Haneen
2014-11-05, 10:53 AM
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الثلاثاء 9/9/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
خرافة الوطن البديل التي تروج لها اسرائيل
بقلم: حديث القدس – القدس
أين حكومة الوفاق الوطني في مشروع اعمار قطاع غزة؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
في أبعاد تدخل غربي مرتقب
بقلم: محمود الريماوي – القدس
السلطة تعرج على الساقين !
بقلم: حسن البطل – الايام
مبادرة الرئيس ومحكمة الجنايات
بقلم: هاني المصري – الايام
حياتنا - حلف النكاح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
مدارات - في هذه الحال
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ومضة - وقف إطلاق نار.. فلسطيني - فلسطيني!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
خرافة الوطن البديل التي تروج لها اسرائيل
بقلم: حديث القدس – القدس
تناقلت وسائل اعلام ومصادر اسرائيلية كثيرة روايات عن اقتراح قدمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الرئيس ابو مازن خلال لقائهما الاخير في القاهرة، ويتعلق باعطاء جزء واسع من شبه جزيرة سيناء لتوسعة قطاع غزة واقامة الدولة الفلسطينية هناك. وقد نفى الرئيس السيسي ذلك شخصيا كما نفاه اكثر من مسوول فلسطيني كبير، إلا ان الرواية ما تزال تتكرر في بعض وسائل الاعلام وعبر مراكز التواصل الاجتماعي المختلفة.
ويروج لهذه القصة المزعومة فئتان الاولى تتعلق بالذين يعارضون الرئيس السيسي وما حدث في مصر ضد الاخوان المسلمين وذلك بقصد تشويه موقف مصر والاساءة اليها، وهي التي وقفت وتقف دائما مع القضية الوطنية والحقوق الفلسطينية.
الفئة الثانية هي اسرائيل نفسها التي تحاول ايهام الرأي العام بان هناك بديلا للوطن الذي نطالب به بالضفة وغزة حسب حدود 1967 وعاصمته القدس الشرقية، من ناحية، ولتعميق الانقسام الفلسطيني والايحاء بان غزة ستظل منفصلة عن الضفة الى الابد، خاصة على ضوء تصاعد الخلافات وتبادل الاتهامات بين فتح وحماس في هذه الايام وبعد العدوان المدمر على غزة وتباين وجهات النظر بحدة حول طرق اعادة الاعمار والجهة التي ستشرف على ذلك.
ان الموقف الشعبي والرسمي الفلسطيني واضح كل الوضوح وقد قدم شعبنا عبر عقود طويلة من الكفاح والنضال تضحيات جساما وآلاف الشهداء وملايين اللاجئين والمشردين من اجل حقوقه في وطنه واقامة دولته المستقلة، وهو لم ولن يرضى بديلا عن ذلك واية احاديث عن مثل هذه المقترحات ستظل خرافات تتردد بدون اية قيمة وبدون ان يعيرها شعبنا اي اهتمام.
وفي هذه المناسبة فان الذين ما يزالون يكررون الحديث او الترويج لهذه الحكايات مطالبون بان يكفوا عن ذلك.
الامية والفقر هما اساس
معظم مشاكل العرب والمسلمين
قالت المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة في بيانات صادمة وان كانت غير مفاجئة ان نسبة الامية في دول العالم الاسلامي بلغت حوالي 40٪ بين الذكور و65٪ بين الاناث، ولم يتمكن سوى عدد قليل من هذه الدول من خفض مستوى هذه الامية، ودعت الى تطوير سياسات واضحة ومدروسة في مجال محاربة هذه الآفة الت يتعيق بالتأكيد كل سبل التنمية والنهضة والتطور الاقتصادي.
والحديث عن الامية يعني القراءة والكتابة، لكن التطورات التكنولوجية والالكترونية الحديثة، تجعل حتى الذين يتقنون القراءة والكتابة مجرد اميين اذا لم يتمكنوا من التعامل مع وسائل العلم الحديثة بفهم وادراك واستخلاص النتائج والمعلومات والتي تزدحم وتتكاثر بسرعة رهيبة.
لقد قيل بصدق، اننا من التعليم نبدأ وبالتعليم نتطور ولدينا شواهد دولية معاصرة كثيرة لم تبدأ نهضة انسانية واقتصادية شاملة إلا من التعليم، لاننا بدون تقدم صناعي وزراعي وثقافي نكون مزرعة للفقر والجهل ونكون بالتالي غير قادرين على التطور وتحسين ظروف الحياة ورفع مستوى المعيشة، وتنتشر في ربوعنا كل اشكال التراجع والتخلف الاجتماعي ونكون بالتأكيد اداة سهلة بايدي الطامعين واصحاب الافكار المغرقة في التطرف والرجعية وكل ما هو يسير بنا الى الوراء...
لن ينهض اي شعب بدون علم وتعليم، والتعليم ليس مجرد الحفظ والقراءة والكتابة ولكنه القدرة على التفكير والابداع والانتاج والتطوير، وبدون ذلك سيظل العالم الاسلامي، ونحن جزء منه، يغرق في دوامة من الجهل والامية وهما اساس معظم المشاكل التي يواجهها.
أين حكومة الوفاق الوطني في مشروع اعمار قطاع غزة؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
بعد حوالي اسبوعين من بدء وقف اطلاق النار، او بدء الهدنة طويلة الامد، لا يزال مشروع اعمار قطاع غزة يتراوح بين الاخذ والرد، او بين الشد والجذب، وما زال هذا المشروع يراوح في مكانه، في ظل الشروط والقيود من هذا الطرف او من ذاك، وفي ظل التعقيدات اللوجستية والسياسية، سواء اكانت لكيفية عقد ما بات يعرف " بالمؤتمر الدولي لاعمار غزة"، او في كيفية ايصال المساعدات، التي تعهدت او قررت بعض الدول او الاطراف ارسالها الى القطاع، وفي خضم ذلك، يدفع الثمن المواطن في غزة، والاقتصاد في غزة، من زراعة ومن صناعة ومن بناء ومن اشغال وما الى ذلك.
وفي ظل هذا الواقع، تتسابق جهات عديدة لتقدير حجم الاضرار التي لحقت بقطاع غزة، وبتنا نسمع ونقرأ هذه الايام عن دراسات وعن تقديرات لخسائر القطاع، تتراوح بين خمسة الى اكثر من ثمان مليار دولار، وبدأت جهات كثيرة، سواء اكانت جهات دولية او مؤسسات محلية، رسمية وغير رسمية، تتسابق لتقييم الاضرار ولتحديد الاولويات، ومن ثم العمل من اجل وضع خطط العمل لاعمار قطاع غزة، والهدف المعلن من ذلك، هو اعمار غزة ومساعدة الناس هناك، وفي ظل هذا اللغط والازدحام في الاصطفاف من اجل اخذ دور او حصة من مشروع اومن برنامج من عملية اعمار غزة، يدعو المنطق والواقع والفلسفة الادارية، الى وجوب جهة وحيدة فقط، تقود عملية الاعمار، وتنضوي تحت مظلتها الجهات الاخرى، وتعمل على تمحيص وتقييم وتحديد الاولويات، بعيدا عن التشتت وعن التبعثر وعن التكرار والتنافس، وبالتالي عدم اضاعة الوقت والاموال والطاقات، وهذه الجهة من المفترض ان تكون حكومة الوفاق الوطني؟
وحكومة الوفاق الوطني برئاسة الدكتور الحمدالله هي الجهة التنفيذية التي من المفترض ان تعمل وتخطط وتدير عملية البناء، سواء اكان ذلك في الضفة او في غزة، وأن تكون هي المظلة او الاطار الذي يقود المشروع الضخم لاعمار غزة، وبأن تقوم بالعمل لاحتضان، وبشكل مباشر تحت اشراف رئيس الوزراء لجنة وطنية، تضم المختصين والخبراء، سواء اكانوا من جهات رسمية او غير رسمية، وسواء اكانوا من الضفة او من غزة، بحيث تعمل هذه اللجنة، ومنذ الان، وبدون انتظار وصول الاموال او انعقاد المؤتمر الدولي، او حتى انتظار وضع السياسات والقيود الخاصة بالاعمار، بان تعمل على تحديد الاولويات، وتضع المعايير، وترسي الاسس التي تتعلق بكيفية تنفيذ المشاريع وفي مختلف المجالات، وبأن تحدد كذلك معايير الجهات التي من المفترض ان تقوم او تشارك او تساهم في الاعمار، وكل ذلك بناء على اسس موضوعية واقعية علمية، تأخذ المصلحة الفلسطينية، او بالادق مصلحة قطاع غزة والناس في غزة، كأولوية بعين الاعتبار.
وحكومة الوفاق الوطني، من المفترض ان تبادر وان تقود عملية الاعمار، بدءا من التخطيط ومن ثم التنفيذ وحتى عملية المتابعة والتقييم، وبأن تقوم بذلك رغم المخاطر التي سوف تواكبها، ورغم التعقيدات والتدخلات المتوقعة من هنا او من هناك، ورغم ما سوف يرافق ذلك من انتقادات او من شكوك، ولا شك ان برنامج ضخم للاغاثة ومن ثم للاعمار في قطاع غزة، لن يكن من السهل البدء ومن ثم الاستمرار به، ان لم يكن متوافق عليه، بأن يتم تحت مظلة او لجنة تعمل تحت ادارة الحكومة، وان لم يتم التوضيح للمانحين او للمتبرعين او للراغبين في مساعدة قطاع غزة، طبيعة الاسس والمعايير والاهداف، وبالاخص منذ البداية، اي منذ الان، فأن الخطورة تكمن بأن تعمل كل جهة مانحة او متبرعة، بناء على مصالحها او اهدافها او سياساتها، ومن ثم تقوم بتسيير اموالها وفق اجندتها، ومن خلال اطر او جهات او مؤسسات او جمعيات تختارها، وبالتالي يصبح مشروع الاعمار مبعثرا، ومشتتا وربما تكون مشاريع عديدة مكررة، وبدون استدامة او بدون فعالية او بدون الجودة المطلوبة، والاهم بأن لا تأخذ هذه الجهات مصلحة الناس وحاجاتهم كاولوية بعين الاعتبار.
ولكي تقود وتبادر وتعمل، فأنه من المفترض على حكومة الوفاق الوطني ان تكون على الارض، او في موقع الحدث، او في مكان الاعمار، وبأن تتلمس الاحتياجات والاولويات، ومن خلال اعلى وكل المستويات التي لها علاقة، وذلك لكي يلمس الناس والمانحين والمتابعين والمراقبين ذلك، ولكي يرى الناس من يمثلهم او من يعمل لصالحهم على الارض وبينهم، لان هناك فرق كبير بين ان تكون في موقع العمل وتواكب ما يتم، وبين أن تراقبة عن بعد او من خلال الصورة او من خلال الخبر، وبالتالي من المتوقع ان تكون كل المستويات والتي لها علاقة بأعمار غزة، في غزة، وربما من المتوقع ان تكون هناك عقبات او منغصات ومن اطراف عدة، سواء للوصول او للبقاء او لمتابعة العمل هناك، ولكن الاخلاص في العمل والعمل من اجل تحديد الاولويات لصالح الناس، هو الذي سوف يوفر المظلة وبالتالي الاحتضان والدعم من الناس ومن الجهات التي سوف تشارك او تساهم في اعمار ما تم تدميره وهدمه اواجتثاثه في قطاع غزة؟
وبالاضافة الى الاغاثة السريعة من طعام ومسكن وامان، فأن هناك اولويات كثيرة تحتاجها غزة، وحسب التقارير الدولية هذه الايام، فأن قطاع غزة، يعاني من ازمات في مجالات المياه والطاقة، وحسب هذه التقارير فأن الناس لا يستطيعون الحصول على المياه النظيفة او المياة الصالحة، ومعروف ان معظم مصادر المياة في قطاع غزة هي مصادر مياه جوفية، وبالتالي فأن الاستثمار في ايجاد مصادر اخرى اضافية للمياه، مصادر صديقة للبيئة، وكذلك الاستثمار في تكنولوجيا ومشاريع لمعالجة الكميات الضخمة من المياه العادمة، وكذلك في مشاريع تحد من وصول الملوثات الى المياة الجوفية، هذا الاستثمار في قطاع المياه من المفترض ان يكون من ضمن اولويات حكومة الوفاق الوطني، التي تضع خطط الاعمار والبناء في قطاع غزة.
وبالاضافة الى المدارس والكليات والمباني التي تم تدميرها خلال العدوان، فأن هناك قطاعات انتاجية قد تضررت، حيث المصانع وقطاع الزراعة التي تم تخريبة، حيث نعرف ان الزراعة هي عنصر أساسي للاقتصاد الفلسطيني، وبالاخص في غزة في ظل الحصار والقيود، والاستثمار او اعمار القطاع الزراعي سوف يكفل تحقيق نوع من الامن الغذائي الذين في امس الحاجة الية والاستغناء ولحد ما عن الاستيراد، ويؤدي كذلك الى المحافظة على الارض، ويعمل على تحقيق انتاج مستدام وباسعار معقولة للخضروات والفواكه و اللحوم وغيرهما، وبالتالي التحكم بسلامة وجودة المواد الغذائية.
ومعروف ان العيادات والمشافي ومراكز الرعاية الصحية المختلفة لم تسلم من التدمير والخراب خلال العدوان على غزة، والرعاية الصحية، وبالتحديد الاولية منها، التي هي اساسية الى المواطن في غزة وفي غيرها، الذي يحتاج الى العيادة والى الاجهزة للفحوصات، والى الدواء الفعال، وبالتالي فأن الاستثمار المستدام وبالاخص في توفير الرعاية الصحية الاساسية للناس في غزة من المفترض ان يكون من ضمن خطط واولويات مشاريع الاعمار في غزة.
ومن ضمن اولويات الاعمار في غزة، من المتوقع ان يكون قطاع الطاقة، حيث معروف ان غزة ما زالت تشتري الكهرباء او المواد اللازمة لانتاج الكهرباء، من مناطق او من دول اخرى، حيث انها لا تتحكم في عوامل توفرها، او شروط توزيعها، او في اولويات الحصول عليها، او حتى في اسعارها او في مستوى جودتها، والاستثمار في الطاقة وبشكل مستدام يعني التوجة نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الغاز والرياح والطاقة الشمسية كأحد القطاعات المنتجة للطاقة وللكهرباء، ومن فوائد قطاع غزة، انها تحصل على الشمس وبالتالي على الطاقة الناتجة عنها، بشكل مجاني، ولفترة طويلة خلال السنة، وهي البديل للطاقة الحالية، التي تعتمد على السولار وعلى النفط ومشتقاته، والتي في العادة تتناقص ومن ثم تنضب مع الزمن، وبالتالي اصبحت استراتيجيات التنمية لعدد كبير من الدول تعمل وبشكل متواصل للتركيز على هذا المجال.
ولكي تدير حكومة الوفاق الوطني اعمار غزة بنجاح وبكفاءة، فانها يجب ان تتبنى وبشكل علمي فلسفة او اسس عملية "المتابعة" للمشاريع المنوي تنفيذها، والتي تعني متابعة ما يتم انجازة على ارض الواقع، مقارنة مع ما من المفترض تحقيقة خلال مدة زمنية محددة، وبالتالي تحديد اذا كان هناك عقبات او مشاكل وما سبل حلها، واعلام ادارة الجهات المنفذة والمانحة بذلك، وبناء علة يتم نقاش امكانية تغيير اسلوب او اتجاهات العمل، او اعادة دراسة افضل وسائل لاستخدام المصادر، والمتابعة تتطلب ملاحظة جودة المعلومات من حيث دقتها، وتوقيتها، وما ينقصها، والمتابعة تعني التواصل مع الجهات المنفذة من خلال تبيان الخلل او النواقص ومقترحات التطوير او التصحيح.
ولكي يتم التأكد بأن ما يتم تنفيذه قد ادى او سوف يؤدي الى الهدف منه، فأن يجب الاعتماد على عملية التقييم كجزء اساسي من عملية الاعمار في غزة، وبالاخص الى تحديد اذا ما كان هناك اثر او اثار لما يتم القيام بة، وبالاخص في المدى المتوسط والمدى البعيد، والتقييم للمشروع يتم في العادة في منتصف المشروع او بعد الانتهاء منه ، وفي العادة يتم التقييم من خلال مقابلات مع افراد او جماعات او من خلال استمارات او زيارات للموقع، وبالطبع من خلال مراجعة التقارير الدورية والبيانات والمعلومات التي تراكمت خلال مدة المشروع، ومن المفترض ان يتم التركيز من خلال تقييم مشاريع الاعمار في غزة على معايير من اهمها الاستدامة، والفعالية والجودة ومستوى التكاليف ومدى تحقيق الاهداف المحددة بالسقف الزمني.
ولكي تنجح حكومة الوفاق الوطني في التخطيط ومن ثم في ادارة وانجاز مشروع اعمار غزة، فأنها من المفترض ان تبادر الان ومن خلال التواجد في موقع الاحداث، وبأن تظهر لكل من سوف يكون له علاقة باعمار غزة، انها المظلة الوحيدة للاعمار، وبالتالي تمنع بأن تكون المشاريع عشوائية او مكررة من جهات عدة، او بأن يتم تنفيذها من جهات عدة وتحت اسماء مختلفة، وبدعم من جهات مختلفة، وبأن يكون هتاك تنافس بين هذه الجهات، فقط من اجل التنافس، وليس من اجل المصلحة الحقيقية لاهالي غزة؟
في أبعاد تدخل غربي مرتقب
بقلم: محمود الريماوي – القدس
أسفر اجتماع دول الناتو الثماني والعشرين في ويلز/بريطانيا الجمعة الماضية عن توجه واضح ومعلن عبّر عنه الرئيس الامريكي أوباما لمواجهة تنظيم داعش عسكرياً، إضافة إلى تجفيف الموارد المالية للتنظيم، وبذل الجهود الدبلوماسية . الرئيس الأمريكي وصف التنظيم بأنه "خطر على الغرب" . ومع ان خطورة هذا التنظيم تتعدى مناطق معينة في العالم، إلا ان الحديث كان موجهاً أساساً إلى دول الغرب وشعوبها وفي اجتماع عالي المستوى ضم كبار قادتها.
تدخل الناتو على نطاق واسع لن يكون وشيكاً ولكنه قريب، فحسب توضيحات أوباما في القمة الأطلسية فإن إقرار هذا التوجه ينتظر الالتئام السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى الأغلب، من أجل استصدار موقف أممي يدين التنظيم ويدعو لمواجهته ويشرّع هذه المواجهة، كما ينتظر التدخل مزيداً من المشاورات مع دول عربية . فيما تتواصل الغارات الأمربكية منذ الثامن من آب الماضي ضد مواقع وتحركات لداعش في العراق . وكانت دول غربية منها بريطانيا وفرنسا قد أعربت على لسان مسؤوليها عن استعدادها للمشاركة في أي جهد عسكري ضد هذا التنظيم "الذي يتوسع في الشرق الأوسط" .
عودة الناتو إلى نشاطه في المنطقة العربية، تأتي في غمرة تحولات شهدتها هذه المنطقة خلال السنوات الأربع الماضية تتمثل في استشراء العنف المنفلت من كل عقال، والذي يهدد أساساً شعوباً عربية قبل تهديده للغرب كما يهدد سواد المسلمين وغيرهم الذين لا يرتضون مماشاة هذه الموجة من العنف المقترن بإثارة النعرات الدينية والطائفية . ولئن كانت هذه الموجة غريبة عن البيئة العربية، فإن مواجهة تتم بينها وبين قوة غير عربية، ولو على أراضٍ عربية، لا تثير أي قلق إن لم تحمل على الاستحسان، وعلى قاعدة أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع .
التدخل الغربي المرتقب في منطقتنا لن يكون الأول من نوعه، وكان من أوضح حلقاته الحرب التي أدت لاستعادة الكويت من قوات صدام حسين، وبمشاركة أطراف عربية، وكذلك التدخل لوقف المجازر التي ارتكبها، والتي كان يستعد معمر القذافي لارتكاب المزيد منها ضد شعبه . ومن المفارقة ان تتجدد النداءات من مسؤولين ليبيين في الآونة الأخيرة لتدخل دولي يضع حداً لحكم الميليشيات في هذا البلد . وهو ما أبدى مسؤولون غربيون تردداً وصل حد الممانعة حياله مع التعويل على دور قد تؤديه دول الجوار كونها تتأثر مباشرة بتدهور الوضع الليبي .
في هذه الأثناء صرّح ناطقون أمريكيون بأن واشنطن لن تنسق مع دمشق، أو مع طهران بخصوص حملة عسكرية مرتقبة، تشمل مناطق في العراق ابتداء، ومرشحة للتمدد باتجاه الأجواء السورية، وهو ما عبّرت عنه بخصوص إيران المتحدثة بلسان الخارجية الأمريكية ماري هارف الجمعة الماضية . ولعل الغرض من ذلك هو تفادي خلط الأوراق السياسية والعسكرية في المنطقة، وأن لا تؤدي مثل هذه الحملة إلى تعزيز مواقع طرف إقليمي في المنطقة لا يكتم نزعته التدخلية، التي تسهم في إدامة النزاعات والتوترات الداخلية في غير بلد عربي .
من الواضح الآن، وفي هذا الظرف بالذات ( ظرف توسع داعش واستشراء خطره) أن أية معارضة لتدخل محتمل لن تلقى أذناً صاغية، ولن تثير تجاوباً يُذكر، ذلك أن البديل لهذا التدخل الواسع هو استمرار هذا الخطر، بما يحمله من محاذير تفوق الوصف وتهدد المجتمعات في صميم امنها وسلامها ونسيجها المستقر. وكان الأمل أن تتمكن دولنا ومجتمعاتنا من تطويق هذا الخطر ووضع حد له في بواكيره، غير أن التشرذم الذي أصاب النسيج الاجتماعي والوطني ووقوع الانشطارات التي باتت معروفة، وضعف التمثيل السياسي للحكومات، قد أدى إلى ضعف المناعة الداخلية التي أفاد منها هذا التنظيم وجماعات أخرى متشددة..
أمام هذا التطور المرتقب لحملة عسكرية غير مقترنة على الأرجح بقوات برية على الأرض، فإن أفضل مشاركة عربية في التصدي لداعش تتمثل في مغادرة التطرف ومناوأته مناوأة فعلية وذلك من أجل وضع حد للبيئة المولدة للعنف . التقارير الواردة من العراق تشير إلى توجه نحو تشكيل حكومة ائتلافية موسعة، واختيار قيادات لوزارة الدفاع ذات اهلية مهنية ومناقبية وطنية وتحظى بتوافق داخلي، وهو ما يجعل من التصدي لداعش مهمة وطنية بالفعل، تصب في مصلحة العراقيين جميعاً، وتسهم في بناء الدولة وتعزيز الوحدة الوطنية، وليس مثلاً في تقوية ميليشيات منغمسة في الصراعات الأهلية، اياً كانت هذه الميليشيات والتي طالما حظيت بدعم داخلي وخارجي .
شيء من ذلك يتمناه المرء لسوريا، لكن المعادلات الصفرية القصوى ما زالت تحكم الصراع في هذا البلد . بما يجعل من التصدي لداعش علاجاً لحلقة ثقيلة من سلسلة حلقات، وهو أمر ليس سيئاً بحد ذاته .
وفي جميع الأحوال فإن الأهوال التي تفوق التصور (رغم وقوعها بالفعل!) والتي شهدتها دول ومجتمعات عربية على مدى السنوات الثلاث الأخيرة على أيدي قوى محلية ، تظل أكبر بكثير وأشد وطأة بما لا يقاس، من أية أضرار جانبية لأي تدخل خارجي كالتدخل الغربي المرتقب، وهو ما يجعل من هذا الإجراء أهون الشرّين، إن لم يكن "الشر الذي لا بد منه" .
السلطة تعرج على الساقين !
بقلم: حسن البطل – الايام
كيف نلخص الوضع الراهن الفلسطيني؟ ربما يجب، أولاً، أن نجد خيط الوفاق من نسيج التنسيق. بمعنى، وفاق سياسي سلطوي ـ حمساوي بلا تنسيق؛ وتنسيق سلطوي ـ إسرائيلي بلا وفاق سياسي.
في المحصلة، الوضع السياسي الراهن الفلسطيني يعرج على الساقين معاً، وعلينا بهذه الحال أن نذهب إلى خطة المراحل السلطوية الثلاث:
أولاً، باتجاه أميركا عساها توافق على وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال؛ وأن تقنع ـ إسرائيل بالتفاوض حول هذا، فإن لم تستطع، يكفينا أن ترفع أميركا مظلة "الفيتو" في مجلس الأمن عن هذا الطلب، أو نذهب، ثالثاً، الى مسعى رفع عضوية دولة فلسطين في جميع المواثيق والاتفاقات والمنظمات الدولية.
طبعاً، وخلال شهر، يجب أن نجد خيط الوفاق مع "حماس" من نسيج تنسيق الخطوات الثلاث السلطوية.. وإلاّ، ستذهب السلطة عرجاء لأن شرعيتها السياسية، دولياً وعربياً، على غير وفاق مع الشرعية الشعبية لحركة "حماس" كما يقول استطلاع رأي أُجري وقت حرب الـ 50 يوماً.
السلطة هي ابنة المنظمة أو أداتها التنفيذية، وهي بالنسبة لشعبها، كما في اتفاق أوسلو وقبله الممثلة الشرعية. لكن بعد الانقسام لم تعد السلطة الفعلية على جزء من أرضها وشعبها.
بوضعه خطة التحرك الثلاثية، يكون رئيس السلطة قد وافق على أن مفاوضات العشرين سنة كانت عبثية، علماً أن "مفاوضات" المنظمة مع حركة "حماس" لدخولها تحت مظلة المنظمة كانت سبّاقة على أوسلو وتأسيس السلطة وبعدها، وجرت أولى الجولات في صنعاء، حيث طالبت "حماس" بحصة مقدارها 40% من المنظمة.. ورفض عرفات!
بالفعل، وبعد انتخابات 2006، أحرزت "حماس" أكثر من 70% من مقاعد البرلمان الثاني، وكانت قد امتنعت عن المشاركة، مع فصائل أخرى، في البرلمان الأول، بحجة أنه يجري وفق قيود وقواعد أوسلوية.
