Haneen
2014-12-14, 11:39 AM
file:///C:/Users/ADMINI~1/AppData/Local/Temp/msohtmlclip1/01/clip_image003.gifفي هذا الملـــــف:
v اسرائيل تقابل بالاستيطان المبادرة الاميركية لوقف الاستيطان !!
بقلم: حديث القدس – القدس
v من وعد «بلفور» إلى وعود «الخلفاء»!
بقلم: طلال سلمان – القدس
v الأسير الشهيد معتز حجازي ... القدس تنفجر في شرايينه
بقلم: عيسى قراقع – القدس
v القـــدس تناديكــم
بقلم: هاني المصري – الايام
v التواطؤ الدولي في حرب القدس
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
v حياتنا - كفى ولدنة
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
v تغريدة الصباح - ترشيحا ترشح شجناً..
بقلم: احمد دحبور – الحياة
v سؤال عالماشي - فيتو أميركي أم امتناع ؟!
بقلم: موفق مطر – الحياة
v نبض الحياة - تونس تنتصر لذاتها والعرب
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
اسرائيل تقابل بالاستيطان المبادرة الاميركية لوقف الاستيطان !!
بقلم: حديث القدس – القدس
بينما كان وزير الخارجية الاميركي جون كيري يحاول تقديم وشرح المبادرة الاميركية الجديدة الى وفد فلسطيني برئاسة د. صائب عريقات، كانت اسرائيل "تشرح" بطريقة اوضح وتعبر عن موقفها من هذه المبادرة بطريقة واقعية بعيدا عن الكلام.
المبادرة الاميركية المقترحة تدعو الى وقف الاستيطان والتراجع عن قرارات الاستيطان الموسعة الاخيرة وخاصة في مدينة القدس مقابل عدم توجه السلطة الفلسطينية الى مجلس الامن والمؤسسات الدولية الاخرى لملاحقة اسرائيل قضائيا دوليا، وتستصدر قرارا من مجلس الامن يؤكد ضرورة وضع نهاية للاحتلال، ومتى تحقق هذا الهدفان لابد من استئناف المفاوضات بهدف التوصل الى حل يقوم على اساس الدولتين.
في الوقت نفسه تقريبا، حين كان الوفدان الاميركي والفلسطيني يبحثان المبادرة الجديدة، كانت حكومة اسرائيل تجتمع وتقرر اقامة 400 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "رامات شلومو" شمال غربي القدس الشرقية في الوقت الذي كان من المفترض ان تتراجع عن قرارات الاستيطان السابقة، وهي بذلك تقتل المبادرة الاميركية في مهدها وتغلق الابواب اية احتمالات لنجاحها او استئناف المفاوضات، تماما وبالضبط كما فعلت حين قدمت واشنطن مبادرتها السابقة ومدتها تسعة اشهر بغية التوصل الى اتفاق نهائي، وصدقنا وقبلنا المبادرة وفاوضنا تسعة اشهر طوال .. لكن الاستيطان لم يتوقف ولم يتحقق اي تقدم ... وعدنا الى النقطة الاولى وهي وقف التفاوض، واليوم تحاول واشنطن تكرار السيناريو نفسه .. وهو امر يجب الا يحدث ابدا، ولا يجوز لنا قبول اية مبادرة مزيفة وغير واقعية كتلك التي تحول واشنطن تسويقها لنا في هذه الايام.
والموقف الاسرائيلي المتعلق بالاستيطان ليس هو الموقف الوحيد المدمر لكل فرص السلام ولكن هناك ممارسات وتصريحات كثيرة في هذا السياق، فهم في اسرائيل يشنون في هذه الايام حملة تحريض ضد الرئيس ابو مازن الذي يؤكد تمسكه بالتنسيق الامني ويعتبره مقدسا، ويعارض كل اعمال العنف ويؤكد تمسكه بالوسائل السلمية ويتعرض لحملات من اكثر من جهة فلسطينية من اجل هذه المواقف الواضحة والمتكررة، والرئيس ابو مازن يدعو الى التهدئة بالقدس ردا على دعوة نتانياهو للتهدئة، في الوقت الذي تتواصل فيه الاقتحامات ضد المسجد الاقصى ويشارك فيها وزراء ورئيس البلدية وشخصيات رسمية كبيرة اخرى ... بل ان وزير الاسكان اوري اريئيل يؤكد انه سيتم هدم المسجد الاقصى واقامة الهيكل المزعوم مكانه ..
تؤكد اسرائيل مرة بعد مرة انها لا تريد السلام ولا تعمل في سبيل انجاح حل الدولتين، وهذا ما يجب علينا مواجهته والتعامل معه بدل الرفض المتواصل وراء السراب والاوهام الاميركية المنحازة انحيازا اعمى لاسرائيل ولا تعمل شيئا جديا ضد ممارساتها سوى الكلام المكرر والمبعثر.
من وعد «بلفور» إلى وعود «الخلفاء»!
بقلم: طلال سلمان – القدس
أما وقد تحوّل «وعد بلفور» إلى أقوى كيان في الشرق العربي تحت اسم «إسرائيل ـ دولة يهود العالم»، فإن «العرب» قد نهضوا لتقسيم المقسّم من بلادهم بحيث يزيدون عدد دولهم في العالم، فتصير لهم «الأكثرية» في الأمم المتحدة و«الفيتو» القاطع في مجلس الأمن الدولي أيضاً.
ذلك أنه عشية الذكرى السابعة والتسعين للوعد الذي أعطاه وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور الى اللورد إدموند روتشيلد، «لتأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين»، تتهاطل على الرعايا العرب وعود من النافذين والقادة في أهلهم، بإقامة دول عدة (جديدة ومختلفة عن الموجودة) فوق أرضهم الممتدة بين المحيط والخليج.
.. وإذا كان «أبو بكر البغدادي» قد أعلن قيام «دولة العراق والشام» وسمّى نفسه خليفة عليها، فثمة «امراء مؤمنون» كثر هم بصدد إقامة «دولهم» إما داخل «دولته» ذاتها أو من حولها في مختلف أنحاء بلاد الشام مع تمدد محتمل نحو اليمن في أقصى الشرق العربي ونحو ليبيا غير بعيد عن أقصى الغرب العربي.
ففي سوريا الآن عشرات الدويلات المقتتلة في ما بينها، على الحدود الطويلة مع تركيا كما على الحدود القصيرة مع الأردن، في حين لما يحسم الصراع على الفضاء الممتد بين سوريا والعراق بين أساطيل الطيران الحربي الأميركي أساساً ومعه أقوى الطائرات وأسرعها في دول أوروبا الغربية وأستراليا، فضلاً عن أسلحة الجو الخليجية بطياريها والطيارات جميعاً، وبين أسطول سيارات «نيسان» و«تويوتا» التي حوّلها «الخليفة» إلى بديل من الدبابات ذات الجنازير.
... وفي العراق تتهاوى مشاريع دول مذهبية لتقوم مشاريع دول قبلية، فضلاً عن استقلال الأكراد بدولتهم، في انتظار نتائج الحرب مع «دولة الخلافة» بحسم الصراع بين الخلفاء في «داعش» و«النصرة» وما قد يستجد أو يستولد «القاعدة» من «دول» أخرى.
أما في لبنان، حيث لكل جهة «دولتها»، فقد يجتمع الرؤساء (أو الخلفاء) المحتملون للدول المحتملة ويجمعون على «وعد» بالتمديد الثاني للمجلس النيابي، وربما سيعقبه ثالث، ولا من يستنكر أو يستهجن انطلاقاً من أن «المجلس سيد نفسه»، فضلاً عن أن الانتخابات عملية شكلية ولكن مكلفة، وقد تحفل بمعارك ديموقراطية طاحنة بين قطعان الناخبين من رعايا «الخلفاء» المتواطئين على التمديد إلى ما شاء الله، ما دام الأمر لهم من قبل ومن بعد.
وفي لبنان، أيضاً، «وعد» بانتخاب رئيس جديد للجمهورية العتيقة ذات يوم... ولا ضرورة للاستعجال، إذ لم يلمس «الشعب» أية فروق بين أن يكون له «رئيس» ينتخبه العالم، أو حكم بلا رأس، أو برأس بدل من ضائع تمثله حكومة بتواقيع ـ ومنافع ـ كثيرة.
وليست كل «الوعود» للتنفيذ كما «وعد بلفور».
وربما لأن «العرب» مشغولون بوعود كثيرة سمعوها من قادتهم وأمراء المؤمنين فيهم، فقد نسوا فلسطين وتركوها لمصيرها «الإسرائيلي»، وانهمكوا في حروب تصفية لدولهم العتيقة تمهيداً لإقامة دول جديدة بعدد قبائلهم ومذاهبهم والطوائف، فضلاً عن الأعراق والأجناس والقوميات،أما لبنان فقد اجتمع العالم كله فيه، وهكذا ارتاح وأراح، ولا يهم أنه يرتج بفعل انفجارات طائفية أو مذهبية، بين الحين والآخر، ولكنه لا يسقط لأنه «محروس من الله» أو هكذا يظن أهله، قادة ورعايا. وأنعم بالله حارساً وحافظاً من شرور "الخلفاء".
الأسير الشهيد معتز حجازي ... القدس تنفجر في شرايينه
بقلم: عيسى قراقع – القدس
أدرك انه لا فرق بين زنزانته الانفرادية الضيقة المحشورة والمتوحشة ظلاما وقمعا، وبين إجراءات الاحتلال البوليسية في القدس العربية المحتلة، من قمع واستيطان وتهويد وعزل وملاحقة، فالهدف هو الإنسان الفلسطيني في الزمان والمكان.
الأسير الشهيد معتز حجازي قضى عشر سنوات من عمره معاقبا في سجون الاحتلال، عاش في أقسام العزل الانفرادي متنقلا بين زنزانة وأخرى، معزولا عن نفسه وعن العالم، لم يكن يتكلم مع احد سوى مع القدس الروح واليقين، مربوطا من قدميه ويديه، ممنوعا من الزيارات ومن الكتب ومن رؤية الشمس والهواء، يعيش بين أربعة جدران في زنزانة قذرة، يتعرض للاهانات والضرب على يد السجانين، تحت ذريعة أن القدس تشكل خطرا على امن دولة إسرائيل.
تضاعفت أحكام الأسير الشهيد حجازي من ست سنوات إلى احدى عشرة سنة ونصف، كما تضاعف الاستيطان والهدم والقمع بحق أبناء القدس ومقدساتها، وكلما تصدى معتز للقمع بكبرياء مقدسي، كلما ازدادت الهجمة أكثر على القدس من اعتقالات واسعة غير مسبوقة، اغتيالات و خطف، هدم وتجريف منازل، وإجراءات ضريبية وفرض غرامات، واقتحامات وحشية للمسجد الأقصى على يد عصابات المستوطنين.
تحولت زنزانة معتز إلى ثكنة عسكرية، قوات النحشون والمسادا و السجناء اليهود الجنائيين، ينكلون به ويحاولون شطب هويته المقدسية وروحه الوطنية والإنسانية، وتحولت القدس إلى ثكنة عسكرية وحشودات من الجنود والقناصة والمناطيد والحاخامين الحاقدين والشعارات العنصرية والفاشية، يتصدون لأولاد القدس الرائعين، وللمصلين المرابطين، ولصوت الأذان وقرع الأجراس وانتفاضة الصلوات الخمس وهي تحرس أبواب السماء.
كلما أراد معتز أن يطل من نافذة زنزانته الموصدة على الزمن الحقيقي للحياة، وان يسافر مع أحلامه واغنياته إلى فضاء القدس، إلى عائلته وأصدقائه وخطواته الأولى، أن يشتم رائحة البلدة القديمة بأنبيائها وأسواقها وعطرها وبخورها وأحيائها وشهدائها، كلما زاد الحصار على القدس أكثر، جدران واستيطان وعزل وتهجير للسكان واغتيال للغة العربية والهوية الوطنية وتشويه للمكان.
انفجرت القدس في شرايينه، لم يتحمل معتز ما يرى في بلده العاصمة، رفض أن يصير عبدا تحت عصا المستوطنين المتطرفين وسلطة الاحتلال، رفض أن يعود إلى الوراء، إلى حيث كان في السجن تمارس بحقه اشد العقوبات لسحقه إنسانيا ووطنيا، ورفض أن تسجن القدس في أقفاص دولة إسرائيل، وان تتحول إلى عمود من الملح، وتحت هيمنة الأساطير والمزامير والمزيفين للتاريخ.
انفجرت القدس في شرايينه رافضا أن تلبس القدس بزة الاحتلال العسكرية، وجه التحية للاسرى الباقين في السجون، والتحية للطيور على هذه الأرض، التحية للهواء والماء، للشمس والظل، للشجر والغيم ، للمطر والينابيع، لأمه وأبيه، للطين والحجر، التحية للتراب، فالبحر المتوسط لا يحتضر قال معتز، والدولة الفلسطينية بدون القدس ليست أكثر من زنزانة عزل بعيدة بائسة.
