Haneen
2014-12-14, 11:50 AM
في هذا الملـــــف:
إسرائيل تغلق كل الطرق لتحقيق السلام
بقلم: حديث القدس – القدس
اسرائيل وسياسة حافة الهاوية
بقلم: عرفان نظام الدين – القدس
.. ولكنها ليست "بطولية" !
بقلم: حسن البطل – الايام
من مجزرة الحرم الإبراهيمي .. إلى يهودية الدولة : نتنياهو وحربه الدينية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
حياتنا - التهدئة لا تكفي
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
مدارات - نُدين قتلنا وسياقاته
بقلم: عدلي صادق – الحياة
نبض الحياة - اسباب عملية الكنيس
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
اسرائيل تغلق كل الطرق لتحقيق السلام
بقلم: حديث القدس – القدس
قبل حرب 1967 كانت اسرائيل تطالب بالمفاوضات مع العرب بأي شكل، وتتباكى على رفض العرب لأي تعامل معها وإصرارهم على مقاطعتها. وحين بدأ التفاوض المباشر مع حكومة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات تبين أن التفاوض في نظر اسرائيل هو قبول كل شروطها، وأن مفهوم السلام الذي لا يتماهى مع الاستسلام ليس في واردها.
وفي حالة المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، رفضت اسرائيل قرارات الشرعية الدولية التي نصت على مقايضة الأرض بالسلام، وأصرت على اتفاق مرحلي مدته خمس سنوات، كان من المفروض في نهايتها وفقا للاتفاق أن تتسلم السلطة الفلسطينية السيطرة الكاملة على 99 في المائة من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وخلال واحد وعشرين عاما من المفاوضات التي أعقبت اوسلو تنصلت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة من هذا الالتزام الذي وقعت عليه، ورسخت جذور الاستيطان والمستوطنين في الأراضي المحتلة بحيث اقترب عددهم من ثمانمائة ألف، ويبدو أنها تطمح لتحويلهم إلى أغلبية تفوق الفلسطينيين عددا، وبالتالي تمكنهم من إقامة كيان خاص بهم ويصبح الفلسطينيون غرباء في وطنهم، محرومين من كل الحقوق الإنسانية والوطنية التي تتمتع بها كل شعوب العالم.
الفلسطينيون وافقوا وامتثلوا لإرادة المجتمع الدولي الذي سلبهم حق الدفاع عن النفس، ومنح هذا الحق بشكل مطلق لاسرائيل المدججة بكل أنواع الأسلحة، ولها جيش يعتبر من بين الأقوى بين جيوش الدنيا، في الوقت الذي ظل فيه الفلسطينيون عزلا من السلاح. ومع ذلك يتم التركيز على الأمن الاسرائيلي، ولا يهتم أحد بأمن المواطنين الفلسطينيين أو بحمايتهم من الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون، أو من الاقتحامات التي ينفذها الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية في أي وقت يراه مناسبا، ودون أي مبرر في كثير من الأحيان.
وحين كان الكفاح المسلح وسيلة لتحقيق التطلعات الفلسطينية الوطنية واجهته اسرائيل والعالم بالرفض والإدانة، وكانت المبادرات السلمية تتوالى لتطلب من الفلسطينيين أن يستجيبوا لنداءات الشرعية الدولية. فما الذي حدث عندما استجابوا وساد الهدوء سنوات عديدة، فهل تفاوضت الحكومات الاسرائيلية بنية صادقة لتحقيق تسوية قبلها الفلسطينيون، وتفاوضوا بإخلاص بموجبها، مع أنها لا تعطيهم سوى خمس أراضي فلسطين الانتدابية وتعطي اسرائيل الأربعة أخماس الباقية؟.
والسؤال هو : اسرائيل ترفض التفاوض تحت العنف، وفي الوقت نفسه فإن الهدوء ووصول العنف إلى النقطة صفر لم يحفزها على قبول التسوية السلمية التي أقرها مجلس الأمن الدولي والمعروفة بحل الدولتين. فكيف تريد الحكومة الاسرائيلية إذن التوصل إلى السلام بالمواصفات الدولية المقبولة عالميا؟.
أبواب التسوية مغلقة، ولا تفتح لا بالعنف ولا بالتزام الهدوء وتجنب كل أشكال العنف، فما الذي سيفعله الفلسطينيون للخروج من هذه الدائرة المغلقة؟.
هذا السؤال مطروح أمام اسرائيل وسط أجواء التوتر التي تسود القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة. فلا أحد يريد العنف وسفك الدماء إذا كان هناك ضوء في آخر نفق اليأس الذي يعيشه الفلسطينيون.
والسؤال مطروح أمام الأسرة الدولية التي تعهدت للفلسطينيين بالوصول إلى حقوقهم الوطنية المشروعة بطريقة التفاوض والدبلوماسية. فهل ينتظر الفلسطينيون إلى الأبد معجزة تحقق لهم مطالبهم العادلة خارج نطاق العنف، وبعيدا عن المفاوضات العبثية الأزلية؟. وهل من جواب على هذا التساؤل المشروع؟.
اسرائيل وسياسة حافة الهاوية
بقلم: عرفان نظام الدين – القدس
على رغم كل ما فعله الفلسطينيون وما ناضلوه من أجل وطنهم السليب خلال 66 سنة من الكفاح والآلام والعذاب والقتل والتشريد والمقاومة، لم يحققوا (على رغم الاعتزاز بهم) سوى واحد في المئة مما حققه لهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحكومته اليمينية المتطرفة. فباستثناء ما أنجزته انتفاضة الحجارة الأولى والثانية للقضية الفلسطينية وكسب تعاطف الرأي العام العالمي، لم ينجز من الأهداف أي خطوة حقيقية وفعالة في مسيرة تحرير فلسطين وردع المحتل الإسرائيلي.
عمليات فدائية كثيرة وهجمات وآلاف الأسرى، ومنظمة تحرير تراجع زخمها وفصائل تحمل عنوان التحرير وهو منها براء بسبب انجرارها، أو جرّها، الى الصراعات الفلسطينية والصراعات العربية التي دفعتها الى واجهة حروب عبثية في ما بينها وبين الأنظمة المتناحرة وغياب الرؤية الاستراتيجية الوطنية الموحدة واتساع شقة الصراعات والخلافات داخل السلطة وفي صفوف المنظمات، ابتداء من الحركة الأم الرئيسية «فتح» وانتهاء بالمأساة التي أوصلت الشعب الفلسطيني المناضل الى عنق الزجاجة وحافة اليأس نتيجة الصراع مع حركة «حماس» وتقسيم المقسّم بين قطاع غزة والضفة الغربية.
وكل ما فعله العرب بجيوشهم الجرارة وأصواتهم العالية وإعلامهم المدوي وثرواتهم الهائلة خلال 66 سنة لم يحقق للقضية الفلسطينية، على رغم المتاجرة بها طوال هذه الفترة، مكسباً واحداً يوازي ما حققه لها نتانياهو وحكومته المتطرفة منذ أن تسلم السلطة.
مؤتمرات قمة عاجزة، قرارات بقيت حبراً على ورق ودفنت في غياهب الجامعة العربية الفاشلة. مبادرات لم يلتزم بها أحد، جولات وزيارات واتصالات دولية وبيانات استنكار وتنديد وشجب وتهديدات جوفاء ومزاعم عن بطولات زائفة لم تكترث لها إسرائيل ولم ترتدع عن ارتكاب مجازرها وشنّ حروبها ضد الدول العربية وضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ولا عن المضي في بناء المستوطنات وقضم الأراضي العربية ومواصلة احتلال الأراضي العربية والفلسطينية، ثم في ضم القدس الشريف ومواصلة مؤامرة التهويد وانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمها المسجد الأقصى المبارك الذي يتعرض اليوم لأكبر تهديد جدي منذ الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967.
وكل ما فعله المسلمون (أكثر من بليون و300 مليون مسلم في العالم) منذ أكثر من66 سنة لم يقدم شيئاً، إن لم يؤخر، بل يمكن القول انه كان معيباً وخمولاً ومجرد «رفع عتب»، وكأن القضية الفلسطينية لا تهم الدول الإسلامية على رغم حجمها البشري والاقتصادي والعسكري (نذكر بأن باكستان تملك أسلحة نووية! وأن تركيا وإيران تملكان أقوى الجيوش!)، على رغم قدرة شعوبها على تغيير موازين القوى في العالم كُلُّه.
وربما يعود هذا الموقف الى تخاذل العرب ثم في غياب التضامن الحقيقي والانغماس في صراعات دولية وداخلية وانعدام التوجيه الإعلامي وعدم التركيز على تبيان حقيقة الانتهاكات الإسرائيلية والأهمية الدينية لقدسية القدس الشريف والمسجد الأقصى الذي بارك الله من حوله، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
مؤتمرات إسلامية وقمم بروتوكولية ولجنة القدس ومنظمة للعالم الإسلامي (أصبح اسمها الآن منظمة التعاون الإسلامي) انتهت كلها الى فشل ولامبالاة وسوء متابعة وجمود في آلية التنفيذ والجداول الزمنية.
كل هذا أسفر عن فشل منقطع النظير، فيما حقق نتانياهو وحكومته ما عجزت عنه هذه الأمة التعيسة والمتواكلة.
وكل ما فعلته الدول الكبرى والصغرى، وفي مقدمها الولايات المتحدة وروسيا والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الصين وفرنسا وبريطانيا) تحول الى مادة للسخرية والاستنكار والاستخفاف.
أما الأمم المتحدة، فحدث عنها وعن عجزها ولا حرج: جمعية عامة بلا دور ولا حسم ولا قرار، ومجلس أمن مشلول ومعطل ببدعة «الفيتو». قرارات، قرارات، قرارات بأرقام جامدة القيمة ومبادرات تافهة لا تساوي الحبر المسكوب على ورقها استخفت بها إسرائيل وسخرت من العرب والمسلمين وكأنها تقول لهم تمشياً مع المثل العامي: «بلّوها واشربوا من ميّتها».
وكل ما فعلته الشعوب ذهب هدراً: تظاهرات خجولة، وأعمال عنف واحتجاجات وبيانات استنكار انتهت كلها إلى الصفر وكأن شيئاً لم يكن، فيما حققت إنجازات نتانياهو ما فشل به الجميع.
وبكل أسف وسخرية نقول ان هذه هي الحقيقة السوداء المريرة، فقد أدت ممارسات نتانياهو وعتاة المتطرفين الى انقلاب في المعايير وحدوث متغيرات كبرى في المواقف الدولية الرسمية والشعبية وتسجيل تحول في عواطف الرأي العام العالمي لمصلحة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني واستنكار التعنت الإسرائيلي والمضي في ارتكاب الانتهاكات التي يكثر الحديث عن إمكان تحويلها الى المحكمة الدولية، خصوصاً أن وسائل الاتصال الحديثة كشفت المستور ومنعت اسرائيل من إخفاء الحقائق.