الآن، تريد السلطة من خطتها الثلاثية أن تعزل سياسة إسرائيل دولياً عن سياسة استمرار الاحتلال، وأن لا تبقى حركة "حماس" معزولة عن المنظمة والسلطة وحكومتها دولياً وعربياً. المشكلة أن مطالب "حماس" من السلطة لمتابعة الوفاق تهدّد السلطة بعزلة دولية، وبخاصة مالية إن وافقت على دفع رواتب "حكومة الظل" الحمساوية في غزة، وضمنها رواتب لحوالي 20 ألف مقاتل في حركة "حماس". الحلالون يبحثون عن حلّ.
"حكومة الظل" لا توجد في دول العالم بهذه الصفة إلاّ في بريطانيا، حيث يشكل الحزب المعارض ما يشبه "حكومة ظل".. لكن، في الحالة الفلسطينية يمكن القول "حكومة الأمر الواقع".
حكومة الأمر الواقع تستقوي بمقاومة وصمود تراه نصراً مبيناً، وتقول لو أن الضفة تقاوم الاحتلال بمقدار نصف مقاومة غزة.. لكانت إسرائيل قد "انتهت"؟
هذا مجرد خلط وادعاء لسببين: الضفة بالنسبة لإسرائيل، كما لدولة فلسطين، غير غزة بالنسبة لإسرائيل. وثانياً، ألحقت الضفة خسائر بشرية بالإسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية، بما يفوق خسائر إسرائيل في غزة.
لا يمكن أن يكون "وفاق" ترى فيه "حماس" مقاومة مسلحة، بينما على السلطة أن تتولى أمر إعادة إعمار غزة بعد كل حرب. قرار الحرب يجب أن يكون وطنياً: سلطة واحدة.
مع ذلك، فإن "حماس" تتعامل مع "النصر" كأنه نصرها أولاً وأخيراً، بل وتفاخر على لسان الزهار أحد قادتها أن خسائر مقاتليها أقل من خسائر الجيش الإسرائيلي (حوالي 50 شهيداً) علماً أن حركة "الجهاد الإسلامي" خسرت باعترافها 121 شهيداً، بينما فقدت "فتح" 861 شهيداً.. والمجموع يقترب من الادعاء الإسرائيلي بـ 850 ـ 1000 من عناصر المقاومة. الأهم خسائر المدنيين وبالذات الأطفال.
في الأخبار الإسرائيلية أن "حماس" عاودت ترميم ما أمكن من الأنفاق، بما يسوّغ لإسرائيل التشدّد في إدخال مواد البناء، وبالتالي فإن المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة قد لا يُعقد في موعده، فإن عقد فإن الخطط تبقى على الورق، علماً أن ما دمرته حرب 2009 في غزة لم يتم ترميمه بالكامل حتى الآن.
كيف تملك "حماس" مصادر مالية كافية للتسليح والحرب، ولا تستطيع سوى أن تحمّل ميزانية السلطة رواتب جيش موظفيها المدنيين والعسكريين.
بوفد موحد، وبرئاسة فتحاوية، فاوض الفلسطينيون على وقف إطلاق النار.. لكن هل سيفاوضون بوفد موحد وهم مختلفون على عمل حكومة الوفاق.
يبدو أن اسرائيل لا تريد إنهاء الاحتلال، و"حماس" لا تريد حكومة واحدة فعلية لشطري الدولة الفلسطينية.. والعالم لا يريد المساهمة في إعمار غزة دون إشراف السلطة على ذلك.
المسألة تتعدّى الخلاف على الميناء والمطار، لأن إنجازهما يتطلب سنوات، بينما تستطيع إسرائيل تدميرهما في يوم، إذا لم يكن هناك اتفاق، أو كانت الحرب الثالثة مجرد جولة كما تقول "حماس".
مبادرة الرئيس ومحكمة الجنايات
بقلم: هاني المصري – الايام
في أواخر تمّوز الماضي، قام صائب عريقات بدعم ومباركة الرئيس بتقديم رسالة تطالب بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة، وطلب أن يوقّع عليها جميع أعضاء اللجنتين المركزيّة لحركة فتح والتنفيذيّة للمنظمة والأمناء العامّون للفصائل حتى يتحمّل الجميع المسؤوليّة عن الانضمام وتداعياته.
وبالفعل حمل عريقات الرسالة الموقع عليها إلى خالد مشعل، وطالبه بالتوقيع عليها، وطلب الأخير مهلة للتشاور، وبعد تردد أكثر من أسبوعين وميل للرفض في البداية؛ حسمت "حماس" أمرها ووقع موسى أبو مرزوق باسم "حماس".
كان من المتوقع بعد موافقة "حماس" أن يوقع الرئيس رسالة الانضمام - كما التزم - بعد عشرة أيام على وقف العدوان، وبدلاً من ذلك تحدث الرئيس أنه لا يعترف بتوقيع أبو مرزوق ويريد توقيع خالد مشعل لأنه صاحب القرار، وبالرغم من تصريح مشعل أكثر من مرة بأنه يؤيد ويدعو إلى هذه الخطوة لم يقم بها أبو مازن، فيما اعتبر رسالة بأنه أجّل الانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة إلى إشعار آخر.
سبب انتظار أبو مازن هو المفاجأة التي تحدث عنها، وتمخّضت عن مبادرة سياسيّة تقوم على عدة مراحل، تبدأ بالرهان مجددًا على الإدارة الأميركيّة من خلال مطالبتها بالدعوة إلى مفاوضات ثنائيّة تستمر تسعة أشهر على أساس مرجعيّة إقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود 67 مع تبادل أراضٍ ضمن جدول زمني، وعلى أساس قيام إسرائيل بتجميد الاستيطان وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى.
ويأتي الرهان على الإدارة الأميركية بالرغم من الحصاد المرّ له خلال عشرات السنين، لأن الموقف الأميركي معروف بانحيازه لإسرائيل، وعندما تختلف الإدارة الأميركية مع الحكومة الإسرائيلية حول بعض النقاط والتكتيكات فإنه يكون خلافًا بين حلفاء تربطهم علاقات عضويّة إستراتيجيّة يشبه الخلاف الدائر داخل الحكومة الإسرائيليّة نفسها.
إن مفتاح تفسير الانتظار يعود أيضًا إلى الخشية من المجابهة التي يمكن أن تؤدي إليها خطوة الانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة، التي تبدأ أهميتها من كونها تشكل إغلاقًا لمسار المفاوضات الثنائيّة، وتدشينًا لمسار جديد يشمل السعي لتجميع أوراق القوة والضغط على اختلاف أنواعها، بما فيها فتح الطريق لمعاقبة إسرائيل على جرائمها السابقة، واللاحقة، والمستمرة، مثل جرائم الاستيطان والتهجير والإبعاد.
بالرجوع إلى المواد (11) و(12) من نظام روما، المؤسس لمحكمة الجنايات، فإن المحكمة لا تختص بالنظر في الجرائم التي ارتكبت قبل تاريخ نفاذ نظام روما، أي قبل تاريخ 1 تموز 2002، وفي حال انضمت دولة معينة إلى نظام روما فإن اختصاص المحكمة لا يمارس إلا على الجرائم التي ارتكبت بعد انضمام تلك الدولة للميثاق، إلا إذا أعلنت الدولة المنضمة قبول اختصاص المحكمة الجنائيّة على إقليمها قبل تاريخ انضمامها، ولكن بجميع الأحوال لا يمكن أن توسع المحكمة اختصاصها إلى ما قبل 1 تموز 2002، وبالتالي ما ارتكب من جرائم معاقب عليها دوليًا قبل العام 2002 لا تختص المحكمة الجنائيّة الدوليّة بنظرها، ونذكر هنا أن الاختصاص الشخصي للمحكمة يمارس تبعًا لجنسيّة المتهم وليس جنسيّة الضحيّة، أي يمارس الاختصاص الشخصي على الأشخاص المتهمين من رعايا الدول الأعضاء فقط.
النتيجة الوحيدة المضمونة للمبادرة الفلسطينيّة إذا لم ترتبط بمقاربة شاملة جديدة تسلّح المفاوض الفلسطيني بأنياب؛ هي إضاعة وقت ثمين ومنع توظيفه في سياق البناء على ما حققه الفلسطينيون بعد العدوان من عودة القضيّة إلى الصدارة، وتحقيق احتضان شعبي غير مسبوق للمقاومة، وإظهار حدود القوة الإسرائيلية رغم تفوقها والاختلال الفادح في ميزان القوى لصالحها، وتحقق درجة لا بأس بها من الوحدة السياسيّة، تجلت من خلال تشكيل وفد مشترك يتبنى مطالب المقاومة.
وبدلاً من ذلك وما يتطلبه من إعطاء الأولويّة لتجسيد وحدة وطنيّة حقيقيّة على أساس شراكة كاملة وبلورة إستراتيجيات جديدة، بدأنا نشهد تحركًا متسارعًا فئويًا يهدد إذا استمر بالعودة إلى مربع الانقسام المدمر.
كان ولا يزال ممكنًا الشروع في حوار وطني شامل، من خلال تفعيل الإطار القيادي المؤقت للمنظمة للاتفاق على القواسم المشتركة، وإيجاد قيادة وسلطة واحدة تحكم في الضفة والقطاع، وتنظيم إدارة الخلافات، والعمل المشترك لرفع الحصار والإغاثة وإعادة الإعمار، وإطلاق سراح الأسرى، وتنظيم المقاومة بكل أشكالها وفقًا للظروف المناسبة لكل تجمع فلسطيني، والتركيز على المقاطعة الشاملة لإسرائيل، وملاحقتها على جرائمها من خلال الإسراع في الانضمام إلى المؤسسات الدوليّة، بما فيها وأولها محكمة الجنايات الدوليّة، وبعد ذلك يمكن التحرك عربيًا وإقليميًا ودوليًا، والفلسطينيون سيكونون حينها في موقف أقوى بكثير، وبعد أن نصل إلى مرحلة يصبح فيها الاحتلال مكلفا لإسرائيل ومن يدعمها، وفي ضوء تبلور حركة تضامن عربي ودولي واسعة مع القضية الفلسطينية، يتم بعدها التوجه إلى الإدارة الأميركيّة ومجلس الأمن ومطالبتهما بتحمل مسوؤلياتهما، اللذين إن لم يقوما بها سيتم تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
إن عدم الجرأة على الانضمام إلى محكمة الجنايات، ووقف التنسيق الأمني، وإعادة النظر في دور السلطة وشكلها ووظائفها والتزاماتها، ووضع الثقل اللازم لدعم المقاومة والمقاطعة، وإنجاز وحدة وطنيّة حقيقيّة؛ يعود إلى الضغوط والتهديدات الأميركيّة والإسرائيليّة بممارسة عقوبات سياسيّة وماليّة وغيرها، ما يمكن أن يؤدي إلى انهيار السلطة وفقدان أفراد وشرائح لنفوذها ومصالحها، متذرعة برواتب الموظفين التي يمكن إيجاد بدائل لدفعها من مصادر فلسطينيّة وعربيّة ودوليّة إذا اعتمدوا على مقاربة جديدة تكسر قيود أوسلو.
من يريد الحريّة عليه أن يستعد لدفع ثمنها، ومن يريد التوجه إلى خيار آخر بعد فشل مبادرة الرئيس عليه أن يستعين بالوحدة، التي من دونها لا يمكن الانتصار، فلا شيء أسوأ من الاستمرار بالأمر الواقع الذي عنوانه الأبرز التكيف مع الاحتلال والسعي لتحسين شروط الحياة تحت الاحتلال والانقسام.
هذا الواقع الذي أضاع القضيّة والأرض والروح والوحدة، وحوّل السلطة إلى وكيل أمني للاحتلال وليس كما أرادها ياسر عرفات خطوة وأداة على طريق التخلص من الاحتلال، وهذا ثمن أكبر من الثمن الذي يمكن دفعه إذا سار الفلسطينيون في طريق العزة والكرامة .. طريق الانتصار.
إذا كان الرئيس عازما على التوجه إلى محكمة الجنايات ووقف التنسيق الأمني وتسليم مفاتيح السلطة إلى إسرائيل، إذا لم تتجاوب الولايات المتحدة الأميركيّة مع مبادرته واستخدمت حق الفيتو ضده في مجلس الأمن – كما أعلن بعظمة لسانه؛ فلماذا لا يبدأ بترتيب البيت الفلسطيني من خلال إيجاد وحدة وطنيّة حقيقيّة قادرة على مواجهة المعارك القادمة، لأن الرفض الأميركي والإسرائيلي لمبادرته حدث، وعبّر عن نفسه من خلال رفضها علنًا وسرًا من قبل جون كيري ومندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة.
إن الذهاب إلى البيت الأبيض، ثم إلى مجلس الأمن والفلسطينيون ضعفاء ومنقسمون؛ يمثل إضاعة للوقت وتكرارًا لما حدث في العام 2011، حين ضاع العام كله في تقديم الطلب إلى مجلس الأمن - بالرغم من توصية مخالفة من معظم الخبراء والسياسيين الذين دعوا إلى التوجه للجمعية العامة أولاً - للحصول على عضويّة كاملة للدولة الفلسطينيّة، لأن الجميع يعرف أن الفيتو الأميركي يقف له بالمرصاد، وبلغ الوضع من السوء إلى حد لم نتمكن فيه من الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة في مجلس الأمن للتصويت.
لقد صُوِّرَ الذهاب إلى مجلس الأمن حينها بوصفه ذروة المجابهة مع الإدارة الأميركية، في حين أنه كان فعليًّا تجنبًا للمجابهة وتأجيلاً لها لمدة عام على الأقل.
كان ولا يزال من الأفضل أن نبدأ بالمواقع وبالمؤسسات والدول الصديقة لمراكمة القوة والضغوط، ثمّ الذهاب إلى مجلس الأمن والبيت الأبيض، اللذين سيضطران إلى الاستجابة للحقوق الفلسطينية، لأن عدم الاستجابة يمكن أن يؤدي إلى الأسوأ.
تبقى نقطة لا بد من الإشارة إليها، وهي أن موقف خالد مشغل غير واضح من مبادرة الرئيس، حيث قال أكثر من مرة إن "حماس" مع أية مبادرة تنسجم مع "وثيقة الوفاق الوطني"، ولم يحدد إذا كانت مبادرة الرئيس تنسجم مع الوثيقة أم لا، وهذا الموقف حمّال أوجه.
حياتنا - حلف النكاح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
أعلن الرئيس الأميركي عملياً النفير العام لمواجهة داعش في الشرق والغرب مثلما أعلن الأميركيون قبل ذلك النفير العام لمواجهة القاعدة.. كان من عادة الرئيس الروسي بوتين أن يردد لزائريه من العرب والغربيين أن الجماعات الارهابية التي تستتر بالإسلام تأخذ ولا تعطي.. وكان الغرب يجزل العطاء والغذاء والسلاح والنساء الملاح على هذه الجماعات طالما أنها تقاتل النظام السوري.. ولكن هذه الجماعات سرعان ما انقلبت على داعميها وصارت تتصرف بعيداً عن الأهداف المخططة لها.. فظهور القاعدة في العراق كان لمواجهة الاحتلال الأميركي الذي احتضن دواعش من الميليشيات الشيعية في العراق ووجهها لقمع السنة لأن الأخيرين كانوا يقاومون الاحتلال.. ولعلنا نجد في مذكرات ضباط أميركيين اعترافات عن اطلاق يد القوات الأميركية ضد المدنيين السنة الأبرياء وقتلهم واغتصاب النساء والقاصرات دون مساءلة.. وبعد خروج الأميركيين مارس نظام المالكي السياسة نفسها وأطلق لعصاباته العنان لقتل واغتصاب النساء.. حتى ان حوالي أربعة آلاف امرأة من السنة خرجن حوامل من سجون المالكي.
ظهر الزرقاوي لمقاومة الأميركيين وميليشياتهم.. وظهرت في زمانه بدايات داعش في شمال غرب العراق.. ولجأت داعش إلى سوريا حيث حظيت بالمال والسلاح من كل حدب وصوب مثلها مثل كل قوى المعارضة التي تقاتل النظام السوري، ولهذا أستغرب كيف أن الغرب الذي دعم هذه القوى يعلن النفير العام الآن في وجه داعش وهو يعرف قادتها جيداً ويعرف كم وصلها من مال.. ويعرف كيف أنه زين لشبان غربيين وأميركيين الالتحاق بها ثم دفع بمجاهدات النكاح اليهم.
داعش والقاعدة والجماعات التكفيرية كلها حظيت بدعم غربي.. وامتداداتها في ليبيا ومصر ما زالت تحظى بذلك الدعم الغربي حتى الآن.. لكن عندما تخرج أي من الجماعات عن نواميس السياسة الغربية فإنها تصبح إرهابية ويجب الحشد وتشكيل أحلاف ضدها.. ولعل محاولة توسيع حلف مواجهة داعش ليشمل دولاً عربية هو في صلب الاستراتيجية الغربية أي ضرب العرب بالعرب، ولعل الكثيرين يجهلون أن أغلب تعاليم داعش هي من تعاليم سيد قطب وغيره من أقطاب الإسلام السياسي.. وليس الإسلام الديني.. فآفة المسلمين الآن أن جماعاتهم تأخذ الإسلام من غير منبعه بل من كتب واجتهادات بعيدة عن النص الديني. ورب سائل يسأل إذا كانت داعش تعد الملتحق بها بنكاح الجهاد وحور العين لاحقاً فما الذي تعد به واشنطن من يلتحق بحلفها لمقاتلة داعش! الجواب أنه سيكون منكوحاً إن قضى على داعش وإن قضت داعش عليه. فالناكح والمنكوح في النار.
مدارات - في هذه الحال
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ما زلنا في انتظار الجولة الثانية المكمّلة، في القاهرة، التي نعلم من خلال نتائجها ما الذي ربحناه من صمود المقاومين والناس، في الحرب التي شُنت على غزة. حتى الآن لا شيء سوى الدمار, والشتاء على الأبواب، والفلسطينيون في قطاع غزة يعانون على مستوى متطلباتهم البسيطة، في الإضاءة والاستحمام والتغوط. بات السؤال واجباً حول مدى استعداد القوى الفلسطينية للالتقاء على صيغة وفاقية حقيقية، تتأسس عليها سلطة مُهابة ومخولّة، تساعد على فتح الأبواب للإغاثة الكاملة وإعادة الإعمار ورفع الحصار. لم يعد أمامنا سوى الذهاب الى وفاق على مشتركات وقناعات واقعية. وفي حال فشلنا - لا سمح الله - فإن الكارثة التي حلت بقطاع غزة سوف تصبح جرحاً ملتهباً يتضاعف خطره وتزداد آلامه.
لا شيء في اليد حتى الآن، وبات الكل الفلسطيني في موضع الاختبار العسير. والعودة الى الحرب ليست حلاً ولا مخرجاً. مطلوب من القوى الفلسطينية تكثيف العمل السياسي على الصعيدين الوطني والخارجي، ووضع مقاربات جديدة. لقد علمتنا الحرب درساً خلاصته أن الفلسطينيين يقاتلون وحدهم، وأن الأطراف الإقليمية التي تتغنى بالمقاومة، لن تحرك ساكناً، وإن نطقت سياسياً في ظروف الحرب، فإنها تركز على القضايا الإنسانية وعلى الإغاثة لا على المدد ولا على الإسناد العسكري، وهذا من البديهيات.
ما تحتاجه غزة الآن، هو تغيير في وضعية السلطة التي نشأت أصلاً بموجب اتفاق، وليس في مقدور طرف أن يغير وظيفتها، وإن حاول طرف تغيير وظيفتها، فإن الخسارة الفادحة هي النتيجة في الحرب وفي السياسة. لقد جلبت محاولة تغيير طابع السلطة، المآسي لشعبنا، فانقسمت الكيانية الفلسطينية وأضعفت الورقة السياسية. إن حقنا في المقاومة، لا يختلف عليه اثنان، لكننا مضطرون لأن نحسب ونتهيأ لممارسة الشكل الملائم من المقاومة في كل مرحلة، وهذا واجب وطني وسياسي وأخلاقي، إن لم نؤده بمسؤولية عالية وبوعي عميق، يصبح التهور والتمكين لأجندات عاطفية هو البديل.
لكي نساعد غزة على تضميد جراحها، لا بد من إعادة الاعتبار للسلطة، ولبُنيتها الديمقراطية، ولخطابها السياسي الوطني. ولن يتأتي لنا هذا، دون حكومة وفاقية، ودون تغيير في مناهج العمل في الضفة وغزة، على النحو الذي يؤهلنا لمواجهة التحديات بقوة. لا مناص من إعادة بناء المؤسسات، ولا سيما مؤسسة الرقابة والتشريع، توخياً لحكم رشيد، تتسع فيه دائرة التشاور، بحيث لا ينفرد طرف بقرار ينسحب أثره سلباً أو إيجاباً على الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات.
مضطرون للإقلاع عن لغة الخصومة، لأنها جلابة بؤس وسبب في إبقاء آثار الكارثة على حالها. من لا يستطيع تغيير لغته وسلوكه ليس أمامه سوى أن يتنحى جانباً. وضعنا الفلسطيني لم يعد يحتمل الكيديات أو أجندات المحاور الإقليمية. فالمحاور كلها ستظل عاجزة عن العون في الإغاثة وإعادة الإعمار، إن لم يتدارك الفلسطينيون أمرهم ويحققوا وحدتهم. إن ما نلمسه حتى الآن، هو الفراغ والعدم، ولا شيء يواسي الناس في قطاع غزة ولن يكون ثمة ربح، إن ظللنا على هذه الحال.
ومضة - وقف إطلاق نار.. فلسطيني - فلسطيني!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
مع صبيحة كل يوم تنطلق قنوات الاحتلال الإخبارية في البحث عما يشتت شمل الفلسطينيين ويصطاد في مياههم العكرة ويفرق جمعهم ليتناول "صوت إسرائيل" بالأمس وعبر احد مراسليه حرب السجال القائم بين حركتي فتح وحماس متغنيا بذلك وقائلاً: ما أن وضعت الحرب أوزارها في غزة حتى نشبت حرب أخرى هذه المرة فلسطينية- فلسطينية بين حركتي فتح وحماس.
الإذاعة ذاتها تحدثت عن هذه الحرب بنوعٍ من التشفي معتبرة إياها ضمناً بأنها حرب هي الأفضل لأمن إسرائيل وبقاء احتلالها. شهادة احتلالية جديدة تحمل في طياتها تأكيداً دامغاً ومتجدداً لأهمية الانقسام الفلسطيني - الفلسطينيين من منطلق العقل الاحتلالي القائم على الفرقة والسواد.
حرب الفلسطيني على الفلسطيني هي الحد الفاصل ما بين القدرة على البناء على الحرب الأخيرة على غزة وما بين ضياع الكل الفلسطيني. ولعل التفكير ملياً بما لهذا الوضع من تأثير قاهر ومدمر على الهوية الفلسطينية أن يساعد العقلاء في الاستنتاج الفعلي بأن الذين قتلوا تحت نيران المحتل وإن استمر الانقسام لن يعود لدمهم قيمة ولا جدوى.
اليوم يوم الخلاص من المحتل واليوم يوم الاستقلال لكن هذا التوجه والهدف لا قيمة له في حال استمرار الانقسام قولاً وفعلاً بل أكاد أجزم بأن المنفلتين نحو تعزيز الشرخ أو تلويث المشهد الوحدوي لهم متساوقون من حيث يعلمون أو لا يعلمون مع الاحتلال. فإطلاق النار على الفلسطيني من بندقية فلسطينية وتعذيب البعض الفلسطيني بأيدٍ فلسطينية لهو قمة النكبة والنكسة وما بينهما من دمارٍ شامل.
وكم من مرة أحمد الله فيها على أن جيل الرعيل المؤسس للثورة الفلسطينية المعاصرة ليسوا أحياءً اليوم حتى لا يروا ويسمعوا عن مآل الحال الفلسطيني الفلسطيني. فلو أنهم علموا بأن حصيلة نضالهم ستأتي على هذا الحال لقرروا الرحيل عن الدنيا من جديد على أن يروا ما نعيشه اليوم.
فكيف لا يكون قتل الفلسطيني لأخيه فرصة نوعية للاحتلال؟ وكيف لا تكون معركة تصفية الحسابات بين الأشقاء فرصة ذهبية لإسرائيل حتى تستثمر فيها بالقول والفعل والتواطؤ؟
إعمار غزة أم لا إعمار؟ رفع الحصار عن القطاع أم عدمه؟ تحرير فلسطين أم لا تحرير؟ كلها ستبقى أمورٌ في مهب الريح مع استدامة الشرخ الفلسطيني الداخلي. لذا لن يكون من حق احد الاحتفاء بالانتصار أو أي نوعٍ من أنواع الادعاء بالانتصار.
لقد شارفت ريحنا على الذهاب وقارب إرثنا النضالي على النضوب وسيأتي يومٌ في ظل استدامة هذا الحال ليسأل أبناء الشهداء وأهليهم عن مغزى استشهاد آبائهم وأبنائهم! فإن لم يذهبوا فداءً للتحرير فلماذا قضوا؟ بأي حق وبأي ذنب؟
إن أبشع ما يعيشه المرء اليوم هو أن يكون شاهدا على مهزلة الانقسام واستمرارها وتبعاتها وحساباتها وشراكاتها الإقليمية والعالمية ومدارس الفكر الإقصائي ومشارب الإحلال لا الشراكة.
أما دم الشهداء خاصة من الأطفال والنساء والشيوخ لن يكون إلا محكمة مستديمة لكل المطبلين والمهللين لمعركة إطلاق النار على رأس النضال الفلسطيني وأرجله وروحه!
فهل نقرأ السلام على روحنا؟ أم نقرأ اليوم فاتحة الخلاص من المحتل؟ أم نتمنى أننا لم نكن لنعيش ولنشهد النكبة المتجددة التي وقودها الشعب الفلسطيني- دمه وماله وحتى عرضه؟!