انفجرت القدس في شرايين معتز حجازي، لأنه لم يحتمل أن يخطف الطفل محمد ابو خضير ويحرق حيا، لم يحتمل الجثث للأطفال والنساء وسرقة الصلاة، ولم يحتمل مخططات قتل آيات الله وقص أجنحة الصلاة من قبل دولة دينية عنصرية تحولت بكل مؤسساتها إلى هيئة أركان عسكرية، تريد إعدام القدس من المشروع الوطني الفلسطيني المتصاعد والمتوهج عالميا، لم يحتمل ازدحام غرف التحقيق بالمسكوبية بأطفال القدس وأمهاتهم وآبائهم، ولم يحتمل الصمت المريب، وذبح الأفق السياسي للحلم الوطني الفلسطيني.
فتح معتز باب زنزانته الحديدي، ومشى في شوارع القدس يبحث عن بخوره ومسكه وملائكته في دمه الذي سال غزيرا غزيرا فوق الأرض وفوق السماء، بين السحابات الممطرات، زيتا وزيتونا ومطرا توحد المسافات في أعناق الضوء والرعد والبرق، كأنها دعوة أو هتاف أو بشرى للعالمين.
انظروا إلى القدس في فلكها الجديد
في بؤرة جمرها
هنا معتز حجازي
إنسان الوعد
يسيل على جسد الأرض
فكوا رموزه
واسألوا أنفسكم
بأي جسد ستكملون أجسادكم بعد الآن؟
القـــدس تناديكــم
بقلم: هاني المصري – الايام
منذ عدة أشهر، تعيش مدينة القدس المحتلة حالة انتفاضيّة ما تكاد أن تخبو حتى تشتعل من جديد على خلفيّة الرد على استمرار وتصاعد الاعتداءات الإسرائيليّة ضد أهالي القدس بشكل عام، وضد الأقصى بشكل خاص.
يكفي الاطلاع على مسلسل الاعتداءات خلال الشهر الماضي لتبيان ما تعانيه القدس من جهة، والصمود والتصدي والمقاومة التي تقوم بها من جهة أخرى، التي بلغت ذروتها بمحاولة اغتيال الصهيونى المتطرف يهودا بليك، إذ أصيب إصابات خطيرة، واستشهاد منفذ العمليّة معتز حجازي في عمليّة إعدام نُفّذت بدم بارد.
خلال شهر تشرين الأول الماضي شهدت القدس ارتقاء الشهيدين عبد الرحمن الشلودي ومعتز حجازي، وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيليّة لأول مرة في تاريخ فلسطين أبواب المسجد الأقصى ومنعت رفع الأذان فيه. كما اقتحم الأقصى 1355 متطرفًا صهيونيًا منهم رئيس بلديّة القدس "نير بركات" على مدار الأسبوع، إضافة إلى اعتقال أعداد كبيرة من المقدسيين، وإصدار قرارات بإبعاد بعضهم، وهدم المنازل بإجبار أصحابها على القيام بذلك بحجة عدم الترخيص، أو قيام الاحتلال بعمليات الهدم، وفرض غرامات باهظة ومنع تشغيل المقدسيين، والإعلان عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانيّة في كل من "جفعات هاماتوس" و"رمات شلومو" و"جبل أبو غنيم".
تتواصل المظاهرات والاحتجاجات في مختلف أنحاء القدس، خصوصًا دفاعًا عن المسجد الأقصى، لدرجة دفعت الكثير من الكتّاب والمعلّقين والسياسيين الإسرائيليين إلى اعتبار أن القدس تشهد انتفاضة يمكن أن تنتقل إلى بقيّة أنحاء الضفة وفلسطينيي 48، وأنها خرجت عن السيطرة الإسرائيليّة، وطالبوا الحكومة باتخاذ إجراءات أشد لإعادة سيطرتها.
أثناء تشييع الشهيد حجازي تردد هتاف من المشيعين "يا ضفة يلّا منشان الله"، وهو هتاف مؤلم سمعناه يتردد بأشكال أخرى في بداية العدوان الأخير على قطاع غزة، وسمعنا مثله يتردد أثناء الهبّات التي انطلقت مرارًا تضامنًا ونصرة للأسرى، خصوصًا أثناء إضراباتهم الأسطوريّة عن الطعام، وأثناء المواجهات المستمرة منذ أعوام في بلعين ونعلين والنبي صالح والمعصرة وكفر قدوم وواد فوكين وبيت أمر وغيرها من القرى التي التهم جدار الفصل العنصري والاستيطان معظم أراضيها. .
ما سبق يظهر أن هناك مواجهات ومقاومة بطوليّة تبلغ حد الانتفاضة مثلما يجري في القدس، من دون أن تمتد المواجهات والمقاومة والانتفاضة إلى المناطق الأخرى.
في السابق كان يكفي قتل أربعة عمال في غزة لتكون الشرارة التي أشعلت السهل كله، وكانت الانتفاضة المجيدة التي اندلعت في 9 كانون الأول 1987، واستمرت عدة سنوات، ووضعت فلسطين على خارطة العالم، ولولا توقيع "اتفاق أوسلو" الذي فصل الأرض عن الشعب والقضيّة، وقسم كل منها إلى أجزاء، وهمّش منظمة التحرير الإطار الجامع للفلسطينيين، واعترف فيه الفلسطينيون من جانب بواحد بإسرائيل، وتخلّوا عن المقاومة وأدانوها من دون أن تتخلى إسرائيل عن مخططاتها وتوسعاتها العنصريّة الاستيطانيّة، ولولا انهيار التضامن العربي بعد احتلال العراق للكويت، وانهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكيّة؛ لاستطاعت الانتفاضة تحقيق هدفها بدحر الاحتلال وإنجاز الحريّة والاستقلال من خلال تجسيد الدولة التي أُعْلِن عن قيامها في 15/11/1988 كأحد إنجازات الانتفاضة.
وفي 28 أيلول 2000، كانت تكفي الزيارة الاستفزازيّة للأقصى التي قام بها أرئيل شارون لاندلاع انتفاضة عارمة كان يمكن أن تحقق الحلم الفلسطيني لو رافقها إعلان موت "اتفاق أوسلو"، واعتماد مقاربة جديدة تستلهم تجارب ونضالات الشعب الفلسطيني منذ الغزوة الصهيونيّة الأولى وحتى تاريخه. لكن اختُلِفَ حول جدوى الانتفاضة وحول أن تكون سلميّة أو مسلحة، ونُظِر إليها على أساس تكتيكي ووسيلة لتحسين شروط المفاوضات التي انهارت في مؤتمر "كامب ديفيد"، على خلفيّة طرح حل تصفوي للقضيّة الفلسطينيّة لا يمكن أن يقبله الرئيس الراحل أبو عمار ولا أي زعيم وطني فلسطيني. وارتقى ياسر عرفات شهيدًا في 11/11/2004 لقيادته للانتفاضة ولرفضه للحلول الاستسلاميّة.
اليوم يرتقي الشهداء بالجملة والمفرق في الضفة وغزة، لدرجة تقديم أكثر من 2200 شهيد وأضعافهم من الجرحى غير الخسائر الأخرى في العدوان الأخير على غزة، إضافة إلى تعرض الأقصى لاعتداءات يوميّة وسط دعوات شُرِع في تنفيذها لتقسيمه زمانيًا ومكانيًا تمهيدًا لهدمه وبناء هيكل سليمان الثالث المزعوم على أنقاضه، ومع ذلك لم تندلع الانتفاضة التي طال انتظارها .. لماذا؟
لا يتسع هذا المقال للإجابة الموسعة عن هذا السؤال، ولكن يمكن تلخيصها بالأسباب الآتية:
أولًا. عدم وجود قيادة للانتفاضة، فالرئيس أبو مازن أعلن - مرارًا وتكرارًا - معارضته لاندلاع انتفاضة جديدة، وعبّر هذا الموقف عن نفسه من خلال منع العديد من المظاهرات وأي شكل من أشكال الاحتكاك بين قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين في مناطق سيطرة السلطة، ودعا مؤخرًا إلى التهدئة في القدس التي تشهد تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق. ولعل هذا الأمر يفسر لماذا تشهد المناطق غير الخاضعة للسلطة مثل القدس مواجهات أقوى وأعمق من غيرها.
ثانيًا. لعب الانقسام دورًا أساسيًا فى عدم اندلاع انتفاضة جديدة، كما لعب تعدد القيادات والمرجعيات والإستراتيجيات دورًا مهمًا في الحؤول دون تحقيق الانتفاضات السابقة أهدافها، إضافة إلى أن الخلاف حول أهداف الانتفاضة وأشكال النضال المناسبة (سلميّة أو مسلحة) يلعب دورًا في تأخير اندلاع الانتفاضة.
ثالثًا. عدم تحقيق الانتفاضات السابقة لأهدافها برغم البطولات الأسطوريّة والتضحيات الغالية، وانتهاؤها إلى حالة من الفوضى والفلتان الأمني؛ يجعل الشعب يخشى من الانتفاضة وغير واثق من انتصارها، فالانتفاضات الكبرى يحركها الأمل والثقة بالانتصار أكثر ما يحركها اليأس والإحباط، وإذا أضفنا إلى ما سبق نشوء طبقة ما بعد أوسلو التي ازدادت نفوذًا وثروة، أصبح من مصلحتها عدم اندلاع الانتفاضة وعدم انتصارها إذا اندلعت، ووقوع ثمار "السلم والحرب" في بطنها يجعل الشعب يفكر أكثر من مرة قبل الانتفاض مجددًا، إلا إذا جاءت الانتفاضة ردة فعل على تصعيد عدواني لا يتحمله الإنسان الفلسطيني كما يجري حاليًا في القدس.
رابعًا. إن التغييرات العاصفة التي تشهدها المنطقة وما انتهت إليه من حروب داخليّة وطائفيّة ومذهبيّة تهدد في تفتيت، وحتى تقسيم، عدة بلدان عربيّة؛ تلعب دورًا في عدم إقدام الشعب الفلسطيني على الانتفاضة، لأنه يدرك أهميّة البعد العربي والإقليمي والدولي للقضيّة الفلسطينيّة ولمناصرة كفاح الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه في تقرير المصير والعودة والاستقلال.
طبعًا، هناك أسباب وعوامل أخرى لتفسير عدم اندلاع الانتفاضة، ولكنها آتية عاجلًا أم آجلًا، لأن المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني الإجلائي لا يزال مفتوحًا ولم يغلق، وأطماعه التوسعيّة تكبر، وتتجه إسرائيل أكثر وأكثر نحو التطرف.
قد تأخذ الانتفاضة القادمة شكل الموجات المتلاحقة والانتفاضات المحليّة على خلفيّة عناوين عديدة، ولكن حتى تنتصر من المفترض أن تكون لها قيادة واحدة وهدف واحد ومقاربة إستراتيجيّة جديدة مختلفة عن تلك التي اعتمدت حتى الآن ولم تحقق أهداف الشعب الفلسطيني. كما أنها بحاجة إلى روافع تنظيميّة وجماهيريّة واقتصاديّة وثقافيّة وقانونيّة تستند إلى جبهة وطنيّة عريضة، يمكن أن تجسدها منظمة التحرير بعد إعادة بنائها وتفعيلها وإصلاحها وضم مختلف مكونات الشعب إليها على أسس تمثيليّة جديدة؛ تمكن مختلف تجمعات الشعب من المشاركة بغض النظر عن أماكن تواجدها داخل الوطن المحتل أو خارجه.
التواطؤ الدولي في حرب القدس
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
نتنياهو أول سياسي إسرائيلي يخوض معركة القدس بهذا المستوى السافر والمتغطرس الذي لا يحتاج الى رتوش ولا مساحيق. فمنذ صعوده للحكم وهو يضع كل ثقل حكومته اليمينية المتطرفة لحسم السيطرة على مدينة القدس مرة واحدة والى غير رجعة. لقد تجاوز نتنياهو خطوط أطماع التوسع الكولونيالي المتعارف عليها لدى أسلافه من رؤساء الحكومات ليبلغ الذروة الآن. انه يضرب عرض الحائط بالمواقف والأولويات الأميركية التي لا ترغب الآن في حدوث انفجار بسبب مدينة القدس. لم تحترم حكومة نتنياهو أولويات إدارة اوباما رغم أنها شكلت الغطاء السياسي للانتهاكات الإسرائيلية الفادحة، واتخذت المواقف المؤيدة للسياسة العدمية الإسرائيلية. فانفردت حكومة نتنياهو من دون الحكومات السابقة في إحراج الإدارة الأميركية والتمرد على أولوياتها.
لا يمكن رؤية ما يجري من استباحة مجنونة للقدس باعتباره دعاية لانتخابات مبكرة كما ذهب أقطاب الإعلام الإسرائيلي في تفسير ما يجري. فالتغلغل الاستيطاني الكولونيالي والتهويد والتطهير العرقي هو الثابت الوحيد قبل وأثناء وبعد الانتخابات الحالية وكل انتخابات. وثبت انه بوجود ذرائع او بعدم وجودها، وبوجود عملية سياسية أو بانهيارها، وبوجود عنف او هدوء فإن التحويل الكولونيالي الثيوقراطي العنصري يمشي على قدم وساق داخل مدينة القدس وفي محيطها وفي حالة سباق مع الزمن.
