تتحدد بعد، ولكن مجلس الجديدة – المكر يدعي أن المدينة يجب أن تكون تابعة له.
منذ قيام الدولة لم تتم اقامة بلدات جديدة للسكان العرب، باستثناء بلدات للسكان البدو التي لم يكن مكانها قد تحدد في اماكن دائمة.
في التقرير الذي أعده مخططو المدينة الجديدة أشاروا الى الحاجة الى خلق مناطق خارج الاطار القائم للبلدات التابعة لعدد من الحمائل، ليتم اعطاء جواب لمن لا يملكون الاراضي. البلدة الجديدة ستكون من اجل الطبقة الوسطى وستركز جزءً من النخبة الاجتماعية العربية في شمال البلاد.
«اقامة البلدة هي رسالة للسكان العرب بأنه لا تقام بلدات جديدة لليهود فقط وانما ايضا للعرب، كجزء من التمييز لصالح العرب وزيادة التعاون معهم في تخطيط المكان الخاص بالجمهور»، كما جاء في التقرير.
خلال النقاشات حول الخطة في لجنة ثانوية للمجلس الاقليمي للتخطيط والبناء، أوضح البروفيسور راسم خمايسة، وهو عضو في لجنة المخططين، الحاجة الى اقامة المدينة الجديدة. «على مسافة ليست كبيرة من الارض التي يدور الحديث عنها يوجد ضغط واكتظاظ عالٍ بين السكان العرب. القرويون العرب يمرون في مرحلة التمدن في حين لا يحصلون على الفرصة الكافية»، قال.
«في عام 2020 ستكون هناك زيادة تبلغ 700 ألف شخص للسكان، وبكونهم لن يجدوا الحل في كرمئيل أو نهاريا أو مناطق اخرى، فهناك حاجة لطرح آخر يعتبر موضوع المدن جزءً منه».
طاقم التخطيط يقترح الدمج بين الحاجة الى التخطيط البلدية وطريقة البناء العربية المحافظة، مثلا بالامكان عمل حدائق خاصة وبساتين مشتركة لسكان البناية، وتجميع عدة حدائق في مكان واحد مثلما هي الحال في القرية العربية المحافظة.
على طريق بلورة الخطة يخططون للالتقاء مع طواقم التخطيط ورؤساء المجالس وكُتاب ورجال فكر من القرى العربية.
الى جانب التأييد الذي يبديه عدد من المشاركين في اللقاء هناك من يطرحون التخوفات والتشكك.
بعض المتواجدين قاموا بالاعتراض على الخطوة وادعوا أن المدن يجب أن تكون مفتوحة مسبقا لجميع أنواع السكان. آخرون أبدوا تخوفهم من أن تستدرج المدينة الجديدة سكان أقوياء فيسيطرون عليها. وأشار آخرون أن هناك اشكالية كون البناء سيتم على ارض مصادرة في السابق من مواطنين يسكنون الآن في الجديدة – المكر.
من المفترض أن تتواصل المدينة الجديدة مع خط القطار المتوقع انشاؤه والذي يربط بين عكا وكرمئيل. وحسب التخطيط يتوقع أن يُقام متنزه بلدي ومباني مكتظة بارتفاع ست طبقات وأكثر.
المدينة ستكون ذات معايير متطورة من ناحية الاهتمام بالقمامة وستقام مراكز لاعادة تصنيع القمامة. في القرية القائمة، الجديدة – المكر، توجد اليوم مشكلة كبيرة حيث يحيطها الكثير من مواقع القمامة الغير قانونية. وفي السنوات الاخيرة ايضا كانت هناك صعوبات ومشكلات حول موضوع الصرف الصحي.
على هامش المدينة ستُقام منطقة صناعية. المشهد المفتوح القريب من الحديقة سيبقى على حاله مع فتح قناة لمرور مياه الامطار كي لا تحدث فياضانات أو انجرافا للتربة.