ويمكن تلخيص إنجازات «الحليف» نتانياهو في النقاط التالية:
- ضرب التحالف الدهري مع الولايات المتحدة وإحداث شرخ مع الإدارة الأميركية برئاسة باراك أوباما للمرة الأولى منذ بداية الصراع، ما دفع أحد كبار المسؤولين الأميركيين الى وصف نتانياهو بالأحمق والجبان والغبي، كما أبدى وزير الخارجية جون كيري نفاد الصبر من ممارسات نتانياهو الخرقاء وتعنته في رفض كل مبادراته أو مجرد القبول بالدخول في مفاوضات جدية مع السلطة الفلسطينية، ما دفع اللوبي اليهودي الى البدء بهجوم مضاد بلغ ذروته خلال الانتخابات النصفية للكونغرس وقلب الطاولة على الحزب الديموقراطي وتأمين فوز الحزب الجمهوري الأكثر قرباً من إسرائيل، والمرشح لمزيد من الضغط لشل حركة إدارة أوباما وإعادة القوة إلى اللوبي اليهودي.
- إجماع العالم على رفض الاستيطان في الأراضي المحتلة، ولا سيما في القدس المحتلة، وتصاعد الاحتجاجات ضد قرار السماح ببناء 10 آلاف وحدة سكنية جديدة فيها.
- إجماع العالم على أن مضي إسرائيل في تعنّتها سيؤدي الى تهديد المصالح الأميركية والغربية. وتجلى ذلك بعد التعديات على المسجد الأقصى وما يمكن أن تتسبب به من نقمة في العالم الإسلامي وزيادة حدة العنف والتطرف. ولا يخفى على أحد أن عدم إيجاد حل عادل واستمرار تهديد المسجد المبارك من الأسباب المهمة التي يتخذها البعض لتبرير أي عمل إرهابي.
- بدء رحلة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة، بدءاً من السويد ومجلس العموم البريطاني والحبل على الجرار، إضافة إلى إعلان ممثلة الاتحاد الأوروبي ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
- تحرك الرأي العام العالمي، لا سيما في أوساط المثقفين والناشطين، ضد إسرائيل وانتهاكاتها وتأكيد رفض استيراد المنتجات الإسرائيلية من المستوطنات وشهدت الأشهر المنصرمة سلسلة تظاهرات واحتجاجات صاخبة ضد إسرائيل، من بينها فيلم وثائقي عن بيت لحم للمخرجة والناشطة الفلسطينية ليلى صنصور عرض في المتحف الجغرافي الوطني في لندن بحضور اكثر من800 شخص، معظمهم من رجال السياسة والإعلام وأساتذة الجامعات والمنظمات الإنسانية وبينهم يهود. وبعد انتهاء العرض وقفوا جميعاً وصفقوا لأكثر من 10 دقائق تعبيراً عن تعاطفهم مع معاناة الشعب الفلسطيني في هذه المدينة المقدسة وغيرها من المدن الفلسطينية واستنكارهم الانتهاكات الإسرائيلية.
- الخسائر الكبرى للاقتصاد الإسرائيلي وهبوط المعنويات العامة نتيجة الحرب الاخيرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والمجازر التي ارتكبتها حكومة نتانياهو وذهب ضحيتها مئات المدنيين والأطفال الأبرياء ومدارس الأونروا. وبالإضافة الى الخسائر ببلايين الدولارات لهذه الحرب الفاشلة التي نجم عنها شبه إجماع على ان إسرائيل لم تعد قادرة على إخضاع الشعب الفلسطيني وفرض شروطها وان القوة الإسرائيلية المعرّاة التي كانت تتباهى بها أصبحت من الماضي وان لا نهاية لهذا الصراع إلا بالحل العادل والشامل. وعلى رغم تخاذل اليسار الإسرائيلي وخفوت أصوات أنصار السلام، فقد شهد العالم - وحتى إسرائيل - تظاهرات صاخبة لليهود تحمل شعاراً موحداً، وهو «ليس باسمي»، استنكاراً لممارسات الحكومة الاسرائيلية.
- عدم التمكن من منع قيام حكومة وحدة وطنية فلسطينية تمهد للمصالحة وإعادة توحيد الضفة والقطاع، وهو ما كان أحد أهداف الحرب، فقد تشكلت هذه الحكومة وبدأت مسيرتها على رغم التشكيك والانتقادات المتزايدة للبطء والتردد والعراقيل التي تقف في وجه الإنجاز المطلوب، لكن مخاوف الانتكاسات لم تنجم عن أعمال الإسرائيليين، بل عن الصراعات المدمرة، وبينها تفجير منازل قيادات «فتح» في غزة.
- حدوث شروخ داخل الحكومة المتطرفة وفي أوساط اليمين الإسرائيلي بين متطرف والأكثر تطرفاً، ما دفع نتانياهو إلى المزايدة على منتقديه وإقرار مزيد من القرارات الجائرة وإجازة بناء مستوطنات جديدة لضمان إعادة انتخابه في الانتخابات المقبلة، وسط حال ضياع وغياب المنافس القوي السيئ من الأسوأ، واستمرار تحول الرأي العام الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف.
وعلى رغم أخطار هذه الحقائق وتوقع مزيد من الاعتداءات الاسرائيلية، فإن الأمل كبير بأن تؤدي هذه السياسة الى إيصال إسرائيل الى حافة الهاوية، وبأن يصاب نتانياهو بمزيد من عمى البصر والبصيرة حتى يحقق للفلسطينيين مزيداً من الإنجازات، من غير عناء، ومع استمرار العرب في حروبهم العبثية وانقساماتهم وتشرذمهم.
والخوف، كل الخوف، أن تقدم إحدى الجهات الفلسطينية على عمل غير مدروس أو أن تقوم إسرائيل بمثل هذا العمل وتنسبه إلى الفلسطينيين أو العرب، فتعود عقارب الساعة الى الوراء وتمسح كل إنجازات «الحليف الأكبر»، لتعود إسرائيل إلى انتهاكاتها وتواصل مؤامرة التهويد وبناء المستوطنات بحرية وارتياح. فالحذر، كل الحذر، من تكرار مثل هذه الأخطاء القاتلة.
.. ولكنها ليست "بطولية" !
بقلم: حسن البطل – الايام
عملية خطيرة، وقد تكون تداعياتها أخطر. هذا ما يمكن قوله، الآن، عن مقتلة في كنيس "هارتوف".. ولتقل الفصائل ما تقول، من تبرير إلى إشادة، ومن وصف يرفعها إلى البطولة.. وربما من إدانة الفصائل لإدانة السلطة لها!
سنضع جانباً القول: ها قد مرت 20 سنة على أوسلو، فها قد مرت، أيضاً، 20 سنة على مذبحة أودت بحياة 29 فلسطينياً اقترفها الطبيب باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي.
كانت هذه الطلقة الأولى، التي أصابت بجراح ثخينة اتفاقية أوسلو، وكانت الطلقة الثانية قد أصابت في مقتل "شريك أوسلو" اسحاق رابين، والثالثة كانت لئيمة وأودت بحياة عرفات.. والانتفاضة الثانية معاً.
لماذا هي خطيرة؟ لأن المذبحة التي اقترفها مستوطن من "كريات أربع" أسفرت عن تقسيم الحرم الإبراهيمي، وإغلاق شارع الشلالة (الشهداء) حتى الآن.
غلاة اليهود المستوطنين وصفوا القاتل السفّاح بأنه "قديس" وأقاموا له "ضريحاً"، وبعد فعلته الشنعاء والمنكرة بدأت حقبة "العمليات الانتحارية" التي تسببت تداعياتها في صعود اليمين إلى الحكم في إسرائيل.
إنها عملية عنف فلسطيني مضاد للعنف الإسرائيلي: الرسمي بتمادي الاستيطان، وغير الرسمي بهجمات "شارة ثمن" التي لم توفّر إحراق مساجد، وعمليات قتل متفرقة.. والأخطر نوايا مضمرة أو معلنة لتكرار سابقة تقسيم الحرم الإبراهيمي على تقسيم الحرم القدسي.
هذه عملية تهدد بنقل الصراع بين شعبين إلى حرب بينهما، في حين تصارع فلسطين سياسياً لتكون دولة، وتصارع دولة إسرائيل ضدها.
كانت عملية اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين درجة في التصعيد، واغتيال الفتى محمد أبو خضير درجة أعلى، وتلتها موجة استفزازات يهودية في الحرم القدسي من جانب نواب ووزراء، على رغم أن الحاخام الأكبر يوسف وشقيقه اسحاق ضد هذا "الحجيج" من جانب أتباع ما يسمى "الصهيونية الدينية" التي لها وزراء في حكومة نتنياهو، مثل وزير المالية نفتالي بينيت، ونواب في الكنيست!
ألقت إسرائيل بمسؤولية اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين على جناح منفلت في حركة "حماس"، ثم تبنت "حماس" لاحقاً العملية خلال أو بعد حرب ثالثة "الجرف الصامد" على غزة.
إن "حماس" طرف حاكم في غزة، وطرف في مساعي الوحدة الوطنية المتعثرة، لكن إن صحّ إعلان الجبهة الشعبية مسؤوليتها عن عملية الكنيس، فهذا أمر له تداعياته، لأنها عضو في منظمة التحرير الفلسطينية.
أن يقوم بعض أعضاء الجبهة باغتيال الوزير المتطرف رحبعام زئيفي، رداً على اغتيال أمين عام الجبهة، أبو علي مصطفى، يمكن القول كما تقول الجبهة: "الرأس بالرأس"، لكن جبهة يسارية لا يفترض في عناصرها شن هجوم قاتل على كنيس، وصب الزيت على نار "حرب دينية" حذّر من مخاطرها رئيس السلطة، وعقلاء كثيرون في إسرائيل.
تلقى كاتب هذا العمود كثيراً من اللوم والتنديد.. وما هو أشدّ منهما، عندما وصف "العمليات الانتحارية" باسمها خلال الانتفاضة الثانية، وميزها عن "العمليات الفدائية" ضد الجنود. فارق كبير ونوعي بين عملية "عيون الحرامية" وايضاً "وادي النصارى" بالخليل و"عين عريك" وتفجيرات انتحارية في المطاعم الإسرائيلية، سبّب آخرها "الاجتياح" أو "السور الواقي" إبّان حكم شارون.
