Haneen
2014-11-05, 10:55 AM
<tbody>
اقــلام وأراء محلي الاحد 14/9/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
v "داعش" أم مأساة الاحتلال الاسرائيلي
بقلم: حديث القدس – القدس
v الأحد... وكل يوم أحد غزة والقدس في غمرة الحرب على «داعش» وخيارات القيادة الفلسطينية!
بقلم: زياد ابو زياد – القدس
v أيلول والهواجس المؤجلة
بقلم: خيري منصور – القدس
v ذكرى اتفاق اوسلو ودروس الحاضر والمستقبل
بقلم: حديث القدس – القدس
v انكشاف النساء في الحرب على غزة
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
v شركاء في الحرب والسلم
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
v عن انسداد أفق "السياسة والسلاح" .."فتح وحماس" ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
v حياتنا - التحليل والتحريم
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
v تغريدة الصباح – أن تكون... مواطنا
بقلم: حنان باكير – الحياة
v انتباهة - حماس والمفاوضات.. مباشرة ام غير مباشرة
بقلم: حسن الكاشف – الحياة
v نبض الحياة - "حماس" تحلل المفاوضات!
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
v دائرة الطباشير في غزة
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
"داعش" أم مأساة الاحتلال الاسرائيلي
بقلم: حديث القدس – القدس
تداعت عشر دول عربية على وجه السرعة مستجيبة لتحرك اميركي - غربي الاسبوع الماضي لتجتمع في الخليج بحضور وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي يواصل جولته في المنطقة بهدف توجيه ضربات لتنظيم "الدولة الاسلامية" داعش المتشدد بعد سيطرته على أجزاء من سوريا والعراق، تحت شعار محاربة الارهاب والتطرف فيما تواصل واشنطن استعداداتها سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي تمهيدا لهذه الهجمات. السؤال الذي يطرح بهذا الشأن هو: قبل أسابيع شنت اسرائيل على مدى أكثر من خمسين يوما عدوانا مدمرا على قطاع غزة وكذا في الضفة الغربية راح ضحيته أكثر من الفي شهيد واثني عشر الف جريح غالبيتهم الساحقة من المدنيين العزل نساء وأطفالا وشيوخا ولم نجد مثل هذا التحرك الاميركي - الغربي ولا مثل هذا التنادي العربي ليس لضرب اسرائيل وإنما لوقف عدوانها، فكيف يمكن ان تفسر مثل هذه الازدواجية ؟!
الخطر الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة واسرائيل على أمنهما ومصالحهما وكذا بعض الأنظمة العربية من تنظيم "الدولة الاسلامية" لا يتجاوز عمره عدة شهور فيما مأساة الاحتلال الاسرائيلي وحرمان شعب بأكمله من حقوقه السياسية والانسانية يتواصل منذ عقود، كما ان صور العدوان على قطاع غزة هزت العالم أجمع الى درجة ان بعض المنظمات الحقوقية الدولية المعروفة بنزاهتها اعتبرت ان ما اقترفته اسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين يعتبر جرائم حرب وصولا الى جرائم ضد الانسانية ، فلماذا لم تتحرك اميركا ولم تتحرك اوروبا التي تتباكى اليوم ازاء الخطر المحدق ؟ ولماذا لم يتحرك الزعماء العرب لنصرة فلسطين والدفاع عن أهلها ؟!
إن ما يجب ان يقال هنا ان من سخريات القدر ان تنضم اسرائيل قوة الاحتلال غير الشرعي التي ارتكبت العدوان على غزة وتحتل الاراضي الفلسطينية منذ عقود منتهكة القانون الدولي، ان تنضم الى هذا التحالف الاميركي - الغربي - العربي لإزالة خطر داعش في الوقت الذي يتواصل فيه خطر الاحتلال الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بما فيها تلك الشعوب التي سارعت أنظمتها للاستجابة للموقف الاميركي والانضمام الى التحالف المذكور.
ومن الواضح إزاء هذا الوضع أننا نعيش في عالم قُلبت فيه المعايير وتجلت فيه الازدواجية المقيته إزاء الشرعية الدولية كما تجلى فيه التخاذل العربي عن خدمة المصالح الحقيقية للأمة العربية. فأولئك الذين تنادوا لنصرة اميركا واسرائيل من القادة العرب لم يتنادوا لنصرة القدس والأقصى الذي يتعرض لانتهاكات يومية اسرائيلية ولمخططات التقسيم الزماني والمكاني ويمنع الفلسطينيون من الوصول اليه لأداء شعائرهم الدينية. فهل أصبح خطر "داعش" أكبر من ذلك الخطر الذي يمثله الاحتلال الاسرائيلي على شعب فلسطين ومقدساتها؟!
الغرب المنافق ممثلا بأميركا وتابعته اوروبا اتحفنا على مدى عقود بشعارات حقوق الانسان والديمقراطية والشرعية الدولية .. الخ وقد رأينا كيف أن هذا الغرب داس ولا زال كل هذه القيم بتجاهله للمأساة الحقيقية للشعب الفلسطيني الذي يعاني استمرار الاحتلال الاسرائيلي ومصادرة حقوقه. ولذلك لا يحق لهذا الغرب بعد اليوم ان يوجه المواعظ للشعوب العربية والاسلامية وخاصة للشعب الفلسطيني بعد ان أسقط كل الأقنعة التي تستر وراءها ليثبت اليوم ان ما يهم هذا الغرب هو مصالحه الاستعمارية الجديدة على حساب الشعوب العربية والاسلامية.
الأحد... وكل يوم أحد غزة والقدس في غمرة الحرب على «داعش» وخيارات القيادة الفلسطينية!
بقلم: زياد ابو زياد – القدس
سوف يسجل التاريخ بأن هجمات الحادي عشر من ايلول 2001 كانت نقطة تحول في تاريخ الحركات الاسلامية والدول العربية على حد سواء ، ذلك لأن تلك الهجمات التي تبنتها «القاعدة» ، كانت بمثابة الضوء الأحمر الذي أعطى الاشارة لشن هجوم مضاد ضد الاسلام والعرب باعتبارهم الحاضنين للحركات الاسلامية بشكل عام دون تمييز، وأعطى الفرصة لأعداء الاسلام والعرب لكي يركبوا الموجة ويتخذوا من تلك الهجمات ذريعة للتحريض ضد الاسلام والمسلمين وزجهم في خانة الارهاب .
وقد جاءت هذه الهجمات على خلفية ما وصف بزلة لسان الرئيس السابق جورج بوش الذي قال بأنه يشن حربا صليبية ، والذي قام في وقت لاحق بتهيئة الأجواء للقيام بتدمير العراق وإسقاط نظام صدام حسين ، وتحويل العراق إلى ساحة للاقتتال العرقي والطائفي ، ونقل تلك الحالة إلى العديد من الدول العربية بإذكاء نيران الفتن الداخلية تحت طائلة ما سمي زورا وبهتانا بالربيع العربي.
فالذي يجري على طول العالم العربي وعرضه هذه الأيام هو حرب ضروس يشنها الغرب بقيادة أمريكا لتدمير مقدرات العديد من الدول العربية واستنزاف طاقاتها لاعادة صياغة أنظمتها ومجتمعاتها بعد أن يكون قد أنهكها القتال وانعدام الاستقرار الأمني الداخلي وتدهور الوضع الاقتصادي والقيمي والأخلاقي نتيجة لهذا القتال الذي وصل حد أن يُقتل المرء دون أن يعرف فيم قُتل!
هذا الاصطفاف والقتال الذي يدور اليوم ربما يكون قد بلغ ذروته - إن لم يكن القادم أسوأ – بانضمام أحد عشر دولة عربية هذه الأيام للتحالف الذي دعت إليه الولايات المتحدة للحرب ضد ما يسمى بدولة الاسلام في العراق وبلاد الشام «داعش» ، بسبب توفر القناعة لدى أنظمة الدول العربية التي انضمت لهذا التحالف بأن خطر داعش في الطريق إليها وأن عليها التصدي لهذا الخطر قبل أن يقضي عليها. فالأتظمة العربية التي انضمت لهذا التحالف ترى فيه مصلحة عليا وترى في الحرب ضد داعش ممارسة لحقها المشروع في الدفاع عن النفس .
هذا الاصطفاف العربي ضد داعش سبقه اصطفاف عربي للحرب ضد نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ، واصطفاف بعض الدول العربية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد! فالعرب منذ عقد ونصف منشغلون في الحروب الداخلية ضد بعضهم البعض ولصالح الأجندة الأمريكية التي لا تختلف في الجوهر عن الأجندة الاسرائيلية.
ولقد رسم الرئيس الأمريكي السابق ملامح هذه الحرب ضد القاعدة ومن أسماهم بالارهابيين رامزا للجماعات الأسلامية المتشددة ، وذلك في خطابه للأمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس ومجلس النواب في التاسع عشر من أيلول عام 2001 فقال:" سوف نستخدم كل الامكانيات الموجودة تحت سيطرتنا – كل الامكانيات الدبلوماسية ، وكل الأدوات الاستخبارية وكل وسائل تعزيز القانون وكل وسائل الضغط والتأثير المالية ، وكل الوسائل القتالية لتدمير وهزيمة شبكة الارهاب الدولي.."
لن تكون هذه الحرب كالحرب التي كانت ضد العراق قبل عقد من الزمن مع حزم في تحرير الأرض والوصول إلى النتائج السريعة، ولن تكون كالهجمات الجوية فوق كوسوفو قبل عامين حيث لم يتم استخدام قوات المشاة على الأرض ولم نفقد ولو جنديا امريكيا واحدا.
" سيتضمن ردنا شيئا أبعد بكثير من الانتقام الثأري الفوري والضربات المنفردة ، وعلى الأمريكيين أن لا يتوقعوا معركة واحدة بل حملة طويلة الأجل لم يسبق أن شاهدنا لها مثيلا. وقد تتضمن هذه الحملة ضربات نشاهدها على شاشات التلفاز وعمليات سرية يبقى نجاحها أمرا سريا لا نعلن عنه.
" سنجعل الارهابيين يتضورون من قلة موارد الدعم المادي ، وسنجعلهم يقاتلون بعضهم البعض ، وسنطاردهم من مكان إلى آخر إلى أن لا يبقى لهم مكان يلجأون إليه. وسنلاحق الدول التي تقدم الدعم أو المأوى للارهابيين وعلى دول المنطقة أن تختار : إما معنا أو ضدنا. "
والتمعن في هذا المقطع من الخطاب يؤكد أن ما يجري على الساحة العربية ليس من قبيل الصدفة وإنما بفعل فاعل لجعل الحركات التي تدعي أنها إسلامية تدمر بعضها بعضا تمهيدا لانقضاض امريكا عليها وتدمير ما تبقى منها.
وللحقيقة والتاريخ فإن من الواجب القول بأن ممارسات بعض هذه الحركات التي تنتحل لنفسها إسم الاسلام هي أبعد ما تكون عن الدين الاسلامي الحنيف المبني على الأخلاق والقيم والمبادىء والذي يحرم ويجرم قتل الأبرياء بما في ذلك الأسرى والشيوخ والنساء وكل من لا يحمل السلاح ويقاتل ضد المسلمين. ولقد بلغ الفجور الذي مارسته بعض هذه الفئات كجهاد النكاح وقطع الرؤوس ودفن الأحياء وغير ذلك حدا دون مستوى الأخلاق والقيم والمثل الاسلامية واستغل من قبل خصوم الاسلام والمسلمين للتحريض ضدهم وتشويه صورتهم.
ولا بد من إسقاط ما يحدث في المحيط الفلسطيني على الحالة الفلسطينية. ولعل أخطر ما في ذلك هو تراجع القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي عن رأس قائمة الأولويات العربية وانشغال العرب في أمورهم الداخلية سواء الصراعات التي تفجرت داخل هذه الدول ، أو استنفارها للحرب ضد داعش أو ضد ما يسمى بالخطر الشيعي الذي نجحت أمريكا في إقناع بعض الدول العربية وخاصة الخليجية بأنه يشكل خطرا عليها أكثر من إسرائيل وأن إسرائيل هي حليف هذه الدول في الحرب ضد الخطر الايراني ، ففتحت القنوات السرية وشبه العلنية بين هذه الدول وإسرائيل ، وتواطأ بعضها مع إسرائيل ، وبلغ ذلك التواطؤ حد أنه حتى المسجد الأقصى والقدس ، التي يُفترض أن تكون قضية العرب والمسلمين الأولى ، لم تعد الاعتداءات المتكررة عليها وتغيير معالمها ودخول اليهود وصلاتهم في رحاب الأقصى تثير نخوة أو غضب أي مسلم أو عربي!
هذه الحقيقة الخطيرة لعبت دورا في الموقف العربي اللامبالي الى حد ما أثناء الهجوم الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة. وهذه الحقيقة هي أيضا وراء تراجع الاهتمام العربي والدولي في متابعة معالجة نتائج العدوان الاسرائيلي على القطاع سواء فيما يعرف بإعادة إعمار قطاع غزة أو معالجة السبب الرئيس الذي يكمن وراء هذا العدوان وهو استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية واستمرار الأنشطة الاستيطانية الاسرائيلية في القدس والضفة الغربية التي نجحت في قتل أية إمكانية للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع الاسرائيلي الفلسطيني على أساس ما يسمى بحل الدولتين.
" ذهبت السكرة وأتت الفكرة "...انتهت احتفالات ما سمي بالانتصار في غزة ، وبقي الدمار والتشرد والثكالى والأيتام والجرحى والمعوقين... والخوف كل الخوف أن نسمع طحنا كثيرا ولا نرى طحينا. فما العمل؟
والجواب هو في غاية الصعوبة. فمن السهل جدا التنظير والمزاودة ، ومن الصعب جدا اتخاذ الموقف الشجاع الذي تستوجبه اللحظة ، اللهم إلا إذا توفرت الجرأة على اتخاذ ذلك القرار مهما كانت النتائج.
فالقيادة الفلسطينية تقف اليوم أمام عالم عربي منشغل عنها غير آبه لما يجري في فلسطين ، وأمام عالم متواطىء مع إسرائيل ، يحاول أن يفرض على القيادة الفلسطينية فقط ما يمكن أن تقبل به إسرائيل. وحتى خيار التوجه ثانية إلى الأمم المتحدة والتحرك دبلوماسيا لنيل العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة والانضمام لمنظماتها بات أمرا ممنوعا على هذه القيادة التي تتعرض للتهديد والابتزاز بقطع المساعدات عنها واستخدام الفيتو الأمريكي ضدها إذا هي تجرأت على ذلك ، حيث أن المطلوب أمريكيا من هذه القيادة في المقابل أن تستمر في لعبة المفاوضات من أجل المفاوضات ، حتى لو استمر الاستيطان والاعتقالات ومصادرة الاراضي وتكريس الاحتلال والضم والتوسع الاسرائيلي.
ولعل الأسبوعين القادمين حتى انعقاد الدورة السنوية للأمم المتحدة في أواخر هذا الشهر تشكل الفرصة الأخيرة أمام هذه القيادة التي عليها أن تقرر ما إذا كانت ستستمر في تمثيل دور المفاوض العبثي وتعطي الغطاء لاستمرار الاحتلال والاستيطان وتكريس الأمر الواقع ، أو أنها ستلجأ للشرعية الدولية وتطالب العالم بتحمل مسؤولياته إزاء الاحتلال والغطرسة الاسرائيلية ، أو أن تعلن وبكل وضوح تخليها عن مظاهر الحكم والانضمام إلى الشعب في مواجهة مكشوفة مع الاحتلال والاستيطان أو أنها ستعلن الاستسلام والمطالبة بضم ما تبقى من أرض فلسطين إلى إسرئيل.
فالحقيقة الواحدة التي لا يجوز أن يختلف عليها اثنان هي أن أسوأ خيار أمام الشعب الفلسطيني هو استمرار الأمر الواقع الحالي حيث لا حل ولا سلام وحيث تتوفر كل الوسائل المريحة أمام إسرائيل للتفرغ لتنفيذ برنامجها الاستيطاني بينما يقوم الفلسطينيون بتقديم الدعم الأمني لها من خلال ما يسمى بالتنسيق الأمني ويقوم العالم بتمويل الاحتلال من خلال ما يسمى بتقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية!
