Haneen
2014-12-02, 02:10 PM
قانون القومية: أكاذيب… جنون… إضطهاد وخزعبلات
بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت
في خيمة العزاء في جبل المكبر، في ساحة منزل عائلة القتلة، أجريت مقابلة صحافية جماعية. ووصل الحديث إلى واحد، يوسف حسن الرموني، سائق ايغد، الذي عثر عليه فاقد الروح في باصه. وقد شرحت الجثة في مستشفى ابو كبير، وقضى المشرح ان الرجل انتحر.
«لا»، قالوا في جوقة الرجال المحيطين. «هذا لا يحتمل. عندنا لا ننتحر».
ماذا يعني لا تنتحرون؟ سألت.
فتطوع أحدهم ليشرح «شخص مجنون في الرأس»، قال «يذهب إلى المسجد، يضع رأسه على الارضية ليصلي، وكل جنونه يخرج له من الرأس».
كيف هذا؟ سألت.
«الايرث»، قال. كنت واثقا أنه يضحك، ولكن احدا لم يضحك. بل العكس، كلهم هزوا الرؤوس. الرجال في جبل المكبر يفهمون في الكهرباء: نصف شبكات الكهرباء في بيوت اليهود في القدس تمر من تحت أيديهم. اذا كان احدهم يقول «الايرث» – الارتباط بين جسم تسير فيه الكهرباء إلى الكرة الارضية – فهو يعرف عما يتحدث.
أنزل المتحدث رأسه إلى الأسفل، إلى تحت الكرسي كي يجسد كيف يعمل الامر. قال: «نعم، الايرث، الجنون يذهب إلى المسجد وهذا هو: لا جنون».
لم أجادل. كل محق بمعتقده يعيش؛ من ناحيتي من ليس محقا ايضا. ومع ذلك، يوجد هنا طرف ظاهرة مقلقة، شبه باعثة على اليأس: أحد لم يعد يؤمن بما تقوله له الجهات الرسمية. اذا عثر على فلسطيني ميت، فهذا دليل على ان اليهود قتلوه. المشرح اليهودي يكذب، لانه يهودي؛ المشرح العربي يسكت لانه عميل. نحن نصدق فقط ما نريد أن نصدق.
لا يدور الحديث عن نزعة ريبة أو عن شك: يدور الحديث عن عدم ثقة عميقة، اساسية، غير قابلة للدحض؛ يدور الحديث عن جنون اضطهاد جماعي. على الجبل في البلدة القديمة في القدس لم يكن هيكل في أي وقت من الاوقات. فقط مكان مقدس للإسلام، الاكثر قدسية، واسمه الاقصى، يحاول اليهود المخادعون سرقته؛ الشرطة يدخلون إلى المسجد باحذيتهم لا كي يصدوا مطلقي المفرقعات وراشقي الحجارة، بل لتدنيس قدسيته. وبأحذيتهم غيروا الوضع الراهن. هذه الشائعة المغرضة التي بثت في احدى قنوات الراديو بالعربية، كانت على ما يبدو الدافع لعملية الدهس الاخيرة في القطار الخفيف في القدس.
قبل أن نحتج على التحريض في الشارع الفلسطيني، على ثقافة الكذب، على الشك المرضي، على الخزعبلات، لان يضر اذا ما القينا نظرة قصيرة على طرفنا.
نقطة اولى: التحريض. صديق اصولي، يستمع بشكل دائم لقنوات الراديو الاصولية ويقرأ الموقع الاصولي على الانترنت، قال لي انه ذهل مما سمعه وقرأه بعد المذبحة في الكنيست في هار نوف. وبزعمه، فان نداءات قتل كل عربي واستخدام الحيوانات المهانة كالحمير والكلاب لوصف كل من يؤمن بالإسلام نالت التشجيع من مقدمي البرامج على أنواعهم. والوسط الاصولي ليس وحيدا، بالطبع: فالخطاب العنصري يزدهر في كل المواقع، بكل البشاعة، بكل القوة.
نقطة ثانية: ثقافة الكذب. مرتان على الاقل في كل يوم، باستثناء السبت، يصدر مكتب رئيس الوزراء بيانا للجمهور يتباهى بافعال رئيس الوزراء. ويعاني قسم من هذه البيانات بالمباهاة العابثة، بعضها مضللة، وقليل منها كاذبة. فليتفضل رئيس الوزراء ليقرأ من جديد ما قاله أمس في بداية جلسة الحكومة ونشره مكتبه للجمهور. فقد أعلن هناك باحتفالية عن سلسلة من القوانين التي يأمل الا تقر ابدا. مشاريع قوانين تتضمن عقابا جماعيا للمشبوهين بالتحريض وابناء عائلاتهم. هذه رواية الثانية من رزمة سابقة اعلنت وسحبت. وهذه الرزمة اذا ما اقرت في اي مرة ستجلبنا في رحلة جوية إلى مقعد الاتهام في المحكمة الدولية في لاهاي. وزير الداخلية الجديد جلعاد اردان لا يفهم بعد ما الذي نزل على رأسه، ولكنه سيتعلم.
الاعلان الثاني يتعلق بقانون القومية: فقد تشوش نتنياهو في اعلانه بين بن غوريون وبين جابوتنسكي. وأدخل في هذه الخلطة هرتسل وأبيه – كلما شاخ بات خبيرا اقل في التاريخ – وفقط شيء واحد لن ينجح في تفسيره: ما الذي سيعطيه هذا القانون للقومية اليهودية. لمواطني إسرائيل او حتى لكتلة اليمين. وزير الدعاية انتصر – مرة اخرى انتصر – على رئيس الوزراء.
لم يتبقَ له غير الامل في أن في سياق الطريق سيأتي راشد مسؤول في صورة المستشار القانوني للحكومة أو محكمة العدل العليا ليلقي بهذه القوانين المتبجحة بلباقة إلى سلة المهملات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
حكومة نتنياهو ضد اسرائيل!