تنكرت حكومات إسرائيل لكل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة واليونسكو حول مدينة القدس، وتنصلت من رسالة الضمانات التي تعهد بموجبها شمعون بيريس وحكومة رابين بعدم المس بمكانة مدينة القدس. كانت البداية بإغلاق المؤسسات المقدسية "بيت الشرق وعشر مؤسسات أخرى" وتحول قرار الإغلاق من قرار مؤقت إلى قرار دائم. ومضت حكومات الاحتلال المتعاقبة باستباحة المدينة عبر مضاعفة الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري وعمليات التهويد ومارست مؤخراً نوعاً من التطهير العرقي في المدينة كطرد السكان وهدم منازلهم وقمعهم والتضييق عليهم الى مستوى الخنق الذي اضطر أعداداً كبيرة لمغادرة المدينة. لقد تم عزل المدينة بالكامل عن مدن الضفة الغربية وعن العالم الخارجي.
الجديد في الأمر أن حكومة نتنياهو انتهكت الاتفاقات المبرمة مع الأردن (المعاهدة الأردنية الإسرائيلية) بشأن السيادة الأردنية على المسجد الأقصى، محاولة فرض سيادة إسرائيلية تسمح بتقاسم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود كما حدث في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل. هناك محاولات دائمة لاقتحام المسجد الأقصى من قبل وزراء ورجال دين ومنظمات الاستيطان الدينية القومية بدعم من الحكومة لجعل السيادة الإسرائيلية أمراً واقعاً. وهناك مشروع قرار يقضي بإنهاء السيادة الأردنية على المسجد الأقصى كان أقطاب في الائتلاف الحاكم ينوون عرضه على الكنيست من اجل إقراره. وقد اضطر نتنياهو وحكومته للتأجيل وإعادة الالتزام "اللفظي" بالاتفاقات السابقة على وقع التهديد الأردني بالتراجع عن المعاهدة الإسرائيلية الأردنية وفي ظل حالة الاحتقان التي شهدتها فلسطين والأردن رداً على المواقف الإسرائيلية شديدة الاستفزاز. إن وعد نتنياهو بتهدئة الأوضاع في القدس دون ان يرتبط ذلك بوقف الإجراءات التي أشعلت الوضع. كالاستيطان وهدم المنازل وتقييد حرية العبادة وسياسة خنق المدينة العربية وعزلها الكامل عن محيطها الفلسطيني، والاهم من ذلك دون التراجع عن سياسة تعميق الاحتلال وبناء نظام الفصل العنصري.
أخطر ما في الأمر هو مساعي اليمين القومي المتطرف الرامية الى تحويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الى صراع ديني وحرب دينية وما يعنيه ذلك من إغلاق اي افق للحل السياسي وتعزيز قوى التطرف الديني في عموم المنطقة. وبهذا المعنى فإن حكومة نتنياهو الداعمة لليمين القومي العنصري تعزز منطق "داعش" الذي يقوم على فرض سيطرة وحكم ديني أصولي إرهابي، وهناك قوى متطرفة يهودية لا تقل سوءاً عن "داعش" تعمل داخل مدينة القدس ليل نهار وتتدفق عليها الأموال بسخاء ما بعده سخاء. وليس في ذلك غرابة عندما "تعتمد إسرائيل في وجودها كدولة على العهد الميثولوجي لإبراهيم مع الله"، كما يقول شلومو ساند، وليس على القرار الدولي، فإنها تدوس على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتستبدلهما بنص ديني موجود في كتاب "التناخ" ومتضمن في ميثة نفي الشعب اليهودي التي غرست في ذاكرة نسبة كبيرة من الشعب الإسرائيلي. ويعبر نتنياهو وحكومته عن الوعد وعن عودة الشعب المقتلع إلى ارض الميعاد، والى الحق الديني في المكان.
إن دولة في القرن الواحد والعشرين تلتزم بأساطير دينية عوضاً عن ميثاق الأمم المتحدة والقوانين والمعاهدات الوضعية بصفتها الناظم الوحيد للعلاقة بين الدول والشعوب في حالتي الحرب والسلم. هذه الدولة لا يوجد مثيل لها إلا الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" مع فارق كبير وهو أن دولة الشعب المختار يعترف بها دول كثيرة وفي مقدمتها الدول العظمى، التي تتساهل مع أطروحاتها الدينية التعصبية وتطالب الشعب الفلسطيني وحركته السياسية الاعتراف بدولة يهودية كبديل لدولة إسرائيل العلمانية. مقابل دولة "داعش" الدينية التي لا تعترف بها أية دولة، بل يحاربها حلف دولي كبير بقيادة أميركا. إن السكوت الدولي على استبدال القانون الدولي والشرعية الدولية بأساطير دينية وبميثات من صنع الهستوريوغرافيا الصهيونية غير المسنودة بالعلوم الحديثة وبمكتشفات الآثار والدراسات التاريخية يشكل انحرافاً خطيراً في العلاقات الدولية، انعكس وينعكس سلباً على ثقافة الشعوب وعلى النكوص الى صراع وحروب دينية. يجوز القول إنه في ظل استبدال القانون الدولي بالوعد السماوي المغلف بتواطؤ دولي مخزي، فإن حكومات إسرائيل السابقة والحالية والمستقبلية لا ولن تتورع عن ضم القدس وممارسة التطهير العرقي فيها واعتبارها مدينة داود بدلاً من مدينة القدس. وإذا ما تم اعتماد إسرائيل للدين كمرجعية وحيدة في الصراع، فلن يستطيع أحد منع الشعوب والدول الإسلامية من اعتماد الدين كمرجعية وحيدة في الصراع. ولا أحد يمنع المتشددين المسيحيين من اعتماد الدين كمرجعية وحيدة. هل نحن على موعد مع تجديد الحروب الدينية؟ نعم، هذا ما يحدث في العراق وسورية واليمن ولبنان والقدس، هذا ما بادرت إليه الدولة اليهودية أولاً.
حياتنا - كفى ولدنة
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
توجهت كغيري الى ندوة نادرة في ذكرى مفكر وقائد فلسطيني راحل هو خالد الحسن ابو السعيد احد ابرز من عرفناه في الخليج من قادة فتح .. فالرجل لم يكن شعبوياً ولم يشكل مركز قوة ونفوذ داخل الثورة بل نأى بنفسه عن الظهور وظل وفيا لقضيته ولخطه السياسي الذي ربما نكشف الآن انه كان على حق . له بصيرة منجم وظل بعيدا عن صنع حارة له داخل فتح بالمال او القوة وان كان يفتح امام فتح ابواب المال في الخليج .
الكثيرون لا يعرفون هذا المحاور الفذ والديمقراطي، ولهذا كانت قاعة الجليل في متحف محمود درويش ملأى بالحضور الذين عرفوه حيا، والذين حضروا للتعرف عليه راحلاً وما ان اضيئت القاعة بعد فيلم قصير عن اقوال الراحل وفلسفته الثورية حتى جاء عبقر بن شداد كبير الياوران الذي تحفه القيان في متحف درويش ونطق نطقا ساميا غير متسامح بأن دعا بعض ضباط الأمن الوطني المتواجدين الى اخلاء مقاعدهم للضيوف وانسل الضباط من القاعة مهزومين كاظمين غيظهم على هذا الطرد المبكر من كبير الياوران الذي ينحني له الشعراء والفقهاء والعقلاء قبل السفهاء باعتباره حامل مفاتيح الجنة فان غضب على شاعر نفاه الى البحر الميت وجرده من ينابيع وبحور الشعر، وان رضي على قاصة علا شأنها حتى جاوزت السحاب. فهو صانع الادب والثقافة وسادن اللحن والفن مع انه لا يكتب ولا يؤلف ولا يغني بل يرقص. وفي مثل هذه الاجواء كان ضروريا ان ينسحب من سمع كلامه الخادش للعسكرية الوطنية من الندوة والعبد الفقير منهم لأن من لم يكابد العسكرية يستهين بها وهل هؤلاء الضباط الشبان طارئون عن الساحة الوطنية أم هم سدنة الانسان والارض لنحترم المكان المتحف ومن اقيم لذكراه وكفى ولدنة.
تغريدة الصباح - ترشيحا ترشح شجناً..
بقلم: احمد دحبور – الحياة
الشكر كله للقائمين على قناة الميادين، فقد ارغموا الدمعة على البوح العلني من حيث لا يعلمون، ذلك ان هذه القناة التلفزيونية، قد بثت مؤخرا برنامجا مفاجئا ظهيرة احد الايام بعنوان «ترشيحا بين الامس واليوم» واذا كنت - حسب لهجتي الحيفاوية - افضل تعبير طرشيحا بدلا من تلك التاء الاكابرية، فإنني اعترف ولماذا الاعتراف ما دام ذلك امرا واقعا؟ بأن نهرا من الشجن كان يتدفق في روحي طيلة دقائق البث.
حتى ذهب خيالي الى مخيم العائدين في حمص، حيث قضيت طفولتي ويفاعي، وجعلت استحضر اترابي هناك من بيت دغيم وشطارة والعلماني والبيك وصبيحة، فأتخيلهم سعداء بظهور بلدهم الاصلي «ترشيحا» على شاشة التلفزيون، واجمع حبات الفرح والشجن - ولا بأس في بعض الدمع - فيما يتعهد البرنامج النضر بتفجير المواجع والذكريات على حد سواء..
كان الاساتذة علي صبحية وصدقي البيك وزكي الهواري - رحمه الله - من اوائل من علموني في ابتدائية الشجرة، وكان الثلاثة من ترشيحا، وما اظنهم - اذا شاهدوا هذا البرنامج الغني الشجي - الا مغالبين للدمع وهم يلمحون اطلال بيوتهم التي نهبها المحتلون، وربما كان الاستاذ علي بين هؤلاء المعلمين، هو صاحب الفضل الاول علينا - انا وصديقي المرحوم حمزة عباس، من صفورية - في تفتيح عيوننا على رسالة الادب المطلوبة تجاه فلسطين، وبهذا المعنى ارى ان لترشيحا جذرا في تكويني الادبي والوطني.. حتى ان اول بلد خطر لي ان ازوره في بداية العودة الى الجزء المتاح لنا من الوطن، كان ترشيحا، الا ان ترشيحا ليست متاحة الا في الحلم والامل.. وهذا موضوع آخر..
ودعوني اعترف، بأنني يوم عدت من زيارة «طرشيحا» كنت معنيا قبل اي شيء، بابلاغ اترابي في مخيم حمص، بأنني رأيت تلك البلاد، وكان علي ان اضيف - بعد ان تمت الزيارة - بأنني لن آسف اذا مت، ما دمت قد كحلت روحي وعيني وحشاشة قلبي بهواء الجليل الفلسطيني، مدركا بشكل فاجع ان امي لم تكن تبالغ، رحمها الله، حين كانت تصف بلادنا بأنها «ست الدنيا» ويفجعني اكثر انها اغمضت عينيها على حلم ان ترى فلسطين، وما اظن الا ان طيف حيفا ظل عالقا بأهدابها واهابها حتى اللحظة الاخيرة..
ودعونا نعترف لتضافر العوامل الذاتية والموضوعية، في اذكاء لهب القضية الفلسطينية والبقاء عليها جرحا عربيا مستداما في القلب الفلسطيني - وامتداحه العربي بطبيعة الحال - حيث اعتنق الفلسطينيون المكلومون مبدأ «ما ضاع حق وراءه مطالب» فمن جهة كانت هناك الاختلاجات والتحركات الفلسطينية في المنافي القريبة والبعيدة، وهو ما بلغ ذروته في الثورة الفلسطينية المعاصرة، ومن جهة اولى كان هناك العامل الفلسطيني الذاتي داخل الوطن، وهو ما تجسد في الحركات والمحاولات المستدامة لابقاء جرح الوطن في الذاكرة الطازجة.. من هنا كان احتفال كبار العمر منا ومتوسطيه بكل شأن فلسطيني يدق على جدران وعي العالم، كما حدث في يوم الارض الخالد من العام 1976، او كما هو الامر في ديمومة النشاط الوطني على المستوى الشعبي، حتى لو اخذ احيانا شكل الفورة او الهبة او الغضبة او مناسبة احياء الذكرى.
على ان التململات الشعبية لم تكن مجرد مناسبات للفضفضة كأن نهتف: فلسطين شجرة تروى بالدماء.. ثم يذهب كل الى بيته، او منفاه بالاحرى، انتظارا لمناسبة جديدة، اذ ان الجرح الوطني قد تحول الى سؤال وجودي، بحيث يطرح احدنا هذا السؤال على نفسه وعلى العالم طيلة العمر، وهو ما يفسر ديمومة القضية الفلسطينية، وما ضاع حق وراءه مطالب..
طبعا، ليس معنى هذه الميلودراما الوطنية ان ننشئ مواسم للدموع، او نعد مكبرات صوت جديدة للتنديد بالاحتلال، ولكن المعنى المقصود يتعلق بالاشتباك مع تلك التراجيديا التاريخية التي اسفرت عن حقيقة اننا لاجئون او مشردون او رازحون تحت الاحتلال، وصولا الى حل هذا الاشكال العالمي بمستوياته الوطنية والقومية والوجودية..