إنه عنف وعنف مضاد للعنف. البعض الفلسطيني يسمي أشكالاً من العنف المضاد الفلسطيني "كفاح مسلح" ثم "مقاومة" ثم "انتفاضة"، والبعض الإسرائيلي يسمي هذا "إرهاباً".
هناك من يرى صفة شعبية غالبة على الانتفاضة الأولى، وصفة نارية غالبة على الانتفاضة الثانية، والآن... صفة سياسية ـ شعبية لإرهاصات الانتفاضة الثالثة.
أياً كانت الصفات والتوصيفات، فإن نتائجها السياسية أهم منها، فهناك من يرى في نتيجة الانتفاضة الأولى صعود حركة "حماس"، وفي الثانية وصولها إلى الحكم.. والثالثة؟ ربما تسير إلى منحى داعشي ـ ديني.. وهذا رأي الزميل حسن خضر (نقطة ضوء ـ الثلاثاء، أمس).
الصراع مشروع، والقتال السياسي والعسكري مشروع، أيضاً، لكن القتل الفردي والجماعي، سواء بمبادرة فردية أو فصائلية غير مشروع، وبالذات إذا ضرب على العصب الديني أياً كان الطرف الذي يضرب عليه.
يعرف الأفراد الفلسطينيون الذين يشنّون هجمات أنهم سيلاقون حتفهم، لكن هذا لا يردعهم. يعرف الأفراد الإسرائيليون، من الجنود والمستوطنين أنهم سيفلتون من عقوبة الموت.. وهذا يشجعهم!
إسرائيل الرسمية لا تهتم بحقيقة أن العمليات الفلسطينية تتم في مناطق خارج السيطرة النسبية للسلطة، وتقوم بتحميلها المسؤولية.. وفي المقابل يفعل بالمثل الفلسطينيون ويحملون حكومة إسرائيل المسؤولية المباشرة وغير المباشرة لأعمال المستوطنين والجنود.. والوزراء والنواب!
لكن، لا شيء يبرّر حرق جامع، ولا شيء يبرّر هجوماً قاتلاً على كنيس.. وإن كثرت التبريرات، ووصف البعض بعضها بـ "البطولة" !
من مجزرة الحرم الإبراهيمي .. إلى يهودية الدولة : نتنياهو وحربه الدينية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
كان كل شيء مُعَداً بإحكام، خطة مدروسة بدقة متناهية، لا مجال للخطأ، يدخل القاتل إلى الحرم الإبراهيمي، أثناء صلاة الفجر، حاملاً بندقيته الآلية ومزوداً بعدد كبير من القنابل، والأهم، أنه كان يحمل كل ما في الأرض من حقد دفين، وفي لحظات سقط 29 مصلياً كانوا أثناء السجود، ونزف 150 منهم الكثير من الدماء وباتوا في عداد الجرحى، حيث بعضهم في حال من الخطر الشديد، خطة مدروسة بعناية، فعندما حاول بعض المصلين الهرب، وجدوا أن باب الحرم الإبراهيمي كان مغلقاً، جنود الاحتلال الذين قاموا بإغلاق أبواب الحرم، هم أنفسهم من منعوا سيارات الإسعاف من الاقتراب لإنقاذ الجرحى.
كان ذلك قبل أكثر من عشرين عاما، وتحديداً في 25/2/1994، أما القاتل فهو يهودي أميركي يدعى باروخ غولدشتاين، الذي قدم إلى إسرائيل عام 1980، وأقام في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي مدينة الخليل المحتلة، هذا القاتل كان طبيباً في الأصل، ولكن وأثناء عمله كطبيب في جيش الاحتلال، كان يرفض أن يعالج من هم من غير اليهود، حتى أولئك من المتطوعين الأوروبيين والدروز العرب العاملين في جيش الاحتلال.. هل يمكن مقارنة هذا الحقد، بأي حقد آخر؟!
المستوطنون، صنعوا وأقاموا تمثالاً لغولدشتاين، وهم يحيون بالأفراح وتبادل المشروبات "الحلال" كل عام في ذكرى المجزرة. الحاخام اليهودي موشي ليفنغر، أجاب على سؤال حول ما جرى بالقول: إن مقتل العربي يؤسفني بالقدر الذي يؤسفني مقتل ذبابة [كما جاء في كتاب إسرائيل شاحاك "الشريعة اليهودية"] والكاتب المشار إليه، كتب يقول إن الشريعة اليهودية "هالاخا" تطالب في الحقيقة كل يهودي القيام بنفس ما قام به غولدشتاين، ولدعم ما يقول اقتطف الكاتب كلمات الحاخام دوف ليور الذي وصف فيها غولدشتاين بالمؤمن التقي وأن ما فعله إنما كان بأمر الرب وباسمه!!
رغم هذه المجزرة، وبسببها، أيضاً، قامت سلطات الاحتلال بتقسيم الحرم الإبراهيمي زمنياً ومكانياً بين المسلمين واليهود، وبات للمتدينين اليهود، خاصة من مستوطني "كريات أربع" "كنيس" في الحرم الإبراهيمي أحد أهم أماكن العبادة للمسلمين عبر التاريخ.
هذه الأيام، تكاد مجزرة غولدشتاين تتكرر ولكن بأساليب أخرى، اقتحامات المتدينين المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى، وبشكل متكرر، وبحماية من جنود الاحتلال، تترافق مع إعلان حكومة نتنياهو التوجه إلى الكنيست للموافقة وإقرار مشروع لتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، بالضبط كما حدث في الحرم الإبراهيمي، وكما اتخذت المجزرة التي ارتكبها غولدشتاين في الخليل، مبرراً لتقسيم الحرم، تتخذ حكومة نتنياهو من هجمات المتطرفين اليهود مبرراً لتقسيم المسجد الأقصى.
كل ذلك يجري بالتوازي مع إصرار إسرائيلي "مستحدث" بضرورة أن يعترف الجانب الفلسطيني بإسرائيل كدولة اليهود، في الوقت الذي تستعد حكومة نتنياهو لطرح هوية الدولة على الكنيست، وبحيث تعتبر إسرائيل دولة "يهودية ديمقراطية" وكأنما للديمقراطية دين، دين واحد، هي اليهودية في العرف الإسرائيلي!!
وبين مجزرة الحرم الإبراهيمي قبل ما يزيد على عشرين عاماً، وما يجري اليوم، هناك العديد من "المجازر الصغيرة" خاصة في العاصمة الفلسطينية القدس المحتلة، إضافة إلى عمليات الملاحقة الدائمة للنشطاء من الفلسطينيين وإنذار 20 ألف عائلة مقدسية بهدم بيوتهم بحجة أنها بنيت دون ترخيص، في محاولة جادة للتخلص من المواطنين العرب في القدس الشرقية التي هي عاصمة الدولة الفلسطينية المنتظرة.
دولة اليهود، كما يراها رئيس الحكومة الإسرائيلية، هي دولة نقية لا يجب أن يقطنها من هم من غير اليهود، الطابع الديني لهذا المسمى، هو وراء تخوف الرئيس محمود عباس من الإجراءات الإسرائيلية التي ستؤدي إلى "حرب دينية" هذه الحرب يسعى لها نتنياهو وحكومته بلا كلل أو ملل. إن التصدي لهذه الحرب، مهمة وطنية فلسطينية، فصراعنا مع الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي هو صراع سياسي ذو طابع قومي بالدرجة الأولى، شعب له هويته القومية، وسكان احتلوا الأرض بعدما قدِمُوا من كل أصقاع الدنيا، بلا هوية سوى الهوية الدينية.
وفي ظل هذه الأوضاع المتفجرة والمستفزة من جانب الاحتلال الإسرائيلي، فإن الفلسطينيين مع انعدام الخيارات السياسية على ضوء فشل العملية التفاوضية، واستمرار تهويد العاصمة الفلسطينية وكافة مناطق الضفة الغربية المحتلة من خلال الاستيطان، الفلسطينيون لا يجدون أمامهم سوى مواجهة هذا الاحتلال بكل ما لديهم من قوة وبأس، وعملية القدس تأتي في هذا السياق الذي يتحمل مسؤولية تبعاته نتنياهو وحكومته الفاشية.
حياتنا - التهدئة لا تكفي
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
أستغرب التصريحات الاسرائيلية التي تحمّل الجانب الفلسطيني مسؤولية ما يحدث في القدس المحتلة، وكأن القدس قارة معزولة عما حولها وان أهل القدس ليسوا فلسطينيين ولا علاقة لهم بما يحدث في أرضها وبيوتها وأبنائها من جور وظلم وما يحدث لمقدساتها من انتهاكات يومية .. نستغرب اللهجة الاسرائيلية المزلزلة التي يخرج بها زعماء الاحزاب المشاركة في الحكومة الاسرائيلية وكبار دعاة الاستيطان منذ سنوات، ففي غياب لغة الحوار وغياب المفاوضات وتحت جنازير الجرافات الاستيطانية لا يمكن الحديث عن هدوء لأن لا أحد يعمل نحو التهدئة الحقيقية لأن التهدئة ليست أحادية بل ثنائية ولها شروطها التي تدوسها أقدام من ينتهكون المقدسات يوميا والجرافات التي تأكل الارض والسماسرة الذين يزورون عمليات البيع والشراء للجماعات الاستيطانية، فالهجوم الاستيطاني على القدس وما يرافقه من صيحات دينية يهودية تصم الآذان يوميا هو نذير حرب وشؤم وعنف، ولعلنا لا نريد سرد وقائع دموية سابقة في الحرم الابراهيمي والمسجد الاقصى عبر هذه السنين لكن لا يمكن القول ان مجزرتي الحرمين الابراهيمي والأقصى في التسعينيات كانتا برصاص مستوطنين، فالفلسطيني لم ينتهج هذا وانما علمه ذاك.
عودة الى التحذير من الحرب الدينية التي تتأجج يوميا دون ان تجد من يكبح جماحها .. فلا حكومة اسرائيل جدية في منع تأجيجها ولا جماعات الاستيطان مكتفية بما حازت عليه من غنائم مسروقة من الارض والبيوت والمباني في القدس وغيرها .. وعندما يستفرد الاحتلال بالقدس قتلا واستيطانا واعتقالا وتنكيلا، فانه يلمس ان العمليات وكلها فردية تتم بما يتوفر من سيارات وجرافات وأسلحة بيضاء، فهي هجمات انتقامية فردية غير منظمة حتى لو ادعت فصائل مسؤوليتها من موقع التأييد والاستحواذ وكسب الشهرة ليس الا، ومثل هذه الاعمال لا يمكن وقفها لأنها ردة فعل وقتي وليست مخططة سلفا.