بقلم: بن – درور يميني،عن يديعوت
ينبغي الاستماع إلى حجج رئيس الوزراء واليمين. فاحيانا يقولون اقوالا ذات معنى. الحق المطلق لا يوجد في اي طرف. وحتى الحجج في صالح تشريع قانون القومية جديرة بان تسمع. غير أنه لم يسبق أن سمعت مبررات يمينية سخيفة بهذا القدر. فلاي غرض نحتاج لهذا القانون؟ أي مكسب ستستخلصه إسرائيل من ذلك؟
المبرر الاساس هو تعزيز طابع إسرائيل كدولة يهودية. فهل إسرائيل تعاني من نقص ما بالنسبة للاعتراف بطابعها؟ وبالفعل، فان قرار التقسيم في الامم المتحدة، والذي تحل قريبا ذكراه الـ 67، يذكر اصطلاح «الدولة اليهودية» 29 مرة. وثيقة الاستقلال، الوثيقة التأسيسية لاقامة دولة إسرائيل، تقضي بان دولة إسرائيل هي دولة يهودية. قانون العودة العادل سن بموجب ذلك. قانونان اساسان هامان للغاية يتضمنان عبارة «دولة يهودية وديمقراطية». وكذا القانون الاساس الكنيست وقانون الانتخابات يتضمنان عبارة يهودية وديمقراطية. واذا لم يكن هذا بكاف، فتكاد تكون كل مبادرات السلام الجدية، وهذا يشمل أيضا صيغة كلينتون ومبادرة جنيف، تتضمن الاعتراف بإسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي.
إذن من اجل ماذا، بحق الجحيم، هناك حاجة لما يزيد؟ من يحتاج إلى زيادة يدل على نفسه اساسا. فهو لا يقصد تعزيز الاعتراف بإسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي. فهو يقصد شيئا آخر تماما. ففي السنوات الاخيرة، بالفعل، يوجد تشكيك، من الداخل ايضا، في الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. ولكن هذا التشكيك يعود للهوامش. والان، بسبب قرار الحكومة، فان هذا التشكيك سيتسع فقط. فليس فقط اليسار المتطرف هو الذي لا يؤمن بدولة يهودية وديمقراطية. فهذه بالضبط قصة اليمين المتطرف. اليسار يريد دولة ديمقراطية، وبقدر أقل، هذا اذا كان على الاطلاق، يهودية. اما اليمين فيريد دولة يهودية، وبقدر أقل، هذا اذا كان على الاطلاق، ديمقراطية. وهكذ فالنتيجة هي واحدة. فهذه المبادرة تعزز الذين يعارضون، من اليسار ومن اليمين، الدولة اليهودية والديمقراطية.
ما يقلق أكثر هو أن رئيس الوزراء ايضا وكذا وزراء الليكود واليمين يعرفون على نحو ممتاز بان لا توجد اي حاجة لهذا القانون. هم يعرفون بان ليس فيه شيء. يعرفون بان مساهمته الوحيدة ستكون لحملة نزع الشرعية عن إسرائيل. فهناك كثيرون وسيئون يبحثون عن كل ذريعة لعرض إسرائيل كدولة عنصرية، قومية متطرفة، فاشية. وهم يدعون بانه لا توجد امكانية للدمج بين «اليهودية» و «الديمقراطية». والان جاء رئيس وزراء إسرائيل، الرجل الذي يعرف بان هذا قانون ضار وزائد، ويمنح كارهي إسرائيل بالضبط ما يطلبونه. هكذا بحيث ينبغي أن نسأل مرة اخرى: لماذا؟
يدعي المحللون بان الحديث يدور عن موضوع سياسي داخلي. الانتخابات التمهيدية في الليكود. فاذا كان هذا هو السبب، فان الوزراء والنواب في الليكود يتعاطون على ما يبدو مع ناخبيهم كعصبة من الاغبياء تواقين لخطوات استفزازية وزائدة. يحتمل ان يكون هذا صحيحا بالنسبة لقسم صغير من المنتسبين أو اعضاء المركز. ولكن مسموح الافتراض بانه يوجد هناك معسكر كبير من أسوياء العقل. وهم يعرفون كيف يميزوا على نحو ممتاز بين المصلحة الوطنية والخطوة الغبية والكدية. ولكن قادة الليكود، كما ينبغي أن نعرف، لا يفكرون بالخير عن رجال الليكود.
مرات عديدة يكون لإسرائيل حجج ممتازة ضد الحملة ضدها. هذه المرة حكومة إسرائيل، ويا له من محزن، تدير الحملة ضد إسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
المصير القومي ليس حقا احتكاريا
حق تقرير المصير لليهود بأبعاده الثقافية والتاريخية سيعني بالمقابل حق تقرير المصير للفلسطينيين
بقلم: داني ستيتمان،عن إسرائيل اليوم
الصهاينة – الذين يعتقدون أنه يوجد للشعب اليهودي حق تقرير المصير – يستندون في موقفهم على الحق العام المعطى للجماعات القومية، الذي يعني فعليا اقامة دولة خاصة بهم. اذا كان للتشيك أو النرويجيين أو الاسكتلنديين أو الكتالونيين الحق في دولة خاصة بهم فلماذا لا يحق لليهود؟ اذا كان الامر كذلك فما الخطأ في أن يكون هذا الحق راسخا في قانون القومية؟ الجواب هو أنه يوجد لليهود حق بدولة خاصة بهم ولكن هذا لا يلغي الاشكالية بالقانون المقترح.
لماذا يوجد للجماعات القومية حق تقرير المصير، سواء في اطار دولة أو في اطار حكم ذاتي ما (مثل الاسكتلنديين في اطار المملكة المتحدة، أو الكتالونيين في اسبانيا)؟ بالذات لأن ثقافات البشر لها أهمية كبيرة في هويتهم، ولديهم مصلحة قوية في بقاء ثقافتهم في الوسط الذي يعيشون فيه. ولديهم مصلحة في أن تكون اللغة الأم هي اللغة التي يتحدثونها في المدرسة وفي وسائل الاعلام، وأن تكون الاعياد حاضرة في الميادين، وأن تكون الموسيقى حاضرة في الاذاعة، وأن يكون دينهم ممثلا في الاحداث والمناسبات العامة. هذه المصلحة ترتبط برغبة الفرد بالشعور أنه في بيته حتى عندما يخرج منه ولا يخفي هويته.
المبرر الاساس لاعتبار يهودية الدولة جزء من قانون يستند إلى هذه الاعتبارات. هذه دولة تسود فيها الثقافة اليهودية واللغة اليهودية. كل يهودي يستطيع الشعور أنه في البيت ويستطيع اظهار يهوديته في الاطار العام وبشكل طبيعي بدون أن يخفيها وبدون أن تسبب له الاحراج.