أيلول والهواجس المؤجلة
بقلم: خيري منصور – القدس
هل تكفي ثلاثة عشر عاماً لإعادة فتح ملف ملغوم بالأسرار وغيّر مسار العالم في الحادي عشر من أيلول، حين كان فاتحة ألفية ثالثة وقرن جديد؟
ما يثار الآن داخل الولايات المتحدة من أسئلة حول هذا الملف قد يجعل من الذكرى الأيلولية لهذا العام شيئاً مختلفاً، لأن ما كان أشبه بالمسلمات والبديهيات تحول إلى حلبة للسجال . فالزمن لم يغلق الأبواب لكن ما مرّ من الوقت حتى الآن على ذلك الزلزال ليس كافياً بمقياس التقاليد والطقوس البروتوكولية التي تفتح الصناديق السود .
وما يثار الآن من أسئلة وهواجس حول ذلك الحدث الجسيم ليس البداية، فقد كرس عالم فرنسي كتاباً كان هدفه التشكيك بالرواية الرسمية عن ذلك الحدث . ولفهم ما قاله لا بد من توافر حدّ أدنى من المعرفة المعمقة بالفيزياء لأن الرجل اختار مقترباً علمياً كما يقول . لكن ردود الأفعال على أطروحته لم تكن كذلك، بل كانت إعلامية وإنشائية!
مثيرو الأسئلة في أمريكا حول زلزال مانهاتن يتذكرون مصرع جون كينيدي وما أحاط به وأعقبه من دراما تعج بالألغاز وكذلك مصرع مارتن لوثر كنج . وأحداث أخرى أوشكت أن تتحول إلى جرائم كاملة وتسجل ضد مجهول، ومن دوافع هذا السجال الذي تأخر ثلاثة عشر عاماً عن موعده ما يقوله بعض الأمريكيين عن خسائر بلادهم الفادحة جراء ذلك الحدث .
وهي ليست مادية فقط، بل معنوية وأحياناً أخلاقية، فقد استخدم الحادي عشر من أيلول ذريعة لانتهاك الحريات الشخصية، بحيث بات على المواطن الأمريكي أن يتنازل عن جزء كبير من حريته في سبيل جزء أقل من أمنه، وهذه تعتبر معادلة طارئة على الثقافة الأمريكية وما بشر به رواد القارة من تنوير وحماية لحرية الأفراد، والمسألة لم تصل بعد إلى الحدّ الذي تطرح فيه على مفترق طريقين، أو فض الاشتباك بين ما هو حقيقي وما هو مؤلف ومختلق خصوصاً بعد أن تبنى أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة ما حدث، بحيث أصبح من الناحية الشكلية على الأقل ما هو مجهول معلوماً .
لكن هناك أيضاً من الأمريكيين من يشككون في جدية هذا التبني لأسباب تكنولوجية بالدرجة الأولى ولأسباب سايكولوجية بالدرجة الثانية فأحياناً يسارع طرف ما في الصراعات إلى تبني فعل لا يقوى على إنجازه وتلك بالطبع حكاية أخرى تطول!
ومن أبرز هذه الأسماء الأمريكية الداعية إلى إعادة فتح هذا الملف، وبالتالي استئناف التحقيق طبيب من تكساس وهو أيضاً من المتخصصين في المتفجرات اسمه رون بول وسبق له أن فاز نائباً عن تكساس .
فهل كان هذا الطبيب هو أول من علق الجرس؟ أم أن ما كان مخفياً صَعدَ إلى السطح؟
ذكرى اتفاق اوسلو ودروس الحاضر والمستقبل
بقلم: حديث القدس – القدس
في مثل هذا اليوم 13/9 عام 1993 تم التوقيع على اتفاق اوسلو التاريخي الشهير، وبعد هذه المدة الطويلة نكتشف جميعا ان اخفاقات كثيرة وتقصيرات متعددة قد صبغت هذا الاتفاق حتى وصلنا الى ما نحن فيه اليوم من اوضاع. وكان هناك معارضون للاتفاق منذ البداية وفي مقدمة هؤلاء الدكتور حيدر عبد الشافي الذي ترأس وفد فلسطين الى المفاوضات العلنية وانتهى دوره بعد اوسلو.
لقد اعتقد القائد ابو عمار انه بعودته الى غزة واريحا اولا قد بدأ فعلا مرحلة العودة الموعودة واقامة حلم الدولة الفلسطينية الذي ناضل من اجله شعبنا وقدم عشرات آلاف الشهداء في سبيل اقامتها واعتقدت القيادة ان قيام السلطة الوطنية واجراء الانتخابات التشريعية سيكون قاعدة قوية للمستقبل وعلى طريق البناء والتأسيس القوي. كما عاد مع القيادة مئات آلاف الفلسطينيين وكان هذا انجازا مهما.
ولكن كانت هناك قضايا كثيرة لم يحددها الاتفاق او لم يتطرق اليها اساسا، وفي مقدمته تلك القضايا كان الاستيطان الذي لم يتوقف ابدا منذ الاتفاق وانما ازداد واتسعت رقعته وصار سرطانا يهدد كل الآمال باقامة الدولة. كما تم تأجيل بحث قضية القدس حتى وصلت الامور فيها الى ما هي عليه اليوم من مساع للتهويد والتهجير واقتسام الزمان والمكان في المسجد الاقصى المبارك وغير ذلك من ممارسات.
ومن التقصيرات المدمرة اننا اعترفنا باسرائيل ثم عدلنا الميثاق الوطني مقابل اعتراف اسرائيل بمنظمة التحرير، دون ان يتطرق الاتفاق الى حدود اسرائيل التي اعترفنا بها ولا الى اقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967. وهناك قضايا اخرى كاللاجئين وحقهم في العودة والاسرى ما قبل الاتفاق وغير ذلك.
بعد هذا الاتفاق الذي وقعه وبادر اليه القائد ياسر عرفات، كانت النتيجة ان اغتالوا هذا الرمز التاريخي المخلص وتجاهلوا كل ما يتعلق بحقوقنا وازدادوا غطرسة واعتزازا بالقوة العسكرية التي يتمتعون بها.
وليس المقصود ولا المطلوب اليوم، ان نبكي او نتباكى عما مضى ولا ان نكرر لو عملنا كذا او لم نعمل كذا، انما استخلاص العبر مما مضى لمعالجة الواقع الذي نعيشه ونعاني منه اليوم، واستيعاب الدرس الاساسي من كل ما مضى وهو ان اسرائيل غير معنية باقامة سلام حقيقي او القبول باقامة دولة في حدود 67 وانما هي تريد مصادرة كل الارض والتخلص من اكبر عدد من الفلسطينيين، وهم لا يخفون ذلك ولا ينكرونه وانما يتحدثون عنه بوضوح وصراحة رغم كثرة احاديثهم الجوفاء عن السلام.
وعلى هذا الاساس فان البحث عن السلام عن طريق التفاوض او انتظار ضغوط اميركية او دولية على اسرائيل ليس اكثر من اضاعة للوقت وقتل للحلم الوطني بالاستقلال ...ولا بد من وقفة جادة لاعادة التقييم واستخلاص ما يجب علينا ان نفعله في مواجهة التحديات المصيرية التي تعصف بنا.
انكشاف النساء في الحرب على غزة
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
حجم النقاشات التي دارت بين النخب النسوية والمهتمين بالقرار 1325، من الأكاديميين والحقوقيين والسياسيين الفلسطينيين، يفوق حجم التطبيقات المنجزة على خلفية قرار مجلس الأمن الخاص بالنساء ومشاركتهن بالأمن والسلام، ولن تدفعني حقيقة الغرق في نقاش المبادئ إلى التقليل من حجم وأهمية الأنشطة المنظمة المستندة إلى القرار المندرجة في إطار التطبيقات، لكونها أفادت في اختبار صحة الرؤية الفلسطينية العامة للقرار، التي أمسكت بمقاربة القرار بحالة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال، من خلال ربطه بقرارات ذات صلة بالقضية الفلسطينية صادرة عن ذات الجهة الأممية، وربطه بالقوانين الدولية الإنسانية.
لكن الحالة الفلسطينية بغنى عن المزيد من النقاش حول المبادئ والمفاهيم، بل لا تقتضي استمرار قراءة الأثر الذي يتركه الاحتلال على الضحايا ومحاسبة المتسبب بها، ورصد الاحتياجات الجديدة للنساء ومراعاتها، وهي الاحتياجات التي أظهرتها بوضوح الحرب الأخيرة على غزة وتداعياتها ورفع شأن تطبيق المفهوم والرؤية الفلسطينية على الأرض، وتعميمها على الساحات الدولية لحشد القوى بوجهة المساءلة مع تطوير الأدوات المستخدمة لتظهير الأثر.. حيث لوحظ أن انعكاسات الحرب على النساء والأطفال تختلف عن انعكاساتها على باقي القطاعات، وتم استخلاص أهمية مراعاة الاحتياجات المختلفة للمرأة والطفل الخاصة عن احتياجات باقي الفئات، واختلاف المساعدات الإنسانية والإغاثية المقدَّمة لهما.
تفاوت وتباين الاحتياجات الإنسانية والإغاثية، هو ما ظهّرته مبكراً مسؤولة مكتب المرأة في الأمم المتحدة في غزة، عندما دعت فورا بعد الهدنة الأولى، إلى اجتماع ضم المراكز والمؤسسات النسوية في غزة قدمت خلاله المعلومات المتعلقة بتفاوت أثر الحروب على النساء في غزة، كما قدمت رؤيتها إلى مؤتمر طاقم شؤون المرأة في الضفة، للإضاءة على الموضوع وطرح الاستحقاقات، الذي يرتِّب مهمة جديدة على الائتلافات المنشأة للعمل بالقرار الذائع الصيت 1325، والمتمثلة بضرورة تطوير استمارة توثيق الانتهاكات والجرائم المرتكبة من الاحتلال بحق المرأة، واستيعاب الجوانب الجديدة للأثر وإضافته لاستمارة التوثيق من خلال إدخال الأبعاد "الجندرية" انسجاماً مع خصوصية المرأة في القرار.
ثلاث حروب متوالية شُنت على غزة في الخمس سنوات الأخيرة، أوضحت بعمق تباين انعكاس الحرب وخاصة في قياس أثر الهجرة. وللاقتراب أكثر من الحالة، تم رصد ما أظهرته الحرب التي تواصلت خمسين يوما على قطاع غزة. حيث أشارت المُعطيات إلى تهجير أكثر من نصف مليون انسان نصفهم من النساء، وفي معاناة الهجرة وأهوالها يستوي النساء والرجال، ولكن المختلف يتركز في طبيعة الضرر ونوعيته على المرأة بسبب الخصوصية الفسيولوجية، وبسبب تعقيدات البيئة المحافظة والتمييز الممارس ضد النساء والطفلات.
وحتى لا يبدو الأمر كترف "جندري" لا يحتمله الواقع، سأذهب إلى حقيقة أن غزة قد شهدت ولادة أكثر من خمسة آلاف طفل خلال الحرب، ولنا أن نطلق خيالنا قليلاً وتصور الظروف التي تمت بها الولادة، وتوقع المعاناة التي تليها. وسأترك للشهادات أن تقول ما لا يستطيع الإعلام خوضه وتظهيره، بل لا يلتفت إليه بسبب حساسيته وعلاقته بالانكشاف الاجتماعي، لكن الشهادات ذهبت بجرأة إلى ما خلف الخبر الذي كان يركز على البعد الوطني والديموغرافي للولادات في مواجهة استهداف الاحتلال الإبادة والتطهير العرقي.
تشير شهادات النساء الى أن من حالفهن الحظ وضعن مواليدهن في المستشفيات سرعان ما تنكر لهن، بسبب تخريجهن المبكر دون القدرة على الحصول على الأدوية والمستلزمات الطبية، كما اشتكين من سوء وقلة العناية الصحية في مراكز الإيواء. فكيف الحال بمن وضعن مواليدهن في بيوت الايواء وغيرها عقب هجرة مرعبة..!.
أما بعد الولادة فعجزت الشهادات عن توصيف الواقع والمشاعر، والتي أشارت إلى العناوين التي يدرج تحتها جميع أشكال المعاناة التي يمكن اختبارها ولا زالت قائمة، من شحّ العناية والمواد الصحية ونقص المرافق الصحية، إلى افتقاد بيوت الايواء لغرف الاستحمام، وسوء التغذية للأمهات والأطفال، إلى اكتظاظ واختناق الغرف الصفية...دون أن نغيب عاملاً قوياً يتحكم ويفاقم من اثر المعاناة الإنسانية والمتمثل بسيطرة ذكور العائلة على حركة النساء وتوقيتها، بسبب الضغط الاجتماعي والمخاوف من الاعتداءات وعلى السمعة، في ظرف انكشف الواقع أمام السماء، وبشكل أوضح ويحط بكرامة المجتمع وعلى الأخص النساء.
هذا غيض من فيض عناوين مما قدمته الشهادات، وهو الأمر الذي يوضح انعكاسات واحتياجات مختلفة للنساء عن غيرها من الفئات في الشارع وبيوت الإيواء والبيوت المستأجرة ولدى الأقارب ورحاب الحدائق.. وبما يضع الكل النسوي أمام استحقاقات تطوير استمارة التوثيق من الزوايا الجندرية، والعمل مع "الأونروا" وسائر المؤسسات الإغاثية لتلحظ احتياجات النساء والأطفال وتعديل مساعداتها الإنسانية.
شركاء في الحرب والسلم
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
لست متشائماً، نحو إعادة وصل العلاقات الفتحاوية الحمساوية وترطيبها، ولدي ثقة أن فرصاً ستتوفر قبل نهاية المطاف، وقبل أن يصل الفصيلان الفلسطينيان الأساسيان إلى الطريق المسدود، لأن لكليهما مصلحة لدى الطرف الآخر، في التوصل إلى تفاهم واتفاق، وعمل مشترك، فالخيارات المتاحة أمام قيادة الفصيلين، محدودة، تستوجب التلاقي في منتصف الطريق، وإكمال المشوار معاً في: 1- إطار منظمة التحرير الموحدة، و2 - صياغة البرنامج السياسي المشترك، و3 - اختيار الأدوات الكفاحية المناسبة.
مصدر عدم تشاؤمي، وثقتي، أن الأوضاع العربية المحيطة بالوضع الفلسطيني برمتها ليست لصالح الشعب العربي الفلسطيني فالأولوية محاربة "داعش" و"القاعدة"، وبالتالي ليست لصالح "فتح" أو لصالح "حماس"، والأوضاع الفلسطينية والعربية والدولية ما زالت "طابشة" لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي المتفوق، والصراع معه وضده ما زال ساخناً ومحتدماً، والطريق نحو استعادة الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني في مسألتي 1- الدولة المستقلة و2- حق اللاجئين في العودة، مغلق إسرائيلياً، لأكثر من سبب:
1- حكومة مستوطنين يمينية متطرفة لا يتوافر عندها الحد الأدنى من رغبة التعايش والتسوية مع الفلسطينيين، لا رئيس الحكومة نتنياهو، ولا حزب الليكود الحاكم، ولا أحزاب الائتلاف المشاركة معه، "إسرائيل بيتنا" برئاسة ليبرمان و"البيت اليهودي" برئاسة بينيت، ولا الأغلبية البرلمانية في البرلمان، لديها توجهات أو الاستعداد للتوصل إلى تسوية معقولة مع الشعب الفلسطيني، لا بشأن الدولة، ولا بشأن عودة اللاجئين.
2- طريق المفاوضات لم تفلح في وقف الاستيطان والتوسع، وتهويد القدس، وأسرلة الغور، وتمزيق الضفة الفلسطينية، فخيار التفاوض كوسيلة كفاحية وحيدة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المنهوبة، لم يحقق غرضه.
3- لا تغيير جوهريا في الموقف الأميركي، فالرهان الفلسطيني على تغيير الموقف الأميركي وصل إلى طريق مسدود، بعد 7 سنوات مفاوضات برعاية الرئيس بوش في أنابوليس 2007، حتى مفاوضات واشنطن برعاية الرئيس أوباما في ولايته الأولى مع جورج ميتشيل، والثانية مع جون كيري، حتى نهاية نيسان 2014.