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الثلاثاء 9/9/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
خرافة الوطن البديل التي تروج لها اسرائيل
بقلم: حديث القدس – القدس
أين حكومة الوفاق الوطني في مشروع اعمار قطاع غزة؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
في أبعاد تدخل غربي مرتقب
بقلم: محمود الريماوي – القدس
السلطة تعرج على الساقين !
بقلم: حسن البطل – الايام
مبادرة الرئيس ومحكمة الجنايات
بقلم: هاني المصري – الايام
حياتنا - حلف النكاح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
مدارات - في هذه الحال
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ومضة - وقف إطلاق نار.. فلسطيني - فلسطيني!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
خرافة الوطن البديل التي تروج لها اسرائيل
بقلم: حديث القدس – القدس
تناقلت وسائل اعلام ومصادر اسرائيلية كثيرة روايات عن اقتراح قدمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الرئيس ابو مازن خلال لقائهما الاخير في القاهرة، ويتعلق باعطاء جزء واسع من شبه جزيرة سيناء لتوسعة قطاع غزة واقامة الدولة الفلسطينية هناك. وقد نفى الرئيس السيسي ذلك شخصيا كما نفاه اكثر من مسوول فلسطيني كبير، إلا ان الرواية ما تزال تتكرر في بعض وسائل الاعلام وعبر مراكز التواصل الاجتماعي المختلفة.
ويروج لهذه القصة المزعومة فئتان الاولى تتعلق بالذين يعارضون الرئيس السيسي وما حدث في مصر ضد الاخوان المسلمين وذلك بقصد تشويه موقف مصر والاساءة اليها، وهي التي وقفت وتقف دائما مع القضية الوطنية والحقوق الفلسطينية.
الفئة الثانية هي اسرائيل نفسها التي تحاول ايهام الرأي العام بان هناك بديلا للوطن الذي نطالب به بالضفة وغزة حسب حدود 1967 وعاصمته القدس الشرقية، من ناحية، ولتعميق الانقسام الفلسطيني والايحاء بان غزة ستظل منفصلة عن الضفة الى الابد، خاصة على ضوء تصاعد الخلافات وتبادل الاتهامات بين فتح وحماس في هذه الايام وبعد العدوان المدمر على غزة وتباين وجهات النظر بحدة حول طرق اعادة الاعمار والجهة التي ستشرف على ذلك.
ان الموقف الشعبي والرسمي الفلسطيني واضح كل الوضوح وقد قدم شعبنا عبر عقود طويلة من الكفاح والنضال تضحيات جساما وآلاف الشهداء وملايين اللاجئين والمشردين من اجل حقوقه في وطنه واقامة دولته المستقلة، وهو لم ولن يرضى بديلا عن ذلك واية احاديث عن مثل هذه المقترحات ستظل خرافات تتردد بدون اية قيمة وبدون ان يعيرها شعبنا اي اهتمام.
وفي هذه المناسبة فان الذين ما يزالون يكررون الحديث او الترويج لهذه الحكايات مطالبون بان يكفوا عن ذلك.
الامية والفقر هما اساس
معظم مشاكل العرب والمسلمين
قالت المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة في بيانات صادمة وان كانت غير مفاجئة ان نسبة الامية في دول العالم الاسلامي بلغت حوالي 40٪ بين الذكور و65٪ بين الاناث، ولم يتمكن سوى عدد قليل من هذه الدول من خفض مستوى هذه الامية، ودعت الى تطوير سياسات واضحة ومدروسة في مجال محاربة هذه الآفة الت يتعيق بالتأكيد كل سبل التنمية والنهضة والتطور الاقتصادي.
والحديث عن الامية يعني القراءة والكتابة، لكن التطورات التكنولوجية والالكترونية الحديثة، تجعل حتى الذين يتقنون القراءة والكتابة مجرد اميين اذا لم يتمكنوا من التعامل مع وسائل العلم الحديثة بفهم وادراك واستخلاص النتائج والمعلومات والتي تزدحم وتتكاثر بسرعة رهيبة.
لقد قيل بصدق، اننا من التعليم نبدأ وبالتعليم نتطور ولدينا شواهد دولية معاصرة كثيرة لم تبدأ نهضة انسانية واقتصادية شاملة إلا من التعليم، لاننا بدون تقدم صناعي وزراعي وثقافي نكون مزرعة للفقر والجهل ونكون بالتالي غير قادرين على التطور وتحسين ظروف الحياة ورفع مستوى المعيشة، وتنتشر في ربوعنا كل اشكال التراجع والتخلف الاجتماعي ونكون بالتأكيد اداة سهلة بايدي الطامعين واصحاب الافكار المغرقة في التطرف والرجعية وكل ما هو يسير بنا الى الوراء...
لن ينهض اي شعب بدون علم وتعليم، والتعليم ليس مجرد الحفظ والقراءة والكتابة ولكنه القدرة على التفكير والابداع والانتاج والتطوير، وبدون ذلك سيظل العالم الاسلامي، ونحن جزء منه، يغرق في دوامة من الجهل والامية وهما اساس معظم المشاكل التي يواجهها.
أين حكومة الوفاق الوطني في مشروع اعمار قطاع غزة؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
بعد حوالي اسبوعين من بدء وقف اطلاق النار، او بدء الهدنة طويلة الامد، لا يزال مشروع اعمار قطاع غزة يتراوح بين الاخذ والرد، او بين الشد والجذب، وما زال هذا المشروع يراوح في مكانه، في ظل الشروط والقيود من هذا الطرف او من ذاك، وفي ظل التعقيدات اللوجستية والسياسية، سواء اكانت لكيفية عقد ما بات يعرف " بالمؤتمر الدولي لاعمار غزة"، او في كيفية ايصال المساعدات، التي تعهدت او قررت بعض الدول او الاطراف ارسالها الى القطاع، وفي خضم ذلك، يدفع الثمن المواطن في غزة، والاقتصاد في غزة، من زراعة ومن صناعة ومن بناء ومن اشغال وما الى ذلك.
وفي ظل هذا الواقع، تتسابق جهات عديدة لتقدير حجم الاضرار التي لحقت بقطاع غزة، وبتنا نسمع ونقرأ هذه الايام عن دراسات وعن تقديرات لخسائر القطاع، تتراوح بين خمسة الى اكثر من ثمان مليار دولار، وبدأت جهات كثيرة، سواء اكانت جهات دولية او مؤسسات محلية، رسمية وغير رسمية، تتسابق لتقييم الاضرار ولتحديد الاولويات، ومن ثم العمل من اجل وضع خطط العمل لاعمار قطاع غزة، والهدف المعلن من ذلك، هو اعمار غزة ومساعدة الناس هناك، وفي ظل هذا اللغط والازدحام في الاصطفاف من اجل اخذ دور او حصة من مشروع اومن برنامج من عملية اعمار غزة، يدعو المنطق والواقع والفلسفة الادارية، الى وجوب جهة وحيدة فقط، تقود عملية الاعمار، وتنضوي تحت مظلتها الجهات الاخرى، وتعمل على تمحيص وتقييم وتحديد الاولويات، بعيدا عن التشتت وعن التبعثر وعن التكرار والتنافس، وبالتالي عدم اضاعة الوقت والاموال والطاقات، وهذه الجهة من المفترض ان تكون حكومة الوفاق الوطني؟
وحكومة الوفاق الوطني برئاسة الدكتور الحمدالله هي الجهة التنفيذية التي من المفترض ان تعمل وتخطط وتدير عملية البناء، سواء اكان ذلك في الضفة او في غزة، وأن تكون هي المظلة او الاطار الذي يقود المشروع الضخم لاعمار غزة، وبأن تقوم بالعمل لاحتضان، وبشكل مباشر تحت اشراف رئيس الوزراء لجنة وطنية، تضم المختصين والخبراء، سواء اكانوا من جهات رسمية او غير رسمية، وسواء اكانوا من الضفة او من غزة، بحيث تعمل هذه اللجنة، ومنذ الان، وبدون انتظار وصول الاموال او انعقاد المؤتمر الدولي، او حتى انتظار وضع السياسات والقيود الخاصة بالاعمار، بان تعمل على تحديد الاولويات، وتضع المعايير، وترسي الاسس التي تتعلق بكيفية تنفيذ المشاريع وفي مختلف المجالات، وبأن تحدد كذلك معايير الجهات التي من المفترض ان تقوم او تشارك او تساهم في الاعمار، وكل ذلك بناء على اسس موضوعية واقعية علمية، تأخذ المصلحة الفلسطينية، او بالادق مصلحة قطاع غزة والناس في غزة، كأولوية بعين الاعتبار.
وحكومة الوفاق الوطني، من المفترض ان تبادر وان تقود عملية الاعمار، بدءا من التخطيط ومن ثم التنفيذ وحتى عملية المتابعة والتقييم، وبأن تقوم بذلك رغم المخاطر التي سوف تواكبها، ورغم التعقيدات والتدخلات المتوقعة من هنا او من هناك، ورغم ما سوف يرافق ذلك من انتقادات او من شكوك، ولا شك ان برنامج ضخم للاغاثة ومن ثم للاعمار في قطاع غزة، لن يكن من السهل البدء ومن ثم الاستمرار به، ان لم يكن متوافق عليه، بأن يتم تحت مظلة او لجنة تعمل تحت ادارة الحكومة، وان لم يتم التوضيح للمانحين او للمتبرعين او للراغبين في مساعدة قطاع غزة، طبيعة الاسس والمعايير والاهداف، وبالاخص منذ البداية، اي منذ الان، فأن الخطورة تكمن بأن تعمل كل جهة مانحة او متبرعة، بناء على مصالحها او اهدافها او سياساتها، ومن ثم تقوم بتسيير اموالها وفق اجندتها، ومن خلال اطر او جهات او مؤسسات او جمعيات تختارها، وبالتالي يصبح مشروع الاعمار مبعثرا، ومشتتا وربما تكون مشاريع عديدة مكررة، وبدون استدامة او بدون فعالية او بدون الجودة المطلوبة، والاهم بأن لا تأخذ هذه الجهات مصلحة الناس وحاجاتهم كاولوية بعين الاعتبار.
ولكي تقود وتبادر وتعمل، فأنه من المفترض على حكومة الوفاق الوطني ان تكون على الارض، او في موقع الحدث، او في مكان الاعمار، وبأن تتلمس الاحتياجات والاولويات، ومن خلال اعلى وكل المستويات التي لها علاقة، وذلك لكي يلمس الناس والمانحين والمتابعين والمراقبين ذلك، ولكي يرى الناس من يمثلهم او من يعمل لصالحهم على الارض وبينهم، لان هناك فرق كبير بين ان تكون في موقع العمل وتواكب ما يتم، وبين أن تراقبة عن بعد او من خلال الصورة او من خلال الخبر، وبالتالي من المتوقع ان تكون كل المستويات والتي لها علاقة بأعمار غزة، في غزة، وربما من المتوقع ان تكون هناك عقبات او منغصات ومن اطراف عدة، سواء للوصول او للبقاء او لمتابعة العمل هناك، ولكن الاخلاص في العمل والعمل من اجل تحديد الاولويات لصالح الناس، هو الذي سوف يوفر المظلة وبالتالي الاحتضان والدعم من الناس ومن الجهات التي سوف تشارك او تساهم في اعمار ما تم تدميره وهدمه اواجتثاثه في قطاع غزة؟
وبالاضافة الى الاغاثة السريعة من طعام ومسكن وامان، فأن هناك اولويات كثيرة تحتاجها غزة، وحسب التقارير الدولية هذه الايام، فأن قطاع غزة، يعاني من ازمات في مجالات المياه والطاقة، وحسب هذه التقارير فأن الناس لا يستطيعون الحصول على المياه النظيفة او المياة الصالحة، ومعروف ان معظم مصادر المياة في قطاع غزة هي مصادر مياه جوفية، وبالتالي فأن الاستثمار في ايجاد مصادر اخرى اضافية للمياه، مصادر صديقة للبيئة، وكذلك الاستثمار في تكنولوجيا ومشاريع لمعالجة الكميات الضخمة من المياه العادمة، وكذلك في مشاريع تحد من وصول الملوثات الى المياة الجوفية، هذا الاستثمار في قطاع المياه من المفترض ان يكون من ضمن اولويات حكومة الوفاق الوطني، التي تضع خطط الاعمار والبناء في قطاع غزة.
وبالاضافة الى المدارس والكليات والمباني التي تم تدميرها خلال العدوان، فأن هناك قطاعات انتاجية قد تضررت، حيث المصانع وقطاع الزراعة التي تم تخريبة، حيث نعرف ان الزراعة هي عنصر أساسي للاقتصاد الفلسطيني، وبالاخص في غزة في ظل الحصار والقيود، والاستثمار او اعمار القطاع الزراعي سوف يكفل تحقيق نوع من الامن الغذائي الذين في امس الحاجة الية والاستغناء ولحد ما عن الاستيراد، ويؤدي كذلك الى المحافظة على الارض، ويعمل على تحقيق انتاج مستدام وباسعار معقولة للخضروات والفواكه و اللحوم وغيرهما، وبالتالي التحكم بسلامة وجودة المواد الغذائية.
ومعروف ان العيادات والمشافي ومراكز الرعاية الصحية المختلفة لم تسلم من التدمير والخراب خلال العدوان على غزة، والرعاية الصحية، وبالتحديد الاولية منها، التي هي اساسية الى المواطن في غزة وفي غيرها، الذي يحتاج الى العيادة والى الاجهزة للفحوصات، والى الدواء الفعال، وبالتالي فأن الاستثمار المستدام وبالاخص في توفير الرعاية الصحية الاساسية للناس في غزة من المفترض ان يكون من ضمن خطط واولويات مشاريع الاعمار في غزة.
ومن ضمن اولويات الاعمار في غزة، من المتوقع ان يكون قطاع الطاقة، حيث معروف ان غزة ما زالت تشتري الكهرباء او المواد اللازمة لانتاج الكهرباء، من مناطق او من دول اخرى، حيث انها لا تتحكم في عوامل توفرها، او شروط توزيعها، او في اولويات الحصول عليها، او حتى في اسعارها او في مستوى جودتها، والاستثمار في الطاقة وبشكل مستدام يعني التوجة نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الغاز والرياح والطاقة الشمسية كأحد القطاعات المنتجة للطاقة وللكهرباء، ومن فوائد قطاع غزة، انها تحصل على الشمس وبالتالي على الطاقة الناتجة عنها، بشكل مجاني، ولفترة طويلة خلال السنة، وهي البديل للطاقة الحالية، التي تعتمد على السولار وعلى النفط ومشتقاته، والتي في العادة تتناقص ومن ثم تنضب مع الزمن، وبالتالي اصبحت استراتيجيات التنمية لعدد كبير من الدول تعمل وبشكل متواصل للتركيز على هذا المجال.
ولكي تدير حكومة الوفاق الوطني اعمار غزة بنجاح وبكفاءة، فانها يجب ان تتبنى وبشكل علمي فلسفة او اسس عملية "المتابعة" للمشاريع المنوي تنفيذها، والتي تعني متابعة ما يتم انجازة على ارض الواقع، مقارنة مع ما من المفترض تحقيقة خلال مدة زمنية محددة، وبالتالي تحديد اذا كان هناك عقبات او مشاكل وما سبل حلها، واعلام ادارة الجهات المنفذة والمانحة بذلك، وبناء علة يتم نقاش امكانية تغيير اسلوب او اتجاهات العمل، او اعادة دراسة افضل وسائل لاستخدام المصادر، والمتابعة تتطلب ملاحظة جودة المعلومات من حيث دقتها، وتوقيتها، وما ينقصها، والمتابعة تعني التواصل مع الجهات المنفذة من خلال تبيان الخلل او النواقص ومقترحات التطوير او التصحيح.
ولكي يتم التأكد بأن ما يتم تنفيذه قد ادى او سوف يؤدي الى الهدف منه، فأن يجب الاعتماد على عملية التقييم كجزء اساسي من عملية الاعمار في غزة، وبالاخص الى تحديد اذا ما كان هناك اثر او اثار لما يتم القيام بة، وبالاخص في المدى المتوسط والمدى البعيد، والتقييم للمشروع يتم في العادة في منتصف المشروع او بعد الانتهاء منه ، وفي العادة يتم التقييم من خلال مقابلات مع افراد او جماعات او من خلال استمارات او زيارات للموقع، وبالطبع من خلال مراجعة التقارير الدورية والبيانات والمعلومات التي تراكمت خلال مدة المشروع، ومن المفترض ان يتم التركيز من خلال تقييم مشاريع الاعمار في غزة على معايير من اهمها الاستدامة، والفعالية والجودة ومستوى التكاليف ومدى تحقيق الاهداف المحددة بالسقف الزمني.
ولكي تنجح حكومة الوفاق الوطني في التخطيط ومن ثم في ادارة وانجاز مشروع اعمار غزة، فأنها من المفترض ان تبادر الان ومن خلال التواجد في موقع الاحداث، وبأن تظهر لكل من سوف يكون له علاقة باعمار غزة، انها المظلة الوحيدة للاعمار، وبالتالي تمنع بأن تكون المشاريع عشوائية او مكررة من جهات عدة، او بأن يتم تنفيذها من جهات عدة وتحت اسماء مختلفة، وبدعم من جهات مختلفة، وبأن يكون هتاك تنافس بين هذه الجهات، فقط من اجل التنافس، وليس من اجل المصلحة الحقيقية لاهالي غزة؟
في أبعاد تدخل غربي مرتقب
بقلم: محمود الريماوي – القدس
أسفر اجتماع دول الناتو الثماني والعشرين في ويلز/بريطانيا الجمعة الماضية عن توجه واضح ومعلن عبّر عنه الرئيس الامريكي أوباما لمواجهة تنظيم داعش عسكرياً، إضافة إلى تجفيف الموارد المالية للتنظيم، وبذل الجهود الدبلوماسية . الرئيس الأمريكي وصف التنظيم بأنه "خطر على الغرب" . ومع ان خطورة هذا التنظيم تتعدى مناطق معينة في العالم، إلا ان الحديث كان موجهاً أساساً إلى دول الغرب وشعوبها وفي اجتماع عالي المستوى ضم كبار قادتها.
تدخل الناتو على نطاق واسع لن يكون وشيكاً ولكنه قريب، فحسب توضيحات أوباما في القمة الأطلسية فإن إقرار هذا التوجه ينتظر الالتئام السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى الأغلب، من أجل استصدار موقف أممي يدين التنظيم ويدعو لمواجهته ويشرّع هذه المواجهة، كما ينتظر التدخل مزيداً من المشاورات مع دول عربية . فيما تتواصل الغارات الأمربكية منذ الثامن من آب الماضي ضد مواقع وتحركات لداعش في العراق . وكانت دول غربية منها بريطانيا وفرنسا قد أعربت على لسان مسؤوليها عن استعدادها للمشاركة في أي جهد عسكري ضد هذا التنظيم "الذي يتوسع في الشرق الأوسط" .
عودة الناتو إلى نشاطه في المنطقة العربية، تأتي في غمرة تحولات شهدتها هذه المنطقة خلال السنوات الأربع الماضية تتمثل في استشراء العنف المنفلت من كل عقال، والذي يهدد أساساً شعوباً عربية قبل تهديده للغرب كما يهدد سواد المسلمين وغيرهم الذين لا يرتضون مماشاة هذه الموجة من العنف المقترن بإثارة النعرات الدينية والطائفية . ولئن كانت هذه الموجة غريبة عن البيئة العربية، فإن مواجهة تتم بينها وبين قوة غير عربية، ولو على أراضٍ عربية، لا تثير أي قلق إن لم تحمل على الاستحسان، وعلى قاعدة أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع .
التدخل الغربي المرتقب في منطقتنا لن يكون الأول من نوعه، وكان من أوضح حلقاته الحرب التي أدت لاستعادة الكويت من قوات صدام حسين، وبمشاركة أطراف عربية، وكذلك التدخل لوقف المجازر التي ارتكبها، والتي كان يستعد معمر القذافي لارتكاب المزيد منها ضد شعبه . ومن المفارقة ان تتجدد النداءات من مسؤولين ليبيين في الآونة الأخيرة لتدخل دولي يضع حداً لحكم الميليشيات في هذا البلد . وهو ما أبدى مسؤولون غربيون تردداً وصل حد الممانعة حياله مع التعويل على دور قد تؤديه دول الجوار كونها تتأثر مباشرة بتدهور الوضع الليبي .
في هذه الأثناء صرّح ناطقون أمريكيون بأن واشنطن لن تنسق مع دمشق، أو مع طهران بخصوص حملة عسكرية مرتقبة، تشمل مناطق في العراق ابتداء، ومرشحة للتمدد باتجاه الأجواء السورية، وهو ما عبّرت عنه بخصوص إيران المتحدثة بلسان الخارجية الأمريكية ماري هارف الجمعة الماضية . ولعل الغرض من ذلك هو تفادي خلط الأوراق السياسية والعسكرية في المنطقة، وأن لا تؤدي مثل هذه الحملة إلى تعزيز مواقع طرف إقليمي في المنطقة لا يكتم نزعته التدخلية، التي تسهم في إدامة النزاعات والتوترات الداخلية في غير بلد عربي .
من الواضح الآن، وفي هذا الظرف بالذات ( ظرف توسع داعش واستشراء خطره) أن أية معارضة لتدخل محتمل لن تلقى أذناً صاغية، ولن تثير تجاوباً يُذكر، ذلك أن البديل لهذا التدخل الواسع هو استمرار هذا الخطر، بما يحمله من محاذير تفوق الوصف وتهدد المجتمعات في صميم امنها وسلامها ونسيجها المستقر. وكان الأمل أن تتمكن دولنا ومجتمعاتنا من تطويق هذا الخطر ووضع حد له في بواكيره، غير أن التشرذم الذي أصاب النسيج الاجتماعي والوطني ووقوع الانشطارات التي باتت معروفة، وضعف التمثيل السياسي للحكومات، قد أدى إلى ضعف المناعة الداخلية التي أفاد منها هذا التنظيم وجماعات أخرى متشددة..
أمام هذا التطور المرتقب لحملة عسكرية غير مقترنة على الأرجح بقوات برية على الأرض، فإن أفضل مشاركة عربية في التصدي لداعش تتمثل في مغادرة التطرف ومناوأته مناوأة فعلية وذلك من أجل وضع حد للبيئة المولدة للعنف . التقارير الواردة من العراق تشير إلى توجه نحو تشكيل حكومة ائتلافية موسعة، واختيار قيادات لوزارة الدفاع ذات اهلية مهنية ومناقبية وطنية وتحظى بتوافق داخلي، وهو ما يجعل من التصدي لداعش مهمة وطنية بالفعل، تصب في مصلحة العراقيين جميعاً، وتسهم في بناء الدولة وتعزيز الوحدة الوطنية، وليس مثلاً في تقوية ميليشيات منغمسة في الصراعات الأهلية، اياً كانت هذه الميليشيات والتي طالما حظيت بدعم داخلي وخارجي .
شيء من ذلك يتمناه المرء لسوريا، لكن المعادلات الصفرية القصوى ما زالت تحكم الصراع في هذا البلد . بما يجعل من التصدي لداعش علاجاً لحلقة ثقيلة من سلسلة حلقات، وهو أمر ليس سيئاً بحد ذاته .
وفي جميع الأحوال فإن الأهوال التي تفوق التصور (رغم وقوعها بالفعل!) والتي شهدتها دول ومجتمعات عربية على مدى السنوات الثلاث الأخيرة على أيدي قوى محلية ، تظل أكبر بكثير وأشد وطأة بما لا يقاس، من أية أضرار جانبية لأي تدخل خارجي كالتدخل الغربي المرتقب، وهو ما يجعل من هذا الإجراء أهون الشرّين، إن لم يكن "الشر الذي لا بد منه" .
السلطة تعرج على الساقين !
بقلم: حسن البطل – الايام
كيف نلخص الوضع الراهن الفلسطيني؟ ربما يجب، أولاً، أن نجد خيط الوفاق من نسيج التنسيق. بمعنى، وفاق سياسي سلطوي ـ حمساوي بلا تنسيق؛ وتنسيق سلطوي ـ إسرائيلي بلا وفاق سياسي.
في المحصلة، الوضع السياسي الراهن الفلسطيني يعرج على الساقين معاً، وعلينا بهذه الحال أن نذهب إلى خطة المراحل السلطوية الثلاث:
أولاً، باتجاه أميركا عساها توافق على وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال؛ وأن تقنع ـ إسرائيل بالتفاوض حول هذا، فإن لم تستطع، يكفينا أن ترفع أميركا مظلة "الفيتو" في مجلس الأمن عن هذا الطلب، أو نذهب، ثالثاً، الى مسعى رفع عضوية دولة فلسطين في جميع المواثيق والاتفاقات والمنظمات الدولية.
طبعاً، وخلال شهر، يجب أن نجد خيط الوفاق مع "حماس" من نسيج تنسيق الخطوات الثلاث السلطوية.. وإلاّ، ستذهب السلطة عرجاء لأن شرعيتها السياسية، دولياً وعربياً، على غير وفاق مع الشرعية الشعبية لحركة "حماس" كما يقول استطلاع رأي أُجري وقت حرب الـ 50 يوماً.
السلطة هي ابنة المنظمة أو أداتها التنفيذية، وهي بالنسبة لشعبها، كما في اتفاق أوسلو وقبله الممثلة الشرعية. لكن بعد الانقسام لم تعد السلطة الفعلية على جزء من أرضها وشعبها.
بوضعه خطة التحرك الثلاثية، يكون رئيس السلطة قد وافق على أن مفاوضات العشرين سنة كانت عبثية، علماً أن "مفاوضات" المنظمة مع حركة "حماس" لدخولها تحت مظلة المنظمة كانت سبّاقة على أوسلو وتأسيس السلطة وبعدها، وجرت أولى الجولات في صنعاء، حيث طالبت "حماس" بحصة مقدارها 40% من المنظمة.. ورفض عرفات!
بالفعل، وبعد انتخابات 2006، أحرزت "حماس" أكثر من 70% من مقاعد البرلمان الثاني، وكانت قد امتنعت عن المشاركة، مع فصائل أخرى، في البرلمان الأول، بحجة أنه يجري وفق قيود وقواعد أوسلوية.