وليسمح لي من يسمح، بأن اتجرأ فأعترف بأني شهدت في طفولتي التباسا بريئا بين الوطن ومسقط الرأس، فكنت اغبط اساتذتي الوطنيين على فلسطينيتهم، فيما كنت مجرد فتى من حيفا الى ان علمت بأن هذا النهر من ذلك البحر، بمعنى انني عربي فلسطيني ولي الحق بالزهو في هذه الحقيقة!! وهذا يعني ان ثمة ارومة تجمعني الى الاستاذ علي الذي كان يدفئ روح طفولتي وهو يسهب في وصف جمال فلسطين، ويطنب في اهمية ان تكون فلسطينيا..
و «ان تكون فلسطينيا» عبارة حميمة تعيدني الى ذكرى الصديق المرحوم ممدوح عدوان، الذي كتب ذات يوم نصا مسرحيا بهذا العنوان، انهاه بأن جعل الفتى الفلسطيني يطلق النار على العدو تارة، وعلى الجمهور تارة، وحين استنكر النقاد ما بدا انه مساواة بين المواطن والعدو، كتبت يومها منتصرا لممدوح، ان النار التي وجهها الى الجمهور هي نار مجازية اشبه بأن تصفع المغمى عليه لا لتنال منه، بل لتوقظه، وكان عنوان ما كتبت - ان لم تخني الذاكرة - «نفتح اعيننا على النكبة فنفتح عليها النار»!!
ولأن الذاكرة تجر الذكرى، اراني استحضر لقائي الاول بالدكتور عزمي بشارة - وهو ترشحاني من ذروة الرأس حتى اخمص القدم - ولما كانت لقاءاتنا بأهلنا في الداخل، لا تزال حديثة نسبيا، فقد كان طبيعيا ان اشرق بالدمعة واللهوجة البالغة حد الرعونة، فقد رحت اسأل الرجل عن بعض اهالي ترشيحا، مقتبسا اسماءهم من ذاكرة طفولتي في مخيم حمص، والمفارق ان هموم الدكتور الوطنية كانت تتجاوز اسئلتي الساذجة، فهو ذو مشروع وطني كبير لا يحتمل تلك الميلودراما..
ولكنه - بعد كل شيء - فلسطيني جليلي من ترشيحا، وانا احاول سؤاله عن بعض شجون تلك الترشيحا! ولعله فهم سر انفعالي وتأتأة روحي وانا احاول ان ارى بعينيه معالم من وطني، فكان كريما في الجواب وكأنه يأخذ معي دور الاب مع انه اصغر مني ببضع سنوات!! ورحم الله جارنا في مخيم حمص ابا عثمان فكان - وهو الترشحاني - يردد باستمرار ترشيحا ترشح شجنا، ورحل ابو عثمان، رحمه الله، وعيناه عالقتان بطيف ترشيحا وهو يردد على مسمع الابناء والحفدة: ما ضاع حق وراءه مطالب، ولهذا كان طبيعيا ان يعقبه ابنه صديقي كامل الذي كان ثاني شهيد من مخيمنا، وتشاء المصادفة الدالة ان يكون شهيدنا الاول من ترشيحا ايضا، وهو المرحوم احمد شريح الذي استشهد في طوباس في الحادي عشر من الشهر الثاني عشر للعام 1967، اما الشهيد التالي الترشيحاني ايضا، وهو المرحوم كامل حمود فقد لحق بأحمد الى الشهادة في اليوم الثامن والعشرين من الشهر الثاني للعام 1969، رحمهما الله ولتشملنا الرحمة ما دمنا على هذا المسار.
ألم أقل ان ترشيحا ترشح شجنا؟
سؤال عالماشي - فيتو أميركي أم امتناع ؟!
بقلم: موفق مطر – الحياة
يذهب بنا الاعتقاد الى امتناع الولايات المتحدة الأميركية عن استخدام حق النقض ( الفيتو ) على قرار الاعتراف بفلسطين الذي سيقدم الى مجلس الأمن منتصف هذا الشهر, ونعتقد لأسباب عدة ان الادارة الأميركية معنية بتصويب بعض من انحراف كبير حل بمسار سياستها التقليدية في المنطقة العربية عموما, وبما يخص القضية الفلسطينية والموضوع الفلسطيني, وحل الدولتين خصوصا, وان كنا نتمناها بداية لصحوة ضمير سياسي, كما فعل ( أجدادهم الانجليز) عندما صوت مجلس العموم رمزيا بنعم على الاعتراف بدولة فلسطين, فأجداد الأميركيين مسؤولون عن نكبتنا وماساتنا, ولا نعتقد أن الأحفاد, سيستمرون بظلمنا الى ما لا نهاية فيما العالم يترنح تحت ضربات الارهاب العالمي بسبب سياسات استعمارية حمقاء, لا ترى حقوقا للشعوب المكافحة, وانما مصالح مجردة من قيم وأخلاقيات كانت بمثابة ميزان عدالة للثورة الأميركية وثورات المجتمعات الغربية, التي رفعت الحرية والعدالة الى مصاف القيم المقدسة.
لأن الادارة الأميركية لمست من رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره محمود عباس (ابو مازن) تصميما وإرادة لا تراجع فيهما ولا ارتجافا على المضي بمعركته في ميدان القانون الدولي لتحقيق اهداف الشعب الفلسطيني, خاصة وان تجربة الذهاب الى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب رغم التهديدات لحياته الشخصية والحصارين السياسي والمالي على السلطة الوطنية الفلسطينية, ما زالت ماثلة في ذاكرة كبار صناع القرار في الادارة, حيث استطاع ابو مازن قول لا كبيرة وعريضة وصلبة وذهب ونال الاعتراف كخطوة اولى.
سيمتنع الأميركان حسب تقديراتنا عن التصويت, لأنهم يشاهدون تعزيز الرئيس ابو مازن موقف الشعب الفلسطيني, بقرارات من حكومات وبرلمانات دول كبرى عربية شقيقة كمصر والمملكة العربية السعودية, وأجنبية صديقة ليس في اوروبا وحسب، بل في القارات الست. ما يعني ان الفيتو الأميركي هذه المرة سيكون صفعة لحكومات هذه الدول وقادتها الذين سعوا لدى ابو مازن لتأجيل تقديم القرار الى ما بعد انتخابات الكونغرس, بناء على طلب الخارجية الأميركية.
تخشى الادارة الأميركية وصول شرارات وألسنة لهب الحروب المذهبية الطائفية العرقية المشتعلة في المنطقة الى فلسطين, ما لم يتحقق سلام يرضى عنه الفلسطينيون, يحققون تحت رايته طموحاتهم وأملهم بدولة مستقلة ذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية, فهم لا يخفون اقرارهم وتأييدهم لمبدأ حل الدولتين, لكنهم حتى اللحظة مشلولون كما نعتقد بضغط اللوبي اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية, ولأن مصلحة عضو الكونغرس الشخصية في المقعد اكبر من مصالح بلاده في المنطقة, فانه يظل مأسورا لها ولجماعات الضغط اليهودي المتعددة.
يعلم السادة في البيت الأبيض عدم استطاعتهم وقف زحف الارادة والقرار الفلسطيني ان بدأ بطرق ابواب منظمات الأمم المتحدة على رأسها محكمة الجنايات الدولية, لأن مجرد وقوفها عثرة واضحة المعالم أمام عدالة القانون الدولي, يعني تاييدها لجرائم الحرب وضد الانسانية التي ارتكبتها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني, ما يعني بالتالي أن الادارة الحالية قد نسفت بيدها كل ركائز مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة الانسانية التي تروج لها الادارة الأميركية كمقدمة للاستحواذ على مناطق نفوذ في العالم.
سيمتنع ممثل الولايات المتحدة ألأميركية في مجلس الأمن عن التصويت, ويترك الفرصة للأعضاء الأربعة عشر أصدقاء الشعب الفلسطيني لاخراج القرار الى حيز التنفيذ،لأن نتنياهو تجاوز الخطوط الحمراء, وكادت سياسته تشعل حربا دينية في المنطقة, جهدت الادارة الأميركية بما ملكت من قوة ألا تشتعل هنا في الأراضي المقدسة, قبل موعدها المرسوم سلفا في خرائط الكبار...الكبار جدا.
نبض الحياة - تونس تنتصر لذاتها والعرب
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
الانتخابات البرلمانية التونسية الاخيرة الاسبوع الماضي شكلت نقطة تحول مهمة في المسار الديمقراطي للجمهورية التونسية، كونها اعادت الاعتبار لخيار الشعب وقواه السياسية الليبرالية والديمقراطية، وحجمت مكانة حركة النهضة الاخوانية، ووجهت لطمة قوية للمتساوقين معها خلال المرحلة الماضية.
تمكن الشعب التونسي الشجاع من الامساك بزمام الامور بالتصويت للقوى الوطنية والديمقراطية، حيث حصل تكتل نداء تونس بقيادة الباجي قائد السبسي على 85 مقعدا، متقدما على حركة النهضة بـ15 مقعدا، التي حصلت على 69 مقعدا، وهبط انصار الغنوشي إلى الدرك الاسفل، حتى يمكن الافتراض انهم تلاشوا في المشهد الشعبي والبرلماني التونسي، لان عدد المقاعد التي حصلوا عليها لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة. بالمقابل حصدت القوى المدافعة عن تونس الخضراء، تونس الديمقراطية على نسب تتناسب مع ثقلها في الشارع، لكنها بالمجمل مع حركة نداء تونس شكلوا الاغلبية المقررة في مستقبل البلاد والامة على حد سواء.
لم تكن الضربة القاصمة، التي وجهت لفرع تنظيم الاخوان المسلمين وحلفائها إلا نتيجة للسياسات الخطيرة، التي انتهجوها في تمزيق وحدة النسيج الوطني التونسي، وبعدما افتضح دور حركة الغنوشي، التي تبوأت في الانتخابات السابقة 23 تشرين الاول 2011 المركز الاول، حيث حصلت على 89 مقعدا، وتأكد التونسيون ان جماعة الاخوان واضرابهم عاثوا بالبلد فسادا، وفتحوا الوطن للجماعات التكفيرية، وقاموا باغتيال بعض الرموز الوطنية المعارضة، الذين فضحوا سياساتهم داخل وخارج قبة المجلس الوطني التأسيسي: شكري بلعيد، احد زعماء الجبهة الشعبية، اغتيل في 6 شباط 2013؛ والنائب الوطني الديمقراطي محمد البراهمي اغتيل في 25 تموز 2013؛ وتواطأوا مع فروع جماعة الاخوان في البلدان العربية خاصة في مصر لتمرير مشروع التفتيت الاميركي الاسرائيلي للدول والشعوب العربية، وسعوا لضرب انجازات المرأة التونسية التاريخية، وغيرها من الممارسات المشبوهة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، التي دفعت الشعب التونسي للنزول للشارع للجم تلك السياسات اللاوطنية، وارغموا حركة النهضة لتغيير حكومتين خلال المرحلة السابقة، والاستجابة لصوت الشعب باقرار دستور جديد يتوافق مع التوجهات الديمقراطية وكفاح التوانسة في كانون الثاني 2014.
ما حصل في تونس يعتبر إنجازا وطنيا وقوميا وللقوى الديمقراطية حيثما كانوا، وتكريسا لما شهدته مصر المحروسة في الثلاثين من حزيران 2013، وتعميقا للخيار الديمقراطي في اوساط الشعوب العربية؛ ولطمة قوية لاصحاب المشاريع المعادية لمصالح الاشقاء في تونس والعالم العربي؛ وإنتشالا لمستقبل الامة، لاسيما وان النصر الكبير، الذي تم عبر صناديق الاقتراع، اكد للقاصي والداني، ان القوى الحاملة لهموم ومصالح شعوبها، ومعها الغالبية الساحقة من قطاعات الشعب، لا تقبل خيار جماعة الاخوان المسلمين ولا القوى التكفيرية المنبثقة عنها او المتحالفة معها، وانها مصممة على الدفاع عن وحدة اوطانها وشعوبها ومصالح الامة العربية، وإعادة الاعتبار لاهداف ومكتسبات الثورات العربية، التي انطلقت في عام 2011.
حاولت حركة النهضة الاخوانية المناورة بعد هزيمة حلفائهم في مصر، ونتيجة ضغط الحركة الشعبية التونسية المتواصلة ضد سياساتهم، عندما تراجعوا عن خيار الاستفراد بالسلطة، وانحنوا مرغمين امام التطورات العاصفة، بهدف تضليل الشارع التونسي، غير ان الشعب، الذي اكتوى بممارساتهم وارهابهم، والذي كشف مخططهم التصفوي للدولة الوطنية وللخيار الديمقراطي، كان لهم بالمرصاد، ورد لهم الصاع صاعين حين صوت لصالح ممثليه وللقوى الاقدر على تمثل مصالحه في المرحلة الراهنة والمستقبلية.
مبروك للشعب العربي التونسي، ومبروك للامة العربية ولقواها الديمقراطية، ومبروك لفلسطين ما حصل في تونس الخضراء، لانه يشكل عاملا ايجابيا من عوامل الدعم القومي الحقيقي.
v اسرائيل تقابل بالاستيطان المبادرة الاميركية لوقف الاستيطان !!