ولكن ولنفس الاسباب، يوجد للفلسطينيين الذين يعيشون في الدولة مصلحة واضحة في تطوير ثقافتهم وتسويدها بشكل علني. لديهم مصلحة في المحافظة على اللغة والشِعر والأدب الخاص بهم. يحتاجون إلى جهاز تربية ناجح لتشريب ثقافتهم للجيل القادم، يحتاجون إلى خطوات كثيرة من قبل الدولة كي يشعروا أنهم في البيت عندما يكونون في الفضاء الجماهيري في البلاد.
كلما كان الانسان قوميا أكثر في مواقفه السياسية الايديولوجية فانه يكون ملزما بتأييد الحقوق الجماعية للفلسطينيين في إسرائيل، فالمبررات الفلسفية والاخلاقية التي تدافع عن الثقافة اليهودية تلزم ايضا بالدفاع عن الثقافة الفلسطينية. ولا داعي للاضافة أن الحقوق هي بطبيعتها عالمية، وليس من المعقول أن يكون هناك حق معين لليهود على أساس معين ولا يكون هذا الحق للفلسطينيين عندما يكون هذا الاساس ينطبق عليهم ايضا.
قانون القومية يقوم بفعل العكس. ففي الوقت الذي يعزز فيه حق اليهود في تقرير المصير، حيث يعكس أهمية الثقافة والقومية تجاه الانسان، هو يتحدث فقط عن حقوق شخصية للفلسطينيين، وهنا توجد مشكلة كبيرة في تقويم عدم التجانس بين الأمرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
أفق الصراع السياسي والديني
بقلم: عوزي برعام،عن هآرتس
مجموعات إسلامية متطرفة، بعضها داخل إسرائيل، تأمل أن يتحول الصراع السياسي إلى صراع ديني. الشيخ رائد صلاح، رئيس الجناح الشمالي للحركة الإسلامية، لا يهمه الصراع من اجل تحقيق الحقوق للفلسطينيين بل ما يهمه فقط «الخطر الذي يتهدد الاقصى».
أكد فلسطينيون واعون أهمية الصراع الوطني. صحيح أنهم أيدوا مواقف غير مقبولة على الرأي العام الإسرائيلي لكنهم عادوا وأكدوا: أن الصراع الوطني قابل للحل، والصراع الديني غير قابل للحل. ومع ذلك فان إسرائيل تساهم في تعزيز الادعاء الديني. الجمهور الكبير الذي يقول «الموت للعرب»، «العربي الجيد هو العربي الميت» و»محمد مات»، يضع العرب جميعا في رزمة عنصرية واحدة، والمساس بالنبي ومن هنا المساس بكل مسلم.
فهم بنيامين نتنياهو أنه يجب اطفاء النار المشتعلة في الحرم، وسارع للقاء ملك الاردن، لكن اللقاء لم يحقق شيئا، لأن البرلمان الاردني تضأمن مع قتلة هار نوف، وقام رئيس الحكومة الاردنية بتقديم التعازي لعائلات المنفذين. هذا لم يحدث في السابق، أما الآن فان عمليات القتل تعتبر على خلفية دينية – ردا على التهديد الإسرائيلي للاقصى.
لو كان بالامكان تصنيف مشعلي النار، فالى جانب الإسلاميين يوجد بعض اعضاء الكنيست، وباسم الحلم يصبون الزيت على النار.
في الوقت الذي أنتقي فيه كلماتي، حيث لا توجد هنا حقيقة مطلقة بل أحداث تقود إلى استخلاصات، فقد صادفت مقالة عنوانها «نحن في صراع من اجل وعد الله». «متى سيفهم مرشدو اليسار»، قيل هناك، «إن جذور الصراع بيننا دينية. هذا صراع حول وعد الله لأبونا ابراهيم». أي أن الرسالة اليمينية القومية هي أن الصراع ليس من اجل حل سياسي يقود إلى نهاية الصراع بل حول الدين، حول المقدس. ليس من اجل هذا عدنا إلى بلادنا، وليس من اجل هذا قامت الصهيونية السياسية على يد هرتسل، وايزمن وبن غوريون بل حتى جابوتنسكي.
شاهدت في التلفاز كراهية مشجعي بني يهودا تجاه اللاعبين العرب لفريق أبناء اللد. تشجيعي المحافظ لبني يهودا تحول إلى تشجيع للاعبين العرب الذين يُداسون بسبب ذنب ليس ذنبهم. مشجعو بني يهودا وبشتائمهم يدفعون الصراع إلى الحقل الديني الذي لا حل له.
الموقف الاردني حول الاحداث الاخيرة، المقالات هنا حول الحرب الدينية التي تمتد للجماهير الغفيرة، والى ملاعب كرة القدم ستؤدي بإسرائيل إلى طريق مسدود في وجه بعض مواطنيها وفي وجه المجتمع الدولي. وهذا أمر يناقض المصلحة الإسرائيلية.
بالذات اللقاء بدون وساطة بين العرب واليهود تكون له نتائج وثمار. نور من أم الفحم، وهو يعمل في سوبرماركت، وعبد بائع الخضار يحظيان بتقدير وحب في منطقتنا بسبب لطفهما واخلاصهما. وفجأة فان الشخصية العربية ليست ما يمثله الشباب الإسرائيلي. لكن صديقي المقرب طلال وهو مواطن إسرائيلي بكل معنى الكلمة قال لي إنه هو ايضا بدأ يُشكك بوجود مستقبل مشترك.
مقابل مهووسي الصراع الديني، الذين سيتسببون بالكارثة للجميع يجب التفكير في كيفية تهدئة الاوضاع والعودة إلى علاقات طبيعية أكثر.