وطريق "حماس" بالانقلاب والانقسام ما زال مغلقاً، لم تستطع:
أولاً: أن تشكل بديلاً عن منظمة التحرير.
ثانياً: أن تقدم نموذجاً أرقى في إدارة قطاع غزة، وأفضل من إدارة الضفة الفلسطينية.
ثالثاً: في الضفة تنسيق أمني، وفي القطاع تنسيق تهدئة، وكلاهما الآن يخوض مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين، عبر القاهرة سقفها مطالب أوسلو (يعني الحال من بعضه).
رابعاً: رغم ثلاث حروب في قطاع غزة 2008 و2012 و2014، ورغم الصمود والتضحيات، فشلت "حماس" في فك الحصار عن القطاع، وها هي ترفع سقف مطالبها، بالمطار والميناء والطريق النافذ بين الضفة والقطاع إلى مستوى مطالب اتفاق أوسلو، سبق وأن تحققت في عهد الرئيس عرفات، ويبدو أنها لن تتحقق الآن!!.
ولذلك لا هذا الخيار فتح بوابات الخروج من المأزق لشعب الضفة، ولا ذاك الخيار قدم الطمأنينة والاستقرار لشعب غزة، وكلاهما مرتبط بالآخر، ولا فكاك من هذا نحو ذاك، ولا ذاك قادر على التخلص من هذا، وكلاهما يحتاج الآخر، ودلالة على ذلك أن كليهما لم يصدر عنه ما يوحي أنه فقد الثقة بالآخر، بل بالعكس لدى الطرفين الرغبة الدفينة في الاقتراب، والتفاهم مع الآخر، ولكنْ، كل بشروطه، وعلى قاعدة الوحدة والصراع، وهذا مشروع وطبيعي وعادي بين الأحزاب والتنظيمات والقوى المختلفة المتنافسة، بين صفوف الشعب الواحد.
حركة فتح شكلت لجنة خماسية من أعضاء لجنتها المركزية من أجل التحاور والتفاوض مع "حماس"، وقادة "حماس" وعلى رأسهم خالد مشعل يبعثون برسائل التهدئة وضرورة الحوار، ولذلك إن تفسيري للتصريحات المتشددة هي عمليات عض على الأعصاب وعلى الأصابع، لتحسين الموقف التفاوضي إزاء الآخر، فحركة فتح بقدر حاجتها لـ"حماس"، لتعزيز مكانتها كي تقود المؤسسة الفلسطينية وتكون بحق ممثلة للكل الفلسطيني، تحتاج حركة حماس كي تكون جزءاً من الشرعية، وذلك لن يتم بدون الانخراط، بمنظمة التحرير ومؤسساتها، وثمن ذلك تخليها الجدي عن تفردها في إدارة قطاع غزة، ومقابل ذلك ستتنازل حركة فتح عن دورها المركزي في إدارة منظمة التحرير، وستتكيف مع شريك قوي آخر اسمه "حماس" عبر عنه خالد مشعل بقوله، إنه يبحث ويريد ويسعى نحو الشراكة في "الحرب والسلم" وهو يتوسل إيصال رسائل ليس فقط للرئيس أبو مازن الذي يعرفه، وكلاهما يتعامل مع الآخر بأوراق مكشوفة، ولكنه يسعى إلى توصيل رسائل للأميركيين وللإسرائيليين وللأوروبيين ولأطراف النظام العربي، من خلال موقع إقامته القطرية المفتوحة على كل هؤلاء بدون مواربة، وبلا تردد، بدءاً من واشنطن وانتهاء بتل أبيب ومروراً بكل العواصم الفاعلة في المنطقة، وها هو موسى أبو مرزوق يؤكد ذلك من غزة، وليس من خارجها، ويعلن دعماً وتأييداً لرئيسه مشعل عن أهمية التفاوض، وضرورته، مع "العدو الإسرائيلي" وأن التفاوض مع العدو ليس محرماً شرعاً، وليست هناك عقبات شرعية تحول دون ذلك، وأن هذا يتم تحت طلب ورغبة الشعب الفلسطيني في غزة، فالعقبات والاعتراضات سياسية وهذا منطقي ومقبول ومفهوم، وبداية الرقص حنجلة كما سبق وقالها العرب البسطاء.
عن انسداد أفق "السياسة والسلاح" .."فتح وحماس" ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
من حسنات الانقسام أنه أعطى لكل من القوتين المتصارعتين ميدانا واسعا ومستقلا ليجرب كل منهما دون إزعاج الآخر حظه في ممارسة برنامجه.. السياسة من جانب والسلاح من جانب آخر، ولسبع سنوات ماضية كانت الضفة الغربية وقطاع غزة حقلي التجربة لكل منهما حيث ذهب إلى أبعد مدى في برنامجه والنتيجة أن لا شيء تحقق وهذا يستدعي أكبر من وقفة تفكير بل شيء على نمط صعقة كهربائية للإفاقة من وهم شعار أننا نقترب من الاستقلال لأن الواقع يقول إن النتيجة معاكسة.
فقد ذهبت الضفة بمشروعها في التسوية والالتزام بالاتفاقيات.. بالمفاوضات والتنسيق والتنفيذ الحرفي لما جاء في النصوص المحددة في العلاقة مع الإسرائيلي وتم جمع الأسلحة وتحررنا من فكرة أن المفاوضات مع إسرائيل كانت تتقدم ولكن عمليات حركة حماس المسحوبة كانت تخرب كل شيء، فلا عمليات تشوش على المفاوضات ولا أجنحة مسلحة للفصائل ولا تمرد على أوسلو، النتيجة أن كل هذا الالتزام كان بلا جدوى وأن الإسرائيلي أغلق بوابة التسوية بعد أن ابتلع الضفة الغربية وأغرقها بالاستيطان إلى الدرجة التي بدت فيها التجمعات السكانية الفلسطينية كجزر معزولة تستحيل معها إقامة الدولة الفلسطينية ويصبح الحديث عن حل الدولتين ضربا من الأحلام.
وعلى الجانب الآخر في غزة تمكنت حركة حماس من طرد السلطة والتزاماتها وتحررت من قيود كانت تعتقد أنها العائق أمام تحقيق فكرتها في قتال إسرائيل عسكريا والحصول على الاستقلال، ولم تشكل حركة فتح خلال السنوات الماضية في ميدان غزة أي تشوش على تسليح وتطبيق "حماس" لبرنامجها بحيث أعدت الأخيرة مسرح عملياتها كما كانت تريد من تسليح وأمن ومؤسسات وسلطة اعتبرتها سلطة المقاومة في حالة تمرد كبيرة على منظومة العلاقات التي أريد لها أن تكون بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وفي إطار تجربة برنامجها كان هناك ثلاث حروب شرسة آخرها هي الأطول بين تلك الحروب والنتيجة أيضا لا شيء.
إذن، نحن أمام استعصاء وعجز البرامج عن الاقتراب من الاستقلال وربما يكون الأمر معاكسا تماما حين يتم الغوص في الضفة الغربية وغزة بمفاوضات مع الإسرائيلي سواء مباشرة أو غير مباشرة على القضايا الإنسانية وبعيدا عن القضايا الوطنية، وقد يقول قائل إن الوقت الذي تمت فيه التجارب لا يكفي وإن المراقبين يستعجلون في إصدار الأحكام أو إن التحرير يحتاج إلى وقت طويل وإن هذا نوع من الإحباط أو التركيز على الفشل، ولكن السؤال الذي يمكن أن يقف أمام هذا القول هو أن الخط البياني لا يشير إلى صعود ثابت وحتى بنسبة صغيرة حتى نقول إننا نسير في المسار الصحيح سواء في الضفة أو في غزة ونحتاج إلى وقت أطول.
وربما أن النظرة من الجهة الإسرائيلية تعكس الأزمة بوضوح أكبر، فقد قام المشروع الإسرائيلي منذ سنوات بعد إدراكها لصعوبة تنازل الفلسطيني عن الحد الأدنى الممكن أي دولة في حدود 67 واستحالة موافقة أي حكومة إسرائيلية على هذا الحد، تغير برنامجها تجاه الفلسطينيين إلى شقين وهما إحكام السيطرة على الضفة الغربية والشق الآخر فصل غزة.
وإذا ما دققنا أكثر سنكتشف أن إسرائيل استولت استيطانيا على معظم أراضي الضفة بحيث لم يبق ما يمكن التفاوض حوله، ونجحت في فصل قطاع غزة الذي أصبح منطقة منفصلة عن باقي الوطن وبسلطة مختلفة وحين أراد الفلسطينيون إنهاء هذا الفصل اكتشفوا أن المسألة أبعد من حسن نوايا وأن الواقع المركب بتعقيداته على الأرض أصعب كثيرا من تغيير واقع الفصل في غزة التي تباعدت في السنوات الأخيرة ليس فقط جغرافيا بل اقتصاديا وثقافيا ونفسيا.
إذن، نحن أمام انسداد لمشروعي حركتي فتح وحماس بعيدا عن قدرة اللغة وبلاغة مفرداتها التي تحاول أن تنكر ذلك، أما الفصائل الأخرى فلم يكن دورها أكثر من مساعدة الطرفين في تجربة برامجهما بكل إخلاص، فقد تصرفت في الضفة وفقا لما تقتضيه شروط أوسلو وعلى رأسها غياب أجهزتها المسلحة، وفي غزة تصرفت بما هو رافض لهذه الاتفاقيات وشكلت أجهزتها العسكرية إلى جانب حركة حماس، مارست سلوكا ينسجم مع ما يتطلبه النظام القائم في غزة والضفة بلا إزعاج بل كان رديفا لكل منهما والنتيجة أن لا نتيجة على صعيد الاستقلال.
هذه المعادلة بأعدادها وأرقامها وإشاراتها ومحاولات الخروج بنتيجة هي معادلة مركبة ومعقدة وهذا ما نقصده حين نقول إننا بحاجة إلى ما هو أكبر من وقفة أمام حصاد الكفاح الوطني بتكاليفه التي تدفع حتى الآن من دم في غزة وأرض في الضفة وهي ما يستوجب النظام السياسي الفلسطيني أن يستولد مخارج لأزمة الاستعصاء القائمة من هذه المعادلة المركبة.
ما هو الحل إذن؟ نغير الفصائل؟ ليس المطلوب تغيير القوى الفلسطينية القائمة والتي قدمت بحسن نواياها ما يكفي لإقناع الشارع بجدارة قيادتها له ولكن الطريق إلى جهنم أحيانا ما يكون معبدا بالنوايا الحسنة، لكن المطلوب من هذه الفصائل أن تتوقف وتعيد النظر للوراء وتفكر مرة أخرى بالوسائل وجدارة الطريق وهنا دور الفكر السياسي الفلسطيني الغائب عن اشتقاق معادلات جديدة حين ينغلق الأفق.
ان قوة إسرائيل ليست عسكرية فقط وإن بدا ذلك للوهلة الأولى بل تكمن قوتها في الفكر السياسي الفاعل والذي يحدد للقوة العسكرية دورها، قوتها في التفكير الاستراتيجي ومؤتمرات الفكر ومراكز الدراسات الموجودة في كل جامعة، وقوتها في أنها تعرف ماذا تريد لسنوات قادمة، وأحد الأمثلة أن مفكري إسرائيل في مؤتمر هرتسيليا التاسع الذي انعقد قبل خمس سنوات كانوا قد قدموا تصورا لقطاع غزة العام 2028 ووضعوا سياسية تتلاءم مع هذا التصور وأن القوة العسكرية أحد أدوات التنفيذ ليس أكثر.
هذا ما يغيب عندنا ويجب أن نعيد للفكر السياسي اعتباره خصوصا في الأزمات الوطنية الكبرى، ونحن الآن في عنق الزجاجة وعلينا البحث عن مخرج، علينا إجراء مراجعة للتجربة أو للتجربتين، فإسرائيل لديها نقاط ضعف كثيرة وكبيرة ولدى الفلسطينيين نقاط قوة كبيرة وليس أمام الفلسطيني سوى خيار الانتصار والسؤال هو كيف؟ الإجابة لدى الفكر السياسي الفلسطيني ولدى الفصائل ومفكريها ...!
حياتنا - التحليل والتحريم
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
في انتخابات عام 1996 خرج فقهاء حماس بفتوى تحرم الانتخابات في ظل الاحتلال، وكانت حماس آنذاك لا أمل لها في الفوز، وفي انتخابات عام 2006 كان لها أمل في الفوز فأصدر الفقهاء أنفسهم فتاوى تبيح الانتخابات.
في بداية المرحلة العباسية وصف الرئيس أبو مازن الصواريخ التي تطلق على اسرائيل دون أن تثير سوى الهلع والفزع والدلع بأنها عبثية، واعتبرت حماس ذلك مقاومة مشروعة، ولما استتب لها الأمر انقلابياً خرجت فتوى تقول ان اطلاق الصواريخ خيانة وطنية وجوسسة.
التفاوض مع الاحتلال هو الآخر تعرض لمثل هذه "المرمطة" فهو حرام شرعاً اذا قامت به السلطة، وصار حلالاً اذا اضطرت اليه حماس وفقاً لأخينا موسى أبو مرزوق.
التحالف مع دمشق أيام عرفات وهي تضرب الاخوان كان خيانة، ومع أن عرفات احتضن الاخوان الهاربين من سوريا في لبنان واحتضن المعارضين الهاربين من العراق واحتضن المعارضين الهاربين من بطش الشاه وصاروا لاحقاً قادة الثورة الايرانية، أما انقلاب حماس على دمشق فهو عمل بطولي، ثم التودد لها الآن ولحزب الله وايران هو عمل وطني.
هذا التقلب في المواقف يعبر عن انتهازية سياسية لا يجوز ربطها بالفتاوى والدين، فالدين ليس مطية نوجهها كيفما نشاء، من يمارس السياسة عليه عدم اقحام الدين بتاتاً إن كان يحترم دينه، فالسياسة بهلوانية الحراك لا يمكن ضبطها، والقياس الديني عليها فيه إهانة للدين.
فمع اعلان وقف اطلاق النار مؤخراً وجهت حماس تعليمات داخلية بالبدء الفوري في احتفالات النصر حتى أصيبت غزة المنكوبة بتخمة الانتصار، وأقيمت الأفراح والليالي الملاح في الشوارع ،وصدر قبل أيام "فرمان" يحظر الفرح والتجمعات الفرحية بحجة أن هناك شهداء وعائلات مكلومة وجرحى وأسر مشردة، ربما غاب عن ذهن المنتصرين أن ثمن النصر كان شهداء وجرحى ومشردون، حللوا الفرح ولما قضوا وطرهم حرموه. ابعدوا الدين عن السياسة احتراما للدين.
تغريدة الصباح – أن تكون... مواطنا
بقلم: حنان باكير – الحياة
إذا ما سئل إنسان عربي، عن معنى المواطنة، فماذا ستكون إجابته؟ فالكلمة لم تدخل قاموسنا العربي، لا القاموس اللغوي ولا النفسيّ، حتى الآن.
في بيروت التقيت امرأة، كانت تتحدث الى سائق سرفيس ضمّنا ذات مرّة. سألتها: أنت مواطنة، ألا تساعدك الدولة؟ صدرت عنها تنهيدة حرّة، وشيئا يشبه البكاء والضحك معا، ضحكة مرّة أو بكاءُ سخرية، لا أدري ما أسمّيه. ثم أردفت: جثة زوجي ما زالت رهينة في المستشفى، ولن يفرجوا عنها لدفنها، قبل أن أسدد المبلغ الكبير المتبقي من تكاليف علاجه، ليس لديّ الوقت الآن لأبكيه أو أحزن عليه، عليّ السعي لجمع المال، لأفكّ أسره وأكرّمه بدفنه.
هذا مثال سريع على بؤس أوضاع المواطن العربي. وليس من باب المفاضلة بين الشعوب أو الثقافات، ولكنه القهر والغضب الذي يدفعنا، الى شيء يشبه المقارنة، وتحميل النظام العربي، مسؤولية نشر ثقافة المواطنة، بحفظ كرامة مواطنيه.