الاحتلال هو من يتحمل المسؤولية وهو يدفع باتجاه اثارة المشاعر الدينية في كلا الاتجاهين، ولعلنا سبق وحذرنا من مخاطر الحرب الدينية لأنها بعكس غيرها لا تبقي ولا تذر وتحرق الجميع، ولهذا فان جهدا متوفرا يجب ان يدفع باتجاه ازالة أسباب التوتر والعنف في القدس وهي معروفة وايضا الدفع باتجاه المفاوضات على أسس معروفة ايضا .. وما عدا ذلك فان البديل هو العنف المتبادل الى ما لا نهاية ومآله الى انفجارات أسوأ.
مدارات - نُدين قتلنا وسياقاته
بقلم: عدلي صادق – الحياة
حيال كل واقعة قتل في بلادنا، ننحو باللائمة، ونشجب، السياق الذي نُقتل فيه يومياً، وهو قتل مشهود، يستحث أحياناً بعض أضداده، بأقل مما يصف نيوتن في قانونه الثالث للحركة الميكانيكية. ذلك لأن كل أضداد الفعل الشائن، عندما تقع، لا تكون مساوية في المقدار، وإن كانت معاكسة في الاتجاه!
الشابان الفلسطينيان، اللذان هاجما الكنيس في القدس، تشكّل وعيهما بالوجود، وبكيفية الوجود على أرض الآباء والأجداد، من خلال وقائع يومية تتسم بكل ما هو قبيح وشائن وقاتل، في سياق هجمة مجنونة تضرب قبور الأموات ومساجد الأحياء ومنازلهم وتقتلع أشجارهم أو تحرقها ثم تسرق أرضهم. أما الحاخامات المتسربلون بعباءات الشيطان، الذين يرسلون المتطرفين القتلة والمخربين، ومعهم الجيش الذي يفسح المجال لهؤلاء كي يرتعوا في ظل سيطرته العسكرية؛ فإنهم يأخذوننا بالجملة، وكأننا لسنا سوى مخلوقات زائدة، أو أسماء مكتوبة بالطباشير على لوح الحياة، يسهل ويتوجب محوهها.
لننظر في ردود الأفعال على هجوم الشابين في القدس، ولنقارن بين لغتنا ولغة متزعمي المشروع العنصري والديني المتطرف. ولنا في السياق، أن نقارن بين ثقافة الشابين اللذيْن نفذا الهجوم، وثقافة ضحاياهما. ففي لغتنا، أدان الرئيس عباس القتل باعتباره واقعة لم يكن، بشفاعة السياسة الموصولة بإحساس إنساني؛ يرغب في وقوعها ولم يكن تسبب فيها، مثلما هو الحال بالنسبة لأي قيادي فلسطيني يتطلع الى تسوية متوازنة وراسخة. أما لغة نتنياهو، فقد تشبعت بالحقد على المعلومين والمجهولين، وعلى كل الأسماء وعلى كل الفضاء الفلسطيني. قال إن ردة فعله ستكون قاسية جداً. وعلى مَن بالضبط؟ على شعبنا كله. وماذا تكون مسطرة العنصرية وميزانها، إن لم تكن مثل مسطرة نتنياهو هذا. فالشابان اللذان نفذا، قضيا نحبهما برصاصهم، وناما قريري العين، فماذا تبقى له بعد ذلك؟!
في مقدورنا أن نستنتج الجواب من واقع السياق الهمجي، وهو ما يُراد للوسط الاجتماعي للشابين في القدس، وللطيف الفلسطيني في كل مكان، بل وللناطقين بالعربية في هذه الدنيا، والموحدين بالله، ردة فعل رجل يُلوث البيئة الإقليمية، هو وحكومته، ويطمح الى تتويج نفسه ملكاً في تاريخ الأسطورة!
يقيني ان ثقافة الشابين تختلف تماماً عن ثقافة ضحاياهما إن كانوا ستة أو خمسة. الأولان غير إقصائيين للبشر كبشر، غير حاقدين على البشر كبشر، وهما مستعدان للتسوية التي يتعايش بموجبها شعبان دون أن يعتدي واحدهما على الآخر، وأظنهما يقدران عناصر يهودية تتسم بالحكمة وتنحاز للحقيقة ولمنطق العدل، ولا يعرفان الكراهية لأحد على أساس الدين أو القومية. أما ثقافة ضحاياهما، فهي مسجلة على حجارة القبور المحطمة وعلى جدران المساجد التي هوجمت والكنائس التي أحرقت، وتدل عليها بقايا جذوع الأشجار التي اقتلعت!
في حديث السياسة، نتمسك برفضنا للعنف ونحذر من قانون نيوتن الثالث، ونقول إن حركة الضد، في حال استمرار سياق الفعل الشائن، ستظل تتوخى التساوي في المقدار ما أمكن.
أما في حديث الوجدان، فإن الإدانة البليغة هي لقتلنا وللأيدي التي تعيث فساداً وتقتل الأرواح. وهي لمجرمي القتل الرقمي من الجو، الذين قصفوا الطفلة في غزة، وهي لا يبلغ طولها متراً؛ بصاروخ طوله نحو مترين أي ضعف عرض الطفلة. إن هذا هو القتل الذي يدينه وجداننا ووجدان كل مخلوق من البشر الأسوياء على كوكب الحياة.
نبض الحياة - اسباب عملية الكنيس
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
عملية المعهد الديني «تشيفا» الواقع في منطقة دير ياسين( القرية الفلسطينية، التي تعرضت لمذبحة عام 1948، وراح ضحيتها 250 شهيدا فلسطينيا) غربي مدينة القدس صباح امس، وادت إلى سقوط أربعة قتلى واصابة ستة من رواد المعهد او الكنيس اليهودي، جاءت ردا على سلسلة الانتهاكات والجرائم الاسرائيلية، حيث تم قبل يومين شنق السائق الفلسطيني يوسف الرموني في نفس المنطقة، اضف الى ان ذات المكان شهد اختطاف الشهيد الفتى محمد ابو خضير، والتمثيل بجثته في الثاني من تموز الماضي؛ وبفعل تعاظم الانتهاكات الاسرائيلية في الحرم القدس الشريف، والسعي لقوننة التقسيم الزماني والمكاني فيه بين المسلمين واليهود اسوة بما حصل في الحرم الابراهيمي الشريف؛ وايضا نتاج قيام قطعان المستعمرين بالاستيلاء على حوالي 25 شقة في حي سلوان؛ واندفاع الحكومة الاسرائيلية الى تصعيد الاجراءات والممارسات والجرائم الاسرائيلية ضد المواطنين العزل في القدس بشكل خاص والضفة والقطاع بشكل عام، فضلا عما يجري من انتهاكات خطيرة داخل الخط الاخضر ضد الفلسطينيين، وآخرها في قرية كفر كنا، حيث تم اغتيال الشاب خير الدين حمدان.
حكومة نتنياهو بمواصلتها سياسة التهويد والمصادرة للاراضي وتغيير معالم المدينة المقدسة، والتعدي على مقدساتها واماكن العبادة فيها الاسلامية والمسيحية وخاصة المسجد الاقصى، تدفع الامور نحو حافة الهاوية. ومع ذلك تقوم على مدار الساعة على لي عنق الحقيقة من خلال التحريض المباشر على الرئيس محمود عباس، واتهامه ب»الوقوف « وراء هذه العملية. وذلك تمهيدا لمحاصرته ومن ثم ارتكاب جريمة ضد شخصه كما فعلت مع الرئيس الرمز الراحل ياسر عرفات.
لكن العالم امسى يعي الحقيقة، ولم تعد تنطلي على احد حملة التضليل الاسرائيلية. ولعل الحديث عن خطوات اوروبية تصعيدية جديدة ضد المستعمرات الاسرائيلية ومستوطنيها، يدلل على ما ذكر. وان كان حدوث العملية سيؤثر نسبيا على الحراك الدولي ضد دولة التطهير العرقي الاسرائيلية.
عملية معهد «تشيفا» الديني، استوقفت المراقبين والسياسيين في العالم، لاسيما وانها وقعت في مكان للعبادة. ومع ان المرء، لا يوافق على تعريض الاماكن الدينية لاية اعمال، لقطع الطريق على قيادة دولة الارهاب الاسرائيلية من استغلال المكان في حملات تضليلها. مع ان العالم كله يعلم ان حكومة نتنياهو، قامت في حربها المسعورة على محافظات الجنوب في شهر تموز وآب الماضي بتدمير حوالي (70) وتدمير جزئي لحوالي (150) مسجدا، واستهداف (12) مقبرة، وتم تنفيذ(60) عدوانا على الكنائس والاديرة والرهبان منذ العام 1967، ومن الضروري التذكير بمذبحة باروخ غولدشتاين في فبراير 1994، التي راح ضحيتها (29) شهيدا و(150) جريحا، وحرق المسجد الاقصى في أب 1968، والاعتداء على المساجد في الضفة الفلسطينية وداخل الخط الاخضر، حيث تم حرق (9) مساجد، والحبل على الجرار. لان حكومة نتنياهو ماضية في مخططها الاجرامي وانتهاكاتها الخطيرة وإسباغ الصفة القانونية على عقوباتها الجماعية ضد ابناء الشعب الفلسطيني.
إذاً العملية، التي نفذها كل من غسان وعدي ابو جمل، من جبل المكبر، لم تكن سوى ردة فعل طبيعية على جرائم ومذابح حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية، والتي عملت وفق منهج مدروس على إغلاق كل بريق امل امام التسوية السياسية. ورفضت دفع اي استحقاق من استحقاقات عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. ومازالت تؤجج حالة السخط والغليان في اراضي دولة فلسطين المحتلة وخاصة العاصمة القدس، لتحقيق مآربها في تبديد التسوية السياسية، وفتح الابواب امام سياسة الترانسفير، وعدم منح الفلسطينيين ايا من حقوقهم الوطنية. غير ان اسرائيل وقيادتها، لم يتعلموا نهائيا من تجارب الماضي، ولم يعوا جيدا المخزون الكفاحي للشعب الفلسطيني، واوهموا انفسهم بامكانية «تطويع» و»كي الوعي» الفلسطيني لقبول سياسة الامر الواقع. غير ان الوقائع تدلل على العكس. وياحبذا لو يدرك الاسرائيليون الحقيقة من تجربة العمليات الفدائية الاخيرة قبل فوات الاوان.
إسرائيل تغلق كل الطرق لتحقيق السلام
بقلم: حديث القدس – القدس
اسرائيل وسياسة حافة الهاوية
بقلم: عرفان نظام الدين – القدس
.. ولكنها ليست "بطولية" !