التوجه هنا واضح: كراهية العرب تسلب الناس عقولهم. في المقابل يجب أن تنشأ مجموعة مصممة، تلك التي لا تريد فقدان إسرائيل من اجل جماعة مسيحانية، ولا تريد أن تفقد عرب إسرائيل من اجل ديماغوجيا شيطانية وجاهلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
ذئب ذئب
بقلم: عميرة هاس،عن هآرتس
منذ سنين ونحن نصرخ «ذئب، ذئب» والذئاب لا تأتي، المرة تلو الاخرى لا تأتي. أو يأتي جراء ذئاب، تنجح قوانا في «احتوائهم»، على حد تعبير اللغة الأمنية. فما الغرو في أن هتافات « » تستقبل بالاستخفاف، بالهزء وبالتجاهل؟ فهل هي التحذيرات بانه تقترب حرب دينية هي أيضا نوع من جرس التحذير اليائس؟
أمس اتصل صديق متدين من حي بيت حنينا وقال ان قتل المصلين في الكنيس يتعارض ومشاعره وأساس ايمانه الديني. وعلى لسانه ايضا كان اخطار «الذئب». فقد سأل: «الإسرائيليون لا يفهمون بان سكان جبل المكبر هم بدو، والولاء القبلي لديهم قوي جدا. اذا ما هدموا بيتا واحدا، فان الهدوء لن يخرج من هذا؟ قلت ان في الصحيفة مكتوب ان بعض جهات الأمن يعارضون الهدم، ولكن موقف القيادة السياسية تغلب. ونحن قلقون.
«نحن»، هم كل من لا يفهم كيف يمكن التفكير بانه يمكن مواصلة السيطرة على نحو 4.5 مليون نسمة خلافا لارادتهم، التنكيل بهم كل يوم وكل لحظة، وتجاهل وجود نحو 5 مليون آخرين من اخوانهم يعيشون في المنافي وفي الشتات، ومواصلة التعامل مع نحو مليون وستمائة الف مواطن من الدولة كمواطنين مع وقف التنفيذ.
«نحن»، هم كل من يعرف بان تفاصيل السيطرة المنكلة هذه كثيرة بحيث لا يمكن استيعابها أو احصاؤها. «نحن» ايضا نعرف بان الاغلبية الساحقة من الإسرائيليين – اليهود غير معنيين بمعرفة التفاصيل وحتى اولئك الذين يعرفون رغم أنفهم غير معنيين بها.
«نحن» منذ زمن اضطررنا لان نهجر التفكير الانساني بان الناس لا يريدون أن يكونوا جهلة. ولماذا يهم الإسرائيليين ان تكون سياسة إسرائيل منذ ليفي اشكول وتيدي كوليك داست وهدمت الفلسطينيين في القدس كي يكون لليهود نور وفرح؟
«ذئب» هو الانفجار الواسع الذي نتوقع أن يحصل لان شعبا كاملا لا يمكنه أن يعاني التنكيل إلى الابد. نحن نقول «ذئب» على أمل أن تكون الاسباب لظهوره – ستلغى.
عندما كان الفلسطينيون المقدسيون هادئين، قالوا لنا: «أترون، هم مرتاحون. لديهم تأمين وطني وصندوق مرضى وليست عليهم قيود حركة ويمكنهم أن يعملوا كحمالين ومنظفين في المجمعات التجارية في غربي المدينة وان يشتروا من المجمعات التجارية».
وعندما لا يكونوا هادئين – مظاهرات، صدامات مع الشرطة، عمليات دهس، قتل في الكنيست ومرة اخرى مظاهرات وصدامات – يقولون لنا: هم ناكرون للجميل. هم محرضون، هم قتلة في جوهرهم. بسبب اهمال البنى التحتية عندهم يقتلون بالسكين الجزارين؟ بسبب حظر البناء يدهسون للموت؟ بسبب سحب مكانة اقامتهم وطردهم من البلاد يطلقون المفرقعات على الشرطة؟
«بسبب معدلات الفقر العالية جدا، الاستيطان الاستفزازي داخل احيائهم المهملة، الاكتظاظ في المنازل، هدم المنازل التي بنيت بلا تراخيص بناء، خراطيم مياه المجاري التي ترش الاحياء («الاحتواء»)، منع النشاط السياسي، الطرد من منازلهم لانه قبل 1948 كانت الارض مسجلة على اسم يهود (مثل الارض والمنازل في احياء الطالبية، البقعة، المصرارة، عين كارم وما شابه كانت فلسطينية، ولكن لا تعاد لهم)؟ بسبب شق طريق في قلب حيهم لتقصير زمن سفر مستوطني غوش عصيون إلى القدس وبسبب قطعهم بسور وبجدران وبقوانين جديدة عن باقي الضفة الغربية، يرشقون الحجارة على القطار الخفيف؟»
احدى طرق الاحتواء الانجح التي اتخذتها إسرائيل لمنع الذئاب من الوصول، هي بالطبع تقطيع المجتمع الفلسطيني الذي يوجد تحت حكمها منذ 196. لهذا فاننا نضطر للحديث هنا عن القدس بشكل منفصل. بالتدريج منذ 1993 قطعت إسرائيل القدس الشرقية عن عموم السكان الفلسطينيين في الضفة وغزة. وقدر «المحتوون» بانها وحدها – لن تتمكن من الثورة.
الصديق المتدين من بيت حنينا واصل سؤالي: «هذا يوم الجمعة الثاني الذي لا يكون فيه قيد على عمر الدخول إلى الاقصى، وفجأة لا يحج النواب وكل أنواع غريبي الاطوار إلى النطاق.
ولا يوجد ما تسميه الشرطة «اعمال اخلال بالنظام»، بعد أو قبل الصلاة. ألا يفهم الإسرائيليون بان المظاهرات كانت ردا على المنع والاستفزازات؟» ولخيبة أمله قلت له ان الامر ليس ان الإسرائيليين فهموا بل ان الملك عبدالله تدخل. فقال: «عن اي حرب دينية يتحدثون في إسرائيل؟ فاذا كان لا بد، فان الإسرائيليين هم الذين يثيرونها. كل المظاهرات والتوتر والغضب – هذا لاننا ملنا جدا هذا الحكم الشرير». بمعنى أن رفع القيود عن الدخول إلى الاقصى لا يكفي.
صديق آخر، ملحد معلن من حي شعفاط، هو ايضا تحفظ من وصف «الحرب الدينية». وذكر بان غسان وعدي ابو جمل اللذين قتلا أربعة مصلين يهود وشرطي في الكنيس، هما من عائلة تتماثل مع الجبهة الشعبية – منظمة علمانية. وهو يقدر بانهما ذهبا للثأر. على كل شيء. على غزة أيضا. ويضيف: «كل المتظاهرين في الاحياء، في الاشهر الاخيرة. يقال ان هذا بسبب الاقصى؟ نصف ممن اعتقلوا بالاجمال لا يصلون».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
بقلم: ناحوم برنياع،عن يديعوت
في خيمة العزاء في جبل المكبر، في ساحة منزل عائلة القتلة، أجريت مقابلة صحافية جماعية. ووصل الحديث إلى واحد، يوسف حسن الرموني، سائق ايغد، الذي عثر عليه فاقد الروح في باصه. وقد شرحت الجثة في مستشفى ابو كبير، وقضى المشرح ان الرجل انتحر.