ذات مرة، قُدّر لشاب نرويجي أن ألتقيه بعد عودته من السفر. سألني عن أخبار النرويج. أجبته بأن الخبر الأبرز هو سرقة لوحة " الصرخة " من متحف مونك. حملق بي وجحظت عيناه، واحمرّ وجهه وصرخ: يا الهي، هل هذا معقول؟ وبدأ يطرح اسئلة حول آخر التحقيقات، ويتحدث عن تاريخ اللوحة، والإجراءات الأمنية في المتحف... ثم اتصل بوالده يستوضح الأمر. كان يحكي بأسى وغضب، وكأنها خسارة شخصية كبيرة له، فما الذي يدفع شابا يافعا، للشعور بالغيرة على ثروة وطنية لبلده!؟ تساءلت في سرّي.
الأسبوع الماضي، نعمنا بمطر غزير ذكّرني بقول جدتي" الدنيا نازلي كبْ من عند الربْ" فجرف أوراق الخريف المتناثرة في كل مكان. وقفت أنتظر الإشارة لأجتاز الشارع، حين مرّ رجل نرويجي، استوقفته الأوراق والعيدان اليابسة، التي سدّت مصارف المياه.. رفع كمّ سترته وأخذ بجمعها وإلقائها في سلّة القمامة.. ما الذي دفع ذلك المواطن لهكذا سلوك؟ إنه الشعور بالمواطنة، واعتبار ذلك مسؤولية شخصية؟
في محطة المترو، تناولت الصبية التي وقفت تنتظر مثلي، شيئا من حقيبة يدها، فوقعت منها ورقة ولم تنتبه لها. فكّرت.. ربما كانت ورقة مهمة، نبّهتها للأمر.. فتناولتها واعتذرت مني، قبل أن تتوجه بها صوب سلّة القمامة، ثم عادت وشكرتني على ملاحظتي، وهذا ما لم أقصده بالطبع.
في مترو الأنفاق، جلست امرأة متقدمة في السن، تراقب بعض اليافعين في سن الطيش أو "الزناخة"، كما نقول في عاميّتنا، ورفع البعض منهم أقدامهم على المقاعد.. فوجهت لهم ملاحظة لاذعة، بشيء من التوبيخ اللطيف. فاعتذروا منها وجلسوا بأدب، مثل الشاطرين.
أن تشاهد مواطنا نرويجيا، يلتقط ورقة أو علبة مشروب عن الارض وإلقائها في سلة القمامة، هو مشهد طبيعيّ يتكرر أمامك.
من حوادث كهذه لاحظتها، أدركت وتعلمت معنى المواطنة، وشعور الفرد التلقائي بمسؤوليته تجاه بيئته ووطنه، لكن ذلك لا يتأتى في الأوطان التي تذلّ وتقمع مواطنيها، وتحرمهم أبسط حقوقهم، أو لا تعترف بآدميّتهم.. أو لا تعطيهم الوقت والمجال للبكاء والحزن على فقيد غال.
انتباهة - حماس والمفاوضات.. مباشرة ام غير مباشرة
بقلم: حسن الكاشف – الحياة
اثارت تصريحات الاخ موسى ابو مرزوق حول المفاوضات مع اسرائيل ردود فعل حمساوية وفلسطينية كثيرة ومتباينة، ومع ان الدوافع الحقيقية لإطلاق هذه التصريحات وتوقيتها تظل من باب التحليل والقراءات السياسية إلا ان هذه التصريحات وما سبقها من تعقيب انتقد فيه الاخ موسى اعدام حماس لعملاء اثناء الحرب علناً في اماكن عامة خارج السجن دون الاشارة الى محاكمات، تحسب لحركة حماس والحرص عليها ولا تحسب عليها.
وإذا كانت انتقاداته لعمليات الاعدام تصب في خانة الحرص على عدم مقارنة حماس بداعش وإعداماتها، فإن التصريحات الخاصة بالمفاوضات تؤكد حضور مسألة المفاوضات في التفكير القيادي الحمساوي، وهذا طبيعي ومتوقع.
اتفق قادة حماس مع زميلهم موسى ابو مرزوق على قبولهم بالمفاوضات غير المباشرة، واختلفوا معه على المفاوضات المباشرة التي وردت في تصريحاته من باب التلويح وكرسالة وصلت الى الاوساط الفلسطينية المسؤولة والى الوسط الحكومي الاسرائيلي.
ربما يظل النموذج الوحيد المعروف للمفاوضات الحمساوية - الاسرائيلية غير المباشرة هو نموذج تفاهمات وقف اطلاق النار التي اعقبت حروب 2009، 2012، 2014، وكان الوسيط في تلك المفاوضات مصرياً.
سوى الوسيط المصري هناك قنوات بحجم دول، لها علاقات مع اسرائيل ومع حركة حماس. ومن الطبيعي ان نفترض ان هذه الدول تنقل رسائل، كما ان اتصالات كثيرة تجريها شخصيات اميريكية وأوروبية مع حركة حماس، ولولا ان حركة حماس فصيل اساسي كبير مؤثر لما حرصت دول كبرى على الاتصال بها، والتحاور غير المباشر معها، وهناك شخصيات حمساوية قادرة على التحاور وهي معروفة، ونشهد لها بالكفاءة والقدرة على القيام بهذا الدور.
عشنا هذه الاجواء في سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حيث تعددت قنوات الاتصالات الفلسطينية - الاميركية والاوروبية والاسرائيلية، وحيث شهدت عواصم كثيرة من العالم لقاءات سرية، وكلها سبقت مفاوضات اوسلو، وكلها هيأت وأوصلت منظمة التحرير الى اوسلو.
يقيناً ان الاطراف التي تحرص على الاتصال بحركة حماس تطرح عليها، كما طرحت على منظمة التحرير الفلسطينية، ضرورة الاعتراف بالقرارات الدولية وفي مقدمتها "242"، بما يتضمن الاعتراف بإسرائيل، وعشنا دوامة الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل قبل اربعين عاماً، وكان اليسار الفلسطيني هو من بادر بإقامة صلات مع اليسار الإسرائيلي، وكان الاتحاد السوفييتي حليفاً اساسياً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان قد طالب المنظمة بالاعتراف بالقرارات الدولية.
رحم الله القائد الوطني الفلسطيني الكبير خالد الحسن فقد كتب حينها متسائلاً: هل هناك اعتراف تقدمي وآخر رجعي بإسرائيل؟! وكان هذا التساؤل الاستنكاري موجهاً لبعض اوساط اليسار الفلسطيني.
يقول الاخ ابو مرزوق في تصريحاته: انك تفاوض من تقاتل، ويؤكد ان التفاوض جائز شرعاً، فهل يثور التساؤل عن وجود فرق بين مفاوضات ومفاوضات؟
حركة حماس توافق على دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، ولا تمانع اية جهود في الامم المتحدة او المفاوضات المباشرة التي تؤمن وجود هذه الدولة.
ستظل مسألة اعتراف حماس بالقرارات الدولية التي تتضمن الاعتراف بإسرائيل كما ستظل حالة المفاوضات - مباشرة كانت ام غير مباشرة- مطروحة على حركة حماس، وسيكون ما هو مطروح على حركة حماس قابلاً ان يكون عنصر وحدة وقوة للموقف الفلسطيني مثلما هو قابل ان يكون عنصر خلاف كبير في الساحة الفلسطينية اذا ما ذهبت حماس الى المفاوضات.
رسائل الاعتراف المتبادل بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية تؤمن مظلة لكل الفصائل الفلسطينية التي ترفض الاعتراف، لأن هذه الرسائل تحصر الاعتراف بمنظمة التحرير ولا حاجة لاي فصيل في منظمة التحرير لأن يقوم منفرداً بالاعتراف.
منظمة التحرير الفلسطينية هي بيت الجميع وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ووجود الجميع في هذه المنظمة يعطي قوة للجميع كما انه قادر على افشال كل الجهود والمخططات الاسرائيلية التي لن تتوقف عن محاولات شق الساحة الفلسطينية حتى تفلت من حصار الاجماع الدولي الذي يرفض الاحتلال ويطالبه بالرحيل عن اراضي الدولة الفلسطينية.
نبض الحياة - "حماس" تحلل المفاوضات!
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
في لقاء على فضائية "القدس" الحمساوية أعلن موسى ابو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس نهاية الاسبوع الماضي استعداد حركته للانخراط في المفاوضات مع إسرائيل. واسباب القائد الحمساوي: اولا, لأن المفاوضات "حلال" وليست حراما وثانيا, لأن غالبية المواطنين في محافظات الجنوب (قطاع غزة) مع المفاوضات.
السببان يحتاجان لقراءة وتدقيق، وقبل ذلك، تملي الضرورة القول بالفم الملآن، ان قيادة حماس لم تكن يوما ضد المفاوضات، وكل الضجيج المفتعل خلال السنوات الـ(26) من تأسيس الحركة، كان للاستهلاك الديماغوجي، ولتضليل الشارع الفلسطيني، والايحاء بان القيادة الشرعية من خلال مفاوضاتها مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، "تتنازل" عن الحقوق الوطنية، وان "حماس"، هي وما تمثل فقط مع خيار "المقاومة"، وذلك إغراقا في التضليل وخلطا للاوراق امام قاعدة فرع الاخوان في فلسطين والمواطنين الفلسطينيين والعرب على حد سواء بهدف سحب البساط من تحت اقدام القيادة الشرعية.
بالتأكيد المرء، مع خيار المفاوضات لتحقيق الاهداف الوطنية. لأن كل صراع قومي او طبقي او ديني او طائفي يحتاج بالمحصلة إلى تفاوض بين الاطراف المتصارعة لتوقيع اتفاق او معاهدة سلام ارتباطا بموازين القوى في لحظة سياسية معينة من الصراع عندما تنضج الظروف، وتفرض الجلوس على طاولة المفاوضات. لكن المفاوضات لها حدود ضوابط، وليست مفتوحة. ولا يقبل اي طرف او قوة سياسية الجلوس على طاولة المفاوضات إلى ما لا نهاية من اجل المقاوضات.
وعود على بدء لما ذكره ابو عمر، فإن خيار المفاوضات لا يخضع لمعايير "الحلال" و"التحريم". لأن هذا المنطق مرفوض من حيث المبدأ. ولا يجوز إدخال الدين فيه. كون الاساس الناظم للقبول بالجلوس على طاولة المفاوضات مع العدو، هو مصلحة الشعب العليا، وليس اي اعتبار آخر. وكما اكدت تجارب الشعوب على مدار تاريخ البشرية: في حال يستطيع شعب وقوة سياسية ما من تحقيق اهدافها من غير نقطة دم واحدة، فإن هذا يعتبر إنجازا استراتيجيا لهذه او تلك من القيادات. ولكن إن فرض القتال والمقاومة، ولا خيار سوى المواجهة مع العدو، فإن المصلحة الوطنية او الطبقية تفرض حمل السلاح دفاعا عن الذات والاهداف اي كان طابعها.
وبالمقابل الموضوع الوطني العام لا يخضع لمزاج تجمع من الشعب، بل تمليه مصلحة الشعب كله، والمزاج العام برمته. قطاع غزة، جزء اصيل من الشعب والوطن الفلسطيني. ولكن هذا الجزء البطل، لا يمكنه ان يقرر مصير الشعب برمته. لذا اخطأ موسى ابو مرزوق في اختزال الشعب الفلسطيني بابناء الشعب الفلسطيني في القطاع. وهو ما يعكس حدود الرؤية الضيقة في قراءة مصالح الشعب الفلسطيني.
ومن زاوية أخرى، لماذا الآن اعلن ابو مرزوق القبول بالمفاوضات؟ ألم يكن من الاجدر به وبحركته الاخوانية القبول بالمفاوضات قبل ذلك، وازالة احد مساقات التضليل والتوتير في الساحة الفلسطينية؟ وهل هناك قوى اقليمية ارغمت "حماس" على الاعلان عن الموقف الجديد أم هو نتاج حسابات وتقديرات خاصة بالحركة؟
رغم ان بعض قادة وكوادر حركة حماس، اعلنوا استغرابهم مما طرح، وادعوا انهم فوجئوا امثال ابو السبح وغيره، فإن المرء لم يستغرب الموقف، وانما اللحظة والطريقة والتبريرات، التي طرح بها موضوع المفاوضات. ومن المؤكد ان الاعلان عن ذلك الآن لم يكن وليد الصدفة، بل لأن قيادة حماس، استجابت لمشيئة خيارها وايضا لقرار واجندات حلفائها، ولانها ومن يقف خلفها، أدركت ان الحرب الاسرائيلية الاخيرة (الجرف الصامد) على قطاع غزة، ليس مسموحا لها العودة للعبث بمصير المواطنين الغزيين مرة اخرى باسم ذريعة "المقاومة" ومن ثم القبول بهدن مذلة ومهينة بمجرد اتصال من وزير خارجية قطر مع خالد مشعل، بعد ان اتصل جون كيري مع المسؤول القطري لفرض الهدنة. وايضا لانها استنزفت كل احابيلها ومسوغاتها التضليلية، ولم يعد الشارع الوطني مستعدا للتساوق معها، كما ان الشارع العربي وقواه السياسية، كشفوا حقيقة الاخوان المسلمين واهدافهم واكاذيبهم وحدود "مقاومتهم".
دائرة الطباشير في غزة
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
دائرة الطباشير القوقازية تعتبر من اهم مسرحيات الكاتب الالماني التقدمي برتولت بريخت، وتحكي المسرحية عن ملكة تتخلى عن طفلها الرضيع وتهرب خوفا ويظل الصغير في رعاية الخادمة الصغيرة التي أحبته ورعته، حتى تمر الأعوام وتعود الملكة للحكم وتطالب باسترداد إبنها لكن الخادمة ترفض وتتمسك به وعندما يقع القاضي في حيرة من أمره يصنع دائرة من الطبشور ويضع بداخلها الصغير ويطلب من كلتيهما أن تجذباه لخارج الدائرة. وتنجح الملكة في جذبه وانتزاعه بقوة من يد الخادمة الحنون فيحكم القاضي للخادمة بالطفل. هكذا صور بريخت فكرة إذا أحببت شيء فلا تتنازع عليه وتمزقه.
ان القوى والفصائل تنازعت على غزة حتى مزقتها، والان وبعد اسابيع من الحرب لا تزال القوى تتنازع على غزة واعادة اعمار غزة لدرجة انه لم يقدم احد على اعمارها.
لا يحتاج الامر الى تنظير كبير، بل الى افعال صغيرة. من يحب غزة فليتركها ولا يخنقها بحبه الملتهب، وليتعامل معها بحنان وبحنو، ومن يجذبها نحو تنظيمه بقوة فهو لا يحبّها وسيعمل على تمزيقها. وانا لم أر حبا خشنا الى هذه الدرجة. تحبون غزة؟ اتركوها تختار.
امّا اعادة الاعمار فالامر سهل، فلتقوم حماس وقطر وتركيا باعادة اعمار ما تستطيع، ولتترك حكومة الحمد الله تعيد اعمار المؤسسات والجسور والطرقات والابراج التي هدمها الاحتلال، ولتتفضل وكالة الغوث والامم المتحدة وتعيد اعمار المرافق والمنازل، ولتتفضل مصر وتعيد ترتيب معبر رفح كما تريد وكما تختار هي مع الرئاسة الفلسطينية، ولتتفضل اوروبا وروسيا وامريكا اللاتينية وكذلك جامعة الدول العربية ورجال الاعمال والمؤسسات العربية ولجان الزكاة والامارات والسعودية. تفضلوا لاعادة اعمار غزة، بارك الله فيكم.
الشتاء على الابواب، ومن يحب غزة لا يمنع اعادة اعمارها، لا يمسكن بعنقها، لا يأخذنها رهينة، لا يجثون فوق صدرها ولا يتحكمن بمعابرها. من يحب غزة يحررها، يطلق جناحها. وهي تعرف كيف تختار في الانتخابات القادمة.
مسرحية الكاتب الكبير بريخت موجودة في الاسواق وعلى صفحات الانترنت، وجب على السياسيين قراءتها مرة اخرى، ليتعلموا ويفهموا ان الحب ليس بالقوة، وان المشاعر لا تبع بحد السيف وعلى رؤوس الرماح.
اقــلام وأراء محلي الاحد 14/9/2014
</tbody>
<tbody>
</tbody>
في هذا الملـــــف:
v "داعش" أم مأساة الاحتلال الاسرائيلي
بقلم: حديث القدس – القدس
v الأحد... وكل يوم أحد غزة والقدس في غمرة الحرب على «داعش» وخيارات القيادة الفلسطينية!