المخططون يقترحون ايضا خلق حزام من الاشجار في الشوارع الرئيسية لأجل تخفيف تأثيرات التلوث البيئي.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ
في الباص الى اريئيل الكل يخاف من الكل
صعود الركاب العرب الحافلة يجعل الخوف الشديد يسيطر على الركاب اليهود
بقلم: روعي تشيكي أراد ،عن هآرتس
رغم التوتر حول قرار وزير الدفاع بعدم تمكين الفلسطينيين من السفر في الباصات في يهودا والسامرة، الخط 286 الى اريئيل الذي سيبقى مشتركا حتى شهر كانون الاول، هو أحد الخطوط الهادئة في البلاد. أمس بعد الظهر، كان معظم المسافرين فلسطينيين متعبين من العمل. المستوطنون ايضا أو الطلبة من جامعة اريئيل حافظوا على مستوى منخفض نسبيا، وكانوا يستمعون للموسيقى بسماعات الأذن. أنا أنتظر مع العمال الفلسطينيين في تقاطع تحت جسر «غيهه»، معظمهم يعملون في ترميم البيوت مع آثار الدهان على ملابسهم. السائق عربي ويُدخل الجميع. عندما يوجد مكان يجلس اليهود الى جانب اليهود والعرب الى جانب العرب. أنا أجلس بجانب سمير من عزون المجاورة لقلقيلية. سمير لم يسمع عن بشائر يعلون الاخيرة، ولكنه يعرف أن وضع الفلسطينيين في هذا الخط فيه مشكلة. «يقولون إننا نحتل مكان في الباص، ولكننا لا نسافر بدون مقابل». ويضيف «لا توجد عندي مشكلة، فليعطونا باصا خاصا، وهذا يُظهر قيمة الديمقراطية لديكم، ديمقراطية لليهود». سمير هو أب لستة اولاد، يعمل في الترميم، وخصوصا الدهان والجص. «صدقني أننا نستطيع معا عمل سلام وبهذا يكون الشرق الاوسط أفضل من امريكا، ولكن من اجل ذلك يجب التفكير بشكل عقلاني».
وراء سمير يجلس ضرار من نابلس، أب لاربعة أولاد. اسأله اذا كان يفهم أن هناك من يعتبره خطيرا. «منذ سنوات ونحن نصعد الى الباص ولم تسمع عن عمل تفجيري». ويضيف «ذات مرة نعتوني وقالوا عمال نتنين، قلت ما العمل، نحن نعمل من اجلكم وليس من اجل شخص آخر. اذا لم يكن الجلوس بجانبي يناسبك فاذهب، أنا انسان مثلك وأدفع مثلك.
الروس يتعاملون معي بشكل جيد، ولكن نحن نخاف من المتدينين، الذين ينظرون إلينا وكأننا لسنا بشرا، وفي نهاية الامر نحن هنا من اجل مصدر الرزق».
في البداية جميع الاسرائيليين لم يرغبوا في الحديث، ولكن بعد أن نزل العرب قال لي شاب يعتمر القبعة كان يجلس بجانب السائق «هذا خطر على الحياة، خوف، أنا أخاف من الصعود الى الباص وأمتنع عن ذلك بسبب الفلسطينيين». وأقول له إن كل من تحدثت معه كان ودودا. «أنت تضحك، الاغلبية جيدة، ولكن ماذا سأفعل اذا كان واحدا غير جيد وينفذ عملية تفجيرية؟». قلت له إن أحدا لم يقم بعمل كهذا. «لا أريد أن أكون الاول».
يقول السائق إنه لم يحدث أن كانت هناك مشكلة من قبل العرب. «جاءوا للعمل وليس لاضاعة الوقت، وسيفعلون أي شيء للحفاظ على التصريح». واسأل السائق كيف لا يتدخل عندما يشتمون عربيا على خلفية عنصرية. «هذا المكان يعود للدولة وفي النهاية أنا أعمل حسب التوجيهات»، يقول السائق. واسأله لماذا يخاف الاسرائيليون. «هناك من يخافون حتى لو رأوا الذهب»، يقول. ولكن عندما يصعد المزيد من الركاب يخاف السائق من الاستمرار في الحديث.