الآن، تريد السلطة من خطتها الثلاثية أن تعزل سياسة إسرائيل دولياً عن سياسة استمرار الاحتلال، وأن لا تبقى حركة "حماس" معزولة عن المنظمة والسلطة وحكومتها دولياً وعربياً. المشكلة أن مطالب "حماس" من السلطة لمتابعة الوفاق تهدّد السلطة بعزلة دولية، وبخاصة مالية إن وافقت على دفع رواتب "حكومة الظل" الحمساوية في غزة، وضمنها رواتب لحوالي 20 ألف مقاتل في حركة "حماس". الحلالون يبحثون عن حلّ.
"حكومة الظل" لا توجد في دول العالم بهذه الصفة إلاّ في بريطانيا، حيث يشكل الحزب المعارض ما يشبه "حكومة ظل".. لكن، في الحالة الفلسطينية يمكن القول "حكومة الأمر الواقع".
حكومة الأمر الواقع تستقوي بمقاومة وصمود تراه نصراً مبيناً، وتقول لو أن الضفة تقاوم الاحتلال بمقدار نصف مقاومة غزة.. لكانت إسرائيل قد "انتهت"؟
هذا مجرد خلط وادعاء لسببين: الضفة بالنسبة لإسرائيل، كما لدولة فلسطين، غير غزة بالنسبة لإسرائيل. وثانياً، ألحقت الضفة خسائر بشرية بالإسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية، بما يفوق خسائر إسرائيل في غزة.
لا يمكن أن يكون "وفاق" ترى فيه "حماس" مقاومة مسلحة، بينما على السلطة أن تتولى أمر إعادة إعمار غزة بعد كل حرب. قرار الحرب يجب أن يكون وطنياً: سلطة واحدة.
مع ذلك، فإن "حماس" تتعامل مع "النصر" كأنه نصرها أولاً وأخيراً، بل وتفاخر على لسان الزهار أحد قادتها أن خسائر مقاتليها أقل من خسائر الجيش الإسرائيلي (حوالي 50 شهيداً) علماً أن حركة "الجهاد الإسلامي" خسرت باعترافها 121 شهيداً، بينما فقدت "فتح" 861 شهيداً.. والمجموع يقترب من الادعاء الإسرائيلي بـ 850 ـ 1000 من عناصر المقاومة. الأهم خسائر المدنيين وبالذات الأطفال.
في الأخبار الإسرائيلية أن "حماس" عاودت ترميم ما أمكن من الأنفاق، بما يسوّغ لإسرائيل التشدّد في إدخال مواد البناء، وبالتالي فإن المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة قد لا يُعقد في موعده، فإن عقد فإن الخطط تبقى على الورق، علماً أن ما دمرته حرب 2009 في غزة لم يتم ترميمه بالكامل حتى الآن.
كيف تملك "حماس" مصادر مالية كافية للتسليح والحرب، ولا تستطيع سوى أن تحمّل ميزانية السلطة رواتب جيش موظفيها المدنيين والعسكريين.
بوفد موحد، وبرئاسة فتحاوية، فاوض الفلسطينيون على وقف إطلاق النار.. لكن هل سيفاوضون بوفد موحد وهم مختلفون على عمل حكومة الوفاق.
يبدو أن اسرائيل لا تريد إنهاء الاحتلال، و"حماس" لا تريد حكومة واحدة فعلية لشطري الدولة الفلسطينية.. والعالم لا يريد المساهمة في إعمار غزة دون إشراف السلطة على ذلك.
المسألة تتعدّى الخلاف على الميناء والمطار، لأن إنجازهما يتطلب سنوات، بينما تستطيع إسرائيل تدميرهما في يوم، إذا لم يكن هناك اتفاق، أو كانت الحرب الثالثة مجرد جولة كما تقول "حماس".
مبادرة الرئيس ومحكمة الجنايات
بقلم: هاني المصري – الايام
في أواخر تمّوز الماضي، قام صائب عريقات بدعم ومباركة الرئيس بتقديم رسالة تطالب بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة، وطلب أن يوقّع عليها جميع أعضاء اللجنتين المركزيّة لحركة فتح والتنفيذيّة للمنظمة والأمناء العامّون للفصائل حتى يتحمّل الجميع المسؤوليّة عن الانضمام وتداعياته.
وبالفعل حمل عريقات الرسالة الموقع عليها إلى خالد مشعل، وطالبه بالتوقيع عليها، وطلب الأخير مهلة للتشاور، وبعد تردد أكثر من أسبوعين وميل للرفض في البداية؛ حسمت "حماس" أمرها ووقع موسى أبو مرزوق باسم "حماس".
كان من المتوقع بعد موافقة "حماس" أن يوقع الرئيس رسالة الانضمام - كما التزم - بعد عشرة أيام على وقف العدوان، وبدلاً من ذلك تحدث الرئيس أنه لا يعترف بتوقيع أبو مرزوق ويريد توقيع خالد مشعل لأنه صاحب القرار، وبالرغم من تصريح مشعل أكثر من مرة بأنه يؤيد ويدعو إلى هذه الخطوة لم يقم بها أبو مازن، فيما اعتبر رسالة بأنه أجّل الانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة إلى إشعار آخر.
سبب انتظار أبو مازن هو المفاجأة التي تحدث عنها، وتمخّضت عن مبادرة سياسيّة تقوم على عدة مراحل، تبدأ بالرهان مجددًا على الإدارة الأميركيّة من خلال مطالبتها بالدعوة إلى مفاوضات ثنائيّة تستمر تسعة أشهر على أساس مرجعيّة إقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود 67 مع تبادل أراضٍ ضمن جدول زمني، وعلى أساس قيام إسرائيل بتجميد الاستيطان وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى.
ويأتي الرهان على الإدارة الأميركية بالرغم من الحصاد المرّ له خلال عشرات السنين، لأن الموقف الأميركي معروف بانحيازه لإسرائيل، وعندما تختلف الإدارة الأميركية مع الحكومة الإسرائيلية حول بعض النقاط والتكتيكات فإنه يكون خلافًا بين حلفاء تربطهم علاقات عضويّة إستراتيجيّة يشبه الخلاف الدائر داخل الحكومة الإسرائيليّة نفسها.
إن مفتاح تفسير الانتظار يعود أيضًا إلى الخشية من المجابهة التي يمكن أن تؤدي إليها خطوة الانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة، التي تبدأ أهميتها من كونها تشكل إغلاقًا لمسار المفاوضات الثنائيّة، وتدشينًا لمسار جديد يشمل السعي لتجميع أوراق القوة والضغط على اختلاف أنواعها، بما فيها فتح الطريق لمعاقبة إسرائيل على جرائمها السابقة، واللاحقة، والمستمرة، مثل جرائم الاستيطان والتهجير والإبعاد.
بالرجوع إلى المواد (11) و(12) من نظام روما، المؤسس لمحكمة الجنايات، فإن المحكمة لا تختص بالنظر في الجرائم التي ارتكبت قبل تاريخ نفاذ نظام روما، أي قبل تاريخ 1 تموز 2002، وفي حال انضمت دولة معينة إلى نظام روما فإن اختصاص المحكمة لا يمارس إلا على الجرائم التي ارتكبت بعد انضمام تلك الدولة للميثاق، إلا إذا أعلنت الدولة المنضمة قبول اختصاص المحكمة الجنائيّة على إقليمها قبل تاريخ انضمامها، ولكن بجميع الأحوال لا يمكن أن توسع المحكمة اختصاصها إلى ما قبل 1 تموز 2002، وبالتالي ما ارتكب من جرائم معاقب عليها دوليًا قبل العام 2002 لا تختص المحكمة الجنائيّة الدوليّة بنظرها، ونذكر هنا أن الاختصاص الشخصي للمحكمة يمارس تبعًا لجنسيّة المتهم وليس جنسيّة الضحيّة، أي يمارس الاختصاص الشخصي على الأشخاص المتهمين من رعايا الدول الأعضاء فقط.
النتيجة الوحيدة المضمونة للمبادرة الفلسطينيّة إذا لم ترتبط بمقاربة شاملة جديدة تسلّح المفاوض الفلسطيني بأنياب؛ هي إضاعة وقت ثمين ومنع توظيفه في سياق البناء على ما حققه الفلسطينيون بعد العدوان من عودة القضيّة إلى الصدارة، وتحقيق احتضان شعبي غير مسبوق للمقاومة، وإظهار حدود القوة الإسرائيلية رغم تفوقها والاختلال الفادح في ميزان القوى لصالحها، وتحقق درجة لا بأس بها من الوحدة السياسيّة، تجلت من خلال تشكيل وفد مشترك يتبنى مطالب المقاومة.
وبدلاً من ذلك وما يتطلبه من إعطاء الأولويّة لتجسيد وحدة وطنيّة حقيقيّة على أساس شراكة كاملة وبلورة إستراتيجيات جديدة، بدأنا نشهد تحركًا متسارعًا فئويًا يهدد إذا استمر بالعودة إلى مربع الانقسام المدمر.
كان ولا يزال ممكنًا الشروع في حوار وطني شامل، من خلال تفعيل الإطار القيادي المؤقت للمنظمة للاتفاق على القواسم المشتركة، وإيجاد قيادة وسلطة واحدة تحكم في الضفة والقطاع، وتنظيم إدارة الخلافات، والعمل المشترك لرفع الحصار والإغاثة وإعادة الإعمار، وإطلاق سراح الأسرى، وتنظيم المقاومة بكل أشكالها وفقًا للظروف المناسبة لكل تجمع فلسطيني، والتركيز على المقاطعة الشاملة لإسرائيل، وملاحقتها على جرائمها من خلال الإسراع في الانضمام إلى المؤسسات الدوليّة، بما فيها وأولها محكمة الجنايات الدوليّة، وبعد ذلك يمكن التحرك عربيًا وإقليميًا ودوليًا، والفلسطينيون سيكونون حينها في موقف أقوى بكثير، وبعد أن نصل إلى مرحلة يصبح فيها الاحتلال مكلفا لإسرائيل ومن يدعمها، وفي ضوء تبلور حركة تضامن عربي ودولي واسعة مع القضية الفلسطينية، يتم بعدها التوجه إلى الإدارة الأميركيّة ومجلس الأمن ومطالبتهما بتحمل مسوؤلياتهما، اللذين إن لم يقوما بها سيتم تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
إن عدم الجرأة على الانضمام إلى محكمة الجنايات، ووقف التنسيق الأمني، وإعادة النظر في دور السلطة وشكلها ووظائفها والتزاماتها، ووضع الثقل اللازم لدعم المقاومة والمقاطعة، وإنجاز وحدة وطنيّة حقيقيّة؛ يعود إلى الضغوط والتهديدات الأميركيّة والإسرائيليّة بممارسة عقوبات سياسيّة وماليّة وغيرها، ما يمكن أن يؤدي إلى انهيار السلطة وفقدان أفراد وشرائح لنفوذها ومصالحها، متذرعة برواتب الموظفين التي يمكن إيجاد بدائل لدفعها من مصادر فلسطينيّة وعربيّة ودوليّة إذا اعتمدوا على مقاربة جديدة تكسر قيود أوسلو.
من يريد الحريّة عليه أن يستعد لدفع ثمنها، ومن يريد التوجه إلى خيار آخر بعد فشل مبادرة الرئيس عليه أن يستعين بالوحدة، التي من دونها لا يمكن الانتصار، فلا شيء أسوأ من الاستمرار بالأمر الواقع الذي عنوانه الأبرز التكيف مع الاحتلال والسعي لتحسين شروط الحياة تحت الاحتلال والانقسام.
هذا الواقع الذي أضاع القضيّة والأرض والروح والوحدة، وحوّل السلطة إلى وكيل أمني للاحتلال وليس كما أرادها ياسر عرفات خطوة وأداة على طريق التخلص من الاحتلال، وهذا ثمن أكبر من الثمن الذي يمكن دفعه إذا سار الفلسطينيون في طريق العزة والكرامة .. طريق الانتصار.
إذا كان الرئيس عازما على التوجه إلى محكمة الجنايات ووقف التنسيق الأمني وتسليم مفاتيح السلطة إلى إسرائيل، إذا لم تتجاوب الولايات المتحدة الأميركيّة مع مبادرته واستخدمت حق الفيتو ضده في مجلس الأمن – كما أعلن بعظمة لسانه؛ فلماذا لا يبدأ بترتيب البيت الفلسطيني من خلال إيجاد وحدة وطنيّة حقيقيّة قادرة على مواجهة المعارك القادمة، لأن الرفض الأميركي والإسرائيلي لمبادرته حدث، وعبّر عن نفسه من خلال رفضها علنًا وسرًا من قبل جون كيري ومندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة.
إن الذهاب إلى البيت الأبيض، ثم إلى مجلس الأمن والفلسطينيون ضعفاء ومنقسمون؛ يمثل إضاعة للوقت وتكرارًا لما حدث في العام 2011، حين ضاع العام كله في تقديم الطلب إلى مجلس الأمن - بالرغم من توصية مخالفة من معظم الخبراء والسياسيين الذين دعوا إلى التوجه للجمعية العامة أولاً - للحصول على عضويّة كاملة للدولة الفلسطينيّة، لأن الجميع يعرف أن الفيتو الأميركي يقف له بالمرصاد، وبلغ الوضع من السوء إلى حد لم نتمكن فيه من الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة في مجلس الأمن للتصويت.
لقد صُوِّرَ الذهاب إلى مجلس الأمن حينها بوصفه ذروة المجابهة مع الإدارة الأميركية، في حين أنه كان فعليًّا تجنبًا للمجابهة وتأجيلاً لها لمدة عام على الأقل.
كان ولا يزال من الأفضل أن نبدأ بالمواقع وبالمؤسسات والدول الصديقة لمراكمة القوة والضغوط، ثمّ الذهاب إلى مجلس الأمن والبيت الأبيض، اللذين سيضطران إلى الاستجابة للحقوق الفلسطينية، لأن عدم الاستجابة يمكن أن يؤدي إلى الأسوأ.
تبقى نقطة لا بد من الإشارة إليها، وهي أن موقف خالد مشغل غير واضح من مبادرة الرئيس، حيث قال أكثر من مرة إن "حماس" مع أية مبادرة تنسجم مع "وثيقة الوفاق الوطني"، ولم يحدد إذا كانت مبادرة الرئيس تنسجم مع الوثيقة أم لا، وهذا الموقف حمّال أوجه.
حياتنا - حلف النكاح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
أعلن الرئيس الأميركي عملياً النفير العام لمواجهة داعش في الشرق والغرب مثلما أعلن الأميركيون قبل ذلك النفير العام لمواجهة القاعدة.. كان من عادة الرئيس الروسي بوتين أن يردد لزائريه من العرب والغربيين أن الجماعات الارهابية التي تستتر بالإسلام تأخذ ولا تعطي.. وكان الغرب يجزل العطاء والغذاء والسلاح والنساء الملاح على هذه الجماعات طالما أنها تقاتل النظام السوري.. ولكن هذه الجماعات سرعان ما انقلبت على داعميها وصارت تتصرف بعيداً عن الأهداف المخططة لها.. فظهور القاعدة في العراق كان لمواجهة الاحتلال الأميركي الذي احتضن دواعش من الميليشيات الشيعية في العراق ووجهها لقمع السنة لأن الأخيرين كانوا يقاومون الاحتلال.. ولعلنا نجد في مذكرات ضباط أميركيين اعترافات عن اطلاق يد القوات الأميركية ضد المدنيين السنة الأبرياء وقتلهم واغتصاب النساء والقاصرات دون مساءلة.. وبعد خروج الأميركيين مارس نظام المالكي السياسة نفسها وأطلق لعصاباته العنان لقتل واغتصاب النساء.. حتى ان حوالي أربعة آلاف امرأة من السنة خرجن حوامل من سجون المالكي.
ظهر الزرقاوي لمقاومة الأميركيين وميليشياتهم.. وظهرت في زمانه بدايات داعش في شمال غرب العراق.. ولجأت داعش إلى سوريا حيث حظيت بالمال والسلاح من كل حدب وصوب مثلها مثل كل قوى المعارضة التي تقاتل النظام السوري، ولهذا أستغرب كيف أن الغرب الذي دعم هذه القوى يعلن النفير العام الآن في وجه داعش وهو يعرف قادتها جيداً ويعرف كم وصلها من مال.. ويعرف كيف أنه زين لشبان غربيين وأميركيين الالتحاق بها ثم دفع بمجاهدات النكاح اليهم.
داعش والقاعدة والجماعات التكفيرية كلها حظيت بدعم غربي.. وامتداداتها في ليبيا ومصر ما زالت تحظى بذلك الدعم الغربي حتى الآن.. لكن عندما تخرج أي من الجماعات عن نواميس السياسة الغربية فإنها تصبح إرهابية ويجب الحشد وتشكيل أحلاف ضدها.. ولعل محاولة توسيع حلف مواجهة داعش ليشمل دولاً عربية هو في صلب الاستراتيجية الغربية أي ضرب العرب بالعرب، ولعل الكثيرين يجهلون أن أغلب تعاليم داعش هي من تعاليم سيد قطب وغيره من أقطاب الإسلام السياسي.. وليس الإسلام الديني.. فآفة المسلمين الآن أن جماعاتهم تأخذ الإسلام من غير منبعه بل من كتب واجتهادات بعيدة عن النص الديني. ورب سائل يسأل إذا كانت داعش تعد الملتحق بها بنكاح الجهاد وحور العين لاحقاً فما الذي تعد به واشنطن من يلتحق بحلفها لمقاتلة داعش! الجواب أنه سيكون منكوحاً إن قضى على داعش وإن قضت داعش عليه. فالناكح والمنكوح في النار.
مدارات - في هذه الحال
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ما زلنا في انتظار الجولة الثانية المكمّلة، في القاهرة، التي نعلم من خلال نتائجها ما الذي ربحناه من صمود المقاومين والناس، في الحرب التي شُنت على غزة. حتى الآن لا شيء سوى الدمار, والشتاء على الأبواب، والفلسطينيون في قطاع غزة يعانون على مستوى متطلباتهم البسيطة، في الإضاءة والاستحمام والتغوط. بات السؤال واجباً حول مدى استعداد القوى الفلسطينية للالتقاء على صيغة وفاقية حقيقية، تتأسس عليها سلطة مُهابة ومخولّة، تساعد على فتح الأبواب للإغاثة الكاملة وإعادة الإعمار ورفع الحصار. لم يعد أمامنا سوى الذهاب الى وفاق على مشتركات وقناعات واقعية. وفي حال فشلنا - لا سمح الله - فإن الكارثة التي حلت بقطاع غزة سوف تصبح جرحاً ملتهباً يتضاعف خطره وتزداد آلامه.
لا شيء في اليد حتى الآن، وبات الكل الفلسطيني في موضع الاختبار العسير. والعودة الى الحرب ليست حلاً ولا مخرجاً. مطلوب من القوى الفلسطينية تكثيف العمل السياسي على الصعيدين الوطني والخارجي، ووضع مقاربات جديدة. لقد علمتنا الحرب درساً خلاصته أن الفلسطينيين يقاتلون وحدهم، وأن الأطراف الإقليمية التي تتغنى بالمقاومة، لن تحرك ساكناً، وإن نطقت سياسياً في ظروف الحرب، فإنها تركز على القضايا الإنسانية وعلى الإغاثة لا على المدد ولا على الإسناد العسكري، وهذا من البديهيات.
ما تحتاجه غزة الآن، هو تغيير في وضعية السلطة التي نشأت أصلاً بموجب اتفاق، وليس في مقدور طرف أن يغير وظيفتها، وإن حاول طرف تغيير وظيفتها، فإن الخسارة الفادحة هي النتيجة في الحرب وفي السياسة. لقد جلبت محاولة تغيير طابع السلطة، المآسي لشعبنا، فانقسمت الكيانية الفلسطينية وأضعفت الورقة السياسية. إن حقنا في المقاومة، لا يختلف عليه اثنان، لكننا مضطرون لأن نحسب ونتهيأ لممارسة الشكل الملائم من المقاومة في كل مرحلة، وهذا واجب وطني وسياسي وأخلاقي، إن لم نؤده بمسؤولية عالية وبوعي عميق، يصبح التهور والتمكين لأجندات عاطفية هو البديل.
لكي نساعد غزة على تضميد جراحها، لا بد من إعادة الاعتبار للسلطة، ولبُنيتها الديمقراطية، ولخطابها السياسي الوطني. ولن يتأتي لنا هذا، دون حكومة وفاقية، ودون تغيير في مناهج العمل في الضفة وغزة، على النحو الذي يؤهلنا لمواجهة التحديات بقوة. لا مناص من إعادة بناء المؤسسات، ولا سيما مؤسسة الرقابة والتشريع، توخياً لحكم رشيد، تتسع فيه دائرة التشاور، بحيث لا ينفرد طرف بقرار ينسحب أثره سلباً أو إيجاباً على الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات.
مضطرون للإقلاع عن لغة الخصومة، لأنها جلابة بؤس وسبب في إبقاء آثار الكارثة على حالها. من لا يستطيع تغيير لغته وسلوكه ليس أمامه سوى أن يتنحى جانباً. وضعنا الفلسطيني لم يعد يحتمل الكيديات أو أجندات المحاور الإقليمية. فالمحاور كلها ستظل عاجزة عن العون في الإغاثة وإعادة الإعمار، إن لم يتدارك الفلسطينيون أمرهم ويحققوا وحدتهم. إن ما نلمسه حتى الآن، هو الفراغ والعدم، ولا شيء يواسي الناس في قطاع غزة ولن يكون ثمة ربح، إن ظللنا على هذه الحال.
ومضة - وقف إطلاق نار.. فلسطيني - فلسطيني!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
مع صبيحة كل يوم تنطلق قنوات الاحتلال الإخبارية في البحث عما يشتت شمل الفلسطينيين ويصطاد في مياههم العكرة ويفرق جمعهم ليتناول "صوت إسرائيل" بالأمس وعبر احد مراسليه حرب السجال القائم بين حركتي فتح وحماس متغنيا بذلك وقائلاً: ما أن وضعت الحرب أوزارها في غزة حتى نشبت حرب أخرى هذه المرة فلسطينية- فلسطينية بين حركتي فتح وحماس.
الإذاعة ذاتها تحدثت عن هذه الحرب بنوعٍ من التشفي معتبرة إياها ضمناً بأنها حرب هي الأفضل لأمن إسرائيل وبقاء احتلالها. شهادة احتلالية جديدة تحمل في طياتها تأكيداً دامغاً ومتجدداً لأهمية الانقسام الفلسطيني - الفلسطينيين من منطلق العقل الاحتلالي القائم على الفرقة والسواد.
حرب الفلسطيني على الفلسطيني هي الحد الفاصل ما بين القدرة على البناء على الحرب الأخيرة على غزة وما بين ضياع الكل الفلسطيني. ولعل التفكير ملياً بما لهذا الوضع من تأثير قاهر ومدمر على الهوية الفلسطينية أن يساعد العقلاء في الاستنتاج الفعلي بأن الذين قتلوا تحت نيران المحتل وإن استمر الانقسام لن يعود لدمهم قيمة ولا جدوى.
اليوم يوم الخلاص من المحتل واليوم يوم الاستقلال لكن هذا التوجه والهدف لا قيمة له في حال استمرار الانقسام قولاً وفعلاً بل أكاد أجزم بأن المنفلتين نحو تعزيز الشرخ أو تلويث المشهد الوحدوي لهم متساوقون من حيث يعلمون أو لا يعلمون مع الاحتلال. فإطلاق النار على الفلسطيني من بندقية فلسطينية وتعذيب البعض الفلسطيني بأيدٍ فلسطينية لهو قمة النكبة والنكسة وما بينهما من دمارٍ شامل.
وكم من مرة أحمد الله فيها على أن جيل الرعيل المؤسس للثورة الفلسطينية المعاصرة ليسوا أحياءً اليوم حتى لا يروا ويسمعوا عن مآل الحال الفلسطيني الفلسطيني. فلو أنهم علموا بأن حصيلة نضالهم ستأتي على هذا الحال لقرروا الرحيل عن الدنيا من جديد على أن يروا ما نعيشه اليوم.
فكيف لا يكون قتل الفلسطيني لأخيه فرصة نوعية للاحتلال؟ وكيف لا تكون معركة تصفية الحسابات بين الأشقاء فرصة ذهبية لإسرائيل حتى تستثمر فيها بالقول والفعل والتواطؤ؟
إعمار غزة أم لا إعمار؟ رفع الحصار عن القطاع أم عدمه؟ تحرير فلسطين أم لا تحرير؟ كلها ستبقى أمورٌ في مهب الريح مع استدامة الشرخ الفلسطيني الداخلي. لذا لن يكون من حق احد الاحتفاء بالانتصار أو أي نوعٍ من أنواع الادعاء بالانتصار.
لقد شارفت ريحنا على الذهاب وقارب إرثنا النضالي على النضوب وسيأتي يومٌ في ظل استدامة هذا الحال ليسأل أبناء الشهداء وأهليهم عن مغزى استشهاد آبائهم وأبنائهم! فإن لم يذهبوا فداءً للتحرير فلماذا قضوا؟ بأي حق وبأي ذنب؟
إن أبشع ما يعيشه المرء اليوم هو أن يكون شاهدا على مهزلة الانقسام واستمرارها وتبعاتها وحساباتها وشراكاتها الإقليمية والعالمية ومدارس الفكر الإقصائي ومشارب الإحلال لا الشراكة.
أما دم الشهداء خاصة من الأطفال والنساء والشيوخ لن يكون إلا محكمة مستديمة لكل المطبلين والمهللين لمعركة إطلاق النار على رأس النضال الفلسطيني وأرجله وروحه!
فهل نقرأ السلام على روحنا؟ أم نقرأ اليوم فاتحة الخلاص من المحتل؟ أم نتمنى أننا لم نكن لنعيش ولنشهد النكبة المتجددة التي وقودها الشعب الفلسطيني- دمه وماله وحتى عرضه؟!