بقلم: زياد ابو زياد – القدس
v أيلول والهواجس المؤجلة
بقلم: خيري منصور – القدس
v ذكرى اتفاق اوسلو ودروس الحاضر والمستقبل
بقلم: حديث القدس – القدس
v انكشاف النساء في الحرب على غزة
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
v شركاء في الحرب والسلم
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
v عن انسداد أفق "السياسة والسلاح" .."فتح وحماس" ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
v حياتنا - التحليل والتحريم
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
v تغريدة الصباح – أن تكون... مواطنا
بقلم: حنان باكير – الحياة
v انتباهة - حماس والمفاوضات.. مباشرة ام غير مباشرة
بقلم: حسن الكاشف – الحياة
v نبض الحياة - "حماس" تحلل المفاوضات!
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
v دائرة الطباشير في غزة
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
"داعش" أم مأساة الاحتلال الاسرائيلي
بقلم: حديث القدس – القدس
تداعت عشر دول عربية على وجه السرعة مستجيبة لتحرك اميركي - غربي الاسبوع الماضي لتجتمع في الخليج بحضور وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي يواصل جولته في المنطقة بهدف توجيه ضربات لتنظيم "الدولة الاسلامية" داعش المتشدد بعد سيطرته على أجزاء من سوريا والعراق، تحت شعار محاربة الارهاب والتطرف فيما تواصل واشنطن استعداداتها سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي تمهيدا لهذه الهجمات. السؤال الذي يطرح بهذا الشأن هو: قبل أسابيع شنت اسرائيل على مدى أكثر من خمسين يوما عدوانا مدمرا على قطاع غزة وكذا في الضفة الغربية راح ضحيته أكثر من الفي شهيد واثني عشر الف جريح غالبيتهم الساحقة من المدنيين العزل نساء وأطفالا وشيوخا ولم نجد مثل هذا التحرك الاميركي - الغربي ولا مثل هذا التنادي العربي ليس لضرب اسرائيل وإنما لوقف عدوانها، فكيف يمكن ان تفسر مثل هذه الازدواجية ؟!
الخطر الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة واسرائيل على أمنهما ومصالحهما وكذا بعض الأنظمة العربية من تنظيم "الدولة الاسلامية" لا يتجاوز عمره عدة شهور فيما مأساة الاحتلال الاسرائيلي وحرمان شعب بأكمله من حقوقه السياسية والانسانية يتواصل منذ عقود، كما ان صور العدوان على قطاع غزة هزت العالم أجمع الى درجة ان بعض المنظمات الحقوقية الدولية المعروفة بنزاهتها اعتبرت ان ما اقترفته اسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين يعتبر جرائم حرب وصولا الى جرائم ضد الانسانية ، فلماذا لم تتحرك اميركا ولم تتحرك اوروبا التي تتباكى اليوم ازاء الخطر المحدق ؟ ولماذا لم يتحرك الزعماء العرب لنصرة فلسطين والدفاع عن أهلها ؟!
إن ما يجب ان يقال هنا ان من سخريات القدر ان تنضم اسرائيل قوة الاحتلال غير الشرعي التي ارتكبت العدوان على غزة وتحتل الاراضي الفلسطينية منذ عقود منتهكة القانون الدولي، ان تنضم الى هذا التحالف الاميركي - الغربي - العربي لإزالة خطر داعش في الوقت الذي يتواصل فيه خطر الاحتلال الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بما فيها تلك الشعوب التي سارعت أنظمتها للاستجابة للموقف الاميركي والانضمام الى التحالف المذكور.
ومن الواضح إزاء هذا الوضع أننا نعيش في عالم قُلبت فيه المعايير وتجلت فيه الازدواجية المقيته إزاء الشرعية الدولية كما تجلى فيه التخاذل العربي عن خدمة المصالح الحقيقية للأمة العربية. فأولئك الذين تنادوا لنصرة اميركا واسرائيل من القادة العرب لم يتنادوا لنصرة القدس والأقصى الذي يتعرض لانتهاكات يومية اسرائيلية ولمخططات التقسيم الزماني والمكاني ويمنع الفلسطينيون من الوصول اليه لأداء شعائرهم الدينية. فهل أصبح خطر "داعش" أكبر من ذلك الخطر الذي يمثله الاحتلال الاسرائيلي على شعب فلسطين ومقدساتها؟!
الغرب المنافق ممثلا بأميركا وتابعته اوروبا اتحفنا على مدى عقود بشعارات حقوق الانسان والديمقراطية والشرعية الدولية .. الخ وقد رأينا كيف أن هذا الغرب داس ولا زال كل هذه القيم بتجاهله للمأساة الحقيقية للشعب الفلسطيني الذي يعاني استمرار الاحتلال الاسرائيلي ومصادرة حقوقه. ولذلك لا يحق لهذا الغرب بعد اليوم ان يوجه المواعظ للشعوب العربية والاسلامية وخاصة للشعب الفلسطيني بعد ان أسقط كل الأقنعة التي تستر وراءها ليثبت اليوم ان ما يهم هذا الغرب هو مصالحه الاستعمارية الجديدة على حساب الشعوب العربية والاسلامية.
الأحد... وكل يوم أحد غزة والقدس في غمرة الحرب على «داعش» وخيارات القيادة الفلسطينية!
بقلم: زياد ابو زياد – القدس
سوف يسجل التاريخ بأن هجمات الحادي عشر من ايلول 2001 كانت نقطة تحول في تاريخ الحركات الاسلامية والدول العربية على حد سواء ، ذلك لأن تلك الهجمات التي تبنتها «القاعدة» ، كانت بمثابة الضوء الأحمر الذي أعطى الاشارة لشن هجوم مضاد ضد الاسلام والعرب باعتبارهم الحاضنين للحركات الاسلامية بشكل عام دون تمييز، وأعطى الفرصة لأعداء الاسلام والعرب لكي يركبوا الموجة ويتخذوا من تلك الهجمات ذريعة للتحريض ضد الاسلام والمسلمين وزجهم في خانة الارهاب .
وقد جاءت هذه الهجمات على خلفية ما وصف بزلة لسان الرئيس السابق جورج بوش الذي قال بأنه يشن حربا صليبية ، والذي قام في وقت لاحق بتهيئة الأجواء للقيام بتدمير العراق وإسقاط نظام صدام حسين ، وتحويل العراق إلى ساحة للاقتتال العرقي والطائفي ، ونقل تلك الحالة إلى العديد من الدول العربية بإذكاء نيران الفتن الداخلية تحت طائلة ما سمي زورا وبهتانا بالربيع العربي.
فالذي يجري على طول العالم العربي وعرضه هذه الأيام هو حرب ضروس يشنها الغرب بقيادة أمريكا لتدمير مقدرات العديد من الدول العربية واستنزاف طاقاتها لاعادة صياغة أنظمتها ومجتمعاتها بعد أن يكون قد أنهكها القتال وانعدام الاستقرار الأمني الداخلي وتدهور الوضع الاقتصادي والقيمي والأخلاقي نتيجة لهذا القتال الذي وصل حد أن يُقتل المرء دون أن يعرف فيم قُتل!
هذا الاصطفاف والقتال الذي يدور اليوم ربما يكون قد بلغ ذروته - إن لم يكن القادم أسوأ – بانضمام أحد عشر دولة عربية هذه الأيام للتحالف الذي دعت إليه الولايات المتحدة للحرب ضد ما يسمى بدولة الاسلام في العراق وبلاد الشام «داعش» ، بسبب توفر القناعة لدى أنظمة الدول العربية التي انضمت لهذا التحالف بأن خطر داعش في الطريق إليها وأن عليها التصدي لهذا الخطر قبل أن يقضي عليها. فالأتظمة العربية التي انضمت لهذا التحالف ترى فيه مصلحة عليا وترى في الحرب ضد داعش ممارسة لحقها المشروع في الدفاع عن النفس .
هذا الاصطفاف العربي ضد داعش سبقه اصطفاف عربي للحرب ضد نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ، واصطفاف بعض الدول العربية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد! فالعرب منذ عقد ونصف منشغلون في الحروب الداخلية ضد بعضهم البعض ولصالح الأجندة الأمريكية التي لا تختلف في الجوهر عن الأجندة الاسرائيلية.
ولقد رسم الرئيس الأمريكي السابق ملامح هذه الحرب ضد القاعدة ومن أسماهم بالارهابيين رامزا للجماعات الأسلامية المتشددة ، وذلك في خطابه للأمة أمام جلسة مشتركة للكونغرس ومجلس النواب في التاسع عشر من أيلول عام 2001 فقال:" سوف نستخدم كل الامكانيات الموجودة تحت سيطرتنا – كل الامكانيات الدبلوماسية ، وكل الأدوات الاستخبارية وكل وسائل تعزيز القانون وكل وسائل الضغط والتأثير المالية ، وكل الوسائل القتالية لتدمير وهزيمة شبكة الارهاب الدولي.."
لن تكون هذه الحرب كالحرب التي كانت ضد العراق قبل عقد من الزمن مع حزم في تحرير الأرض والوصول إلى النتائج السريعة، ولن تكون كالهجمات الجوية فوق كوسوفو قبل عامين حيث لم يتم استخدام قوات المشاة على الأرض ولم نفقد ولو جنديا امريكيا واحدا.
" سيتضمن ردنا شيئا أبعد بكثير من الانتقام الثأري الفوري والضربات المنفردة ، وعلى الأمريكيين أن لا يتوقعوا معركة واحدة بل حملة طويلة الأجل لم يسبق أن شاهدنا لها مثيلا. وقد تتضمن هذه الحملة ضربات نشاهدها على شاشات التلفاز وعمليات سرية يبقى نجاحها أمرا سريا لا نعلن عنه.
" سنجعل الارهابيين يتضورون من قلة موارد الدعم المادي ، وسنجعلهم يقاتلون بعضهم البعض ، وسنطاردهم من مكان إلى آخر إلى أن لا يبقى لهم مكان يلجأون إليه. وسنلاحق الدول التي تقدم الدعم أو المأوى للارهابيين وعلى دول المنطقة أن تختار : إما معنا أو ضدنا. "
والتمعن في هذا المقطع من الخطاب يؤكد أن ما يجري على الساحة العربية ليس من قبيل الصدفة وإنما بفعل فاعل لجعل الحركات التي تدعي أنها إسلامية تدمر بعضها بعضا تمهيدا لانقضاض امريكا عليها وتدمير ما تبقى منها.
وللحقيقة والتاريخ فإن من الواجب القول بأن ممارسات بعض هذه الحركات التي تنتحل لنفسها إسم الاسلام هي أبعد ما تكون عن الدين الاسلامي الحنيف المبني على الأخلاق والقيم والمبادىء والذي يحرم ويجرم قتل الأبرياء بما في ذلك الأسرى والشيوخ والنساء وكل من لا يحمل السلاح ويقاتل ضد المسلمين. ولقد بلغ الفجور الذي مارسته بعض هذه الفئات كجهاد النكاح وقطع الرؤوس ودفن الأحياء وغير ذلك حدا دون مستوى الأخلاق والقيم والمثل الاسلامية واستغل من قبل خصوم الاسلام والمسلمين للتحريض ضدهم وتشويه صورتهم.
ولا بد من إسقاط ما يحدث في المحيط الفلسطيني على الحالة الفلسطينية. ولعل أخطر ما في ذلك هو تراجع القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي عن رأس قائمة الأولويات العربية وانشغال العرب في أمورهم الداخلية سواء الصراعات التي تفجرت داخل هذه الدول ، أو استنفارها للحرب ضد داعش أو ضد ما يسمى بالخطر الشيعي الذي نجحت أمريكا في إقناع بعض الدول العربية وخاصة الخليجية بأنه يشكل خطرا عليها أكثر من إسرائيل وأن إسرائيل هي حليف هذه الدول في الحرب ضد الخطر الايراني ، ففتحت القنوات السرية وشبه العلنية بين هذه الدول وإسرائيل ، وتواطأ بعضها مع إسرائيل ، وبلغ ذلك التواطؤ حد أنه حتى المسجد الأقصى والقدس ، التي يُفترض أن تكون قضية العرب والمسلمين الأولى ، لم تعد الاعتداءات المتكررة عليها وتغيير معالمها ودخول اليهود وصلاتهم في رحاب الأقصى تثير نخوة أو غضب أي مسلم أو عربي!
هذه الحقيقة الخطيرة لعبت دورا في الموقف العربي اللامبالي الى حد ما أثناء الهجوم الاسرائيلي الأخير على قطاع غزة. وهذه الحقيقة هي أيضا وراء تراجع الاهتمام العربي والدولي في متابعة معالجة نتائج العدوان الاسرائيلي على القطاع سواء فيما يعرف بإعادة إعمار قطاع غزة أو معالجة السبب الرئيس الذي يكمن وراء هذا العدوان وهو استمرار الاحتلال الاسرائيلي للأرض الفلسطينية واستمرار الأنشطة الاستيطانية الاسرائيلية في القدس والضفة الغربية التي نجحت في قتل أية إمكانية للتوصل إلى تسوية سياسية للصراع الاسرائيلي الفلسطيني على أساس ما يسمى بحل الدولتين.
" ذهبت السكرة وأتت الفكرة "...انتهت احتفالات ما سمي بالانتصار في غزة ، وبقي الدمار والتشرد والثكالى والأيتام والجرحى والمعوقين... والخوف كل الخوف أن نسمع طحنا كثيرا ولا نرى طحينا. فما العمل؟
والجواب هو في غاية الصعوبة. فمن السهل جدا التنظير والمزاودة ، ومن الصعب جدا اتخاذ الموقف الشجاع الذي تستوجبه اللحظة ، اللهم إلا إذا توفرت الجرأة على اتخاذ ذلك القرار مهما كانت النتائج.
فالقيادة الفلسطينية تقف اليوم أمام عالم عربي منشغل عنها غير آبه لما يجري في فلسطين ، وأمام عالم متواطىء مع إسرائيل ، يحاول أن يفرض على القيادة الفلسطينية فقط ما يمكن أن تقبل به إسرائيل. وحتى خيار التوجه ثانية إلى الأمم المتحدة والتحرك دبلوماسيا لنيل العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة والانضمام لمنظماتها بات أمرا ممنوعا على هذه القيادة التي تتعرض للتهديد والابتزاز بقطع المساعدات عنها واستخدام الفيتو الأمريكي ضدها إذا هي تجرأت على ذلك ، حيث أن المطلوب أمريكيا من هذه القيادة في المقابل أن تستمر في لعبة المفاوضات من أجل المفاوضات ، حتى لو استمر الاستيطان والاعتقالات ومصادرة الاراضي وتكريس الاحتلال والضم والتوسع الاسرائيلي.
ولعل الأسبوعين القادمين حتى انعقاد الدورة السنوية للأمم المتحدة في أواخر هذا الشهر تشكل الفرصة الأخيرة أمام هذه القيادة التي عليها أن تقرر ما إذا كانت ستستمر في تمثيل دور المفاوض العبثي وتعطي الغطاء لاستمرار الاحتلال والاستيطان وتكريس الأمر الواقع ، أو أنها ستلجأ للشرعية الدولية وتطالب العالم بتحمل مسؤولياته إزاء الاحتلال والغطرسة الاسرائيلية ، أو أن تعلن وبكل وضوح تخليها عن مظاهر الحكم والانضمام إلى الشعب في مواجهة مكشوفة مع الاحتلال والاستيطان أو أنها ستعلن الاستسلام والمطالبة بضم ما تبقى من أرض فلسطين إلى إسرئيل.
فالحقيقة الواحدة التي لا يجوز أن يختلف عليها اثنان هي أن أسوأ خيار أمام الشعب الفلسطيني هو استمرار الأمر الواقع الحالي حيث لا حل ولا سلام وحيث تتوفر كل الوسائل المريحة أمام إسرائيل للتفرغ لتنفيذ برنامجها الاستيطاني بينما يقوم الفلسطينيون بتقديم الدعم الأمني لها من خلال ما يسمى بالتنسيق الأمني ويقوم العالم بتمويل الاحتلال من خلال ما يسمى بتقديم الدعم المالي للسلطة الفلسطينية!