بقلم: حديث القدس – القدس
v من وعد «بلفور» إلى وعود «الخلفاء»!
بقلم: طلال سلمان – القدس
v الأسير الشهيد معتز حجازي ... القدس تنفجر في شرايينه
بقلم: عيسى قراقع – القدس
v القـــدس تناديكــم
بقلم: هاني المصري – الايام
v التواطؤ الدولي في حرب القدس
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
v حياتنا - كفى ولدنة
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
v تغريدة الصباح - ترشيحا ترشح شجناً..
بقلم: احمد دحبور – الحياة
v سؤال عالماشي - فيتو أميركي أم امتناع ؟!
بقلم: موفق مطر – الحياة
v نبض الحياة - تونس تنتصر لذاتها والعرب
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
اسرائيل تقابل بالاستيطان المبادرة الاميركية لوقف الاستيطان !!
بقلم: حديث القدس – القدس
بينما كان وزير الخارجية الاميركي جون كيري يحاول تقديم وشرح المبادرة الاميركية الجديدة الى وفد فلسطيني برئاسة د. صائب عريقات، كانت اسرائيل "تشرح" بطريقة اوضح وتعبر عن موقفها من هذه المبادرة بطريقة واقعية بعيدا عن الكلام.
المبادرة الاميركية المقترحة تدعو الى وقف الاستيطان والتراجع عن قرارات الاستيطان الموسعة الاخيرة وخاصة في مدينة القدس مقابل عدم توجه السلطة الفلسطينية الى مجلس الامن والمؤسسات الدولية الاخرى لملاحقة اسرائيل قضائيا دوليا، وتستصدر قرارا من مجلس الامن يؤكد ضرورة وضع نهاية للاحتلال، ومتى تحقق هذا الهدفان لابد من استئناف المفاوضات بهدف التوصل الى حل يقوم على اساس الدولتين.
في الوقت نفسه تقريبا، حين كان الوفدان الاميركي والفلسطيني يبحثان المبادرة الجديدة، كانت حكومة اسرائيل تجتمع وتقرر اقامة 400 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "رامات شلومو" شمال غربي القدس الشرقية في الوقت الذي كان من المفترض ان تتراجع عن قرارات الاستيطان السابقة، وهي بذلك تقتل المبادرة الاميركية في مهدها وتغلق الابواب اية احتمالات لنجاحها او استئناف المفاوضات، تماما وبالضبط كما فعلت حين قدمت واشنطن مبادرتها السابقة ومدتها تسعة اشهر بغية التوصل الى اتفاق نهائي، وصدقنا وقبلنا المبادرة وفاوضنا تسعة اشهر طوال .. لكن الاستيطان لم يتوقف ولم يتحقق اي تقدم ... وعدنا الى النقطة الاولى وهي وقف التفاوض، واليوم تحاول واشنطن تكرار السيناريو نفسه .. وهو امر يجب الا يحدث ابدا، ولا يجوز لنا قبول اية مبادرة مزيفة وغير واقعية كتلك التي تحول واشنطن تسويقها لنا في هذه الايام.
والموقف الاسرائيلي المتعلق بالاستيطان ليس هو الموقف الوحيد المدمر لكل فرص السلام ولكن هناك ممارسات وتصريحات كثيرة في هذا السياق، فهم في اسرائيل يشنون في هذه الايام حملة تحريض ضد الرئيس ابو مازن الذي يؤكد تمسكه بالتنسيق الامني ويعتبره مقدسا، ويعارض كل اعمال العنف ويؤكد تمسكه بالوسائل السلمية ويتعرض لحملات من اكثر من جهة فلسطينية من اجل هذه المواقف الواضحة والمتكررة، والرئيس ابو مازن يدعو الى التهدئة بالقدس ردا على دعوة نتانياهو للتهدئة، في الوقت الذي تتواصل فيه الاقتحامات ضد المسجد الاقصى ويشارك فيها وزراء ورئيس البلدية وشخصيات رسمية كبيرة اخرى ... بل ان وزير الاسكان اوري اريئيل يؤكد انه سيتم هدم المسجد الاقصى واقامة الهيكل المزعوم مكانه ..
تؤكد اسرائيل مرة بعد مرة انها لا تريد السلام ولا تعمل في سبيل انجاح حل الدولتين، وهذا ما يجب علينا مواجهته والتعامل معه بدل الرفض المتواصل وراء السراب والاوهام الاميركية المنحازة انحيازا اعمى لاسرائيل ولا تعمل شيئا جديا ضد ممارساتها سوى الكلام المكرر والمبعثر.
من وعد «بلفور» إلى وعود «الخلفاء»!
بقلم: طلال سلمان – القدس
أما وقد تحوّل «وعد بلفور» إلى أقوى كيان في الشرق العربي تحت اسم «إسرائيل ـ دولة يهود العالم»، فإن «العرب» قد نهضوا لتقسيم المقسّم من بلادهم بحيث يزيدون عدد دولهم في العالم، فتصير لهم «الأكثرية» في الأمم المتحدة و«الفيتو» القاطع في مجلس الأمن الدولي أيضاً.
ذلك أنه عشية الذكرى السابعة والتسعين للوعد الذي أعطاه وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور الى اللورد إدموند روتشيلد، «لتأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين»، تتهاطل على الرعايا العرب وعود من النافذين والقادة في أهلهم، بإقامة دول عدة (جديدة ومختلفة عن الموجودة) فوق أرضهم الممتدة بين المحيط والخليج.
.. وإذا كان «أبو بكر البغدادي» قد أعلن قيام «دولة العراق والشام» وسمّى نفسه خليفة عليها، فثمة «امراء مؤمنون» كثر هم بصدد إقامة «دولهم» إما داخل «دولته» ذاتها أو من حولها في مختلف أنحاء بلاد الشام مع تمدد محتمل نحو اليمن في أقصى الشرق العربي ونحو ليبيا غير بعيد عن أقصى الغرب العربي.
ففي سوريا الآن عشرات الدويلات المقتتلة في ما بينها، على الحدود الطويلة مع تركيا كما على الحدود القصيرة مع الأردن، في حين لما يحسم الصراع على الفضاء الممتد بين سوريا والعراق بين أساطيل الطيران الحربي الأميركي أساساً ومعه أقوى الطائرات وأسرعها في دول أوروبا الغربية وأستراليا، فضلاً عن أسلحة الجو الخليجية بطياريها والطيارات جميعاً، وبين أسطول سيارات «نيسان» و«تويوتا» التي حوّلها «الخليفة» إلى بديل من الدبابات ذات الجنازير.
... وفي العراق تتهاوى مشاريع دول مذهبية لتقوم مشاريع دول قبلية، فضلاً عن استقلال الأكراد بدولتهم، في انتظار نتائج الحرب مع «دولة الخلافة» بحسم الصراع بين الخلفاء في «داعش» و«النصرة» وما قد يستجد أو يستولد «القاعدة» من «دول» أخرى.
أما في لبنان، حيث لكل جهة «دولتها»، فقد يجتمع الرؤساء (أو الخلفاء) المحتملون للدول المحتملة ويجمعون على «وعد» بالتمديد الثاني للمجلس النيابي، وربما سيعقبه ثالث، ولا من يستنكر أو يستهجن انطلاقاً من أن «المجلس سيد نفسه»، فضلاً عن أن الانتخابات عملية شكلية ولكن مكلفة، وقد تحفل بمعارك ديموقراطية طاحنة بين قطعان الناخبين من رعايا «الخلفاء» المتواطئين على التمديد إلى ما شاء الله، ما دام الأمر لهم من قبل ومن بعد.
وفي لبنان، أيضاً، «وعد» بانتخاب رئيس جديد للجمهورية العتيقة ذات يوم... ولا ضرورة للاستعجال، إذ لم يلمس «الشعب» أية فروق بين أن يكون له «رئيس» ينتخبه العالم، أو حكم بلا رأس، أو برأس بدل من ضائع تمثله حكومة بتواقيع ـ ومنافع ـ كثيرة.
وليست كل «الوعود» للتنفيذ كما «وعد بلفور».
وربما لأن «العرب» مشغولون بوعود كثيرة سمعوها من قادتهم وأمراء المؤمنين فيهم، فقد نسوا فلسطين وتركوها لمصيرها «الإسرائيلي»، وانهمكوا في حروب تصفية لدولهم العتيقة تمهيداً لإقامة دول جديدة بعدد قبائلهم ومذاهبهم والطوائف، فضلاً عن الأعراق والأجناس والقوميات،أما لبنان فقد اجتمع العالم كله فيه، وهكذا ارتاح وأراح، ولا يهم أنه يرتج بفعل انفجارات طائفية أو مذهبية، بين الحين والآخر، ولكنه لا يسقط لأنه «محروس من الله» أو هكذا يظن أهله، قادة ورعايا. وأنعم بالله حارساً وحافظاً من شرور "الخلفاء".
الأسير الشهيد معتز حجازي ... القدس تنفجر في شرايينه
بقلم: عيسى قراقع – القدس
أدرك انه لا فرق بين زنزانته الانفرادية الضيقة المحشورة والمتوحشة ظلاما وقمعا، وبين إجراءات الاحتلال البوليسية في القدس العربية المحتلة، من قمع واستيطان وتهويد وعزل وملاحقة، فالهدف هو الإنسان الفلسطيني في الزمان والمكان.
الأسير الشهيد معتز حجازي قضى عشر سنوات من عمره معاقبا في سجون الاحتلال، عاش في أقسام العزل الانفرادي متنقلا بين زنزانة وأخرى، معزولا عن نفسه وعن العالم، لم يكن يتكلم مع احد سوى مع القدس الروح واليقين، مربوطا من قدميه ويديه، ممنوعا من الزيارات ومن الكتب ومن رؤية الشمس والهواء، يعيش بين أربعة جدران في زنزانة قذرة، يتعرض للاهانات والضرب على يد السجانين، تحت ذريعة أن القدس تشكل خطرا على امن دولة إسرائيل.
تضاعفت أحكام الأسير الشهيد حجازي من ست سنوات إلى احدى عشرة سنة ونصف، كما تضاعف الاستيطان والهدم والقمع بحق أبناء القدس ومقدساتها، وكلما تصدى معتز للقمع بكبرياء مقدسي، كلما ازدادت الهجمة أكثر على القدس من اعتقالات واسعة غير مسبوقة، اغتيالات و خطف، هدم وتجريف منازل، وإجراءات ضريبية وفرض غرامات، واقتحامات وحشية للمسجد الأقصى على يد عصابات المستوطنين.
تحولت زنزانة معتز إلى ثكنة عسكرية، قوات النحشون والمسادا و السجناء اليهود الجنائيين، ينكلون به ويحاولون شطب هويته المقدسية وروحه الوطنية والإنسانية، وتحولت القدس إلى ثكنة عسكرية وحشودات من الجنود والقناصة والمناطيد والحاخامين الحاقدين والشعارات العنصرية والفاشية، يتصدون لأولاد القدس الرائعين، وللمصلين المرابطين، ولصوت الأذان وقرع الأجراس وانتفاضة الصلوات الخمس وهي تحرس أبواب السماء.
كلما أراد معتز أن يطل من نافذة زنزانته الموصدة على الزمن الحقيقي للحياة، وان يسافر مع أحلامه واغنياته إلى فضاء القدس، إلى عائلته وأصدقائه وخطواته الأولى، أن يشتم رائحة البلدة القديمة بأنبيائها وأسواقها وعطرها وبخورها وأحيائها وشهدائها، كلما زاد الحصار على القدس أكثر، جدران واستيطان وعزل وتهجير للسكان واغتيال للغة العربية والهوية الوطنية وتشويه للمكان.
انفجرت القدس في شرايينه، لم يتحمل معتز ما يرى في بلده العاصمة، رفض أن يصير عبدا تحت عصا المستوطنين المتطرفين وسلطة الاحتلال، رفض أن يعود إلى الوراء، إلى حيث كان في السجن تمارس بحقه اشد العقوبات لسحقه إنسانيا ووطنيا، ورفض أن تسجن القدس في أقفاص دولة إسرائيل، وان تتحول إلى عمود من الملح، وتحت هيمنة الأساطير والمزامير والمزيفين للتاريخ.
انفجرت القدس في شرايينه رافضا أن تلبس القدس بزة الاحتلال العسكرية، وجه التحية للاسرى الباقين في السجون، والتحية للطيور على هذه الأرض، التحية للهواء والماء، للشمس والظل، للشجر والغيم ، للمطر والينابيع، لأمه وأبيه، للطين والحجر، التحية للتراب، فالبحر المتوسط لا يحتضر قال معتز، والدولة الفلسطينية بدون القدس ليست أكثر من زنزانة عزل بعيدة بائسة.
انفجرت القدس في شرايين معتز حجازي، لأنه لم يحتمل أن يخطف الطفل محمد ابو خضير ويحرق حيا، لم يحتمل الجثث للأطفال والنساء وسرقة الصلاة، ولم يحتمل مخططات قتل آيات الله وقص أجنحة الصلاة من قبل دولة دينية عنصرية تحولت بكل مؤسساتها إلى هيئة أركان عسكرية، تريد إعدام القدس من المشروع الوطني الفلسطيني المتصاعد والمتوهج عالميا، لم يحتمل ازدحام غرف التحقيق بالمسكوبية بأطفال القدس وأمهاتهم وآبائهم، ولم يحتمل الصمت المريب، وذبح الأفق السياسي للحلم الوطني الفلسطيني.