«لا»، قالوا في جوقة الرجال المحيطين. «هذا لا يحتمل. عندنا لا ننتحر».
ماذا يعني لا تنتحرون؟ سألت.
فتطوع أحدهم ليشرح «شخص مجنون في الرأس»، قال «يذهب إلى المسجد، يضع رأسه على الارضية ليصلي، وكل جنونه يخرج له من الرأس».
كيف هذا؟ سألت.
«الايرث»، قال. كنت واثقا أنه يضحك، ولكن احدا لم يضحك. بل العكس، كلهم هزوا الرؤوس. الرجال في جبل المكبر يفهمون في الكهرباء: نصف شبكات الكهرباء في بيوت اليهود في القدس تمر من تحت أيديهم. اذا كان احدهم يقول «الايرث» – الارتباط بين جسم تسير فيه الكهرباء إلى الكرة الارضية – فهو يعرف عما يتحدث.
أنزل المتحدث رأسه إلى الأسفل، إلى تحت الكرسي كي يجسد كيف يعمل الامر. قال: «نعم، الايرث، الجنون يذهب إلى المسجد وهذا هو: لا جنون».
لم أجادل. كل محق بمعتقده يعيش؛ من ناحيتي من ليس محقا ايضا. ومع ذلك، يوجد هنا طرف ظاهرة مقلقة، شبه باعثة على اليأس: أحد لم يعد يؤمن بما تقوله له الجهات الرسمية. اذا عثر على فلسطيني ميت، فهذا دليل على ان اليهود قتلوه. المشرح اليهودي يكذب، لانه يهودي؛ المشرح العربي يسكت لانه عميل. نحن نصدق فقط ما نريد أن نصدق.
لا يدور الحديث عن نزعة ريبة أو عن شك: يدور الحديث عن عدم ثقة عميقة، اساسية، غير قابلة للدحض؛ يدور الحديث عن جنون اضطهاد جماعي. على الجبل في البلدة القديمة في القدس لم يكن هيكل في أي وقت من الاوقات. فقط مكان مقدس للإسلام، الاكثر قدسية، واسمه الاقصى، يحاول اليهود المخادعون سرقته؛ الشرطة يدخلون إلى المسجد باحذيتهم لا كي يصدوا مطلقي المفرقعات وراشقي الحجارة، بل لتدنيس قدسيته. وبأحذيتهم غيروا الوضع الراهن. هذه الشائعة المغرضة التي بثت في احدى قنوات الراديو بالعربية، كانت على ما يبدو الدافع لعملية الدهس الاخيرة في القطار الخفيف في القدس.
قبل أن نحتج على التحريض في الشارع الفلسطيني، على ثقافة الكذب، على الشك المرضي، على الخزعبلات، لان يضر اذا ما القينا نظرة قصيرة على طرفنا.
نقطة اولى: التحريض. صديق اصولي، يستمع بشكل دائم لقنوات الراديو الاصولية ويقرأ الموقع الاصولي على الانترنت، قال لي انه ذهل مما سمعه وقرأه بعد المذبحة في الكنيست في هار نوف. وبزعمه، فان نداءات قتل كل عربي واستخدام الحيوانات المهانة كالحمير والكلاب لوصف كل من يؤمن بالإسلام نالت التشجيع من مقدمي البرامج على أنواعهم. والوسط الاصولي ليس وحيدا، بالطبع: فالخطاب العنصري يزدهر في كل المواقع، بكل البشاعة، بكل القوة.
نقطة ثانية: ثقافة الكذب. مرتان على الاقل في كل يوم، باستثناء السبت، يصدر مكتب رئيس الوزراء بيانا للجمهور يتباهى بافعال رئيس الوزراء. ويعاني قسم من هذه البيانات بالمباهاة العابثة، بعضها مضللة، وقليل منها كاذبة. فليتفضل رئيس الوزراء ليقرأ من جديد ما قاله أمس في بداية جلسة الحكومة ونشره مكتبه للجمهور. فقد أعلن هناك باحتفالية عن سلسلة من القوانين التي يأمل الا تقر ابدا. مشاريع قوانين تتضمن عقابا جماعيا للمشبوهين بالتحريض وابناء عائلاتهم. هذه رواية الثانية من رزمة سابقة اعلنت وسحبت. وهذه الرزمة اذا ما اقرت في اي مرة ستجلبنا في رحلة جوية إلى مقعد الاتهام في المحكمة الدولية في لاهاي. وزير الداخلية الجديد جلعاد اردان لا يفهم بعد ما الذي نزل على رأسه، ولكنه سيتعلم.
الاعلان الثاني يتعلق بقانون القومية: فقد تشوش نتنياهو في اعلانه بين بن غوريون وبين جابوتنسكي. وأدخل في هذه الخلطة هرتسل وأبيه – كلما شاخ بات خبيرا اقل في التاريخ – وفقط شيء واحد لن ينجح في تفسيره: ما الذي سيعطيه هذا القانون للقومية اليهودية. لمواطني إسرائيل او حتى لكتلة اليمين. وزير الدعاية انتصر – مرة اخرى انتصر – على رئيس الوزراء.
لم يتبقَ له غير الامل في أن في سياق الطريق سيأتي راشد مسؤول في صورة المستشار القانوني للحكومة أو محكمة العدل العليا ليلقي بهذه القوانين المتبجحة بلباقة إلى سلة المهملات.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
حكومة نتنياهو ضد اسرائيل!