أيلول والهواجس المؤجلة
بقلم: خيري منصور – القدس
هل تكفي ثلاثة عشر عاماً لإعادة فتح ملف ملغوم بالأسرار وغيّر مسار العالم في الحادي عشر من أيلول، حين كان فاتحة ألفية ثالثة وقرن جديد؟
ما يثار الآن داخل الولايات المتحدة من أسئلة حول هذا الملف قد يجعل من الذكرى الأيلولية لهذا العام شيئاً مختلفاً، لأن ما كان أشبه بالمسلمات والبديهيات تحول إلى حلبة للسجال . فالزمن لم يغلق الأبواب لكن ما مرّ من الوقت حتى الآن على ذلك الزلزال ليس كافياً بمقياس التقاليد والطقوس البروتوكولية التي تفتح الصناديق السود .
وما يثار الآن من أسئلة وهواجس حول ذلك الحدث الجسيم ليس البداية، فقد كرس عالم فرنسي كتاباً كان هدفه التشكيك بالرواية الرسمية عن ذلك الحدث . ولفهم ما قاله لا بد من توافر حدّ أدنى من المعرفة المعمقة بالفيزياء لأن الرجل اختار مقترباً علمياً كما يقول . لكن ردود الأفعال على أطروحته لم تكن كذلك، بل كانت إعلامية وإنشائية!
مثيرو الأسئلة في أمريكا حول زلزال مانهاتن يتذكرون مصرع جون كينيدي وما أحاط به وأعقبه من دراما تعج بالألغاز وكذلك مصرع مارتن لوثر كنج . وأحداث أخرى أوشكت أن تتحول إلى جرائم كاملة وتسجل ضد مجهول، ومن دوافع هذا السجال الذي تأخر ثلاثة عشر عاماً عن موعده ما يقوله بعض الأمريكيين عن خسائر بلادهم الفادحة جراء ذلك الحدث .
وهي ليست مادية فقط، بل معنوية وأحياناً أخلاقية، فقد استخدم الحادي عشر من أيلول ذريعة لانتهاك الحريات الشخصية، بحيث بات على المواطن الأمريكي أن يتنازل عن جزء كبير من حريته في سبيل جزء أقل من أمنه، وهذه تعتبر معادلة طارئة على الثقافة الأمريكية وما بشر به رواد القارة من تنوير وحماية لحرية الأفراد، والمسألة لم تصل بعد إلى الحدّ الذي تطرح فيه على مفترق طريقين، أو فض الاشتباك بين ما هو حقيقي وما هو مؤلف ومختلق خصوصاً بعد أن تبنى أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة ما حدث، بحيث أصبح من الناحية الشكلية على الأقل ما هو مجهول معلوماً .
لكن هناك أيضاً من الأمريكيين من يشككون في جدية هذا التبني لأسباب تكنولوجية بالدرجة الأولى ولأسباب سايكولوجية بالدرجة الثانية فأحياناً يسارع طرف ما في الصراعات إلى تبني فعل لا يقوى على إنجازه وتلك بالطبع حكاية أخرى تطول!
ومن أبرز هذه الأسماء الأمريكية الداعية إلى إعادة فتح هذا الملف، وبالتالي استئناف التحقيق طبيب من تكساس وهو أيضاً من المتخصصين في المتفجرات اسمه رون بول وسبق له أن فاز نائباً عن تكساس .
فهل كان هذا الطبيب هو أول من علق الجرس؟ أم أن ما كان مخفياً صَعدَ إلى السطح؟
ذكرى اتفاق اوسلو ودروس الحاضر والمستقبل
بقلم: حديث القدس – القدس
في مثل هذا اليوم 13/9 عام 1993 تم التوقيع على اتفاق اوسلو التاريخي الشهير، وبعد هذه المدة الطويلة نكتشف جميعا ان اخفاقات كثيرة وتقصيرات متعددة قد صبغت هذا الاتفاق حتى وصلنا الى ما نحن فيه اليوم من اوضاع. وكان هناك معارضون للاتفاق منذ البداية وفي مقدمة هؤلاء الدكتور حيدر عبد الشافي الذي ترأس وفد فلسطين الى المفاوضات العلنية وانتهى دوره بعد اوسلو.
لقد اعتقد القائد ابو عمار انه بعودته الى غزة واريحا اولا قد بدأ فعلا مرحلة العودة الموعودة واقامة حلم الدولة الفلسطينية الذي ناضل من اجله شعبنا وقدم عشرات آلاف الشهداء في سبيل اقامتها واعتقدت القيادة ان قيام السلطة الوطنية واجراء الانتخابات التشريعية سيكون قاعدة قوية للمستقبل وعلى طريق البناء والتأسيس القوي. كما عاد مع القيادة مئات آلاف الفلسطينيين وكان هذا انجازا مهما.
ولكن كانت هناك قضايا كثيرة لم يحددها الاتفاق او لم يتطرق اليها اساسا، وفي مقدمته تلك القضايا كان الاستيطان الذي لم يتوقف ابدا منذ الاتفاق وانما ازداد واتسعت رقعته وصار سرطانا يهدد كل الآمال باقامة الدولة. كما تم تأجيل بحث قضية القدس حتى وصلت الامور فيها الى ما هي عليه اليوم من مساع للتهويد والتهجير واقتسام الزمان والمكان في المسجد الاقصى المبارك وغير ذلك من ممارسات.
ومن التقصيرات المدمرة اننا اعترفنا باسرائيل ثم عدلنا الميثاق الوطني مقابل اعتراف اسرائيل بمنظمة التحرير، دون ان يتطرق الاتفاق الى حدود اسرائيل التي اعترفنا بها ولا الى اقامة الدولة الفلسطينية في حدود 1967. وهناك قضايا اخرى كاللاجئين وحقهم في العودة والاسرى ما قبل الاتفاق وغير ذلك.
بعد هذا الاتفاق الذي وقعه وبادر اليه القائد ياسر عرفات، كانت النتيجة ان اغتالوا هذا الرمز التاريخي المخلص وتجاهلوا كل ما يتعلق بحقوقنا وازدادوا غطرسة واعتزازا بالقوة العسكرية التي يتمتعون بها.
وليس المقصود ولا المطلوب اليوم، ان نبكي او نتباكى عما مضى ولا ان نكرر لو عملنا كذا او لم نعمل كذا، انما استخلاص العبر مما مضى لمعالجة الواقع الذي نعيشه ونعاني منه اليوم، واستيعاب الدرس الاساسي من كل ما مضى وهو ان اسرائيل غير معنية باقامة سلام حقيقي او القبول باقامة دولة في حدود 67 وانما هي تريد مصادرة كل الارض والتخلص من اكبر عدد من الفلسطينيين، وهم لا يخفون ذلك ولا ينكرونه وانما يتحدثون عنه بوضوح وصراحة رغم كثرة احاديثهم الجوفاء عن السلام.
وعلى هذا الاساس فان البحث عن السلام عن طريق التفاوض او انتظار ضغوط اميركية او دولية على اسرائيل ليس اكثر من اضاعة للوقت وقتل للحلم الوطني بالاستقلال ...ولا بد من وقفة جادة لاعادة التقييم واستخلاص ما يجب علينا ان نفعله في مواجهة التحديات المصيرية التي تعصف بنا.
انكشاف النساء في الحرب على غزة
بقلم: ريما كتانة نزال – الايام
حجم النقاشات التي دارت بين النخب النسوية والمهتمين بالقرار 1325، من الأكاديميين والحقوقيين والسياسيين الفلسطينيين، يفوق حجم التطبيقات المنجزة على خلفية قرار مجلس الأمن الخاص بالنساء ومشاركتهن بالأمن والسلام، ولن تدفعني حقيقة الغرق في نقاش المبادئ إلى التقليل من حجم وأهمية الأنشطة المنظمة المستندة إلى القرار المندرجة في إطار التطبيقات، لكونها أفادت في اختبار صحة الرؤية الفلسطينية العامة للقرار، التي أمسكت بمقاربة القرار بحالة المرأة الفلسطينية تحت الاحتلال، من خلال ربطه بقرارات ذات صلة بالقضية الفلسطينية صادرة عن ذات الجهة الأممية، وربطه بالقوانين الدولية الإنسانية.
لكن الحالة الفلسطينية بغنى عن المزيد من النقاش حول المبادئ والمفاهيم، بل لا تقتضي استمرار قراءة الأثر الذي يتركه الاحتلال على الضحايا ومحاسبة المتسبب بها، ورصد الاحتياجات الجديدة للنساء ومراعاتها، وهي الاحتياجات التي أظهرتها بوضوح الحرب الأخيرة على غزة وتداعياتها ورفع شأن تطبيق المفهوم والرؤية الفلسطينية على الأرض، وتعميمها على الساحات الدولية لحشد القوى بوجهة المساءلة مع تطوير الأدوات المستخدمة لتظهير الأثر.. حيث لوحظ أن انعكاسات الحرب على النساء والأطفال تختلف عن انعكاساتها على باقي القطاعات، وتم استخلاص أهمية مراعاة الاحتياجات المختلفة للمرأة والطفل الخاصة عن احتياجات باقي الفئات، واختلاف المساعدات الإنسانية والإغاثية المقدَّمة لهما.
تفاوت وتباين الاحتياجات الإنسانية والإغاثية، هو ما ظهّرته مبكراً مسؤولة مكتب المرأة في الأمم المتحدة في غزة، عندما دعت فورا بعد الهدنة الأولى، إلى اجتماع ضم المراكز والمؤسسات النسوية في غزة قدمت خلاله المعلومات المتعلقة بتفاوت أثر الحروب على النساء في غزة، كما قدمت رؤيتها إلى مؤتمر طاقم شؤون المرأة في الضفة، للإضاءة على الموضوع وطرح الاستحقاقات، الذي يرتِّب مهمة جديدة على الائتلافات المنشأة للعمل بالقرار الذائع الصيت 1325، والمتمثلة بضرورة تطوير استمارة توثيق الانتهاكات والجرائم المرتكبة من الاحتلال بحق المرأة، واستيعاب الجوانب الجديدة للأثر وإضافته لاستمارة التوثيق من خلال إدخال الأبعاد "الجندرية" انسجاماً مع خصوصية المرأة في القرار.
ثلاث حروب متوالية شُنت على غزة في الخمس سنوات الأخيرة، أوضحت بعمق تباين انعكاس الحرب وخاصة في قياس أثر الهجرة. وللاقتراب أكثر من الحالة، تم رصد ما أظهرته الحرب التي تواصلت خمسين يوما على قطاع غزة. حيث أشارت المُعطيات إلى تهجير أكثر من نصف مليون انسان نصفهم من النساء، وفي معاناة الهجرة وأهوالها يستوي النساء والرجال، ولكن المختلف يتركز في طبيعة الضرر ونوعيته على المرأة بسبب الخصوصية الفسيولوجية، وبسبب تعقيدات البيئة المحافظة والتمييز الممارس ضد النساء والطفلات.
وحتى لا يبدو الأمر كترف "جندري" لا يحتمله الواقع، سأذهب إلى حقيقة أن غزة قد شهدت ولادة أكثر من خمسة آلاف طفل خلال الحرب، ولنا أن نطلق خيالنا قليلاً وتصور الظروف التي تمت بها الولادة، وتوقع المعاناة التي تليها. وسأترك للشهادات أن تقول ما لا يستطيع الإعلام خوضه وتظهيره، بل لا يلتفت إليه بسبب حساسيته وعلاقته بالانكشاف الاجتماعي، لكن الشهادات ذهبت بجرأة إلى ما خلف الخبر الذي كان يركز على البعد الوطني والديموغرافي للولادات في مواجهة استهداف الاحتلال الإبادة والتطهير العرقي.
تشير شهادات النساء الى أن من حالفهن الحظ وضعن مواليدهن في المستشفيات سرعان ما تنكر لهن، بسبب تخريجهن المبكر دون القدرة على الحصول على الأدوية والمستلزمات الطبية، كما اشتكين من سوء وقلة العناية الصحية في مراكز الإيواء. فكيف الحال بمن وضعن مواليدهن في بيوت الايواء وغيرها عقب هجرة مرعبة..!.
أما بعد الولادة فعجزت الشهادات عن توصيف الواقع والمشاعر، والتي أشارت إلى العناوين التي يدرج تحتها جميع أشكال المعاناة التي يمكن اختبارها ولا زالت قائمة، من شحّ العناية والمواد الصحية ونقص المرافق الصحية، إلى افتقاد بيوت الايواء لغرف الاستحمام، وسوء التغذية للأمهات والأطفال، إلى اكتظاظ واختناق الغرف الصفية...دون أن نغيب عاملاً قوياً يتحكم ويفاقم من اثر المعاناة الإنسانية والمتمثل بسيطرة ذكور العائلة على حركة النساء وتوقيتها، بسبب الضغط الاجتماعي والمخاوف من الاعتداءات وعلى السمعة، في ظرف انكشف الواقع أمام السماء، وبشكل أوضح ويحط بكرامة المجتمع وعلى الأخص النساء.
هذا غيض من فيض عناوين مما قدمته الشهادات، وهو الأمر الذي يوضح انعكاسات واحتياجات مختلفة للنساء عن غيرها من الفئات في الشارع وبيوت الإيواء والبيوت المستأجرة ولدى الأقارب ورحاب الحدائق.. وبما يضع الكل النسوي أمام استحقاقات تطوير استمارة التوثيق من الزوايا الجندرية، والعمل مع "الأونروا" وسائر المؤسسات الإغاثية لتلحظ احتياجات النساء والأطفال وتعديل مساعداتها الإنسانية.
شركاء في الحرب والسلم
بقلم: حمادة فراعنة – الايام
لست متشائماً، نحو إعادة وصل العلاقات الفتحاوية الحمساوية وترطيبها، ولدي ثقة أن فرصاً ستتوفر قبل نهاية المطاف، وقبل أن يصل الفصيلان الفلسطينيان الأساسيان إلى الطريق المسدود، لأن لكليهما مصلحة لدى الطرف الآخر، في التوصل إلى تفاهم واتفاق، وعمل مشترك، فالخيارات المتاحة أمام قيادة الفصيلين، محدودة، تستوجب التلاقي في منتصف الطريق، وإكمال المشوار معاً في: 1- إطار منظمة التحرير الموحدة، و2 - صياغة البرنامج السياسي المشترك، و3 - اختيار الأدوات الكفاحية المناسبة.
مصدر عدم تشاؤمي، وثقتي، أن الأوضاع العربية المحيطة بالوضع الفلسطيني برمتها ليست لصالح الشعب العربي الفلسطيني فالأولوية محاربة "داعش" و"القاعدة"، وبالتالي ليست لصالح "فتح" أو لصالح "حماس"، والأوضاع الفلسطينية والعربية والدولية ما زالت "طابشة" لصالح المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي المتفوق، والصراع معه وضده ما زال ساخناً ومحتدماً، والطريق نحو استعادة الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني في مسألتي 1- الدولة المستقلة و2- حق اللاجئين في العودة، مغلق إسرائيلياً، لأكثر من سبب:
1- حكومة مستوطنين يمينية متطرفة لا يتوافر عندها الحد الأدنى من رغبة التعايش والتسوية مع الفلسطينيين، لا رئيس الحكومة نتنياهو، ولا حزب الليكود الحاكم، ولا أحزاب الائتلاف المشاركة معه، "إسرائيل بيتنا" برئاسة ليبرمان و"البيت اليهودي" برئاسة بينيت، ولا الأغلبية البرلمانية في البرلمان، لديها توجهات أو الاستعداد للتوصل إلى تسوية معقولة مع الشعب الفلسطيني، لا بشأن الدولة، ولا بشأن عودة اللاجئين.
2- طريق المفاوضات لم تفلح في وقف الاستيطان والتوسع، وتهويد القدس، وأسرلة الغور، وتمزيق الضفة الفلسطينية، فخيار التفاوض كوسيلة كفاحية وحيدة لاستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المنهوبة، لم يحقق غرضه.
3- لا تغيير جوهريا في الموقف الأميركي، فالرهان الفلسطيني على تغيير الموقف الأميركي وصل إلى طريق مسدود، بعد 7 سنوات مفاوضات برعاية الرئيس بوش في أنابوليس 2007، حتى مفاوضات واشنطن برعاية الرئيس أوباما في ولايته الأولى مع جورج ميتشيل، والثانية مع جون كيري، حتى نهاية نيسان 2014.