فتح معتز باب زنزانته الحديدي، ومشى في شوارع القدس يبحث عن بخوره ومسكه وملائكته في دمه الذي سال غزيرا غزيرا فوق الأرض وفوق السماء، بين السحابات الممطرات، زيتا وزيتونا ومطرا توحد المسافات في أعناق الضوء والرعد والبرق، كأنها دعوة أو هتاف أو بشرى للعالمين.
انظروا إلى القدس في فلكها الجديد
في بؤرة جمرها
هنا معتز حجازي
إنسان الوعد
يسيل على جسد الأرض
فكوا رموزه
واسألوا أنفسكم
بأي جسد ستكملون أجسادكم بعد الآن؟
القـــدس تناديكــم
بقلم: هاني المصري – الايام
منذ عدة أشهر، تعيش مدينة القدس المحتلة حالة انتفاضيّة ما تكاد أن تخبو حتى تشتعل من جديد على خلفيّة الرد على استمرار وتصاعد الاعتداءات الإسرائيليّة ضد أهالي القدس بشكل عام، وضد الأقصى بشكل خاص.
يكفي الاطلاع على مسلسل الاعتداءات خلال الشهر الماضي لتبيان ما تعانيه القدس من جهة، والصمود والتصدي والمقاومة التي تقوم بها من جهة أخرى، التي بلغت ذروتها بمحاولة اغتيال الصهيونى المتطرف يهودا بليك، إذ أصيب إصابات خطيرة، واستشهاد منفذ العمليّة معتز حجازي في عمليّة إعدام نُفّذت بدم بارد.
خلال شهر تشرين الأول الماضي شهدت القدس ارتقاء الشهيدين عبد الرحمن الشلودي ومعتز حجازي، وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيليّة لأول مرة في تاريخ فلسطين أبواب المسجد الأقصى ومنعت رفع الأذان فيه. كما اقتحم الأقصى 1355 متطرفًا صهيونيًا منهم رئيس بلديّة القدس "نير بركات" على مدار الأسبوع، إضافة إلى اعتقال أعداد كبيرة من المقدسيين، وإصدار قرارات بإبعاد بعضهم، وهدم المنازل بإجبار أصحابها على القيام بذلك بحجة عدم الترخيص، أو قيام الاحتلال بعمليات الهدم، وفرض غرامات باهظة ومنع تشغيل المقدسيين، والإعلان عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانيّة في كل من "جفعات هاماتوس" و"رمات شلومو" و"جبل أبو غنيم".
تتواصل المظاهرات والاحتجاجات في مختلف أنحاء القدس، خصوصًا دفاعًا عن المسجد الأقصى، لدرجة دفعت الكثير من الكتّاب والمعلّقين والسياسيين الإسرائيليين إلى اعتبار أن القدس تشهد انتفاضة يمكن أن تنتقل إلى بقيّة أنحاء الضفة وفلسطينيي 48، وأنها خرجت عن السيطرة الإسرائيليّة، وطالبوا الحكومة باتخاذ إجراءات أشد لإعادة سيطرتها.
أثناء تشييع الشهيد حجازي تردد هتاف من المشيعين "يا ضفة يلّا منشان الله"، وهو هتاف مؤلم سمعناه يتردد بأشكال أخرى في بداية العدوان الأخير على قطاع غزة، وسمعنا مثله يتردد أثناء الهبّات التي انطلقت مرارًا تضامنًا ونصرة للأسرى، خصوصًا أثناء إضراباتهم الأسطوريّة عن الطعام، وأثناء المواجهات المستمرة منذ أعوام في بلعين ونعلين والنبي صالح والمعصرة وكفر قدوم وواد فوكين وبيت أمر وغيرها من القرى التي التهم جدار الفصل العنصري والاستيطان معظم أراضيها. .
ما سبق يظهر أن هناك مواجهات ومقاومة بطوليّة تبلغ حد الانتفاضة مثلما يجري في القدس، من دون أن تمتد المواجهات والمقاومة والانتفاضة إلى المناطق الأخرى.
في السابق كان يكفي قتل أربعة عمال في غزة لتكون الشرارة التي أشعلت السهل كله، وكانت الانتفاضة المجيدة التي اندلعت في 9 كانون الأول 1987، واستمرت عدة سنوات، ووضعت فلسطين على خارطة العالم، ولولا توقيع "اتفاق أوسلو" الذي فصل الأرض عن الشعب والقضيّة، وقسم كل منها إلى أجزاء، وهمّش منظمة التحرير الإطار الجامع للفلسطينيين، واعترف فيه الفلسطينيون من جانب بواحد بإسرائيل، وتخلّوا عن المقاومة وأدانوها من دون أن تتخلى إسرائيل عن مخططاتها وتوسعاتها العنصريّة الاستيطانيّة، ولولا انهيار التضامن العربي بعد احتلال العراق للكويت، وانهيار الاتحاد السوفييتي ومنظومته الاشتراكيّة؛ لاستطاعت الانتفاضة تحقيق هدفها بدحر الاحتلال وإنجاز الحريّة والاستقلال من خلال تجسيد الدولة التي أُعْلِن عن قيامها في 15/11/1988 كأحد إنجازات الانتفاضة.
وفي 28 أيلول 2000، كانت تكفي الزيارة الاستفزازيّة للأقصى التي قام بها أرئيل شارون لاندلاع انتفاضة عارمة كان يمكن أن تحقق الحلم الفلسطيني لو رافقها إعلان موت "اتفاق أوسلو"، واعتماد مقاربة جديدة تستلهم تجارب ونضالات الشعب الفلسطيني منذ الغزوة الصهيونيّة الأولى وحتى تاريخه. لكن اختُلِفَ حول جدوى الانتفاضة وحول أن تكون سلميّة أو مسلحة، ونُظِر إليها على أساس تكتيكي ووسيلة لتحسين شروط المفاوضات التي انهارت في مؤتمر "كامب ديفيد"، على خلفيّة طرح حل تصفوي للقضيّة الفلسطينيّة لا يمكن أن يقبله الرئيس الراحل أبو عمار ولا أي زعيم وطني فلسطيني. وارتقى ياسر عرفات شهيدًا في 11/11/2004 لقيادته للانتفاضة ولرفضه للحلول الاستسلاميّة.
اليوم يرتقي الشهداء بالجملة والمفرق في الضفة وغزة، لدرجة تقديم أكثر من 2200 شهيد وأضعافهم من الجرحى غير الخسائر الأخرى في العدوان الأخير على غزة، إضافة إلى تعرض الأقصى لاعتداءات يوميّة وسط دعوات شُرِع في تنفيذها لتقسيمه زمانيًا ومكانيًا تمهيدًا لهدمه وبناء هيكل سليمان الثالث المزعوم على أنقاضه، ومع ذلك لم تندلع الانتفاضة التي طال انتظارها .. لماذا؟
لا يتسع هذا المقال للإجابة الموسعة عن هذا السؤال، ولكن يمكن تلخيصها بالأسباب الآتية:
أولًا. عدم وجود قيادة للانتفاضة، فالرئيس أبو مازن أعلن - مرارًا وتكرارًا - معارضته لاندلاع انتفاضة جديدة، وعبّر هذا الموقف عن نفسه من خلال منع العديد من المظاهرات وأي شكل من أشكال الاحتكاك بين قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين في مناطق سيطرة السلطة، ودعا مؤخرًا إلى التهدئة في القدس التي تشهد تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق. ولعل هذا الأمر يفسر لماذا تشهد المناطق غير الخاضعة للسلطة مثل القدس مواجهات أقوى وأعمق من غيرها.
ثانيًا. لعب الانقسام دورًا أساسيًا فى عدم اندلاع انتفاضة جديدة، كما لعب تعدد القيادات والمرجعيات والإستراتيجيات دورًا مهمًا في الحؤول دون تحقيق الانتفاضات السابقة أهدافها، إضافة إلى أن الخلاف حول أهداف الانتفاضة وأشكال النضال المناسبة (سلميّة أو مسلحة) يلعب دورًا في تأخير اندلاع الانتفاضة.
ثالثًا. عدم تحقيق الانتفاضات السابقة لأهدافها برغم البطولات الأسطوريّة والتضحيات الغالية، وانتهاؤها إلى حالة من الفوضى والفلتان الأمني؛ يجعل الشعب يخشى من الانتفاضة وغير واثق من انتصارها، فالانتفاضات الكبرى يحركها الأمل والثقة بالانتصار أكثر ما يحركها اليأس والإحباط، وإذا أضفنا إلى ما سبق نشوء طبقة ما بعد أوسلو التي ازدادت نفوذًا وثروة، أصبح من مصلحتها عدم اندلاع الانتفاضة وعدم انتصارها إذا اندلعت، ووقوع ثمار "السلم والحرب" في بطنها يجعل الشعب يفكر أكثر من مرة قبل الانتفاض مجددًا، إلا إذا جاءت الانتفاضة ردة فعل على تصعيد عدواني لا يتحمله الإنسان الفلسطيني كما يجري حاليًا في القدس.
رابعًا. إن التغييرات العاصفة التي تشهدها المنطقة وما انتهت إليه من حروب داخليّة وطائفيّة ومذهبيّة تهدد في تفتيت، وحتى تقسيم، عدة بلدان عربيّة؛ تلعب دورًا في عدم إقدام الشعب الفلسطيني على الانتفاضة، لأنه يدرك أهميّة البعد العربي والإقليمي والدولي للقضيّة الفلسطينيّة ولمناصرة كفاح الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافه في تقرير المصير والعودة والاستقلال.
طبعًا، هناك أسباب وعوامل أخرى لتفسير عدم اندلاع الانتفاضة، ولكنها آتية عاجلًا أم آجلًا، لأن المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني الإجلائي لا يزال مفتوحًا ولم يغلق، وأطماعه التوسعيّة تكبر، وتتجه إسرائيل أكثر وأكثر نحو التطرف.
قد تأخذ الانتفاضة القادمة شكل الموجات المتلاحقة والانتفاضات المحليّة على خلفيّة عناوين عديدة، ولكن حتى تنتصر من المفترض أن تكون لها قيادة واحدة وهدف واحد ومقاربة إستراتيجيّة جديدة مختلفة عن تلك التي اعتمدت حتى الآن ولم تحقق أهداف الشعب الفلسطيني. كما أنها بحاجة إلى روافع تنظيميّة وجماهيريّة واقتصاديّة وثقافيّة وقانونيّة تستند إلى جبهة وطنيّة عريضة، يمكن أن تجسدها منظمة التحرير بعد إعادة بنائها وتفعيلها وإصلاحها وضم مختلف مكونات الشعب إليها على أسس تمثيليّة جديدة؛ تمكن مختلف تجمعات الشعب من المشاركة بغض النظر عن أماكن تواجدها داخل الوطن المحتل أو خارجه.
التواطؤ الدولي في حرب القدس
بقلم: مهند عبد الحميد – الايام
نتنياهو أول سياسي إسرائيلي يخوض معركة القدس بهذا المستوى السافر والمتغطرس الذي لا يحتاج الى رتوش ولا مساحيق. فمنذ صعوده للحكم وهو يضع كل ثقل حكومته اليمينية المتطرفة لحسم السيطرة على مدينة القدس مرة واحدة والى غير رجعة. لقد تجاوز نتنياهو خطوط أطماع التوسع الكولونيالي المتعارف عليها لدى أسلافه من رؤساء الحكومات ليبلغ الذروة الآن. انه يضرب عرض الحائط بالمواقف والأولويات الأميركية التي لا ترغب الآن في حدوث انفجار بسبب مدينة القدس. لم تحترم حكومة نتنياهو أولويات إدارة اوباما رغم أنها شكلت الغطاء السياسي للانتهاكات الإسرائيلية الفادحة، واتخذت المواقف المؤيدة للسياسة العدمية الإسرائيلية. فانفردت حكومة نتنياهو من دون الحكومات السابقة في إحراج الإدارة الأميركية والتمرد على أولوياتها.
لا يمكن رؤية ما يجري من استباحة مجنونة للقدس باعتباره دعاية لانتخابات مبكرة كما ذهب أقطاب الإعلام الإسرائيلي في تفسير ما يجري. فالتغلغل الاستيطاني الكولونيالي والتهويد والتطهير العرقي هو الثابت الوحيد قبل وأثناء وبعد الانتخابات الحالية وكل انتخابات. وثبت انه بوجود ذرائع او بعدم وجودها، وبوجود عملية سياسية أو بانهيارها، وبوجود عنف او هدوء فإن التحويل الكولونيالي الثيوقراطي العنصري يمشي على قدم وساق داخل مدينة القدس وفي محيطها وفي حالة سباق مع الزمن.