بقلم: بن – درور يميني،عن يديعوت
ينبغي الاستماع إلى حجج رئيس الوزراء واليمين. فاحيانا يقولون اقوالا ذات معنى. الحق المطلق لا يوجد في اي طرف. وحتى الحجج في صالح تشريع قانون القومية جديرة بان تسمع. غير أنه لم يسبق أن سمعت مبررات يمينية سخيفة بهذا القدر. فلاي غرض نحتاج لهذا القانون؟ أي مكسب ستستخلصه إسرائيل من ذلك؟
المبرر الاساس هو تعزيز طابع إسرائيل كدولة يهودية. فهل إسرائيل تعاني من نقص ما بالنسبة للاعتراف بطابعها؟ وبالفعل، فان قرار التقسيم في الامم المتحدة، والذي تحل قريبا ذكراه الـ 67، يذكر اصطلاح «الدولة اليهودية» 29 مرة. وثيقة الاستقلال، الوثيقة التأسيسية لاقامة دولة إسرائيل، تقضي بان دولة إسرائيل هي دولة يهودية. قانون العودة العادل سن بموجب ذلك. قانونان اساسان هامان للغاية يتضمنان عبارة «دولة يهودية وديمقراطية». وكذا القانون الاساس الكنيست وقانون الانتخابات يتضمنان عبارة يهودية وديمقراطية. واذا لم يكن هذا بكاف، فتكاد تكون كل مبادرات السلام الجدية، وهذا يشمل أيضا صيغة كلينتون ومبادرة جنيف، تتضمن الاعتراف بإسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي.
إذن من اجل ماذا، بحق الجحيم، هناك حاجة لما يزيد؟ من يحتاج إلى زيادة يدل على نفسه اساسا. فهو لا يقصد تعزيز الاعتراف بإسرائيل كالدولة القومية للشعب اليهودي. فهو يقصد شيئا آخر تماما. ففي السنوات الاخيرة، بالفعل، يوجد تشكيك، من الداخل ايضا، في الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. ولكن هذا التشكيك يعود للهوامش. والان، بسبب قرار الحكومة، فان هذا التشكيك سيتسع فقط. فليس فقط اليسار المتطرف هو الذي لا يؤمن بدولة يهودية وديمقراطية. فهذه بالضبط قصة اليمين المتطرف. اليسار يريد دولة ديمقراطية، وبقدر أقل، هذا اذا كان على الاطلاق، يهودية. اما اليمين فيريد دولة يهودية، وبقدر أقل، هذا اذا كان على الاطلاق، ديمقراطية. وهكذ فالنتيجة هي واحدة. فهذه المبادرة تعزز الذين يعارضون، من اليسار ومن اليمين، الدولة اليهودية والديمقراطية.
ما يقلق أكثر هو أن رئيس الوزراء ايضا وكذا وزراء الليكود واليمين يعرفون على نحو ممتاز بان لا توجد اي حاجة لهذا القانون. هم يعرفون بان ليس فيه شيء. يعرفون بان مساهمته الوحيدة ستكون لحملة نزع الشرعية عن إسرائيل. فهناك كثيرون وسيئون يبحثون عن كل ذريعة لعرض إسرائيل كدولة عنصرية، قومية متطرفة، فاشية. وهم يدعون بانه لا توجد امكانية للدمج بين «اليهودية» و «الديمقراطية». والان جاء رئيس وزراء إسرائيل، الرجل الذي يعرف بان هذا قانون ضار وزائد، ويمنح كارهي إسرائيل بالضبط ما يطلبونه. هكذا بحيث ينبغي أن نسأل مرة اخرى: لماذا؟
يدعي المحللون بان الحديث يدور عن موضوع سياسي داخلي. الانتخابات التمهيدية في الليكود. فاذا كان هذا هو السبب، فان الوزراء والنواب في الليكود يتعاطون على ما يبدو مع ناخبيهم كعصبة من الاغبياء تواقين لخطوات استفزازية وزائدة. يحتمل ان يكون هذا صحيحا بالنسبة لقسم صغير من المنتسبين أو اعضاء المركز. ولكن مسموح الافتراض بانه يوجد هناك معسكر كبير من أسوياء العقل. وهم يعرفون كيف يميزوا على نحو ممتاز بين المصلحة الوطنية والخطوة الغبية والكدية. ولكن قادة الليكود، كما ينبغي أن نعرف، لا يفكرون بالخير عن رجال الليكود.
مرات عديدة يكون لإسرائيل حجج ممتازة ضد الحملة ضدها. هذه المرة حكومة إسرائيل، ويا له من محزن، تدير الحملة ضد إسرائيل.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
المصير القومي ليس حقا احتكاريا
حق تقرير المصير لليهود بأبعاده الثقافية والتاريخية سيعني بالمقابل حق تقرير المصير للفلسطينيين
بقلم: داني ستيتمان،عن إسرائيل اليوم
الصهاينة – الذين يعتقدون أنه يوجد للشعب اليهودي حق تقرير المصير – يستندون في موقفهم على الحق العام المعطى للجماعات القومية، الذي يعني فعليا اقامة دولة خاصة بهم. اذا كان للتشيك أو النرويجيين أو الاسكتلنديين أو الكتالونيين الحق في دولة خاصة بهم فلماذا لا يحق لليهود؟ اذا كان الامر كذلك فما الخطأ في أن يكون هذا الحق راسخا في قانون القومية؟ الجواب هو أنه يوجد لليهود حق بدولة خاصة بهم ولكن هذا لا يلغي الاشكالية بالقانون المقترح.
لماذا يوجد للجماعات القومية حق تقرير المصير، سواء في اطار دولة أو في اطار حكم ذاتي ما (مثل الاسكتلنديين في اطار المملكة المتحدة، أو الكتالونيين في اسبانيا)؟ بالذات لأن ثقافات البشر لها أهمية كبيرة في هويتهم، ولديهم مصلحة قوية في بقاء ثقافتهم في الوسط الذي يعيشون فيه. ولديهم مصلحة في أن تكون اللغة الأم هي اللغة التي يتحدثونها في المدرسة وفي وسائل الاعلام، وأن تكون الاعياد حاضرة في الميادين، وأن تكون الموسيقى حاضرة في الاذاعة، وأن يكون دينهم ممثلا في الاحداث والمناسبات العامة. هذه المصلحة ترتبط برغبة الفرد بالشعور أنه في بيته حتى عندما يخرج منه ولا يخفي هويته.
المبرر الاساس لاعتبار يهودية الدولة جزء من قانون يستند إلى هذه الاعتبارات. هذه دولة تسود فيها الثقافة اليهودية واللغة اليهودية. كل يهودي يستطيع الشعور أنه في البيت ويستطيع اظهار يهوديته في الاطار العام وبشكل طبيعي بدون أن يخفيها وبدون أن تسبب له الاحراج.