بقلم: حسن البطل – الايام
من مجزرة الحرم الإبراهيمي .. إلى يهودية الدولة : نتنياهو وحربه الدينية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
حياتنا - التهدئة لا تكفي
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
مدارات - نُدين قتلنا وسياقاته
بقلم: عدلي صادق – الحياة
نبض الحياة - اسباب عملية الكنيس
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
اسرائيل تغلق كل الطرق لتحقيق السلام
بقلم: حديث القدس – القدس
قبل حرب 1967 كانت اسرائيل تطالب بالمفاوضات مع العرب بأي شكل، وتتباكى على رفض العرب لأي تعامل معها وإصرارهم على مقاطعتها. وحين بدأ التفاوض المباشر مع حكومة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات تبين أن التفاوض في نظر اسرائيل هو قبول كل شروطها، وأن مفهوم السلام الذي لا يتماهى مع الاستسلام ليس في واردها.
وفي حالة المفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية، رفضت اسرائيل قرارات الشرعية الدولية التي نصت على مقايضة الأرض بالسلام، وأصرت على اتفاق مرحلي مدته خمس سنوات، كان من المفروض في نهايتها وفقا للاتفاق أن تتسلم السلطة الفلسطينية السيطرة الكاملة على 99 في المائة من الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وخلال واحد وعشرين عاما من المفاوضات التي أعقبت اوسلو تنصلت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة من هذا الالتزام الذي وقعت عليه، ورسخت جذور الاستيطان والمستوطنين في الأراضي المحتلة بحيث اقترب عددهم من ثمانمائة ألف، ويبدو أنها تطمح لتحويلهم إلى أغلبية تفوق الفلسطينيين عددا، وبالتالي تمكنهم من إقامة كيان خاص بهم ويصبح الفلسطينيون غرباء في وطنهم، محرومين من كل الحقوق الإنسانية والوطنية التي تتمتع بها كل شعوب العالم.
الفلسطينيون وافقوا وامتثلوا لإرادة المجتمع الدولي الذي سلبهم حق الدفاع عن النفس، ومنح هذا الحق بشكل مطلق لاسرائيل المدججة بكل أنواع الأسلحة، ولها جيش يعتبر من بين الأقوى بين جيوش الدنيا، في الوقت الذي ظل فيه الفلسطينيون عزلا من السلاح. ومع ذلك يتم التركيز على الأمن الاسرائيلي، ولا يهتم أحد بأمن المواطنين الفلسطينيين أو بحمايتهم من الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون، أو من الاقتحامات التي ينفذها الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية في أي وقت يراه مناسبا، ودون أي مبرر في كثير من الأحيان.
وحين كان الكفاح المسلح وسيلة لتحقيق التطلعات الفلسطينية الوطنية واجهته اسرائيل والعالم بالرفض والإدانة، وكانت المبادرات السلمية تتوالى لتطلب من الفلسطينيين أن يستجيبوا لنداءات الشرعية الدولية. فما الذي حدث عندما استجابوا وساد الهدوء سنوات عديدة، فهل تفاوضت الحكومات الاسرائيلية بنية صادقة لتحقيق تسوية قبلها الفلسطينيون، وتفاوضوا بإخلاص بموجبها، مع أنها لا تعطيهم سوى خمس أراضي فلسطين الانتدابية وتعطي اسرائيل الأربعة أخماس الباقية؟.
والسؤال هو : اسرائيل ترفض التفاوض تحت العنف، وفي الوقت نفسه فإن الهدوء ووصول العنف إلى النقطة صفر لم يحفزها على قبول التسوية السلمية التي أقرها مجلس الأمن الدولي والمعروفة بحل الدولتين. فكيف تريد الحكومة الاسرائيلية إذن التوصل إلى السلام بالمواصفات الدولية المقبولة عالميا؟.
أبواب التسوية مغلقة، ولا تفتح لا بالعنف ولا بالتزام الهدوء وتجنب كل أشكال العنف، فما الذي سيفعله الفلسطينيون للخروج من هذه الدائرة المغلقة؟.
هذا السؤال مطروح أمام اسرائيل وسط أجواء التوتر التي تسود القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة. فلا أحد يريد العنف وسفك الدماء إذا كان هناك ضوء في آخر نفق اليأس الذي يعيشه الفلسطينيون.
والسؤال مطروح أمام الأسرة الدولية التي تعهدت للفلسطينيين بالوصول إلى حقوقهم الوطنية المشروعة بطريقة التفاوض والدبلوماسية. فهل ينتظر الفلسطينيون إلى الأبد معجزة تحقق لهم مطالبهم العادلة خارج نطاق العنف، وبعيدا عن المفاوضات العبثية الأزلية؟. وهل من جواب على هذا التساؤل المشروع؟.
اسرائيل وسياسة حافة الهاوية
بقلم: عرفان نظام الدين – القدس
على رغم كل ما فعله الفلسطينيون وما ناضلوه من أجل وطنهم السليب خلال 66 سنة من الكفاح والآلام والعذاب والقتل والتشريد والمقاومة، لم يحققوا (على رغم الاعتزاز بهم) سوى واحد في المئة مما حققه لهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحكومته اليمينية المتطرفة. فباستثناء ما أنجزته انتفاضة الحجارة الأولى والثانية للقضية الفلسطينية وكسب تعاطف الرأي العام العالمي، لم ينجز من الأهداف أي خطوة حقيقية وفعالة في مسيرة تحرير فلسطين وردع المحتل الإسرائيلي.
عمليات فدائية كثيرة وهجمات وآلاف الأسرى، ومنظمة تحرير تراجع زخمها وفصائل تحمل عنوان التحرير وهو منها براء بسبب انجرارها، أو جرّها، الى الصراعات الفلسطينية والصراعات العربية التي دفعتها الى واجهة حروب عبثية في ما بينها وبين الأنظمة المتناحرة وغياب الرؤية الاستراتيجية الوطنية الموحدة واتساع شقة الصراعات والخلافات داخل السلطة وفي صفوف المنظمات، ابتداء من الحركة الأم الرئيسية «فتح» وانتهاء بالمأساة التي أوصلت الشعب الفلسطيني المناضل الى عنق الزجاجة وحافة اليأس نتيجة الصراع مع حركة «حماس» وتقسيم المقسّم بين قطاع غزة والضفة الغربية.
وكل ما فعله العرب بجيوشهم الجرارة وأصواتهم العالية وإعلامهم المدوي وثرواتهم الهائلة خلال 66 سنة لم يحقق للقضية الفلسطينية، على رغم المتاجرة بها طوال هذه الفترة، مكسباً واحداً يوازي ما حققه لها نتانياهو وحكومته المتطرفة منذ أن تسلم السلطة.
مؤتمرات قمة عاجزة، قرارات بقيت حبراً على ورق ودفنت في غياهب الجامعة العربية الفاشلة. مبادرات لم يلتزم بها أحد، جولات وزيارات واتصالات دولية وبيانات استنكار وتنديد وشجب وتهديدات جوفاء ومزاعم عن بطولات زائفة لم تكترث لها إسرائيل ولم ترتدع عن ارتكاب مجازرها وشنّ حروبها ضد الدول العربية وضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ولا عن المضي في بناء المستوطنات وقضم الأراضي العربية ومواصلة احتلال الأراضي العربية والفلسطينية، ثم في ضم القدس الشريف ومواصلة مؤامرة التهويد وانتهاك حرمة المقدسات الإسلامية والمسيحية وفي مقدمها المسجد الأقصى المبارك الذي يتعرض اليوم لأكبر تهديد جدي منذ الاحتلال الإسرائيلي للقدس عام 1967.
وكل ما فعله المسلمون (أكثر من بليون و300 مليون مسلم في العالم) منذ أكثر من66 سنة لم يقدم شيئاً، إن لم يؤخر، بل يمكن القول انه كان معيباً وخمولاً ومجرد «رفع عتب»، وكأن القضية الفلسطينية لا تهم الدول الإسلامية على رغم حجمها البشري والاقتصادي والعسكري (نذكر بأن باكستان تملك أسلحة نووية! وأن تركيا وإيران تملكان أقوى الجيوش!)، على رغم قدرة شعوبها على تغيير موازين القوى في العالم كُلُّه.
وربما يعود هذا الموقف الى تخاذل العرب ثم في غياب التضامن الحقيقي والانغماس في صراعات دولية وداخلية وانعدام التوجيه الإعلامي وعدم التركيز على تبيان حقيقة الانتهاكات الإسرائيلية والأهمية الدينية لقدسية القدس الشريف والمسجد الأقصى الذي بارك الله من حوله، وهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
مؤتمرات إسلامية وقمم بروتوكولية ولجنة القدس ومنظمة للعالم الإسلامي (أصبح اسمها الآن منظمة التعاون الإسلامي) انتهت كلها الى فشل ولامبالاة وسوء متابعة وجمود في آلية التنفيذ والجداول الزمنية.
كل هذا أسفر عن فشل منقطع النظير، فيما حقق نتانياهو وحكومته ما عجزت عنه هذه الأمة التعيسة والمتواكلة.
وكل ما فعلته الدول الكبرى والصغرى، وفي مقدمها الولايات المتحدة وروسيا والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الصين وفرنسا وبريطانيا) تحول الى مادة للسخرية والاستنكار والاستخفاف.
أما الأمم المتحدة، فحدث عنها وعن عجزها ولا حرج: جمعية عامة بلا دور ولا حسم ولا قرار، ومجلس أمن مشلول ومعطل ببدعة «الفيتو». قرارات، قرارات، قرارات بأرقام جامدة القيمة ومبادرات تافهة لا تساوي الحبر المسكوب على ورقها استخفت بها إسرائيل وسخرت من العرب والمسلمين وكأنها تقول لهم تمشياً مع المثل العامي: «بلّوها واشربوا من ميّتها».
وكل ما فعلته الشعوب ذهب هدراً: تظاهرات خجولة، وأعمال عنف واحتجاجات وبيانات استنكار انتهت كلها إلى الصفر وكأن شيئاً لم يكن، فيما حققت إنجازات نتانياهو ما فشل به الجميع.
وبكل أسف وسخرية نقول ان هذه هي الحقيقة السوداء المريرة، فقد أدت ممارسات نتانياهو وعتاة المتطرفين الى انقلاب في المعايير وحدوث متغيرات كبرى في المواقف الدولية الرسمية والشعبية وتسجيل تحول في عواطف الرأي العام العالمي لمصلحة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني واستنكار التعنت الإسرائيلي والمضي في ارتكاب الانتهاكات التي يكثر الحديث عن إمكان تحويلها الى المحكمة الدولية، خصوصاً أن وسائل الاتصال الحديثة كشفت المستور ومنعت اسرائيل من إخفاء الحقائق.