تنكرت حكومات إسرائيل لكل قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة واليونسكو حول مدينة القدس، وتنصلت من رسالة الضمانات التي تعهد بموجبها شمعون بيريس وحكومة رابين بعدم المس بمكانة مدينة القدس. كانت البداية بإغلاق المؤسسات المقدسية "بيت الشرق وعشر مؤسسات أخرى" وتحول قرار الإغلاق من قرار مؤقت إلى قرار دائم. ومضت حكومات الاحتلال المتعاقبة باستباحة المدينة عبر مضاعفة الاستيطان وبناء جدار الفصل العنصري وعمليات التهويد ومارست مؤخراً نوعاً من التطهير العرقي في المدينة كطرد السكان وهدم منازلهم وقمعهم والتضييق عليهم الى مستوى الخنق الذي اضطر أعداداً كبيرة لمغادرة المدينة. لقد تم عزل المدينة بالكامل عن مدن الضفة الغربية وعن العالم الخارجي.
الجديد في الأمر أن حكومة نتنياهو انتهكت الاتفاقات المبرمة مع الأردن (المعاهدة الأردنية الإسرائيلية) بشأن السيادة الأردنية على المسجد الأقصى، محاولة فرض سيادة إسرائيلية تسمح بتقاسم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود كما حدث في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل. هناك محاولات دائمة لاقتحام المسجد الأقصى من قبل وزراء ورجال دين ومنظمات الاستيطان الدينية القومية بدعم من الحكومة لجعل السيادة الإسرائيلية أمراً واقعاً. وهناك مشروع قرار يقضي بإنهاء السيادة الأردنية على المسجد الأقصى كان أقطاب في الائتلاف الحاكم ينوون عرضه على الكنيست من اجل إقراره. وقد اضطر نتنياهو وحكومته للتأجيل وإعادة الالتزام "اللفظي" بالاتفاقات السابقة على وقع التهديد الأردني بالتراجع عن المعاهدة الإسرائيلية الأردنية وفي ظل حالة الاحتقان التي شهدتها فلسطين والأردن رداً على المواقف الإسرائيلية شديدة الاستفزاز. إن وعد نتنياهو بتهدئة الأوضاع في القدس دون ان يرتبط ذلك بوقف الإجراءات التي أشعلت الوضع. كالاستيطان وهدم المنازل وتقييد حرية العبادة وسياسة خنق المدينة العربية وعزلها الكامل عن محيطها الفلسطيني، والاهم من ذلك دون التراجع عن سياسة تعميق الاحتلال وبناء نظام الفصل العنصري.
أخطر ما في الأمر هو مساعي اليمين القومي المتطرف الرامية الى تحويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الى صراع ديني وحرب دينية وما يعنيه ذلك من إغلاق اي افق للحل السياسي وتعزيز قوى التطرف الديني في عموم المنطقة. وبهذا المعنى فإن حكومة نتنياهو الداعمة لليمين القومي العنصري تعزز منطق "داعش" الذي يقوم على فرض سيطرة وحكم ديني أصولي إرهابي، وهناك قوى متطرفة يهودية لا تقل سوءاً عن "داعش" تعمل داخل مدينة القدس ليل نهار وتتدفق عليها الأموال بسخاء ما بعده سخاء. وليس في ذلك غرابة عندما "تعتمد إسرائيل في وجودها كدولة على العهد الميثولوجي لإبراهيم مع الله"، كما يقول شلومو ساند، وليس على القرار الدولي، فإنها تدوس على القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية وتستبدلهما بنص ديني موجود في كتاب "التناخ" ومتضمن في ميثة نفي الشعب اليهودي التي غرست في ذاكرة نسبة كبيرة من الشعب الإسرائيلي. ويعبر نتنياهو وحكومته عن الوعد وعن عودة الشعب المقتلع إلى ارض الميعاد، والى الحق الديني في المكان.
إن دولة في القرن الواحد والعشرين تلتزم بأساطير دينية عوضاً عن ميثاق الأمم المتحدة والقوانين والمعاهدات الوضعية بصفتها الناظم الوحيد للعلاقة بين الدول والشعوب في حالتي الحرب والسلم. هذه الدولة لا يوجد مثيل لها إلا الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" مع فارق كبير وهو أن دولة الشعب المختار يعترف بها دول كثيرة وفي مقدمتها الدول العظمى، التي تتساهل مع أطروحاتها الدينية التعصبية وتطالب الشعب الفلسطيني وحركته السياسية الاعتراف بدولة يهودية كبديل لدولة إسرائيل العلمانية. مقابل دولة "داعش" الدينية التي لا تعترف بها أية دولة، بل يحاربها حلف دولي كبير بقيادة أميركا. إن السكوت الدولي على استبدال القانون الدولي والشرعية الدولية بأساطير دينية وبميثات من صنع الهستوريوغرافيا الصهيونية غير المسنودة بالعلوم الحديثة وبمكتشفات الآثار والدراسات التاريخية يشكل انحرافاً خطيراً في العلاقات الدولية، انعكس وينعكس سلباً على ثقافة الشعوب وعلى النكوص الى صراع وحروب دينية. يجوز القول إنه في ظل استبدال القانون الدولي بالوعد السماوي المغلف بتواطؤ دولي مخزي، فإن حكومات إسرائيل السابقة والحالية والمستقبلية لا ولن تتورع عن ضم القدس وممارسة التطهير العرقي فيها واعتبارها مدينة داود بدلاً من مدينة القدس. وإذا ما تم اعتماد إسرائيل للدين كمرجعية وحيدة في الصراع، فلن يستطيع أحد منع الشعوب والدول الإسلامية من اعتماد الدين كمرجعية وحيدة في الصراع. ولا أحد يمنع المتشددين المسيحيين من اعتماد الدين كمرجعية وحيدة. هل نحن على موعد مع تجديد الحروب الدينية؟ نعم، هذا ما يحدث في العراق وسورية واليمن ولبنان والقدس، هذا ما بادرت إليه الدولة اليهودية أولاً.
حياتنا - كفى ولدنة
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
توجهت كغيري الى ندوة نادرة في ذكرى مفكر وقائد فلسطيني راحل هو خالد الحسن ابو السعيد احد ابرز من عرفناه في الخليج من قادة فتح .. فالرجل لم يكن شعبوياً ولم يشكل مركز قوة ونفوذ داخل الثورة بل نأى بنفسه عن الظهور وظل وفيا لقضيته ولخطه السياسي الذي ربما نكشف الآن انه كان على حق . له بصيرة منجم وظل بعيدا عن صنع حارة له داخل فتح بالمال او القوة وان كان يفتح امام فتح ابواب المال في الخليج .
الكثيرون لا يعرفون هذا المحاور الفذ والديمقراطي، ولهذا كانت قاعة الجليل في متحف محمود درويش ملأى بالحضور الذين عرفوه حيا، والذين حضروا للتعرف عليه راحلاً وما ان اضيئت القاعة بعد فيلم قصير عن اقوال الراحل وفلسفته الثورية حتى جاء عبقر بن شداد كبير الياوران الذي تحفه القيان في متحف درويش ونطق نطقا ساميا غير متسامح بأن دعا بعض ضباط الأمن الوطني المتواجدين الى اخلاء مقاعدهم للضيوف وانسل الضباط من القاعة مهزومين كاظمين غيظهم على هذا الطرد المبكر من كبير الياوران الذي ينحني له الشعراء والفقهاء والعقلاء قبل السفهاء باعتباره حامل مفاتيح الجنة فان غضب على شاعر نفاه الى البحر الميت وجرده من ينابيع وبحور الشعر، وان رضي على قاصة علا شأنها حتى جاوزت السحاب. فهو صانع الادب والثقافة وسادن اللحن والفن مع انه لا يكتب ولا يؤلف ولا يغني بل يرقص. وفي مثل هذه الاجواء كان ضروريا ان ينسحب من سمع كلامه الخادش للعسكرية الوطنية من الندوة والعبد الفقير منهم لأن من لم يكابد العسكرية يستهين بها وهل هؤلاء الضباط الشبان طارئون عن الساحة الوطنية أم هم سدنة الانسان والارض لنحترم المكان المتحف ومن اقيم لذكراه وكفى ولدنة.
تغريدة الصباح - ترشيحا ترشح شجناً..
بقلم: احمد دحبور – الحياة
الشكر كله للقائمين على قناة الميادين، فقد ارغموا الدمعة على البوح العلني من حيث لا يعلمون، ذلك ان هذه القناة التلفزيونية، قد بثت مؤخرا برنامجا مفاجئا ظهيرة احد الايام بعنوان «ترشيحا بين الامس واليوم» واذا كنت - حسب لهجتي الحيفاوية - افضل تعبير طرشيحا بدلا من تلك التاء الاكابرية، فإنني اعترف ولماذا الاعتراف ما دام ذلك امرا واقعا؟ بأن نهرا من الشجن كان يتدفق في روحي طيلة دقائق البث.
حتى ذهب خيالي الى مخيم العائدين في حمص، حيث قضيت طفولتي ويفاعي، وجعلت استحضر اترابي هناك من بيت دغيم وشطارة والعلماني والبيك وصبيحة، فأتخيلهم سعداء بظهور بلدهم الاصلي «ترشيحا» على شاشة التلفزيون، واجمع حبات الفرح والشجن - ولا بأس في بعض الدمع - فيما يتعهد البرنامج النضر بتفجير المواجع والذكريات على حد سواء..
كان الاساتذة علي صبحية وصدقي البيك وزكي الهواري - رحمه الله - من اوائل من علموني في ابتدائية الشجرة، وكان الثلاثة من ترشيحا، وما اظنهم - اذا شاهدوا هذا البرنامج الغني الشجي - الا مغالبين للدمع وهم يلمحون اطلال بيوتهم التي نهبها المحتلون، وربما كان الاستاذ علي بين هؤلاء المعلمين، هو صاحب الفضل الاول علينا - انا وصديقي المرحوم حمزة عباس، من صفورية - في تفتيح عيوننا على رسالة الادب المطلوبة تجاه فلسطين، وبهذا المعنى ارى ان لترشيحا جذرا في تكويني الادبي والوطني.. حتى ان اول بلد خطر لي ان ازوره في بداية العودة الى الجزء المتاح لنا من الوطن، كان ترشيحا، الا ان ترشيحا ليست متاحة الا في الحلم والامل.. وهذا موضوع آخر..
ودعوني اعترف، بأنني يوم عدت من زيارة «طرشيحا» كنت معنيا قبل اي شيء، بابلاغ اترابي في مخيم حمص، بأنني رأيت تلك البلاد، وكان علي ان اضيف - بعد ان تمت الزيارة - بأنني لن آسف اذا مت، ما دمت قد كحلت روحي وعيني وحشاشة قلبي بهواء الجليل الفلسطيني، مدركا بشكل فاجع ان امي لم تكن تبالغ، رحمها الله، حين كانت تصف بلادنا بأنها «ست الدنيا» ويفجعني اكثر انها اغمضت عينيها على حلم ان ترى فلسطين، وما اظن الا ان طيف حيفا ظل عالقا بأهدابها واهابها حتى اللحظة الاخيرة..
ودعونا نعترف لتضافر العوامل الذاتية والموضوعية، في اذكاء لهب القضية الفلسطينية والبقاء عليها جرحا عربيا مستداما في القلب الفلسطيني - وامتداحه العربي بطبيعة الحال - حيث اعتنق الفلسطينيون المكلومون مبدأ «ما ضاع حق وراءه مطالب» فمن جهة كانت هناك الاختلاجات والتحركات الفلسطينية في المنافي القريبة والبعيدة، وهو ما بلغ ذروته في الثورة الفلسطينية المعاصرة، ومن جهة اولى كان هناك العامل الفلسطيني الذاتي داخل الوطن، وهو ما تجسد في الحركات والمحاولات المستدامة لابقاء جرح الوطن في الذاكرة الطازجة.. من هنا كان احتفال كبار العمر منا ومتوسطيه بكل شأن فلسطيني يدق على جدران وعي العالم، كما حدث في يوم الارض الخالد من العام 1976، او كما هو الامر في ديمومة النشاط الوطني على المستوى الشعبي، حتى لو اخذ احيانا شكل الفورة او الهبة او الغضبة او مناسبة احياء الذكرى.
على ان التململات الشعبية لم تكن مجرد مناسبات للفضفضة كأن نهتف: فلسطين شجرة تروى بالدماء.. ثم يذهب كل الى بيته، او منفاه بالاحرى، انتظارا لمناسبة جديدة، اذ ان الجرح الوطني قد تحول الى سؤال وجودي، بحيث يطرح احدنا هذا السؤال على نفسه وعلى العالم طيلة العمر، وهو ما يفسر ديمومة القضية الفلسطينية، وما ضاع حق وراءه مطالب..
طبعا، ليس معنى هذه الميلودراما الوطنية ان ننشئ مواسم للدموع، او نعد مكبرات صوت جديدة للتنديد بالاحتلال، ولكن المعنى المقصود يتعلق بالاشتباك مع تلك التراجيديا التاريخية التي اسفرت عن حقيقة اننا لاجئون او مشردون او رازحون تحت الاحتلال، وصولا الى حل هذا الاشكال العالمي بمستوياته الوطنية والقومية والوجودية..