ولكن ولنفس الاسباب، يوجد للفلسطينيين الذين يعيشون في الدولة مصلحة واضحة في تطوير ثقافتهم وتسويدها بشكل علني. لديهم مصلحة في المحافظة على اللغة والشِعر والأدب الخاص بهم. يحتاجون إلى جهاز تربية ناجح لتشريب ثقافتهم للجيل القادم، يحتاجون إلى خطوات كثيرة من قبل الدولة كي يشعروا أنهم في البيت عندما يكونون في الفضاء الجماهيري في البلاد.
كلما كان الانسان قوميا أكثر في مواقفه السياسية الايديولوجية فانه يكون ملزما بتأييد الحقوق الجماعية للفلسطينيين في إسرائيل، فالمبررات الفلسفية والاخلاقية التي تدافع عن الثقافة اليهودية تلزم ايضا بالدفاع عن الثقافة الفلسطينية. ولا داعي للاضافة أن الحقوق هي بطبيعتها عالمية، وليس من المعقول أن يكون هناك حق معين لليهود على أساس معين ولا يكون هذا الحق للفلسطينيين عندما يكون هذا الاساس ينطبق عليهم ايضا.
قانون القومية يقوم بفعل العكس. ففي الوقت الذي يعزز فيه حق اليهود في تقرير المصير، حيث يعكس أهمية الثقافة والقومية تجاه الانسان، هو يتحدث فقط عن حقوق شخصية للفلسطينيين، وهنا توجد مشكلة كبيرة في تقويم عدم التجانس بين الأمرين.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
أفق الصراع السياسي والديني
بقلم: عوزي برعام،عن هآرتس
مجموعات إسلامية متطرفة، بعضها داخل إسرائيل، تأمل أن يتحول الصراع السياسي إلى صراع ديني. الشيخ رائد صلاح، رئيس الجناح الشمالي للحركة الإسلامية، لا يهمه الصراع من اجل تحقيق الحقوق للفلسطينيين بل ما يهمه فقط «الخطر الذي يتهدد الاقصى».
أكد فلسطينيون واعون أهمية الصراع الوطني. صحيح أنهم أيدوا مواقف غير مقبولة على الرأي العام الإسرائيلي لكنهم عادوا وأكدوا: أن الصراع الوطني قابل للحل، والصراع الديني غير قابل للحل. ومع ذلك فان إسرائيل تساهم في تعزيز الادعاء الديني. الجمهور الكبير الذي يقول «الموت للعرب»، «العربي الجيد هو العربي الميت» و»محمد مات»، يضع العرب جميعا في رزمة عنصرية واحدة، والمساس بالنبي ومن هنا المساس بكل مسلم.
فهم بنيامين نتنياهو أنه يجب اطفاء النار المشتعلة في الحرم، وسارع للقاء ملك الاردن، لكن اللقاء لم يحقق شيئا، لأن البرلمان الاردني تضأمن مع قتلة هار نوف، وقام رئيس الحكومة الاردنية بتقديم التعازي لعائلات المنفذين. هذا لم يحدث في السابق، أما الآن فان عمليات القتل تعتبر على خلفية دينية – ردا على التهديد الإسرائيلي للاقصى.
لو كان بالامكان تصنيف مشعلي النار، فالى جانب الإسلاميين يوجد بعض اعضاء الكنيست، وباسم الحلم يصبون الزيت على النار.
في الوقت الذي أنتقي فيه كلماتي، حيث لا توجد هنا حقيقة مطلقة بل أحداث تقود إلى استخلاصات، فقد صادفت مقالة عنوانها «نحن في صراع من اجل وعد الله». «متى سيفهم مرشدو اليسار»، قيل هناك، «إن جذور الصراع بيننا دينية. هذا صراع حول وعد الله لأبونا ابراهيم». أي أن الرسالة اليمينية القومية هي أن الصراع ليس من اجل حل سياسي يقود إلى نهاية الصراع بل حول الدين، حول المقدس. ليس من اجل هذا عدنا إلى بلادنا، وليس من اجل هذا قامت الصهيونية السياسية على يد هرتسل، وايزمن وبن غوريون بل حتى جابوتنسكي.
شاهدت في التلفاز كراهية مشجعي بني يهودا تجاه اللاعبين العرب لفريق أبناء اللد. تشجيعي المحافظ لبني يهودا تحول إلى تشجيع للاعبين العرب الذين يُداسون بسبب ذنب ليس ذنبهم. مشجعو بني يهودا وبشتائمهم يدفعون الصراع إلى الحقل الديني الذي لا حل له.
الموقف الاردني حول الاحداث الاخيرة، المقالات هنا حول الحرب الدينية التي تمتد للجماهير الغفيرة، والى ملاعب كرة القدم ستؤدي بإسرائيل إلى طريق مسدود في وجه بعض مواطنيها وفي وجه المجتمع الدولي. وهذا أمر يناقض المصلحة الإسرائيلية.
بالذات اللقاء بدون وساطة بين العرب واليهود تكون له نتائج وثمار. نور من أم الفحم، وهو يعمل في سوبرماركت، وعبد بائع الخضار يحظيان بتقدير وحب في منطقتنا بسبب لطفهما واخلاصهما. وفجأة فان الشخصية العربية ليست ما يمثله الشباب الإسرائيلي. لكن صديقي المقرب طلال وهو مواطن إسرائيلي بكل معنى الكلمة قال لي إنه هو ايضا بدأ يُشكك بوجود مستقبل مشترك.
مقابل مهووسي الصراع الديني، الذين سيتسببون بالكارثة للجميع يجب التفكير في كيفية تهدئة الاوضاع والعودة إلى علاقات طبيعية أكثر.