في طريق العودة الى المركز في خط 186 ليس هناك فلسطينيون. «بسببهم لا يوجد مكان»، تقول لي سيدة مُسنة. «من بين مليون شخص لو قام واحدا بادخال شيء، فهذا خطير. فلا يمكن الاعتماد عليهم. وصعبة جدا الرائحة والفوضى اللتين يصدرانهما». وتقول إنهم ليسوا مضطرين للصعود الى الباص، لكنهم يفعلون ذلك كي يستمتعوا. «هنا مريح لهم»، تقول وتضيف «توجد لهم خطوط اخرى، ولكنهم يقولون إنهم يأتون الى هذا الخط لأن هناك فتيات في الحافلة».
فتاة إسمها كاتيا من بيتح تكفا وتتعلم الحاسوب في الجامعة قالت لي: «لم يفعلوا أي شيء، ولكن ما يسبب التوتر هو أنهم قادرون على فعل أي شيء». وحينما سألتها اذا ما كانت تؤيد خطوطا مشتركة أجابت «اذا كان بالامكان فنعم»، قالت. «اذا كان ذلك يعني أن لا يكون لهم باص، فالجواب لا، لأنهم يحتاجون الوصول الى العمل. ولكن في ايام الخميس عند عودتهم الى عائلاتهم، فلا يوجد مكان للجلوس، فهم يحتلون الباص».
الامر الأكثر رمزية كان الحوار مع يوسي، وهو شاب من أصل اثيوبي يتعلم في الجامعة. قال لي إنه يؤيد خطوطا منفردة، رغم أنه يعتقد أن هذا يشجع العمليات التفجيرية. وحينما أقول له إنهم سيشعرون بأن هذه خطوط تمييز عنصري يقول «نحن ندفع الضرائب عن هذه الباصات وعن الطرق، ليصبحوا اذا مواطني الدولة». وفي سياق الحديث تصعد مجندة في الحاجز وتفحص اذا كان يوجد فلسطينيون، لذلك تقوم باختبار لهجة يوسي وشخص آخر يضع القبعة السوداء، وقد اضطر لاخراج بطاقة الهوية. وتجاهلتني، وتجاهلت الشقراء بجانبي والنساء الاسرائيليات. أقول له إن امر الباصات سيبدأ بالفلسطينيين وسينتهي به، لكنه قال «حتى عن ذلك يجب المحاربة» ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
محظور أن تخسر إسرائيل
لا يجب السماح لأي مظهر من مظاهر الإخلال بالنظام من قبل العرب في القدس
بقلم: دان مرغليت،عن اسرائيل اليوم
لا توجد نهاية للوقاحة، حيث اهتمت عائلة المخرب القاتل عبد الرحمن الشلودي بالجدال مع الشرطة حول ترتيبات جنازته، بدلا من الاعتذار والندم كونه قد دهس وقتل بشكل متعمد الطفلة حايه زيسل بارون. حينما قتل زعران يهود شابا فلسطينيا بريئا وقف عدد من قادة اسرائيل في بيت العزاء عند والديه، أما هم فلم يأتوا إلينا.
ما شأننا في الحديث عنهم، وليس هناك حاجة لتقديم نصائح اخلاقية. الاخلاق لن تنبت في صحراء حماس القاحلة.
بقي اذا النقاش العملي. ليس على مستوى بنيامين نتنياهو وأبو مازن الذي من شأنه حل العلاقة بين الشعبين، وإنما على مستوى السلوك اليومي منذ الفجر الى الفجر، وهنا يوجد لدى اسرائيل رسائل لتقولها على خلفية ارتفاع مستوى اللهب.