وليسمح لي من يسمح، بأن اتجرأ فأعترف بأني شهدت في طفولتي التباسا بريئا بين الوطن ومسقط الرأس، فكنت اغبط اساتذتي الوطنيين على فلسطينيتهم، فيما كنت مجرد فتى من حيفا الى ان علمت بأن هذا النهر من ذلك البحر، بمعنى انني عربي فلسطيني ولي الحق بالزهو في هذه الحقيقة!! وهذا يعني ان ثمة ارومة تجمعني الى الاستاذ علي الذي كان يدفئ روح طفولتي وهو يسهب في وصف جمال فلسطين، ويطنب في اهمية ان تكون فلسطينيا..
و «ان تكون فلسطينيا» عبارة حميمة تعيدني الى ذكرى الصديق المرحوم ممدوح عدوان، الذي كتب ذات يوم نصا مسرحيا بهذا العنوان، انهاه بأن جعل الفتى الفلسطيني يطلق النار على العدو تارة، وعلى الجمهور تارة، وحين استنكر النقاد ما بدا انه مساواة بين المواطن والعدو، كتبت يومها منتصرا لممدوح، ان النار التي وجهها الى الجمهور هي نار مجازية اشبه بأن تصفع المغمى عليه لا لتنال منه، بل لتوقظه، وكان عنوان ما كتبت - ان لم تخني الذاكرة - «نفتح اعيننا على النكبة فنفتح عليها النار»!!
ولأن الذاكرة تجر الذكرى، اراني استحضر لقائي الاول بالدكتور عزمي بشارة - وهو ترشحاني من ذروة الرأس حتى اخمص القدم - ولما كانت لقاءاتنا بأهلنا في الداخل، لا تزال حديثة نسبيا، فقد كان طبيعيا ان اشرق بالدمعة واللهوجة البالغة حد الرعونة، فقد رحت اسأل الرجل عن بعض اهالي ترشيحا، مقتبسا اسماءهم من ذاكرة طفولتي في مخيم حمص، والمفارق ان هموم الدكتور الوطنية كانت تتجاوز اسئلتي الساذجة، فهو ذو مشروع وطني كبير لا يحتمل تلك الميلودراما..
ولكنه - بعد كل شيء - فلسطيني جليلي من ترشيحا، وانا احاول سؤاله عن بعض شجون تلك الترشيحا! ولعله فهم سر انفعالي وتأتأة روحي وانا احاول ان ارى بعينيه معالم من وطني، فكان كريما في الجواب وكأنه يأخذ معي دور الاب مع انه اصغر مني ببضع سنوات!! ورحم الله جارنا في مخيم حمص ابا عثمان فكان - وهو الترشحاني - يردد باستمرار ترشيحا ترشح شجنا، ورحل ابو عثمان، رحمه الله، وعيناه عالقتان بطيف ترشيحا وهو يردد على مسمع الابناء والحفدة: ما ضاع حق وراءه مطالب، ولهذا كان طبيعيا ان يعقبه ابنه صديقي كامل الذي كان ثاني شهيد من مخيمنا، وتشاء المصادفة الدالة ان يكون شهيدنا الاول من ترشيحا ايضا، وهو المرحوم احمد شريح الذي استشهد في طوباس في الحادي عشر من الشهر الثاني عشر للعام 1967، اما الشهيد التالي الترشيحاني ايضا، وهو المرحوم كامل حمود فقد لحق بأحمد الى الشهادة في اليوم الثامن والعشرين من الشهر الثاني للعام 1969، رحمهما الله ولتشملنا الرحمة ما دمنا على هذا المسار.
ألم أقل ان ترشيحا ترشح شجنا؟
سؤال عالماشي - فيتو أميركي أم امتناع ؟!
بقلم: موفق مطر – الحياة
يذهب بنا الاعتقاد الى امتناع الولايات المتحدة الأميركية عن استخدام حق النقض ( الفيتو ) على قرار الاعتراف بفلسطين الذي سيقدم الى مجلس الأمن منتصف هذا الشهر, ونعتقد لأسباب عدة ان الادارة الأميركية معنية بتصويب بعض من انحراف كبير حل بمسار سياستها التقليدية في المنطقة العربية عموما, وبما يخص القضية الفلسطينية والموضوع الفلسطيني, وحل الدولتين خصوصا, وان كنا نتمناها بداية لصحوة ضمير سياسي, كما فعل ( أجدادهم الانجليز) عندما صوت مجلس العموم رمزيا بنعم على الاعتراف بدولة فلسطين, فأجداد الأميركيين مسؤولون عن نكبتنا وماساتنا, ولا نعتقد أن الأحفاد, سيستمرون بظلمنا الى ما لا نهاية فيما العالم يترنح تحت ضربات الارهاب العالمي بسبب سياسات استعمارية حمقاء, لا ترى حقوقا للشعوب المكافحة, وانما مصالح مجردة من قيم وأخلاقيات كانت بمثابة ميزان عدالة للثورة الأميركية وثورات المجتمعات الغربية, التي رفعت الحرية والعدالة الى مصاف القيم المقدسة.
لأن الادارة الأميركية لمست من رئيس الشعب الفلسطيني وقائد حركة تحرره محمود عباس (ابو مازن) تصميما وإرادة لا تراجع فيهما ولا ارتجافا على المضي بمعركته في ميدان القانون الدولي لتحقيق اهداف الشعب الفلسطيني, خاصة وان تجربة الذهاب الى الأمم المتحدة لنيل الاعتراف بدولة فلسطين كعضو مراقب رغم التهديدات لحياته الشخصية والحصارين السياسي والمالي على السلطة الوطنية الفلسطينية, ما زالت ماثلة في ذاكرة كبار صناع القرار في الادارة, حيث استطاع ابو مازن قول لا كبيرة وعريضة وصلبة وذهب ونال الاعتراف كخطوة اولى.
سيمتنع الأميركان حسب تقديراتنا عن التصويت, لأنهم يشاهدون تعزيز الرئيس ابو مازن موقف الشعب الفلسطيني, بقرارات من حكومات وبرلمانات دول كبرى عربية شقيقة كمصر والمملكة العربية السعودية, وأجنبية صديقة ليس في اوروبا وحسب، بل في القارات الست. ما يعني ان الفيتو الأميركي هذه المرة سيكون صفعة لحكومات هذه الدول وقادتها الذين سعوا لدى ابو مازن لتأجيل تقديم القرار الى ما بعد انتخابات الكونغرس, بناء على طلب الخارجية الأميركية.
تخشى الادارة الأميركية وصول شرارات وألسنة لهب الحروب المذهبية الطائفية العرقية المشتعلة في المنطقة الى فلسطين, ما لم يتحقق سلام يرضى عنه الفلسطينيون, يحققون تحت رايته طموحاتهم وأملهم بدولة مستقلة ذات سيادة بعاصمتها القدس الشرقية, فهم لا يخفون اقرارهم وتأييدهم لمبدأ حل الدولتين, لكنهم حتى اللحظة مشلولون كما نعتقد بضغط اللوبي اليهودي الصهيوني في الولايات المتحدة الأميركية, ولأن مصلحة عضو الكونغرس الشخصية في المقعد اكبر من مصالح بلاده في المنطقة, فانه يظل مأسورا لها ولجماعات الضغط اليهودي المتعددة.
يعلم السادة في البيت الأبيض عدم استطاعتهم وقف زحف الارادة والقرار الفلسطيني ان بدأ بطرق ابواب منظمات الأمم المتحدة على رأسها محكمة الجنايات الدولية, لأن مجرد وقوفها عثرة واضحة المعالم أمام عدالة القانون الدولي, يعني تاييدها لجرائم الحرب وضد الانسانية التي ارتكبتها دولة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني, ما يعني بالتالي أن الادارة الحالية قد نسفت بيدها كل ركائز مبادئ الحرية والديمقراطية والعدالة الانسانية التي تروج لها الادارة الأميركية كمقدمة للاستحواذ على مناطق نفوذ في العالم.
سيمتنع ممثل الولايات المتحدة ألأميركية في مجلس الأمن عن التصويت, ويترك الفرصة للأعضاء الأربعة عشر أصدقاء الشعب الفلسطيني لاخراج القرار الى حيز التنفيذ،لأن نتنياهو تجاوز الخطوط الحمراء, وكادت سياسته تشعل حربا دينية في المنطقة, جهدت الادارة الأميركية بما ملكت من قوة ألا تشتعل هنا في الأراضي المقدسة, قبل موعدها المرسوم سلفا في خرائط الكبار...الكبار جدا.
نبض الحياة - تونس تنتصر لذاتها والعرب
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
الانتخابات البرلمانية التونسية الاخيرة الاسبوع الماضي شكلت نقطة تحول مهمة في المسار الديمقراطي للجمهورية التونسية، كونها اعادت الاعتبار لخيار الشعب وقواه السياسية الليبرالية والديمقراطية، وحجمت مكانة حركة النهضة الاخوانية، ووجهت لطمة قوية للمتساوقين معها خلال المرحلة الماضية.
تمكن الشعب التونسي الشجاع من الامساك بزمام الامور بالتصويت للقوى الوطنية والديمقراطية، حيث حصل تكتل نداء تونس بقيادة الباجي قائد السبسي على 85 مقعدا، متقدما على حركة النهضة بـ15 مقعدا، التي حصلت على 69 مقعدا، وهبط انصار الغنوشي إلى الدرك الاسفل، حتى يمكن الافتراض انهم تلاشوا في المشهد الشعبي والبرلماني التونسي، لان عدد المقاعد التي حصلوا عليها لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة. بالمقابل حصدت القوى المدافعة عن تونس الخضراء، تونس الديمقراطية على نسب تتناسب مع ثقلها في الشارع، لكنها بالمجمل مع حركة نداء تونس شكلوا الاغلبية المقررة في مستقبل البلاد والامة على حد سواء.
لم تكن الضربة القاصمة، التي وجهت لفرع تنظيم الاخوان المسلمين وحلفائها إلا نتيجة للسياسات الخطيرة، التي انتهجوها في تمزيق وحدة النسيج الوطني التونسي، وبعدما افتضح دور حركة الغنوشي، التي تبوأت في الانتخابات السابقة 23 تشرين الاول 2011 المركز الاول، حيث حصلت على 89 مقعدا، وتأكد التونسيون ان جماعة الاخوان واضرابهم عاثوا بالبلد فسادا، وفتحوا الوطن للجماعات التكفيرية، وقاموا باغتيال بعض الرموز الوطنية المعارضة، الذين فضحوا سياساتهم داخل وخارج قبة المجلس الوطني التأسيسي: شكري بلعيد، احد زعماء الجبهة الشعبية، اغتيل في 6 شباط 2013؛ والنائب الوطني الديمقراطي محمد البراهمي اغتيل في 25 تموز 2013؛ وتواطأوا مع فروع جماعة الاخوان في البلدان العربية خاصة في مصر لتمرير مشروع التفتيت الاميركي الاسرائيلي للدول والشعوب العربية، وسعوا لضرب انجازات المرأة التونسية التاريخية، وغيرها من الممارسات المشبوهة على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، التي دفعت الشعب التونسي للنزول للشارع للجم تلك السياسات اللاوطنية، وارغموا حركة النهضة لتغيير حكومتين خلال المرحلة السابقة، والاستجابة لصوت الشعب باقرار دستور جديد يتوافق مع التوجهات الديمقراطية وكفاح التوانسة في كانون الثاني 2014.
ما حصل في تونس يعتبر إنجازا وطنيا وقوميا وللقوى الديمقراطية حيثما كانوا، وتكريسا لما شهدته مصر المحروسة في الثلاثين من حزيران 2013، وتعميقا للخيار الديمقراطي في اوساط الشعوب العربية؛ ولطمة قوية لاصحاب المشاريع المعادية لمصالح الاشقاء في تونس والعالم العربي؛ وإنتشالا لمستقبل الامة، لاسيما وان النصر الكبير، الذي تم عبر صناديق الاقتراع، اكد للقاصي والداني، ان القوى الحاملة لهموم ومصالح شعوبها، ومعها الغالبية الساحقة من قطاعات الشعب، لا تقبل خيار جماعة الاخوان المسلمين ولا القوى التكفيرية المنبثقة عنها او المتحالفة معها، وانها مصممة على الدفاع عن وحدة اوطانها وشعوبها ومصالح الامة العربية، وإعادة الاعتبار لاهداف ومكتسبات الثورات العربية، التي انطلقت في عام 2011.
حاولت حركة النهضة الاخوانية المناورة بعد هزيمة حلفائهم في مصر، ونتيجة ضغط الحركة الشعبية التونسية المتواصلة ضد سياساتهم، عندما تراجعوا عن خيار الاستفراد بالسلطة، وانحنوا مرغمين امام التطورات العاصفة، بهدف تضليل الشارع التونسي، غير ان الشعب، الذي اكتوى بممارساتهم وارهابهم، والذي كشف مخططهم التصفوي للدولة الوطنية وللخيار الديمقراطي، كان لهم بالمرصاد، ورد لهم الصاع صاعين حين صوت لصالح ممثليه وللقوى الاقدر على تمثل مصالحه في المرحلة الراهنة والمستقبلية.
مبروك للشعب العربي التونسي، ومبروك للامة العربية ولقواها الديمقراطية، ومبروك لفلسطين ما حصل في تونس الخضراء، لانه يشكل عاملا ايجابيا من عوامل الدعم القومي الحقيقي.