التوجه هنا واضح: كراهية العرب تسلب الناس عقولهم. في المقابل يجب أن تنشأ مجموعة مصممة، تلك التي لا تريد فقدان إسرائيل من اجل جماعة مسيحانية، ولا تريد أن تفقد عرب إسرائيل من اجل ديماغوجيا شيطانية وجاهلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ
ذئب ذئب
بقلم: عميرة هاس،عن هآرتس
منذ سنين ونحن نصرخ «ذئب، ذئب» والذئاب لا تأتي، المرة تلو الاخرى لا تأتي. أو يأتي جراء ذئاب، تنجح قوانا في «احتوائهم»، على حد تعبير اللغة الأمنية. فما الغرو في أن هتافات « » تستقبل بالاستخفاف، بالهزء وبالتجاهل؟ فهل هي التحذيرات بانه تقترب حرب دينية هي أيضا نوع من جرس التحذير اليائس؟
أمس اتصل صديق متدين من حي بيت حنينا وقال ان قتل المصلين في الكنيس يتعارض ومشاعره وأساس ايمانه الديني. وعلى لسانه ايضا كان اخطار «الذئب». فقد سأل: «الإسرائيليون لا يفهمون بان سكان جبل المكبر هم بدو، والولاء القبلي لديهم قوي جدا. اذا ما هدموا بيتا واحدا، فان الهدوء لن يخرج من هذا؟ قلت ان في الصحيفة مكتوب ان بعض جهات الأمن يعارضون الهدم، ولكن موقف القيادة السياسية تغلب. ونحن قلقون.
«نحن»، هم كل من لا يفهم كيف يمكن التفكير بانه يمكن مواصلة السيطرة على نحو 4.5 مليون نسمة خلافا لارادتهم، التنكيل بهم كل يوم وكل لحظة، وتجاهل وجود نحو 5 مليون آخرين من اخوانهم يعيشون في المنافي وفي الشتات، ومواصلة التعامل مع نحو مليون وستمائة الف مواطن من الدولة كمواطنين مع وقف التنفيذ.
«نحن»، هم كل من يعرف بان تفاصيل السيطرة المنكلة هذه كثيرة بحيث لا يمكن استيعابها أو احصاؤها. «نحن» ايضا نعرف بان الاغلبية الساحقة من الإسرائيليين – اليهود غير معنيين بمعرفة التفاصيل وحتى اولئك الذين يعرفون رغم أنفهم غير معنيين بها.
«نحن» منذ زمن اضطررنا لان نهجر التفكير الانساني بان الناس لا يريدون أن يكونوا جهلة. ولماذا يهم الإسرائيليين ان تكون سياسة إسرائيل منذ ليفي اشكول وتيدي كوليك داست وهدمت الفلسطينيين في القدس كي يكون لليهود نور وفرح؟
«ذئب» هو الانفجار الواسع الذي نتوقع أن يحصل لان شعبا كاملا لا يمكنه أن يعاني التنكيل إلى الابد. نحن نقول «ذئب» على أمل أن تكون الاسباب لظهوره – ستلغى.
عندما كان الفلسطينيون المقدسيون هادئين، قالوا لنا: «أترون، هم مرتاحون. لديهم تأمين وطني وصندوق مرضى وليست عليهم قيود حركة ويمكنهم أن يعملوا كحمالين ومنظفين في المجمعات التجارية في غربي المدينة وان يشتروا من المجمعات التجارية».
وعندما لا يكونوا هادئين – مظاهرات، صدامات مع الشرطة، عمليات دهس، قتل في الكنيست ومرة اخرى مظاهرات وصدامات – يقولون لنا: هم ناكرون للجميل. هم محرضون، هم قتلة في جوهرهم. بسبب اهمال البنى التحتية عندهم يقتلون بالسكين الجزارين؟ بسبب حظر البناء يدهسون للموت؟ بسبب سحب مكانة اقامتهم وطردهم من البلاد يطلقون المفرقعات على الشرطة؟
«بسبب معدلات الفقر العالية جدا، الاستيطان الاستفزازي داخل احيائهم المهملة، الاكتظاظ في المنازل، هدم المنازل التي بنيت بلا تراخيص بناء، خراطيم مياه المجاري التي ترش الاحياء («الاحتواء»)، منع النشاط السياسي، الطرد من منازلهم لانه قبل 1948 كانت الارض مسجلة على اسم يهود (مثل الارض والمنازل في احياء الطالبية، البقعة، المصرارة، عين كارم وما شابه كانت فلسطينية، ولكن لا تعاد لهم)؟ بسبب شق طريق في قلب حيهم لتقصير زمن سفر مستوطني غوش عصيون إلى القدس وبسبب قطعهم بسور وبجدران وبقوانين جديدة عن باقي الضفة الغربية، يرشقون الحجارة على القطار الخفيف؟»
احدى طرق الاحتواء الانجح التي اتخذتها إسرائيل لمنع الذئاب من الوصول، هي بالطبع تقطيع المجتمع الفلسطيني الذي يوجد تحت حكمها منذ 196. لهذا فاننا نضطر للحديث هنا عن القدس بشكل منفصل. بالتدريج منذ 1993 قطعت إسرائيل القدس الشرقية عن عموم السكان الفلسطينيين في الضفة وغزة. وقدر «المحتوون» بانها وحدها – لن تتمكن من الثورة.
الصديق المتدين من بيت حنينا واصل سؤالي: «هذا يوم الجمعة الثاني الذي لا يكون فيه قيد على عمر الدخول إلى الاقصى، وفجأة لا يحج النواب وكل أنواع غريبي الاطوار إلى النطاق.
ولا يوجد ما تسميه الشرطة «اعمال اخلال بالنظام»، بعد أو قبل الصلاة. ألا يفهم الإسرائيليون بان المظاهرات كانت ردا على المنع والاستفزازات؟» ولخيبة أمله قلت له ان الامر ليس ان الإسرائيليين فهموا بل ان الملك عبدالله تدخل. فقال: «عن اي حرب دينية يتحدثون في إسرائيل؟ فاذا كان لا بد، فان الإسرائيليين هم الذين يثيرونها. كل المظاهرات والتوتر والغضب – هذا لاننا ملنا جدا هذا الحكم الشرير». بمعنى أن رفع القيود عن الدخول إلى الاقصى لا يكفي.
صديق آخر، ملحد معلن من حي شعفاط، هو ايضا تحفظ من وصف «الحرب الدينية». وذكر بان غسان وعدي ابو جمل اللذين قتلا أربعة مصلين يهود وشرطي في الكنيس، هما من عائلة تتماثل مع الجبهة الشعبية – منظمة علمانية. وهو يقدر بانهما ذهبا للثأر. على كل شيء. على غزة أيضا. ويضيف: «كل المتظاهرين في الاحياء، في الاشهر الاخيرة. يقال ان هذا بسبب الاقصى؟ نصف ممن اعتقلوا بالاجمال لا يصلون».
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ـ