الأمر الأساسي هو ادارة الحياة والأمن الشخصي. لتعرف كل أم عربية في اسرائيل السيادية وفي يهودا والسامرة أن إبنها الملثم الذي يرمي حجرا على اليهود أنه هدف (في اطار القانون) لحرس الحدود والشرطة. لا يوجد تساهل في الحرم ولا في قرية سلوان ولا في محطات القطار الخفيف في القدس. هذا هو المبدأ الاساسي والمهم. المزيد من الشرطة، المزيد من غرف الاعتقال. في هذه المعركة لا يمكن لاسرائيل أن تسمح لنفسها بأن تخسر.
في المقابل اسرائيل مخطئة في استيطانها وفي الفصل بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الباصات. صحيح أن الدافع ليس عنصريا والهدف هو أن يشعر اليهود العائدون الى البيت بالأمان. لكن في الوعي الغربي الديمقراطي فان معنى هذه الخطوة هو دحرجة مكانة اسرائيل لتكون مثل مكانة الالباما والمسيسيبي في السنوات المريرة من التمييز ضد السود.
هذه الصورة ستزعزع العالم الديمقراطي بشكل مبالغ فيه. ليس صدفة أن لا يدفع شخص مثل داني ديان باتجاه هذا الفصل في الحافلات بصفته رئيس مجلس «يشع». ولكن بعد ضغط البيت اليهودي اضطر موشيه يعلون الى الموافقة على الطلب، وكأنه لا يوجد له ما يكفي من المشكلات مع الولايات المتحدة.
علاقات اليهود والعرب بين البحر والاردن هي جرح نازف، ويجب التهدئة. الطريقة الصحيحة قُدمت أمس من قبل روبي ريفلين في كفر قاسم. فخر اسرائيل هو الحركة الصهيونية وميراث زئيف جابوتنسكي ومناحيم بيغن وبيت والده يوسف يوئيل ريفلين – مترجم القرآن للعبرية.
المجزرة في كفر قاسم اثناء حرب سيناء 1956 تركت جرحا لم يلتئم بعد، رغم أن القاضي بنيامين هليفي قال إن علما أسود ما زال مرفوعا – من الجدير التذكير من اجل الاجيال القادمة. وما قاله رئيس الدولة صحيح وهو أن العرب ليسوا في وضعية الطرد من البلاد.
وصحيح ايضا ما قاله إن هذه الارض هي ملك لآبائنا، وطننا، لا يوجد لنا مكان آخر، هذه حقائق ثابتة لا يفهمها كل من يشرب الميلكي. ريفلين تحدث، ليس أمام الكنيست في القدس وإنما في كفر قاسم. ومن الجيد أنه قام بايصال هاتين الرسالتين، ومن المؤسف أنه لا يوجد من يشبهه في الطرف الآخر ليقول اشياء مماثلة باللغة العربية.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
السوط ثنائي القومية
اليسار الإسرائيلي يلعب دورا يخدم به سياسة اليمين بقتل وإبعاد فكرة الدولتين
بقلم: رامي لفني،عن هأرتس
إن من يستند الى مقالات صحيفة «هآرتس» يُكوّن انطباعا أنه في الاسابيع الاخيرة قد حدث أمرا تاريخيا: اسرائيل تحولت الى دولة ثنائية القومية، وحصل بشكل نهائي زوال حلم تقسيم البلاد. المعركة المستمرة منذ سنين من اجل حل الدولتين ضائعة. لقد انتصر اليمين، المستوطنات لن تُخلى أبدا، ولم يبق أمام الاسرائيليين الليبراليين سوى احتمالين سيئين: القتال من اجل اتفاق ثنائي القومية أكثر عدلا، أو اذا كانوا لا يريدون العيش في دولة ثنائية القومية فان عليهم مغادرة اسرائيل.
اسباب هذا التصعيد الكلامي تنبع من مرارة النفس للكُتاب وعدم الاحساس لدى الجمهور في ظل استمرار الاحتلال اللانهائي وسياسة الاستيطان لبنيامين نتنياهو. هذه الاسباب التي تعلن عن موت حل الدولتين. وهم عمليا يحاولون اعادة الصراع الى الغموض كما يريد اليمين: بنية واضحة من الثواب والعقاب وبُعد موضوعي للزمن.