وطريق "حماس" بالانقلاب والانقسام ما زال مغلقاً، لم تستطع:
أولاً: أن تشكل بديلاً عن منظمة التحرير.
ثانياً: أن تقدم نموذجاً أرقى في إدارة قطاع غزة، وأفضل من إدارة الضفة الفلسطينية.
ثالثاً: في الضفة تنسيق أمني، وفي القطاع تنسيق تهدئة، وكلاهما الآن يخوض مفاوضات غير مباشرة مع الإسرائيليين، عبر القاهرة سقفها مطالب أوسلو (يعني الحال من بعضه).
رابعاً: رغم ثلاث حروب في قطاع غزة 2008 و2012 و2014، ورغم الصمود والتضحيات، فشلت "حماس" في فك الحصار عن القطاع، وها هي ترفع سقف مطالبها، بالمطار والميناء والطريق النافذ بين الضفة والقطاع إلى مستوى مطالب اتفاق أوسلو، سبق وأن تحققت في عهد الرئيس عرفات، ويبدو أنها لن تتحقق الآن!!.
ولذلك لا هذا الخيار فتح بوابات الخروج من المأزق لشعب الضفة، ولا ذاك الخيار قدم الطمأنينة والاستقرار لشعب غزة، وكلاهما مرتبط بالآخر، ولا فكاك من هذا نحو ذاك، ولا ذاك قادر على التخلص من هذا، وكلاهما يحتاج الآخر، ودلالة على ذلك أن كليهما لم يصدر عنه ما يوحي أنه فقد الثقة بالآخر، بل بالعكس لدى الطرفين الرغبة الدفينة في الاقتراب، والتفاهم مع الآخر، ولكنْ، كل بشروطه، وعلى قاعدة الوحدة والصراع، وهذا مشروع وطبيعي وعادي بين الأحزاب والتنظيمات والقوى المختلفة المتنافسة، بين صفوف الشعب الواحد.
حركة فتح شكلت لجنة خماسية من أعضاء لجنتها المركزية من أجل التحاور والتفاوض مع "حماس"، وقادة "حماس" وعلى رأسهم خالد مشعل يبعثون برسائل التهدئة وضرورة الحوار، ولذلك إن تفسيري للتصريحات المتشددة هي عمليات عض على الأعصاب وعلى الأصابع، لتحسين الموقف التفاوضي إزاء الآخر، فحركة فتح بقدر حاجتها لـ"حماس"، لتعزيز مكانتها كي تقود المؤسسة الفلسطينية وتكون بحق ممثلة للكل الفلسطيني، تحتاج حركة حماس كي تكون جزءاً من الشرعية، وذلك لن يتم بدون الانخراط، بمنظمة التحرير ومؤسساتها، وثمن ذلك تخليها الجدي عن تفردها في إدارة قطاع غزة، ومقابل ذلك ستتنازل حركة فتح عن دورها المركزي في إدارة منظمة التحرير، وستتكيف مع شريك قوي آخر اسمه "حماس" عبر عنه خالد مشعل بقوله، إنه يبحث ويريد ويسعى نحو الشراكة في "الحرب والسلم" وهو يتوسل إيصال رسائل ليس فقط للرئيس أبو مازن الذي يعرفه، وكلاهما يتعامل مع الآخر بأوراق مكشوفة، ولكنه يسعى إلى توصيل رسائل للأميركيين وللإسرائيليين وللأوروبيين ولأطراف النظام العربي، من خلال موقع إقامته القطرية المفتوحة على كل هؤلاء بدون مواربة، وبلا تردد، بدءاً من واشنطن وانتهاء بتل أبيب ومروراً بكل العواصم الفاعلة في المنطقة، وها هو موسى أبو مرزوق يؤكد ذلك من غزة، وليس من خارجها، ويعلن دعماً وتأييداً لرئيسه مشعل عن أهمية التفاوض، وضرورته، مع "العدو الإسرائيلي" وأن التفاوض مع العدو ليس محرماً شرعاً، وليست هناك عقبات شرعية تحول دون ذلك، وأن هذا يتم تحت طلب ورغبة الشعب الفلسطيني في غزة، فالعقبات والاعتراضات سياسية وهذا منطقي ومقبول ومفهوم، وبداية الرقص حنجلة كما سبق وقالها العرب البسطاء.
عن انسداد أفق "السياسة والسلاح" .."فتح وحماس" ..!
بقلم: أكرم عطا الله – الايام
من حسنات الانقسام أنه أعطى لكل من القوتين المتصارعتين ميدانا واسعا ومستقلا ليجرب كل منهما دون إزعاج الآخر حظه في ممارسة برنامجه.. السياسة من جانب والسلاح من جانب آخر، ولسبع سنوات ماضية كانت الضفة الغربية وقطاع غزة حقلي التجربة لكل منهما حيث ذهب إلى أبعد مدى في برنامجه والنتيجة أن لا شيء تحقق وهذا يستدعي أكبر من وقفة تفكير بل شيء على نمط صعقة كهربائية للإفاقة من وهم شعار أننا نقترب من الاستقلال لأن الواقع يقول إن النتيجة معاكسة.
فقد ذهبت الضفة بمشروعها في التسوية والالتزام بالاتفاقيات.. بالمفاوضات والتنسيق والتنفيذ الحرفي لما جاء في النصوص المحددة في العلاقة مع الإسرائيلي وتم جمع الأسلحة وتحررنا من فكرة أن المفاوضات مع إسرائيل كانت تتقدم ولكن عمليات حركة حماس المسحوبة كانت تخرب كل شيء، فلا عمليات تشوش على المفاوضات ولا أجنحة مسلحة للفصائل ولا تمرد على أوسلو، النتيجة أن كل هذا الالتزام كان بلا جدوى وأن الإسرائيلي أغلق بوابة التسوية بعد أن ابتلع الضفة الغربية وأغرقها بالاستيطان إلى الدرجة التي بدت فيها التجمعات السكانية الفلسطينية كجزر معزولة تستحيل معها إقامة الدولة الفلسطينية ويصبح الحديث عن حل الدولتين ضربا من الأحلام.
وعلى الجانب الآخر في غزة تمكنت حركة حماس من طرد السلطة والتزاماتها وتحررت من قيود كانت تعتقد أنها العائق أمام تحقيق فكرتها في قتال إسرائيل عسكريا والحصول على الاستقلال، ولم تشكل حركة فتح خلال السنوات الماضية في ميدان غزة أي تشوش على تسليح وتطبيق "حماس" لبرنامجها بحيث أعدت الأخيرة مسرح عملياتها كما كانت تريد من تسليح وأمن ومؤسسات وسلطة اعتبرتها سلطة المقاومة في حالة تمرد كبيرة على منظومة العلاقات التي أريد لها أن تكون بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وفي إطار تجربة برنامجها كان هناك ثلاث حروب شرسة آخرها هي الأطول بين تلك الحروب والنتيجة أيضا لا شيء.
إذن، نحن أمام استعصاء وعجز البرامج عن الاقتراب من الاستقلال وربما يكون الأمر معاكسا تماما حين يتم الغوص في الضفة الغربية وغزة بمفاوضات مع الإسرائيلي سواء مباشرة أو غير مباشرة على القضايا الإنسانية وبعيدا عن القضايا الوطنية، وقد يقول قائل إن الوقت الذي تمت فيه التجارب لا يكفي وإن المراقبين يستعجلون في إصدار الأحكام أو إن التحرير يحتاج إلى وقت طويل وإن هذا نوع من الإحباط أو التركيز على الفشل، ولكن السؤال الذي يمكن أن يقف أمام هذا القول هو أن الخط البياني لا يشير إلى صعود ثابت وحتى بنسبة صغيرة حتى نقول إننا نسير في المسار الصحيح سواء في الضفة أو في غزة ونحتاج إلى وقت أطول.
وربما أن النظرة من الجهة الإسرائيلية تعكس الأزمة بوضوح أكبر، فقد قام المشروع الإسرائيلي منذ سنوات بعد إدراكها لصعوبة تنازل الفلسطيني عن الحد الأدنى الممكن أي دولة في حدود 67 واستحالة موافقة أي حكومة إسرائيلية على هذا الحد، تغير برنامجها تجاه الفلسطينيين إلى شقين وهما إحكام السيطرة على الضفة الغربية والشق الآخر فصل غزة.
وإذا ما دققنا أكثر سنكتشف أن إسرائيل استولت استيطانيا على معظم أراضي الضفة بحيث لم يبق ما يمكن التفاوض حوله، ونجحت في فصل قطاع غزة الذي أصبح منطقة منفصلة عن باقي الوطن وبسلطة مختلفة وحين أراد الفلسطينيون إنهاء هذا الفصل اكتشفوا أن المسألة أبعد من حسن نوايا وأن الواقع المركب بتعقيداته على الأرض أصعب كثيرا من تغيير واقع الفصل في غزة التي تباعدت في السنوات الأخيرة ليس فقط جغرافيا بل اقتصاديا وثقافيا ونفسيا.
إذن، نحن أمام انسداد لمشروعي حركتي فتح وحماس بعيدا عن قدرة اللغة وبلاغة مفرداتها التي تحاول أن تنكر ذلك، أما الفصائل الأخرى فلم يكن دورها أكثر من مساعدة الطرفين في تجربة برامجهما بكل إخلاص، فقد تصرفت في الضفة وفقا لما تقتضيه شروط أوسلو وعلى رأسها غياب أجهزتها المسلحة، وفي غزة تصرفت بما هو رافض لهذه الاتفاقيات وشكلت أجهزتها العسكرية إلى جانب حركة حماس، مارست سلوكا ينسجم مع ما يتطلبه النظام القائم في غزة والضفة بلا إزعاج بل كان رديفا لكل منهما والنتيجة أن لا نتيجة على صعيد الاستقلال.
هذه المعادلة بأعدادها وأرقامها وإشاراتها ومحاولات الخروج بنتيجة هي معادلة مركبة ومعقدة وهذا ما نقصده حين نقول إننا بحاجة إلى ما هو أكبر من وقفة أمام حصاد الكفاح الوطني بتكاليفه التي تدفع حتى الآن من دم في غزة وأرض في الضفة وهي ما يستوجب النظام السياسي الفلسطيني أن يستولد مخارج لأزمة الاستعصاء القائمة من هذه المعادلة المركبة.
ما هو الحل إذن؟ نغير الفصائل؟ ليس المطلوب تغيير القوى الفلسطينية القائمة والتي قدمت بحسن نواياها ما يكفي لإقناع الشارع بجدارة قيادتها له ولكن الطريق إلى جهنم أحيانا ما يكون معبدا بالنوايا الحسنة، لكن المطلوب من هذه الفصائل أن تتوقف وتعيد النظر للوراء وتفكر مرة أخرى بالوسائل وجدارة الطريق وهنا دور الفكر السياسي الفلسطيني الغائب عن اشتقاق معادلات جديدة حين ينغلق الأفق.
ان قوة إسرائيل ليست عسكرية فقط وإن بدا ذلك للوهلة الأولى بل تكمن قوتها في الفكر السياسي الفاعل والذي يحدد للقوة العسكرية دورها، قوتها في التفكير الاستراتيجي ومؤتمرات الفكر ومراكز الدراسات الموجودة في كل جامعة، وقوتها في أنها تعرف ماذا تريد لسنوات قادمة، وأحد الأمثلة أن مفكري إسرائيل في مؤتمر هرتسيليا التاسع الذي انعقد قبل خمس سنوات كانوا قد قدموا تصورا لقطاع غزة العام 2028 ووضعوا سياسية تتلاءم مع هذا التصور وأن القوة العسكرية أحد أدوات التنفيذ ليس أكثر.
هذا ما يغيب عندنا ويجب أن نعيد للفكر السياسي اعتباره خصوصا في الأزمات الوطنية الكبرى، ونحن الآن في عنق الزجاجة وعلينا البحث عن مخرج، علينا إجراء مراجعة للتجربة أو للتجربتين، فإسرائيل لديها نقاط ضعف كثيرة وكبيرة ولدى الفلسطينيين نقاط قوة كبيرة وليس أمام الفلسطيني سوى خيار الانتصار والسؤال هو كيف؟ الإجابة لدى الفكر السياسي الفلسطيني ولدى الفصائل ومفكريها ...!
حياتنا - التحليل والتحريم
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
في انتخابات عام 1996 خرج فقهاء حماس بفتوى تحرم الانتخابات في ظل الاحتلال، وكانت حماس آنذاك لا أمل لها في الفوز، وفي انتخابات عام 2006 كان لها أمل في الفوز فأصدر الفقهاء أنفسهم فتاوى تبيح الانتخابات.
في بداية المرحلة العباسية وصف الرئيس أبو مازن الصواريخ التي تطلق على اسرائيل دون أن تثير سوى الهلع والفزع والدلع بأنها عبثية، واعتبرت حماس ذلك مقاومة مشروعة، ولما استتب لها الأمر انقلابياً خرجت فتوى تقول ان اطلاق الصواريخ خيانة وطنية وجوسسة.
التفاوض مع الاحتلال هو الآخر تعرض لمثل هذه "المرمطة" فهو حرام شرعاً اذا قامت به السلطة، وصار حلالاً اذا اضطرت اليه حماس وفقاً لأخينا موسى أبو مرزوق.
التحالف مع دمشق أيام عرفات وهي تضرب الاخوان كان خيانة، ومع أن عرفات احتضن الاخوان الهاربين من سوريا في لبنان واحتضن المعارضين الهاربين من العراق واحتضن المعارضين الهاربين من بطش الشاه وصاروا لاحقاً قادة الثورة الايرانية، أما انقلاب حماس على دمشق فهو عمل بطولي، ثم التودد لها الآن ولحزب الله وايران هو عمل وطني.
هذا التقلب في المواقف يعبر عن انتهازية سياسية لا يجوز ربطها بالفتاوى والدين، فالدين ليس مطية نوجهها كيفما نشاء، من يمارس السياسة عليه عدم اقحام الدين بتاتاً إن كان يحترم دينه، فالسياسة بهلوانية الحراك لا يمكن ضبطها، والقياس الديني عليها فيه إهانة للدين.
فمع اعلان وقف اطلاق النار مؤخراً وجهت حماس تعليمات داخلية بالبدء الفوري في احتفالات النصر حتى أصيبت غزة المنكوبة بتخمة الانتصار، وأقيمت الأفراح والليالي الملاح في الشوارع ،وصدر قبل أيام "فرمان" يحظر الفرح والتجمعات الفرحية بحجة أن هناك شهداء وعائلات مكلومة وجرحى وأسر مشردة، ربما غاب عن ذهن المنتصرين أن ثمن النصر كان شهداء وجرحى ومشردون، حللوا الفرح ولما قضوا وطرهم حرموه. ابعدوا الدين عن السياسة احتراما للدين.
تغريدة الصباح – أن تكون... مواطنا
بقلم: حنان باكير – الحياة
إذا ما سئل إنسان عربي، عن معنى المواطنة، فماذا ستكون إجابته؟ فالكلمة لم تدخل قاموسنا العربي، لا القاموس اللغوي ولا النفسيّ، حتى الآن.
في بيروت التقيت امرأة، كانت تتحدث الى سائق سرفيس ضمّنا ذات مرّة. سألتها: أنت مواطنة، ألا تساعدك الدولة؟ صدرت عنها تنهيدة حرّة، وشيئا يشبه البكاء والضحك معا، ضحكة مرّة أو بكاءُ سخرية، لا أدري ما أسمّيه. ثم أردفت: جثة زوجي ما زالت رهينة في المستشفى، ولن يفرجوا عنها لدفنها، قبل أن أسدد المبلغ الكبير المتبقي من تكاليف علاجه، ليس لديّ الوقت الآن لأبكيه أو أحزن عليه، عليّ السعي لجمع المال، لأفكّ أسره وأكرّمه بدفنه.
هذا مثال سريع على بؤس أوضاع المواطن العربي. وليس من باب المفاضلة بين الشعوب أو الثقافات، ولكنه القهر والغضب الذي يدفعنا، الى شيء يشبه المقارنة، وتحميل النظام العربي، مسؤولية نشر ثقافة المواطنة، بحفظ كرامة مواطنيه.