اقــلام وأراء محلي الثلاثاء 9/9/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
خرافة الوطن البديل التي تروج لها اسرائيل
بقلم: حديث القدس – القدس
أين حكومة الوفاق الوطني في مشروع اعمار قطاع غزة؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
في أبعاد تدخل غربي مرتقب
بقلم: محمود الريماوي – القدس
السلطة تعرج على الساقين !
بقلم: حسن البطل – الايام
مبادرة الرئيس ومحكمة الجنايات
بقلم: هاني المصري – الايام
حياتنا - حلف النكاح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
مدارات - في هذه الحال
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ومضة - وقف إطلاق نار.. فلسطيني - فلسطيني!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
خرافة الوطن البديل التي تروج لها اسرائيل
بقلم: حديث القدس – القدس
تناقلت وسائل اعلام ومصادر اسرائيلية كثيرة روايات عن اقتراح قدمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الرئيس ابو مازن خلال لقائهما الاخير في القاهرة، ويتعلق باعطاء جزء واسع من شبه جزيرة سيناء لتوسعة قطاع غزة واقامة الدولة الفلسطينية هناك. وقد نفى الرئيس السيسي ذلك شخصيا كما نفاه اكثر من مسوول فلسطيني كبير، إلا ان الرواية ما تزال تتكرر في بعض وسائل الاعلام وعبر مراكز التواصل الاجتماعي المختلفة.
ويروج لهذه القصة المزعومة فئتان الاولى تتعلق بالذين يعارضون الرئيس السيسي وما حدث في مصر ضد الاخوان المسلمين وذلك بقصد تشويه موقف مصر والاساءة اليها، وهي التي وقفت وتقف دائما مع القضية الوطنية والحقوق الفلسطينية.
الفئة الثانية هي اسرائيل نفسها التي تحاول ايهام الرأي العام بان هناك بديلا للوطن الذي نطالب به بالضفة وغزة حسب حدود 1967 وعاصمته القدس الشرقية، من ناحية، ولتعميق الانقسام الفلسطيني والايحاء بان غزة ستظل منفصلة عن الضفة الى الابد، خاصة على ضوء تصاعد الخلافات وتبادل الاتهامات بين فتح وحماس في هذه الايام وبعد العدوان المدمر على غزة وتباين وجهات النظر بحدة حول طرق اعادة الاعمار والجهة التي ستشرف على ذلك.
ان الموقف الشعبي والرسمي الفلسطيني واضح كل الوضوح وقد قدم شعبنا عبر عقود طويلة من الكفاح والنضال تضحيات جساما وآلاف الشهداء وملايين اللاجئين والمشردين من اجل حقوقه في وطنه واقامة دولته المستقلة، وهو لم ولن يرضى بديلا عن ذلك واية احاديث عن مثل هذه المقترحات ستظل خرافات تتردد بدون اية قيمة وبدون ان يعيرها شعبنا اي اهتمام.
وفي هذه المناسبة فان الذين ما يزالون يكررون الحديث او الترويج لهذه الحكايات مطالبون بان يكفوا عن ذلك.
الامية والفقر هما اساس
معظم مشاكل العرب والمسلمين
قالت المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة في بيانات صادمة وان كانت غير مفاجئة ان نسبة الامية في دول العالم الاسلامي بلغت حوالي 40٪ بين الذكور و65٪ بين الاناث، ولم يتمكن سوى عدد قليل من هذه الدول من خفض مستوى هذه الامية، ودعت الى تطوير سياسات واضحة ومدروسة في مجال محاربة هذه الآفة الت يتعيق بالتأكيد كل سبل التنمية والنهضة والتطور الاقتصادي.
والحديث عن الامية يعني القراءة والكتابة، لكن التطورات التكنولوجية والالكترونية الحديثة، تجعل حتى الذين يتقنون القراءة والكتابة مجرد اميين اذا لم يتمكنوا من التعامل مع وسائل العلم الحديثة بفهم وادراك واستخلاص النتائج والمعلومات والتي تزدحم وتتكاثر بسرعة رهيبة.
لقد قيل بصدق، اننا من التعليم نبدأ وبالتعليم نتطور ولدينا شواهد دولية معاصرة كثيرة لم تبدأ نهضة انسانية واقتصادية شاملة إلا من التعليم، لاننا بدون تقدم صناعي وزراعي وثقافي نكون مزرعة للفقر والجهل ونكون بالتالي غير قادرين على التطور وتحسين ظروف الحياة ورفع مستوى المعيشة، وتنتشر في ربوعنا كل اشكال التراجع والتخلف الاجتماعي ونكون بالتأكيد اداة سهلة بايدي الطامعين واصحاب الافكار المغرقة في التطرف والرجعية وكل ما هو يسير بنا الى الوراء...
لن ينهض اي شعب بدون علم وتعليم، والتعليم ليس مجرد الحفظ والقراءة والكتابة ولكنه القدرة على التفكير والابداع والانتاج والتطوير، وبدون ذلك سيظل العالم الاسلامي، ونحن جزء منه، يغرق في دوامة من الجهل والامية وهما اساس معظم المشاكل التي يواجهها.
أين حكومة الوفاق الوطني في مشروع اعمار قطاع غزة؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
بعد حوالي اسبوعين من بدء وقف اطلاق النار، او بدء الهدنة طويلة الامد، لا يزال مشروع اعمار قطاع غزة يتراوح بين الاخذ والرد، او بين الشد والجذب، وما زال هذا المشروع يراوح في مكانه، في ظل الشروط والقيود من هذا الطرف او من ذاك، وفي ظل التعقيدات اللوجستية والسياسية، سواء اكانت لكيفية عقد ما بات يعرف " بالمؤتمر الدولي لاعمار غزة"، او في كيفية ايصال المساعدات، التي تعهدت او قررت بعض الدول او الاطراف ارسالها الى القطاع، وفي خضم ذلك، يدفع الثمن المواطن في غزة، والاقتصاد في غزة، من زراعة ومن صناعة ومن بناء ومن اشغال وما الى ذلك.
وفي ظل هذا الواقع، تتسابق جهات عديدة لتقدير حجم الاضرار التي لحقت بقطاع غزة، وبتنا نسمع ونقرأ هذه الايام عن دراسات وعن تقديرات لخسائر القطاع، تتراوح بين خمسة الى اكثر من ثمان مليار دولار، وبدأت جهات كثيرة، سواء اكانت جهات دولية او مؤسسات محلية، رسمية وغير رسمية، تتسابق لتقييم الاضرار ولتحديد الاولويات، ومن ثم العمل من اجل وضع خطط العمل لاعمار قطاع غزة، والهدف المعلن من ذلك، هو اعمار غزة ومساعدة الناس هناك، وفي ظل هذا اللغط والازدحام في الاصطفاف من اجل اخذ دور او حصة من مشروع اومن برنامج من عملية اعمار غزة، يدعو المنطق والواقع والفلسفة الادارية، الى وجوب جهة وحيدة فقط، تقود عملية الاعمار، وتنضوي تحت مظلتها الجهات الاخرى، وتعمل على تمحيص وتقييم وتحديد الاولويات، بعيدا عن التشتت وعن التبعثر وعن التكرار والتنافس، وبالتالي عدم اضاعة الوقت والاموال والطاقات، وهذه الجهة من المفترض ان تكون حكومة الوفاق الوطني؟
وحكومة الوفاق الوطني برئاسة الدكتور الحمدالله هي الجهة التنفيذية التي من المفترض ان تعمل وتخطط وتدير عملية البناء، سواء اكان ذلك في الضفة او في غزة، وأن تكون هي المظلة او الاطار الذي يقود المشروع الضخم لاعمار غزة، وبأن تقوم بالعمل لاحتضان، وبشكل مباشر تحت اشراف رئيس الوزراء لجنة وطنية، تضم المختصين والخبراء، سواء اكانوا من جهات رسمية او غير رسمية، وسواء اكانوا من الضفة او من غزة، بحيث تعمل هذه اللجنة، ومنذ الان، وبدون انتظار وصول الاموال او انعقاد المؤتمر الدولي، او حتى انتظار وضع السياسات والقيود الخاصة بالاعمار، بان تعمل على تحديد الاولويات، وتضع المعايير، وترسي الاسس التي تتعلق بكيفية تنفيذ المشاريع وفي مختلف المجالات، وبأن تحدد كذلك معايير الجهات التي من المفترض ان تقوم او تشارك او تساهم في الاعمار، وكل ذلك بناء على اسس موضوعية واقعية علمية، تأخذ المصلحة الفلسطينية، او بالادق مصلحة قطاع غزة والناس في غزة، كأولوية بعين الاعتبار.
وحكومة الوفاق الوطني، من المفترض ان تبادر وان تقود عملية الاعمار، بدءا من التخطيط ومن ثم التنفيذ وحتى عملية المتابعة والتقييم، وبأن تقوم بذلك رغم المخاطر التي سوف تواكبها، ورغم التعقيدات والتدخلات المتوقعة من هنا او من هناك، ورغم ما سوف يرافق ذلك من انتقادات او من شكوك، ولا شك ان برنامج ضخم للاغاثة ومن ثم للاعمار في قطاع غزة، لن يكن من السهل البدء ومن ثم الاستمرار به، ان لم يكن متوافق عليه، بأن يتم تحت مظلة او لجنة تعمل تحت ادارة الحكومة، وان لم يتم التوضيح للمانحين او للمتبرعين او للراغبين في مساعدة قطاع غزة، طبيعة الاسس والمعايير والاهداف، وبالاخص منذ البداية، اي منذ الان، فأن الخطورة تكمن بأن تعمل كل جهة مانحة او متبرعة، بناء على مصالحها او اهدافها او سياساتها، ومن ثم تقوم بتسيير اموالها وفق اجندتها، ومن خلال اطر او جهات او مؤسسات او جمعيات تختارها، وبالتالي يصبح مشروع الاعمار مبعثرا، ومشتتا وربما تكون مشاريع عديدة مكررة، وبدون استدامة او بدون فعالية او بدون الجودة المطلوبة، والاهم بأن لا تأخذ هذه الجهات مصلحة الناس وحاجاتهم كاولوية بعين الاعتبار.
ولكي تقود وتبادر وتعمل، فأنه من المفترض على حكومة الوفاق الوطني ان تكون على الارض، او في موقع الحدث، او في مكان الاعمار، وبأن تتلمس الاحتياجات والاولويات، ومن خلال اعلى وكل المستويات التي لها علاقة، وذلك لكي يلمس الناس والمانحين والمتابعين والمراقبين ذلك، ولكي يرى الناس من يمثلهم او من يعمل لصالحهم على الارض وبينهم، لان هناك فرق كبير بين ان تكون في موقع العمل وتواكب ما يتم، وبين أن تراقبة عن بعد او من خلال الصورة او من خلال الخبر، وبالتالي من المتوقع ان تكون كل المستويات والتي لها علاقة بأعمار غزة، في غزة، وربما من المتوقع ان تكون هناك عقبات او منغصات ومن اطراف عدة، سواء للوصول او للبقاء او لمتابعة العمل هناك، ولكن الاخلاص في العمل والعمل من اجل تحديد الاولويات لصالح الناس، هو الذي سوف يوفر المظلة وبالتالي الاحتضان والدعم من الناس ومن الجهات التي سوف تشارك او تساهم في اعمار ما تم تدميره وهدمه اواجتثاثه في قطاع غزة؟
وبالاضافة الى الاغاثة السريعة من طعام ومسكن وامان، فأن هناك اولويات كثيرة تحتاجها غزة، وحسب التقارير الدولية هذه الايام، فأن قطاع غزة، يعاني من ازمات في مجالات المياه والطاقة، وحسب هذه التقارير فأن الناس لا يستطيعون الحصول على المياه النظيفة او المياة الصالحة، ومعروف ان معظم مصادر المياة في قطاع غزة هي مصادر مياه جوفية، وبالتالي فأن الاستثمار في ايجاد مصادر اخرى اضافية للمياه، مصادر صديقة للبيئة، وكذلك الاستثمار في تكنولوجيا ومشاريع لمعالجة الكميات الضخمة من المياه العادمة، وكذلك في مشاريع تحد من وصول الملوثات الى المياة الجوفية، هذا الاستثمار في قطاع المياه من المفترض ان يكون من ضمن اولويات حكومة الوفاق الوطني، التي تضع خطط الاعمار والبناء في قطاع غزة.
وبالاضافة الى المدارس والكليات والمباني التي تم تدميرها خلال العدوان، فأن هناك قطاعات انتاجية قد تضررت، حيث المصانع وقطاع الزراعة التي تم تخريبة، حيث نعرف ان الزراعة هي عنصر أساسي للاقتصاد الفلسطيني، وبالاخص في غزة في ظل الحصار والقيود، والاستثمار او اعمار القطاع الزراعي سوف يكفل تحقيق نوع من الامن الغذائي الذين في امس الحاجة الية والاستغناء ولحد ما عن الاستيراد، ويؤدي كذلك الى المحافظة على الارض، ويعمل على تحقيق انتاج مستدام وباسعار معقولة للخضروات والفواكه و اللحوم وغيرهما، وبالتالي التحكم بسلامة وجودة المواد الغذائية.
ومعروف ان العيادات والمشافي ومراكز الرعاية الصحية المختلفة لم تسلم من التدمير والخراب خلال العدوان على غزة، والرعاية الصحية، وبالتحديد الاولية منها، التي هي اساسية الى المواطن في غزة وفي غيرها، الذي يحتاج الى العيادة والى الاجهزة للفحوصات، والى الدواء الفعال، وبالتالي فأن الاستثمار المستدام وبالاخص في توفير الرعاية الصحية الاساسية للناس في غزة من المفترض ان يكون من ضمن خطط واولويات مشاريع الاعمار في غزة.
ومن ضمن اولويات الاعمار في غزة، من المتوقع ان يكون قطاع الطاقة، حيث معروف ان غزة ما زالت تشتري الكهرباء او المواد اللازمة لانتاج الكهرباء، من مناطق او من دول اخرى، حيث انها لا تتحكم في عوامل توفرها، او شروط توزيعها، او في اولويات الحصول عليها، او حتى في اسعارها او في مستوى جودتها، والاستثمار في الطاقة وبشكل مستدام يعني التوجة نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الغاز والرياح والطاقة الشمسية كأحد القطاعات المنتجة للطاقة وللكهرباء، ومن فوائد قطاع غزة، انها تحصل على الشمس وبالتالي على الطاقة الناتجة عنها، بشكل مجاني، ولفترة طويلة خلال السنة، وهي البديل للطاقة الحالية، التي تعتمد على السولار وعلى النفط ومشتقاته، والتي في العادة تتناقص ومن ثم تنضب مع الزمن، وبالتالي اصبحت استراتيجيات التنمية لعدد كبير من الدول تعمل وبشكل متواصل للتركيز على هذا المجال.
ولكي تدير حكومة الوفاق الوطني اعمار غزة بنجاح وبكفاءة، فانها يجب ان تتبنى وبشكل علمي فلسفة او اسس عملية "المتابعة" للمشاريع المنوي تنفيذها، والتي تعني متابعة ما يتم انجازة على ارض الواقع، مقارنة مع ما من المفترض تحقيقة خلال مدة زمنية محددة، وبالتالي تحديد اذا كان هناك عقبات او مشاكل وما سبل حلها، واعلام ادارة الجهات المنفذة والمانحة بذلك، وبناء علة يتم نقاش امكانية تغيير اسلوب او اتجاهات العمل، او اعادة دراسة افضل وسائل لاستخدام المصادر، والمتابعة تتطلب ملاحظة جودة المعلومات من حيث دقتها، وتوقيتها، وما ينقصها، والمتابعة تعني التواصل مع الجهات المنفذة من خلال تبيان الخلل او النواقص ومقترحات التطوير او التصحيح.
ولكي يتم التأكد بأن ما يتم تنفيذه قد ادى او سوف يؤدي الى الهدف منه، فأن يجب الاعتماد على عملية التقييم كجزء اساسي من عملية الاعمار في غزة، وبالاخص الى تحديد اذا ما كان هناك اثر او اثار لما يتم القيام بة، وبالاخص في المدى المتوسط والمدى البعيد، والتقييم للمشروع يتم في العادة في منتصف المشروع او بعد الانتهاء منه ، وفي العادة يتم التقييم من خلال مقابلات مع افراد او جماعات او من خلال استمارات او زيارات للموقع، وبالطبع من خلال مراجعة التقارير الدورية والبيانات والمعلومات التي تراكمت خلال مدة المشروع، ومن المفترض ان يتم التركيز من خلال تقييم مشاريع الاعمار في غزة على معايير من اهمها الاستدامة، والفعالية والجودة ومستوى التكاليف ومدى تحقيق الاهداف المحددة بالسقف الزمني.
ولكي تنجح حكومة الوفاق الوطني في التخطيط ومن ثم في ادارة وانجاز مشروع اعمار غزة، فأنها من المفترض ان تبادر الان ومن خلال التواجد في موقع الاحداث، وبأن تظهر لكل من سوف يكون له علاقة باعمار غزة، انها المظلة الوحيدة للاعمار، وبالتالي تمنع بأن تكون المشاريع عشوائية او مكررة من جهات عدة، او بأن يتم تنفيذها من جهات عدة وتحت اسماء مختلفة، وبدعم من جهات مختلفة، وبأن يكون هتاك تنافس بين هذه الجهات، فقط من اجل التنافس، وليس من اجل المصلحة الحقيقية لاهالي غزة؟
في أبعاد تدخل غربي مرتقب
بقلم: محمود الريماوي – القدس
أسفر اجتماع دول الناتو الثماني والعشرين في ويلز/بريطانيا الجمعة الماضية عن توجه واضح ومعلن عبّر عنه الرئيس الامريكي أوباما لمواجهة تنظيم داعش عسكرياً، إضافة إلى تجفيف الموارد المالية للتنظيم، وبذل الجهود الدبلوماسية . الرئيس الأمريكي وصف التنظيم بأنه "خطر على الغرب" . ومع ان خطورة هذا التنظيم تتعدى مناطق معينة في العالم، إلا ان الحديث كان موجهاً أساساً إلى دول الغرب وشعوبها وفي اجتماع عالي المستوى ضم كبار قادتها.
تدخل الناتو على نطاق واسع لن يكون وشيكاً ولكنه قريب، فحسب توضيحات أوباما في القمة الأطلسية فإن إقرار هذا التوجه ينتظر الالتئام السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى الأغلب، من أجل استصدار موقف أممي يدين التنظيم ويدعو لمواجهته ويشرّع هذه المواجهة، كما ينتظر التدخل مزيداً من المشاورات مع دول عربية . فيما تتواصل الغارات الأمربكية منذ الثامن من آب الماضي ضد مواقع وتحركات لداعش في العراق . وكانت دول غربية منها بريطانيا وفرنسا قد أعربت على لسان مسؤوليها عن استعدادها للمشاركة في أي جهد عسكري ضد هذا التنظيم "الذي يتوسع في الشرق الأوسط" .
عودة الناتو إلى نشاطه في المنطقة العربية، تأتي في غمرة تحولات شهدتها هذه المنطقة خلال السنوات الأربع الماضية تتمثل في استشراء العنف المنفلت من كل عقال، والذي يهدد أساساً شعوباً عربية قبل تهديده للغرب كما يهدد سواد المسلمين وغيرهم الذين لا يرتضون مماشاة هذه الموجة من العنف المقترن بإثارة النعرات الدينية والطائفية . ولئن كانت هذه الموجة غريبة عن البيئة العربية، فإن مواجهة تتم بينها وبين قوة غير عربية، ولو على أراضٍ عربية، لا تثير أي قلق إن لم تحمل على الاستحسان، وعلى قاعدة أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع .
التدخل الغربي المرتقب في منطقتنا لن يكون الأول من نوعه، وكان من أوضح حلقاته الحرب التي أدت لاستعادة الكويت من قوات صدام حسين، وبمشاركة أطراف عربية، وكذلك التدخل لوقف المجازر التي ارتكبها، والتي كان يستعد معمر القذافي لارتكاب المزيد منها ضد شعبه . ومن المفارقة ان تتجدد النداءات من مسؤولين ليبيين في الآونة الأخيرة لتدخل دولي يضع حداً لحكم الميليشيات في هذا البلد . وهو ما أبدى مسؤولون غربيون تردداً وصل حد الممانعة حياله مع التعويل على دور قد تؤديه دول الجوار كونها تتأثر مباشرة بتدهور الوضع الليبي .
في هذه الأثناء صرّح ناطقون أمريكيون بأن واشنطن لن تنسق مع دمشق، أو مع طهران بخصوص حملة عسكرية مرتقبة، تشمل مناطق في العراق ابتداء، ومرشحة للتمدد باتجاه الأجواء السورية، وهو ما عبّرت عنه بخصوص إيران المتحدثة بلسان الخارجية الأمريكية ماري هارف الجمعة الماضية . ولعل الغرض من ذلك هو تفادي خلط الأوراق السياسية والعسكرية في المنطقة، وأن لا تؤدي مثل هذه الحملة إلى تعزيز مواقع طرف إقليمي في المنطقة لا يكتم نزعته التدخلية، التي تسهم في إدامة النزاعات والتوترات الداخلية في غير بلد عربي .
من الواضح الآن، وفي هذا الظرف بالذات ( ظرف توسع داعش واستشراء خطره) أن أية معارضة لتدخل محتمل لن تلقى أذناً صاغية، ولن تثير تجاوباً يُذكر، ذلك أن البديل لهذا التدخل الواسع هو استمرار هذا الخطر، بما يحمله من محاذير تفوق الوصف وتهدد المجتمعات في صميم امنها وسلامها ونسيجها المستقر. وكان الأمل أن تتمكن دولنا ومجتمعاتنا من تطويق هذا الخطر ووضع حد له في بواكيره، غير أن التشرذم الذي أصاب النسيج الاجتماعي والوطني ووقوع الانشطارات التي باتت معروفة، وضعف التمثيل السياسي للحكومات، قد أدى إلى ضعف المناعة الداخلية التي أفاد منها هذا التنظيم وجماعات أخرى متشددة..
أمام هذا التطور المرتقب لحملة عسكرية غير مقترنة على الأرجح بقوات برية على الأرض، فإن أفضل مشاركة عربية في التصدي لداعش تتمثل في مغادرة التطرف ومناوأته مناوأة فعلية وذلك من أجل وضع حد للبيئة المولدة للعنف . التقارير الواردة من العراق تشير إلى توجه نحو تشكيل حكومة ائتلافية موسعة، واختيار قيادات لوزارة الدفاع ذات اهلية مهنية ومناقبية وطنية وتحظى بتوافق داخلي، وهو ما يجعل من التصدي لداعش مهمة وطنية بالفعل، تصب في مصلحة العراقيين جميعاً، وتسهم في بناء الدولة وتعزيز الوحدة الوطنية، وليس مثلاً في تقوية ميليشيات منغمسة في الصراعات الأهلية، اياً كانت هذه الميليشيات والتي طالما حظيت بدعم داخلي وخارجي .
شيء من ذلك يتمناه المرء لسوريا، لكن المعادلات الصفرية القصوى ما زالت تحكم الصراع في هذا البلد . بما يجعل من التصدي لداعش علاجاً لحلقة ثقيلة من سلسلة حلقات، وهو أمر ليس سيئاً بحد ذاته .
وفي جميع الأحوال فإن الأهوال التي تفوق التصور (رغم وقوعها بالفعل!) والتي شهدتها دول ومجتمعات عربية على مدى السنوات الثلاث الأخيرة على أيدي قوى محلية ، تظل أكبر بكثير وأشد وطأة بما لا يقاس، من أية أضرار جانبية لأي تدخل خارجي كالتدخل الغربي المرتقب، وهو ما يجعل من هذا الإجراء أهون الشرّين، إن لم يكن "الشر الذي لا بد منه" .
السلطة تعرج على الساقين !
بقلم: حسن البطل – الايام
كيف نلخص الوضع الراهن الفلسطيني؟ ربما يجب، أولاً، أن نجد خيط الوفاق من نسيج التنسيق. بمعنى، وفاق سياسي سلطوي ـ حمساوي بلا تنسيق؛ وتنسيق سلطوي ـ إسرائيلي بلا وفاق سياسي.
في المحصلة، الوضع السياسي الراهن الفلسطيني يعرج على الساقين معاً، وعلينا بهذه الحال أن نذهب إلى خطة المراحل السلطوية الثلاث:
أولاً، باتجاه أميركا عساها توافق على وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال؛ وأن تقنع ـ إسرائيل بالتفاوض حول هذا، فإن لم تستطع، يكفينا أن ترفع أميركا مظلة "الفيتو" في مجلس الأمن عن هذا الطلب، أو نذهب، ثالثاً، الى مسعى رفع عضوية دولة فلسطين في جميع المواثيق والاتفاقات والمنظمات الدولية.
طبعاً، وخلال شهر، يجب أن نجد خيط الوفاق مع "حماس" من نسيج تنسيق الخطوات الثلاث السلطوية.. وإلاّ، ستذهب السلطة عرجاء لأن شرعيتها السياسية، دولياً وعربياً، على غير وفاق مع الشرعية الشعبية لحركة "حماس" كما يقول استطلاع رأي أُجري وقت حرب الـ 50 يوماً.
السلطة هي ابنة المنظمة أو أداتها التنفيذية، وهي بالنسبة لشعبها، كما في اتفاق أوسلو وقبله الممثلة الشرعية. لكن بعد الانقسام لم تعد السلطة الفعلية على جزء من أرضها وشعبها.
بوضعه خطة التحرك الثلاثية، يكون رئيس السلطة قد وافق على أن مفاوضات العشرين سنة كانت عبثية، علماً أن "مفاوضات" المنظمة مع حركة "حماس" لدخولها تحت مظلة المنظمة كانت سبّاقة على أوسلو وتأسيس السلطة وبعدها، وجرت أولى الجولات في صنعاء، حيث طالبت "حماس" بحصة مقدارها 40% من المنظمة.. ورفض عرفات!
بالفعل، وبعد انتخابات 2006، أحرزت "حماس" أكثر من 70% من مقاعد البرلمان الثاني، وكانت قد امتنعت عن المشاركة، مع فصائل أخرى، في البرلمان الأول، بحجة أنه يجري وفق قيود وقواعد أوسلوية.