ويمكن تلخيص إنجازات «الحليف» نتانياهو في النقاط التالية:
- ضرب التحالف الدهري مع الولايات المتحدة وإحداث شرخ مع الإدارة الأميركية برئاسة باراك أوباما للمرة الأولى منذ بداية الصراع، ما دفع أحد كبار المسؤولين الأميركيين الى وصف نتانياهو بالأحمق والجبان والغبي، كما أبدى وزير الخارجية جون كيري نفاد الصبر من ممارسات نتانياهو الخرقاء وتعنته في رفض كل مبادراته أو مجرد القبول بالدخول في مفاوضات جدية مع السلطة الفلسطينية، ما دفع اللوبي اليهودي الى البدء بهجوم مضاد بلغ ذروته خلال الانتخابات النصفية للكونغرس وقلب الطاولة على الحزب الديموقراطي وتأمين فوز الحزب الجمهوري الأكثر قرباً من إسرائيل، والمرشح لمزيد من الضغط لشل حركة إدارة أوباما وإعادة القوة إلى اللوبي اليهودي.
- إجماع العالم على رفض الاستيطان في الأراضي المحتلة، ولا سيما في القدس المحتلة، وتصاعد الاحتجاجات ضد قرار السماح ببناء 10 آلاف وحدة سكنية جديدة فيها.
- إجماع العالم على أن مضي إسرائيل في تعنّتها سيؤدي الى تهديد المصالح الأميركية والغربية. وتجلى ذلك بعد التعديات على المسجد الأقصى وما يمكن أن تتسبب به من نقمة في العالم الإسلامي وزيادة حدة العنف والتطرف. ولا يخفى على أحد أن عدم إيجاد حل عادل واستمرار تهديد المسجد المبارك من الأسباب المهمة التي يتخذها البعض لتبرير أي عمل إرهابي.
- بدء رحلة الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة، بدءاً من السويد ومجلس العموم البريطاني والحبل على الجرار، إضافة إلى إعلان ممثلة الاتحاد الأوروبي ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة.
- تحرك الرأي العام العالمي، لا سيما في أوساط المثقفين والناشطين، ضد إسرائيل وانتهاكاتها وتأكيد رفض استيراد المنتجات الإسرائيلية من المستوطنات وشهدت الأشهر المنصرمة سلسلة تظاهرات واحتجاجات صاخبة ضد إسرائيل، من بينها فيلم وثائقي عن بيت لحم للمخرجة والناشطة الفلسطينية ليلى صنصور عرض في المتحف الجغرافي الوطني في لندن بحضور اكثر من800 شخص، معظمهم من رجال السياسة والإعلام وأساتذة الجامعات والمنظمات الإنسانية وبينهم يهود. وبعد انتهاء العرض وقفوا جميعاً وصفقوا لأكثر من 10 دقائق تعبيراً عن تعاطفهم مع معاناة الشعب الفلسطيني في هذه المدينة المقدسة وغيرها من المدن الفلسطينية واستنكارهم الانتهاكات الإسرائيلية.
- الخسائر الكبرى للاقتصاد الإسرائيلي وهبوط المعنويات العامة نتيجة الحرب الاخيرة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والمجازر التي ارتكبتها حكومة نتانياهو وذهب ضحيتها مئات المدنيين والأطفال الأبرياء ومدارس الأونروا. وبالإضافة الى الخسائر ببلايين الدولارات لهذه الحرب الفاشلة التي نجم عنها شبه إجماع على ان إسرائيل لم تعد قادرة على إخضاع الشعب الفلسطيني وفرض شروطها وان القوة الإسرائيلية المعرّاة التي كانت تتباهى بها أصبحت من الماضي وان لا نهاية لهذا الصراع إلا بالحل العادل والشامل. وعلى رغم تخاذل اليسار الإسرائيلي وخفوت أصوات أنصار السلام، فقد شهد العالم - وحتى إسرائيل - تظاهرات صاخبة لليهود تحمل شعاراً موحداً، وهو «ليس باسمي»، استنكاراً لممارسات الحكومة الاسرائيلية.
- عدم التمكن من منع قيام حكومة وحدة وطنية فلسطينية تمهد للمصالحة وإعادة توحيد الضفة والقطاع، وهو ما كان أحد أهداف الحرب، فقد تشكلت هذه الحكومة وبدأت مسيرتها على رغم التشكيك والانتقادات المتزايدة للبطء والتردد والعراقيل التي تقف في وجه الإنجاز المطلوب، لكن مخاوف الانتكاسات لم تنجم عن أعمال الإسرائيليين، بل عن الصراعات المدمرة، وبينها تفجير منازل قيادات «فتح» في غزة.
- حدوث شروخ داخل الحكومة المتطرفة وفي أوساط اليمين الإسرائيلي بين متطرف والأكثر تطرفاً، ما دفع نتانياهو إلى المزايدة على منتقديه وإقرار مزيد من القرارات الجائرة وإجازة بناء مستوطنات جديدة لضمان إعادة انتخابه في الانتخابات المقبلة، وسط حال ضياع وغياب المنافس القوي السيئ من الأسوأ، واستمرار تحول الرأي العام الإسرائيلي نحو اليمين المتطرف.
وعلى رغم أخطار هذه الحقائق وتوقع مزيد من الاعتداءات الاسرائيلية، فإن الأمل كبير بأن تؤدي هذه السياسة الى إيصال إسرائيل الى حافة الهاوية، وبأن يصاب نتانياهو بمزيد من عمى البصر والبصيرة حتى يحقق للفلسطينيين مزيداً من الإنجازات، من غير عناء، ومع استمرار العرب في حروبهم العبثية وانقساماتهم وتشرذمهم.
والخوف، كل الخوف، أن تقدم إحدى الجهات الفلسطينية على عمل غير مدروس أو أن تقوم إسرائيل بمثل هذا العمل وتنسبه إلى الفلسطينيين أو العرب، فتعود عقارب الساعة الى الوراء وتمسح كل إنجازات «الحليف الأكبر»، لتعود إسرائيل إلى انتهاكاتها وتواصل مؤامرة التهويد وبناء المستوطنات بحرية وارتياح. فالحذر، كل الحذر، من تكرار مثل هذه الأخطاء القاتلة.
.. ولكنها ليست "بطولية" !
بقلم: حسن البطل – الايام
عملية خطيرة، وقد تكون تداعياتها أخطر. هذا ما يمكن قوله، الآن، عن مقتلة في كنيس "هارتوف".. ولتقل الفصائل ما تقول، من تبرير إلى إشادة، ومن وصف يرفعها إلى البطولة.. وربما من إدانة الفصائل لإدانة السلطة لها!
سنضع جانباً القول: ها قد مرت 20 سنة على أوسلو، فها قد مرت، أيضاً، 20 سنة على مذبحة أودت بحياة 29 فلسطينياً اقترفها الطبيب باروخ غولدشتاين في الحرم الإبراهيمي.
كانت هذه الطلقة الأولى، التي أصابت بجراح ثخينة اتفاقية أوسلو، وكانت الطلقة الثانية قد أصابت في مقتل "شريك أوسلو" اسحاق رابين، والثالثة كانت لئيمة وأودت بحياة عرفات.. والانتفاضة الثانية معاً.
لماذا هي خطيرة؟ لأن المذبحة التي اقترفها مستوطن من "كريات أربع" أسفرت عن تقسيم الحرم الإبراهيمي، وإغلاق شارع الشلالة (الشهداء) حتى الآن.
غلاة اليهود المستوطنين وصفوا القاتل السفّاح بأنه "قديس" وأقاموا له "ضريحاً"، وبعد فعلته الشنعاء والمنكرة بدأت حقبة "العمليات الانتحارية" التي تسببت تداعياتها في صعود اليمين إلى الحكم في إسرائيل.
إنها عملية عنف فلسطيني مضاد للعنف الإسرائيلي: الرسمي بتمادي الاستيطان، وغير الرسمي بهجمات "شارة ثمن" التي لم توفّر إحراق مساجد، وعمليات قتل متفرقة.. والأخطر نوايا مضمرة أو معلنة لتكرار سابقة تقسيم الحرم الإبراهيمي على تقسيم الحرم القدسي.
هذه عملية تهدد بنقل الصراع بين شعبين إلى حرب بينهما، في حين تصارع فلسطين سياسياً لتكون دولة، وتصارع دولة إسرائيل ضدها.
كانت عملية اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين درجة في التصعيد، واغتيال الفتى محمد أبو خضير درجة أعلى، وتلتها موجة استفزازات يهودية في الحرم القدسي من جانب نواب ووزراء، على رغم أن الحاخام الأكبر يوسف وشقيقه اسحاق ضد هذا "الحجيج" من جانب أتباع ما يسمى "الصهيونية الدينية" التي لها وزراء في حكومة نتنياهو، مثل وزير المالية نفتالي بينيت، ونواب في الكنيست!
ألقت إسرائيل بمسؤولية اختطاف وقتل ثلاثة مستوطنين على جناح منفلت في حركة "حماس"، ثم تبنت "حماس" لاحقاً العملية خلال أو بعد حرب ثالثة "الجرف الصامد" على غزة.
إن "حماس" طرف حاكم في غزة، وطرف في مساعي الوحدة الوطنية المتعثرة، لكن إن صحّ إعلان الجبهة الشعبية مسؤوليتها عن عملية الكنيس، فهذا أمر له تداعياته، لأنها عضو في منظمة التحرير الفلسطينية.
أن يقوم بعض أعضاء الجبهة باغتيال الوزير المتطرف رحبعام زئيفي، رداً على اغتيال أمين عام الجبهة، أبو علي مصطفى، يمكن القول كما تقول الجبهة: "الرأس بالرأس"، لكن جبهة يسارية لا يفترض في عناصرها شن هجوم قاتل على كنيس، وصب الزيت على نار "حرب دينية" حذّر من مخاطرها رئيس السلطة، وعقلاء كثيرون في إسرائيل.
تلقى كاتب هذا العمود كثيراً من اللوم والتنديد.. وما هو أشدّ منهما، عندما وصف "العمليات الانتحارية" باسمها خلال الانتفاضة الثانية، وميزها عن "العمليات الفدائية" ضد الجنود. فارق كبير ونوعي بين عملية "عيون الحرامية" وايضاً "وادي النصارى" بالخليل و"عين عريك" وتفجيرات انتحارية في المطاعم الإسرائيلية، سبّب آخرها "الاجتياح" أو "السور الواقي" إبّان حكم شارون.