يجب وضع ساعة متوقفة أمام أعيننا تتجه الى أسفل فأسفل وبعد لحظة ستصل، وعمليا هي وصلت الى نقطة الصفر. ألا تريدون؟ رفضتم؟ هذا هو اذا، اكتمل كل شيء، الدولة ثنائية القومية ستكون عقوبتكم.
هذا التكتيك لا ينجح، التهديد بدهورة الوضع باتجاه ثنائية القومية الذي من المفترض أن يشكل كابوسا للاسرائيليين، يتم قبوله بعدم ثقة ولامبالاة. من الصعب التمييز بمظاهر خوف وهلع في المدن من السيناريو الذي يقترب بسبب فقدان الصهيونية اذا لم تنسحب اسرائيل من المناطق. هذا التهديد هو مجرد وغير مقنع وغير معروف على أية حقائق جيوسياسية يستند طالما أن العالم، واسرائيل والفلسطينيين، يُصرون على حل الدولتين.
ليس واضحا كيف تم تشخيص أن الموعد النهائي الدراماتيكي قد حصل الآن، وليس قبل نصف عام مثلا أو بعد عامين. هذا المستوى الذي أمامنا وكأنه يعني أن حياتنا تستمر كالمعتاد وفجأة بعد ذلك تتحول اسرائيل الى شيء آخر – من الصعب تخيل ذلك.
ليس فقط أن استخدام غير مفيد بل ايضا هو يضر. نظرا لأنه يعزز جهود اليمين واقواله بأن موضوع تقسيم البلاد قد سقط، على عكس من روغل ألفر وجدعون ليفي، فان نفتالي بينيت واصدقاءه يظهرون ثقة مصطنعة بالنفس ولكن عمليا يخافون جدا من أن مستقبلهم المهني موجود على عرف الديك، وأن خيار الدولتين من شأنه أن يتحقق. وهم يعرفون أنهم لن ينجحوا في جلب جموع اليهود وتغيير الميزان الديمغرافي في المناطق ويعرفون ايضا أنهم فشلوا في محاولة استيطان القلوب. والوسط الديني فقط تقريبا هو من يؤيدهم ايديولوجيا.
إنهم يتذكرون باستنكار التأييد الجارف الذي كان في اسرائيل حول الخروج من قطاع غزة، ويفهمون أن المجتمع الدولي لن يقبل السيطرة على المناطق. وقد جاء الدعم من مصدر غير متوقع: اشخاص من اليسار يساعدون المستوطنين للاقناع بما هم غير مقتنعين به وهو أن الدولة الفلسطينية لن تقوم.
إن السيناريوهات الفظيعة والمبالغ فيها لانجازات اليمين ليست الطريق، وليست الحقيقة، فالحقيقة هي أن حل الدولتين كان وسيبقى اللاعب الوحيد في المدينة، الذي سيستمر ايضا في المستقبل المنظور. المستوطنون لم ينتصروا. في الاتفاق المستقبلي نحو 100 مستوطن خارج الكتل الاستيطانية الكبيرة سيضطرون الى العودة لاسرائيل، وهذا الرقم لم يتغير كثيرا في السنوات الاخيرة. كل كرفان وكل شارع جديد لبؤرة استيطانية هي حقيقة مؤسفة، ولكنها لن تمنع الاتفاق. اذا كان هناك حسم سياسي نحو الخروج من المناطق فبالامكان اخلاء 100 ألف مستوطن. وكما حصل في الانفصال عن غزة فان معظمهم سيوافقون على الخروج مقابل التعويض.
لا شك في أن الوقت لا يعمل لصالح السلام، ولكن بالتأكيد يمكن تقسيم البلاد. هذا ما يجب العودة والتأكيد عليه بدلا من نبوءات السخط على ثنائية القومية واللارجعة.