الآن، تريد السلطة من خطتها الثلاثية أن تعزل سياسة إسرائيل دولياً عن سياسة استمرار الاحتلال، وأن لا تبقى حركة "حماس" معزولة عن المنظمة والسلطة وحكومتها دولياً وعربياً. المشكلة أن مطالب "حماس" من السلطة لمتابعة الوفاق تهدّد السلطة بعزلة دولية، وبخاصة مالية إن وافقت على دفع رواتب "حكومة الظل" الحمساوية في غزة، وضمنها رواتب لحوالي 20 ألف مقاتل في حركة "حماس". الحلالون يبحثون عن حلّ.
"حكومة الظل" لا توجد في دول العالم بهذه الصفة إلاّ في بريطانيا، حيث يشكل الحزب المعارض ما يشبه "حكومة ظل".. لكن، في الحالة الفلسطينية يمكن القول "حكومة الأمر الواقع".
حكومة الأمر الواقع تستقوي بمقاومة وصمود تراه نصراً مبيناً، وتقول لو أن الضفة تقاوم الاحتلال بمقدار نصف مقاومة غزة.. لكانت إسرائيل قد "انتهت"؟
هذا مجرد خلط وادعاء لسببين: الضفة بالنسبة لإسرائيل، كما لدولة فلسطين، غير غزة بالنسبة لإسرائيل. وثانياً، ألحقت الضفة خسائر بشرية بالإسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية، بما يفوق خسائر إسرائيل في غزة.
لا يمكن أن يكون "وفاق" ترى فيه "حماس" مقاومة مسلحة، بينما على السلطة أن تتولى أمر إعادة إعمار غزة بعد كل حرب. قرار الحرب يجب أن يكون وطنياً: سلطة واحدة.
مع ذلك، فإن "حماس" تتعامل مع "النصر" كأنه نصرها أولاً وأخيراً، بل وتفاخر على لسان الزهار أحد قادتها أن خسائر مقاتليها أقل من خسائر الجيش الإسرائيلي (حوالي 50 شهيداً) علماً أن حركة "الجهاد الإسلامي" خسرت باعترافها 121 شهيداً، بينما فقدت "فتح" 861 شهيداً.. والمجموع يقترب من الادعاء الإسرائيلي بـ 850 ـ 1000 من عناصر المقاومة. الأهم خسائر المدنيين وبالذات الأطفال.
في الأخبار الإسرائيلية أن "حماس" عاودت ترميم ما أمكن من الأنفاق، بما يسوّغ لإسرائيل التشدّد في إدخال مواد البناء، وبالتالي فإن المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة قد لا يُعقد في موعده، فإن عقد فإن الخطط تبقى على الورق، علماً أن ما دمرته حرب 2009 في غزة لم يتم ترميمه بالكامل حتى الآن.
كيف تملك "حماس" مصادر مالية كافية للتسليح والحرب، ولا تستطيع سوى أن تحمّل ميزانية السلطة رواتب جيش موظفيها المدنيين والعسكريين.
بوفد موحد، وبرئاسة فتحاوية، فاوض الفلسطينيون على وقف إطلاق النار.. لكن هل سيفاوضون بوفد موحد وهم مختلفون على عمل حكومة الوفاق.
يبدو أن اسرائيل لا تريد إنهاء الاحتلال، و"حماس" لا تريد حكومة واحدة فعلية لشطري الدولة الفلسطينية.. والعالم لا يريد المساهمة في إعمار غزة دون إشراف السلطة على ذلك.
المسألة تتعدّى الخلاف على الميناء والمطار، لأن إنجازهما يتطلب سنوات، بينما تستطيع إسرائيل تدميرهما في يوم، إذا لم يكن هناك اتفاق، أو كانت الحرب الثالثة مجرد جولة كما تقول "حماس".
مبادرة الرئيس ومحكمة الجنايات
بقلم: هاني المصري – الايام
في أواخر تمّوز الماضي، قام صائب عريقات بدعم ومباركة الرئيس بتقديم رسالة تطالب بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة، وطلب أن يوقّع عليها جميع أعضاء اللجنتين المركزيّة لحركة فتح والتنفيذيّة للمنظمة والأمناء العامّون للفصائل حتى يتحمّل الجميع المسؤوليّة عن الانضمام وتداعياته.
وبالفعل حمل عريقات الرسالة الموقع عليها إلى خالد مشعل، وطالبه بالتوقيع عليها، وطلب الأخير مهلة للتشاور، وبعد تردد أكثر من أسبوعين وميل للرفض في البداية؛ حسمت "حماس" أمرها ووقع موسى أبو مرزوق باسم "حماس".
كان من المتوقع بعد موافقة "حماس" أن يوقع الرئيس رسالة الانضمام - كما التزم - بعد عشرة أيام على وقف العدوان، وبدلاً من ذلك تحدث الرئيس أنه لا يعترف بتوقيع أبو مرزوق ويريد توقيع خالد مشعل لأنه صاحب القرار، وبالرغم من تصريح مشعل أكثر من مرة بأنه يؤيد ويدعو إلى هذه الخطوة لم يقم بها أبو مازن، فيما اعتبر رسالة بأنه أجّل الانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة إلى إشعار آخر.
سبب انتظار أبو مازن هو المفاجأة التي تحدث عنها، وتمخّضت عن مبادرة سياسيّة تقوم على عدة مراحل، تبدأ بالرهان مجددًا على الإدارة الأميركيّة من خلال مطالبتها بالدعوة إلى مفاوضات ثنائيّة تستمر تسعة أشهر على أساس مرجعيّة إقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود 67 مع تبادل أراضٍ ضمن جدول زمني، وعلى أساس قيام إسرائيل بتجميد الاستيطان وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى.
ويأتي الرهان على الإدارة الأميركية بالرغم من الحصاد المرّ له خلال عشرات السنين، لأن الموقف الأميركي معروف بانحيازه لإسرائيل، وعندما تختلف الإدارة الأميركية مع الحكومة الإسرائيلية حول بعض النقاط والتكتيكات فإنه يكون خلافًا بين حلفاء تربطهم علاقات عضويّة إستراتيجيّة يشبه الخلاف الدائر داخل الحكومة الإسرائيليّة نفسها.
إن مفتاح تفسير الانتظار يعود أيضًا إلى الخشية من المجابهة التي يمكن أن تؤدي إليها خطوة الانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة، التي تبدأ أهميتها من كونها تشكل إغلاقًا لمسار المفاوضات الثنائيّة، وتدشينًا لمسار جديد يشمل السعي لتجميع أوراق القوة والضغط على اختلاف أنواعها، بما فيها فتح الطريق لمعاقبة إسرائيل على جرائمها السابقة، واللاحقة، والمستمرة، مثل جرائم الاستيطان والتهجير والإبعاد.
بالرجوع إلى المواد (11) و(12) من نظام روما، المؤسس لمحكمة الجنايات، فإن المحكمة لا تختص بالنظر في الجرائم التي ارتكبت قبل تاريخ نفاذ نظام روما، أي قبل تاريخ 1 تموز 2002، وفي حال انضمت دولة معينة إلى نظام روما فإن اختصاص المحكمة لا يمارس إلا على الجرائم التي ارتكبت بعد انضمام تلك الدولة للميثاق، إلا إذا أعلنت الدولة المنضمة قبول اختصاص المحكمة الجنائيّة على إقليمها قبل تاريخ انضمامها، ولكن بجميع الأحوال لا يمكن أن توسع المحكمة اختصاصها إلى ما قبل 1 تموز 2002، وبالتالي ما ارتكب من جرائم معاقب عليها دوليًا قبل العام 2002 لا تختص المحكمة الجنائيّة الدوليّة بنظرها، ونذكر هنا أن الاختصاص الشخصي للمحكمة يمارس تبعًا لجنسيّة المتهم وليس جنسيّة الضحيّة، أي يمارس الاختصاص الشخصي على الأشخاص المتهمين من رعايا الدول الأعضاء فقط.
النتيجة الوحيدة المضمونة للمبادرة الفلسطينيّة إذا لم ترتبط بمقاربة شاملة جديدة تسلّح المفاوض الفلسطيني بأنياب؛ هي إضاعة وقت ثمين ومنع توظيفه في سياق البناء على ما حققه الفلسطينيون بعد العدوان من عودة القضيّة إلى الصدارة، وتحقيق احتضان شعبي غير مسبوق للمقاومة، وإظهار حدود القوة الإسرائيلية رغم تفوقها والاختلال الفادح في ميزان القوى لصالحها، وتحقق درجة لا بأس بها من الوحدة السياسيّة، تجلت من خلال تشكيل وفد مشترك يتبنى مطالب المقاومة.
وبدلاً من ذلك وما يتطلبه من إعطاء الأولويّة لتجسيد وحدة وطنيّة حقيقيّة على أساس شراكة كاملة وبلورة إستراتيجيات جديدة، بدأنا نشهد تحركًا متسارعًا فئويًا يهدد إذا استمر بالعودة إلى مربع الانقسام المدمر.
كان ولا يزال ممكنًا الشروع في حوار وطني شامل، من خلال تفعيل الإطار القيادي المؤقت للمنظمة للاتفاق على القواسم المشتركة، وإيجاد قيادة وسلطة واحدة تحكم في الضفة والقطاع، وتنظيم إدارة الخلافات، والعمل المشترك لرفع الحصار والإغاثة وإعادة الإعمار، وإطلاق سراح الأسرى، وتنظيم المقاومة بكل أشكالها وفقًا للظروف المناسبة لكل تجمع فلسطيني، والتركيز على المقاطعة الشاملة لإسرائيل، وملاحقتها على جرائمها من خلال الإسراع في الانضمام إلى المؤسسات الدوليّة، بما فيها وأولها محكمة الجنايات الدوليّة، وبعد ذلك يمكن التحرك عربيًا وإقليميًا ودوليًا، والفلسطينيون سيكونون حينها في موقف أقوى بكثير، وبعد أن نصل إلى مرحلة يصبح فيها الاحتلال مكلفا لإسرائيل ومن يدعمها، وفي ضوء تبلور حركة تضامن عربي ودولي واسعة مع القضية الفلسطينية، يتم بعدها التوجه إلى الإدارة الأميركيّة ومجلس الأمن ومطالبتهما بتحمل مسوؤلياتهما، اللذين إن لم يقوما بها سيتم تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
إن عدم الجرأة على الانضمام إلى محكمة الجنايات، ووقف التنسيق الأمني، وإعادة النظر في دور السلطة وشكلها ووظائفها والتزاماتها، ووضع الثقل اللازم لدعم المقاومة والمقاطعة، وإنجاز وحدة وطنيّة حقيقيّة؛ يعود إلى الضغوط والتهديدات الأميركيّة والإسرائيليّة بممارسة عقوبات سياسيّة وماليّة وغيرها، ما يمكن أن يؤدي إلى انهيار السلطة وفقدان أفراد وشرائح لنفوذها ومصالحها، متذرعة برواتب الموظفين التي يمكن إيجاد بدائل لدفعها من مصادر فلسطينيّة وعربيّة ودوليّة إذا اعتمدوا على مقاربة جديدة تكسر قيود أوسلو.
من يريد الحريّة عليه أن يستعد لدفع ثمنها، ومن يريد التوجه إلى خيار آخر بعد فشل مبادرة الرئيس عليه أن يستعين بالوحدة، التي من دونها لا يمكن الانتصار، فلا شيء أسوأ من الاستمرار بالأمر الواقع الذي عنوانه الأبرز التكيف مع الاحتلال والسعي لتحسين شروط الحياة تحت الاحتلال والانقسام.
هذا الواقع الذي أضاع القضيّة والأرض والروح والوحدة، وحوّل السلطة إلى وكيل أمني للاحتلال وليس كما أرادها ياسر عرفات خطوة وأداة على طريق التخلص من الاحتلال، وهذا ثمن أكبر من الثمن الذي يمكن دفعه إذا سار الفلسطينيون في طريق العزة والكرامة .. طريق الانتصار.
إذا كان الرئيس عازما على التوجه إلى محكمة الجنايات ووقف التنسيق الأمني وتسليم مفاتيح السلطة إلى إسرائيل، إذا لم تتجاوب الولايات المتحدة الأميركيّة مع مبادرته واستخدمت حق الفيتو ضده في مجلس الأمن – كما أعلن بعظمة لسانه؛ فلماذا لا يبدأ بترتيب البيت الفلسطيني من خلال إيجاد وحدة وطنيّة حقيقيّة قادرة على مواجهة المعارك القادمة، لأن الرفض الأميركي والإسرائيلي لمبادرته حدث، وعبّر عن نفسه من خلال رفضها علنًا وسرًا من قبل جون كيري ومندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة.
إن الذهاب إلى البيت الأبيض، ثم إلى مجلس الأمن والفلسطينيون ضعفاء ومنقسمون؛ يمثل إضاعة للوقت وتكرارًا لما حدث في العام 2011، حين ضاع العام كله في تقديم الطلب إلى مجلس الأمن - بالرغم من توصية مخالفة من معظم الخبراء والسياسيين الذين دعوا إلى التوجه للجمعية العامة أولاً - للحصول على عضويّة كاملة للدولة الفلسطينيّة، لأن الجميع يعرف أن الفيتو الأميركي يقف له بالمرصاد، وبلغ الوضع من السوء إلى حد لم نتمكن فيه من الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة في مجلس الأمن للتصويت.
لقد صُوِّرَ الذهاب إلى مجلس الأمن حينها بوصفه ذروة المجابهة مع الإدارة الأميركية، في حين أنه كان فعليًّا تجنبًا للمجابهة وتأجيلاً لها لمدة عام على الأقل.
كان ولا يزال من الأفضل أن نبدأ بالمواقع وبالمؤسسات والدول الصديقة لمراكمة القوة والضغوط، ثمّ الذهاب إلى مجلس الأمن والبيت الأبيض، اللذين سيضطران إلى الاستجابة للحقوق الفلسطينية، لأن عدم الاستجابة يمكن أن يؤدي إلى الأسوأ.
تبقى نقطة لا بد من الإشارة إليها، وهي أن موقف خالد مشغل غير واضح من مبادرة الرئيس، حيث قال أكثر من مرة إن "حماس" مع أية مبادرة تنسجم مع "وثيقة الوفاق الوطني"، ولم يحدد إذا كانت مبادرة الرئيس تنسجم مع الوثيقة أم لا، وهذا الموقف حمّال أوجه.
حياتنا - حلف النكاح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
أعلن الرئيس الأميركي عملياً النفير العام لمواجهة داعش في الشرق والغرب مثلما أعلن الأميركيون قبل ذلك النفير العام لمواجهة القاعدة.. كان من عادة الرئيس الروسي بوتين أن يردد لزائريه من العرب والغربيين أن الجماعات الارهابية التي تستتر بالإسلام تأخذ ولا تعطي.. وكان الغرب يجزل العطاء والغذاء والسلاح والنساء الملاح على هذه الجماعات طالما أنها تقاتل النظام السوري.. ولكن هذه الجماعات سرعان ما انقلبت على داعميها وصارت تتصرف بعيداً عن الأهداف المخططة لها.. فظهور القاعدة في العراق كان لمواجهة الاحتلال الأميركي الذي احتضن دواعش من الميليشيات الشيعية في العراق ووجهها لقمع السنة لأن الأخيرين كانوا يقاومون الاحتلال.. ولعلنا نجد في مذكرات ضباط أميركيين اعترافات عن اطلاق يد القوات الأميركية ضد المدنيين السنة الأبرياء وقتلهم واغتصاب النساء والقاصرات دون مساءلة.. وبعد خروج الأميركيين مارس نظام المالكي السياسة نفسها وأطلق لعصاباته العنان لقتل واغتصاب النساء.. حتى ان حوالي أربعة آلاف امرأة من السنة خرجن حوامل من سجون المالكي.
ظهر الزرقاوي لمقاومة الأميركيين وميليشياتهم.. وظهرت في زمانه بدايات داعش في شمال غرب العراق.. ولجأت داعش إلى سوريا حيث حظيت بالمال والسلاح من كل حدب وصوب مثلها مثل كل قوى المعارضة التي تقاتل النظام السوري، ولهذا أستغرب كيف أن الغرب الذي دعم هذه القوى يعلن النفير العام الآن في وجه داعش وهو يعرف قادتها جيداً ويعرف كم وصلها من مال.. ويعرف كيف أنه زين لشبان غربيين وأميركيين الالتحاق بها ثم دفع بمجاهدات النكاح اليهم.
داعش والقاعدة والجماعات التكفيرية كلها حظيت بدعم غربي.. وامتداداتها في ليبيا ومصر ما زالت تحظى بذلك الدعم الغربي حتى الآن.. لكن عندما تخرج أي من الجماعات عن نواميس السياسة الغربية فإنها تصبح إرهابية ويجب الحشد وتشكيل أحلاف ضدها.. ولعل محاولة توسيع حلف مواجهة داعش ليشمل دولاً عربية هو في صلب الاستراتيجية الغربية أي ضرب العرب بالعرب، ولعل الكثيرين يجهلون أن أغلب تعاليم داعش هي من تعاليم سيد قطب وغيره من أقطاب الإسلام السياسي.. وليس الإسلام الديني.. فآفة المسلمين الآن أن جماعاتهم تأخذ الإسلام من غير منبعه بل من كتب واجتهادات بعيدة عن النص الديني. ورب سائل يسأل إذا كانت داعش تعد الملتحق بها بنكاح الجهاد وحور العين لاحقاً فما الذي تعد به واشنطن من يلتحق بحلفها لمقاتلة داعش! الجواب أنه سيكون منكوحاً إن قضى على داعش وإن قضت داعش عليه. فالناكح والمنكوح في النار.
مدارات - في هذه الحال
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ما زلنا في انتظار الجولة الثانية المكمّلة، في القاهرة، التي نعلم من خلال نتائجها ما الذي ربحناه من صمود المقاومين والناس، في الحرب التي شُنت على غزة. حتى الآن لا شيء سوى الدمار, والشتاء على الأبواب، والفلسطينيون في قطاع غزة يعانون على مستوى متطلباتهم البسيطة، في الإضاءة والاستحمام والتغوط. بات السؤال واجباً حول مدى استعداد القوى الفلسطينية للالتقاء على صيغة وفاقية حقيقية، تتأسس عليها سلطة مُهابة ومخولّة، تساعد على فتح الأبواب للإغاثة الكاملة وإعادة الإعمار ورفع الحصار. لم يعد أمامنا سوى الذهاب الى وفاق على مشتركات وقناعات واقعية. وفي حال فشلنا - لا سمح الله - فإن الكارثة التي حلت بقطاع غزة سوف تصبح جرحاً ملتهباً يتضاعف خطره وتزداد آلامه.
لا شيء في اليد حتى الآن، وبات الكل الفلسطيني في موضع الاختبار العسير. والعودة الى الحرب ليست حلاً ولا مخرجاً. مطلوب من القوى الفلسطينية تكثيف العمل السياسي على الصعيدين الوطني والخارجي، ووضع مقاربات جديدة. لقد علمتنا الحرب درساً خلاصته أن الفلسطينيين يقاتلون وحدهم، وأن الأطراف الإقليمية التي تتغنى بالمقاومة، لن تحرك ساكناً، وإن نطقت سياسياً في ظروف الحرب، فإنها تركز على القضايا الإنسانية وعلى الإغاثة لا على المدد ولا على الإسناد العسكري، وهذا من البديهيات.
ما تحتاجه غزة الآن، هو تغيير في وضعية السلطة التي نشأت أصلاً بموجب اتفاق، وليس في مقدور طرف أن يغير وظيفتها، وإن حاول طرف تغيير وظيفتها، فإن الخسارة الفادحة هي النتيجة في الحرب وفي السياسة. لقد جلبت محاولة تغيير طابع السلطة، المآسي لشعبنا، فانقسمت الكيانية الفلسطينية وأضعفت الورقة السياسية. إن حقنا في المقاومة، لا يختلف عليه اثنان، لكننا مضطرون لأن نحسب ونتهيأ لممارسة الشكل الملائم من المقاومة في كل مرحلة، وهذا واجب وطني وسياسي وأخلاقي، إن لم نؤده بمسؤولية عالية وبوعي عميق، يصبح التهور والتمكين لأجندات عاطفية هو البديل.
لكي نساعد غزة على تضميد جراحها، لا بد من إعادة الاعتبار للسلطة، ولبُنيتها الديمقراطية، ولخطابها السياسي الوطني. ولن يتأتي لنا هذا، دون حكومة وفاقية، ودون تغيير في مناهج العمل في الضفة وغزة، على النحو الذي يؤهلنا لمواجهة التحديات بقوة. لا مناص من إعادة بناء المؤسسات، ولا سيما مؤسسة الرقابة والتشريع، توخياً لحكم رشيد، تتسع فيه دائرة التشاور، بحيث لا ينفرد طرف بقرار ينسحب أثره سلباً أو إيجاباً على الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات.
مضطرون للإقلاع عن لغة الخصومة، لأنها جلابة بؤس وسبب في إبقاء آثار الكارثة على حالها. من لا يستطيع تغيير لغته وسلوكه ليس أمامه سوى أن يتنحى جانباً. وضعنا الفلسطيني لم يعد يحتمل الكيديات أو أجندات المحاور الإقليمية. فالمحاور كلها ستظل عاجزة عن العون في الإغاثة وإعادة الإعمار، إن لم يتدارك الفلسطينيون أمرهم ويحققوا وحدتهم. إن ما نلمسه حتى الآن، هو الفراغ والعدم، ولا شيء يواسي الناس في قطاع غزة ولن يكون ثمة ربح، إن ظللنا على هذه الحال.
ومضة - وقف إطلاق نار.. فلسطيني - فلسطيني!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
مع صبيحة كل يوم تنطلق قنوات الاحتلال الإخبارية في البحث عما يشتت شمل الفلسطينيين ويصطاد في مياههم العكرة ويفرق جمعهم ليتناول "صوت إسرائيل" بالأمس وعبر احد مراسليه حرب السجال القائم بين حركتي فتح وحماس متغنيا بذلك وقائلاً: ما أن وضعت الحرب أوزارها في غزة حتى نشبت حرب أخرى هذه المرة فلسطينية- فلسطينية بين حركتي فتح وحماس.
الإذاعة ذاتها تحدثت عن هذه الحرب بنوعٍ من التشفي معتبرة إياها ضمناً بأنها حرب هي الأفضل لأمن إسرائيل وبقاء احتلالها. شهادة احتلالية جديدة تحمل في طياتها تأكيداً دامغاً ومتجدداً لأهمية الانقسام الفلسطيني - الفلسطينيين من منطلق العقل الاحتلالي القائم على الفرقة والسواد.
حرب الفلسطيني على الفلسطيني هي الحد الفاصل ما بين القدرة على البناء على الحرب الأخيرة على غزة وما بين ضياع الكل الفلسطيني. ولعل التفكير ملياً بما لهذا الوضع من تأثير قاهر ومدمر على الهوية الفلسطينية أن يساعد العقلاء في الاستنتاج الفعلي بأن الذين قتلوا تحت نيران المحتل وإن استمر الانقسام لن يعود لدمهم قيمة ولا جدوى.
اليوم يوم الخلاص من المحتل واليوم يوم الاستقلال لكن هذا التوجه والهدف لا قيمة له في حال استمرار الانقسام قولاً وفعلاً بل أكاد أجزم بأن المنفلتين نحو تعزيز الشرخ أو تلويث المشهد الوحدوي لهم متساوقون من حيث يعلمون أو لا يعلمون مع الاحتلال. فإطلاق النار على الفلسطيني من بندقية فلسطينية وتعذيب البعض الفلسطيني بأيدٍ فلسطينية لهو قمة النكبة والنكسة وما بينهما من دمارٍ شامل.
وكم من مرة أحمد الله فيها على أن جيل الرعيل المؤسس للثورة الفلسطينية المعاصرة ليسوا أحياءً اليوم حتى لا يروا ويسمعوا عن مآل الحال الفلسطيني الفلسطيني. فلو أنهم علموا بأن حصيلة نضالهم ستأتي على هذا الحال لقرروا الرحيل عن الدنيا من جديد على أن يروا ما نعيشه اليوم.
فكيف لا يكون قتل الفلسطيني لأخيه فرصة نوعية للاحتلال؟ وكيف لا تكون معركة تصفية الحسابات بين الأشقاء فرصة ذهبية لإسرائيل حتى تستثمر فيها بالقول والفعل والتواطؤ؟
إعمار غزة أم لا إعمار؟ رفع الحصار عن القطاع أم عدمه؟ تحرير فلسطين أم لا تحرير؟ كلها ستبقى أمورٌ في مهب الريح مع استدامة الشرخ الفلسطيني الداخلي. لذا لن يكون من حق احد الاحتفاء بالانتصار أو أي نوعٍ من أنواع الادعاء بالانتصار.
لقد شارفت ريحنا على الذهاب وقارب إرثنا النضالي على النضوب وسيأتي يومٌ في ظل استدامة هذا الحال ليسأل أبناء الشهداء وأهليهم عن مغزى استشهاد آبائهم وأبنائهم! فإن لم يذهبوا فداءً للتحرير فلماذا قضوا؟ بأي حق وبأي ذنب؟
إن أبشع ما يعيشه المرء اليوم هو أن يكون شاهدا على مهزلة الانقسام واستمرارها وتبعاتها وحساباتها وشراكاتها الإقليمية والعالمية ومدارس الفكر الإقصائي ومشارب الإحلال لا الشراكة.
أما دم الشهداء خاصة من الأطفال والنساء والشيوخ لن يكون إلا محكمة مستديمة لكل المطبلين والمهللين لمعركة إطلاق النار على رأس النضال الفلسطيني وأرجله وروحه!
فهل نقرأ السلام على روحنا؟ أم نقرأ اليوم فاتحة الخلاص من المحتل؟ أم نتمنى أننا لم نكن لنعيش ولنشهد النكبة المتجددة التي وقودها الشعب الفلسطيني- دمه وماله وحتى عرضه؟!
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الثلاثاء 9/9/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
خرافة الوطن البديل التي تروج لها اسرائيل
بقلم: حديث القدس – القدس
أين حكومة الوفاق الوطني في مشروع اعمار قطاع غزة؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
في أبعاد تدخل غربي مرتقب
بقلم: محمود الريماوي – القدس
السلطة تعرج على الساقين !