إنه عنف وعنف مضاد للعنف. البعض الفلسطيني يسمي أشكالاً من العنف المضاد الفلسطيني "كفاح مسلح" ثم "مقاومة" ثم "انتفاضة"، والبعض الإسرائيلي يسمي هذا "إرهاباً".
هناك من يرى صفة شعبية غالبة على الانتفاضة الأولى، وصفة نارية غالبة على الانتفاضة الثانية، والآن... صفة سياسية ـ شعبية لإرهاصات الانتفاضة الثالثة.
أياً كانت الصفات والتوصيفات، فإن نتائجها السياسية أهم منها، فهناك من يرى في نتيجة الانتفاضة الأولى صعود حركة "حماس"، وفي الثانية وصولها إلى الحكم.. والثالثة؟ ربما تسير إلى منحى داعشي ـ ديني.. وهذا رأي الزميل حسن خضر (نقطة ضوء ـ الثلاثاء، أمس).
الصراع مشروع، والقتال السياسي والعسكري مشروع، أيضاً، لكن القتل الفردي والجماعي، سواء بمبادرة فردية أو فصائلية غير مشروع، وبالذات إذا ضرب على العصب الديني أياً كان الطرف الذي يضرب عليه.
يعرف الأفراد الفلسطينيون الذين يشنّون هجمات أنهم سيلاقون حتفهم، لكن هذا لا يردعهم. يعرف الأفراد الإسرائيليون، من الجنود والمستوطنين أنهم سيفلتون من عقوبة الموت.. وهذا يشجعهم!
إسرائيل الرسمية لا تهتم بحقيقة أن العمليات الفلسطينية تتم في مناطق خارج السيطرة النسبية للسلطة، وتقوم بتحميلها المسؤولية.. وفي المقابل يفعل بالمثل الفلسطينيون ويحملون حكومة إسرائيل المسؤولية المباشرة وغير المباشرة لأعمال المستوطنين والجنود.. والوزراء والنواب!
لكن، لا شيء يبرّر حرق جامع، ولا شيء يبرّر هجوماً قاتلاً على كنيس.. وإن كثرت التبريرات، ووصف البعض بعضها بـ "البطولة" !
من مجزرة الحرم الإبراهيمي .. إلى يهودية الدولة : نتنياهو وحربه الدينية !!
بقلم: هاني حبيب – الايام
كان كل شيء مُعَداً بإحكام، خطة مدروسة بدقة متناهية، لا مجال للخطأ، يدخل القاتل إلى الحرم الإبراهيمي، أثناء صلاة الفجر، حاملاً بندقيته الآلية ومزوداً بعدد كبير من القنابل، والأهم، أنه كان يحمل كل ما في الأرض من حقد دفين، وفي لحظات سقط 29 مصلياً كانوا أثناء السجود، ونزف 150 منهم الكثير من الدماء وباتوا في عداد الجرحى، حيث بعضهم في حال من الخطر الشديد، خطة مدروسة بعناية، فعندما حاول بعض المصلين الهرب، وجدوا أن باب الحرم الإبراهيمي كان مغلقاً، جنود الاحتلال الذين قاموا بإغلاق أبواب الحرم، هم أنفسهم من منعوا سيارات الإسعاف من الاقتراب لإنقاذ الجرحى.
كان ذلك قبل أكثر من عشرين عاما، وتحديداً في 25/2/1994، أما القاتل فهو يهودي أميركي يدعى باروخ غولدشتاين، الذي قدم إلى إسرائيل عام 1980، وأقام في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي مدينة الخليل المحتلة، هذا القاتل كان طبيباً في الأصل، ولكن وأثناء عمله كطبيب في جيش الاحتلال، كان يرفض أن يعالج من هم من غير اليهود، حتى أولئك من المتطوعين الأوروبيين والدروز العرب العاملين في جيش الاحتلال.. هل يمكن مقارنة هذا الحقد، بأي حقد آخر؟!
المستوطنون، صنعوا وأقاموا تمثالاً لغولدشتاين، وهم يحيون بالأفراح وتبادل المشروبات "الحلال" كل عام في ذكرى المجزرة. الحاخام اليهودي موشي ليفنغر، أجاب على سؤال حول ما جرى بالقول: إن مقتل العربي يؤسفني بالقدر الذي يؤسفني مقتل ذبابة [كما جاء في كتاب إسرائيل شاحاك "الشريعة اليهودية"] والكاتب المشار إليه، كتب يقول إن الشريعة اليهودية "هالاخا" تطالب في الحقيقة كل يهودي القيام بنفس ما قام به غولدشتاين، ولدعم ما يقول اقتطف الكاتب كلمات الحاخام دوف ليور الذي وصف فيها غولدشتاين بالمؤمن التقي وأن ما فعله إنما كان بأمر الرب وباسمه!!
رغم هذه المجزرة، وبسببها، أيضاً، قامت سلطات الاحتلال بتقسيم الحرم الإبراهيمي زمنياً ومكانياً بين المسلمين واليهود، وبات للمتدينين اليهود، خاصة من مستوطني "كريات أربع" "كنيس" في الحرم الإبراهيمي أحد أهم أماكن العبادة للمسلمين عبر التاريخ.
هذه الأيام، تكاد مجزرة غولدشتاين تتكرر ولكن بأساليب أخرى، اقتحامات المتدينين المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى، وبشكل متكرر، وبحماية من جنود الاحتلال، تترافق مع إعلان حكومة نتنياهو التوجه إلى الكنيست للموافقة وإقرار مشروع لتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً، بالضبط كما حدث في الحرم الإبراهيمي، وكما اتخذت المجزرة التي ارتكبها غولدشتاين في الخليل، مبرراً لتقسيم الحرم، تتخذ حكومة نتنياهو من هجمات المتطرفين اليهود مبرراً لتقسيم المسجد الأقصى.
كل ذلك يجري بالتوازي مع إصرار إسرائيلي "مستحدث" بضرورة أن يعترف الجانب الفلسطيني بإسرائيل كدولة اليهود، في الوقت الذي تستعد حكومة نتنياهو لطرح هوية الدولة على الكنيست، وبحيث تعتبر إسرائيل دولة "يهودية ديمقراطية" وكأنما للديمقراطية دين، دين واحد، هي اليهودية في العرف الإسرائيلي!!
وبين مجزرة الحرم الإبراهيمي قبل ما يزيد على عشرين عاماً، وما يجري اليوم، هناك العديد من "المجازر الصغيرة" خاصة في العاصمة الفلسطينية القدس المحتلة، إضافة إلى عمليات الملاحقة الدائمة للنشطاء من الفلسطينيين وإنذار 20 ألف عائلة مقدسية بهدم بيوتهم بحجة أنها بنيت دون ترخيص، في محاولة جادة للتخلص من المواطنين العرب في القدس الشرقية التي هي عاصمة الدولة الفلسطينية المنتظرة.
دولة اليهود، كما يراها رئيس الحكومة الإسرائيلية، هي دولة نقية لا يجب أن يقطنها من هم من غير اليهود، الطابع الديني لهذا المسمى، هو وراء تخوف الرئيس محمود عباس من الإجراءات الإسرائيلية التي ستؤدي إلى "حرب دينية" هذه الحرب يسعى لها نتنياهو وحكومته بلا كلل أو ملل. إن التصدي لهذه الحرب، مهمة وطنية فلسطينية، فصراعنا مع الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي هو صراع سياسي ذو طابع قومي بالدرجة الأولى، شعب له هويته القومية، وسكان احتلوا الأرض بعدما قدِمُوا من كل أصقاع الدنيا، بلا هوية سوى الهوية الدينية.
وفي ظل هذه الأوضاع المتفجرة والمستفزة من جانب الاحتلال الإسرائيلي، فإن الفلسطينيين مع انعدام الخيارات السياسية على ضوء فشل العملية التفاوضية، واستمرار تهويد العاصمة الفلسطينية وكافة مناطق الضفة الغربية المحتلة من خلال الاستيطان، الفلسطينيون لا يجدون أمامهم سوى مواجهة هذا الاحتلال بكل ما لديهم من قوة وبأس، وعملية القدس تأتي في هذا السياق الذي يتحمل مسؤولية تبعاته نتنياهو وحكومته الفاشية.
حياتنا - التهدئة لا تكفي
بقلم: حافظ البرغوثي – الحياة
أستغرب التصريحات الاسرائيلية التي تحمّل الجانب الفلسطيني مسؤولية ما يحدث في القدس المحتلة، وكأن القدس قارة معزولة عما حولها وان أهل القدس ليسوا فلسطينيين ولا علاقة لهم بما يحدث في أرضها وبيوتها وأبنائها من جور وظلم وما يحدث لمقدساتها من انتهاكات يومية .. نستغرب اللهجة الاسرائيلية المزلزلة التي يخرج بها زعماء الاحزاب المشاركة في الحكومة الاسرائيلية وكبار دعاة الاستيطان منذ سنوات، ففي غياب لغة الحوار وغياب المفاوضات وتحت جنازير الجرافات الاستيطانية لا يمكن الحديث عن هدوء لأن لا أحد يعمل نحو التهدئة الحقيقية لأن التهدئة ليست أحادية بل ثنائية ولها شروطها التي تدوسها أقدام من ينتهكون المقدسات يوميا والجرافات التي تأكل الارض والسماسرة الذين يزورون عمليات البيع والشراء للجماعات الاستيطانية، فالهجوم الاستيطاني على القدس وما يرافقه من صيحات دينية يهودية تصم الآذان يوميا هو نذير حرب وشؤم وعنف، ولعلنا لا نريد سرد وقائع دموية سابقة في الحرم الابراهيمي والمسجد الاقصى عبر هذه السنين لكن لا يمكن القول ان مجزرتي الحرمين الابراهيمي والأقصى في التسعينيات كانتا برصاص مستوطنين، فالفلسطيني لم ينتهج هذا وانما علمه ذاك.
عودة الى التحذير من الحرب الدينية التي تتأجج يوميا دون ان تجد من يكبح جماحها .. فلا حكومة اسرائيل جدية في منع تأجيجها ولا جماعات الاستيطان مكتفية بما حازت عليه من غنائم مسروقة من الارض والبيوت والمباني في القدس وغيرها .. وعندما يستفرد الاحتلال بالقدس قتلا واستيطانا واعتقالا وتنكيلا، فانه يلمس ان العمليات وكلها فردية تتم بما يتوفر من سيارات وجرافات وأسلحة بيضاء، فهي هجمات انتقامية فردية غير منظمة حتى لو ادعت فصائل مسؤوليتها من موقع التأييد والاستحواذ وكسب الشهرة ليس الا، ومثل هذه الاعمال لا يمكن وقفها لأنها ردة فعل وقتي وليست مخططة سلفا.