ذات مرة، قُدّر لشاب نرويجي أن ألتقيه بعد عودته من السفر. سألني عن أخبار النرويج. أجبته بأن الخبر الأبرز هو سرقة لوحة " الصرخة " من متحف مونك. حملق بي وجحظت عيناه، واحمرّ وجهه وصرخ: يا الهي، هل هذا معقول؟ وبدأ يطرح اسئلة حول آخر التحقيقات، ويتحدث عن تاريخ اللوحة، والإجراءات الأمنية في المتحف... ثم اتصل بوالده يستوضح الأمر. كان يحكي بأسى وغضب، وكأنها خسارة شخصية كبيرة له، فما الذي يدفع شابا يافعا، للشعور بالغيرة على ثروة وطنية لبلده!؟ تساءلت في سرّي.
الأسبوع الماضي، نعمنا بمطر غزير ذكّرني بقول جدتي" الدنيا نازلي كبْ من عند الربْ" فجرف أوراق الخريف المتناثرة في كل مكان. وقفت أنتظر الإشارة لأجتاز الشارع، حين مرّ رجل نرويجي، استوقفته الأوراق والعيدان اليابسة، التي سدّت مصارف المياه.. رفع كمّ سترته وأخذ بجمعها وإلقائها في سلّة القمامة.. ما الذي دفع ذلك المواطن لهكذا سلوك؟ إنه الشعور بالمواطنة، واعتبار ذلك مسؤولية شخصية؟
في محطة المترو، تناولت الصبية التي وقفت تنتظر مثلي، شيئا من حقيبة يدها، فوقعت منها ورقة ولم تنتبه لها. فكّرت.. ربما كانت ورقة مهمة، نبّهتها للأمر.. فتناولتها واعتذرت مني، قبل أن تتوجه بها صوب سلّة القمامة، ثم عادت وشكرتني على ملاحظتي، وهذا ما لم أقصده بالطبع.
في مترو الأنفاق، جلست امرأة متقدمة في السن، تراقب بعض اليافعين في سن الطيش أو "الزناخة"، كما نقول في عاميّتنا، ورفع البعض منهم أقدامهم على المقاعد.. فوجهت لهم ملاحظة لاذعة، بشيء من التوبيخ اللطيف. فاعتذروا منها وجلسوا بأدب، مثل الشاطرين.
أن تشاهد مواطنا نرويجيا، يلتقط ورقة أو علبة مشروب عن الارض وإلقائها في سلة القمامة، هو مشهد طبيعيّ يتكرر أمامك.
من حوادث كهذه لاحظتها، أدركت وتعلمت معنى المواطنة، وشعور الفرد التلقائي بمسؤوليته تجاه بيئته ووطنه، لكن ذلك لا يتأتى في الأوطان التي تذلّ وتقمع مواطنيها، وتحرمهم أبسط حقوقهم، أو لا تعترف بآدميّتهم.. أو لا تعطيهم الوقت والمجال للبكاء والحزن على فقيد غال.
انتباهة - حماس والمفاوضات.. مباشرة ام غير مباشرة
بقلم: حسن الكاشف – الحياة
اثارت تصريحات الاخ موسى ابو مرزوق حول المفاوضات مع اسرائيل ردود فعل حمساوية وفلسطينية كثيرة ومتباينة، ومع ان الدوافع الحقيقية لإطلاق هذه التصريحات وتوقيتها تظل من باب التحليل والقراءات السياسية إلا ان هذه التصريحات وما سبقها من تعقيب انتقد فيه الاخ موسى اعدام حماس لعملاء اثناء الحرب علناً في اماكن عامة خارج السجن دون الاشارة الى محاكمات، تحسب لحركة حماس والحرص عليها ولا تحسب عليها.
وإذا كانت انتقاداته لعمليات الاعدام تصب في خانة الحرص على عدم مقارنة حماس بداعش وإعداماتها، فإن التصريحات الخاصة بالمفاوضات تؤكد حضور مسألة المفاوضات في التفكير القيادي الحمساوي، وهذا طبيعي ومتوقع.
اتفق قادة حماس مع زميلهم موسى ابو مرزوق على قبولهم بالمفاوضات غير المباشرة، واختلفوا معه على المفاوضات المباشرة التي وردت في تصريحاته من باب التلويح وكرسالة وصلت الى الاوساط الفلسطينية المسؤولة والى الوسط الحكومي الاسرائيلي.
ربما يظل النموذج الوحيد المعروف للمفاوضات الحمساوية - الاسرائيلية غير المباشرة هو نموذج تفاهمات وقف اطلاق النار التي اعقبت حروب 2009، 2012، 2014، وكان الوسيط في تلك المفاوضات مصرياً.
سوى الوسيط المصري هناك قنوات بحجم دول، لها علاقات مع اسرائيل ومع حركة حماس. ومن الطبيعي ان نفترض ان هذه الدول تنقل رسائل، كما ان اتصالات كثيرة تجريها شخصيات اميريكية وأوروبية مع حركة حماس، ولولا ان حركة حماس فصيل اساسي كبير مؤثر لما حرصت دول كبرى على الاتصال بها، والتحاور غير المباشر معها، وهناك شخصيات حمساوية قادرة على التحاور وهي معروفة، ونشهد لها بالكفاءة والقدرة على القيام بهذا الدور.
عشنا هذه الاجواء في سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حيث تعددت قنوات الاتصالات الفلسطينية - الاميركية والاوروبية والاسرائيلية، وحيث شهدت عواصم كثيرة من العالم لقاءات سرية، وكلها سبقت مفاوضات اوسلو، وكلها هيأت وأوصلت منظمة التحرير الى اوسلو.
يقيناً ان الاطراف التي تحرص على الاتصال بحركة حماس تطرح عليها، كما طرحت على منظمة التحرير الفلسطينية، ضرورة الاعتراف بالقرارات الدولية وفي مقدمتها "242"، بما يتضمن الاعتراف بإسرائيل، وعشنا دوامة الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل قبل اربعين عاماً، وكان اليسار الفلسطيني هو من بادر بإقامة صلات مع اليسار الإسرائيلي، وكان الاتحاد السوفييتي حليفاً اساسياً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان قد طالب المنظمة بالاعتراف بالقرارات الدولية.
رحم الله القائد الوطني الفلسطيني الكبير خالد الحسن فقد كتب حينها متسائلاً: هل هناك اعتراف تقدمي وآخر رجعي بإسرائيل؟! وكان هذا التساؤل الاستنكاري موجهاً لبعض اوساط اليسار الفلسطيني.
يقول الاخ ابو مرزوق في تصريحاته: انك تفاوض من تقاتل، ويؤكد ان التفاوض جائز شرعاً، فهل يثور التساؤل عن وجود فرق بين مفاوضات ومفاوضات؟
حركة حماس توافق على دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967، ولا تمانع اية جهود في الامم المتحدة او المفاوضات المباشرة التي تؤمن وجود هذه الدولة.
ستظل مسألة اعتراف حماس بالقرارات الدولية التي تتضمن الاعتراف بإسرائيل كما ستظل حالة المفاوضات - مباشرة كانت ام غير مباشرة- مطروحة على حركة حماس، وسيكون ما هو مطروح على حركة حماس قابلاً ان يكون عنصر وحدة وقوة للموقف الفلسطيني مثلما هو قابل ان يكون عنصر خلاف كبير في الساحة الفلسطينية اذا ما ذهبت حماس الى المفاوضات.
رسائل الاعتراف المتبادل بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية تؤمن مظلة لكل الفصائل الفلسطينية التي ترفض الاعتراف، لأن هذه الرسائل تحصر الاعتراف بمنظمة التحرير ولا حاجة لاي فصيل في منظمة التحرير لأن يقوم منفرداً بالاعتراف.
منظمة التحرير الفلسطينية هي بيت الجميع وهي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، ووجود الجميع في هذه المنظمة يعطي قوة للجميع كما انه قادر على افشال كل الجهود والمخططات الاسرائيلية التي لن تتوقف عن محاولات شق الساحة الفلسطينية حتى تفلت من حصار الاجماع الدولي الذي يرفض الاحتلال ويطالبه بالرحيل عن اراضي الدولة الفلسطينية.
نبض الحياة - "حماس" تحلل المفاوضات!
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
في لقاء على فضائية "القدس" الحمساوية أعلن موسى ابو مرزوق، عضو المكتب السياسي لحركة حماس نهاية الاسبوع الماضي استعداد حركته للانخراط في المفاوضات مع إسرائيل. واسباب القائد الحمساوي: اولا, لأن المفاوضات "حلال" وليست حراما وثانيا, لأن غالبية المواطنين في محافظات الجنوب (قطاع غزة) مع المفاوضات.
السببان يحتاجان لقراءة وتدقيق، وقبل ذلك، تملي الضرورة القول بالفم الملآن، ان قيادة حماس لم تكن يوما ضد المفاوضات، وكل الضجيج المفتعل خلال السنوات الـ(26) من تأسيس الحركة، كان للاستهلاك الديماغوجي، ولتضليل الشارع الفلسطيني، والايحاء بان القيادة الشرعية من خلال مفاوضاتها مع دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، "تتنازل" عن الحقوق الوطنية، وان "حماس"، هي وما تمثل فقط مع خيار "المقاومة"، وذلك إغراقا في التضليل وخلطا للاوراق امام قاعدة فرع الاخوان في فلسطين والمواطنين الفلسطينيين والعرب على حد سواء بهدف سحب البساط من تحت اقدام القيادة الشرعية.
بالتأكيد المرء، مع خيار المفاوضات لتحقيق الاهداف الوطنية. لأن كل صراع قومي او طبقي او ديني او طائفي يحتاج بالمحصلة إلى تفاوض بين الاطراف المتصارعة لتوقيع اتفاق او معاهدة سلام ارتباطا بموازين القوى في لحظة سياسية معينة من الصراع عندما تنضج الظروف، وتفرض الجلوس على طاولة المفاوضات. لكن المفاوضات لها حدود ضوابط، وليست مفتوحة. ولا يقبل اي طرف او قوة سياسية الجلوس على طاولة المفاوضات إلى ما لا نهاية من اجل المقاوضات.
وعود على بدء لما ذكره ابو عمر، فإن خيار المفاوضات لا يخضع لمعايير "الحلال" و"التحريم". لأن هذا المنطق مرفوض من حيث المبدأ. ولا يجوز إدخال الدين فيه. كون الاساس الناظم للقبول بالجلوس على طاولة المفاوضات مع العدو، هو مصلحة الشعب العليا، وليس اي اعتبار آخر. وكما اكدت تجارب الشعوب على مدار تاريخ البشرية: في حال يستطيع شعب وقوة سياسية ما من تحقيق اهدافها من غير نقطة دم واحدة، فإن هذا يعتبر إنجازا استراتيجيا لهذه او تلك من القيادات. ولكن إن فرض القتال والمقاومة، ولا خيار سوى المواجهة مع العدو، فإن المصلحة الوطنية او الطبقية تفرض حمل السلاح دفاعا عن الذات والاهداف اي كان طابعها.
وبالمقابل الموضوع الوطني العام لا يخضع لمزاج تجمع من الشعب، بل تمليه مصلحة الشعب كله، والمزاج العام برمته. قطاع غزة، جزء اصيل من الشعب والوطن الفلسطيني. ولكن هذا الجزء البطل، لا يمكنه ان يقرر مصير الشعب برمته. لذا اخطأ موسى ابو مرزوق في اختزال الشعب الفلسطيني بابناء الشعب الفلسطيني في القطاع. وهو ما يعكس حدود الرؤية الضيقة في قراءة مصالح الشعب الفلسطيني.
ومن زاوية أخرى، لماذا الآن اعلن ابو مرزوق القبول بالمفاوضات؟ ألم يكن من الاجدر به وبحركته الاخوانية القبول بالمفاوضات قبل ذلك، وازالة احد مساقات التضليل والتوتير في الساحة الفلسطينية؟ وهل هناك قوى اقليمية ارغمت "حماس" على الاعلان عن الموقف الجديد أم هو نتاج حسابات وتقديرات خاصة بالحركة؟
رغم ان بعض قادة وكوادر حركة حماس، اعلنوا استغرابهم مما طرح، وادعوا انهم فوجئوا امثال ابو السبح وغيره، فإن المرء لم يستغرب الموقف، وانما اللحظة والطريقة والتبريرات، التي طرح بها موضوع المفاوضات. ومن المؤكد ان الاعلان عن ذلك الآن لم يكن وليد الصدفة، بل لأن قيادة حماس، استجابت لمشيئة خيارها وايضا لقرار واجندات حلفائها، ولانها ومن يقف خلفها، أدركت ان الحرب الاسرائيلية الاخيرة (الجرف الصامد) على قطاع غزة، ليس مسموحا لها العودة للعبث بمصير المواطنين الغزيين مرة اخرى باسم ذريعة "المقاومة" ومن ثم القبول بهدن مذلة ومهينة بمجرد اتصال من وزير خارجية قطر مع خالد مشعل، بعد ان اتصل جون كيري مع المسؤول القطري لفرض الهدنة. وايضا لانها استنزفت كل احابيلها ومسوغاتها التضليلية، ولم يعد الشارع الوطني مستعدا للتساوق معها، كما ان الشارع العربي وقواه السياسية، كشفوا حقيقة الاخوان المسلمين واهدافهم واكاذيبهم وحدود "مقاومتهم".
دائرة الطباشير في غزة
بقلم: د.ناصر اللحام – معا
دائرة الطباشير القوقازية تعتبر من اهم مسرحيات الكاتب الالماني التقدمي برتولت بريخت، وتحكي المسرحية عن ملكة تتخلى عن طفلها الرضيع وتهرب خوفا ويظل الصغير في رعاية الخادمة الصغيرة التي أحبته ورعته، حتى تمر الأعوام وتعود الملكة للحكم وتطالب باسترداد إبنها لكن الخادمة ترفض وتتمسك به وعندما يقع القاضي في حيرة من أمره يصنع دائرة من الطبشور ويضع بداخلها الصغير ويطلب من كلتيهما أن تجذباه لخارج الدائرة. وتنجح الملكة في جذبه وانتزاعه بقوة من يد الخادمة الحنون فيحكم القاضي للخادمة بالطفل. هكذا صور بريخت فكرة إذا أحببت شيء فلا تتنازع عليه وتمزقه.
ان القوى والفصائل تنازعت على غزة حتى مزقتها، والان وبعد اسابيع من الحرب لا تزال القوى تتنازع على غزة واعادة اعمار غزة لدرجة انه لم يقدم احد على اعمارها.
لا يحتاج الامر الى تنظير كبير، بل الى افعال صغيرة. من يحب غزة فليتركها ولا يخنقها بحبه الملتهب، وليتعامل معها بحنان وبحنو، ومن يجذبها نحو تنظيمه بقوة فهو لا يحبّها وسيعمل على تمزيقها. وانا لم أر حبا خشنا الى هذه الدرجة. تحبون غزة؟ اتركوها تختار.
امّا اعادة الاعمار فالامر سهل، فلتقوم حماس وقطر وتركيا باعادة اعمار ما تستطيع، ولتترك حكومة الحمد الله تعيد اعمار المؤسسات والجسور والطرقات والابراج التي هدمها الاحتلال، ولتتفضل وكالة الغوث والامم المتحدة وتعيد اعمار المرافق والمنازل، ولتتفضل مصر وتعيد ترتيب معبر رفح كما تريد وكما تختار هي مع الرئاسة الفلسطينية، ولتتفضل اوروبا وروسيا وامريكا اللاتينية وكذلك جامعة الدول العربية ورجال الاعمال والمؤسسات العربية ولجان الزكاة والامارات والسعودية. تفضلوا لاعادة اعمار غزة، بارك الله فيكم.
الشتاء على الابواب، ومن يحب غزة لا يمنع اعادة اعمارها، لا يمسكن بعنقها، لا يأخذنها رهينة، لا يجثون فوق صدرها ولا يتحكمن بمعابرها. من يحب غزة يحررها، يطلق جناحها. وهي تعرف كيف تختار في الانتخابات القادمة.
مسرحية الكاتب الكبير بريخت موجودة في الاسواق وعلى صفحات الانترنت، وجب على السياسيين قراءتها مرة اخرى، ليتعلموا ويفهموا ان الحب ليس بالقوة، وان المشاعر لا تبع بحد السيف وعلى رؤوس الرماح.