بقلم: حسن البطل – الايام
مبادرة الرئيس ومحكمة الجنايات
بقلم: هاني المصري – الايام
حياتنا - حلف النكاح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
مدارات - في هذه الحال
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ومضة - وقف إطلاق نار.. فلسطيني - فلسطيني!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
خرافة الوطن البديل التي تروج لها اسرائيل
بقلم: حديث القدس – القدس
تناقلت وسائل اعلام ومصادر اسرائيلية كثيرة روايات عن اقتراح قدمه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى الرئيس ابو مازن خلال لقائهما الاخير في القاهرة، ويتعلق باعطاء جزء واسع من شبه جزيرة سيناء لتوسعة قطاع غزة واقامة الدولة الفلسطينية هناك. وقد نفى الرئيس السيسي ذلك شخصيا كما نفاه اكثر من مسوول فلسطيني كبير، إلا ان الرواية ما تزال تتكرر في بعض وسائل الاعلام وعبر مراكز التواصل الاجتماعي المختلفة.
ويروج لهذه القصة المزعومة فئتان الاولى تتعلق بالذين يعارضون الرئيس السيسي وما حدث في مصر ضد الاخوان المسلمين وذلك بقصد تشويه موقف مصر والاساءة اليها، وهي التي وقفت وتقف دائما مع القضية الوطنية والحقوق الفلسطينية.
الفئة الثانية هي اسرائيل نفسها التي تحاول ايهام الرأي العام بان هناك بديلا للوطن الذي نطالب به بالضفة وغزة حسب حدود 1967 وعاصمته القدس الشرقية، من ناحية، ولتعميق الانقسام الفلسطيني والايحاء بان غزة ستظل منفصلة عن الضفة الى الابد، خاصة على ضوء تصاعد الخلافات وتبادل الاتهامات بين فتح وحماس في هذه الايام وبعد العدوان المدمر على غزة وتباين وجهات النظر بحدة حول طرق اعادة الاعمار والجهة التي ستشرف على ذلك.
ان الموقف الشعبي والرسمي الفلسطيني واضح كل الوضوح وقد قدم شعبنا عبر عقود طويلة من الكفاح والنضال تضحيات جساما وآلاف الشهداء وملايين اللاجئين والمشردين من اجل حقوقه في وطنه واقامة دولته المستقلة، وهو لم ولن يرضى بديلا عن ذلك واية احاديث عن مثل هذه المقترحات ستظل خرافات تتردد بدون اية قيمة وبدون ان يعيرها شعبنا اي اهتمام.
وفي هذه المناسبة فان الذين ما يزالون يكررون الحديث او الترويج لهذه الحكايات مطالبون بان يكفوا عن ذلك.
الامية والفقر هما اساس
معظم مشاكل العرب والمسلمين
قالت المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة في بيانات صادمة وان كانت غير مفاجئة ان نسبة الامية في دول العالم الاسلامي بلغت حوالي 40٪ بين الذكور و65٪ بين الاناث، ولم يتمكن سوى عدد قليل من هذه الدول من خفض مستوى هذه الامية، ودعت الى تطوير سياسات واضحة ومدروسة في مجال محاربة هذه الآفة الت يتعيق بالتأكيد كل سبل التنمية والنهضة والتطور الاقتصادي.
والحديث عن الامية يعني القراءة والكتابة، لكن التطورات التكنولوجية والالكترونية الحديثة، تجعل حتى الذين يتقنون القراءة والكتابة مجرد اميين اذا لم يتمكنوا من التعامل مع وسائل العلم الحديثة بفهم وادراك واستخلاص النتائج والمعلومات والتي تزدحم وتتكاثر بسرعة رهيبة.
لقد قيل بصدق، اننا من التعليم نبدأ وبالتعليم نتطور ولدينا شواهد دولية معاصرة كثيرة لم تبدأ نهضة انسانية واقتصادية شاملة إلا من التعليم، لاننا بدون تقدم صناعي وزراعي وثقافي نكون مزرعة للفقر والجهل ونكون بالتالي غير قادرين على التطور وتحسين ظروف الحياة ورفع مستوى المعيشة، وتنتشر في ربوعنا كل اشكال التراجع والتخلف الاجتماعي ونكون بالتأكيد اداة سهلة بايدي الطامعين واصحاب الافكار المغرقة في التطرف والرجعية وكل ما هو يسير بنا الى الوراء...
لن ينهض اي شعب بدون علم وتعليم، والتعليم ليس مجرد الحفظ والقراءة والكتابة ولكنه القدرة على التفكير والابداع والانتاج والتطوير، وبدون ذلك سيظل العالم الاسلامي، ونحن جزء منه، يغرق في دوامة من الجهل والامية وهما اساس معظم المشاكل التي يواجهها.
أين حكومة الوفاق الوطني في مشروع اعمار قطاع غزة؟
بقلم: عقل أبو قرع – القدس
بعد حوالي اسبوعين من بدء وقف اطلاق النار، او بدء الهدنة طويلة الامد، لا يزال مشروع اعمار قطاع غزة يتراوح بين الاخذ والرد، او بين الشد والجذب، وما زال هذا المشروع يراوح في مكانه، في ظل الشروط والقيود من هذا الطرف او من ذاك، وفي ظل التعقيدات اللوجستية والسياسية، سواء اكانت لكيفية عقد ما بات يعرف " بالمؤتمر الدولي لاعمار غزة"، او في كيفية ايصال المساعدات، التي تعهدت او قررت بعض الدول او الاطراف ارسالها الى القطاع، وفي خضم ذلك، يدفع الثمن المواطن في غزة، والاقتصاد في غزة، من زراعة ومن صناعة ومن بناء ومن اشغال وما الى ذلك.
وفي ظل هذا الواقع، تتسابق جهات عديدة لتقدير حجم الاضرار التي لحقت بقطاع غزة، وبتنا نسمع ونقرأ هذه الايام عن دراسات وعن تقديرات لخسائر القطاع، تتراوح بين خمسة الى اكثر من ثمان مليار دولار، وبدأت جهات كثيرة، سواء اكانت جهات دولية او مؤسسات محلية، رسمية وغير رسمية، تتسابق لتقييم الاضرار ولتحديد الاولويات، ومن ثم العمل من اجل وضع خطط العمل لاعمار قطاع غزة، والهدف المعلن من ذلك، هو اعمار غزة ومساعدة الناس هناك، وفي ظل هذا اللغط والازدحام في الاصطفاف من اجل اخذ دور او حصة من مشروع اومن برنامج من عملية اعمار غزة، يدعو المنطق والواقع والفلسفة الادارية، الى وجوب جهة وحيدة فقط، تقود عملية الاعمار، وتنضوي تحت مظلتها الجهات الاخرى، وتعمل على تمحيص وتقييم وتحديد الاولويات، بعيدا عن التشتت وعن التبعثر وعن التكرار والتنافس، وبالتالي عدم اضاعة الوقت والاموال والطاقات، وهذه الجهة من المفترض ان تكون حكومة الوفاق الوطني؟
وحكومة الوفاق الوطني برئاسة الدكتور الحمدالله هي الجهة التنفيذية التي من المفترض ان تعمل وتخطط وتدير عملية البناء، سواء اكان ذلك في الضفة او في غزة، وأن تكون هي المظلة او الاطار الذي يقود المشروع الضخم لاعمار غزة، وبأن تقوم بالعمل لاحتضان، وبشكل مباشر تحت اشراف رئيس الوزراء لجنة وطنية، تضم المختصين والخبراء، سواء اكانوا من جهات رسمية او غير رسمية، وسواء اكانوا من الضفة او من غزة، بحيث تعمل هذه اللجنة، ومنذ الان، وبدون انتظار وصول الاموال او انعقاد المؤتمر الدولي، او حتى انتظار وضع السياسات والقيود الخاصة بالاعمار، بان تعمل على تحديد الاولويات، وتضع المعايير، وترسي الاسس التي تتعلق بكيفية تنفيذ المشاريع وفي مختلف المجالات، وبأن تحدد كذلك معايير الجهات التي من المفترض ان تقوم او تشارك او تساهم في الاعمار، وكل ذلك بناء على اسس موضوعية واقعية علمية، تأخذ المصلحة الفلسطينية، او بالادق مصلحة قطاع غزة والناس في غزة، كأولوية بعين الاعتبار.
وحكومة الوفاق الوطني، من المفترض ان تبادر وان تقود عملية الاعمار، بدءا من التخطيط ومن ثم التنفيذ وحتى عملية المتابعة والتقييم، وبأن تقوم بذلك رغم المخاطر التي سوف تواكبها، ورغم التعقيدات والتدخلات المتوقعة من هنا او من هناك، ورغم ما سوف يرافق ذلك من انتقادات او من شكوك، ولا شك ان برنامج ضخم للاغاثة ومن ثم للاعمار في قطاع غزة، لن يكن من السهل البدء ومن ثم الاستمرار به، ان لم يكن متوافق عليه، بأن يتم تحت مظلة او لجنة تعمل تحت ادارة الحكومة، وان لم يتم التوضيح للمانحين او للمتبرعين او للراغبين في مساعدة قطاع غزة، طبيعة الاسس والمعايير والاهداف، وبالاخص منذ البداية، اي منذ الان، فأن الخطورة تكمن بأن تعمل كل جهة مانحة او متبرعة، بناء على مصالحها او اهدافها او سياساتها، ومن ثم تقوم بتسيير اموالها وفق اجندتها، ومن خلال اطر او جهات او مؤسسات او جمعيات تختارها، وبالتالي يصبح مشروع الاعمار مبعثرا، ومشتتا وربما تكون مشاريع عديدة مكررة، وبدون استدامة او بدون فعالية او بدون الجودة المطلوبة، والاهم بأن لا تأخذ هذه الجهات مصلحة الناس وحاجاتهم كاولوية بعين الاعتبار.
ولكي تقود وتبادر وتعمل، فأنه من المفترض على حكومة الوفاق الوطني ان تكون على الارض، او في موقع الحدث، او في مكان الاعمار، وبأن تتلمس الاحتياجات والاولويات، ومن خلال اعلى وكل المستويات التي لها علاقة، وذلك لكي يلمس الناس والمانحين والمتابعين والمراقبين ذلك، ولكي يرى الناس من يمثلهم او من يعمل لصالحهم على الارض وبينهم، لان هناك فرق كبير بين ان تكون في موقع العمل وتواكب ما يتم، وبين أن تراقبة عن بعد او من خلال الصورة او من خلال الخبر، وبالتالي من المتوقع ان تكون كل المستويات والتي لها علاقة بأعمار غزة، في غزة، وربما من المتوقع ان تكون هناك عقبات او منغصات ومن اطراف عدة، سواء للوصول او للبقاء او لمتابعة العمل هناك، ولكن الاخلاص في العمل والعمل من اجل تحديد الاولويات لصالح الناس، هو الذي سوف يوفر المظلة وبالتالي الاحتضان والدعم من الناس ومن الجهات التي سوف تشارك او تساهم في اعمار ما تم تدميره وهدمه اواجتثاثه في قطاع غزة؟
وبالاضافة الى الاغاثة السريعة من طعام ومسكن وامان، فأن هناك اولويات كثيرة تحتاجها غزة، وحسب التقارير الدولية هذه الايام، فأن قطاع غزة، يعاني من ازمات في مجالات المياه والطاقة، وحسب هذه التقارير فأن الناس لا يستطيعون الحصول على المياه النظيفة او المياة الصالحة، ومعروف ان معظم مصادر المياة في قطاع غزة هي مصادر مياه جوفية، وبالتالي فأن الاستثمار في ايجاد مصادر اخرى اضافية للمياه، مصادر صديقة للبيئة، وكذلك الاستثمار في تكنولوجيا ومشاريع لمعالجة الكميات الضخمة من المياه العادمة، وكذلك في مشاريع تحد من وصول الملوثات الى المياة الجوفية، هذا الاستثمار في قطاع المياه من المفترض ان يكون من ضمن اولويات حكومة الوفاق الوطني، التي تضع خطط الاعمار والبناء في قطاع غزة.
وبالاضافة الى المدارس والكليات والمباني التي تم تدميرها خلال العدوان، فأن هناك قطاعات انتاجية قد تضررت، حيث المصانع وقطاع الزراعة التي تم تخريبة، حيث نعرف ان الزراعة هي عنصر أساسي للاقتصاد الفلسطيني، وبالاخص في غزة في ظل الحصار والقيود، والاستثمار او اعمار القطاع الزراعي سوف يكفل تحقيق نوع من الامن الغذائي الذين في امس الحاجة الية والاستغناء ولحد ما عن الاستيراد، ويؤدي كذلك الى المحافظة على الارض، ويعمل على تحقيق انتاج مستدام وباسعار معقولة للخضروات والفواكه و اللحوم وغيرهما، وبالتالي التحكم بسلامة وجودة المواد الغذائية.
ومعروف ان العيادات والمشافي ومراكز الرعاية الصحية المختلفة لم تسلم من التدمير والخراب خلال العدوان على غزة، والرعاية الصحية، وبالتحديد الاولية منها، التي هي اساسية الى المواطن في غزة وفي غيرها، الذي يحتاج الى العيادة والى الاجهزة للفحوصات، والى الدواء الفعال، وبالتالي فأن الاستثمار المستدام وبالاخص في توفير الرعاية الصحية الاساسية للناس في غزة من المفترض ان يكون من ضمن خطط واولويات مشاريع الاعمار في غزة.
ومن ضمن اولويات الاعمار في غزة، من المتوقع ان يكون قطاع الطاقة، حيث معروف ان غزة ما زالت تشتري الكهرباء او المواد اللازمة لانتاج الكهرباء، من مناطق او من دول اخرى، حيث انها لا تتحكم في عوامل توفرها، او شروط توزيعها، او في اولويات الحصول عليها، او حتى في اسعارها او في مستوى جودتها، والاستثمار في الطاقة وبشكل مستدام يعني التوجة نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الغاز والرياح والطاقة الشمسية كأحد القطاعات المنتجة للطاقة وللكهرباء، ومن فوائد قطاع غزة، انها تحصل على الشمس وبالتالي على الطاقة الناتجة عنها، بشكل مجاني، ولفترة طويلة خلال السنة، وهي البديل للطاقة الحالية، التي تعتمد على السولار وعلى النفط ومشتقاته، والتي في العادة تتناقص ومن ثم تنضب مع الزمن، وبالتالي اصبحت استراتيجيات التنمية لعدد كبير من الدول تعمل وبشكل متواصل للتركيز على هذا المجال.
ولكي تدير حكومة الوفاق الوطني اعمار غزة بنجاح وبكفاءة، فانها يجب ان تتبنى وبشكل علمي فلسفة او اسس عملية "المتابعة" للمشاريع المنوي تنفيذها، والتي تعني متابعة ما يتم انجازة على ارض الواقع، مقارنة مع ما من المفترض تحقيقة خلال مدة زمنية محددة، وبالتالي تحديد اذا كان هناك عقبات او مشاكل وما سبل حلها، واعلام ادارة الجهات المنفذة والمانحة بذلك، وبناء علة يتم نقاش امكانية تغيير اسلوب او اتجاهات العمل، او اعادة دراسة افضل وسائل لاستخدام المصادر، والمتابعة تتطلب ملاحظة جودة المعلومات من حيث دقتها، وتوقيتها، وما ينقصها، والمتابعة تعني التواصل مع الجهات المنفذة من خلال تبيان الخلل او النواقص ومقترحات التطوير او التصحيح.
ولكي يتم التأكد بأن ما يتم تنفيذه قد ادى او سوف يؤدي الى الهدف منه، فأن يجب الاعتماد على عملية التقييم كجزء اساسي من عملية الاعمار في غزة، وبالاخص الى تحديد اذا ما كان هناك اثر او اثار لما يتم القيام بة، وبالاخص في المدى المتوسط والمدى البعيد، والتقييم للمشروع يتم في العادة في منتصف المشروع او بعد الانتهاء منه ، وفي العادة يتم التقييم من خلال مقابلات مع افراد او جماعات او من خلال استمارات او زيارات للموقع، وبالطبع من خلال مراجعة التقارير الدورية والبيانات والمعلومات التي تراكمت خلال مدة المشروع، ومن المفترض ان يتم التركيز من خلال تقييم مشاريع الاعمار في غزة على معايير من اهمها الاستدامة، والفعالية والجودة ومستوى التكاليف ومدى تحقيق الاهداف المحددة بالسقف الزمني.
ولكي تنجح حكومة الوفاق الوطني في التخطيط ومن ثم في ادارة وانجاز مشروع اعمار غزة، فأنها من المفترض ان تبادر الان ومن خلال التواجد في موقع الاحداث، وبأن تظهر لكل من سوف يكون له علاقة باعمار غزة، انها المظلة الوحيدة للاعمار، وبالتالي تمنع بأن تكون المشاريع عشوائية او مكررة من جهات عدة، او بأن يتم تنفيذها من جهات عدة وتحت اسماء مختلفة، وبدعم من جهات مختلفة، وبأن يكون هتاك تنافس بين هذه الجهات، فقط من اجل التنافس، وليس من اجل المصلحة الحقيقية لاهالي غزة؟
في أبعاد تدخل غربي مرتقب
بقلم: محمود الريماوي – القدس
أسفر اجتماع دول الناتو الثماني والعشرين في ويلز/بريطانيا الجمعة الماضية عن توجه واضح ومعلن عبّر عنه الرئيس الامريكي أوباما لمواجهة تنظيم داعش عسكرياً، إضافة إلى تجفيف الموارد المالية للتنظيم، وبذل الجهود الدبلوماسية . الرئيس الأمريكي وصف التنظيم بأنه "خطر على الغرب" . ومع ان خطورة هذا التنظيم تتعدى مناطق معينة في العالم، إلا ان الحديث كان موجهاً أساساً إلى دول الغرب وشعوبها وفي اجتماع عالي المستوى ضم كبار قادتها.
تدخل الناتو على نطاق واسع لن يكون وشيكاً ولكنه قريب، فحسب توضيحات أوباما في القمة الأطلسية فإن إقرار هذا التوجه ينتظر الالتئام السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وعلى الأغلب، من أجل استصدار موقف أممي يدين التنظيم ويدعو لمواجهته ويشرّع هذه المواجهة، كما ينتظر التدخل مزيداً من المشاورات مع دول عربية . فيما تتواصل الغارات الأمربكية منذ الثامن من آب الماضي ضد مواقع وتحركات لداعش في العراق . وكانت دول غربية منها بريطانيا وفرنسا قد أعربت على لسان مسؤوليها عن استعدادها للمشاركة في أي جهد عسكري ضد هذا التنظيم "الذي يتوسع في الشرق الأوسط" .
عودة الناتو إلى نشاطه في المنطقة العربية، تأتي في غمرة تحولات شهدتها هذه المنطقة خلال السنوات الأربع الماضية تتمثل في استشراء العنف المنفلت من كل عقال، والذي يهدد أساساً شعوباً عربية قبل تهديده للغرب كما يهدد سواد المسلمين وغيرهم الذين لا يرتضون مماشاة هذه الموجة من العنف المقترن بإثارة النعرات الدينية والطائفية . ولئن كانت هذه الموجة غريبة عن البيئة العربية، فإن مواجهة تتم بينها وبين قوة غير عربية، ولو على أراضٍ عربية، لا تثير أي قلق إن لم تحمل على الاستحسان، وعلى قاعدة أن درء المفاسد أولى من جلب المنافع .
التدخل الغربي المرتقب في منطقتنا لن يكون الأول من نوعه، وكان من أوضح حلقاته الحرب التي أدت لاستعادة الكويت من قوات صدام حسين، وبمشاركة أطراف عربية، وكذلك التدخل لوقف المجازر التي ارتكبها، والتي كان يستعد معمر القذافي لارتكاب المزيد منها ضد شعبه . ومن المفارقة ان تتجدد النداءات من مسؤولين ليبيين في الآونة الأخيرة لتدخل دولي يضع حداً لحكم الميليشيات في هذا البلد . وهو ما أبدى مسؤولون غربيون تردداً وصل حد الممانعة حياله مع التعويل على دور قد تؤديه دول الجوار كونها تتأثر مباشرة بتدهور الوضع الليبي .
في هذه الأثناء صرّح ناطقون أمريكيون بأن واشنطن لن تنسق مع دمشق، أو مع طهران بخصوص حملة عسكرية مرتقبة، تشمل مناطق في العراق ابتداء، ومرشحة للتمدد باتجاه الأجواء السورية، وهو ما عبّرت عنه بخصوص إيران المتحدثة بلسان الخارجية الأمريكية ماري هارف الجمعة الماضية . ولعل الغرض من ذلك هو تفادي خلط الأوراق السياسية والعسكرية في المنطقة، وأن لا تؤدي مثل هذه الحملة إلى تعزيز مواقع طرف إقليمي في المنطقة لا يكتم نزعته التدخلية، التي تسهم في إدامة النزاعات والتوترات الداخلية في غير بلد عربي .
من الواضح الآن، وفي هذا الظرف بالذات ( ظرف توسع داعش واستشراء خطره) أن أية معارضة لتدخل محتمل لن تلقى أذناً صاغية، ولن تثير تجاوباً يُذكر، ذلك أن البديل لهذا التدخل الواسع هو استمرار هذا الخطر، بما يحمله من محاذير تفوق الوصف وتهدد المجتمعات في صميم امنها وسلامها ونسيجها المستقر. وكان الأمل أن تتمكن دولنا ومجتمعاتنا من تطويق هذا الخطر ووضع حد له في بواكيره، غير أن التشرذم الذي أصاب النسيج الاجتماعي والوطني ووقوع الانشطارات التي باتت معروفة، وضعف التمثيل السياسي للحكومات، قد أدى إلى ضعف المناعة الداخلية التي أفاد منها هذا التنظيم وجماعات أخرى متشددة..
أمام هذا التطور المرتقب لحملة عسكرية غير مقترنة على الأرجح بقوات برية على الأرض، فإن أفضل مشاركة عربية في التصدي لداعش تتمثل في مغادرة التطرف ومناوأته مناوأة فعلية وذلك من أجل وضع حد للبيئة المولدة للعنف . التقارير الواردة من العراق تشير إلى توجه نحو تشكيل حكومة ائتلافية موسعة، واختيار قيادات لوزارة الدفاع ذات اهلية مهنية ومناقبية وطنية وتحظى بتوافق داخلي، وهو ما يجعل من التصدي لداعش مهمة وطنية بالفعل، تصب في مصلحة العراقيين جميعاً، وتسهم في بناء الدولة وتعزيز الوحدة الوطنية، وليس مثلاً في تقوية ميليشيات منغمسة في الصراعات الأهلية، اياً كانت هذه الميليشيات والتي طالما حظيت بدعم داخلي وخارجي .
شيء من ذلك يتمناه المرء لسوريا، لكن المعادلات الصفرية القصوى ما زالت تحكم الصراع في هذا البلد . بما يجعل من التصدي لداعش علاجاً لحلقة ثقيلة من سلسلة حلقات، وهو أمر ليس سيئاً بحد ذاته .
وفي جميع الأحوال فإن الأهوال التي تفوق التصور (رغم وقوعها بالفعل!) والتي شهدتها دول ومجتمعات عربية على مدى السنوات الثلاث الأخيرة على أيدي قوى محلية ، تظل أكبر بكثير وأشد وطأة بما لا يقاس، من أية أضرار جانبية لأي تدخل خارجي كالتدخل الغربي المرتقب، وهو ما يجعل من هذا الإجراء أهون الشرّين، إن لم يكن "الشر الذي لا بد منه" .
السلطة تعرج على الساقين !
بقلم: حسن البطل – الايام
كيف نلخص الوضع الراهن الفلسطيني؟ ربما يجب، أولاً، أن نجد خيط الوفاق من نسيج التنسيق. بمعنى، وفاق سياسي سلطوي ـ حمساوي بلا تنسيق؛ وتنسيق سلطوي ـ إسرائيلي بلا وفاق سياسي.
في المحصلة، الوضع السياسي الراهن الفلسطيني يعرج على الساقين معاً، وعلينا بهذه الحال أن نذهب إلى خطة المراحل السلطوية الثلاث:
أولاً، باتجاه أميركا عساها توافق على وضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال؛ وأن تقنع ـ إسرائيل بالتفاوض حول هذا، فإن لم تستطع، يكفينا أن ترفع أميركا مظلة "الفيتو" في مجلس الأمن عن هذا الطلب، أو نذهب، ثالثاً، الى مسعى رفع عضوية دولة فلسطين في جميع المواثيق والاتفاقات والمنظمات الدولية.
طبعاً، وخلال شهر، يجب أن نجد خيط الوفاق مع "حماس" من نسيج تنسيق الخطوات الثلاث السلطوية.. وإلاّ، ستذهب السلطة عرجاء لأن شرعيتها السياسية، دولياً وعربياً، على غير وفاق مع الشرعية الشعبية لحركة "حماس" كما يقول استطلاع رأي أُجري وقت حرب الـ 50 يوماً.
السلطة هي ابنة المنظمة أو أداتها التنفيذية، وهي بالنسبة لشعبها، كما في اتفاق أوسلو وقبله الممثلة الشرعية. لكن بعد الانقسام لم تعد السلطة الفعلية على جزء من أرضها وشعبها.
بوضعه خطة التحرك الثلاثية، يكون رئيس السلطة قد وافق على أن مفاوضات العشرين سنة كانت عبثية، علماً أن "مفاوضات" المنظمة مع حركة "حماس" لدخولها تحت مظلة المنظمة كانت سبّاقة على أوسلو وتأسيس السلطة وبعدها، وجرت أولى الجولات في صنعاء، حيث طالبت "حماس" بحصة مقدارها 40% من المنظمة.. ورفض عرفات!
بالفعل، وبعد انتخابات 2006، أحرزت "حماس" أكثر من 70% من مقاعد البرلمان الثاني، وكانت قد امتنعت عن المشاركة، مع فصائل أخرى، في البرلمان الأول، بحجة أنه يجري وفق قيود وقواعد أوسلوية.