الاحتلال هو من يتحمل المسؤولية وهو يدفع باتجاه اثارة المشاعر الدينية في كلا الاتجاهين، ولعلنا سبق وحذرنا من مخاطر الحرب الدينية لأنها بعكس غيرها لا تبقي ولا تذر وتحرق الجميع، ولهذا فان جهدا متوفرا يجب ان يدفع باتجاه ازالة أسباب التوتر والعنف في القدس وهي معروفة وايضا الدفع باتجاه المفاوضات على أسس معروفة ايضا .. وما عدا ذلك فان البديل هو العنف المتبادل الى ما لا نهاية ومآله الى انفجارات أسوأ.
مدارات - نُدين قتلنا وسياقاته
بقلم: عدلي صادق – الحياة
حيال كل واقعة قتل في بلادنا، ننحو باللائمة، ونشجب، السياق الذي نُقتل فيه يومياً، وهو قتل مشهود، يستحث أحياناً بعض أضداده، بأقل مما يصف نيوتن في قانونه الثالث للحركة الميكانيكية. ذلك لأن كل أضداد الفعل الشائن، عندما تقع، لا تكون مساوية في المقدار، وإن كانت معاكسة في الاتجاه!
الشابان الفلسطينيان، اللذان هاجما الكنيس في القدس، تشكّل وعيهما بالوجود، وبكيفية الوجود على أرض الآباء والأجداد، من خلال وقائع يومية تتسم بكل ما هو قبيح وشائن وقاتل، في سياق هجمة مجنونة تضرب قبور الأموات ومساجد الأحياء ومنازلهم وتقتلع أشجارهم أو تحرقها ثم تسرق أرضهم. أما الحاخامات المتسربلون بعباءات الشيطان، الذين يرسلون المتطرفين القتلة والمخربين، ومعهم الجيش الذي يفسح المجال لهؤلاء كي يرتعوا في ظل سيطرته العسكرية؛ فإنهم يأخذوننا بالجملة، وكأننا لسنا سوى مخلوقات زائدة، أو أسماء مكتوبة بالطباشير على لوح الحياة، يسهل ويتوجب محوهها.
لننظر في ردود الأفعال على هجوم الشابين في القدس، ولنقارن بين لغتنا ولغة متزعمي المشروع العنصري والديني المتطرف. ولنا في السياق، أن نقارن بين ثقافة الشابين اللذيْن نفذا الهجوم، وثقافة ضحاياهما. ففي لغتنا، أدان الرئيس عباس القتل باعتباره واقعة لم يكن، بشفاعة السياسة الموصولة بإحساس إنساني؛ يرغب في وقوعها ولم يكن تسبب فيها، مثلما هو الحال بالنسبة لأي قيادي فلسطيني يتطلع الى تسوية متوازنة وراسخة. أما لغة نتنياهو، فقد تشبعت بالحقد على المعلومين والمجهولين، وعلى كل الأسماء وعلى كل الفضاء الفلسطيني. قال إن ردة فعله ستكون قاسية جداً. وعلى مَن بالضبط؟ على شعبنا كله. وماذا تكون مسطرة العنصرية وميزانها، إن لم تكن مثل مسطرة نتنياهو هذا. فالشابان اللذان نفذا، قضيا نحبهما برصاصهم، وناما قريري العين، فماذا تبقى له بعد ذلك؟!
في مقدورنا أن نستنتج الجواب من واقع السياق الهمجي، وهو ما يُراد للوسط الاجتماعي للشابين في القدس، وللطيف الفلسطيني في كل مكان، بل وللناطقين بالعربية في هذه الدنيا، والموحدين بالله، ردة فعل رجل يُلوث البيئة الإقليمية، هو وحكومته، ويطمح الى تتويج نفسه ملكاً في تاريخ الأسطورة!
يقيني ان ثقافة الشابين تختلف تماماً عن ثقافة ضحاياهما إن كانوا ستة أو خمسة. الأولان غير إقصائيين للبشر كبشر، غير حاقدين على البشر كبشر، وهما مستعدان للتسوية التي يتعايش بموجبها شعبان دون أن يعتدي واحدهما على الآخر، وأظنهما يقدران عناصر يهودية تتسم بالحكمة وتنحاز للحقيقة ولمنطق العدل، ولا يعرفان الكراهية لأحد على أساس الدين أو القومية. أما ثقافة ضحاياهما، فهي مسجلة على حجارة القبور المحطمة وعلى جدران المساجد التي هوجمت والكنائس التي أحرقت، وتدل عليها بقايا جذوع الأشجار التي اقتلعت!
في حديث السياسة، نتمسك برفضنا للعنف ونحذر من قانون نيوتن الثالث، ونقول إن حركة الضد، في حال استمرار سياق الفعل الشائن، ستظل تتوخى التساوي في المقدار ما أمكن.
أما في حديث الوجدان، فإن الإدانة البليغة هي لقتلنا وللأيدي التي تعيث فساداً وتقتل الأرواح. وهي لمجرمي القتل الرقمي من الجو، الذين قصفوا الطفلة في غزة، وهي لا يبلغ طولها متراً؛ بصاروخ طوله نحو مترين أي ضعف عرض الطفلة. إن هذا هو القتل الذي يدينه وجداننا ووجدان كل مخلوق من البشر الأسوياء على كوكب الحياة.
نبض الحياة - اسباب عملية الكنيس
بقلم: عمر حلمي الغول – الحياة
عملية المعهد الديني «تشيفا» الواقع في منطقة دير ياسين( القرية الفلسطينية، التي تعرضت لمذبحة عام 1948، وراح ضحيتها 250 شهيدا فلسطينيا) غربي مدينة القدس صباح امس، وادت إلى سقوط أربعة قتلى واصابة ستة من رواد المعهد او الكنيس اليهودي، جاءت ردا على سلسلة الانتهاكات والجرائم الاسرائيلية، حيث تم قبل يومين شنق السائق الفلسطيني يوسف الرموني في نفس المنطقة، اضف الى ان ذات المكان شهد اختطاف الشهيد الفتى محمد ابو خضير، والتمثيل بجثته في الثاني من تموز الماضي؛ وبفعل تعاظم الانتهاكات الاسرائيلية في الحرم القدس الشريف، والسعي لقوننة التقسيم الزماني والمكاني فيه بين المسلمين واليهود اسوة بما حصل في الحرم الابراهيمي الشريف؛ وايضا نتاج قيام قطعان المستعمرين بالاستيلاء على حوالي 25 شقة في حي سلوان؛ واندفاع الحكومة الاسرائيلية الى تصعيد الاجراءات والممارسات والجرائم الاسرائيلية ضد المواطنين العزل في القدس بشكل خاص والضفة والقطاع بشكل عام، فضلا عما يجري من انتهاكات خطيرة داخل الخط الاخضر ضد الفلسطينيين، وآخرها في قرية كفر كنا، حيث تم اغتيال الشاب خير الدين حمدان.
حكومة نتنياهو بمواصلتها سياسة التهويد والمصادرة للاراضي وتغيير معالم المدينة المقدسة، والتعدي على مقدساتها واماكن العبادة فيها الاسلامية والمسيحية وخاصة المسجد الاقصى، تدفع الامور نحو حافة الهاوية. ومع ذلك تقوم على مدار الساعة على لي عنق الحقيقة من خلال التحريض المباشر على الرئيس محمود عباس، واتهامه ب»الوقوف « وراء هذه العملية. وذلك تمهيدا لمحاصرته ومن ثم ارتكاب جريمة ضد شخصه كما فعلت مع الرئيس الرمز الراحل ياسر عرفات.
لكن العالم امسى يعي الحقيقة، ولم تعد تنطلي على احد حملة التضليل الاسرائيلية. ولعل الحديث عن خطوات اوروبية تصعيدية جديدة ضد المستعمرات الاسرائيلية ومستوطنيها، يدلل على ما ذكر. وان كان حدوث العملية سيؤثر نسبيا على الحراك الدولي ضد دولة التطهير العرقي الاسرائيلية.
عملية معهد «تشيفا» الديني، استوقفت المراقبين والسياسيين في العالم، لاسيما وانها وقعت في مكان للعبادة. ومع ان المرء، لا يوافق على تعريض الاماكن الدينية لاية اعمال، لقطع الطريق على قيادة دولة الارهاب الاسرائيلية من استغلال المكان في حملات تضليلها. مع ان العالم كله يعلم ان حكومة نتنياهو، قامت في حربها المسعورة على محافظات الجنوب في شهر تموز وآب الماضي بتدمير حوالي (70) وتدمير جزئي لحوالي (150) مسجدا، واستهداف (12) مقبرة، وتم تنفيذ(60) عدوانا على الكنائس والاديرة والرهبان منذ العام 1967، ومن الضروري التذكير بمذبحة باروخ غولدشتاين في فبراير 1994، التي راح ضحيتها (29) شهيدا و(150) جريحا، وحرق المسجد الاقصى في أب 1968، والاعتداء على المساجد في الضفة الفلسطينية وداخل الخط الاخضر، حيث تم حرق (9) مساجد، والحبل على الجرار. لان حكومة نتنياهو ماضية في مخططها الاجرامي وانتهاكاتها الخطيرة وإسباغ الصفة القانونية على عقوباتها الجماعية ضد ابناء الشعب الفلسطيني.
إذاً العملية، التي نفذها كل من غسان وعدي ابو جمل، من جبل المكبر، لم تكن سوى ردة فعل طبيعية على جرائم ومذابح حكومة اليمين المتطرف الاسرائيلية، والتي عملت وفق منهج مدروس على إغلاق كل بريق امل امام التسوية السياسية. ورفضت دفع اي استحقاق من استحقاقات عملية السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. ومازالت تؤجج حالة السخط والغليان في اراضي دولة فلسطين المحتلة وخاصة العاصمة القدس، لتحقيق مآربها في تبديد التسوية السياسية، وفتح الابواب امام سياسة الترانسفير، وعدم منح الفلسطينيين ايا من حقوقهم الوطنية. غير ان اسرائيل وقيادتها، لم يتعلموا نهائيا من تجارب الماضي، ولم يعوا جيدا المخزون الكفاحي للشعب الفلسطيني، واوهموا انفسهم بامكانية «تطويع» و»كي الوعي» الفلسطيني لقبول سياسة الامر الواقع. غير ان الوقائع تدلل على العكس. وياحبذا لو يدرك الاسرائيليون الحقيقة من تجربة العمليات الفدائية الاخيرة قبل فوات الاوان.