الآن، تريد السلطة من خطتها الثلاثية أن تعزل سياسة إسرائيل دولياً عن سياسة استمرار الاحتلال، وأن لا تبقى حركة "حماس" معزولة عن المنظمة والسلطة وحكومتها دولياً وعربياً. المشكلة أن مطالب "حماس" من السلطة لمتابعة الوفاق تهدّد السلطة بعزلة دولية، وبخاصة مالية إن وافقت على دفع رواتب "حكومة الظل" الحمساوية في غزة، وضمنها رواتب لحوالي 20 ألف مقاتل في حركة "حماس". الحلالون يبحثون عن حلّ.
"حكومة الظل" لا توجد في دول العالم بهذه الصفة إلاّ في بريطانيا، حيث يشكل الحزب المعارض ما يشبه "حكومة ظل".. لكن، في الحالة الفلسطينية يمكن القول "حكومة الأمر الواقع".
حكومة الأمر الواقع تستقوي بمقاومة وصمود تراه نصراً مبيناً، وتقول لو أن الضفة تقاوم الاحتلال بمقدار نصف مقاومة غزة.. لكانت إسرائيل قد "انتهت"؟
هذا مجرد خلط وادعاء لسببين: الضفة بالنسبة لإسرائيل، كما لدولة فلسطين، غير غزة بالنسبة لإسرائيل. وثانياً، ألحقت الضفة خسائر بشرية بالإسرائيليين خلال الانتفاضة الثانية، بما يفوق خسائر إسرائيل في غزة.
لا يمكن أن يكون "وفاق" ترى فيه "حماس" مقاومة مسلحة، بينما على السلطة أن تتولى أمر إعادة إعمار غزة بعد كل حرب. قرار الحرب يجب أن يكون وطنياً: سلطة واحدة.
مع ذلك، فإن "حماس" تتعامل مع "النصر" كأنه نصرها أولاً وأخيراً، بل وتفاخر على لسان الزهار أحد قادتها أن خسائر مقاتليها أقل من خسائر الجيش الإسرائيلي (حوالي 50 شهيداً) علماً أن حركة "الجهاد الإسلامي" خسرت باعترافها 121 شهيداً، بينما فقدت "فتح" 861 شهيداً.. والمجموع يقترب من الادعاء الإسرائيلي بـ 850 ـ 1000 من عناصر المقاومة. الأهم خسائر المدنيين وبالذات الأطفال.
في الأخبار الإسرائيلية أن "حماس" عاودت ترميم ما أمكن من الأنفاق، بما يسوّغ لإسرائيل التشدّد في إدخال مواد البناء، وبالتالي فإن المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة قد لا يُعقد في موعده، فإن عقد فإن الخطط تبقى على الورق، علماً أن ما دمرته حرب 2009 في غزة لم يتم ترميمه بالكامل حتى الآن.
كيف تملك "حماس" مصادر مالية كافية للتسليح والحرب، ولا تستطيع سوى أن تحمّل ميزانية السلطة رواتب جيش موظفيها المدنيين والعسكريين.
بوفد موحد، وبرئاسة فتحاوية، فاوض الفلسطينيون على وقف إطلاق النار.. لكن هل سيفاوضون بوفد موحد وهم مختلفون على عمل حكومة الوفاق.
يبدو أن اسرائيل لا تريد إنهاء الاحتلال، و"حماس" لا تريد حكومة واحدة فعلية لشطري الدولة الفلسطينية.. والعالم لا يريد المساهمة في إعمار غزة دون إشراف السلطة على ذلك.
المسألة تتعدّى الخلاف على الميناء والمطار، لأن إنجازهما يتطلب سنوات، بينما تستطيع إسرائيل تدميرهما في يوم، إذا لم يكن هناك اتفاق، أو كانت الحرب الثالثة مجرد جولة كما تقول "حماس".
مبادرة الرئيس ومحكمة الجنايات
بقلم: هاني المصري – الايام
في أواخر تمّوز الماضي، قام صائب عريقات بدعم ومباركة الرئيس بتقديم رسالة تطالب بالانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة، وطلب أن يوقّع عليها جميع أعضاء اللجنتين المركزيّة لحركة فتح والتنفيذيّة للمنظمة والأمناء العامّون للفصائل حتى يتحمّل الجميع المسؤوليّة عن الانضمام وتداعياته.
وبالفعل حمل عريقات الرسالة الموقع عليها إلى خالد مشعل، وطالبه بالتوقيع عليها، وطلب الأخير مهلة للتشاور، وبعد تردد أكثر من أسبوعين وميل للرفض في البداية؛ حسمت "حماس" أمرها ووقع موسى أبو مرزوق باسم "حماس".
كان من المتوقع بعد موافقة "حماس" أن يوقع الرئيس رسالة الانضمام - كما التزم - بعد عشرة أيام على وقف العدوان، وبدلاً من ذلك تحدث الرئيس أنه لا يعترف بتوقيع أبو مرزوق ويريد توقيع خالد مشعل لأنه صاحب القرار، وبالرغم من تصريح مشعل أكثر من مرة بأنه يؤيد ويدعو إلى هذه الخطوة لم يقم بها أبو مازن، فيما اعتبر رسالة بأنه أجّل الانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة إلى إشعار آخر.
سبب انتظار أبو مازن هو المفاجأة التي تحدث عنها، وتمخّضت عن مبادرة سياسيّة تقوم على عدة مراحل، تبدأ بالرهان مجددًا على الإدارة الأميركيّة من خلال مطالبتها بالدعوة إلى مفاوضات ثنائيّة تستمر تسعة أشهر على أساس مرجعيّة إقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود 67 مع تبادل أراضٍ ضمن جدول زمني، وعلى أساس قيام إسرائيل بتجميد الاستيطان وإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى.
ويأتي الرهان على الإدارة الأميركية بالرغم من الحصاد المرّ له خلال عشرات السنين، لأن الموقف الأميركي معروف بانحيازه لإسرائيل، وعندما تختلف الإدارة الأميركية مع الحكومة الإسرائيلية حول بعض النقاط والتكتيكات فإنه يكون خلافًا بين حلفاء تربطهم علاقات عضويّة إستراتيجيّة يشبه الخلاف الدائر داخل الحكومة الإسرائيليّة نفسها.
إن مفتاح تفسير الانتظار يعود أيضًا إلى الخشية من المجابهة التي يمكن أن تؤدي إليها خطوة الانضمام إلى محكمة الجنايات الدوليّة، التي تبدأ أهميتها من كونها تشكل إغلاقًا لمسار المفاوضات الثنائيّة، وتدشينًا لمسار جديد يشمل السعي لتجميع أوراق القوة والضغط على اختلاف أنواعها، بما فيها فتح الطريق لمعاقبة إسرائيل على جرائمها السابقة، واللاحقة، والمستمرة، مثل جرائم الاستيطان والتهجير والإبعاد.
بالرجوع إلى المواد (11) و(12) من نظام روما، المؤسس لمحكمة الجنايات، فإن المحكمة لا تختص بالنظر في الجرائم التي ارتكبت قبل تاريخ نفاذ نظام روما، أي قبل تاريخ 1 تموز 2002، وفي حال انضمت دولة معينة إلى نظام روما فإن اختصاص المحكمة لا يمارس إلا على الجرائم التي ارتكبت بعد انضمام تلك الدولة للميثاق، إلا إذا أعلنت الدولة المنضمة قبول اختصاص المحكمة الجنائيّة على إقليمها قبل تاريخ انضمامها، ولكن بجميع الأحوال لا يمكن أن توسع المحكمة اختصاصها إلى ما قبل 1 تموز 2002، وبالتالي ما ارتكب من جرائم معاقب عليها دوليًا قبل العام 2002 لا تختص المحكمة الجنائيّة الدوليّة بنظرها، ونذكر هنا أن الاختصاص الشخصي للمحكمة يمارس تبعًا لجنسيّة المتهم وليس جنسيّة الضحيّة، أي يمارس الاختصاص الشخصي على الأشخاص المتهمين من رعايا الدول الأعضاء فقط.
النتيجة الوحيدة المضمونة للمبادرة الفلسطينيّة إذا لم ترتبط بمقاربة شاملة جديدة تسلّح المفاوض الفلسطيني بأنياب؛ هي إضاعة وقت ثمين ومنع توظيفه في سياق البناء على ما حققه الفلسطينيون بعد العدوان من عودة القضيّة إلى الصدارة، وتحقيق احتضان شعبي غير مسبوق للمقاومة، وإظهار حدود القوة الإسرائيلية رغم تفوقها والاختلال الفادح في ميزان القوى لصالحها، وتحقق درجة لا بأس بها من الوحدة السياسيّة، تجلت من خلال تشكيل وفد مشترك يتبنى مطالب المقاومة.
وبدلاً من ذلك وما يتطلبه من إعطاء الأولويّة لتجسيد وحدة وطنيّة حقيقيّة على أساس شراكة كاملة وبلورة إستراتيجيات جديدة، بدأنا نشهد تحركًا متسارعًا فئويًا يهدد إذا استمر بالعودة إلى مربع الانقسام المدمر.
كان ولا يزال ممكنًا الشروع في حوار وطني شامل، من خلال تفعيل الإطار القيادي المؤقت للمنظمة للاتفاق على القواسم المشتركة، وإيجاد قيادة وسلطة واحدة تحكم في الضفة والقطاع، وتنظيم إدارة الخلافات، والعمل المشترك لرفع الحصار والإغاثة وإعادة الإعمار، وإطلاق سراح الأسرى، وتنظيم المقاومة بكل أشكالها وفقًا للظروف المناسبة لكل تجمع فلسطيني، والتركيز على المقاطعة الشاملة لإسرائيل، وملاحقتها على جرائمها من خلال الإسراع في الانضمام إلى المؤسسات الدوليّة، بما فيها وأولها محكمة الجنايات الدوليّة، وبعد ذلك يمكن التحرك عربيًا وإقليميًا ودوليًا، والفلسطينيون سيكونون حينها في موقف أقوى بكثير، وبعد أن نصل إلى مرحلة يصبح فيها الاحتلال مكلفا لإسرائيل ومن يدعمها، وفي ضوء تبلور حركة تضامن عربي ودولي واسعة مع القضية الفلسطينية، يتم بعدها التوجه إلى الإدارة الأميركيّة ومجلس الأمن ومطالبتهما بتحمل مسوؤلياتهما، اللذين إن لم يقوما بها سيتم تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
إن عدم الجرأة على الانضمام إلى محكمة الجنايات، ووقف التنسيق الأمني، وإعادة النظر في دور السلطة وشكلها ووظائفها والتزاماتها، ووضع الثقل اللازم لدعم المقاومة والمقاطعة، وإنجاز وحدة وطنيّة حقيقيّة؛ يعود إلى الضغوط والتهديدات الأميركيّة والإسرائيليّة بممارسة عقوبات سياسيّة وماليّة وغيرها، ما يمكن أن يؤدي إلى انهيار السلطة وفقدان أفراد وشرائح لنفوذها ومصالحها، متذرعة برواتب الموظفين التي يمكن إيجاد بدائل لدفعها من مصادر فلسطينيّة وعربيّة ودوليّة إذا اعتمدوا على مقاربة جديدة تكسر قيود أوسلو.
من يريد الحريّة عليه أن يستعد لدفع ثمنها، ومن يريد التوجه إلى خيار آخر بعد فشل مبادرة الرئيس عليه أن يستعين بالوحدة، التي من دونها لا يمكن الانتصار، فلا شيء أسوأ من الاستمرار بالأمر الواقع الذي عنوانه الأبرز التكيف مع الاحتلال والسعي لتحسين شروط الحياة تحت الاحتلال والانقسام.
هذا الواقع الذي أضاع القضيّة والأرض والروح والوحدة، وحوّل السلطة إلى وكيل أمني للاحتلال وليس كما أرادها ياسر عرفات خطوة وأداة على طريق التخلص من الاحتلال، وهذا ثمن أكبر من الثمن الذي يمكن دفعه إذا سار الفلسطينيون في طريق العزة والكرامة .. طريق الانتصار.
إذا كان الرئيس عازما على التوجه إلى محكمة الجنايات ووقف التنسيق الأمني وتسليم مفاتيح السلطة إلى إسرائيل، إذا لم تتجاوب الولايات المتحدة الأميركيّة مع مبادرته واستخدمت حق الفيتو ضده في مجلس الأمن – كما أعلن بعظمة لسانه؛ فلماذا لا يبدأ بترتيب البيت الفلسطيني من خلال إيجاد وحدة وطنيّة حقيقيّة قادرة على مواجهة المعارك القادمة، لأن الرفض الأميركي والإسرائيلي لمبادرته حدث، وعبّر عن نفسه من خلال رفضها علنًا وسرًا من قبل جون كيري ومندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة.
إن الذهاب إلى البيت الأبيض، ثم إلى مجلس الأمن والفلسطينيون ضعفاء ومنقسمون؛ يمثل إضاعة للوقت وتكرارًا لما حدث في العام 2011، حين ضاع العام كله في تقديم الطلب إلى مجلس الأمن - بالرغم من توصية مخالفة من معظم الخبراء والسياسيين الذين دعوا إلى التوجه للجمعية العامة أولاً - للحصول على عضويّة كاملة للدولة الفلسطينيّة، لأن الجميع يعرف أن الفيتو الأميركي يقف له بالمرصاد، وبلغ الوضع من السوء إلى حد لم نتمكن فيه من الحصول على الأصوات التسعة المطلوبة في مجلس الأمن للتصويت.
لقد صُوِّرَ الذهاب إلى مجلس الأمن حينها بوصفه ذروة المجابهة مع الإدارة الأميركية، في حين أنه كان فعليًّا تجنبًا للمجابهة وتأجيلاً لها لمدة عام على الأقل.
كان ولا يزال من الأفضل أن نبدأ بالمواقع وبالمؤسسات والدول الصديقة لمراكمة القوة والضغوط، ثمّ الذهاب إلى مجلس الأمن والبيت الأبيض، اللذين سيضطران إلى الاستجابة للحقوق الفلسطينية، لأن عدم الاستجابة يمكن أن يؤدي إلى الأسوأ.
تبقى نقطة لا بد من الإشارة إليها، وهي أن موقف خالد مشغل غير واضح من مبادرة الرئيس، حيث قال أكثر من مرة إن "حماس" مع أية مبادرة تنسجم مع "وثيقة الوفاق الوطني"، ولم يحدد إذا كانت مبادرة الرئيس تنسجم مع الوثيقة أم لا، وهذا الموقف حمّال أوجه.
حياتنا - حلف النكاح
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
أعلن الرئيس الأميركي عملياً النفير العام لمواجهة داعش في الشرق والغرب مثلما أعلن الأميركيون قبل ذلك النفير العام لمواجهة القاعدة.. كان من عادة الرئيس الروسي بوتين أن يردد لزائريه من العرب والغربيين أن الجماعات الارهابية التي تستتر بالإسلام تأخذ ولا تعطي.. وكان الغرب يجزل العطاء والغذاء والسلاح والنساء الملاح على هذه الجماعات طالما أنها تقاتل النظام السوري.. ولكن هذه الجماعات سرعان ما انقلبت على داعميها وصارت تتصرف بعيداً عن الأهداف المخططة لها.. فظهور القاعدة في العراق كان لمواجهة الاحتلال الأميركي الذي احتضن دواعش من الميليشيات الشيعية في العراق ووجهها لقمع السنة لأن الأخيرين كانوا يقاومون الاحتلال.. ولعلنا نجد في مذكرات ضباط أميركيين اعترافات عن اطلاق يد القوات الأميركية ضد المدنيين السنة الأبرياء وقتلهم واغتصاب النساء والقاصرات دون مساءلة.. وبعد خروج الأميركيين مارس نظام المالكي السياسة نفسها وأطلق لعصاباته العنان لقتل واغتصاب النساء.. حتى ان حوالي أربعة آلاف امرأة من السنة خرجن حوامل من سجون المالكي.
ظهر الزرقاوي لمقاومة الأميركيين وميليشياتهم.. وظهرت في زمانه بدايات داعش في شمال غرب العراق.. ولجأت داعش إلى سوريا حيث حظيت بالمال والسلاح من كل حدب وصوب مثلها مثل كل قوى المعارضة التي تقاتل النظام السوري، ولهذا أستغرب كيف أن الغرب الذي دعم هذه القوى يعلن النفير العام الآن في وجه داعش وهو يعرف قادتها جيداً ويعرف كم وصلها من مال.. ويعرف كيف أنه زين لشبان غربيين وأميركيين الالتحاق بها ثم دفع بمجاهدات النكاح اليهم.
داعش والقاعدة والجماعات التكفيرية كلها حظيت بدعم غربي.. وامتداداتها في ليبيا ومصر ما زالت تحظى بذلك الدعم الغربي حتى الآن.. لكن عندما تخرج أي من الجماعات عن نواميس السياسة الغربية فإنها تصبح إرهابية ويجب الحشد وتشكيل أحلاف ضدها.. ولعل محاولة توسيع حلف مواجهة داعش ليشمل دولاً عربية هو في صلب الاستراتيجية الغربية أي ضرب العرب بالعرب، ولعل الكثيرين يجهلون أن أغلب تعاليم داعش هي من تعاليم سيد قطب وغيره من أقطاب الإسلام السياسي.. وليس الإسلام الديني.. فآفة المسلمين الآن أن جماعاتهم تأخذ الإسلام من غير منبعه بل من كتب واجتهادات بعيدة عن النص الديني. ورب سائل يسأل إذا كانت داعش تعد الملتحق بها بنكاح الجهاد وحور العين لاحقاً فما الذي تعد به واشنطن من يلتحق بحلفها لمقاتلة داعش! الجواب أنه سيكون منكوحاً إن قضى على داعش وإن قضت داعش عليه. فالناكح والمنكوح في النار.
مدارات - في هذه الحال
بقلم: عدلي صادق – الحياة
ما زلنا في انتظار الجولة الثانية المكمّلة، في القاهرة، التي نعلم من خلال نتائجها ما الذي ربحناه من صمود المقاومين والناس، في الحرب التي شُنت على غزة. حتى الآن لا شيء سوى الدمار, والشتاء على الأبواب، والفلسطينيون في قطاع غزة يعانون على مستوى متطلباتهم البسيطة، في الإضاءة والاستحمام والتغوط. بات السؤال واجباً حول مدى استعداد القوى الفلسطينية للالتقاء على صيغة وفاقية حقيقية، تتأسس عليها سلطة مُهابة ومخولّة، تساعد على فتح الأبواب للإغاثة الكاملة وإعادة الإعمار ورفع الحصار. لم يعد أمامنا سوى الذهاب الى وفاق على مشتركات وقناعات واقعية. وفي حال فشلنا - لا سمح الله - فإن الكارثة التي حلت بقطاع غزة سوف تصبح جرحاً ملتهباً يتضاعف خطره وتزداد آلامه.
لا شيء في اليد حتى الآن، وبات الكل الفلسطيني في موضع الاختبار العسير. والعودة الى الحرب ليست حلاً ولا مخرجاً. مطلوب من القوى الفلسطينية تكثيف العمل السياسي على الصعيدين الوطني والخارجي، ووضع مقاربات جديدة. لقد علمتنا الحرب درساً خلاصته أن الفلسطينيين يقاتلون وحدهم، وأن الأطراف الإقليمية التي تتغنى بالمقاومة، لن تحرك ساكناً، وإن نطقت سياسياً في ظروف الحرب، فإنها تركز على القضايا الإنسانية وعلى الإغاثة لا على المدد ولا على الإسناد العسكري، وهذا من البديهيات.
ما تحتاجه غزة الآن، هو تغيير في وضعية السلطة التي نشأت أصلاً بموجب اتفاق، وليس في مقدور طرف أن يغير وظيفتها، وإن حاول طرف تغيير وظيفتها، فإن الخسارة الفادحة هي النتيجة في الحرب وفي السياسة. لقد جلبت محاولة تغيير طابع السلطة، المآسي لشعبنا، فانقسمت الكيانية الفلسطينية وأضعفت الورقة السياسية. إن حقنا في المقاومة، لا يختلف عليه اثنان، لكننا مضطرون لأن نحسب ونتهيأ لممارسة الشكل الملائم من المقاومة في كل مرحلة، وهذا واجب وطني وسياسي وأخلاقي، إن لم نؤده بمسؤولية عالية وبوعي عميق، يصبح التهور والتمكين لأجندات عاطفية هو البديل.
لكي نساعد غزة على تضميد جراحها، لا بد من إعادة الاعتبار للسلطة، ولبُنيتها الديمقراطية، ولخطابها السياسي الوطني. ولن يتأتي لنا هذا، دون حكومة وفاقية، ودون تغيير في مناهج العمل في الضفة وغزة، على النحو الذي يؤهلنا لمواجهة التحديات بقوة. لا مناص من إعادة بناء المؤسسات، ولا سيما مؤسسة الرقابة والتشريع، توخياً لحكم رشيد، تتسع فيه دائرة التشاور، بحيث لا ينفرد طرف بقرار ينسحب أثره سلباً أو إيجاباً على الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات.
مضطرون للإقلاع عن لغة الخصومة، لأنها جلابة بؤس وسبب في إبقاء آثار الكارثة على حالها. من لا يستطيع تغيير لغته وسلوكه ليس أمامه سوى أن يتنحى جانباً. وضعنا الفلسطيني لم يعد يحتمل الكيديات أو أجندات المحاور الإقليمية. فالمحاور كلها ستظل عاجزة عن العون في الإغاثة وإعادة الإعمار، إن لم يتدارك الفلسطينيون أمرهم ويحققوا وحدتهم. إن ما نلمسه حتى الآن، هو الفراغ والعدم، ولا شيء يواسي الناس في قطاع غزة ولن يكون ثمة ربح، إن ظللنا على هذه الحال.
ومضة - وقف إطلاق نار.. فلسطيني - فلسطيني!
بقلم: د. صبري صيدم – الحياة
مع صبيحة كل يوم تنطلق قنوات الاحتلال الإخبارية في البحث عما يشتت شمل الفلسطينيين ويصطاد في مياههم العكرة ويفرق جمعهم ليتناول "صوت إسرائيل" بالأمس وعبر احد مراسليه حرب السجال القائم بين حركتي فتح وحماس متغنيا بذلك وقائلاً: ما أن وضعت الحرب أوزارها في غزة حتى نشبت حرب أخرى هذه المرة فلسطينية- فلسطينية بين حركتي فتح وحماس.
الإذاعة ذاتها تحدثت عن هذه الحرب بنوعٍ من التشفي معتبرة إياها ضمناً بأنها حرب هي الأفضل لأمن إسرائيل وبقاء احتلالها. شهادة احتلالية جديدة تحمل في طياتها تأكيداً دامغاً ومتجدداً لأهمية الانقسام الفلسطيني - الفلسطينيين من منطلق العقل الاحتلالي القائم على الفرقة والسواد.
حرب الفلسطيني على الفلسطيني هي الحد الفاصل ما بين القدرة على البناء على الحرب الأخيرة على غزة وما بين ضياع الكل الفلسطيني. ولعل التفكير ملياً بما لهذا الوضع من تأثير قاهر ومدمر على الهوية الفلسطينية أن يساعد العقلاء في الاستنتاج الفعلي بأن الذين قتلوا تحت نيران المحتل وإن استمر الانقسام لن يعود لدمهم قيمة ولا جدوى.
اليوم يوم الخلاص من المحتل واليوم يوم الاستقلال لكن هذا التوجه والهدف لا قيمة له في حال استمرار الانقسام قولاً وفعلاً بل أكاد أجزم بأن المنفلتين نحو تعزيز الشرخ أو تلويث المشهد الوحدوي لهم متساوقون من حيث يعلمون أو لا يعلمون مع الاحتلال. فإطلاق النار على الفلسطيني من بندقية فلسطينية وتعذيب البعض الفلسطيني بأيدٍ فلسطينية لهو قمة النكبة والنكسة وما بينهما من دمارٍ شامل.
وكم من مرة أحمد الله فيها على أن جيل الرعيل المؤسس للثورة الفلسطينية المعاصرة ليسوا أحياءً اليوم حتى لا يروا ويسمعوا عن مآل الحال الفلسطيني الفلسطيني. فلو أنهم علموا بأن حصيلة نضالهم ستأتي على هذا الحال لقرروا الرحيل عن الدنيا من جديد على أن يروا ما نعيشه اليوم.
فكيف لا يكون قتل الفلسطيني لأخيه فرصة نوعية للاحتلال؟ وكيف لا تكون معركة تصفية الحسابات بين الأشقاء فرصة ذهبية لإسرائيل حتى تستثمر فيها بالقول والفعل والتواطؤ؟
إعمار غزة أم لا إعمار؟ رفع الحصار عن القطاع أم عدمه؟ تحرير فلسطين أم لا تحرير؟ كلها ستبقى أمورٌ في مهب الريح مع استدامة الشرخ الفلسطيني الداخلي. لذا لن يكون من حق احد الاحتفاء بالانتصار أو أي نوعٍ من أنواع الادعاء بالانتصار.
لقد شارفت ريحنا على الذهاب وقارب إرثنا النضالي على النضوب وسيأتي يومٌ في ظل استدامة هذا الحال ليسأل أبناء الشهداء وأهليهم عن مغزى استشهاد آبائهم وأبنائهم! فإن لم يذهبوا فداءً للتحرير فلماذا قضوا؟ بأي حق وبأي ذنب؟
إن أبشع ما يعيشه المرء اليوم هو أن يكون شاهدا على مهزلة الانقسام واستمرارها وتبعاتها وحساباتها وشراكاتها الإقليمية والعالمية ومدارس الفكر الإقصائي ومشارب الإحلال لا الشراكة.
أما دم الشهداء خاصة من الأطفال والنساء والشيوخ لن يكون إلا محكمة مستديمة لكل المطبلين والمهللين لمعركة إطلاق النار على رأس النضال الفلسطيني وأرجله وروحه!
فهل نقرأ السلام على روحنا؟ أم نقرأ اليوم فاتحة الخلاص من المحتل؟ أم نتمنى أننا لم نكن لنعيش ولنشهد النكبة المتجددة التي وقودها الشعب الفلسطيني- دمه وماله وحتى عرضه؟!